لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 06-01-18, 04:21 PM   المشاركة رقم: 1066
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
قارئة مميزة


البيانات
التسجيل: Sep 2010
العضوية: 190192
المشاركات: 574
الجنس أنثى
معدل التقييم: أبها عضو ذو تقييم عاليأبها عضو ذو تقييم عاليأبها عضو ذو تقييم عاليأبها عضو ذو تقييم عاليأبها عضو ذو تقييم عاليأبها عضو ذو تقييم عاليأبها عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 748

االدولة
البلدKuwait
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
أبها غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : simpleness المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: ذات مُقيّدة حوّل عُنُقِ امْرَأة / بقلمي

 

عودا حميدا سمبلنس ..

أسفرت و أنورت ..💫💫💫💫

هلا و مرحبا تراحيب المطر و العطر و العود ..🍃🍃🍃

اشتقنا لك و لابداعك و لأبطالنا كلهم ..💞

 
 

 

عرض البوم صور أبها   رد مع اقتباس
قديم 06-01-18, 09:35 PM   المشاركة رقم: 1067
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو راقي


البيانات
التسجيل: Aug 2015
العضوية: 300973
المشاركات: 633
الجنس أنثى
معدل التقييم: simpleness عضو على طريق الابداعsimpleness عضو على طريق الابداعsimpleness عضو على طريق الابداعsimpleness عضو على طريق الابداعsimpleness عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 475

االدولة
البلدBahrain
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
simpleness غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : simpleness المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: ذات مُقيّدة حوّل عُنُقِ امْرَأة / بقلمي

 

بسم الله الرَّحْمن الرَّحيم
تَوَكَّلتُ على الله

الجُزء الخَمْسون

انْتَبَذَت لها مَخْبَأً تُلْقي فيه مَشاعِرَها المُتَذَبْذِبة..مَشاعِرُها التي خانَتْها مَرَّة وَ عَشْرة..مَشاعِرُها الحَمْقاء..المُوَجِّهة بُوْصلتها ناحِية ذَاكَ البَحْر الغَدَّار..البَحْر ذو الأمْواجِ السَّارِقة..سَرَق هَناءَ عَيْشِها..ضِحْكاتَها..وَميض عَيْنيها..و فَلذة كَبِدَها..هي سَلَخت رُوحها من تِلْكَ المَشاعِر لِيَرْتَفِع صَوْت بُوق الفَضيحة..صَامَّاً مَسْمَعي صَديقتها..،هَمَسَت وَ يَدَاها تُقَلِّبان قَميصاً ضَئيلاً..خُيُوطه تَسْتَطيع فَقَط أَن تَحْتَضِن جَسَدَ طِفْل في الثَّانِية..،:ثيابها اللي جَهَّزتها لها..ما قَدَرت أَشوفهم عليها..مادري كانوا مقاسها..أكبر شوي..أو أصغر "شَخَرَت ساخِرة مُواصِلَةً وَ في سُخْرِيَتِها أَنَّت غَصَّة" مادري جَم كان وزنها..طولها و فصيلة دَمها..و أنا اللي حَمَلتها في بَطني تسع شهور!
تَنْهيدة صامِتة يَغْشَاها عَطْفٌ حَزين غادَرت قَلْبَ نَدى المُسْتَمِعة..تِلْك الثَّكْلى واصَلت و هي لا تَزال مَشْغُولة بالقَميص..وَ كَأَنَّها تُطَبْطِب عَلى فَقْدِ حُضْنَها الذي عاشَ أَقْسَى أَنْواع الحِرْمان وَأَوْجَعها..،:حرمني من حَقّي و عَيَّشني في جذبة بدون ما يندم وَ لَو للحظة..وَحْدة غيري بتحقد عليه و بتكره طاريه..بتتمنى موته و بتحاول تسوي أي شي..أَي شــــي عشان ترد له الوَجَع..تذوقه المُر مثل ما ذوَّقها و تغَرْقه في الظَّلام اللي نَساها فيه و غاب..بكل بساطة..و غرور..غــاب! "اضطَّرَبَت حَرَكَة يَدَيها مع اسْتِعار أَنْفاسها و اشْتعال القَهَر في صَوْتها" لكن جِنان غيـر عن أي وحدة ثانية..جِنان ما عندها كَرامة..جِنان غَبِيَّة وَ ضَعيفة و بيجيها المُوت و هي للحين عند باب حبَّه واقفة..تنتظر أي أمَل مَجْنون ممكن يفتح لها لو شرخ صَغير في هالباب..باب قَلْبه القاسي
بِعِتابٍ حَنُون عَقَّبَت نَدى،:حَرام عليش..ليش تقولين عن نفسش جذي!
تَرَكت القَميص المسكين مع ارْتِفاع بَصَرها لها كاشِفَةً عن مُقْلَتان خُلِقَتا مِن رَحْمِ غُيومٍ لا يَنْضَب ماؤها..نَطَقَت تُتَرْجِم الحَرور المُحْتَدِمة في الجَوى وَ الرّوح،:لأنَّ هَـ ـذا الصدق نَدى..بَمُوت...بَمُـــ ـووت من غيرتي عليه "تَنَشَّقَت هَواءً تَهَشَّمَ من حَوافِر الغَصَّات المُتَكَدِّسة بَيْن أَضْلُعها" بَعد كل اللي سَوَّاه فيني ما كرهته..و لا حَتَّى نسيته..أَو..أو عالأقَل يقل قَدْره في قلبي! بــس...بــس ما تغَيَّر شي،وَ لا شي نَدَى" وَ بِوَجْسٍ أَنْهَكَهُ حُبٌّ أَعْمَى" وَ لا شي..
تَراجعت عَن خِزانة مَلابس طِفْلها لِتَخْطو لِلسَّرير الصَّغير الذي احْتَضَن أَثْقالَ رُوح جِنان و بَوَاحها التَّائِه..جَلَسَت أَمامها مع الْتقاء عَيْنَيها بِبَحْر الجِنان الهائِج عَلى الدَّوْم..تَساءَلت بِهَمْسٍ أَرْجَف دَواخل جِنان رُعْباً،فهي فَقيرة من جِواب..بل و الضَّياع هُو حادي قَوافِل بَحْثَها،:لين مَتى هالحال؟ يوم تقولين إنّش صرتين قويَّة و عطيتين الحُب و صاحب الحُب ظهرش..و ما بتهتمين إلا في بنتش و نفسش..و عشرة تنوحين وتسترجعين خساراتش و تجلدين ذاتش..لين متى جِنان؟ لين متى بتظلين ساجنة روحش في هالدَّوَّامة! تَرى في إيدش خَلاصش..محد يقدر ينقذش من هالغَرَق غيرش..بدل ما تلومين نفسش و تعاتبين قلبش ابتدي تشتغلين على نسيانه..اتجَلّدي و تجاهلي أي شي يخصّه سواء كان في الماضي أو اللحين..ما يفيد هاللي قاعدة تسوينه..وضعش هذا تعتقدين إنّه يقدمش خطوة..لَكنّه في الواقع يرجعش عشر خطوات ورا
أَطْبَقَت اليَدان وَ رَفَعَتهما لِشَفَتيها اليَتيِمَتان من البَسْمة..أَسْنَدَت سَبَّابتيها بهما مانِعة شَهْقة من الفِرار..فانْتَحَرت تِلْك الشَّهْقة في عُقْرِ رُوحها..وَ ارْتَجَفَ صَدْرها نائِحاً عَلى مَن شارَكتهُ في عَزْفِ سمفونية العَزاء..،
،:جِنان..فيصل خَلاص صار مُلْك لأنثى غيرش..مُلك ياسمين..مو جِنان..أوعي
انْخَفَضَت يَداها بِسُرْعة لِتَقْبِضان عَلى ساعِد نَدى تُطالِبان بالصَّمت..نَهَرَتها و اللَّوْن الأحْمَر بَدَأ بابْتلاع خَمْر وَجْنَتيها،:بس نَـدى بَـــس
تَجَاهَلتها مُواصِلة بِحِدَّة هي سَكاكين مَسْمومة تَطْعن جَوىً لا زال مُقَيَّداً،:صارت خطيبته..فترة بسيطة و بيتزوجون و عقبها بتصير أم عياله..إنتِ فَصْل و انْتــهى من حياته..إنت مــ
قاطَعَتها و الرَّجاءُ يَنُوح عَلى أَسْقُفِ مَدينَتِها اليَتيمة من قُرْبِه،:نَدى ما أقدر اسمـ ـع..داخلي قاعد يجذّب امْتلاك غيـ ــري له..رُوحي تنفر من هالواقع..وَ لا شي فيني يبي يصدّق..حَتــ ـى..حَتــى عقلي..رافض فِكْرة اقْترانه ويا أي أنثى "هَزَّت رَأسَها بِحِدَّة تُريد بِها أَن تَقْتَطِع رِداء الحَقيقة الجاثِم عَلى حُبِّها" ما بيكملون مع بعض..ما بيكملون
ارْتَفَع حاجِب نَدى وَ التَّعَجُّب قَدَ تَعَلَّقَ بِجِفْنَيها،:و ليش إن شاء الله "اسْتَدْرَكَت بِشَكٍ اسْتَعَدَّ لِمُشاكَسَة أَفْكارها" إنتِ مخطّطة لشي؟
غَشَى مَلامحها عَدَم فَهْم تَجَلَّى لِعَيْني نَدى المُحَدِّقَتين بِتَفَحُّص..هَمَسَت بِبَحَّة تَرَطَّبَت بِنَغْمَة البُكاء،:شنو؟..مخططة شنو..مافهمت!
زَفَرَت بِراحَة أَسَرَّتها في جَوْفِها وَ هي تَرى البَراءة تُخالِط البَحْر السَّاكِن وَسَط مُقْلَتَيها،قَبْلَ أن تُجيب وَ هي تَتَدارك،:لا بس يعني استغربت من ثقتش في إنهم ما راح يكملون مع بعض!
تَعَلَّقَ بَصَرُها بشيءٍ خَفِي..لاحَظَت نَدى انْغماسَها التَّام فيه..شَيْءٌ يَتَجَمَّدُ الهَواء مِن سَطْوته..وَ يَتَشَنَّجُ الزَّمَنُ من سُرْعة انْقضائه..كالسِّحْر بل أعْظَمُ وَ أَكْثَر غُموض..شَيْءُ لا تَعْرِفَهُ إلا زاوِية مُوارِبة في القَلْب..ظَلْماء وَ مُصْمَتة من أي جَواب..بِوَجْسٍ هي نَفْسَها لا تَدْري مِن أَين اقْتَلَع كَلِماته،:إحساس..إحساس يراودني إن هالإرتباط ما بيستمر للأبد "تَحَرَّكَت حَدَقَتيها المُغَيَّمَتان بِبَقايا الدَّمْع لها وَ هي تُفْصِح عَمَّا يَعْتريها"نَدى..فيصل محد يعرف له إلا أنا " بِثِقة تَعْتَريها الحَسْرة" محد يعرف له إلا جِنان..ياسمين أعرفها من أيَّام لندن..قدرت أفهمها..ما بتتلاءم مع فيصل
اعْتلاء مُتَعَجِّب نالَ من حاجِبَيها و هي تَتساءل:و ليش! مو هي تحبه؟
أَجابَت بِتَنْهيدة وَ الإرْهاق يُجْبِرها على الاسْتسلام للاسْتلقاء فَوْق السَّرير خَلْفها،:ايـــه..تحبه "أَكْمَلت مُسْتَشْعِرة اعْتِصار قَلْبَها" و هو بعد يحبها... ..يمكن!
تَمْتَمَت نَدَى بِعَدَم فِهْم،:يمكن!
بادَلت رَفيقَتها نَظَرات الحِيرة من مَكانها..كانت مُسْتَلْقِية على سَرير ابْنة نَدى بِساقين مَرْفوعَتين بانْطواء..خصلات شَعرها قَد حَرَّرتها مُنذ ساعة من عُقْدَتها التي باتت تسْكن مِعْصَمها الأيْمَن..كانت تَغْفو على السَّرير وَ كَأنَّها تَرْسم بِأمْواجَها بَحْراً ساكِناً..نَطَقَت بَعْدَ أن اسْتَمَرَّ السُّؤال يَنط من عَيْني رَفيقتها..سَمَحت لِأحاسيسها بالوُلوج وَ هي مُتَوَشِّحة بِعَباءة التَّرَدُّد و التَّيه..،:اليوم الفَجر..هــو..فيــ ـصل..الكلام اللي قاله "تَأَفْأفَت بإغْماض مَعَ ارْتفاع يَدَيها لِجَبينها كَأنَّما بِزَفَراتِها تَنْهَر أَحاسيسها العَوْجاء..هَمَسَت وَ هي تُبْصِر مُجَدَّداً وَ يَداها تَزْحَفان لِخَدِّيَها..وَ العَيْنان تُرْسِلان زاجَلاً من ضَياع" مادري نَدى..مادري
حَفَّزَتها نَدى و هي تَقْتَرِب منها أَكْثَر،بَعْدَ أن رَأت البَعْثَرة العاصِفة بِمَلامحها،:شنو جِنان..قولي..التَّفريغ يساعدش
مَرَّرَت لِسانها على شَفَتيها..ازْدَرَدَت ريقها مُسْتَعِدَّة للبَوْح..خَرَجَ صَوْتَها مَبْحوحاً..مَدْهوشاً من رَبْطٍ بَيْن حاضِرٍ و ماضٍ كان لَذيذ..أيُمكن أن تَتَجانس لِذَّة الماضي الأثيريَّة مع عَلْقم الواقع الدَّميم الطَّلْعة؟..،:فيصل إذا يمرض..أو بالأخص..إذا ترتفع حَرارته..يبدا يهلوس..وو عرفت..قبل يوم كنت زوجته...بالتَّحديد هو قال لي هالشي..إنَّ هلوسته تكون الكَلام..الكَلام اللي يرفض كبرياءه بكامل وعيه إنَّه يعتقه
تَساءَلت و هي التي لَم تَسْتَطِع استيعاب هذه الألغاز..،:يعني شلون جِنان..مو فاهمة؟
رَمَشَت مَرَّة وَ ثانِية مُسْتَرِقَةً النَّظَرَ على إحْدى الليالي التي نُحِتَت فَوْق صُخور كَهْفَها النَّابض....

،

انْتَهَت من الجَلي سَريعاً حَتَّى تَعود إليه..جَفَّفَت يَدَيها ثُمَّ أَغْلَقَت مَصابيح المَطْبَخ لِتَتجه لِغُرْفة نَوْمهما..دَلَفَت بهُدوء وَ بَصَرُها مُعَلَّقاً بالسَّرير الذي يَحْتوي جَسَدَه المُسْتَسْلِمة قواه للمَرض..تَوَقَّفَت في المُنْتَصَف..مالت جِهَته حَتَّى تَرى وَجْهه..كان مُغْمَضاً..إذن قَد نام...اسْتَدارت يسارًا وَ قَصَدت دَوْرة المياه..تَغَسَّلت في دقائق بَسيطة بماءٍ دافئ غَلَّفَ عَضلاتها بِرَخاءٍ لَذيذ ذاب مَع دِمائها..طَبْطَبَت عَلى جَسَدها تُجَفِّفه و طُيور النَّوْم تَحوم حَوْل عَيْنيها..تُريد أَن تَنام..أن تَنام فَقط..بَعْد يَوْمٍ طَويل ابْتَدَأتهُ منذ السَّادِسة صَباحاً..جامعة،مُحاضرات و امتحانات..وَ تواصل دُون راحة إلى المَشْفى..فَزَوْجها كان مَريضاً..بالكاد اسْتَطاعت أن تُقْنعه بالذَّهاب لرؤية الطَّبيب..وَ بالكادِ أَيْضاً أَرْغَمَتهُ أَن يَرْتَشِف ثَلاث مَلعَقات من الحَساء الذي أَعَدَّته له..و أن يَشْرَب رُبع كُوب الحَليب السَّاخِن حَتَّى تَكون مَعِدَته مُهَيَّأة لاستقبال الدَّواء..،ارْتَدَت مَلابس نَوْم من قطْعَتان..كَشَفَتا الكَثير من سَاقَيها و الجُزْء العلوي من جَسَدها..ذراعيها و كَتفها و ما جاوَرهما...كان الجَو مُعْتَدِلاً في لُنْدن..لَكن الغُرْفَة كانت تَنْصَهِر من حَرارة المَدْفَأة..عَضَّت على شَفَتيها تُكْبِح ضِحْكتها وَ هي تُبْصِره مُنْكَمِشاً أَسْفَل غِطاء ثَقيل يَقْبَع أَسْفله غطاء آخر أيضاً..لَكِنَّه أَخف منه..بالإضافة إلى أَنَّهُ قَد حَمى جَسَده بملابس صوفية لا تُرْتَدى إلا في ليالي الشّتاء..اسْتَقَرَّت بِرُكْبَتيها عَلى السَّرير..رَفعت غطاءه العَجيب و هي تَزْحف إليه..الْتَقَطت أصابعها الغطاء الأخف عندما أَصْبَحت مُلاصقة لِحَبيبها..اتَّكَأت على وركها و ذراعها اليُمْنى بَعد أن الْتَحَفت حَتَّى خِصْرها به..تَراقَصت حَدَقَتاها على وَجْهه الغارق في السّكون..أَناملها النَّحيلة قَصَدت جَبينه المُقَرْفِصة فَوْقه بضع زَخَّات عَرَق كانت تَلْتَمع أَسْفَل الأضْواء الصَّفراء المُغْمَضة بِخُفوت..مَسَحَتها بِرِقَّة قَبْلَ أن تبسط باطن كَفَّها مَكانها مُطْمَئِنة على حَرارته..تَنْهيدة تَعَب غادَرت قَلْبها وَ اخْتَلَطَت مع أَنْفاسه السَّاخِنة..انْتَقَلت كَفُّها لِخَدّه، عُنِقه..وَ انحشرت تَتَحَسَّس صَدْره..لا زالت حَرارته كَما هي..نَظَرَت للسَّاعة..مَضَت عُشْرون دَقيقة منذُ أَن شَرِبَ الدَّواء..ستنتظر ساعة ثُمَّ سَتَسْتَعين بمقياس الحرارة..فإن تَبَيَّن أَنَّها لَم تَنْخفض..ستبْدأ مَرْحَلة اقناع جَديدة للعَوْدة إلى الطَّبيب..عادَت إليه..لِتُكْمِل صَبَّ الغَدير في بَحْرِ مُقْلَتيها..بانَت إلى عَيْن الليْل المُسْتَرِقة ابتسامة اخْتَلَطَت فيها مَشاعر شَتَّى..حُــب..حَنان..شَوْق..وَ عَطْف..أَرْهَقه هذا المَرَض..مُنذ البارِحة وَ هَو طَريح الفراش..حَتَّى أَنَّها اعْتَذَرت نِيابةً عنه عن مُحاضراته لليوم..فهو لم يكن في اسْتِطاعته التَّحدث حَتَّى...،انْحَنَت عليه وَ بِخِفَّة قَبَّلت جَبينه..تَراجعت للخلف قَليلاً ثُمَّ أَرْخَت جَسَدها باسْتلقاءٍ يُواجهه..ما إن اسْتَشْعَر جَسَدها المُنْقبض الرَّاحة..حَتَّى أَسْبَلت جَميع أجهزتها..عظامها..عَضلاتها و خَلاياها نَفْسَها..ثَوانٍ وَ وَجعٌ خَفيف بَدأ بِشَدِّ رَحْله بَين ثَناياها..كانَ وَجَعٌ طَبيعياً يَزور الإنسان بَعْد أن ينتهي من يَوْمٍ مُقَيَّد بالتَّعب..أَسْكَنَت يُمْناها خَدَّها وَ اليُسْرى أَبَت أن يَسْرق النَّوْم صَحْوة هذين الزَّوْجين دون تَلاحم و اقْتراب..فهي اخْتارت أن تَغْفو بَيْن خُطوط كَفّه الواسعة..فذراعه اليُسْرى كانت مُمْتَدَّة ناحِيتها وَ هي حُرَّة من ذلك الغِطاء..ضَغَطَت على يَده وَ عَيْناها مُتَعَلِّقَتان به..النَّوم يُشاغِب أَهْدابها..تغمض ثُمَّ تُبْصِر مِثْل أَمْواجٍ تَمْتَدُ و تجزر..كانت تُعاند النَّوْم تُريد أن تَحْرِس مَريضها..لَكِنَّهُ في ثَوانٍ كَسَرَ عِنادها وَ جَثَم فَوْق جِفْنَيها وَ اسْتَولى على وَعْيِها..،لا تَدْري كم من دَقائق باغَتتها قَبْل أن تَسْتَيْقِظ فَزِعة من صَوْت سُعاله..عَيْناها باتّساع تائه تَنْظران إليه وَ هُو يَزيد في انْكماشه و السُّعال الجاف يجْرح حَلْقه بِحِدَّة..لَحَظات وَ بَدأت تَرْمِش باستيعاب..اقْتَربت منه هامِسَةً بِقَلق،:فيــصل!
ضَغَطَت على كَتِفه وَ هي تَسْمَع تَأوّهه الذي أَرْبَكَ نَبْضَها..تَساءَلت عندما رَفَع رَأسه و تَجَلَّى لِعَينيها وَجْهه المُحْمَر،:حَبيبي في شي يعورك؟
أَشار إلى جوانب بَطْنه و هو يَسْتَلقي على ظَهْره دون أن ينطق،وَ الحاجِبَين قَد قَيَّدتهما عُقْدة الألم..لِتُجيب هي بِحَنو و َيَدها تَحْتَضِن وَجْنته،:عُمري ضلوعك تعورك من الكحَّة..بتاخذ وقتها و بعدين بترتاح منها إن شاء الله
زَفْرة وَهِنة فَرَّت من بَيْن شَفَتيه..الإرْهاق قَد عَرْبَد بَين طَيَّات مَلامحه حَتَّى نَحَت أَثَره..وَ كَأنَّما الذُّبول قَد ابْتَلَع يَنع وَجْهه..،هي كانت مائِلة عليه و تنظر له من عُلو بَسيط..يَد اسْتَقَرَّت على كَتفه..و الأخرى كانت حُضْناً دافئِاً لِوَجْهه..خصلاتها المُلْتَبِسة تَمَوّجات ناعِمة كانت تَتَدَلَّى ماسَّة أَعْلى صَدْره و عُنُقه..فَتَح بَوَّابة عَيْنيه سامِحاً لِجنانه أن تَمْضي وَ تَتَكئ على بَصره..حَتَّى لا يَرى سِواها...،بَدَأت العُقْدة تَزْحف بَعيداً عَن وَجْهه شَيئاً فَشيء..مُفْسِحة المَجال لابْتسامة مائِلة أن تُلاعب شَفَتيه..بادَلته البَسْمة وَ هي تُلاحق مَسير حَدَقَتيه..كان وَ بوُضوح يَتَأمَّلها..يَتَأمَّل كُل مافيها..وَ مَعَ كُل نَظْرة تُرْسلها عَيناه النَّاعِسَتان،يَزْرَع وَسَط رُوحها جِنان جَديدة تُنْسَب إلى رَحْمِ عَيْنيه...،رَعْشة خَفيفة تَقافَزَت بَيْن أوْصالها عندما اسْتَشْعَرت مَلْمَس كَفّه المُتَّقِدة..مَرَّرَها على ذراعها المَكْشوفة و نَحْرها قَبْلَ أن تَسْتَقِر عَلى جَانب عُنُقِها..اقْتَلَع صَوْته من بَيْن حَشْرَجات المَرَض لِيَقول مُؤنّباً بِبَحَّة مُرَكَّزة،:جِنان ليش مو لابسة عدل! برد حَبيبتي
دَغْدَغَت مَسْمَعيه ضِحْكة خافِتة تَبَسَّمَ لها و هي تُجيبه هامِسة وَ أَناملها تَتراقص على خَدّه،:عُمري فيصل الجو عادي..مو برد..بس لأنك إنت مريض..فَتحس بالبرد
مَرَّرَ لِسانه على شَفَتيه دُون أَن يُعَقِّب مُواصِلاً رِحْلة تَأمّله التي اسْتَمَرَّت لِدَقائق ضاع حِسابها عن عَقْلَيهما الهائِمان..فالبِنَّظَرِ يَسْكر العاشِقون..،رَمَشَت بِخِفَّة مُنْتَبِهة لِهْمسه..وَ حواسها مُتَيَقِّظة لِلمسات يَده..،:وَحشتيني..كأنّي من زمان ما شفتش "تَخَلَّلت أصابعه مَوْجَها المُتَأرْجِح" ابي أقرّب أكثر،بس أخاف تنعدين
اتَّسَعت ابْتسامتها وَ اقْتَرَبت..اقْتَرَبت حَتَّى مَسَّ أَنْفَها أنفه..ضحكة مَبْحوحة يُخامرها نُعاس شَهي داعَبت أُذنها ثُمَّ تَبِعها تَحذيره،:حَبيبي تَرى بتمرضين
قَبَّلَت قِمَّة أَنْفه المُتَوَرِّدة ثُمَّ هَمَسَت بِوَلَه،:حَيَّاه المَرَض إذا كان منّك
هَمْهَمَ بالرَّفض وَ هُو يَسْتَقِر بِكَفّه على كَتِفها،وذراعه الأخرى تُحيط بخصرها..رَفَع كتفه الأيْمَن وَ بهدوء اسْتَدار يساراً لِيُرْخي جَسَدها على السَّرير..أَنَّبته و هي تَرى انْكماش مَلامحه إثْر زيارة الألم مُجَدَّداً،:فيصل ليش جذي! الحركة غلط،تعوّر نفسك زيادة
جَذبها إلى صَدْره هامِساً بِجفْنان مُسْبَلان،:أُششش..ماعليه...نامي إنتِ اللحين..من الصبح قاعدة "أبْصَر وَ هُو يُخْفِض رَأسه لها..و النَّوْم يَعْزف بأوْتار عَيْنيه لَحْنَهُ النَّاعِس..هامِساً بِبَحَّة لِعيْنَيها المُتَّخِمَتَيْن شَوْقاً" خل أصير زين بس..ما بيكون في خَلاص من فيصل
ضَحَكَت بِخِفَّة و الابْتسامة تُوْمض نُجوماً وَسَط المُقْلَتين..هَمَسَت مُعَقِّبة و كَفَّيها تَتَمَسَّكان بهِ بشِدَّة رَقيقة،:إن شاء الله بتصير زين بعد عُمري
أَغْمَضَت باسْتِكان و هي تُرْخي رَأسها أُكْثَر فَوْق صَدْره..هُناك..بالقُرْبِ من جَواه المُتَيّم بها..مُنذُ ماضٍ هي تَجْهله!...ارْتَبَكَت أَهدابها إثْر تَماسٍ مَلِق..كَقَطْرَةِ نَدى..كرَفْرَفة جِنحان حَمامة مُتَسَرْبِلَة بِبَياضٍ نَقي..و كَخُطوات أصابع عازفٍ مَاهِر..يُداعب مَفاتيح آلته الثَّمينة..كانت شَفَتاه اللتان حَيَّتا جَبينها النَّاعِم..عَطَّرهُ بِثَلاث قُبْلات..مع كُل قُبْلَة يَرْتشف عَبَقاً من جِنانه..يُعَلِّقه زَهْراً على جُدْران رُوحه..دُون أن يَعْلَمَ أَنَّه يَجْمَعُ الزَّهْرَ ذِكْرى لِمُسْتَقْبَلٍ سَيُمْسي بَلْقعاً من جِنان..،قَرَّبها منهُ أَكْثَر و في الجَوى أُمْنِية..أَن أيالَيْتَ الحَبيبُ يَلْتَحِم بأَضْلاعي فَيَقَرُّ نَبْضُ قَلْبي بِشَهْدِ مَبْسَمه..،
كانَ الخَدَرُ قَدْ خَيَّمَ على حَواسها عندما اسْتعانت بِصَوْتها الذي خَرَجَ وَجْساً يَغْفو فَوْقَ سَحابة الحُلْم،:حَبيــبي...جسمك حــار
هي كانت تَرْسِم مَلامحها على عُنِقه..وَ جَسَدها قَد تَكَوَّرَ جَنيناً بَيْن ذراعيه..أَسْكَن شَفَتيه شُرْفَة مَسْمَعِها وَ هَمَس..،:ماعليه جِناني..ماعليه..
خَبَى صَوْتَيهما..الْتَحَفا بِرداء الفَجْرِ السَّاحِر..و القَمَرُ يُمَتِّع ناظريه بِلَوْحة يَبْتَسِمُ لها فِراقٌ خَبيث...هي لا تَدْري..هل وُلِدَ الصَّوْتُ من رَحْمِ أَحْلامها..أَم أَنَّهُ كان وَليدَ رُوحه المُطَعَّمة بالأسْرار...بَحَّته الغافِية عَزَفَت لَحْناً لَذيذاً طَرُبَت منهُ أُنوثتها..،:تدرين جِناني..كنت برفض لندن..كنت برفض بعثتي..قلت...ما بيها...ما أتحمل أبتعد عن سر قَلْبي..بس..سلمان،قال لي..روح عشانها..عشان ترفع راسها..و تكون كَفو لها..و سافرت..بدون أي لِقاء..انتظرت أقرب إجازة..كان كريسماس..و الدنيا ثلج و البرد يزيد من شوقي..رجعت و من المَطار..قلت لأبوي ابي أروح...ابي أروح بيت عمتي..و ما رد لي طلب "ضِحْكة خافِتة تَعَلَّقَت قِرْطاً بأذنها" شكّيت إنّي كنت مفضوح قدامه..سلمت على عمتي و تركت أبوي منشغل معاها..و طلعت برا..التيلفون على أذوني.. يعني..إنّي مشغول..و بريء..كان ظهر..و الشمس كانت متخبية..تعاضدت ويا الشتا و رحموني..انتظرت..مادري جم انتظرت..لين التقت العيون..ابْتَسَمت..و كنت أظن عيونش مرايا بتعكس لي الابتسامة و بترتوي روحي..بس ما لقيت غير الجُمود..لكن القَلْب صَبَّرني و همس لي..المهم سَلَّم النَّبض...سَلَّم على بَحْر عيونها...

,

رَنين هاتفها انْتَشَلها من غَرَقٍ يَقْتات على صَبْر الرُّوح..الماضي مُرْهِق و يَرِثُ وَجَعاً لا يُطاق إذا هُو تَمَسَّكَ بالحاضِر بَيَدٍ مَبْتورة الأصابع...كان عَليًا..أَجابت و هي تُصَفّي صَوْتها من أَتْرِبة الغَصَّة،:ألو علاوي "انْتَبَهَت لِنَدى التي دَلَفت..عُقْدة اسْتغراب تَوَسَّطت حاجِبَيها قابَلتها سُخْرِية من رَفيقتها..مَتَى خَرَجَت!..انْتَبَهت لنِداء عَلي..مَرَّرت لسانها على شَفتيها و هي تَقول بِحَرَج" سوري علاوي..عيد اللي قلته ما سمعت "أنصَتت إليه جَيَّداً قَبْلَ أن تنطق باهْتمام" ايــه..خلهم دُول قريبين من بعض..عشان ما تتعبون في التنقّل "صَمَتت تَسْتَمِع له قَبْل أن تَقْتَرِح" شوف بعد النمسا و سويسرا..تمام مع فرنسا "تَبَسَّمت برحابة لِحَديثه ثُمَّ عَقَّبَت مع وُقوف نَدى أَمامها" حاضرين لك حَبيبي..إنت شوف و عطني خَبر... .. انتظرك
أَخْفَضَت الهاتف و هي تُفْصِح عن تَساؤلها،:متى تركتين الغرفة!
مالَ جَسَدها و هي تَتَخصَّر ساخِرة،:وقت ما كنتِ هايمة في ذكرى الحَبيب..صمٌ بكمٌ بس العيون زايغة..ملّيت وقمت عنش
زَفَرَت تَخَبَّطها و هي تَمْسح وَجْهها الباهت..وَقَفت مع اسْتفسار نَدى،:شنو كنتِ بتقولين؟
مالت شَفَتاها بِعبوس لِتُجيب و هي تَسْتدير مُبْتَعِدة ويَدها تقبض على هاتفها،:مالي خلق اللحين..خليها لوقت ثاني
هَزَّت رَأسها بتفهم مُتَمْتِمة،:على راحتش "الْتَقَطت قَميص طِفْلها الذي تَرَكت جِنان تُجَعّده بِثِقْل أَحْزانها و هي تقول" بتتعشين معاي ها..منصور معزوم
وافَقَت هي التي كانت تَقِف أمام المرآة،يد ممسكة بخصلاتها أعلى رأسها و الأخرى تستعد لِعَقدها،:أوكي ماعليه "رَنين الهاتف عاد مُفْصِحاً عن اتصال ظَنَّته من علي الذي كانت تنتظره..لذلك رَفعت الهاتف لأذنها و عَيْناها مُتَعَلّقِتان بشعرها" هَلا حَبيبي..



مَضَت السَّاعات سَريعاً..كَقِطار اسَتَقَلّاه عائدان للماضي البَهي..فَتَحا الأبواب،وَ مَسَحا عن الصَّناديق غُبار الإهمال..أَطْلَقا سَراح الكَلِمات..و أَلْبَسا الضِّحكات جِنحان..لِتَعْلو بِهما إلى سَماء الفَرَح و الحَنين للذكريات..تَحَدَّثا كَما لَو أَنَّهما في الحُقْبة التي جَمَعتهما وَ هُما صَديقين فَقط..نَسِيا الرّباط المُقَدّس الذي نَثَر غَرابة خانِقة بينهما..كان طَلال فَقط..الرَّجُل الصَّغير..صَديق الطُّفولة..وَ كانت هي صَغيرته أو "نتفته" التي يُبْصِر من خِلال وُجودها..وُجوده..،قالت بِعِتاب و هي تُخْفِض لِمُسْتوى حضنها كَأس الماء المُتَمَسِّكة به يَديها،وَرَأسها يَميل بِخِفَّة،:للحين طَلال ما عقلت! حَرام عليك خَسّرت روحك أشغال ممتازة بسبب تصرفاتك
عَقَّبَ بابْتسامة واسِعة وَهُو يَمُد ذراعيه على ظَهْرِ الأريكة باسْترخاء،:بعد ما أحب أحد يتأمَّر عَلي!
نَطَقَت مُوَضِّحة بِهُدوء،:طَلال كل شخص يتوظف لازم بيكون في من هم أعلى منه يعطونه أوامر.. و هالأوامر مو استنقاص..بالعكس هذي دروس..مثل المُدَرّس اللي يأمر طلابه ينتبهون و يدرسون و يحلون الواجب..يعني اللي بيشتغل لا يفكر بتنتهي فترة تعليمه..بل بيبدأ مرحلة التعليم الحَقيقية..التطبيق شي مُختلف تَماماً عن الكلام اللي على الورق..
صَمَت للحظات مع تَعَلُّق حَدَقَتيه بالفَراغ..أَخْفَضَ إحْدى ذِراعيه باسِطاً كَفَّه فَوْقَ فَخْذه..وَالأخرى اتَّجهت لظهره لِيَدْعَكَهُ بِأصابعه..قال وَهُو يَعُود بِبَصره إليها،:يمكن مو متعوّد على هالوَضع لأنّي ما كملت دراسة
اسْتَقَرَّت بالكَأس عَلى الطَّاولة الفاصِلة بَيْنهما..تَقَدَّمَت للأمام مُتسائِلة بِجِدّية،:وَلا مَرَّة فَكَّرت تكمل دراستك؟
هَزَّ رَأسه بالنفي،:لا "وَبِصَراحة" يمكن مرة أو مرتين فكرت في الشي..بس بسرعة أشيله من بالي..لأن ما أحس أقدر "شَخَر ساخِراً" وَاللحين صرت شكبري..فما في أَمل
ارْتَفَعَ حاجِبها وَمِن عَيْنَيها فَرَّ الْتِماع واثِق أَجَّجَ من انْتباهه،:في اللي أكبر منك كملوا دراستهم وعلى مستويات عالية بعد..بس أهم شي تثق بنفسك و تكون عندك رغبة حقيقية
نَظَرَ لَها لِثَوانٍ..أَو..نَاظَر ثِقَتها وَتَأَمَّلها..ثِقَة تُخامرها رَغْبة جُموحها جَلي وَإن سَعَت في إخْفائه..ابْتِسامة مائِلة شَدَّت شَفَتَيه وَعَقَدت حاجِبَيها لِغَرابتها..هُو الذي كان يَجْلُس مُقابِلاً لها،تَقَدَّمَ بِجذعه للأمام..أَرْخَى ساعِدَيه عَلى فَخْذَيه..شَبَكَ أَصابعه ثُمَّ قال بِخُفوت،:أَدري إنّ الدراسة شي مُهم عندش..و إن يكون زوجش متعلم
الحِدَّة سَيْطَرَت عَلى مَلامحها وَهي تَقول بِتَحْذير،:طَلال لا تفتح الموضوع..ترى يضايقني..واجد مو شوي بعد "زَفَرَت وَأصابعها تُبْعِد خُصلات غُرَّتها عَن عَيْنيها وَهي تُكْمِل بِنَبْرة أَنْدَتها بالحَنان" طَلال العلم شي جدّاً جَميل..و إنّك تدرس و تغذّي فكرك و روحك هذا شي يحبه رَبّي و يحث عليه في كتابه..و إنّك تكمل دراستك فهذا الشي لك و لذاتك قبل لا يكون لأي أحد ثاني..أنا ما أغصبك..بس حابَّة إنّك تشوف هالموضوع من الجهة اللي أنا أشوفها..لمصلحتك "أَخْفَضَت رَأسها وَهي تُدير معصمها تَسْتَفْسِر الوَقت..اسْتَطْرَدَت" تأخرت على البيت
قال باعْتراض عندما رَآها تَقِف لِتَرْتَدي عَباءَتها،:ليــش!اقعدي بعد..تعشي وبعدين روحي
أَغْلَقَت أَزْرار العَباءَة ثُمَّ شَرَعت في ارْتداء حِجابها مُجيبة بِخَجَل،:لا طَلال..من زمان أنا اهني..و الحمدلله تغديت "تَبَسَّمَت وَهي تَسْتَقِر بالحَقيبة عَلى كَتِفَها" مَشْكور على السّمچ اللذيذ..تسلم إيدك "أَكْمَلَت مَع تَحَرُّكها إلى الباب" ذكرتني بأيَّام أَوَّل إذا تشوي لنا إنت وعبدالله
وَقَف لِيَتَّجه إليها ناطِقاً بابْتسامة عَذْبة،:عليش بالعافية..وأي وقت تشتهين قولي لي بصيد لش فرِش و بشويه
بادَلَته العُذوبة ذاتها وَ عَيْناها تَسْتَرِقان النَّظَر لِرَماد عَيْنيه،:تِسْلم..ماتقصّر
الْتَفَت يُلْقِي نَظْرة على الوَرْد الذي زَرَعته بِرِقَّتها وَسَط مَسْكَنه،:إنت بَعد مشكورة على الورد الحلو "عادَ لها وَهُو يُكْمِل" ما كان له داعي تكلفين على روحش
ارْتَفَع كَتِفُها بِخِفَّة..بالتَّوالي مَع مَيَلان رَأسها له..لِتَرْتَسِم أَمام قَلْبه حُلَّة خَجَل جَذَّابة..هَمَسَت بابْتسامة مائِلة و أَهْدابها المُلْتَوِية فِطْرَةً دَاعَبَها ذلك الخَجَل،:عــادي..اعتبرها هدية زيارتي الأولى لشقتك
أَوْمَأ بِرَأسه ثُمَّ هَمَسَ بِرِقَّة،:تُشْكَرين على الهدية اللي تيَنّــن..مثل صاحبتها
حَرارة لاسِعة ها هي تَشْعر بها تَدْنو من جَسِدها..اسْتَنْفَرَت حَواسها من تِلْك اللَّمْعة التي رَأتها تبزغ من عَيْنيه..كَشُعاع شَمْس..أَو أَنَّها قَفَزَت بِتَحْلِيقٍ عَذْب..كَقَطْرة ماء تَحَرَّرَت من هَدير شَلَّال مُهيب! وَكَلِماته..كَلِماته التي أَتْقَن اختيارها طَوال جُلوسهما حَتَّى يَطْرد الغَرابة من بَينهما..ها هُو يَعُود وَيُطْلِق سَراح بَعْضِها...وَالغَرابة..هاهِي تَبْدو أَمَامها مُتَقَلِّصة..لَيس كَثيراً..وَلَكِن للحَد الذي يَسْمَح لِنَبْضَها بأن يَرْتَبِك...،تَنَحْنَحَت مع الْتِفات رَأسها للباب..أَمْسَكَت بالمِقْبَض لِتَقُول بِبحَّة واضِحة،: مع السَّلامة
عَقَّبَ وُ هُو يَسْتَقيم في وُقوفه،:بنزل معاش..بوصلش للسيارة
حَرَّكَت رَأسها بالنفي،:لا طَلال ما يحتاج..كلها خطوتين
تَساءَل،:أَكيد؟
هَزَّت رَأسها وَهي تفتح البَاب،:ايــه أَكيد
هَمَسَ بَعْدَ أن انْفَصَلَ جَسَدها عن المَوْضِع الذي احْتَضَن تَمازج أَنفَاسهما،:انتبهي لنفسش وطمنيني من توصلين
هَزَّت رَأسها وَ ابْتسامتها الأخيرة تَعَلَّقَت بِحُجْرات قَلْبه،:إن شاء الله
لَوَّحَت له وَكَأَنَّها تَهْدي وَعْيه لِلواقع..فقربها منه قَد قاطَعه ابْتعاد لا يدري مَتى سَيُفْنَى..مَتى سَتُشْفِق عَلَيْنا المَسافات وَتَنْتَحِر؟ وَمَتى سَيكْتَفي الفِراق من الإقْتيات على صَبْرِ الجَوْى؟ مَتى!...اسْتَدارت..خَطَت..ثُمَّ غابَ طَيْفها وَ انْطَفَأَت تِلْك اللَّمعة..وَ سَكَنت الشِّفاة من ارْتعاشة ابْتسامات أَسْقَمها النَّدَم..،أَغْلَقَ الباب الذي اسْتَوى سَنَداً لِظَهْره المُثْقَل،رَأسه ارْتَفَع عالِياً بإغْماض،وَمن الصَّدْرِ ارْتَفَعَ شَهيقٌ عَميــق..كَأنَّما كان يَبْحَثُ عن شآبيب تُغْدِق عليه بِعَذْبٍ يَرْوي القَحَط الذي أَهْرَم ذاته..أَنْهَكَهُ ذَنْبُ الماضي..فالسَّاعات التي جَمَعتهُ مَعها كانت تُنَغِّصها رِياح التَّأنيب التي تَجوس بَيْن الحين و الآخر في طُرقات ضَميره..هُو قَضَى أَكثر من نِصف الوَقت في الحَديث..تَحَدَّث عن طُفولتها..لَعِبها..تَعَلُّقها به..دراستها..عَملها وَ كُل شَيء وَ أي شيء..حَتَّى زَواجها و انفصالها كان له نَصيب من الحَديث..أَراد فقط أن يَحْبِس زَعيق رُوحه المُذْنِبة لِبَعض الوَقت..وَلِيَجْعَل رُوحها مُسْتَوْطَناً للرَّاحة و الأمان إذا هي معه..بَعيداً عن ذلك الكابوس الأَسْوَد..أَخْفَضَ رَأسه وَمن قَلْبه فَرَّ زَفيرٌ مُرْهَق..أَبْصَر لِتَلوح إلى عَيْنيه تِلْك التي حاكَت جَمالها و رِقَّتها..الشُّحوب شَدَّ شَفَتيه كاشِفاً عن ابْتسامة لَيْست بالابْتسامة..غَفَى حَنانٌ مَكْسور على جِفْنيه..وَنَبْضُه المَهْموم هَمس،:ما استاهل طُهْرش نُور..ما استاهل



أَغْلَقَ باب الشِّقة بالتَّوالي مَع ارْتفاع يَدَهُ اليُسْرى لِتُطْلِق سَراح صَدْره بِفَك أَزْرار قَميصه..الجُزْء العلوي من جَسده تَجَلَّى مَع تَوَسّطه غُرْفة النَّوْم..أَلْقى القَميص عَلى السَّرير وَعَيْناه تَتَفَحَّصان الأرْجاء..لَيْسَت في غُرْفة الجَلوس وَلا هُنا...ابْتسامة تَتَصاعَد منها لَذَّة مُسْتَمْتِعة بانَت عَلى شَفَتيه..إذن هي هُناك..تُحَلِّق كَفراشة تُراقِص السَّماء حيناً..وَتُقَبِّل زَهْوَ الأرْضِ أَحيان..،خَطَى قاصِداً الرَّبْوة التي تُداعبها خُطواتها الهامِسة..تَوَقَّفَ أَمام الباب..صَوْتُ المُوسيقى حَيَّا مَسْمَعَيه باسْتيحاء..فَتَحه لِتَغْمِر المَعْزوفة حَواسِه بِهُدوء..للحَظات كانت الابْتسامة تُلازم شَفَتيه،قَبْلَ أن يَنْسِفُها تَكَوُّم حَمامة لا يَدْري أَيُّ ريح نَهَبَت جَناحَيْها..تَحَرَّكَ نَحْوَها بِمَلامح هَدَّلها القَلَق..جَثى عَلى رُكْبَتيه خَلْفها تَماماً،حَيْثُ اسْتَوى صَدْره مَخْدَعاً لِجَسَدها الضَّئيل..كانت مائلة إلى الحائط و الإعْياء سَحابة سَوْداء تَصَفَّدَ جَبينها من اسْتفراغها..يَد كانت أْصابعها تَرْتَعِش وْهناً وْهي مُتَشَبِّثة بالعمود الخَشَبي..و اليَد الأُخرى قَد أُسْبِلَت على فَخْذها..كان جُلوسها مائلاً كَغُصْنٍ لاعَبَتهُ رياح الرَّبيع دُون أَن تَعْلم أَنَّهُ من جِذْع الرِّقة قَد تَفَرَّعَ..أَحاطَ حَنينه بِذراعيه المُتَشَبِّعَتان دِفْئاً..قَرَّبَ وَجْهه من جانب وَجْهها،كانَ رَأسها مُستنداً عَلى يَدها،تَعَلَّقَ قَلْبه بِجفْنيها المُرْتَعِشَيْن وَحواسه مُنصتة لِسَكَنات جَسَدها المُلْتَجِىء إلى حُضنه..طَمْأنه هذا الإرتعاش..إذن هي واعية،هَمَس وَهُو يَمس أَهدابها بِنَبْرة حَنان طَغى عَليها خَوْفٌ جَمَّد حَرَكة عَدَسَتيه،:حَنين عُمري شنو فيش؟
أَزاحت الجِفْنان كاشِفة عَن عَسَلٍ عَكَّرَ صَفْوه دَمْعٌ مُتَخَثِّر..كانت عَيْناها مُتَكَحِّلتان باحْمرار طَفيف يَحْكي عَن التَّعب..تَساءَل من جَديد عندما رَأى كَيف اسْتجابت شَفتاها لِأمر الدُّموع وَتَقَوّسَتا بِبُكاء..،:حَبيبتي! خوفتيني..ليش جذي وضعش!..بشنو تحسين؟
احْتَضَن وَجْهها بِكلتا يَديه مُكَفْكِفاً دُموعها التي تَطافَرت بإسهاب،وَكأنَّها كانت تنتظر قُدومه أو سُؤاله..ارْتَخَت مَلامحه عَطْفاً كَسَرَهُ قَلَقٌ شَديد،:حَنين واللي يرحم والديش قولي شنو فيش..متعورة؟ سامعة شي؟ أَحد رامي عليش كلمة ضايقتش؟ مريضة أو شنو!...حَنين!
فَرَّت من صَدْرها شَهْقة خافِتة تَبِعها صَوْتٌ أَخنَقتهُ الدّموع،:مادرري..."رفعت يَدها بِرجفة تشير إلى صَدرها مُحاولة أن تشرح له عن خَفقان قَلبها الغَريب" قَلبـ ـي...يدق..قَلبـ ـي..واجد يددق..بسـرعة قاعـ ـد يدق...."تَنَشَّقت قَبْل أَن تُكْمل بِتَيه"مادري شلون حسيـ ـت..حسيت بدوخة،فجأة..غمامة على عيوني..و ماقدرت...قعدت لأني حسيت بطيـ ـح..
احْتَضنَها سَريعاً مُحْتَوِياً فَزَعها..أَرْخى رَأسها على كَتِفه قَبْل أَن يترك قُبْلة بَيْن كَتِفها وَ عُنِقها..داعبَ خصلاتها المُتَمَرِّدة قائلاً،:حَنيني لا تخافين..عُمري يمكن هبوط..خنروح المستشفى نتطمن بعد
رَفَعَت رَأسها لِتَتَضّح مَلامحها المُمَرَّغة بالأحمر،الْتَقَطَت بضع أُكسجينات بِثقل ثُمَّ قالت،:لا ما له داعي
هَمَسَ لها وَذراعه تُحيط خِصْرها،:زين قومي معاي "تساءل عندما تَحَرَّكت"تقدرين تمشين أو تبين أحملش؟
بِصَوْت مُنْخَفِض وَهي تَمسح بَقايا دُموعها بظاهر كَفَّيها،:لا أقدر أمشي
أَوْقفها معه بِحركة رَشيقة ثَمَ مَشى معها بهدوء وَحذر لِغرفة الجُلوس دون أن تِفارق ذراعه خِصرها..أَجلَسها على إحْدى الأرائك ثُمَّ اسْتَكانَ عَلى الأَرض أَمامها..عِند قَدَميها المِتَدَلِّيَتين..ابْتسامة حَنان سارَعت إلى شَفَتيه عندما أَبْصرت عَيْناه حَرَكاتها..هي أَسْنَدَت ظَهْرها للأريكة بإرهاقٍ أمال رَأسها وَأَجْبَر عَيْنيها على مُعاودة الإغماض..انْخَفَضَت حَدَقَتاه الفائض منهما عَطْفٍ وَاهتمام لِقَدَمَيها..تَحَرَّكَت يَداه وَبخفّة راحت أَصابعها تفك شرائط حذاء الباليه السَّوْداء،المُلْتَفَّة حَوْل كاحِليها النَّحيلين بِعناق أُنثوي ناعِم..تَرَك الحذاء جانباً..ثُمَّ أَخذ يُمَسِّد قَدَميها بضغطات خَفيفة وَطبيبة تبعث الإسترخاء..رفع رأسه يُريد أَن يُتابع تطورات ملامحها..تَبَسَّم بِسِعة لِقلبه الذي اضطَّربَ عندما لاحَ لِنَبْضه الْتماع عَسلها..بادَلته الإبتسامة بِتَعَب وَهي تهمس،:شُكْراً بسَّام
شَدَ بِمَلَق عَلى قَدميها قَبْل أَن ترتفع يَداه لركبتيها بأصابع مُتشابكة..اتّكأ ذقنه فوقهما وَهو يَهمس لها وَعيناه تسترقان النظر إلى مَلامحها التي أخذ البهوت ينحسر عنها شيئاً فشيء..،:بعد قلب بَسَّام..ما بينا شُكر"غمز لها بابتسامة مائلة ثُم وَقف قائلاً"بروح اسوي شي خفيف تاكلينه
تغضنت ملامحها،:لا بسام ما يحتاج..مو مشتهية
وَهو يتحرك،:بلى يحتاج
رفعت رأسها تتابعه،:بسام ترى ما باكل
هو الذي دلف للمطبخ قال بصوت بعيد قليلاً،:شي خفيف لا تخافين مو مچبوس
عادت وأرخت رأسها باسْتسلام..لا حيلة لها لِمُجادلته..أغمضت عينيها..تنهدت بعمق،ثُمَّ خَرج زَفيرها مُذيلَّاً ببعض تعبها..أحداث الدقائق الماضية عادت وَجثمت على صدرها..أثقلت قلبها خَوْفًا..ماذا لو فقدت الوعي وسقطت؟ربما انجرح رأسها..أو تضررت ذراعيها،أو ساقها..لكن شيء من هذا لم يحدث..زَفْرة راحة وامْتنان..الحمدلله..الحمدلله..،



أَيْقَنْتُ أَنَّ الحَياة ماهِرَةً في إخاطة أَكْفان سَعادَتِنا..مُذْ لَبَّى والِدي نِداء الفِراق الأَبَدي..وَهَا هي الحَياة تُؤكّد عَلى فَوْزِها وَإبْداعها الجَلي وَجِدَّاً على وَجْهَي والدَتي وَحُور..لَو كانت اللحْظة مُفْعَمَةٌ بالفَرح لَتَجَرَّأت وَأخرجت هاتفي لالتَقِط صُورة تُؤطِّر ما رُسِم على هذه المَلامح..لَكن أَنا لا تَجْرؤ عَيني عَلى تَحريك أَهْدابها..كُل ما هُو حَيٌّ داخلي قَد مات..مات وَأنا أَسْتَمِع لِحَديث الطَّبيب وَقراره..أَما أُمّي،وَتِلك الزَّوْجة المِسكينة..أَعْتَقِد أَنَّهما سَبِقتاني وَحَفَرتا قَبْران..كُل واحِدة منهما خَلَعت الوُجود وَأَلْقَته..لِتَبيتان عارِيَتان من مَشاعر تَنْعى بِكْراً وَتَنْدِبُ بَعْلا..،
بِمَلامح تُرَفْرِف حَوْلها الرَّتابة،:أَنا مُطّلع ومن سنين على حالة يُوسف "أَشار للوالدة مُواصِلاً" حَتَّى بَعد ما رفضت أُم يُوسف علاجه عندي..ظليت على دراية تامَّة ودقيقة بحالته ووضعه النَّفسي..لين قبل أَسابيع..وأشوف إن صار الوقت اللي يدخل فيه المستشفى...بات يشكل خَطر على نفسه وعلى الجميع..بقاءه في البيت من غير علاج جريمة
هَتَفت بإنكار حاد تراشَق من قَوْس أُمومتها المُحامي،:بس ولدي مافيه شي..ولدي عقله سَليم..أصحى من الكل..أكيد في شي غلط..على الأقل خل يقعد..يمكن عنده شي يقوله..
تَبَسَّم بِخِفَّة،:يا أم يُوسف ولدش صاحي مثل ما تقولين..بس في بعض المشاكل مأثرة على وضعه العام..يُوسف مو متزن مثل أي شخص طبيعي..فترة بسيطة يتعالج فيها وبيكون بألف خير "مالَ رَأسه رافِعاً يُمناه وَسَبَّابته نافِرة بِها هُو يُنَبّه فؤادها" ترى سَبَق واعترف لوالد زوجته بأفعاله..سَبَّب لها أضرار في جسدها لأكثر من مرة "زَمَّ شَفَتيه بِعَدم رِضا لِثواني قَبْلَ أن يُكْمِل وَهُو يَرْنو لِحُور بِطَرف عَيْنه" وَعلى ما يبدو أن زوجته تسكت وتخفي الأمر..وهذا أكبر غلط
ارْتَعَشَت حُور في مَكانها رَعْشَة بارِدة جَمَّدَت العَرَق المَسْفوك على جِلْدِها..أَنظار مَلاك وأُم يُوسف مُسَلَّطة عَليها بِصَدمة...وَهي قَد تَصَنَّمَت أَنْظارها على وَجْه يُوسف الغائب الحاضر..لَم تَكن تَعلم أَنَّه يَكْشف لوالدها عن أَفعاله الغَريبة..لِماذا! لماذا كان يعترف..والأَقسى من تَصريحه..لِمَ والدها كان الطَّرف الصَّامت!..الطَّرف المُتَخَفّي..وَ لا لِنصف مَرَّة تَساءَل عن عِلاقتها مع يُوسف..أَو حاوَل أن يَتَقَصَّى أَخبارهما..هُو حَتَّى إذا جاءَت تَتَداوى في حُضن والدتها بَعْد إزهاق رُوحها على يَد زَوْجها..لا تَسْمع منهُ اسْتفسار عن جِرح..وَلا اسْتنكار من وَجْهٍ كانت خارِطته الجُروح وَقارَّاته تَكَتُّلات دَمع..،
رَمَشَت بانتباه للصَّوت البارد القادم من ذاك الرَّجُل المُحيطة بهِ هالة من غُموض،:و التَّحاليل يا دكتور..ما خَبَّرتنا عنهم!
التَفَت الطَّبيب للنَّبْرة المُتَوَشِّحة بِمعانٍ مُشَفَّرة..كانت قادِمة من ذاك الرَّجُل الواقف على يَمينه..بَعيداً بِأربع خُطوات عن سَرير يُوسف..يَقِفُ بِثَبات وَجِذعٌ مُسْتَقيم..ذراعاه مَعْقودَتان فَوْق صَدْره بِقوَّة اتَّضَحت منها عَضَلات ساعِده..ضاقَت عَيْنا الطَّبيب بِتَفَحُّص..للمَرَّة الأولى يَراه..لا يَذكر أَنَّه قابَله مع يُوسف أو سلطان! ارْتفاع حاجِب مُحَمَّد وَشَبَح الابْتسامة المُبَطَّنة أَرْبكا ثِقَته وَاتّزانه..تَحَرَّك جَسَده قَليلاً وَهُو يَتَنحْنح..مَسَّ أَنفه بظاهر سَبَّابته لِيَقُول بِبَصَر يهرب للأسفل،:التحاليل سَليمة الحمدلله..مافيها أي مشاكل
تِلْك العَيْنان الغَبَشيتان..تَعَلَّقت بهما حَدَقَتي مَلاك التَّائِهتان..رَمَشَ مَرَّة..اثنَتان وَثَلاث..قَبْلَ أن يُحَرّك رَأسه بالنَّهي..حَرَكة بالكَادِ تُلاحَظ..يَنْهاها عَن تصديق حَديث الطَّبيب..يا إلهي..تُصَدِّقُ مَن وَتُكَذِّب مَن؟! ضَياع..ضَيـــاعٌ مَرير..يَقِفُ كَما الغَصَّة وَسَط حَلْقِها..زَفَرَت بارْتِجاف وَيَداها البارِدتان تَمْسَحان وَجْهها المَبْهوت..،
،:دكتور الإسعاف وَصل
أَخْفَضَت يَديها سَريعاً لِتَلْتَفِت جِهة الصَّوت..كان أَحد مُلازمي جَناح الطَّورائ..لا تدري أَطبيبٌ هُو أم ممُرض..ليس مهماً هذا الآن..السُّؤال هُنا..لِم الإسعاف!..جاءَها الجَوابُ من الطَّبيب،:لازم يُنقل من الطوارئ إلى المستشفى النفسي عن طريق الإسعاف..بكون أنا دكتوره مرافق له..انتوا تقدرون تمشون للبيت اللحين..وباجر بتصل بعطيكم خَبَر عن المبنى والجناح اللي استقر فيه
حُور التي ابْتَلَعها صَمْتٌ طَويــل..تَساءَلت بِتَرَدُّد وَرَجْفة،:دكتـ ـور...مــا..مايصير نروح معاه؟
هَزَّ رَأسه بالإيجاب،:بلى يصير..بس ما بتستفيدون شي..حالياً هُو مو واعي..و الزيارة أَساساً انتهى موعدها هناك..فالأفضل تروحون تريحون وباجر تجون له..العصر تبدأ الزيارة..
أُم يُوسف..أَم تُكَنَّى بِأم المَذْبوح؟...مَذْبوح الطُّفولةِ وَالشَّباب..وَيتيمُ الأب والابْتسامة..تَقَدَّمت حتى الْتَصَقَت بالسَّرير..انْحَنَت عَليه بِظَهْرها المُثْقَل..وانْحَنى مَعها دَمْعُها المُغْرِق مآقيها..امْتَصَّت تَعَبَهُ المَكْبوت بخُطوطِ كَفِّها المُلامِسة جَبينه..مَسَحَت عَليه وَكَأنها تُزيح اللاشيء لَعَلَّها تُكْشِفُ عن الشَّيء الذي طَمَسَتهُ قَسْوة ذاته..عن تَعِبه..وَحَكايا قَلْبه الأَبْكَم..وَدَّعتهُ بِشَفَتيها..أَهْدت الرَّأس قُبْلة..وَالخَدُ الأيْمن نِصْفُ قُبْلة..تَهاوى نِصْفها الآخر من عَلى مُنْحَدِر النَّشيج المَبْحوح..فَرَّت منها آه انْتَصَفَت قلْبَ مَلاك وَزَلْزَلته..تَحَرَّكت مُسْرِعةً تُريد أن تَلْتَقِط فُتات قُوَّتها قَبْل أن تَنهار كُليَّاً..ضَغَطَت عَلى كتِفَيها وَهي تَهْمِسُ والدَّمعُ يُشاغب بَصرها وَصَوْتها المَخْنوق،:يُمَّه لاتسوين في روحش جذي..اصبري..اصبري وادعي له..إن شاء الله بيكون بخير
نَطَقَت بِحَرْقة أَلْهَبت وِجْدان تاريخ الأُمومة،:مقهــوورة..مقهورة على ولدي..مقهورة على طفولته وَشبابه..مقهورة من هالدنيا اللي ماهي راضية تريحه..
هَدَّأتها وَهي التي لو لَم يَكُن لها كَرامة لاسْتَجدت الهُدوء و الصَّبر من البَشَر،:ابْتلاء يُمَّه..ما لنا إلا الصَّبر..رب العالمين معانا..أقوى من هالدنيا القاسية
ساعَدتها حَتَّى رَفَعتها عن جَسَد يُوسف السَّاكِن بِغرابة وَوِحْشة..لَوْلا حَرَكة صَدْره وَهفيف أنفاسه السَّاخنة لَظَنَّت الرُّوح أن المَوت قَد سَرَقه..تَرَاجَعتا قَليلاً مُفْسِحَتان المَجال للمُمرّض الذي أتى لِجَرِّ السَّرير..تَمَسَّك بِمُقَدِّمته..هُناك عند رَأس يُوسف..نَظَر للطَّبيب الذي كان يكتب بعض الكَلمات في الملف الخاص بِيُوسف مُنْتَظِراً إشارته..ثوانٍ وَرَفع رَأسه وُهو يُدخل القَلم في جَيْب معطفه الأبيض..أَشار للمَخْرج،:مَشينا
تَحَرَّكَ السَّرير..ذلك الجَماد الأشبْه بالقَبْرِ المُتَنَقِّل..تَحَرَّك مُتَقَمِّصاً بِعَجَلاته قَدَمَي يُوسف اللتان بُتِرَتا من أَلْغامٍ خَفِيَّة دُفِنِت في بَطْن النِّفاق وَالخداع..لِتَبْقى ذاته تائِهة..تُسَيِّرها أَباطيل وَأوهام خَبيثة..،مُحَمَّد أَحَلَّ عُقْدَة ذراعيه..وَفي المُقابل تَكَوَّنَت أَمامه عُقَدٌ عَديدة..لا يَدْري من أَين يَبْدأ لِفَكِّها..جالَ بَصَرهُ على لَوْحةِ الفَقْد المُفْتَخِرة بِبَطَلاتها الثَّلاث..أُم تَنُوح على كَتِف ابْنة تَم عَقْد قَرانها على اليُتْمِ والحُزْن..وَزَوْجة مُسْتَسْلِمة لِجَذْبِ مُحيط غارِق في السَّواد وَالصَّمت،وَ الضَّياعُ أَمواجه...حَشَرَ كَفَّيه في جَيْبي بِنْطاله..مالَ رَأسه بِتَفْكير..هَتَفَ داخله صَوْتٌ مُسْتَدرك...الشهرُ فَترة بَعيـدة..بعيدة وجدّاً حَتَّى تكون فَرْداً من هذه العائلة الحائِرة..هُن بلا رَجُل الآن..وَأنت الرَّجُل الذي اختارَ القَدَر أن يَطْبع بَصماته على صَفحات هذه الحكاية الكَئيبة..فَهل تَمْضي إليهن دون الإلتفات إلى الشهر؟...إذن..هَل آن الآوان؟! وَهذه الرَّزايا ماهي إلا تَباشير لِقُرب النَّجاة..نَجاة الذَّات من فَقْدِها المَنسي بَيْن سُجون بَرْلين؟ تَوَقَّفَ بَصَرهُ على وَجْهِ مَلاك..وَكَأَنَّ حَواسها أَنْصَتت لِلغوغاء المُحْتَدِمة في جَوْفه..رَفَعت جِفْنَيها لِتَنْقَض عَليها نَظْرَته العَميقة المُتَّخِمة بالأسرار..حَبَسَت نَفَسها في صَدْرها قِسْراً..رَجْفة مَرَّت وَأرْبَكت عَضَلات قَلْبها..ازْدَرَدت ريق الخَوْف المُتَخَثِّر وَسَط حَلْقِها..هي تَرى في عَيْنه خَبايا وَلكن لا تفهمها..كُل الذي اسْتطاعت رُوحها تَرْجمته هُو الخَوْف..رُبَّما للماضي العَتيق الذي كان يَجمعهما..حاَولت أن تَقرأ جَواباً مَكْتوباً على سَواد عَدَسَتيه..أَو أن تَلْتَقِط إشارة هي تَسْبح وَسَط مُقْلَتَيه..لَكن لاشيء..فعلاً لاشيء..وَلَم تَكُن تَعلم أن الغُموض هذا يَعيشه مُحَمَّد نفسه..كُل الذي يَعلمه أنَّ مَوعد اصْطدام فَقْديهما قَد اقْترب...وَجِدَّاً..،



حَبيبي..! تَقُول حَبيبي..أَلَهُ الكَلِمة؟ أَم أَنَّ فُؤادها تَمَلَّكَهُ حَبيبٌ جَديد؟ أَهُو أَحْمَد؟ أَم هي إلى رَجُلٍ آخر هَرَبت أَيْضاً من جَديد؟...حَبيبي..اضطَّرَبَت أَهْدابهُ وَ حارَ البَصَرُ إلى أَين يَمْضي..وَعلى أَيِّ بقعة يَسْتَقِر...شاغَبَتهُ صُورُ الماضي..وراحت تَسْكِب عَلى مَسْمَعَيه عَذْبَ حُبٍّ جَفَّ نَهْرُهُ وَانْدَفَن...حَبيبي..إلهي كَم اشْتاق لها..رَقيقة،تَرْتَدي نَبْرَة هامِسة مُثيرة..وَ كأَنَّ نَبَضاتها من تَنطِقُها لا لِسانها..... ..،
،:عَلي وينك؟
عَلي..عَلي..لحْظة...ماذا قالت...عَلي!
ضِحْكة قَصيرة ونَبْرة مُسْتَغرِبة،:عَلاوي وين اختفيت..أخاف جودو ما عجبتها الدول وَقَضت عليك!
خَبَى النَّفَسُ المُتَحَفِّز في صَدْره..وَ عادت نَبَضاته لانْطوائها الخامِل بَيْن حُجْراتٍ أَصْبَحَت أَكْثَر قَساوة من أَفعالها..مَرَّرَ لسانه على شَفَتيه قَبْل أن يَنْطق ببرود كان باطِنهُ غَضَب،:جِنان..أنا فيصل
حَرَّك السَّيارة في الوَقت الذي وَصَلتهُ شَهْقَتها الخافِتة..مالت شَفَتاه بِسُخْرِية..كَيْفَ سَمَح لِنفْسه أن يَعْتَقِد لِلحظة أَنَّ "حَبيبي" حَلَّقَت من قَلْبِها إليه؟ إلى مَتى فيصل؟ إلى مَتى وَأَنتَ مُنْصَرِفٌ عن عالم العُقلاء لِتَغْرَق في عالم الجِنان؟!مَتى سَيَسْتَوْعِبُ قَلْبك أَنَّهُ قادِرٌ على الحُب من دُونها..وَقادِرٌ على وِلادةِ نَبَضاتٍ تَرِثُ نَبَضاتِ أُنْثى غَيْرِها؟ مَتى؟ تَنْهيدة خافِتة..بِها شَيءٌ من تَعَبٌ وَحيرة غادَرَت رُوحه..قالَ بِهُدوء وَصَوْت طَبيعي،:متصل أعطيش خَبَر إن جَنى بتنام معاي اليوم
هي التي تَبَلَّلَت حَرَجاً من فِعْلَتها نَطَقَت بِرَفْضٍ مُتَرَدّد،:لا فيصل..أبيها تنام عندي
وَضَّحَ بِهُدوء،:جِنان البنت نامت عندش أكثر من المُدَّة إلا متفقين عليها..وَأنا ما قلت شي..بس اللحين اشتقت لها..ما أقدر بعد تغيب عنّي زيادة
هَمَسَت لهُ وَلَحْن المَرارة يُقَوِّس كَلماتها لِيَعْلو عُبوسها،:وَأنا فيصل..وَأنا شَقول اللي شوقي لها كانت تذبحه جِذبة الموت؟ كنت اشتاق لهـ ـا وأَدري ما بتنطفي حرقة قلبي فاحترق أَكثر وَأكثـ ــر..واللحين مستكثر عَلي جَم يوم معاها؟
اسْتَغْفَرَ بِهَمس ثُمَّ قال بِصَوْت يَتَّضِح فيهِ الضيق،:اللحين ليش هالحجي! ماله داعي هالدراما "زادت سُرْعته وَوَسَطُ عَيْنيه اشْتَعَلَ شَيءٌ مُخيف" أنا في الطريق جاي..خليها عندش لين حضرة جنابش تأمرين إنها تجي عندي
أَغْلَق الهاتف ثُمَّ أَلْقاه بِقَهر على المَقْعَد جانبه..جَنى كانت مُنْصِتة جَيّداً للمُكالمة التي دارت بَيْن والدَيها..حَواسَها البَريئة اسْتَشْعَرت الشَّرارات المُتَقافِزة منها وآلَمها ذلك..أَلْقَت نَظْرة على الهاتف المَسْكين وَهُو يُوْمِض دُون صَوْت..نَطَقَت تُنَبّه والده،:بابا التيلفون يرن
أَجابَ بِنَبْرة بِصُعوبة رَشِّحها من غَضَبِها عَلى الرَّغْمِ مِن أَنَّها خَرَجَت واجِمة،:ماعليه..خَلّيه
هي بانَت لَها القِمم المُسَنَّنة للجِبال الجَليديَّة التي بَدَأت بِتَسْوير والدِها..لِذَلك تَخَلَّصَت من وُقوفِها لِتَتَراجع جاِلِسَةً بِصَمْتٍ اضطراري..فَفي قَلْبِها الصَّغير رَغْبة لِلحَديث والإفْصاح عَن أسْئِلة حائِرة..إلا أَنَّها كَبحتها خَوْفاً من شَظايا والدَها..،
هُو...أَبِسْتِطاعة الكَلِمات أن تُتَرْجِمَه؟ هُو..هُو نَفْسه غير قادر عَلى فَهْمِ ذاته..دائماً ما كان يَسْقط في بِئر الحيرة كُلَّما تَعَلَّقَ الأمرُ بِها..يَظَلُّ غارِقاً في سُقوطه..يُفَتِّشُ عن أَجْوِبة تُمْلي الفَراغ البَغيض المُسْتَفْهِم داخله..أَصابعه تَتَشَبَّث بِتَصَدُّعات ذلك البئر العَميق..تُسْبِر أُغْوارها عَلَّها تَظْفَر بِمَفاتيح خَلاص..لَكِنَّه لا يَجِد سِوى السُّقوط..السُّقوط في بئر الجِنان المُر..ماتت العُذوبة مَع خِيانتها..وَلم يَبْقَ لَهُ سُوى مُخَلَّفات من مَرَّ وَاسْتَقى من بئرها..لا عَجَبَ في أَنَّهُ الآن يَحْتَرِق من الدَّاخل..هُو الذي واجَه خَبَر ارْتباطها بأحمد بِرَدَّة فِعْل غير طَبيعية..نَتَجَت عَنها تَصَرُّفات غير عاقِلة...لِنَكون واضحين..تَصرفات مَجْنونة..بَدَأها بِتِلْك الياسَمين..أَسْدَل جِفْنيه بِأَسى للحظات..قَبْلَ أَن يَعود وَيُبْصَر الواقع أَمامه..شارع سَريع يَمْضي بالمَرْكبات..كُلّ إلى وِجْهته..الإشارات هُنا وهُناك تُعينك للوُصول..فرصة الضَّياع نادِرة..وَإن حَدَثَت فالعَوْدة لا صِعاب فيها..على النَّقيض..فَلا هِداية في الحُب..والضَّياع عَباءة رَمادية تَتَّكئ عَلى كَتِف الحُب..حيناً تَخالَها سَوادٌ قاتِل..وَحيناً تُبْصِرُ منها بَصيص بَياض..فَفي الحُب أَنت لاتدري..هَل سَتَنْجو أَم أَنَّك سَتَظَل مُسْتَسْلِماً لِسُقوطٍ يَتيم من هُبوط؟! لا يَفهم ماذا أَصابه حينما عَبَرت أُذنيه تِلْكَ الكَلِمة..ذَكَّرته بـ"حَبيبي" تِلك..وَ"ياعُمري" التي نَطَقَتها لأحمد وَهي تُحادثه في الهاتف الذي حطَّمه بِتَحريض من غيرته..كَلمات هَكذا تَفْعل بك..تَجْعَلَك تَتَخَبَّط بَين نَبَاضتك..لاتَدري تُصَبِّرُ مَن أو تُضَمِّد جرح مَن! كَم أَنت ضَعيف فَيْصل..كَم أَنتَ ضيعف..،أَفْصَح عَن إحْدى الزَّفرات المُتَكَدّسة بَين حُجراته..بَدَأت أَصابعه تَطْرق عَلى المِقْود وَكَأنَّهُ يُحاول أن يَسْتَفرغ تَوتره من خِلالها..حَبيبي..حَبيبي هامِسة منها عَصَفَت بِذاته!

،

تَنظر لها وَهي تَجمع خصلاتها عند قمّة رَأسها بِأنامل مُسْرِعة،مَلامحها بَدا عَليها التَّوتر،خاصَّةً هُناك..حَوْل شُرْفة أَهْدابها..تَساءَلت باهْتمام عندما ابْتعدت عنها ناحِية عَباءَتها،:شصار؟
أَجابَت مَع إغلاقها للأزرار،:بيودي جَنى بيتنا..لازم أروح لها
حاجِباها شَاركا نَبْرتها الاسْتنكار ذاته،:زين إنتِ ليش متوترة هالكثر! "أشارت لِيَديها المُمسكتين بالحِجاب" حتى ايدش ترتجف!
رَفعتهما أمام عَينيها لِثوانٍ قَبْلَ أن تَعود لاستكمال ارْتداء الحِجاب هامِسةً،:عَصَّب "زَفَرت بارْتعاش ثُمَّ أَكْمَلت بِلَحْنٍ يَسْتَعِد لِرُكوب بَحْرٍ من دُموع" تعبت من هالوضع..مُتعب أكثر مما تخيلت
نَدى التي اسْتَنْشَقَت رائِحة البُكاء قالت بِمَلامح غَضَّنها الاشْمئزاز،:أقول روحي روحي..جبتين لي الهَم من هالكآبة و الدموع
نَظْرة أَمالها الحُزْن وَأبْكَمت من زَعَلِها الكَلِمات عَقَّبت عليها نَدى بِحِدّة خَفيفة،:ترى ما بتكسرين خاطري..قبل شوي خليتش تفرغين..بس هذا ما يعني إن كل شي يتعلق بفيصل مسموح إنّه ينزّل دمعش ويضايقش "أَمْسَكَت كَتِفها لِتَدفعها بِخِفَّة وهي تُواصِل مازِحة" أصلاً لأنّي عاطيتش وجه قمتين تتدلعين..روحي روحي..مع السلامة
قالت بنصف ابْتسامة أَغرقها الشّحوب بعد أن ابْتَلَعت دُموعها غَصْباً،:زين وصليني للباب عالأقل!



أُخْفِضَت النَّافِذة المُظَلَّلة كاشِفة عَن وَجْهٍ رُجولي..نَطَقَ بِمَللٍ أَغْرَقَ صَوْته وَ مَلامحه،:نَعم أَخ عَزيز..شبغيت؟
ابْتَسَم لِضيقه الواضح والذي حاوَل جاهِداً أن يُخفيه بِصَبغة المَلل..مال في وُقوفه وَهُو يَتَّكَئ بِباطن كَفَّه على سَقف السَّيارة،ثُمَّ أَجاب،:موضوع مهم شوي "أرْدَف وَعيناه تُشيران للمَنزل" نتكلم داخل أفضل "أَضافَ مُتَقَصِّداً" إذا مُرَحَّب فيني طَبعاً
رَدَّ بِحِدَّة تَراشَقَت من طَرف عينه،:مو من أخلاقنا نطرد ضيوفنا "أشار بيده لموقف سَيَّارته الداخلي" بس أبركن سيارتي وبفتح لك الباب
وَهُو يتراجع خُطوتان قَبْل أَن يستقيم في وقوفه وَيداه تَزوران جَيبي بنطاله،:تمام..انتظرك
تابَعَ المَرْكبة حَتَّى اسْتَقَرَّت في مَوْضعها الخاص..ثوانٍ وَخَرَج منها عَبدالله في الوقت الذي كانت تهمس لهُ شَقيقته،:عَزيـــز..شنو الموضوع المُهم اللي تبيه فيه؟ وليش جايبني معاك؟
أَجاب بهدوء بذات الهَمس وعيناه مُتعلقتان بعبد الله المُقترب منهما،:عشان تقعدين مع أخته
ارْتَفع حاجباها بذهول،:ليـــش! لايكون غيّرت رايك وعجبتك فكرة أمي!
أَلْقى عليها نَظْرة استخفاف دُون أن يُجيب على سُؤالها..هي كانت تُريد أن تستفسر أكثر لكن وُقوف عبدالله أمامهما أَجْبرها على الصَّمت..استمعت إليه وهي تنزوي خَلْف أخيها بخجل نصفه حَرج،:تفضلوا..حَيَّاكم
عَزيز بابْتسامة مُسالِمة،:يحيّيك "تَساءَل وَهُو الذي يَعْرِفُ الجَواب" أم عَبدالله الصَّغير موجودة؟
أَجاب عَبدالله،:ايه أكيد مَوجودة
وَضَّحَ،:تَمام..لأن أختي جاية لها "وَهُو يَرْتَدي قِناع حَرَج لا يُليق بِه" عاد سامحونا جينا بدون موعد
فَتَح الباب الدَّاخلي للمَنزل في الوَقت الذي التَفَت فيه لِعَزيز وابْتسامة سَمْحة تَشد شَفَتيه،:أفا عليك..ما دامك من ريحة عَمَّار الله يرحمه..فإنت مُرحَّب فيك في أي وقت ومن غير مواعيد
بادَله بابْتسامة صادقة،:تسلم
فَتَح لهُ باب المَجلس الواقع على اليَسار قائِلاً بَعد أن أضاء المَصابيح وَشَّغل المُكَيّف،:تفضّل..وأختك خل تتفضل داخل..ثواني على ما أنادي أم عبدالله تجيها
أَشار لِشَقيقته بِرَأسه حَتَّى تَتْبَع عَبْدالله للداخل..أمَّا هُو فَتَقَدَّم داخل المَجْلس ثُمَّ اسْتَقَرَّ عَلى إحْدى الأرائِك الجانبية..جالَ بَصَرُه عَلى المَكان..فَخْم جِدّاً وَفي الوَقت ذاته بِلا تَكَلُّف..الأثاث عَصْري وَأنيق..يَتَناسق مع تَصْميم المَنزل الخارجي..عائِلتهم مَليئة مادّياً كَما أَخْبَرهُ عَمَّار حينما قَرَّر أن يَتَقَدَّم لِخطبة ابنتهم،والذي كان مُتَردّداً في البداية نَظَراً لِوضعه المادي المُتَوسّط..إلا أَنَّ والدها لَم يَلْتَفِت لِهذه السَّطحية أَبَداً..وَكَيْف لِرَجُلٍ واعٍ أَن يَرْفض عَمَّار زَوْجاً لابْنته؟ طَيْفُ ابْتسامة اتْخَمَها الحَنين داعَبَ شَفَتيه..هَمَسَ بِتَنْهيدة حَرَّرها الشَّوْق،:الله يرحمك ياخوي

،

في الأعلى

نَطَقَت بِتَعَجُّب واضح،:إخت عَزيز!
هَزَّ رأسه إيجاباً،:أيــه إخته..هُو قال يبيني في موضوع..بس مادري بوضع إخته..يمكن هي بعد تبيش في موضوع
عُقْدة خَفيفة تَكَوَّنت بَين حاجِبَيها،: ما مداها تتكون بينا علاقة عشان تصير بينا مواضيع "ارْتَخَت مَلامحها للحظات قَبْل أَن يَتَلَقَّفها القَلق"تعتقد موضوع يخص عَمَّار الله يرحمه؟
هَزَّ رأسه بِخِفَّة دَلالة الحيرة،:مادري والله..يمكن " نادى عَبْدالله الصَّغير الذي كان مُنْهَمِكاً في اللعب مع المُكَعَّبات"عَبّود تعال معاي
رَفَع رَأسه لِيَتَّضح وَجْهه المُرْتَوي بَراءةً..وَبتساؤل،:وين؟
ابتسم له مع امْتداد يَده ناحيته،:صديق بابا عَمَّار جاي بيتنا..بوديك تسلم عليه
تَهَلَّل وَجْهه فَرَحاً حينما ناغَى مَسْمعَيْه اسم والده الذي يُحَلّق في السَّماء..والده البَطَل القاضي على الأشرار..الذي اخْتاره الله ليسكنه جَنّته الجَميلة مثل ما أخبرته والدته..وَقَفَ بِحَماسة تَبَسَّم لها خاله بِسِعة..تَقَدَّم حَتَّى أَمْسَك بِيَده ثُمَّ اسْتَدار يُحادِث شَقيقته المُنْشَغِلة بالتَّلوين كَعادتها،:بَيّوون تَعالي..بنروح نشوف صَديق بابا عَمَّار
نَظَرت لَوالدتها وَتساءلَت،:إنتِ بَعد بتروحين؟
ضَحَك عَبْدالله مُعَلّقاً،:أيـــه حلاتها مرتَزَّة بينا "أَرْدَف مُجيباً الصَّغيرة" لا حبيبتي بَيان..ماما بتقعد مع صديقتها
تَرَكت قَلَم التَّلوين ثُمَّ وَقَفَت لِتَخْطو لِوالدتها وَهي تَقول مُصْدِرة قَرارها،:بروح ويا ماما
هَزَّ رَأسه،:طَبعاً طَبعاً ويا ماما "قَرَصَ خَدَّها المُتَكَوّر عابِثاً معها" بيبي إنتِ كله لازقة في أمش
عُقْدة رَفْض تَوَسَّطت حاجِبَيها،:أنا مو بيبي..أنا كَبيرة
بِمُشاكَسة أَخْرَجَ لها لِسانه،:بَلى بيبي بيبي
رَفَعت رَأسها لِوالدتها تَسْتَنجدها،:ماما شــووفي خالي عَبّودي
نَظَرت لهُ وَبِتَأنيب،:عبدالله صير عاقل..لا تجننها وتقعد تصيح وتفشلني مع البنت "اسْتَطرَدت" امش خل ننزل،عيب تأخرنا
قال بِضحكة،:انزيـــن...المشكلة تدلعني وهي معصبة علي
وهي تَبْدأ بنزول العَتبات،:عشر دقايق وتعال لي عند الصَّالة بعطيك جاي وقهوة وشي تضيّف الرَّجال فيه
،:إن شاء الله "اسْتَطْرَد وَعَيْناه تُتابِعان قَدَمَيه وَهُما تَنْزلان العَتبات" إذا طَلعوا بكلمش في موضوع
تَوَقَّفت في مَكانها سَريعاً ثُمَّ اسْتَدارت إليه قائِلة بِنَبْرة حَذِرة،:هــاا شنو عبدالله.. موضوع شنو بعد؟! لاتخوفني أرجووك!
هُو الذي تَوَقَّف مُسْتَجيباً لها عَلَّق بِضحكة خَفيفة،:ليش جذي خايفة! الموضوع ما يخوّف "مَرَّر لِسانه على شَفَتيه ثُمَّ تابع بابْتسامة جانِبية مع اسْتئنافه النُّزول" شي بيفرحش إن شاءالله
تابَعت نُزولها مُتَمْتِمة وَعَيْناها مُلْتَصِقَتان بِقَفا شَقيقها،:زيــن.. ننتظر

انفصلا عندما اسْتَقَرَّا في الطَّابق الأَرْضي.. هي تَوَجَّهت لِغُرْفة الجُلوس الرَّئيسية، وَهُو عاد إلى عَزيز..دَلَفَ وَيَده في يَد مَن يَحْمِل اسْمه..دُخولهما نَبَّهه..رَفَع رَأسه عَن هاتفه لِتَلْتَقي عَيناه مَع وَريث شَقيق رُوحه،وَقف على أَهُب الاستعداد لاسْتقباله..لَم يَنتظر وصولهما إليه، فَهو تَقَدَّم بِخُطوات واسِعة إلى طَيْر أَخيه.. نَعم أخيه الذي أَنْجَبتهُ لَهُ رَحْمة السَّماء...وَبِترحيب حــار،:هَلا هَلا بَعَبّود.. هَلا بالبَطل
انْحَنى لهُ مُحْتَضِناً وَجْهه الطَّاهر.. عَيْناه قَمَرانِ لَم يَغَيّبهما المَوْت..لَم يَنْتَصِر المَوْت عَلى عَيْنيك عَمَّار.. كان الفَوْز حَليف هاتين النَّازِحَتَيْن من قَبْر المَوْت إلى مَلامح الطُّفولة البَريئة.. قَبَّل جبينه بِحَنان عَميق لامسَ فؤاد عَبْدالله الشَّاهِد على اللّقاء..ابْتَسَم بِخِفَّة لِابْن أُخته الذي نَطَقَ بتردد،:عَمّي عَزيز!
ضِحكة سَعيدة حَلَّقَت من حَنْجَرة عَزيز وَهُو يَقُول بِفَرْحة واضِحة،:ماشاء الله عليك تذكرني عبّود؟
هَزَّ رَأسه بحماس،:أيـــــه
اسْتَفْسَر عَبدالله،:شايفك من قبل يعني؟
اسْتَقام واقِفاً و الابْتسامة بَدَأت بِنَثْرِ بُذور جَديدة بَيْن طَيَّات مَلامحه،لِتَنْمو زُهور أَلَق بَديلة للتي انْتَحَرت حُزْناً عَلى مَوْت رَفيق الدَّرب وَأنيس الرُّوح..أَجابَ وُهو يُداعب خُصلات الصَّغير بِأصابعه،:أيــه..يمكن كان عمره أربع أو خمس سنين..ما توقعت يتذكرني..ماشاء الله عليه "وَضَّح مع انْحشار يَدَه في جَيْبه والأُخرى ارْتَفَعت ماسَّاً بِظاهر سَبَّابته أَنفه" التقيت ويَّاه ثَلاث مَرَّات بس..أوَّل مرة يوم كان عمره أَيَّام..والثانية كان بو سنتين..والأخيرة اللي يتذكرني منها
اتّجه عبدالله لإحدى الأرائك لِيَجْلس وَ الصَّغير بجانبه،مُعَلِّقاً،:شكلك كنت غايص في ألمانيا
هَزَّ رَأسه وُهو يَعُود لمكانه،:فعلاً كنت غايص..وانعزلت هناك أكثر بعد وفاة عَمَّار..ما كنت طايق أطب الديرة وهُو مو فيها
،:واللحين اللي عرفته من رائد إنّك بتستقر اهني
أَجاب بابْتسامة جانبية،:إن شاء الله "نادى عَبدالله وَبِيَده رَبَّت على المَقْعَد الفارغ" تَعال عَبّود اقعد عندي
اسْتجاب لِيَسْتَقِر بَعد ثوانٍ على يَساره والابْتسامة تُجَمِّل ملامحه الطُّفولية..عَبْدالله تَساءَل،:الموضوع اللي جاي عشانه يخص عَمَّار؟
بابْتسامة خَفيفة،:يخصَّه ويخص عياله..احنا تونا نعرف بعض عبدالله..وما التقينا قبل..أو يمكن التقينا بس محَّد يعرف الثاني..عَمَّار أكثر من أخو..ما بقول لك أكثر من صديق..لأن تجاوز عندي مكانة الصَّديق من سنيـــن..ما اتوقعت أفقده وهُو بهالعمر "التفت جانِباً وَضِحْكة خَفيفة انْتَصَفت حَديثه" على العُموم مو وقت هالحجي اللحين أبداً..الشي اللي جاي عشانه هُو عبدالله وبيان..أَنا مقصّر في حقهم بدرجة كبيرة..مو معقولة من بعد اللي صار توني اللحين جاي أشوفهم! قلت أجي استأذنكم إذا مافيها مشكلة أزورهم عالأقل مرة بالأسبوع..أو حتى آخذهم بيتنا أو أطلعهم مع عيالي بين فترة وفترة "دَعَكَ صِدْغه بِطَرف سَبَّابته وَهُو يُوَضّح" أدري إنَّ الأفضل أكلّم والدك..بس استحيت والله
أنْهَى حَديثه بِتَنْهيدة عَميقة..وَكَأنَّهُ أَزاح صَخْرة جامِحة عن كَهْف ضَميره البائِتة فيه كَلِمات مُتَرَدّدة..كانت عَيْناه تَتَقَلْقَلان على الأَرْضِيَّة الرُّخامية ويَديه وَطَرف بِنطال عَبدالله طَوال الفَترة التي كان يتَكَلَّم فيها..حَرَجَهُ العارم من نفسه..وَتَأنيب ضَميره منعا بَصره من الإلتقاء بِعَيْني عَبّدالله..إلا أَنَّه وَبعد أن فَرَغ من كَشْف ما اعْتَلَج فُؤاده لِزَمن..سَمَح لِعَيْنيه بِمُطالعة وَجْهه مُفَتِّشاً عن رَدَّة فِعْل للذي قاله..إلا أَنَّه اصْطَدمَ بابْتسامة أَمالتها بَوادر ضِحْكة..وفعلاً لحظات وَوَصلته قَهْقَته..تَساءَل بِخفوت والاستنكار يُأطِّر مَلامحه،:شنو!
سَيْطَر على ضِحْكته التي بَدت مُسْتَفِزَّة دون قَصْدٍ منه..تَقَدَّم للأمام مُتَّكِئاً بِمْرَفقَيه على فَخْذيه قائِلاً بابْتسامته المُميَّزة،:آسف..مو قصدي أضحك على كلامك..بس صدمتني،ما توقعت هذا موضوعك..توقعت شي مُقارب لموضوعك أوَّل مرة "رَنا لهُ بِمُشاكَسة بَريئة مُرْدِفاً" وبعد أوَّل مرة أشوفك جذي متفشّل وإنت تتكلم
أَكَّدَ،:لأنّي فعلاً متفشّل
هَزَّ رَأسه بِتَفَهُّم،:هذا من طيب أصلك بو محمد..كبرت بعيوني..وعن نفسي موافق على طلبك..وأكيد أبوي مثل رايي..هُم مثل عيالك..بس الكلمة الأولى والأخيرة لأمهم..ولهم بعد أكيد
التفت لِعَبّود الصَّغير مُتَسائِلاً،:عَبّود حَبيبي عادي تجي بيتنا مثلاً في الإجازة..أو آخذك إنت وبيان تلعبون مع عيالي؟
هَزَّ رَأسه بحماس وبسرعة أجاب،:عــادي عمّي
أَحاط كَتفه وُهو يُخْفض رأسه لرأسه ويُدْنيه منه،:بعد قلبي والله "نَظَر لعبدالله" وَبيان؟ أصلاً وينها ماشفتها!
وَقَفَ،:هذيك ظل أمها..ما تفارقها أبداً..بروح أشوفها إذا ترضى تجيك



رْكَنَت مَرْكَبتها خارج المَنْزِل أَمام مَرْكَبته التي ضَعَّف سَوادها وَأضواء مَصابيحها مِن تَوترها..غادرت السَّيارة عَلى عَجَل..أَقفلتها وَهي تَقْتَرب مِن شَبَحِهِ الأَسْوَد..أَطَلَّت تَبْحَث بِعَيْنيها عَنه وَعَن جَنى،لَكِنَّها كانت خاوِية من الإثنيْن..إذن قَد دَخَل المَنْــ ـ

،:إنتِ وينش!

اسْتَدارت سَريعاً مُسْتَجيبةً لِصَوته المُفاجئ..ارْتَفَع صَدْرها مِن نَفَسٍ ثَقيل بالكاد اسْتَطاعت أَن تَجعل تَنهيدته بَكْماء..رَمَشَت بِهُدوء كان يَراه بُروداً يَجُول بَين مَدائن مَلامحها باسْتفزاز..أَمَّا هي فَقَد تَصَخَّر ريقها وَسَطَ حَلْقِها مِن شَوائِب الضِّيق وَالغَضَب التي تَراها تَسْبَح مَعَ عَدَسَتَيه..أَصابعها المُقَيَّدة بالارتعاش شَدَّت عَلى حَقيبتها المُوازِية في انْخفاضِها نِصْف فَخْذَها..تَفَحَّصَتهُ جَيِّداً بِمنظار رُوحها..وَالتَقَطَت بِأطراف نَبَضاتها الوالِهة مابَيْن الضِّيق وَالغَضَب شَوْكَة غَريبة..تُسَمِّم اتّزانه..شَوْكَةٌ لَها رَأسٌ تَنْتَشِر منهُ رائحة ضَيااا...

،:تدرين إنّي بجيب البنت اهني،شلون ماتكونين مَوجودة!

لِمَ تُقاطعني؟ لِماذا تَقْتَطِع مَسير أَفكاري المُتَرَكِّزة حَوْلَ بُؤرة تَيْهك الفاضِحَتهُ عَيناك؟ ..لاحَقَت هُروب العَينيْن بِعَدَسَتيها المُهْتَمَتّين حَتى حَدَث الاصطدام..نَطَقَ بِحِدَّة مَبْتورة وبارْتباك لايَدري كَيف أَطْبَق عَلى أَنفاسه حَتَّى تَعَثَّرت عِند مُنتصف الطَّريق بَيْنَ قَلْبه وَأضلاعه..،:أَعتقد قاعد أكلمش!
كَلِمة..كَلِمة هامِسة حَلَّقت مِن جَواها مُباغِةً ذاته،:شفيك؟
كان وُقوفه مُسْتَقيماً قَبْلَ أَن تُفْصِح عَن سُؤالها..فَهو من بِعده قَد اسْتَسلم إلى الثِّقل المُتَّكئ عَلى مَنْكَبَيه..لِيُصْبِح الوُقوف هَزيلاً..وَنَسائِم الحَنان المُحَلِّقة من نَبْرتها الْتَقَطَت بَعْثَرته،لِتُجْبِره أَن يُوليها قَلْبه،عَلَّهُ يُجيبها لِتَرتاح هي،وَلِتَنجو ذاته مِن نَفَقِ الضَّياع. ..تَقَدَّمَ خُطْوة مُقَرِّباً مِن مَجال رُؤيتها مَلامحه المُرْهَقة..تَقَلَّصَت الخُطوات أَكثر عندما تَقَدَّمَت هي أَيضاً، وَعَلى بُعد خَمس خُطوات منهما كانت تِلك الحَمامة تَقِف خَلْف الباب..تُراقِب وَالخَوْف يَقْتات عَلى صَفاء رُوحها..خَوْف بات يَنقسم بِلا تَوَقُّف وَلا سَيطرة..خَوْفٌ يَكاد أن يَبْتر جَناحَيها مِن حِدَّته..الجَناحان اللذان يَحْمِلانها للمَضي في هَذه الحَياة،فَكَيف لها أَن تَطير وَهُما مُتَفَرِّقان عَن جَسَدها الضَّئيل؟
جَناحها الأَوَّل الغائِر فيه جِرْحٌ قَديم انْدَمَل أَخيراً، وَلَكِنَّهُ تَمَسَّكَ بِأَثَرٍ يُسْتَحال أن يُمْحَى،فَلَقَد انْتَحَرَت عَمْداً الخَلايا التي تُجَدّده..نَطَق ذلك الجَناح بِذات الهَمس،:فيك شي فيصل؟
صَمَتَت لِثَوانٍ اسْتَغَلَّها لِلبَحث سَريعاً عَن نَفَسٍ يُعينه عَلى البَقاء،إلا أَنَّها واصلت ناسِفة جَميع الأَنفاس،:شكلك تَعبان!
انْتَفَضَ قَلْبه وَثارت نَبضاته لِتَحْمي السُّور الهَش الذي لَم يَنْتَهِ مِن تَرْميمه بَعْد..سَبَّابته انْتَصَفَت مُقْلَتَيَها كَسَهْمٍ اقْتَطَعَ صَفْحة البِداية لِحُلْمٍ مُسْتَحيل..نَظْرة لَحْظِيَّة بَطيئة أَلْقَتها عَلى إصْبَعه المُرْتَدِية قُلْنسوة تَحْذير..قَبْلَ أَن تَعُود للاشْتباك مَعَ عَيْنَيه..وَحَواسها تُصْغي لِهَمْسه ذُو البَحَّة الحارِقة،:بَلا تَمثيل..وَبلا لِعْب..لا تسوين نفسش فاهمتني
كَرَّرَت واحِدة مِن كَلِماته وَعَلامات الاستنكار تُجَعِّد مَلامحها،:بلا لِعْب! شنو تقصد بهالكلمة؟!
أَخْفضَ يَده وَبالتَّوالي ارْتَفَع حاجِبه مَعَ نَفْثه لِأسلحته،:أعتقد واضح قصدي
رَفَعَت ذراعها اليُسْرى لِتَقْبِض بِكَفِّها على باطن مِرْفقها الأيمن،وَبِرَأس مائل،:لا مُو واضح..مُمكن توضح لي
اقْتَرَب أَكْثَر فَأكثر....
رائِحَتان أَفْصَحَ عَن سِرَّهما صُندوق الماضي المُتَّخِم بالأَسْرار..رائِحَتَان أَسْرَعت كُل واحِدة مِنهما بِبَهْجة للامْتزاج مَعَ فَقيدتها..تَغَيَّرت النَّظْرة في عَيْني جِنان..وَتَبِعها تَغَيُّر مَلامح فَيْصَل الذي داعَبته رائِحة عِطْرها..هُو رَدَّد من بَيْن تَيه رُوحه:لا زالت تَتَطَيَّب جِنانها بهِ؟ وَهي رَدَّدت بِقَلْبها المُنْصَرِف إليه:تَنازَل عَن الجِنان وَلَم يَتَنازل عَن عِطْرٍ أَهْدَتهُ إليه!
كِلاهما تَرَاجَعَ للخَلف بِحَرَكة دِفاعِيَّة..لِتَنْتَشر كُل رائِحة بِشَعْواء دُون أَن يَحْصل الامْتزاج.. هُو ابْتَلَع ما أَراد أَن يُوَضِّحَه..وَهي تَناسَت ما كان يرمي إليه بِكَلماته المُبَطَّنة حَتَّى تَغرق اللحْظة الغَريبة وتَمضي..تابَعته عِندما اسْتَدار لِيَعُود لابنته..قَرْفَصَ أَمامها عَلَّهُ يُقارب طُولها..احْتَضَنَ وَجْنَتيها بِكَفَّيه العَريضَتين..تَبَسَّمَت بِحَنانٍ مُعْدَم الأَمل للقُبْلة التي أَرْكَنها عَلى أَنْفَها الصَّغير..مالَ رَأسه قَليلاً مُقَرِّباً فَمه من أُذنها..لاتَدري أَيُّ سِر أَوْدَعهُ هُناك..ثَوانٍ وَضَحَكت جَنى وَهي تَهز رَأسها بالإيجاب،وَمِن ثُمَّ التَفَت ناحِيَتها لِيَرْنو لَها بِطَرف عَيْنه..تَجاهَلت نَظْرته المُسْتَفِزَّة واكْتَفَت بابْتسامتها..لَم تُرِد التَّخَلي عَنها..تَعَمَّدَت أَن يَرَاها لَعَلَّهُ يَسْتَوْعِب من انْكسارها أَنَّهُ شَّوَّهَ أَجْمَل حُلْمَين يَعيشان وَسَط رُوحها..أَن تَكُون أُمَّاً..وَأن تَهيم بِهِ وَهُو أَباً..،
تَحَرَّكَت سَيَّارته مُغادِرةً المَكان بَعْد أَن غَفَت قُبْلة أَخيرة مِنهُ عَلى جَبين طِفلتها..أَطْلَقَت سَراح تَنْهيدة عَميــقة تَمَنَّت لَو أَنَّ نَسيم الليْل يَحْملها إليه..لِيْسَتَشْعِر إرهاقها وَيُصْغي قَلْبه المَغْرور لآهاتها...مَرَّرت لِسانها على شَفَتيها..نَقَّحَت الابْتسامة من شَظايا الانكسار..شَدَّتها حَتَّى مَلأت أركان وَجْهها ثُمَّ تَقَدَّمت لابنتها..عانَقَّت كَفَّها النَّاعِمة بِكَفِّ أُمومتها..قالت وَهي تنظر لها من عُلو،:وحشتيني اليوم جَنى
شَدَّت الصَّغيرة على يَد والدتها..وذراعها الأخرى ارتفعت لِتُحيط خصرها وهي تَمشي معها للداخل،:إنتِ بعد ماما وحشتيني سووو ماﭺ
ضَحَكَت لِتعبيرها وَهي تَحْني ظَهرها قَليلاً لِتُبادلها الاحْتضان،:عُمـــري السوو ماﭺ "تَساءَلت" تعشيتين ماما؟
أَجابت وهُما تدلفان للداخل،:لا ماما للحين"هذه المَرَّة هي تَساءَلت وَعيْنَيها تَفيضان اهْتمام" ماما إنتِ زعلانة لأن رحت مع بابا وخالو ياسمين؟
ثَغْرة تَعَجُّب تَوَسَّطت شَفَتيها من السُّؤال المُفاجئ..صَمَتت لِثوانٍ تُكَرّره في عَقْلها قَبْل أن تَتدارك الوَضع،:لااا حَبيبتي مو زعلانة..ليش أزعل..عــاادي "داعبت خصلاتها مُرَدّدة بابتسامة مَحْشوة بالاطْمئنان" عادي حبيبتي والله
ابْتسامة رِضا لاطفت مَلامحها وَبِهَمْس،:أُوكي
نَطَقَت جِنان وَهي تُلْقي نَظْرة على المَنْزل الصَّامِت،:شكلنا بس أنا وإنتِ في البيت
"كَشَفَت عن خُصْلاتها بيد وَبالأخرى بَدأت بِفَك أزْرار عَباءتها وَهي تَقْتَرح بابْتسامة مائِلة" شرايش ندخل المطبخ ونسوي لنا عشا حقنا أنا وإنتِ؟
شَهَقَت بِفَرْحة تَلألأت منها عَينَيها الواسِعَتين،وَباسْتفسار،:يصيــر أنا أطبخ؟
انْحَنَت لها مُداعِبَةً أَنْفها بِقُبْلة قَبْلَ أن تُجيب بنفس حَماستها،:أيــه يصيــر
اسْتَدارت جَنى سَريعاً وَبَدأت تَخْطو قاصِدَةً المَطْبخ قائِلة،:أنا أحب الكوكينق ليسنز في المدرسة..تحبين الكوينق ماما؟
لَم يَصلها جواب من والدتها..تَوَقَفَّت في منتصف الطَّريق عندما انتبهت للهدوء المُفاجئ..اسْتَدارت تَبْحث عنها بِعَيْنيها..ضَحَكت عندما رأتها عَلى حالها قَبْلَ ثوانٍ..مُنْحَنية وَبَصرها شاخِص بِغياب..نادَتها،:ماما..ماما..ماما جِنان ليش جذي واقفة؟
رَمَشَت بانْتباه مَرَّات عَديدة..أَبْعَدَت خُصلاتها عن عَينْيها وَهي تَشْعر بِأن وَجْهها يَلْفظ حُمَماً حارِقة..لَم تَنْتَبِه لِجَريمتها إلا بَعْد انتهائِها..نَعم جَريمة..فَهي كانت تَسْترق النَّظَر إليه..احْتَفَظَ عَقْلها الباطِن بالمَكان الذي أوْدَعَ فيه قُبْلته الرَّقيقة..ثُمَّ أَتَت حَواسها وَسَيَّرت شَفَتيها للمَكان ذاته..وَكَأنَّها قَد سَرَقت قُبْلته بِقُبْلتها!
اسْتَقام جِذْعها مَع تَوقُّف جَنى أَمامها..عادت وَتساءلت،:شنو في ماما؟
مالَ رَأسها وَضِحْكة خَفيفة صَدرَت منها..مَرَّرت سَبَّابتها عَلى عُنِقِها المُحْمَر بِخَجَل خَفي..وَأجابتها،:ولاشي ماما "تَحَرَّكت لِتَحِثَّها على المُواصلة للمطبخ ولسانها أطلق سؤالها لِيُنشئ حَديثاً يُنْسيها فِعْلتها وَلو لِساعة" قولي لي حبيبتي شنو كانوا يعطونكم في دروس الطبخ؟



عَيْناها تُتابِعانها وَهي تَتَصَفَّح قائِمة الطَّعام بابْتسامة واسِعة..ظَهْرَها مُسْتَنِد بارْتياح للمَقْعَد الوَثير من خَلْفِها..عَلى يَمينها كان الزُّجاجِ يَطِل عَلى بَحْرٍ قَريب..سِحْره الليْلي يَنْفذ للرُّوح وَيُهَدْهِدها حَتَّى تَسْتَرخي..نَطَقَت دُون أَن تَرْفَع عَيْنيها،:صار لي شهور أحن عليش عَشان تعزميني اهني وحاقرتني..حَتى عيد ميلادي تجاهلتيني وماعزمتيني..شالطَّاري الليلة؟
رَفَعَت كَتِفَيها للِأعلى مَع مَيلان رَأسها..مَطَّت شَفَتيها قَبْلَ أَن تُجيب،:عــادي..استغلّيت إجازتي وقلت أعزمش..شفقة منّي لا أَكثر
رَفَعَت حاجِبَها وَبِخَبَثٍ مازِح عَقَّبَت،:زيــن..خَلّي باب شَفقتش مفتوح عَلى وسعه..لأنّي بكسّر ظهرش بطلباتي
ضَحَكت،:حَلالش..المعاش كلّه تحت أَمرش
تَناولت قائمة الطَّعام خاصَّتها وَبَدَأت بِتَقْليب الصَّفحات بِآلِيَّة..عَقْلها كان مَزْحومًا بِأفْكار مَعْقودة كَخُيوطٍ من صُوف يُصْعَب فَكَّها..هِي بالتَّأكيد لَن تُحادِث والدتها بالمَوْضوع..فالذي سَيُفَجِّر القُنبلة والدها بالطَّبع..لا دَخْلَ لها هي..وَجُود..تِلْك المُشاكِسة الفضُولية..من دُون تَفْكير أَصلاً قَرَّرت عَدم مُفاتحتها بالمَوْضوع..فَهي حَتْماً لَن تَصْمت..وَلن تَستغرب اتّصال من حَنين أَو جِنان تَسْتَفسران صحة الخَبَر الذي أَهْدتهما إيّاه جُود بِكَرَم..لا تَستطيع أن تُفْصِح لها وَإن أَقسمت بِأن لا تَكْشِف السِّر لأحَد..هي حَتَّى الآن لا تدري لماذا والدها اخْتار أن يُغَلْف المَوْضوع بالغُموض..مُوضوعٌ كَهذا هَو مَقْرون بالعَلَن..لا يُحَبَّذ دَفْنِه بَيْن أَكْوامٍ من أَسْرارٍ وَتعقيدات مُشَفَّرة المَعْنى! وَفيصل..فَيْصل..ضَغَطَت بِكَفِّها عَلى غلاف القائِمة الصَّلب حَتى انْحَفَر أُخْدود مِن خَوْفٍ وَقَلق وَسَطَ باطِن كَفّها..هي تَخْشى من رَدّة فِعْل فَيْصل..لا تَدري ماهُو رَأيه من ارْتباطها بِطَلال..وَلا قُدْرة لَها عَلى تَخَيُّل رَدّة فِعله حينما يَصْطَدم بالخَبَر..عَمّها والد عبدالله..وَبلقيس..بَعْد أَن يُذاع الخَبَر سَتَطِل عَليهم وَهي تَرْتَدي ثَوْب الانتصار..فاتّهاماتها لَم تَكُن باطِلة..وَالدُّخان الذي كانت تُوَجّه أَنْفَي غَيْداء وَعبدالله لاسْتنشاقه..هاهي الآن تَفوز بناره التي نَفَثتها ذات ماضٍ وَلَيْل...يا إلهي..كَيْف لِمُعْضِلة أنَ تَضيق وَتَتسع عَلى مَرْأى من قَلْبٍ مَهْدود القِوى؟ أَلا تُشْفِق عَلى هذا القَلْبِ فَتُفْرَج! تُفْرَج في ثَوانٍ وَكَأنَّها لَم تَكُن..وَكَأنَّ الشَّجَرة لَم تُجْهَض أَخْشابها قِسْراً،وَلم تأَكلها نار مَجْهولة النَّسب..نارٌ لا تَعلم الأرض مِن رَحْمِ أي حِقد قَد وُلِدَت؟! الجَميع..الجَميع لا تَدري كَيف سَيتفاعل مَع هذا الحَدَث المُعَقَّد..بَعْد أَن كانت تُنادى بِحَرَمِ عَبدالله..أَصْبَحت من المُحَرّمات عَليه..وفازَ خاله اليَتيم بِحِلّيتها..،

،:نُــور..البنت قاعدة تكلمش!

رَفَعَت عَيْنَيها لِسارة التي كانت تُشير إلى النَّادِلة..تَنْبيهها لَم يَخْتَرق فُقاعة الغِياب المُحيطة بِوَعْيِها..مَضَت الخُيوط تُواصِل هوايتها بالتَّشابك.... ..سارة..كَيْف لَها أن تُخْفي عَنها أَمْر كَهذا..هي التي شَهِدَت على جُنونها بِطَلال سِنين المُراهَقة الغَبِيَّة..وَهي التي أَغْلَقَت بَوَّابة الكَهْفِ الذي تَحَمَّضَت في جَوْفه مَشاعرها المَيِّتة،لِكَيْلا يُكْشَف سِر حُبَّها المَبْتور..كانت مُسْتَوْدَعها و البَحْر الذي يُنْصِت لِصَمْتها الصَّارخ..كانت وَلازالت ظِلَّاً تَجِدْهُ مُبْتَسِماً كُلَّما تَمادَت الشَّمس في سَلْخ رُوحها...فَكَيْفَ لَها أَن تَحْرِمَ مَوْجَها مِن احْتضان سِر آَخر؟ سِر أَكثر خُطورة مما سَبَق..أَكثر تَعقيد وأَكثر ضَياع..!

،:نُــــووور!

كَلمات خَرَجت..صادِمة..غَريبة..وَمُرْتَعِشة،:أَنا وَطلال مَلجنا..
اسْتَكانَت الأَحْرُف في حَلْقها وَلَم يَعْبَر حَرْف جَديد بَعد الكَلِمات التي نَطَقَت بها نُور..ظَلَّ فَمها فاغِر وَحَدَقَتَاها تَجُوسان وَجْه رَفيقتها بَحْثاً عَن تَفْسير أَو عَن كَلِمة أُخرى تَكون لَصيقة للتي أَطْلَقتها دُون مُقَدِّمات..عَلَّها تَمْنَحها مَعْنى يَجْتَرعهُ العَقْل...أَطْبَقَت الشَّفَتين باسْتسلامٍ للصَّدْمة..كَأَّنما باطْباقِها تَسْجن شَهْقة تَرَنَّحت بِلا تَصْديق بَيْن أَضْلاعها..ازْدَرَدت ريقها ثُمَّ رَفَعت رَأسها للنّادِلة المَسْكينة التي طال وُقوفها..نَطَقَت بِنَفَسٍ ذَوى في قُعْر رِئتيها،:عُذْرًا..امنحيني خمس دقائق
هَزَّت تلك رَأسها بِأدب ثُمَّ ابْتَعَدَت عَن الوَغى التي بَدَأت تَتصاعد أَصوات طُبولها مُنْذِرَةً بِمَجْزرة كَلامية حادَّة الهَجَمات...،
نادَتَها بِنَبْرة تَسْتَجدي تصْديقاً،:نُــوور!!
أَجابَت بِهَمْسٍ خَنَقَته الدُّموع،:أنا وَطلال سارة..خايفـ ـة..ومو عارفة شنو بيصير!
تَساءَلت بِبعثرة،:شصار؟ وليش توش تقولين لي!
هَزَّت رَأسها تنفي فِكْرتها مُوَضِّحة والمَاءُ بَدَأ باسْتباحة عَيْنيها،:محد يدري..حتى أمي وأخواني.... .. الشي صار بعد رجعتنا من السفر..أبوي فاجَأني..ماعرفت شلون أتصرف..الملجة صارت في شقة طَلال..كأن..كأن مسويين جريمة سارة "مسَّت صِدْغها بِأطراف أصابعها وهي تُرْدِف بِحيرة اسْتَدَرَّت اسْتعطاف صَديقتها" مادري ليش أبوي تصرف بهالطريقة..ماعرفت بشنو يفكر..ويوم سألته ما جاوبني "أسْدَلَت جِفْنَيها كَما لَو أَنَّها تُحاول الهُروب مِن مَشْهَد السَّاعات الماضِية" واليوم...اليوم سويت شي مادري شسميه..غبي..لو متهور..لو جريء!..نسيت نفسي ورحت له "أَبْصَرت مَع ارْتفاع يَديها..أَحاطت بهما وَجْهَها مُأطِّرَةً لَوْحة التَّيه المُتَقَنِّعة بها مَلامحها" اشتريت له وَرد سارة..وَرد!
صَمْت عَميق أَغْرَقَ المَسافة بَيْنهما..بَصَر سارة مُتَعَلِّق بالفَراغ..النَّظرات ارْتَدَت الحِدَّة دَلالة عَلى تَفكيرٍ جاد..وَنُور كانت تَجْري بِعَيْنَيها عَلى مَلامح صَديقتها..تَبْحث عَن مَأوى يُنقذها من تَخَبّط المَشاعر الغازِية مَملكتها..اسْتَمَر الصَّمت لِدَقيقتان قَبْلَ أَن تَقطعه نُور بِنِداءٍ بُحَّ مِن كَثْرة الاستنجاد،:سـارة..قولي شي الله يخليش
وَجَّهت البَصَر لَها..رَمَشَت مَرَّتان وَنُور مِن بَيْن الأَهْداب كانت تُحاول أن تَلْتَقِط الرَّد الذي لَم يَنطقهُ لِسانها..اسْتَنْشَقَت نَفَس عَميق..كان تَنْهيدة لَها لَحْنٌ مُسْتَسْلِم..اسْتَسْلَمَ للحَقيقة التي لا تُثَنَّى..نَطَقت ببساطة،:حُب حَياتش أَحيا فيش جُنونش اللي مات..وهالمرة بالحَلال..فَلا تنصدمين من أي تصرف يصدر منش..حلمش اللي لفترة كان مُستحيل..صار واقع..الوَرد شي بسيط...أتوقع منش أكثر وأكثر
بِلَحْنٍ أَتْعَبه الغَرق في اللاجَواب،:شقصدش سارة؟
حَرَّكت كَتِفَيها وَهي تَقْترب من الطّاولة،أَراحت ساعِدَيها فَوْقها وَهي تَقول،:أقصد إن الشي طَبيعي..بس إنتِ اتركي عنش لوم نفسش ومحاسبتها..من حقش تبتدين من جَديد..وَمع الشخص اللي تبينه..مهما كان هالشخص..خال طليقش لو عمّه ولو أخوه بعد..وَلا تراقبين تصرفاتش..لا تخنقين مشاعرش أكثر..كفاية السنين اللي راحت..كنتِ مثل اللي عايشة بس بدون نَفَس..هو زوجش اللحين..مافي حرام ولا عيب ولا غلط
تَمْتَمَت بِتَيه،:بــس..بيتنا..
هَزَّت رَأسها بتفهَم،:إنتِ بس انتظري خطوة أبوش الثانية "غَمَزت وَهي تُكْمِل بابْتسامة أمالها الخَبَث" وَبعدين سوي اللي تبينه "تَغَيَّرت نَبْرتها مَع ارْتفاع إصْبعها تَحذيراً" بس هــا..اتركي عنش الكابوس وسخافته..ركزي في الواقع أرجوش "قَرَّبت رَأسها منها لِتَهْمس بنعُومة بالِغة" نبي نشوفش مــاما
سَرَى بَيْنَ أَضْلعها نَهرٌ عَذْب..مَضى إلى الفُؤادِ وَاسْتَقَر فَأَنْعَشه..وَأهْدى النَّبَضات قُبْلةً لِحَياة جَديدة..حَياة للتَّو تَبدأ رَسْم فُصولها..أَغْروقت عَيْنيها بِدُموع الامْتنان وَالشُّكْر..هَمَسَت بِبِحَّة و الابْتسامة تَرْتَعِش بِمَشاعر الحُب الأخوي عَلى شَفَتيها،:توقعت تزعلين وتعصبيـ ــن عَلي
ضَحَكَت بِحَشْرَجة وَلَّدها المَوْقف الحَميمي،:عَصَّبت وزعلت،بس أَرضاني الخَبَر نَفْسه..إنتِ وَطَلال..أخيرًا..ما أقدر اسْتمر بالزَّعل
فَرَّت تَنْهيدة قَلَق مِن بَيْن اسْتنشاقات الفَرَح،:عَبـد الله سارة..
عَقَّبَت بِثقة،:كل شي بيكون تمام إن شاء الله..إنتِ بس لا تحاتين..هُو إنسان واعي وفاهم إن هذا قَدَر ونَصيب..بيتفهم..صدقيني..وإنتِ أكثر وحده تعرف عبدالله
رَدَّدت بابْتسامة خالطَتها عاطِفة مَريرة،:مافي أطيب من قلبه..



تُناظرها باسْتيحاءٍ صَبَغَ خَدَّيْها الأَسْمَرَين باحْمرارٍ لَطيف دَغْدَغَ حَنْجَرة غَيْداء لِتَعْلو بِتَراقص رَقيق ضِحْكة عَذْبَة..تَبِعَتها كَلمات مازِحة،:جَميلة شنو هالحيا! اللي يشوفش يقول أنا خاطبتش!
رَفَعَت كَفَّيها تُخْفي بِهما الحَرج العَميق المُتَناثِر بِغَزارة من عَيْنيها وَقَسَماتِ مَلامحها..عَقَّبَت عَليها بِصَوْت مخنوق،:أنا بدون شي استحي..بعد مو يسوي أخوي هالحركات اللي تفشل! والله مو قادرة أحط عيوني في عيونش
دَنَت منها أَكثر حَتَّى تَلامَست ذِراعيهما..رَفعت غَيْداء يَدها لِتِلْك الكَفَّين وبصعوبة استطاعت أن تُخْفضهما وهي تقول،:يا بنت الحلال حسستيني أخوش مسوي شي عيب ويكْسر النظر..مافيها شي جاي يزور عيال أخوه الله يرحمه
باعْتراض قالت،:ما له داعي يجيبني معاه يفشلني..ليش أثقل عليكم
قَوَّسَت شَفَتيها لِتَقُول بِزَعَلٍ وَنَبْرة عِتاب،:أفــا جَميلة..إنتِ تثقلين علينا؟ صحيح مابينا معرفة..وهذي بس ثاني مرة نلتقي..بس الله شاهد علي إنّي حبيتش وارتحت للقعدة معاش "قَرَصَت وَجْنتها بِمُشاكَسة" والله إنّش تجننين "غمزت لها" وخفيفة على القَلب
ابْتَسَمَت بِخِفَّة وهي تُبْعِد خصلاتها عَن وجهها وَبِتَردد،:بــــس..
قاطَعتها،:لا بس ولا شي..ترى بقول عنّش دلوعة وبيبي مثل بنتي بَيان
ضَحَكت مُعَلِّقة،:حسيتني بنت احدعش سنة
بِجِدِّية مازِحة،:أيــه حبيبتي بعدش صغيرة..يا بنت الاحدعش سنة
أَكْمَلت جَميلة بِمَرح خَجِل،:زايدة خمستعش سنة
تَشارَكَتا الضِّحْكة بِعَفَوِيَّة وَود مَلْحوظان..نَظَرَت غَيْداء للسَّاعة المُعانِقة رِسْغها وَهي تَقول بِتَعَجُّب،:ما أصَدّق..مَرَّت أكثر من عشر دقايق من راحت بَيان مَع خالها
جَميلة بِعَدَم فَهْم،:أووكي؟
وَضَّحَت بابْتسامة،:بَيون ما تتركني أبدًا..وإن صار وتركتني خمس دقايق بالكثير وترجع..متعلقة فيني بدرجة كبيــرة
بِثقة،:عَزيز ذكي مَع الأطفال..ما أسبتعد إنّه كَسبها بهالسرعة
هَزَّت راسها،:يجـووز "وَقَفَت لِتَقُول" بَروح أشوف العَشا "بِنَبْرة لا تَقْبَل النِّقاش" بتتعشين اهني طبعًا
هَزَّت رأسها بالرَّفض سَريعًا،:لالا ماله داعي عشا..أصلاً شوي وبنطلع..قال لي عزيز ما بنظوّل
بِتَأكيد قالت،:لا بتتعشين اهني..وعبدالله ما بيرضى يخلي اخوش يطلع هالحزة بدون عشا
عادَت أَطْراف وَجْنَتاها وَتَشَبَّثت بوِشاح الخَجَل،:مادري غيداء..والله فشلة
باستنكار عَلَّقَت،:إنتِ كل شي عندش فشلة فشلة! ما يصير حَبيبتي "غَمَزَت لها لِتُرْدَف" وَخلاص ترى صرنا صَديقات
ابْتَسَمَت لها بِود،:والله حبيبتي أتشرف فيش صديقة
،:الشرف لي يالجَميلة..عن إذنش رايحة المطبخ
وَقَفَت جَميلة،:زين خليني أساعدش إذا يصير
رَحَّبَت فيها،:حَيَّاش "وبمُزاح" إذا مساعدتش بتشيل الفشلة فأهلاً وسهلاً فيش "استطردت" اخذي راحتش أبوي ما بيرجع اللحين وعبدالله ما بيقرب اهني مدامش موجودة

،

في المَجلس

تَسْتَقِرُّ وَسَطَ حضنه كَوَرْدة جُوري مُفْعَمة بالحَياءِ والطُّفولة الشَّهِية..وَثَغْرها الصَّغير تُداعبهُ ابْتسامة كَما يُداعب شُعاع الشَّمْسِ البِتِلَّات النَّدِيَّة..كانت تَذوب بَيْن ذِراعَيْه خَجَلاً يُرَغّبهُ أَكْثَر في تَقْبيل وَجْنَتَيها القُطْنيَّتين..أَسْكَن إحْدى القُبْلات خَدَّها الأيْمَن ثُمَّ قال،:سولفت عنّش عند بنتي جُمانة...قلت لها شكثر إنتِ حلوة ومثل الأميرات..قالت لي تبي تصير صديقتش وتلعب معاش
رَفَعت رَأسها بِتَردد تنظر له وَهي تَتساءَل،:تحب تلوّن؟
هَزَّ رَأسه بالإيجاب وَبِحَماسٍ تَسَرَّب لِقَلْبها البَريء،:أيــه تحب تلوّن..عندها كل الألوان..خشبية ومائية وماجيك..كل شي كل شي
أَدارت جَسَدها الصَّغير أَكثر لِتُقابله وَبِثِقة،:أَنا بعد عندي كلهم..أعرف ألوّن فيهم كلهم..أنا مثل ماما فتَّانة
عُقْدة خَفيفة تَوَسَّطَت حاجِبَيه من كَلِمَتها..تَساءَلَ والابْتسامة لا زالت مُتَعَلِّقة بِشَفَتَيه إلا أَنَّ عَدَمَ الفَهم كان يُشاغبها،:شنو؟ فتَّانة؟
عَبد الله الصَّغير وَضَّح بضحكة،:فنَّــانة..فَنّانة مو فتَّانة بيانو
أَمْسَك عَزيز ضِحْكته حِفاظاً عَلى حَساسية بَيان التي اسْتَدارت تَرْمق شَقيقها بِقهر من سخريته..عَقَّبَ وَهُو يَسْمح على شَعْرها،:شطّورة بيان..صح فنّانة مثل ما تقولين...وأنا باخذش معاي يوم ثاني بيتنا عشان تشوفين بنتي جُمانة وتلونين معاها..تمام؟
تَساءَلت سَريعًا وَكَأنَّها تَخْشى أن تَسْرقها الفِكرة من والدتها،:وماما؟ تجي معانا؟
وَهُو يُداعب أَطْراف خصلاتها،:أي يصير تجي إذا تبينها معاش..
عبدالله الكَبير بضحكة،:قلت لك ما تترك أمها
غَمَزَ لهُ بالخَفاء،:ماعليه..أمي تبي تشوف أم بيان وتقعد معها..فعادي خلها تجي
وَقَف عبدالله وهُو ينظر لهاتفه،:زيــن تفضل حيّاك على العشا "وجّه سؤاله لبيان" ها بيون..بتتعشين معانا لو مع أمش
أَجابت بخجل مع اسْتقرار طَرف سَبَّابتها في فَمها،:مع ماما
ضَحك عَزيز ثُمَّ قال وَهُو يقرص خَدّها بخفّة،:هالمرة سَماح..بس مرة ثانية تتعشين معاي أوكي؟
أَجابت بَعد تفكير..،:أوكــي



تُراقِب السَّماء عَبْرَ نافِذة السَّيارة المُشْفِقة عَلى رَأسها المائِل..تُراقِب بِعَيْنَين سُجِنَ الدَّمعُ وَسَطهما..مُتَّخِذًا المُقْلَتان سَكَنًا يُفْرِغ فيه حَريقه..ظَلَّ الدّمعُ دَماً أحْمَر يُأطِّرهما..ولَم تَسْقط أَي دَمعة بَعْد أَن فارقته وَتَرَكته مُلْتَحِفًا بِرداء نَوْمٍ تَخالهُ الرُّوح المُتَوَجِّسة مَوْت مُخادِع..لا تدري ما الذي يَعتلج في نَفْسه الغامِضة..وَلا أي أَفكار تُهاجِم اتّزان أَفعاله..يَقولون مَريض..يَقولون انْتحار..لا ... لا قَتْل..نَعم قَتل والده قَذَفَ بِهِ في هَذه الدَّوامة الضَّبابيَّة التي تَجَرَّأت وَدَنت من عالَمِها السَّاكِن..تَشْعر ببرودتها القارِصة وَهي تَنْدَمِج مَع دِمائها..تُلَوّثها وَتنفث فيها سُمومًا تَجْري إلى قَلْبها..حَيْث منهُ يَتَفَرَّع الأَلم وَيَسْتَبِد بها..يُعَذّبها وَيرسم بِألوانه الكَئيبة نهايات مُفْجِعة..نِهايات تُنذر بِفَقْدٍ لا رُجوع فيه..، اضطَّرت اَن تتركه هُناك في مستشفى "الطب النفسي" لِتَعود له في الغد..تزوره وَهي مُحَمَّلة بِأسْئلة بَكْماء لَن يُسْمَع لها صَوْت..لأَنَّها تَعْلم أَنَّها إن تَجَرَّات وَأَصْدَرَت هَمْسًا،لَن يُجِيبها سِوى صَفْعة الصَّمْت..أَو بِضع جَلْداتٍ من أَجْوبة تائِهة تُضَعِّف من حَجْم الألم المُتَكَدّس في النَّفس..وَهُو..بأي حال سَوف يَسْتقبلها..برداء المَوت ذاته؟ بِوَجْهه المُلَطَّخ بالحُزْن والمُستسلمة مَلامحه لِتَوْجِهات دُنيا شَمْسها مُظْلِمة..تَشع..وَلكن بِظُلْمة..أَنْتَ تَرى شَعاعها وَتُبْصِره..إلا أَنَّه يَنفذ إلى روحك خُيوطًا من ظَلام تَتشابك حَتى تَنعقد لِتَخال أَنَّهُ يُسْتحال فَكّها والنَّجاة منها..،
هَرَبَت السَّماء عَن مَجال رؤيتها..رُبَّما لأنَّها حَرِجة من قِلّة حيلتها..فَهي كانت خَرْساء إلا من نَحيبٍ مَكْتوم اتَّضَحَت تَصَدُّعاته الحَمراء بَيْن جَنباتها..لا نُجوم يهتف لمعانها بالأمَل..وَلا قَمر يُناديها لِتَتبع جَماله وَيُشْغِل عَقلها لِدقائق من وَهْم تَتَناسى فيها مُصيبتها...كانت السَّيارة قَد تَوقَّفت في رُكنها الخاص وَسَكَن مُحَرّكها..أَبْعَدت جانب رَأسها عن النَّافِذة..قَليلاً..قَليلاً جِدّا..فهي لا تزال لا تبصر سوى ما يستقر خلف النَّافِذة وَشفافية دَمْع أَبى أن يُفارق عَيْنيها..،
كَفٌّ عَلى كَتِفِ انْهيارها وَهَمْسُ أَمانٍ مُهْتَرئ،:يُمَّـه حُور..قومي حَبيبتي..قومي خل ننزل عشان تاكلين لش لقمة وتنامين..يالله حَبيبتي
فُتِح بابها مِن الخارِج من قِبَلِ مَلاك..اسْتَجابَت بآلِية وَتسييرٍ مُسْتَسْلِم..خَطَت حَتَّى تَوَسَّطَ جَسدها المَنزل الواسِع مَساحَةً..والضَّيْق بِمَشاعِر الفَرَح..أَسَفًا أَنَّ هذا العُش الفَسَيح يَتَّسِع لِطَيرين وَلا يَتَّسِع لِبَياضَهما..عُشٌّ تَخْتَبئ فيهِ ديدان خَفِيَّة..يُسْمَع حَسيسها المُلْهِب..وَلَكِنَّها عَن الرؤية مُسْتَحيلة..هي تَشْعُر بخَطرها وَبِثقلها الذي أَثَّرَ عَلى الغُصْن الهَزيل المُحْتَضِن العُش..وَلَكِنَّها لا تَسْتَطيع تَتَبُّع أَثَرها..لا تدري أَي الطُّرق تَسْلك،وَمن أين تَبْدأ بَحْثها..شُكوكها المُتَخَبِّطة في صَدْرها باتت تُزْعجها بِزَعيقها المُتواصل..كَجَرسِ إنذار يُنّذِر بالفاجِعة..فاجِعة قَد تَجْعل السَّماء تُمْطِر رَمادًا لَهُ رائِحة أَحِبّاء..، واصلت مَشْيها المُقَيَّد باللاوَعي وَقَصَدت غُرْفة نَوْمها..أَغْلَقَت الباب وَخَطَت إلى السَّرير الذي لا زالَ يَحْتَفِظ بِبَعْثَرة الصَّباح..بَعْثرة تُشْبِه التي تَحُوم بَيْن أَزِقَّة حَياتهم لِتَزيدها ضِيقًا وَظَلام..أَرْخَت جَسَدها البَلي فَوْقه..تَكَوَّرَت عَلَى نَفْسِها وَهي لاتَزال مُتَدَثِّرة بِعَباءَتها..وَحِجَابها لَم يُفارِق رَأسها..تَشَبَّثت العَيْنان بالفَراغ الصَّارِخ باسْم يُوسف..الغُرْفة بأكملها كانت تُناديه..الهَواء الذي حَبَسَ نَفْسه لِيَنْتَظِر عَوْدته..المصباح الذي يُواصِل احْتراقه باشْتعاله رافِضًاً أن يَسْرق منها بَقايا النُّور..عطره المَرْكون عَلى طَرَفِ المنضدة وَساعة مِعْصمه التي شُلَّت عَقاربها مُذ فارَقها نَبْضُه...كُلّي يُناديك يُوسف..وَكُل الأشياء تَبْحث عَنك..كُلَّنا نَتَرَقَّب عَوْدتك..الشَّوْق يَسْكننا جَميعًا والخَوْفُ يُهاجِم وحدتنا..خَوْفٌ اتَّخَذَ دَوْرَ الحوذي لِتَسيير لَيالينا..تلك الليالي اليَتيمة من بَدْرِ وَجْهك..نُريدَ منك وَعْدً بِأنَّك سَتكون بخير..قُل إنّك سَتكون بخير..نَرْجو منك أَمَلاً لا يَأسًا يُجِبِرنا عَلى مُواصَلة العَيْش بِرُوح مَبْتورة الجَناحَين..كُن بخير يُوسف..كُن بخير...،

،

في الأَسْفل

تَقِف عِند بداية السُّلَّم بِرَأسٍ مَرْفوع بِمَيلان..كانت تُناظِر ما يَتّضِح لَها من الطَّابق الثَّاني بَعْد أن غابَ طَيْف حُور وَهي تَقول بِأسى،:ما أكلت شي..من الصبح مو ماكلة!
مَلاك التي اتَّجهت لإحْدى الأرائِك عَقَّبَت بِصَوْتٍ تَكَسَّرَت أَوْتار انْتعاشه..كانَ بارِدًاً تَفوح منهُ نَتانة المَوْت،:خلّيها..ماهي في وعيها عشان تفهم احتياجها للأكل..نست نفسها أصلاً..كلها ملتفت ليوسف
آآه عَبَرت القُرون والسَّنوات وَاسْتَيْقَظَت من بَيْن رُكام الأَيَّام المَنْسية..آه يُسْمع مَعها صَدى صَرَخات أَمّهاتٍ لَهُنَّ فَلذات أَكبادٍ قَد أَذاقتهم الحَياة مُرّها..تَعَثَّرت الآه بِحَشْرَجات الجَوى وَسَقَطَت بالقُرْبِ من حَنْجَرتها لِتَخرج تَنهيدة مُكْسورة..،:يُوسف..ولدي....
بَعَثَت لابْنتها سُؤالٍ حائِر من بَيْن بَلَلِ أَهْدابها....هَل سيكون بخير؟ ابْني..صَغيري المظلوم..أَهُو عائدٌ لأمومتي؟ أَم أَنَّني سَأمضي للقَبْرِ ثَكْلى؟
مَلاك..ارْتَعَشَ قَلْبها لِرياح الحيرة العابِثة بِصَبْرِ والدتها..إلا أَنَّها أَشاحَت وَجهها عنها..وَتَدَثَّرَت بِصَمْتٍ يَبْعث دِفئًا وَهْمِيًّا..فهي لا تملك جَواب..كُل الذي لَديها كَلمِات مُطَعَّمة بالتَّيه..لا تُريد أن تُصيب فؤاد والدتها الصَّبور بِعَدوى اليَأس والضَّجر من فَرَجٍ التَهَمهُ ضَبابٌ أَسْوَد..لا جَواب لدي أُمّي..لا أعرف كَيف أصنع من الحَديث دَواء بهِ أُخَفِّف وَجعك..وَلا كَيف أنسج بأصابعي ضِماداً يَتَشَرَّبُ بُكاءَ روحكِ الدَّامي..أَصبحت فَقيرة أُمّي حينما يَتعلق الأَمر بالثَّبات..أَخْشى أن يُباغتني الهَم وَيَنْهب فُتات صَبْري..حينها كَيْف سَأقابِل الله؟ كَيْف سَأمضي لِجَنَّةٍ كان الطَّريق إليها بَلاء لَم تَحْتمله روحي الضَّعيفة؟ المَعركة تحتدم وَأسلحتي نَفَذت..لَم أَعُد أَملك إلا الدُّعاء والصَّلاة..وَكما كُنتِ ولازلتِ تَقولين..بالدُّعاء والصَّلاة المَرءُ غَني وإن كان لا يملك سوى خرقة بالِية تَستره..إذن أنا غَنِيَّة..بل أَملك كَنْزًا دُون أَن أَعْلم..إذن لِمَ اليَأس! لِماذا أَمُدُّ يَدَي لِقُيود إبليس في لَحْظة من اسْتسلام! لماذا كُل هذا القُنوط؟..لِيَنْحَني ظَهْرَ الاحْتمال..وَلِتَتَعَكَّز الأَنفاس..ما دامَ القَلْبُ حَيًّا وَنبضه يُصارع للبَقاء فالأَمَلُ باقٍ..والفَرَجُ يَشُق طَريقه بَيْن زُحام السُّحب المَتَلَبِّدة في سَماء دُنيانا..سَيَنفَذ وَلو من ثَغْرة..، ازْدَرَدت هَوانها لِتَسْتَعين بالتَّجلُّد..نَطَقَت بِنَبْرة بَثَّت فيها قَليلاً من حَياة،:يُمّه يُوسف قوي..تجاوز أشياء واجد..وهالمرحلة إن شاء الله ما بتكون صعبة..صدقيني هالوضع مهما زاد سوء في النهاية الأمور بترجع أحسن وأحسن
هَتَفَت بِصَوْتٍ تُعينه عَلى الوُلوج بَحَّة لَها قُوَّة ذابِلة،:إن شاء الله..إن شاء الله..كل شي في ايد رَب العالمين..يعني كل شي بينتهي للخير



تُدور حَوْلَ المَكانِ وَفي العَيْنين يَدور مُسْتَقْبَل الإنتقام..تَدور وَعلى الشَّفَتين الْتَمَعت ابْتسامة تَفْضَح نَوايا الرُّوح..تَدُور والقَلْبُ مُسْتَعِر بِنَبْضِه..وَكَأنَّ النَّبضات تَجري لِتُسابِق الزَّمن إلى النّهاية..تلك النّهاية التي لَطالما حَلِمت بها فَوْق وسادتها الصَّديقة..وَرَسمتها عَلى أَسْقُف الغُرف التي احْتَضَنَت سَهرها..نهاية دَوَّنتها في كُتب سنينها..لِعَقْدانٍ وَأكثر كانت تغزل خُيوط الإعدام التي سَتكون النَّجم الأَبرز لتلك النّهاية..تغزلها بأفكارها وخططها البسيطة فِعلاً و العَظيمة أَثَرًا..سَأفوز وَسَأصل لشَريط النّهاية حَتْمًا..سَأمضغ لحمه وَأقتلع قَلبه من بَيْن أَضلاعه..شَجرة البُرتقال المُتَخَضِّبة بالدّماء العَزيزة المُنْتَهَك حَقّها..سَتَكون كابوسه الأَسْود..سَتَكون ظِلّاً يَبْتسم لَهُ بِخَبَثٍ على أرْضٍ سَتحمله للهاوية..سَنتبادل الأدوار لِنُطَبّق مُعادلة الدُّنيا العادِلة..شاكَسَت الابتسامة سُخْرِية كانت نَتاج أَفْكارها..أَتمنى أن تَكون عادِلة معي هذه المَرَّة!
،:هــا ما قلتين شرايش؟ بس قاعدة تدورين وتوزعين ابتسامات ونظرات تخوّف
تَوَقَّفت وَهي تُواجهه لِتُجيب بِحاجب مَرْفوع بَعْدَ أن عادت وارْتدت ابتسامتها الأولى،:المفروض تفهمني من هالنظرات والابتسامات...المكان تَمــام...موقعه ممتاز بالنسبة لشركة سلطان..المساحة مُناسبة..وأهم شي إنّه نظيف وَجديد..مايبي له شغل مُتعب..
هَزَّ رَأسه بِتَأييد ثُمَّ عَقَّب وَهُو يَحْشِر كَفّيه في جَيْبي بنطاله،:بالضبط..راعيت كل هالأمور قبل لا اختاره "استطرد" اللحين لازم تختارين الاسم والشّعار عشان نوقع العقد ونسجله
خَلَّلت أصابعها في خُصلاتها المُتَزَيِّنة بَتمويجات ناعِمة جِدّا وهي تقول،:الليلة بسهر على الاسم و تصميم الشعار..باجر الصبح بعطيك خبر
اسْتدار لِيَتَقَدَّمها للخارج،:تَمــام..أنا متفق مع مهندس ديكور لمثل هالمحلات..إذا تبين تعطينه تعليمات بعطيش رقم مكتبه
وَهي تَتبعه للخارج،:أوكــي..اتفقنا
رَنا لها بِطَرف عَيْنه عندما أَصْبحت بجانبه والسَّماء من فوقهما تَشْهد هذه اللحظة..وبابْتسامة مائِلة تُشابه في مَعناها ابْتساماتها قَبْل دَقائق،:وين تشوفين نفسش بعد شَهر؟
أَجابتهُ وَعَيْناها تَتَعَلَّقان بِأعماق الرَّسْمِ الذي وُشِمَ عَلى جِلْد أَيّامها،:عنده..في مكتبه..داعيني عَلى استكانة جاي وتشوكلت له حلاوة غبية على الطّاولة الصَّغيرة اللي تتوسطنا..وابتسامة حَقيرة وخبيثة على شَفايفه
اتَّسَعَت ابْتسامته،:وشنو يبي؟
اعْتَلى حاجِبها قِمَّة ثِقته،:يبي نوطّد علاقة العمل لشي... ...أكبر
،:وشنو ردّش؟
التَفَتت لهُ وهي تغمز بعينها مُجيبة،:كل شي في وقته حلو



غارِقة في بَحْرٍ من أَفْكارٍ لَهُ أَمواج جَليديَّة..تَتَحَرَّك بِهَيَجانٍ يشبه الطُّوفان لِتَصْطَدِم بِرُوحها وَتُزَعْزِعها..مُذ فَجَّرت نُور قُنبلتها حَتَّى هذه اللحْظة وهي تغرق دُون أَن تَنقذ نفسها..لأَنَّها بالغَرق تَهرب إلى أَعماق نفسها باحِثَةً عن لؤلؤة وَحيدة فَريدة تتوّج بها ارْتباط نُور بِحَبيب عُمرها طَلال..لَكنّها غير قادِرة على إيجاد وَلو بَريق اللؤلؤ..لا شيء سوى ظُلْمة قاع البَحْر وَ صَمْته المُوْحِش..هي حاولت بِشِدَّة وَنَجَحَت في تَمثيل الفَرَح..ارْتَدَت عَباءة من ثِقة مُزَوَّرة بِأن الأمور سَتَكون بخير..وَأَنَّ الذي حَصَلَ وَسَيَحْصَل بَعيدًا كُل البُعد عن الغَرابة..إلا أَنَّه في الحَقيقة الغَرابة بذاتها! هي مُتَعَجِّبة وَجدًّا من فِعْلة والد نُور..العَم ناصِر..لَطالما كان يُضْرَب بهِ المَثل في كَياسته وَحُسن مُداراته للمواضيع الحَسَّاسة والمُعَقَّدة..لَكن هذه المَرَّة...وَكأنَّ رَجُلاً لا تعرفه مَن اتَّخذ القَرار وَأقدم على هذه الفِعْلة الخاطِئة وَجِدًّا..عبدالله..نُور..وَطَلال..يا إلهـــي...ما هذا التَّعْقيد!!
اسْتَقَرَّت بباطن كَفّها عَلى جَبينها لِتَرْسِم لَوْحَة قَلِقة تَتَسَرَّب منها أَلوان الهُدوء و السَّكينة،مُفْسِحَةً المَجال لِفَيَضانٍ من أَلوانٍ رَمادِيَّة كَئيبة تُبَشِّر بالمَصائِب..هَمَسَت بارْتعاشٍ وَجِل..،:الله يستر يا نُور..الله يستر



جِنان تَجْلس عَلى إحْدى الأَرائِك وَعَلى فَخْذِها اسْتَراح رَأس صَغيرتها المُتَسَرْبِلة بِرداء النَّوْم المُغري..عَلى يَمينها والدتها وَأمامهما يَجْلُسان عَلي وَجُود..يَتَبادلون أَطراف الحَديث حَوْل سَفَرِ العَروسان.. اعْتضلى رَنين الجَرَس..وبضع عَلامات استغراب واستنكار بدأت تَجوس بَين المَلامح وَالوُجوه..يَدلف مُحَمَّد بَعد أن فَتحت لَهُ الباب الخادِمة..يُسَلّم بِوُجومٍ يُشْعِل فَتيل القَلَق..يَقِف أَمام والدته التي تَعَلَّقت شَهْقَة الخَوْف بِحَنْجَرتها..كَم هُو مُوْجِع حَجم الخَوْفِ وَالهَلع الذي يُجلبه بِكْرها..غيابه الغامِض زَرَع في نُفوسِهم بَذْرة،كُلَّما أَقْبْلَ عَليهم نَمَت منها أغصان قَلق وَتَرَقُّب..الإعتراف بالحَقيقة غَصَّة في الحَلْق وَجَذْوة تَلْتَهب في القَلْب..لَكنّ لا بُدَّ من البَوْح بها وَلو بالكُتْمان..مُحَمَّد بات مُرْتَبِطًا بالشُّؤم وَهُو فَأل شَر مُنذ غيابه حَتَّى زَمَنٍ غَير مَعْلوم..،
تَساءَل قَبْل أن تُطْلِق والدتها سَراح فَزَعِها،:أبوي وين؟
عَلي وَجَّه لَهُ سؤال وَهُو يَقِف بِتَحَفُّز،:شصاير؟ ليش وجهك جذي!
اسْتَدار يَنظر إليه وَهُو يَشِد شَفَتيه كاشِفًا عَن مَيَلان من المُهين أن يُطْلَق عليه ابْتسامة..،:مو صاير شي...انتوا شفيكم خايفين!
جَنان وَهي تُحارب تَصَدَّعات التَّوتر المُشاغِبة مَلامحها،:شدراني فيك..داخل علينا هالحزة ووجهك يوحي بمصيبة صايرة وتسأل عن أبوي..أكيد بنخاف!
تَراجع خطوتان للخلف سامِحًا لِجسده بالإسترخاء على الأريكة الفَرْدية..اسْتَنْشَقَ نَفَس عَميــق وَهُو يُرْخي ذراعيه بِجانبه تَحْت أَنظارهم المُتَوَجِّسة..حاول وَفَتَّشَ داخله وبالكاد استطاع أن يَظْفر بِضحكة قَصيرة لا تَتَجاوز الثَّانيَتان وَلها خِفّة كَنسيمٍ أَضاع الطَّريق في ظُهْرِ صَيْفٍ حارِق..ثُمَّ قال بِنَبْرة نَقَّحها من الجِدّية الواجِمة،:مافــي شي يخوّف والله..بس عندي موضوع مهم ويحتاج يكون أبوي موجود
والدته بنفاذ صَبْر وَكَلماته الأخيرة لَم تُسْقها وَلو رَشْفة اطْمئنان،:أبوك يمكن ما تشوفه إلا عقب أسبوع..إذا مو أكثر..قول..تحجى
مالَ رَأسه بِخفَّة وَبِطَرف سَبَّابته دَعَك صدغه الأيمن..رَشَّح صَوته وَهُو يَتَقَدَّم بظهره للأمام..أَرخى ساعديه فَوق فَخْذيه..شَبَك أَصابعه وَهُو يُدير عَيْنَيه عَلى الوُجوه المُنْصَرِفة إليه..مَرَّر لسانه عَلى شَفَتيه و..،:أبي أخبركم إنّي بتزوج.... ...قريب



تُسَرِّح شَعْرها أَمام المِرْآة التي يَنْعَكِس فيها وَجْهها ذو المَلامح النَّاعِمة..إضاءة الغُرْفة الصَّفراء الخافِتة وَالتَّكييف البارد أَسالا لُعاب وَعْيها المُشتاق للنَّوم..قالت وَهي تُنظر لصورته المُنَعكِسة،:للحين أحس بتعب من ملجة فيصل..مع إنّي ما اشتغلت شغل مُتعب..بس يمكن لأن الفترة بينها وبين عرس جُود مو طويلة..فتجَمَّع التعب على التعب

هُو الذي كان جالِسًا في مَوْضعه عَلى السَّرير هَمْهَم بِنصف انْتباه تَعقيبًا عَلى حَديثها وَلم يَكْشف عن كَلِمة واحِدة..اسْتَشْعَرت حَواسها وُجود شيء..فَهو مُذ عاد اعْتَكَفَ في مِحْرابٍ من صَمْتٍ غَريب عليه..عادَةً يَسْرد عليها بَعض أَحداث يَوْمه..إلا أَنَّه اليوم اخْتارَ أَن يتَوارى خَلْف السُّكوت...وَضَعت فرشاة الشَّعر في مكانها وَعَيْناها تَتَسَلَّقان مَلامحه لِتَعْرِيَتها..رَطَّبت كَفَّيها بالمُرَطّب الخاص..تَعَطَّرت..ثُمَّ وَقَفت لِتَّتجه إليه..تَساءَلت عندما جَلست أَمامه..،:ناصر شفيك؟ في شنو تفكر؟ من أول ماجيت وإنت ساكت! صاير شي؟
رَفَعَ بَصره إليها سامِحًا للعَيْنان بالعِناق..تَقَدَّم قَليلاً وَهُو يُجيبها بِهُدوء وَمُباشرة،:واحد خاطب نور
ارْتَخَت مَلامحها بَعْدَ أَن أَفْصَح عَمَّا يُشْغله..ابْتَسَمَت بِخَيْبة وَهي تُدير نصف جَسدها،:لا تعوّر راسك أكيد ما بتوافق
عَقَّبَ بذات الهُدوء،:وافقت
اسْتَدَارت لَهُ سَريعًا لِتَتَّضح لَهُ إمارات الصَّدْمة والتَّعَجُب المُتطافِرة من مَلامحها..هَمَست بعدم تصديق،:شنــو؟...وافقت!
هَزَّ رَأسه بِتَأكيد،:أيــه..كلمتها عنّه ووافقت
ابْتسامة فَرَح مُرْتَعِشة بَدَأت بِشَد شَفَتيها بِتَرَدُّد وَهي تَتساءَل بلهفة،:من هذا؟ من هذا اللي قدر يغيّر رايها؟
أَجاب بِكَلمة واحدة،أو اسم واحد،:طَـلال
عُقْدة خَفيفة تَوَسَّطت حاجبيها،:طَلال؟ أي طَلال؟
وَضَّح،:طَلال ماغيره..ولدنا
اتّساع مُفاجئ أَطَّر مِحْجَريها كاشِفًا عَن عُظْم الصَّدْمة التي قَذَفها عَليها..رِياح من احْمرار قُرمزي بَدَأت تَجُوس طَيَّات مَلامحها وَأطْرافها التي اسْتَنفرت بحدَّة..وَقَفَت كَمَلْسوعة تَحْت أَنْظاره المُشَبَّعة بالهُدوء..نَطَقَت بِنَبْرة تَغْلي غَضَبًا..،:يعني شنــو توافق؟ هذي استخفّــت! ما كَفاها السّم اللي رمته بلقيس..تبي تَأكد عليه اللحين بموافقتها الغبية!
تَرَك السَّرير لِيُقابلها قائِلاً بِنَبْرة ودّية،:ماعليه لَيْلى حبيبتي..اهدي شوي
رَفَضَت وَبِقُوَّة،:لا مابهدي..لازم ما اهدي "اسْتَدرات وَهي تُكْمِل" لازم أوقفها عند حدها وأذكرها من طلال ومن عبدالله إذا كانت نست
وَهُو يَتْبعها بخطوات واسِعة،:لحــظة يا ليلى يمكن البنت نايمة لا تفزعينها
لَم تَسْتَجب لَه وَغادرت الغُرفة قاصِدة غُرْفة نُور التي اخْتارتها الدُّنيا الضَّحِيَّة في هذه المَعْركة المُحْتَدِمة القِتال، وَالمُتَسَيِّدها تَعْقيدٌ يَكاد يَفتك برُوحها كَمَرضِ عَضال..،



أَتَى الصَّباح بَعْد لَيْلة ثَقيـلة وَمُرْهِقة لِحَنين..فهي لَم تَنم بَعَد أن سَقَطَت من جَديد بَيْن براثن التَّعَب..الغَثيان ذاته و الدُّوار..خَفقان قَلْبها أَجَّجهُ خَوْفها..لَم تَكُن قادِرة على تَرْجمة ما يُصيبها..هذه هي المَرَّة الأولى التي تَعيش فيها هذا النَّوع من المَرض الغَريب!..كانت رافِضة لفكرة الذَّهاب للمَشْفَى،إلا أَنَّها في النَّهاية خَضَعت..فالشَّمس قَد أَشْرَقَت وَوجعها لَم يَسْكن بَعد..وَهاهي الآن مُمَدَّدة بِوَهْن على السَّرير الأَبيض وَعلى المَقعد بِجانبها يَجْلس بَسَّام يَنتظر معها نتيجة التَّحليل الذي أَصَّرت الممُرضة عليه..حَنين بِقَهَرٍ هَزيل،:يعني شكان بيصير فيها لو ركبت علي مغذي أو ضربتني أبر! ماله داعي هالتحاليل..تأخير على الفاضي
ابْتَسَم لِمَلامحها المُنْكَمِشة من التَّعبِ والقَهَر مَعًا وَهُو يُوَضّح لها،:حَبيبي تبي تتأكد..يمكن في حَمل وإنتِ ما تدرين..ما يصير تعالجش قبل لا تتأكد عشان لا يتضرر الجَنين
تَأفأفت بِضَجَر،:بَسَّـــام أنا أدرى بنفسي..مو حـــامل! ليش تطوّلها وهي قصيرة!
هَزَّ رَأسه بتفهم،:ماعليه ماعليه..هي بعد مجبورة تسوي التحليل..كل الفرضيات مُحتملة ومنها إنش تكونين حامل..وهي مابتثق في أقوالش خوفًا من إنها تتسبب على نفسها بنقطة سودا في ملفها
زَفَرت بِمَلل ثُمَّ أَدارت وَجْهها وَهي تُغْمِض وَيَداها مَبْسوطَتان عَلى بَطْنها..هَدَأ نَفَسُها وَكَأنها قَد اسْتَسْلَمت للنَّوم..إلا أَنَّ دُخول المُمرضة أَعادها سَريعًا للواقع..رَمقتها بِنَظْرة مُتَّخِمة بالقَهَر وَهي تُبْصِر ابْتسامتها الواسِعة وَالمُسْتَفِزّة بالنّسبة لها..بَسَّام وَقَف وَهُو يَسْتَفسر،:ماهي النتيجة؟
وَهي تُحَرّك عَدَسَتيها عَلى الاثنان،:مبروك لكما..النتيجة تكشف عن وجود حَمْل

ذَلك البَريق الضَّاج بالسَّعادة وَالقافِز من عَيْني بَسَّام كانَ نَقيضًاً للريح التي عَصَفَت بِمَلامح حَنين وَجَمَّدتها..وَكَأن خَبَرَ الحَمْل صَفْعة زَلْزلتها..،



اسْتيقاظه كان باكِراً اليَوْم..اسْتَيْقَظَ وَشَفَتَاه مُتَدَثِّرَتان بابْتسامة دافئة هِي وَليدة حُلْم سَماوي..عائِلة.....
هُو وَنُور وَطِفْل صَغير..تَراءى لَهُ أنَّها أُنْثى من لَمْعة القِرْط الذَّهَبي المُعانِق أُذْنها..تَمْلِك عَيْنان مَحْمِيَّتان بِأَهْداب لَها الْتواء رَقيق يَحْفَظ الطَّريق إلى نَبْضه..وَاسْتَعارَت مِن والدتها الشَّفَتان الصَّغيرتان..كَما قُطْعة سُكَّر تَذُوب وَسَط رِمال قمحية ناعِمة..كانت تَغْفو بَين ذِراعيها..بالقُرْب مِن قَلْبِها..تُنْصِت لِمَعْزوفة الحَياة المُحَلِّقة مِن رُوحها..فَهي لِذاته حَياة..وَمِن بَعْدها لَم تَكُن لَهُ حَياة..،
اسْتَحَم..تَناوَل فَطوره..وَها هُو يَتَنَقَّل بَين مَحَطَّات التِّلفاز بِغَرَقٍ تام نُواته الابْتسامة المُتَعَلِّقة بِشَفَتيه..ما أَجْمَل الأَحْلام حينما تُخيط الجِرْح الذي اسْتَباحت دِمائه دُنيا الواقِع بَين أّرْواحِنا..وَكَأنَّ الأَحْلامُ اعْتِذارٌ خَجِل مِنها يَرِد عَلَينا عِندما يَسْكِن الكَوْن وَتَنْزَلِق نَبَضاتنا عَن قُلوبنا هارِبةً مِن أَنينها المُرْهَق..،
طَفى وَعْيه عَلى السَّطْح مِن طَرْقٍ رَتيب للباب أَتْبَعهُ رَنين الجَرَس..وَقَفَ سَريعاً وَالابْتسامة اخْتارَت أَن تَتِّسع لِتَمْلأ مَلامحه لِلَحد الذي بَدَأت تَزْحَف لِعَيْنَيه..أَيُعْقَل أَنَّها زِيارة جَديدة مِنها؟ اليَوْم أَيْضاً..هَل اشْتاقت لِساعات البارِحة وَأرادت إعادتها مِثْله؟ رُبَّما..رُبَّما طَلال..حَماسَه وَلَهْفَته قاداه لِلباب..وِبِلا تَرَدُّد أَو حَتَّى اسْتفسارٍ من الطَّارِق..أَدار المفتاح في القفل وَشَرَع الباب والبَهْجة تَفيض من وَجْهه....ثانِيَتان..ثانِيَتان فَقَط وَبَدَأت الابْتسامة بِجَيْشِها السَّعيد تَشْخب من وَجْهه بِطَريقة أَثارت اسْتنكار الواقِف أَمامه..وَالذي قال بِحاجِب أَرْفَعهُ الشَّك،:شَكلي خَيّبت توقعاتك!
أَطْبَقَ شَفَتَيه دُون أن يَنْطق بِكَلِمة..لِيَكْتَفي بازْدراد ريقه الغاص بالقَهَرِ وَالغَضَب والنَّدم وَكُل مَعاني الأَسَى وَالحُزن..تَمْتَم ناطِقًا اسمه لِيَصْفع أَحلامه الوَقِحة وَينتشلها من سَكَرِها،:عبـدالله...



.
.
.
.
.

سَبَقَتنا الأَيَّام وَشَرَعت كُتُب المُسْتَقْبَل الذي يُراقبنا بِعَيْنٍ واحِدة..اقْتَلَعت مِنُهُ صَفَحات عَشْوائِيَّة وَأَلْقَتها عند أَقْدامنا تُطالبنا بِحَل لُغْزها..أَجْبَرَتنا أن نَسْلَخ جُلودنا..وَأن نَسْتَخْلِص من دِمائنا حِبرًا..وَأَن نُهَيء الرُّوح لِلمسمار الذي سَيُصَدّع جُدْرانها المُسالِمة..أَصْبحنا مُرْغَمين عَلى إكمال القِصَّة النَّاقِصة عَلَّنا نَصِل إلى نقطة النّهاية التي قُيِّدت عندها ذَواتنا رَهائِن..أَي أَنَّ النِّهاية عُنُقِ تِلْك الأُنْثى إذن؟ أَهذا صَحيح؟..سَألَ نَفْسه السُّؤال الذي حَمَلهُ مَعه حينما جابَ السَّماء..ومثل كُل مَرَّة لَم يَعْثُر عَلى جَواب..،
كان يَقِف أَمام النَّافِذة الواسِعة المُطِلَّة عَلى حَديقة المُسْتشفى..يُنظر للشَّمس وَلَكِنَّها لا تَنْظُر إليه..شَمْسُهم خَجولة..تَتَّخِذ من الغُيوم خِدْرًا لَها تَسْتَتِر خَلْفه..عَلى عَكْسِ شَمْس وَطِنه..لَها أُبَّهة مَلَكِيَّة..جَريئة كَعاشِقة تَلْتَقي بِسَيّد قَلْبها..وَحَنونة كَأم تُحارب بضيائها العُتْمة المُتَقَصِّدة أَرواحهم... ..مَضى شَهْر وَلَم تَلْسع بِأشِعَّتها وَجْهه..تَبَسَّم بِخِفَّة..لا بُد أَن تَكون لَسْعَتها قُبْلة،بها تُشَجّعنا عَلى مُواصَلة القتال وَالهَرب من الألْغام....،الْتَفَت لِطَرْق الباب..تَوَقَّع الذي من خَلْفه قَبْل أن يَدخل..لذلك اتَّسعت ابْتسامته حَتى ضاقت عَيْناه حينما كَشَف وَجْهها عَن صِحَّة جوابه..رَاقب زُمرَّدتَيها وَهُما تَتَفَحّصانه باهْتمام وهي تَتَقَدَّم منه مُتسائِلة،:هل أنتَ هُنا منذ البارِحة؟
نَظَر لساعته وَهُو يُجيبها،:لا..مَضت نصف ساعة على قُدومي..قَضيت البارحة في شقّتي
هَزَّت رَأسها بِتَفَهُّم قَبْلَ أن تُبادله الابْتسامة بِحَلاوة،:هذا جيّد..سَعيدة لأَنّك لم تُرْهِق نفسك
جَلَس على المَقْعد خَلف مكتبه وَهُو يُعَقِّب بِمُزاح،:خَشيت أن تُعاقبيني إذ أنا أرْهَقت نَفسي
ضَحَكت حَتَّى بانت أسنانها المُصْفوفة باتّقان وَهُو ابْتَسم بِصَمْتٍ ودّي لضحكتها الجَّذَّابة..عَلَّقت بِصَدْرٍ مَنفوخ بِغُرور مُصْطَنَع،:عليك أن تخشاني..فأنت تجهل خطورتي "أَرْكَنَت خُصلاتها الشَّقراء خَلف أّذنها وَهي تستطرد بنَبْرة حَماسية" هيا انهض..أَحضرت فطورًا من منزلي..سَوف نتناوله في الحَديقة..الأجواء خيالية في الخارج
رَفَعَ حاجِبَيه باسْتنكار،:أنا صائِم؟ هل نَسيتِ ذلك؟!
تَقَوَّسَت شَفَتاها بِخَيْبة،:قلت شَهْر فقط..ألم ينتهِ الشَّهر؟
،:بَقيت ثلاثة أَيَّام أَو أربعة..لم يُحَدّد بعد
اسْتَفْسَرت،:ماذا يعني؟
هذه المَرَّة هُو الذي ضحك وهي التي ابْتَسَمت لِضحكته النَّادِرة وَجِدًّا..أَجابها مع الْتْقاط يَده لِأحد المَلَفَّات،:الشرح يَحتاج تفصيل..سَأخبرك في وقت لاحق
تَراجعت للخَلْف،:حسنًا..سأذكرك إن نسيت..أثار اهْتمامي الموضوع..سَأذهب للبحث عن رَفيق يتناول الإفطار معي "اسْتدارت لثوانٍ..ثَمَّ عادت والتَفَتت إليه..بانَّت لَهُ ابْتسامتها المُنْتَشِية خَبَثًا وَهي تَقول بِنَبْرة ذات مَعنى لَم يَغِب عنه" بالمناسبة..نظراتك لَعْيْني حينما دَخلت مَأهولة بِحَديثٍ يَرْفض قلبك البَوْح به
دافعَ عن نَفْسه بِكَلِمة واحِدة،:تَتَوَّهمين
غَمَزَت لَهُ بشقاوة،:سَنــرى "لَوَّحت له" أَراكَ لاحِقًا أبْــدو
رَفَع صَوْته مُصَحِّحًا لها عندما تَجاوزت الباب لِتَسْمعه،:عَبــدالله يا مارتينا عبدالله
صَوْت ضِحْكتها كان التَّعقيب لِتَصْحيحه..يَعلم أنَّها تنطق اسمه هكذا لِتُشاكِسه وَتستفزه..وَهُو بالفعل يَشعر بالاستفزاز وفي الوَقت نفسه تنتابه الضّحكة على طُفولتها..تَبْدو كمراهقة بتصرفاتها لا ابْنة الواحدة والثَّلاثين...، فَتَحَ المَلَف وَبَدأ يَتَصَفَّحه..قَصَدت أَصابعه خُصلات شَعْره من الأمام اسْتجابة للأفكار التي حَطَّت على سَطْح عَقْله..هَمَسَ وَهُو يَسْتَذكر جُملتها..،:الله يستر من تحليلاتش يا مارتينا!





~انْتهى

 
 

 

عرض البوم صور simpleness   رد مع اقتباس
قديم 06-01-18, 09:42 PM   المشاركة رقم: 1068
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو راقي


البيانات
التسجيل: Aug 2015
العضوية: 300973
المشاركات: 633
الجنس أنثى
معدل التقييم: simpleness عضو على طريق الابداعsimpleness عضو على طريق الابداعsimpleness عضو على طريق الابداعsimpleness عضو على طريق الابداعsimpleness عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 475

االدولة
البلدBahrain
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
simpleness غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : simpleness المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: ذات مُقيّدة حوّل عُنُقِ امْرَأة / بقلمي

 

السَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مَساء الخير..شخبار الجَميع؟
عساكم بخير وعافية يارب،

أوَّل شي شُكـرًا للجَميلة طُعون لمساعدتها على فتح الرواية ونقلها،
ثاني شي هذا الجزء نزل قبل أيّام في واحد من المنتديات فاللي ما قرأه فقراءة مُمتعة له،

ثالث شي للتوضيح.آخر موقف واللي كان فيه عبدالله هو انتقال بسيط نسبيًا في الزمن..حدود الشهر وبضعة أيّام..يعني أحداثنا اللي بنستأنفها بتكون بعد شهر من الأحداث اللي ذُكرت في هالجزء..البعض ما وضح له هذا الشي..في الجزء القادم إن شاءالله بتتوضح الأمور أكثر..والمواقف اللي اقتطعتها وماكملتها بتكتمل في الأجزاء القادمة بإذن الله.

والجزء القادم عطوني بس إسبوع أنتهي من امتحاناتي وبنزله إن شاء الله على خير..وأتمنى من المشرفات عدم إغلاقها..ما بطوّل إن شاء الله

كونوا بخير جميعًا وتصبحون على ألف خير.

 
 

 

عرض البوم صور simpleness   رد مع اقتباس
قديم 06-01-18, 09:44 PM   المشاركة رقم: 1069
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو راقي


البيانات
التسجيل: Aug 2015
العضوية: 300973
المشاركات: 633
الجنس أنثى
معدل التقييم: simpleness عضو على طريق الابداعsimpleness عضو على طريق الابداعsimpleness عضو على طريق الابداعsimpleness عضو على طريق الابداعsimpleness عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 475

االدولة
البلدBahrain
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
simpleness غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : simpleness المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: ذات مُقيّدة حوّل عُنُقِ امْرَأة / بقلمي

 

اقتباس :-   المشاركة الأصلية كتبت بواسطة bluemay مشاهدة المشاركة
  
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


عوداً حميداً سوسو


اقتباس :-   المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبها مشاهدة المشاركة
  
عودا حميدا سمبلنس ..

أسفرت و أنورت ..💫💫💫💫

هلا و مرحبا تراحيب المطر و العطر و العود ..🍃🍃🍃

اشتقنا لك و لابداعك و لأبطالنا كلهم ..💞


حَبيباتي تسلمون..اشتقت لكم فردًا فردًا،
شُكْرًا للطفكم.

 
 

 

عرض البوم صور simpleness   رد مع اقتباس
قديم 15-01-18, 09:32 PM   المشاركة رقم: 1070
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو راقي


البيانات
التسجيل: Aug 2015
العضوية: 300973
المشاركات: 633
الجنس أنثى
معدل التقييم: simpleness عضو على طريق الابداعsimpleness عضو على طريق الابداعsimpleness عضو على طريق الابداعsimpleness عضو على طريق الابداعsimpleness عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 475

االدولة
البلدBahrain
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
simpleness غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : simpleness المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: ذات مُقيّدة حوّل عُنُقِ امْرَأة / بقلمي

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مَساء الخير..كيف الأحوال؟

إن شاء الله موعدنا يوم السبت..نلتقي على خير إن شاء الله
مبدئيًا بيكون السبت ثابت..لين ما أشوف إذا يناسبني أخليهم يومين في الأسبوع..بعطيكم خبر،

إلى اللقاء

 
 

 

عرض البوم صور simpleness   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مُقيّدة, امْرَأة, بقلمي, حوّل, عُنُقِ
facebook




جديد مواضيع قسم القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 07:31 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية