لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 11-02-17, 10:21 PM   المشاركة رقم: 986
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو راقي


البيانات
التسجيل: Aug 2015
العضوية: 300973
المشاركات: 633
الجنس أنثى
معدل التقييم: simpleness عضو على طريق الابداعsimpleness عضو على طريق الابداعsimpleness عضو على طريق الابداعsimpleness عضو على طريق الابداعsimpleness عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 475

االدولة
البلدBahrain
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
simpleness غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : simpleness المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: ذات مُقيّدة حوّل عُنُقِ امْرَأة / بقلمي

 

اقتباس :-   المشاركة الأصلية كتبت بواسطة طُعُوْن مشاهدة المشاركة
  
صباح الخير سنبلة الإبداع-> اسرق الاسم من ليلي..


قرأت البارتين اللي فاتت.. أول شيء واضح جدًا جدًا الفرق الكبير بينها
من ناحية السرد و الحوارات وكل شيء.. يعني الفصل الثاني من السابع
و الأربعون احسك كنتي مرهقة وانتي تكتبينه أو ما كنتي بمزاج جيد للكتابة
بعكس البارت الثامن و الأربعون.. جد جد عشت فيه كل المواقف من أولها
لآخرها.. شيء عجيب تشبيهاتك.. جدًا ملفته.. احب هالنوع من التشبيهات😍
و ترا لاحظت هالشيء كل ما غبتي فترة تردين ببارت قوي .. الظاهر احنا اللي
نرهقك مع انو احنا طيوبات شحليلنا🌚.. المهم.. خليك من قرقرتي فوق..
دا انا اكتشفت اكتشاف مثل القنبلة-> الله يستر ما ينفجر بوجهي ذا الإكتشاف😂🚶🏻‍♀
الإكتشاف هو التالي..

عزيز انسجن في برلين .. ما اظن احد قد اكتشف هالشيء والا..؟ يعني بالصدفة ترا
فتحت عالجزء الأول من السابع و الأربعون.. و قرأت موقفه مع زوجته أم بدر لما خطط
انها تضيع.. كاتبة في السرد إنو وحشية و برد سجون برلين هي اللي مكونته كذا..
قاسي ما يرحم.. بس وراه ما عجبه كلام أمه عن غادة وحبها لعمار 🌚 .. اي صح .. يمكن
هو كمان انسجن بسبب استور..!

و على طاري استور.. يا اني انفجعت يوم قريت دعوات ليلي.. قلت منهو ذا اللي اجرمت
فيه بس زين انه طلع استور😒 .. يختي حقير.. دمر حياة محمد عشان يصير عميل سري
عنده..! ابد ابد ماله حق بهالشيء.. ايش فرق عن غيره من المجرمين..! كمان الرقم
اللي مكتوب بأسفل ظهر محمد و اللي برقبته.. اظنها من السجن ..؟ قد قلتها قبل اظن
انه رقم تسلسلي عشان لو صار له شيء يقدرون يعرفون هويته منه..! بس مين هالعصابة..!
يعني من زعيمها..؟ الحين هالعصابة تقريبًا ملتفة على ابطالنا من كل جهة.. جهة ملاك ومحمد
و يوسف و حور و عزيز و غادة و فاتن .. و كلهم لهم علاقة بسلطان إلا غادة و عزيز..
كمان ما ادري ليش بس مو متطمنة لأبو محمد 🌚 ..


،

ابدأ بالقفلة.. ابد ابد ماهي فاتن.. يعني ما كان فيه ردة فعل من رائد .. يعني رائد استغل الفرصة و بيقدر كذا يطلع لفاتن شهادة وفاة عشان لو دورها سلطان ما يلقى نتيجة.. هذا
طبعًا اذا ماكان يتبعها وعارف عنها كل شيء .. اللي مثل سلطان ما رح يترك الأمور وراه بدون متابعة .. بس السؤال .. فاتن ليش كانت تبي استور..؟ وهو ليش ارتبك منها على ما اظن..؟
قد نسيت ردة فعله بس اذكر انه ماكان فرحان بجيتها له🌚.. استور يقهر .. على فني محقق وهو يرتكب كل شيء عشان تمشي أموره 🙄 ..

،

فيصل .. ينرحم .. بس ايش يبي في جنان..! مو هو اختار طريقه ليش الحين يتصل عليها..؟
محد مظلوم في السالفة الا ياسمين مع انها مو مظلومة وهي كانت حاطة عينها عليه وهو متزوج .. تدرين .. جا ببالي فكرة .. انو فيصل يخطب جنان و يصير ابو حريم😂😂🚶🏻‍♀ .. يعني
لما افكر فيها اشوف هالشيء مقنع بالذات مع وجود جنى اللي واضح انها متحسسة من الوضع وانو ماهي بين أمها و أبوها زي باقي الأطفال .. يعني ممكن عشان جنى يتنازلون عن كبريائهم شوي 😒 .. اظن فيصل لو يركز شوي بيعرف انو فيه شيء فاته بعلاقة أحمد و جنان .. هو اصلًا تسائل ليش طلقها أحمد وهم يحبون بعض ..! لو يركز شوي بس شوي 😐✋🏻


،


طلال .. ماهو من جده 😳😳 .. باللهِ يبي يقول لعبدالله تراني اعتديت على محارمك و خنتك..!
بس قرأت شيء شدني .. انو طلال قال بثرثرته مع نفسه انو يديه لامست جسد نور .. هل تعدى اللي بينهم القبلة..؟ يعني تجيني أفكار مو مطمنة و أنفيها أقول لا ما سووها .. بس لما افكر بالمنطق .. نور ماكانت بوعيها و طلال كان ضعيف إيمان .. يعني مو مستبعد هالشيء ..
الله يستر بس .. انا أكثر شيء خايفة عليه هو نور .. يعني لما ينكشف زواجهم للكل .. بتصير بلقيس هي الصادقة .. اظن الكل رح يكون ضدهم .. باستثناء ناصر طبعًا ..



،


يوسف .. ايش اللي صار له بعد سنة من موت أبوه ..! الظاهر انو بدأ يسترد نفسيته و هالشيء ما أعجب سلطان .. ما استبعد يكون عطاه شيء يخليه يتردى عشان يوديه للدكتور النفسي باتفاق مع الدكتور .. عندي احساس انو حور هي اللي رح تكشف أوراق الماضي..


،


ملاك .. عمري هي 😭😭😭😭 .. الله ياخذهم الكلاب .. حسبي الله على كل من يعتدي
على بنت .. تدمرت نفسيتها .. اشتقنا لملاك اللي قبل 😭😭 .. الله يعينها على حياتها
الجاية مع محمد .. كل واحد منهم ذاته مدمرة .. و كلهم نفس العلة 😭😭 ..


،

حنين و بسام .. تهقين انها حامل🤔😂 .. بس عاد بسام أبوه كاشفه انو كان يرسل
لحنين 😂😂 .. يعني عشان كذا كان يدق فيه أول و يقول لحنين انو عنده مواهب ثانية..
متى بتعرف حنين انو هو صاحب الرسايل بس😅

،


مروة .. يا بنتي من طق الباب سمع الجواب 😂😂😂😂 .. مابي اتشمت بس مسخرها عبدالله .. يعني هو تجاهلها بحركة صريحة وهي اللي لحقته فتستاهل ما جاها .. عاد تو أدري انهم جيران 😂😂 .. وشكله هو كمان ما يعرف انو مروة تسكن قريب منه .. وقتها صدق بينصدم😂 .. هو يهرب منها في المستشفى يلاقيها قريبة منه من جهة ثانية .. بس حسيته طفل وهو يهرب منها .. كنه خايف تمسك عليه شيء ..

صراحة مروة ما حبيتها مثل حنين و ياسمين و أنفال.. ودي اجمعهم في علبة و أقفل عليهم و أرميها في البحر😝 ..

،


صراحة صراحة عشت مع فيصل مشاعره 😭😭 و مع أمه كمان .. ما تدري هي تهدي له
حب عمره و إلا تخليه يكمل في الطريق اللي اختارها .. و رجحت الثانية ..

ياسمين .. متوجسة من جنان لأنها قد شافت علاقتها بفيصل قبل .. و لأنها مو واثقة من
قلب فيصل .. يمكن انها ملكت فيصل كزوج بس مارح تملكه كـ قلب و روح .. ياسمين اظنها أذكى عشان تعرف انو جنان لسى مستوطنة فيصل و الدليل قدام عيونها .. بنته مسميها بإسم مشتق من اسمها ..


أحمد .. ما توقعت صراحة يقول لفيصل .. توقعته يتجاهل هالشيء وما يذكره أساسًا ..
يختي ابي اعرف وش صار في لندن بعد ما عرف فيصل عن جنان وأحمد 😐

،


فاتن و مقابلتها لأهل رائد .. هل لها مغزى ثاني و الا المغزى منها طلب فاتن و انها
تبي تمحي فاتن و كل شيء يربطها بفاتن..؟


،


اظن قرقرت بما فيه الكفاية .. دمتِ بود💜



مَساء الجَمال يا جَميلة

ههههه..حَبيته اللقب..تُشْكَر عليه

للأمانة الأجزاء الأخيرة..قبل الجُزء الثَّامن و الأَرْبعون..كنت كارهة الرواية
كانت مثل الحمل الثَّقيل..و السبب تعارضها مع دراستي..فكنت أوعدكم و أخلف أكثر من مرة
فكانت هذي النتيجة..الله لا يعيد ذيك الأيام :"(
بالعكس حَبيبتي..تواجدكم دائماً لَطيف مثل النَسيم على قَلبي
بس إختكم في الله ما تقدر تجمع الدراسة ويا شي ثاني -_-
فاواجه مُشْكلة في تنظيم وقتي أيام الدوام..،

الحمدلله..يشرفني إن كلماتي تعجبش حَبيبتي،إن شاء الله استمر لين النهاية على هالأسلوب و أفضل يارب..،

لا محد اكتشف قبل هذا الاكتشاف العَظيم >_<
إنتِ الأولى..بس السجن ما يحوي فَقَط سُجَناء ^_*
هو مو ما عَجبه الكلام حَرْفِيَّاً..بس يعني عقله سوا مُقارَنة سريعة..،

آستور و اللي سواه في محمد و العصابة و كل هالأمور..بتتوضح ببساطة لكم في وقتها إن شاء الله..بس شوي خفّوا على آستور =)
أبو محمد ! شخصيته ثانِوبة و ظهوره قَليل جداً..يعني لو كان في وراه سر عالأقل ذكرت شي مني مناك..يعني موقف..كلام أو شي من هالقَبيل..،

توقع قــوي..و صَحيح،سُلْطان أكيد ما بيغفل عن شيء..و خصوصاً لو كان شي متعلق فيه،أو سبق و تعلق فيه،
فاتن و آستور..ذكرت موقفين في الماضي..الأمر متعلق بقضية ودَم،

في هالجزء ينرحم فيصل..و الإتصال..بيكون عنده سبب أكيد..عاد بس إن شاء الله يكون مُقنع،
يمكن يسويها و يصير أبو حَريم :)

طَلال من كثر غرقه في الذنب و حرجه الشديد من عبدالله ممكن كان يسبب له مشاكل لولا وجود رائد،
و بخصوص ذيك الليلة..توقعوا كل شي..لأن مثل ما ذكرتين..نور ما كانت في وعيها و طلال ضعيف إيمان !
قَد تفاجئكم رَدَّات الفِعل..،

يوسف صاده نوع من الحالة النفسية..خوف و كوابيس من اللي شهده
استمر لين فترة مو بسيطة..،

ايي والله..أنا بعد اشتقت لملاك اللي تلاحق ورا القضية بكل جُرأة :(

هههههه حمل حَنين مو اللحين..انتظروا شوي >_<
و الرسايل..لهم وقت خاص..،

مراقبة مروة لعبدالله مو لأنهم جيران..هم مو جيران..بس أمهاتهم صديقات
كانت بلقيس تجي تزور أم مروة..و هو غالباً ياخذها..ذكرت في موقف سابق أول لقاء بينهم،
ههههه فعلاً عبود كان تصرفه طفولي..هو بطلي البريء..،

هههههههه المساكين ليش ؟ أنا حتى لو يقهروني بس اضطر أحبهم..،

حَبيبتي طُعون..تفرحوني إذا تخبروني إن المشاعر وصلت لكم،
إن شاء الله على طول،
و ياسمين حالياً هي في مُنافسة فعلاً..يا إنها تفوز بقلب فيصل..يا إنها تتحمَّل العواقب..و اللي قَد تكون وخيمة !

أحمد....انتظروا الأحداث..بتعرفكم عليه أكثر،
اللي صار في لندن..ابي اذكره في فترة معينة من الرواية
يعني بتنتظرون شوي..،

فاتن الحديث طويل بخصوص كل أفعالها..ما اقدر أعطيكم جواب اللحين =)



حَبيبتي طُعون..سَعيدة بتواجدش الجَميل
أكيد خلاص تأكدتين إني أحب تعليقاتش..و القرقرة هذي على قولتش تمتعني
لا تحرميني قَمَر


سَملتِ

 
 

 

عرض البوم صور simpleness   رد مع اقتباس
قديم 13-02-17, 04:07 PM   المشاركة رقم: 987
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو راقي


البيانات
التسجيل: Aug 2015
العضوية: 300973
المشاركات: 633
الجنس أنثى
معدل التقييم: simpleness عضو على طريق الابداعsimpleness عضو على طريق الابداعsimpleness عضو على طريق الابداعsimpleness عضو على طريق الابداعsimpleness عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 475

االدولة
البلدBahrain
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
simpleness غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : simpleness المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: ذات مُقيّدة حوّل عُنُقِ امْرَأة / بقلمي

 

السَّلام عليكم و رَحْمة الله و بركاته

مَساء الخير جَميلاتي

بس بغيت استأذنكم ليوم زيادة..عندي اليوم مشوار مُهم و ما بيمديني أكمل الجزء،
يعني بدل ما ينزل الجُزء اليوم..ينزل إن شاء الله باجر،
لأن باقي مواقف مُهِمَّة جِدَّاً..و للعِلْم هالجُزء مُمكن أقسمه لأربع فصول قبل ما ندخل الجُزء الخَمْسون اللي بيكون نَقْلة خَطيرة في الأحداث *_^

إن شاء الله الفصل القادم بتنكشف فيه بعض الأسرار..أسرار لكم،
و في سر بيعرفه أحد أبطالي أو بطلاتي =)
تتوقعون من البَطَل و شنو السر ؟


انتظروني غداً إن شاء الله

 
 

 

عرض البوم صور simpleness   رد مع اقتباس
قديم 15-02-17, 02:58 PM   المشاركة رقم: 988
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فخري


البيانات
التسجيل: Aug 2014
العضوية: 273510
المشاركات: 1,332
الجنس أنثى
معدل التقييم: طُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 2492

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
طُعُوْن غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : simpleness المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: ذات مُقيّدة حوّل عُنُقِ امْرَأة / بقلمي

 
دعوه لزيارة موضوعي

بِسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
تَوَكَّلتُ عَلى الله

الجُزء التَّاسع و الأَرْبعون
الفَصْل الأَوَّل


يَحْمِلَهُ الماء بَيْن ذِراعيه الدَّافِئتين..يُطَبْطِبُ عَلَيْهِ بِقَطَراته..يُهَدْهِد جَسَدهُ المُتَكالِبة عَلَيه مَواضيع شَتَّى..تُرْهقه و لا يَجِد لَها جَواب..كَما نار تَزيدُ اهْتياجاً و لا سَبيل لإطْفائِها..فَتُمْسي تَحْرقه و تَأكِلَهُ أَكْلاً بَطيئاً وَ مُوْجِعاً..إلى أَن تُحيله رَماداً يَتوه بين أَتْرِبة الأَرْض..،يُحَرّك ذِراعيه بِرتم مُتَّزِن..لا هُو بالهادئ،و لا هُو بالمُتَسَرّع..حيناً يَقْصِد اليَمين..وَ حيناً يَقْصد اليسار..حَتَّى قَطَع في سِباحته خَمْسَةَ أَشواطٍ خِلال دَقيقَتَيْن..،يَسْبَحُ و عَقْله يُقَلِّب تِلْك المَواضيع..يَلْتَقِط الأَوَّل..يَتَأَمَّل شَخْصِيَّته الرَّئيسية..يَقْرَأ اسْمها فَيُغْمِض عَيْنَيه من شُعاعٍ حاد هاجَمَ ذاته على غَفْلة من حُب..شُعاعٌ اسْمهُ نُـــــور...،نُور التي بُلِيَت قِصَّتها المَصْفوفة على رَفِّ عَقْله..تآكَل غُلافها و شَحُبَ لَوْن أَوْراقها حَتَّى اصْفَرَّت..فَهْي اسْتَفْرَغت البَياض الذي كان يُجَمِّلها..كَما لَو أَنَّها اسْتَفْرغَت الأَيَّام التي قَضَياها مَعاً و هُم زَوْجان..،مُنْذُ فَتْرة لَيْسَت بِالطَّويلة لَم يَعُد يَلْتَفِت لها..تَناسى وُجودها على الرَّف..و سَمَح للغُبار بِأن يَغْفو فَوْقَها بِحُرِّية..لِيَحْجب عَنْه السُّطور المُبْهَمة و الكَلِمات المُتَوَّشِّحة بِرِداءٍ من غُموض..لِيَكُون صَريحاً مَعَ ذاته..فَهْو هَجَرَها مُذ زارت الزُّمُرَّدَتان مَكْتَبة عَقْله..و بِأَنَفة و خَيْلاء حَشَرت نَفْسها بَيْن البَقِيَّة..لِتُثْبِت لَهُ أَنَّها لَيْست سحابة صَيْف..أَو نَسيمٌ دافئ جاء لِيُسَلّم على لَيْلة شتويَّة مُلْتَحِفة بالثَّلْج ثُمَّ يَذْهب..،و ها هي فِعلاً قَد أَحالتهُ تائِهاً يَتَخَبَّط بِلا وَعْي باحِثاً عَن خَلاص..فالحُب باتَ وَحْشاً يُرْعبه..و قَلْبهُ قَطَع عَهْداً على نَفْسِه بأن لا يَنحت اسْم أَي أُنْثى بَيْن نَبَضاتِه..لِذا فالهُروب أَسْلم الخِيارات و أَقَلَّها خَسارة..،فَقَد ذابَت الرُّوح من الخَسارات..فَنُور اقْتَلَعت معها ضَوْءاً أَحْيَتهُ في ذاته ذات لَيْل،فَباتَ خاسِراً يُعايِن كَسْره في الظُّلْمة..و ذاك الذي غابَ..فَرَّ كَما سارِق،دُون أن يَتْرك خَلْفهُ أَثَراً يَكون ذِكْرى تُعانِقها الرُّوح كُلَّما طَرَق بابها الشَّوْق..ها هُو عاد..بِغَرابة تُوازي غَرابة غِيابه عاد..و عَوْده أَجْبَرَ عَقْله على تَقْليب صَفَحاته..لَعَلَّهُ يَجِد جَواباً للسِّر المُحيط بهِ كَما رِياح ضَبابِيَّة..،بَدَأت حَرَكة ذِراعيه تَتَباطَأ..خَفَّفَ من سُرْعَته شَيْئاً فَشيء إلى أن سَكَنَت حَرَكته بَعْدَ أن تَمَسَّكَ بإحْدى جَوانب المَسْبَح..كَتِفاه و جُزء من صَدْره ما كان يَكْشِفهُ الماء.. أَمَّا باقي جَسَده فَقَد أَخْفاهُ عَمْداً بَيْن طَيَّاته..كَأنَّما يُخْفي خَرائط التَّيه المَوْسومة عَليه..ظَلَّ مُطْرِقاً..يَنْظُر للقَطرات التي نَزَفَت من ذراعيه فَوْق السَّطح..يَتَأَمَّل شَفافِيَّتها..يُسْبِر أَغْوارَ نَقائِها،لِيَظْفَر بِجواب يَقْطَع مَسير القيْح المُسْتَفْرَغ من شِرْخٍ مَجْهول وَسَط رُوحه..قَيْحٌ ما هُو إلا شُعورٌ غَريب..شُعورٌ يُوَجِّه إصْبَع إتّهامه إلى السُّوء..فالسُّوء هُو الذي يَتَذَيَّل كُل الإلْتباسات المُحيطة به..بِدايةً من نُور..طَلال..و نِهايةً بِمَرْوة..،
هَمْسٌ قَد تَوَسَّد القَلَق و تَدَثَّر بالاسْتنكار..،:عَبْدالله...سِباحة هالوقت !
رَمَشَ بِخِفَّة سامِحاً لِعَقْله من الإلْتفات إلَيها..رَفَع جِفْناه المُتَرَطِّبان بالمَاء..و بِضْع قَطَراتٍ كانت قَد اتّكأَت على أَهْدابه و أَلانتها..مالت شَفَتاه بابْتسامة خَفيفة بها شَيءٌ من شُحوبٍ أَو تَعَب..عَقَّبَ بِسُؤالٍ هامِس و هُو يشبك أَصابع يَدَيه المُتَجَعِّدة،:ليش الساعة جَم ؟
أَجابتهُ بِحاجب أَرْفَعهُ الشَّك..،:وحدة و أربعين دَقيقة "اسْتَدْرَكَت بسؤال يَثِق من الإجابة" إنت فيك شي صح؟
عادَ و حَرَّكَ أَهْدابه..كَأوْتارٍ تُشاغِبها أَنامِلٌ أَضْناها المَلَل..أَبْعَدَ حَدَقَتَيْه عنها لِيُجيب بِوَجْسٍ بالكاد الْتَقَطَاه مَسْمَعَيْها،:لا ما فيني شي " و أَضافَ بِسُخْرِيَة دَثَّرَت مَلامحه و أَغْشَت صَوْته" شفيني يعني! عـــــادي
تَساءَلت من جَديد بِلَحْنِ الثّقة ذاته،:من شنو متضايق ؟
أَطْبَقَ شَفَتيه و أَشاح وَجْهه عَنْها دَلالة على عَدَم رَغْبَته في الحَدَيث..اسْتَعانَت بِلسانها الذي اسْتَعَدَّ للنُّطق،لَكِنَّهُ ثَبَّطَ عَزْمه حينما دَفَع بِنَفْسه للخَلْف مُبْتَدِئاً السِّباحة على ظَهْره...تَرَاجعَت للخَلْف قاصِدة المَقاعد الجانِبِيَّة..حَرَكته هَذه بَصَمَت على ضِيقه..تَساءَلت في جَوْفِها..أَهِي نُور من جَديد؟ جَلَسَت و الوَجَلُ يَلْتَبِسُها..على حافَّة المَقْعَد كانَ جُلوسها..تتَتَبَّعهُ و الشُّرود حادي بَصَرها..تَتَأَمَّل سِباحته الماهِرة و الرَّشيقة..كان بِسِباحتهِ يَرْسُم عَلى الماء أَشْجانَ قَلْبه..و يَخْلِطُ أَلْواناً رَمادِيَّة به..لِتَنْتِج لَوْحة غارِقة بالبُكاء الذي يَرْفض العُبور من باب رُجولته..،مَضَت دَقائق فاتها حِسابها قَبْلَ أن يُغادِر جَسَدهُ المَسْبَح..خَطَى و أَوْصاله سَحابة تُفْرِغ أَمْطارها..تَناول رِداء الاسْتحمام لِيتَشَرَّب بِه هذا الفَيْض المُحَمَّل ببعض اعْترافات ذاته..،جَلَسَ على المَقْعد القابِع على يِسارها..جُلوسٌ كان اسْتنساخ لِجُلوسها الوَجِل..إلا أَنَّ مِرْفَقيه كانا مُتَّكِئان على فَخْذَيه..أَمَّا هي فَقَد كانت ذِراعاها تَسْتَريحان فَوْقَ صَدْرِها..،الْتَفَتَت إليه بوَجْهها..مَرَّغت عَيْنَيها بِسُمْرَة وَجْهه..مَرَّت على المُقْلَتَان و أَلْقَت نَظْرة على التَّيْه المُنْزَوي بينهما لِتَنْطُق،:نُور ؟
بَصَرَهُ كان مُتَشَبِّثاً بالأرَض..كَما لَو أَنَّه مَدْفونٌ في بَطْنِها كَنْزٌ لَه..يُناظِرها مُطْبَق الشَّفَتَين و السُّكون يَعْتَريه قَريناً يَرْفض الانْفصال عَنْه..،اسْتَمَرَّ الصَّمْتُ لِوَقْتٍ لَم يَكُن قَصيراً..كان طَويلاً و يَزيدهُ طُولاً ثِقْل القَلَق الجاثِم فَوْق صَدْر شَقيقته.. وهي التي اسْتَسْلَمَت و غادَرَت أَرْضَ وَجْهه قَاصِدَةً سَطْحَ الماءِ المُتَنَعِّم بِنَوْمٍ راكِد..،

،:مَرْوة

عُقْدة تَجانَسَ فيها عَدَمَ الفَهْم..التَّعَجُّب..الاسْتنكار..و شَيءٌ خَفي آخر لَم يَتَسَنَّ لَها التَّحْقيق في أمْره..اسْتَدَارت إليه بانْتباهٍ شَديد و ذراعاها بتلْقائِيَّة حُلَّت عُقْدَتَهما..اتَّكَأت بباطن يَدَيها على جانِبَي المَقْعَد..وَجَّهَت جَسَدَها للأمام قَليلاً قَبْل أن تُطْلِق سَراح لِسانها لِتَرْجَمة ما اجْتَمَع داخلها..،:مَرْوة! أَي مَرْوة هذي اللي شاغلة بالك؟!
نَظَرَ لها و هُو على وَضْعه..و بَعْضاً من خُصْلاته المُلْتَحِفة بالماء كانت تَسْتَريح على جَبينه مُنْصِتة بدِقَّة لِحَديثهما..أَجابها بسؤال،:نسيتيها ؟ "أضافَ و هُو يُفَرْقِع أَصابع يُسْراه" مَرْوة اللي قبل فترة قلت لش إنها كانت تسأل عني..دكتورة في المستشفى هي
ارْتَفَع ذِقْنها قَليلاً مع تَبَدُّد العُقْدة عن مَلامحها و هي تَقول مُسْتَذْكِرة،:أهـــا أوووكي "أَرْدَفَت و شَفَتاها تَكْشُفان عن ابْتسامة يُلاطفها شَكٌ أَبْيَض بانَ في عَيْنيها" و شنو نوع الإنشغال اللي مسببته مَرْوة لعقلك؟
نَفَذَت من صَدْره تَنْهيدة ساخِنة لَسَعَت حَواسَ أُخُوَّتها المُتَيَقِّظَة..أَجابَ و هُو يَعْصِر أَصابعه بِيَده،كَما لَو أَنَّهُ يَسْتَدِر منها نَدَمه..هَمَسَ و عَيْناه تَهْرُبان حَرَجاً من عَيْنَي شَقَيقته..،:غَلطت عليها جم مرة..و ورفعت صوتي عليها..آخرها الليلة "أَكْمَلَ و جِفْناه يَنْطَبِقَان لِمَنْع ذِكْرى تِلْك السَّاعات الدَّميمة من الإنْعكاس فَوْقَ عَدَسَتيه"رَميت عليها كُوب قَهْوة زين إنّه ما صادها وحرقها
فَغَرَت فَاهَها و عَدَمُ الفَهْمِ يُحَلِّق فَوْقَ رَأسها..أَغْمَضَت لِلحظات مُحاوِلَةً أن تَمْتَص فِهْماً بِوَعْيِها..نَظَرَت لَهُ مُتَسَائِلَةً بِحَذَر..،:هذا إنت اللي سويت كل هذا؟ أو قاعد تخبرني عن دكتور وياك؟
أَجابها بهَمْسٍ أَوْهَنَهُ النَّدَم،:أنــا غَيْداء..هذا أنا
أَطْبَقَت الصَّدْمَة شَفَتَيها..و نالَ من عَيْنَيها تَوَسُّعٌ ضَعَّفَ من نَدَمِهِ..بَدَأ بِتَوْبِيخ نَفْسه و هُو يَرَى كَيْف تَبَدَّلَت مَلامح غَيْداء..خامَرهُ شُعورٌ كَريه قَذَفَ ذاته إلى زاوية حَقيرة..لِيَراها صَغيرة و فَقيرة من أَدب..،اسْتَمَعَ إلي حَديثها المُشَيَّع بِلَحْنٍ مُسْتَنْكِر،:من متى إنت قَليل ذوق بهالطريقة! "تَرَاجعت للخَلْف غير مُصَدِّقة" لا مُستحيــل..عَبّود أخوي ما يهين الناس حتى لو غلطوا عليه..شلون لو كانت بنية! ولاا بعد..زَميلة عمل! "كَرَّرَت و هي تُطالب بجواب قَد يُرَقّع ما نَقَفَهُ بأفعاله المُتناقِضة مع شَخْصيته المُسالِمة" ليـش سويت جذي عبدالله!
أَجابها و الضَّياع يُوَجّه رَأسه الذي بَدأ يَتَلَفَّت ذات اليَمين،و ذات الشّمال،:لأنّي ما بيها
مالَ رَأسها بِخِفَّة و كَأَنَّها لَم تَسْتَمِع جَيّداً للذي نَطَقه..أعادت جُمْلَته بِخَواء فَهْم،:ما تبيها! شلون يعني ماتبيها؟
رَفَعَ كَتِفيه و عَدَسَتاه تَتَراكَضان في المَكان باحِثَتان عن جَوابٍ ينقذه..،:يعنــي... .. يعني مابيها في حياتي..وجودها مو مريح..مابيها وبس
انْفَلَتت منها ضِحْكة قَصيرة كِناية على اسْتحواذ عُقَد التَّيه على عَقْلها..فكلماته المُتقاطِعة هَذه مَسَحت كُل الذي كانت تَظِن إنها تَوَصَّلَت إليه عندما نَطَق باسم هذه الأنثى..أَفْصَحَت،:عَبْدالله، ترى أنا مو فاهمة شي..يعني شنو ماتبيها في حياتك! هي زميلة في المستشفى لا أكثر "و بِشَك أَرْدَفَت" صَح كلامي لو في شي ما أعرفه؟
الْتَزَمَ الصَّمْت للحظات و مِن ثُمَّ تَعَكَّزَ على تَرَدُّده لِيُزيح السِّتار عَمَّا تَرَاكمَ لِأكثر مِن شَهْر فَوْقَ قَلْبه..و دُون أَن يُأَطِّر وَجْهها بِأجْفانه هَمَسَ و السَّماءُ مُشَرِّعة أَبْوابها لاسْتقبال سِرّه..،:وُجودها يحيي النَّبض اللي ذابحه غصب....مابي أغرق في فشل جَديد
الْتَوَى عِرْق وَسَط جَواها المُثْقَل بِهَمّه...إذاً أَنْتَ خائفٌ أَخي؟ ذِكْراكَ السَّيئة تُحارب يَنَع مَشاعرك صَغيري؟ أَمال الحَنْو رَأسها..و ذابَ فَوْقَ جِفْنَيْها حُبٌّ صافي وُلِد في رُوحها مُذ تَكَوَّر بَطْن والدتها المُحْتَضِنَهُ جَنيناً..هَمَسَت مُخْتَزِلَة عاطِفة الدُّنيا في كَلِمة،:حَبيـــبي
وَقَفَت و خَطَت إليه..تُسَيِّرها مَحَبَّة عَظيمة أَسرَعَ القَمَر لِيُسابق النُّجوم في الفَوْز بِبَريق سِحْرها الفَريد..جَلَسَت على رُكْبَتَيها أَمامه..رَفَع رَأسه إليها مُسْتَجيباً لقُرْبِها الدَّافئ..تَقَابَلَت مَلامحهُ المُثْخَنة بالحيرة..مع مَلامحها المُتَسَرْبِلة بزُهورٍ عَذْبة..يَراها تَطُل من مُقْلَتيها و قَد اصْطَبَغَت بالأَمَل..،هي رَفَعَت يَدَها و بِنعومة أَبْعَدت خُصلاته عن جَبينه لِتَهْمِس بِنَبْرة يُداعبها عِتابٌ وِدّي،:بعد عُمْري ليش متعّب قلبك؟ "قَرَصَت خَدّه بخِفَّة لِتُكْمِل باسِمة" تَرى ما أرضى عليه
شَدَّ شَفَتَيه راسِماً تَجاعيد الخَيْبة..،:لأن ما يصلح يتعلق غَيْداء..تدرين فيني..أنا رجال ما بلعب على البنية..إذا ارتحت لها بخليها تصير حلالي
اسْتَفْسَرَت بجديَّة،:و ليش ما تخليها تصير حلالك ؟
ببساطة أَجاب و الأَلَمُ انْبَجَسَ من عَيْنَيه حَتَّى طَالَ قَلْبَها فَأَسْقَمَه،:لأنّي زُوج سَيء
أَصابتها جُمْلَته بِسَهْمٍ مَسْموم..شَعَرت بسُمومه و هي تُجَلّط قَلْبَها بِوَجَعٍ مَرير..تَصَدَّعَت مَلامحها بضيقٍ نَبَت من جُذور كَلِماته الآسنة..و بِصَوْتٍ حَجَّرتهُ الغَصَّة،:عَبّـ ـوود..ليش تقول عن نفسك هالحجي!
أَجابها و خَيْبَة الأَمل تُشاكس أَهْدابه،:لأني فعلاً زوج سيء..لو ما كنت سيء ما كرهتني بنت عمش و طلبت الطَلاق "اسْتَطْرَد مُواصِلاً تَقْويض نَبضات أُخْته" أخاف ارتبط فيها و أعيش و أنا متخيل نفسي أحسن زوج في الدنيا..و بعدين انصدم إنــ ـها

"و البُكاء قَد اجْتَرَع صَوْتَها حَتَّى بَصَقهُ مَبْحوحاً تُرافقه آه أَوْجَعَت قَلْبه التَّائه..،:عَبـ ـدالله مو قادرة.. ... مو قادرة أعيـ ـش وياك "أَخْفَت وَجْهها بِيَدَيها،كأنَّما تَسْتِر سِرَّاً مُخْجِلاً عانَدها وانْفَجَر لِيُشَوّه فؤاده" تعبت و أنا أضغط على نفسي عشـ ـان تعتادك"

سُؤال غَيْداء انْتَشَلَهُ من دَوَّامة الذّكْرى المُدَجَّجَة بالجِراح و الأَوْجاع الصَّادِمة..،:إنها شنو؟
أَكْمَل و هُو يَخْفض رَأسه حَتَّى لا تَلْمح انْكساره المَزْروع من بَذْرة تِلْك الليْلة السَّابِحة في بَحْرٍ من اعْترافات نَتِنة..،:أخاف انصدم إنها مو طايقتني..و غاصبة نفسها علي "تَمْتَمَ" مثلها مثل غيرها
عَقَّبَت غَيْداء بِحِدَّة نَثَرَت شَذَرات تَعَجُّب على عَقْله مما جَعَله يُعاود النَّظر إليها،:و من قال إنَّ غيرها ما كانت طايقتك و غاصبة نفسها عليك ؟
أَجاب بانشداه لِملامح أُخْته الغَريبة،:هــي
نَطَقَت صافِعة تَيْهه،:نُور كانت مجبورة
تَرَاجع جَسَدهُ للخَلْف نافِراً من الجُمْلة التي نَطَقَها لِسانها بثِقة..اسْتَنْكَرَ و الضَّياع المَسْفوك على وَجْهه خالَطَهُ اشْمئزاز و هُو يُرَدّد،:مَجْبورة! و من إن شاء الله اللي يجبر زوجة إنها تقول هالحجي لزوجها! "اعْتَلَت نَبْرته من فِرْط التَّوَتُّر الذي بَدَأ يَبْسط جَناحيه السَّوْداوين على حواسه" أصلاً من اللي يحمل لنا الضغينة عشان يجبرها و يفرقنا!
بهُدوء حازم،:هذا كل اللي اقدر أقوله لك..مو من حقي أقول أكثر..أساساً ما اعرف إلا الشي القليل..تبي تفهم الموضوع عدل كلّم نُور..أعتقد إن عندها حجي واجد
أَنْهَت حَديثها ثُمَّ وَقَفَت لِتَرْتَفع حَدَقَتيه تُلاحِقانها و شَرارة من غَضَب أَخَذَت تَسْتَقِر وَسَطَهما..تَسَاءَل و هُو يَراها تَسْتَدير مُبْتَعِدة،:وين رايحة؟
أَجابت و هي تُدير لهُ رَأسها،:بروح أنام..الساعة ثنتين إلا
وَقَف يُواجهها قائِلاً باعْتراض،:تنامين عقب ما وترتيني بحجيش!
ابْتَسَمَت لهُ ابْتسامة مُشاكَسة حاولت بها إخْماد ما بَدأ بالإهْتياج داخله،:عقاب لك على اللي سويته في مَرْوة..و عشان مرة ثانية ما تذم نفسك



الغُيوم مُتَّكِئة وَسَط السَّماءِ بازْدِحامٍ أَحْجَبَ عَنْها الرُّؤية..و القَمَرُ انْطَوى خَلْفَ تَكَدُّساتِها مُكْتَفِياً بالنَّظَرِ إلى أَشْلاءٍ من قُلوبٍ و مَشاعِر..أَمَّا الفَجْر..فَهْو قَد الْتَقَطَ صَفْحةٌ جَديدة من بَيْن صَفَحات غَسَقِه المُحْتَفِظة بِأَسْرارٍ تَنْطَفئ كُلَّما أَشْرَقَت شَمْسُ يَوْمٍ جَديد..الْتَقَطَها لِيَحْكي لَها عن اثْنَيْن..أَضاعا طَريق اللقاء..و لا زالا يَتَخَبَّطان بَيْن أَزِقَّة الغِياب و العَمى قَد سَكَبَ ماءَهُ الأبْيض على قَلْبيهما..،يَجْلُس فَوْق مَقْعَد سَيَّارته..فاتِحاً الباب سامِحاً لِساقَيه من الخُروج و اسْتنشاق بِضْع أَنْفاسٍ فَجْرِيَّة..قَدَماه مُسْتَقِرَّتان على أَرْضٍ مَسيكة..ضَعَّفَت من الْتصاق جُزيئاتها حَتَّى لا تَخْتَنِق من فَيضان مَشاعره المَحْمومة..،صَمْتٌ مُوْحِش يُحيطُ بِه ما خَلا هَمْسُ الليْل..و هَمْسُ.. ..حَبيبته،
،:فيــصل!
أَغْمضَ و الأَلَمُ يَجْري بهِ مَجْرى الدَّم في الوَريد..كَزَّ على أَسْنانه لِيَسْجُن آه نَشَبَت بِحَلْقه،مانِعاً إيَّاها من الوُلوجِ و فَضْح وَجَعه..عادَ هَمْسها مُواصِلاً تَحْفيز مَساماته على اسْتفراغ العَرَق..الحَرارة تَشْتاط كُلَّما مَضَت ثانِية و صَوْت أَنْفاسها الواضِحة يَتَلاعب بِنَبْضه..و هَمْسُها يَعْبر أُذنيه لِيُذيب بَقايا نُدْف الثَّلَج التي صَمَدَت أَمام طَيْش عشقٍ مَشْروخ..،
،:فيصل...شفيك؟
أَحْنى ظَهْره،بالتَّوالي مع ارْتفاع يَده لِتَقْبض على خُصلاته التي بَلَّدَها العَرَق الرَّاسم خَرائطه على كُل جُزَيء من جَسَده...أَتاهُ نِداؤها من جَديد تَتَذَيَّلهُ أَلْحانُ قَلَق..،:فيــصل!!
فَتَحَ فَمه كَبَوَّابَة سِجْنٍ فُتِحَت لِمَن حُرِموا من الشَّمْسِ لِأعْوام..حُروفه كانَت كَسَجين زَفَّوا لَهُ خَبَرَ حُرِّيَته..تَراَشَقت بِسُرْعة دُون أن يَحْكُمَها تَفْكير و البَحَّةُ مَهْدُها..،:اشْــــتقت للندن..و للشتا و للدفايَّة اللي في زاوية صالة شقتنا..و لذاك الشال الصوف... ..المختلطة فيه ريحة عطورنا "فَرَّت من جَواهُ ضِحْكة قَصيرة بَلَّلُها مَطَرُ ذاته و هُو يُرْدِف" تدريــن...للحين عندي الشال..بس ما صار يدفي.. ..صار أبرد من ليالي لندن اللي يغطيها الثلج "أَزاحَ جِفْنيه لِيُبصِر سَماء لُنْدُن و هَي تَسْتَحيل بَحْراً يَتَساقَط على هَيْأةِ دُموع تَنْعى رُوحه" حَتَّى ريحته غابت..و كأنَّ الحاضر طلَّقها..من يوم ما طلقتش
حَرارة مُلْهِبة..لاسِعة..و قاتِلة،امْتَلَكَتها رُوحاً..قَلْباً وَ جَسَدا..و كَأنَّها هي النَّار التي تَسْتَفْرِغ سَعيرا..كَأنَّها هي النَّار التي تَسْتَقْبِل رَجُلاً مَكْسوراً..وَ كَأنَّها هِي النَّار التي تُرْمد ذِكْريات انْتَشَت سُرورا..قَشْعَريرة صاعِقة نالَت من أَوْصالها و هي تُصْغي لِهَمْسه المُجْتَرِع كَأساً من هَذَيان..كَلِماته..أَم..أم تُسَمِّيها اعْترافاته؟ أَحالوها سَحابة رَمادِيَّة أَثْقَلَتها الدُّموع،لا هي التي أَمْطَرَت على جِرْحه فَأنْهَت نزيفه..و لاهي التي قَصَدت أَرْضاً غَيْر أَرْضِ رُجولته لِتُهْديهِ شَمْساً..،اخْتَلَجَت شِفاهُها، و انْتابَ ذِقْنها اهْتزازتٍ مَريرة أَشْبَه باهْتزازاتِ وَتَرٍ أَضاعَ لَحْنَ مَعْزوفته..،أَغْمَضَت بِأسَى،و مِن بَيْن الهُدب سَطَعَت لؤلؤة شَفَّافة..قَبَّلَت خَدَّها و عَزَّت فَقْده لِقُبلات شَفَتَيه..،احْتَضَنَت الهاتف بِكِلْتا يَدَيها مُصْغِيَةً بِجُل حَواسها..بَل بِسِنينها التي مَضَت و سَتَمْضي يَتيمة مِنه..،هُو أَكْمَل هَمْسُه الغَبَشي..قاصِداً مُنْحَنَى آخر..،:ابــي اشوفها..ابي اشوف جَنى..وحشتني
اجْتَرَعَت غَصَّتها الثَّقيلة ثُمَّ أَجابتهُ بِعَبْرة واضِحة و هي تَمْس أَنْفها بِظاهر كَفَّها،وَ كأنَّها تُحادث طِفْل،:باجـ ـر إن شاء الله بجيبها لك
عَقَّبَ بنَبْرة أَعْلى من الهَمس و كَأنَّهُ اسْتَرَدَّ القَليل من وَعْيه،:لاا..اللحين.. .."خَبَى صَوْته من جَديد" اللحين ابي بشوفها
فَتَحَت عَيْنَيها لِيَنْساب فَيْضُها المالِح بِحُرِّيَّة على وَجْنَتيها..تَساءَلَت بِعُقْدة حاجِبَين،:شلون اللحين!
أَفْصَحَ ساكِباً عَلَيَها صِهْريجاً من ماءٍ يَرْتَعِشُ بَرْداً..،:أنا اهني..عند بيتكم
وَثَبَت واقِفة لِتَخْطو عَلَى عَجَلَ ناحِية النَّافِذة..أَبْعَدَت السَّتائِر لِيَصْطدم نَبْضُها بِمَرْكَبته..كان جُزْءَها الخَلْفي جَلي..إلا أَنَّ مُقَدِّمتها لَم تَكُن واضِحة..لِذا لَم تَسْتَطِع أَن تَراه..هَمَسَت و مَلامحها تَتَصَدَّع حيرة،:فيصل الوقت متأخر
كَرَّرَ بإصْرار عَجَباً أَنَّ هَوانه كان يُقَوِّيه،:بَلى..ابي اشوفها جِنان..أرجوش
اخْتَبَأ بَصَرُها خَلْفَ إغْماضٍ يُتَرْجِم قِلَّة حيلتها..هي غير قادِرة على التَّحديق بِسَواد مَرْكَبته الذي يَدْعم إصْراره على طَلَبه الصَّعْب..الوَقْت مُتَأَخّر جِدَّاً..فالسَّاعة تَكاد تُعانق عَقاربها الثَّانية صَباحاً..فَكَيْف تُلَبِّي طَلَبه تَحْتَ أَجْنِحة الليْل المُدْلَهِمَّة أَرْكانه؟ قَلْبُها غير قادِر على رَدّه خائباً..خاصَّة وَ هُو قادِمٌ إليها حُرَّاً من كِبْرياء..إلا أَنَّها لا تَسْتَطيع أن تُلَبّي طَلَبهُ وَحْدها..لا تَستطيع..،
نِداءٌ يُرَفْرفُ بِجِنْحَي رَجاء،:جِنــان
نَطَقَت و هي تَقْبض يَدَها فَوْق النَّافِذة..،:انتظر شوي



وَطَأ الدِّماء بِقَدَمَيه..تَجَاهَل لُزوجتها و أَشاح بَصَرَهُ عن احْمرارها العَبيط..فالذي كان يُسَيّره تِلْك المُقْلَتَان..المُنْتَصِب فيهما بَحْرٌ ارْتَوَى من سُحُبٍ سَوْداء ساقَتها إليه رِياح رَجُلٍ شَيْطاني..وُلِدَت رُوحه من رَحْمِ مَرَض نَفْسي..،وَصَل خِلال وَقْت قِياسي لِلمَبْنى المَمْلوك لَه..قَصَدَ شِقَّتها التي احْتَوَتها بَعْدَ أن عادَت من غُرْبَتها الطَّويلة..أَخْرَجَ المَفاتيح بِيَد تَرْتَجِفُ حَماساً..حَشَر المَقْصود في القِفل لِيَصْدُر صَوْت انْفتاحه بَعْد لَحَظات..دَلَفَ وَ رَأساً مَشى نَحْو غُرْفة نَوْمها بخطوات واسِعة..فهي كَعادتها لا تُرافق السَّهر إلا إذا حَرَّضها الحُزْن لِعَقْد صَداقة مَعه..،حاوَلَ أن يَدْخل دُون أن يَفْزَعها..لَكِن بِمُجَرَّد أَن فَتَح الباب فَزَّت هي بِوَجْهٍ مَخْطوف..و عَيْنان أَوْسَعهما الحَذَر..تَلَفَّتَت بِنِصْف وَعْي قَبْل أَن تَطَأ عَيْناها وَجْهه..تَقَدَّم منها و هي تَنْظُر لهُ من خَلْف غِشاء الخَدَر الذي لا زال يُغَلِّف حَواسها..جَلَسَ على السَّرير أَمامها..رَفَع يَديه قابِضاً على كَتِفَيها العاريين إلا من حِبال ضَعيــفة..ضَغَطَ و مَشاعره المُخْتَلِطة عَبَرَت خُطوط كَفَّيه حَتَّى امْتَصَّها جِلْدَها المُلْتَحِف بِبَياضٍ ثَلْجي..تَقَلْقَلَت حَدَقَتيها على وَجْهه القَريب جِدَّاً..بِمَلامح نَشَرت أعْلام الزيغ كانت تَنظْر لَه..وَ وَسَط شَفَتيها المُتَحَرِّرَتين من زينة بانت ثَغْرة صَغيرة..كانت حَواسها تُناشد من خِلالها الصَّحْوة..،هَمَسَ ببطئ كَأَنَّما يَمْضَغ الكَلِمة بِتَرَوِّ لِيَسْتَمْتِع بِطَعْمها..و عَيْناه تُلاحِقان تَيه عَيْنَيْها،:فاتن ماتت..اختارت إنها ترمي نفسها من فوق مبنى مهجور و صارت جثَّة بملامح مشوهة..محد يقدر يتعرف عليها..بس التحليلات تقول إنها فاتن..الدكتورة اللي كانت عايشة بين برلين و لُنْدن
أَطْبَقَت شَفَتَيها و هي لا تزال تُحَدّق بِوَجْهه و الصَّمْتُ سَيِّدها..كَلِماته غُرِسَت في عَقْلها و لَكِنَّها لَم تَتَذَوَّق مَقْصَدَها..قَلَبَتها لِدَقيقة مُنَبِّشة عن تَرْجمة لها..لَكن يَداه كانتا أَسْرع..فَهُما احْتَضَنَتا وَجْهها المَنْحوتة فَوْق قَسَماته آثار نَوْم تَعُود لأكثر من ساعَتان..،عَلا صَوْته قَليلاً،:وَعَد انتبهي معاي "أَرْدَفَ بِأسْلوب تَلْقين" فاتن انتحرت..رَمت نفسها من فوق مبنى مهجور..تشوهت ملامحها..محد قدر يتعرف على وجهها..التحليلات تقول إن اللي انتحرت هي فاتن..الدكتورة اللي كانت عايشة بين بَرْلين ولُنْدن
فَزَّت واقِفة و هي تَبْتَعِد خُطْوة عن السَّرير..نَظَرَت إليه و الشَّكُ مَعْقوداً بأهْدابها..طالَبَتهُ بِصَوْتٍ كانَ يَباباً فَقيرٌ من شُعور..،:عطني كَف
اسْتَقام جَسَده بِوُقوفٍ واثِق..شَطَبَ الخُطْوة الفاصِلة جَسَديها..مالَ بِخِفَّة ناحِتَها..و بِمُنْتَهَى الرِّقَّة لَثَمَ خَدَّها..رَفَع رَأسه لِيُقابلهُ وَجْهها الذي بَدَأت تُزْهِر بَيْنَ جَنَباته سَعادة مَحْشوَّة بِسُكَّرِ الحُلْم..نَعَم إنَّهُ حُلْم..حُلْمٌ كان شَجَرة رَبيعها التي اسْتَظَلَّت بِها لِسِتَّة و عُشْرون عاماً..لَها أَغْصانٌ تَتَسَرْبَل بأوْراقٍ تَزْهو اخْضراراً يانع..خُطَّ فَوْقَها حِكاية انتقامها المُتَخَفِّية تَحْتَ ثَوْبٍ أَخاطتهُ أَنامل امْرَأة اقْتات على الكَيْد..،ابْتَسَمت بَعْدَ أن رَتَّبَت قُبْلته الكَلِمات فَوْق أَسْطُر عَقْلها..تَساءَلت لِتَطْمَئن،:يعني خَلاص
رَدَّدَ بِهَمْسٍ باسِم،:خـلاص
عَبَرَت صَدْرَها تَنْهيدة أَحْنى اليَأسُ ظَهْرَها..فهي لَطالما وَصَلَ بِها الأَمْر لِفُقْدان الأَمَل من الإنْتقام..و لِوَهْلة اعْتَقَدَت أَنَّها سَتُموت دُون أَن تَثْأر لِدمائهم..لَكن الآن..فُتِحَت لها أَبْواب الخَلاصِ من كَوابيس ماضيٍ وَحْشي..،مَسَحت غُبار الإنتظار الذي شاب على وَجْهها و هي تَهْمِس بِصِدْق،و رَجْفة لَذيذة مَسَّتها مُعيدة بَثَّ الحَياة بَيْن أَوْصالها،:الحمدلله..الحمدلله يارب
هُو اقْتَطَع هذه اللحَظات الدَّافِئة بِحَزْم،:لازم نطلع من اهني قبل ما تشرق الشمس..غيري ملابسش و اخذي من الشقة اللي تبينه..لازم نطلع من غير ما يشوفنا أحد
عَقَّبَت و أَطْياف مَوْجٍ تُناغي ذاكرتها..،:ما باخذ من الشقة غير شي واحد



ماضٍ

السَّماءُ مُتْرَعة بالغُيوم الحُبْلى..تَرْتَعِد و يَمْرَق رِداءَها بَرْقٌ مُهيب..يُضيء الأَرْض مُشيراً إلى نَوايا أَطْعَمَها الشَّيْطان بِملْعَقة خَطاياه..،الأَمْطار لَم تَكُف عَن غَسْلِ البَلَد..تَتَراشَق بِغَزارة فَوْق أَسْطُح البُيوت زاعِجَة سُكون أَهْلِها..،مَضَى عَلى وُقوفِها نِصْف ساعة..و الوَدَقُ قَد زَرَع أَغْدِرة بَيْن جَنَبات جَسَدها الرَّشيق المُتَنَعِّم بِثَوْبٍ مُوَرَّد..ذو أكْمام تَمَس مِرْفَقيها،يَمْتَد إلى أن يَصِل إلى كاحِلَيها..لَم تَكُن تَأبه ببرودة الجَو المُحَمَّلة برِياح تَصْفَعها بَيْن الفينة و الأُخْرى بحَبَّات المَطَر الثَّقيلة..و مُسْتَقْبَلات أَلَمِها أَعْلَنت انْسحابها من مُهِمَّتها..مُتَجاهِلة الوَجَع الذي بَدَأ يَنْتَعِل قَدَميها المُتَسَمِّرَتين فَوْقَ الأَرْض الصَّلْدَة..تَقِف أَسْفَلَ سَعَفَتان و على يَمينها اسْتَقام جِذْع..فالرِّياح المُتَواصِلة مُنذُ ثَلاثَة أَيَّام قَد أَفْقَدَت النَّخْلة بَنَاتَها..،انْقَضَت خَمْسُ دَقائق أُخْرى و السَّماءُ لَم تَفْتئ من تَفْريغ بُكاء رَحْمَها..انْتَظَرَت و انْتَظَرت..و مِن بَيْنِ الإنْتظارات و غَوْغاء المَطَر أَقْبَلَ فارِسُها يَمْشي..مُرْتَدِياً ثَوْباً بِصفاء لؤلؤٍ أَبْيَض داعَبَهُ المَوْج..يَقْتَرِب بِرَأسٍ انْخَفَضَ أَسْفَل قُطْعة كَرْتون بُلِيَت من هُجوم الغُيوم السَّاحِق..،عَبَرَت مَدائِنها الأُنْثَوِيَّة قَشْعَريرة بــــاردة..فَشَلَ الشِّتاء هُو و مَطَره و رِياحه من أن يُحْيوها وَسَط رُوحها..إلا أَنَّ هَذا الشَّاب أَشْعَلَها قِنْديلاً زادَها أَلَقاً و انْتشاء..،مَرَّ من أَمامها دُون أَن يَنْتبه لَها..أَسْرَعت تَلْحَقه قَبْلَ أن يَبْتَعِد و لِسانها يَتَغَنَّى بِحُروف اسْمه العَذْبة،:نـــاصر...ناصــر
تَبَاطَأَت قَدَماه حَتَّى قَرَّرَتا الوُقوف اسْتِجابةً للنِّداء البَعيد نِسْبياً..اسْتَدارَ باحِثاً عن الصَّوْت..فَبَانت لَهُ حُورِيَّة ظَنَّ أَنَّ مَدَّ البَحْرِ أَوْصَلها إليه..اقْتَرَبَت منه بهُدوء و اسْتيحاء العَذارى يَتَذَيَّل مَشْيَها..ضَيَّقَ عَيْناه مُدَقِّقَاً النَّظَر في وَجْهها..كانت جَميلة فِعْلاً..و جَمالها يُشير إلى أَنَّها هي لا غَيْرها..بِلَوْنها الرَّمْلي الوارِث جاذِبيَّته من رِمال البَحْر الذَّهَبِيَّة..عَلى رَأسها اسْتَراحَ غِطاءٌ أَسْود فَرَّت منه بِضْع خُصلات بُنِيَّة داكِنة..تَنَاثَرت حَوْلَ لَوْحة وَجْهها بالْتصاق كَما ثِمار كاكاو ناعِمة..و من خَلْف شَلَّال المَطَر اسْتَطاع أن يَلْمَح الْتِماعة الجُرْأة المُتَكَحِّلة بها عَدَسَتَيها..و أَتى صَوْتها لِيُؤكِّد لهُ هَوِيَّتها،:شلونك ناصِر؟ من زمان ما شفتك
بِتِلْقائِيَّة غزَلَ حَواسه بالبُرود لِيُجيبها،:زيــن..كان عندي امتحانات
هَزَّت رَأسها بابْتسامة واسِعة اشْمَأزَّ منها،:ايـــه أَدري..الله يوفقك
بذات البُرود،:جَميع
اسْتَدَار مُتَقَدِّماً خُطْوة لِيُواصِل طَريقه إلى منزله..لَكِنَّها عادت و نَطَقَت باسْمه،:نــااصر
تَوَقَّفَ و من بَيْنِ شفَتَيه عَبَرت أُفٍ مُتَمَلْمِلة..عادَ وَ قابَلها و هُو يُخْفِض يُمْناه التي تَنَمَّلَت،لِتَرْتفع بالتَّوالي يُسْراه مُمْسِكَةً بالقطعة التي لا فائِدة منها..كحال الغطاء الذي قَد ارْتَمى بإهْمال على رأسها و حَوْل كَتِفَيها..،اقْتَرَبت منهُ أَكْثَر هذه المَرَّة..تارِكَةً خُطْوة فَقَط بَيْنهما..نَطَقَت دُون أن تُزيح عَيْنيها عن عَيْنيه،مع اصْطدام أَصابعها ببعضها كِناية عن الخَجَل،:اشتقت لك
فَغَرَ فاهه مَبْهوتاً من الكَلِمة الوَقِحة التي أَفْصَحَت عنها..هي واصَلَت بِكُل جُرْأة،:كل مرة تنقطع عن الشغل مع أبوي عشان امتحاناتك.. أنا اشتاق لك
طَوَّحَ قِطْعة الكَرْتون لِتَهيم بَيْن أَمْواج الرِّياح العاتِية..رَفَع يَده مُلَوِّحاً بِسَبَّابته أَمام وَجْهها ناطِقاً بِتَهْديد و الشَّرار نَفَذَ من عَيْنيه حَتَّى طالَ وَجْهها فَأرْمَده،:والله..والله إن قلتين هالحجي الماصخ مرَّة ثانية بشتكي عند أبوش "و بصَرْخة دَوَت حَتَّى طَغَت على زَعيق الرَّعد" فاهــــمة؟
عُقْدة اسْتنكار اسْتَقَرَّت بَيْن حاجِبَيها..و شِهابٌ من قَهَر مَرَّ لِلَحْظة وَسَطَ حَدَقَتيها..تَساءَلت بِلَحْنٍ يُنَبِّش عن جَوابٍ شافي،:إنت ليش كله تكلمني بهالأسلوب؟! اللي يسمعك يقول أنا غالطة عليك
تَجاهَلَ سُؤالها مُشيراً للطَّريق خَلْفها آمِراً بِحِدَّة اسْتَحْوَذَت على حَواسه،:ارجعي بيتكم أحسن لش..الوقت اتأخر..الساعة قريب تصير تسع
قابَلَت تَجاهله بِتَجاهُل و أَخَذَت تَقْطف من سِنين عُمْرَها السِتَّة عَشَر وُروداً غَرَسَتها في تُرْبَتِها العَذْراء..ورودٌ لَها بِتِلَّات تَفوح عِطْراً يَنْحَني لِرُجولته..كان يَكْبَرُها بِعامان فَقَط..لَكِنَّ أُنوثتها تَراه الأَكْثر رُجولة من بَيْن شُبَّان الحَي أَجْمَع..هَمَسَت و مَعْزوفة المَطَر شَوَّشَت كَلِماتها،:ليــش ما تحس! "العُقْدة التي حاصَرَت ملامحه أَكَّدَت لها عَدَم سَماعه،لِذلك رَفَعت صَوْتها المَحْشو بالغَصَّة" إنت ليش ماتحس! ليــش مو راضي تفهم إنّي أحبك!
تَقَدَّمَت يُمْنَاه خُطْوة لِيَسْتَل من بَيْن أَسْنانه كَلِماته المُسْتَقِرَّة فَوْقَ مُوْقَدِ نارٍ قَد يفَجِّره قَريباً،:بَلْقيـــس اعقلي و ارجعي بيتكم..ترى والله إذا استمريتين على هالجنون بقول كل شي لأبوش "كَرَّرَ بِفَحيح و هُو يَجْرف نَظَراتها عنه" كــل شــــي
أَعادَ قَدمه لِيَسْتَعِد لِلمضي في طَريقه..و قَبْل أن يُوْليها ظَهْره..انْبَجَسَت صَرْخة مَبْحوحة من حَلْقها..صَرْخَةٌ تَحْكي قَهَراً قاتِل..قَهَرٌ يُسَمِّم العُروق و يُضَخِّم القَلْبُ من الكَمَد حَتَّى يَمُوت..قَهَرٌ يُسَمَّى غيرة..،:عشان لَيْلوووه القزمة..أدررري..تسوي لي جذي كله عشانها الكَريــهة
عَلَّقَ بِنَبْرة مُسْتَفِزَّة تَعَاضَدَت مع حِجارة السَّماء و رَشَقوا مَشاعرها،:قزمة..كريهة..قبيحة..لو عساها تكون أكره بنت في الفريج..عيوني مُسْتَحيل تشوف غيرها
سَقْفُ السَّماء انْتَصَفَتهُ رَعْدةٌ مُفْزِعة..و حُجُرات الجَوَى انْتَصَفَتها نَظْرة الكُرْه المَبْعوثة بِقَسْوة من جُيوش عَيْنيه..أَنْتَ قاسي ناصِر..قاسي لِلحد الذي يَجْعَلُني أَجْلِدُ قَلْبي الذي فَرَّ إليك..أُعَذّبه و أُشَوّهه..لَعَلَّهُ يَعْدِل عن مَحَبَّتك..أَسفاً أَنَّك لا تُقَدّر هذا الشُعور المُنْبِت في صَدْري رَبيعاً..أَسَفاً أَنَّك لا تَسْتَمع لِهَدير الأَنْفاس و هي تُغَنّي لَك أَشْعار افْتتانها بِك..و أسَفَاً أَنَّك لا تَقْرأ دُعائي لَك المُتَلَفِّظة بهِ عَيْناي بأن يَحْفَظَك الله..حَتَّى أَنَّك تَجْهَلُ لَيالي السَّهر..و التَّحْليق على ظَهْرِ نَجْمة تُسافر بي إليك..نَعْم إليك..فَأنتَ قَمَري المُقْتاتة أُنوثتي على شُعاعه الساحِر..أَسَفاً أَنَّكَ لا تُقَدِّر..،زَحَفَت بِقَدَميها لِلخَلْف و هي تَلْمح المَوْجة العالِية القادِمة منه إليها..مُهَدِّدَةً بِتَقْويض قُوَّتها المَهْتَرِئة..صَدْرَها يَرْتَعِش من تَكَسُّر الشَّهَقات بَيْن أَضْلُعِه..شَكَرَت السَّماء على بُكائها..فَنَحيبها العالي طَغَى على صَوْت تَحَطُّم أَحْلامها المَغْزولة بَأهْدابه..اسْتَدَارت ثُمَّ أَطْلَقَت العنان لِساقَيها هارِبَةً من الحَقيقة التي فَقَسَت في ذاتها لِتَلِد ثُعْباناً بَدَأ يَحيك الأباطيل بِسُمومه..،




حاضِر

تَقِفُ أَمامهُ مُصْفَرَّة الوَجْه..تَحْمِلُ على شَفَتَيها أَكْفاناً بَيْضاء نَشَرَت خُيوط شُحوبها بَيَن طُرُقات مَلامحها المَخظْوفة..كانت وَ كَأَنَّها مُرْسَلة مِن قِبَلِ كابوسٍ أَسْود..أَحالها أُنْثى بنصف وَعي..،كَرَّرَ بِعَدم اسْتيعاب الذي نَطَقَته قَبْل ثوانٍ،:فيصل تَحَت!
هَزَّت رَأسها بالإيجاب مُؤكِّدة و لِسانها وَضَّح بِلَعْثَمته..،:يـ ـ..يقول يبي..يشوف جَنـ ـى
جُود عَقَّبَت وَ كَأنَّها تَدْعم حُجَّة أَخيها و مِن عَيْنيها لَوَّحَت كَلِمات،:ايـــه..اليوم بطوله ماشافها..أكيد ما بيقدر ينام
الْتَفَت لَها عَلي مُسْتَنْكِراً،:بس مو يجي هالحزَّة! السَّاعة ثنتين جُود..استخف أخوش!..."تَمْتَم و هُو يُغْمِض للحظات" استغفرالله "تَناول مَفاتيحه المُعَلَّقة على يَمين الباب ثُمَّ أَرْدَف" انتوا قعدوا اهني لين ما ارجع..بروح اشوفه
أَسْرَع لِسانها لافِظاً اسْمهُ و كَأنَّه خَشِي أن يَقْبِض عَليه التَّرَدُّد فَيَمْنعه من الإفْصاح،:علـــي لَحْــظة
اسْتَدَار إليها مُسْتَطْلِعاً و هي التي كانت تَقف على بُعْد خُطوَتان عن الباب من الدَّاخل..أَكْمَلت وَ رَجاءٌ تَعَلَّقَ بِمَشْذَب أَهْدابها،:حرارته مرتفعة..و وقاعد يهلوس..فلا تلومه على جيته
عارَضَت جُود حَديثها و التَّعَجُّب قَد عَلَّا حاجِبيها،:ليش حرارته مرتفعة ! قبل ساعتين أنا وياه ما كان فيه شي "و الشَّكُّ لَحْنها" وبعدين إنتِ شلون تدرين إنَّ حرارته مرتفعة؟!
كان جَوابها أَنَّها أَوْلَتهما ظَهْرها..و مَشَت إلى إحْدى الأرائِك لِتَجْلس بِسُكونٍ مُتَرَقِّب..و هي بهذا الفِعْل تَمْنع جُود من أَي سؤال..و تُفْسِح المَجال لِعَلي بأن يَمْضِي للذي امْتَطَى سِرْج جُنونه..،

،

كان قَد غادَر السَّيارة عندما طَلبت منهُ أَن يَنْتَظِر..غادَرها و الإعْياء حِمْلاً قَوَّسَ مَنْكَبَيْه..خُصْلات شَعْره سابِحة في التَّبَلُّد..بَعْضُها كان يَنْظر للسَّماء..و بَعْضُها تَشَبَّثَ بِجَبينه..كأيْدٍ تُطَبْطِب على تَعَبه..عُنُقِه كان حُرَّاً ساعتها..فَالرَّبْطة التي كانت تخْنقه أَلْقاها في السَّيارة بإهْمالٍ تام..و فَتَح بَعْضاً من أَزْرار قَميصه لِيَنْكَشِف حَتَّى أَسْفَل عَظَمتا التَرْقوة..فُرُبَّما تَلْمَح شِرْخه نَجْمة..فَتُحَلِّق إليه و تُرَمِّمه بِوَميض أَمَل..،اقْتَرَبَ من الباب الذي كان يُفْتَح..تَحَجَّرَ ريقه في حَلْقه..و قُرِعت داخل حُجُرات قَلْبه طُبولاً لِقَبيلة أفْريقية..انْحَشَرَت أَنْفاسه بَيْن أزِقَّة أَضْلاعه الضَّيِّقَة..مُسَبِّبَةً وَجَعاً دَميم..فَهْو كان يَحْسَبُ أَنَّ الفَجْرَ غَزَل خُيوطه حَتَّى اسْتَوَت مَهْداً يَحْتَضِنها لِيُهْديها إليه..لَكِنَّ وَجْه عَلي الذي تَراءى إليه..أَسْقَط تَفاهات أحْلامه حَتَّى دَوى صَوْت ارْتِطامها الذي أَرْجَفه..،أَفْرَغَ الأُكْسجينات التي حَبَسها اسْتِقْبالاً لِسَيِّدة الأَنْفاس..ازْدَرَد ريقه و هُو يَتَوَقَّف أَمام عَلي الذي نَطَق بنصف ابْتسامة،:جاي لجَنى ها "هَزَّ فَيْصَل رَأسه بابْتسامة بَلْهاء لِيُكْمِل عَلي و هُو يَسْتدير لِيَتَقَدَّمه" تعال تعال..حَيَّاك
دَلَفا لداخل المنْزل المُطْفَأة أَضْواءه في هذه السَّاعة المُتَأخِّرة..عَدا ضَوْاً وَهِن كان يُنير البُقْعة التي يَقْبَع فيها السُّلَّم..رَكِبا و الصَّمْتُ ثالِثهما..ثوانٍ و قابَلَهما باب غُرْفة جِنان الذي أَلْقى فَيْصَل وَسَط دَوَّامة من ذِكْرى..شَعَر بريحٍ مُحَمَّلة بالغَثَيان تَحُوم في صَدْره..كَتَمَها غَصْباً و هُو يَرى عَلي يَفْتح الباب..أَو الجَنَّة التي احْتَفَظَت جُدْرانها بِأسْرارٍ لَها طَعْم خَمْرٍ حَلال..وَلَج إلى الجَنَّة لِيَنالَ مِنْهُ إغْماضٍ هائِم..عَلى إثْرِ الرَّذاذ العَذْب المُقَبِّل حَواسه..رَذاذاً مُجَرَّد..لَمَسَهُ بِأنامل ذِكْرياته..و اسْتَنْشَقَهُ بِأنْفاسِ لَيالي العِشْقِ و الهَوى..رَذاذٌ مُتَسَرْبِل بِعَبَقِها...،

،:فيصل!

أَزاح جِفْنيه كاشِفاً عن البؤْرَتان المُنْبَجِس منهما شَلَّال الهَذَيان..مُذ الْتَقَطَ بَصَرُ عَلي هذا الغِياب الجَلي..تَذَكَّر كَلِمات شَقَيقته..و لِيَقْطَع الشَّكَّ باليَقين..اقْتَرَب من مَكان وُقوف فَيْصَل..وَ بِحَرَكة طَبيعية أَمْسَكَ سَاعده..لَحْظة فَقَط قَبْلَ أن تَرْتَشف راحته الأوار المُشْتَعِلة في جَسَده..ارْتَعَشَ قَلْبه..ليَ من حَرارته الشَّديدة..لَكِن من يَقينٍ فَرَّقَ حُجُراته..هَمْسٌ ناحَ في رُوحه...جِنــان! و كَأنَّها رَأَت بِأمِّ عَيْنها تَيْهه..بَل و كَأنَّها امْتَصَّت حَرارته بِكَفَّيها...هي تَعْلَم..تَعْلَم ما لا يَعْلَمون! انْتَبَه من حَديث نَفْسه لِتَحَرُّك فَيْصَل الذي سَحَب ساعده من يَده..خَطَى ناحِية السَّرير حَيْثُ تَغْفو إحْدى كائِنات السَّلام المُنْعِمها عَلينا الله..اسْتَكان على رُكْبَتيه أَمامها..يَتَأَمَّلها من خَلْف شُعوب الغِياب..التَّيه و الهذيان..يُناغيها بِنَظْرة كَما لَو أَنَّها الأُولى..و كَأنَّها للتو تُحَلِّق من رَحْم والدتها..يَدَهُ العَريضة قَصَدت رَأسها..مَسَح مَسْحاً مُنْتَشِياً مَوَدَّة و مَلَق..و الحَنانُ يُنْبوعٌ عَذْب يَنْبَجِس من بَين خُطوطها..أَخيراً أَحْنى رَأسه و قَبَّلَ جَبينها الحُر من تَصَدُّعاتٍ تَهْوى الدُّنيا وَسْمها على الجُلود النَّقِيَّة..،وَقَف و اسْتَدار بآلِيَّة و اتَّضَح وَجْههُ المَكْدود..مَشى و الإعْياء يُسَيّره..تَجاوَز علي للخارج و كَأنَّهُ لا يَراه..فَهْو في هذه اللحْظة يَشْعر بأَنَّ طاقته تَذْوي في مُحيطٍ شاسِع..لا قاع له..و حَواسه قَد اهْتَرَأت حَتَّى اسْتَوَت خِرْقة بالِية غير قادِرة على احْتواء شَتاته..نَزَلَ العَتبات بِجِذْعٍ أَمالهُ التَّعَب فاسْتَنَد بِدَعامات السُلَّم وابْن عَمَّته يَتْبعه...وَصَلَ للباب الخارجي للمَنْزل و كَأنَّهُ غَريقاً ظَفَرَ بِطَوْقِ نَجاة..فَتَحهُ و تَقَدَّم خُطْوة للخارج..و قَبْلَ أن يَتْبعها بالثَّانِية..انْحَنى مُسْتَفْرِغاً مافي جَوْفه بِضَعْفٍ نادِراً ما يَطَأ مَمَلكة رُجولته..هَرَع إليه عَلي لِيَصْطَدِم بِلَوْنٍ أَحْمَر طَغَى على عُصارة مَعِدَته الدَّالة على أَنَّه لَم يَتناول وَ لَو لُقْمة..كان يَنْظُر لهُ بِعَيْنان احْتَكَرهما الجُحوظ..فَهْو لَم يَتَخَيَّل طَوال سنوات عُمْره أَن يَرَى فَيْصل صاحِب الكِبْرياء و الأَنَفة بهذا الضّعف..يَبْدو هَزيــلاً للحَد الذي يُثير شَفَقة العَدو! رَفَع رأسه و بانَت المأساة العابِثة بِمَلامحه..مُقْلَتاه غابَ بَياضهما اسْتسلاماً لاحْمرار طَفيف تُبَلّله قَطَرات تشبه الدُّموع..وَ وَجْههُ قَد حُقِن بِلَوْنٍ قُرْمِزي يَحْكي تَعَباً مَريراً..وَ شَفَتاه..وَرِثَتا الاَكْفان التي غَفَت عَلى شَفَتي جِنان! تَساءَل بِقَلق و هُو يَراه يمسح فَمه بِمَناديل أَخْرجها من جَيْبه،:فيصل إنت بخير؟ شكلك مريض....أوديك المستشفى؟
هَزَّ رَأسه بِنَفيٍ مُرْهَق..فَتَح فَمه مُحاولاً إقْناعه لَكِنَّهُ قاطعه عندما تَحَرَّك لِيَسْتَقِر داخل مَرْكَبته..ثَوانٍ و عَلا صَوْت احْتكاك العَجلات بالإسْفِلت المُصْمَت..ثُمَّ تَلاها صَوْت وَقع خُطواته التي حَمَلته للمَنْزَل و هُو سَجيناً في شَرْنَقة من تَعَجُّب..،
دَخَل شِقّته لِتَسْتَقبلانه زَوْجته..و تِلْك التي اقْتَرَبت و هي تَحْمِل بَيْن طَيَّات مَلامحها نُسْخَة من أَلَم ذاكَ المَريض..تَساءَلت بِتَوَجُّسٍ أَجَّجهُ وَجْهُ أخيها الغَريب،:شصار عَلي؟!
مَرَّغَ عَدَسَتيه عَليها..مِن رَأسها حَتَّى اَخْمص قَدَميها..لِيَخْرج بِنَتيجة واحِدة..فالإثْنان...جِنان..وَ فَيْصل...كُل واحد منهما مِرآة للآخر! وَ عَجَباً من سُوء فِهْم أَحالهما مُطَلَّقان يَبْكِيان عند نافِذة العِشْق!

،:عَلــي!

رَمَشَ بِخِفَّة مُسْتَعيداً وَعْيه..أَجابها بِسُكون،: خليته يشوفها..بس.. .. بس كان مو في وعيه..و فعلاً كانت حرارته مرتفعة..و استفرغ.. ..استفراغه كان أكثره دم
دَم....دَم دَم...دَم! اخْتَنَقَ النَّفَسُ عِنْد مُفْتَرَقِ طَريق يُؤدّي إلى الماضي..الماضي الذي ابْتَدَأت عند دَقائق لَيْله رِحْلة الفِراق و اللَّوْعة..،

،

للتو أَنْهَت اسْتحمامها الطَّويل..اسْتَرْخَت في حَوْض الإسْتحمام المَمْلوء بماءٍ دافئ يُخالطه عَبيرٌ لَذيذ..يُغَلِّف الحَواسَ و العُروق بسَلاسة و نُعومة..فَيَبْعثُ اسْترخاءً لَطيف،يَزْرَع حُقولاً جَديدة مُزْهِرَة بالرَّبيع..،كانت الليْلة مُكَلَّلة بالجَمال و السِّحْر..ابْتَسَمَت بحُبور و هي تَسْتر جَسَدها الأثيري بِرداء الإسْتحمام القَصير..الليْلة كانت طَويلة..و مُماثِلة حَدَّ أن تَكون تَوْأماً لليْلَة التي كَتَبها أَحْمد في إحْدى رواياته..مُذ كانت مُراهقة تَمَنَّت لَو تُبْصِرها حَقيقةً..و أَخْبَرت أحْمد عن هذه الاُمْنية خِلال لِقاءاتهما الخاطِفة في الماضي..ثُمَّ نَسَتها..لَكن لَم يَنْسَ أَحْمد..هي نَسَت الأمْنية و مَضَت تَعيش سِحْراً أَكْثَرَ عُمْقاً.. أَشَدُّ حَلاوة..و أَشْهى سَكَراً..معه..مع حَبيب الرُّوح و القَلْب..مع سيّد وُجودها..فَيْصَل..اشْتاقته..اشْتاقته و جِدَّاً اليَوم..ساعاتٍ طِوال و ثِقال تِلْك التي مَرَّت دُون أن تُسَلّم على عَيْنيه..تُداعب أَهْدابه بأناملها..تُعَطّر جَواها برائحة أَنْفاسه..تَرْتَشف الحَياة من شَفَتيه..و تَنْطوي طِفْلة بَيْن أَحْضانه..هَمَسَت بحُب و هي تَتَأمَّل ملامحها الباذِخة المُنْعَكِسة في المرآة الضَّبابِيَّة،:وحشتني حَبيبي

غَادرت دَوْرة المِياه المَحْشوَّة ببُخارٍ يُذيب جَليد لُنْدن المُتَكَتِّل فَوْقَ أَطْرافها..خَطَت خُطْوة ثُمَّ وَقَفَت..احْتراماً و تَبْجيلاً لِمَلك الجَوى..اتَّسَعَت ابْتسامتها بحَلاوة ضَعَّفَت من جَمال شَفَتيها النَّدِيَّتين..اسْتَأنَفَت مَشْيها و الشَّوْقُ حاديها..تَوَقَّفَت عندما الْتَصَقَ جَسَدها الطَّري بِجَسده الصَّلْب..عانَقَت وَجْنَتيه بِلَهْفة..وَقَفَت على أَطْراف أصابعها كَراقِصة باليه..ثُمّ هَرَعت الشَّفَتان لِنَبْع الإرْتواء..ثَلاث ثَوانٍ فَقْط..ثُمَّ ابْتَعَدت عنه..أَبْعَدها جُمودٌ مُبْهَم..و مَذاقٌ غَريب! تَغَضَنَت ملامحها و هي تُمَرّر لِسانها على شَفَتيها..تَمْتَمَت بِتَفْكير مع انْخفاض بَصَرها بتلْقائِية،:طعم دَ.... ..م!
تَزَحْلَقَت أَناملها بِرُعب ماسَّة شُعَيْرات ذقنه المَحْشور بينها بضع قَطَرات دَم جامِدة..طالت آثارُها أَطْراف ياقة قَميصه الفاتح..نَطَقَت بِوَجْسٍ غاَدَر من تابوت حَلْقها،:حَبيـــبي...من شنو الدَّم! مَسَحَت عَلى خَدّه مع مُعانَقة عَيْنيها...كَهْفي غضَبه..نَسَت..نَسَت هذه المَرَّة أن تُصافح المُقْلَتين أَوَّلاً..فَشَوْقَها أَسْرَع بها لارْتشاف الشَّهْد أَوَّلاً..و لَم تَلْتَفِت للوَغى المُحْتَدِمة بَين رِمْحٍ و رمش..،
مَسَّت شَفَتيه بِطَرف إبْهامها هامِسَةً بِحَذَر،:فيصـــ ـ
دَفْعة مُفاجِئة..قَوِيَّة..و مُباغِتة..ألْقَتها على الأَرْضيَّة الخَشَبِيَّة لَحْظَتها..و انْتَزَعَت من بَيْن أَضْلاعها شَهْقة مُوْجِعة..و لَم تَعْلَم رُوحها أَنَّها سَتُلْقيها بَعْدَ سَنة فَقط..إلى أَرْضٍ يَباب تخْلو مِنه..أَرْضٌ تَصْحو و يُلازمها النُّعاس على سُمْفونِيَّة أَلَّفَتها أَوْتارٍ قَطَّعتها سَكاكين الشَّهَقات..،

,

ارْتَعَدَت فَرائصها من كآبة الذّكْرى التي سَرَقَت آخر فُتات تَحَمُّلها..رَفَعت عَيْنيها المُتَوَرِّمَتين من نَغَزات دَمْع لاذع..رَفَعتهما لِوَجْه عَلي البادِية عَليه مَلامح اسْتنكار يُمازجه شَيء آخر لَم تَتَعَرَّف عَليه..كان يَسْألها..و إصْراره لِمَعْرفة الجَواب يُلَوّح بَيْن عَيْنيه،:شلون عرفتين إنّه مريض؟
تَناوَل الكَمَدُ فُرْشاته..غَمَرَها في نَهْرٍ من سَواد..قَبْلَ أن يَنْثر عَليها شَذَرات من قُطْنٍ أَبْيض..لتَتَحَوَّر إلى رَمادِيَّة كَئيبة يُسْهَل على الرُّوح اجْتراعها..مَضَت الفرشاة و رَسَمَت خَطَّاً هَزيلاً عَلى شَفَتيها..خَطَّاً قَد يُطْلَق عليه ابْتسامة..ابْتسامة اجْتَمَعت فيها كُل مَشاعرها..الماضية و الحاضِرة..أَجابت و هي تُصْغي لدُروس قَلْبها،:إذا يكتم في قلبه..أو يأنبه ضَميره... يمرض "تَشَبَّثَت أَنفاسها بتَنْهيدة مُرْتَعِشة و هي تُرْدِف" و مـ ـادري هالمرة أي الإثنين هو سبب مرضه "تَدَاركت نَفْسَها التي بَدَأت تَنْجَرف مع التَّيار المُفْضي إلى مَشاعر وَعِرة" أعذروني..واجد أزعجتكم..تصبحون على خير
تَرَكَت الشِّقة سَريعاً هارِبَةً من نَظَراتهما المُرْتَدِية عَدَسات تَفَحُّص..و من كَلِماتهما المُوَجَّهة من بُؤرة الشَّك الجَلي عَلى مَلامحهما..دَخَلَت غُرْفَتها..كَمَن يَلِجُ إلى دارٍ هَجَرها لِزَمَن..ثُمَّ عادَ إليها لِيَجِدَها لا زالت تَحْتَفِظ بَيْن تَشَقٌّقاتها العَتيقة بِأَعْذَب الذّكْريات..مِثال..رائِحته..،أبْتَلَعت غَصَّتها المَعْجونة بالعَبْرة..و طَفَقَت تَحْجب عن أَنْفاسها بَقايا الرَّائِحة المُتَسَكِّعة هُنا و هُناك..بِيَديها غَطَّت أَنْفَها و شَفَتيها..و ذاع صيت أُمْنِية بين شَعْب نَبَضاتها..بأن تُغْلَق جَميع مَسامات جَسَدها حَتَّى لا يَنْفذ عِطْر جَسَده إلى الجَوى فَيُعَذّبه..،أَسْرَعت إلى سَريرها تُطالب بالنَّجْدة..تَكَوَّمت بأكْملها أَسْفَل الغِطاء..أَغْمضَت شادَّة بِعَيْنيها مُحاوِلَةً نَحْر السَّاعة الماضِية بِما حَمِلَته من كَلِماتٍ و صُور..و لِسانها يَهْمِس مُلَقِّناً وَعْيها..،:حـ ـلم.. ..حِلم...حـ ـلم..حــــلم.... ..



تَرْتَدي حُلَّة النُّوْمِ بِأبْهى صُوره..كَما حَمامة بَيْضاء تَحْتَضِن هَيْكَلَها النَّحيل بِجَنَاحَيْها المُتْرَعين بِريشٍ دافئ..كانت هِي تُحيط جَسَدها الصَّافي كَقُطْعةِ أَلْماس لامِعة بذراعيها النَّاعِمَتين..مُنْكَمِشةً من البُرودة المُتَسَلِّحة بها الغُرْفَة..فَرِداء نَوْمها يَفْتَقِر لِأكمامٍ قَد تَبْعَث قَليلاً من الدّفئ لِجَسَدها..و الغِطاء قَد انْخَفَض حتَّى خِصْرها مُتَهَرِّباً من عَمَله..ابْتَسَم بِخِفَّة و هُو يَرْفعه إلى أَسْفَل ذِقْنها..ثوانٍ و شَعَر بها و هي تُسْبِل أَطْرافها بِراحة لاعْتمارها قُلْنسوة الدّفئ..اسْتَدَارَ عَنْها مُسْتَلْقِياً على ظَهْره..أَراحَ ذراعه فَوْق جَبينه و أَخَذَ يَشُقُّ طُرُقات السَّقف بِعَيْنيه..من خِلال مُحادَثاته الأخيرة مع حُور..اسْتطاع أن يَسْتَشِف من كَلِماتها تَهَكُّمات غَريبة في حَق والدها..و حَديث العَشاء قَبْل ساعات أَكَّد لهُ عَلى ذلك..،

،

قالت بِنَبْرة مُبَطَّنة و هي تُحَرّك المِلْعقة في طَبَق الحَساء السَّاخن..و بَصَرها يَهْرب بانْخفاضٍ واضِح،:توني أدري إن أبوي مهتم كل هالاهتمام فيك..و في أمك و أختك بعد!
أَجابها ببساطة،:هو صَديق أبوي الله يرحمه من الطفولة.. و يعتبرنا مثل عياله..فمن الطَبيعي بيهتم فينا بعد وفاته
سُخْرِية طَفيفة رَفَعَت زاوِية شَفَتيها لِتُعَلِّق و هي تَرْفع المِلْعَقة لِفَمها،:بيكون طَبيعي اهتمامه إذا كان في الأوَّل يوجهه لزوجته و بنته
عُقْدة عَدَم فَهم شاكَست مابين حاجبيه،:شنو تقصدين؟
أَجابت بِهَمس بَعْد أن اجْترعت الرَّشْفة،:ما اقصد شي "نَظَرت إليه مُسْتَطْرِدةً بابْتسامة تَبَدَّلت على حين فَجْأة" ما قلت لي يوسف..شرايك في اللي خطب ملاك؟

,

تَصافَقَت أَهْدابه بِخِفَّة..حَدْسهُ يَقُول لهُ أَنَّ في بِطْنان هذه الكَلِمات يَقْبع سِر خَفي..سَر تَبْدو عَليه إمارات حُزْنٍ و عِتاب..عِتابٌ تَنْعاهُ طِفْلة لِوالدها..هُو لَم يَسْبق لهُ أن اسْتَفْسَر عن ماضيها..بالتَّأكيد سَيَجِد بَيْن صَفَحاته ما يُؤكّد ظُنونه..فلا بُـــ... ... الْتَفَت بانْتباه للحَرَكة الخاطِفة التي لَمَح خَيالها القادم من يَمينه..أَزاح ذراعه عن جَبينه و هُو يَرْفع ظَهْره قَليلاً..ضَيَّقَ عَيْناه مُدُقِّقاً النَّظَر في الإنْفراج الواقع بين الأرْض والباب..ثوانٍ و عاد لاسْتلقائِه مُقْتَنِعاً بأنَّهُ لَيس أَكْثر من تَوَهُّم..لِكَن قَبْلَ أن تَكْتَمِل عَشْر ثوانٍ..عادت الحَرَكة مُجَلْجِلة حَواسه..هذه المَرَّة جَلَس باعْتدال و أَبْعَد جُزْءاً من الغِطاء عَنْه..كانت الغُرْفة غارِقة في الظَّلام..ما عَدا إضاءة خافِتة جِدَّا تَسْهَر بالقُرْب من رَأس حُور..لذا كانت الحَرَكة واضِحة من أسْفَل الباب..،انْتظَر قَليلاً حَتَّى تَعود لَكن لم يَجِد شَيء..أَراد أن يَسْتَلْقي مُجَدَّداً لَكنَّ طَرَقاتٍ وَهِنة قاطَعتهُ هذه المَرَّة..عَزَم أَمْره و وَقف مُتَّجِهاً للباب و أَنْظاره تُراقب الفراغ أَسْفله..لَقَد كانت تَسْتِقر ظِلال لِقَدمي بَشَري! سَطَع صَوْت داخله..رُبَّما والدته أو شَقيقته..أَمْسَكَ بالمِقْبَض..و بِهَمْسٍ أَخْفضه لِيَفْتح الباب..ارْتَفَع حاجبه اسْتغراباً حينما اصْطَدَم بَصَره بلا أحد! إذاً لِمَن كانت الحَركة..و الظِلُّ ذاك؟! تَقَدَّم ماشِياً باتّجاه السُلَّم لِيَتَحَرَّى..كانت غُرْفة جُلوس الطَّابق الثَّاني تَعيشُ صَمْتاً فَجْري..كُل مافيها يَسْبَحُ في النَّوْم..عَداه هُو الماشي على لَحْنٍ هادئ..و مِصْباحٌ أَبْيَض نَصَّبَ ضَوْءه حادِياً يَهْدي القوافِل السَّاهِرة..،تَوَقَّفَ عند رَأسِ السُّلَّم..مالَ جِذْعه قَليلاً ناحِية الأسْفَل لِيُطِل على المَكان من عُلو..تَبَسَّم بِسُخْرِية على نَفْسه و هُو يَهْمس..،:شكلك رجعت للهلوسة يوسف "و هُو يتراجع للخَلْف" روح نام أحسن لك
أَراد أن يَسْتَدير عائِداً لِداره..لكنَّ ذراعاً صَلْبة ارْتَفَعت من وراء ظَهْره لِتَهْوي بِقُوَّة مُزَلْزِلة على عُنُقِه..فَيَسْتَحيل رَجُلاً نَهَبت أَيْدٍ خَبيثة وَعْيه بَعْدَ أَن اسْتَعانت بِعَباءة الفَجْر الخَفِيَّة..،



الصُّبْحُ يَتَنَفَّسُ بانْتشاءٍ و أَمَل..زَقْزَقة العَصافير تَكْشف السِّتار عن حِكاية جَديدة..تَقُصَّها الجَدَّات و تُرْبة المَزارع ذات الرَّائِحة الطَّيِّبة و الفَراشات المُلَوَّنة..الشَّمْسُ اليَوم مُطْلِقة العِنان لأَشِعَّتها حَتَّى تَزْهو بِأبَّهة و خَيْلاء..السُّحب تَبْدو شَفَّافة،كَما مِرْآة تَعْكِس النُّور على الأرْض لِتُضيء أَرْواحٍ أَرْمَدتها نيران الشَجَنِ و الأَحْزان..،اسْتَيْقَظَت مُبَكّراً..السَّاعة لَم تُصافح الثَّامِنة بَعْد..تَبَسَّمَت و هي تُمَدِّد عضَلاتها بَيْن فَوْضة سَريرها..و كأنَّ النَّوْم يُعاندها..اليَوم هي في إجازة،و ها هي تَصْحو و النَّشاطُ يَتَراقص في دِمائها..لَو كان يَوْمُ عَمَل! فَتَحَت عَيْنيها مع فِرار ضِحْكة مَبْحوحة من حنْجرتها..فهي تَعي جَيّداً أنَّهُ سَيَتَشَبَّثُ بها تَشَبُّث الطِفْل بِوالدته..تثاءَبت و هي تَنْقَلِب على يِسارها..لَحْظَتان و انْتَصَفت حاجبيها المَرْسومان عُقْدة..مالت شَفَتاها بِتَقْييم و هي تُبْصِر قصاصة وَرَقية صَغيرة تَغْفو على وِسادتها..و من فَوْقها اسْتراح مِفْتاحٌ فِضّي..اعْتَدَلَت جالِسة و هي تُرْجِع خُصْلاتها الخَدِرة من نُعاس خَلْف أُذْنها..تناولت المْفتاح و القصاصة بِيَمينها..قَرَأت الكَلِمات المَكْتوبة بِخَطٍّ أَنيق و صَباحي بِتَرَوٍّ حَتَّى تَسْتَوْعِب من المَرَّة الأولى..

~ صَباح الخير نُور قَلْبي..الإجازة المُنْتصفة أيام العَمل تحتاج إلى رَفيق،
هذا مفتاح شقة زوجش..طَلال
أتوقع حفظتين الطريق..إذا احتجتين أي مُساعدة أنا موجود،

حَبيبش البابا ~

ابْتَسامة لَذيذة داعَبت وَجْهها المُلْتَحِف بآثار النَّوْم و هي تَنظر للوَجْه المُبْتَسِم المُتَذَيّل الكَلِمات المُطَعَّمة باللَّطافة..الْتَقَطت الوَرَقة بِيسارها و أَبْقَت المفتاح في يَمينها..أَهْدتهُ نَظْرة..ثُمَّ أَهْدَت مِثْلها الوَرَقة..عادت و تَأمَّلته..و كَرَّرت تَأملها للقصاصة..اسْتَمَرَّت هَكَذا لِدِقَيقة..قَبْلَ أن تَلْتَقِط طَرَف شَفَتها السُّفْلِيَّة بأسْنانها مُتَسَتِّرَةً على ابْتسامة مُتَحَمِّسة..و من بَيْن أَهْدابها المُلْتَوِية الْتَمَع لَعِبٌ شَهي..أَشْعَل فَتيل جُرْأة أُنوثتها التي أُخْمِدَت لِعامان..،



اسْتَيْقَظَ على اتّصالٍ من عَمّه يَدْعوه لِوَجْبة فَطور في أَحَد المَطاعم..هُو تَحَمَّسَ للدَّعْوة..فهي فرصة يَهْرب إليها من غَوْغاء الأفْكار العابِثة باتّزانه..كَما أَنَّهُ يَمْلك في جُعْبته أَسْئلة كَثيــرة قَد يَكون لَدى عَمّه جواباً لها..أَسْئِلة جَميعها تَحوم حَوْل غِياب طَلال وَ عَوْدته المُبْهَمَيْن..و ضَعَّف من غَرابة الأَمْر خُروجه البارِحة من الحَفْلة على هَيئة تَمَلُّص و هُروب..،ها هُو الآن يَجْلس أَمام عَمّه حَوْل إحْدى الطَّاولات المُتَّكئ علَى خَشَبِها شُعاع شَمْسٍ فُضولي..الأَطْباق مُرَتَّبة فَوْقَها و رائِحتها الشَّهِيَّة يَسيل لها لُعاب البُطون..كان ناصِر مُلْتَقِطاً زِمام حَديثٍ اخْتاره بِدِقَّة..قالَ بَعْد أن اجْتَرَع اللُّقْمة،:هو رَجع يبحث عن الإسْتقرار..تصور إن ابْتعاده ممكن يهديه حَياة مستقرة..بس اكتشف إنّه مُخْطئ
عَلَّقَ بضِحْكة،:زين إنَّه اكتشف خلال سنتين مو أكثر..جان رجع لنا بعكازه و الشيب تارس راسه
ضَحَكَ،:لا مستحيل كان يطوّل أكثر..أصلاً زين منه قدر يصبر سنتين و هو بعيد عنك و عن غيداء
أَفْصَح و هو يُميّل رأسه و يَرْفَع كَتِفَيه بعدم تَصْديق،:والله أنا مادري شلون قدرت أصبر عنه طول هالسنتين..البارحة يوم شفته حسيت إنّي ما كان لازم أقبل بغيابه..حَتّى لو كان هو يبي هالشي
أَراحَ الشَّوْكَة و السِّكين على الطَّبق لِيَقول و هُو يشْبك أَصابعه بالقرب من ذقنه،:حالياً يحتاج لخطوة جديدة في حياته عشان تساعده على التَّغيير و تحقيق الإستقرار اللي يتمناه
تَساءَل باهْتمام،: خطوة مثل شنو ؟
بابْتسامة مالَت على مُنْحَدَرٍ يُخْفي مَعْنى،:مثل إنّه يتزوج
صَمَت للحَظات و عَيْناه تَبْحثان عن أَثَرٍ للمُزاح بَيْن مَلامح عَمّه..لَكِنَّه لَم يَجد سِوى الجِدِّيَّة..ضَحَك بِخِفَّة و هُو يُرْخي معْصَميه على الطَّاولة..و باسْتنكار،:يتزوج! طَلال يتزوج؟! الصراحة ما احس إنّه أساساً يفكّر في الزواج أو سَبَق و فَكَّر فيه!
أَخْفَضَ يَده و هَو يَبْدأ في مَسْح الغُبار عن صُنْدوق الماضي الخَطير،:بالعكس..طَلال فَكَّر في هالموضوع من سنين..لدرجة إنّه كان يحب بنية و راح خطبها من أبوها
اتَّسَعَت عَيْناه بِتَعَجُّبٍ كَبير،:والله! و من هذي البنية؟ وليش احنا ماندري!
أَجابَ ببساطة و هُو يَحْشر المِفْتاح في قِفْل الصَّنْدوق،:لأنّي ما قلت لأحد
اسْتَفْسَر،:يعني إنت كنت تدري حَزَّتها؟
هَزَّ رأسه مُؤكّداً،:ايــه كنت أدري "أَرْدَف بنِبْرة واثِقة كاشِفاً خَبايا صُنْدوقٍ تَوارى عن الأْنظار لأعْوامٍ ثَقيلة" كنت أدري..لأنّه جا خطبها مني
تَصَدَّعَت مَلامح عَبْدالله لِتَكْشِف عن تَعَسُّر اسْتيعابه..أَكْمَلَ ناصِر مُلْقِياً عَليه صَفَحات ماضٍ تَعَفَّنَت من اخْتباء..

،:طَلال خطب نُور قبل سنوات...و أنا رفضته










~ انْتَهى

 
 

 

عرض البوم صور طُعُوْن   رد مع اقتباس
قديم 15-02-17, 10:46 PM   المشاركة رقم: 989
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو راقي


البيانات
التسجيل: Aug 2015
العضوية: 300973
المشاركات: 633
الجنس أنثى
معدل التقييم: simpleness عضو على طريق الابداعsimpleness عضو على طريق الابداعsimpleness عضو على طريق الابداعsimpleness عضو على طريق الابداعsimpleness عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 475

االدولة
البلدBahrain
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
simpleness غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : simpleness المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: ذات مُقيّدة حوّل عُنُقِ امْرَأة / بقلمي

 

السَّلام عَليكم و رَحْمة الله و بَركاته

مَساء الخير جَميلاتي

شُكْراً شُكْراً شُكـْـــراً للغالية طُعون على مُساعدتها و اقتراحها تنزيل الجزء بدلاً عنّي،
الجزء نزل في المنتديين الآخرين من الفجر عَدا ليلاس،ما قدرت أنزله لخلل :(
لكن الحمد لله وصل لكم من خلال طُعُون..قُبْلات شاكِرة لكِ يا جَميلة،

أعلنت في الآسك عن عدم قدرتي على تنزيله اهني..لذلك بحط لكم من جديد رابط الآسك عشان لو تكرّرت ظروف مثل هذي تكونون على اطِّلاع،

https://ask.fm/simpleness_7

أتمنى إنَّ قراءته كانت مُمتعة،
و اللي ما قرأه للحين..فَقِراءة مُمتعة له..،




نَلْتقي إن شاء الله

 
 

 

عرض البوم صور simpleness   رد مع اقتباس
قديم 16-02-17, 02:15 PM   المشاركة رقم: 990
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Aug 2013
العضوية: 256586
المشاركات: 2
الجنس أنثى
معدل التقييم: موعد عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 11

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
موعد غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : simpleness المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: ذات مُقيّدة حوّل عُنُقِ امْرَأة / بقلمي

 

بديت اقرأ هالجمال بس عندي سؤال يا جميلة هل الرواية باقي لها أجزاء كثيرة
أبي أكمل بس خايفه تطول وأنساها

 
 

 

عرض البوم صور موعد   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مُقيّدة, امْرَأة, بقلمي, حوّل, عُنُقِ
facebook




جديد مواضيع قسم القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 06:01 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية