لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
التسجيل مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 03-09-16, 08:32 PM   المشاركة رقم: 506
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
متدفقة العطاء


البيانات
التسجيل: Jun 2008
العضوية: 80576
المشاركات: 3,163
الجنس أنثى
معدل التقييم: فيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسي
نقاط التقييم: 7195

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
فيتامين سي متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : برد المشاعر المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: جنون المطر / بقلمي برد المشاعر

 

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 45 ( الأعضاء 16 والزوار 29)
‏فيتامين سي, ‏سممر ال باز, ‏غزلان سلمى, ‏سمر خالددد, ‏رين تريفي, ‏منيتي رضاك, ‏Metan, ‏غندة, ‏حكايه}.., ‏missliilam, ‏منى سعد, ‏مهره الفهد, ‏الام المثالية, ‏مي نيم, ‏من فهمني ملكني, ‏غلااااااا


ياهلا بالجميع .......

حبيباتي بأنزل الفصل الليله بدري شوي لأنه طويل وبنزله على ثلاث أجزاء
والنت ضعيف شوي
رجاء لا أحد يرد لما أنتهي من تنزيل أجزاء الفصل كامل
دقائق وأنزل الفصل

 
 

 

عرض البوم صور فيتامين سي   رد مع اقتباس
قديم 03-09-16, 08:37 PM   المشاركة رقم: 507
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
متدفقة العطاء


البيانات
التسجيل: Jun 2008
العضوية: 80576
المشاركات: 3,163
الجنس أنثى
معدل التقييم: فيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسي
نقاط التقييم: 7195

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
فيتامين سي متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : برد المشاعر المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: جنون المطر / بقلمي برد المشاعر

 



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته / أسعد الله أوقاتكم بكل حب جميع متابعي ( جنون المطر(

أصحاب أطيب وأنقى قلوب ومهما شرحت لا أوفيكم

حقكم ، شكرا لتقديركم لظروفي ولسعة صدركم ونعم

الأخوات حقا



الغالية دودي المزيونة تشائمت من نفسها لكن الحقيقة بعيدة عنك حبيبتي وإن شاء الله أرجع للتواصل مع ردودكم ولو بالجزء الثاني


اللماحة توباز كانت أول من لاحظ وأثار نقطة الشخصيتين المبهمتين في حديث ضرار وسلطان وطبعا كشفهم بعيد شوي


الغالية نهاوند نبهتني على أمرين مهمين أحدهما عطر غسق وانه ما تغير والحقيقة إن مطر كان يتحدث عن عطرها في ذالك اليوم نفسه وقت اصتدامها به

أما النقطة الأخرى هي موسم الرمان وهوا الصيف والرواية أحداثها حاليا في الصيف ومعاك حق يا عمري أنا غفلت عن هالنقطة


بالنسبة لغسق فهي مسجلة بإسم شراع كإبنة له لأن
تساؤلات عديدة تكررت عن معرفة مطر لوالدها من اسمها في العقد وهوا كان أساسا غسق شراع
بالنسبة للعمران الي كانت محور التعليقات ولمن لا يذكرها أو لم يلحظها هي منظقة ربط بين أجزاء البلاد الثلاثة وأصلها لصنوان استولت عليها الهازان من زمن بحجة أنها تشكل خطر عليها وسقطت في يد مطر بكل سهولة بعد مفاوضاتهم عليها ، أما كيف تطلبها غسق وكيف ممكن يعطيها مطر ليها

هذا نعرفه بفصل اليوم إن شاء الله ، وهناك نقطة أثارت تساؤل البعض وهي حديث مطر عن حذاء غسق ومقصده من كلامه وكان يقصد خروجها حافية معناه أنها خرجت مسرعة دون تفكير ورماها بشيئين إما أنها خرجت خلفهم أو إنها خرجت هاربة


بالنسبة للسؤال حول دجى فهو والد غسق وتعرفوا عنه أكثر قريبا إن شاء الله

وطبعا كانت أغلب الردود رائعة وسعدت جدا إن لقائهم وحوارهم أعجبكم وفصل اليوم سيحمل لكم المزيد ،

استمتعت جدا بكل كلمة كتبتوها وكل توقع وتعليق الله لا يحرمني منكم وايطمنا عن كل غايب

اعتذر عن الإطالةواترككم مع فصل اليوم وأتمنى يكون مشبع لكم ويستحق انتظاركم



جنون المطر ( الجزء الأول)


الفصل العشرون



المدخل ~

بقلم الغالية : همس الريح

وجعي وجع ..
وجع الطفولة حين تقتلها القلوب القاسيه
وجعي وجع
وجع الامومة حين تذرفها دموعا خاويه
وجعي وجع
وجع الوطن الذي تغتاله الذئاب العاويه
وجعي غسق ...

******


أخذت نفسا قويا وزفرت الهواء من رئتيها وقالت دون مقدمات

ودفعة واحدة " طلبت العمران مهرا لها "

نظر لها لبرهة وكأنه لم يسمع ما قالت أو لم يفهمه ثم رمى رأسه

للخلف ودوت ضحكته الجهورية المرتفعة برنة بحته المميزة أرجاء

الغرفة الواسعة , والجالسة أمامه تنظر له بصدمة واستغراب فلأول

مرة تراه يضحك هكذا أمامها فجل ما كان يخرج منه ابتسامة أو ضحكة

خفيفة مكتومة , راقبته بعينين مفتوحتين على اتساعهما وكأنه مخلوق

غريب عنها وحارت ما المضحك فيما قالته !! نظر لها بعدما أنهى

ضحكه ممررا لسانه على شفته السفلى وكأنه يمسك نفسه عن

الضحك مجددا وقال مبتسما بسخرية " كذب والدها وهو

شراع صنوان فيما قال عن طباعها "

نظرت له ببلاهة وقالت " كذب في ماذا ؟ "

قال متجاهلا سؤالها " لا يخبر تلك الفتاة عقلها أني سأعطي

العمران لوالدها , ولا على دق عنقي يحدث ذلك "

قالت مباشرة " ولا هي طلبت أن يأخذها والدها "

نظر لها بجمود وقال " وماذا إذا ؟ "

قالت مبتسمة وكأنها باتت تتسلى باللعب معهما

" تريدها لها هي "

نظر لها بعدم فهم وكان سيعلق لكنها سبقته قائلة " لا أعلم بما أخبرك

شراع صنوان عنها لكنها كسرت قاعدة أن كل جميلة حمقاء ساذجة

فهي طلبت أن تقسم العمران لقطع أراضي كبيرة وتسجلها باسمها

بتوقيع منك وشهود من الحالك مهرا لها , ولا تنسى أنك كتبت

في العقد بأنه سيكون ما تشير هي عليه "

وقف على طوله وقال بضيق " قصدتُ مالا وليس أرضا "

وتابع باستهزاء " وليس أي أرض ولا أي مساحة !! جنّت

تلك الفتاة بالتأكيد "

حركت كتفيها وقالت ببرود " أنت اخترت هذا فتحمل يا

ابن شاهين "

ضغط فكيه بقوة حتى برز عظماهما من الغيظ وقال من بين

أسنانه " نجوم السماء اقرب لها من العمران "

قالت عمته بتوجس حذر مما ستقول " ورفضك سيعني لها أنك

تخشى من كلام الناس عن أنك سلمت العمران لابنة شراع بعد

أيام قليلة من زواجكما "

خرجت منه ضحكة صغيرة جافة ساخرة خالية من أي تعبير

وقال " وموافقتي ما ستعني ؟ "

تنهدت الجالسة تحته بحيرة منهما وقالت " تعني أن تعيشا

حياتكما كزوجين أو سيبقى كل واحد منكما في غرفة وطابق

حتى تتفقا "

قال مغادرا " إذا لتبقى في غرفتها تلك حتى تتحول لعجوز "

قالت تدركه قبل أن يختفي " أوصل كلامك لها أنا لن أقول شيئا "

وخرج مغلقا الباب خلفه بقوة تاركا لها خلفه تزفر الهواء متنهدة

بعجز وتمتمت وهي تتقدم من الباب بكرسيها " إذا اختبر قوة

صبرك عليها يا ابن شقيقي لأنها من سيربح في النهاية "


*

*

*

خرج من عند عمته يحرك رأسه بسخرية وكأن عقله لم يستوعب
حتى الآن ما سمع منها أو بالأحرى لم يصدقه فهذا أبعد من خياله

ولم يتصور أن تستخدم تلك النقطة للعب لصالحها , تمتم صاعدا

الدرجات بخطوات سريعة يقفزها مختصرا لها " هذه التي قلت

عنها أنها أرق من أن ندخلها بيننا يا شراع !! "

وصل الغرفة وفتح بابها ودخل فوجد ملابسه التي طلبها منها على

السرير جهته مرتبة بعناية فوق بعضها وبجنبها المناشف البيضاء

النظيفة , أمسك خصره بيديه ونظر مضيقا عينيه للسلاح الممدد

على السرير في منتصفه بالطول وكأنه حد فاصل بين جانبه

والجانب الآخر من السرير وفهم فورا مقصدها من ذلك وأن

الحرب الفاصل بينهما فهمس بغيظ وهو يتوجه نحوه ويرفعه

" هذه تفكر في أبعد من أن تكون العمران بيننا "

رماه في الجهة التي يفترض أنها جهتها من السرير ثم وقف خارجه


ونزع ملابسه يرمي كل قطعة منها ما أن ينزعها فوق ذاك السلاح

ثم توجه للخزانة أخرج شيئا معينا أراده خصيصا ورماه معهم ثم حمل

مناشف الحمام وتمتم وهو يدخله " في خيالك يا ابنة شراع أن

أترك الحرب والقتال من أجلك "

وبعد حمام سريع خرج بالمنشفة لبس ثيابه وبذلته العسكرية ووضع

جميع حاجياته البسيطة في جيوبها ثم توجه لخزانة أخرى جانبية فتحها

بأحد مفاتيحه التي لا تفارقه وأخرج منها سلاحا آخر ثم أغلقها

وخرج مغادرا الغرفة وما أن وصل للأسفل نادى بصوت مرتفع

" حبيبة "

فركضت تلك الخادمة خارجة بسرعة من أحد الأبواب ترتجف خوفا

فهو ومنذ عملت هنا لا ينادي سوا شقيقته جوزاء كلما أراد شيئا وهي

تقوم به أو تخبرهم عنه إلا إن كان أمرا طارئا توجب منها أن تحدثه

كما في الأوراق التي سلمتها له اليوم وطلب الرجل أن لا يراها أحد

غيره ولا من عائلته , وصلت عنده فقال من قبل أن تتحدث


" أخبري غسق تنزل لكم الثياب وتعطي مفتاح الغرفة لعمتي "

ثم خرج من فوره من باب المنزل فتنفست تلك ويدها على
صدرها وتمتمت مغادرة " هذا فقط !! لقد أوقع لي قلبي "

وتوجهت فورا حيث أوصاها أن تذهب وما أن فتحت الباب الذي


طرقته مرة واحدة حتى قفزت الجالسة على السرير واقفة دون
شعور وقالت مندفعة " أخبريه أني نائمة "


ضحكت الخادمة الوحيدة المقربة لها ودون شعور منها وقالت
" غادر للتو من حوران بأكملها "


عضت غسق شفتها بقوة وإحراج ولم تعلق فكل ما كانت تنتظره

قدومه مزمجرا فيها بغضب لأحد السببين وأقواهما ما طلبته مهرها

قالت الخادمة بعد برهة " قال أن أخبرك تنزلي لي ثيابه لأغسلها "

خرج من صدرها زفيرا قويا وتحركت قائلة " وقف الأمر على

دخولك الغرفة فقط !! "

قالت تلك سائرة أمامها " يرفض أن ندخلها تحت أي سبب كان "

ثم تباطأت في خطواتها حتى أصبحت تسير بجانبها وهمست لها

وهما تصعدان السلالم " أخبرتني حفصة وهي الوحيدة التي لم

يتم طردها من الخادمات السابقات أن ثمة خادمة شابة جميلة

كانت تحاول إغوائه "

نظرت لها غسق بصدمة وتابعت تلك همسها وهما تجتازان الممر

للغرفة " قالت أنها كانت تدس له قطعا من ثيابها بين ملابسه دون

أن يعلم ممن تكون لتمهد الأمر وكانت تغرقها بعطر دفعت ثمنه

راتبها لشهر كامل وهو يتعمد الصمت عن الأمر حتى قامت

بخطوتها التالية , وقالت أنه أنزلها من غرفته تلك الليلة يجرها

جرا على الأرض وعلى عتبات السلالم حتى رماها خارجا

ومن حينها منع الخادمات صغيرات السن بعدها وأن تتدخل

أي واحدة في أي أمر يخصه وأن تدخل غرفته "

نظرت لها غسق وهما تقفان عند باب الغرفة وقالت

" وكانت جميلة جدا ؟ "

قالت المقابلة لها مبتسمة " لم أراها لكن حفصة كانت تمدح

حسنها دائما "

لوت غسق شفتيها بعدم رضا فضحكت حبيبة وقالت " وحفصة

قالت ما أن رأتك أنها لن تقول مجددا أن تلك الخادمة أجمل من

رأت من النساء لأنك فقتها بكثير , ثم هي رماها خارجا

وأنتي زوجته "

قالت غسق ببرود " ليس هذا أعني وما فهمته يا حبيبة "

نظرت لها باستغراب فقالت وهي تفتح مقبض الباب

" انسي الأمر "

ودخلت متمتمة بقهر " سحقا له هل هو متحجر أمام النساء هكذا ! "

وشهقت بقوة ما أن كانت في الداخل وظهر لها ما كان فوق السرير

واشتعلت خداها احمرارا وتوهجا وهي ترى ملابسه وسلاحه في

الجهة الأخرى منه وفوقها ملابس داخلية جديدة لها , أمسكت خديها

وشعرت بإحراج لم تشعر به في حياتها وبوهن قاتل في ساقيها وشعور

لم تعرف بما تصفه يمزق أحشائها , ركضت للجهة الأخرى من

السرير وسحبت ملابسها متمتمة برجفة " ما أوقحه من رجل !

هل هذا رجل الحروب عدو النساء "

رمت الملابس في الخزانة سريعا وعادت لملابسه وحملتها موبخة

نفسها على فعلتها تلك فها قد رد لها الرسالة بأقوى منها وبأنها

هي والحرب ملكه وسينتهيان له

*

*

رغم الغبار المتصاعد بسبب سرعة السيارة على الطريق الترابي

إلا أن وجهتهم كانت واضحة له والسيارتان اللتان تتبعان سيارته

تظهر بوضوح رغم زوبعة الأتربة التي يثيرونها بسرعتهم الكبيرة

وكانت الأحاديث في تلك السيارة في أوجها بينه وثلاثة من رجاله

الذين اختار أن يكونوا معه ويتناقشوا حول أهم ما سيقدمون عليه ما

أن يصلوا لحدودهم الجديدة مع الهازان , قال الجالس في الكرسي

الخلفي " وكيف سيتم ذلك والكهرباء مقطوعة عنهم من مدة

وابن راكان يمنع تواصلهم مع العالم الخارجي ؟ "

قال الجالس بجانبه " اتفقنا مع أحدهم وهذا ما كنا نسعى له من

أيام وسيعدون الكهرباء لهم رغم أنفه حتى ننفذ خطوتنا القادمة

ثم ليقطعوها كما يشاءون "

قال الجالس أمامه وهو ينظر لمطر " صحيح أنه في حوزتنا ثلاثة

عشرة منطقة مؤمنة من حدود الهازان لكن ذلك لا يعني أن يقتنعوا

بالدخول لها وهي تحت حكمك وأن يرجعوا لمنازلهم وأراضيهم

هذا أمر أراه صعبا جدا "

قال بِشر من خلفه " لو يفعلها واحد منهم فقط وتتبعه مجموعة

عائلات ستتوافد الناس على المناطق فبعضهم فقد الأمل في أملاكه

تلك التي سلبها منه الإرهابيين من زمن أو التي خرجوا منها

جراء حربنا معهم "

هز تميم رأسه وقال بشك " لن يسمح ابن راكان ورجاله بذلك

وإن قتل من يفكر فقط في فعلها "

علق حيدر " لا أضنهم سيقدمون على فعلها مجددا بعد فضيحتهم

تلك فحتى بعض الدول سحبت بساطها من تحتهم بسبب قتلهم

لتلك العائلات "

تحدث الجالس خلف المقود يتحكم بحركته بأصابعه الطويلة بكل

إتقان ويستمع لهم أكثر مما يتحدث كعادته " على الناس أن تأمن

وترجع لمنازلها ليس من أجل أي شيء ولا أي غرض فقط كي

ينتهي تشردهم الذي قد يطول "

قال تميم من خلفه " اجلب لنا من يقنعهم بهذا , ولن يلومهم

أحد إن شككوا بصدق نوايانا "

قال حيدر " جل ما أخشاه من كل هذا أن تحدث نزاعات بينهم

بسبب المؤيد للفكرة والمعارض لها "

عقب بِشر " لا أعتقد ذلك ولا تنسى أنه ثمة مناطق تمردت

حتى الآن والشائعات تقول أنهم ينتظرون فقط وصولنا لهم "

نهاية 2
قاطعة مطر بجدية " لن نبني أمرا على فرضيات وتكهنات وأخبار

لم نتأكد من صحتها بعد , وسأفعل ما خططت له ولن نتحرك شبرا

آخر على حدود الهازان حتى نفتح ممرا آمنا للناس وتبدأ بالعودة

لمدنها أو تفشل جميع محاولاتنا "

هز تميم رأسه بيأس وقال " لو كنت مكانهم ما وافقت "

خرجت ضحكة مكتومة من بِشر وقال " لو كان زعيمي ابن

راكان لفعلتها دون تفكير , فلا تقس وضعك بوضعهم "

علق مطر بصوته الجهوري المبحوح " لو كنتم مشردين خارج

منازلكم ومدنكم لكان تفكيركم مختلفا , ثم نحن سنحاول ولن

نخسر شيئا في كل الأحوال "

قال تميم من فوره " مادام ثمة دعم دولي لفكرتك وسيؤمنون

دخول من أراد ذلك فقد ينجح الأمر , وكما قلت منذ قليل

لن نخسر شيئا إن حاولنا "

عم الصمت السيارة لبرهة قبل أن يلتفت تميم للخلف حيث السيارتين

اللتان تتبعانهما في ذات الوجهة والسرعة ووقع نظره على السلاح

الموضوع في الخلف وهو يعلم جيدا لمن يكون وقال ونظره لازال

عليه " لن تكون فقدت سلاحك سيدي بالتأكيد ؟ "

قال مطر ونظره على الطريق " ومن قال لك أني فقدته ؟ "

عاد ذاك لجلوسه ناظرا للأمام وقال " استغربت فقط أنه ليس

السلاح الذي لم يفارقك في أي مشوار لك للحدود فلم تغيره

سابقا !! "

أجاب ببرود " ذاك تركته لمهمة أخرى "

ضحك ذاك بصمت وغمز له بِشر فورا فنظر له نظرة يفهمها جيدا

وقال بمكر موجها كلامه للجالس أمامه خلف مقود السيارة " بِشر

في خاطره شيء يود قوله وأخاف أن يقتله أو أن تقتله أنت "

نظر له الجالس في الطرف الآخر لمقعده نظرة تهديد بينما نظر

له مطر في المرآة ببرود وتابع تميم يمسك ضحكته " ظن فقط

أن ابنة شراع صنوان أنستك أي سلاح ستأخذه معك "

نظر له بشر بصدمة بينما علت ضحكة حيدر في الأمام مالئة

أجواء السيارة وصد تميم بيده الرصاصة التي رماه بها بِشر وكان

قد أخرجها من جيبه وعلق من يخصه الأمر ناظرا للطريق وبجمود

" إن كان ثمة واحد منكما مشتاق لزوجته فليتكلم لنوقف له

السيارة وينزل "

ووجه نظرة لتميم من خلال المرآة فهمها جيدا لتنطلق ضحكة بِشر

هذه المرة وقال ضاحكا " فعلها وهو ابن شاهين "

رماه تميم بنظرة باردة بطرف عينه وقال بامتعاض " ليقسم لي

كل واحد منكم الآن أنه لم يخرج من منزله صباحا وعقله مع

التي تركها فيه "

ماتت ابتسامة بِشر وقال ببرود " أصمت فزوجتك شقيقتي يا

قليل المروءة "

ضحك تميم وقال يغيظه " قسما أني أعشقها "

ليشتعل الجالس بجانبه غضبا يشتمه بكل ما جاء على لسانه على

صوت ضحك حيدر في الأمام وابتسامة الجالس خلف مقود سيارته

فها قد وصلوا للجزء الذي لطالما اعتبره مملا من حديثهم , قال مقاطعا

لهما " دعونا في حديثنا السابق يكفيكم من هذا فالنساء ينتظرن لكن

ما سنقدم عليه لا "

وعلموا حينها أن وقت الترويح عن النفس قد انتهى بأمر ممن لا

يستطيع أحد منهم رد أوامره , ولم يكن الملل من ذاك الحديث ما

أنطقه هذه المرة فهوا لم يكن له زوجة سابقا ولا حبيبة ولا يجذبه في

تلك الترهات كما يسميها شيء أما الآن فقد تحول ملله من حديثهم

لما يشبه الخوف منه ومن أن يسوقه لما لا يريد أن يجد نفسه فيه

وهوا التفكير في تلك العنيدة الجامحة , التي لم يحسب حسابا أن

تكون بتلك المراوغة كما حسب حسابه لأن تكون بذاك الحسن

من البداية كي لا يؤثر فيه وكان أكبر من حجم مخيلته

*

*


" وما دورنا الآن من كل هذا ؟ "

لم يكن ذاك السؤال الأول بذات تلك الصيغة ولا الشخص الأول

والوحيد الذي سأله في ذاك المجلس الذي عج بكبار قبائل صنوان

في اجتماعهم الخامس من ذات الأسبوع لمناقشة كل ما هوا جديد

وطارئ ومهم خاصة بعد الأحداث الأخيرة في الهازان .

تحدث من اختلط سواد لحيته ببياضها ممسكا مسبحته بقوة

" فتح ممرات لأهالي الهازان ضرب من الجنون إن رآها أي شخص

بعين واقعنا وستكون كذلك إن كانت من أي رجل غير ابن شاهين ذاك

فهو لا يقدم على شيء إلا وقد درسه جيدا ويعلم أنه له وسيحصل عليه

ومدعوم بأيدي قوية , وإن تحقق ذلك فعلا فستكون الضربة القاسمة

للهازان , فلا هم يستطيعون منع أهالي قبائلهم من الدخول لتلك

المناطق بعد تلك الفضيحة ولا أن يستطيعوا إخافة الناس

بعدما حدث "

ثم اشتدت نبرته وهوا يصرح كارها وبغيظ " سحقا له من

رجل حرب كل شيء يستغله لصالحه وكل المياه تصب

في مجراه دون عناء منه "

علق آخر بسخرية مقهور " ألا ترون أن كل ما يفعله هناك يوجه

به رسائل واضحة لنا ونحن ننعم في السلام معه ومصدقين تماما

أنها هدنة للأبد وهوا من حددها بعام قابل للتمديد وحسب

أوامره طبعا "

قال آخر بتعصب " سنرضى بأن نقسم البلاد بيننا ويأخذوا ثلثيها

على أن نرضخ له ونكون تحت حكم رجالهم يدوسوننا بنعالهم

كالكلاب ولا أحد يستطيع الاعتراض ولا التحدث أمام

أكابرهم الذين سيصبحون فوقنا "

صرح آخر بغضب " أهون عليا أن أموت وأنا أقاتلهم على

أن يحكموني ويتحكموا بي "

قاطع شراع الحديث الذي تحول لتعصب قبلي قائلا

" هذا الكلام ليس وقته ولن يجدي في شيء علينا أن نوحد كلمتنا

ورأينا قبل أن نوحد صفوفنا كي لا نصبح نقاتل بعضنا بدلا

من قتال أي معتد علينا "

وكان إقناع شراع لأهل قبائله وخاصة كبارهم بما يفكر فيه ويريد يراه

ضربا من المحال يوما بعد يوم وجل ما يخشاه أن يتقاتلوا على اختلاف

أرائهم كما يحدث الآن في الهازان ولم يجد حلا سوا التروي والانفراد

بكل واحد منهم لمعرفة رأيه وفيما يفكر فيه , تحدث من لاحظ شراع

صمته طوال جلستهم تلك وانتظر أن يتحدث بما في عينيه

وقال ببرود " لما لا تجد حلا مع نسيبك يا شراع

أم تصاهرتما هباءً ؟ "

نبرة السخرية اللاذعة في كلماته تلك قتلت آخر أمل لشراع فيما

يفكر ويريد أن يقنعهم به , وها قد أعاده لتلك الدوامة من الأفكار

فلم يستطع حتى الآن أن يجد مبررا واحدا يذكره للناس هناك عن

سبب تزويج ابن شاهين من ابنته ولم يجد حتى لنفسه مبررا لما أقدم

عليه مطر إن كان أبعد ما قد يفكر فيه هوا اتخاذ تلك الابنة كورقة

ضغط عليه وهو واثق من أن رجولة ذاك الرجل لن تسمح له بفعلها

تحت أي ظرف كان , وظلت الأسئلة تدور في رأس شراع الواحدة

تلو الأخرى ( لما تزوجها ؟ ما غرضه وأسبابه ودوافعه ؟ ماذا حقق

من كل هذا ؟ هل علم منها أنها ليست أبنته وأنها تبحث عن عائلتها ؟؟

لكن ذاك لا يضطره للزواج بها إلا إن كان ثمة حقائق أخرى مخفية

حتى عني أنا شراع ولم تبح بها والدتها حين جاءت حاملا بها !! )

رفع نظره ووجد أن العيون جميعها محدقة به تنتظر جوابه

فقال ببرود " هو نسيبي في كل شيء إلا في الحرب فابعدوا ابنتي

عن تفكيركم وأعدوها ماتت لأنه حتى هو زوجها لن يربط شيء

بها فلا يأخذكم خوفكم من هذه النقطة لأبعاد لا تحمد عقباها لأنه

لن يمارس ضغطه عليا بها ولن اسمح أنا بذلك "

أسكتت كلماته تلك الجميع وبددت بعض نظرات الشك منهم قبل

أن تتسع الفجوة بينه وبين رجاله أكثر مما حدث وأصبح يلحظه

جيدا ويكرهه , فما يمسكه الآن عن ترك الزعامة نهائيا هوا وضع

البلاد الحالي لكان تركها دون تراجع رغم أنه متأكد من أن ما يخيفهم

لن يحدث وإن اضطر أن يخبر ابن شاهين أنها ليست ابنته وأنها ابنة

عمه المتوفى دجى إن انحرف يوما عما عرف به وحاول التلاعب

معه بها


*

*

غادرت غرفتها تعدل شعرها للخلف وتدس خصلاته خلف أذنيها

وسارت جهة الممر الغربي بعدما أخبرتها إحدى الخادمات أن عمة

زوجها تنتظرها هناك فهي لم تغادر الغرفة منذ الصباح فحتى الطعام

لازالت تتناوله في غرفتها وقد علمت من الخادمة أنه كل شخص في

هذا المنزل يأكل لوحده من عمهم الذي يتناوله في جناحه الحالي للعمة

التي لا تتناوله أساسا بسبب السكر والخوف من زيادة الوزن لجوزاء

التي تأكله في غرفتها وحيدة , وطبعا ذاك الغائب طوال الوقت إن عاد

فجأة لا يطلب شيئا معينا ويأكل الموجود طبعا لأنه هو الغير موجود

دائما , فتحت الباب ببطء ودخلت ملقية التحية على الجالسة وحدها

في تلك الغرفة الواسعة التي خمنت فورا أنها غرفة ضيوف غير ذاك

المجلس الكبير حيث كانت هذه أصغر منه مساحة , أغلقت الباب

خلفها وتوجهت نحوها فورا وقبلت رأسها وجلست بجوارها على

كلماتها الحنونة قائلة " ما بك تسجنين نفسك في غرفتك يا غسق

ولم تأتي ولا لاستقبال الضيوف معنا اليوم ؟ "

نظرت لها باستغراب وقالت " ضيوف !! لا علم لي بهم "

قالت العمة مستغربة أكثر " ألم تخبرك عزيزة ؟ لقد أرسلتها

لك جوزاء أمامي "

ضغطت قبضتها بقوة تكتم غيظها وقالت " يبدوا أني لم أنتبه لما

قالته لي , أنا آسفة عمتي "

وأشاحت بوجهها جانبا تخفي معالم ملامحها عنها وهي تكاد تنفجر

غضبا ( حتى متى تريد تلك المرأة إظهاري في صورة الفأر الخائف

المختبئ وزوجة الزعيم البعيدة عن كل شيء حولها !! )

أعادها من شرودها ذاك صوت الجالسة بجوارها وقد انسجمت معها

في حديث طويل لم تراه مملا أبدا وهي تحكي لها عن بعض مدن

الحالك وعاداتهم وبعض الأحداث التي جعلتهما تتشاركان الضحك

باستمتاع دون أن تتطرق إي منهما للموضوع الذي يشغل كليهما

منذ ساعات النهار , استغلت غسق الفرصة حين انخرطا في الحديث

مجددا عن الزواج عبر الحدود والأنساب المختلطة فقالت " وكيف

تحل مسألة هذه الأمور ومن سيصدق أن الطفل ابن ذاك وهذا ؟ "

قالت نصيرة من فورها " القابلة تعلم وهي بئر أسرار لا

يفتحه أحد إلا الزعيم هنا "

تحولت ملامحها للصدمة وقالت " زعيم القبائل !!! "

هزت تلك رأسها بنعم وقالت " تلك هي القوانين هنا وقد قلصت

الكثير من المشاكل منذ أصدر هذا القانون العرفي القبلي "

شعرت غسق بأن ماءا باردا سكب عليها فهي ورغم كل شيء حدث

ووصلت له بصيص ذاك الأمل الذي لم تفقده وتمسكت به طوال

الوقت وباتت تراه الآن يتحول لبقعة مظلمة شيئا فشيئا فحتى إن

وصلت للمدعوة عزيرة تحت أي ظرف كان وفي أي يوم فلن

تنطق إلا أمام زعيم قبيلتها , تنهدت بأسى وقالت بشحوب

" كم الأمور معقدة هنا لديكم !! "

ضحكت المقابلة لها وقالت " يجب أن تكون ثمة قوانين تنظمنا

يا غسق أو لن نستطيع العيش معا "

هزت رأسها بحيرة فقالت تلك وقد تغيرت نبرتها المرحة

للتوجس فجأة " هل زارك مطر قبل مغادرته وتحدثتما ؟ "

فشحبت ملامح الجالسة بجانبها فجأة وهزت رأسها بلا دون كلام

وقد ترددت منذ جلوسها هنا في سؤالها عن هذا وعن رد فعله
عما نقلته له وعن رده عليها وهي تراها لم تفتح الموضوع معها

حتى الآن , ليس فقط لأن فضولها يكاد يدمرها لتعرف ما قال

ولما لم يشرفها بزيارته قبل أن يغادر بل لأنها متأكدة من أن ما

طلبته لن يعجبه أبدا ولن يوافق عليه وأن ثمة عواقب وخيمة عليها

أن تتحملها جراء ذلك وكلها عزم على أن لا تتراجع ولا تلين أو

تخاف , نظرت لأصابعها وهي تلعب بهم ببعض في حجرها

وقالت بنعومة كالحرير ظهرت في صوتها " ماذا قال ؟ "

تنهدت العمة بحيرة وقالت " غسق ما غرضك أساسا

من العمران مهرا لك ؟ "

رفعت رأسها سريعا ونظرت لها وقالت " رفض إذا ؟ "

قالت تلك بتوجس حذر " لن أنقل أي من كلامكما مجددا وعليكما

مناقشة هذا الأمر معا وحدكما والخروج بحل "

وقفت غسق على طولها وقالت بضيق " هوا سأل ما أريد مهرا

لي وأنا طلبت ما أريد فلا كلام آخر بيننا وإن كان رفض فتلك

مشكلته وليست مشكلتي "

قالت تلك بجدية " بل مشكلة كليكما فلا تجعلي الأمر يكبر في

دماغه ويبقيك معلقة هكذا أو يجلب زوجة أخرى يعيش

معها هنا أمامك "

شعرت بمرارة بلعتها كغصة مع ريقها وهي تستقبل كلماتها

كالسم وقالت بصعوبة " لن أتنازل عن مهري ولن أغيره "

هزت الجالسة تحتها رأسها بيأس وقالت " لذلك قلت عليكما

أن تناقشا الأمر معا دون وسيط "

قالت غسق بسرعة وخوف " لا هكذا لن أخرج منه بشيء سوا

بخد أزرق بسبب ضربة من قبضته "

ضحكت العمة فورا وقالت من بين ضحكاتها " أراهن على

العكس وسلاحك في وجودك أقوى يا ابنة شراع "

وابتسمت للنظرة المصدومة للواقفة فوقها ثم أضافت مستغربة

" أخبريني يا غسق كيف أخذتِ حسن والدتك فقط وكسرتِ

قاعدة ملامح صنوان !! وكيف تكون والدتك تلك ؟ "

أخفت ارتباكها من سؤالها وقالت " لم أرى والدتي لأنها توفيت

وعمري عام فقط لكن خالاتي مبهرات في حسنهن فقبيلة غزير

تنحدر جذورها من الحالك جنوبا قبل التقسيم الوهمي للبلاد وما

أعرفه أن بعض النساء تغلب الجينات الوراثية لديهم على الرجال

ويظهر ذلك واضحا في النسل خاصة عند الأحفاد "

وعضت لسانه مجددا لاستعانتها بالمعلومات التي كانت تقرأها في

كتب مكتبة والدها وليست تقرب لواقعها بأي وجه من وجوه الصحة

فهزت الجالسة رأسها وقالت بعدم استيعاب " لم أفهم كثيرا ! المهم

الآن مطر قد يغيب لأيام عند الحدود وعليك مراجعة عقبات قرارك

يا غسق فلا أحد يعلم طريقة تفكيره ولا قراراته حتى نحن

عائلته ومن تربى وسطنا "

غمغمت بعبوس " ما به نصيبي هكذا !! "

فعادت الجالسة على كرسيها للضحك مجددا فغادرت غسق جهة

الباب متمتمة بضيق وقهر " لن أغير رأيي ولن أخافه أبداً "

وتوجهت لغرفتها من فورها غيرت ثيابها وغسلت أسنانها واندست

في فراشها تستعيد كل الحديث الذي دار بينهما والذي فهمت منه

أنه صرح برفضه لطلبها وأنه أيضا هدد بإبقائها معلقة هكذا أو

الزواج من غيرها , أغمضت عينيها بقوة تطرد أي أفكار

تأخذها له حتى تغلب النوم عليها


*

*

ضرب الحجر بطرف مقدمة حدائه العسكري ولازال يدور في

نفس المكان ناظرا للأرض تحته ممسكا لخصره بيديه وعقله يفكر

ويعيد ويحلل في البدائل الأخرى وما ستكون الخطوة القادمة حال

فشل مخططهم هذا , وقف مكانه ورفع نظره للطريق الطويل الممتد

للبعيد الذي يشق وسط بلدة خماصة ويعد المخرج الرئيسي لها .

طريق خال لم تعبر منه ولا حتى أحد الحيوانات البرية منذ أربعة أيام

ومن وقت تمركزهم بقربه , نظر للذي وقف بجانه فقال ذاك هازا

رأسه بيأس " هذا هوا اليوم الخامس طلعت شمس فجره ولا أحد

نظر لنا ولا مجرد النظر من نهاية ذاك الطريق الكئيب "

ربت مطر على كتفه وقال بصوت جهوري وصل لجميع رجاله

الواقفين حوله " لا تيأسوا يا رجال من مجرد بضعة أيام "

قال تميم من خلفه " الخبر وصل للهازان جميعهم وإن كان ثمة

من يريد العودة لمدينته ومنزله لعاد , ليتهم فقط يفكرون في

الأمر بمنطق "

ابتعد عنهم على صوت رنين هاتفه وصوت أحد من ترك خلفه

قائلا " لقد درسنا جميع الاحتمالات ولن يضرنا إن لم يتحقق هذا "

أخذ مكانا متطرفا عنهم وأجاب على هاتفه فقال من في الطرف

الآخر من فوره " عمير معك سيدي "

نظر لرجاله المجتمعين مكانهم وقال " نعم ماذا حدث معك يا عمير ؟ "

جاءه صوت ذاك مبتسما " هذا الفتى معجزة سيدي إنه يتعلم بسرعة

البرق , لقد قمنا ببعض التدريبات وعلمته بعض الأمور عن أهم

الأسلحة نظريا فقط ولاحظت سرعة بديهته فلم ينسى شيئا

مما قلت له "

رفع مطر رأسه ونظر للسماء في شرود وقال بهدوء

" هل اشتكى لك من شيء أو طلب شيئا ؟ "

قال ذاك بسرعة " أبدا كثلة من الصمت كما يقال عنه ولا معلومات

حتى لدى طبيب المقر ولم يقل سببا غير الذي قاله الفتى بأنه يساعده

وقت العطلة بطلب منه ويعلمه من مهنته وهما متفقان على ذلك

وهذا ما يعرفه الجميع هنا "

نزل بنظره للأرض وقال " إن اشتكى أو طلب شيئا فأخبرني فورا "

وما أن تحدث من في الطرف الآخر حتى أبعد مطر الهاتف سريعا

ونظر بسرعة للصوت الذي صرخ قادما من أحد رجاله

" يا زعييييييم "

وظهر شبح ابتسامة على شفتيه وقد علت نبضات قلبه تدريجيا وقد

فقدت توازنها وثباتها وهوا ينظر للشاحنة الصغيرة التي ظهرت

بعيدة من نهاية ذاك الطريق مع صرخات الحماس من رجاله وهم

يضربون كفوفهم ببعض في أول بصيص أمل وأول شخص تقدم

منهم بعدما أعلنوا من أربعة أيام وعلى جميع قنوات المذياع عن فتح

ممرات آمنة للناس وبمراقبة دولية وحضور صحفي كبير وبعدما

بدأ يفقد الأمل في نجاحهم ها هوا أول الوافدين يقترب منهم

فصل الخط واقترب من ذاك الطريق بخطوات سريعة واسعة حتى

تقدمهم وهم يقتربون من تلك المركبة المحملة بأغراض منزل مكومة

فوقها ومشدودة جيدا بالحبال حتى وقفت بينهم وأعينهم تراقب بنهم

الراكب الوحيد فيها وكان رجل فيما يقارب الخمسين عاما فتح

باب شاحنته وقفز منها ليجد نفسه بينهم مقابلا لصاحب تلك الهيبة

والقيادة التي ظهرت عليه بوضوح دون أن يستعلم عنه وقال ناظرا

لعينيه السوداء الواسعة مباشرة " هل أستأمن على نفسي وأهلي

بينكم لأرجع وأجلبهم ؟ أريدها كلمة منك تحديدا يا ابن شاهين "

رفع مطر يده فورا وشد بها كتف الرجل وجدبه لصدره مباشرة

وقال ضاربا براحة يده على ظهره " مرحبا بك في أرضك ووطنك

أقسم إن مسك أحد رجالي وعائلتك بسوء أن أقتله بسلاحي "


*

*

 
 

 

عرض البوم صور فيتامين سي   رد مع اقتباس
قديم 03-09-16, 08:40 PM   المشاركة رقم: 508
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
متدفقة العطاء


البيانات
التسجيل: Jun 2008
العضوية: 80576
المشاركات: 3,163
الجنس أنثى
معدل التقييم: فيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسي
نقاط التقييم: 7195

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
فيتامين سي متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : برد المشاعر المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: جنون المطر / بقلمي برد المشاعر

 


*

*

ومن هناك دخلت البلاد في نقطة محورية جديدة والصحف والقنوات

الإخبارية المرئية والمسموعة تعج بأخبار وفود البعض للدخول تحت

لواء ابن شاهين وفي أراضيهم , كان الدعم له قويا بسبب ما حدث في

خماصة خاصة من داخل الهازان وحيث أن من قرر الخروج واللجوء

له حياته مؤمنة بتلك المراقبة الدولية المكثفة حتى يصل رغم أن البعض

تم منعه بتهديد السلاح من قبل قبائله لأنه عند البعض يبقى التعصب

القبلي حاجزا إما أن يخضع لهم أو يُقتل بدم بارد .

أشار بإصبعه على الخارطة المعقدة التقسيم على الطاولة تحته وقال

" هذا هوا الرسم الذي طلبته للمدن الخمس سيدي ورسوم للمنازل

والمساجد فيها , وما كانت مدارس ومنارات تعليمية سابقا

كلها هنا وعيادة واحدة لكل مدينة منها "

قال مطر ونظره على الخارطة " هل جهزتم إحصائيات للمباني

وتقارير عنها كما طلبت ؟ "

قال الآخر من فوره " أجل سيدي وقدرنا الأضرار وقيمنا حالة

المنازل جميعها فأولئك الإرهابيين اتخذوا سياسة الأرض المحروقة

في أحد المدن الخمس وأحرقوا حتى الحقول قبل خروجهم منها "

رفع نظره بهما فوقه مكتفا ذراعيه على الطاولة تحته وقال

" المدارس في كل منطقة سيتم تجهيزها قدر المستطاع لتكون صالحة

للسكن مؤقتا وأريد ثلاث منازل في كل منطقة أن تستثنى وتجهز لتكون

مدارس مؤقتة وأريد عيادة متنقلة في كل منطقة من الأربع مناطق واتركوا

المدمرة حتى نرى ما يمكن فعله فيها , وفروا بعض الضروريات في تلك

المدن كما دونتها لكم في الأوراق فمن المحتمل أن تتوافد بعض العائلات

من مناطق غير التي في حوزتنا سنسلم لهم منازلا منها للعيش فيها ولو

مؤقتا حتى يرجعوا لمدنهم ومنازلهم ما أن نأخذها , ولا تنسوا أريد

تقييما وتقارير عن كل شيء يحدث بعدي هنا "

هزوا رؤوسهم بالطاعة وعادوا لمناقشة مشاكل تلك الخارطة ومنازلها

فبعد توافد سبعة عشر عائلة خلال يومين خمنوا زيادة عددهم خاصة

أن ما بحوزتهم الآن ثلاثة عشرة منطقة كاملة والدعم الدولي لهم قوي

من ناحية فتح الممرات للناس رغم استبعاد الكثيرين لنجاح الأمر لكن

ما يجهلونه أن بعضهم ذاق الويلات ولا تؤثر فيه جملة ( هل تذهب

وتضع نفسك تحت رحمة وحكم الحالك ؟ ) فهوا رأى أكثر

من ذلك بكثير .

وقف مطر وقال وهوا يطوي الخارطة " هذه سآخذها معي لحوران

لا تنسوا تدوين كل شيء وإعلامي بأي طارئ وستستقبلون أولئك

الصحفيين فما سينقل عن طريقهم من هنا ولقاءاتهم بالعائلات سيكون

له صدا كبيرا في الهازان خاصة في المناطق التي ستكون في خط

حربنا القادمة , أريد للناس أن تلجأ للدخول إلى هنا بدلا من أن تتوغل

في الهازان أكثر فرارا من القتال , لا أريد للناس أن تشرد بسببنا قدر

المستطاع وأعتمد عليكم في هذه الحملة وسأغادر مطمئنا فلا تخذلوني "

هزوا رؤوسهم له بكل ثقة وعزم على إرضائه فقال وهوا يخرج من

خلف الطاولة " سأرى بعض المشاكل هناك والأمور المستعصية التي

تستلزم وجودي وأرجع , كلها يومين أو ثلاثة فعليا أن أكون هنا

خلال وصول اللجنة الدولية "

وما أن وصل للباب حتى سمع أصوات من الخارج ففتحه وخرج

ووجد رجلا غريبا يقف عند مكتب من المكاتب التي خصصها

هنا لتسيير أمور ومشاكل المدن , نظر لهم وقال وهوا يغلق

الباب خلفه " ما الأمر ؟ "

قال الجالس خلف الطاولة مشيرا بالقلم في يده على مطر

" هذا هوا الزعيم ابن شاهين أمامك "

نظر له ذاك الرجل وقال " أنا من بلدة خضماء في شرق الهازان "

هز مطر رأسه بنعم مقتربا منه وتابع ذاك " شقيقي كان له أرض

في دَغانين في جبال أرياح قبل أن يستولي عليها الإرهابيين وشقيقي

توفي من عامين وهوا ليس متزوج ولا أبناء له ووالدي متوفى ووالدتي

عجوز كبيرة ولي شقيقتان غير متزوجات , لا أريد شيئا سوا إرجاع

الأرض بمنزلها لأعيش فيه "

نظر مطر للجالس خلف الطاولة وقال " ألم ندرس جميع هذه

النقاط وكيف تقومون بمعالجتها ؟ "

قال ذاك بقلة حيلة " أخبرته سيدي لكنه يصر على رؤيتك "

قال الرجل مقاطعا ونظره على مطر " لا أريد أن تعطوها لي مؤقتا

أو تعدوني بحل مؤجل أريد صك ملكية لها فمعي أوراق ملكية

شقيقي رحمه الله "

هز مطر رأسه بحسنا ونظر للجالس وقال " أخبره بما لديك من أوامر

بفعله في مثل حالته هذه لنرى إن أعجبه ذلك أم لا "

هز ذاك رأسه بحسنا ونظر للرجل فوقه وقال " سيد جرير لدينا هنا

لائحة قوانين كاملة بخط الزعيم مطر وتوقيعه واستمع بنفسك كما

كنت أطلب منك , بما أن الأرض ورث لمتوفى ليس له ابن ولا زوجة

ولا والد ستكون ورثا بين والدتك وأنت وأخواتك ولن أسجل ملكيتها

باسمك ما لم يتم بيعها وتقسيم ثمنها شرعا ولكم حق الانتفاع بها لا

نقاش لأحد في ذلك حتى يشتريها أحد الورثة من الباقين أو يتنازلون

له عليها بحضورهم شخصيا , عليك أن تعلم كل هذا ويمكنكم

الانتقال لها فورا "

تحدث مطر ناظرا له وهوا منتبه لما يقول ذاك " هل يرضيك هذا

وهوا حكم الله قبل حكمي أو نجد حلا يرضي الجميع "

هز ذاك رأسه بحسنا وقال " لا نقاش في صحة ما قال وسأرى مع

عائلتي ما يريدون وسأجلبهم وننتقل هناك "

ثم غادر ذاك الرجل شاكرا لهما ونظر مطر للذي هز رأسه بيأس

قائلا " جربت إقناعه بسماعي فقط لكنه رفض إلا أن يراك

ويتحدث معك "

أمسك مطر خصره بيديه وتنفس بضيق قائلا " لن أستطيع التواجد

هنا دائما عليكم إيجاد حل لمثل هذه المشاكل كي لا تتفاقم "



*

*


شحب لون وجهه وكأن الدم اختفى منه ونزلت يده والسلاح لازال

فيها وهوا ينظر بصدمة ووجه مصفر للجالس على التراب بجانبه

فانقلب ذاك على ظهره للخلف في ضحك هستيري فنظر له بضيق

وهوا يستند بمرفقه على الأرض ثم رمى السلاح على معدته فقال

ذاك وهوا يمسكه " علمت أن صوته سيرعبك لكني لم أتخيل أن

تصمد هكذا ولا ترميه أرضا أو تركض باكيا "

قال تيم بضيق " أنت من كان عليك أن تنبهني لأستعد لكل

هذا الصوت وارتعاش يدي بسبب قوته , يبدوا أنك تريد

السخرية مني والضحك ليس إلا "

سوا عمير جلسته متربعا وقال وهوا يسحب مخزن السلاح

" بل تعمدت هذا فلن تخاف صوته بعد الآن فلو أني نبهتك من

البداية لخفت من توقع الأمر ولبقيت تخاف صوته حتى

تصبح عجوزا "

وتابع وهوا يضيف رصاصة جديدة واحدة كما في المرة السابقة

لضمان سلامتهما " كان بإمكاني جلب خوذة لك أو سماعات أذن

لكن ذلك سلوك هواة الرماية وليس رجال الحروب والمهمات

الصعبة "

وأضاف بجدية وهوا يسند يده الممسكة للسلاح على يده الأخرى

ينظر بين واحدة من خلال عين التصويب للجدار البعيد "عليك أن

تتعايش مع صوته وكأنه ذبابة تمر بجنب أذنك ثم سنتعلم على رماية

الأهداف بعدما اجتزنا شوطا جيدا في أخذ نبذة مبسطة عن

أهم أنواع الأسلحة وكيفية استخدامها "

قال تيم ببرود " في المرة القادمة أنت من سيرمي أولا "

فعاد ذاك الشاب للضحك مجددا فرمقه بنظرة قاسية ووقف وأمسك

خصره بيديه وقال ناظرا له تحته " أنت أين تكون والجنود يتدربون

صباحا فلم أراك معهم ولا مرة واحدة !! كيف يسمحون لك بالنوم

وغيرك يتدرب ؟ سأشي بك لرئيسك فورا "

حاول إمساك ضحكته لكنه لم ينجح وقال برجاء تمثيلي

" لا أرجوك لا تشي بي فأعاقب عقابا عسكريا مميتا "

قال تيم بحدة " إذا أين تكون وقتها إن كنت جنديا كما ادعيت ؟ "

وقف ذاك وبدأ بنفض يديه وبذلته العسكرية من التراب الذي

علق بهم قائلا " لأني لست جنديا هنا ولا تسأل سؤالا آخر

أو قصصت لك لسانك "

قال تيم بصدمة " وما تكون إذا !! وماذا تفعل هنا ؟ "

أمسك عمير بخصره أيضا وقال ناظرا له بابتسامة " هل تعرف

ما تكون القوات الخاصة التي تقوم بعمليات لا يقدر عليها

أحد غيرها مهما تدرب "

هز تيم رأسه بلا ونظرته ملئها استغراب وعدم فهم فنكش له ذاك

شعره الأسود الكثيف قائلا " ستعرفها مستقبلا بل وستكون

فردا مميزا فيها لن تنسى الناس أسمه بسهولة "

*

*

كان ضحكهم وضجيجهم يملأ تلك الغرفة في ذاك المقر كعادتهم في

هذا الوقت من النهار يتبادلون أكواب الشاي بعد غداء تبع ساعات

شاقة من التدريب والتنقل , حرك الجالس على الأرض كوبه

وقال ساخرا " نخب من هذا ؟ "

ضحك آخر وقال " لم يتزوج أحد منا ولم يقع جديد في سحر امرأة

إذا هوا نخب انتصار ابن شاهين الأخير على ابن راكان "

قال الذي بجانبه ببرود " وتحتفل بذلك يا مسخرة قبيلتك ؟

قد تكون مكانهم قريبا "

رمقه بنظرة لاذعة وقال بنزق " هل ستنكر أنه سدد لكمة للجميع

وصدمة بقرار فتح ممرات للناس في الهازان لترجع لمدنها

ومنازلها "

جاء التعقيب الساخر من الجالس بعيدا يسند ظهره للباب المفتوح

" ذاك الرجل غبي , من هذا الذي يدخل مدينة قد ترجع لها الحروب

في أي وقت وتزحف الهازان عليهم ويرمونهم للحالك متشردين ؟

أو من هذا الذي يدخل في حمى رجل سيقاتل أهله وأقاربه

وعشيرته قريبا !! "

كان الصمت رد الجميع قبل أن يكسره الكاسر قائلا " لا تستهن

بالوضع في الهازان فأنت لم تجربه فحتى المناطق التي في

حوزتهم لم تعد آمنة والناس تفر من كل مكان وكل شيء "
غمز الجالس بجانبه بعينه وقال مبتسما " لا أحد يقترب من

نسيبه فيبدوا أنه بات في صفه "

نظر له الكاسر ببرود وذاك كان كل جوابه وعلق آخر ضاحكا

" أقسمت عليك أن تسأل شقيقتك ما أن تتصل بها إن كانت أجهزت

عليه وسلبت عقله أم ليس بعد لنكمل باقي الخطة ونهزمه في ليلة "

ضرب حينها الكاسر بيديه على ركبتيه ووقف قائلا ببرود " أبعد

سيرة شقيقتي عن لسانك أو نكهت باقي الحديث بشقيقتك أنت "

قال ذاك واجما " كنت أمزح يا رجل ما بك ؟ "

توجه جهة النافذة الوحيدة في تلك الغرفة قائلا " لم أمنعك من

الحديث عنه هو ولم يعنيني الأمر لكن شقيقتي عرضي فدس

لسانك في فمك أو قطعته لك "

وقف أمام تلك النافدة ورفع يديه مسندا لهما بجانبي إطارها ينظر

للسماء الزرقاء الصافية , هوا يعلم جيدا أن كلامهم ذاك مجرد مزاح

ويعرف تفكيرهم كما يعرف نفسه ويعلم أكثر أن انجرار الحديث ليصل

لشقيقته سينتهي بأن يمسها هي وهذا ما لن يرضاه أبدا ولو كان فيها موته

غاب بنظره في تلك الزرقة وذكرياته تأخذ لأبعاد كثيرة حتى نسى نفسه

وأين يكون وما يحدث خلفه حتى شعر بتلك اليد التي أمسكت كتفه

وصوت جعفر صديقه المقرب قائلا بابتسامة

" أين وصل ابن الزعيم شراع ؟ "

نزل بنظره وقال بجمود " باق هنا لم أصل لأي مكان "

ضحك ذاك ووقف متكأ على جدار بظهره مقابلا للواقف أمام

النافدة وقال مبتسما " قلها لغيري وليس أنا "

تنهد الكاسر بقوة وقال بضيق وقد غاب نظره للأفق البعيد " كل ما

وضعه المدعو ابن شاهين من شروط للمهادنة في كفة وشرطه

بإخلاء حقولهم وحقولنا من العاملين فيها في كفة لوحده , كدت

حينها أن أقفز عليه وأقطع لحمه بأسناني "

ضحك المقابل له وهمس كي لا يسمعه أحد " هل اشتقنا يا كاسر ؟

أتركها تشتاق لك قليلا يا رجل وستجد حلا بانقضاء العام "

أنزل يديه ودسهما في جيوبه وقال مغادر من عنده

" لن تفهم ما أعني مهما شرحت "

سار ذاك خلفه هامسا له جهة أذنه بمكر " أفهم أمرا واحدا هوا

أن نساء الحالك ذهبن بعقولكن يا جنود صنوان , وابن شاهين

عرف كيف يعاقبكم بالحرمان "

فأبعد الكاسر وجه صديقه بيده بضحكة صغيرة من كليهما وخرجا

معا منتقلان للغرفة التي تحوي الأسرة المخصصة للنوم لأخذ

راحة فترة ما بعد الظهر


*

*

رفعت غطاء الإبريق لما يقارب المرة العاشرة وهوا فوق النار

وقالت مغمضة العينين وهي تستنشق رائحة بخاره المتصاعد

" ياااااه على هذه الرائحة ! ما الذي وضعته فيه سيدتي "

ضحكت غسق رغما عنها وقالت " من يسمعك لا يصدق

أنك كنت معي خطوة بخطوة "

أعادت الغطاء مكانه ونظرت لنار لموقد تتأكد من أنها لم تنطفئ

أو ترتفع وقالت " رأيت بعيني لكني لم أصدق أن هذه ستكون

النتيجة ضننت أننا سنشم رائحة شيء يحترق أو أن

تغمر المطبخ رائحة القرنفل القوية "

قالت غسق مبتسمة " وهنا يكمن السر في هذا الشاي يا حبيبة

التناسق في وضع المكونات بين العطرية وغيرها وبين القوية

وضعيفة العبق لتكون النتيجة النهائية تناسق واضح جدا في

النكهات , هكذا تكون طريقته وقد احتجت لوقت طويل لأتعلم

وضعها بمقاييس متساوية عن طريق العين فقط "

حركت الواقفة أمامها يدها بعشوائية وقالت بلهفة " عليا تذوقه

بسرعة قبل أن أجن فمعدتي تصرخ منادية "

ضحكت غسق مجددا وقالت بصوتها الرقيق الناعم

" هذا على أساس أنك لم تعتادي شربه هذا الوقت "

جلبت تلك منشفة وقالت وهي تنظف البقع الصغيرة المتناثرة فوق

الموقد " نحن نعتمد على شرب القهوة أكثر ونحتسيها في أي وقت

من اليوم أما الشاي فيقتصر على وجبات الإفطار أو في لقاءات

التسامر ليلا بين الرجال "

ثم رفعت نظرها بها وسألت " هل لديكم في صنوان تشربون

الشاي كثيرا ؟ "

نظرت غسق للأسفل ومررت إصبعها على حافة الموقد وقالت بشيء

من الحنين والحزن " أجل هناك يحبون الشاي كثيرا وعمتي من علمتني

طريقته الصحيحة بإضافة جميع هذه المكونات فالمرأة لدينا هناك تُعرف

بطريقة إتقانها له , وفي منزلنا لم يكن أحد يهتم لشرب القهوة سوا

شقيقي رعد ومنذ كان صغيرا "

هزت تلك رأسها بتفهم قبل الفهم وقالت في محاولة لتبديد ذاك الجو

الكئيب الحزين الذي كانت هي السبب فيه " على هذا الحال سيصبح

ساكني هذا المنزل أيضا من عشاق الشاي وسيتبعون عادات صنوان "

رفعت غسق رأسها ومسحت بطرف يدها جفنيها والدموع التي ما

كانت لتسمح لها أن تنزل وقالت وهي تتوجه لأرفف الخزانة الخشبية

" ساعديني إذا في جلب الأكواب , أنا لا أعرف سوا مكان أكواب

الماء وصينية التقديم "

تحركت حبيبة خلفها قائلة بابتسامة " أتركي تلك المهمة لي فثمة

طقم فاخر ورائع للشاي كان هدية من أحدهم للزعيم مطر ولم

نستخدمه لأننا نقدم القهوة للضيوف دائما "

وخرجت لبرهة ثم رجعت تحمل صندوقا أزالت من عليه الغبار ثم

فتحته وأخرجت طقم الكريستال الموجود به فأبدت غسق إعجابها

الفوري به وهي ترفع كل قطعة على حدا فلم ترى طقما في روعته

رغم أنهم كانوا يملكون أطقم فاخرة وعديدة في منزل والدها شراع

قامت حبيبة بغسله بحذر وحرفية وسكبت غسق الشاي الذي حضرته

فيه ببطء ثم سكبت منه في كوب وقالت " هيا أعطني رأيك به يا حبيبة "
شهقت تلك من فورها مبتسمة وقالت " بالتأكيد فهذه اللحظة

كنت أنتظرها منذ البداية "

ورفعت الكوب على ضحكة غسق المنخفضة الرقيقة وشربت منه

رشفة كبيرة ثم أغمضت عينيها بقوة وتجعدت ملامحها فقالت

غسق بخوف " إنه ساخن ما كان عليك شرب الكثير منه

اشربي الماء بسرعة "

هزت تلك رأسها بلا ولازالت ملامحها كما كانت عليه فقالت

الواقفة بجانبها بتوجس " هل هوا سيء ؟ أنا أصنعه من

أعوام وأجيده جيدا !! "

فتحت حبيبة عينيها أخيرا وصفقت بيديها أمام وجهها وقالت

بحماس ودهشة " بل رائع ولم أتذوق حياتي شايا مثله ولم

أتخيل أن يتغير طعمه بهذا الشكل "

ابتسمت غسق برضا ثم نظرت للخادمتين الأخريين الواقفتان جهة

باب المطبخ الواسع تراقبان منذ وقت وقالت " هل أسكب لكما منه ؟ "

قالت حفصة من فورها مبتسمة " شكرا سيدتي أنا لا أحب الشاي

ولم أتذوقه حياتي "

فنقلت نظرها لعزيزة التي قالت ببرود ناظرة للإبريق في يدها

" لا أشعر برغبة في شربه شكرا لك سيدتي "

ففهمت غسق فورا نظرتها وسبب ما قالت فسكبت منه لربع الكوب

ورفعته لشفتيها وشربت منه رشفة صغيرة ثم وضعتها في الصينية

وحملتها جميعها وقالت ما أن وصلت لهما " خذي القليل وجربيه

إذا ولا تحكمي عليه دون أن تتذوقيه "

وقد فهمت تلك الخادمة فورا أن الواقفة أمامها قد فهمت ما عنته

بحركتها تلك وأنها لا تتق فيما قد وضعته في ذاك الشاي وهي لم

تشرب منه ولم تتذوقه أبدا فأخذت الكوب منها هامسة لها بالشكر

وممتنة ذات الوقت في قرارة نفسها أنها لم تتلقى عقابا منها على

ما فهمته من كلامها وتصرفها , خرجت من المطبخ تحمل

الصينية قائلة " حبيبة أجلبي الماء لغرفة عمتي "

ففعلت ذلك على الفور وقالت وهي تمر بهما عند الباب ناظرة

لعزيزة بمكر " ستندمين لأنك لم تحصلي من ذاك الشاي سوا

على ربع فنجان صغير يا بلهاء "

وخرجت ضاحكة على نظرات عزيزة الغاضبة وأدركت السائرة

أمامها وهي تنظر لشعرها المنسدل على كتفيها حريريا لامعا قد

ربطت وسطه بشريطه صغيرة ناعمة ولجسدها المتناسق في الثوب

الخمري اللون القصير نسبيا يكشف بعضا من ساقيها الناعمة البيضاء

وبأكمامه الطويلة الضيقة ( لن تليق بسيدي مطر إلا واحدة مثلك في

رقتك وحسنك ولباقتك مثلما لن يستحقك أي رجل غيره على وجه هذه

الأرض بما يحمل من معاني للرجولة والقوة , فكل واحد منكما مكمل

للآخر تماما ) كانت تلك الأفكار التي تدور في رأسها وهي تتبعها

متفرسة في كل تفاصيلها وفي أدق حركة لها حتى رفعها لطرف

شعرها بعيدا عن وجهها حتى كانتا عند باب الغرفة وفتحته غسق

ودخلت ملقية السلام بشبه همس ناعم وهي تتبعها فاستقبلتهما الجالسة

على كرسيها أمام الطاولة الدائرية في غرفتها حيث طلبت منها غسق

أن تنتظرها حتى ترجع لها , قالت مبتسمة وناظرة لما في يدي

المقتربة منها " ما سر هذه الرائحة العبقة الجميلة والغريبة ؟ "

وضعت غسق الصينية على الطاولة مبتسمة وقالت حبيبة مندفعة

وهي تضع إبريق الماء والكئوس " شاي لم ولن تتذوقي مثيلا

له سيدتي , أعدته السيدة غسق بنفسها "

ثم سوت وقفتها وتابعت بحماس ودون انقطاع وهي تشرح بيديها

عن كل ما تقوله " لقد طحنا أوراق النعناع والحبق والريحان وحتى

أعواد القرنفل والزعتر وعشبة الليمون وحتى إكليل لجبل وأضافت

المليساء .... "

وانطلقت تشرح وهما تضحكان عليها حتى قالت نصيرة " ما كان

عليك أن تصنعيه أمامها فتسرق منك فكرته "

ماتت ابتسامة حبيبة وقالت بإحباط " مستحيل لن أعرف قياسات

الأشياء ولو كتبتها في ورقة "

نظرت تلك لغسق فوقها وقالت مبتسمة " إذا دعاني أتذوق هذا

الشاي الذي ذهب بعقل حبيبة "

ضحكت حبيبة وقالت مغادرة جهة الباب " ستري بنفسك فمذاقه

لازال في فمي حتى الآن "

وخرجت وصوتها يصلهم وهي تردد " لا أعرف ما النكهة

الأقوى بينها فجميعها أتذوقها معا .... "

ضحكت غسق وقالت " كم هي طيبة هذه المرأة "

هزت نصيرة رأسها بنعم وقالت " تنشر السرور حولها دائما

رغم كل ما مرت به من أحزان في حياتها "

رفعت غسق الإبريق وقالت بحزن وهي تسكب منه في الكوب

" أجل سبق وأخبرتني أن زوجها ميت وزوج ابنتها

توفي من مدة قصيرة عند الحدود "

ثم سحبت الكرسي وجلست فرفعت الجالسة أمامها الكوب قائلة

" أسأل الله أن يعجل باليوم الذي تهنأ فيه بلادنا كغيرها "

ثم سمت بالله ورشفت منه رشفة صغيرة ثم نظرت للتي تنظر

لها مبتسمة تنتظر رأيها فيه وقالت بابتسامة عريضة

" أممممم ما هذا يا غسق !! "

ثم رشفت منه أخرى وابتسامة الجالسة أمامها تزداد سرورا

وقالت وهي تحرك الكوب ونظرها عليه " أين أنت يا ابن

شقيقي ليفوتك سحر يدا زوجتك هذا ؟ "

فماتت الابتسامة فورا على شفتي الجالسة أمامها وقد شعرت بقلبها

وقع من بين ضلوعها فضحكت نصيرة وقالت مدركة سبب كل

ذلك " كله أسبوع ويزيد قليلا فقط فلا تغضبي منه "

تحولت ملامح غسق للصدمة وقد علا ذاك الاحمرار خديها وقالت

ببرود " لو كان شخصا غيرك لصدقت أن يشك في تضايقي من غيابه "

قالت تلك باسمة " قد تكوني على الأقل منشغلة على سلامته فأنا لم

أخبرك أنه اتصل بالأمس وأنه بخير , ويبدوا أنك لم تستمعي

للأخبار لكنتِ عرفتِ السبب "
أبعدت نظرها عنها وقالت بلمحة حزن يشوبها الكثير من القهر

" لا أريد أبدا سماعها وأكرهها منذ صغري والآن أكثر "

ثم وقفت لتنهي ذاك الحديث فهي لا تريد حقا سماع أي أخبار عنه

وعن غزواته وانتصاراته ولا عن أي قطر من البلاد وهي في غمرة

حنينها لعائلتها التي ربتها وشوقها الجارف لهم , من حرمت حتى من

سماع أخبارهم ولو عبر الهاتف , توجهت للنافذة القريبة منهما وقالت

وهي تفتحها " لماذا تحرمين نفسك من هذه المناظر ومن رائحة

الزهور والنباتات ونوافذ الغرفة واسعة وطويلة "

ثم أخرجت رأسها ونظرت للخارج مستمتعة بأصوات العصافير

المغردة وسط ذاك الهدوء وما أن أدخلت رأسها والتفتت لها وفتحت

فمها لتتكلم حتى جمدت مكانها وهي تنظر للواقف أمام الباب وقد

وقعت عينيها على نظراته المحدقة بعينيها فورا فشعرت بذاك الزلزال

يضربها مجددا وهي تقاوم بشراسة لتبقى هادئة وثابتة في الحضور القوي

لتلك العينين السوداء وتحت تلك النظرات الغامضة المسيطرة , خرج

تنفسها أخيرا متحررا من الاحتباس في رئتيها حين غير نظره منها

لعمته التي التفتت ما أن لاحظت جمود نظرات الواقفة عند النافذة

لشيء ما خلفها فتقدم منها حينها وقبّل رأسها هامسا " مساء

الخير عمتي , كيف حالك "

نظرت له فوقها وقالت مبتسمة " حمدا لله على سلامتك بني

متى عدت ولم يشعر بك أحد !! "

قال ولازال ناظرا لها وبصوت منخفض النبرة والبحة " منذ قليل

أخبرتني جوزاء بالأمس أنك تعبت اليومين الماضيين فكيف

تشعرين الآن ؟ "

قالت بضيق ونظراتها لازالت معلقة به للأعلى " جوزاء الثرثارة

تلك , لم أخبرك أنا فأسرعت هي لفعلها ! أنا بخير وما كان

عليها أن تقلقك وأنت بعيد عنا "

وانخرط معها في الحديث عن مرضها المفاجئ منهمك فيه تماما وكأنهما

نسيا وجود الواقفة هناك تحترق غيظا من تجاهله لها وهو من لم يكلف

نفسه حتى أن يحييها ويسأل عنها أيضا أو حتى أن يلقي السلام عليهما

معا ما أن دخل بل خصص كلامه كله مع عمته , وباستثناء تلك النظرة

عند الباب لم ينظر ناحيتها قط ورغم غيظها وغضبها كانت تخفي يديها

خلفها كي لا يظهر ارتجافهما وعيناها تتنقلان في تفاصيله من شعره

المبلل المسرح بإتقان وقطرة ماء تنساب منه على عنقه ببطء , وكما


هوا حاله دائما عندما ينزل من حمامه مباشرة قميصه مهمل التفاصيل

وزراه العلويان مفتوحان وكان يرفع أحد طرفيه بيده التي يضعها في

جيب بنطلونه ينظر لعمته تحته معطيا جانبه فقط لها , أبعدت نظرها

عنه وعضت شفتها بقوة تكتم غيظها وكل تلك المشاعر المتضاربة

( لما هوا بارد هكذا وجاف وقاسي وخالي حتى من المشاعر ولم

يتصدق ولا بابتسامة على عمته التي استقبلته بحب وحبور , بل

ولما هوا وسيم هكذا وشديد الثقة والرجولة , حضوره لا يمكن

لأحد تجاهله وكأنه يملأ المكان باتساعه ... )

شحبت ملامحها وقد أشاحت بها جانبا تنظر للنافذة المفتوحة حين

اكتشفت المسار الذي أخذته أفكارها وكرهته حقا , ارتجف جسدها

ارتجافه بسيطة ونظرت لهما فورا ما أن سمعت صوت عمته قائلة

" اجلس هيا وتذوق شاي زوجتك فلن تشرب مثيلا له ما حييت

ولابد وأن رائحته العبقة وصلتك ما أن دخلت من باب المنزل "

اشتدت حينها ضربات قلبها وهي تراقب ملامحه ونظره على إبريق

الشاي والصينية الموضوعة على الطاولة تنتظر تعليقه عليه ما أن

يشرب منه فرفع نظره من الإبريق لها فجأة فأبعدت نظرها عنه فورا

ترسم ملامح جامدة شديدة البرود كتلك التي يقابلها بها دائما وخصلات

شعرها تتطاير مع النسيم الداخل من تلك النافذة وقد تناغم لون خديها

المتوهجان مع لون شفتيها وذاك اللون الزهري في فستانها رغم

التفاوت الكبير في درجة اللون بينهم , قال ونظره لازال مركزا على

وجهها وانسدال رموشها الطويلة الكثيفة مخفيه حدقتيها بعيدا عنه

" تعلمي بأني لا أشرب وآكل شيئا إلا إن كان ساخنا جدا عمتي

وهذا الشاي يبدوا أنه برد ولم يشربه أحد "

رفعت نظرها به فورا وحدقتيها تقدح شررا غاضبا لتجده ينظر لها

بتهكم بارد وكأنه لم يقل شيئا بل وكأن البخار لا يتصاعد من ذاك

الإبريق حتى الآن فتحركت حينها تلعن نفسها لأنها ببقائها عرّضت

نفسها لكل هذا وأنه كان عليها تجاهله والخروج ومعاملته كما عاملها

كجدار , ما أن مرت بهما حتى وقفت مكانها بسبب اليد التي أمسكت

برسغها لترسل موجات من القشعريرة في كامل ذراعها منتقلة لباقي

جسدها فرفعت نظرها به فكان لازال ينظر لعمته قائلا " سأطلب من

الطبيب المجيء لرؤيتك , ما كان على عمي أن يستمع لكلامك

ولا يجلبه "

كانت ستعترض فسبقها قائلا بحزم آمر " لا نقاش في هذا عمتي "

فتنهدت باستسلام قائلة " كما تريد بني رغم أنه لم يعد يلزم ذلك

وأشعر بأنني بخير "

شدت حينها يده أكثر على رسغها وكأنه يقول لها لم أنسى وجوده في

يدي إن فكرت فقط أن تسحبه منها , وكادت تخرج شهقتها للعلن حين

شعرت بإبهام يده يمر وسط كفها وقد نقله من رسغها في حركة ولمسة

خفيفة ثم ضغط به على باطنه فأنزلت رأسها للأسفل تخفي ملامحها

المشدودة والمتوترة فهي لم تجتز بعد ملمس أصابعه القوية على بشرتها

الناعمة ليجهز عليها تماما بالعبث ببشرة كفها في حركة لم تفهم مراده

ومقصده منها ؟ ثم عاد وأرخى من ضغط إبهامه عليه وعاد لتحريكه

ملامسا كفها بنعومة قائلا " لا بأس في أن نطمئن لن يحدث

شيء عمتي "

ثم تحرك وخرج من الغرفة ساحبا لها خلفه , ليس لأن خطواته

سريعة لكنها تعمدت فعلا أن تتخلف عنه فقال وهوا يجتاز بها

الممر الطويل " سخني الشاي حتى يغلي واجلبيه لي في مكتبي "

فزمت شفتيها بقوة تكتم غيظها وغضبها منه وهوا يطلبه بعدما

انتقده عمدا , وما أن وصلا نهاية الممر حتى ترك رسغها وتابع

سيره دون أن ينظر لها قائلا " أنا لا أشربه إلا من ناره للإبريق

لكوبي مباشرة لا تنسي ذلك "
وسار مبتعدا تاركا إياها مكانها تنظر له وتفرك باطن كفها بيدها

الأخرى ولم تزح نظرها عنه تستشعر نبضات قلبها المجنونة في

أوردة يدها جميعها تراقب قفاه وخطواته المتزنة حتى رفع يده

بجانب رأسه وقال ملوحا بسبابته " لا أريد أن أرى الخادمة

داخلة به عليا هناك "

واختفى عنها خلف الممر الغربي فأنزلت يديها وصرت على

أسنانها بقوة وهمست بغيظ " يالك من متعجرف "

ثم استدارت بقوة عائدة أدراجها متمتمة بغضب " ولما يخرجني

إلى هنا ؟ كان طلبها مني هناك وغادر , ثم ما في الأمر إن أخذته

له إحدى الخادمات لمكتبه وأصغرهن سنا تكبره بما يقارب

السبع سنين ؟ "

ثم دخلت الغرفة وتوجهت من فورها للطاولة بملامح واجمة من

القهر ورفعت الصينية قائلة بجمود بارد " عمتي إن كنت تريدين

كوبا آخر أسكبه لك قبل أن آخذه "

قالت تلك ونظراتها معلقة بها فوقها وبابتسامة " لا يحتاج يا غسق

فبالكاد سيكفيه لأنه لن يتوقف عن شربه حتى يفرغ "

نظرت لها بصدمة وقالت " وما أدراك أني سآخذه له ! "

خرجت منها ضحكة صغيرة وقالت وهي تتراجع بكرسيها حتى

قابلتها وقالت مبتسمة " متأكدة من ذلك من قبل خروجه بك من

هنا فهوا لم يرد قول ذلك أمامي مخافة أني لازلت أريد شرب

المزيد منه ومن اللباقة أن يتركك تأخذيه دون علمي "

شعرت بحجر كبير وقع على رأسها وتمتمت بعبوس

" لم أفكر هكذا !! "

ابتسمت لها بحب وقالت " أفهم موقفك يا غسق فأنتي لم

تعيشي معه لكني أعرف تفكيره جيدا "

ثم أضافت بمكر ونظرها على عينيها " كما أعلم أنه الآن

لا يريدك من أجل الشاي فقط "

نظرت لها غسق بصدمة ورغم توقعها للمواجهة معه إلا أنها

كانت تتمنى حدوث العكس وأن يتجاهلها تماما فضحكت نصيرة

وقالت " عليك أن تعلمي أمرا يا غسق بأن جميع الرجال لا يقبلون

بالهزيمة ومطر تحديدا لا يحب أن يخرج خاسرا وإن في جانب

واحد من الأمر يكسبه وبجدارة "

رفعت غسق يدها ومررت أصابعها في طرف شعرها قائلة بتوتر

" عمتي هل تتعمدين إخافتي منه أم ماذا ؟ "

ابتسمت لها بتفهم وقالت " لا يبدوا لي أنك تحتاجين من يخيفك منه

ومعلومة أخرى عليك تسجيلها عنه أنه أكثر الرجال نافذا للصبر

فخذي الشاي وسخنيه جيدا واحمليه له بسرعة "

تحركت من فورها متوجهة جهة الباب ومتمتمة بعبوس

" لما لا تذكري لي عيوبه دفعة واحدة لأجمعها في دفتر واحد "


*

*

فتح الباب بعد طرقتين خفيفتين ودخل يحملها بذراعه تلتف إحدى

ذراعيها الصغيرتان حول عنقه والأخرى تمسك بها قطعة الحلوى

الكبيرة التي أحضرها لها معه وقت عودته فجرا من الحدود فمنذ

أصبحت هذه الطفلة في منزلهما تعلقا بها بجنون وقد غادر للحدود

تاركا قلبه معهما هناك وما أن عاد اليوم قرر أن يزوره بها قبل أن

تأتيه أي أوامر من مطر ويغادر مجددا , توجه نحو طاولة الذي كان

ينظر لهما مبتسما وأجلس زيزفون فوق الطاولة أمام الطبيب وقال

" ها هي ذي التي أخبرتك عنها وما أن علمت أنك أفضل الأطباء

في الأطفال حتى وثقت بخبرتك فأنت قد أفلحت حتى في

التخصصات الأخرى "

وقف ذاك مبتسما ولف حول الطاولة ناظرا للتي تنظر له بحيرة

وتوجس وقد قبضت بيدها الصغيرة على كم قميص من أصبحت

تناديه ( بابا ) من أيام فمسح عكرمة شعرها وقال مطمئنا لها
" لا تخافي يا زيزفون لن يؤذيك "

قال الطبيب هامسا ولم يلمسها " ما بها ! مما مذعورة ؟ "

نظر له وهمس بحزن " كما تعلم فقد شهدت منظرا مأساويا

ومن حينها وهي تخاف وترتعب حتى في نومها ليلا "

اقترب منها الطبيب بحذر ومد يده ماسحا على شعرها يراقب

عينيها الزرقاء الواسعة الوجلة وقد ترقرقت الدموع فيها منذرة

ببكائها الوشيك فتصرف سريعا بخبرة طبيب غزا الشيب رأسه

في تلك المهنة ممرا إبهامه على العرق النابض المتوتر في

عنقها وقال مبتسما لها " كم أنتي فتاة جميلة ومطيعة "

وسرعان ما هدأ تنفسها واتزن وتدحرجت تلك الدمعة اليتيمة من

رموشها ولازالت محدقة فيه بصمت فعدل جلستها على الطاولة

وقال " جميل اجتزنا مرحلة الخطر "

قال عكرمة وأصابعه عادت لتمسح على شعرها الحريري القصير

" أريدك أن تشخص حالتها مقارنة بالأوراق التي أعطيتها لك "

عاد لطاولته وقال وهوا يفتح الدرج " انقلها لسرير الكشف إذا

سيساعدني أكثر , وأبقها جالسة "

حملها من فوره وأجلسها هناك يطمئنها بكلمات يكرر ويعيد لفضها

حتى ابتسمت له فقبل خدها بحنان وقال مبتسما " الطبيب راض

عنك وقال أنك فتاة مطيعة فلا تثبتي له العكس "

فاقترب منهما الطبيب ضاحكا وقال ما أن وصل عندهما

" أتمنى ذلك حقا "

وأخرج مصباحا صغيرا من جيبه فحص به نظرها ثم اختبر سمعها

بثلاث أجراس صغيرة بمقاسات مختلفة ومن دون علمها ثم كشف

يدويا على حلقها ورقبتها ثم غادر الغرفة لغرفة مشتركة مع غرفته

وعاد بعد قليل يحمل صندوقا صغيرا وضعه على الطاولة بجانب

السرير وقال " سنجري لها اختبارا سريعا بالأدوات البسيطة

التي لدي فأنت تعرف حال البلاد ووضع الطب فيها لكن

هذا الاختبار سيساعدنا كثيرا "

هز عكرمة رأسه موافقا وتنحى جانبا فأخرج الطبيب من الصندوق

ثلاثة أوراق تحمل رسومات أحدها لفتاة صغيرة والأخرى لكرة

والثالثة لشجرة كبيرة خضراء وعرضها أمامها على الطاولة

قائلا " أين صورة الكرة يا زيزفون ؟ "

وكرر عكرمة بعده وبعد محاولة أخرى من الطبيب رفعت

أصبعها الصغير وأشارت لصورة الكرة فقال الطبيب بحماس

" جيد يالك من فتاة ذكية "

فأعلنت عن أولى ابتسامة له لحماسه الذي أكد لها أنها أصابت

في اختيارها , أبعد صورتي الشجرة والكرة وترك صورة الفتاة

ووضع معها ثلاث أوراق أخرى كل ورقة تحمل لونا وقال ناظرا

لعينيها المركزة على الأوراق أمامها على الطاولة

" ما لون فستانها يا زيزفون "

طرق عكرمة على الطاولة بأصابعه فرفعت رأسها له فكرر عليها

السؤال لتركز على شفتيه فنظرت للأوراق ثم رفعت رأسها له

مجددا فكرر السؤال لها فنظرت لهم من جديد لوقت كان يطول

تدريجيا حتى رفعت إصبعها وأشرت به على الورقة الصفراء

فصفق لها عكرمة بحماس وسرعان ما خبأت وجهها في خصره

تحضنه بقوة فمسح الطبيب على شعرها وقال ناظرا له

" أجري حديثا وإن قصيرا معها أريد أن أرى نطقها "

*

*

 
 

 

عرض البوم صور فيتامين سي   رد مع اقتباس
قديم 03-09-16, 08:45 PM   المشاركة رقم: 509
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
متدفقة العطاء


البيانات
التسجيل: Jun 2008
العضوية: 80576
المشاركات: 3,163
الجنس أنثى
معدل التقييم: فيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسي
نقاط التقييم: 7195

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
فيتامين سي متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : برد المشاعر المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: جنون المطر / بقلمي برد المشاعر

 



*

*

توجهت للمطبخ من فورها وسكبت الشاي في أبريق حديدي من

أجل تسخينه ووقفت تنتظره قليلا حتى عاد للغليان مجددا تنظر

له بعبوس وكل تفكيرها في كلام عمته عن أنه لا يريدها من أجل

الشاي فقط وأنه لن يقبل بالهزيمة , سكبت الشاي في الإبريق مجددا

وأبعدت الأكواب تاركة واحدا نظيفا فقط وحملت الصينية وخرجت

بها متمتمة " ولا أنا سأقبل بالهزيمة ولنرى يا ابن شاهين "

وسارت بخطوات بطيئة متوجسة جهة غرفة المكتب التي أخبرتها

حبيبة أين ستجدها وأدركت حينها أن محاولاتها المستميتة لشد عزم

قلبها بدأت تبوء بالفشل وهي تقترب من ذاك الباب المغلق فتنهدت

بإحباط متابعة سيرها ( ما بك يا غسق وكأنك تقتربين من نهايتك

المحتمة ! كم أنتي مدعاة للشفقة وحمقاء , ومتأكدة من أنه يموت

ضحكا عليك في قرارة نفسه فكل ما تفعلينه محاولات ضعيفة لتحديه

بطرق غير مباشرة يفهمها فورا ويجعلها تتلاشى بلمسة صغيرة

لها بطرف أصبعه وكأنه يفجر فقاعة صابون )

وقفت عند باب المكتب وتنفست بقوة معززة نفسها مجددا ( لن يكسب

شيئا مادام الأمر في يدي ولن أتراجع وإن هددني بحياة والدي شراع

لأنه لن يفعلها ولن تكون شيمته أبدا وهوا يرى نفسه بكل هذا الكبرياء

والعظمة , كل ما عليك فعله يا غسق إيجاد ثغرة لاتخاذها ضده بما

أن عمته لم تخبره شيئا وقررت أن لا تكون وسيطا بينكما )

رفعت يدها لتطرق الباب لكنها سرعان ما تراجعت ومدتها لمقبضه

فقد وجدت أنه من السخف أن تطرق بابا وهي تعلم أن الذي خلفه

زوجها ووحده أيضا فلن تعطيه الفرصة للسخرية منها ما أن تدخل

فتحت الباب ببطء ودخلت وما أن وقع نظرها على الجالس خلف

المكتب منكبا على الأوراق تحته والقلم في يده اليسرى يكتب به

دون توقف ولم يرفع رأسه عنهم ولا بعد دخولها حتى فقدت آخر

دفاعاتها فقبضت على الصينية بقوة وتقدمت هامسة لنفسها

( سامحك الله يا عمتي هل ينقصني رعبا من مواجهته هذه !! )

وما أن وصلت الطاولة حتى وقفت لبرهة تفكر هل تضع الصينية

حيث وصلت وتفر بجلدها أم عليها الالتفاف حولها ووضعها بجانبه ؟

وذاك كان المنطق السليم لشخص جالس لوحده خلف الطاولة لكنها كانت

تبحث عن أي خيار للهرب , وما أن مدت يديها قليلا حتى توقفت مكانها

بإشارة من القلم في يده على الطاولة بجانبه قائلا دون أن يرفع رأسه

" ضعيها هنا "

فأطلقت نفسا قويا لم يسمعه غيرها وتحركت من هناك شاكرة لله

أنه اكتفى بذلك فقط ولم ينتهز الفرصة ليرميها بتعليق لاذع على الأمر

لفت حول الطاولة وما أن كانت بجانبه ورغم انشغاله التام بالكتابة

في تلك الورقة إلا أنها شعرت وكأن جسده مليء بالعيون التي تراقبها

بذات تلك النظرة الثاقبة المتهكمة في عينيه , وضعت الصينية بجانب

مرفقه الأيمن فوق الطاولة فور أن وصلت وعادت ولفت حولها مجددا

تزم شفتيها بقهر منه وهو لم يحاول ولا شكرها من باب الذوق واللباقة

وتمتمت لنفسها متوجهة للباب ( ماذا تتوقعين منه مثلا أن يقبل يدك

شاكرا لك ؟ فري بجلدك بما أنه لم يكترث ولا لوقوفك قربه

ليرميك بإحدى إهاناته )

" غسق "

تصلب جسدها ووقفت مكانها وفرحتها بفرارها لم تكتمل , تنفست

مالئة رئتيها بالهواء مغمضة عينيها لا تعلم تبكي أم تفر هاربة وتلك

الحروف لازالت ترن في أذنيها وهي تسمع أسمها منه لأول مرة

ورغم أنه قاله بصوت منخفض ناعم إلا أن نبرته لم تخلو من الحزم

والجدية بل وكأنه يأمرها به بالوقوف أمرا , لم تتخيل أبدا أن يتخذ

اسمها لإيقافها !! توقعت أن يقول ( انتظري ) أو حتى ( هيه أنتي )

مستنقصا لها لكنه خان جميع توقعاتها , أخرجت الهواء منفسه عن

أضلعها ورئتيها واستدارت مجددا وقد كانت تكاد تصل للباب ووقفت

مكانها وكان على حالته تلك لم يرفع رأسه ولم يوقف حركته السريعة

في الكتابة ولاحظت أنه أعسر من كتابته بتلك اليد , رفع الختم الخشبي

الموجود بجانب أوراقه بيده اليمنى وختم به على الورقة وهي تعرف جيدا

ما يكون فهي رأت شبيهات له عند والدها شراع وهي أختام يستخدمها

زعيم القبائل لديهم للختم على أي قرار يصدره أو يوافق عليه ليكون

معلوما لدى الجميع أنها صادرة منه أو أنه موافقا عليها , قال وهوا

يضرب بذاك الختم على الورقة مجددا ونظره عليه

" هل أفهم ما هذا الرد الذي قلته لعمتي ؟ "

فنظرت له بصدمة وهوا يوقع الورقة بحركة سريعة ولم تفهم هل أخبرته

عمته وتحدثا عند اتصاله بالأمس وهي التي قالت أنها لن تتدخل في الأمر

وأن عليهما مناقشته معا أم أنه قال ذلك من نفسه ليعلم ما قالت لها دون أن

يضطر لمس كرامته وهوا يسألها !! نظرت له مضيقة عينيها وهوا يوقع
على أسفل الورقة مجددا ( مخادع وسيكون الرابح في كلى الحالتين وأنا

من عليها الجواب الآن وتوضيح ما قلت لها دون أن يسألني مباشرة فإن

تمنعت عن الجواب سيتهمني بالضعف وإن أجبته أكون أنا من طرح

الأمر من نفسي في حال أنها لم تخبره , هل تفعلها وتقف مع ابن

شقيقها وتخبره ولا تخبرني عن رده !! )

رفع رأسه ونظره عما كان يفعل ناظرا لها وهوا يبعد الورقة جانبا

قالبا لها بعيدا عن باقي الأوراق وهي لازالت متمسكة بصمتها وقد

جمعت كل شجاعتها وأبقت نظرها ثابتا على عينيه رغم اضطرابها

القوي وحبسها لأنفاسها حد الاختناق البطيء لأنها الخاسرة في كل

الحالات إن تحدثت وقد لعبها بنجاح وحاصرها في الزاوية ولن

ينجح الأمر حتى إن قالت ( واشرح لي أنت أولا ما قلت لها )

لأنها ستُعرض نفسها لسخرية أكيدة منه لذلك اختارت الصمت وقررت

أنها لن تتحدث حتى يسألها مباشرة عن طلبها ذاك المهر ومؤكد يعلم

بأنها تجهل رده لو أنه كان متأكدا من أن عمته لم تخبرها بشيء أيضا

رفع يده مسندا لمرفقه بالطاولة وحرك طرف القلم على لحيته السوداء

المشذبة وعيناه لم تنزاحا عن عينيها وكأنه يختبر قوة صمودها وهي

تكاد تغمضها هربا من عينيه وقد فهمت حينها فقط حديث عمتها جويرية

حين قالت ( العينين السوداء تملك سحرا لا تملكه باقي الأعين وهي

ترميك بحبالها مباشرة بتلك الأحداق الحالكة ويمكنها الفتك بك دون قتال

فهي منبع الفتنة عند النساء والقوة عند الرجال وكلما زاد دكون لوها

واتساعها وسواد رموشها زادت قوة تأثيرها أكثر )

وفهمت حينها فقط صدق حديثها ذاك وهي تواجه تلك العينين التي تصرخ

قوة , نزل بالقلم لأسفل ذقنه وقال مسندا رأسه به وقد لاح شبح ابتسامة

ساخرة على شفتيه " حسنا يبدوا أنه عليا قولها في كل مرة "

وازدادت ابتسامته تهكما وهوا يراقب نظرة الاستغراب في عينيها

وتابع " هلا أسمعتني صوتك الجميل ولو بعبارة قصيرة قبل

خروجك يا ابنة شراع "

فزمت شفتيها بحنق وسرعان ما تحولت نظرته الساخرة تلك لنظرة تهديد

ووعيد لها وقد فهم جيدا ما تفكر فيه وستقدم عليه من تحول ملامحها

وابتسامتها الماكرة وقد خرج صوتها الرقيق الناعم ما أن تحركت

شفتيها وقالت متراجعة خطوة للوراء " أجل نسيت أن أقول لك ..

حمدا لله على سلامتك "

وكما توقع في لمحة عين لم يعد يرى سوا شعرها الأسود الطويل المجموع

بشريط زهري يختفي خلفها فوقف من فوره ولف حول المكتب مسندا

يده على طاولته ليختصر المسافة قافزا وهامسا من بين أسنانه

" المحتالة ! "

وخرج فورا متوجها للباب ليوقفه رنين هاتفه ملتفتا له من هناك وسرعان

ما قرر تجاهله وخرج للممر وسار يمينا من فوره وبخطوات واسعة مستغربا

كيف اختفت منه هكذا بسرعة !! وما أن وصل نهايته حتى توقف فجأة وهو

يكاد يصطدم بالخادمة التي وقفت أمامه مصدومة ثم تراجعت بسرعة للخلف

خطوتين وقالت ما أن أخذت نفسها المذعور " سيدي السيد صقر يريد

رؤيتك "

قال وهوا ينظر حوله حيث وسط المنزل الواسع باحثا عن مكانها

" أين هوا الآن ؟ "

قالت تلك من فورها " في جناحه سيدي "

هز رأسه بحسنا ثم قال وهوا يرجع أدراجه " أخبري غسق ثم

أخبريه يدخل لي في مكتبي "


*

*

كان الطبيب الجالس على كرسي بقربهما منتبه بتركيز لحديثها

وطريقة نطقها للكلمات حتى أوقفه وسأله عن بعض الأطعمة

وتأثيرها عليها وإن كان ثمة حساسية تصيبها بسب تناولها لها ثم

وقف وجلس خلف مكتبه مجددا فحمل عكرمة زيزفون وجلس في

الكرسي المقابل لطاولة الطبيب مجلسا لها في حجره وأعاد لها قطعة

الحلوى التي انشغلت بها وقال الطبيب ناظرا للأوراق التي وجدوها

معها " في هذه الأوراق شرحت جدتها عن الكلام الذي قاله لهم

الطبيب الذي شخص حالتها ولست أعلم على أي أساس فرض

عليها تلك الحمية ونصح بإطعامها المأكولات التي تحوي

على المعادن وهي لا تحتاجها "

نظر له عكرمة بعدم فهم وقال " ماذا يعني بأنها لا تحتاجها ؟ "

وضع الطبيب الورقتين ونظر له وقال " يعني أني مستعد لترك

مهنة الطب بأكملها إن كانت هذه الطفلة مصابة بالتوحد "

ظهرت الصدمة بوضوح على ملامح الجالس أمامه تمسك يده

بقوة خصر الجالسة في حجره وقال بعدم تصديق " ما تعاني

منه ليس توحد ونقص تعلم !! "

هز الطبيب رأسه بنعم وقال " طبيبها السابق شخص حالتها على

أنها الدرجة المنخفضة منه لكنها ليست علامات توحد أبدا

الأمر واضح كالشمس "

قال عكرمة والصدمة لم تفارقه بعد " وهذا كان رأي زوجتي فشقيقتها

ابنها يعاني من ذاك المرض وهي تبقى معهم دائما وقت غيابي الطويل

عن المنزل في الجبهات وقد عايشت حالته جيدا واستنكرت أن

تكون زيزفون مصابة بذات مرضه "

هز الطبيب رأسه موافقا له وقال " ثمة فرق شاسع بين تأخر التعلم

عن أقرانها في سنها أو ما يعرف بالتوحد وبين البطء الذي تعاني منه

هذه الطفلة وكأنها جهاز كهربائي لا يتلقى الأوامر منك بسهولة

لكنه يفعلها بعد جهد ووقت "

هز عكرمة رأسه بحيرة وقال هامسا " ما بها إذا !! "

أنزل الطبيب نظارته حتى منتصف أنفه ومسح عينيه مغمضا

لهما ثم ضغط عليهما قائلا " تحتاج لصورة أشعة مقطعية

ورسم للمخ لنتأكد من السبب "

ثم أعاد نظارته رافعا لها بسبابته وتابع " ثمة شيء ما في دماغ هذه

الصغيرة والأرجح الجهة السيرى الخلفية من الدماغ وهي تضغط

على أعصابه وبالتالي ظهرت عليها هذه الأعراض "

تنقل عكرمة بنظره في ملامحه لوقت ثم قال " مثل ماذا مثلا !!

أنا لم أفهم بعد ما تعني "
ضم الطبيب يديه لبعضهما فوق الطاولة أمامه وقال بهدوء

" الأكياس المائية على الدماغ أو الأورام هذه هي الأمور

التي مرجح أنها ستسببها "

قال بصدمة " ورم !! "

ابتسم الطبيب وقال " لا تخف فأنا أستبعد هذا الأمر فحتى الأورام

الحميدة تؤثر على الحواس خاصة النظر والسمع وهذه الطفلة لا

تعاني منها حتى الآن ومن كلام جدتها أنها أعراض لازمتها من بعد

عامها الأول حيث كان مرضها ملاحظا وقتها أما قبله فما كان لأحد

أن يلاحظه حتى إن كان موجودا وذلك بسبب صغر سنها وعدم

بروز مهاراتها كالنطق والتعلم "

قال عكرمة " هوا الكيس المائي إذا ؟ "

رفع الطبيب كتفيه وقال " هذا افتراض وقد يكون ثمة ضمور في

منطقة في الدماغ أو مشكلة في أحد الأعصاب , ودون الأشعة

والرسم لا يمكنني تحديد أي شيء "

تجهمت ملامحه وضمها لصدره أكثر وقال " والحل الآن ؟ "

رفع ذاك يديه وقال بعجز " أنت تعرف الحال والوضع ولا حل سوا

بأمرين إما إخراجها لإحدى الدول وتشخيص حالتها وإن كانت تحتاج

لعملية جراحية أم علاج فقط أو مجرد تكثيف لنشاطاتها العامة في حال

الكيس المائي الخلقي , والحل الآخر هوا انتظار اللجنة الطبية الدولية

التي تدخل البلاد وتمر بجميع المناطق والمدن كل عام أو عامين وهم

سيتمكنون بأجهزتهم ومعداتهم الحديثة من تشخيص حالتها وتقرير

علاجها "

هز عكرمة رأسه بيأس وقال " سنحتاج لعام أو أكثر في وضع البلاد

الحالي المتذبذب لتدخل تلك اللجان فهم يخافون حتى من ظلهم "

ثم تابع بغيظ صارا على أسنانه " لا أعلم لما تهمل الهازان ذلك وهم

يدخلونها أيضا والدليل أننا لم نجد أوراق أو صور معها تدل على أنه

تم عرضها عليهم سوا ذاك الطبيب المحلي الجاهل "

تنفس الطبيب بقوة وهز رأسه بتفهم وقال " سأعطيكم برنامجا غذائيا

تتبعونه يرتكز على الـ omega 3 لتحسين معدلات النشاط الذهني لديها

وعليكم إشراكها أكثر في النشاطات الاجتماعية والتحدث معها كثيرا

وحثها على التعلم حتى تجد حلا لها "

هز رأسه بحسنا دون تعليق فضم ذاك الطبيب يديه مجددا فوق طاولته

وقال بهدوء حذر " أنت وحسب علمي أحد رجال الزعيم ابن شاهين

المقربين وأحد قادة جنود الحالك فلما لا تعرض أمرها عليه فقد

يساعد في شيء وإن إخراجها خارج البلاد "

وقف عكرمة حاملا زيزفون وقال مبتسما بسخرية " يبدوا أنه رغم

معرفة جميع الحالك بابن شاهين لازلتم تجهلونه فهوا رفض حتى أن

يخرج عمته للعلاج ولإجراء عملية لها كي لا يميز نفسه على كل

محتاج وعاجز في هذه الجزء من البلاد , وقد تلقت كغيرها العلاج

والتشخيص من اللجنات الطبية الدولية والأطباء المحليين , وحين

ناقشناه في أمرها أقسم أمامي وبعظمة لسانه أنه هوا نفسه إن كان

محتاجا لذلك ما فضلها على أبناء وطنه ولبقي ليعاني كما يعانون

حتى يأتي الله بفرجه على الجميع , فما ستتوقع منه حين سأذهب

له طالبا مساعدته من أجلها رغم يقيني بأهمية الطفلة لديه لكنها

لن تكون أهم وأقرب له من عمته "

ثم خرج على نظرات ذاك الطبيب المصدومة مما سمع

*

*



تقدمت من جهة المطبخ تنظر في الجانب الآخر وقالت مقتربة من

الواقفتان خارجه عند الباب " ما بكم ! ما هذه الجلبة هنا وصوت

عمي صقر في الداخل ؟ "

قالت حبيبة تمسك ضحكتها بصعوبة " يبدوا أن السيد صقر تشاجر

والسيد مطر وطبعا لا صوت غير لعمك ومن خارج باب المكتب "

نظرت لها جوزاء باستغراب من أسلوبها وطريقة إمساكها لضحكتها

وقالت بضيق " ويتشاجران وتضحكين من ماذا ؟؟ وما هذا

الذي يغضب عمي هكذا ! "

ظهر حينها المعني بالأمر من الممر الغربي يسير نحوهم راميا

يديه بغضب ووقف ما أن وصل لهم وقال موجها كلامه لحبيبة

" هل بقي من ذاك الشاي هنا ؟ "

هزت رأسها بلا وقالت بتوجس حذر " لقد سكبته السيدة كله

في الإبريق ولم تبقي إلا ما شربناه أنا وعزيزة "

عبس في وجهها مكشرا وقال مهددا ومتوعدا بسبابته " أخبري

غسق في المرة القادمة تعطيه كوبا فقط والإبريق لي مفهوم "

هزت رأسها بحسنا تمسك ضحكتها وغادر هوا جهة باب جناحه

متمتما لنفسه بصوت مرتفع حانق " لم يعطني سوا كوب واحد فقط

عديم الشهامة والمروءة ذاك وحين طالبت بغيره طردني , ما يقهرني

أنه لا يمكنك استفزازه مهما حاولت وقلت ابن الميتة ذاك "

أمسكت حبيبة فمها بيدها تكتم ضحكتها أكثر وقالت

" وكأن والدته هوا حية ! "

ثم نظرت لحفصة التي كانت تضحك بصمت جهة باب المطبخ

فقالت جوزاء بضيق " عودا لعملكما بسرعة "

فتحركتا فورا وراقبتهما هامسة بضيق تضغط قبضتيها بقوة

" كل هذا من أجل شاي أعدته سيدة الحسن !! ماذا سيحدث

إن طبخت قدر طعام ؟ "

*

*


أنهت حمامها سريعا ولفت المنشفة على جسدها لتزيل منها رائحة

أعشاب ذاك الشاي العطرية التي علقت بها , فما علمته أنه ثمة تجمع

اليوم لبعض نساء القبيلة ولن تدع الأمر يفوتها مجددا , وكما وجدت

نفسها مجبرة في هذا الموضع كزوجة لزعيمهم عليهم أن يرضوا بها

مجبرين أيضا في مكانها المخصص لها , أحكمت لف المنشفة حول

جسدها ورفعت رأسها لمرآة الحمام وعادت لتجفيف شعرها بالمنشفة

مجددا من الأعلى وانتقالا حتى الأسفل وهي تنظر لوجهها في المرأة

وعضت شفتها تكتم ابتسامتها وهي تتذكر هروبها منذ قليل , فها هي

أخذت بنصيحة عمته بحذافيرها وفرت من مواجهته , وتستبعد طبعا

أن يلحق بها فكما تراه ورسمت أبعاد شخصيته بأنه ذاك الرجل الذي

لا ينزل من عليائه أبدا , فقد ينتهز أي فرصة أخرى وإن بتقابلهما

مصادفة في أحد الممرات على أن يطرق بابها ويدخل غرفتها خاصة

في موضوع مثل هذا , وضعت المنشفة من يديها ثم رمت شعرها

الرطب للخلف وفتحت الخزانة الصغيرة بجانب المرآة وأخرجت

كريما مرطبا ليلفت نظرها أحمر الشفاه ذاك الذي أهدته لها حبيبة

سابقا ولم تستخدمه بعد تلك المرة فمدت أصابعها له وأخرجته

وفتحته وفي حركة سريعة من يدها انزلق على شفتيها تاركا لونا

أحمرا متوهجا عليهما بلمعة جميلة , وضحكت على نفسها وهي

تضعه قبل أن ترتدي ملابسها فتمتمت وهي تغلقه وتعيده مكانه

" لا بأس في هذا سألبس شيئا يغلق من الأمام ولا يدخل من

الرأس "

أغلقت الدرج وبدأت بمسح ذاك الكريم المرطب المعطر على ساعديها

وذراعيها وكتفيها العاريان قبل أن تجلس على طرف الحوض وتقوم

بذات الخطوة على ساقيها حتى ركبتيها عند حدود تلك المنشفة الملتفة

حول جسدها ثم وقفت وأعادت العلبة في الدرج وما أن وصلت لباب

الحمام حتى وقفت مكانها متسمرة وهي ترعي سمعها للباب الذي

انفتح خارجا وهوا باب غرفتها بالتأكيد فاضطرب تنفسها بشدة متبعا

ضربات قلبها العنيفة وخمنت سريعا من سيكون هذا الذي سيفتحه

دون أن يطرقه , رفعت أصابعها ودست بهم خصلات غرتها الرطبة

خلف أذنيها وهي تسمع خطواته الثقيلة في الغرفة وتأكدت حينها أن

هذا الشخص لن يكون امرأة ولا حتى شقيقته تلك , ما شعرت به

وقتها لم يشبه خيبة الأمل أبدا ولا حتى السعادة بأنه خان توقعاتها

بل درجة مرتفعة جدا من التوجس الحذر فمجيئه أكد لها أمرا واحدا

أنه مصمم تماما على الخوض في ذاك الأمر والخروج منه رابحا

كما قالت عمته , تلك الفكرة جعلت ظهرها يستقيم وضغطت أسنانها

هامسة " لذلك لن أتراجع أبد يا ابن شاهين فأرني خياراتك جميعها "

وصممت على أن لا تخرج له حتى ييأس ويغادر , عادت للوراء بخطوات

خافتة كي لا يسمع حركتها وقررت أن تفتح صنبور المياه ليضن أنها بدأت

حمامها للتو لكنها أعادت يدها من عليه سريعا وتنفست بارتياح نفسا طويلا

حين سمعت باب الغرفة أغلق مجددا , لكن هواجسها لم تغادرها ولم تثق

به لذلك جلست على طرف حوض الاستحمام واضعة ساق على الأخرى

تحركها بتوتر ولا تريد الخروج حتى تطمئن أنه غادر بالفعل , وبقت على

ذلك الوضع لوقت حتى شعرت بعظامها بدأت بالتنمل من جلوسها ذاك

فوقفت تعدل المنشفة على جسدها أكثر متوجهة للباب فحسب ما قالت

عمته هو عديم صبر ويستحيل أن ينتظر هنا كل هذا الوقت , فتحت الباب

بتوجس وتنفست بارتياح حين لم تجد سوا رائحته التي بقت هناك بعد

خروجه فأغلقت باب الحمام وتوجهت من فورها للخزانة القريبة منه فتحتها

وأخرجت ملابس داخلية ثم أنزلت المنشفة عن جسدها ولبستهم سريعا ثم

الفستان الذي كانت تبحث عنه مزررا من الأمام وكان من القماش السميك

يشبه شكله قماش الجينز أما ملمسه فمختلف وأخف منه مناسبا لجميع

المواسم حاله حال أقمشة الجينز تماما , كان الفستان مخصرا ويرسم الجسد

وطوله يصل للركبتين به أزرار تمتد على طوله من الأمام حديدية منقوشة

ومتوسطة الحجم وله جيبان عند الوركين وآخران جهة الصدر وياقته مفتوحة

ومقصوصة وله فتحة صغيرة في الخلف وهوا بدون أكمام , ياجوري اللون

أظهر أكثر صفاء وبياض بشرتها وسواد شعرها وعينيها , بدأت بتزريره

من الأسفل انتقالا للأعلى بحركة سريعة فالضيوف سيصلون عصرا

وأمامها تمشيط شعرها وتجفيفه بالهواء الطلق كعادتها أي أن الوقت

بالكاد سيكفيها لتصلي قبل وصولهم

" كل هذا استحمام ؟ "

قفزت صارخة من ذعرها وتفاجئها وليست تعلم كيف وجدت نفسها فجأة

ملتفتة للخلف تاركة الخزانة وراء ظهرها وهي تمسك ياقة الفستان بقوة

فهي لم تغلق آخر زرين فيه بعد , نظرت بارتجاف وملامح شاحبة مذعورة

وقلبها يكاد يخرج من مكانه للنافدة المفتوحة وستائرها الطويلة المتطايرة مع

الهواء وكانت تخفي الواقف خلفها الذي يتكئ على إطار النافذة ينظر للخارج

وقت خروجها من الحمام لذلك تنتبه له , عادت خطوتين للخلف فالتصقت

بباب الخزانة المغلق وكأنها تستشعر الحماية من خشبه البارد , إحدى يديها

لازالت تمسك ياقة فستانها بقوة والأخرى تضعها على قلبها تحاول تنظيم

تنفسها القوي وهوا يخرج مندفعا من صدرها الذي يعلو ويهبط بسرعة

كبيرة , سوا من وقفته وأغلق النافذة لتهدأ حركة الستائر منسدلة فوقها

بنعومة ولازالت الواقفة محتمية بالتصاقها بالخزانة تنظر لجانب وجهه

المقابل لها بصدمة لم تجتزها بعد ثم قررت أن تبدأ الهجوم أولاً رغم

ارتجاف جسدها الذي بالكاد تخفيه وقالت بلهجة قاسية استجمعتها قدر

الإمكان مع صوتها الضعيف المرتجف " لما لم تنبهني لوجودك

قبل أن ألبس ثيابي ؟ "

دار مقابلا لها ينظر لها تلك النظرة التقييمية من شعرها لقدميها الحافية

ووجهه محافظا على جمود ملامحه حتى عاد بنظره لوجهها وقال وقد

علت شفتيه ابتسامة ساخرة " واطرديني من الغرفة أيضا وأنا

زوجك ! "

قبضت على الياقة بقوة أكبر وقالت بصوت لم تخفي التوتر فيه

" وإن يكن زوجتك نبهني "

دس يديه في جيوبه وتحرك متوجها نحوها قائلا ببرود " كنت

أنظر للخارج ولم أراك , هل يريحك هذا ؟ "
لمست السخرية سريعا في كلماته ومقصده فرفعت ذقنها ورأسها

في نظرة تحدي حتى وقف أمامها مباشرة لا تفصله عنها إلا خطوة

واحدة وقال ناظرا لعينيها " فكي يدك عن ياقتك على الأقل فأنا

لن آكلك يا ابنة شراع "

أرخت يدها ببطء وقالت منقذة نفسها " كانت حركة عفوية لقد

أفزعتني فما ستتوقع مني ؟ "

ثم أنزلت نظرها حين لم يعلق وفكت يدها عن ياقتها ورفعت الأخرى

تحاول إغلاق الزرين بأصابع عجزت عن إخفاء الرجفة فيهما تحاول

قدر الإمكان أن تغلقهما دون أن يظهر شيء من جسدها لكن محاولاتها

لإدخال ذاك الزر في فتحة القماش الغير قابل للتمدد بيدين مرتجفتين

كانت جميعها تبوء بالفشل فأنزلت كفيها اللذان تعرقا بشدة تمسحهما

في خصرها وكأنها بتلك الحركة تخفي ارتجافهما وخرجت كلمات

الواقف أمامها ساخرا " يبدوا لي لن ينجح الأمر أبدا "

فصرخت حين رأت يديه ترتفع لفستانها " لا مطر لا تفعلها أنت "

لتتسع ابتسامته وهو يراقب احمرار خديها الذي ازداد توهجا وهي

تتجنب النظر له ودس يديه في جيوبه قائلا " حسنا ها قد أبعدتهما

فأنهي الأمر سريعا أو اتركيهما لأعرف كيف أتحدث معك "

رفعت يديها مجددا ونجحت هذه المرة في إغلاقهما قائله بهمس

" لا شيء نتحدث عنه "

تحرك طرف شفتيه بسخرية وقال ونظره يتنقل على شعرها من

أعلى رأسها المنحني للأسفل " أعتقد أنه كان بيننا حديث في

مكتبي لم نكمله "

وتابع وقد انتقل نظره لانسدال ذاك الشعر على كتفها وذراعها

" لأنه ثمة جبانة فرت هاربة "

هذا ما كانت تتوقعه منه تماما وصفها بالجبن , رفعت رأسها ونظرت

له بتحد فوجدته ينظر لها بتحد مماثل وكان على استعداد لخوض

معركة وهذا ما لا تريده , قالت بجمود " لست جبانة أنت من لم

تسأل شيئا واضحا "

تنقل بنظره في عينيها وركز حدقتيه على أحداقها السوداء اللامعة

بقوة وقال " أعتقد أن سؤالي كان واضحا "

قالت من فورها " لا لم يكن واضحا فابدأ من صلب الموضوع

بدلا من الدوران حول النتائج المترتبة عنه "

تركت نظراته عينيها لتتنقل في باقي تقاسيم وجهها وقد أغراه تبدلها

المفاجئ للدفاع المستميت بعدما كانت ترتجف منذ قليل , ها هوا يراها

كلبؤة تقاتل عن نفسها بشراسة , الوجه الآخر لتلك الفتاة الحسناء الرقيقة

أخرج إحدى يده من جيبه وقال ممرا لها على قفا عنقه وأصابعه تداعب

مؤخرة شعره " نرجع لصلب الموضوع ؟ جيد فكرة جيدة لا مانع لدي "

شعرت برغبة كبيرة في لكمه بقوة فها قد أنقذ نفسه وهي من ضنت

بأنه سيتهرب ووجدت ثغرة لتهزمه بها لكنه كالوحش في جميع أنواع

القتال ويدرس أفكار خصمه جيدا وهذا ما باتت موقنة منه ومن أنه علم

بسهولة أنها كانت ستستغل تلك النقطة , أنزل يده ناقلا لها من شعره

لباب الخزانة خلف رأسها مسندا كفه عليه وانحنى برأسه ليقترب من

وجهها أكثر وقال بجمود ناظرا لها " العمران لن تكون مهرا

لك يا ابنة شراع "

لم يكن كلامه مفاجأ لها وكانت تتوقعه فرفعت ذقنها أكثر وقالت

بإصرار ناظرة لعينيه التي تحدق بعينيها " وأنا لا أريد شيئا

غيرها يا ابن شاهين "

عادت السخرية المتهكمة لصوته قائلا " منذ قليل كنت

مطر ما تغير الآن ؟ "

زمت شفتيها بغضب منه , أيسخر منها لأنها قلدته في مناداته لها ؟

قالت متعمدة العودة لحديثها الأخير " أنت أعطيت وأنا اخترت "

أبعد يده وأعادها لجيبه مجددا منتصبا في وقفته وقال " أعطني سببا

واحد لطلبك لها وأنتي لا تريدين تسليمها لوالدك ؟ "

وتابع بسخرية " ولن أصدق طبعا بأن شراع البطل في أعين

صنوان جميعهم سيحتاج لامرأة لتوفر لأراضيه الحماية "

أحست كلماته طعنتها كخنجر في قلبها وهوا ينتقل بتهكمه الساخر

منها لوالدها فشمخت برأسها لتنظر له من عليائه فوقها وقالت

" أريدها لنفسي وليس له , هي مهري أنا "

" ولماذا ؟ "

جاء سؤاله مفاجأ لها رغم توقعها له لكن سرعة لفضه للكلمة وطريقته

أرعبتها وأسكنت التوجس في قلبها , هذه هي حربها معه هوا اختار

وقتها وقوانينها ولن تخسرها مهما حاول ومهما كانت أوصالها حاليا

ترتعد وأطرافها ترتجف من اقترابه وشدة ثقته بنفسه وقوته المتفجرة

من كل شيء فيه حتى صوته ذاك برنته المبحوحة ووسامته الرجولية

وإن كرهت قولها , أعاد مجددا ونظره لازال يسبح في ذاك السواد

الواسع محاطا بتلك الرموش الكثيفة " لماذا تريدين العمران إذاً

يا غسق "

عادت تلك الرجفة التي تكره لتسري في أوصالها من طريقة نطقه لاسمها

وخروجه من بين شفتيه وهوا يهمس حرف السين فيه همسا كالصفير

طريقة لم ينادها بها أحد قبله , علمت فورا أنه متمكن من أحكام تجويد

القرآن ولابد وأن له مسيرة لا بأس بها في حفظه ليتعمق في أحكامه

درجة أن يسيطر الصفير على نطقه للحرف , شدت على قبضتها أكثر

تشعر بأظافرها تخترق نعومة كفها وضاقت حنجرتها حتى أن الكلمات

خرجت منها مليئة بالحذر قائلة " ولماذا وضعت أنت مهري في

يدي ؟ "
ومضت عينيه بشكل سريع ومفاجئ رغم سرعة إعادته للجمود

فيها وكأن كلماتها أصابت فيه شيئا فتابعت " هل ثمة رجل يضع

مهر امرأة في يدها ؟ لا أعتقد ! وحتى إن وجد لن يكون أنت أبداً

فأخبرني لما فعلتها ؟ "

سكت لبرهة كم شعرت بأنها طويلة ومنهكة لحواسها ودفاعاتها

ونظرته تتنقل بين عينيها وكأنها تبحث في أعماقها قبل أن

يخرج صوته قائلا " لا أعلم فأنتي تملكين عقلا ناضجا

وبعد نظر مخيف "

طريقته الساخرة في قولها جعلت الدماء تفور في رأسها غضبا , ها

هوا يسخر منها مجددا ويتحداها بضربة قاسية وكأنه يذكرها بهفوتها

تلك حين دخلت أراضيه وأصبحت سجينة لديه يتحكم في مصيرها كيف

يشاء , فلو كانت تملك بعد نظر لما كانت دخلت أراضيه مسلمة نفسها

لحظها وفرضيات عقلها بالخروج سالمة , أخذ النبض في شرايينها

يزداد قوة ولم يعد مجرد نبض عادي بل صار وجعا عميقا وقررت

أن تشن حربها عليه مجددا وعلى سخريته المبطنة منها فقالت ترميه

بكلماتها بقسوة " أنت اخترت أن يكون المهر في يدي كي لا تكون

أمام الخيار الآخر وهوا أن يختاره والدي ويكسب جولة ضدك يا

ابن شاهين , أردت أن تخرج رابحا في كل شيء ولم تعطها له

ليلوي ذراعك بما سيختار وأنت موقن من أنه سيستخدم عقله

بجدارة في اختياره ذاك ففكرت بمكر وقلت لأعطي الخيار لابنته

امرأة لا تستهويها في الحياة سوا الأموال والمجوهرات فلن

يتطرق خيالها لطلب شيء أكبر منها "

ضلت الابتسامة الساخرة تتراقص فوق شفتيه ونظره يتنقل بين ملامحها

فقد أصبح يتوقع منها الكثير وتفاجئه في كل مرة , فتاة ذكية تعرف متى

تهاجم ومتى تناور وحتى متى تهرب وعلى المرء أن لا يسخر من قدراتها

المدفونة خلف حسنها وضعفها الناعم , حقيقة كان عليه الاعتراف بها

وإن بينه وبين نفسه , وإن أنكر بعضها فهوا يقر ببعضها الآخر .

أخرج يديه من جيوبه وكتفهما لصدره قائلا " أجبتِ عن

سؤالي بسؤال لذلك لن أجيب وهذا من حقي "

رفعت أصابعها وفي حركة كانت رقيقة رغم سرعتها دست خصلات

غرتها خلف أذنيها وكأنها تسرق وقتا لجمع أفكارها وما تشتت من

دفاعاتها وقالت " أجبت عن سؤالك إن كنت نسيت وأخبرتك

أني أريدها لنفسي فقط ليس من أجل والدي ولا لحمايته "

خرج صوته عميقا وكأن الصدى يلفه " لم أقتنع ! جواب لا يصلح

للسؤال فلما تريديها لنفسك ؟ أرض تساوي مئة ألف متر مربع

مقدرة بإحدى عشرة كيلوا مترا ما تفعل بها امرأة ؟ وزد عليها

أنها مجرد طبيعة لا عمران ولا مساكن فيها "

قالت بإصرار " أريدها ... تعجبني وأريدها لنفسي لا جواب

لدي غيره لكنت قلته فورا "

حرك رأسه بعدم تصديق وقال بسخرية " إن كنت تفكرين في

تأمين نفسك في حال طلقتك فأبعدي الفكرة من رأسك لأني لن

أطلقك أبدا وتحت أي ظرف كان "

قالت بضيق " أعطها لي إذا أو افسخ العقد لأنه سيكون باطلا "

هز رأسه بلا بثقة كالإعصار وهمس " ثمة حل غيره وهوا

أن تنسي فكرة العمران "

" لماذا تزوجتني إذاً ؟ "

اندفع السؤال من شفتيها بسرعة هي لم تتوقعها فحرك كتفيه ببرود

وقال " هذا السؤال يفترض أن يكون في بداية الحديث وليس

الآن وفي كلا الحالتين لن أجيب عليه "

قالت بجمود تحبس دمعتها قدر الإمكان " غرضك كان كسر

شراع صنوان أليس كذلك ؟ "

قال ساخرا " لو أردت ذلك لما تزوجتك "

زمت شفتيها بحنق فقد كان كلامه صحيحا , فتحت فمها لتتحدث

فقال بحزم مسكتا لها " أوقفي سيل اتهاماتك اللاذعة أو عاقبت

هذه الشفتين وعقابي لن يعجبك "

شعرت بالدماء جفت في عروقها حتى أنها شعرت ببشرتها تجمدت .

طرقات خفيفة على باب الغرفة جعلت نظره يتحول له سريعا فيما

أخذت هي نفسا قويا تحمد الله أنه ثمة من فكر أن ينقذها أخيرا , لكن

ذاك الأمل مات في مهده حين تحدث الواقف أمامها بصوت مرتفع

ونظره لازال هناك " انتظر قليلا "

لتتحول ملامحها للصدمة وهي تنظر له فأعاد نظره لها وقال
مبتسما بمكر والتسلية تتراقص في عينيه " ما جوابك هل

ستغيرين قرارك أم ماذا ؟ "

نظرت للباب بطرف عينيها وهي تسمع حديثا من الواقفتين خلفه

وعلمت فورا أن أحداهما عمته واستغربت لما لم تغادر حين علمت

بأنه هنا فهي تعرفها جيدا ستفعلها فورا ! حتى ظهرت لها صاحبة

الصوت الآخر التي كانت .... جوزاء ! وهذا ما لم تتوقع أبدا لكنها

الآن باتت لا تستبعده فلن تزورها تلك لأي سبب كان وخمنت فورا

أنها ستكون علمت بوجود مطر هنا وكان عليها أن تكسب جولة

أخرى ضدها بإظهار عدم أهميتها بالنسبة له وأمامها لذلك شرفتها

بهذه الزيارة وعمتها هي العذر طبعا , والواقف أمامها الآن استغل

الوضع .. فما ستفكران فيه وهوا يطلب عدم دخولهما عليهما ؟

موقف محرج هي من ستتحمل تبعاته ويبدوا أن لديه المزيد , طرقات

من أصابعه على باب الخزانة خلفها أعادت نظرها له مجددا ليوصل

لها رسالة مفادها أنه لازال ينتظر جوابها وقد انتقلت حربهما لمضمار

آخر الآن وكثر عدد الأشخاص في الساحة وبات واضحا لها أنه

مستمتع كثيرا بإضعاف كفتها وإرجاح كفته , ركزت نظرها على

عينيه وقالت بجدية " مهري هوا العمران "

توقعت منه أي ردة فعل عنيفة غير التي صدرت عنه حين لاحت

ابتسامة انتصار لم تفهمها على شفتيه ورفع يده لذقنها ممسكا له

وهمس " أنتي فقط المسئولة عما سيحدث , تذكري هذا جيدا "

لم تفهم ما يعني ولازالت أصوات من في الخارج تصل لها , وما

الرابط بين ما يقول وبينهما ؟!! مرر إبهامه على شفتها السفلى بقوة

آلمتها ثم أبعد يده وعيناها تراقبه باستغراب ليصعقها وقد رفعه لطرف

عنقه وضغط به عليه ثم ممرره فوق بشرته ببطء ليظهر ذاك اللون

الأحمر فيه بوضوح فشهقت بصدمة دون شعور منها وعجزت عن

نطق الحروف وهي تنظر له بعينان متسعتان فتراجع للوراء

خطوتين وأدار ظهره لها وسار جهة الباب قائلا " ابقي بعد

الآن أمام الجميع متمسكة بذاك المهر "

فلم تشعر بنفسها إلا وهي تركض نحوه وأمسكت بذراعه موقفة

له ولفته جهتها وهمست بغضب ناظرة لعينيه " هل جننت !

ألست متضررا مثلي من هذا وأنت تخرج لهما ؟ "

نهاية الفصل ....

المخرج ~

بقلم الغاليه: Reeo

من مطر إلى غسق.......

ايا إمرأة وصفتني بصاحب الغرور والبرود
إسمعيني فانا لست إلا رجلا تربى على البارود
من أجل حماية وطني من شر الحاسد الحسود
ولست أهتم إن كانت روحي هي ثمن الخلود
خلود الامن وتوحيد البلاد بإذن الواحد الودود
وابعد كل من اراد شرا من امام الحدود
ولا اريد شهرة او أن يكون الناس عليا شهود
فانا أرتجي الخير لبلادي وفك عنها كل القيود
فتصبح حرة ابية في حماية الصمد المعبود
أنا إبن شاهين الذي شبهت حربي بالجنون من عدوي اللدود
عهدي لك يا وطن باني لن اقف ولن اعود
حتى تكون مثل غيرك من الوفود
وبإذن الله سافي بالعهود

******

موعدنا القادم مساء الخميس إن شاء الله وسيتغير
تنزيل الفصول ليوم بعد أربعة أيام تباعا أي كل خمسة أيام فصل
بطول فصل اليوم وسنعلن عن موعد التنزيل في نهاية كل فصل
وأعتذر من حبيبتي فيتامين سي لأن هذا الأمر سيتعبها بسبب
عدم تتبيث أيام معينة للتنزيل وأعتذر منكم جميعا لأنه الخمس
فصول الموجودة عندي أصبحت فصلين طويلان لا أملك غيرهما لذلك يجب أن يبتعد موعد التنزيل ليكون لدي متسع أكبر للكتابة
ودمتم في حفظ الرحمن


 
 

 

عرض البوم صور فيتامين سي   رد مع اقتباس
قديم 03-09-16, 09:45 PM   المشاركة رقم: 510
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
متدفقة العطاء


البيانات
التسجيل: Jun 2008
العضوية: 80576
المشاركات: 3,163
الجنس أنثى
معدل التقييم: فيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسي
نقاط التقييم: 7195

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
فيتامين سي متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : برد المشاعر المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: جنون المطر / بقلمي برد المشاعر

 

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 104 ( الأعضاء 37 والزوار 67)
‏فيتامين سي, ‏لولو نادرة, ‏مملكة الغيوم, ‏meho, ‏تائبة لربها, ‏الام المثالية, ‏غلااااااا, ‏حلم الشروق, ‏missliilam, ‏ام اسام, ‏الاوركيدا ليدي, ‏Metan, ‏نور الغيد, ‏زهرة الخزامى, ‏نسمات الحنين, ‏غير عن كل البشر, ‏سباهي, ‏من فهمني ملكني, ‏طُعُوْن, ‏ام عموورى, ‏سمر خالددد, ‏سلام لعيونك, ‏نوره نوره نوره, ‏سممر ال باز, ‏اثير بنت الامير, ‏الغلا غير ممكن ينمحى, ‏دانة الشرق, ‏منيتي رضاك, ‏مهره الفهد, ‏فاطمة بنت حمد, ‏رين تريفي, ‏وافتخر اني عراقي, ‏طوطه1985, ‏soumimi, ‏sareeta michel, ‏نونوا ونونو, ‏حكايه}..


قراءة ممتعة لكم ........ وردود ممتعة لحبيبتنا برد المشاعر ......

 
 

 

عرض البوم صور فيتامين سي   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المشاعر, المطر, بقلمي, جنون
facebook



جديد مواضيع قسم القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 02:58 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية