لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 17-02-16, 08:45 AM   المشاركة رقم: 56
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Dec 2015
العضوية: 307841
المشاركات: 179
الجنس أنثى
معدل التقييم: عالم خيال عضو على طريق الابداععالم خيال عضو على طريق الابداععالم خيال عضو على طريق الابداععالم خيال عضو على طريق الابداععالم خيال عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 460

االدولة
البلدAland Islands
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
عالم خيال غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : عالم خيال المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: رحلة ضياع

 

وعليكم السلام ورحمة الله
عندما قرأت عن خلفاء الدولة العباسية الثانية، بالفعل صدمت من تخاذل وهوان الكثير منهم
كثير منهم كان خليفة بالاسم فقط، وكثير منهم كان يلقى معاملة سيئة من خدمه وعبيده..
ومع ذلك، تشبثوا بحب الدنيا، ولم يكن لهم عزم وعزيمة
لذا مثل هذه النهاية متوقعة تماماً
ندعو الله بالفعل ألا تعود تلك الأيام
اتمنى أن أستطيع نقل تلك المأساة لكم بالوجه الصحيح
نلتقي مع الفصل القادم بإذن الله

 
 

 

عرض البوم صور عالم خيال   رد مع اقتباس
قديم 17-02-16, 09:27 AM   المشاركة رقم: 57
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Dec 2015
العضوية: 307841
المشاركات: 179
الجنس أنثى
معدل التقييم: عالم خيال عضو على طريق الابداععالم خيال عضو على طريق الابداععالم خيال عضو على طريق الابداععالم خيال عضو على طريق الابداععالم خيال عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 460

االدولة
البلدAland Islands
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
عالم خيال غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : عالم خيال المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: رحلة ضياع

 

~ الفصل الثالث عشر ~


كان الذعر والفزع قد استولى على أهل بغداد مع الهجوم الضاري الذي تشهده المدينة، ومع عجز الخليفة وجيوشه عن صدّ الهجوم بأي شكل من الأشكال.. ولم يكن ذعر جمان يقل عنهم بعد كل ما شهدته من التتار، فاعتزلت في غرفة الخان بشكل شبه تام لا تكاد تخرج منها أو تأكل.. ورغم قلق ربيعة على حالها، إلا أن هذا القلق تضاءل مع الأخبار التي تصله عن الهجوم الذي يشنه التتار على المدينة..
ولم يستغرق الأمر أكثر من أربع أيام من القصف المتواصل، والذي لا يكاد يهدأ ليلاً أو نهاراً وأصوات دكّ الأسوار يمكن سماعها من على مبعدة.. استطاع الجيش التتري بعدها الاستيلاء على أسوار المدينة كلها..
وبعد أن يئس الخليفة من صدّ العدوان بجيوشه الهزيلة، وبعد أن تيقن أن أسواره ليست منيعة بالشكل الذي زين له غروره السابق، لجأ لصدّ الهجوم بطريقة سلمية.. فأرسل وزيره ابن العلقمي برسالة لهولاكو تقول (طلب مني الأمير المغولي إرسال وزيري، وها أنذا اليوم اقتنع بما طلب مني مؤملاً أن يحفظ الأمير كلمته)، في إشارة منه للرسالة التي أرسلها هولاكو له قبل أن يسيّر جيوشه لبغداد.. ففي تلك الرسالة عاتب هولاكو الخليفة المستعصم بسبب عدم إمداده بالجند عند محاربته للإسماعيلية (الذين اشتهروا بإسم الحشاشين) وقضائه عليها كما طلب منه سابقاً، ودعاه لتجريد حصونه من السلاح وحضوره شخصياً أو إرسال الدفتردار الصغير وسليمان شاه نيابة عنه.. وقال له إنه إن فعل ذلك ضَمِنَ له حريته وحفظ مركزه.. وإن أبى ذلك أحل بنفسه وبأهله الدمار.. لكن رد الخليفة الواثق من نفسه في ذاك الوقت كان شديد اللهجة وحذر هولاكو من محاولة الإطاحة بالخلافة وطلب منه العودة بجيوشه..
أما هذه المرة، فلم يقبل منه هولاكو هذا التزلف، ورد الوزير مع رسالة للخليفة يقول له فيها (عندما وعدت هذا الوعد كنت لا أزال تحت أسوار همذان، أما الآن وأنا أعسكر أمام بغداد وقد أصبح بحر المشاكل والعداوة في أشد الهيجان، كيف أكتفي باستقبال أحد كبار رجال الدولة؟.. يجب أن يرسل الخليفة رؤساء حكومته الثلاثة الوزير والدفتردار وسليمان شاه)..
حاول الخليفة إرسال الوزير مع عدد من أشهر كبار رجال بغداد لاستمالة هولاكو، كما أرسل أبناءه في مرات أخرى، لكنه ردهم دون أن يعيرهم أدنى اهتمام.. ولما ضاق الخناق على بغداد وحاصرها التتار من جميع جهاتها، وبعد أن عادت الرسل تلو الرسل تجر أذيال الخيبة، اقتنع الخليفة أخيراً بإرسال الدفتردار الصغير وسليمان شاه كما طلب هولاكو.. أرسلهم على أمل أن يفي هولاكو بوعوده ويعود لهمذان بجيوشه.. لكن هولاكو أعاد الاثنان من جديد وطلب منهما الرجوع إليه ومعهما أتباعهما، على وعد بأن يكتفي بنفيهم إلى الشام دون أن يمسهم بسوء..
وفي ذلك اليوم، خرج وفد كبير مهيب شهدته بغداد بأسرها يضم الدفتردار الصغير وسليمان شاه وأقاربهما وأتباعهما، وتبعهما كثير من جند بغداد وأهلها أملاً في الخلاص من الحصار، وأملاً في أن يفي هولاكو بوعوده.. لكن، وبغدره المعهود، فور أن خرج هذا الوفد وأحاط به جنود التتر، حتى أمر هولاكو بقتلهم عن آخرهم.. فهجم التتار على ذلك الوفد الأعزل رغم استسلام أفراده، فقتل ذلك اليوم أكثر من سبعمائة شخص، وأرسل هولاكو رأس الدفتردار الصغير وسليمان شاه وتاج الدين ابن الدفتردار الكبير إلى صاحب الموصل بدر الدين لؤلؤ ليعلقها على أسوار مدينته استعراضاً لوحشية التتار.. وقد كان صاحب الموصل في تلك الأوقات متحالفاً مع هولاكو، فلم يملك إلا تنفيذ هذا الأمر دون اعتراض..
كان لقتل هذا الوفد أثر كبير على أهالي بغداد وسبب لهم الرعب الشديد بعد أن علموا أن وعود هولاكو ما هي إلا أحلام وسراب لا أمان له.. وأن ما ينتظر بغداد قد يكون أسوأ من أي شيء يتخيلونه.. فقد يئس الخليفة من النجاة من هذا المصير، وأيقن أهل بغداد أن التسليم لابد منه فخرج كبراؤهم إلى هولاكو يعرضون تسليم المدينة إليه، ويعدون بخروج الخليفة إليه بنفسه..
وأخيراً، خرج الخليفة المستعصم ومعه أولاده الثلاثة ومعهم ثلاثة آلاف شخص من السادة والأئمة والقضاة وكبار رجال الدولة وسلموا أنفسهم إلى هولاكو.. ورغم كل ما سبق، فإن الخليفة الضعيف كان لا يزال يأمل بأن يفي هولاكو بوعوده ويمنحه الأمان.. وقبل مقابلة هولاكو، تم عزل الخليفة وسبعة عشر رجلاً معه عن بقية الوفد.. وبينما أدخل الخليفة على هولاكو، أصدر الأخير أمره لرجاله بأن يتم قتل الوفد كله.. فقتل كبراء القوم، ووزراء الخلافة، والأئمة، والقضاة..... قتل الجميع ولم يبق منهم إلا الخليفة ومرافقيه..
وهنا، بعد أن شعر هولاكو بأن الخليفة العباسي قد استسلم له بشكل كامل، بدأ بإلقاء أوامره للخليفة بكل صلافة.. الأمر الأول أن يصدر أمراً لأهل بغداد بإلقاء السلاح والامتناع عن المقاومة والخروج من المدينة.. ومن أطاع الأمر وخرج بالفعل كان يقتل على الفور على أيدي جنود التتار..
والثاني أن يستدعي بعض الرجال من العلماء والفقهاء والخطباء مع أهليهم.. ومن يخرج منهم يساق إلى المقابر خارج بغداد ويُقتل أيضاً ويؤخذ أولاده ونساؤه للسبي أو للقتل..
كما قتل هولاكو ابني الخليفة أمام عينيه، أحمد أبو العباس وعبدالرحمن أبو الفضائل، بينما أسر الثالث مبارك أبو المناقب، وأسر أخوات الخليفة فاطمة وخديجة ومريم..
وبعد كل هذا، أمر هولاكو جنوده بردم الخنادق، وهدم أسوار المدينة، وأقام جسراً على نهر دجلة ليعبر جنوده من الضفة الغربية للجزء الشرقي من المدينة..
وفي السابع من صفر، وهو يوم لن ينساه أهل بغداد، انساب جنود التتار إلى طرقات بغداد وأزقتها ومحلاتها..
وسقطت بغداد عاصمة الخلافة..
سقطت الدولة العباسية التي دامت قروناً عديدة وتصدت لأعداء كثر، لتهوي أخيراً تلك السقطة المؤلمة المخزية بأيدي جيش من الهمج لا حضارة له ولا تاريخ، جاء من أقصى الأرض يحمل الحقد على سيوفه والشرر في عيونه..
وبعد أن تيقن هولاكو من سقوط المقاومة في المدينة، ومن استسلام أهلها التام، أصدر أمره الأخير.. ولو كان هولاكو شخصاً عادياً.. لو كان قائد جيش من البشر، لأمر بعدم المساس بأهل المدينة التي غدت ملكه في ذلك اليوم واستسلمت له بكافة طوائفها..
لكن هولاكو يثبت أنه ما هو إلا وحش في رداء بشر..
والوحش لا يقود إلا وحوشاً مثله لا ذمة لهم ولا رحمة في قلوبهم..
فكان الأمر الأخير أبعد من أن يصدقه أي عقل، وإن لم يكن بعيداً عما فعله التتار في تاريخهم منذ بدء هجومهم على أطراف الدولة الإسلامية..
وكان هذا الأمر الذي تاقت له نفوس جنوده هو (استباحة بغداد)..
والاستباحة تعني أن الجيش التتري يباح له فعل ما يشاء في المدينة..
لا رادع ولا قوانين ولا حتى مساءلة..
واستبيحت المدينة العظيمة..
مدينة الإمام أبي حنيفة، والإمام الشافعي، والإمام أحمد بن حنبل..
استبيحت مدينة المعتصم، فاتح عمورية ببلاد الروم..
استبيحت عاصمة الإسلام على مدار أكثر من خمسة قرون..
فبدأ التتار عندها يفعلون ما لا يصدقه عقل.. من نهب، وسلب، وحرق، وتدمير.. وبدؤوا بقتل من تطاله أيديهم من المسلمين.. فبدأوا يتعقبون المسلمين في كل طريق أو زقاق.. في كل بيت.. في كل مسجد.. واستحرّ القتل في المسلمين الذين لا حول لهم ولا قوة.. فمن هرب لداره وأغلق بابه، أحرق التتار الأبواب أو اقتلعوها ودخلوا عليهم.. ومن هرب لسطح داره، تبعه التتار وقتلوه.. حتى سالت الدماء بكثرة من ميازيب المدينة وهي قنوات تجعل في سقف المنازل لينزل منها ماء المطر، ولا يتجمع فوق الأسطح..
قتل الرجال.. والكهول.. والشيوخ.. والنساء.. والأطفال.. حتى الطفل الرضيع لم يسلم من القتل.. ومن أبقوه من النساء والأطفال أخذوه سبياً..
ولا يمكننا إلا أن نقول (لا حول ولا قوة إلا بالله)..

***********************

مع بداية ذلك اليوم الذي لا يُعرف كيف سينتهي، رأى سلمة التتار ينسابون في المدينة ويتغلغلون في طرقاتها وأزقتها كالجراد ينتشر في الزرع الأخضر النضر.. كان سلمة في ذلك الوقت واقفاً فوق سطح أحد البيوت مراقباً الأحياء القريبة من الخان الذي لجأ إليه ربيعة وجمان، فلم يساوره شك، وهو يرى سقوط بغداد، فيما سيحدث للمدينة وأهلها من خراب ودمار.. فمن سمع عن التتار ورأى بعضاً من همجيتهم في التعامل مع أعدائهم، سيعلم أنهم لا يحملون أي قدر من الرحمة في صدورهم، ولا يعبؤون بحياة أحد أو بموته.. وتزداد بشاعة تصرفاتهم في كل مدينة واجهتهم بشيء من المقاومة حتى لو كانت يسيرة..
عندها أسرع سلمة يهبط من سطح ذلك البيت محاولاً العودة للخان وهو يفكر في أمر من تركهم خلفه.. أين يمكنهم الهرب من هذا المصير؟ بل أين يمكنهم الاختباء؟ لا يبدو أن التتار سيدخرون وسعاً في تفتيش بيوت المدينة وأحيائها بحثاً عن كل ما يمكن سلبه أو تخريبه.. فما هو المصير الذي سيلاقونه على أيديهم؟..
وقبل أن يصل للطريق المواجه للبيت، سمع بوضوح صرخة عالية لامرأة في موضع قريب وصياح رجل حمل توسلاً وذعراً لا محدوداً.. نظر سلمة من موقعه بحذر فرأى أحد التتر يقبض على امرأة من نساء الحي بينما قام آخر بدفع رجل في أوسط عمره أرضاً ووجه له سيفاً حاداً وضحكة خبيثة.. ورغم توسلات الرجل وصياح المرأة، لم يتردد التتري في أن يضرب الرجل في صدره بالسيف ضربة قوية أسقطته أرضاً وملابسه البيضاء تتلطخ بدمائه الدافئة، بينما سالت الدموع على وجه المرأة وهي تصرخ برعب وتحاول الفرار والتتري يجذبها معه مبتعداً عن الموقع..
تنامى الغضب في صدر سلمة وقبضته تشتد على مقبض سيفه، لكن رؤيته لجماعة من التتر يخرجون من بيت قريب منعته من التدخل.. كان التتر يحملون بعض ما سرقوه من ذلك البيت، بينما جذب بعضهم عدداً من الجواري، كما بدا من لباسهن، غير عابئين ببكائهن ومحاولاتهن للهرب.. كانت الدماء تلطخ ملابس التتار وأسلحتهم بوضوح، بينما لم يعبأ أحدهم بذلك وهم ينطلقون لبيوت أخرى مكررين ما فعلوه سابقاً..
زفر سلمة بأسى وهو يحاول الابتعاد عن هذا الموقع، وتجنب القتال مع التتار ما استطاع.. وصلته أصوات الصراخ والصياح بوضوح من أجزاء عديدة من الحي حوله، لكنه حاول كتم أساه وهو يسرع عائداً للخان القريب.. لكنه لم يكد يعبر طريقين حتى توقف مع مرأى جماعة من الأهالي الذين أسرعوا يختبئون في أحد البيوت الكبيرة نوعاً في ذلك الحي.. وسرعان ما أغلقوا الأبواب الخشبية الثقيلة دونهم ومنعوا التتار من اللحاق بهم.. حاول التتار اقتلاع تلك الأبواب الثقيلة دون فائدة، فما كان منهم إلا أن أحاطوا البيت من جميع الجهات، ثم أطلقوا عليه قذائف النفط المشتعل.. وسرعان ما بدأت النار تأكل البيت من جميع زواياه، وبدأ الصراخ والصياح المتألم يتصاعد من ثناياه.. ظل سلمة مختبئاً في موقعه يراقب الوضع بقلق، ولولا وجود جماعة التتر تحيط بالبيت لما توانى عن مساعدة من في ذلك البيت من الموت حرقاً أو اختناقاً.. ولم يكن لديه شك بما ينتويه التتار من وقوفهم في ذلك الموقع يتضاحكون على ما يسمعونه من صياح يحمل في ثناياه أشد العذاب والألم.. ولم تلبث أبواب ذلك البيت أن فتحت وهمّ بعض أصحابها بالهرب من الحرق حياً، لكن لتتلقاهم سيوف التتار ورماحهم دون تردد حاملة لهم الموت بضربات سريعة.. فوقع أصحاب ذلك البيت بين نارين، نار القتل ونار الحرق، ويعلم الله كم كان كلاهما عذاباً حقيقياً.. خاصة لمن كان يحمل طفله بين يديه أو يعين عجوزاً أو امرأة حبلى في النجاة من النار، فقط ليجد أن الموت أقرب إليهم مما كانوا يتمنون.. والأدهى من ذلك ضحكات التتار والتماع أعينهم بشغف أثناء تنافسهم على قتل كل من تطاله أيديهم..
أدار سلمة وجهه مجبراً وغادر عبر ذلك الزقاق بصمت.. لشد ما يؤلمه كل ما يراه من قتل وتنكيل بالأرواح المسلمة.. لكن من يكون هو ليواجه الجيوش الجرارة تلك كلها؟.. وفوق ذلك، كان همّه منصباً على جمان.. ولا يكاد يشعر بما حوله وهو يفكر بما قد جرى لها في هذا الوقت وهو بعيد غير قادر على حمايتها.. تباً له.. لماذا قرر مغادرة الخان هذا اليوم رغم كل النذر المشؤومة؟..
نظر سلمة من زاوية البيت في آخر الزقاق بحذر، فلم يكن يريد الاصطدام بجماعة من التتار أثناء عودته فلا قِبَلَ له بهم.. ولما اطمأن أن الطريق آمن نسبياً بعد أن غاب من كان فيه من التتار في البيوت القريبة، ركض سلمة بسرعة عبر الطريق نحو زقاق آخر سيؤدي به إلى موقع قريب من الخان.. وفور أن دلف ذلك الزقاق تنهد مغمغماً لنفسه "بقي القليل فقط.."
لكنه توقف فجأة مع مرأى ذلك التتري الذي سدّ الطريق أمامه وهو يقبض على شاب لا يتجاوز سلمة في العمر وقد غرق وجهه المذعور بدموعه.. وقبل أن يتحرك سلمة كان التتري يغمد سيفه في صدر الشاب الذي شهق بقوة، ثم رماه أرضاً ونظر إلى سلمة الذي توتر وهو قابض على سيفه متردداً بين مواجهة التتري أم الابتعاد.. لم يكن يخشى المواجهة، لكنه يؤثر الابتعاد في تلك اللحظة فلا يريد تضييع وقته في قتال قد يستغرق وقتاً وهو لا يعلم حال الخان الذي لا يبعد عنه كثيراً ولا حال من بقي فيه.. فاستدار عازماً على الابتعاد بسرعة وأخذ طريق آخر للوصول للخان، لكن سدّ طريقه تتري آخر اقترب من خلفه وهو يمسك رمحاً بطوله وينظر لسلمة بنظرات يلتمع الشر فيها..
أدرك سلمة سوء موقفه وهو وسط الزقاق بين اثنين من التتر الهمج الذين لا يعبؤون بحياته مقدار ذرة.. فاستل سيفه بسرعة ونظر لصاحب الرمح الأقرب إليه وهو يوازن الموقف في ذهنه.. لابد أن التتريين سيهجمان عليه في آن واحد، فكيف له الهرب دون أن يصاب؟..
رأى صاحب الرمح يدير رمحه في يده، ثم وجده يندفع نحوه وهو يدفع الرمح نحو صدره بقوة.. ألقى سلمة نفسه أرضاً بسرعة متفادياً الرمح ثم نهض فجأة وهو يمسك ذراع التتري بالرمح فيها وأداره بقوة في الاتجاه الآخر في نفس اللحظة التي كان التتري الآخر يهجم فيها عليه بسيفه.. وبسبب حركته تلك، شهق صاحب الرمح وقد وجد أن سيف رفيقه قد انغزر في ظهره بقوة حتى غاب أغلب النصل في جسده.. بينما تخلى سلمة عن التتري المصاب وهجم على الآخر الذي لم يتمكن من جذب سيفه بعد.. وبضربة واحدة ألقاه جانباً مضرجاً في دمائه..
لهث سلمة بتوتر شديد وهو يرى الجثتين الملقاتين أرضاً، وتلفت حوله بقلق خشية مباغتة شخص آخر له من الخلف.. ثم عاد لصاحب الرمح والذي كان يحمل قوساً وجعبة مليئة بالسهام على كتفه.. فتناولها سلمة منه وغمغم "لابد أن تنفعني هذه.."
حمل القوس والسهام على كتفه، وسار متجاوزاً الجثتين نحو الخان بسرعة وخفة.. آملاً ألا تكون الأمور قد ساءت كثيراً هناك كما حدث في هذا الجزء من الحي..

***********************

مع الصراخ الذي تعالى في طرقات الحي، والذي وصلهم خافتاً، أسرعت جمان للنافذة تنظر منها بقلق وهي تهمس "ما الذي يجري الآن؟.. رباه استر.."
سمعت أباها يقترب من خلفها وينظر من النافذة بصمت، ونظرة منها لوجهه أدركت مدى الرعب الذي يعتريه وهو يسمع ما لم يدع له مجالاً للشك.. فالتفت لجمان قائلاً بتوتر شديد "علينا مغادرة المكان.. علينا الهرب قبل أن يصلوا إلينا يا ابنتي.."
قالت جمان بذعر "أتظن أنهم........"
أسرع ربيعة لغرفته قائلاً "ليس لدي شك بذلك.. لقد استسلم الخليفة، واقتحم التتار بغداد.. فأي معاملة تظنين أنهم سيعاملون أهلها بها؟.."
لاحظت جمان أن الذعر استولى على من في الخان مع تلك الصرخات، ثم رأت أباها يتناول سيفه الموضوع في غرفته ويثبته في حزامه، قبل أن يقترب منها ويمد يده إليها بخنجر صغير قائلاً "ابقي قريبة مني يا جمان.. وإن اضطررت لاستخدام هذا، فلا تترددي بذلك"
ارتجفت يدا جمان وهي تتناول الخنجر وشيء من الذعر يتسلل لنفسها.. ولم تفهم أيقصد أبوها أن تقاوم التتار بخنجر صغير مهين كهذا، أم تسلب روحها بيدها لتكفّ أيدي التتار عنها؟.. لم تسأله عن مغزى قوله بل سارعت لإخفاء الخنجر في ثيابها.. ورأت أباها يراقب الوضع خارج الخان، ثم خرج من الباب وهو يشير لها لتتبعه بصمت.. فتبعته جمان وهي تقول بتوتر "إلى أين الهرب؟ لابد أن التتار في كل موقع من المدينة الآن.."
قال ربيعة "ما يهم الآن أن نهرب.. لم يعد البقاء هنا آمناً.."
لم يكادا يخطوان خارجين من الخان حتى لاقاهما جنيد صائحاً "مولاي.. عودا للخان واختبئا.. التتار قادمون.."
قال ربيعة مقطباً "لا يقدر مثل ذلك الباب على منع التتار عنا.. بقاؤنا في ذلك الخان دعوة للتتار للهجوم علينا بكل يسر.. يجب أن نهرب"
قال جنيد بتوتر "لكن إلى أين؟ المدينة تغلي والتتار يتسللون إلى كل طريق وزقاق وحي.."
قال ربيعة وهو يجذب جمان "يجب أن نبحث عن حصان لنهرب به.. ابحث لنا عن واحد يا جنيد وعد بسرعة.."
هز جنيد رأسه إيجاباً قبل أن يستدير راكضاً.. فجذب ربيعة يد جمان وهو يتبعه قائلاً "لا تبتعدي عني يا ابنتي.."
فوجئ الاثنان في تلك اللحظة بجنيد يخرّ أرضاً بصمت.. فتوقف ربيعة وجمان بدهشة، قبل أن يقترب ربيعة من جنيد بقلق وهو يقول "ما بك يا جنيد؟.."
رأى في تلك اللحظة ذلك السهم الذي اخترق عنقه وأسقطه جثة بلا روح، فاتسعت عيناه بصدمة بينما شهقت جمان بذعر وهي تقول "من الذي أصابه؟"
تلفت ربيعة حوله وهو يجذب جمان خلفه بقلق عارم، عندما فوجئا بذلك السهم الذي غاص في منتصف صدر ربيعة.. فشهق ربيعة بألم وهو يستند على جدار قريب بينما صاحت جمان بصدمة "أبي.."
لم تكن تلك الإصابة قاتلة لحسن الحظ، فغالب ربيعة ألمه وهو يتلفت حوله بقلق ليرى أحد التتر يقف على سطح بيت قريب ويسدد نحوهما سهماً آخر.. فجذب ربيعة جمان بقوة وهو يصيح "انتبهي.."
رأت جمان السهم يسقط قريباً من موقعها السابق، بينما دفعها ربيعة في زقاق قريب أخفاهما عن ذلك التتري وهو يلهث بقوة وألم.. نظر ربيعة للسهم الذي غاب رأسه في منتصف صدره، ثم أمسكه بيده وجذبه بقوة ليخرجه من جسده وهو يئن متألماً وجمان تراقبه بفزع.. وفور أن جذب السهم، بدأت الدماء تتدفق من موضعه بغزارة جعلت جمان تبحث حولها بذعر حتى وجدت عمامة أبيها قد سقطت قريباً، فتناولتها وضغطت بها على الجرح وهي تقول بقلق "اصمد أرجوك يا أبي.. يجب أن نغادر هذا الموقع بسرعة.."
تنفس ربيعة بشيء من العسر مع الجرح الذي يؤلمه، ونظر لجمان المذعورة وهي تحاول إيقاف الدماء المتصببة، قبل أن يقول لها "جمان.. ابحثي عن سلمة.."
هتفت جمان "لا وقت لهذا.. يجب أن آخذك لموقع آمن الآن.."
قال ربيعة مقطباً "ابحثي عن سلمة يا جمان.. التتار قد أحاطوا بنا.. ولن أجد من قد يحميك أكثر منه، هذا لو كان حياً بعد.."
نظرت له جمان وهي لا تدري أتبكي على ما جرى لأبيها أم تضحك من قوله، ثم قالت له بصوت مرتجف "أنت رفضت منحه حريته جزاء صنيعه.. والآن تطالبه بأن يحميني؟.. كيف لك أن تكون قاسياً؟.."
تنهد ربيعة وقال "سلمة عبدٌ يا جمان.. حتى لو نال حريته، فسيظل عبداً.. عليه وعليك أن تدركا هذه الحقيقة.."
نظرت له جمان بعدم فهم، ثم قالت متجاوزة ذلك الحوار "يجب أن نربط الجرح قبل أن ينزف أكثر من هذا.."
نظر ربيعة خلفها بقلق ظاهر وغمغم "لا نملك الوقت للقلق على هذا الجرح"
التفتت جمان بدورها، فرأت ذلك التتري يتقدم منهما وسيفه بيده بتهديد واضح.. فدفع ربيعة بجمان خلفه واستل سيفه محاولاً الدفاع عنها وهو يصد ضربة من التتري.. فعاد التتري يصوب الضربة تلو الأخرى بقوة وربيعة يصدها بسيفه، لكن لم يستغرق الأمر منه أكثر من عدة ضربات لينكسر سيف ربيعة لقوة الضربات..
ارتاعت جمان وهي ترى ما جرى، وترى التتري يرفع سيفه عالياً ناوياً القضاء على ربيعة بضربة واحدة.. فأسرعت جمان تقف بين التتري وبين أبيها رغم النفضة التي اعترتها وهي تصرخ بالتتري "ابتعد.."
رغم أنه لا يفهم قولها بالتأكيد، لكن لابد أنه سيفهم ما تعنيه.. حاولت جمان ألا تعبأ بسيفه الذي ارتفع عالياً، فصاحت مرة أخرى "قلت لك ابتعد.. لا تقترب منا.."
صاح بها ربيعة "اهربي يا جمان.. ابحثي عن سلمة.."
سمعته يشهق متألماً، فالتفتت إليه بذعر لترى رجلاً آخر من التتر قد تقدم من جانب الزقاق الخلفي وضرب ربيعة بسيفه ضربة أخرى في جانبه انثنى ربيعة منها متألماً.. فهبّت جمان نحوه صائحة "أبي.. لا.."
لكنها شعرت بمن يجذبها من ملابسها بقوة ويجرها حتى ارتمت أرضاً.. حاولت دفع التتري بعيداً عنها لتعود لأبيها، لكنه جذبها بقوة على الأرض وسحبها غير مبالٍ بآلامها هي تحاول الإفلات بعسر شديد.. لم تتمكن من رؤية ما جرى لأبيها، فصاحت وهي تغرز أظافرها بقوة في يد التتري "أطلقني أيها الوغد.. اتركني.."
وجدته يوقفها محاولاً تقييد يديها في سرج حصانه القريب، لكنها قفزت وارتطمت بالحصان بكتفها بقوة مما جعله يفزع ويصهل وهو يرفس بقدميه عالياً.. استغلت جمان الإرباك الذي أدت إليه ثورة الحصان ومحاولة التتري السيطرة عليه قبل أن يهرب، فانثنت وهي تركض نحو أقرب زقاق بين البيوت أملاً في أن تتمكن من الهرب والاختباء من التتر القريبين.. لكن بعد عدد قليل من الخطوات، وجدت ذلك الحائط يسدّ عليها الطريق ووسطه باب خشبي.. اندفعت جمان نحو الباب وحاولت فتحه دون أن تفلح بذلك.. فتلفتت حولها بحثاً عن منفذ آخر، عندما سمعت الخطوات خلفها تتقدم منها بثقة.. استدارت وقلبها يسرع في دقاته بشكل زاد توترها وذعرها وهي ترى ذلك التتري قد لحق بها وهو يتقدم منها ونيته واضحة على وجهه.. كان نصل سيفه يعكس نور الشمس في عينيها، ورأته يحمل قوساً وكنانة مليئة بالسهام على ظهره، بالإضافة لسيف آخر في غمده معلق في حزامه.. كان يبدو بكامل تسليحه، فكيف لها وهي التي لا تملك إلا الخنجر الذي تدسّه في ملابسها من مقاومته؟.. تذكرت أباها الذي تركته غير بعيد وهي لا تعرف حاله.. وتذكرت سلمة الذي لا تدري أين مكانه وإن كان نجا من هذا الهجوم الشرس للتتار أم لا.. ورغم الذعر والخوف الذي ينفض قلبها نفضاً، لكنها للمرة الأولى لم تكن مترددة.. هي لحظات مصيرية، إما أن تصمت وتعيش حياتها ذليلة، وإما أن تتخذ قرارها الآن حتى لو عنى ذلك موتها..
وقفت في موقعها محاولة تمالك رجفة يديها.. وعندما اقترب منها التتري ومد يده نحوها وضحكة ترتسم على شفتيه الغليظتين، كانت جمان تقفز منحنية نحوه مغافلة إياه، فسحبت سيفه الآخر من غمده بسرعة ولوّحت به نحوه محاولة إصابته ولو بشكل بسيط.. لكنه لم يتراجع وهو يمسك نصل السيف بيده دون أن يخشى الإصابة، فلم تتمكن جمان من تحرير السيف من قبضته القوية رغم محاولاتها.. وسرعان ما وجدته يجذب السيف بقوة من يدها ويدفعها بعيداً حتى وجدت الجدار خلفها يرتطم بظهرها ويوقفها.. نظرت نحو التتري بتوتر متزايد لتراه يعيد السيف لغمده ويتقدم منها من جديد.. عندها سارعت جمان لاستخراج الخنجر من ثيابها، وما إن رآه التتري حتى أطلق ضحكة ساخرة لمنظرها وهي تهدده بشيء مهين كهذا.. لكن جمان لم تعبأ بضحكته وهي تدير الخنجر لتوجهه نحو عنقها بعزم مغمغمة "بئساً للمهانة.."
رغم أن التتري فوجئ بما فعلته، إلا أنه لم يُبْدِ اعتراضاً وهو يواصل تقدمه منها وملامحه تنطق باستمتاعه بما يراه.. كانت جمان متأكدة أنه يراها غير قادرة على تنفيذ تهديدها هذا، لكنه لم يكن يدرك شدة عزمها على ذلك، وغياب أي تردد في أعماقها..
أخذت جمان نفساً عميقاً وهي تقبض على الخنجر بشدة، ولما همّت بدفعه في عنقها بقوة لفت انتباهها ظلٌ طويل امتد من فوق رأسها حاجباً نور الشمس حتى غطـّى التتري أمامها.. ولما رفع التتري بصره للأعلى نحو الجدار الذي يقع خلفها، فوجئت برؤية ذلك السهم الذي اخترق عنقه في غفلة وأسقطه جثة هامدة..
نظرت جمان للجثة بدهشة دون أن تتحرك من موقعها أو تبعد الخنجر عن عنقها، عندما وجدت شخصاً يقفز ليهبط قريباً منها ثم يقف ويلتفت نحوها.. غمغمت جمان بصوت لم تتمالك رجفته "سلمة؟ كيف وصلت إلى هنا؟"
اقترب سلمة منها وهي تلاحظ القوس وكنانة السهام على كتفه، ثم جذب الخنجر بعيداً عن عنقها وهو يقول بتوتر "لا تحاولي فعل ذلك أبداً يا جمان.."
قالت بصوت مبحوح "أين كنت؟.."
غمغم سلمة "آسف.. لقد كنت بعيداً عندما حدث الهجوم، ثم أسرعت للخان وبحثت عنك وعن مولاي دون أن أعثر عليكما.. ولما صعدت فوق أحد المنازل القريبة لعلني أعثر عليكما تمكنت من سماع صوتك بوضوح.. ومن حسن حظي أنني وصلت قبل أن ترتكبي تلك الجريمة بنفسك.."
خفضت رأسها هامسة وهي تنتفض "أليس ذلك أفضل من الاستسلام؟"
قال وهو يسرع للجثة القريبة "هناك مائة وسيلة للمقاومة بدل نبذ حياتك بهذه الطريقة.."
أسرع يجرّد التتري من أي سلاح يملكه، وعاد لجمان فعلق أحد سيفيه بغمده في حزامها وهو يقول "هذا أكثر نفعاً بالنسبة لك من ذلك الخنجر.."
احتفظت جمان بالخنجر في ملابسها رغم ذلك، ثم وجدت سلمة ينظر إليها ويقول بحزم "عليك أن تتحركي بسرعة ودون تردد.. دائماً استهدفي العنق كي تتأكدي أن الضربة ستكون قاضية من المرة الأولى.."
خفضت جمان عينيها باضطراب، ثم قالت "القول سهل.. حاولت فعل ذلك في المرة الأولى وفشلت فشلاً ذريعاً"
ربت على كتفها وهو يقول "ستنجحين بإذن الله.. لنسرع بالهرب قبل قدوم المزيد منهم.."
تمسكت به قائلة بضراعة "أبي يا سلمة.. لقد تركته غير بعيد من هنا.. لكن أحد التتر هاجمه، ولا أدري إن......"
صمتت وإن كان الذعر بادياً بشكل جليّ على وجهها، فقال سلمة "لنَعُد إليه.. سنحاول إنقاذه بإذن الله.."
واستدار ليصعد للجدار الذي قفز منه مستعيناً بصندوق وجده في موضع قريب، ثم انحنى وجذب جمان التي مدت يدها نحوه، ورفعها حتى استطاعت الوقوف على الجدار قربه.. نظرا من موقعهما هذا للمدينة تحتهما.. لم يكن الوضع مبشراً بخير.. يكفي الفزع الذي ملأ الجو.. يكفي الصراخ الذي صمّ الآذان.. يكفي الموت الذي فاحت رائحته.. يكفي الدم الذي أغرق كل شيء وسال أنهاراً متدفقة في كل الطرقات..
شعر سلمة بجمان الواقفة قربه تنتفض وهي تراقب ما يجري في المدينة التي كانت هادئة وادعة بالأمس، فأمسك يدها وشدّ عليها بقوة قائلاً "سننجو بإذن الله تعالى.."
نظرت له بصمت.. ورغم ما رأته في عينيه، رغم ثقتها بأنه لن يتخلى عنها أبداً، ولن يتردد في بذل حياته في سبيل إنقاذها.. رغم كل ذلك، شعرت بالأسى.. شعرت أنها أبداً لن تستطيع أن تجازيه على قدر صنيعه معها.. كم حياة تحتاج لتستطيع ردّ جميله هذا الذي أغرقها حتى اختنقت؟..

***********************

~ بعيدا عن الخيال (١٣) ~
أسباب هزيمة بغداد


عندما انطلق جيش التتار لحصار بغداد، كانت هناك خيانة كبرى من أمراء الأناضول والموصل المسلمين أدت لتسهيل مهمة الجيش التتري ذلك... هذه الخيانة فتحت الأبواب لجيش التتار الذي قدم من الأناضول لحصار بغداد من الغرب بقيادة (بيجو)، ولم يجد أي نوع من المقاومة في أراضي المسلمين، وسار الجيش التتري في هدوء وأمان، وبالطبع لم يرتكب في طريقه مذابح لكي لا يلفت أنظار الخلافة في بغداد، ورضي الناس منه بتجنب شره، وخافوا أن يدلوا عليه لكي لا ينتقم منهم بعد ذلك..
خيانة عظمى من كيكاوس الثاني وقلج أرسلان الرابع أمراء الأناضول.. وخيانة أعظم من بدر الدين لؤلؤ أمير الموصل.. فبدر الدين لؤلؤ لم يكتف بتسهيل مهمة التتار، وبالسماح لهم باستخدام أراضيه للانتقال والعبور، بل أرسل مع التتار فرقة مساعدة تعينهم على عملية “تحرير العراق” من حكم الخلافة العباسية!!..
ومن الجدير بالذكر أن بدر الدين لؤلؤ قام بهذه الخيانة وهو يبلغ من العمر ثمانين عاماً! وقيل: مائة..!!! وجدير بالذكر أيضاً أنه مات بعد هذه الخيانة بشهور معدودات!!!..
ومن الخيانات التي قام بها أمراء المسلمين، أن الناصر يوسف أمير دمشق أرسل ابنه العزيز ليكون في جيش هولاكو..
وفي الآن ذاته، كانت الخلافة العباسية في ذلك الوقت قد تطاول عليها الزمن، وكما يقال عن الخليفة المستعصم "رجلاً متديناً، لين الجانب، سهل العريكة، سهل الأخلاق، إلا أنه كان مستضعف الرأي، ضعيف البطش، قليل الخبرة بأمور المملكة، مطموعاً فيه.. وكان يقضي زمانه بسماع الأغاني، والتفرج على المساخرة. وكان شديد البخل، يكنز الأموال ويقيم وزناً كبيراً للدينار والدرهم، ولا يصرف الأموال في شئون الدفاع..”
في ذلك الوقت، قبل حصار بغداد، أرسل الخليفة المستعصم إلى بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل، يطلب منه جماعة من ذوي الطرب.. وفي الوقت ذاته أرسل إليه هولاكو يطلب منه منجنيقات وآلات الحصار.. فقال بدر الدين : انظروا إلى المطلوبَيْن، وابكوا على الإسلام وأهله.
وعندما علم الخليفة أن جيوش هولاكو تقترب، لم يتخذ الأهبة لمواجهتهم قبل أن يستفحل خطرهم، بل قال "أنا بغداد تكفيني ولا يستكثرونها لي إذا نزلت لهم عن باقي البلاد، ولا أيضاً يهجمون علي وأنا بها، وهي بيتي ودار مقامي"

((قصة التتار)) الدكتور راغب السرجاني

***********************

 
 

 

عرض البوم صور عالم خيال   رد مع اقتباس
قديم 17-02-16, 10:05 AM   المشاركة رقم: 58
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Jul 2014
العضوية: 271387
المشاركات: 11,135
الجنس أنثى
معدل التقييم: bluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميع
نقاط التقييم: 13814

االدولة
البلدJordan
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
bluemay غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : عالم خيال المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: رحلة ضياع

 
دعوه لزيارة موضوعي

وقع ما كنت اخشاه

وهاهي بغداد قد سقطت في ايدي التتر المتوحشين فنكلوا بها وبأهلها.


شي محزن تكالب المسلمين على بعضهم .


جمان ما زالت تأمل في انقاذ ابيها وقد تعرض حياتها وسلمة للخطر ..


سلمة وصل في الوقت المناسب وخلص جمان من ما كانت فيه .


اين المفر يا ترى ؟!!


سلمت يداك وبإنتظار ما ستسفر عن الفصول القادمة .


«اللهم أغفر لي هزلي وجدي، وخطئي وعمدي، وكل ذلك عندي»

 
 

 

عرض البوم صور bluemay   رد مع اقتباس
قديم 17-02-16, 03:11 PM   المشاركة رقم: 59
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Dec 2015
العضوية: 307841
المشاركات: 179
الجنس أنثى
معدل التقييم: عالم خيال عضو على طريق الابداععالم خيال عضو على طريق الابداععالم خيال عضو على طريق الابداععالم خيال عضو على طريق الابداععالم خيال عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 460

االدولة
البلدAland Islands
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
عالم خيال غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : عالم خيال المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: رحلة ضياع

 

قد نستنكر ما كان عليه الخليفة من ضعف وما تسبب به من مصائب عظام على أمته وعلى بغداد..
لكني قد قرأت في كتاب عن التتار (أظنه لد. راغب السرجاني) قال فيه أن الرعية الفاسدة قد استحقت حاكماً فاسداً.. ولو صلح الحاكم صلحت رعيته.. كما أن الرعية لو صلحت فسيصلح الحاكم أيضاً..
إنها معادلة صعبة، وقلما حصلت في العصور حتى في عصور الدولة الإسلامية
لذا مثل تلك النتيجة كانت متوقعة شيئاً ما..

حاولت كثيراً تخيل ما قد تمرّ به جمان وسلمة في تلك الأوقات
لكن كل ما تخيلته، وكتبته، لا أظنه يقارب عشر الحقيقة
لذا اعذروا قصوري في الفصول القادمة، واعذروني لما سببته لكم من ألم مع أحداث هذه الرواية
نلتقي غداً مع فصل جديد بإذن الله تعالى..

 
 

 

عرض البوم صور عالم خيال   رد مع اقتباس
قديم 17-02-16, 04:36 PM   المشاركة رقم: 60
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Jul 2014
العضوية: 271387
المشاركات: 11,135
الجنس أنثى
معدل التقييم: bluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميع
نقاط التقييم: 13814

االدولة
البلدJordan
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
bluemay غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : عالم خيال المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: رحلة ضياع

 
دعوه لزيارة موضوعي

إن شاء الله سنكون باﻹنتظار


وارجو ان تكون روايتك التالية كوميدية او فيها الفرح طاغي على الحزن >>> فيس انبط تشبده من الحزن والمآسي .


امزح طبعا ولكن اتمنى شيئا مفرح .


لك ودي



«اللهم أغفر لي هزلي وجدي، وخطئي وعمدي، وكل ذلك عندي»

 
 

 

عرض البوم صور bluemay   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
رحلت, ضياع
facebook




جديد مواضيع قسم القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 08:20 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية