لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 29-07-16, 11:37 PM   المشاركة رقم: 111
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فخري


البيانات
التسجيل: Sep 2014
العضوية: 277449
المشاركات: 12,423
الجنس أنثى
معدل التقييم: همس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميع
نقاط التقييم: 17240

االدولة
البلدQatar
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
همس الريح غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : برد المشاعر المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: جنون المطر / بقلمي برد المشاعر

 
دعوه لزيارة موضوعي

يا لبييييييييييييييييييييييييييييي ميشو و فيتو

احلي مفاجاه

 
 

 

عرض البوم صور همس الريح   رد مع اقتباس
قديم 29-07-16, 11:44 PM   المشاركة رقم: 112
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فخري


البيانات
التسجيل: Sep 2014
العضوية: 277449
المشاركات: 12,423
الجنس أنثى
معدل التقييم: همس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميع
نقاط التقييم: 17240

االدولة
البلدQatar
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
همس الريح غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : برد المشاعر المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: جنون المطر / بقلمي برد المشاعر

 
دعوه لزيارة موضوعي

ميشو

الغاليه المبدعه ميشو ..

كل ما قررت ان اكتب تعليقا اعجز عن التعبير

كلماتي هذه المرة ليست لحبيبي جبران
بل عن مطر و له ......


دعوه فاسمه مطر و سيكون المبتدأ و الخبر
و سيكون غصة في الحلوق لدي المعتدين بشتي الصور
دعوه و لا تمسكوا ساعده و لا تعدوه بوعد هذر
سئمنا الدعاوي لسلم ذليل و نصف الحلول لدي مؤتمر

 
 

 

عرض البوم صور همس الريح   رد مع اقتباس
قديم 30-07-16, 12:12 AM   المشاركة رقم: 113
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jul 2006
العضوية: 8156
المشاركات: 7,675
الجنس أنثى
معدل التقييم: بلا عنوان عضو له عدد لاباس به من النقاطبلا عنوان عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 118

االدولة
البلدBahrain
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
بلا عنوان غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : برد المشاعر المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: جنون المطر / بقلمي برد المشاعر

 

تسلم الايادي

فكر وطني حر هو ما يملكه مطر... عند قراءتي للجزء خطر في بالي نشيد يردد في مسلسل لحن الحياة ... غالي ترابك يا وطني

كما جال في بالي هذه الكلمات
ومن لم تكن بلاده عزا له
فليس له في بلاد العز مكانا
ومن لم يكن لموطنه حاميا
لا خير فيه وهو للأوطان خائنا

بشوق لقراءة الجزء القادم

 
 

 

عرض البوم صور بلا عنوان   رد مع اقتباس
قديم 30-07-16, 03:59 PM   المشاركة رقم: 114
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Oct 2015
العضوية: 304044
المشاركات: 6
الجنس أنثى
معدل التقييم: Metan عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 15

االدولة
البلدMauritania
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
Metan غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : برد المشاعر المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: جنون المطر / بقلمي برد المشاعر

 

بارت رائع كلعادة

 
 

 

عرض البوم صور Metan   رد مع اقتباس
قديم 30-07-16, 05:38 PM   المشاركة رقم: 115
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
متدفقة العطاء


البيانات
التسجيل: Jun 2008
العضوية: 80576
المشاركات: 3,164
الجنس أنثى
معدل التقييم: فيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسي
نقاط التقييم: 7195

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
فيتامين سي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : برد المشاعر المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: جنون المطر / بقلمي برد المشاعر

 



يسعد مساءكم بكل حب أحبتي


أحببت أن أوضح نقطة صغيرة وهي قصة ضرار , ضرار

متوارث في عائلته ولادة الابن الواحد يعني أنه ابن وحيد

لأباه وأباه الابن الوحيد لجده وهكذا حتى جد جد الجد مما

اعتبر لعنة لديهم وهوا تزوج من أم ابنه سلطان وطبعا

الخطأ كان مني في أسمه لأنه سلطان وليس رافد , ومن

ثم تزوج جدة زيزفون في السر وحين حملت بابنها إسحاق

والد زيزفون أنكر الابن بحكم أنه لا يولد له سوا ابن واحد

وطلقها فعاشت وربت ابنها وحمل اسم جده والد أمه حتى

تزوج وأنجب زيزفون , لكن بعد وفاة زوجة سلطان ابن

ضرار وهي أم وقاص تزوج من زوجة ثانية كزوجة فقط

ولم يتوقع لا ضرار ولا ابنه أن تحمل هي أيضا ومن هنا

دخل الشك لضرار من أنه يولد لهم ابن واحد من كل زوجة

فزوج سلطان رغما عنه من ثلاث نساء ليصبح لديه أربع

أحفاد بدلا من واحد وستتعرفون عليهم إن شاء الله , عندها

علم ضرار أن إسحاق إبنه فعلا وأن زيزفون حفيدته وحين

أرسل من يسأل عن ابنه وعائلته أخبرتهم الجدة أنه مات

وولدت له ابنة وأنها خرساء وتصرفاتها غير طبيعية

ليبتعد الجد عن طريقهم لأن زيزفون كانت تعاني بطأً في

الإدراك والفهم وقصتهم ستفهمونها تباعا أحببت فقط أن

أوضح لكم ولا تكون معقدة وشائكة , وطبعا زيزفون

ووقاص هم من أبطال الجزء الثاني لكنكم ستعيشون

قصتهم الآن مثل تيم وماريه

****

جنون المطر (( الجزء الأول ))


الفصل الثامن


المدخل ~

بقلم/ الغالية نجـ"ـمـ"ـة المسـ☆ـاء

لا تبتأس يا تيـم .. فالحزنُ لن يُقـيمْ
والظلمُ لن يدوم .. وستنجلي الهمومْ
***
ماريّـة الصغيرة .. لا تبكي يا أميرة
واكملي المسيرة .. يا دُرتي المنيرة
***
وانتَ يا جُبرانْ ..لا تبرح المكـانْ
لن تكـون لك .. فاشتري النسيانْ
***
ستنجلي الاسرار .. وتهطلُ الامطارْ
ف بُـح ايا شِراع .. وفجـّر الأخبـارْ

**********

ضمت ساقيها أكثر جالسة فوق سرير شقيقها كاسر وحدقتيها المليئة

بالدموع لازالت معلقة بالمذياع بجانب سريره رغم أنه لم يعد يخرج

منه إلا صوت النقاشات المتداخلة في تلك القاعة وقد تحول اجتماعهم

لفوضى بعد رحيل من اجتاحه كالإعصار المدمر مخلفا خلفه دمارا في

كل مكان وعقول لم تعد لصوابها بعد لتنظم ذاك الاجتماع كما يفترض

أن يكون وقد اختلطت أصواتهم بمقاطعات الصحفيين لهم لتوجيه أي سؤال

لأي شخص قد يجدون عنده إجابة عليه , أغمضت عينيها لبرهة وفتحتهما

مجددا ولازالت كلماته ترن في أذنيها وصوته الجهوري المبحوح يدوي

في دماغها بل ولازال ينتقل في جزيئات جسدها كالقشعريرة وكأنه لازال

يتحدث الآن فذاك الشعور لم يفارقها طوال حديثه الصارخ الغاضب الواثق

في ذات الوقت وما سمعته منه لأول مرة , فلأول مرة تعلم عن كل هذا

حالها حال أي شخص من تلك البلاد وهي تتذكر الأرقام التي كان يقولها

ومقارنته بها لحالهم الذي بقدر ما ذكر عنه لازال أسوء وهم يملكون كل

تلك الثروات التي تمتص من مجاوراتها من البلدان بكل ضمير ميت

وأكثر ما علق في دماغها جملته ( من سيرضى أن تستقر بلادنا وهوا

يرى عدم استقرارها كنزا يذر عليه بالأموال , من سيقول خذوا أباركم

وخزاناتكم ومصافيكم وحقول الغاز وهي تضخ له الملايين )

امتدت أصابع الكاسر أمام عينيها وضغطت ذاك الزر الذي أنهى

به ذاك الضجيج في الغرفة التي حوت ثلاثتهم بوجود عمتهما

ليقطع ذاك أفكارها ويعيد نظرها الذي غاب تماما في فتحات مكبر

الصوت في ذاك المذياع الخشبي وكأنها كانت تراه معهم وحُجبت

عنها رؤيته الآن , رفعت نظرها بشقيقها الذي بدا شاحبا بشكل

واضح لا تعلم بسبب ما علم مثلها أم بسبب تفكير ابن شاهين

ومقولته بأن الدم مقابل الدم والدم مقابل الحرية والكرامة

خرج صوتها ضعيفا وقالت هامسة ببحة

" ولما ليس بالسلم ؟ "

هز كاسر رأسه بأسى وقال " من سيرضى يا شقيقتي ؟ حتى إن قرر

والدي ذلك فلن ترضى له القبائل وسندخل في جدال بين موافق ومعارض

ومحتج وندخل في حرب داخلية بيننا , وابن شاهين يعلم ذلك جيدا لهذا قال
من أرادها سلما حفظنا دمه وماله وعرضه لأنه يعلم أنها لن تكون سلما

بحتا وستحتاج للحرب وستري بعينك ما سيحدث داخل الهازان من انقسامات

وحروب داخلية وتمرد لأن بعض المناطق والقرى ستسلم له طوعا وبعضها

ستعارض , وما فكر بمحاربة الإرهابيين أولاً عند جبال أرياح إلا لأنه موقن

من أنهم سيستغلون البلبلة التي ستحدث في البلاد تباعا وسيخربونها فوق

خرابها وسينتشرون في الشرق أكثر كالوباء المسموم لذلك يريد

محاصرتهم أولاً ليضمن أنهم لن يعثوا في الهازان فسادا

ما أن يتزعزع أمنها الداخلي أكثر من سابقه "

جالت بحدقتيها السوداء الواسعة في ملامحه الشاردة بعيدا وقد ازدادت

شحوبا ورغم أنها لا تفهم كثيرا في أمور الحرب ولم تستطع تحليل أفكار

وكلام مطر كما فعل شقيقها لكنها نطقت بما جال في تفكيرها قائلة بحيرة

" زعيم الهازان قال أن ابن شاهين سيستغل حرب جبال أرياح لصالحه

وها هوا حدث ما توقع فلما تحليلك للأمر مختلفا يا كاسر ؟ "

غاب بنظره للأرض أكثر وضغط قبضته بقوة وقال بشرود " الكثيرين فكروا

كذلك يا غسق ويعلمون أن الغرب سيقفون معه وسيمدونه بالسلاح , والطيران

سيسانده مادام سيحاربهم على الأرض لكن تفكير ابن شاهين تفكير حربي

مدروس ويعلم كما الجميع أن الغرب يمسكون العصا من المنتصف دائما وبقدر

ما يحاربون الإرهاب يدعمونه وبقدر ما سيقفون معه في زحفه على الهازان

سيقفون مع الهازان وإن بإيهامهم أنهم معهم وسيقفون أيضا مع الدول المجاورة

لنا في سرقتهم لخيرات بلادنا ليكونوا في صف المنتصر في النهاية كان من

يكون فهم يعنيهم فقط أن الرابح لن يكون ضدهم ويقطع معهم الاتفاقيات

والعقود المبرمة "
هزت رأسها بحيرة ونظرت لعمتها الصامتة طوال الجلسة وكأنها تريد أن

تشعر أنه ثمة شخص آخر هنا مثلها لم يفهم شيئا ويشعر أنه يدور في حلقة

مفرغة كلما شرحوا له أكثر كلما تعقدت الأمور لديه أكثر , ونظرت لها تلك

بنظرة أسى وحنان مراقبة دمعتها التي لازالت حبيسة حدقتيها السوداء الواسعة

وقد توهجت وجنتيها احمرارا وتنهدت باستسلام قائلة " ما كتبه الله لنا سنراه يا

غسق ومثلما لا يريد أحد الحرب لا يرضى أحد بالذل وأن يصغره ابن شاهين "

ضمت ساقيها أكثر ودفنت وجهها فيهما وكأنها تريد الاختباء من كلماتها تلك

تريد أن تكون عيناها حبيسة الظلام لتعلم أنه ثمة سواد أكثر مما هم فيه الآن

وتمتمت بهمس لا يسمعه أحد غيرها " إن كان أنتي المرأة تفكيرك

هكذا فكيف بالرجال ؟ "


*

*

ولم يكن حال أي فرد من تلك البلاد أفضل من ذلك وكأن الزمن توقف

وصورهم ثبتت على ما هي عليه جالسين بقرب كل مذياع توسط منزلا أو

سيارة أو مقر جنود وكل واحد يفكر فيما سيكون القادم ؟ أين سنكون نحن

منه وما ستصنعه بنا أمواج جنون مطر المفاجئ , ذاك الجنون الذي أخرجه

الهازان للسطح وهو كان يسيطر عليه لأعوام متجاهلا قتلهم لرجاله عند

الحدود كل وقت وكأنهم يسخرون منه وها قد داسهم بنعال دباباته في النهاية

ومثلما عمت الفوضى ذاك الاجتماع الذي انفض من وقت قصير فقد لعبت

دورها أيضا في كل قطر من تلك البلاد بين مندهش وغاضب ومعارض

ومؤيد وكلٌ يريد أن يبدي رأيه والتكهنات بالمستقبل من أفواههم كثيرة وهم

موقنون من أن ما سيجري لن يعلمه إلا الله , ودخل شرق البلاد في موجة

من الاضطراب الذي سيصعب على زعيم قبائلهم احتوائه وبدأ البعض ممن

تيسر لديهم الحال بمغادرة البلاد بشكل نهائي وحزم الكثيرين ممن لا حيلة

لهم ولا ملجأ أمتعتهم لعلهم يهربون من الحرب التي باتت وشيكة وإن

للجبال أو الحدود , ومهما حاول الهازان لم شتات الناس وإخماد ذعرها

فلن يستطيع , وكل تفكيرهم كان في منع أن تنموا بينهم مجموعات متمردة

ستعمل على جمع بعضها وتسليم المدن لابن شاهين طوعا وهم يرونه

بدأ في تنفيذ ما تحدث عنه والحرب طاحنة عند جبال أرياح وأصوات

دوي دبابته والراجمات يسمع عند بعض المناطق بوضوح وهو يمارس

ثاني جزء من ثوران بركانه على الخلايا الإرهابية المتمركزة هناك تضم

تحت لوائها قرابة الخمس مدن التي استولت عليها من زمن بعيد ولا أحد

احتج لذلك سوى محاولات ضعيفة من قبل الهازان لرد وصد زحفها أكثر

واستيلائها على باقي المناطق والمدن وأعتبروا أن ما أخذوه منهم غنيمة

ضاعت لا يفكرون في استردادها , ودخل غرب البلاد في حاله من التوتر

لا تخفى عن أي أحد وبينما سكت البعض لأنهم يرون أن ما يفكر فيه ابن

شاهين سيحتاج لزمن ليحدث ومن الاستعجال فعل أي شيء غير تقوية

أنفسهم عسكريا وأخذ البعض منهم يتناقلون سؤالا واحدا ( ماذا إن وصل لنا

وبتنا محاصرين منه شرقا وجنوبا ؟ ) وبالفعل تداخلت الآراء بين معارض

للسلم ومؤيد له , أما جنوب البلاد فلم يحضا بما حضي به قطريها الآخران

وجل تفكير الناس وقتها في كيف يمدون ويساندون رجالهم في جبهات القتال

ببيع كل ما لديهم وإخراج كل قرش يملكونه , ولم يتوانى الصغير قبل الكبير

في تقديم ما يستطيع عليه وكل عائلة قدمت من رجالها وإن واحدا ولم

تتباطأ العائلات في تقديم أبنائها قبل أموالها وطعامها
*
*

وضع الورقة الأخيرة أمام الجالس على كرسي بجانب تلك الطاولة الخشبية

يسند مرفقه عليها وتحتضن يده فكيه ينظر بتمعن وذهن صافي لما تحوي كل

تلك الأوراق والواقف فوقه يقول " هذا آخر ما وصلنا والعدد الآن خمس دول

واجتماع مجلس الأمن سيبدأ بالإنعقاد قريبا فقد بدأت الأخبار تتناقل أياما متباينة

عن عقد أول جلساته والأمور فيه ستدور إما لصالحنا أو ضدنا وفي كل الأحوال

قد يكون مجرد غطاء سياسي وهمي وتمرر للقرارات من تحت الطاولات ونكون

الكاسبين في كلا الحالتين , وكما أشرت سيدي نحن لن نتراجع في كل الأحوال

وعزيمة الرجال قوية وتقدمنا ملحوظ في جبال أرياح , وزعماء الهازان كمن

يحارب الريح أصواتهم لا تتعدى حناجرهم وهجومهم المشوه ضدك لم يلقى

أي ترحيب في الحالك "

أبعد يده عن فكيه وقال ونظره لازال على الأوراق " وصنوان ؟ "

سوى الواقف فوقه وقفته وقال ناظرا له " لا شيء حتى الآن بعد رفضهم

مجددا عرض الهازان لشن الحرب من الطرفين علينا , ولم يصلنا أي خبر

عن تفكيرهم في إرسال وفد لنا خاصة أن المهادنة بيننا تحتاج لأكثر من

شهرين لتنتهي مدتها ويبدوا أنهم يثقون في وعودك وأنك لن تغدر بهم "

هز رأسه بحسنا وهمس بشرود " الوقت طويل أمامهم ليتخذوا قرارا

يجنبهم ما يحدث مع الهازان "

انفتح الباب حينها ووجهت الأنظار للذي قال ما أن وقف أمامه ولازال

مقبضه في يده " سيدي المبعوث الدولي والوفد وصلوا الحدود

وسيدخلون الآن "

وقف حينها مطر وتحرك قائلا " ها هوا الحوت طفا على

السطح يا رجال "

وخرج ورجاله خلفه وهم موقنون من أن اجتماعهم بهذا الوفد سيكون

نقلة محورية في الأحداث وأنه كالعادة ما ستنقله الأخبار عن نتائج

اجتماعه بهم لن يكون كل ما دار في ذاك الاجتماع الذي ستكون

أهم محاوره سرية حتى وقت لن يكون بعيدا

*

*



طوت آخر قطعة من الثياب ورمتها فوق البقية وعادت لمحاولة رصهم

لتحويهم تلك الحقيبة متوسطة الحجم ولسانها لا يتوقف عن التمتمة بالدعاء

وطلب عون الله ولطفه في الأيام القادمة , وحالها هذا ليس بأقل من حال كل

فرد في الهازان بعد سماعهم لخطاب ابن شاهين منذ أيام وهوا يؤكد زحفه
المستمر عليهم وإن كانوا قد توقفوا حاليا وانشغلوا بجبال أرياح وساكنيها

أولئك سود الملابس والأعلام ميتين الضمائر المارقين من دين الله

نظرت للقدمين الصغيرتين التي دفعت الباب الخشبي ودخلت ثم سرعان

ما رفعت بصرها للسقف حين دوى صوت طائرة تعبر الأجواء بسرعة

حيث أن هدير محركات الطائرات الحربية أمرا معتادا لديهم من حين

لآخر والطيران الحربي الغربي يضرب مواقع الإرهابيين في جبال

أرياح ومناطقها لاقتناص قادتهم ومتى ما أرادوا هم طبعا

" جدتي "

كان ذاك الصوت الطفولي الوجل القلق الذي خرج من حنجرة الطفلة

ذات الأربعة أعوام وهي تحضن دمية قماشية مصنوعة باليد

وقد قالت قبل أن تجيبها الجالسة خلف تلك الحقيبة

" نموت "

مدت يديها لها وقالت بحزن " تعالي بنيتي لن نموت من هذا

الذي قال لك ذلك ؟ "

اقتربت منها بخطوات شبه راكضة وارتمت في حضن التي ضمتها

بقوة وقالت " لا تستمعي لما يقول الجيران يا زيزفون أنتي لا

تفهمين معنى كل هذا كما يقولونه "

أبعدت وجهها الصغير عن حضنها ونظرت لها بتلك العينان

الزرقاء الواسعة وقالت " جدتي طعام "

ابتسمت لها بحب وقبلتها بين عينيها ووقفت وقالت موقفة لها معها

" أجل بنيتي كيف نسيت أنك لم تأكلي منذ الصباح وانشغلت بجمع

أغراضنا عنك "

وسارت بها جهة مطبخ المنزل الصغير البسيط وعقلها لازال مع حقيبتهم

تلك فأين سيهربون هم قبل أن يهربوا بها ولا مكان لهم غير هذه القرية ولا

أهل لهم غير سكانها الذين تفرقوا كلن ذهب في قطر من هذه البلاد , رفعتها

من ذراعيها وأجلستها على الكرسي قائلة " سأعد لك بعض البيض هذا

أسرع وأوفر ما لدينا حسنا حبيبتي "

ثم توجهت للثلاجة الصغيرة القديمة في زاوية المطبخ وفتحتها على

وقع تلك الكلمات الصغيرة التي تتردد كنغم غنائي " بيض بيض

بيضة واحدة "

تنهدت بأسى وهي تضع المقلاة على النار وشعور مُر حارق يذبح روحها

وهي موقنة بأنها تودع كل شيء في هذا المنزل وهذه القرية , المنزل الذي

عاشت فيه منذ طفولتها مع والديها وأنجبت فيه ابنها وربته وزوّجته وفيه

استقبلت حفيدتها الأولى وسيصبح قريبا كما كل منازل هذه المنطقة ملكا

للحالك ما أن يقرر زعيمهم ذلك ولأنه لا أحد استطاع أن يؤمن نفسه ويبقى

ويسلم منطقته كما طلب في خطابه ذاك لجأ الجميع للهرب وإن كان مكان

وجهات أغلبهم لا جواب عليها سوى بـ ( نرحل والله يجد لنا سبيلا )

وضعت البيض في المقلاة وحركته لحظة ما بدأ يتماسك متمتمة

بحزن وقهر " لا وفقك الله يا ضرار غادرت البلاد بأموالك

وعائلتك ولم تفكر في التي تركتها خلفك وهي من صلبك "

وبقدر ما كان الأمر صعبا وشديدا عليها فكرت فعلا في أن تسلمها له

ليأخذها معه فلن تستطيع حمايتها من الحرب والجوع والنوم في

العراء , لكنّ ذاك لم يسأل عنها ولم تصل هي له قبل رحيلهم


*

*


استل ما في يدها بقوة وقال مزمجرا بغضب " أسماء تعقلي أو

قسما إن خرجتِ من هنا لا رجوع لك "

لطمت خديها بقوة وقالت ببكاء " أبني أعد لي ابني يا سمعان

أو قسما فعلتها الآن وذهبت "

شدها من ذراعها بقوة وقال بصراخ " ابنك ليس أفضل من غيره

ولن تكتب عليا أن لا يكون مع غيره في خطوط الحرب والقتال

هل تريدين أن تضحك الناس علينا "

أبعدت يده عنها بقوة وقالت بصراخ باكي " لازال في الخامسة عشرة

إنه طفل ألا رحمة في قلبك ؟ كل ما يعنيك كلام الناس فقط "

لوح بيده قائلا بغضب " أصغر منه قدموهم أهاليهم للتدريب والقتال

ولن يكونوا أفضل منه , حتى إن كان أصغر من سنه هذا لما توانيت

في أخذه هناك ولولا عرج ساقي لذهبت أيضا , وابن ابنة عمي الجالس

في تلك الغرفة لو لم يكن ابن شاهين منع من ينتسب للهازان من

خوض القتال لرميته هناك أيضا "

قالت بحدة " وما يفعلوه بطفل في العاشرة "

لوح بيده مزمجرا " في العاشرة لكن نظراته تكفي لقتل رجل ولا يوجد

طفل في هذه الظروف فجميعهم رجال , فإن مات ابنك مات بطلا وإن

عاد عاد بطلا ولسنا أفضل من غيرنا وهم يدفعون أبنائهم بالثلاثة

والأربعة للقتال مع ابن شاهين فتوقفي عن الجنون يا امرأة "

نزلت على الأرض ولازالت في نديبها تضرب فخديها ثارة وتلطم خديها

ثارة أخرى ولم تعي ولا للطفلة ذات الثمانية أشهر التي تحبوا حتى وصلت

لها وتعلقت بثيابها ولا بالأخرى ذات الخمس سنين وهي تتسلل للمطبخ

مستغلة انشغالهما في الشجار وفي يدها كيس بلاستيكي صغير به رغيفي

خبز أحدهما مرت عليه ساعات النهار والآخر من البارحة نائم في ذاك

الكيس الصغير , فتحت الخزانة السفلية برفق كي لا يشعروا بها وأخذت

رغيفا آخر ووضعته معهم ثم خبأته في ثيابها وبعد زيارة قصيرة للثلاجة

كانت واقفة عند باب المطبخ تنظر خلسة لما وصلا له وقد خرج عمها

ضاربا الباب بقوة وغضب ووقفت زوجته وحملت ابنتها ودخلت بها إحدى

الغرف وضربت بابها خلفها أيضا وصوت نحيبها لازال يخرج من خلف






ذاك الباب , تحركت حينها بخطوات راكضة حافية القدمين حتى وصلت

باب المنزل وفتحته برفق وهدوء لن تسمعه التي مؤكد لا تسمع إلا صوت

نحيبها العالي وخرجت راكضة بخطواتها الصغيرة تقذف قدميها في الهواء

مرحا لتمكنها من الخروج أخيرا والوصول للغرفة الموجودة في سور ذاك

المنزل , وما أن دخلت لها حتى قابلتها الجالسة على السرير بوهن وملامح

متعبة وإن كانت أفضل من السابق بكثير بعد زيارة الطبيب وصرف الدواء

لها , توجهت نحوها مسرعة وأخرجت الكيس من ثيابها ومدته لها قائلة

بابتسامة طفولية وصوت رقيق " خذي عمتي لتأكلي "

ابتسمت لها تلك بتعب وقالت " ماريه يا صغيرتي لما تخاطرين

وقد تتلقي عقابا قاسيا من أجل خبز جاف "

أدخلت يدها الصغيرة في فستانها وقالت " ليس خبزا فقط "

ثم أخرجتها وقالت " وطماطم أيضا "

هزت رأسها مبتسمة بتعب وقالت " لو شاهدك أحدهم لن يرحمونك "

تحدث حينها الجالس على السرير الآخر كتابه في يده ونظره عليه

وقال ببرود " ليمسكوها لعلها تتوب "

نظرت له وقالت بكلمات رقيقة غاضبة ملوحة بيدها الصغيرة

" أنت لا تأكل أنا أحضرتهم لعمتي وليس لك "

تجاهلها ولم يزح نظره عن كتابه على نظرات والدته التي قالت

مبتسمة " أعانها الله عليك مستقبلا "

نظر لها باستهجان وإن كان لم يفهم لما ترمي ومسحت هي

على شعر التي صعدت السرير وجلست بجوارها وقالت

" هل فعلا أحضرتهم لي وحدي "

مدت شفتيها بعبوس وقالت بحزن " بل وله أيضا "

خرجت منها ضحكة صغيرة متعبة وقالت ناظرة للعينين العسليتان

الواسعة " إذا تمني أن لا يحوجك الزمن له كي لا يتعبك "

نظرت لها بعدم استيعاب لوقت فمسحت على طرف وجهها وقالت

بهمس لا يسمعه الجالس بعيدا " حين تكبرين ستحتاجين لصبر أكثر

وقلب أكبر فالرجل إن كبر ازداد صلابة وبرودا والمرأة تزداد

رقة وحنانا واحتياجا "

رمشت بعينيها لوقت وبعد محاولة جديدة فاشلة لفهم ما تقصد الجالسة

أمامها قالت " عمتي أسماء تبكي وعمي خرج من المنزل غاضبا

ألن يرجع ظافر ! هل سيموت ؟ "

تنهدت بحزن وقالت بشرود " من يعلم يا ابنتي ؟ ستنتهي الحرب ونرى "

نزلت حينها من السرير قائلة " كليهم عمتي وسأحضر لك غيرهم غدا "

قالت بهدوء " لا داعي يا ماريه هم أصبحوا يعطوننا وجبة كل يوم

هذا غير الرمانتين بعدما خافوا من التهديد الغير مباشر من

شيخ القبيلة فتجنبي غضبهما عليك يا ابنتي "

نظرت لها باستغراب قبل أن تلمس خدها بإصبعها الصغير

وقالت بحيرة " يعطونكم رمانا !! "

قفز حينها الجالس على السرير الآخر وأمسك بيدها وسحبها منها للخارج

قائلا " تعالي ماريه هناك شيء سأريه لك وجدته في الأعشاب "

وخرج بها على صوتها الطفولي المرح قائلة " حقا !! هل هي

سلحفاة صغيرة أخرى "

وما أن وصل بها للخارج حتى أدارها جهة الجدار وقال بحزم ونظرات

حادة موجهة لعينيها المتسعة باستغراب " لا تذكري الرمان لأحد ولا

تسألي والدتي عنه وإن سألتك أخبريها أنك تأكلينه كل يوم

في منزل عمك مفهوم "

هزت رأسها بحسنا تنظر له بخوف فرفع أصبعه أمام وجهه وقال

بتهديد " إياك يا ماريه ثم إياك وأقسم لن أكلمك مجددا ولن أرافقك

للمدرسة إن أخبرتي أي أحد بشيء تفهمي "

هزت رأسها مجددا وخرجت الحروف منها بعبرة مخنوقة وعينان

وجلة دامعة " لما تخيفني يا تيم ؟ لن أخبر أحدا أعدك "

سحبها من يدها لجانب غرفتهم قائلا " إذا تعالي لتري السلحفاة

الأخرى إنها أصغر من السابقة "

قفزت ويدها لازالت في قبضة يده راكضة لتلحق خطواته السريعة

وقالت بمرح " رائع هل هي صغيرة جدا "


*

*



جال بنظره بين أبنائه الأربعة الواقف منهم والجالس مجتمعين في غرفة

مكتبه في منزله وتابع بصوته الجهوري الجاد " ليبدأالجميع بالتحرك في

المناطق وقيادة من سيعملون معكم بجد لضمان استقرار مدننا فما نمر

به قد يكون وبالا علينا إن تراخينا ولن أعتمد على أحد مثلكم ولا أبناء

زعماء القبائل فها قد حان الوقت لأجني ثمار تربيتي لكم رجالا "

ثم استقر نظره على رعد الذي قال بهدوء " أفهم من كلامك

أننا سنترك الحدود حاليا "

قال بذات جديته " نعم فالحدود مؤمنة حاليا وابن شاهين لا يفكر

في خرق هدنته معنا ولا الغدر بنا , ورجالنا هناك يفون بالغرض

ومستعدين لأي طارئ لكن الشأن الداخلي يحتاج منا لتضافر

أكثر وأنتم ترون حال البلاد "

قال كاسر الجالس مقابلا له بجوار رعد " وما الذي أثمر

عنه الاجتماع الأخير ؟ "

تنهد شراع بعمق وقال " الضغط على ابن شاهين كي لا يستمر في

زحفه على الهازان ولسنا نعلم سيتحقق هذا البند أم أنه لا وجود

له كالمعني به وهو يتجاهل حضور كل تلك الاجتماعات

المقررة ويقاتل مع رجاله في مدن أرياح "

قال رماح الواقف خلفهما مكتفا يديه لصدره " وها هو بالفعل

أخذ منهم منطقة ووصل لمنتصف أراضي الثانية من قبل

تكثيف الدعم الجوي فكيف بالآن "


علق كاسر قائلا " حتى إن سلبهم المناطق الخمس فسيفرون للجبال

ويحاربونه من هناك كعادة الإرهابيين في كل مكان فكيف بحدود

مفتوحة ستجلب باقي أشباههم من الدول الأخرى تحت حجة

مساندة أخوانهم في الدين "

قال جبران الواقف بجانب كرسي والده مقابلا لأخوته " وإن يكن ؟

فسيكون خطرهم أقل ولا تنسوا أنها ورقة قوية سيلوح بها ابن

شاهين في وجوه الجميع ويضمن أيضا أنهم لن يشكلوا

خطرا عليه مستقبلا "

هز رعد رأسه بأسى وقال " ويزج الآلاف من رجاله لقتلهم من

أجل حماية شيء لم يمتلكه بعد "

قال شراع بسخرية ظهرت كالمرارة في صوته " بل هم من يزجون أنفسهم

خلفه دون أدنى تراجع ولا تراخي , وآخر ما وصلنا أنه حتى من هم دون

الثمانية عشر عاما يخضعون للتدريبات المكثفة حاليا والأهالي في الحالك

يقدمون له أبنائهم وكأنهم يعطونه ثوبا من ملابسهم دون أن يرف لهم جفن

ولا أن يعترض أبناءهم مما يعني أنهم مستعدون للموت حتى آخر طفل

فيهم ولا يخذلوه فيما بدأ فيه "

قال رماح بضيق " جنون !! جن هذا الرجل وقبائله مثله وكأنه غسل

أدمغتهم يسيرون خلفه كالمنومين , إن كنا نحن مكانه لتوسلنا على

الأبواب لكي يصدقوا فقط أننا نفعل ما نخطط له لصالحهم

فكيف أقنعهم هم ! "

قطع حديثهم الطرقات الخفيفة على باب غرفة المكتب وانفتح بعدها ببطء

وقد توجهت الأنظار له حتى دخلت منه التي ألقت السلام بصوت منخفض

تحمل في يديها صينية تحوي خمس أكواب شاي كبيرة تخرج منها

الأبخرة متصاعدة لوجهها الذي حضنه الحجاب الأبيض الجاهز

مبتسمة لهم من بعيد فقال رعد مبتسما " تعالي لقد فاتك من

التشويق الكثير "

اقتربت منهم وقالت مبتسمة " أتركوا تشويقكم لأنفسكم وإلا

سأضع الشاي وأهرب "

ضحك رعد وشراع وكاسر واكتفى رماح بالنظر لها مبتسما أما الخامس

فيهم فقد هرب بنظره للأرض ما أن دخلت , بعدما كسر قراراه بالفرار

بأوامر من والده وما كان سيرفض في وضع البلاد الراهن , وتحمل مغبة

النظر لها من بعيد وهوا يرى قلبه يحترق شوقا ولا شيء لديه سوا التمني

والانتظار , وضعت الصينية على الطاولة بينهم وجلست بجوار كاسر الذي

احتضن كتفيها من فوره وقبل رأسها ثم همس لها بشيء مبتسما جعل وجنتيها

تتوهجان خجلا وهي تنظر ليديها في حجرها ووكزته بمرفقها بقوة فضحك

في صمت فخطفت نظرها سريعا لجبران وكل ما خشيته أن يكون رآهما

لكنه كان ما يزال محتفظا برداء التجاهل بعيدا عن كل شيء في وجودها

هاربا بنظره للأرض وإن كان قلبه يصرخ ويصرح بأشياء تعاكس حاله

تماما , أرخت نظرها بحزن وهي تعلم سبب تجاهله حتى في النظر لها

وهي موقنة مثله أن القرار ما يزال في يدها وتعاتب نفسها على ذلك دائما

وقبل كل هذا على فشلها بالشعور ناحيته بأي شيء مختلف عن باقي

أشقائه , حتى شوقها له وشعورها وقت رؤيته كان موازيا لشعورها

ناحيتهم جميعا , لكنها لازالت تصر على قرارها وأنها ستحاول أن

تكون له الزوجة التي يريد , وهي تجهل تماما أنه مستعد أن يكون

لها فوق الزوج الذي تتمناه أي امرأة حتى إن كان شعورا من طرفه

وحده بعدما عاش لسنوات يتعذب من رؤيتها أمامه وهي تضنه شقيقها

قال رماح متابعا ما كانوا فيه " بعض الدول المجاورة قرروا وضع

عقوبات على ابن شاهين ومنع الإمداد المادي عنه لكن البنك الدولي

رفض لأن ما يقدم من حق الأهالي في الحالك , والآراء الدولية في

الغرب لازالت في تماطلها وتذبذبها ولا يرددون سوا بأنه على ابن

شاهين أن يتريث وأن يكون الحل سياسيا "

نظر له رعد فوقه وقال " وطبعا يعطونه الفرصة ليفعل ما يريد "

عقب كاسر من فوره " خطابه ذاك في الاجتماع العربي كان مدمرا

وهوا يتحدث عن عشرات المليارات كحد أدنى تنتجها البلاد شهريا

فكيف بالسنة الكاملة ونحن لا نرى منها إلا القليل ونعاني من

النقص في كل شيء بينما نحن من ننتجه "

قال شراع بهدوء وقد تخللت نبرته الكثير من العمق المفعم بالتوجس

" لم يعد هذا هوا المحور الأساسي الآن خاصة بالنسبة لنا نحن كالعائلة

التي تحكم صنوان فتفكيرنا يجب أن يكون فيما سيخفيه المستقبل ورأس

ذاك الرجل وتفكيره , خاصة إن خرج من حربهم في جبال أرياح حيا "

ضغطت على أصبع كاسر بين أصابعها القابضة عليه دون شعور منها

وقد غزاها شيء يشبه خفقانا في جسدها علا معه توتر نبض كل عرق

يوصل الدم لقلبها ونظرت له وقالت بهمس خافت " وإن مات على يد

الإرهابيين هل ستتفرق جيوشه ولن يحدث شيء مما يخطط له ؟ "

ابتسم لها وأبعد يده وأمسك أنفها وقال مبتسما " هل ستجتهدين في

الدعاء عليه ليموت إن كان الجواب نعم ؟ "

تنهدت بأسى تنهيدة رقيقة وأبعدت نظرها عن عينيه هامسة " ليته يوجد

حل لكل هذا يا كاسر وليته بيدي لفعلت أي شيء وما تركته يقتلكم يوما

وتموتون أمام نظري بسببه لأنه لا يوجد أي دعاء سيبرد نار قلبي

حينها ويشفي غليلي منه "

ثم وقفت وغادرت معتذرة فقد سمعت ما يكفيها لأسبوع من النكد الدموي

كما تسميه , توجهت للمطبخ حيث كانت عمتها مع الخادمتان وجلست على

الطاولة واتكأت عليها بساعديها وأرخت ذقنها عليهما تراقبهم في صمت

حتى نظرت لها عمتها وقالت مبتسمة " كم هوا رائع المنزل بوجودهم

لقد دبت فيه الحياة مجددا فبغيابهم بات كئيبا وهادئا "

تنهدت بأسى ونظرت للطاولة تحتها وقالت بحزن " أسأل الله أن

لا يغيبوا عنا عمتي لا أتصور الحياة وأحدهم ليس فيها "

شاركتها التنهد الحزين الآسي وجلست على الطاولة أمامها ووضعت

صينية الخضار عليها وقالت بحزن أعمق " أبعد الله عنا جنون

ابن شاهين , هوا القوي القادر على كل شيء "


غابت بنظرها بعيدا مسدلة رموشها الطويلة للأسفل وقد ترددت كلماته

تلك في دهنها مجددا وهي التي لم تغب عنه لحظة وقالت بكلمات خرجت

ناعمة كالحرير وحزينة كليلة هجرها القمر " أليس ما قاله من العقل ؟

ليته يحدث دون دماء وقتل عمتي يا ليت "

هزت تلك رأسها بيأس وقالت " لن يرضى أحد يا غسق , لا

هوا ولا أي طرف في البلاد "

اتكأت برأسها جانبا على ذراعها وقالت بهمس حزين " علها تحدث

معجزة , لعله يشعر بقلبي حين سيمزقه على أخوتي ووالدي "

نظرت لها الجالسة أمامها رافعة رأسها بسرعة وقد وضعت السكين

من يدها وقالت بصدمة " غسق ما معنى ما قلته للتو ؟ "

سوت جلستها وقالت تجاهد دموعها " لعله يشعر بنا عمتي , بكل

امرأة سيفقدها رجلا تحبه كما يفعل مع نساء قبائله الآن "

قالت تلك بيأس وقد عادت لرفع السكين وإنهاء عملها " أنتي قلتها

بنفسك لم يشعر ولا بنساء قبائله ولا بأهله اللذين قد يخسروه في

أي وقت فهل سيفكر بك أنتي أو بأي امرأة من صنوان أو الهازان "

تمتمت بعبوس وصوت رقيق " عل رؤيا قطاط يصدق بقيتها

ويخرج من سيهزمه على أبواب نصره "

نظرت لها عمتها بضيق فقالت بعبوس قبل أن تتحدث

" أعلم عمتي عليا أن أنسى كل ما حكيته لي سابقا "

قالت بضيق ظهر في صوتها أعمق من ملامحها " بل عليك أن تعلمي

أنها إن كانت تكهنات من ذاك الدجال فهي لا صحة لها وإن صدق

بعضها , وإن كانت رؤيا حقا فليس بمقدور إنسان بعد نبي الله

أن يفسر الرؤيا دون خلل "

هزت رأسها بحسنا فلا تريد الدخول مع عمتها في جدال محوره ابن شاهين

ذاك ثم نظرت سريعا للذي مر من باب المطبخ ويبدوا غادر مجلسهم الطويل

ذاك قبل الجميع فوقفت من فورها وغادرت المطبخ فلا أحد غيره سيلبي

لها ما تريد الآن تحديدا وفي هذا الوقت والوضع غيره , لحقته

بخطوات سريعة حتى اقتربت منه منادية

" جبران "

فوقف والتفت لها فورا ودون شعور منه ولا أن يتلقى تنبيها من عقله

أو طلب أذن وقد سقطت آخر حصونه وهوا يراها مقبلة نحوه بخطوات

سريعة حتى وصلت عنده وقالت ونظرها معلق بعينيه " لما غادرت

مبكرا وقبل البقية ؟ هل تشاجرت وأحد أخوتي "

شع وجهه بابتسامة لم تخفى معانيها عن الواقفة أمامه وقال من

فوره " هل يعنيك الأمر فعلا يا غسق ؟ "

هربت بنظرها من عينيه وقالت ناظرة للأسفل لحركة أصابعها وهي

تشبكها ببعض " جبران لا تشعرني أن أي شيء صادر مني كان

سيكون مستحيلا , علاقتي بك كانت رائعة طوال عمري "

اتسعت ابتسامته وهوا يراقب الحياء الذي طفح على وجهها وهي تهرب

بعينيها منه , منظر لم يكن يراه مسبقا وهي تعتقد أنهم أخوتها وحتى بعدما

علمت بالأمر , رفع يده وبشعور منه هذه المرة وباختياره وبمراسلة واضحة

بين عقله وقلبه وهوا يبرر له أنهما يعدان مخطوبان الآن فهي موافقة ووالده

أيضا وبمباركة جميع أفراد عائلته ولولا رفض والده إشهار الأمر لعلم القاصي

قبل الداني أن زواجهما سيكون في أي وقت , وصلت يده لوجهها وأمسك بذقنها

الناعم الصغير ورفعه لتلتقي عيناهما مجددا وقال بنظرة تفضح كل ما يحمله

لها " كان بالنسبة لك يا غسق كل شيء عاديا ورائعا أما أنا فكنت

أموت فقط وأراه لا يسير في مساره الذي أريده "

ارتفعت الدماء في جسدها في شيء لا يشبه السعادة ولا التوتر ولا أي شيء

مما قد تختبره المرأة لأول مرة مع رجل فلازال شعور أنه شقيقها يسيطر عليها

بل وتشعر بأنها كمن ترتكب فاحشة عظمى مع أحد محارمها , أغمضت عينيها

محاولة أن تهرب من كل تلك الأفكار , أن تقنع نفسها أنها ليست سوا كذبة عاشت

فيها كل حياتها ويمكنها كما صدقتها سابقا أن تصدق خلافها مستقبلا , بعد برهة

فتحت عينيها ونظرت للذي لازال يتأملها في صمت وأصابعه لم تترك ذقنها بعد

وقال مبتسما " إن كان ما أخرجك خلفي خوفك من السبب فلم نتشاجر

يا غسق ولم يكن ذاك طبعنا يوما "

قالت من فورها " أعلم لكن الأوضاع والأمور الآن متوترة وأعصاب

الجميع مشدودة ولم يكن ذاك ما أخرجني خلفك "

شعرت على الفور أنها عادت لتعلقه بأمل جديد وهي تقرأ بوضوح في

ملامحه أنه فهم أنها ستخبره بموافقتها التامة على تحديد زفافهما فسارعت

لتقول قبل أن يتحدث " أريد أن أطلب منك أمرا هوا طلب وأمنية أنت

من سيساعدني لتتحقق "

نظر لها باستغراب وأصابعه تترك ذقنها لكنها لم ترجع لجيب سترته كما

ضنت بل سارت ملامسة لفكها حتى طرف حجابها وشعرت بتوترها تحرك

هذه المرة فعلا من لمسته التي لم يفعلها سابقا فلم يكن إلا متحفظا معها سواء

قبل علمها بأمر عائلتها أو بعده , تلمس خدها بظهر سبابته وقال بهمس مبتسما

" أمنية تتمناها غسق ولا تتحقق ؟ من هذا الذي يقف في وجهها وكل رجال

العائلة يلبون كل ما تنبس به شفتاك وتقولي فقط بأنه في خاطرك "

أنزلت رأسها ليبتعد عن لمساته التي أثرت حتى على أنفاسها وقالت

بشبه همس " هذه قد يعترض عليها الجميع رغم موافقة بعضهم

مسبقا لكني أريدها فعلا جبران "

دس يديه في جيوبه وقلبه لازال يردد توبيخه لوالده الذي أرغمه على

المجيء والعذاب هنا رغم شوقه العارم لرويتها ولو من بعيد , قال

بنبرة حانية دافئة " قولي ما في خاطرك يا غسق وأعدك أن أعمل

جهدي لأحققه لك "

قالت بتردد ولازال نظرها على أصبعها التي تلعب بخيط فستانها المتدلي

من أعلى خصره " أردت الذهاب مع جليلة لقرية عائلة والدها في توز

وقد وافقت عمتي وحاولت إقناع والدي لكنه اعترض لأنكم رجعتم من

الحدود ولأن توز على حدودنا مع الحالك وستحتاج عائلة خالتي لسنة

كاملة لتذهب هناك مجددا "

ثم ضغطت على خيط الفستان بقوة وقالت بمرارة صعدت لحلقها

" هذا إن بقيت لنا بعد عام "

قال بجدية " والآن هل عليا أن أخبره أني سأكون في الحدود أم ماذا ؟ "

رفعت نظرها له وقالت بتوجس " تبدوا لست مقتنعا أساسا ؟ "

تنفس بقوة واستسلام وقال " عقلي يرفض الفكرة يا غسق لكن قلبي

لا يريد أن يرد لك طلبا "

قالت من فورها " إذا تحدث معه لتأخذني أنت وقت زيارتك للحدود

وترجعني وقت رجوعك فهم سيقضون شهرا هناك ولا أريد الذهاب

معهم في سيارة وثاب ولا البقاء هناك كل ذاك الوقت "

*

*


ما أن وصل لسور المدرسة ودخلت التي أشبعته بأحاديثها التي لا تتوقف

طوال الطريق لف خلف السور الواسع لها ووقع نظره فورا على مركز

الجنود الموجود تحت المرتفع يظهر واضحا من الأعلى وكله عزم على ما

يريد فعله , رمى حقيبته بقوة لتطير وتستقر خلف السور لتصبح هي داخل

المدرسة ونزل من المنحدر بخطوات سريعة حذرة قاصدا ذاك المبنى وهو

على يقين من أن مدرسه لن يكلف نفسه بإخبار عائلته أنه لم يعد يأتي للمدرسة

كما يفعل مع بقية الطلاب حسب أوامر وتشديد ابن شاهين على تعليم الأطفال

وعدم تغيبهم , فهوا من بين الجميع لن يفتقده أحد ولن يصر أحد على ذهابه

لها عدى والدته التي لا تغادر غرفتهما ولا يراها أحد وماريه التي عليه أخذها

صباحا حتى باب المدرسة والمجيء لإرجاعها نهاية الدوام الدراسي أو أصبح

غيابه معلوما عند الجميع من بكائها المرتفع حتى تصل المنزل , وصل المقر بعد

صعوبة بالغة لم تؤثر بعزمه وهو موقن أنه سيواجه هذا الطريق يوميا نزولا ثم

صعودا , دخل من الباب فورا ونظره يتنقل بين من يتدربون لتنشيط أجسادهم مع

بداية الصباح ومن يتحركون بعشوائية فهذا أحد مقراتهم الحدودية وهوا ما يربط

الحالك بصنوان في واحدة من عشرة مناطق حدودية ليكون هذا المقر واحدا من

عشرة منها , ولأنه داخل حدودهم فأوامر ابن شاهين كانت تقضي بأن لا يُمنع

أحد من دخول مقراتهم ولا تغلق أبوابه في وجه أي شخص يحتاج من الجنود

هناك شيئا لذلك لم يستهجن أحد دخوله ولم يمنعه أحد , وصل للمبنى الذي يريده

والذي أصبح مكانا يزوره أغلب السكان في تلك المنطقة ومجاوراتها لأن أحد

الأطباء موجودا فيه فببداية زحفهم على الشرق تقلص عدد الأطباء بشكل كبير

لانتقالهم لمناطق المواجهات وأصبحوا يقتصرون على مقرات الجنود ليكونوا

قريبين منهم وليكونوا مرجعا للأهالي ويستفادون من تقليص ذاك العدد ولا

يهملوا المرضى من جنودهم الباقين في الداخل وأهالي قبائلهم في آن واحد

دخل الممر الضيق الطويل قليلا وهوا يسمع صوتا يخرج من إحدى الغرف

الشبه مغلقة لرجل يتحدث في الهاتف عن مشاكل نقص الأدوية وعن بعض

المساعدات الدولية القادمة فتجاهل ذاك الباب وسار للذي في نهاية الممر

وكان مغلقا فطرق عليه طرقات خفيفة حتى قال من في الداخل

" تفضل "

ففتحه حينها ليقابله الطبيب الذي غزى الشيب رأسه رغم أنه بالكاد تجاوز

الخمسين عاما , متناسقا مع بشرته شديدة البياض جالسا خلف الطاولة البسيطة

القديمة ودفتره الكبير أمامه في الغرفة متوسطة الحجم تحوي سريرا وبعضا

من المعدات الطبية الضرورية والأجهزة القليلة البسيطة , أغلق الباب ودخل

على ابتسامة الجالس خلف الطاولة قائلا " مرحبا يا تيم , ظننتك لن تأتي "

اقترب منه وقال بهدوء " لم أستطع المجيء قبل اليوم , هل

لازلت عند كلامك لي ؟ "

ابتسم ووقف وخرج من خلف طاولته قائلا " نعم , ولعلمك فقط أنا لست

مسئولا عن تركك للمدرسة لأني أعلم أن هذا وقتها وأنك ستعاقب إن علموا

أهلك وسيُعاقبون من الزعيم ابن شاهين وقد يشملني معهم في عقابه "

نظر له فوقه وقال بجدية صرفة " لا تقلق أخبرتك أني سأدرس

وسأذهب للامتحانات ولن يعلم أحد أني لا أذهب للمدرسة "

ربت على شعر الواقف تحته وقال " يبدوا أن هذا الرأس يحمل

الكثير فأخبرني لما لن يخبرهم أحد ولن يعلموا "

نظر للأسفل حيث حدائه القديم المتهرئ وقال بجمود

" لا أحب فعلا الحديث عن الأمر "

ضحك الواقف فوقه ومسح على شعره الأسود الكثيف وقال

" حسنا أخبرني كيف هي والدتك "

نظر له للأعلى وقال " أفضل من السابق ولم تعد تأتيها تلك النوبات "

تنهد وأبعد يده عن شعره وقال بأسى " لو كانت أحوال البلاد أفضل

ما وصلت لحالتها هذه فعلاجها كان سيكون سهلا وبسيطا في بداية

مرضها والحمد لله على كل حال "

نظر جنبا وابتسم بسخرية فلم يكن تردي حال البلاد السبب بل إهمال

من لم يشعروا بها , عاد الطبيب خلف طاولته قائلا " إذا كما اتفقنا

ستتولى تنظيف الحجرات والممر ورمي القمامة وجمعها من هنا

وسيكون أجرك على ساعات عملك "

هز رأسه بحسنا فقال الذي استقر على مقعده متنهدا بضجر " لن يكون

راتبا كبيرا يا تيم فأنت ستعمل هنا لنصف يوم على حسب تقديري وإذا

ما حسبنا تنظيفك للمكان يوميا فسيكون نصف راتب عامل النظافة

الثابت وكله سيكون حسب مجهودك طبعا فأنا تعبت من تولي مهنتي

التمريض وتنظيف هذا المكان "

هز رأسه بحسنا وقال بثقة وإصرار " سأعجبك سيدي أنت جربني فقط

وأهم ما لدي أن أحصل على علاج والدتي باستمرار وإن كان هذا

فقط أجري فأنا راض به "

هز رأسه بحسنا متنقلا بنظراته المعجبة في وجه الطفل الواقف أمامه فلا

شيء يربطه بتلك الطفولة سوا طوله أما حديثه وملامحه ونظراته وعزيمته

تنتمي لعالم مختلف جدا عن عالم من هم في سنه وكأنه رجل في ثوب طفل

ولو لم يعده بأنه لن يترك دراسته نهائيا ما وافق أن يضيع مستقبل طفل مثله

اتكأ بساعديه على الطاولة وقال ناظرا له " علاج والدتك سيصرف لها

باستمرار أو تقهقرت صحتها مجددا وأخشى أن ما سأعطيه لك من راتبي

لن يكفي , لذلك سأوفر لك العلاج مقابل عملك هنا هل أنت موافق هكذا "

هز رأسه بنعم فورا وقال الذي لم يزح نظراته عن ملامحه

" المهم أن تجتهد في دراستك في المنزل وإن احتجت شيئا اسألني

عنه وادخل للامتحانات مع زملائك حسنا "

نظر للأسفل وقال مثبتا نبرته كي لا تظهر المرارة في صوته

" بالتأكيد "

وهوا أعلم من غيره أن ذاك الأستاذ لن يسمح له بدخول الامتحانات والحجة

أصبحت جاهزة لديه الآن وهي تغيبه المتكرر , لكن مقابل علاج والدته مستعد

لفعل أي شيء فما نفع أن يدرس ويتركها تعاني حتى تموت وهوا موقن من أنه

حين سيكبر سيلوم نفسه مثل غيره لكن دراسته لن يلومه أحد على ضياعها منه

ولا حتى نفسه بما أن المقابل هوا توفير علاجها الذي قال لهم الطبيب حين زاره

معها المرة الماضية وأصر أن يدخل أيضا أنه عليهم توفيره لها باستمرار

كي على الأقل لا تتقهقر صحتها أكثر , وحين دخلوا عليه استغربوا أنهم

وجدوه ينظف الأرضية بالمطهرات بنفسه وتذمر أمامهم واعتذر عن تأخره

عنهم قليلا لأنه لا عمال هنا يقومون بهذا عنه فحتى مبنى مقر الجنود هم من

ينظفونه بالتناوب , لذلك بعد خروج والدته وقبل مغادرتهم عرض عليه أن

يساعده مقابل أي أجر يعطيه له وهوا موقن من أنهم سيشترون لها الدواء

هذه المرة ولن يكرروها مستقبلا ولن يستطيع طلب ذلك من شيخ القبيلة مجددا

لأنهم عاقبوهما سابقا بحرمانهما من الأكل لأربعة أيام بسبب أنهم خمنوا بأنه

من أخبره عن والدته ولولا الرمانتين والأرغفة التي تسرقها لهم ماريه ما وجد

ما يطعم والدته واكتفى هوا بقشور الرمان الشديدة المرارة التي أصبحت قوت

معدته الخاوية حتى انتهت محكوميته وأصبحوا يتصدقون عليهما بوجبة واحدة

يوميا مهما كانت صغيرة وقليلة فهي أفضل من لا شيء , واضطر معها لأخذ

الرمان أيضا لأن والدته كانت تتعمد أن تجعله يأكل أكثر منها متحججة في

كل مرة أنها لم تعد تستطيع الأكل بسبب أحماض المعدة المرتفعة

حمل سلة المهملات محتضنا لها بذراعه الصغير وبدأ أولا بجمع الأوراق

الممزقة الخاصة بالحقن وشاش الجروح ليبدأ ساعات عمله هنا بجد كي

لا يخسره ويخسر بالتالي علاج والدته


المخرج~

بقلم / الغاليةهمس الريح

دعوه فاسمه مطر و سيكون المبتدأ و الخبر
و سيكون غصة في الحلوق لدي المعتدين بشتي الصور
دعوه و لا تمسكوا ساعده و لا تعدوه بوعد هذر
سئمنا الدعاوي لسلم ذليل و نصف الحلول لدي مؤتمر



نهاية الفصل الثامن


موعدنا القادم مساء الأربعاء لكي أدرك ردودكم وتعليقاتكم

وتتغير مواعيد التنزيل حاليا لسبت وأربعاء إن شاء الله

 
 

 

عرض البوم صور فيتامين سي   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المشاعر, المطر, بقلمي, جنون
facebook




جديد مواضيع قسم القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 12:42 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية