لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > القصص المكتملة (بدون ردود)
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية


موضوع مغلق
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 17-05-15, 08:27 PM   المشاركة رقم: 6
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
اميرة القلم


البيانات
التسجيل: Aug 2014
العضوية: 273354
المشاركات: 4,068
الجنس أنثى
معدل التقييم: برد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسي
نقاط التقييم: 4345

االدولة
البلدLibya
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
برد المشاعر غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : برد المشاعر المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي رد: أوجاع ما بعد العاصفة (الفصل الخامس)

 

لأنكم تستاهوا نزلت لكم الفصل قبل وقته

قراءة ممتعة للجميع







الفصل السادس




النص بالمرفقات

 
 

 

الملفات المرفقة
نوع الملف: zip 1.txt.zip‏ (26.8 كيلوبايت, المشاهدات 27)
عرض البوم صور برد المشاعر  
قديم 21-05-15, 02:39 AM   المشاركة رقم: 7
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
اميرة القلم


البيانات
التسجيل: Aug 2014
العضوية: 273354
المشاركات: 4,068
الجنس أنثى
معدل التقييم: برد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسي
نقاط التقييم: 4345

االدولة
البلدLibya
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
برد المشاعر غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : برد المشاعر المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي رد: أوجاع ما بعد العاصفة (الفصل السادس)

 

أعتذر بنات كنت بنزله قبل هالوقت وانشغلت وما لقيت إلا الساعة اثنين بتوقيتنا


أترككم مع الفصل وقراءة ممتعة أتمناها للجميع



الفصل السابع



النص بالمرفقات

[/COLOR]

 
 

 

الملفات المرفقة
نوع الملف: zip 2.txt.zip‏ (29.9 كيلوبايت, المشاهدات 23)
عرض البوم صور برد المشاعر  
قديم 25-05-15, 01:54 AM   المشاركة رقم: 8
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
اميرة القلم


البيانات
التسجيل: Aug 2014
العضوية: 273354
المشاركات: 4,068
الجنس أنثى
معدل التقييم: برد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسي
نقاط التقييم: 4345

االدولة
البلدLibya
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
برد المشاعر غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : برد المشاعر المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي رد: أوجاع ما بعد العاصفة (الفصل السابع)

 

صباح الخير جميعا

أول شي حبيبتنا همس الريح أقترحت عليكم في منازل القمر نقاش

معها على الرواية وما حد انتبه هناك فكل من يحب يشارك يتفضل

وشكرا هموسة


وثانيا أترككم مع الفصل الثامن وقراءة ممتعة للجميع
[/COLOR]


النص بالمرفقات

 
 

 

الملفات المرفقة
نوع الملف: zip 3.txt.zip‏ (26.7 كيلوبايت, المشاهدات 14)
عرض البوم صور برد المشاعر  
قديم 27-05-15, 11:52 PM   المشاركة رقم: 9
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
اميرة القلم


البيانات
التسجيل: Aug 2014
العضوية: 273354
المشاركات: 4,068
الجنس أنثى
معدل التقييم: برد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسي
نقاط التقييم: 4345

االدولة
البلدLibya
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
برد المشاعر غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : برد المشاعر المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي رد: أوجاع ما بعد العاصفة (الفصل الثامن)

 

يسعد صباحكم جميعا



فصل اليوم بتتوضح فيه بعض الحقائق ولازال هناك الأكثر

والأكثر وشخصيات لم تظهر بعد ومفاجئة قريبة في الرواية

أتمنى تستمتعوا وينال الفصل إعجابكم







الفصل التاسع









لم يستطع نواس قطعا إخفاء الصدمة في ملامحه من كلام

وسن القوي الثابت عن زوجته وكأنها ليست من كانت قبل

قليل تبكي زواجه بغيرها فهكذا هوا الحب حتى القوة فيه ضعف

وهكذا هم العشاق لا تصدق منهم شي وهم يتواجهون بألمهم

ففي الفترة الماضية حين كانا يلتقيان عندي في زيارة وسن لي

نهاية الأسبوع يحاول نواس أن يكون هادئا ولا مبالي بعض الأحيان

لكن ابني نواس لا يعرف كيف يخفي ما في نفسه مهما حاول فأراه

طوال الوقت يحاول سرقة نظره إليها وهي في كل لقاء تبحث في

ملامحه عن أمل جديد يعيد ما كان بينهما لكن اللذان أمامي الآن

مختلفان تماما هي يائسة من الشيء الذي كانت تبحث عنه وتقاوم

مشاعرها بعنف المرأة المجروحة وهوا لم يعد يختلس النظر لها

بل أصبحت لا تفارق عيناه ملامحها وانقلبت الأدوار وباتت وسن

هي من تخفي مشاعرها ونواس هوا من يعطي مشاعره كامل

التصريح دون أن يجاهد نفسه لإخفائها

وقفت وسن وقالت " أعيش مع خالتي لأجل أن المنزل لها

ومن أجلها فقط غيره لا ولو نمت في الشارع "

بقي ينظر لعينيها بهدوء غريب وهي تنظر له بثبات حتى

قال بهدوئه ذاته " والدتي هي من تمنعني من نقلها للعيش

معي في المزرعة وأنتظر أن توافق فقط عندها كل

من هنا سينتقل هناك يا وسن "

قالت بحدة مشيرة بإصبعها له " لا لن أعطيها لك يا نواس

لن تأخذني لأعيش معها , لن تفرح بها يا ابن خالتي "

ثم أخذت حقيبتها وخرجت وتركت باب الغرفة مفتوحا ومارست

هوايتها الجديدة على باب المنزل , استند نواس بمرفقيه على ركبتيه

ونظره للأرض وقال بهدوء " أرأيتِ ابنة شقيقتك وأفكارها "

اتكأت على ظهر السرير وتنهدت وقلت " رأيتها ورأيت قراراتك

أيضا , كيف تأخذها للعيش معك وزوجتك هناك , عليك

أن تقدّر مشاعرها أو حتى صحتها على الأقل "

نظر لي وقال بضيق " وهل سأتركها تسكن وحدها هناك

لا وألف لا وأخبريها أن ترفع تلك الفكرة من دماغها نهائيا

أي جنون هذا أقسم أن ما يمنعني هوا رفضك أنتي الذهاب

للعيش معي ولا أرى ذاك الرفض منطقيا بعد أن قرر

جواد السفر فأفهمي ابنة شقيقتك هذا , وما تحدثتِ عنه

لا أعتقد أنه بات يعنيها والدليل كان واضحا أمامك "

قلت ببرود " وهل ترضى أنت أن تعيش معها وزوجها

في منزل واحد يا نواس ؟ هل تستحملها نفسك رغم

أنك من رفض مسامحتها من شهور "

أشاح بوجهه جانبا وقال بحزن " أمي يكفيني ما بي أرجوك "

تنفست بقوة وقلت بجدية " وسن أمانتك يا نواس لا تقتلها بذلك

عدني أنها لن تخرج من هذا المنزل إلا بعد موتي ولا تغادره

إلا لمنزل زوجها حية كنت أنا أو ميتة "

نظر لي بسرعة نظرة قوية لم أفهم مغزاها ثم وقف

على طوله وقال " مستحيل "

قلت " وما المستحيل بينهم ... حدد لأفهم "

قال مغادرا " قلت مستحيل يعني مستحيل "

ثم خرج وتوجه لغرفته وأغلقها خلفه بقوة





*

*





أخرجت هاتفي ثم أعدته لجيبي مجددا , عليا أن أنسى أمرها

بعد أن أصبحت زوجته يكفي ما تسببت به لها حتى الآن , ترى

هل تفغري لي يا مي إن علمتِ أنني من أوصلك لتلك المصيبة

دون قصد مني , مي الفتاة التي تحجبت عن الجميع قبل وقتها ولم

تعد تقابلنا أو تتحدث معنا إلا بالمصادفة , مي رمز الاحترام والعفة في

كل العائلة , حتى في مشيتها رأسها لا يرتفع عن الأرض تنتهي هكذا

نهاية وعلى يد أحد أصدقائي المقربين من كنت أحكي له عن مشاعري

نحوها ليحرمني حتى من أن أفكر في خطبتها لأنهم لن يرضوا بي بعدما

حدث وسأزيد الأمور سوءً , ترى هل ستحبين نواس يا مي وأبقى أنا

لحسرتي التي وحدي أستحقها , وحتى إن لم يحبها ولم تحبه لن

يطلقها كما قال فهي ضاعت مني وللأبد , نظرت للجانب

الآخر وقلت بابتسامة " ألا تشبع من رسم الخيول

جد لك شيء آخر غيرها "

وضع ريشته خلف أذنه وأمسك وسطه بيديه وقال

بسخرية " مثل ماذا يا أبو العريف , أنت مثلا "

ضحكت وقلت " وما المانع في الأمر ستكون لوحة الموسم "

ضحك وقال " أضحكتني يا أبو القناعة "

تجاهلته وقلت " وما تلك اللوحة بجانبك وكأن فيلا رسمها بخرطومه "

ضحك وقال " لو تسمعك صاحبة اللوحة ستجعلك تكره اسمك "

غمزت بعيني وقلت " ومن هذه ها "

ضحك كثيرا ثم قال " يالها من مخيلة التي لديك هذه ابنة

جابر رسمتني وأنا مضجع على السرير "

ضحكت حتى تعبت ثم قلت " ظننته صرصور أو نملة فوق

السرير وليس أنت , لقد أبدعت في رسمك "

نظر لي بضيق فقلت ببرود " دعني أرفه عن

نفسي قليلا يا معتصم فقلبي مسود "

قال بحيرة " ما بك يا وليد "

تنهدت ونظرت جهة الخيول وقلت " لا تكترث للأمر "





*

*





تأففت وقلت " فرح وما الداعي للبكاء الآن "

شهقت شهقة صغيرة وقالت " كيف لا تريد مني أن أبكي وأنت

تخبرني أن حفل زواجنا سيكون بعد ثلاث أيام والسفر خلال نهاية

الأسبوع القادم , منذ وقت وأنت تجهز للأمر ولم تخبرني بسفرنا إلا

الآن , متى سأشتري ما يلزمني ومتى سنجهز للحفل وأدعو زميلاتي "

قلت بضيق " فرح أنتي تعلمي أن صحة والدتي لا تسمح أن نقيم

أي حفل كبير , كم مرة سنتناقش في هذا "

لوحت بيدها وقالت بتذمر " لا شأن لي كيف أتزوج بدون

حفل يكفي لا حفل خطوبة ولا قران وكأنني أرملة أو

مطلقة, لما لا تراعي مشاعري أبدا "

تنفست بقوة مهدأ لنفسي ثم أمسكت وجهها بيداي وقلت

" فرح حبيبتي ما الداعي لكل تلك الشكليات لن نشتري الكثير من

الثياب وسأشتري لك هناك كل ما تريدينه , هل يرضيك أن نقيم حفلا

في صالة فندق ووالدتي تبقى وحدها في المنزل , ضعي نفسك مكاني "

قالت بحزن " ولما لم تخبرني منذ وقت عن كل هذا لما ؟ ألستُ شريكة

حياتك ومن المفترض أن أعلم منذ وقت وأرتب أموري "

قبلت خدها وقلت " حبيبتي أنتي يا فرح كنتي تعلمين أي ظروف

نمر بها كلانا فلما أشغلك بكل هذا , لا تعقدي الأمر أكثر

حبيبتي ودعينا نسعد كغيرنا "

نامت في حضني برفق وقالت بهمس باكي " لما زواجي محاط بكل

هذه التعاسة , لما لست كباقي صديقاتي فليس لدي حتى صورة

لحفل خطوبة مثلهن وكأنك مجبر على الزواج بي "

شددتها لحضني بقوة وقلت " ما رأيك لو أذهب لك في الجامعة

وأحملك بين ذراعاي أمامهم وألف بك الجامعة كلها ليصدقوا أني

أحبك ومتيم بك ولست مجبرا عليك "

قالت بصوت مبتسم " موافقة وفي الغد "

ضحكت وقلت " مشكلتي أني لا استطيع ولا حتى التنفس بدونك

سأفعلها غدا وإن طردوك من هناك لا تلقي باللوم علي "

ابتعدت عن حضني وقالت بحزن " أنا قلقة بشأن وسن يا جواد "

تنهدت وقلت " يبدوا والدتي ستجد حلا لكل هذا

خصوصا بعد أن تزوج نواس "

وضعت يدها على فمها مصدومة وقالت " تزوج "

تنهدت وهززت رأسي بنعم وقلت بهدوء " ووسن علمت بذلك "

وقفت وقالت بصدمة " ونحن نجلس نتبادل الغراميات هنا

انهض هيا لنذهب لها , هذا إن كانت في المنزل أساسا "

نظرت لها فوقي وقلت بعبوس " لا أعلم لما أنا دائما في المقام الأخير

لديك حتى زميلاتك ومظهرك أمامهم أهم من ظروفي "

وضعت يداها وسطها وقالت بضيق " جواد قف هيا وخذني

لشقيقتي أو ذهبت وحدي وتبقى أنت هنا وحدك "

زدت عبوسا أكثر ماداً شفتاي بزعل فضحكت على شكلي

ثم أمسكت وجهي وقبلت شفتاي قبلة سريعة وقالت

" قم هيا يا قلب فرح "

مثلت الإغماء على الأريكة وقلت وعيناي مغمضتان

" هل أنا في حلم وزوجتي قبلت شفتاي أخيرا "

سمعت ضحكتها ثم قالت " جواد هيا وأنت كالمراهقين "

قلت " أنا مغمى علي ولا يمكنني الاستيقاظ دون قبلة

جديدة ولكن ليس بخيلة كتلك "

سحبتني من يدي وهي تقول " لا تجعلني أندم حتى

على تلك , بسرعة تحرك "

تحركت معها وأنا أقول " أمري لله كلها أيام

قليلة وسنتصافى يا فرح "

خرجنا من الشقة ووجدنا وسن تصعد السلالم , تخطتنا في

صمت ودخلت الشقة فنظرنا لبعضنا ثم قلت بهمس

" اذهبي لها لقد تقابلت ونواس عند والدتي , أنا

في الأسفل إن احتجتما شيء ... حسناً "

هزت رأسها بحسنا ولحقت بها وأغلقت الباب

ونزلت أنا لسيارتي




*

*





سمعت طرقات على الباب ثم دخل أخي عاطف وقال

" عمي سعيد يريدك في الأسفل "

وقفت دون كلام ولا حتى أن أرفع عيناي فيه ونزلت

أمامه وتوجهت من فوري لمجلس الرجال حيث سيكون

ودخل خلفي عاطف فقال عمي " دعنا وحدنا يا عاطف "

خرج من فوره وأغلق الباب خلفه وقال عمي بحنان

" تعالي اجلسي يا مي "

توجهت نحوه وجلست بجواره فقال بهدوء

" أخبرني شقيقك أنك ترفضين شراء جهازك يا مي هل هذا

صحيح لأن زوجك يصر على أن أعرف ذلك منك شخصيا "

هززت رأسي بنعم وقلت " أجل أنا قلت ذلك ولم

يجبرني أحد أو يكذبوا عليك "

تنهد وقال " ولما يا ابنتي أنتي عروس كغيرك

لا تنقصي من قدر نفسك "

نزلت دمعتي فمسحتها ولذت بالصمت فقال

" نواس اتصل بي وقال أن زواج شقيقه بعد ثلاث أيام سيكون زواجا

عائليا بسبب مرض والدته إن كنتي تريدي الحضور ولتتعرفي والدته

أخذتك معي لأني مدعوا وشقيقك عاطف أيضا وزوجك طلب سؤالك "

هززت رأسي بلا وقلت " أي زواج سأحضره بهذه العلامات في كل

جسدي ثم بأي وجه أذهب لهم المشوه أم الملطخ بالعار "

قال بضيق " مي لا تعطي الأمر أكثر من حجمه زوجك ليس من

هنا ومدينته تبعد كثيرا ولا يعرف غيره بما حدث فلا تُرخصي

نفسك أمامهم أنتي أشرف من الشرف ذاته "

قلت بحسرة " يكفي أنه هوا يعلم "

قال بجدية " يعلم وراضٍ أيضاً "

لذت بالصمت أمسح الدموع التي غلبتني فوقف يستند بعكازه

وقال " سأخبره أنك متعبة قليلا ولا تستطيعين الذهاب وعليك أن

تشتري كل ما يلزمك يا مي وحسابي مفتوح لك فوق المال الكثير

الذي دفعه زوجك ومهرك محفوظ لك متى ما أردت كان بين يديك "

غادرت المجلس ركضا للأعلى وعدت لغرفتي وأغلقت الباب واتكأت

عليه , لما أنا من ماتت كل أحلامها في مهدها ؟ ترى ما تخبئ لي الحياة

من تعاسة ونكبات جديدة , مسحت دموعي واستغفرت الله ثم توجهت

لخزانتي وأخرجت الصندوق الصغير الذي يعيش في قلبي قبل الخزانة

جلست على الأرض أمامها وفتحته وأخرجت علّاقة المفاتيح الموجودة

فيه يتدلى منها حرفي الواو والميم بالإنجليزية مرتبطان ببعضهما

مرصعان بفصوص من الكريستال وفصوص ملونة تتدلى منهما

العلّاقة التي عاشت معي لوقت طويل منذ أن أخذتها من مجلس الرجال

بعدما نسيها وليد في مجلسنا ولم تطاوعني نفسي أن أعيدها له رغم

علمي بأنها غالية على قلبه وأنه بحث عنها وعاصم شقيقي كثيرا في

كل المجلس وهي عندي ولا أحد يعلم كما مشاعري نحوه منذ صغري

المشاعر النظيفة التي لا أحد يعلم عنها غيري وقلبي وخالقي

حركتها أمام عيناي الدامعتان أودعها أيضا مع كل أحلامي الجميلة

تُرى من تكون هذه التي حرفها مرتبط بحرفه ومتعلق به هكذا أم أنه

أسمه هوا وليد مختار فقط , حضنتها بقوة أبكي حتى الأحلام التي

لم أكن أجزم أنها ستتحقق , لو أني فقط أجد ذاك الشخص الذي

سرق مني كل هذا ودمر حياتي , صاحب الرسائل الخفية

لو ألتقي به فقط ولو ليوم في حياتي لآخذ بحقي منه

أعدت العلاقة للصندوق ووضعت معها الرسائل ليحتضن الحلم

ومن أحرقه وأغلقته , إن طاوعتني نفسي سأتركه هنا قبل ذهابي






****************************************************

******************************************





قلت بحيرة " ولكن التي معي اسمها سما أحمد عبد الله "

توجه للرفوف في مكتبه وأخرج ملفا بحث عنه لوقت ثم اقترب

مني وفتحه وأراني صورة فيه وقال " أليست هذه الفتاة "

نظرت لها وقلت " نعم هي "

قال مشيرا بإصبعه " انظر للاسم تحتها "

نظرت وقرأت " سما رفعت عمران الشاطر "

قال بجدية " هل تأكدت الآن "

قلت بحيرة " ولكن كيف !! "

عاد للجلوس على مكتبه وقال " احكي لي كل ما حدث

معك وكيف وجدتها وسأحكي لك كل شيء "

سردت عليه كل ما حدث معي للحظة وهوا يسمع باهتمام حتى

انتهيت فهز رأسه وقال بضيق " آخر ما كنت أتوقع أن

تكون تعيش هنا تحت اسم مزور "

قلت " حتى هي لا تعرف غيره "

تنهد وقال " قضية معقدة ولا تزداد إلا تعقيدا "

بقيت أنظر له بحيرة لوقت ثم قلت " ولما لم تعمموا صورتها

وتبحثوا عنها مادمتم تملكون الصورة "

قال بجدية " ستكون فكرة غبية أن نعطيهم شكلها واسمها "

قلت بهدوء " جابر هلا شرحت لي ما سر هذه القضية "

أغلق ملفها أمامه وقال " قضايا المصانع ذاتها مقتل شخص فيهم

أو صاحبه والنقطة المشتركة هي الهند إما تصدير أو استيراد

أو شراكة أو نقل أو أي صلة , الجرائم غامضة والأسباب

غامضة والسلسلة تجر بعضها ولم نكتشف السبب حتى الآن "

قلت بهدوء " سما ذكرت أنها كانت تلاحظ نقاشات كبيرة بين

والدها وشريكه ثم قرر الانتقال هنا بعدما باع حصته "

قال بضيق " والمشكلة أن جميع أوراقه مسروقة ككل

قضية فلا نعرف الشريك ولا ما حدث "

قلت بشرود " ولما زور أسماء أبنائه حتى أنهم هم

لا يعرفون أسمائهم الحقيقية "

قال بهدوء " يبدوا رجلا حذرا جدا وكان يتوقع كل هذا الخطر "

ثم وقف وقال " هيا خذني إليها عليا معرفة المزيد منها وزيارة القبو "

وقفت وقلت " مهلك يا جابر الفتاة رأت أفراد الشرطة يسخرون من جثث

عائلتها ويضحكون , هي لا تتقبلكم بل وتكرهكم ولن تتجاوب معك بسهولة "

قال بضيق " هل سنساير مراهقة صغيرة , عليها أن تتكلم ليس

من أجلها فقط بل ومن أجل غيرها "

قلت بضيق " جابر لا تستهين بالأمر وضع نفسك مكانها هم

عائلتها جميعهم وكل ما لديها , الخطأ على رجالكم لأنهم مستهترين

ولا يحترمون الموتى وكأنهم يخرجون قطط ميتة وليست

عائلة قتلت بدم بارد "

قال باستياء " وما سأفعله لهم برأيك أعاقبهم وأسجنهم , هم في

النهاية اعتادوا على رؤية هذه المناظر وماتت قلوبهم "

قلت بغضب " وهل تموت قلوبهم درجة أن يتغزلوا في امرأة

ميتة , هذا ليس موت قلوب هذا موت حياء "

قال ببرود " وهل سنجلب لها سرك التحقيق كاملا ليعتذر منها بربك

يا نزار الرجال تحت يداي يعترفون بسهولة لن أعجز من فتاة "

قلت بصدمة " ما قصدك بهذا هل ستعذبها لتعترف بما تريد "

قال بنفاذ صبر " نزار كم مرة سأقول وأعيد أني لا أضرب النساء "

قلت بسخرية " وكيف تحقق معهن يا حضرة المحقق "

قال بضيق " أرسلهن للقسم النسائي طبعا يا ذكي "

قلت ببرود " ما لديا قلته علينا أن نقنعها بالتعاون معكم أولا

أنا وعدتها بأن أساعدها لا أن أرغمها على مالا تريد "

قال بسخرية " نزار هل لعبت تلك الصغيرة بعقلك أم

بقلبك أم بكلاهما معا "

ضحكت وقلت " لن تنال مني بهذه يا ذكي فأنا أعرف

ألاعيبك جيدا , هي طفلة أمامي يا نبيه فبما ستلعب وتلعب "

قال بضيق " نزار قد يكون لدى الفتاة الخيط الذي سيحل

لنا كل هذه المشكلة فلا تتعب لي رأسي "

قلت مغادرا " أَخرج الفتاة حاليا من القضية سنتناقش أنا

وأنت فقط وأجلب لك منها كل ما تريد , وداعا "




*

*





تركتها أنهت صلاتها على سريرها ثم أحضرت صينية الشاي

والكعك وقلت " لقد حضرت كعكا لنأكله مع الشاي , والدتي رحمها الله

كانت تفعل هكذا دائما بعد أن نصلي العصر , سيعجبك كثيرا فأنا

أكثر ما أحب أعداده هوا الكعك "

قالت بابتسامة " حمدا لله الذي رزقني بابنة كبيرة على كبر

ورزق نزار بمن ستفضي له جيوبه "

قلت بحزن " آسفة يا خالتي لم أقصد أن أكلفه "

ضحكت وقالت " لا تخافي عليه إن نفذ ما لديه لن يخجل

منك , هيا دعيني أتذوق كعكك "

وضعت لها قطعة في الطبق وقلت

" لدي في قبو منزلنا أموال كثيرة لا أريدها ليأخذها هوا "

ضحكت وقالت وهي تأخذه مني " أنتي لا تعرفين نزار يا

سما هوا حتى من الرجال لا يأخذ النقود كيف سيأخذها

منك أنتي فلا تجرحي كرامته بقول هذا له "

قلت بهدوء حزين " ولكني لا أريدها فعلا وأكرهها

فبسببها خسرت عائلتي "

تنهدت وقالت " لو كل من فقد أحد تخلص من السبب لضاعت

البشر يا سما, المال سند للإنسان يا ابنتي رغم كل عيوبه "

سمعنا حينها صوت باب المنزل انفتح وأنغلق فقالت مبتسمة

" ها هوا أستاذك قد جاءت به رائحة كعكك اللذيذ "

وقفت من فوري مبتعدة عن الكرسي ووقف هوا عند الباب

متكأ بحافته وقال بابتسامة " ما هذه الرائحة هل

تأكلون شيئا من ورائي "

أخفضت رأسي خجلا وقالت والدته " هذه سما قررت سحق

أموالك وأعدت كعكا لم أتذوق مثيله فتعال قبل أن لا تجد منه شيئا "

دخل وقال " جيد والحكم على الطعم وليس الرائحة وأنتي ستدفعين

ثمن كل هذا يا أمي حين تعود سما لعائلتها لأنك ستُحرمين منه "

ضحكت وقالت " لم أفكر في هذه النقطة "

جلس وأخذ قطعة صغيرة من طبق والدته وأكلها وقال

" ممتاز هل حقا أنتي من أعدها ولم تشتريها من الخارج "

أخفضت رأسي ولم أستطع قول شيء من حيائي فضحكت

خالتي وقالت " طالبتك هذه تبدوا تخاف منك كثيرا "

خرجت حينها مسرعة من الغرفة للمطبخ فأنا حقا غير معتادة

على الاحتكاك بالرجال والأستاذ نزار كان جديا معنا كثيرا

في الحصص وما أن أراه حتى تتوتر جميع مفاصلي

دونا عن غيره من الرجال





*

*





ضحكت وقلت " الفتاة تخجل كثيرا أو تخاف منك "

أكل قطعة أخرى وقال " هي تخجل مني وغير معتادة

علي فوالدها رباهم في معزل عن الجميع خصوصا

الرجال فستحتاج وقت لتتعود "

قلت بهدوء " ماذا فعلت بشأنها "

قال بذات الهدوء " تحدثت وجابر , لديها اسم حقيقي غير اسمها

ذاك وسنبحث في أمرها فيما بعد لأني كدت أتشاجر معه "

قلت بحيرة " ولما تتشاجران !! "

قال بصوت منخفض " الفتاة تكره رجال الشرطة ولا تتق بهم

وهوا يريد استجوابها ومعرفة المزيد منها وأنا رفضت

حتى نقنعها بالتحدث معه "

تنهدت وقلت " خيرا صنعت فهي ناقمة عليهم حقا من

حديثها حين حكت لي عن قصتها "

ساد الصمت قليلا ثم كسرته قائلة " الفتاة معتادة على

حياة مرفهة وكل ما تريده تجده لذلك أفهمتها بطريقتي

أنك لن تستطيع توفير كل ما يلزم المطبخ "

نظر لي بضيق وقال " أمي ما هذا الذي فعلته

أنا لن أعجز عن توفير ما تحتاج "

قلت بهدوء " ولكنك توفر المال وهذا .... "

قاطعني باستياء " وإن يكن فليس من اللائق أن تخبريها

أني عاجز عن توفير ما ستحتاجه "

ابتسمت وقلت " آسفة بني كان قصدي خيرا "

وقف وقال " لا بأس أمي أنا هوا الآسف ولكن

ما كان عليك قول هذا لها "

ثم خرج من الغرفة , ويحي كيف نسيت أنه في النهاية رجل

ولا يحب أن يظهر عاجزا أمام امرأة عن توفير ما سيلزمها





*

*





دخلت المطبخ ووجدتها خلف باب الخزانة لا يظهر منها سوى

المنتصف من جسدها تقف على حافة الخزانة السفلية المفتوحة وترفع

نفسها على رؤوس أصابعها لتحضر شيئا من الخزانة العلوية

اقتربت منها وقلت " أنا سأنزل لك ما تريدينه "

ارتعدت حتى كادت تسقط وتمسكت بباب الخزانة السفلية

فأمسكتها من ذراعها وقلت " حاذري من أن تقعي يا سما "

ابتعدت عن الخزانة وعدلت من شعرها تخفي ما تناثر منه خلف

أذنها تنظر للأرض وقالت بشبه همس

" آسفة أردت جلب الصينية من الأعلى "

أنزلتها لها وقلت " الرفوف مرتفعة عليك سأجلب مع الأثاث

شيئا يساعدك في الصعود فلا تصعدي هكذا ثانيتا "

هزت رأسها بحسنا دون كلام فقلت مبتسما " يبدوا أنه لديك

مشكلة مع كلمة نعم ولا , ما رأيك أن تقوليها بالإنجليزية "

نظرت لي بصدمة فقلت بذات ابتسامتي " كلما سألت عن

شيء أومأتِ لي برأسك سلبا أو إيجابا "

ابتسمت وأنزلت رأسها وقالت بحياء " آسفة لم أقصد "

ضحكت وقلت " ولما تعتذري أردت فقط أن أمازحك

كي تعتادي على الحياة معنا هنا "

وضعت الصينية على الطاولة وقلت " سأجلب أثاث غرفتك

وما طلبته مني لأني تركته لأجلبهم معا , إن كنتي تحتاجين

لأي شيء في المطبخ اكتبيه في ورقة حسنا "

هزت رأسها بحسننا ثم ضحكت ضحكة صغيرة وقالت

" أعني حسننا سأكتب لك "

ضحكت وقلت " أخشى أن تتحولي لثرثارة بسببي , يمكنك

قولها كما تريدين كنت أمزح فقط "

هممت بالخروج حين استوقفني صوتها قائلة " أستاذ نزار "

التفت لها وقلت " وأستاذ هذه لم يعد لها لزوم حسنا "

أحمرت خداها وشتت نظرها وقالت " لا استطيع ... "

كم هي طفلة هذه الفتاة وكأنها لم تخرج للعالم بعد , قلت بابتسامة

" ستعتادين ذلك أنا لا أريد أن تناديني أستاذ اتفقنا "

قالت بهمس " سأحاول "

قلت " نعم يا سما ماذا كنتي تريدين قوله "

قالت بهدوء وعيناها في عيناي " هل فصلوا

وجدان أيضا من المدرسة "

لذت بالصمت للحظات ثم تنهدت وقلت " هذا ما حدث

أمامي لكن والدها أعادها "

نظرت للأرض وقالت بحزن " علمت أني

سأكون الخاسر الوحيد "

وضعت يدي على كتفها وقلت

" لا تقلقي يا سما لن يضيع من دراستك شيء كوني أكيدة "

رفعت رأسها لي وقالت بسرور " حقا لن تضيع دراستي "

هززت رأسي لها بنعم وقلت " أعدك لن يحدث ذلك "

ضحكت وقالت " ها أنت أيضا لم تقل نعم بل هززت رأسك "

حككت شعري وقلت ضاحكا " يبدوا أني أصبت بالعدوى منك "

ثم قلت خارجا من المطبخ " سأصعد لغرفتي قليلا

ثم أخرج للسوق فلا تنسي كتابة ما تريدين "

صعدت من فوري لغرفتي وفتحت الإنترنت مجددا أبحث

عن عائلتها الحقيقية وصعقت بأنها عائلة كبيرة ومعروفة في بيع

وتجارة قطع غيار الآلات الكبيرة كالمصانع والشاحنات وما إلى

ذلك, لديها ثلاث أعمام واحد مقيم في الخارج وآخران هنا أحدهم

الأكبر وهوا متوفى وأبنائه يديرون كل أعمالهم , رفعت هاتفي

واتصلت من فوري بجابر فأجاب بعد وقت فقلت مباشرة

" عائلة الفتاة معروفة وفاحشة الثراء "

قال " أعلم "

قلت " ما سر إخفاء والدها هويتهم يا ترى "

قال من فوره " في الهند كان أحمد عبد الله الجهري وهنا

أحمد عبد الله فقط وكأنه أخفى هويته مجددا والسبب مؤكد

أولئك العصابة لكن المخاوف أين يصل علمهم عن العائلة

فقد يكونوا يعلمون الاسم الحقيقي لهم ويبدوا يبحثون عن الفتاة

لسبب ما قد يكون مخاوف لديهم من أن يكون لديها أي معلومات

عنهم فحسب تحليلي للقضية المجموعة التي أرسلوها قتلت

الجميع ضنا أن الطفلة الهندية هي ابنتهم والأوامر كانت بقتل

الوالدين وابن والابنة ثم تبين لهم غير ذلك وعادوا للبحث عنها "

قلت بحيرة " ولما غيّر والدها حتى اسمه الأول ومن سنين

طويلة ومنقطع عن عائلته تماما "

قال بعد صمت " مشاكل شخصية بينهم لا يحق لي قولها لأحد "

قلت " وهل تصل به لتغيير اسمه !! غريب حقا أمره "

قال " أتركنا من هذا ودعني أقابل الفتاة سريعا "

قلت بضيق " جابر ما لدي قلته فلا تجعل الأمور تسوء بيني وبينك "

قال بحدة " علينا أن نعلم منها وعلينا حمايتها منهم تفهم "

قلت " عائلتها هي الكفيلة بذلك الآن مادمت وجدتهم "

قال من فوره " إياك أن تتهور يا نزار ستضعها في الخطر بعينه

تكتم عن كل ما علمت مني ولا تخبر حتى الفتاة مفهوم "

قلت بتوجس " ولما لا تعلم ولما ستكون في خطر "

قال بضيق " احتمال علمهم بهويتها الحقيقية كبير وهم يبحثون

عنها فأنت بهذا تقول لهم ها هي تعالوا خذوها "

تنهدت وقلت " والحل إذا "

قال " لا تفعل شيء حتى أراها حسنا "

قلت بهدوء " حسنا ولكن ليس الآن "

تأفف وقال " ليس الآن أمري لله ستسيرنا فتاة

صغيرة على مزاجها "

قلت ببرود " أخبرتك أني لن أجبرها على شيء

وأني سأساعدها للنهاية "

قال " ولا تلوم إلا نفسك إن عرضتها للخطر "

قلت " لا تقلق وداعا "

أنهيت الاتصال منه وفتحت الدرج وأخرجت كل ما كنت مقررا

صرفه لهذا الشهر , يبدوا أني لن أوفر شيئا هذه المرة لأن أثاث

الغرفة سيكلفني لا بأس هذا الشهر سألغيه من حساباتي , والدتي

تعيش شبه مقعدة من سنين تنتظر الابن الفاشل الذي يجمع ثمن

عمليتها ولم تجني سوى الأمل الكاذب , العملية كبيرة ومكلفة كثيرا

حتى لو أخذت المال من جابر لن أغطي كل تكاليف العلاج والسكن

والرحلة وأمي أيضا لا توافق أن آخذ المال منه , آه سامحيني يا

أمي لو بيدي شيء لفعلته , لو لم تخذلني رهام وتتركني في الماضي

لكنت سافرت ودرست وتخرجت منذ سنوات وأجريت لها العملية

منذ زمن ولم أنتهي هذه النهاية المأساوية .... مدرس يجمع القليل

من رواتبه على أمل أن يصبح ثريا ويجري لها العملية , تنهدت

بضيق ثم وقفت وغادرت الغرفة ونزلت للأسفل وكنت اسمع همسا

وضحكا من غرفة والدتي , جيد أنها تقبلت سما وأحبتها من أول

يوم , أعرف أمي قلبها طيب ولا يمكنها الحقد على أحد, وها

هي وجدت من يؤنس وحدتها وتتسلى معه , وقفت عند

الباب وقلت " سأخرج هل توصيان شيئا "

قالت أمي بابتسامة " سلامتك بني وأعتني بنفسك "

بينما لاذت سما بالصمت تنظر للأرض , هذه الفتاة تشعرني أنني

أضايقها ولا تأخذ راحتها وكل ما أخشاه أن أطر لسجن نفسي في

غرفتي من أجلها , قلت بهدوء " سما هل كتبتي ما تحتاجينه "

رفعت نظرها لي وقالت " كل شيء موجود لم أجد شيئا ناقصا "

مؤكد كلام والدتي معها هوا السبب فمنذ قليل قالت أنها ستكتب

ما تحتاجه , قلت " ولكن العيد سيكون بعد يومين قد لا أخرج

قبله لأن الأسواق تكون مزدحمة وأنا أكره الازدحام فيها "

قالت ونظرها لوالدتي " هل تستقبلون ضيوفا كثر "

قالت أمي " ليس كثيرا ولكن عدد لا بأس به "

نظرت لي وقالت " إذا أنا من سيعد كعك العيد

كل شيء متوفر ولا ينقص شيء "

قلت " والعصير والقهوة "

قالت " سأعد العصير أيضا بالفواكه الموجودة

أحتاج فقط لثمرة أناناس واحدة "

قلت مغادرا " حسنا "

أوقفني صوت والدتي قائلة " نزار ما ستفعل بشأن الأضحية هذا العام "

التفت لها وقلت " سنتشارك والجيران ككل عام "

قالت بابتسامة " أجعل جزءً مما تتصدق به من أجل عائلة سما "

هززت رأسي بحسناً مبادلا لها لابتسامة وخرجت وركبت

سيارتي وتوجهت لسوق كبير لبيع الأثاث , لففت المكان كثيرا

ولم أجد السعر المناسب لأشتريهم معا , تلك مشكلة فأنا لا أريد

أخذ شيء من المال الذي أوفره , توجهت للقسم المخصص

بالأثاث المستعمل فهوا حلي الوحيد كي أشتري كل ما

سيلزم غرفتها وأوفر مصروفا لباقي الشهر

تجولت فيه واخترت سريراً وخزانة صغيرة ومكتب للدراسة

هذا يكفي مؤقتا وسأكمل البقية الشهر القادم فقد تطول قضيتها

وتبقى معنا مدة طويلة , تعاقدت معهم لإيصاله للمنزل وعدت

قبلهم لإدخاله بعدما اشتريت باقي ما طلبته مني , من الجيد

أنها وفرت علي ثمن العصير وحلويات العيد فالأسعار

هذا الوقت تكون مرتفعة جداً

وصلت المنزل وتقابلت ودعاء بالمقربة من الباب فقالت مبتسمة

ما أن رأتني " مساء الخير كنت عند صديقة لي هنا وقررت

زيارة والدتك لأطمأن على صحتها الآن وإن كانت

تحتاج شيئا في المنزل من أجل العيد "

وضعت الأكياس على الأرض وقلت وأنا أفتح الباب

" شكرا لك وجدنا حلا مؤقتا لكل مشاكلنا العالقة "

رفعت هي الأكياس من الأرض ونظرت لي باستغراب وعلى

شفتيها سؤال لكني دخلت قبلها قائلا " سترتاحين منا مؤقتا "

ودخلت ضاحكا وهي تتبعني على خروج سما من المطبخ





*

*




شعرت قلبي هوى للأرض من سماع جملته وأول ما فكرت فيه

أنه تزوج وقد حذف دماغي كلمة مؤقتا من الجملة التي قالها

واكتملت صدمتي على الفتاة التي خرجت لنا من المطبخ ترتدي مريولا

فوق ثيابها بملامح طفولية جدا وجميلة وعينان زرقاء واسعة , نظرت لي

بحيرة ثم للأكياس التي في يدي فقلت من فوري لأفهم ما يجري

" نزار لم تخبرني أنك تقصد أنكم أحضرتم خادمة "

تغير وجه الفتاة وتوقفت أنفاسها فنظرت له مباشرة فكان ينظر لي

باستياء واضح أما الفتاة فركضت مسرعة عائدة للمطبخ

فقلت بتوتر " آسفة هل أخطأت في شيء "

قال بضيق " تعلمي أني لا أحب الخادمات ثم أنا أخبرتك أن

قريبة لي ستأتي إلينا , أي إهانة هذه التي وجهتها لها "

ثم توجه من فوره خلفها للمطبخ وتركني واقفة مصدومة من كلماته

وطريقته في التحدث معي فلأول مرة يكلمني هكذا فهوا كان مهذبا

معي دائما كما الجميع , لو لم أكن أعرف نزار جيدا وأنه لا يرى

الفتيات الصغيرات مثلها أكثر من كونهن مراهقات لقلت أن ثمة شيء

بينهما , دخلت خلفه للمطبخ , كانت الفتاة تقف عند المغسلة تمسح

دموعها وهوا يقف بجانبها مستندا بيده على المغسلة ويقول بهدوء

" دعاء فهمت الأمر خطأ فأنا لم أخبرها أنك

معنا .... توقفي عن البكاء يا سما "

سما ... اسمها غريب ومميز مثلها , جيد أنها صغيرة لكانت

منافسا وندا قويا لن أقدر عليه , حمحمت قليلا وقلت

" أنا آسفة يا سما لم أقصد "

وضع نزار يده على كتفها وقال بابتسامة

" وها هي اعتذرت منك هل ننسى كل ما حدث "

هزت رأسها بنعم دون كلام ودون أن ترفع رأسها , غريب من

تكون يا ترى هذه التي يلمسها بيده فأنا أعرفه من أعوام معرفة

جيدة لم يسبق أن اقتربت يده مني ولا بالخطأ , هوا بالفعل يعاملها

كطفلة وليس كامرأة لَما كان تركها تبقى دون حجاب معهم

نظر لي ثم لها ثم قال مغادرا " ابقيا في غرفة والدتي

فالعمال سيأخذون الأثاث للأعلى "

ثم خرج فوضعت الأكياس على الطاولة وخرجت في صمت

متوجهة لغرفة والدته ودخلت ملقية الحية بابتسامة فقالت بترحاب

" مرحبا بك يا دعاء ما هذه الزيارة المفاجأة "

اقتربت منها وقلت بابتسامة " كنت عند ماجدة وفكرت في

زيارتك في طريقي لأرى إن كنتي تحتاجين شيئا قبل العيد "

قالت بابتسامة ناظرة للداخلة من الباب " سما ستقوم

بالواجب وزيادة شكرا لك يا دعاء دائما ما نتعبك معنا "

قلت بابتسامة " لا تقولي هذا يا خالة أنتي في مقام والدتي "

توجهت الفتاة من فورها لسرير الخالة وجلست بجوارها عليه

وقالت الخالة " سما قريبة زوجي رحمه الله من والدته وهي فقدت

عائلتها في حادث وستبقى معنا حتى تذهب مع عائلة والدها "

قلت بابتسامة " سرني التعرف عليك يا سما "

اكتفت بابتسامة دون رد فتبدوا قليلة الكلام وقالت الخالة

" تذوقي كعك سما يا دعاء طعمه طيب وسيعجبك "

تحركت الفتاة سريعا وأخذت قطعة في طبق وقدمتها لي مع

الشوكة فشكرتها وأكلت منها قطعة صغيرة فكانت رائعة الطعم

بالفعل ويعجز مقاومتها لكن غصت نفسي من فكرة أن هذه الفتاة

قد تحوز على اهتمام نزار رغم فارق السن الكبير بينهما

أعدت الطبق على الطاولة فقالت الخالة " مآبك يا دعاء ألم تعجبك "

قلت بابتسامة صغيرة " أبدا هي رائعة , فقط أنا لا أحب الحلويات كثيرا "

فتح عندها نزار باب الغرفة وقال

" سما تعالي لتختاري أين أضع لك السرير والخزانة "

قالت بصوت منخفض " هل غادر الجميع "

قال مغادرا " نعم أنا من سيحركها , فقط اختاري المكان "

وغادرت من فورها خلفه وأنا كالعادة لم ينظر ناحيتي

وكأني لست موجودة في الغرفة

وقفت من فوري فقالت والدته " ما بك يا دعاء لازال الوقت مبكرا "

قلت بهدوء " اقترب وقت المغيب وورائي أعمال كثيرة فقد أكون

مناوبة يوم عرفة أو العيد , عِمتي مساءً يا خالة وكل عام وأنتي بخير مقدما "

قالت بابتسامة حنونة " وأنتي بخير يا ابنتي ولا تنسي تبلغي سلامي

وتهنئتي لوالدتك وشقيقتيك وزورينا لو لم تناوبي في المستشفى "

قلت مغادرة الغرفة " بالتأكيد ... وداعا "

غادرت منزلهم وركبت سيارتي وعدت لمنزلي ودخلت على صوت

تذمر شقيقتي فقلت بضجر " هيام متى تتوقفين عن التذمر كالأطفال "

قالت باستياء " لما أنا المنحوسة بين الجميع , امتحان في ثالث

أيام العيد لا وفي الهندسة التحليلية ولمن للأستاذ نزار , اسمعي

أخرجوني من المدرسة الخاصة أريد الحكومية أفضل "

قلت وأنا أنزع حجابي " ومن هذا النزار أيضا , متى

ستحبين أستاذ واحد من أساتذتك "

تأففت وقالت " لا أعلم من أين أحضروه لنا لا يعرف حتى

الابتسامة وازداد معنا سوءً من يوم طرد المدير سما

وأرجع وجدان وكأننا من طرد طالبته النابغة "

قلت بصدمة " ما هوا اسمه كاملا !! "

قالت مغادرة بضيق " نزار وجدي الأحمدي "

ماذا !!! نزار وسما طالبته ومطرودة من المدرسة أيضا

لم يخبروني بهذا






****************************************************

******************************************





نزلت بفستانها الطويل وقالت بابتسامة جميلة

" الأميرة بيسان "

ابتسمت ابتسامة صغيرة , إذا هذه ابنة جابر الكبرى

قالت بذات ابتسامتها " وما أسمك أنتي "

قلت بهدوء " زهور "

قالت بسرور " أنتي عمتي زهور "

قلت باستغراب " نعم أنا هي "

ضمت يداها الصغيرتان لصدرها وقالت بسعادة

" كم أنتي جميلة عمتي "

ابتسمت ابتسامة حزينة وقلت " وأنتي جميلة وحين

تكبرين ستصبحين مثلي تماما "

قالت بدهشة " حقا سأصبح مثلك هكذا وأرتدي فستانا

حريريا طويلا مثلك "

اقترب حينها صوت أحدهم يناديها فقلت عائدة جهة غرفتي

" نعم ستصبحين مثلي لأني كنت مثلك في صغري "

ثم دخلت غرفتي وأغلقتها خلفي وعدت لعالمي الوحيد الذي

يحويني ويحتملني , ما كان عليهم جلبكم هنا لأن هذا المكان

لا يفعل للأطفال سوى أنه يقتل طفولتهم وحتى من سيحاول إخراجهم

منه سيؤذيهم أكثر مما سينفعهم لأن البشر هكذا متشابهون





*

*





فتحت باب الغرفة لأرى سبب كل هذا الصراخ والضحك واتكأت

على حافة الباب انظر لأمجد وهوا يحمل بيسان على ظهره ويحبوا

بها وترف تصفق منتظرة دورها فقلت بحدة " بيسان انزلي حالا "

نظرت لي بصدمة وقد عم الصمت المكان ثم نزلت وجلس

امجد فقلت بضيق " أمجد ما هذا الذي تفعله ؟ هل تريد كسر ظهرك "

نظرت بعدها جهة المربية وقلت بحدة " وأنتي تتفرجين عليهم هل

تعلمي خطورة هذا على صحته وأنه في المستقبل سيكون

رجلا وسيدفع ثمن هذا العبث "

قالت بتوتر " لم أعلم أنه .... "

قلت بغضب " ماذا تعلمين إذا "

ثم نظرت لهم وقلت بذات الغضب " من علمكم هذه اللعبة السيئة "

قالت بيسان بصوت منخفض " عمي معتصم "

تأففت وقلت " معتصم معتصم كل شيء أصبحتم تتعلمونه منه

ووالدتي ستأكل لي رأسي منكم ومنه , هل كنتم تفعلون هذا سابقا "

هزوا رؤوسهم بلا فقلت بضيق " إذا والدتكم لم تكن توافق فعل هذا "

قالت بيسان " نعم كانت تقول هذا لعب سيئ ولا تسمح لنا به "

قالت ترف " بابا أمجد ضربني "

قلت بضيق " ولما هذه المرة "

قالت بدمعة محبوسة " قال لي أنتي سيئة وبابا يغضب منك دائما

والمربية لا تحبك وماما غاضبة منك "

نظرت له بضيق فقال " هي تفعل أمور سيئة وأخبرتها أنكم

ستغضبون منها فقالت أني فاشل وسأرسب هذا العالم "

ثم رمى يده في الهواء وقال ببرود " فضربتها "

قلت بضيق " كنت أخبرتني بدلا عن ضربها "

قالت بيسان بهدوء " هل سنرى ماما في العيد "

أسوء ما في الأطفال أنهم يغيرون المواضيع في لحظة وكأنهم

لا يكترثون لما تقول ويتجاهلونك , قلت ببرود

" أخبرتها وقالت لن تأتي لا تريد القدوم إليكم "

ثم غادرت على نظراتهم المصدومة , ما كان عليا قول هذا لهم ولكني

ذقت ذرعا بهذا الحال , أمي وانتقادها لهم ولقراري الزواج بأرجوان

وهم ومشاكلهم التي لا تنتهي وأرجوان وعنادها وغبائها , معتصم

والغرفة التي يخفي أمرها عني هذا غير مشاكل المكتب والتحقيق

أشعر أن رأسي سينفجر , دخلت جناحي وتوجهت لغرفتي فتحت

ربطة العنق ورميتها بعيدا رميت السترة وفتحت جهازي الحاسوب

وجلست أعمل عليه لوقت حتى رن هاتفي ونظرت للمتصل

باستغراب ثم فتحت الخط وقلت " مرحبا رضا كيف أنت "

قال من فوره " بخير كيف حالك يا جابر أين أنت لا أجدك في أي

مكان ولم أستطع حتى اصطيادك في القصر "

ضحكت وقلت " أبعد عني الشِباك وبنادق الصيد رجاءً , لم

أكن اعلم أنك هنا , متى عدت "

قال بصوت مبتسم " منذ أيام وأنا عند عمك منصور لكنك منقطع

عن العائلة بسبب عملك الذي سيقتلك في النهاية "

قلت بابتسامة " لم أجد موهبة الكتابة مثلك لكنت وجدت لنفسي مخرجاً "

قال بعد ضحكة " كنت ستلقى مصير معتصم ولن ترضى

والدتك أن تدرس في كلية الآداب "

قلت ببرود " وما كنت سأتصرف بغباء مثله طبعا "

قال " أريدك في أمر فكيف أجدك "

ضحكت وقلت " قل متى أجدك وليس كيف "

ضحك وقال " بل أنت لا يُعرف لك مكان وليس وقت "

قلت ونظري على الحاسوب " أنا في القصر الآن سأطلب من

الخادمة أن تدخلك لجناحي "

قال بعد صمت " لما لا تنزل لي قد يتضايق أحد من دخولي "

قلت " لن يتضايق أحد والدتي عند صديقة لها وزهور في غرفتها

ثم أنت ربِيت مع العائلة من سيعترض دخولك هيا ولا تكبر

المسألة أم تراني طفلا أمامك ولا كلمة لي في هذا المكان "

قال من فوره " أبدا لم أقصد ذلك فقط أنا .... "

قاطعته قائلا " سأخبر الخادمة لتوصلك لجناحي وانتهى الأمر "

قال بهدوء " حسنا سأصل القصر بعد لحظات "




*

*





جابر سيزيد توتري بأن أفتح معه الموضوع عنده , أعرف الرد

جيدا ولن تكون هذه الأولى فلم أرجع من سفري إلا لشيء واحد

أن تكون زهور لي أو أهاجر للأبد هذه المرة

وصلت القصر ووجدت الخادمة في انتظاري عند الباب فقلت

" مرحبا أنا رضا "

قالت من فورها مشيرة بيدها للداخل " نعم تفضل السيد بانتظارك "

دخلت أتبعها ببطء , لم أدخل هذا القصر منذ سنوات ومازال كما كان

هم يحافظون عليه كما بناه والدهم تماما , صعدت بي الخادمة للأعلى

لا أكذب لو قلت أني تمنيت مقابلتها ولو بالمصادفة رغم علمي أنها

لا تغادر غرفتها أبدا , وصلنا الجناح فوقفت الخادمة وقالت

" هنا جناح السيد يمكنك الدخول "

ثم غادرت من فورها وطرقت أنا على الباب عدة طرقات وفتحته

ثم دخلت كانت الردهة فارغة تماما ولا أحد بها , أغلقت الباب

واقتربت للداخل وكان صوت المياه يخرج من جهة الحمام الفردي

لابد وأنه يستحم , جلست على الأريكة وشغلت التلفاز , بعد قليل

انفتح باب الحمام وخرج منه يلف المنشفة على خصره فقلت بضحكة

" من قال لك أن إحدى النساء هي من ستزورك الآن لتغريها بعضلاتك "

ضحك واقترب مني فوقفت وتصافحنا وقال ضاحكا

" العضلات لا تغري يا وقح هي تخيف فقط "

جلست وقلت بابتسامة " غبي ولا تعرف عن عالم النساء

شيئا فهلا سألت نفسك لما ننام جميعنا في أندية الرياضة

ونربي ولو عضلة صغيرة "

ضحك وقال وهوا يجفف شعره بالمنشفة الأخرى

" ظننتكم تبحثون عن الصحة لا التباهي أمام النساء "

ثم توجه لغرفته وأغلق الباب خلفه وغاب لوقت قليل ثم خرج

مرتديا ملابس عمله فقلت " يبدوا جئت في وقت غير مناسب "

فتح الثلاجة الصغيرة في الزاوية وقال " أبدا أمامي وقت

كافي , ماذا تشرب "

قلت ونظري على التلفاز " لا شيء دعنا نتحدث قليلا فقط "

جلس بجواري وقال وهوا يأخذ مني جهاز التحكم

" ألازلت كعادتك مدمن للبرامج الوثائقية "

وضعت ساق على الأخرى وقلت بضحكة " وما الذي سيغيرني "

قال بابتسامة " ضننت الحياة في الخارج ستغيرك "

تنهدت وقلت " الحياة في الخارج لا تغير هي تحطم فقط "

نظر لي باستغراب فقلت بابتسامة " لا تفهم قصدي كما يحلو لك

أقصد تحطم النفسية فالغربة عن الوطن والأهل أمر صعب ومدمر "

قال وقد عاد بنظره للتلفاز " وما أطرك لهذا إذا "

قلت بهدوء " هروب من مرارة لأمر منها "

قال بضيق " أترك عنك حركات الأدباء وأخبرني

ماذا تريد قبل أن أطردك "

ضحكت وقلت " ستكون طردة مقبولة منك وأستحقها , كنت

أود التحدث معك في موضوع شقيقتك زهور "

قال ونظره لم يغادر التلفاز " مجددا يا رضا "

نظرت للأرض وقلت بشبه همس " لم يغب الأمر عن بالي يوما يا جابر "

تنهد وقال " هذه المرة لن تقف والدتي فيه ... أعدك "

نظرت له بصدمة فقال بهدوء " في المرة السابقة طاوعتها وتركتها

تختار هي من تريد من العدد الكبير الذي تقدم لخطبة زهور وكانت

النتيجة مؤسفة , هذه المرة زهور وحدها من ستقرر "

بقيت أنظر له غير مصدق فنظر لي وقال " لكن لن أضمن لك موافقة

زهور فحالتها منذ زواجها الفاشل ذاك لا تسر أحدا وعليك أن تعلم "

غادرت بنظري منه للتلفاز وقلت بهدوء

" أعلم كل شيء ولا أمانع , فقط لتوافق هي أولا "

ضحك وقال " سحقا للحب وأفعاله "

نظرت له وقلت بضيق " جابر احترم نفسك أفضل لك "

ضحك وأشار لي بأصابعه كشكل سلاح وقال " تصمت أو قتلتك "

ضحكت وقلت " أراني الله فيك يوما وقد دمرك عشق امرأة "

وقف وقال وهوا يثبت سلاحه في الحزام

" إن فقدت عقلي وفعلتها سأستحق ما يأتيني حينها , عشق النساء

لكم أنتم معشر الكلام والغرام نحن لا نفع منا سوى لإنجاب الأولاد "

وقفت وقلت ضاحكا " لا تتزوج أبدا رجاء "

لكمني على عضلة صدري بقبضته وقال " بل يبدوا أني سأفعلها قريبا "

ضحكت كثيرا ثم قلت " وأين كلامك السابق "

رفع قبعته وقال " للضرورة أحكام وأخبرتك أني لست

للنساء ومقتنع تماما بذلك "

ثم قال مغادرا " سأتحدث مع زهور في الأمر وسنلتقي

يوم العيد ونتحدث حسنا "

ثم خرج وتركني دون حتى أن يسمع ردي , أغلقت التلفاز

وخرجت من الجناح وأغلقت الباب , أعلم أن زهور لن توافق

لكن لا بأس المهم والدتها ابتعدت عن الموضوع , سلكت الممر

حتى نهايته ولمحت في الممر الآخر شيء شد انتباهي وجعلني

أقف متسمرا لوقت ثم غيرت وجهتي وعبرت ذاك الممر وكان

ما رأيته حقيقة فعلا ... زهور بل ليست زهور هي طفلة كزهور

لا بل زهور حين كانت طفلة , آه هل وصل بك الجنون هذا

الحد يا رضا بقيَت الطفلة تنظر لي باستغراب لوقت مختبئة

خلف الباب ثم ابتسمت ولوحت لي بيدها فمددت يدي

وقلت " تعالي "

هزت رأسها بلا دون كلام فقلت بابتسامة

" أنا صديق جابر لا تخافي مني لن أؤذيك "

خرجت من خلف الباب واقتربت مني ببطء حتى وصلت عندي

فنزلت لها للأرض وأمسكت ذراعاها وقلت

" من أنتي أيتها الجميلة "

قالت بابتسامة " بيسان "

هي ابنة جابر إذا لهذا تشبه زهور بل هي نسخة عنها في

صغرها يآآآآآه لو تعلمي يا صغيرة أنك عدتِ بي سنين كثيرة للوراء

ضممتها لصدري بقوة وكأني أحضن تلك الطفلة التي رحلت مع السنين

وكأني أضم الماضي والحلم الذي ضاع مع الريح , طوقتها بذراعاي

أشدها لحضني بقوة أستنشق رائحة الفراولة من خصلات شعرها الذهبية

حتى الرائحة ذاتها الصوت الابتسامة الجسد كل شيء ... كل شيء

كنت احضنها وأتنفس عطر شعرها بخدر كالمدمنين حتى

قالت بهمس مخنوق " أنت تخنقني "

أبعدتها عن حضني وأمسكت وجهها وقلت " هل تحبين الطيور يا بيسان "

قالت بسرور وهي تجمع كفاها معا " نعم كان لدينا عصفورا صغيرا

أحبه جدا أحضرته ماما لي ولكن ترف حممته بالماء والصابون

فمات وبكيت عليه كثيرا ثم دفناه نحن وماما "

قلت بابتسامة حزينة " وتحبين الحلوى وتسرقينها

لتأكليها لأنها ممنوعة عنك "

قالت بعد ضحكة " كيف علمت "

مسحت على خدها بظهر أصابعي وقلت بابتسامة

حزينة " نعم تشبهينها في كل شيء "

قالت باستغراب " من هي !! "

قلت وأنا ألعب بخصلات شعرها بين أصابع يدي

" حبيبتي وأميرتي التي تسكن وحدها في قلبي "

نظرت لي مطولا بحيرة ثم قالت " لم أفهم "

وقفت وقلت بابتسامة " هذا أفضل ... وداعا الآن يا بيسان "

هممت بالمغادرة حين قالت " وما أسمك أنت "

قلت مغادرا " رضا "




*

*




غادرت القصر والمدينة لمكتبي فورا , هذه المرة الجريمة ليست

في المصنع لكن ذات الحلقة المفقودة صلة المقتول بالمصانع والهند

أيضا في الحكاية , سيكون عليا المغادرة لتلك المدينة لأتابع القضية

دخلت المكتب لأجمع بعض الأوراق ورفعت الهاتف وقلت

" من غادر من الفريق إلى هناك "

قال من فوره " لا أحد لم تصلنا الأوامر منك "

قلت " إذا انتقلوا للمكان فورا الطريق طويل وسيأخذ

وقتا , هل نقلو الجثة لمعمل التشريح "

قال من فوره " نعم سيدي "

أغلقت الخط منه على طرقات على الباب ثم دخل من كان

خلفه ضرب التحية فقلت " ماذا حدث معك "

نظر للأوراق في يده وقال " خرجت من منزلها عند السابعة

وبحثت عن عمل , تجولت في خمس محال لبيع الملابس مدونة

عندي جميعها , وسوق لبيع الخضار ومجمع للتسوق ثم

عادت لمنزلها عند الظهيرة وعند الخامسة خرجت وزارت

المدعوة سوسن , لم تدخل بل تحدثتا معا قليلا عند الباب ثم

عادت للمنزل وعند السابعة والنصف زارتها الجارة التي

تقطن في المنزل الثالث يمين منزلها وأسمها أحلام النصري

متزوجة ولديها ثلاث أطفال بقيت عندها حتى التاسعة

وغادرت من عندها وهذا كل شيء "

غادرت من أمامه في صمت فقال وهوا يستدير لوجهتي

" هل نقوم بالخطوة الثانية سيدي "

قلت مغادرا المكتب " لا ليس الآن "

غادرت بعدها المكتب والمدينة ولم ارجع إلا منتصف الليل

ودخلت القصر منهكا حد الانهيار ولكن عليا مقابلتها الآن فالعيد

بعد الغد وقد لا أجد غدا الوقت المناسب , توجهت لغرفتها دون حتى

أن أغير ملابسي طرقت باب الجناح ولا مجيب فتحت الباب ودخلت

ولم يكن هناك احد توجهت جهة الغرفة وطرقت الباب عدة طرقات

فوصلني صوتها قائلة " تفضل "

فتحت الباب ببطء وكانت تجلس على حاسوبها , نظرت لي

بصدمة وحيرة فقلت بهدوء " هل نتحدث قليلا يا زهور "

بقيت لوقت تنظر لي دون أي رد فعل ثم أومأت برأسها موافقة

فدخلت وأغلقت الباب وجلست على الكرسي الأقرب لها , لن افتح

معها موضوع عزلتها طبعا لأني أعرف النتيجة , قلت بعد صمت

" أحدهم تقدم لخطبتك وأنا جئتك مباشرة والرأي لك وحدك "

نظرت لي بحيرة ثم قالت " ولم تخبر والدتي !! "

هززت رأسي بلا فقالت باختصار " ولما "

قلت وقد شردت بنظري بعيدا عنها " لن يتدخل أحد في هذا

الأمر من اليوم وصاعدا والقرار لك وحدك يا زهور "

قالت مباشرة " وهل تعلم كم سيغضبها هذا "

غريب أن زهور تأخذ وتعطي معي في الكلام على غير

عادتها مؤخرا حين تختصر اللقاء بصمتها التام مهما قلت

لتفهم أنه عليك المغادرة وتركها وحدها

تنفست بقوة وقلت " أمور الزواج في هذا القصر ستخرج

من روتينها الفاسد فجميع اختياراتها باءت

بالفشل سواء أنتي أو أنا "

لاذت بالصمت فقلت " مؤكد أنك تعلمي أنه خطبك أكثر من

شخص بعد طلاقك وأمي رفضت الجميع أليس كذلك "

نظرت جهة الحاسوب وقالت بهمس " نعم "

ضغطت على عيناي محاولا تبديد بعض الإرهاق منهما

ثم قلت " ما رأيك أنتي الآن "

نظرت لأصابعها وقالت " من الخاطب "

قلت بهدوء " رضا شقيق أميرة "

بقيت تنظر لشاشة حاسوبها دون كلام لوقت فقلت " هوا شاب

جيد خطبك في السابق مرارا لكن والدتي رفضت وهوا عاد

الآن من سفره وفاتحني في الموضوع صباح اليوم "

بقيت على حالها وصمتها فقلت

" أنا أخبرته أني سأعطيه رأيك يوم العيد "

والحال كما هوا عليه الصمت التام فوقفت وقلت

" خدي وقتك في التفكير يا زهور وسأؤجل حديثي معه

لبعد العيد وأعطني رأيك متى أردت ذلك "

ثم غادرت غرفتها وجناحها وتوجهت لجناحي استحممت

ولبست ثياب النوم وللسرير مباشرة ونمت من فوري





*

*




كنت أرى خمس خراف يقفزون حولي وأنا أنظر لهم بسرور

حتى قفز عليا واحد منهم وأمسكني من عنقي ثم بدأ يقول بتذمر

" بتول استيقظي بسرعة ما كل هذا الكسل عليك مساعدتي "

قلت بهمهمة " أممممم أمي اتركيني "

وصلني صوتها الغاضب " أنهضي بسرعة الأعمال كثيرة وسيأتي

والدك بعد قليل من المسجد ليغادر مع جابر ومعتصم وخالك لذبح الأضاحي

وأنتي كالبانده لا تعرفين سوى النوم , انهضي لتعيدي عليهم "

وضعت الوسادة على رأسي وقلت " اتركيني أنام قليلا لقد كسرتِ

لي ظهري البارحة بالأعمال , أمي الرحمة أرجوك الرحمة "

سحبت مني الوسادة وقالت " انهضي بسرعة وغيري ثيابك لنجهز

الحلويات والعصائر لأنهم سيأتون بعد قليل , بسرعة هم

يعرفون أنك كسولة لا داعي لأن يرو بأنفسهم "

جلست وقلت باستياء " كسولة كسولة ولا أنفع لشيء حفظتها

أمي استبدليها بغيرها من أجل الروتين فقط "

بقيت واضعة يديها وسط جسدها تنظر لي بضيق فقلت وأنا أعد

على أصابعي " عليا أن أحمم مصعب وعدي وألبسهما ملابس العيد وأن

أجهز الحلويات وأعطر المجلس وأن أغير ثيابي وأعيّد عليهم

حاضر أمي ولكن الأخيرة امسحيها من القائمة لأني لن أصافح

يد ذاك المتعجرف ولن يسمع مني تهنئة بالعيد "

قالت بحدة " رغما عنك ستعيدين عليه هل تريدي إحراج والدك أمامهم "

غادرت السرير وأنا أتمتم بضيق " كم أتمنى أن تنكسر ساقه ولا يأتي إلينا "

نزلت للأسفل ووجدت مصعب يلعب بوسائد الأرائك كعادته فضربته

طبعا كعادتي وسحبته من يده لغرفتهم حممته وألبسته ثيابه على صوت

توعده لي أن يخبر أمي أنني أضربه , نظرت للخلف وقلت

" عمر لما لم تغير ثيابك حتى الآن "

قال بلامبالاة " قلت من البداية أني لا أريدها ولن البسها "

وقفت واضعة يداي وسط جسدي وقلت " تعلم أن والدي سيغضب

منك ومعه حق في أن لا تشتري ثياب الشحاذين تلك "

قال بضيق " ليست ملابس شحاذين أنا أحب ذاك اللاعب فما المانع أن

أرتدي ثياب فيها صورته الجميع يلبسها "

أوقفت مصعب أعدل له قميصه وقلت ببرود

" تحمل النتائج إذا ولا دخل لي فأنت لست من ضمن لائحة أعمالي اليوم "

غادرت بعدها من الغرفة وأنهيت باقي أعمالي وغيرت ثيابي ولبست

حجابي وما هي إلا لحظات ودخل والدي وخالي وابني عمي

قبلت رأس والدي وهناته فقال ماسحا على رأسي

" وأنتي بخير يا بتول يحفظك الله يا ابنتي "

قبلت يده وقلت " ويحفظك لي دائما فوحدك تحبني "

عيدت بعدها على خالي رضا كما أحب حين كنت صغيرة بأن

حضنته وقبلت كتفه فضحك وقال

" وأنتي بخير يا بتول أراني الله لك عروسا "

مددت شفتاي مستاءة وقلت " ما بك كالعجائز هكذا "

ضحكوا وقال جابر " أمازلت كما في صغرك تكرهين هذه الدعوة "

قلت ببرود " نعم لقد كرهت الرجال بالضعفين أيضا "

ثم مددت يدي له وصافحته قائلة " كل عام وأنت بخير "

قال بابتسامة " وأنتي بخير يا بتول "

ثم مددت يدي جهة معتصم فمد يده وعايدته بتمتمة وسحبت يدي منه

بسرعة لكنه امسكها بقوة وقال " لم أسمعك أعيدي "

قلت بضيق " كل عام وأنت بخير يا معتصم "

ترك يدي وقال بابتسامة جانبية " جيد ظننتك دعيتي علي "

قلت باستغراب مصطنع " أبداً ... أنا أدعوا عليك "

قال بابتسامة جانبية " أقسمي أنك لا تدعين علي دائماً "

ضحك خالي رضا وقال " زوجوهما لبعضهما علهما يرحمان بعض "

نظرت له بصدمة وضحكوا جميعهم والسيد معتصم أول الضاحكين طبعاً

فغادرت قائلة " أنا لن أتزوج أبدا أبحثوا له عن زوجة غيري تعجبه وليست علكة "

وتركتهم ووالدتي وخرجت , لا أعلم لما خالي رضا يحب فتح هذا الموضوع

السيئ ويضعني في مثل هذا الموقف المحرج أمامهم




*

*




ما أسوء صباح هذا العيد لا ضحكاتهم ولا أصواتهم ولا ملابسهم

في كل مكان , وحدة ... لا شيء حولي سوى الفراغ حتى كلمة كل

عام وأنتي بخير ماما حرمت منها وضاعت كما الكثير غيرها

وآخرهم وضيفتي التي لم أجد بديلا لها مهما بحثت , منذ أن دخل

ذاك الرجل حياتي حولها لكابوس مخيف بل لسلسلة من الكوابيس

أقسم أني أحب الأطفال وأريدهم لكن ليس زوجة لذاك ولا زوجة

ابن لوالدته تلك , مسحت بقايا دموعي وتنهدت بحزن ووقفت

ودخلت المطبخ أجهز أي شيء أتسلى به بعدما أمضيت اغلب

الصباح نائمة هربا من هذه الوحدة

ترى كيف قضوا اليوم , من اهتم بهم وحممهم وألبسهم ثيابهم

أم المربيات كالعادة مؤكد هم ومن غيرهم مثلا تلك الصخرى العظمى

أم ابنها الصخرة الصغرى , خرجت من المطبخ دون أن أفعل شيء فيه

وتوجهت نحو السلالم لأصعد لغرفتي فسمعت خطوات كثيرة تركض

خلفي وأصواتهم ينادونني بماما , خفت أن ألتفت وأجده حلم صوره

لي عقلي فالتفت ببطء وشهقت من الصدمة وأنا أراهم أمامي ثلاثتهم

فنزلت للأرض على ركبتاي وفتحت ذراعاي لهم وضممتهم لحضني

ثم حضنتهم وقبلتهم واحدا واحدا وكأني في حلم تحول لحقيقة

ما أقساه من شعور شعور الفقد وما أجمله حين يختفي في لحظة

انتبهت من غمرة احتضاني وتقبيلي لهم للساقان الواقفتان بالمقربة

منا فوقفت ومسحت دموعي وقلت ونظري للأرض

" آسفة لم أنتبه أنك دخلت معهم كل عام وأنت بخير وشكرا

لإحضارهم لي هذه كانت أجمل مفاجأة اليوم "

عليا أن أتصرف كما قالت سوسن فقد يصبح أبعده الله عني

زوجي بالفعل وأكون بنيت المشاكل بيننا منذ الآن

قال بجدية " وأنتي بخير , سأتركهم معك لدي أعمال كثيرة

في مكتبي وسأمر بهم عند العصر "

قلت بامتنان " شكرا لك وكن مطمئنا عليهم "

قال مغادرا " أعلم أنهم في أيدي أمينة لما كنت أحضرتهم "

قلت موقفة إياه " سيد جابر "

وقف والتفت لي فقلت " هل يمكنني أخذهم لصديقتي وطفليها

ككل عام وأخرجهم معنا للحديقة "

قال مغادرا من جديد " لا باس , لا تتعبوا والدتكم مفهوم "

قالوا معا " مفهوم بابا "

وخرج من المنزل وأغلقه , طبعا لا حسيب ولا رقيب عليه يدخل

ويخرج كيفما يريد ووقت ما يشاء

عدت لاحتضانهم مجددا غير مصدقة لما أراه أمامي حمدا لله الذي

أبدل هذا اليوم المليء بالبؤس في لحظة لسعادة وسرور

دخلت بهم للمطبخ وهم يتحدثون عن كل شي وأنا أستمع لهم بحب

أجلست ترف على الكرسي فقالت بحيرة

" ماما بابا رأى شعرك !! "

وضعت يدي على شعري وتذكرت حينها فقط أني كنت بلا حجاب

لكن اللوم ليس علي بل على ذاك الأحمق والدكم , تنهدت بضيق

وقلت " لم أكن أعلم أنكم ستأتون الآن لكنت ارتديت حجابي "

قالت بيسان " ولما لم يخبرك والدي أننا قادمون "

آه ليتك تساليه هوا هذا السؤال عله يقتنع أنه يخطئ بما يفعل

قالت ترف من فورها بابتسامة ومغيرة مجرى الحديث

" جدتي يأتيها الكثيييير من النساء فيهم واحدة مخيفة جدا "

ثم تمايلت بجسدها وقالت " تلك التي تمشي هكذا ... الطويلة "

قلت بعتب " ترف عيب بنيتي كيف تقولين ذلك "

قالت بيسان وهي تكتم ضحكتها بيدها الصغيرة

" ترف سكبت لها العصير على ثوبها وغضبت جدتي كثيرا "

قالت ترف بضيق " لم أسكبه عليها بل كم فستانها الطويل

سحب كأسي فأمسكته لكي لا يقع "

ثم لوحت بيدها وقالت " فوقع على فستانها "

لم أستطع إمساك ضحكتي , تلك العجوز لن تصنع منهم ما

تريد مهما حاولت فلن تسبب لنفسها ولهم سوى المتاعب

قال أمجد " يذبحون الكثير من الخراف ماما , ذبح والدي ثلاثة

وعمي معتصم واحد وعمي منصور اثنان وخال بتول واحد "

قالت بيسان بضيق " بابا أخذ أمجد فقط معه ونحن لا "

مسحت على شعرها وقلت " أمجد رجل حبيبتي أنتم لا تذهبون

حيث العمال والخراف والأوساخ "

قال أمجد بهدوء " العيد ليس جميلا بدونك أبدا "

ابتسمت وامتلأت عيناي بالدموع وغمرتني السعادة أنهم افتقدوني

ورأوا العيد ناقصا بدوني رغم الأجواء الجديدة التي عاشها أمجد تحديدا

أكلنا الحلوى وخرجنا لزيارة سوسن ككل عام , وصلت لمنزلها قرعت

الجرس ففتحت لي وشهقت بصدمة وهي تنظر لهم معي ثم

نظرت لي وقالت " هل تزوجتِ والدهم دون علمي "

عضضت شفتي مهددة لها لتسكت أمام الأطفال فضحكت واحتضنتهم

واحدا واحدا ودخلنا منزلها فهي تقضي العيد مع زوجها وأبنائها

لتذهب في الغد لمدينة عائلتيهما لأنها بعيدة عن هنا




*

*





اتصلت به للمرة العاشرة بعد المئة فأجاب أخيرا فقلت بتذمر

" ما بك يا رجل لو كنت رئيس البلاد لأجبت عليا منذ وقت "

ضحك وقال " كنت مشغولا قليلا آسف "

قلت بضيق " نعم جد لي تصريفه ككل مرة , قل الآن ما كان جوابها "

قال " لاشيء "

قلت بصدمة " ما تعني بلا شيء !! "

قال " دعنا نتحدث لاحقا "

قلت من فوري " هيه جابر تحدث الآن أعلم أني لن أراك قبل أيام

ثم أنا سأغادر المدينة اليوم "

قال بهدوء " لقد تحدثت معها ذات اليوم الذي حدثتني فيه "

قلت " نعم وما كان ردها "

قال " لم تجب علي بشيء "

قلت بحيرة " وما معنى هذا هل هي موافقة "

قال " لا أعلم زهور حين تسكت ولا تجيب عن الكلام يعني أنها

لم تعد تريد السماع ولا التحدث , أخبرتها أني سأنتظر جوابها متى

ما قررت فعليك بالصبر فقط "

قلت بتذمر " بربك جابر لا تتركني معلق هكذا بين السماء والأرض "

قال باستعجال " بالنسبة لي لم أتوقع منها حتى الصمت بل الرفض

التام لأني اعرف حالتها جيدا وما مرت به لم يكن سهلا , وداعا الآن عليا

أخذ الأطفال والعودة بهم الآن للقصر نتحدث عندما تعود حسناً "

تنهدت وقلت " ولما لا نتحدث الآن "

قال من فوره " سأنزلهم عند الباب وأغادر فورا لا يمكن ذلك اليوم هيا وداعا "

قلت بهدوء " أمري لله وداعا "

دسست هاتفي في جيبي واقتربت من باب القصر الخارجي

ترى أمازالت تزور حديقة والدها تلك كل عيد وتسقيها من ماء زمزم

كما كان هوا يفعل , أذكر في آخر عيد قبل زواجها وسفري فعلت ذلك

ترى هل أجدها هناك أم العزلة أنستها حتى هذا

دخلت وتوجهت من فوري لذاك المكان في وسط الحديقة تحديدا ووجدتها

بالفعل هناك .... زهور حبيبتي أرها عن قرب لأول مرة منذ أعوام

تجلس على حافة حوض الأزهار ويدها تلعب بالماء في النافورة التي

تتوسط الحديقة وبجانبها المسقاة النحاسية الخاصة بوالدها , إذا هي

لم تنسى فعل ذلك وخرجت من سجنها أخيرا , اقتربت ببطء

كانت خصلات شعرها تخفي وجهها وملامحها ولا أرى سوى

جسدها وذراعاها المكشوفان من فستانها الطويل الحريري كعادتها التي

حببها والدها فيها , شعرتْ بخطواتي فنظرت باتجاهي مباشرة وبصدمة ثم

وقفت تنظر لي فقلت بهمس المشتاق المتلهف " زهور "

بقيت على صمتها وعيناها في عيناي ذاك البحر الأزرق الجميل

الهادئ الذي يهيّج موج مشاعري بأعاصيره , حبيبتي وحدي

جميلتي وفاتنتي , اقتربت منها حتى بات لا يفصلنا سوى خطوة واحدة

ومددت يدي دون أدنى تفكير وكأنها لازالت الطفلة المسموح لي

بالاقتراب منها كل حين , لمست بأطراف ظهر أصابعي خدها الناعم

وأغمضت عيناي بهدوء وقلت بلهفة وهمس

" مشتاق لك يا زهور لا تتصوري كم أنا مشتاق "

قالت بهمس وصلني بوضوح " كاذب "

فتحت عيناي أتنقل بهما بين عيناها وقلت بحزن ويدي تحتضن خدها

" بل تعلمين أني لا أكذب يا زهور "

ابتعدت عني للخلف بضع خطوات وابتسمت بسخرية وقالت

" بل كاذب ولم أعرف منك إلا الكذب , أنت حدودك مخيلتك فقط يا

رضا , حدودك غرفتك وأوراقك وحبر أقلامك , تكتب

الأكاذيب والجميع يصدقك عداي أنا "

لم يلتقط دماغي من عبارتها المليئة بالشتائم سوى اسمي

نعم اسمي من شفتيها بعد كل هذه السنين وأخيرا

, نظرت للأرض وقلت بابتسامة حزينة

" بل أحبك يا زهور وليس اليوم ولا الأمس بل من سنين طويلة "

ثم أشرت بأصبعي على جزء معين والأبعد من الحديقة وقلت

" وذاك المكان يشهد وتلك الشجرة

وحتى السور والطيور وحشائش الأرض كلها

عاشت معي حبي لك منذ كنتي طفلة "

أبعدت خصلات شعرها الذهبية عن عنقها لتكشف عن جرح في

نهاية فكها تحت أذنها وقالت بألم " وهذه عن ماذا تشهد ؟

هل تعلم ما يكون هذا ومن السبب فيه "

ثم ابتسمت بسخرية وقالت " سببه الزوج الذي اختارته لي أمي

ومن أول ليلة لي معه , لا بل أنت السبب فيه "

ثم أبعدت يدها عن شعرها وقالت " وتريد أن تتزوجني يا رضا

تريد أن ترى باقي هذه العلامات في كل جسدي "

أحسست حينها بألم يضرب قلبي بقوة حتى كادت أنفاسي تتوقف وأنا أتخيل ما

حدث لها وما لقيت من ألم , لماذا يا زهور لما فعلت ذلك لماذا

قلت بهمس خافت " لماذا تزوجته لما "

قالت بضيق " وما كنت تنتظر مني وما كنت سأنتظر منك , لقد دمرتني

قضيت علي تماما لم أرى منك سوى الرسائل التي تخبرني فيها

أن لا أتزوجه وأني لا يمكن أن أكون إلا لك ولا يمكنني الزواج بغيرك

ولم تكلف نفسك في إحدى أوراقك تلك أن تشرح لي ما حدث يومها

بل تركتني أعرفه من ذاك الرجل "

نظرت لها بصدمة , ما تعني بأني لم أكلف نفسي شرح ما حدث

كيف وما معنى كلامها , فتحت فمي لأتحدث فمدت يدها أمام وجهي

وقالت " لا تتعب نفسك لا أريد سماع أي تبرير على جرمك نحوي

كنت طفلة ولم تكن أنت سوى عابث تحت قناع عاشق وسقط

القناع وكسرني أنا وحطم جسدي قبل قلبي "

ثم غادرت من أمامي واختفت في لمح البصر , انتظري يا زهور

ما معنى ما تقولي انتظري فلن أجد فرصة غيرها لأتحدث معك

ركضت جهة اختفائها ولم أجدها , غريب أين ذهبت ومن

سيشرح لي ما عنته بأنها لم تكن تعلم وأني لم أشرح لها

أمسكت رأسي بيداي وأغمضت عيناي بألم

لهذا تزوجته إذاً , لهذا انصاعت لأمر والدتها ... كانت لا

تعلم أو لم تفهم , سحقا لك يا رضا ومن سيفهمها وهي لم تعرف

غيرك ووالدتها وإخوتها




*

*




كان اليوم لا ينسى بالنسبة لي ... يوم كأيامي السابقة معهم ولكن

لكل شيء جميل نهاية فعند العصر كان والدهم هنا كما قال

ليته يختفي من حياتنا ويتركهم لي هنا لكنه إن اختفى لن تعطيهم

لي جدتهم وسأحرم حتى من هذه الزيارات البسيطة ولو كل عيد

وقف عند منتصف المنزل وقال مادا مفاتيح السيارة لأمجد

" أركبوا السيارة وأغلق الباب جيدا كما علمتك سابقا

سأتحدث ووالدتكم قليلا "



نهاية الفصل

طبعا الفايرزة بهدية التوقع هي طالبة هندسة إلي توقعت إن جابر

بيطلب مقابلة سما يعني ندوش وفيتامين بيختاروا هديتهم وينكشف

لهم أي حدث يختاروه في أي جزئية فيا لفصل القادم وتستاهلوا يا حلوين

 
 

 

عرض البوم صور برد المشاعر  
قديم 31-05-15, 07:35 PM   المشاركة رقم: 10
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
اميرة القلم


البيانات
التسجيل: Aug 2014
العضوية: 273354
المشاركات: 4,068
الجنس أنثى
معدل التقييم: برد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسي
نقاط التقييم: 4345

االدولة
البلدLibya
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
برد المشاعر غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : برد المشاعر المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي رد: أوجاع ما بعد العاصفة (الفصل التاسع)

 

الفصل العاشر






يوم العيد اسم أصبح على غير مسمى بالنسبة لي , أشياء كثيرة

وجميلة كانت فيه وتبخرت ... أبي وشقيقي اللذان غابا عنا منذ عام

والدتي التي لا أذكرها لموتها وأنا صغيرة , كانت زوجة والدي معي

بحنانها وأكثر لكنها في النهاية ليست أمي , وحتى نواس فقدته هذا

العيد لأني لم أخرج حين جاء مع جواد لمعايدة والدتي وفرح , لم نكن

في سنين خطبتنا كجواد وفرح الآن اللذان يجلسان هناك منذ وقت طويل

يتهامسان ويضحكان لكنه كان طعما رائعا لعيدي أرى الحب والشوق

واللهفة في نظراته لي وكلماته البسيطة بابتسامته في ذاك اليوم شبيه

هذا اليوم بالاسم فقط , كان ببساطة عيدي والآن لا يعنيني العيد ولا

هوا أعنيه فلم يعد عيده يحتاج لوجودي فيه لأنه ملئَه بأخرى فمؤكد

زارها وعايدها وجلس معها مثل هذان الزوجان وحضنها وقبلها

شعرت بأحشائي تقطعها سكاكين من هذه الفكرة فأمسكت معدتي

بقوة ثم وقفت وتوجهت من فوري للمطبخ وشربت بعض الحليب البارد

من كأس ولم يخفف ألمها فجلست على الكرسي وشربت من القارورة

مباشرة وكأني أحاول إطفاء نار متأججة ببعض الماء ولم تزد إلا اشتعالا

فخرجت ركضا للحمام وأغلقته خلفي وتوجهت للمغسلة وأفرغت كل

ما في جوفي من حليب ممزوج بالدماء حتى فرغت تماما ثم اتكأت على

طرف المغسلة بذراعي وجبيني فوقها واستسلمت لبكائي , ليس من ألم

معدتي بل من الأم في قلبي وروحي , سمعت بعدها طرقات على

الباب وصوت فرح وهي تقول" وسن هل أنتي بخير

وسن افتحي الباب "

وقفت على طولي ومسحت وجهي بالمنشفة وقلت

" أنا بخير فرح لا تقلقي سأخرج حالا "

ووقفت بعدها متكئة على باب الحمام أستمع لهمسها وجواد عن

أخذي للمستشفى ولو مرغمة وكلماته المكتومة موبخا لها لكلامها

السيئ عن نواس ودعائها عليه وكلماتها المغمورة بالدموع وهي تبكي

من قسوة شقيقه , هكذا أردتني يا نواس ويا أبي ويا كل من رقصتم

على روحي الميتة , هكذا أردتموني مدعاة للشفقة من الجميع

بعد وقت مسحت دموعي وخرجت ووجدتهم على حالهم

عند الباب فقالت فرح بقلق " وسن هل أنتي بخير "

قلت بابتسامة " ما بكما وكأني طفلة تعششون لي عند

الباب , أنا بخير لا تخافا سأنام قليلا وأكون أفضل "

قال جواد من فوره " ألن تذهبي معنا لوالدتي لمعايدتها "

قلت متوجهة جهة غرفتي " سأذهب لها في الغد "

اليوم يكون نواس عندها ولا أريد مقابلته سأقضي يوم الغد

عندها بالرغم من أني متأكدة أنها ستغضب مني




*

*





" متى قال لك جواد أنهم قادمون "

أخرجني صوت والدتي من معمعة أفكاري التي لا تجدي في

شيء سوى تعقيد المشاكل أكثر من حلها وأنا جالس معها منذ

وقت على حالي مرفقاي على ركبتاي أنظر للأرض بصمت

وشرود, مررت أصابعي في شعري وقلت " قال أنه قادم الآن "

قالت بهدوء " ما بك يا نواس حالك اليوم لا يعجبني "

قلت ونظري بعيد عنها " لا شيء ... مشاكل بسيطة في

تجارتي ولكنها تشغلني قليلا "

لاذت بالصمت وأضنها لا تصدق كلمة مما قلت

بعد قليل قالت بهدوء " نواس ماذا عن كلامنا سابقا "

قلت ببرود " ما لدي قلته يا أمي وسن لن تسكن لوحدها وأنتي

عليك الانتقال من هنا للمزرعة , سيكون صعبا عليا التنقل بين

هنا وهناك وجواد لن يكون موجودا , فلما لا تفكري بي مثلها "

تنهدت وقالت " لن ترضى وسن وأنت تعرفها جيدا وأنا لا

أريد إرغامها ولا أن أترك منزلي أيضا "

نظرت لها وقلت بضيق " ولما لا ترغميها على أمر فيه

مصلحتها , أمي وسن لم تعد طفلة تحضا بكل دلالك ذاك لها "

قالت بضيق مماثل " نواس أي جنون هذا كيف

تأخذها تعيش معك هناك "

نظرت للجانب الآخر وقلت بسخرية " أمازلت تعتقدين أن

الأمر سيعنيها , وسن القديمة ماتت يا أمي "

قالت ببرود " ونواس القديم هل مات أيضا "

لذت بالصمت ولم أعرف بما أجيب فقالت " وسن ستبقى معي

هنا مادمت حية لكن مخاوفي كلها يوم أموت وأترك الحياة فأنا

أدرى الناس بحالي وأن مرضي لا يرحم فوسن أمانتك يا نواس

أعرف أنك لازلت تحبها كالسابق فلا تظلمها وسلمها لمن يستحقها

ويرعاها مادمت قررت بترها من حياتك وتزوجت بغيرها "

وقفت كالملسوع ولا اعرف لما لا أتحكم بنفسي كلما سمعت هذه

العبارة ... وسن تتزوج وأزوجها بنفسي لغيري , أين ستنام تلك

الليلة يا نواس وأي أرض ستتسع لك وأي نهار ينتظرك وهي تبات

في حضن أحدهم , وصلني صوتها قائلة " لما وقفت يا نواس "

نظرت لها كالتائه ولا أملك لا جوابا ولا كلاما , كنت أنظر لها

وكأني أراها للمرة الأولى , ترى أتفكر وسن في فعل هذا وكلام

والدتي ما هوا إلا تمهيد للأمر ؟ نظرت لساعتي وقلت

" عليا الذهاب الآن الرحلة للبر تستلزم وقتا لأعود باكرا

في الغد وسآتي لزيارتك هل توصيني شيئا "

قالت بابتسامة " سلامتك فقط بني وبلغ خاطر وزوجته سلامي "

قبلت رأسها وخرجت في صمت , عليا المغادرة ماداموا سيأتون الآن

بعدما علمت من جواد أنها ليست معهم , تحرمينني حتى من رؤيتك

في العيد يا وسن وأنا من لم أستطع مطاوعة عقلي أن لا أراك

كيف استطعتِ التحكم في قلبك يا وسن علميني كيف !!

أول عيد يمر بدونك يا عشقي وجرحي ونزيف أحشائي المتوجعة

يا حلمي وألمي يا ماضيا الجميل وحاضري التعيس ومستقبلي القاتل

نعم قاتل أن تكوني لغيري وعبثا أحاول إخفاء ذلك , زواجي بمي

حكمته الظروف لما كنت تزوجت بغيرك ولا بك فلست لأي امرأة

أخرى لأني مع غيرك بلا قلب ومعك سأكون بلا كرامة



*

*



خرج نواس من عندي وحاله اليوم لا يبشر بخير , الأم لا أحد يكذب

عليها وليست تجارته ما تكدر صفوه , حتى زوجته لم يزرها اليوم

ولا تحدث معها في الهاتف فما ذنب الفتاة يتزوجها ويهمشها لأنها يتيمة

ولا أحد يلومه عليها , إن كان لا يريدها فلما ربطها به ؟ أمر زواجه

هذا لا يريحني أبدا وثمة قصة ورائه , نظرت ليدي حيث الورقة التي

فيها رقمها وتنهدت بضيق , عليا أن أكلمها أنا على الأقل فمن غير

اللائق حتى أمام أهلها أن لا يزورها أحد منا في العيد , كم تتقلب

أقدار البشر في هذه الحياة فبالأمس كان نواس خطيبا لوسن ويحكي

لي بلهفة ما يخطط لحياتهما ما أن يتزوجها واليوم هوا زوج لغيرها

وهي الله وحده يعلم إلى ما ستئول إليه وأين سيرميها قدرها , فتح

جواد الباب ودخل تتبعه فرح ووالدتها فالممرضة اليوم لدى أصدقائها

من دولتها تمضي العيد برفقتهم لذلك لم يترك نواس المنزل

إلا وجواد عند أول الشارع , تبادلنا المعايدات وبعد السؤال

عن الحال قلت بعتب " وسن فعلتها إذا كما توقعت ولم تأتي "

نظروا لبعضهم ولم يتكلم أحد فقلت " ما بكم ما الذي تخفونه !! "

قال جواد بهدوء " لم تخرج حتى لنواس صباحا "

نظرت له بصدمة , معقول وسن تفعلها هوا ابن خالتها مهما حدث !!

علمت الآن ما هوا سبب تدهور مزاج نواس اليوم , تلك ضربة قوية

لقلبه لا تعادلها سوى صفعته لها , تنهدت وهززت رأسي بيأس فقالت

فرح " حال وسن اليوم لا يعجبني لم تأكل شيئا أبدا وتقيأت كثيرا

وقالت أنها تريد النوم وكالعادة سجنت نفسها في غرفتها والله

وحده يعلم تنام أم تكذب علينا فقط "

نظرت لجواد وقلت " ولما لم تأخذها للمستشفى "

هز رأسه بقلة حيلة وقال " لا نريد مخالفة ما قال الطبيب

حتى نأخذها لمتخصص "

قلت من فوري " ومتى سيكون ذلك "

نظر جهة فرح ثم لي وقال " نواس قال بأنه سيتكفل بالأمر "

لوت فرح شفتيها بعدم رضا ويبدوا أنها وجواد متخالفان في هذا الأمر

فرح متعلقة بوسن كثيرا ومنذ صغرهما وجواد يكن احتراما كبيرا

لنواس ويعده والده وليس شقيقه الأكبر وكل واحد منهما يقف في

صف شقيقه , قلت بهدوء " وما خططتما ليوم الغد "

قال جواد " لا شيء حفلا صغيرا هنا لعائلتينا وسنغادر للفندق "

قلت بهدوء " يبارك الله لكما بني "

وأمضينا بعض الوقت من حديث لآخر وغادرت فرح للمطبخ

لإعداد العشاء فحتى فتحية تركناها اليوم تغادر فمن حقها أن ترتاح

في يوم العيد وجواد طبعا لم تخرج زوجته من الغرفة إلا وهوا خلفها

لا اعلم ما سيترك لبعد الزواج سوى مشاهدة التلفاز معا فما لديهما

قالاه وبزيادة , نظرت لوالدة فرح وقلت بابتسامة

" حمدا لله أن بلغنا من العمر أن نفرح بأبنائنا "

قالت مبادلة لي الابتسامة " أجل فأعظم إنجاز للأم ليس أن تنجب

وتربي بل أن ترى أبنائها يستقرون مع أزواجهم "

ثم تنهدت ونظرت للأرض بحزن وقالت " ولكن الفرحة ناقصة ما

لم تتزوج وسن وتفرح مثل البقية , كم يشغلني أمرها يا وداد "

قلت بهدوء " ويشغلني أكثر منك وأخاف أن اترك

الحياة وقلبي مشغول عليها "

قالت من فورها " أطال الله في عمرك حتى تري أبنائها "

قلت بابتسامة " لن أكذب على نفسي فليس هناك من مرض بمرضي

وشفي منه وكل يوم أتقدم فيه من قبري أكثر وأنا مؤمنة بقضاء

الله وقدره لكن بالي مشغول عليهما "

قالت بهدوء " سامح الله من كان السبب , لو فقط رضي شقيقي أن أبقى

في شقة زوجي لبقيت معها فأنا ألحظ جيدا أنها لا تريد ترك الشقة "

غيرت جلستي واتكأت على السرير وقلت " تبقيان امرأتان وحدكما

وفي كل الأحوال لن يرضى إخوتك ولا حتى أبنائي ببقائكم لوحدكم

خاصة بعد سفر جواد الذي كان يتردد عليكم دائما "

تنهدت وقالت " لن يسمح نواس بذلك لكنت أخذتها معي , شقيقي كل

أبناءه تزوجوا ويعيش وحيدا وأخبرني أن احضرها معي "

قلت بابتسامة " بارك الله في عمره ولكن من سيرضى بذلك حتى

هوا لو كانت ابنته مكانها ما رضي بهذا , أنا خالتها والأولى ببقائها

معي ونواس وكيلها ووليها فمن الحكمة أن تكون معنا "

قالت بحزن " لكن من المتعب أيضا لوسن أن تكون معكم وتلك هي

الحقيقة المرة , يعز عليا فراقها كفراق ابنتي تماما وقلبي يتقطع

لابتعادهما عني والله وحده يعلم متى سترجع فرح فكل من درس

في الخارج حضا بفرصة للعمل هناك ولم يرجع حتى اليوم "

تنهدت وقلت " هكذا حكمت ظروف الجميع وليس لنا إلا الرضا "





*

*




كنت متكئة على سريري انظر بهدوء للصندوق الموضوع في

وسط الغرفة , صندوق هدايا كبير ومزركش يحوي ملابس راقية

وجميلة وعطر فاخر وبعض الحلي وحتى مجموعة الاستحمام من

شركة معروفة ومشهورة ..... هدية العيد التي أرسلها الزوج المجهول

الذي لا أعرف سوى اسمه ولا يعرف سوى سمعتي الجديدة , لو افهم

سر هذا الزوج وهذا الزواج فلم يخبرني عمي سوى أنه

كان صديقا لوالدي وساعده في تجارته

يوم عيد لم يحمل لي سوى هذا الصندوق لا أخوتي لا والدي لا كل

عام وأنتي بخير يا مي من أي أحد وكأنه ليس يوم عيد وحتى عمي

مرض بالأمس ولم يتمكن اليوم من الخروج من منزله ليأتي وأراه

تنهدت بأسى على صوت رنين هاتفي بعدما فكوا الحصار عني قليلا

وأعادوا لي هاتفي بأوامر من نواس , نظرت للمتصل فكان رقما غريبا

غريب من يكون يا ترى ! لم أجب عليه فليس ينقصني سمعة سوداء

تجاهلته تماما حتى وصلتني رسالة فتحتها فكان فيها

( أجيبي عليا يا مي أنا والدة زوجك )

بقيت أنظر للأحرف بصدمة فهذا شيء لم أتوقعه ولم أفكر فيه

عاد الرقم للاتصال ففتحت الخط ووضعت الهاتف على أذني

فوصلني صوتها المتعب قائلة " كل عام وأنتي بخير يا ابنتي "

نزلت دمعتي رغما عني ولا أعلم لما ! يبدوا لأنه أول تهنئة بالعيد

جاءتني اليوم من شخص يكلمني للمرة الأولى ولم أره حياتي وليست

من أهلي الذين يسكنون معي في ذات المنزل أو لأنها صادرة من

القلب , هكذا شعرت بها أو هوا الشعور بالفقد جعلني أتخيلها هكذا

مسحت دموعي وقلت بصوت هادئ " وأنتي بخير يا خالتي

شكرا لك واعذريني من المفترض أن أكون أنا من يكلمك "

قالت بهدوء " لا عليك يا ابنتي أنا من يفترض بي زيارتكم

منذ أيام لكن حالتي الصحية لا تسمح بذلك "

قلت " بارك الله في عمرك "

قالت بعد صمت " نواس كان اليوم بطوله معي لأن الممرضة

الخاصة بي غير موجودة اليوم وتعسر علينا زيارتكم في العيد "

قلت بابتسامة " لا عليك يا خالة لا ألومه ولا ألومك ومدك الله بالعافية "

قالت من فورها " أردت أن أهنئك بنفسي وأعتذر عن تقصيرنا

معك فالأصول تبقى أصولا لكن الظروف هكذا حكمت "

قلت بابتسامة حزينة " شكرا لك يا خالة لا تعلمي كم

سرني اتصالك بي واهتمامك "

قالت بحنان " هذا واجبنا يا مي سلمي لي على عائلتك

وهنئيهم نيابة عني "

قلت بهدوء " باركك الله شكرا لك خالتي "

قالت " العفو يا ابنتي وداعا الآن "

قلت بهمس " وداعا "

أنهيت الاتصال منها وحضنت الهاتف وبكيت بحسرة على شعور

الغريب بي بينما ماتت مشاعر أهلي , قد لا تكون تعلم عن قصتي

وهذا ما أكده لي عمي أن نواس لن يخبر أحدا ومؤكد لا تعلم وإلا ما

كانت حدثتني من أساسه ولا وافقته الزواج بي , طرق أحدهم

الباب فمسحت دموعي وقلت " تفضل "

دخلت الخادمة وأغلقت الباب وأدخلت يدها في ياقة قميصها كعادتها

حين تجلب شيئا سريا وأخرجت ورقة من ثيابها ووضعتها في يدي

وخرجت بسرعة وأغلقت الباب , رسالة جديدة إذا من المجرم

المجهول قاتلي وقاتل براءتي , فتحت الورقة فكان فيها

( كل عام وأنتي بخير يا مي ....... سامحيني أرجوك )

قبضت على الورقة بقوة وبمرارة وعادت دموعي للنزول مجددا

أنت آخر من كان عليه تهنئتي بالعيد ليتك بقيت صامتا مثلهم

المشكلة أن الخادمة لا تريد قول شيء كل ما تقوله لي أنها

لا تعرفه وتراه للمرة الأولى ولكن لابد وأن يأتي يوم وأجده





****************************************************

******************************************





مسحت دمعتي واحتضنت صورتهم ودعوت الله لهم كثيرا

أن يجعل عيدهم في الجنة أفضل من كل عيد , سمعت

طرقات خفيفة على الباب فوضعت الصورة في الخزانة

وفتحت الباب فكان نزار نظر لعيناي مطولا حتى أخفضت

نظري وقلت بابتسامة صغيرة " كل عام وأنت بخير "

وصلني صوته قائلا " وأنتي بخير يا سما "

لدنا بالصمت قليلا ثم قال " لن أقول لك لا تبكي في يوم العيد يا

سما لأنه يوم فرح ولا ألومك ولكن عليك أن تكوني قوية من أجلهم

وتساعدي العدالة في تخليص باقي العائلات منهم لأن جرائمهم

لا تتوقف , أدعي لهم بالرحمة وانزلي معي فوالدتي أكلت لي

رأسي ولم ترتاح إلا حين صعدت لأطمأن عليك "

نزلت دمعتي مجددا فمسحتها وقلت " شكرا لكل ما تفعلوه من

اجلي ففي عيد الفطر كنت في القبو وحدي أبكي عائلتي في أول

عيد لي من دونهم ولا أحد ينشغل باله علي ولا أحد يتفقدني "

وضع يده على كتفي وقال " هيا انزلي إذا وعيشي عيدا أفضل من ذاك "

رفعت رأسي ونظرت له بابتسامة حزينة وقلت " شكرا لك "

ابتسم لي ونزل أمامي وأنا أتبعه حتى دخل غرفة والدته وأنا خلفه

وما أن دخلت حتى مدت لي ذراعاها قائلة " ضننت العيد سيكون

أجمل هذا العام لأن ثمة فتاة جميلة صغيرة تشاركنا فيه

لكنها سجنت نفسها بعيدا عنا "

توجهت نحوها من فوري ونمت في حضنها وقلت ببكاء

" شكرا لك يا خالة ففي العيد الماضي لم أجد هذا الحضن "

مسحت على شعري وقالت " الله لا ينساك يا سما سيعوضك إن في

الدنيا أو الآخرة فاحمديه ولا تتسخطي كي لا يضيع منك الأجر "

ابتعدت عن حضنها ومسحت دموعي وحمدت الله هامسة

ثم قبلت رأسها وقلت " كل عام وأنتي بخير "

قالت بحنان " وأنتي بخير يا سما أسعدك الله يا ابنتي وحماك "

نظرتْ جهة نزار وقالت " طبعا أحدثت فوضى

في المطبخ وتركتها لسما "

رفع يديه وقال " وما سأفعل هي من أقسمت أن لا

أنظف شيئا في المطبخ بعد حضورها "

قالت بضيق مصطنع " وأنت فرحت بذلك طبعا "

ضحك وقال " ومن يجد الراحة ويكره ذلك "

تنهدت وقالت " لو سمعت كلامي وتزوجت لارتحت منذ زمن "

لا أعلم لما أحسست أن هذا الأمر لا تستسيغه نفسي .... يتزوج حسنا

وما في الأمر كل الرجال أراهم يتزوجون والناس تفرح لهم , قفزت

في دهني فجأة الفتاة التي دخلت معه المنزل أول أمس يضحك لها

وتحمل هي أكياس الحاجيات وعادت التساؤلات لذهني مجددا

ولا أعلم لما , اقتربت من الخالة وهمست لها في أذنها

" هل تلك الفتاة التي زارتك خطيبته وسيتزوجان "

نظرت لي مطولا بابتسامة ثم قالت " لا لا شيء من هذا "

شعرت بالخجل من نظرتها وطريقة جوابها ولا أفهم لما تنتابني كل

هذه المشاعر , قال نزار " أتمنى أن لا يكون كل هذا الهمس والألغاز عني "

أحسست أن قدرا من الماء البارد انسكب فوق جسدي ثم ارتفعت

حرارتي, لو أفهم ما يجري لي فقط ! كان سؤالا غبيا ما كان عليا

أن أسأله أبدا , قالت والدته " ألا يوجد شيء غيرك نتهامس

فيه ثم ما تفعل هنا مرابط عندنا "

ضحك كثيرا ثم قال " أمي لا تبيعيني بمدللتك الجديدة

سترحل وتتركك يوما "

عادت تلك المشاعر الغريبة لاجتياحي , هل سأترك يوما هذا المنزل

الذي أشعر حقا أنه لعائلتي رغم بساطته ورغم أنهم لا يقربون لي

وأني لم آتي إلا من أيام ... لما أتعلق بهذا العالم شيئا فشيئا, قال نزار

بابتسامة " ثم ما تريدي مني أن أفعل , الجيران عايدتهم منذ وقت

عند الذبائح عوني وجابر يأتيان هنا لأجل رؤيتك ولا مدرسة اليوم

ولا عمل غيره لي هل أخرج أتجول في الشوارع لتتهامسا براحتكما "

ضحكت خالتي وقالت " يحفظك الله لي بني فعيدي من دونك لا يساوي

شيئا , فقط لأنه كل عام تقضيه مرابط عندي ولا تخرج كغيرك

من الشبان وهذا العيد سما معي وأردتك أن تتحرر من مسئولياتك "

قال بابتسامة " لا تشغلي بالك , عند العصر ستأتيك جاراتك

كعادتكم وأخرج أنا كعادتي كل عيد "

وقفت في صمت وتوجهت للمطبخ دخلت ونظرت لعالم الفوضى

المقلاة متسخة والفرن أيضا الزيت في كل مكان والصينية التي

أكلا فيها سكاكين كثيرة وكأنهم ذبحوا هنا الأواني التي كان فيها

اللحم والدماء , صدقت خالتي حين قالت أن الرجال لن يكونوا

كالنساء في أعمال المنزل مهما حاولوا, رتبت كل شيء بعد

وقت وجهد ثم فتحت الثلاجة لأخرج قالب الحلوى التي أعددتها

البارحة لأنها تحتاج لأكثر من يوم في الثلاجة وفوجئت بجزء

مقطوع منها .... آه أكثر ما أكره تقطيع الكعكة على غير

طريقتي وقبل وقتها



*

*



كنت أقلب هاتفي في صمت ووالدتي تبحث في قنوات المذياع فهي

تكره التلفاز وترى أنه مدعاة للفجور والعري ومعها حق فيما تقول

كانت تستمع لكل شيء في المذياع فقط ولم تتركني أجلب لها تلفازا

أغلقته بعد وقت وقالت " لا شيء اليوم سوى أغاني العيد "

ضحكت وقلت وعيناي على هاتفي " وما تتوقعين سيعرضون اليوم "

قالت بتذمر " أي شيء هل خلت الدنيا .. مسرحية على الأقل "

ضحكت أكثر وقلت " مسرحية في مذياع كيف ستعرفينهم من بعض "

قالت بضيق " فليعرضوها هم ولا شأن لهم بي أعرف كيف أفهمهم "

ثم تنهدت بحزن وقالت " كم أشعر بما تشعر به سما اليوم وهوا الشعور

بالفقد فحين مات والداي في ذاك الحادث كنت صغيرة مثلها وعانيت كثيرا

في أيام العيد فكيف بها هي وهم ماتوا مقتولين أمامها والمجرمين طلقاء "

قلت بهدوء " تبدوا لي سما فتاة قوية جدا رغم صغر سنها فمن

مرت بما مرت به لن تستحمل مثلها "

ثم نضرت لها وقلت " تصوري أنها كانت تسمع تهامس

الجن في ذاك القبو المظلم "

شهقت بقوة واضعة يدها على صدرها وقالت بصدمة

" تسمع الجن هناك .... سلام قول من رب رحيم "

ابتسمت وقلت " هل خفتِ وهي لم تخف "

قالت بأسى " كيف لها أن تكون بعقلها حتى الآن "

أعدت هاتفي لجيبي وقلت " أخبرتك أنها أقوى مما تتصوري "

قالت بعد صمت " هل أخبرك جابر أنه سيحضر أبنائه أم ضحك علي "

ضحكت ضحكة صغيرة وقلت " بل سيحضرهم لك بكل تأكيد "

وقفت حينها سما عند الباب وقالت واضعة يدها وسط جسدها

" من قطع من الحلوى في الثلاجة "

قلت بابتسامة " ومن غيري طبعا فوالدتي لم تغادر سريرها "

قالت بضيق " وكيف سأقطعها الآن , لن تكون كما

أريد ثم هي لم تجهز بعد "

كنت أنظر لها بصدمة وكأنها ليست سما ذاتها الخجلة مني التي

لا ترفع عيناها بي إلا نادرا , يبدوا أني ارتكبت جرما كبيرا جدا

لدرجة أن أخرجتها من قوقعة حيائها الكبير, أمسكت قفا عنقي

بيدي وقلت بإحراج " آسف لكني لم استطع مقاومة شكلها ولم

أتوقع أنه لها طريقة في التقطيع وأنها لم تجهز "

نظرت لوالدتي وقالت بحزن " أرائيتي خالتي , ما الحل الآن "

ضحكت أمي وقالت " لا حل لدينا سوا معاقبته كي لا يعيد فعلته "

قلت بصدمة " ماذا تعاقبانني .... ولماذا "

قالت سما مغادرة بتذمر " لن تجدي معاقبته لقد ضاعت الكعكة "

ضحكت والدتي بعدما غادرت وقالت

" تخجل منك في كل شيء إلا وقت الغضب "

قلت بابتسامة " وما يدريني أن هذا سيحدث أنا حقا لم أقاوم شكل الكعكة "

قالت بلوم " ولكنك المخطئ في كل الأحوال هي سهرت الليل

في إعدادها وأنت لم تأخذ حتى الإذن منها "

تنهدت وقلت " والحل الآن الفتاة تبدوا مستاءة جدا حد

أنها كسرت الحاجز الذي بنته بيننا "

قالت بضحكة " تصرف أنت في الأمر لا دخل لي "

وقفت وقلت " تستطيعين حل المشكلة لكنك تحبين توريطي دائما يا أمي "

ثم غادرت الغرفة على ابتسامتها الشامتة وتوجهت للمطبخ , كانت

تقف عند الطاولة تمسك السكين وأمامها الكعكة تحاول رسم مخطط

لتقطيعها في الهواء وتتأفف , اقتربت من الباب ووقفت أمامه وقلت

" أنا آسف حقا هل يمكنني إصلاح الأمر "

قالت بحزن " لن نستطيع أبدا تقطيعها بالطريقة الصحيحة

ولا يمكن تقديمها بغير تلك الطريقة "

دخلت واقتربت منها وأخذت السكين من يدها وأنا أقول

" لا تنسي أني خريج هندسه , أخبريني كيف تريدين شكل القطع "

أبعدت يدي وقالت " لا أرجوك لا تفسدها أكثر "

ضحكت وقلت " حسنا أنا أفسدتها في كل الأحوال

فدعيني أصلح الأمر على الأقل "

قالت مشيرة بأصبعها فوق الكعكة " أريدها هكذا قطع شكل معينات

وأن تكون حبة كرز في منتصف كل قطعة فجد حلا لها "

حككت شعري بيدي الأخرى وقلت " ستخسرين الكثير منها هكذا

لكي نصلح الأمر لأن الجهة التي قصصتُها أنا كلها ستلغى "

رمت يدها في الهواء بحركة طفولية وقالت بعبوس

" لن تكفي أحدا ولا وقت لإعادتها من جديد "

قلت بعد صمت ونظري على الكعكة " لدي فكرة نأخذ الأجزاء

التي سنستبعدها ونقطعها وحدها للأطفال "

عدّت بأصابعها ثم قالت " أريد عشر قطع سليمة منها فتصرف حالا "

ضحكت وقلت " أمري لله , ولكن إن لم أنجح ؟ "

قالت " لن نقدم منها لصديقيك طبعا إن خرجت بثماني قطع "

ضحكت وقلت " وإن كانت أقل من ثمانية "

قالت ببرود " ستبقى تلك التي أسمها دعاء طبعا بلا حصة "

نظرت لها بصدمة ثم قلت بابتسامة

" ولما هي تحديدا هل كرهتها لما قالت عنك "

لم تجب وتجنبت النظر لي ولا أعلم لما , قطعت الكعكة محاولا

إنقاذ ما يمكن إنقاذه وخرجت بتسع قطع سليمة وجيدة فأحضرت

سما الأطباق لنقلها فيها فقلت " ولكن بقي واحد ناقص "

قالت وهي تنقلهم للأطباق " من سيأتي متأخرا لن نقدم له الكعك "

ضحكت وقلت " ياله من تعيس "

نظرتْ للأرض بخجل وابتعدت تشغل نفسها بالشوك وها قد عدت

للحماقات مجددا , ليس عليا أن أعتبرها صغيرة لهذه الدرجة

نظرت للقطع التي خصصناها للأطفال وقلت

" يعني أنه لا حصة أخرى لي "

نظرت لي بصدمة فقلت ضاحكا

" طبعا لن تكون لي أي حصة كنت أمزح "

ثم قلت مغادرا المطبخ " آسف حقا يا سما على ما فعلت بكعكتك "




*

*





رتبت الكعكة في الأطباق وغطيتهم لتكون جاهزة للتقديم وبدأت

بتحضير الغداء كي يجهز باكرا فعليا تنظيف المنزل مجددا قبل

مجيء الضيوف , بعدما انتهيت خرجت من المطبخ وذهبت

لغرفة خالتي ووقفت عند الباب وقلت " هل خرج نزار "

قالت بابتسامة " قال عليا أن ابتعد عنكم كي لا أفسد

تجهيزاتكم للعيد أكثر "

نظرت للأرض بحزن وقلت " يبدوا غضب من كلامي , أنا حقا

لم أقصد جرحه لكني لا أحب أن يعبث أحد بما أصنعه "

وصلني صوتها الحنون " أبدا يا سما هوا لم يغضب منك

ومستاء حقا لأنه أفسد كعكتك "

خرجت من غرفتها وسمعت صوت باب المنزل يفتح اقتربت من

هناك وكان نزار داخلا منه فنظرت له مطولا ثم نظرت للأرض

وقلت " أنا حمقاء حقا وآسفة ما كان عليا أن اغضب من شيء

تافه كهذا , فقط أنا اعتدت أن لا يلمس أحد ما أصنعه

حتى ينتهي لكني غبية و.... "

قاطعني قائلا " لا تعتذري يا سما أنتي لم تخطئي "

ثم أدخل يده في جيبه وأخرجها مدها لي مفتوحة وفيها سلسالا

فضيا يحوي زهرة حمراء صغيرة وقال بابتسامة

" هذا اعتذار مني لك "

ثم ضحك وقال " ولن آكل من كعكتك مرة أخرى

حتى تعطيها لي بنفسك "

لم اعرف ما أقول بقيت انظر لعيناه بحيرة وصمت ثم هززت

رأسي بلا فقال بحيرة " ألن تقبلي اعتذاري "

قلت بهدوء " بل لن أقبلها مادمت لن تأخذ من كعكي إلا بأذني "

قال مبتسما " حسنا لن آخذ من الكعك الذي فوقه كرز والباقي آخذه "

ضحكت ضحكة صغيرة غلبتني فمد يده أكثر وقال

" هيا اقبليها مني لأتأكد أنك لست غاضبة "

مددت يدي له فوضعها فيها وقلت ونظري أرضاً

" شكرا لك "

قال بهدوء " ليس سوا سلسال بسيط أمام خطئي "

ثم قال وهوا يتجه للسلالم " سأنام قليلا أيقظيني عند الغداء "

تبعته بنظري حتى ابتعد ثم نظرت للسلسال في يدي , كان والدي

يشتري لي الحلي وكنت أحبهم كثيرا رغم أنه لا يسمح لنا بالخروج

بهم لكن هذه أراها مختلفة رغم أنها ليست من الذهب كتلك , أطبقت

يدي عليها وضممتها لصدري ولا أعرف لما أيضا وكم كثرت الأمور

المبهمة عندي , توجهت لغرفة والدته ودخلت وفتحت يدي لها

وقلت وأنا أقترب منها " أنظري خالتي لم يغضب مني

بل جلب لي سلسالا كاعتذار "

رفعته من كف يدي وقالت وهي تنظر له بتفحص

" جميل يا سما و عرف نزار أخيرا عند من يضعه "

نظرت لها بحيرة فقالت مبتسمة " هيا دعيني أساعدك في إغلاقه "

جلست أمامها عند السرير ورفعت جديلتي فلفته حول عنقي

وأغلقته ثم قالت " لا تنزعيه أبدا يا سما عديني بذلك "

التفت لها وقلت " أعدك ولكن لما وما قصة هذا السلسال "

تنهدت وقالت " قصته جرح قديم كنت أنتظر أن يتخلص

نزار من بقاياه وها هوا تخلص منه أخيرا "

بقيت أنظر لها باستغراب ثم قلت " هل يخص فتاة أخرى "

ضحكت وقالت " سما لا تحاولي تفسير كل شيء هوا لا يخص

فتاة أخرى ولم يخرج من عند نزار إلا اليوم ومنذ أعوام لأنه

كان سيهديه لخطيبته في عيد ميلادها ولم يحدث "

نظرت للزهرة في عنقي ثم لها وقلت " هل كانت له خطيبة "

تنهدت وقالت " نعم ولم تعرف قيمته وأضاعته من يديها "

قلت بهدوء وعيناي في عينيها " ولكني هكذا سأذكّره بها أليس كذلك "

هزت رأسها بلا دون كلام فابتسمت لها ولذت بالصمت لأني

تماديت في التدخل فيما لا يعنيني ولكني حقا أريد معرفة لما تركته

ولما احتفظ بالسلسال ولما أعطاه لي وليس لدعاء أو غيرها ولما

خرج من المنزل ليجلبه هل لأضن أنه أحضره من الخارج

ووالدته أفسدت كل شيء !!

أخرجني من أفكاري صوتها قائلة وهي تمسح على شعري

" لا تنزعيه من رقبتك يا سما فنزار لا يعنيه أمرها وإلا ما كان

أعطاه لك فلا تضني أنه يريد تذكرها بك , هوا يحترمك حقا

ويعد نفسه مسئولا عنك "

ابتسمت لها وغادرت الغرفة أنهي تجهيز الغداء وترتيب باقي

المنزل وعندما أصبح الغداء جاهزا صعدت لغرفته وطرقت الباب

عدة مرات ولم يجب فطرقت بقوة أكبر فوصلني صوته غليظا من

أثر النوم " استيقظت يا سما وسأنزل حالا "

نزلت وبعد قليل سمعت خطواته ينزل من الأعلى فخرجت من

المطبخ وقلت " علينا إدخال طاولة الطعام , الغداء جاهز "

توجه من فوره نحوها قائلا " حسنا هيا لندخلها معا "

أدخلناها وأنا منذ نزوله أركز على نظره إن نظر للسلسال ولكنه لم

يهتم له ويبدوا كما قالت والدته لم يعد يعنيه أمرها ولكن لما أعطاه لي !!

تناولنا الغداء سويا وخرج نزار وبعد العصر جاءت جارات والدته

وقدمتني لهم على أني قريبة زوجها وكن لطيفات وبشوشات وأعجبهم

كعكي والعصير أيضا وكلهن طلبن مني طريقة إعداده , بعد وقت

طرق أحدهم باب المنزل فتوجهت له وفتحته فكانت دعاء

سلمت عليا ودخلتْ وأغلقت أنا الباب خلفها ودخلت, جلسنا مع

البقية ولم أجلب لها من كعكي , لا اعلم لما ربما لأنها قالت لا تحب

الحلويات , بل أحضرت لها العصير وشطائر مملحة مع اللحم هي

والبقية وقالت إحداهن مبتسمة " ها قد وجدتِ لابنك نزار زوجة

جميلة وربة منزل فقومي بواجبك وأقنعيه "

أحسست حينها بكم هائل من الخجل مما قالت فلم أفكر للحظة أن

يكون تفكير الناس بي أن أكون زوجة له وما هي الزوجة وما دورها

في حياته غير رباط يربطه بها وأبناء , قالت دعاء بابتسامة ونبرة

لم أفمها " نزار لا يرى الارتباط بالصغيرات في السن أمر عقلاني وقالها

مرارا فهوا يعترض على زواج القاصرات فيستحيل أن يطاوعها "

لو أعلم ما الذي ترمي إليه وتفكر فيه ؟ هل تخشى حقا أن تقنعه والدته

بالزواج بي ؟ لكن كلام المرأة كان مجرد مزحة ولا أعتقد أن أي منهم

أخده على محمل الجد , غيرت خالتي الموضوع من فورها وكأنها

تعمدت ذلك ولا أفهم شيء مما يجري هنا ومر بعدها الوقت حتى

غادر كل الضيوف ولم تبقى سوى دعاء, كنت أشعر بالنعاس من

شدة التعب وسأنام مكاني وهذه لا تفكر في المغادرة على ما

يبدوا حتى قالت خالتي" سما بنيتي أنتي تعبتِ كثيرا

اليوم اصعدي لغرفتك وارتاحي ونامي "

قلت بابتسامة " لا باس خالتي قد تحتاجون شيئا "

قالت دعاء ببرود " لست غريبة وأحفظ المنزل كاسمي

يمكنك أن تنامي وترتاحي "

وقفت مستاءة من لهجتها معي فوقف حينها نزار عند الباب بعد

دخوله من الخارج فهوا لم يرجع منذ الغداء , ألقى التحية وقال

مبتسما " كيف حالك يا دعاء وكل عام وأنتي بخير "

أجابته بابتسامة " وأنت بخير "

نظر لي وقال " صديقي وأبنائه سيكونون هنا غدا قد يأتي

باكرا وقد يأتي بعد غد حسب ظروفه "

هززت رأسي بحسنا دون كلام فغادر من فوره وصعد للأعلى

ووقفت حينها دعاء وقالت " يبدوا لن تنامي قبل أن أذهب

لن أتعبك أكثر من هذا "

ثم ألقت علينا التحية وغادرت , نظرت لخالتي وقلت باستغراب

" لماذا غضبت مني هل أخطأت في شيء "

ضحكت وقالت " لا لم تخطئي ولكن لا شيء يطرها للبقاء أكثر "

ابتسمت وقلت " لم أفهم "

قالت مبادلة لي الابتسامة " من الأفضل للإنسان أن لا يفهم

كل شيء, هيا اصعدي لغرفتك وارتاحي "

وقفت بالقرب منها وقلت " هل تريدين شيئا قبل أن أصعد "

قالت بحب " لا بنيتي أطفئي النور فقط "

ابتسمت لها وتوجهت لمفتاح النور أطفأته وقلت " تصبحين على خير "

وصلني صوتها قائلة " وأنتي بخير يا ابنتي "

صعدت بعدها السلالم وفوجئت بنزار يقف في الأعلى ينتظرني







****************************************************

******************************************





حينما طلب من أمجد أن يساعد شقيقتاه بركوب السيارة ويتركونا وحدنا

علمت أنه سيفتح موضوع الزواج مجددا وقد يجرجرني من شعري

هذه المرة ليأخذني معه رغما عني , بقينا ننظر لبعضنا بصمت ثم قال

" كيف كانت رحلة بحثك عن العمل , يبدوا لم توفقي في إيجاده "

نظرت له بصدمة وقلت " هل تراقبني يا سيادة المحقق "

قال بابتسامة جانبية " وأعرف متى تنامي ومتى تستيقظي "

قلت بسخرية " نعم فلا شيء ورائك غيري فكل المجرمين في

السجون وكل القضايا محلولة ولم يعد يموت أحد "

تغيرت ملامحه ويبدوا من حماقتي أهنته كثيرا , قال بحدة

" ليس أنتي من يعلمني حدود مهنتي يا أرجوان وليس

من مصلحتك أن أضعك في دماغي "

قلت بضيق " ولما تضعني في دماغك بما أذيتك أنا "

تنفس بقوة حتى كدت أشعر بحريق أنفاسه الغاضبة وهوا

يحاول تهدئة نفسه ثم قال بجدية " أريد جوابا واضحا هل

تعنيك مصلحة الأطفال وتريدي أن تكوني معهم أم لا "

قلت من فوري " بالطبع أهتم لمصلحتهم والسؤال الثاني لا

يحتاج أن أجيبك عنه لأنك تعرف جوابه "

قال مباشرة " ولما العناد إذا "

قلت بهدوء لأني بالحدة لن أكسب شيئا " أن أخاف على مصلحتهم

وأحبهم وأريدهم شيء وأن تجعلوا مني حاسوبا تُدخلون لها

البرنامج الذي تريدونه لأطبقه عليهم شيء آخر فهل ستتركني

أربيهم على طريقتي ولن يتدخل أحد بي وبهم "

قال ببرود " لا تنسي أني والدهم ومن في القصر عائلتهم

كيف لا يتدخل أحد اشرحي لي هذه النقطة "

قلت بذات هدوئي " والدهم على العين والرأس تأمرهم تنهاهم

توبخهم إن أخطئوا أما البقية لا دخل لهم بهم "

قال بابتسامة جانبية " لما لا تتكلمي بوضوح "

قلت بجدية " تعلم ما أعني وعليا أن أكون واضحة معك أن تتزوجني

كمربية لأبنائك شيء قد تقبله نفسي لأني أساسا كنت مكرسة كل حياتي

لأجلهم قبل أن تظهر أنت وكنت قد رفعت فكرة الزواج من أساسها من

أجلهم لكن أن تقوموا بانتقادي وخصوصا أمامهم وتجعلوني كجهاز

التحكم الذي تحركون به الأبناء كيف تشاءون هذا أمر لا

أحد يقبله ولا حتى أنت لنفسك "

تنهد وقال " أمي من ربتنا وأفنت شبابها من أجلنا وواجهت الرجال

في أموال والدي وتجارته من أجل أن تضمن مستقبلنا فهل نكافئها أن

نقول لها أبنائنا ولا دخل لك بهم أنتي لا تعرفين كيف تربين الأطفال "

قلت من فوري " إذا تجعل حدا بيني وبينها "

بقي ينظر لي بصمت وأضنه من الذكاء أن يفهم لما كنت

أرمي ثم قال " وبنود هذا الحد "

قلت من فوري " مكانة لي مثلها هناك "

تبث نظره على عيناي دون كلام فقلت " عليها أن لا تعاملني كخادمة

لديكم بل كزوجة لابنها وأم لأبنائه تتناقش معك ومعي فيما لا يعجبها

ولا ترميني بكلامها أمامهم وكأني أعمل لديها وأضنك تذكر جيدا ما حدث "

قال بجدية " وإن أخبرتك أنها غير راضية عن زواجي بك من أساسه "

صدمت لكلامه ليس لأني لم أتوقع أن ترفضني والدته لكن أن يقولها لي

الآن وما يريد بهذا , أنا لست ندا لمواجهة هذا الرجل أعترف بهذا

تابع قائلا " أنا رجل ملتزم بعملي وليس عملا سهلا , أرجع آخر النهار

رأسي لحظة وينفجر فأجد مشاكل الأبناء ووالدتي أمامي ولا أريد أن

أجد ثلاثتكم بمشاكلكم تنتظرونني , جدي حلا لهذه النقطة

وستضعين لنفسك بنفسك المكانة التي تريدي "

قلت بصدمة " ما تعني بهذا هل تتركني وحدي لمواجهتها

دون من أستند به !! "

قال ببرود " والدتي لن أقول أنها خط احمر في حياتي

ولكني أحترمها أكثر مما تتخيلي "

قلت بجدية " هل أفهم صمتك يومها عن إهانتي أمام الأطفال احتراما "

قال باختصار " نعم "

قلت بسخرية " يعني لن تحترمني أنا كزوجة أمامها "

قال بهدوء ممزوج بالضيق " أرجوان أنا قلت كلاماً واضحاً

وأضنك أذكى من أن لا تفهميه , لا أريد أن أدخل في مشاكلكم

هذا ما أطلبه منك في كل هذا الزواج "

قلت ببرود " ولا حتى أن تقف معها ضدي هل أنت متأكد

أنك لن تتدخل حتى لو طلبت منك هي هذا "

قال من فوره " إلا فيما أرى أنا أنه صحيح ويصب في مصلحة الجميع "

قلت " ومعي نفس الشيء أم لا "

قال بجدية " ومعك نفس الشيء إن رأيت رأيك صواباً "

بقيت أنظر له بصمت فقال " هل ننتهي من هذه

المسألة التي أصبحت لعب أطفال "

شعرت بالأبخرة تتصاعد من دماغي , هل يرى هذا الموضوع

الحساس لعب أطفال ! هل يستهين بالأمر لهذه الدرجة , كنت

سأصرخ به ولكني هدأت نفسي فعليا إنهاء المسألة كما أريد

قلت " وهل ترى إجباري على الزواج بك أمر لائق "

تأفف وقال " هل سنعود لنقطة البداية بعدما اجتزنا كل هذه المسافة "

قلت بجدية " نعم لأنها النقطة الأهم في الموضوع فكيف أثق في

باقي كلامك وأساس الموضوع إجبار "

قال بنفاذ صبر " والمطلوب "

قلت من فوري " تطلب رأي في الزواج بك وتتقبل

رفضي إن رفضت "

قال بضيق " لا أعلم كيف تفكرين يا أرجوان تحبين الأبناء وترين

أنهم بحاجة لك وتتحججي وكأنك تناقضين نفسك "

قلت ببرود " أنا في النهاية إنسانة ويحق لي أن تحترمني "

قال متوجها ناحية الباب " إذا أنتظر جوابك "

ثم خرج وأغلق الباب خلفه فجلست على الأريكة بل انهرت عليها

كيف أعيش مع هذا الوحش وأعاشره ووالدته التي لم تدخل خط الحرب

حتى الآن , لا ويريد أن يخرج نفسه من خط المواجهة ويتركني وهي

وحدنا , لا يكسرني شيء سوى هؤلاء الأبرياء الذين يحتاجون لي في

حياتهم هناك أكثر من دراستهم وكل ما أخشاه أن يخبرهم أنه طلب مني

العيش معهم هناك للأبد وأني رفضت , لا أريد أن يأخذوا عني

تلك الفكرة... آه يا رب ساعدني في هذا

وقفت بعدها وصعدت لغرفتي ورأسي بدأ يؤلمني من مواجهة هذا

المخيف , على الأقل تعلّم أنه لن يأخذ شيء مني بالإجبار لتكون

هذه النقطة حدا في حياتنا إن وافقت على الزواج به , أحسست بألم

رأسي ازداد من هذه الفكرة فأمسكته بيداي صاعدة للأعلى , كيف

سيكون التطبيق هناك أجزم أنها ستكون نهايتك يا أرجوان





*

*





خرجت من عندها وركبت السيارة ضاربا الباب خلفي بقوة

لأجد بكاء ترف ينتظرني مزلزلا المكان فقلت بضيق

" ما الذي يبكيك يا ترف "

قالت ببكاء " بيسان ضربتني على عيني "

قلت بحدة " بيسان ظننتك كبرتِ "

قالت من فورها " لم أضربها كان بالخطأ "

قالت ترف " بل ضربتني "

قالت " أنتي لديك نافذتك هناك لما تأتين لنافذتي , أردت

إبعادك لأرى ولم أضربك "

قالت ترف ببكاء " لا سيارات من هنا , الطريق من جهتك "

تأففت وقلت " انتهى الأمر سنتحرك بالسيارة وتصبح السيارات

جهتك أيضا فأنهيا هذا الجدال لا ينقصني أنتما "

ثم انطلقت عائدا بهم للقصر وكل واحدة منهما ملتصقة بنافذة

تغني وأمجد جالس بجواري وهادئ تماما , لا أعلم متى ستكبران

وتصبحان مثله رغم أني أجزم أنهما لن تعقلا أبدا فيبدوا أن تلك

الفتاة وحدها من يمكنها السيطرة عليهما, كل ما أخشاه أن أجلب

لنفسي المزيد من المشاكل بزواجي بها لكني أراها أذكى من أن

تتصرف بغباء كحسناء سابقاً , إن خلصتني من مشاكل والدتي

والأولاد ستكون أسدت لي أعظم معروف لكن إن تأزم الأمر أكثر

فسأصبح في ورطة أكبر ولولا ذاك السبب ما تزوجتها كغيرها وعلى

والدتي أن تقتنع أنه سبب منطقي وسيخلصنا من مشاكل محتّمة

مستقبلا سواء تزوجت بغيرها أم لا , كان عليا إيضاح حدودي

في المشاكل بينها وبين والدتي كي لا أكون في حسناء جديدة هي

أمك قالت وفعلت وأمي زوجتك قالت وفعلت وإن وقفت مع

إحداهما مرّرت الأخرى يومي وهذا بات واضحا لأرجوان الآن

وبقي والدتي , المهم عندي مصلحة الأبناء وهما الاثنتان تجدا

لنفسيهما حلا فأرجوان كلامها واضح وتفهم جيدا أن حدود

علاقتنا هي الأولاد وغيره سيكون حسب مزاج كلينا ولكنها

وعلى ما يبدوا لا تعلم أن مزاجي ليس عند مربية فقط فنحن

لا نلعب , أخرجني من أفكاري صوت بيسان قائلة

" بابا لما لا ننام مع ماما مرة واحدة فقط "

قلت ببرود " ستأتي هي لتنام معكم "

قالت بصدمة " حقا !! "

قلت " نعم وللأبد "

نظر لي أمجد بصدمة وعم الصمت منهم للحظة ثم صرخوا

ثلاثتهم بمرح مزلزلين السيارة فقلت بحدة " يكفي صراخ "

سكتوا فورا وقالت ترف " هل حقا ستعيش معنا للأبد "

ابتسمت بمكر وقلت " نعم إن هي وافقت "

قال أمجد " ماما تحبنا وتريدنا فلن ترفض "

قلت " قد ترفض فالخيار لها "

قالت بيسان " مستحيل ماما لن ترفض "

قالت ترف بحيرة " هل اكتشفتَ أنها ابنتك أيضا "

ضحكت ضحكة عالية على نظراتهم الحائرة ثم قلت

" لا هي ليست ابنتي وانتهى الحديث في الأمر سأتصل

لكم بها بنفسي غدا لتعرفوا إن وافقت أم لا "

دخلنا حينها القصر وأنزلوا الحراس الفتاتان وبقي أمجد

ونظر لي وقال " هل ستتزوج من ماما "

كان عليا أن أتوقع هذا السؤال منه فأمجد ليس طفلا درجة أن

يفوته هذا , صحيح أنه في الثامنة لكنه أذكى من أن لا يفهم الأمر

قلت " نعم ولا تُفهم شقيقتاك الأمر كما تفهمه أنت مفهوم "

قال بابتسامة رضا لِما علم " مفهوم بابا "

ثم نزل من السيارة وغادرت القصر عائدا لمكتبي , اليوم بحكم

أنه عيد المكان شبه خالي إلا من القليل منهم لأنه لا أسوء منا

نحن الأجهزة الأمنية إلا الأطباء فكلانا لا يعترف العيد بنا





*

*





منذ أن دخلت لغرفتي وأنا أتقلب يمينا ويسارا على السرير أطمع

أن أنام في أبعد وقت ينام الإنسان فيه , أنا حقا حائرة ولا أعلم ما

سأفعل إن رفضت سألوم نفسي عن أي شيء سيصيب الأولاد ويفسد

مستقبلهم ومؤكد لن يدعني أراهم بعد اليوم لأني فرطت في الفرصة

التي ستجعلني معهم دائما وإن وافقت سأكون كمن دخل الجحيم بقدميه

زوج لا أعرف من أي كوكب جاء صخرة باردة ومتعجرفة وذكي بشكل

مخيف لا يفوته شيء يقرأ حتى نظرات العينين ووالدته لو كتبت فيها

مجلدات لن أصفها ولن أوفيها حقها , شقيقة غائبة حتى الآن عن

ساحة الحرب والله أعلم ما يخبئون أيضا من مفاجأات , جلست

ورميت اللحاف من فوقي ولففت شعري للخلف كعكة وأمسكته

بمشبك شعر ثم أمسكت بهاتفي واتصلت بسوسن ففتحت الخط

من فورها فقلت وأنا أتوجه للخزانة " مرحبا سوسن "

قالت بقلق " مرحبا أرجوان ما بك تتصلين ونحن كنا معا

منذ قليل ... هل حدث معك مكروه "

تنهدت وقلت " أريد أن أراك الآن هل أنتي منشغلة بشيء "

قالت من فورها " لا .... لقد حممت الأولاد وناموا فهذا وقت

نومهم وحامد غادر لزيارة صديق له في المدينة المجاورة "

قلت وأنا أخرج ثيابي وأرميها على السرير " إذا أغير ثيابي وأكون عندك "

قالت " حسنا وأنا أنتظرك "

خرجت بعد قليل من المنزل وتوجهت لمنزلها وصلت وطرقت الباب

ففتحت لي بسرعة وقالت " ادخلي هيا يبدوا أمرا خطيرا ورائك "

دخلت أتبعها في صمت فقالت ضاحكة

" أقسم أن ذاك الضخم الوسيم وراء هذه الزيارة "

تنهدت وقلت بضيق وأنا أجلس على أريكة الصالة

" سوسن لا تجعليني أغادر غاضبة منك ومن نفسي لأني أتيت "

جلست وقالت ضاحكة " لا أرجوك كله إلا أن تغضبي مني

هل أحضر شيئا نتسلى به "

قلت من فوري " لا أريد شيئا أكلنا اليوم فوق طاقتنا "

قالت بابتسامة " معك حق فأبناء خطيبك أطعموك

نصف حصصهم في الحديقة "

نظرت لها بضيق فقالت ضاحكة

" عليك أن تقتنعي يا أرجوان هذا الزواج لا مفر لك منه "

تأففت وقلت " لقد تحدث معي حين جاء لأخذهم "

نظرت لملامحي مطولا بصمت وكأنها تنتظر أن أتابع حديثي

فنظرت ليداي في حجري وقلت " قال أنه عليا أن أواجه والدته

وحدي ولا أدخله في أي مشكلة بيننا وكأني أنا من عرضت

عليه الزواج وهوا يضع الشروط "

انطلقت منها ضحكة عالية فقلت بضيق

" سوسن أنا لم القي عليك نكتة "

أمسكت فمها لتكتم ضحكتها وقالت

" آسفة يا أرجوان لكن الأمر مضحك حقا "

تنهدت وقلت بحزن " هل تري حالي وما ألت إليه "

قالت بهدوء " هوا أيضا يبدوا محاصرا من والدته "

نظرت للأرض بشرود وقلت " أجل وأنا فهمت ذلك من كلامه

هوا لا يريد إغضابها منه ويحترم تضحيتها لأجلهم وتربيتها لهم لكن

هذا لا يعطيه الأحقية أن يتركها تتحكم في كل شيء يخص حياة أطفاله "

قالت بجدية " كان بإمكانه أن يقول لك أمي ما تريده سيكون لكنه

حقا مقتنع أنها مخطئة في بعض الأمور "

نظرت لها وقلت بضيق " وما ذنبي أنا يضعني في وجه مدفعها

أتلقى منها القذائف لأنقد أبنائه ولم يفكر بي أبدا "

قالت بعد صمت " أرجوان هي حرب قوية وعنيفة أتفق معك

في ذلك لكن إن كسبتها ستفوزين بكل شيء وأولهم ذاك الأسطوري "

تأففت وقلت " لو أعلم ما الذي يجعلك تتغزلين فيه هكذا وبأي عين ترينه "

ضحكت وقالت " لا تكوني تغارين عليه "

نظرت لها بحدة فقالت بدفاع ملوحة بيدها أمامي و تكتم

ضحكتها " امزح أمزح لا تقتليني "

نظرت للجانب الآخر ولدت بالصمت فقالت

" وما قررتِ بشأن كل هذا "

عدت بنظري أماما ونظرت للأرض وقلت بحيرة

" لا أعلم يا سوسن أنا حقا في مأزق إن رفضته سأكون ظالمة في

حق قلبي الذي يحب أبنائه بجنون وفي حقهم هم لأنهم يحتاجونني

بشدة وإن وافقت سأرمي بنفسي للمجهول الذي قد يطول بي

لسنين وأنتهي نهاية والدتهم المؤسفة "

قالت بهدوء " وهل ترك لك مجال للرفض , هوا يجبرك إجبارا "

نظرت لها وقلت " بل ترك الخيار لي نهاية حديثنا "

شهقت بصدمة وقالت بابتسامة واسعة " حقا فعل ذلك !! كيف أقنعته "

قلت بابتسامة سخرية " حاصرته في مربع شخصيته ونجح الأمر "

ضحكت وقالت " أرجوان أمازلتِ تذكرين ما قرأته في تلك الكتب "

ضحكت ضحكة صغيرة غلبتني وقلت " ضننت أني نسيت ما قرءنا

من تخاريف لكن يبدوا أنه حين تجدين نفسك في مأزق يخرج

عقلك بالمعجزات ووجدت كل شيء أمامي حينها "

قالت بابتسامة " إذا لن تعجزي عن شيء "

تنهدت وقلت " أجزم أنها محض مصادفة ولست ندا له يا سوسن هوا

رئيس محققين وعاش تجربة زواج سابقة فلن ينجح الأمر أبدا "

قالت بضيق " أرجوان يا غبية أنتي استطعتِ تربية ثلاث أطفال تربية

لم أربها أنا لأبنائي اللذين من رحمي , كيف تعجزين أمام والدهم "

لوحت بيدي بلامبالاة وقلت" هوا لن يتزوجني إلا

من أجل أبنائه وقالها علانية "

قالت ببرود " هل تريدي إقناعي أنه سيتزوجك حبر على ورق فقط

لتربي الأبناء , ستكونين واهمة إن فكرتي هكذا يا صديقتي "

نظرت لها بصدمة وقلت " ماذا تعني بهذاَ!!"

قالت بابتسامة ماكرة " اعني ما فهمته يا ذكية فليس هناك

زوج لديه زوجة لتربي أبنائه فقط "

قلت والصدمة لم تفارقني " لا .... ذلك مستحيل , لن نكون

زوجان فعليان فسوف أجن إن اقترب مني "

ضحكت وقالت " أرجوان لم أكتشف أنك حمقاء إلا الآن , لا يخدعك

عقلك ولا تخدعك شعاراته فلا يوجد رجل يقاوم امرأة تحل له "

هززت رأسي بقوة وقلت " مستحيل أنا لم أفكر في هذا "

رفعت كتفيها وقالت " سترين بنفسك وسيأتيك كلامي يوما "

وقفت وقلت " إذا سأرفضه لا حل أمامي "

وقفت معي وقالت " وأبنائه ... أو أبنائك يا أرجوان فأنتِ

الأحق بهم من الجميع وحتى والدته تلك "

قلت بأسى " وكيف أنظر لشيء إيجابي واحد في الأمر

واترك كل السلبيات المتراكمة ... كيف !!! "

قالت بهدوء " صحيح أنه أمر إيجابي واحد ولكنه يساوي

كل تلك السلبيات ويفوتها يا صديقتي "

توجهت جهة الباب لأغادر فأوقفني صوتها قائلة " لا تعانديه

يا أرجوان ولا تتحديه فلستِ ندا له ولا تخسريه

من صفك منذ الآن , تذكري هذا دائما "

قلت مغادرة دون أن التفت إليها " شكرا لك يا

سوسن واعذريني على الإزعاج "

ثم خرجت من منزلها وعدت أدراجي لمنزلي أسوأ مما

خرجت منه لتمر عليا الليلة عيناي مفتوحتان لم تغمضا أبدا




*

*





" أجل هكذا يا بتول ستضعين الفعل الماضي هنا "

قلت بامتنان " كم أنا ممتنة لك يا رجاء لقد ساعدتني كثيرا "

قالت بابتسامة " لا تشكريني يا بتول هذا أمر سهل بالنسبة لي "

قلت مبادلة لها الابتسامة " لكنه صعب عندي , لا أعلم من

دونك كيف كنت سأفعل فوالدتي ترفض أن يحضر لي والدي

معلمة خصوصية ووالدي يرفض المعلمين وبقيت بينهم كالكرة "

قالت " عليك أن تجدي لك حلا غيري فالأطفال منذ حضرت اليوم

وهم يتحدثون عن أن أمهم ستأتي للعيش معهم هنا "

قلت بحيرة " ولكن أمهم ميتة !! "

قالت بابتسامة " يبدوا أنها تلك الفتاة التي زارتهم قبل العيد "

قلت " آه أجل تلك التي ربتهم ولكن ما الذي سيأتي بها "

رفعت كتفيها وقالت " الأولاد يقولون أن والدهم أخبرهم

أنها ستأتي للعيش معهم وللأبد "

ضحكت ضحكة صغيرة ورقيقة وقلت

" تلك الفتاة اصطادته على ما يبدوا وسيتزوجها "

قالت بابتسامة " يبدوا ذلك "

ضربتها على رأسها بالكتاب ضربة خفيفة وقلت

" غبية لما لم تستحوذي أنتي عليه وتركته لغيرك "

ضحكت وقالت " بتول بربك والدهم لم يدخل علينا هنا مرة إلا

ووبخني وصرخ بي لأنه لا يدخل إلا في أسوء الموافق

كيف سأرمي بشباكي عليه "

رميت بيدي في هواء وأملت خصري وقلت

" غبية وهل هناك من يقاوم سحر النساء لكنك لم تجربي فقط "

قالت بصوت منخفض لأن الأطفال يلعبون هنا في نفس الغرفة

" صحيح أنه وسيم ولديه شخصية قوية مبهرة ومركز مرموق

لكني أراه لا يعير النساء اهتماما ولن يتزوج بتلك إلا من أجل الأبناء

أنا لا أريد زوجا يتزوجني كمربية , ليس ثمة امرأة تريد حياة كهذه "

قلت ببرود " لن يجدي الكلام الآن فقد ضاعت منك الفرصة لكنا

خططنا سويا لإيقاعه بغرامك "

ضحكت وقالت " لم أعرفك مخططة حربية لكنا جربنا شقيقه

معتصم فيبدوا مختلفا عنه "

قلت باشمئزاز " يع معتصم !! ماذا تفعلين بذاك المتعجرف الثقيل الدم "

قالت بضحكة " لو كان أكبر مني لجربت فيبدوا الوحيد المختلف هنا "

وقفت وقلت " غبية تتركين الأعلى وتنظرين للأسفل "

ثم نظرت جهة الأطفال وقلت " هيا نخرج للشرفة "

قفزوا فرحا فالوقوف في الشرفة بالنسبة لهم كالخروج للتنزه

هي فرصتنا فلو كانت جدتهم موجودة لن نستطيع فعل هذا

وقفت المربية وقالت وهي تنظر لهم " كم سأشتاق لهؤلاء الأطفال

ففي كل سنوات عملي كمربية لم ألتقي من هم في أدبهم وتربيتهم

لا يكذبون ولا يتهمونني فيما يفعلونه ولا يتلفظون بشتائم أو

كلمات سيئة , كم هم رائعون هؤلاء الأطفال "

قلت بابتسامة " معك حق فكم مرة قالت لي إحدى الفتاتان أنظري

لشقيقك مصعب ما يقول ومصعب طبعا تعلم مني كل أنواع الشتائم "

ضحكت وقالت " حتى أنا إن شتمت أحدهم قالوا لي سنخبر

ماما وستغضب منك "

قلت متوجهة جهة الشرفة " يالا الأطفال ومخيلتهم "

خرجت وهم يتبعوني ثم نظرت لهم وقلت محذرة بإصبعي السبابة

" لا أحد يصعد على حافة الشرفة غيري مفهوم أو أدخلتكم "

قالوا معا " مفهووووم "

وقفوا ينظرون للخارج من الفتحات السفلية ويتحدثون عن كل ما

يروه فصعدت أنا بقدماي على أولى حواف الشرفة ورفعت يداي

جانبا وقلت " انظروا الآن سأطير "

صفقوا لي يضحكون فشعرت بيدان تمسكانني وتدفعاني للأمام فصرخت

مذعورة " لاااااا رجاء ابتعدي عني ولا تمزحي معي في هذا "

ولكن اليدان تزيدان من دفعي وأنا أصرخ مستنجدة لأني لحظات

وسأسقط من الشرفة , كنت أترجاها أن لا تفعل ولكنها لا تأبه لي

والأطفال يصرخون ويضحكون علي وكان ثمة حارسان في الأسفل

ينظران لنا في الأعلى فأشار أحدهما بإبهامه مبتسما للواقف خلفي

وكأنه يشجعه على ما يفعل , غريب من أين يعرف رجاء ويفعل لها

هذه الحركة !! طار حينها وشاحي من على رأسي لأني كنت ألفه

دون دبوس وانفك شعري في الريح , شعري ليس كثيفا لكنه

طويل نسبيا وناعم ولونه بني فاتح , عندما أصبح شعري

متناثرا في الريح التفت تلك اليدان حول خصري واحتضنتني

واستدارت بي سريعا للجهة الأخرى للشرفة بعيدا عن أنظار

الحرس والمنازل البعيدة , أنزلت رأسي ونظرت لليدين المحتضنة

لي وكانت لرجل فعرفت صاحبها من الخاتم الفضي في إصبعه

فضربته للخلف بمرفقي وقلت" اتركني .... أنزلني الآن يا

معتصم يا مجرم كدت تقتلني "

وصلني صوته ضاحكا " الستِ تريدين الطيران "

ضربته بقبضة يدي على يديه وقلت

" أتركني الآن واستحي قليلا ما هذا الذي تفعله "

افلتني من قبضة يديه لأصبح على الأرض فالتفت له وقلت

بحدة " مجنون هل تريد قتلي لترتاح مني "

ابتسم متجاهلا كل ما أقول ومد يده وخلل أصابعه في شعري

ورماه في الهواء بحركة سريعة وقال ونظره عليه

" متى أصبح شعرك طويلا هكذا كلسانك "

ثم عاد وغرس أصابعه في شعري مجددا فرميت بيده بعيدا

عني وقلت بغيض " كيف تسمح لنفسك أن تلعب بشعري

هكذا وتبقى وأنا دون حجاب "

أمسك خصلة من شعري وشدها إليه وقال من بين أسنانه

" لا تتحدثي مع الحراس مجددا يا بتول مفهوم "

قلت بتألم وأنا أبعد وجهي عنه وشعري في يده

" لا شأن لك بي أنا لم أتحدث معهم في شيء سيء "

شد خصلتي أكثر حتى بات وجهي يكاد يلتصق بوجهه

وأنفاسه تضرب خدي بقوة وقال بصوت منخفض

" إن وقفتي مع أحدهم مرة أخرى ... "

أدخل حينها يده في جيبه وأخرج شيئا مستطيلا وضغطه فخرج

منه نصل سكين حاد وتابع وهوا يقربه من وجهي

" قطعت لك لسانك بهذا يا بتول "

نظرت للسكين بصدمة وهوا يقربه من وجهي أكثر فأغمضت

عيناي بشدة من الخوف وما هي إلا لحظات وانفكت خصلة

شعري من يده وابتعد رأسي عنه بحركة تلقائية ففتحت عيناي

ونظرت له فكان يمسك تلك الخصلة في يده ويبتسم بمكر فوضعت

يدي في شعري وقلت بصدمة " قصصتَ شعري يا معتصم "

قال مغادرا وهوا يلعب بها في يده

" كي لا تعيدي فعلتك مجددا ففي المرة القادمة سأقصه كله "

وغادر الشرفة والغرفة أيضا على نظراتي المصدومة التي تحولت

من فورها لبكاء يزداد حدة شيئا فشيئا , دخلت للغرفة وغادرت منها

بدون حجاب ودموعي على خداي وشعري مفتوح , نزلت السلالم

بسرعة وتوجهت للباب فأمسكت يد بذراعي ولفتني للخلف لأجد

معتصم أماي قائلا بحدة " أين تغادرين في الشارع هكذا "

رميت بيده عني وقلت ببكاء " ابتعد عني يا معتصم يكفيك ما فعلت "

أمسكني من ذراعي مجددا وسحبني للداخل وهوا يقول

" إن خرجتِ هكذا قطعت ساقيك تفهمي "

أوصلني لغرفة الجلوس الداخلية وأدخلني هناك وأغلق الباب

مسندا يده عليه وقال " متى ستتوقفين عن التصرف كالأطفال

يا بتول متى ستكبرين لقد أتعبتني معك "

قلت بصراخ " وما شأنك أنت بي أكبر أصغر أموت شيء يخصني "

ضرب الباب بيده وقال " كل الشأن يا بتول كل الشأن لي أنا تفهمي "

قلت بجمود " أنا لا اعترف بك في كل قواميسي "

بقي ينظر لي لوقت دون أي ردة فعل وعيناه مثبتتان على عيناي

ثم أبعد يده عن الباب وبدأ بفتح أزرار قميصه فتراجعت للخلف

وقلت بصدمة " معتصم ماذا تفعل "

نزع قميصه ورماه علي وقال " إن خرجت شعرك مكشوفا

هكذا كانت نهايتك على يدي "

ثم أشار لقميصه وقال بأمر " ضعيه على راسك واخرجي هيا "

بقيت انظر له بصمت فصرخ " لفيه على رأسك واخرجي وإن علمت

أنك تحدثت مع أحد الحراس مجددا كان حسابك معي عسيرا "

أخذت قميصه بغيض ولففته على رأسي وخرجت مارة من أمامه

أمسح دموعي فأمسك ذراعي قبل أن أخرج وقال بهدوء

" آسف لأني قصصت شعرك لكنها لم تكن سوى خصلة بسيطة "

نظرت لعينيه وقلت ودموعي عادت للنزول

" لما تكرهني يا معتصم ؟ لما تتصرف معي هكذا "

أمسك كم قميصه الملفوف على رأسي ومسح به دموعي وقال

" ومن قال أنني أكرهك "

قلت بأسى " ولما تتصرف معي هكذا إذا , كل هذا وليس كرها "

ترك ذراعي وقال ونظره بعيد عني " ليس هذا الوقت المناسب

لنتحدث في هذه النقطة غادري الآن يا بتول "

بقيت أنظر له بحيرة قليلا ثم غادرت وتركته وخرجت من

القصر راكضة وعدت لمنزلنا وتوجهت من فوري لغرفتي





*

*






خرجت هي من أمامي تمسح دموعها ومررت أنا أصابعي في

شعري وتنفست أزفر الهواء بقوة , تُخرجينني عن طوري دائما يا

بتول وعجزت أن أجد طريقة أتفاهم بها معك ومع طيشك الزائد

خرجت من الغرفة أتمتم بغيط " نهايتها تجعلين الحراس خدما

لك بسبب مياعتك وغنجك يا بتول "

تقابلت وأمي داخلة من باب القصر مع خادمتها فوقفت ونظرتْ

لي مطولا ثم قالت ببرود " هل أصبحت موضة جديدة لدى

الرسامين خلع ملابسهم كمجرمين الشوارع "

شعرت بالدخان يخرج من أذناي فأمسكت قميصي الداخلي

من الأسفل وخلعته أيضا لأصبح بالبنطلون فقط ورميته على

الأرض وقلت " ما رأيك بهذا الرسام الآن "

ثم خرجت من أمامها مجتازا باب القصر للخارج ولففت خلفه ثم

دخلت لمكاني السري هناك ورميت الأوراق بقدمي من أمامي

جواد الأحمق ألف مرة أقول له نضف الفوضى التي تتركها هنا

اقتربت من الزاوية وأزلت قطعة القماش عن اللوحة وأخرجت

من جيبي خصلة الشعر المربوطة ووضعتها على طرف اللوحة

وأمسكت بالريشة وقلت بابتسامة " هذا ما كان ينقص لوحتك

(الشعر) وها قد رأيته رغم أني كنت سأفعلها في كل الأحوال

فأنتي زوجتي ويحق لي هذا "






*

*





دخلت القصر ورن هاتفي نظرت للمتصل فتوجهت لأحد

الأرائك وجلست عليها وأجبت من فوري قائلا

" مرحبا رضا أين غادرت ألم تقل أنك ستنتظرني "

قال بضيق " انتظرك حتى متى يا رجل وأنت لست موجود إلا بالاسم "

ضحكت وقلت " امسحها في وجهي هذه المرة "

قال ببرود " طبعا فأنت الفاعل في وجه من غيرك سأمسحها

المهم لا تتحدث معها مجددا ما دامت لم تعطيك رفضها "

قلت ببرود " بهذا الشكل قد تنتظر طوال العمر يا رضا "

قال بهدوء " أنا منتظر في كل الأحوال ولن أتزوج غيرها ولن أيأس "

قلت ضاحكا " أعانك الله إذا , هل تأمرني بشيء آخر "

قال بضيق " نعم أغلق الهاتف في وجهي أيضا "

قلت ببرود " رضا لا تجعل نفسك عدوا لي "

ضحك وقال " ستكون أنت الخاسر طبعا لأني سأحكي

لوالدتك عن مغامرات الطفولة "

قلت بضيق " نعم هول الأمور كلها كانت مرات معدودة "

قال ضاحكا " لن أعطلك أكثر وداعا الآن "

قلت مباشرة " وداعا "

ثم وفقت وصعدت السلالم متوجها لجناحي لأخذ بعض الأقراص

المهمة لأغادر فورا , وصلت للأعلى وتوجهت يمينا فأوقفني

الصوت القادم من خلفي قائلا " بابا "

التفت للخلف فكانت ترف تقف في آخر الممر من الجانب الآخر

تلعب بأصبعها الصغير فوق شفتيها وتنظر لي بهدوء فمددت

يدي لها وقلت " تعالي يا ترف "

قالت بصوت منخفض " جدتي ستغضب إن غادرت الممر "

تقدمت نحوها وحملتها بين ذراعاي وقلت

" ولكني إن قلت شيئا تنفذيه فوق رأي الجميع حسنا "

هزت رأسها بحسنا دون كلام فقلت

" ماذا كنتي تريدين قوله لأني مشغول وعليا المغادرة "

قالت من فورها " متى سنكلم ماما أنت قلت لنا بالأمس ستكلمونها في الغد "

أنزلتها على الأرض وقلت ممسكا يدها " هيا ننهي هذه المشكلة الطويلة "

توجهت لغرفتهم وكان الباب مفتوحا فدخلت تسبقني ترف ويدها

في يدي وقالت بمرح " بابا قال سنكلم ماما الآن "

قفزت بيسان من على السرير واقتربت مني ووقف أمجد




*

*




بعد الليلة التي لم يغمض لي فيها جفن نزلت للأسفل وشغلت نفسي بكل

شيء الترتيب والتنظيف والتلميع ولم أترك شيئا لم أفعله محاولة الهرب

من كل هذه الأفكار التي لا مفر لي منها والزواج الذي لا مفر لي منه

بعد وقت رن هاتفي توجهت نحوه ونظرت للمتصل مطولا بحيرة

ماذا يريد مني اليوم أيضا ألم يقل أنه ينتظر ردي , كنت سأتجاهله

لكني خفت منه فلا أعلم كيف يفكر ويفاجئني دائما بأفعاله فقد يجن

ويرسل رجاله للقبض علي, أمسكت الهاتف وفتحت الخط

ووضعته على أذني فجاءني صوت ترف قائلة بحماس

" ماما هل صحيح ستأتي للعيش معنا للأبد "

بقيت جامدة مكاني من الصدمة ليتبعها صوت بيسان قائلة

" ماما لن ترفضي أليس كذلك فبابا قال قد ترفضين "

بعدها أخذ منهم أمجد الهاتف على ما يبدوا من اعتراضهما

وقال " ماما تعالي أرجوك , أرجوك وافقي من أجلنا "

أمسكت رأسي بيدي وقلت " أمجد أعطني والدك "

ذاك الخبيث عرف من أين يأتيني لكني لك يا جابر

سمعت صوت أمجد يقول " ماما تريد التحدث معك "

ثم صوت جابر قائلا " عودوا لما كنتم تفعلون هيا "

وقال بعدها " لا اعلم ... ترف اجلسي وتوقفي عن القفز "

بعد قليل وصلني صوته قائلا " نعم يا أرجوان "

قلت مباشرة " أنا موافقة "




نهاية الفصل العاشر

 
 

 

عرض البوم صور برد المشاعر  
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
أوجاع ما بعد العاصفة, رواية
facebook




جديد مواضيع قسم القصص المكتملة (بدون ردود)
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 05:51 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية