لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 24-09-16, 06:25 PM   المشاركة رقم: 811
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jun 2012
العضوية: 243238
المشاركات: 283
الجنس أنثى
معدل التقييم: ماما ميري عضو ذو تقييم عاليماما ميري عضو ذو تقييم عاليماما ميري عضو ذو تقييم عاليماما ميري عضو ذو تقييم عاليماما ميري عضو ذو تقييم عاليماما ميري عضو ذو تقييم عاليماما ميري عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 705

االدولة
البلدIraq
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
ماما ميري غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : برد المشاعر المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: جنون المطر / بقلمي برد المشاعر

 

واااااااااااااااااو
مقتطفات دمار

 
 

 

عرض البوم صور ماما ميري   رد مع اقتباس
قديم 24-09-16, 06:50 PM   المشاركة رقم: 812
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
قاريء مميز


البيانات
التسجيل: Dec 2014
العضوية: 285617
المشاركات: 759
الجنس أنثى
معدل التقييم: مملكة الغيوم عضو جوهرة التقييممملكة الغيوم عضو جوهرة التقييممملكة الغيوم عضو جوهرة التقييممملكة الغيوم عضو جوهرة التقييممملكة الغيوم عضو جوهرة التقييممملكة الغيوم عضو جوهرة التقييممملكة الغيوم عضو جوهرة التقييممملكة الغيوم عضو جوهرة التقييممملكة الغيوم عضو جوهرة التقييممملكة الغيوم عضو جوهرة التقييممملكة الغيوم عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 1593

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
مملكة الغيوم غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : برد المشاعر المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: جنون المطر / بقلمي برد المشاعر

 

مرحبتين بكل الحلوات اسعد الله مساءكم وجعل ايامكم كلها مسرة

 
 

 

عرض البوم صور مملكة الغيوم   رد مع اقتباس
قديم 24-09-16, 07:01 PM   المشاركة رقم: 813
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
متدفقة العطاء


البيانات
التسجيل: Jun 2008
العضوية: 80576
المشاركات: 3,163
الجنس أنثى
معدل التقييم: فيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسي
نقاط التقييم: 7195

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
فيتامين سي متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : برد المشاعر المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: جنون المطر / بقلمي برد المشاعر

 



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته




شكرا أخواتي العزيزات على ألتماسكم العذر لي , كانت المدة من الأحد للجمعة ضيقة جدا ومع انقطاع الكهرباء وكثرة الواجبات اليومية وطول الفصل فشلت في إدراك الجمعة رغم كل جهدي في الكتابة .
خاصة وإنه لازم أرسله لفيتامين سي قبله على الأقل بيوم لأنها تجمعه من قرابة العشرين رسالة وتراجعه بعدي وتعدل بعض الأخطاء الإملائية الي أغفل عنها فكان الوقت جدا ضيق وزعلت عشان انتظاركم وأملكم بي وفرحت لما شفت تفهمكم وقرأت كلماتكم الرائعة .

إن شاء الله أحاول أتدارك هالخطأ وما نتعرض له مجددا ولو أنزل الفصل أقل من طوله المعتاد

وشكرا طبعا لكل ردودكم الحلوة وتعليقاتكم سعدت جدا إن الفصل حاز على رضاكم وما ضاع تعبي عليه , شكرا لأشعاركم الرائعة والجميلة شاعرات مبدعات استمتعت جدا بقراءة كل كلمة فيها وكان لي عظيم الشرف ذكر أسمي في بعض أشعاركم وصلت هداياكم الرائعة غالياتي

وكانت من أروع المفاجآت , الغالية طعون نبهتني لنقطة مهمة غفلت عنها وهي عمر غسق لما زارت العمران أنا ذكرت في البداية عمر العشرة سنين ثم كتبت ستة كنت شاكة في الرقم وبراجعه لكن نسيت وغفلت عنه والتعديل أصبح مستحيل فاعتبروه ست سنوات .
وحدة ثانية من البنات غاب عني اسمها رغم إني حرصت على تذكره نبهت

عن دبلة مطر في اليد اليمين وهذا كان خطأ آخر مني ما انتبهت له والمفروض كانت في اليد اليسار فشكرا للغوالي على دقة ملاحظتهم وتنبيهي .

صور الأبطال كانت جميلة من صورة مطر للأمير غزلان

الي أول مرة أعرف عنه هههه لصورة غسق كانت جدا رائعة وأتمنى تساعدوني والأخت الغالية لامارا في صور أبطال الجزء الثاني بعدما أصبح لديكم خلفية عن ملامح أغلبهم ( مارية , تيم , وقاص , زيزفون قاسم وبطلة حلوة ليه أعتذر عن ذكرها هههه(


وأحب أهنئ الأخوات من السعودية والشعب السعودي باليوم الوطني أدام الله عليكم أمنه وأمانه واستقرار بلادكم ولا حرمكم ذاك النعيم وأبعد عنكم أيدي المفسدين أعداء الدين .


فصل اليوم أطول فصل كتبته للآن وأتمنى ينال إعجابكم


جنون المطر ( الجزء الأول )


الفصل الرابع والعشرون



المدخل ~

بقلم الغالية : نداء الحق


غسق


ياايها الرجل القريب البعيد
قلي بالله عليك ماذا تريد؟
تحاكيني وتناورني بكل دهاء
وتدور حولي كأنني فريسة
تدفعها بكل هدوء نحو ماتريد
ألا تعلم انني ابنة شيوخ
ورضعت منذ الصغر
اصول ومفاهيم حروب الكلام
تعبت من الحلم بغدَجميل
وفرحة تملء جوانح روحي
بدل هذا الترقب المخيف
فالعمر يمضي ولانعلم
الى اين المصير
جئتكم ابحث عن اسرار
اصلي ونشأتي
لاكتشف انني مازلت
ادور في سلسلة من
متاهات الغازِ
فيا ظلام الكون متى الرحيل
متى تشرق شمس الاصيل
متى تزور البسمة اركان قلوب
المتألمين
سيبقى سؤال مبهم دون جواب
لان قومي قد قرروا ان يكونوا
اخوة يوسف الى أبد الابدين
دون توبة او ذرة ندم

*****


أنزلها وسط الخيمة الدائرية الواسعة المغطى داخلها بستائر شفافة ملونة قد وزعت فيها الزينة والأضواءالخفيفة والشموع وباقات الزهور لكن كل تلك الروعة ما كانت لتجد لها حيزا في اهتمامهما ولا انتباههما ولا حتى ذاك السرير الواسع الذي نثرت أوراق الأزهار الحمراء بنعومةعلى أغطيته البيضاء الحريرية , فما كانت صورتها في ذاك الثوب وتلك الحلة المميزة تسمح لأي جمال غيرها أن يغريه للتمعن فيه وتقييمه ولا رائحته وقربه من جسدها ونظرة الرضا والذهول في عينيه كانت لتكون أقل تأثيرا في قلبها من تلك الأشياء الجامدة .

لم تكن تشعر سوا بوجوده بقربه منها كل ذاك الحد وبجريان الدماء متدفقة في عروقها وقد حرص أن تكون في حصار ذراعيه الملتفتان حول خصرها وجسدها ملاصق لجسده
ويداها ترتاحان على صدره .

ولم تستطع رفع نظرها له حتى تلك اللحظة وأول ما وصلها كان همسه الدافئ " هل أحدد العقاب إذا ؟ "

عضت طرف شفتها بقوة ودفنت وجهها في صدره ماسحة بكفيها صعودا لكتفيه وهمست برقة " هل أستطيع تخمين ما سيكون ؟ "

خرجت ضحكته مرتخية مبحوحة كسولة وقال يشدها لجسده أكثر " لم نختلف في أفكارنا يوما "

عضت شفتها مجددا محرجة مما فهمه ويفهمه كل واحد منهما وطوقت عنقه بذراعيها وقد شعرت بشفتيه تقبل
رأسها .... ( هي له ) حكم كلاهما بذلك الآن ، هو أوضح ما يريد أن تفهمه وهي فهمت ما كان يريد إيصاله لها ولم يعد من جدوى للمماطلة والتأجيل ، رفعت رأسها ونظرت لعينيه
التي كانت تنظر لها بدفء ووهج خاص لم تراه فيهما سابقا ولا أي امرأة غيرها , قالت وأصابع يدها تتحرك بنعومة على عنقه " لن تأخذني لقبائلك مرة أخرى اتفقنا "

خرجت منه ضحكة صغيرة وقرب أنفه من أنفها ورفع ذراعيه من خصرها لظهرها يشدها له أكثر وهمس " هل بدأنا بشروط التنازل يا غسق ؟ "

أرخت نظرها عن عينيه قليلا وهمست بحياء " اعتبرها ما تريد "

قال مبتسما بنشوة من شعوره بقربها واستسلامها أخيرا وحرارة دمائها الغيورة المتملكة " ضننت أنك تريدين أن يكون للنساء رأي وأنك قد تفكري في زيارة مدن الهازان معي "

رفعت نظرها له سريعا وخرجت منها تلك الكلمة دون شعور

" لا قطعا "

وسرعان ما عضت طرف شفتها محرجة من نفسها ومن وقوعها فريسة لعبته الخبيثة تلك فعادت لتطويق عنقه متعلقة به بقوة وهمست " لا تختبر غيرة امرأة يا مطر لأنها قد تصبح مؤذية جدا صدقني "

ضمها له أكثر متنهدا وقبّل خدها عدة قبلات وكأنه يرسم حدوده عليه

بنعومة وهمس في أذنها وهي تستسلم بين ذراعيه " لا مجال للتراجع

الآن يا غسق , لن أعدك أن أسيطر على نفسي كالسابق وأكتفي بقبلة

عطشه وأبتعد ، اليوم تحديدا لن أستطيع فلا تجعلي الأمر يتحول

لقسوة تؤذيك حسنا "

دست وجهها في عنقه أكثر تلعن غبائه الذي لم يترك له مجالا ليفهم

أنها لن تتراجع ولن تقوى على ذلك وبأنه أضعفها حد الاستسلام

ولعنت غبائها أيضا حين لم تفهم سبب هروبه وابتعاده عنها وهما

عند جدول الماء حتى أوضحه لها الآن ، أبعدت وجهها عن عنقه

تتجنب النظر لعينيه المنتظرة بترقب جوابها الذي لم يكن يتصور

أنه لن يكون لفظيا حتى عبثت أصابعها الرقيقة بنهاية شعر عنقه

الناعم المقصوص تشعر بملمس بشرته من بينه وأصابع يدها

الأخرى تتحرك بنعومة على شعرات لحية فكه وأعلى نحره وقد

قربت وجهها ببطء وطبعت قبلة صغيرة رقيقة مترددة وخجولة

على طرف شفتيه لتنزل بالأخرى على ذقنه قبل أن تدس وجهها

في صدره بعدما أوصلت تلك الرسالة القصيرة المدمرة لدفاعاته

مطلقة العنان لتلك العاطفة المشبوبة وخرجت صرختها المنخفضة

مختلطة بضحكتها حين شعرت بوخز أسنانه الخفيف على عنقها

ضاحكا وقد همس بخشونة متوعدا " ويلك مني يا ابنة شراع "

رفعت وجهها لوجهه وقالت مبتسمة لابتسامته تلك " لا ترفع

راية التحدي الليلة يا ابن شاهين ... ها قد حذرتك "

إيماءة خفيفة منه كانت الجواب وهو يشدها له مجددا منحن لها مقربا

وجهه لوجهها , كانت قبلته طويلة بطيئة متمهلة وناعمة وعرف كيف

يسلب ذلك منها ، كيف يجعلها تشاركه فيه وتطلبه أيضا ، رفع رأسه

ونظر لها يسترجعان أنفاسهما القوية المختلطة قبل أن يعودا مجددا

لتلك القبلات المتعطشة وهي تشعر بسحاب الفستان يفتح من الخلف

تحت لمسات يديه فتعلقت به أكثر خشية ذاك الدوار الذي قد أرهق

حواسها ويده تتسلل بنعومة من ظهرها العاري لخصرها تحت القماش

الناعم لذاك الفستان حتى شعرت بضغط أصابعه عليه مرسلا ذبذبات

قوية في كامل جسدها تزيدها ضعفا وتعلقا به واليد الأخرى تنزل

إحدى حمالتيه ببطء , كان كل شيء فيها يطاوعه متغلبا على

حيائها وترددها وذراعاها ملتفتان حول عنقه بقوة حتى انتفضت

مبعدة شفتيها عن شفتيه مرخية ذراعيها ما أن رن الهاتف المثبت

في حزام بنطلونه بضجيج مرتفع مزعج وسمعت تلك الشتيمة

الهامسة التي خرجت من شفتيه وأصابعه تنسل ببطء ونعومة

عن بشرة خصرها لتخرج من فستانها وقد ابتعدت عنه تحاول

تثبيته من الأمام بيديها كي لا ينزل عن جسدها بسبب سحابه

الطويل المفتوح ناظرة للأسفل مدركة أن هذا الوقت المتأخر لن

يتجاهل فيه هاتفه ولا من أجلها أو بسببها .

رفعت نظرها لوجهه وهو يجيب عليه وقد رفع يده وأمسك حمالة

الفستان يعيدها لمكانها ونظره عليهما قبل أن يبتعد عنها لطرف

الخيمة موليا ظهره لها وكل تلك اللهجة القلقة الحذرة تحولت لحدة

وهو يصرخ بمن في الطرف الآخر " ما الذي أدخلها حوران ؟

بل من الذي سمح بمغادرتها من هناك "

" أفهم يا عمر فافهمني أنت الآن ، تلك المرأة لا تتحرك من

مكانها هي تريدني وسأتفاهم معها "

شدت قبضتها على الفستان أكثر تنظر لقفاه بضياع وهو يصرخ

بقسوة " أرجعوها حالا , الطفلة ليست من حقها وسبق وقلت ذلك

ولن أغفر استهتاركم لإدخالها حوران وإعطائها تلك المعلومات

ضننت أني أعتمد على رجال "

صرخ فيه بغضب " أخبرها أن مطر يأمرها بالعودة حتى أراها

أولا يا عمر وما رضخت لضغطه لتركها عنده ليسلمها لها وكنت

سآخذها لمنزلي لولا فكرته تلك , فلا ترى الطفلة أو رأيتم

مطر آخر لن يعجبكم أبدا "

ثم أنهى الاتصال شاتما بحنق واستدار وتحرك جهتها دون أن ينظر

إليها ورفع سترته وسلاحه الذي تبثه على كتفه وهي تراقب ملامحه

الغاضبة المتوترة بحيرة ، مر من خلفها ووقف وأغلق سحاب الفستان

في حركة واحدة سريعة وعنيفة ووضع سترته على كتفيها وتحرك

جهة باب الخيمة قائلا " البسيها واتبعيني للسيارة "

كانت كلمات حازمة جافة وكأن الذي كان معها منذ قليل تبخر وكأنه

شخص آخر واختفى !! أدخلت يديها في كميها الطويلان بحركة عنيفة

ولم تترك شيء فيها وحولها لم تلعنه هامسة حتى هو ثم خرجت خلفه

تراه من بعيد وهو يتحرك بخطوات واسعة ثابتة وغاضبة ولم تفهم

من تكون هذه المرأة التي تدخل حوران آخر الليل تريد رؤيته والطفلة

التي يمنعها عنها وكان سيحضرها للمنزل ! ركبت السيارة بمساعدته

ككل مرة وفي صمت من كليهما رغم أن كل واحد منهما عبر عن

دواخله بطريقته ... من أنفاسه الغاضبة وتأففه حتى ركب كرسيه

وغادرا المكان لفركها ليديها بقوة من النار التي عادت لتشتعل داخلها

وهي تحاول أن تجد تفسيرا قد يريح قلبها وعقلها الذي يكاد يجن

مكالمة أخرى وصلته لم تزد الأمر إلا غموضا وهو يقول لمن

في الطرف الآخر " جيد لتنتظر حتى أصل ، كلها ثلاث

ساعات وأكون هناك "

وأنهى المكالمة دون أن يعطيها أي تفسير ، أن يفكر أنه ثمة إنسانة

تجلس بجانبه تنهشها الظنون نهشا وعقلها يؤلف ملايين القصص

عن سر تلك المرأة ولم يرحمها بأي شيء ، رفعت يدها ومررت

أصابعها المرتجفة على عنقها وكأنها تستجدي هواءً نقيا أكثر وقد

اختنقت لا تعلم من أنفاسه الغاضبة وتوتره الذي حبس الهواء كله

جهته أم بسبب هواجسها هي وظنونها ، أنزلت زجاج النافذة قليلا

فاندفع الهواء الخريفي البارد بقوة بسبب سرعة السيارة على

الطريق المعبدة مخرجا له من صمته مجددا وقد قال بذات

ذاك الحزم الرجولي " الجو بارد ليلا ولباسك خفيف أغلقيها "

كانت تكاد تجن من لهجته الآمرة دائما فلم يكن ينقصها الآن إلا هذا

خرجت الكلمات منها بصعوبة وقلبها يخفق بسرعة بين ضلوعها

وأنفاسها المتلاحقة تكاد تخنقها " أشعر بالحر .. أكاد أختنق "

فنقل نظره لقبضتيه المشدودتان على المقود وعاد لصمته المبهم الذي

لم يخفي شيئا من تأثير غضبه على ذاك المحيط حوله وكأنه ينبعث

من جسده كموجات قوية نسفت كل شيء ، أشاحت بوجهها جانبا متكئة

برأسها للخلف على مسند الكرسي تراقب الظلام الأسود الذي لم يزد

أفكارها إلا اسودادا وكآبة وقد مرت أمامها كل تلك اللحظات التي كانا

فيها معا منذ دقائق فقط وتلاشت من بين يديها وكأنها كانت تمسك بشعاع

نور وتسلل من بين أصابع واختفى ، أغمضت عينيها بقوة تطرد ذاك

الشعور بتلك المشاعر المحمومة التي عاشتها معه ، لا تريد أن تصف

نفسها بالغباء مجددا وبانسياقها خلف الاستسلام للمساته من جديد فما

حدث لا شيء سيغيره الآن ، أمسكت قبضتيها على قماش الفستان عند

فخذيها بقوة فلثاني مرة تعيش ذات الشعور بالقهر ، ثاني فستان زواج

يتحول فوق بشرتها الناعمة لأشواك وليلة أخرى لها مع هذا الرجل

يفترض أن تكون فيها عروسا تتحول لكابوس قاتل , بل كانت هذه

مختلفة كل الاختلاف عن تلك كانت مشاعرها اتجاهه أعمق وشعورها

بخذلانه أقوى وأشد بل حتى سببه مؤلم حد الوجع ( امرأة أخرى ) من

أبعدته عنها ، حقيقة قاسية ومجحفة في حق قلبها ولم تعد تتحمل المزيد

فهي لم تتخطى ضربة أنجوانا تلك لها بعد لتخرج لها أخرى ، فكرت

بمرارة أن تكون تلك المرأة سبب وجود ذاك الخاتم في أصبعه ، لكن

ماذا بشأن الطفلة ! عاد عقلها لنسج تلك الصور البشعة عنه (زير

نساء يتزوج من كل منطقة يستقر فيها لأجل حروبه وثمة قائمة طويلة

لمن عرفهن قبلها ) وطرد عقلها نهائيا حديث عمتها جويرية عن أنه لم

يعرف الفتيات ولا في صغره ولم يهتم للنساء ( كلها كذب ) مثلما ظهر

أن اتهامات الناس لوالده بقتل أقربائه كان كاذبا ، اشتدتا قبضتاها على

القماش أكثر وهي تتخيل أنها زوجته وتلك الطفلة ابنته منها , هذا إن

كانت وحدها من مرت في حياته ، رن هاتفه مجددا وتمنت لحظتها

أن يرميه من النافذة وهو يخرجه متأففا وأجاب عليه دون أن يتحدث

لبرهة قبل أن يزيد من رميها بتلك الرصاصات القاتلة وصوته

الجهوري الحانق يملأ صمت وسكون تلك السيارة

" نعم لتبقى هناك "

واشتدت نبرته مجددا بحدة " ومن يكون هذا وما يفعل معها ؟ "

" أجل أجل فهمت وداعا "

وأنهى المكالمة بعاصفة جديدة من تأففه الغاضب راميا بالهاتف

فأغمضت عينيها ببطء ولم تغير وضعيتها تلك أو تتحرك طوال

الساعتين التاليتين وليست تعلم يضنها نائمة أو لا يهتم أساسا إن

كانت موجودة أو حتى إن فتحت باب السيارة وقفزت منها , ولم

تتحرك إلا حين وقفت السيارة أمام باب المنزل ففتحت بابها فورا

وقفزت خارجها وأغلقته خلفها بقوة متجهة جهة المنزل لتوقفها

قبضة يده القوية على معصمها وقد سحبها معه للداخل تستغرب أن

تذكر وجودها أساسا ! صعد بها السلالم تتبعه محاولة سحب يدها

منه فهي كانت ستتوجه لغرفتها فورا , لا تريد أن تقدم له خدمات

الزوجة الخادمة ولا أن تسمع تبريرا عما حدث هناك وتشك أن يقدمه

لها أساسا أو أن يشرح أسبابه ، وصلا الغرفة وترك حينها يدها

وصوت أذان الفجر قد ملأ صمتها وبرود جدرانها المميت ، تبعته

بنظراتها وهوا يتوجه لمرآة التزيين وقد أخرج أوراقا من أحد

أدرجها ولازالت ملامحه مشدودة غاضبة ومتوترة وفمه القاسي

مزموم بحزم ، فتح زرين من أعلى قميصه الأبيض بيده الأخرى

وكأنه يحتاج لتنفس هواء أكثر ثم توجه نحوها حتى وقف أمامها

وهي تتجنب النظر له ظهرها مستقيم ومرخية جفنيها للأسفل

تتجنبه أمسك وجهها بيديه وانحنى له برأسه وقبل خدها برقة

هامسا بهدوء لم يخفي نبرة الحزم فيه " لن أتأخر كثيرا

غيري أنتي ثيابك ونامي "

أبعدت يديه مبتعدة عنه ونزعت السترة عنها ورمتها على

طرف السرير قائلة بشبه همس " سأنزل لغرفتي "

شعرت بأصابعه تقبض على ذراعها وقد أدارها جهته

قائلا بحزم " غسق ما بك ؟ "

أمسكت رسغه تبعد يده وشدت ذراعها منه حتى أفلتها وقالت بحنق

" لا شيء بي سأنزل لغرفتي ولن أنام هنا طبعا "

تحولت ملامحه للقسوة وكانت ترى جديا علامات انفجاره الوشيك

فسبقته وقد رفعت كفها أمام وجهه قائلة بحنق " وفر كلماتك أعلم ما

ستقول وسبق وشرحته لي ... أنا في المرتبة الثانية أمام أي شيء

آخر فغادر لأولوياتك الآن "

مرر يده في شعره مستغفر الله همسا من بين أسنانه مهدئا لنفسه

وقال بتروي حازم " قلت أني سأعود بعد قليل والوقت أمامنا

ولن يفرق الأمر إن كان في خيمة تنانية أو هنا "

شعرت بذل معنى كلامه أكثر من شرحه لمقصده فصرخت فيه

رامية يدها جانبا " توقف عن قول الحماقات يا مطر ما هذا

الذي أخبرك عقلك به ؟ أنا لا أهتم لما ترمي إليه "

صرخ فيها بغضب أكبر " توقفي عن رفع صوتك في وجهي

لن أحذرك في كل مرة يا غسق "


سحبت نفسا قويا ارتفع معه صدرها الذي كشف ذاك الفستان جزءا

كبيرا منه وأخرجته ساخنا محترقا يعكس توهج وجنتيها الشديد ولمعان

القهر في عينيها وهمست بحروف بطيئة ناظرة لعينيه الغاضبة " غادر

ولا تتركها تنتظرك طويلا ولا تستعجل فلن تجدني أنتظرك هنا "

مد يده للأخرى وفي حركة سريعة غاضبة أخرج ذاك الخاتم الفضي

منها وخرجت الحروف من بين أسنانه قائلا بقسوة " معك حق

فأنا أضيع وقتي ليس إلا "

ثم رماه بطول يده جانبا ليضرب في زجاج مرآة التزيين مصدرا

رنينا قويا ارتجف له قلبها قبل أن يرتد متدحرجا على الأرض مع

صوت كلماته الهامسة بحنق وهوا يستدير " هذا هوا ثمن الزواج

بالنساء وإنزال النفس لهن "

وغادر من هناك ضاربا الباب بقوة وهو يفتحه مخلفا بقايا زلزاله

خلفه ... امرأة تحولت لآلاف القطع المتناثرة في الأرجاء وإن كانت

تقف كاملة مكانها فهي مجرد خيال حي ، تحركت بعد برهة ترفض

الحقيقة التي صارت عليها تمسح تحت جفنيها بظهر كفها بقوة تمنع

دموعها من مجرد التفكير في النزول , نزلت السلالم على صوت

ضربه القوي لباب المنزل تشعر به صفعة أخرى على وجهها كتلك

حين ضرب باب الغرفة ، وصلت للأسفل وليست تعلم كيف كانت

قدماها تقودانها فلم تكن تشعر بجسدها إلا قطعة واحدة متحجرة

يحتاج لشاحنة لتسحبه , وقفت مكانها لبرهة وهي تنظر للجالسة

على كرسيها المتحرك تنظر لها بصدمة يبدوا لم تجتازها بعد من

رؤية النازل قبلها وحالته متنقلة بنظرها من فستانها لشعرها

لوجهها المحتقن من الغضب والقهر وقد قالت باستغراب

" غسق ما بكما ؟ "

لكن تلك لم تجب عليها بل ركضت مسرعة جهة ممر غرفتها حتى

دخلتها ضاربة الباب خلفها فلم يكن ينقصها إلا أن يشهد أحدهم على

مأساتها الأخرى , وحمدت الله أنها لم تكن جوزاء وأسمعتها موشحها

الطويل ذاك لكانت أفرغت فيها الآن غضبها من كل شيء وأولهم

شقيقها , توجهت جهة السرير وبدأت بفك تلك الأزهار البيضاء عن

شعرها والمشابك السوداء الرقيقة التي ثبتوها بها
, تنزعهم بغضب

وترميهم بعشوائية حتى سمعت صوت الباب فتح من خلفها وعجلات

كرسي عمتها وهذا ما لم تكن تتمناه , لم تكن تريد رؤية أحد ولا
الحديث مع أحد أيضا

مع أحد أيضا , بينما أوقفت تلك كرسيها خلفها تنظر لشعرها الذي نزل

مموجا على ظهرها بسبب تلك اللفات المثبتة له سابقا وللأزهار المرمية

تحتها وقد رفعت شعرها من الأمام بيديها وأصابعها تمسك رأسها بقوة

وكأنه يوشك على الانفجار وحركة كتفيها تدل على تنفسها القوي الهائج

فقالت بهدوء ناظرة لها " غسق تكلمي ما بكما ؟ ما هذا الذي جلبكما

الآن وما حدث بينكما كل واحد وجهه أسوء من الآخر ؟ "

التفتت لها ناظرة لوجهها بتلك العينين المجهدة المحمرة من حبس

الدموع وقالت بحدة " ما بنا عمتي برأيك ؟ لقد فعلها مجددا

وتركني خلفه "

قالت تلك تتمسك بهدوئها علها تخفف من غضب الواقفة أمامها

" غسق عليك أن تراعي ظروفه ومكانته ومشاكله , لا أحد

يترك خلفه هذا الحسن الذي يزداد في كل مرة إلا إن ابتلي

بمصيبة أبعدته ولعنها ألف لعنة "

حاولت التحدث قول أي شيء لكن العبرات تجمعت في حلقها وكأن

ما ستقوله يخرج من عروق قلبها وأوردته مستلا لها معه , تساقطت

من عينيها تلك الدموع التي صارعتها طويلا وهي تشهق الهواء وكأنها
ستموت ثم ركضت جهة الجالسة على ذاك الكرسي وارتمت أمامها

ودفنت وجهها في حجرها تصرخ باكية " خرج من أجل امرأة

أخرى عمتي , لقد تركني ليذهب لها بل وقطع كل تلك المسافة

في هذا الوقت لأنها تنتظره هنا "

وانطلق كل ما كانت تسجنه في صدرها تبكي وتنحب وتصرخ وتخرج

كل ما في قلبها وتلك تمسح بيدها على شعرها بحزن تاركة لها المجال

لتفرغ كل ما تكبته أمام الجميع تتحدث عما كسرها منذ دخلت أراضيهم

حتى اللحظة وحتى تنازلها عن مهرها من أجله , وكل عبارة تقطعها

شهقاتها لقِطع إلى أن قاطعتها ماسحة على شعرها بحنان

" هوني عليك بنيتي وسيأتي وأتحدث معه بنفسي "

وقفت من فورها مبتعدة عنها تمسح دموعها بكفيها وقالت

" لا عمتي حلفتك بالله لا يعلم عن شيء من كل هذا أرجوك "

هزت تلك رأسها بحسنا وقالت " أعلم ما الذي لا تريديني أن

أخبره عنه لكن لي حديث معه ما أن يرجع فاستحمي أنتي

الآن وصلي الفجر ونامي قليلا "

وخرجت وتركتها جالسة على طرف السرير تمسح بقايا

الدموع التي ترفض التوقف


*

*




ما أن خرج من المسجد توجه للمكتب الذي كان مخصصا لتسجيل

الأنفس والمولودين الجدد ولولا خوفه من أن تختفي تلك المرأة أو

تذهب لمنزل عكرمة مجددا وتحاول رؤية الصغيرة لما جاء وهو

بهذا المزاج الذي قد يحرقهم جميعا , دخل المكان الضيق المختصر

وأول من نفث به نيرانه كان الواقفان في الخارج وقد صرخ بهما

ما أن وصل " هل أقول كلاما لنش الذباب فقط أم تسخرون مني

وأنتم تضربونه عرض الحائط ؟ قلت لا أحد يخرج من

مدن الهازان هنا أم لم أقل ذلك ؟ "


قال أحدهما باحترام وتوجس " قلت سيدي ونحن نعمل على ذلك بكل

جهدنا لكن ما أن أخبرتنا المرأة بأنها والدة الطفلة وأن عليها رؤيتك

سريعا ورؤيتها ضننا أنك قد تغضب إن رفضنا طلبها وإلحاحها

خاصة مع حرصك الشديد على أمر تلك الطفلة "

كانت تلك كل ما يملك من التبريرات التي لاحظ أنها لم تخفف من

غضب الواقف أمامهما شيئا وقد صرخ مجددا " حمقى وتأخذونها

لرؤية الطفلة في منزل عكرمة لماذا ؟ ألم يخبركم عقلكم المريض

أن الطفلة مريضة وتلقت صدمة كبيرة قد تخلف لها عقدا مدى الحياة

وأنها تضن زوجة عكرمة والدتها وأن حضور هذه المرأة قد يسبب

لها أمورا الله وحده يعلم ما تكون ونحن لم نعلم بعد طبيعة مرضها

ذاك ؟ كيف سمحتم لأنفسكم أن تفعلوا ذلك من دون أخذ موافقتي

ولولا اتصال عمر بي أضنكم ما كنتم لتخبروني أبدا أليس كذلك ؟ "

تحدث الآخر قائلا " آسف سيدي لم نفكر في الأمر من هذه الناحية

والسيد عكرمة ما أن تحدثنا معه قال لا أحد يمنع الوالدة من

طفلتها وضن أنك لن تعترض "

هز رأسه بسخرية قائلا " عجبا حقا ! إن كانت تعنيها ابنتها ما

تركتها ولكانت عاشت الأمر معها كجدتها تلك فهل أخبرها

قلبها الآن أن لها طفلة عليها رؤيتها ؟ "

نظرا لبعضهما ولم يعلقا بشيء فاجتازهما قائلا " ستعودان بهما

ما أن أنتهي من لقائهما ولا يخرجان من مدنهم هناك ولا أحد

غيرهم أو نزل عقابي بكما "

توجه لباب معين من الثلاث أبواب الموجودة في ذاك الممر الضيق

وفتحه ودخل فوقف له الموجودين فيها من فورهم وكانوا عمر وهو

المسئول عن ذاك المكتب والجالس خلف طاولة وقد خرج من خلفها

فورا ما أن دخل عليهم وامرأة في الثلاثين من عمرها تضع وشاحا

أسودا شفافا على شعرها ومقدمته تظهر من تحته يقف بجانبها رجل

فيما يقارب الخامسة والأربعين من العمر بقامة طويلة وبنية نحيلة

ألقى السلام بكلمات جامدة وهوا يتوجه للكرسي خلف تلك الطاولة

وقد أجابوا عليه ثلاثتهم وجلس مشيرا لهما بيده ليجلسا قائلا

" عمر يمكنك تركنا لوحدنا قليلا ولا تبتعد عن هنا أريدك في أمر "

هز ذاك رأسه بالطاعة وخرج من فوره مغلقا الباب خلفه وكتف

مطر ساعديه فوق الطاولة ناظرا لهما بثبات وقال " وصلني أنكما

جئتما من أجل رؤيتي فما الذي أخذكما لرؤية الطفلة ؟ "

كان زوجها سيتحدث فسبقته هي قائلة " هي ابنتي يا زعيم ولا

أعتقد مما سمعناه عنك أنك تحرم والدة من ابنتها "

قال من فوره " هل أنتما من بلدة خماصة ذاتها ؟ "

تكلم زوجها هذه المرة قائلا " لا نحن من الحويصاء وحين وقعت

في قبضتك انتقلنا لتيمور عند الساحل وهي تبعد كثيرا عن

الحدود هناك وعن خماصة "

نقل نظره منه للجالسة بجانبه وقال " وهل كنت تزورين ابنتك ؟

ولما لم تأخذيها معك ولماذا لم تذكر جدتها شيئا عنك في أوراقها

التي وجدناها معها وأغلبها كتبت بخط يدها "

تلكأت تلك قليلا قبل أن تعدل من وشاحها قائلة " كانت المدينة

بعيدة كما أخبرك صفوان سيدي وجدتها أرادتها معها "

هز رأسها بحسنا ونظر للدفتر الكبير تحته لبرهة ثم رفع رأسه

لهما وقال " وهل لديكما أبناء ؟ "

هزت رأسها بلا فورا وقالت " الله لم يرزقنا حتى الآن وزوجي

يعاني من بعض المشاكل وأنت تعرف الطب هنا وتأخره "

رفع يده مسندا مرفقها على الطاولة ومرر أصابعه في شعرات لحيته

القصير جهة فكه وقال " والمطلوب الآن يا سيدة ... "

قالت من فوها " زهراء سيدي أسمي زهراء "

قال ببرود " حسنا "

حركت عينيها قليلا كرد فعل لا إرادي من تملقه وبروده فقد وجدته كما

سمعت عنه تماما ولم تتخيل أن يترك الحدود قادما هنا من أجل الطفلة

وفشل مخططهما , قالت ببعض الهدوء الحذر " أريد ابنتي سيدي بما

أني رجعت لقريتي ومكاني وجدتها توفيت "

قال وقد اتكأ لظهر الكرسي للخلف مكتفا يديه لصدره " وابنتك حسب

علمك مريضة وتحتاج لعناية خاصة ودقيقة وشهدت وفاة جدتها أمامها

والمرأة التي ترعاها حاليا تضن أنها والدتها أي تضنها أنتي فهل

يرضيك أن تضري ابنتك بقلب الحقائق في دماغها الصغير

المريض الذي قد تفقده بسببك "

فتحت فمها لتتحدث فسبقها زوجها قائلا " لا طبعا وستكون

لدى تلك المرأة أفضل "

نظرت له من فورها قائلة " صفوان !! "

لكنه تجاهلها تمام وتابع حديثه مع الجالس أمامهما قائلا " حسنا

يمكننا تركها لهم لكن منزل جدتها والأرض حوله هو ورث لها

من أبيها ونحن نقيم حاليا في إحدى غرف المدرسة لأنه لا منزل

ملك لنا هناك فهل يمكننا الانتقال له ولو مؤقتا ؟ "

ابتسم بسخرية ناظرا لزوجته تحديدا فها قد ظهرت نواياهما وكما

توقع ما جلبهما هو ما تملكه تلك الطفلة وقد جاءا ليستفيدا منها

أو ما كانا ليفكرا بها أبدا "

نظر لهم رافعا رأسه وقال بسخرية " وهل لديكما علم بقوانين

الميراث للأطفال في الحالك والتي أصبحت سارية على

مدن الهازان أيضا ؟ "

نظرا لبعضهما باستغراب ولم يعلقا فتابع " الفتى حتى يبلغ والفتاة حتى

تتزوج والملكية لها حينها ولها حرية تركها لزوجها أما قبله فكل شيء

يكون تحت وصايتي وباسمي لا يحق لأحد الانتفاع به أبدا ولا لمسه

أي حتى تتزوج ابنتك وإن تزوجت بعد أربعين عام ووقتها لن

يكون لأحد سواها أو لزوجها برضا تام منها "

وقفت تلك على طولها قائلة " سمعنا عنك العدل يا ابن شاهين ولا

أراك الآن إلا ظالما , فإن كبرت ابنتي ولم تتزوج هل يبقى أرثها

معلقا هكذا وهي قد تكون في الشارع "

قال ببرود جليدي ناظرا لها " وقتها لكل حادث حديث وذلك

طبعا ليس قبل أن تكبر وتيئس من الزواج طبعا "

وقف زوجها هذه المرة وسحبها معه من يدها جهة الباب قائلا

" أخرجي أمامي هيا قبل أن يطلب أن نأخذها معنا لتلك الغرفة

الضيقة يكفيني أنتي "

*

*


فتحت عينها ليقع نظرها على عمتها الجالسة على كرسيها بقرب

رأسها وقد مسحت على شعرها قائلة بحنان " كيف تشعرين

الآن يا غسق "

هزت رأسها هزة خفيفة وهمست " أفضل "

ثم أضافت ببحة " كم الوقت الآن ؟ "

قالت تلك مبتسمة " الساعة الآن العاشرة ، كلها ساعتين فقط

التي نمتها ، هل أعطيك من دواء حبيبة مرة أخرى ؟ "

هزت رأسها بلا قائلة من فورها " كله إلا دواء حبيبة عمتي فهو

مر ولاذع وأسوء دواء شربته من قبل "

ضحكت نصيرة قائلة " لكن مفعوله رائع وقد أراحك ونمت أيضا "

انفتح باب الغرفة بعد طرقتين خفيفتين ودخلت منه حبيبة قائلة بابتسامة

ونظرها على النائمة على السرير " أراك أفضل الآن ولم يعودا

خداك بلون التفاح الأحمر وعادتا زهريتان جميلتان "

تساندت بمرفقها حتى جلست تجمع شعرها للخلف قائلة بابتسامة

صغيرة " جيد أن لهما أي لون بعد شرابك السيئ ذاك فلازال

طعم حلقي كالعلقم حتى الآن بسببه "

ضحكتا نصيرة وحبيبة وقالت عمتها " لن نعطيك غيره كلما

جاءتك نوبة تقيؤ "

شهقت غسق بصدمة بينما ضحكت حبيبة قائلة

" أعانك الله عليه حين تحملين "

فماتت ابتسامتها وشحب لون وجهها فجأة ونظرت لعمتها التي

كانت تنظر لها بلوم تفهمه جيدا فهمست تنظر لأصابعها

" أرجوك عمتي "

قالت تلك بحزم قاطع " لنترك كل شيء لوقته "

قالت حبيبة " كدت أنسى ، السيد صقر يطلبك في الحديقة سيدتي

فهل أخبره أنك متعبة ولا تستطيعين الخروج "

نظرت لها غسق باستغراب ثم لعمتها قبل أن تعود بنظرها لها

وقالت " يريدني أنا ! "

هزت رأسها بنعم وقالت " كنت سأخبره أنك نائمة ومتعبة

ثم قررت أن أخبرك أولا "

قالت غسق مبعدة اللحاف عن جسدها وقد أنزلت قدميها للأرض

" سأخرج له لقد أصبحت أفضل الآن ، شكرا لك يا حبيبة "

ثم دخلت الحمام غسلت وجهها عدة مرات ثم نظرت له في المرآة

واكتشفت أنه ما يزال شاحبا حزينا أكثر منه متعبا ومرهقا ، نشفته

جيدا بالمنشفة ثم خرجت للغرفة التي وجدتها فارغة لا أحد فيها فغيرت

ثيابها ومشطت شعرها وجمعته بمشبك ثم لفت حجابا أبيضا وخرجت

من الغرفة ومن المنزل وتوجهت حيث تسمع صوت حبيبة وضحك

صقر وما أن اقتربت منهما نظرت باستغراب لتلك الحفرة العميقة في

الأرض وعمها يقف فوقها يمسك معولا في يده وحبيبة بقربه تمسك

شتلة بساق طويلة وأوراق خضراء ، تباطأت خطواتها وعلت نبضات

قلبها وهي ترى السيارة التي توقفت هناك والذي نزل منها ضاربا بابها

يرتدي بنطلون كحلي وقميص قطني مغلق بأكمام طويلة وبلون أزرق

غامق ، أشاح كل واحد منهما بوجهه مبعدا نظره عن الآخر حين تلاقت

نظراتهما وانتقل للحديث مع عمه لنزوله هناك عنده ولم تكن تسمع ما

يقولان ونظر لها صقر ما أن رآها وقال " تعالي يا غسق "

اقتربت منهم وحيته تجبر شفتيها على استجلاب ابتسامة ولو صغيرة

فقال مبادلا لها لابتسامة " مرحبا بالغزالة جميلة صنوان وجميع ما

حولها ، ما به وجهك شاحب هكذا لا يكون ابن شقيقي أغضبك ؟ "

أبعدت نظرها ووجهها هربا من ملاحظته وهمست بصعوبة

" مرهقة فقط بسبب قلة النوم عمي لا شيء مهم "

وقصدت التشديد على آخر كلمتين متعمدة فتحرك حينها الواقف

بجانب عمه قائلا ببرود حازم " سأترك الأمر لك وسأتصل

بهم لاحقا وأتفق معهم "

وغادر من هناك مارا بجانبها تسمع صوت مفاتيحه التي أخرجها

من جيب بنطاله وتشعر بنبضات قلبها الغبي تلحق خطواته القوية

الواثقة وحواسها تتبع رائحة عطره الرجولي الخفيف ، لعنت نفسها

بحنق هامس وهي تراه يتجاهل وجودها وكأنها شجرة من أشجار

الحديقة بينما هي فقدت كل شيء مرتبط بها حتى أنفاسها ما أن

رأته وسمعت صوته ومر بجانبها ، رفعت نظرها لعمها الذي

قال " تعالي لتزرعي شجرتك في الحديقة لقد اخترت لك شجرة

الخوخ تحديدا لأن ثمرتها تشبهك في كل شيء ناعمة وجميلة "

ابتسمت تكابد دمعتها وضحكت حبيبة قائلة " لو سمعك ابن

شقيقك تتغزل في زوجته لغرس هذه الشتلة في رأسك أو أذناي "

فانطلقت ضحكة صقر وخرجت ضحكتها الرقيقة المنخفضة رغما

عنها وقال صقر وهوا يبلل التراب بالماء من الخرطوم " ذاك لا

يستحق ولا نصفها لكن حضه صارخ دائما ما سنفعل له "

ثم نظر لها وقال " تعالي هيا أنتي من ستغرسينها بنفسك لتكون لك

شجرة هنا حتى إن أخرجوك من المنزل تأتي كل يوم لرؤيتها

رغما عنهم ولتكن كمسمار جحا في حلوقهم "

ضحكت مقتربة منه وقالت بحماس باسم

" حقا ستكون هذه الشجرة لي ؟ "

أخذ الشتلة من حبيبة ومدها لها قائلا " أجل ولن ينكر ذلك أحد

فالجميع له أشجار هنا حتى شقيقي دجى رحمه الله وقاسم

ابن نصيرة "

أمسكت منه تلك الشتلة وقالت حبيبة مبتسمة " وأنا لدي شجرة

نخيل هنا أراقبها كل يوم كيف أصبحت "

قال صقر ضاحكا " وطبعا هي تشبهها في كل شيء "

نظرت له حبيبة بضيق ولن تستطيع أن تعلق فقالت غسق مبتسمة

" بالطبع فهي مثلها صبورة وقوية وكل شيء يخرج منها حلو المذاق "

ضحكت حبيبة هذه المرة ولم تعلق فلوح صقر بيده قائلا ببرود

" أسكبي الماء هيا بلا كثرة حديث "

فسكبت الماء من الدلو ووضعت غسق الشتلة في الحفرة العميقة

بعض الشيء ومد لها المعول قائلا " هيا أنتي من سيفعل كل ما

يخص زراعتها كي تكون شجرتك فعلا "

أمسكته منه وقالت مبتسمة " وماذا عن ثمنها لتكون لي فعلا حينها "

قال مبتعدا عن التراب الذي ستغرفه " لا ذاك هدية مني لك "

شكرته مبتسمة وبدأت بغرف التراب وسكبه في الحفرة تباعا

وبجهد وجد وقالت " وماذا إن ماتت شجرتي ؟ "

ضحك صقر وقال " تفقديها كل يوم كما تفعل حبيبة "

ضحكت غسق بينما قالت حبيبة بضيق تمسك وسطها بيديها

" نخلتي في آخر الحديقة في الخلف من سيعلم عنها إن لم أتفقدها ؟

أما هذه فهي في الطريق للمنازل سيلاحظها كل من سيدخل ويخرج "

ثم نظرت خلفها حيث وقفت حفصة من بعيد منادية لها فقالت مغادرة

" أردت أن أحضر جميع مراسم غرسها ، أمري لله "

وغادرت ونظراتهما تتبعها وقالت غسق مبتسمة " كم هي

رائعة هذه المرأة ومقربة لقلبي "

قال صقر وقد عاد لترطيب التربة بالماء " أجل إنها امرأة طيبة

المعشر طيبة المنبت "

نظرت له مستغربة وقالت " أتعرف عائلتها وأصلها ؟ "

هز رأسه بنعم وقال بلمحة حزن " زوجها رحمه الله كان صديقا لي

منذ كنا فتية ولم يفرقنا شيء إلا موته ، هم عائلة كريمة طيبة وأقسم

لولا إصرارها ما تركتها تعمل في البيوت وكنت سأتولى رعايتهم

بنفسي لكنها كوالدها وشقيقها رحمهما الله أعزاء نفس لا يرضون

بأخذ شيء من أحد لذلك جلبتها لتعمل هنا في منزلنا وتحت ناظري

ولا يذل أحد زوجة اعز إنسان على قلبي بعد موته ويسألني

عنها يوم نلقى وجه بارئنا "

ابتسمت ناظرة له بحب فقد ضنت أنه لا نسخ عن والدها شراع ولم

يخب ظنها حين شعرت نحوه ما أن رأته بما يشبه مشاعرها ناحية

والدها الذي رباها ، أنهت إنزال التراب في الحفرة مستمتعة برفقة

ذاك الرجل الذي عرف كيف يبدد بعضا من حزنها وغبنها لا بل

الكثير منه وهو يزرع الضحكة والابتسامة على شفتيها ، أنهت

الحوض حولها بمساعدته ثم وقفت وقالت ناظرة لثيابها ويديها

الملطخة بالطين " عليا الاستحمام مجددا الآن قبل أن

أصلي الظهر "

ضحك صقر وقال وهو يرفع المعول والدلو " أنتي كسبت

شجرة أما أنا فسأستحم مجددا بلا فائدة ترجى "

ضحكت وقالت " بلى ثمة فائدة "

اقتربت منه وقبلت جبينه رافعة جسدها على رؤوس أصابعها فهي

تحسبه والدها شراع فهو في عمره تماما ولم تكن تحمل له إلا التقدير

والاحترام وتشعر بأنه يبادلها ذات تلك المشاعر وكأنها من دمه .

فاجأها بأن قبل رأسها أيضا شاكرا لها ثم ساعدها في غسل يديها

وقدميها ممسكا لها خرطوم الماء وغادرت عائدة للمنزل بعدما شكرته

مجددا وودعت شجرتها الصغيرة على ضحكه عليها ودخلت المنزل

فأوقفتها حفصة تحمل صينية في يديها وقالت " جيد أنك دخلت

سيدتي هل يمكنك حملها للسيد مطر فالسيدة جوزاء طلبت

تجهيزها لكنها تأخرت "

شعرت بأنها في مأزق حقيقي ولا مفر لها منه رفعت يديها بصعوبة

وكأنها ترفع ثقلا كبير وأمسكت الصينية منها وتحركت بها جهة

السلالم تلعن حظها الذي جعلها تدخل هذا الوقت تحديدا ، تنفست

بقوة متمتمة وهي تجتاز الممر " أنتي زوجته تحت كل

الظروف حتى متى سيخدمه الغير ؟ "

فهي لا تنكر رغم كل شيء أنها ليست مقتنعة بقيام جوزاء بأغلب الأمور

التي يحتاجها ومن دون أن يطلب ذلك , يكفيها رؤية الخادمات لها تنام

في غرفة لوحدها ولولا أنه ولا واحدة منهن تتجرأ على إخراج أسرار

منزل زعيمهم لكانت سيرتها وسيرته على كل لسان في الحالك .

وصلت باب الغرفة النصف مفتوح ودخلت دافعة له برفق وتنفست

بارتياح وهي تراه جالسا في الطرف الآخر للسرير موليا ظهره لها

منشغل بشيء ما في يده لا تراه فقررت وضع الصينية والمغادرة

في صمت كي يضنها شقيقته , وما أن انحنت على الطاولة لتضعها

حتى جمدتها كلماته الباردة حد الصقيع حين قال دون أن يلتفت لها

" أخبري جوزاء توقظني وقت العصر وأغلقي الباب خلفك "

فعضت شفتها بقهر تشعر بكلماته وكأنها خناجر غرست في قلبها

وضعت الصينية وأولته ظهرها مغادرة هامسة " ومن قال أني

أريد إيقاظك لتطلب أن أخبرها هي أو أريد البقاء لتطردني "

وخرجت ساحبة الباب خلفها وتحركت سائرة لم تشعر بأن قدماها

من كانتا تحملانها ولم تكن تتخيل أن القهر والمهانة يفعلان في

الشخص هكذا حتى عرفت هذا الرجل ، ما أن وصلت غرفتها

حتى ضربت بابها قائلة بقهر " لقد نزع المزاج الذي عدله

عمه , وكأني أنا التي أخطأت في حقه وليس هو "

وسجنت نفسها في غرفتها لباقي اليوم متجنبة لقائه وإن بالمصادفة

فلن تتحمل إهاناته اللاذعة أكثر ولا مشاعرها المتناقضة نحوه

حتى أسدل الليل ستاره الأخير



*

*


صعد السلالم لا ينتظر شيئا سوى أن يجد نفسه في السرير ليرتاح

وينام أخيرا لساعات فحتى الليلة كان ينوي النوم فيها في وقت

أبكر من هذا لكنه لم يستطع العودة قبل هذا الوقت المتأخر .

اقترب من غرفته عاقدا حاجبيه مستغربا بابها المفتوح وهو من

أغلقه بنفسه بالمفتاح ولا أحد يملك واحدا غيرها ولن يتخيل أن

تكون هنا الآن !! وصل باب الغرفة ووقف عنده وتذكر وقت رأى

باب الخزانة المفتوح يخفيها خلفه أنه طلب نقل ثيابها إلى هنا من

قبل مغادرتهما للعمران بالأمس لأنه كان متأكدا من أنها لن تحتاج

لغرفتها تلك بعدها ، ابتسم بسخرية أقرب للمرارة على أفكاره تلك

وعلى حالهما فها هي حساباته تخونه لأول مرة ويخطط ويفشل .

آخر ما كان يريده الآن هو رؤيتها أمامه وغضبه منها لازال كلما

خمد قليلا عاد واشتعل ما أن يتذكر ما حدث , كان ينوي تأجيل أي

مواجهة معها لوقت بعيد لا يعلم متى سيكون لكن ليس الآن وهذه

المرة وفي هذا المكان والوقت فهو لم يستوعب بعد سبب تقلباتها

تلك ولم يعد يفهم أتتلاعب به أم ماذا تريد ؟ وأكثر ما يخشاه فقدان

أعصابه وهوا بهذه الحالة لذلك قرر دخول الغرفة والتوجه للحمام

مباشرة وتجاهل وجودها لكن ذلك تبخر ما أن أغلقت باب الخزانة

وظهرت من خلفه بفستانها المنزلي شعرها مرفوع ومجموع بمشبك

بشكل عشوائي وقد تناثرت عدة خصلات منه , وما أن نظرت جهته

حتى يبست مكانها تمسك الملابس في يديها فهي مثله ما كانت تتصور

ولا تريد رؤيته وقد ضنت أنه غادر أو سيبات خارج المنزل بعدما

انتظرته كل هذا الوقت ولم يأتي فلم يكن موجودا في خزانة غرفتها

في الأسفل سوا الفستان الذي تلبسه الآن ولبسته منذ عودتهما فجرا

والثياب التي خرجت بها للحديقة وقد اتسخت تماما , حتى ملابس

داخلية لم يكن لديها سوى التي جاءت بها من رحلتهما تلك .

أرخت نظرها هربا من نظرته المركزة عليها وقد لاحظتها رغم

الضوء الخفيف للغرفة والآخر المنبعث من الباب خلفه وقد غمراها

بإضاءة متوسطة بعض الشيء ولم تكن تحتاج معهما لتشغيل أي

من أضوائها الرئيسية ، كان وجودهما وحدهما في مكان شبه مظلم

وساكن بل وهذا المكان تحديدا له التأثير الأعظم على أعصاب كل

واحد منهما وعلى تأثير كل تلك الذكرى بينهما لكن ذاك الألم في

قلب كل واحد منهما كان أعظم من كل تلك الأمور .... ذكرى

مكالمته تلك وخروجه وكلماته التي قالها وذكرى رفضها الصريح

له دون سبب كما يرى وتجرئها على مواجهته بجرأة كلها كانت

كفيلة بنحر أي مشاعر قد تتقد داخل أي منهما ناحية الآخر .

تحركت من مكانها أخيرا تتمسك بالثياب في حضنها وكأنها

تستمد القوة منها وتوجهت ببطء جهة الباب الذي لازال يسده

بجسده الطويل ولم ترفع رأسها ولا نظرها به أبدا , لم تكن تريد

أن يرى نظرة الألم والخذلان التي لم تستطع محوها رغم كل

محاولاتها لتكون جامدة باردة ولا مبالية أمامه وإن كان تمثيلا

وصلت عنده ولاحظت أنه لا يفكر في الابتعاد عن الباب وكل

ما كانت تريده أن تبتعد من هناك أن لا تسمع كلماته الجارحة وهو

يهينها بل لا تريد أن تسمع صوته أبدا ولا حتى أن تمر بقربه

وتشعر بجسده ووجوده ، وقفت أمامه حين لم يتبقى سوا خطوة

واحدة تفصل بينهما وهو لم يتحرك من مكانه أبدا وهمست

بصعوبة ونظرها على الثياب في يديها " أريد الخروج "

كان صوتها مرتجفا رغم بروده وكان الصمت التام رده على طلبها

ذاك ولم يبتعد أو يتحرك من مكانه فشدت ذراعيها أكثر على الثياب

في حضنها وقالت بصوت خفيض حمل بعض الحزم هذه المرة

" هلا ابتعدت قليلا عن الباب "

والجواب كان ذاته لا رد فرفعت رأسها ونظرت لعينيه التي كانت

تنظر لها بنظرة رأت فيها الضيق والحنق بوضوح وإن لم يعبر

عنه وتحدث هذه المرة قائلا بجمود " قلت سابقا أني لن آكلك "

حاولت جهدها وضع قناع بارد أيضا ونظرة جامدة في استقبال

كلماته وقالت " وأنا لم أقل أني خائفة منك "

قذف كلماته في وجهها بحزم ونبرة قاسية " هل أفهم إذا سبب

ذاك الموقف العدائي مني أم تقلب مزاج ليس إلا ؟ "

زمت شفتيها حتى كانتا خطا واحدا فآخر ما كانت تتوقعه أن يبرئ

نفسه بهذه السهولة ويسألها وكأنه لم يفعل شيئا ! وآخر ما قد تفكر

في فعله هو أن تخبره أن تجاهله لجرحه لها بأخرى أمر أقسى مئة

مرة من فعلته تلك ( هل ينتظر أن أنحب وأصرخ وأطلب تبريرا لما

انكشف أمامي ويحاول تجاهله بكل ثقة وبرود ليجنب نفسه التهمة ؟

لا لن يحدث ذلك ويكفيه سخريته مني حين واجهته بغضبي مما

فعلت أنجوانا تلك ) قالت بحنق " لا شيء طبعا أو قد تكون

تقلبات مزاج كما تقول "

شد قبضتيه بقوة يضغط فكيه حتى شعر بالألم في أضراسه وشعر

بانفلات أعصابه منه وهذا ما كان يتجنب حدوثه , رفع يديه ممسكا

بهما وجهها بقوة وجدبها نحوه مقلصا تلك المسافة الصغيرة شادا

أصابعه وشعرها الملتف حولهم لترفع وجهها لوجهه أكثر وقد

انفرجت شفتاها لخروج آهة متألمة منها بسبب شده لشعرها

وتحدث من بين أسنانه " غسق عليك أن تتعلمي احترامي

كزوج أو أن مطر الآخر لن يعجبك أبدا "

رفعت يدها وأمسكت بها رسغه تحاول إجباره على تركها لتتحرر

خصلات شعرها وإن من يد واحدة من يديه وقالت تجاهد الدمعة

التي ستقفز من عينها بسبب تألمها ذاك " أنا لم أقلل من احترامي لك "

شد يديه في شعرها أكثر متجاهلا آهتها الأخرى التي كانت أشد من

سابقتها وقال بكلمات قاسية حادة شعرت معها بأنفاسه الساخنة

الغاضبة تلفح وجهها كالنيران " كل ما قلته فجرا ولم تقللي من

احترامي ؟ أم ما قلته الآن ؟ رجال وأكبر سنا مني لا يرفعون

صوتهم في وجهي لتفعلها امرأة .... ومن ؟ زوجتي !! "

شدت بيدها على رسغه أكثر وكأنها تستجديه أن يرخي أصابعه ولو

قليلا وملامحها تعتصر ألما ترفض إخراجه وسالت تلك الدمعة من

طرف عينها وخرج صوتها متكسرا مختلطا بأنين ألم خافت قائلة

" مطر لا تستقوي على امرأة بيديك أرجوك ؟ "

فارتخت قبضتاه عنها حين لمح تلك الدمعة وسمع كلماتها فمن شدة

غضبه لم يلحظ أنه من يؤلمها وأن البعض من شعراتها تتقطع بين
أصابعه , أغمضت عينيها ببطء وعضت شفتها المرتجفة لتخفي

انفعالها ولازال وجهها في حصار يديه رافعا له لمستوى وجهه

وخرجت منها شهقة صغيرة لسحبها الهواء مع كتم عبرتها وأول

صورة تكونت أمام عينيها المغمضة كانت لوالدها شراع

فهمست بحزن " ليتك ما تزوجتني يا مطر ليتك رميتني

خارج حدودك ليلة وجدتني هناك "

هز رأسه بقوة وبرفض وشد وجهها ناحيته هامسا بحدة

" أصمتي "

وقبلها بخشونة قبلة لم يفهم نفسه أيعبر فيها عن غضبه منها أم من

نفسه أم من كلماتها الأخيرة ؟ كان يسمع أنينها المكتوم لتألمها من

قسوته تلك لكن أصابعه كانت تتغلغل في شعرها أكثر ويشدها له

أكثر ويقسو في قبلته أكثر ولا يشعر بشيء سوا بملمس شفتيها الذي

أرقه لليالي وهو هناك بعيدا عند الحدود , وما أن صار عندها هنا

حتى عادت للتلاعب به كالدمية بين يديها ترضى عنه حينا وتصده

حينا آخر , كانت تلك الأفكار تأكله وتتحكم به حتى حررها أخير

وإن كانت لازالت في حصار كفيه وأصابعه القوية فسحبت الهواء

دفعة كبيرة لرئتيها ومسحت بظهر كفها المرتجف على شفتيها

وجانب عينها تمسح بقايا دمعتها المتسللة منها وكانت من الوهن

والضعف حتى تكاد أن تنهار مغمى عليها , كانت تدرك أمرا

واحدا فقط أنه إن قبلها مجددا فستسقط جميع دفاعاتها وستستسلم

متجاهلة كل الألم الذي سببه لها ويبرئ نفسه منه الآن , وما

خشيته حدث فعلا وهوا يشدها له منحن لشفتيها مجددا وقبّلهما

يضغطهما على شفتيه بقوة مدمرا ما تبقى من حصونها فقربت

جسدها منه ورفعت أحد كفيها لصدره وما أن مررته عليه حتى

شعرت بانقباض عضلته تحت ملمس يدها وشهقة خفيفة مكتومة

صدرت عنه جعلت قبلته تلك تزداد عمقا وإحدى يديه تنزل

لظهرها يشدها بها لجسده أكثر وقد استسلمت له تماما ولم يعد

لديها أي ذرة صمود تتمسك بها أكثر ويدها تنتقل من صدره

لعنقه ممررة أصابعها عليه فأبعدها عنه بقوة وقسوة وقال

من بين أنفاسه المتلاحقة " لن تتلاعبي بي مجددا يا

غسق لن أسمح لك "

نظرت له بصدمة تحاول تثبيت نفسها كي لا تقع من دفعته القوية

لجسدها وخور قواها وهمست بألم تبعد شعرها المتناثر على

وجهها بسبب ارتدادها القوي " توقف عن إلقاء اللوم

عليا في كل شيء يا مطر فلست السبب "

تقدم بخطواته داخل الغرفة مجتازا لها وقال راميا يده جانبا

" غادري يا غسق غادري الآن من هنا "

فخرجت راكضة من فورها ولم يعد يسمع سوا خطواتها تبتعد ومرر

أصابعه في شعره ناظرا للأعلى وهمس بغيظ " سحقا للرجل بكل

عنفوانه وسيطرته يتحول للا شيء أمام امرأة ... سحقا "

نظر خلفه للباب ثم نزل به للثياب المرمية أرضا وقد خرجت وتركتها

مكانها فشتم هامسا ورفعهم من الأرض بعنف لا يعلم ما أخذ منهم

وما ترك وخرج خلفها وما أن نزل نصف السلالم حتى وقف مكانه

للخيال الذي ظهر أمامه فجأة وقال بصدمة " عمي !! "

قال صقر متنقلا بنظره من وجهه للملابس في يديه " أجل عمك "

ثم عاد بنظره لعينيه وتابع بمكر " أم تتوقع أنه شخص آخر عاد لك "

تحرك حينها عائدا أدراجه وذاك يتبعه ولم يعلق حتى كان داخل الغرفة

وعمه خلفه فخرجت شتيمة أخرى من بين شفتيه وقد انحنى للأرض

يجمع باقي الثياب ورماها في الخزانة وقد وصله صوت الواقف خلفه

يكتم ضحكته " ما بكما بحق الله زوجتك كادت تصطدم بي عند أول

السلالم وكدت أسقطها وأحطم لها عظامها ولن ترحمني حينها

بالتأكيد ؟ حمدا لله أن مفتاح باب الجناح أخرني قليلا

عن الصعود لكما هنا "

جلس ذاك على طرف السرير متكأ بمرفقيه على ركبتيه مشيحا

بنظره جانبا وهمس " أنا من يحمد الله أنك لم تفعلها "

رمى صقر بجسده على الكرسي وقال " ماذا تقول فلست

أسمعك ؟ "

نظر له وقال ببرود " ضننت أني أصبحت رجلا متزوجا وكان

يفترض بك أن تتصل بي قبل أن تصعد , وأضنك اخترت نبذ

نفسك في جناحك فما أدخلك فجأة ؟ "

سوا صقر جلسته قائلا بضيق " احترمني يا ولد أنا عمك ثم ما يدريني

أن حرب البسوس انتهت بينكما واجتمعتما في غرفة واحدة , أو لا

يكون صدقت كذبة الناس وتريد حرماني من رؤية ابنة شقيقي "

مرر أصابعه في شعره ناظرا للأعلى وزفر بقوة وقال " عمي

لست في مزاج مناسب أبدا فإما أن تعذر ما سمعته مني

أو اترك أي شيء تريد الحديث عنه للغد "

قال صقر باستغراب " ما الذي حدث بينكما ؟ لا تكن قسوت

عليها يا مطر فلن أسامحك "

وقف على طوله وقال ببرود " عمي رجاءا تنهي الحديث في

الأمر لا أريد أن أخطى في حقك أكثر فأعفني من الخوض

في الحديث عن الأمر واعتبره شخصيا "

هز ذاك رأسه يأسا منه وقال " سامح الله القدر الذي وضع

فراشة رقيقة مثلها بين مخالب وحش "

نظر له بحنق وكان سيتحدث فقال عمه قبله " أعلم .. الأمر شخصي

ولن أتحدث فيه لكن لا تنسى أنها ابنة شقيقي يا مطر وقد أتحمل الألم

في نفسي ولا أتحمله فيها فيكفي أني محروم من رؤيتها وضمها

لحضني وكأنها امرأة غريبة عني "

عاد مطر للجلوس على طرف السرير قائلا ببرود " للضرورة

أحكام ألست من قال هذا من قبل ؟ "

نصب صقر ساق على الأخرى وقال ملوحا بيده " أجل فأنت لم

تخسر شيئا تدخل لها وتحضنها وتقترب منها كيف تشاء أما أنا

فمن أخذ مكانك الأساسي ابن عمها الذي عليه أن لا يرى ولا

شعرها , يالا السخرية يا بشر !! "

قال مطر بضيق " وما نفع أن تخبرها وتقترب منها وتحضنها كما

تقول ؟ إن علمت وعلم غيرها وانتشر خبرها وصرنا في


سؤال واستفسار وزارنا ذاك الهمجي الأخرق ما سنقول له ؟

أم سنسلمها له خذها وغادر بها وافعل لها ما يحلوا لك هي

حقك الآن "

حرك صقر يده باستنكار قائلا بجزع " لا بالله عليك فأنا لا أتخيل

هذه الملاك الفاتنة في قبضة ذاك الرجل البربري المتوحش

أنت وكثيرة عليك فكيف بذاك ؟ "

تأفف مطر في وجهه قائلا " عمي لما لا تتوقف عن إهانتي

ومقارنتي بها وبذاك "

قال بضيق مماثل " أغار منك يا رجل ما أفعل لك ؟ فحتى الشاي

الذي تعده ما أن تأتي أنت أنساه أنا لأنه سيكون لك طبعا "

كان سيتحدث فوقف صقر وقال " بالله عليك ارحمني من لسانك

تبدوا لي بحالة سيئة جدا سأراك لاحقا ونتحدث "

وخرج وتركه دون أن يستمع حتى لرأيه


*

*



سند يديه على الطاولة خلفه متنهدا بضيق لا يعرف لما عليه هو أيضا

مراقبة هؤلاء الأطفال ! بل لماذا يقيمون عيد ميلاد له أساسا ؟ ضرار

الحفيد الرابع والأخير في العائلة ذو الأربعة أعوام سبب كل ذاك

الضجيج والموسيقى وصراخ الأطفال , الأطفال الذين عجزن

الخادمات وزوجات والده الثلاثة عن السيطرة عليهم ومراقبتهم

جميعا خاصة وأن كل أم تضع طفلها تغادر وكأنها تركته في

رعايتها هي نفسها ، حرك جسده ينظر من بين تلك الرؤوس

الكثيرة حتى ظهر له من بين الراقصين على أنغام تلك الموسيقى

الصاخبة فالأطفال يحبون تقليد الكبار في كل شيء حتى أنهم

أصروا على أن يغيروا أغاني الأطفال ليرقصوا بفوضوية

وجد مبتغاه أخيرا وسط الراقصين فصفر له بصوت مرتفع فوق

الموسيقى بطريقة يعرفانها كلاهما فنظر جهته من فوره فأشار له

وقاص بإبهامه يمينا فنظر هناك فورا للجالسة على أحد كراسي

الطاولة منشغلة بفتح علبة شوكلاته صغيرة بفستانها العاجي القصير

الواسع من الأسفل بحملات رقيقة وشعرها الأشقر تناثر على كتفيها

وظهرها وقد وصل لما يقارب خاصرتها ، غمز له رواح من فوره

فضحك وقاص وأشار بإبهامه مجددا لكن هذه المرة جهة والدته فأنزل

رواح إبهامه للأسفل وتحرك من هناك مجتازا الأطفال حوله فحتى من

هم في سنه يدرسون معه كانوا مدعوون ، وصل عندها ونظر لها من

فوق رأسها وهي تحرك إصبعها الصغير فوق قطع الشيكولاته الثلاث

التي توسطت العلبة الفاخرة قائلة " هذه لماما وهذه لبابا وأنا

آكل هذه ... أم هذه ؟ "

ضحك بصمت ومد يديه للكرسي ورفعه بها متجاهلا صرختها

المذعورة وهي تتمسك بطرفيه بيديها فبحكم سنين عمرها الخمس

وخفة وزنها استطاع رفعها بسهولة وبسبب قصر قامتها ما كانت

تستطيع النزول ، سار بها متجاهلا رجاءاتها الطفولية الباكية وخوفها

من أن تقع حتى أنزلها قرب مكبرات الصوت واضعة يديها الصغيرتان

على أذنيها ونظرت خلفها لتكتشف أنه هو صاحب هذه الفعلة فزمت

شفتيها الصغيرتان بغضب وهي تراه يضحك عليها ثم صرخ فوق

صوت الموسيقى العالي " لما لا ترقصين يا عربية أم تخشي

أن تسخر منك البريطانيات "

وتركها ضاحكا وابتعد يديه في جيوبه حتى وقف بجانب وقاص

الذي قال ضاحكا " لو رأتك والدتك لقطعت أذنيك ، ألا

تعلم ما تعنيه تلك الطفلة لها "

حرك كتفيه قائلا ببرود " أردت أن أعلمها الشجاعة قليلا , ثم

هم أقارب زوجة خالي شاهر لا صلة تربطهم بوالدتي "

ونظرا سريعا حيث تغيرت الموسيقى وتوقف جميع الأطفال هناك

عن الرقص والمرح فلا أحد منهم يعرف الرقص عليها ( التانغوا

البرازيلية ) نقل نظره فورا جهة الشاب منظم الموسيقى ورأى

تلك ذات الشعر الأشقر والفستان العاجي القصير تقف عنده

وتتحدث معه ثم نزلت واختفت بين الرؤوس الصغيرة حيث

تحلقوا في حلقة واسعة فهذه الرقصة لن يتقنها أحد منهم لصغر

سنهم وصعوبتها إلا إن كانت جذوره من هناك وعاش في بلادها

اقترب ونظر معهم حيث الفتى ذو العشر سنوات مادا يده يشير بها

طالبا رفيقة للرقص وكان من ملامحه يبدوا برازيليا لاتينيا , كان

يبتسم للفتيات وكل واحدة تحرك رأسها نفيا لجهلها بتلك الرقصة

حتى دخل ذاك الجسد الصغير من بين الواقفين ومدت يدها ممسكة

يد ذاك الفتى وعلا صراخ الأطفال حين بدأ بالرقص بإتقان يلفها

حول نفسها ثم رفعها ودار بها بين دهشة الجميع هناك .

اقتربت منه زوجة والده قائلة " وقاص يمكنك الذهاب

لترتاح في غرفتك أتعبناك معنا "

ابتسم لها قائلا وهو يبتعد عن الطاولة " لا بأس خالتي كان الأمر

نصف ممتع ولم أمل كثيرا شكرا على تسريحي "

وضحكا معا على علو صراخ طفلة فوق صوت الضجيج والموسيقى

ونظرا فورا لتلك الجهة ليظهر لهما من خرج بين ذاك الجمع ومن

يجرها بيده من شعرها الأشقر حتى وصل عندهما على شهقة

والدته ما أن عرفتها وصرخت به " رواح هل جننت ؟ "

وتقدمت نحوهما فترك شعرها وتوجهت هي من فورها لها واختبأت

خلف ساقيها تبكي بشدة وتحضنهما بقوة فصرخت تلك به " أحمق

وطفل هل ترى كم عمرك تضربها هكذا يا همجي "

ازداد غضبه وحنقه وصاح بها " الوقحة كيف ترقص مع ذاك

الأخرق هكذا ؟ شبيهة والدتها "

وغادر على نظراتها المصدومة وقد نقلت نظرها لوقاص فانفجر

ضاحكا من فوره وغادر خلفه وهي تنظر لهما باستغراب



*

*




" مطر "


التفت جهتها وهوا ينزل آخر عتبات السلالم فقالت

" تعال لن أعطلك "

سار جهتها وقالت ما أن وصل عندها " خذني لغرفتي "

دس يده في جيبه وقال ببرود " ورائي أمور كثيرة أخرج لها

عمتي وقد أبات خارج حوران فأجلي ما لديك للغد "

نظرت له فوقها وقالت " لا لن أؤجله فقد انتظرتك بالأمس لكنك

صعدت لغرفتك ولم تنزل منها إلا وقت العصر وغادرت ولم ترجع

إلا وأنا نائمة وأعلم أنك إن خرجت الآن لن أراك لا اليوم ولا

في الغد وقد تغادر من هنا فجرا للحدود "

أمسك مقبضي الكرسي وتوجه بها جهة ممر غرفتها قائلا " أعلم

أنك ستؤخرينني رغم علمك أنه ليس لدي ما أقوله "

قالت ما أن اجتازاه وظهر لهما باب غرفتها " بل لديك ما

تقول وما تسمع "

وتابعت بلهجة توبيخ وهي تفتح باب غرفتها ويدخلانها " أراه تصرف

أطفال يا مطر أنت تهرب من المنزل وهي تسجن نفسها في غرفتها

لم أعرفك هكذا في مواجهة مشاكلك يا ابن شاهين "

ترك مقبضي كرسيها ما أن كانا داخل الغرفة وقال بضيق " عمتي

قلت لك من البداية ليس لدي ما أقوله , إن كان لديك أسئلة فاطرحيها

عليها قبلي لأنها من قلب تلك الليلة لجحيم وقللت أدبها عليا أيضا

فلتحمد الله أني لم أمد يدي عليها "

دارت بكرسيها حتى قابلته وقالت بصدمة " تمد يدك عليها !! أقسم

لن يخاطب لساني لسانك ما حييت إن فعلتها يا مطر ولا

أضنك تفعلها "

مرر أصابعه في شعره متأففا بحنق وقال " عمتي أخبرتك منذ البداية

أن تتركي الموضوع لاحقا , أقسم أن أعصابي تشوى على قطعة حديد

متقدة ولا أريد أن أخطأ في حق أي أحد فاتركيني أذهب في حال سبيلي "

قالت مباشرة ودون مقدمات " من المرأة التي تركت زوجتك من

أحجلها وخرجت يا مطر ؟ "

نظر لها باستغراب قبل أن يقول باستنكار " عمتي ما هذا الهراء ؟ "

ضمت يديها لبعضهما وقالت بحزم " أليس هذا ما حدث يا ابن شقيقي ؟

أنا لم أفهم كثيرا من كلامها فقد كانت كالضائعة تخرج كلمة وتبلع

عشرة وقد مرضت صباحا وتقيأت حتى ضننا أن روحها ستخرج

من جسدها لولا أن أسعفتنا حبيبة بدواء أعشاب أراحها ونامت

ما الذي حدث في رحلتكما تلك يا مطر ؟ أجزم أنها كانت

متلفة لأعصابها حتى فجرت أعصاب معدتها من كبتها "

مسح قفا عنقه بيده رافعا رأسه للأعلى وهمس بكلمات غير

مفهومة قبل أن ينظر لها قائلا " هي قالت ذلك ؟ "

قالت من فورها " لا تتسرع الحكم لقد كانت منهارة تماما وترفض

رؤية أحد أو الحديث وقت نزولها بعدك فجرا وأنا من ضغط عليها

وقالت أن ثمة امرأة جعلتك تقطع رحلتكما وترجعا وتتركها وتغادر

لها لأنها تنتظرك , لا أصدق أنك أنت مطر شاهين تفعلها وأمام

زوجتك أيضا !! "

ضغط أسنانه بقوة وكأنه سيحطمها وقال " هذه الفتاة ألم تسمع

عن قصة الطفلة من خماصة ؟ "

نظرت له عمته باستغراب وقالت " هي لا تستمع للمذياع ولا

تحبه وترفض سماع أي أخبار عن الجبهات , لكن ما علاقة

ذلك بالأمر ؟! "

تحرك حينها هامسا بغضب مكتوم ووجهته باب الغرفة

" سحقا لأفكار النساء "

فتحركت تلك خلفه منادية تحرك عجلات كرسيها بكل قوتها

" مطر ارجع ولا تتحدث معها الآن , مطر انتظر قلت لك "

لكنه لم يكن يسمع شيئا سوا صدى كلماتها السابقة ولا يرى إلا نهاية

الممر أمامه ولم يتوقف حتى كان عند باب غرفتها وفتحه بقوة على

اتساعه ودخل متوجها نحو التي قفزت جالسة على السرير تنظر له

بخوف وقد وصل عندها وأمسك ذراعيها بقوة متجاهلا تألمها

وصرختها المترجية لأن يبتعد عنها وأنها لا تريد رؤيته .

سحبها موقفا لها خارج السرير وأصابعه تغرس في بشرة ذراعيها

البيضاء الناعمة المكشوفة من كمي فستانها القصيران لحظة دخول

عمته تسحب نفسها بالكرسي مقطوعة الأناس من تعب يديها وذراعيها

وقد أغلقت الباب لتمنع صوت هذا الغاضب الذي فقد أعصابه من

الخروج خارج الغرفة وقالت بأمر " مطر أتركها ليس

التفاهم بهذا الشكل "

شد ذارعيها أكثر وهي تنزل رأسها للأسفل متجنبة النظر له وقد

خرجت منها أنات خفيفة متألمة عجزت عن إمساكها وقد صرخ

بالواقفة خلفه " عمتي لا تتحدثي رجاءا واتركيني أتفاهم مع

هذه الغبية "

رفعت يدها بضعف وأمسكت بقبضتها الواهنة صدر قميصه جهة

الأزرار وقد هزها بقوة ناظرا لملامحها التي أخفت غرتها أغلبها

" من المتهم في كل هذا يا غسق تكلمي ؟ من المذنب في غبائك الغير

معقول ؟ هل سألت عقلك من تكون تلك المرأة ولما عدت وخرجت

لها ؟ ما ذنبي أنا إن كنت تكرهين الحديث عني وسماع أخباري

وما يحدث معي هناك جهة الهازان ؟ "

لم تعلق بشيء وعضت شفتها بقوة تكابد على ألم جسدها وقلبها وقد تابع

صارخا وخصلات غرتها تتحرك بسبب أنفاسه الغاضبة التي خرجت

مع كلماته " ذنب من أنك تجهلين أن تلك المرأة والدة الطفلة الناجية

من مذبحة خماصة وقد جاءت مستغلة غيابي وبكل بدم بارد وقلب

ميت تريد أخذ ابنتها من أجل إرثها من عائلة والدها متجاهلة أنها

مرت بظروف قاسية ورأت جدتها تموت أمامها في ذاك المنزل

وضنت أن امرأة أخرى هي والدتها ومرضها لا يسمح

بتعريضها لكل تلك الضغوط "

هزها مجددا متجاهلا أنينها المتوجع الذي ارتفع أكثر وتمسكها بقميصه

بقبضتها بقوة وكأنها تخشى أن يقذفها بعيدا على الجدار وتابع بذات

صراخه الغاضب " ذنب من منا تكلمي ؟ أهكذا تعامل الزوجة زوجها

يا ابنة شراع يا تربية الزعماء يا ابنة الأشراف ؟ أهكذا رباك شراع

صنوان الرجل الشريف أن ترفعي صوتك في وجه زوجك الند

بالند والكلمة بمثلها ؟ "

لم تعلق بشيء ولم تستطع قول شيء ولا فعل شيء أيضا سوا مكابدة

دموعها وكتم أنينها المتألم فتركت يديه ذراعها وأمسك بها ذقنها ورفع

وجهها له للأعلى حتى تقابلت عيناها المجهدة بجفنيها المحمران بعينيه

الغاضبة المعاتبة بحنق وشد على ذقنها بقوة صارخا " هل هذا ما

أنتظره منك يا زوجة زعيم الحالك ؟ الظنون الباطلة والتخوين "

أمسكت يد عمته بكم قميصه وشدته منها قائلة " حلفتك بالله أن

تغادر يا مطر , إن كان لي احترام لديك أتركها ويكفي هذا "

ترك حينها ذقنها بعنف وخرج من الغرفة من فوره ضاربا بابها خلفه

وانهارت هي على السرير تدفن وجهها في ملاءته ويداها تقبضان عليها

بقوة ولازال ذاك الأنين المتوجع يخرج منها فهزت الجالسة على كرسيها

رأسها تلعن نفسها على ما فعلت وقد أدركت حينها أنه كان عليها أن تنتظر

حتى يرجع غدا فهو يبدو كان يؤجل ذلك حتى يهدأ وتهدأ الأمور أولا وتلك

كانت عادته دائما لكنها ضنت حقا أنه قد يفعلها ويتزوج بأخرى على الأقل

قربت كرسيها للسرير أكثر ومدت يدها تمسح على الشعر المتناثر للنائمة

عليه لازالت تخفي وجهها فيه وقالت " يكفي يا غسق ستنهكين أحشائك

مجددا وتكوني الخاسرة حينها "

ثم تنهدت بأسى حين لم يؤثر كلامها بها شيئا وقالت " كان عليك

سؤاله يا غسق , لو كنتما تحدثتما ووضحتما الأمور لبعضكما

ما وصل الحال بينكما لهذه المواصيل "

خرج صوتها مختلطا ببكائها ولازال وجهها يحضن برودة تلك

الملاءة " كانت غلطته عمتي هو لم يوضح لي لم يتحدث معي

في الأمر وكأنه لا وجود لي ولا مشاعر "

مسحت على شعرها مجددا قائلة برفق " لا يوجد شخص في البلاد

لا يعلم عن قصة تلك الطفلة يا غسق ولا عن أن مطر كان يريد

جلبها هنا لولا أخذها أحد رجاله لزوجته ومنزله , الجميع يعلم

عداك أنتي لأنك ترفضين أن تعلمي بذلك وتقصين نفسك عن

كل شيء يحدث حولك , حتى مجلس النساء تخرجين منه

كلما انخرطت الأحاديث فيه للحروب وظروف البلاد "

لم تعلق بشيء ولازالت تدفن وجهها وعبراتها في ذاك القماش المشبع

بدموعها فهزت الجالسة على كرسيها رأسها بأسى من حالهما وحركت

عجلاته خارجة من الغرفة واجتازت الممر حتى كانت خارجه متحركة

في بهو المنزل الواسع تنظر للذي ظهر نازلا من السلالم بخطوات

مسرعة يحمل حقيبته في يده فقالت " مطر "

وقف ونظر جهتها ما أن نزل آخر عتبة فيه وقال بضيق " عمتي

لا يمكنني خوض أي حديث في أي شيء فابتعدي عني كي لا أخطئ

في حقك , سأغادر للحدود ولا أعلم كم سيطول غيابي هناك "

هزت رأسها بحسنا وقالت بهدوء " وذاك أفضل , ابتعد عنها

وأبعدها عنك لترتاح نفسيتكما أولا "

خطى جهة الباب دون أن يعلق بشيء فأوقفته منادية له مجددا فوقف

ويده تمسك مقبضه ودون أن يلتفت لها فقالت بجدية ناظرة لقفاه

" لا تتهور في أي قرار يا مطر وكن كما أعرفك ويعرفك

الجميع بني ولا تنسى أنها في عهدتك لا أحد لها هنا غيرك "

تنفس بقوة وكأنه يسجن الكثير من الكلام ولا يريد أن يخرجه وفتح

الباب قائلا وهوا يخرج منه " لا تخافي عمتي فطلاق لن أطلقها

ولن أتزوج عليها "

وخرج مغلقا الباب خلفه وركب سيارته وغادر من فوره مجيبا

على هاتفه الذي تركه في السيارة ويبدوا أنه لم يتوقف عن الرنين

من وقت , فتح الخط وقال من فوره وبضيق " قادم لكم يا بِشر

ألا تستطيعون تدبر أموركم ليومين دون رؤية وجهي "

قال من في الطرف الآخر وبتوجس " آسف سيدي ما عرفتك

تتضايق أبدا من استشارتنا لك في أي أمر !! "

تأفف بقوة وقال " اترك كل تلك الأمور إذا حتى أصل "

قال ذاك من فوره " وهوا كذلك , سلم لي عليها بالله عليك

وأخبرها أن بِشر يرفع لك القبعة "

عقد مطر حاجبيه مستغربا وقال وسيارته تزيد من سرعتها

على الطريق الترابي " من هي ؟ "

ضحك ذاك من فوره قائل " ابنة شراع طبعا "

وأغلق الخط من فوره كي لا يترك له أي مجال للرد عليه فهز

رأسه مبتسما رغم تجهم ملامحه وغضبه ثم رمى الهاتف على

الكرسي الآخر بجانبه وانشغل بترديد دعاء السفر وسيارته

تغادر شوارع حوران




*

*

 
 

 

عرض البوم صور فيتامين سي   رد مع اقتباس
قديم 24-09-16, 07:08 PM   المشاركة رقم: 814
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
متدفقة العطاء


البيانات
التسجيل: Jun 2008
العضوية: 80576
المشاركات: 3,163
الجنس أنثى
معدل التقييم: فيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسي
نقاط التقييم: 7195

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
فيتامين سي متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : برد المشاعر المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: جنون المطر / بقلمي برد المشاعر

 




*

*












نظر بترقب وفضول ككل مرة يحضر فيها معه حقيبة مشابهة لهذه

فتحها ذاك لتكشف عن المسدس الموجود فيها وأخرجه ومده

له قائلا " 6 ـ " mark 23

أمسكه منه يتفحصه بين يديه بلونه الذي دمج البني مع الأسود اللامع

ولاحظ خفة وزنه سريعا فنظر له وقال " وزنه أخف من السابقات "

هز عمير رأسه بنعم وقال " تفحصه جيدا فلا رصاصات فيه أريد

أن أرى ما ستلاحظ عيه مما تعلمته عن الأسلحة السابقة "


عاد لتقليبه وفكه وتفحصه بتأني وذاك جالس أمامه ينتظر بصبر

مبتسما لملامحه الفضولية المتشوقة ونظرته الحادة التي تعلم أن

يتعايش معها بالمقارنة مع صغر سنه وأن يراه كما يراه الكثيرين

رجل في جسد فتى دخل الثانية عشر للتو , واستطاع خلال هذه

الأشهر أن يتعرف عليه أكثر أن يعرفه جيدا وأن يفهم سبب تمييز

مطر شاهين له تحديدا , ورغم أنه ليس أول من وجهه زعيمه

لتدريبهم وإكسابهم من خبرته إلا أنه يتفق معه أن هذه التجربة

مختلفة جدا فأن تنشئ متدربا من صغره أمر أجدر من تعليم

شاب يافع , هذا ثالث فتى صغير يخضع للتدريبات على يده

ولاحظ جيدا أنه مختلف عن أقرانه رغم ذكائهم فهوا تفوق عليهم

وبشهادته وآخر ما قاله لمطر في آخر لقاء لهما ( هذا الفتى إن

عاش حتى أصبح شابا فسيتفوق عليا وعليك وعلى الجميع )

رفع نظره أخيرا من على المسدس فقال عمير مبتسما

" ها ما النتيجة يا تيم ؟ "

رفع السلاح بطريقته الخاصة للأعلى , الطريقة التي بات يعشقها عمير

ويقلده فيها أحيانا وقال " هذا السلاح نصف آلي إنه يستجيب للأوامر

بسرعة فاقت الـ (glock 177 ) الذي تدربنا عليه وحجمه أصغر

منه وخفيف مثله وأجزم أنه سلاح مهم في القوات الخاصة "

ابتسم له وقال " تيم أنت تتعلم بسرعة البرق يا فتى ومعك حق فهذا

المسدس تستخدمه القوات الخاصة الأمريكية نظرا لقوته الميكانيكية

وفعاليته أثناء الهجوم إنه أحد أهم الأسلحة لديهم وهوا ألماني

أمريكي الصنع "

وانشغلا ككل مرة يحضر فيها سلاحا جديدا في فكه وتركيبه وشرح

طريقة معرفة أي خلل فيه ومحاولة إصلاحه سريعا , وضع المسدس

في الحقيبة وقال " غدا سنعيد كل هذا وبعد غد أختبرك وإن فشلت

أعدنا من البداية كما اعتدنا حسنا "

هز تيم رأسه بالموافقة وقال " ومتى سنصوب به ؟ "

ضحك عمير وقال " صبرك يا فتى التصويب آخر مهمة فأنت لم

تعد تحتاج للكثير فيها , هذا هوا المسدس ما قبل الأخير بقي أمامنا

الـ ( hs 2000 ) وتنتهي المجموعة وسننتقل لمجموعة ستحبها كثيرا "

وتابع وهوا يخرج شيئا من جيب بنطلونه " إنها دمى الأسلحة

سأريك شيئا منها الآن "

وانفتحت عينا تيم على وسعها وهوا ينظر للمسدس الصغير في

راحة يد الجالس أمامه وقد ضحك قائلا " إنه حقيقي طبعا

وتعلمه سيحتاج لوقت وجهد وهناك هذا "

وأخرج غليون خشبي وفكه أمامه ليتحول لسلاح فتاك وقال أمام

نظرات الدهشة للجالس أمامه " هذه الأسلحة وغيرها تستخدم في

أهم عمليات التصفية السرية حيث يدخل الشخص للمكان المحصن

أمنيا ينفذ مهمته ويخرج دون أن يكتشف أحد ما يحمل معه "

رفع نظره المندهش عما في يده وقال بصدمة " وتقتل بشرا

وهي بهذا الحجم !! "

ضحك عمير وقال " بالتأكيد فجميعها يخرج منه رصاص قاتل

وهي عشرة أسلحة سنتعلمها تباعا "

اتكئ بيديه للخلف وقال " ماذا عن الأسلحة التي يتدرب عليها

الجنود هنا ؟ أنت لم تتحدث عنها أبدا "

قال وهوا يعيد السلاحين لجيبه " تلك لن تحتاجها كثيرا سأعلمك

مستقبلا على الرشاش بأنواعه الثلاثة المهمة أما الأسلحة الثقيلة

فليست من اختصاصك الآن ولها وقتها لو احتاج الأمر "

هز رأسه بحسنا دون تعليق فتربع ذاك وقال بحماس " أخبرني يا

تيم ما تريد أن تكون مستقبلا ؟ دعنا نتسامر قليلا فأنت صندوق

حديدي مغلق يا رجل "

نظر له ببرود وقال " وأنت تدربني يوميا لساعات ما ستتوقع

مني سأكون مثلا ؟ "

رمى رأسه للخلف ودوت ضحكته الجهورية العالية ثم نظر له

وقال " سحقا أنت لا يمكن التغلب عليك أبدا , حسنا ذاك ليس

شرطا فقد يكون لك طموح آخر "

أدار عينيه بتفكير ثم نظر له وقال " أريد أن أكون عضوا في

القوات الخاصة وعميل سري طبعا "

قال عمير مبتسما " ضننت أنك ستكون طبيبا "

حرك كتفيه قائلا " الطبيب أخبرني أنه يمكنني تعلمها دون امتهانها

لقد أصبحت أعلم الكثير وأغير الجروح لبعض المرضى وأفك

الغرز وأسعف معه بعض الحالات لكني لست متحمسا لأكون

سجين غرفة ومستشفى , أنت لا تكون حرا حين تكون طبيبا "

قال عمير مبتسما " تفكيرك غريب ورائع لكن الطبيب يقوم

بمهنة إنسانية بحثه ونحن لا نستطيع الحياة من دونهم "

هز رأسه بنعم وقال " لكن أمثالك يخدمون بلادنا كالأطباء تماما

أليس كذلك ؟ "

ضحك وربت على كتفه قائلا " معك حق والطموح لا أحد يمكنه

تغييره أو التحكم فيه فأخبرني الآن عن ماريه تلك "

نظر له بضيق فقال ذاك ضاحكا من قبل أن يتحدث " هي ليست

حبيبتك حسنا أعلم ذلك فقط أريد أن أعرف عنها "

قال ببرود " هي قريبتي فقط وتوقف عن قول تلك الكلمة "

قال ذاك بحماس متجاهلا ما سمع منه " يمكنك فهم بعض الأمور

التي تجهلها لتعرف ما تعنيه لك تلك الطفلة , هيا أخبرني أولا

هل هي جميلة ؟ "

زم شفتيه حنقا منه ثم قال ببرود ناقلا نظره بتقييم من وجهه

لجسده " تبدوا لي أجمل منك بكثير "

انفجر ضاحكا وقال " أجزم أنها ليست أجمل منك أنت ولعلمك

يا تيم النساء لا يلتفتن كثيرا لجمال الرجل "

نظر له بطرف عينه نظرة تقييميه لاذعة أخرى وقال ببرود أشد

" يبدوا لي تخدع نفسك كثيرا أو أن حبيبتك تلك تضحك عليك "

عاد للضحك قائلا " هيا يا فتى لست سيئا لهذا الحد لا تنسى

أني ابن الحالك "


حرك تيم كتفه قائلا " وإن يكن فالزعيم مطر أجمل منك "

أخرج ذاك المسدس من الحقيبة وقال مشيرا به عليه " أعلم أنك

تفعل ذلك لتنتقم مني وتلك الطفلة حبيبتك رغما عنك "

تجاهله ونظر جانبا وقال " ليس شرطا إن كان لك حبيبة يكون

الجميع مثلك "

ثم نظر له وتابع " وتذهب لتزورها ماذا تقولان ؟ "

لم يستطع إمساك نفسه عن الضحك فوقف تيم وقال بضيق ممسكا

وسطه بيديه " أشك أن تكون أنت عضوا في القوات الخاصة كما

تقول وأنت تضحك طوال الوقت كالمهرجين "

ماتت ضحكته وتحولت لعبوس وقال " وقح ... عليك أن تفصل بين

الجد والهزل أم تريدني مثلك أنت عابس دائما "

رمى يده في وجهه قائلا " كن كزعيمكم على الأقل يبدوا لي أنك

تحتك بحبيبتك تلك كثيرا حتى أصبحت مثلها "

زم ذاك شفتيه حنقا ثم قال " اذهب هيا يا حبيب ماريه الصغيرة

لا تتركها تنتظرك كثيرا "

غادر متجاهلا له وقال ما أن ابتعد " وأنت الزعيم مطر أفضل

منك في كل شيء أحببت أم كرهت "

فضحك يراقبه مبتعدا حتى اختفى خلف أحد جدران غرف المقر

وهمس مبتسما " كم أتوق لرؤيتك مستقبلا يا تيم , أنت تبعث

الفضول في قلب أي أحد يعرفك "


*

*



دخل المكان بخطوات واسعة سريعة على نظرات كل من مر بهم

حتى وصل للساحة الخلفية للمقر وركض جهة الذي كان ينوي

الخروج من بابها الخلفي حتى أمسك به وأداره جهته وقال

بغضب " جبران توقف عن هذا هل جننت ؟ "

دفعه بيده بقوة وقال بغضب أشد " ما جاء بك أنت هنا وماذا تريد

مني ؟ قلت أن تنسوا أن لكم ابنا أسمه جبران ألم تفهموا "

أمسك ياقته بقوة بقبضتيه على نظرات من وقفوا في نوافذ غرف ذاك

المقر يراقبون من بعيد وإن من دون صوت لبعدهما وقد هزه رماح

بقوة صارخا " لن تستفيد شيئا إن دخلت حدوده وأمسك بك رجاله , بل

وحتى إن وصلت له لن تفعل شيئا , أنت لست ندا له يا جبران فتعقل "

دفعه بكل قوته حتى ترك قميصه وصرخ بعنف " أقتله ... قسما

إن رأيته أمامي وأتيحت لي الفرصة قتلته "

دفعه رماح من صدره بقوة صارخا " مجنون وما ستستفيد من ذلك

فهي ابنة عمه وهوا يعلم بذلك من قبل أن يأخذها منا "

نظر له بصدمة لوقت ولم يعلق فقال رماح يتلقف أنفاسه " هو أخبر

والدي بنفسه , انسها يا جبران هي لم تكن لك من البداية إنه ابن

عمها منذ ولدتها أمها ولا تستبعد أن يكون متزوجا بها من سنين

ونحن لا نعلم "

صاح ذاك ملوحا بيده رافضا لما يسمع " لن أهابه ولن تقنعني بكل

هذا فإما أن أقتله أو أن أدمر حياته معها وفي الحالتين هو ميت

قسما وأنا جبران شراع أن أحول حياته لجحيم كما فعل

بحياتي وأخذها وهي صارت لي "

صرخ فيه رماح بصوت أعلى وغضب أشد " سحقا لعقلك يا رجل

ماذا ستستفيد إن حولت حياتها لجحيم ؟ أنت تضرها هي يا أحمق

إما أن ترملها أو أن تتعسها كل عمرها ! "

قال مغادرا جهة ذاك الباب الواسع المفتوح " هي لي

عليها أن ترجع لي أنا "

ركض جهته وأمسكه من ذراعيه خلف ظهره ودفعه جهة الجدار

بقوة حتى تبثه عليه وقال من بين أسنانه " والدي أقسم أن يطردك

من صنوان جميعا إن علم أنك تسببت في شيء يضر حياتها معه

لا تخسر كل شيء بسبب امرأة يا جبران "

حاول دفعه بكل قوته قائلا " أنت لم تجرب عشق امرأة لتقول كل

هذا يا رماح , قلبك حجر لم يرتجف يوما ويحب لما قلت ما قلت "

دفعه بقوة أكبر مثبتا له أكثر عليه وقال " ومن قال ذلك ؟ لما تضن

أنك وحدك من عانى , من أحب امرأة ليست له ولا تفكر فيه

لو الجميع فكر وتصرف مثلك لضاعت الناس "

دفعه بقوة مستغلا اللحظة حتى أبعده عدة خطوات وأخرج مسدسا

من حزامه والتفت له وصوبه عليه قائلا " إن فكرت في منعي

قتلتك يا رماح , لن أسمح بأن تمنعني من دخول الحدود "

أخرج ذاك مسدسه أيضا ورفعه في وجهه قائلا " سأمنعك بكل ما

أقدر عليه يا جبران , لن أسمح لك بأن تدمر صنوان جميعها بإيذائك

لذاك الرجل الذي لن يرحمنا رجاله وقبائله إن مسه سوء بسببنا ولا

أن تدمر حياة الفتاة التي عاشت بيننا لأعوام شقيقة لم تلدها لنا أم "


*

*



غرست أصابعها في شعرها تستمع بانتباه لكلام حبيبة وهي تشرح

لها عن تلك الأكلة وطريقتها تجلس رافعة لقدميها على الأريكة

وسط ذاك المنزل الكبير ولولا طلبها هي منها ذلك ما جلست هناك

معها , وكان صوت أحاديث عمتها وجوزاء خلفها تصلها بوضوح

لكن عقلها لم يكن لا مع حبيبة ولا مع الجالستان هناك وقد سافر مع

الذي غاب عن المنزل منذ أكثر من أسبوع ولا تسمع عنه سوا من

الآخرين من أخبار النسوة عنه وعن آخر ما يحدث معه ورجاله .

هذا ما كان يريده من البداية وهي باتت تعي ذلك جيدا الآن , كان

يريد أن يبتعد فقط بغضبه ويتركها مع غضبها حتى يهدآن كليهما

لكن الظروف وكل شيء كان ضد ذلك وتواجها في مرتين قاسيتين

على كليهما وبعد أن شرح لها تلك الحقيقة التي كانت مخفية عنها

غادر ولم تراه من وقتها , فهمت الآن لما قال أنه لن يسمح لها بأن

تتلاعب به مجددا , فهمت ما كان يشعر به وهوا يضنها صدته دون

سبب بعدما أعلنت له صراحة أنها له وسلمت نفسها إليه طوعا , بل

واسترجعت كل تلك العبارات التي قذفتها في وجهه حين عادا من

تلك الرحلة فجرا ولما اعتبرها تواقحت عليه وقال بأنها السبب

اتكأت على ذراعها التي تسندها على ظهر الأريكة وتنهدت بأسى

فقد أصبح يضيق صدرها كلما فكرت في كل ذلك وهو لم يغب

عن تفكيرها أبدا , ما كانت لتتخيل أن تلك الليلة المليئة بالعواطف

المطلقة العنان أن تتحول لكل ذاك السوء والسواد وأن من كانا في

تلك الخيمة التنانية هما نفسهما من تشاجرا بعنف في غرفتهما

لمرتين بعدها , وأن تلك الحسناء في ذاك الثوب الأبيض هي

الجالسة هنا الآن وحيدة وزوجها لم تراه من عشرة أيام وقد

تركها غاضبا أيضا .

" لما لا تحدثيه بهاتف عمه بدلا من التنهد هكذا "

نظرت بصدمة للتي ضحكت وهمست لها " اعترفي هيا

فحالك منذ غادر لا يعجبني "

ابتسمت بحزن للخادمة التي لم تعد تعدها إلا شخصا من عائلتها

وتكره حتى مناداتها لها بسيدتي , أنزلت نظرها ليدها الأخرى في

حجرها تمسك بها أحد خيوط الفستان وقالت بحزن " لن أتحمل

أن يحدثني ببرود أو يغلق الخط في وجهي يا حبيبة

أنا أضعف من تحمل ذلك منه الآن "

قالت تلك مبتسمة وهي تجمع ما تناثر من حبات العدس على

الطاولة " لو سمع كلماتك هذه لأتى لك ركضا , على

أحدكما أن يبادر أو لن تجدا حلا لخلافكما أبدا "

عادت للاتكاء برأسها على ذراعها وهمست بشرود " اتركيه

يعاقبني كيف شاء بغيابه كي لا يكون ثمة عقاب آخر بعد مجيئه "

وقفت تلك وحملت الطبقين قائلة بضحكة " ومن الذي سيفرض

عليه عقابا واحدا فقط ؟ قد يكون يفكر في أكثر من ذلك "

ثم غادرت على النظرات العابسة لقفاها من التي تركتها جالسة

هناك وقد تمتمت " ما هذا الفال السيئ يا حبيبة ؟ "

" غسق "

التفتت من فورها حيث الجالستان هناك وعمتها التي نادتها وقالت

من هناك " هل تعرفي عائلة بلال شعاب في الرنقاء في صنوان ؟ "

نظرت لها باستغراب بادئ الأمر ولنظرة جوزاء المصدومة لها وقد

وكزتها بيدها وهي تتجاهلها تنظر لها منتظرة جوابها ففكرت قليلا

بشرود لا تعلم بحال ضربات قلب الجالسة هناك وكأنها تنتظر

خبر موتها , قالت وقد رفعت نظرها بعمتها " تقصدي عائلة

بلال الشعاب ذاتها ؟ من أين تعرفينهم عمتي ! "

قالت تلك من فورها " أعرفهم فهل تعرفيهم أنتي ورأيتهم "

مررت أصابعها في غرتها ترفعها عن وجهها وقالت " مدينتهم بعيدة

عنا لكني زرتهم وعمتي مرتين تقريبا فهم من كبار قبائل صنوان

وأكابرها وعلاقة والدي بهم وطيدة "

أمسكت نصيرة يد جوزاء بقوة كي لا تغادر فهي تعرف قلب الأم جيدا

وتعلم أنها تفكر في الهرب حاليا كي لا تواجه الحقيقة التي عليها

معرفتها كي تعلق آمالها أو تقتلها وتدفنها للأبد , قالت " ما

الذي تعرفيه عن عائلة ابنهم أيوب ؟ "

قبضت جوزاء يدها بقوة على يد عمتها وقد ربتت تلك بيدها الأخرى

عليها منتظرتان جواب التي غابت بنظرها بعيدا عنهما وقالت بتفكير

" أيوب أيوب ! أبنائهم كثر لكني أّذكر جيدا حديث والدتهم عنه تحديدا "

ثم تغيرت لهجتها حين تذكرت وقالت مندفعة ناظرة لعمتها " أجل

هو والد الطفلين رأيتهما من عامين أو أقل أذكرهما جيدا "

ارتخت يد جوزاء وأصبحت كالميتة في قبضة عمتها بسبب الانهيار

التام لمشاعرها وأعصابها وقالت بصعوبة ناظرة للجالسة هناك

وهي تكابد الدموع التي ملأت عينيها توشك على النزول " كيف

هما ؟ ما كان حالهما ووضعهما ؟ "

نقلت غسق نظراتها المستغربة منها لعمتها ثم عادت بهم لها فهذه

المرة الأولى التي تسألها فيها عن شيء أو تشارك في حديث هي

جزء فيه !! قالت ونظرة الاستغراب لم تفارق عينيها " كانا بصحة

جيدة إنهما رائعين فعلا ومميزان من بين جميع أحفادهم ولا

يفارقان بعضهما وكأنهما توأمين "

شدت يد جوزاء على يد عمتها بقوة وكأنها ترتجي منها العون فقالت

نصيرة ناظرة للجالسة هناك " والدتهم من الحالك هل أنتي متأكدة

من أنهما هما ؟ "

أدارت عينيها قليلا بتفكير ثم نظرت لها وقالت " نعم أذكر أن جدتهما

قالت ذلك , لم أفهم كثيرا كان حديثها معقدا عن هدنة وزواج لم ترغب

به وكانت منزعجة من ابنها لأنه لم يتزوج بعد طلاقه من زوجته

تلك مهما حاولت معه "

كانت أظافر تلك تنغرس في لحم كف عمتها دون شعور منها تكابد

الانهيار باكية أو الوقوع مغمى عليها وقد تحولت ملامح غسق للحزن

وهي تقول " لو رأيتهما عمتي يسحرانك من أول نظرة خاصة

الأصغر ( أبان ) له عينان ونظرة وابتسامة لا تنسيهما أبدا "

ونزلت بنظرها للأرض متابعة بذات الحزن الذي غطى عليه الأسى

والوجوم " كان ظلما في حق الطفلين ووالدتهما , لو سمعته كيف

سألني وهوا يضن أني من الحالك حين شبهتني إحدى النساء بكم

عن إذا رأيت والدته وأعرفها وأن أخبرها تزورهم قبل أن تطرده

جدته صارخة به ويغادر باكيا "

وقفت حينها التي لم يعد بإمكانها احتمال كل ذلك وأسرعت الخطى

تمسح الدموع التي غلبتها ونظرات غسق المصدومة تتبعها قبل

أن تنقلهم لعمتها قائلة باستغراب " ما بها عمتي ! ما الذي

أزعجها فيما قلت ؟ "

وشهقت بقوة تمسك فمها بيدها قبل أن تتحدث تلك حين تذكرت حديث

عمتها عن طفليها وكيف أنها لم تراهما هنا وأن زوجة ذاك الرجل

من الحالك , ملئت الدموع عينيها الواسعة وقالت بصعوبة

" عمتي لا تقولي أنهما ابنيها ؟ "

هزت تلك رأسها بنعم بحزن فغطت غسق وجهها بكفيها قائلة بأسى

" ليت لساني انقطع, ليتك ما سألتني عمتي لماذا فعلتها ؟ "

قالت نصيرة بحزن " بل كنت أخاف أن لا تكوني رأيتهما أو تعلمي

عنهما , أراح الله قلبك يا غسق كما أرحت قلبها فعلى الأقل علمت

أنهما من عامين بخير وأنهما لا يكرهانها وينتظران رؤيتها "

مسحت الدموع التي غلبتها وقد خرجت كلماتها مخنوقة بعبرتها

" فهمت الآن لما تكرهني , أعانك الله يا جوزاء ما أعظمها من

مصيبة لا يعلم عنها سوا من عاش تجربتها أو تجربة ابنيها "

هزت نصيرة رأسها بموافقة وقالت بأسى " جوزاء لا تكرهك يا

غسق مثلما أنها لن تستطيع أن تحبك وتتقبلك , ليس الأمر بيدها

فمشاعر الأمومة لا يعرفها إلا من جربها "

ثم قالت قبل أن تتحدث " الله لن ينساها ولن ينساهما فاتركينا

الآن من ذلك وأخبريني هل تحدثت مع زوجك ؟ "

غطى الوجوم ملامحها وقالت بحزن " وأين رأيته لأتحدث

معه عمتي "

قالت نصيرة مستغربة " هو هنا حول حوران منذ يومين وزار

المنزل ليلة أول أمس , ضننت أنكما تحدثكما أو رآك "

شعرت بتلك المرارة في حلقها وغصة ألم شديدة خرجت معها

الحروف مبحوحة منخفضة " كان هنا ؟ "

هزت نصيرة رأسها بلا وقالت " جاء ليلا ويبدوا غادر ذات الليلة

أو ذات الوقت وقد ترك الحدود منذ أكثر من يومين وقال صقر

أنه توجه لميناء بينبان فجر اليوم "

عضت طرف شفتها تمنع مشاعرها من التغلب على صوتها وعينيها

ثم وقفت وغادرت من هناك لتوقفها كلمات عمتها قائلة " غسق

عليكما ترك كل ما كان جانبا بنيتي والتفكير في المستقبل "

وقفت مكانها وتلك قد أصبحت خلفها وقالت تقبض يديها ببعض

" أنا لا أريد غير ذلك عمتي تأكدي "

وغادرت بخطوات مسرعة حتى كانت في غرفتها وأغلقت الباب خلفها

واتكأت بظهرها عليه ( لا يريد رؤيتي !! لا أستغرب ذلك بعدما قلت

وسمع ورأى مني ) اتكأت برأسها للأعلى على الباب وعادت كلماته

الغاضبة تلك لها مجددا (أهكذا تعامل الزوجة زوجها يا ابنة شراع يا

تربية الزعماء يا ابنة الأشراف ) (هل هذا ما أنتظره منك يا

زوجة زعيم الحالك ؟ الظنون الباطلة والتخوين )

أغلقت أذنيها تحاول إبعاد ذاك الصوت عن رأسها لكن صدى كلماته

الغاضبة ورنة بحته تلك عادت لتصدح فيه (ما ذنبي أنا إن

كنت تكرهين الحديث عني وسماع أخباري )

هزت رأسها بالنفي وهمست وعيناها تترقرق بالدموع الحبيسة

" لا لم يربني شراع على هذا , لا لست هكذا ولست أكرهك "

توجهت للخزانة غيرت ملابسها صلت العشاء ثم جلست تقرأ في

أحد الكتب لوقت وحتى عشائها لم تتناوله ولم تشعر بالرغبة فيه

بعد وقت طويل رمت ذاك الكتاب واندست في سريرها تحاول فعل

أي شيء غير التفكير في ذاك الرجل لكن جميع تلك الحلول لم

تنجح فأبعدت اللحاف بقوة متأففة وغادرت السرير والغرفة



*

*



أغلق باب سيارته وأخرج مفاتيحه الأخرى من جيب بنطلونه الخلفي

متجها جهة المنزل فوقف مكانه حين انفتح الباب قبل أن يمد يده له

ووجد عمه أمامه وقد ضرب على كتفه قائلا " تعال هيا كنت

أنتظرك هل نسيت أنه ثمة حديث معلق بيننا "

نظر لساعته في يده وقال " هذا الوقت ؟ أتركني أنام وغدا نتحدث "

قال سائرا أمامه للداخل " بل الآن فمن يضمن لي أن أجدك

هنا غدا أو حتى بعد ساعة "

تنهد مستسلما وسار خلفه حتى دخلا جناحه وغرفته وجلسا متقابلان

مطر على الأريكة وصقر على الكرسي المقابل له وقال " متى

ستغادر من هنا أم لم تقرر بعد ؟ "

قال بهدوء " ليس قبل نهاية الأسبوع ولن أخرج من حوران

هل ثمة أمر مهم ؟ "

هز رأسه بلا وهمس " مجرد سؤال فقط "

وتابع وقد تحولت لهجته للجدية " لن أعطلك أعلم أنك متعب وتريد

أن تنام وأن الوقت متأخر وأنا لست أفضل حالا منك وأنا أنتظرك

كل هذا الوقت , أسمع يا مطر علينا أن نجد حلا لذاك الرجل

قبل أن يقع ما نخشاه ولا أعتقد أن زواجك منها سيحميها منه "

غامت عيناه بسواد أقتم من سوادهما وقال بقسوة " لن يلمس ظفرها

قبل أن يقتلني ولن أسلمها لهم وإن فررت بها خارج البلاد فلم أكن

مقتنعا أساسا بما فعل والدي من عشرين عام , لو كان لي سلطة

حينها ما وافقت ولسلمت نفسي بدلا من عمي دجى وتركت ابنته

وزوجته تعيشان هنا وتتربى وسط عائلتها وأهلها وليس

مع الأغراب "

حرك صقر رأسه برافض وقال " لما لا تخرج تلك الفكرة من

رأسك واعترف بأن بقائها مع شراع وسط صنوان كان لصالحها

يا مطر والرجل لم يقصر في الحفاظ عليها وتربيتها "

قال بحنق " وأخرج سر أنها ليست ابنته وبدأ ينتشر بين الأقربين

وبعد قليل كان سيخبر الناس ابنة من تكون "

قال صقر ببرود يعاكس ضيق الجالس أمامه " أنت تعلم مثلي أن زوجته

الأولى من فعلتها دون رضاه أو علمه ثم لن تملك الناس بلورة سحرية

تخبرهم ابنة من تكون وهو لم ولن يفصح عن أصل نسبها فلما لا

تعترف أن ما يضايقك أمور أخرى بعيدة جدا عن علم

الناس بأنها ليست ابنته "

شد ذاك قبضتيه وقال بضيق " هل أفهم ما الذي ترمي له ؟ "

قال صقر بكل صراحة واسترخاء متجاهلا غضبه " أعني أنك لم

تكن تحتمل فكرة بقائها مع أبنائه وما أن خرجت تلك القصيدة التي

وصفها فيها ذاك الرجل وانتشر صيتها في البلاد بأكملها حتى جن

جنونك وأصبحت تفقد أعصابك كلما تحدثنا عن أمرها "

مرر أصابعه في شعره وتحدث من بين أسنانه " ما كنت راض من

البداية وكتمي لكل ذلك لم يكن إلا لعجزي عن إحضارها من وسطهم

دون أن أثير الشكوك حول الأمر ولولا علمي ويقيني من حرص شراع

عليها وفصله لها عن أبنائه في كل شيء ما أن كبرت قليلا لكنت ذهبت

له بنفسي وجلبتها من هناك وليفعل ابن غيلوان ما يحلو له ولتقل صنوان

ما ستقول ولتطردني الحالك من أراضها فلست آبه "

ضحك صقر وقال " وجاءتك بنفسها .. يالها من فتاة ! تشبه أبيها

في كل شيء كان منذ صغره مثيرا للمشاكل يفعل أي شيء دون

تفكير في العواقب "

تحدث ذاك من بين أسنانه " كان استهتارا من شراع فماذا إن

لم تقع في قبضتي ؟ ماذا إن أمسك بها أحد رجالي ؟ كنت

سأستأمنهم على أي امرأة تقع في أيديهم إلا هي "

اتكئ صقر بخده على راحة يده وقال ببرود " لا أفهمك يا مطر !

أنت منزعج من كل شيء يخص بقائها معهم وتعترف بنفسك بأن

شراع لم يتهاون في نقطة وجودها بين أربعة شبان واحد فقط منهم

شقيقها ! ماذا إن زوجها بأحد رجال صنوان ماذا كنت ستفعل ؟ "

نظر له بحدة واندفعت الكلمات منه كالموج الغاضب " قسما كنت دككت

مدنهم وأخرجتها من الذي أوصلوها له من قبل أن يرى ذاك الزوج

شعرة منها هل هي فوضى أم ماذا ؟ ولا أعتقد أن شراع بكل هذا

الغباء وهوا من يعلم ابنة من تكون ومن لها "

تحولت ملامح صقر للجدية وقال " علينا أن نجد حلا يا مطر

اترك في دماغك حيزا لأمرها من بين كل خططك الحربية

تلك واخرج لنا بحل بما أنها صارت هنا وأقرب له "

هز رأسه بعجز وضيق قائلا " والدي حاصرنا من قبل موته هل

تضن أنه يوجد حل ولم أفكر فيه وأتّبعه ؟ كنت في الرابعة عشرة

وقتها ولولا احتكاكي الكبير به حينها ما كنت لأعلم ورغم رفضي

القاطع وبخني لأول مرة في حياته وقال أن الأمر لا يخص الأطفال

كان جنونا من أوله منذ أخرج عمي دجى فارا لصنوان ليعيش عاما

كاملا في منزل ذاك العجوز ويزوجه ابنته المتبقية لأنها معهم في

المنزل ولا يعلم عن وجوده وزواجهما أحد ولا من أقربائهم وكله

فرارا من تلك العائلة وثأرهم منه , ويوم كشفهم لأمر وجوده هناك

ووفاة عمي رسم معهم والدي ذاك الاتفاق الأخرق مطمئنا لاحتماء

زوجته بشراع صنوان وأنه لن يصلها هناك أحد ولن يعلم بسرها

أحد بعدما عاشت في منزله لثمان أشهر يعتقد الجميع أنها زوجته

وأنجبت ابنتها وتزوجها شراع ليكتمل الحصار على الطفلة

لتكبر هناك لا يحق لأحد المطالبة بها ولا نحن "

قال صقر بهدوء " ولا تنسى أن دجى قتل من أجل ذاك الرجل الذي

حماه وزوجه ابنته واعتبره معروفا في عنقه لم ينساه لعمك حتى

مات وهو من وضع ابنته أميمه في حمى شراع صنوان , مطر

لا تنظر للجانب الذي يضايقك فقط في الأمر وتنسى

إيجابياته الكثيرة "

وقف وبدأ بالدوران في الغرفة كالنمر المسجون وقال بضيق

" وماذا كانت النتيجة ؟ اتفاق أخرق مع تلك العائلة لأخذ ثأرهم من

عائلتنا وإن أنجبت أميمه تلك فتى كان دمه مهدورا وإن ابنة كانت

لهم زوجة أو سبيه أو ما يكون , هل فكر والدي أنهم قد يكتشفون

وجود تلك الزوجة له وهم من وضعوا ذاك الشرط لأنهم ليس من

قتل عمي دجى ولدخول الشك في قلوبهم من أنه كان متزوجا

في صنوان "

هز صقر رأسه بحيرة وقال " تلك أعراف قبائلهم يا مطر ووالدك

كان يعرف ذلك جيدا , ولا حل سوا أن ننتظر موت أشعث الشعر

المخيف ذاك فقد أتصور أن يتزوج حتى بهيمة ولا أن يتزوج من

آدمية فكيف إن كانت هذه الحسناء الرقيقة "

رفع مطر يديه جانبا وقال " وما الحل معهم وهم سيرفضون أي

مقابل بل وإن عرضنا عليهم أي شيء ليتنازلوا عن ثأرهم سيشكون

فورا بل سيتيقنون من وجود ابن أو ابنة لعمي دجى , وذاك الفتى لم

يتزوج حتى الآن يهذي بثأره لوالده وشقيقه في كل مكان وكأنه

متأكد من وجود من سيأخذه مقابلا لهما "

قال صقر بوجوم " أتعني أنه لا حل ؟ "

قال مطر بجدية " أعني أنه على عنقي يقترب منها وليقتلني أولا

وحين يعلموا عنها لكل حادث حديث فلا تشغل بالك أنت الآن "

هز رأسه برفض وقال " لا يمكن ذلك ولا أعتقد أنك أنت تنساه "

توجه جهة باب الغرفة وفتحه وقال ناظرا للخلف حيث الجالس هناك

" لا أحد يعلم عنها ... عزيرة في صنوان وعمتي متأكد من أنها تشك

بأمر والدتها فقط ولا تعلم حتى ما جنس المولود فأميمه ما اختارت

أن تلد على يد تلك العجوز إلا للتثبت نسب مولودها في الحالك

ليقينها من أن والدي وحده من يعلم عنها , ولا تقلق فإن علموا

بها لدي خيار واحد سأتخذه دون تراجع "



وخرج من الجناح بأكمله متأففا بعدما ذكره عمه بالأمر الذي لم ينساه

يوما ولم يجد له أي حل , وقف وسط بهو المنزل ونظر شرقا حيث ذاك

الممر ولف جهته ثم هز رأسه برفض للفكرة وتوجه جهة السلالم , صعد

بخطوات واسعة ووصل غرفته سريعا فتح الباب بمفتاحه ثم شغل الإنارة

وهو يغلقه ووقف مكانه ينظر للنائمة وسط السرير بشكل مائل منكمشة

على نفسها تضم يديها تحت أحد خديها المتوردان بشدة من برودة المكان

الخالي في ذاك الليل الخريفي البارد تلبس بيجامة خريفية بأكمام طويلة

مزررة من الأمام وببنطلون طويل ذات قماش متوسط السمك , شعرها

متناثر خلفها وغرتها متدرجة نزولا من جبينها للسرير تحته , أكمل

إغلاق الباب برفق وهدوء وعيناه لم تفارقا وجهها وشعرها ثم توجه

نحوها يخلع سترته ورماها في طريقه على الكرسي , وصل السرير

وجلس عليه برفق بإحدى ساقيه ثانيا لها تحته وعض طرف شفته

بقوة وهوا يميل نحوها مرر أنفه ببطء عند نهاية عنقها فشعرها

نزولا لنحرها يستنشق عبيرعطرها الزيتي الخفيف ورائحة جسدها

الناعمة وتذكر جملة بِشر الشهيرة تلك حين قال مشيرا لرأسه بسبابته

( اقسم يا رجل إن سكنت هذا امرأة أصبحت تثمل حتى من رائحة

جسدها )

تمتم بخفوت هامس وهوا ينتقل لخدها ووجنتها " والحل إن

كنت غاضبا منها يا بِشر والحل ؟ "

وابتعد بسرعة حين قفزت جالسة تنظر له ويدها على صدرها

تسترجع أنفاسها وهمست بخوف " مطر هذا أنت ؟ "

حاول التمسك بجموده ونجح الأمر أخيرا وقال " نعم ومن

غيري يملك مفتاح الغرفة عداك ؟ "

مررت أصابعها في غرتها ترفعها للخلف ثم دست خصلاتها خلف

أذنيها تهدئ نبضات قلبها المجنونة وأنزلت يديها لحجرها ونظرها

معهما تثبت نفسها وتطمئنها رغم يئسها بسبب نظرته الباردة وجموده

ذاك , لكم تشتاق له .... حقيقة اكتشفتها مؤخرا وباتت متيقنة منها

الآن ما أن رأته أمامها , ولأول مرة تشعر بأنها في مأزق يصعب

الخروج منه وليست تعلم إن كان اعتذارها قد يفيد أو لن يزيدها إلا

ألما ؟ رفعت نظرها به حين خرج صوته الحازم قائلا " لما تنامين

هنا وفي البرد بدون غطاء ؟ أهناك من يجلب لنفسه الزكام "

قربت حاجبيها الرقيقان في نظرة آسية وأبعدت شفتيها لتتحدث لكنها

سرعان ما عادت وأغلقتهما وزحفت مغادرة السرير لا تريد سوى

الهرب من هناك قبل أن تخونها دموعها , إمساكه لذراعها منعها

من التحرك لخطوة أخرى وقد سحبها حتى جلست مجددا قائلا

" هل أنتي جبانة هكذا دائما وتهربين من مواجهة نفسك ؟ "

سحبت ذراعها منه وكانت ستتحدث لكنها عضت شفتها وأمسكت

نفسها عن الحديث فلا تريد تكرار خطأها السابق , لن تسمح

للأمور أن تسوء بينهما أكثر من ذلك , قال بسخرية

" هل بلعت القطة كل ذاك اللسان ؟ "

نزلت بنظرها للأسفل وهزت رأسها بلا فأمسك ابتسامته

وقال " أريني أفعاله إذا "

مدت له يدها مقبوضة الأصابع وقد نقل نظرها لها مستغربا ففتحتهم

ببطء كاشفة عن الخاتم الفضي الذي يتوسط راحة يدها تنظر لملامحه

وردة فعله حتى رفع نظره لعينيها وفتح فمه ليتحدث لكن أصابعها

سبقت كلماته ومنعته وقد وضعتهم على شفتيه واتكأت بجبينها

عليهم تفصله عن تلك الشفتين ناظرة للأسفل وهمست بحزن

" لا تقسوا عليا بكلماتك مطر أرجوك "

ثم رفعت رأسها ونظرت لعينيه الناظرة لها بهدوء وشفتيه لازالت

في حصار أصابعها وخانها صوتها حين خرج ضعيفا متهدجا

وقد همست " لم أقصد أن أقلل من احترامك يا مطر قسما والله

يشهد , ولم يربني والدي على ذلك أنا أخطأت وتلقيت منك

العقاب وكان قاسيا جدا "

لم يعلق ولم يحاول حتى تحريك شفتيه من تحت أصابعها فأبعدت

يدها ونظرها عليها حتى استقرت مع الأخرى في حجرها فمد

يده لهما وفتح التي تحوي خاتمه وضغط بسبابته عليه وهو في

راحة يدها ونظر لعينيها المحدقة به وقال وكأنه يريد تأكيد كلامه

بحركته تلك " اسمعيني جيدا يا غسق , أنا لست رجلا خال من

العيوب لكني على ذلك تربيت لا أتلقى الأوامر من أحد لا أحد

يقلل من احترامه لي ولا يرفع صوته في وجهي طالما أني لم

أخطئ في حقه وحين أخطئ أعترف بخطئي وأعتذر عنه , الحياة

بين المرأة والرجل لا تشبه كل ذلك أنا أعرف وأعترف لكن ثمة

حدود لكل واحد منهما , لم أكن أريد لتلك المواجهات أن تحدث

بيننا كنت أريد أن نتفاهم كما اليوم لكنك لم تسألي لم تفكري حتى

أن تقولي لي وقتها ( من هذه يا مطر التي قطعت الرحلة وأتيت

من أجلها ؟ ) لأفهم فقط أنك لا تعرفين من تكون "

أرخت نظرها وهمست برقة وحرج " ما كنت لأتخيل ذلك

كانت مكالماتك مبهمة جميعها "

ابتسم مراقبا ملامحها ورفع يديه حاضنا بهما وجهها وأرخى

جبينه على جبينها وهمس محركا إبهاماه على خديها " اعترفي

أنك مخطئة يا أكبر عنيدة قابلتها , لا شيء في ذلك "

خرجت منها ضحكة مكتومة مختلطة بعبرة صغيرة وعيناها قد

امتلأت بالدموع وهي ترفعهما له هامسة " اعترفت أم أنك

نسيت ؟ "

خرجت ضحكته هو هذه المرة وقبل خدها برقه ثم همس عند

أذنها " ألبسيني خاتمي إذا "

ابتسمت متجنبة النظر له غير مصدقة أن الأمر الذي عانت من

التفكير فيه والخوف منه طيلة تلك الأيام والليالي مر هكذا وهي

من توقعت حتى أن يطردها من الغرفة التي قررت أن تنام فيها كل

ليلة تنتظره حتى يأتي , رفعت يدها الممسكة للخاتم بين أصابعها

الرقيقة ومسحت بظهر كفها عينيها أولا تمسح الدموع التي لازالت

سجينة بداخلها على نظراته مبتسما على تصرفها الطفولي ذاك

ثم مدت يدها ليده وأمسكتها ورغم ارتجافها الواضح أدخلت الخاتم

في بنصرها حتى نهايته وما أن استقر هناك دون جهد أو تعليق منه

حتى طوقت عنقه بذراعيها حاضنة له بقوة وأصابع يدها تتغلغل في

شعره الأسود الكثيف تدفن وجهها في عنقه وقالت بعبرة غلبتها

" كم خشيت من هذه الليلة , الآن فقط علمت من يكون ابن

شاهين الذي لا يعرفه الناس "

طوقها بذراعيه وقبل شعرها وقال بهدوء " وأنا ما أن استرجعت

كل ما حدث علمت أن جزءا من اللوم يقع علي , كنا نحتاج فقط

لبعض الوقت بعيدا عن بعضنا لنتصرف بحكمة لكن الله لم

يشأ ذلك "

ثم أمسك يديها المطوقة لعنقه وأبعدهما مبتعدة عنه وقبل كف

كل واحدة منهما على حده ونظر لعينيها قائلا بابتسامة مائلة

" سأستحم وأخرج فهل أجدك هنا أم لن أجد إلا رائحة

عطرك ؟ "

هربت بنظرها من عينيه مبتسمة بحياء أشعل ذاك الوهج

في وجنتيها وهمست " ستجدني "

نظر مبتسما لملامحها التي تخفيها عنه منزلة رأسها للأسفل

رفع يديه وأمسك وجهها بنعومة تشبه ملمسه واتكأ برأسه على

رأسها في حركته المعتادة كلما هربت منه وهمس " وأجدك هنا

فوق السرير وليس عند باب الغرفة وتفري ما أن أخرج ؟ "

خرجت منها ضحكة صغيرة تغلبت على حيائها وحرجها

وتوترها من ملمس يديه الدافئتين على بشرتها ورفعت

نظرها له وهمست مبتسمة " بل هنا "

كانت ابتسامتها مرتبكة مذهلة وخجولة وفاتنة بشكل قاتل جعلت يداه

تشتدان عليها وأصابعه تتغلغل في شعرها يرفع رأسها له لتقع أسيرة

تلك النظرة المتوهجة المسيطرة والمربكة فأغمضت عينيها برفق حين

قبلها قبلته الرقيقة المعتادة تلك , القبلة التي لطالما كانت على قلبها أشد

من وقع كلماته الناعمة المغرية في مثل هذا الوضع والموقف وقد أسرها

بها من أول مرة عرفتها فيها معه , أبعد شفتيه برفق سامحا للدماء بأن

تتدفق في شرايينها من جديد ولأنفاسه لتعود لصدره بقوة وأبعد يديه عن

وجهها وهي تهرب منه بالنظر للأسفل وشعرت بنعومة شفتيه مع خشونة

لحيته على خدها وقد قبلها برقة وغادر السرير في صمت ولم تسمع

سوا صوت باب الحمام يغلقه خلفه فوضعت يدها على قلبها وجرت نفسا

كبيرا وعضت طرف شفتها مبتسمة ثم غادرت السرير مسرعة ما أن

سمعت صوت المياه في الحمام وتوجهت للخزانة أخرجت ذاك التوب

الذي ألبسوها إياه يوم زواجهما ولازال معلقا هنا منذ ذاك الوقت

أخرجت القميص السفلي فيه ونزعت بيجامتها سريعا وعيناها على باب

الحمام تخشى خروجه في أي لحظة ولبسته بسرعة ورمت البيجامة في

الخزانة حتى تجد وقتا لإنزالها , أغلقت الباب ونظرت لنفسها في المرآة

ورغم قصر الفستان المبالغ فيه اختارت أن تلبسه تحديدا كي يراها كأي

زوج غيره في الحالك , انفتح باب الحمام فقفزت ملتفتة للخلف فلم تتوقع

خروجه سريعا ومن غبائها نسيت أنه ما من شيء يؤخره لا شعر طويل

ولا ..... شهقت بقوة حين أدركت أن ما يغطي جسده منشفة حول خصره

فقط فلم تشعر بنفسها إلا وخطواتها تتراجع بها للخلف حتى كانت عند

نافذة الغرفة تهرب بنظرها للأرض من هيئته ونظراته لجسدها وفستانها

القصير لازال واقفا عند باب الحمام وما أن تحرك من مكانه حتى غطت

وجهها بيديها وخرجت ضحكته الجهورية المبحوحة مالئة الغرفة وقال

متوجها جهة الخزانة " نسيت أن ادخل معي ثيابا , سأعود للحمام

فلا تقفزي من النافذة وتفقدي حياتك "

ولم تستطع رفع يديها عن وجهها حتى تأكدت من دخوله له رغم

أنه لم يغلق الباب , عدلت شعرها وخصلات غرتها خلف أذنيها

وأنفاسها المتوترة لحظة ما خرج بالبنطلون فقط وكان منشغلا

برمي المنشفة , عضت طرف شفتها وأنزلت رأسها متمتمة

بهمس " وما الذي ستره بهذا البنطلون القصير ؟ لقد خدعني "

سمعت خطواته تقترب فرفعت يدها جهته صارخة

" لا مطر انتظر "

وقف مكانه ينظر لها مبتسما من خوفها وحيائها , أمسك وسطه

بيديه وقال " أنتظر ماذا ؟ ثم ألم نتفق أن أجدك فوق السرير "

شعرت بذاك الدوار القوي وأحشائها تتقلب فالتصقت بالنافذة أكثر

وأشارت بإصبعها لسرير قائلة " أجلس أنت هناك أولا "

نظر لها نظرة تفهمها جيدا فقالت " لن أهرب منك مطر فافعل

ما قلت "

هز رأسه بلا مبتسما وتحرك نحوها فمدت كلتا يديها قائلة

" مطر توقف ثمة ما علينا التفاهم فيه أولا "

رفع رأسه ناظرا للسقف وعض شفته بقوة ثم نظر لها وقال

" نتفاهم في ماذا بالله عليك يا غسق ؟ توقفي عن اللعب

بأعصابي "

أشارت للسرير مجددا وقالت " اجلس هناك مطر أرجوك "

تنهد باستسلام وتوجه للسرير وجلس في جهته منه متكئ على

ظهره ناصبا إحدى ساقيه وقد أرخى ذراعه على ركبتها ومادا

الأخرى وقال ناظرا لها " تذكري فقط أني أنا من جلست

أنتظرك على السرير "

خرجت منها ضحكة صغيرة وتابع وقد اتكأ برأسه للخلف

" ها أنا أسمعك يا غسق ما الذي سنتفاهم عنه ؟ "

قالت دون مقدمات " أنجوانا "

قال بضيق " يا أنجوانا تلك التي تعرف كيف تتعس حياة البشر ؟

أخبرتك أن تخرجيها من رأسك فلا مكان لها في رأسي من أساسه "

اشتغلت نار الغيرة بداخلها مجددا ما أن خرجت حروف اسمها من

بين شفتيه وقالت بضيق مماثل " لكنها لم تخرج من رأسي أنا

واشرح لي الآن لماذا رفضتها منذ ثلاثة أعوام ووافقت هذه

المرة على الرقص معها "

تنفس بقوة وقال ببعض الحنق " لم أرقص معها يا غسق لا

تقلبي الحقائق "

لم تخفى عنه نظرتها المليئة بالأسى وعبوس ملامحها الفاتنة من تأثير

جوابه فتنهد وقال " منذ ثلاثة أعوام وفي زواج الابن الأوسط لزعيمهم

وفي ذات الموقف كان ردي عليها وبوضوح أني لا أراقص امرأة لا

تحل لي وتلك العبارة كانت سببا في ضحك النساء وصياح الرجال وقد


جرت الدموع على خديها من إهانتي لها وغادرت غاضبة وتسببت

بإشعال حريق بسبب إحدى الشموع عند المنصة وأصيبت ساقا العروس

بحروق وانقلبت تلك الليلة من زواج لمأساة وقالت أن ذلك حدث بالخطأ

لكنها كذبت فيه ولم أرد للأمر أن يتكرر الآن وأن تؤذيك أنتي هذه المرة

بدلا عن عروسهم وعن حفل الزواج , ولم تكن رقصة تلك وأنتي

تعرفين ذلك جيدا "

أنهى حديثه وشرحه لما حدث لكن شيئا من ملامحها لم يلين ولا

عبوسها ذاك فابتسم لملامحها الآسرة حتى في أوج حزنها وضيقها

وفي غيرتها تلك التي لم تخمد , مد يده لها وقال مبتسما " تعالي هيا

وسأثبت لك من التي تعنيني حقا "

قالت متجاهلة كل ما قال " ما الذي قالته لك قبل أن توقف

رقصتها السخيفة تلك "

جاهد نفسه ليصبر فعليه توضيح ما تريد كي لا يكون عقبة بينهما

مستقبلا واعترف بأنها أصابت في أن اختارت أن تستوضح عما

يقلقها قبل أن يجمعهما سرير واحد , قال بهدوء " قالت زوجتك

تبدوا مستاءة مني , هذا فقط ما قالته "

ضحكة صغيرة ساخرة ما خرج منها وقتها عبرت فيها عن

مرارتها وقالت " وتهتم حقا إن كنت تضايقت منها ! "

فتح فمه ليتحدث فسبقه قائلة " وما كان جوابك أنت ؟ "

حرك رأسه مبتسما وقال " يا فضولية أنتي ! أيجب أن تعلمي

الحوار كله ؟ "

قالت بضيق " بلى ولن أتخيل بأنك ستكذب عليا يا مطر "

غادر السرير ودار حوله متوجها نحوها حتى وقف أمامها تماما

وأمسك وجهها بيديه ينظر لعينيها اللامعة بسبب حبس دموعها

ولنظرة القهر فيهما وقال بصوت ناعم فخم " أخبرتها أن

زوجتي لن تتضايق من امرأة أقل منها في كل شيء "

راقب اللين التدريجي في ملامحها المشدودة وتابع " وأخبرتها أنه

إن تكرر ما حدث في زواج ساجي فلن يرحمها أحد من عقابي هذه

المرة , فقط لأكون صادقا معك كضنك بي فلم انقص حرفا واحدا "

أرخت نظرها ورفعت يديها وحضنت بأصابعهما عنقه نزولا

لصدره وهمست " لا تفعلها مجددا يا مطر "

شعرت بذبذبات تلك الضحكة المبحوحة في ضلوع صدره تحت ملمس

يديها وقد طوق خصرها بذراعيه وشدها له ومال لأذنها هامسا

" وهل ثمة مجنون يعيد ذكرى جحيم تلك الليلة ! لكني أردت

حقا أن أراك مجددا بفستانهم ذاك "

عضت طرف شفتها وطوقت عنقه بذراعيها ناظرة لعينيه وقبلت

شفتيه قبلة صغيرة وهمست " لا مانع لدي لكن ليس في خيمتهم

تلك طبعا "

ضحك ورفعها من خصرها بذارعيه المطوقة له وتبادلا قبلة عميقة

طويلة لم تنتهي إلا برميه لها على السرير ضاحكة تبعد شعرها

عن وجهها



*

*




" أصمت "

صرخ فيه بعنف مسكتا له ولم يتركه حتى ينهي حديثه فقال

ذاك بهدوء حذر " أبي أسمعني للنهاية أولا "

صرخ شراع بغضب أعنف " ما الذي تريد أن أسمعه للنهاية يا

ابن شراع ؟ ماذا تريد مني ؟ أن أصفق لك مشجعا ! "

كان سيتحدث لولا سبقه والده قائلا بذات غضبه " تتزوج في السر

يا كاسر ! ومن نساء الحالك ! أنتم من يفترض بكم أن تعالجوا

قضايا ذاك الزواج الفوضوي أبناء شراع صنوان ! وأنا من كنت

أرسلك للحدود مطمئن البال أن الأمور هناك تحت أعينكم

وأنت ترتع وتنام في أحضان النساء "

صاح الكاسر باعتراض مستنكرا " لم تربيني على التسكع مع النساء

لقد تزوجت كما شرّع الله وأحل ووليها من زوجني إياها برضاه

أنا لم أرتكب جرما , الزواج لم يكن يوما جريمة إلا عندنا "

صفق شراع يديه ببعض هازا رأسه بعدم تصديق وقال بسخرية

تنطق مرارة " تعالوا واسمعوا ما يقول ! إن كنت لم تجرم

فلما كان الأمر سرا يا حبيب والدك ؟ "

قال بمرارة أشد " لأنه لا سلطة لدي كمطر شاهين أتزوج من خارج

قطري في العلن وأضرب أراء الناس عرض الحائط "

علا صوت شراع مجددا " ذاك ابن عمها يا أحمق ويعلم عنها فلا

تقارن نفسك به ، أخبرني متى منعتك من الزواج لتتزوج هكذا "

قال من فوره " ما كنت لتسمح بأن أتزوج من أريد ، لقد رضيت

بحرماني منها لا أراها إلا أيام وجودي عند الحدود , لو كنت

أعلم بما سيفعله ابن شاهين ما تركتها عادت لحدودهم "

انفتح باب المكتب ودخلت منه عمته وأغلقت الباب خلفها فورا

وقالت بملامح شاحبة مذعورة " ما بكما لما كل هذا الصراخ ؟ "

قال شراع مشيرا بيده للواقف بجانبها " تعالي لتسمعي الترهات التي

يلقيها ابن شقيقك , تزوج سرا من امرأة من الحالك ويريد جلبها

هنا , وبكل جرأة يريد أن أطلب ذلك من ابن شاهين "

نظرت له بصدمة فاغرة فاها لم تستطع الكلام ولا إغلاقه وصاح

الكاسر " زوجتي لن أنكرها وأريدها هنا وإن جلبتها بنفسي "

أشار شراع لباب المكتب بإصبعه صارخا بعنف " أخرج من هنا

الآن ويوم تضع عقلا في هذا الرأس الفارغ تأتي هنا لنتفاهم مع

ابن شاهين لتوثق طلاقك لها ولا تحلم بجلبها لصنوان , لسنا

في باب كل هذه المشاكل الآن "

نفض ذاك سترته وخرج يردد غاضبا " لن أطلقها ولو قتلتموني

قسما وأنا ابنك الذي ربيت بنفسك "

وغاب خلف الباب وتهاوى ذاك الجسد الصامد على الكرسي خلفه

وتحدثت الواقفة هناك قائلة بصدمة " حقيقة هذه أم أتخيل ! "

صرخ شراع بغضب ضاربا الطاولة تحته براحة يده بقوة " حقيقة يا

جويرية حقيقة قتلني بها وكأنه ينقصني هموم , يتزوجها ويدخلها

لصنوان كلما كان عند الحدود وحتى عقد زواجه منها موثق في

الحالك بورقة بالية وجاء الآن بكل جرأة يريد جلبها هنا

متناسيا ما سيلقى وألقى معه "


قالت من فورها وبوجه شاحب " هل لديهما ابن أو

حاملا منه ؟ "

دفن رأسه في يديه وقال بضياع " لا أعلم ولا تقوليها يا جويرية

حلفتك بالله لن نضيع نسب ومستقبل طفل هناك "

وغابا في صمت قاتل غيم أفكارهما بسواد قاتم أخرجهما منه

صوتها قائلة بضياع " والحل الآن يا شراع ؟ "

كان سؤالها أقسى على قلبه من الواقع ذاته فقال بصوت أجوف

" لا حل سوى أن يطلقها بعقد مسجل هذا إن رضي ابن شاهين

توثيقه أو استمع لنا من أساسه , عليه أن لا يضيع مستقبل تلك

المرأة ... هو هنا وهي تفني عمرها هناك لا تجد حتى من

يتزوجها أو يعترف بزواجها منه "

هزت رأسها بأسى وقالت بتعاسة " لن يرضى ، لا أراه يوافق

ذلك من أساسه "

وقف حينها رعد أمام باب المكتب وصاح بوجه مذعور مصدوم

" اتصل بي أحد جنودنا عند حدود الحالك وقال أن جبران ورماح

رفعا السلاح في وجهي بعضهما بعد خصومة كبيرة بينهما هناك

وجبران ينوي دخول الحدود وقد فر منه ورماح لحق به "

شهقت عمته بقوة ووقف شراع على طوله ودار حول المكتب قبل

أن يتهاوى ممسكا بطاولته وركضا كليهما جهته صارخان


*

*



مرر أصابعه في شعره حتى لامست الوسادة تحت رأسه وعاد

عقله لاستجلاب صور ما حدث منذ ساعات فابتسم ونظر جانبا

ثم سرعان ما غضن جبينه باستغراب للحظة وخيل له أنها ليست

هناك قبل أن ترجع تلك لابتسامة لترتسم على شفتيه وتحولت

لابتسامة ماكرة وهو يمد يده وجسده مدخلا لها تحت الملاءة

حتى شعر بملمس بشرتها الناعمة فابتعدت عن يده سريعا

لطرف السرير وخرج صوتها فقط " لا تقترب مني "

أمسك ضحكته وقال " اخرجي من تحت الوسائد ولا

تسقطي من السرير فتنكسر عظامك "

خرج صوتها مجددا قائلة بضيق " لا أريد وابتعد عني "

جلس وبدأ بسحب الوسائد عن رأسها ورميها قائلا بابتسامة

" من هذه التي لا تريد ؟ لتريني وجهها لأرى "

تمسكت بآخر وسادة متبقية بذراعيها بقوة مخفية وجهها فيها

لا يظهر منها سوا ذراعيها وكتفيها العاريان وشعرها المتناثر

بسبب إبعاده للوسائد ، حاول سحبها منها قائلا بضحكة

" أفهميني فقط ما بك ؟ "

تمسكت بها أكثر قائلة " لم يخبرني أحد أن الأمر هكذا

لن تلمسني مجددا أبدا "

خرجت ضحكته مرتفعة وأمسك ذراعها وقال ساحبا لها جهته

" من هذا الذي أخبرك وماذا قال لك ؟ "

صرخت تحاول الابتعاد عنه فتركها وغادر السرير ضاحكا ودخل

الحمام فرمت الوسادة وقفزت مغادرة السرير لبست ملابسها سريعا

وغادرت الغرفة هاربة من مواجهته الآن على الأقل ، نزلت السلالم

ونظرت للجالسة على الأريكة وقد رفعت نظرها لها مبتسمة وقالت

" لا تقولي أنه مصاب هذه المرة أيضا ؟ "

ابتسمت لها وركضت جهتها وجلست بجانبها وحضنتها بقوة

رأسها يتكئ على كتفها فضمتها تلك بذراعها وقالت بسعادة

" هل نقول مبروك هذه المرة "

خبئت وجهها في كتف عمتها هامسة بحياء " نعم "

فضمتها بذراعيها وقالت بسعادة " مبارك لكما بنيتي

لقد أطلتماها كثيرا "

ثم تابعت بضحكة " ثلاث أشهر لتجمعكما غرفة واحدة

فكم ستحتاجان لتنجبا لنا طفلا ؟ "

ضحكتا معا وهمست تلك ولازالت تختبئ في حضنها

" ما كانت لتكون من ثلاث أشهر كما الآن عمتي "

هزت تلك رأسها بنعم ماسحة على شعرها بحنان فهي تعلم ظروف

زواجهما وكيف كان وكيف كانت ستكون تلك الليلة على قلب هذه

الصغيرة لو أنها لم تؤجل حتى الآن , ابتعدت عنها ما أن وصلهما

صوت النازل من السلالم يتحدث في هاتفه ويبدوا أحدهم يستعجله

نظرت لها عمتها وقالت بضحكة " عليك أن تعتادي أمرا وهو

أن الباب والسلالم خط عبور واحد لديه لا تريه إلا مارا منهما

ولا يرى أحدا في طريقه "

عضت طرف شفتها مبتسمة ومحركة كتفها برقة ونظرت له

ينزل آخر السلالم والهاتف على أذنه ناظرا جهة الباب ونادت

" مطر "

فوقف مكانه والتفت جهتهما ناظرا لها فابتسمت له تردد في

قلبها دعاءا صامتا أن لا يخذلها وتنهدت براحة حين غير مسار

خطواته جهتهما رغم أنه لا يزال يتحدث في هاتفه حتى وصل

عندهما ومد يده لها فأمسكت يده ووقفت لسحبه لها وسارا جهة

الباب لافا ذراعه حول كتفيها قائلا لمن في الطرف الآخر

" سأتصل بك بعد قليل يا عكرمة "

على النظرات الحنونة للمبتسمة الجالسة خلفهما تراقبهما في

حديثهما الهامس مبتسمان حتى وصلا الباب وتمتمت بسعادة

" لا فرق الله بينكما ولا أبكى عيني على أحدكما "


*

*


ما أن انفتح الباب حتى توجهت نحوه وأمسكت بيد الذي دخل منه

قائلة بقلق " كيف تتركني كل هذه الساعات أتأكل يا رعد ؟

ماذا حدث معك وكيف هوا الآن ؟ "

هز رأسه قائلا بحزن " لم يفق عمتي لم يفق حتى الآن والطبيب لم

يطمئني بشيء وضغطه لم ينخفض حتى الساعة , لو كنت أعلم

أن ذلك سيحدث ما أخبرته حتى ذهبت لهما بنفسي أولا "

مسحت دمعتها بطرف كفها وقالت بأسى " قدر الله وما شاء فعل

فوالدك صحته أصبحت تسوء منذ فقد غسق وحديث الكاسر اليوم

زاده على ما به , لازال سنه صغيرا على الانهيار هكذا

لكن جسده ما عاد يتحمل الصدمات "

كان سيتحرك من مكانه فأمسكت يده أكثر قائلة

" وماذا عن إخوتك ؟ "

مرر أصابعه في شعره الغزير وقال بحنق " لا شيء عن ثلاثتهم

عمتي عليا البحث عنهم وعليا البقاء بجانب والدي وأن أخرج للمجلس

الذي يعج برجال القبيلة وجاءوا للاطمئنان عليه ولم أعد أعرف

كم سأقسم نفسي بينهم وما سأفعل "

قالت بحنان ماسحة بيدها على ذراعه " أخرج لهم أولا وأخبرهم أن

يطمئنوا وأنه بحال جيدة , لا نريد أن نجزع الناس فلا تنس أنه زعيم

قبائلنا جميعها وأن الأوضاع متأججة بلا أسباب , ثم اذهب للبحث عن

أخوتك ووالدك سيقف عماك بجانبه وهم من الحكمة أن يعرفوا جيدا

طريقة التصرف في مثل هذه الأمور "

هز رأسه بحسنا وغادر من عندها فقد رأى رأيها عين الصواب

وعليه البحث عن الكاسر على الأقل ليجدا أخويهما وما فعلا ببعض

ولا أحد يعلم عنهما منذ اختفيا عند خط الحدود وأخبر آخر من

رآهما هناك بعد مغادرتهما المقر




*

*



رفعت يداها الصغيرتان وذراعيها المكشوفتان عاليا ودارت حول

نفسها ببطء ثم فردتها جانبا تدور وتغني دون توقف وشعرها البني

تتلاعب به الريح تغمض عينيها تارة وتفتحهما تارة أخرى وتنظر

تارة للجالس هناك مستندا بظهره على جدار غرفته ووالدته ناصبا

إحدى ساقيه ومادا الأخرى على الأرض حيث يجلس وسترتها

الصوفية الصغيرة مثلها مرمية بجانبه يراقب رقصتها الغنائية منذ

وقت وكل قليل تخبره أنها ستنتهي قريبا ولا بوادر لذلك كما يرى

غاب بتفكيره بعيدا لحديث عمير عن حبيبته وعبست ملامحه فجأة

( هل يستمتع حقا بثرتها إن كانت كماريه !! ما الممتع في كل هذا ؟ )

هو لا ينكر أنه لو كانت غيرها ما تحمل حديثها ولا لخمس دقائق

وما كان ليتحدث معها ولا يلعب معها أيضا ولن ينكر أنه لا يحب

رؤيتها تبكي أو حزينة وإن لم يظهر لها ذلك لكنه لا يفهم لما

يسمي ذاك الشاب هذا بأنه حبا !! مالت بجسدها ناحيته ويديها

جانبا ناظرة له وقالت مبتسمة " انتهت الرقصة "

فصفق لها مبتسما وقفز واقفا وقال " في المرة القادمة اجعليها

أقصر ستكون أجمل حينها "

قالت بسعاة وبراءة " حقا هي جميلة "

رفع سترتها الصوفية وقال وهوا يلبسها إياها " نعم "

أخرج لها شعرها من تحتها بعدما أنهى إلباسها إياها على صوتها

الرقيق قائلة بابتسامة " عمتي قالت بأنها ستعجبك "

كان سيتحدث لولا أوقفه صوت السعال المخيف لوالدته ومناداتها له

بصوت منقطع فقفز راكضا جهة باب غرفتهم ودخل ليفاجأ بالدماء

التي تغطي منديلها وقد وصلت لملاءة السرير فركض نحوها بخوف

وعيناه نزلت دموعها دون وعي منه قائلا " أمي ما بك ؟ أمي !! "

كان يحاول رفع جسدها المنحني ودون جدوى فخرج له صوتها

ضعيفا " الطبيب يا تيم بسرعة "

فخرج راكضا وصرخ مارا بالواقفة عند الباب تبكي " أخبري

زوجة عمك يا ماريه ولا تتركوا والدتي حتى أرجع "


*

*

دفعت كوب الشاي جهتها على الطاولة حيث تجلسن تحت أشجار

الحديقة ونظرت حبيبة التي جلست بطلب من غسق طبعا لنصيرة

وقال مبتسمة " ثمة من خرج زوجها صباحا ولم يرجع حتى

الآن وقت المغرب ! ألست معي في أنه فر منها "

نظرت لها غسق بضيق بينما ضحكت نصيرة قائلة " بل لن يغادر

حوران طوال هذا الأسبوع ولأول مرة يقرر قرارا كهذا فمن

أجل من برأيك ؟ أنتي أم أنا ؟ "

ضحكت حبيبة وقالت " قد يكون من أجل السيدة جوزاء أو عمه "

تجاهلتها ناظرة جانبا تبعد خصلات غرتها المتطايرة على عينيها

فضحكت حبيبة وقالت " أنتي أجمل وأنتي غاضبة , فهمت

الآن لماذا يغضبك دائما "

نظرت لعمتها بضيق وقالت بصوت رقيق " عمتي قولي شيئا "

قالت تلك ضاحكة " قلت لكنها غلبتي "

سمعوا حينها صوت بوابة المنزل الواسعة تفتح وسيارة يعرفونها

جيدا تدخل فقالت نصيرة ضاحكة " ها قد جاء من سينقذك منها

ويقطع لسانها أيضا "

وقفت حبيبة من فورها وقالت مغادرة بسرعة " وكأني

سمعت عزيزة تناديني "

وغادرت على صوت ضحكهما فجمعت نصيرة أكواب الشاي في

الصينية قائلة " لو أنها أخذتها معها وهي تهرب "

وضحكتا مجددا على صوت تلك الخطوات الثقيلة مقتربة من مكانهما

حتى ظهر صاحبها مبعدا أوراق الشجرة بيده عن طريق وجهه

ووصل عندهما قائلا " مساء الخير "


أجابتا معا ثم انشغل بسؤال عمته عن حالها وعن كلام عمه عما قال

الطبيب مسندا يده على الطاولة الرخامية منحن قليلا جهتها وهي تجيبه

بينما نظر الجالسة تحته كان معلقا به في الأعلى تتكئ بجانب رأسها

على كفها مسندة مرفها بالطاولة منسجمة تماما مع يقول لها تستغرب

خلفيته الكبيرة عن مرض عمته وحالتها وعن رأيه في تشخيص ذاك

الطبيب ومدى كفاءته ونظرها يتنقل من حركة شفتيه وهوا يتحدث

لعينيه المركزة على وجه عمته نزولا للحيته وفكيه القويان اللذات

يعطيان لصوته الحازم الواثق قوة أكثر , ارتجف جسدها حين مد

يده ليدها الأخرى على الطاولة والتفت أصابعه عليها بقوة ممسكا

لها رغم أن نظره وسمعه وتركيزه مع عمته وقد سحبها منها

موقفا لها قائلا ولازال ناظرا لتلك " ثمة طبيب أعصاب

جديد سيدخل الحالك قريبا وسنآخذك له "

هزت رأسها بحسنا مبتسمة وقالت " كما تريد رغم أنك

تتعب نفسك فقط وأنا رضيت بوضعي بني "

لف ذراعه حول كتفي الواقفة بجانبه وقال " لا بأس أن نجرب "

نظرت غسق لها قائلة " هل أساعدك في الدخول عمتي ؟ "

قالت تلك مبتسمة " لا حاجة لذلك سأنتظر جوزاء وسندخل معا "

فتحرك بها حينها سائران جهة المنزل وقد همس مبتسما ونظره

هناك حيث وجهتهما " أعتقد يفترض بالزوجة أن تقف مستقبلة

زوجها تسأله إن كان يريد شيئا مثلما لا تغادر غرفتهما صباحا

وهو في الحمام ويخرج فلا يجد إلا ثيابها "

رفعت نظهرها له ضاحكة وهمست مثله " سيكون ذاك سيئا أمام

عمتك وهي تتنقل بالكرسي ولا أعتقد أن ذلك يفوتك ولم تقل هذا

إلا لتضعني في موضع اتهام "

ضحك رافعا رأسه للأعلى ثم نظر لها وقال وهما يجتازان باب

المنزل " هذه ووجدت لها مخرجا الأولى ما عذرك فيها ؟ "

صعدا السلالم المحاذي للباب وقد هربت بنظرها من عينيه ناظرة

لخطواتهما ووكزته بمرفقها في خصره قائلة " تلك تعرف

سببها جيدا "

فضحك دون أن يعلق حتى دخلا الغرفة وأغلق الباب دافعا له بيده من

خلف ظهره ثم لفها جهته حتى كانت مقابلة له وأمسك يديها ورفعهما

ولفهما حول عنقه وقال ناظرا لعينيها " أخبريني الآن من هذا الذي

قال لك وماذا قال جعلك تفرين هكذا مني صباحا "

أرخت نظرها وطوقت عنقه بذراعيها مقتربة منه حتى لامس أنفها

طرف خده تشعر بأنفاسه الهادئة تلفح نعومة شفتيها وقالت بضحكة

" المصيبة أنه لم يخبرني أحد شيئا "

ضحك بخفوت وطوقها بذراعيه موزعا قبلاته على شفتيها وقد بادلته

القبلات بشغف تزيد من تطويقها لعنقه وأصابعها تغلغل في شعره تسبح

في تلك المشاعر التي لم تعرفها وتختبرها إلا معه وقد رفعها وسار بها

جهة السرير ورماها عليه فصرخت بضحكة مبعدة شعرها عن وجهها

وقالت مبتسمة وناظرة له فوقها " لما لا تتخلى عن الخشونة وتتعلم

أن تنزل المرأة على السرير برفق ورومانسية ؟ "

قال بضحكة وهو ينزع سترته " لا تقولي هذه الكلمة أمامي

مجددا كي لا أتقيء "

وما كان سيرمي تلك السترة على الكرسي حتى رن هاتفه فيها

فأخرجه وأجاب عليه بما أن جميع رجاله يعلمون أنه لن يغادر

ويمكنهم استشارته وسؤاله عن أي شيء , بينما تساندت النائمة

على السرير بمرفقيها رافعة جسدها قليلا ونظرها معلق به

وبوجهه الذي توجم بشكل مقلق بل مخيف وهو يستمع لمن في

الطرف الآخر ثم ضرب جبينه بيده ومرر أصابعه في شعره

ورفع رأسه للأعلى هامسا " لا حول ولا قوة إلا بالله لا

تقلها يا رجل "

نظرت له بريبة تسوي جلستها مبعدة شعرها للخلف ونظرها

لازال معلقا به ولازال رافعا رأسه للأعلى وأصابعه في شعره

يسترجع بالله بهمس ثم قال بحزم متجها للباب دون أن ينظر

ناحيتها " قادم لا تفعلوا شيئا حتى آتي وصلوني بصنوان فورا "

فقفزت خارج السرير راكضة خلفه وقلبها يكاد يقفز من مكانه

وهي تسمع همسه قائلا وهو يفتح الباب " ما أعظمها من مصيبة "

لتوقف خطواته يدها التي أمسكت بذراعه ولفته ناحيتها وقالت

بعينان تلمعان بسبب الدموع وشفاه مرتجفة " ما الذي حدث في

صنوان يا مطر ؟ ما هذه التي قلت أنها مصيبة ومن مات ؟ "

أمسك وجهها بيده وقبل شفتيها برقة هامسا ونظره على عينيها

" لا شيء مهم لهذا الحد , تعلّمي أن لا تفهمي من المكالمات

ما يخبرك به عقلك فقط "

ثم غادر وتركها ونزل السلالم مسرعا متجاهلا ندائها له والدموع

التي ودعته بها ولا يراها ثم ركضت للمذياع ولأول مرة تفعلها هنا

وبحثت في جميع تردداته وقنواته ولم تجد شيئا , وأمضت ساعات

ذاك الليل بحال لا يعلمه إلا الله تنتظر الذي لم يرجع ولم يرحمها

بقول شيء وحتى عمه اختفى ولا أحد يعلم أين ذهب .

قفزت جالسة على السرير الذي غلبها النعاس عليه من كثرة انتظارها

وانصهار قلبها وتعلقت عيناها بالذي دخل من باب الغرفة بعد كل تلك

الساعات التي غابها ولا تعلم أين ! لا تعلم سوى أن مكروها عظيما

حدث في صنوان ولم يخبرها عنه , تعلق نظرها بعينيه ونظرته التي

لم تعرفها فيهما سابقا وهو يقترب منها حتى جلس أمامها على السرير

وقد عجز لسانها عن الحركة وإخراج الحروف مهما حاولت ولا شيء

سوى تلك الدمعة المعلقة في رموشها ونظرها يتبع عينيه التي أخفاها

عنها بإسداله لجفنيه ومد يده لكفها ورفع مقبلا باطنه برفق قبلة طويلة

ثم رفع نظره لعينيها وقال ماسحا بكفه على شعرها " ما يبقيك

مستيقظة لهذا الوقت ؟ "

قالت وقد سقطت تلك الدمعة متدحرجة على وجنتها المتوهجة بشدة

" ماذا حدث يا مطر وتخفيه عينيك ؟ "

مسح دمعتها بإبهامه قائلا بحزم " غسق هل كنت تعذبين نفسك

هكذا منذ غادرت ؟ أنتي امرأة قوية كما أعرفك ومؤمنة "

علا صدرها ونزل بقوة وامتلأت عينيها بالدموع فورا وقد فهمت معنى

كلماته وإن رفض عقلها التصديق وعاد لسانها للتحجر وكأنها تحاول

الهرب من الواقع المحتوم , تتابعت تلك الدموع في نزولها متلألئة في

الظلام فأمسك وجهها بيديه وقال مذكرا لها مجددا من قبل أن يجيب

سؤالها " غسق أنتي امرأة مؤمنة لا تعترضي على قضاء الله "

أمسكت ياقة قميصه بقبضتيها بقوة وقالت بعبرة وعيناها الدامعة

معلقة بعينيه " من يا مطر ؟ من فقدت من عائلتي دون أن

أراه لآخر مرة وأستسمح منه "



المخرج ~

بقلم الغالية : نداء الحق

مطر

ظبية هي قد هزت اركان ثباتي
تحاورني بكل هدوء
وتناورني بكل دهاء
تهاجم وتبارز بالكلام
وتدك حصوني بدلالها وحسن ذلك
البهاء
الذي لايليق الا بها دون غيرها من النساء
عيونها غابات من السيوف
وشعرها جدائل من حرير
ونظراتها لهيب نار كانها الشمس
في أصيل تموز
فياحروف الكلام توقفي وانظمي لها
عقدا من جميل الصفات
ماذا يضر لو اننا التقينا في زمن
السلام
ماذا يضر لو اننا كنا قد اصطدمنا صدفة
تحت المطر
فسلام لك ولعينيك السلام
ولك من شيخ الشيوخ فصل الخطاب والكلام
انت جائزتي ومنتهى صبر السنين
فلن اعدم وسيلة كي تمنحيني مااريد
بكل محبة ورضا

#####


نهاية الفصل موعدنا القادم مساء الجمعة إن شاء الله


 
 

 

عرض البوم صور فيتامين سي   رد مع اقتباس
قديم 24-09-16, 08:18 PM   المشاركة رقم: 815
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Jul 2014
العضوية: 271387
المشاركات: 11,135
الجنس أنثى
معدل التقييم: bluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميع
نقاط التقييم: 13814

االدولة
البلدJordan
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
bluemay غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : برد المشاعر المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: جنون المطر / بقلمي برد المشاعر

 
دعوه لزيارة موضوعي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 120 ( الأعضاء 29 والزوار 91)
‏bluemay, ‏طُعُوْن, ‏زارا, ‏اسماء2008, ‏رين تريفي, ‏lulu katty, ‏رحاب كمال الشيخ, ‏فيتامين سي+, ‏samam, ‏امم حور, ‏مازالت أمنياتى أحلام, ‏soma libya, ‏sareeta michel, ‏عبق فرح, ‏شيماء علي, ‏نهىر, ‏بطه اورنج, ‏missliilam+, ‏حكايه}.., ‏HadeelWarqaa, ‏ن و ا ر ى, ‏Sabah eltigani, ‏&*لحن المفارق*&, ‏الردادي, ‏طوطه1985, ‏مهره الفهد, ‏ايمان عطية, ‏ديـ*M*ـوم, ‏لامارا



منورييين


مشكورة ميشو يعطيك الصحة يا رب.

والشكر موصول لفيتو العسل على تعبها بالتنزيل ..

لي عودة بعد القراءة بتعليق لاحقا ان شاء الله .

 
 

 

عرض البوم صور bluemay   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المشاعر, المطر, بقلمي, جنون
facebook




جديد مواضيع قسم القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 07:53 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية