لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
التسجيل مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 29-01-16, 11:45 PM   المشاركة رقم: 511
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو راقي


البيانات
التسجيل: Aug 2015
العضوية: 300973
المشاركات: 633
الجنس أنثى
معدل التقييم: simpleness عضو على طريق الابداعsimpleness عضو على طريق الابداعsimpleness عضو على طريق الابداعsimpleness عضو على طريق الابداعsimpleness عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 475

االدولة
البلدBahrain
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
simpleness غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : simpleness المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: ذات مُقيّدة حوّل عُنُقِ امْرَأة / بقلمي

 

بسم الله الرحمن الرحيم

تَوكلتُ على الله


الجزء الثلاثون

اليوم الماضي


على مَكتبه يَستقر دليله الذي ظَفَر به في زيارته للمصرف المُنجلية عن حريقه غَشاوة الأسرار،عَقَد أفكاره..أحلَّها ثُمَّ عَقَدها من جديد رابطاً أطراف الخيوط واحداً بالآخر ليرسم بها جواباً يَسطره أسفل أسئلته الحائرة..،سلاح walther P99 .. ابتسامة ثقة لَوَّحت على شفتيه المُتدثرتان أسفل أصابعه المُتشابكة..صناعة ألمانية بعيار تسعة ملم..،اذاً الحَريق لم يُشعَل من فراغ،فنيرانه اقتاتت على الجرائم الماضية المُغلَق مَلفَّها على ورقة الانتحار..حيثُ يختفي المُجرم تحت جُنح التظليل مُلقياً سيفه على الضحيَّة،ليصور المشهد انتحـار وُلِدَ من رحم اليأس المَسجون بين القضبان..،الساعات التي قضاها مُتصفحاً ملفات المُتهمين الستة و العشرون أيقظت ما كان نائماً لسنوات..استطاع أن يمتزج مع الدماء مُستنشقاً خباثة الإجرام الحاذق..نافثاً أجوبة مَسقومة لا زالت تحتاج لصقلٍ يُصيرها أدلة قاطعة تذهب به للمُجرم مُباشرة..،تَصافق خفيف لأهدابه نتج عن صوت طرق الباب الذي أعقبهُ دخول هاينز المُشاركه المنزل منذ قدومه و من خلفه آستـور..أزاح يديه عن موضع شفتيه مُتراجعاً للخلف ليستند باسترخاء و الابتسامة لا زالت في مكانها..تضاعفت و هو يسمع كلمات آستور الذي اقترب ينظر للملفات،:يبدو أنَّك توصلت لشيء
أجاب بهمس،:أشيـاء و ليس شيء واحد
تساءل و أنامله تَمس السلاح،:و ما هي ؟
أصدر صوت مُعارض من بين شفتيه ليُجيب،:لا لن أفصح عنها
هَزَّ رأسه بتفهم قبل أن ينظر لهُ ليقول بجديَّة،:أنا عائد لبرلين
أرفع التَعجُّب حاجبيه و لسانه أفصح عنه،:مــاذا تقول ؟! "التفت لهاينز مُتسائلاً" أنت أيضاً ؟
أجاب بابتسامة،:نعم،فحبيبتي تنتظرني
وقف و الاستنكار عَقَد المنطقة التي بين حاجبيه،قال مُحادثاً آستور،:كيف ستذهب؟و عملنا على القضيَّة ؟
أجاب بهدوء،:بقائي هُنا لمدة أطول سيجعل الشكوك تحوم حولي " و بنظرة غابت مفاهيمها عن عقل هاينز أردف" أنت تعرف ماذا اقصد
نَطَقَ بحيـرة لاحت على ملامحه،:و الفتاة ؟!
مالت شتفيه بابتسامة مُعقّباً،:انقيــل "ضحَكَ و هو يَرى علامات عدم الفهم على وجه مُحمَّد،أردف" في لُغتك تنطقونها مالاك أهذا صحيح ؟
ردَّدَ بخفوت و عيناه تنحتان في الفراغ ملامحها،:انقيل "رفع عينيه لهُ مُتسائلاً" اسمها ملاك ؟
،:نعم،و الصورة التي لديك عندما كانت في برلين قبل أعوام،هي و عائلتها "اقترب منه و كفاه تنحشران في جيب بنطاله مُردفاً" انت تعمل على قضية والدها
عَقَدَ ذراعه على صدره مُعَقّباً بثقة،:قضية انتحـار
ابتسم بفَخَر و يده ترتفع لتُربت على كتفه،:اذاً استوعب عقلك الأمر،هذا جيد جداً "استدار مُواصلاً" حل هذه القضية سينقلك لأجوبة كُل أسئلتك "نَظَر له من خلف كتفه مُردفاً بثقة مُنقطعة النظير" هذه القضية ستكون خلاصك



غـادر المنزل و بُكاء ابنته سَحابة سوداء تُفرغ على روحه حَرائقها..بُكاؤها تَعلَّقت بأطرافه سكاكين اقتطعت نياط قلبه الواقف على باب الندم..لم يَعتقد و لو لوهلة أنَّ فؤاد ابنته البريء يتفتت احتياجاً لوالدته..أفرغت دمعات صامتة على صدره فيما مضى تُعبر فيها عن شوقها لحس أنثوي يُناغي مسامعها..لكن اليوم..،زَفَر بارتجاف و باطن يده يمسح على صدره يُخفف من وطأة شهقاتها المُتقطعة بوَجع..أضرمت احتياجات في قلب ابنتك فيصل..من أين لك الغُفران ؟! أوقف السيارة أمام المَصرف الذي قصده لمُحاسبة من هو مُتأكد بتورطها بهذه التُهمة..حذرها من إخبار جنان،لكن كما توقع لم تأبه بتحذيراته و مشت خلف مشاعرها التي قادت جنان إليه كالفاقدة عقلها..،ترك المصعد بعد أن وصل للطابق القابع فيه مكتبها..و دون أي إستئذان فتح الباب و الغضب مَرسوماً على ملامحه..وقفت هي بارتباك و عقلها مُباشرة أودى بها إلى سوءٍ قد أحاط برفيقتها و هي التي مُنذ عصر الأمس لم تُحادثها..و هذا غَريــب..،تركت مكتبها مُقتربة و هي تتساءل بخوف امتص اللون من وجهها،:فيصل جنان فيها شي ؟
فَتحَ فمه يُريد أن يُطلِق تأنيباته لكن بصره التقط وجهي المُوظفتين الواضح الفضول عليهما..استدار هامساً،:تعالي برا
تبعته و ارتعاش بسيط بدأ يزور أطرافها..أغلق الباب قبل أن يبتعد معها لإحدى الزوايا..قابلها هامساً من بين أسنانه،:انا مو حذرتش ما تقولين لجنان،ليش تعاندين ؟
اتساع مُتعجب عانق مُقلتيها ناطِقةً،:ما قلت لها شي فيصل،اصلاً من امس العصر مادري عنها و اتصل لها موبايلها مغلق ! "دَثَّرَ العَطفُ ملامحها و كفاها بانقباض استقرتا على قلبها مُردفة" يا عُمري اكيد حالها كان صعب يوم عرفت
أغمض عينيه للحظة مُزيحاً خيالها المُرمد من حريقه ليقول بعدم اقتناع،:مافي غيرش يدري بجنى و انتِ اقرب وحده لها
أجابت و الصَدق يَراه ينضح من عينيها،:صدقني ما قلت لها،اعترف اني حاولت اقول لها بس ماقدرت
يده استقرت على خصره و هو مائل في وقوفه مُتابعاً سير أفكاره التي تَجَمَّعت لتصطاد الذي أوصل الخَبَر إليها..هو مُقتنع في داخله أنَّهُ هو الوحيد القادر على إخبارها بطريقة لا تنتهي بانهيارها و عَويلها المنشورة أجنحته في سماء ذاكرته حتى الآن..لا يدري ماهي الطريقة و لكن لا زال يَحوم حوله الماضي الذي كانت فيه بين أحضانه تنثر شذا أنفاسها المُرتعشة و دموعها تَسقي ليله الأَلْيَل مُنبتة وسط روحه كلمات استعصت على لسانها..يَذكر أنَّهُ احتواها بذاته،امتزج مع انكساراتها مُتحسساً شروخها يَقيس مَدى عُمقها،ليُحيك بشرايين قلبه ضمادة تُكبِح سيل دمائها الباكي..لكن الآن بعد أن كان للفراق كلمته،لا حُضن يتلقف جَسدها الوهن ولا روح يُصيرها الليل مخدعاً لبَوحها..فأي احتواء ذاك الذي اعتقد أنَّه سيحتضن انهيارها ؟
،:آخر مرة كلمتني العصر قالت لي بتروح المغرب تقابل زوجة أحمد
نَظر لها بانتباه و شَكّه بدأ يقترب من تلك الصامتة مُنذ عودتها من لندن..أكملت ندى بتفكير،:انا انتظرت تكلمني تخبرني شنو صار بينهم بسـ "رفعت عينيها إليه و بنبرة استشفَّ مقصدها" فيصل ياسمين تعرف بوجود جَنى صح ؟



أمـام المرآة تقف تتأمل انعكاس ملامحها الطفولية..بشرتها الحَليبية لا تشوبها شائبة،لامـعة بطبيعية زادها الإهتمام ألق..خصلات مُموجة يتخللها لون بُني فاتح عابراً قارَّاتها الشقراء..عينان واسعتان يُباغتهما نُعاس عند الطَرف،أهداب مُلتوية بنعومة مثل بتلاتٍ أحنتها قطرات ندى صباحية..حيث من بينهن يتضح التماع زُمردها الثمين..أنف صغير و شفتان زهريتان ملمومتان بإغراء..،ابتسمت بثقـة..فجمالها لا ينكره إلا الأعمى...حَسب رأيها ! مال رأسها و هي تتبع خيال تلك..تعتقد أنَّ خصلات شعرها غارقة في لون بُني داكن لا يلفت الأنظار..عيناها كما يتضح لها أضيق من عينيها و لكن أهدابها أطول..زَمَّت شفتيها و ذاكرتها تُواصل رسم ملامحها،لها أنف صغيـر و نحيل مُقارنة بأنفها المفروش عند نهايته..شفتاها يغيب عنهما الإغراء المطلوب..اذاً هي أجمل ! عادت لتلتبس الثِقة المُتسلقة جبل الغرور بعدما أوصلها فكرها الأعوج لهذه النتيجة..استدارت مُتجهة لسريرها،جَلَست لتنحني للدرج القريب،أخرجت الدفتر الصغير،غلافه اللحمي اقتاتت على أطرافه السنين..فتحته تستقبل إصفرار الأوراق المُفصح عن عُمرها..الصفحات تتشعب فيها الكلمات بتراصٍ ينم عن مَدى جدّية كاتبها..تَركت الصفحات الأولى مُتجهة للنهاية،حيثُ هُناك سُجِن الاعتراف الذي لن تَبوح بهِ أبـداً..،زاغ فِكرها لساعات الفَجر..حاولت أن تتجاهل برود عبدالله معها و انشداهه لنـور التي لا تجد فيها ما يجعله ينسى نفسه بوجودها ! على الرغم من البَوح الكاذب الذي أبدعت في عزف موسيقاه على مسامعه إلا أنَّهُ تجاهلها تاركاً المقعد ذاهباً إليها..،أغلقت الدفتر ثُمَّ أعادته إلى مكانه..تحتاج أن تتخلص منه،زَفَرت بحيرة و هي تتذكر كلماتها الراجية..تلك الكلمات المَيّتة تقف سداً بينها و بين القضاء على هذا الدفتر الذي يجب أن لا يصل ليد عبدالله إن كانت تُريد أن ينعقد اسمها باسمه..وأسفاً أنَّ مُهمّة إيصاله إليه تتوسد كاهلها مُنذ عام..،



فاتتها المَرحلة الأولى من المُسابقة و التي تَمَّ فيها إقصاء خَمسُ طالبات لم يَحالفهن الحَظ في مواصلة المشوار..كانت تقف مع مجموعة من المُعلّمات يُراقبن التجهيز للمرحلة الثانية..على وجهها سَكَنت ملامح الهَلع و رائحة الحريق لا زالت قابعة بين طَيَّات أنفاسها..تُشارك عُبور الأكسجين رئتيها..بُهوت واضح نَثَر رماله على بشرتها السَمراء و عيناها تَطوفان حولهما سّرب طيور مُهاجرة للحظة التي واجهتها عيناه الغريبتان..مثل قطعة جليدٍ بين رمالٍ صيفية و ورقة خَريف بين إخضرار أشجار ربيعٍ يانع..،لا تدرِ لماذا هذا الشعور يتسيد أفكارها ناقلاً عقلها لبؤرة ضيّقة يُستعصى عليها أن تبحث فيها عن جواب..لم تقتنع بالحريق..اتصال المصرف و المرأة المُثيرة للريبة..لم تكن محض مصادفة..أبداً..،حَرَّكت عدستيها جهة إحدى المُعلّمات التي كانت تتحدث،:يقولون النار بدأت في الطابق الأخير و انتقلت لين باقي الطوابق
عُقدة خَفيفة لاحت بين حاجبيها و حواسها أعلنت انتباهها..أخرى أكملت،:ايــه قبل لا تاكل الطابق الثاني طفوها،الحمد لله ما كان في إصابات
أضافت الأولى،:بس قريت في الجريدة إن انقذوا بنت كانت مختنقة في واحد من المكاتب،زين والله الباقي قدروا ينجون
ازدردت شُكوكها نِصال جَرَّحت حلقها المُتقرّح..تساءلت ببحَّة،:تتكلمون عن شنو ؟
أجابت إحداهن،:البنك اللي احترق،معقولة ما سمعتين عنه ؟
تحمحمت و هي تتراجع للخلف مُجيبة بخفوت بعد أن اجترع اليقين صوتها،:بلى سمعت
استدارت عنهما لكن صوت الأولى أوقفها،:ملاك وين رايحة ؟
قبل أن تُجيب قابلتها فاطمة التي كانت للتو تدخل القاعة لتتساءل باستغراب،:ملاك وين بتروحين ؟ المسابقة دقايق وتبدا،انتِ صاحبة الفكرة مايصير ماتحضرين لثاني مرة
نَطَقت و قُيود ظنونها أحكمت قبضتها على أنفاسها حتى بات استنشاقها يقف على مُنحَدر الإنقطاع،:ماعليه فطوم راجعة،شوي بس
تجاوزتها بخطوات سريعة..تَمشي على سفوح ذلك الصباح مُعيدةً إحياء المواقف..الاتصال الغريب من المصرف الذي لا تعلم بوجوده حتى،إنكار الموظف للرقم..المرأة التي بدأت تتأكد بأنَّها ليست موظفة فيه..و عينا ذاك..! دَلفت لمكتبها مُتوجهة مُباشرة للحاسوب..جلست على المقعد،أمسكت الفأرة بيد مُرتعشة مُنتقلة لمُحَرّك البحث..بأناملها المُتدثرة ببرودة الصدمة ضغطت على أحرف لوحة المفاتيح لتظهر لها بعد ثوانٍ صفحة مَملوءة بالوصلات المُستهلَّة باسم المصرف..اختارت الوصلة الأولى التي نقلتها للموقع الرسمي له..عيناها تَتحركان بسُرعة فائقة مُسابقة الثواني للإرتقاء للقمَّة التي تختبئ عندها أسرار هذا المَصرف..فحاسَّتها السادسة استعادت وَعيها مُعتقدة أنَّ فوق تلك القمَّة يقف قاتل والدها..،واصلت بحثها لتتجه للقسم الخاص بالتعريف عنه..التفتت يميناً مُتناولة قُصاصة ورق صفراء و قلم لتنقل بعض الكلمات بتركيز وَضح في عينيها اللامعتين..،دقائق و أغلقت الصفحة لتتراجع بهدوء ساندة ظهرها للمقعد و الورقة في يدها..رفعتها أمام عينيها تنظر بتركيز و شفتين مَزمومتين..،مصرف خاص مؤسسه ألماني و المُساهمين فيه من عدَّة دول أوروبية..على رأسها روسيا ! لا وجود لمُساهمين عَرب..و لا أثر لإسم مؤسسه..بدأ عمله الفعلي قبل عشر سنوات تحديداً،و لهُ فرعان آخران في برلين و موسكو ! اقتربت من المكتب مُتكئة بذراعيها على سطحه الأملس و هي تُخفض القُصاصة فوقه..ظِلالٌ من جنون أغشت بَصرها و رياح عزمٍ أرعن طالت من ملامحها..و هُناك فوق أرضية المَصرف رأت نفسها تَقف..،



ماضٍ

اقتلعت كلماتهن و أشاحت مسامعها عن نصائحهن الباهتة..المُقتاتة على بغضٍ لم تَكن مُنتهبة للأيَّام حين أحاكته..حاولن بأساليبهن أن يُقنعنها بعدم الذهاب..جَسَّدن أمام ناظريها مساوئ قد تتفجّر من الفعلة التي ستقدم عليها..لكن هي رَتَّبت أمورها و اتفقت مع زوجها المُتفهم قرارها بكُل إرادته و هاهي تَتَبع المَسير الذي اختارته بعيداً عن نفثاتهن..،كانت تجلس على السرير و أمامها تستقر حقيبة السفر المُتوسطة الحجم..أخبرها أبا حنين أنَّ بقاءهم هُناك قد يستمر لأكثر من ثلاثة أشهر،خَطَّطت في عقلها كمية الملابس التي تحتاجها هُناك..لها و لإبنها..كانت تطوي أحد الأقمصة عندما دخل زوجها الغُرفة..ابتسم لها بحُب و قدماه تَقودانه إليها..هَمَسَ لها و عيناه على ابنه الغارق في النوم بجانبها،:بعد باقي ثياب ؟
شفتاها لم تستجبان لجمال ابتسامته..أدارت وجهها عنه ماسَّة أنفها بظاهر سَبَّابتها مُجيبةً بهمس،:لا ذلين آخر شي تبع بسَّام
لَحِقت عيناه هُروب عينيها الواضح،مال رأسه يَميناً ليتسنى لهُ النَظر لكامل وجهها..لم يغب عن بصره تَمَلُّك الارتباك من أهدابها..و من خديّها استطاع أن يجترع الاحمرار المُتأهب لفصلٍ من الدموع..،رفع يده مُعانِقاً ذقنها ليُدير وجهها إليه مُستقبلاً الفيض العابر بوَّابة عينيها..التقطت أسنانه شفته السُفلية قَبل أن يهمس بتأنيب و أنامله تتشربان دموعها الساخنة،:افـــا ام بسَّام ليش هالدموع ؟
استسلمت لأفعاله الحَنونة سامحة لجسدها أن يلتمس شيئاً من دفئ جسده..احتضنها..ذراع على كتفها تتلقف وَهنها الغافي فوقه..و ذراع استقرَّت يدها فوق رأسها..تجتذب ما أثقل رأسها من سلبيات يعلم مؤججها..أخفض رأسه يسمح لفمه بالعبث بمسامعها مُستعيناً بكلماته الخاصًّة لها،:يعني آخر شي تبين عيوني تشوفه قبل لا تسافرين دموعش ؟ تبين تألمين قلبي ؟
رفعت رأسها مُواجهة عينيه تَرجو جواباً،:انت مو راضي بسفرتي ؟
أجابها بسؤال،:أنا قلت اني مو راضي ؟ "أردف بعد أن رأى هزَّة رأسها النافية" بيَّن علي اني مو راضي ؟ "هَزَّة رأس أخرى و من بعدها أكمل" زين من وين جبتين الفكرة اني مو راضي؟
تَنَشَّقت هواء بعد أن اخفضت رأسها لتستند به على صدره و أصابعها تعبث بأزرار قميصه..بهمس مُتردد قالت،:خواتي قالوا ان ما يصيـ
ابعدها و هو يقاطعها و يداه تُحكمان قبضتهما الحانية حول وجهها،:و من ولي امرش انا ولا خواتش ؟ انا راضي ما عليش فلانة شنو تقول و علانة شنو تقصد "ضَيَّق عيناه مُردِفاً بمشاكسة" ها شروف اشوف في ناس صار كلامهم اهم من كلامي
بَلَّلت شفتيها و ابتسامة ناعمة تلتقط أطراف شفتيها..عَقَّبت بهمس،:مو القصد حبيبي،بس والله انا لو مو خايفة عليها ما سافرت،زوجها واختها وياها و يمكن ما يحتاجوني هناك بس ما قدر اظل اهني احاتيها "إغماض حائر نال من مُقلتيها و هي تُردف" وهم صادقين مايصير اتركك انت و البنات و اسافر،و مُمكن السفرة تطول
زَفَرت و ملامحها تتصدَّع بانزعاج من الضوضاء المُحتدمة في عقلها..أفرجت عن عدستيها مُبصرة وجهه القريب غارق في ابتسـامة واســعة تُناقض التَشتت الذي تعيشه..نَطَق بنبرة والهة،:تدرين انش بكل أحوالش جميلة ؟ حتى وانتِ حايرة و مو دارية شنو تسوين تجننين "قَبَّل خدَّها النَدي قبل أن يهمس بتساؤل مُداعب" شنو السر يا حلو ؟
أحنت جبينها على كتفه القَريب بتعب و هي تقول برجاء،:مو قاعدة امزح كلّمني بجدية
مال رأسها لتنظر إليه و هو يتحدث،:و انا بعد مو قاعد امزح "مَسَّ جانب رأسها بسبَّابته و هو يُكمل" هذا ريحيه و لا تفكرين في اي شي غير السفر،البنات انا عندهم ما بيضيعون،و كلها شهر بتخلص امتحاناتهم وبنجيكم "أشار لبسَّام المُضجع سريرهما مُردفاً" بس هذا لو تخلينه عندي بعد احسن
بتنهيدة عَقَّبت و عيناها تتأملان براءته،:تدري فيه مو راضي،و من عرف اني بسافر ما تركني حتى وقت النوم يخاف اروح عنه
بابتسامة هَمَس،:انا ادري ليش هاللي مايستحي يبي يروح،عَيَّار حجته ما يبي يتركش بس هو في باله شي ثاني
ضَحَكَت بخفَّة،:حرام عليك يعني شنو في باله ؟ مسكين الولد بريء و مشاعره بريئة
أبعد عينيه عنه لينظر لها و بصدق،:خوفي تكسر قلبه هالمدللة اذا كبرت
بثقة قالت،:لا تحاتي،هي بتكون له و هو لها
أرفعت السُخرية حاجباه و هو يتسائل،:و شنو اللي يخليش واثقة هالكثر ؟
داعبت ذقنه مُجيبة بنبرة استوطنت مسامعه،:إحساسي..إحساسي يقول لي انها بتكون من نصيبه ان شاء الله



حاضر

نظـرات تأنيب و اتهام تلتهمها من كُل حدب..رأت عدم الرِضا جَلياً على ملامحه مُتعاضداً مع عُقدة ذراعيه فوق صدره العريض..عقلها حاول أن يربط الفِكرة ليجترعها..لكن استعصى عليها فتح بوابة استيعابها..بَلَّلت شفتيها و ضحكة حائرة قصيرة انفلتت منها قبل أن تنطق بلحن جاهِل للموقف،:فيصل انا ماني فاهمة شي،شدخل أنفال في جنان !
زَمَّ شفتيه..اذاً لا علم لها بمُعضلة شقيقتها التي تُعايش غيرتها لوحدها،لا مُعين لها في الحَرب التي تَشنها على جنان..،أحلَّ عُقدة ذراعيه مُتقدماً من المَكتب ليُرخيهما فوقه..أخفض بصره مُنشدهاً لحديث نفسه..لا دخل لهُ في موضوع الاثنتين..كُل ما يهمه هو ابنته،و لن يُقحِم ياسمين في الدوامة التي اتضح أنَّها غافلة عنها..هو حادثها لتأتي إلى المصرف ليؤنبها على إفصاحها بأمر ابنته الذي لم يكن أحد على دراية بوجودها غيره هو..هي،سلمان و زوجته..،
،:فيصل
رفع عينيه إليها بصمت و هي أكملت لانتباهه و الرجاء لسانها،:فيصل صدقني انا توني قبل يومين قايلة لأختي عن جَنى،و ابداً ما كان قصدي شي سيء،بس امهد لهم السالفة قبل لا تجي و تخطبني "مَسَّت بأطراف أناملها جانب وجهها مُردفة بحيـرة" بس مادري ليش أنفال سوت هالشي،اصلا شلون قدرت توصل لجنان !
بهمس بـارد نَشر جليداً على حواسها،:صدقتش ياسمين،و يمكن اختش كان قصدها تساعدش او شي "قَطَعَ كلامه فجأة رافعاً مُستوى التَوَجس في قلبها،دعكَ طرف حاجبه بإبهامه مُردفِاً و عيناه بذات البرود تلتحم بعينيها المُتعطشتين لاقتراب" ياسمين..بخصوص الخطبة،تدرين اللحين جنان عرفت بالبنت،و اهلي من قبل معارضين طلاقنا "شَبَكَ أصابع يديه وهو يُواصل" فيعني اقول نأجل موضوع الخطبة لين ما تستقر الأمور أفضل
تصافق سريع باغت أهدابها لتُبصِر الشتاء يُلَوّح لها من بعيد،فبعد أن أشرقت شمس جنان زاخِرة بأشعة اللقاء النَقيَّة ها هي تَلمح الظلام فوق جَواد الافتراق يقترب منها و صوت حوافره تتجانس مع دقاتها المُتأهبة للذبح..سـاعة الذبح متى فيصل ؟ فهل لدي بعضاً من الوقت لأُلملم شتاتي و اهرب بعيداً و بين ذراعي تتخبط روحي المُتعلّقة بسرابك ؟..نعم انتَ سـراب..كُنتَ و لا زلت..كُلَّما قَرَّبتك الحياة مني امتطيت فرسك الأعوج قاصداً تلك الناطقة عينيك بعشقك لها..أرى حواسك تَعبُد خيالها ليلاً نهاراً و يستطيع جَواي أن يشعر بالتفات فؤادك لذكرياتكما معاً كُلَّما حاصرك الصَمت أو نسمة هواء بادرة تُوقظ اشتياقك لدفئها..أسفاً انَّي أرى القصائد تُكتَب بحبر عينيك غَزلاً نَقيَّاً لها و قلبي يرفض استسلامه..،ازدردت غَصَّتها المُختنقة قبل أن تنطق ببحَّة أقلقته،:فيصل بتأجل موضوع الخطبة " و بابتسامة مَريرة كانت سلاحها الأضعف أكملت" ولا بتلغيها نهائياً ؟
بتأنيب أجاب،:ياسمين شهالحجي ؟!
استنشقت نفس عميـق قبل أن تُبلل شفتيها المَطليتين بلون لحمي فاتح،بجديَّة تساءلت و عيناها تقتحمان دُروب عينيه التائهة،:فيصل انت للحين تحب جنان ؟
فَغَرَ فاهه لتَذوي الكلمات من لسانه ذائبة في الهواء بلا أجنحة تُعيدها لفمه الذي أطبقهُ ببطئ ليفغره من جديد يَحكي مُعاناته مع حبال التَلعثم التي كَبَّلته..أيُّ سؤال هذا الذي نَطَق بهِ لسانكِ ؟ بل أيُّ سيف و أيُّ رُمح مَرَّرتيه بين طَيَّات روحي المُتهدلة مُنذُ فراقها..،في جوفي يرتفع صدى هتافات نبضاتي..ادَّعي أنَّني فَقدتُ سمعي،نَسيته بين زُحام هَمساتها..أُشيح بوجهي عن إلتواء عروق قَلبي بوَجع مُميت من رياحٍ تحمل بين راحتيها رائحتها الفَريدة..تلك الرائحة التي باتت تَسكن رئتي رَجُل غيري..هل أُحِبها ؟ فأنا يُخاصمني النوم مُتسلقاً عتبات الليل بَحثاً عن وسادة صدرها،و يَلطم بَصري السَحاب حاجباً عني التماع قَمراً كان ذات ماضٍ ضوءنا الذي يحدو خطواتنا..أنا الذي ترتجف روحُه قَهراً لارتباطها برجُل غيري..تهتُ بعد غيابها و بصمات أصابعي لا زالت تقتات على تصدّع جُدران عشنا الصغير في لندن..فكنتُ لليالٍ فقيرٌ ابحث عن ذكرى قد نامت بين الزوايا لأبتاعها بمبلغ حُبي المُنقطع الأنفاس..فهل أُحِبّها ؟! أخفض بصره دافناً بَوحه المُسيطر على مُقلتيه..نَطَق و بحَّة صوته الطبيعية تعاظمت،:اي احبها،في النهاية هي بنت عمي ما اقدر اكرهها عشان اللي صار بينا
نَظَر لها بعد أن أنهى جُملته ليستقبل علامات عدم الرضا على وجهها،شفتيها مَزمومتان بضيق و عُقدة إنزعاج خفيفة تسكن مابين حاجبيها..هو يعلم جيداً أن جوابه الدُبلوماسي لم يقنعها..تَراجع للخلف ليستند و هو يقول،:ياسمين ارجوش انسي جنان و حاولي تبعدينها عن موضوعنا،صدقيني الشي متعلق بأهلي و بنتي و بس،انتظر تستقر الأمور و بكلمهم
هَزَّت رأسها تُحاول أن تجتر عباءات التفهم لتتوشحها كابحة سيل حواسها المُتوجسة..انتبهت لعودة صوته..أخفضت بصرها تنظر للابتسامة الصغيرة المُحاوطة زوايا شفتيه،:ياليت قلت لش تجيبين السي في مالش عشان تسلمينه لقسم التوظيف
أرجعت ظهرها و ابتسامة عاندتها لتستقر فوق شفتيها ردَّاً عليه..أرفعت حاجبها لتتساءل،:يعني بتتوسط لي ؟
اتسعت ابستامته مُجيباً ببحته المُميزة،:لا طبعاً،بس لأني ادري ان البنك محتاج لموظفين من تخصصش فتعالي جربي حظش ويا باقي المتقدمين
وقفت و هي تُثبّت حقيبتها على كتفها مُعقّبة،:ان شاء الله باجر "رفعت يدها بسلام" مع السلامة
بهمس ارتقى لقمَّة أفكاره المُعَقَّدة،:مع السلامة



خَلَعَت ثوب الصلاة ببطئ انعقد بهِ البرود تَحَفُزاً للفعل الذي قَرَّرت أن تمتطي هودجه..طَوته بالبطئ نفسه ثُمَّ أعادته مع سجادتها لمكانهما المُخصص..استدارت جهة النافذة..زَحَفَت بقدميها الحافيتين إليها..أزاحت الستائر بظاهر أصابعها تُلقي نَظرة على السماء..تُحادثها بعينيها،بؤبؤاها يتسعان و يضيقان ليُشكوان لقمرها فعل الرياح المُبعثِرة دواخلها..بين نارين هي واقفة،أمامها رجُلها،على شفتيه تُغني ابتسامة تَدعوها للرقص معه على ألحان حياة تبدو باذخة الجَمال.. و لها ألحان لا تعرف سوى أوتار الفَرَح..و من خلفها يعتلي نَوح صندوقها الرافض نُكرانها لرسائله..يصلها عَويل الكَلمات و تَحطُّم النقاط فوق الحروف..لترتسم أمامها لوحة من سواد تُناقض البهجة التي كانت تتقلَّدها أوراق الرسائل..صديقاتها مُنذُ أعوام..،أرخت رأسها على النافذة،مالت بهِ جهة غُرفة ملابسها،هُناك حيثُ يقبع في خزانتها الصندوق..ضَمَّت شفتيها بتفكير..بسَّام أخبرها أنَّ عشاءهما سيكون عند التاسعة..اذاً لديها قُرابة الثلاث ساعات لتُنهي المُهمَّة العويصة..،خَطَت بهدوء و ذراعيها ترتفعان لاحتضان جسدها المُسيطرة عليه بُرودة غريبة..هل هي أعراض التَحَرُّر ؟ أيضطرب القَلب بفزع و ينوح الجَسد بصمت عندما تقترب لحظة التحرر من الماضي ؟ الماضي الذي تفاوتت ذكرياتته بين جمالٍ وقُبحٍ لهُ أنياب لا زالت آثارها تسكن روحها التي أصبحت مُعتلَّة بين يدي بسَّام المُداويها بهدوء عَذب يُشبِه إزهار ورود الرَبيع..،زَفَرت عُلَلِها عندما توقفت أمام الخزانة..فتحتها ثُمَّ انحنت مُتناولة الصندق المركون في زاويتها..أغلقتها ثم استدارت عائدة..،جلست على السرير المُستقرة فوقه رُكبتيها..مَرَّرت لسانها على شفتيها و هي تُرجع خصلاتها خلف أُذنها العارية من حُلي..و باليد الأخرى أخفضت الصندوق..كان صندوق من الحديد الخفيف مُتوسط الحجم،رمادي اللون تتوسطهُ فتاة تَرقص الباليه و جسدها يرتدي فُستان أسود لطالما تَمَنَّت لو كانت تملك واحداً يشبهه،فتحته بخفَّة،كان لهُ قفل نُحاسي يُرفَع من الأسفل ليُفتح..اضطرمت نيران مُلهِبة في جوفها بانت آثارها على وجهها الذي تَجمَّعت حوله صفيحات الدم مُعلنة امتلاكها لملامحها الناعمة..ارتعشت أهدابها من وطأة الدموع المُتَأهب قوسها..بانت لها الرسائل المُرتبة حَسب التاريخ..مَدَّت يدها لتلقط أقدمهن..حَطَّت على أرضها في ذكرى ميلادها الثالث عَشَر..التقطت باليد الأخرى آخرهن..و التي زارتها يوم امتحانها الأخير في الجامعة..،كان يتنكر خلف المُناسبات ليُودع رسالة وسط قلبها..حتى أصبح مجموعهن تسعةٌ و عشرون رسالة..،أخرجت الأولى من الظرف الأنيق و بالتوالي أخرجت الثانية..رفعت الورقتان بطرف إبهاميها لتستقبل خطّه الذي أرغمها على اجتذاب ذرات الهواء لتهدئة الزعيق الناشر أجنحته وسط جواها الباكي..،خطّه استقلَّ قطار الزَمن ليتحَور من ركاكة إلى نُضوج تجلَّى أيضاً في مُفرداته..استهلَّ الأولى بعزيزتي،و خَتم الأخير بــ حَنيــني ! اعتقدتُ أنَّي حَنينه إلي..إلى أنوثتي و ذاتي..تَشَرَّب عقلى سَكراً عشق رجُل كُنتُ ألتقي معه خلف أسوار الكلمات..كنتُ استنكر وجود رجُل يَهيم في مدائن امْرأة واقعاً و ليس بين صفحات التاريخ المُخلَّد في الأذهان..و لم أكن أعلم أن استنكاري كان في مَحلُّه،و أنَّ ذاك الهيام لم يكن سوى هَوان أطرحني مَدمية فوق أرضِ الحقيقة النتنة..،هَمَسَتْ و الدَمعُ يتأرجح فوق رمش عينيها،:معقولة كل هذا كان جذب يا راشد ؟!




يتبع

 
 

 

عرض البوم صور simpleness   رد مع اقتباس
قديم 30-01-16, 12:13 AM   المشاركة رقم: 512
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو راقي


البيانات
التسجيل: Aug 2015
العضوية: 300973
المشاركات: 633
الجنس أنثى
معدل التقييم: simpleness عضو على طريق الابداعsimpleness عضو على طريق الابداعsimpleness عضو على طريق الابداعsimpleness عضو على طريق الابداعsimpleness عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 475

االدولة
البلدBahrain
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
simpleness غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : simpleness المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: ذات مُقيّدة حوّل عُنُقِ امْرَأة / بقلمي

 

ازدانت الحياة في ناظريها حتى باتت تتَمنى أن يقف الزَمن عند هذه اللحظات..بين أحضانها تستقر طفلتها،تُغدِقها برائحتها الطفولية المُحمَّلة بعبق براءة..حاربت الماضي و شهرت سيف أمومتها أمام فقده..أطعمتها بيديها..لاعبتها و سَرَّحت شعرها..نثرت قُبلاتها على وجهها الناعم..عيناها لم تُفارقانها لحظة و ليتها تُحارب العَينين لكي لا ترمشان..سكناتها لوحة تتأملها دون شَبع..و ملامحها إبداع خالقٍ لم يُخيب رجاءها و أعاد طائرها لعُشّها الفِطري..،ابتسمت بحنان و هي ترى كيف رفعت يدها تدعك عينها المُتكحلة بالنُعاس..مسحت على يدها الغافية بين راحتيها و هي تتساءل برقة،:ماما تبين تنامين ؟
هَزّت رأسها بالإيجاب و هي تتثاءب و رأسها يستند على ذراع جنان التي قالت،:خلاص اللحين نروح غُرفة عمو نور
أبعدت رأسها مُعقّبة باعتراض،:لااا ماما نروح غرفتنا "بابتسامة واسعة أكملت" عندنا غرفة فيها سريـــر كبير حقنا انا و بابا و انتِ بعد
فغرت فاهها و إحمرار طفيف سَكن أطراف وجنتيها..أطبقت فمها و يدها ارتفعت تمس صدغها بربكة،فهذه المسألة بالذات غاب حلّها عن فكرها..رفعت عينيها تنظر لأم فيصل التي قالت بابتسامة،:اي يُمه جنان تعرفينها انتِ الغُرفة صح ؟
غَمَزَت لها بعينها و هي أجابت بابتسامة مُتصدعة،:ايـه اي خالتي "وقفت مُردفة" اللحين رايحين
أمسكت بيدها الصغيرة و توجهت للسُلَّم تحت أنظار أم فيصل و جود التي تساءلت بعد ابتعادهما،:ماما شلون تروح وياها الغُرفة،و فيصل ؟!
أجابت بهدوء،:بس لين ما تنام جَنى و بعدين خلها تنام في غرفة نور ما دامها فاضية اليوم
باستنكار قالت،:بس ماما حتى لو يعني ما احس عدلة تدخل غُرفة طليقها
أبعدت عينيها عنها بصمت ليصل لجود الجواب..يتضح لها أن والدتها تُحيك وشاحاً يبدو أنَّها ستُلبسِه جنان و فيصل شاءا أم أبيا..،

،

في الأعلى


تَجَمَّدت قدماها أمام باب الجناح..القوَّة انسلَّت من جسدها كجليدٍ ينصهر من شمسٍ حارقة لا ترحم،شمسٌ هي الذكرى..مَسَحَت على خدَّها تُطبطب على المنطقة التي تكاد تتقرح من جفاف أوزعتهُ أملاح دموعها..لا تُريد ان تتحلل بين أمواج الماضي..تَخشى أن تغرق و لاتجد من ينقذها..لا تُريد أن تعبث الذكرى بجراحها فهي بالكاد استطاعت أن تُخفف من نزفها..،أخفضت بصرها لابنتها التي نَطَقَت بحماس،خلينا ندخل ماما عشان تشوفينها
تلك الصغيرة فتحت الباب و تقدمت جارَّة يد والدتها التي استجابت لها بعينين أخفضهما ثقل الدمعات المُترقرقة بالتماع وسط مُقلتيها السابح فيهما خيال الماضي..تبعتها تمشي على حُطامها المُتعفن من احتقار..اجترع أنوثتها و بصقها لتتلقفها الجُدران بشفقة و لكن الأرض كانت أقوى،اجتذبت رُفاتها لتدفنها و كَفنها قُبلاته الحارقة..،نال منها دوار عندما بانت لها أطلال الذكرى المنحوتة في زواية غُرفة نومهما..أغمضت عينيها بشدَّة و جسدها مال بإعياء على الحائط القريب..مساماتها استفرغت العَرق ناشرة رائحة تلك الليلة..فتحت عينيها بوَهن تُبصِر الموضع الذي كانا يقفان عنده و صوت أنفاسها امتزج مع صوت أنفاسهما المُضطربة..،

،

داعبت أنفه بأنفها قبل أن تهمس بِبَحة تَنَمَّل لها صيوان أُذنه و جانب عُنُقِه،:مو انت تعشق الأسود ؟
ابتسَمَ بخفَّة و هو يُرجِع رأسهُ للخلف مُقابلاً عينيها المَدميتين من دمع..ببطئ مُلهِب أرعَد أوصالها مَرَّرَ إبهامه على شفتيها الطَريتين هامساً ببحته الذائبة مسامعها في هواها،:يعني انتِ تسوين كل شي انا اعشقه ؟
بادلتهُ الابتسامة و رأسها يَميل راسماً الطَريق لدمعتها لتُعلِن انهيارها..فهمت مقصده،فهو دائماً ما كان يُخبرها بعشقه للون شفتيها الطبيعي..،أجابتهُ بهمس و يدها ترتفع مُعانقة جانب وجهه،:أكيـد،مو انتَ حَبيبي ؟ لو تبي اتغير كلي عشانك،بتغير
أغمضت عينيها لتضيع مع عَذب نهر قُبلاته التي أفرغها على الموضع الذي زارته الدمعة..ازدردت ريقها و هي تفتحهما تُعلِن لهُ اشتياقها..قَرأه و استجابت لهُ حواسه المُرسلة إشارات لخلاياه التي بدأت بعبور طُرق أنوثتها من جديد..مُلتحمة مع خلاياها الهائمة في رجولته..قابلَ أفعالها الوالهة بولهٍ أكبر،و أوزع بين حناياها قُبل كان قوتها لليالٍ الشَوق و لا غيره..ظَنَّت و هي بين أحضانه أنَّ السفينة عادت لبحرها،و الطير أنهى موسم هجرته بعد أن شاب الغُصن بؤساً مُحذراً بانهيار العُش..لكن الزَمَن كان يخفي لها الكَثير خلف ردائه المُبهَم..،رفعت عينيها إليه،هي ما بين صدره و أنفاسه تُراقب وقع نبضاته..هَمَسَ لها و العين في العين،:هـا،تأكدتين اني للحين ما اقاوم انوثتش ؟
شهقة مذبوحة فَرَّت من حنجرتها هامسةً بارتعاش تنفي فكرته،:لاا لا فيصل حبيبي مـ
ابتعاده قاطعها و برودة مؤلمة حاصرتها بعد انجلاء دفئه..نادتهُ برجـاء و هي تراه يبتعد جهة دورة المياه،:فيصل الله يخليك انت اسمعني بس اسمـ
رفع يده و هو يُواصل مشيه مُجيباً ببرود نَحَرها،:مالي خلق اسمع جذب جديد "فتح باب دورة المياه وهو يُردف" و ارجوش لا تفتحينها مناحة قومي اجهزي ورانا طيارة
أغلق الباب مُغلِقاً سجنه على حُبها المُنتهَك على يدي كبريائه الرافض تبريراً منها..تلك الليلة أعلنها لها صراحةً أنَّ السَماح لن يَطأ أرضه أبداً..و لو غاب صوتُها بين تَخبطات الرجاء..،

،

بخوف تَمَسَّكت بيد والدتها مُتسائلة،:ماما ليـش تصيحين ؟
أخرجها صوت ابنتها من حفرتها المُظلمة..ابتلعت غصَّاتها غَصباً و هي تعتدل في وقوفها و بيديها أزاحت رماد الدموع عن وجنتيها..ابتسمت لها بارتجاف مُجيبة،:مافيني شي ماما،بس من كثر فرحتي بشوفتش
ابتسمت الصغيرة برضا و جنان أكملت،:يله حبيبتي خل نروح نغسل و نبدل عشان ننام



فَجراً

الثانية و خَمسُ دقائق


لاحت لها ذكرى الحَريق و وجوده الغَريب وحيداً معها بين النيران لتتراجع بذُعر تكرهه و صدرها يرتفع بعُنف مُستنشقة نفس لم يَزديها إلا اختناقا..ضغطت فوق السكين المحشورة في يدها المُختبأة خلف ظهرها..لديها ما يُبعده عنها لو حاول أن يقصد السوء..لكــن..جالت ببصرها سريعاً على جسده الضخم مُقارنة بجسدها النحيل..عضلات صدره البارزها قميصه الضيّق أوحت لها بقوة خارقة يملكها هذا الغريب..و تكاد تجزم أنَّها تستطيع عَدَّ عروق ذراعيه الصلبة..،تراجعت أكثر عندما انتبهت لاقتراب خطواته..تَوقفت لاصطدام ظهرها بدرابزين السُلَّم..أخفضت بصرها و وقوفه بهذا القُرب أربـكها..تلك المرة كانت غير واعية جيداً لاقترابه..لكن الآن تستطيع أن تستمع لصوت أنفاسه وسط هذا الخواء المُبتلع المكان..،نَطَق بهمس قُربه ساعدها على سمعه،:انتِ شنو تسوين اهني ؟ شهالعقل اللي خلاش تجين اهني هالحزة !
يُحادثها و كأنَّهُ يعرفها ؟! سؤاله يتطلب انفعال أقلَّهُ حدَّة..لكن نبرته لم يُخالطها سوى البرود..ما طينة هذا الإنسان ؟! ألم استولى على جانب عُنقها من قوة التفاتها جهة الصوت..هو شاركها الالتفات مُتراجعاً للخلف يُلقي نظرة عن بَعُد للنافذة المفتوحة و التي يصلهما منها صوت سيارة..نالت أسنانه من شفته عندما توقف المُحرّك..ثوانٍ وأتبعه إغلاق الباب..نَظَر لها ناطِقاً بما يَجول في خاطره و كأنَّهُ يُحادث نفسه،:يعني لو كنت بروحي بدبر عمري و بشرد
زَفَر و هو يستغفر و أصابع يده الحرّة تتخلل خصلاته المُبعثرة..استقَرَّ باطن كفّه خلف عُنُقِه مع ارتفاع صوت يلتوي بنعومة تُحاول جاهدة أن تمرغه في وحل البرود،:ما اعتقد اني طلبت مُساعدتك ! "رفع عينيه لها عندما أكملت بنبرة مُبَطنَّة استقام ظهره لمقصدها" لا ذيك المرَّة و لا هالمرَّة
عاد لاقترابه مُخترقاً عمداً بضوء مصابحه عدستيها الحادتين،هَمَسَ لها بثقة و هو يرى كيف أغمضتهما بتوجع من قوة الضوء،:والله في كلا الحالتين لو مو انا موجود بتموتين
هَمَسَت مُعقّبة و هي تُشيح وجهها عن ضوئه،:المسلّم الله
اقترب أكثر و هي انفلتت منها شهقة لهذا القُرب الساحق..باغتتها رجفة عبرت صدرها حتى تبعثرت من أطرافها..تراكم البُكاء في حلقها و رائحة عطره شعرت بها تحكم قبضتها على رئتيها..ازدردت ريقها بصعوبة و هَمسه أشعل حرارة في أُذنها،:الرجال سبق و قابلته،بيشوفنا ما بيسوي شي غير انه بيفرغ السلاح في راسنا،خَبر يجنن صح ؟ رجال وبنية مقتولين في بنك محروق..أول سؤال بيجي في بال الناس شنو ؟ "لم ينتظر منها جواب فصوت أنفاسها أعلمهُ بحالها،لذلك واصل بذات بروده" شنو يسوون هالاثنين في أنصاف الليالي بروحهم ؟ عاد اكيد انتِ ماتبين تجيبين الفضيحة لأهلش
أبعد رأسه عاقداً نظراته الجليدية بنظراتها المُشتعلة بمشاعر مُتخبطة..جفنيها ساعدا عينيها على الإختباء من منطقية ما يقول..أخفض يده مُتناولاً مصباحها من يدها ليُغلقه..،وجّه مصباحه للسلَّم يقودها إليه..تَحَرَّكت و بصرها لا زال مُلتصقاً بالأرض..صعدت للأعلى و هو من خلفها بعد أن ألقى نظرة للأسفل..كُلَّما اقتربا للطوابق العُليا اتضحت الرؤية أكثر..فالنوافذ جميعها نالت منها النيران سامحة للقمر بمزاولة مهنته المُحببة..أغلق مصباحه و هو يتبعها حتى وصلا للطابق الأخير..تَقَدَّم لسُلَّم الطوارئ الذي وقع بابه رهينة الحريق ليكون وجوده مثل عدمه في ذلك اليوم..أشار لها لتتقدمه بالنزول..،دقيقة و كانا تحت سقف السماء و الصمت رفيقهما الثالث..ناداها من بين أسنانه وهو يَرى كيف سَرَّعت خطواتها مُبتعدة عنه،:لحــظة
لم تستجب له فهي كانت تُعاني مع تنشقاتها..احتضنت جسدها و الخوف يُسيّرها..بطريقة غريبة هذا الرَجُل يُثير الرعُب في ذاتها..بدايةً من سواد عينيه الحالك المُقتات على ظُلمة لا شُعاع لها،و نهايةً بشخصيته المُتقلّدة تاج البرود الذواية بسببه حواسها..تُريد أن تبتعد عنه،لا حيلة لها لطرح أسئلتها المُتراكمة بتعب في صدرها..،بانت لها سيَّارتها،و قبل أن تعبر الطريق أمرت رئتيها الأنفاس بالانتحار في حلقها تنفيذاً لأمر الكلمة التي نطقها..

،:مــــلاك



فـزَّ بافتجاع من صوت البُكاء المُنتشر بين ثنايا الغُرفة النائمة..انقبض قلبه بفزَع و عيناه المُتسعتان تُبصران ابنته غـارقة في بُكاء عَويله عَطَّل استيعابه..احتضنها بخوف و القلق لَعثم لسانه،:بابا جَنــى شنو فيه ؟
بُكاءها لم ينقطع لتُهديه جواباً يُطمئنه..الدَمعُ رَسم خرائطه على وجهها المُصطبغ باحمرار شديد..صوتها بانت بحته من فرط نَوحها المُخالطهُ صراخ..احتضنها و غَصَّة تكورت في حلقه و هو قريباً سيُشاركها البُكاء من فزعه..،
،:راحـ ـت قلت لهم حـ ـلم حـ ـ
شهـقة حادة أدمت قلبه قاطعت حديثها المُرتعش..أبعدها عن صدره مُحاوطاً وجهها بكفيه الكبيرتين مُتسائلاً برجاء،:بابا شنو تقولين ؟ حبيبي انتِ اهدي و كلميني قولي لي شنو تبين ؟
أغمضت عينيها المُرتوية أهدابهما بدمعها الطاهر ناطقة من قعر غصَّاتها،:مـ ـاما راحت
هَزَّ رأسه نافياً بسُرعة،:لا بابا ما راحت ماما اهني
ارتفع صوت البُكاء و بساقيها بدأت تركل السرير و عقلها الصغير غير مُصدق..فهي أغمضت عينيها مُستسلمة للنوم و آخر ما رأت وجه والدتها.. والآن عندما باغتتها الصحوة لم تجد لها أثر..اذاً كُل الذي مَرَّت بهِ حُلم..و والدتها لم تأتِ..،أحاط جسدها بذراعيه و هو يقف و هي تتلوى تُريده أن يتركها..نَطَق مُحاولاً أن يُسيطر على حركتها،:بابا جَنى بخليش تشوفين الماما خلاص اهدي
،:مافي ماما راحـ ـت خلاص
خَرج من الجَناح ليتفرع بُكاءها مُنتشراً بين زوايا المنزل حتى وصل لغُرف نومهم..حَطَّت قدماه على أرضية الطابق الثاني ليُقابل وجه جـود المَذعور و التي تساءلت،:شفيها شصاير ؟
ابتعد عنها لغُرفة نور الذي انفتح بابها بقوَّة و من خلفه ظهرت جنان بملامح مَخطوفة نام الدمع بين طياتها..كلاهما لم ينتبه لغياب الغطاء عنها،فحواسهما مُنصبة لابنتهما المُستسلمة لدموعها..، نَطَق وهو يُحاول إدارة وجهها لوالدتها:جَنى شوفي الماما هذا هي ما راحت
تناولتها منه و صوتها يُحادثها بهمس حاني،:حبيبتي جَنى انا اهني ماما "أمسكت رأسها تدفعها للنظر إليها" شوفيني ماما،افتحي عيونش شوفيني انا اهني
استجابت لها و صوت تنشقها فتت قلبيهما..تَقوس فمها عندما بان وجه جنان لعينيها البرئتين..احتضنت عُنُقِها مُعاتِبة،:ليش رحتيـن عني ؟
قَبَّلت رأسها و كفها تنثر دفئها بين خصلاتها،:آسفة حبيبتي خلاص ما بروح مرَّة ثانية
أحجب منظرهما عن فيصل جسد والده الذي توقف بينه وبينهما..عَقَّد حاجبيه بإنزعاج و هي يَميل رأسه ناطِقاً باستنكار،:يبــه ليش واقف اهني ؟!
بحدَّة أجابه،:ما تشوف البنت مو متسترة
أرخى حاجبيه و هو للتو يستوعب وقوفها أمامه دون حجاب..حقيقةً هو لم ينتبه و لو سُئل ماذا كانت ترتدي لن يكون لديه جواب،فعقله لم يستقبل سوى صورة ابنته النائحة..،دقيقة و ابتعد والده مُفسِحاً المَجال إليه ليتبع والدته و جود اللتان دخلتا قبله..توقفت خطواته وسط الغُرفة و عيناه غَيَّبهما السِحر المُشع أمامه..ازدرد ريقه يُكبح سَيل لُعابه من هذا الإغراء الفِطري الذي تستقبله حواسه للمرة الأولى..كيف تناسق جسد طفلته مع جسدها الأنثوي،مُنطوية بتعب بين أحضانها الطارق أبوابها فيما مَضى..وجهيهما مُتقابلان كُل واحدة تنحت ملامحها على ملامح الأخرى،و من مكانه يلمح اختلاط عبيرهما المُنبت ربيع مُخَلَّد وسط قلبه..إبــداع تجانست فيه كُل معاني الجَمال حتى انتهى عند هذا المَشهد الذي بدأت عروقه بحفره في ذاكرته..،جـود التي كانت تجلس على السرير خلف والدتها تطمئنان على جَنى هَمست في أذنها،:يُمَّه شوفي ولدش شوي و يذوب في مكانه "وضعت يدها على فمها تُكبِح ضحكتها و هي تُواصل" اتوقع قاعد يتمنى يكون مكان بنته
استدارت لها تقرص زندها بقوَّة حتى احمرّ،هَمسَت لها و هي تقف بعدما رأت مُداعبة النوم لمُقلتي حفيدتها،:قومي يا قليلة الأدب،قومي قدامي
باعتراض هَمسَت،:ما بقوم يمه بنتظر جَنى تنام
سحبتها من ذراعها حتى أجبرتها على الوقوف ثُمَّ مشت أمامها للخارج،و عند باب الغُرفة نَطَقت جـود،:ماما مايصير نتركهم بروحهم،خليني مُحرَم بينهم
قابلتها و هي تقول بقلَّة صبر بعد أن تركت ذراعها،:الباب مفتوح عليهم و البنت بينهم و غُرفنا كلها قريبة منهم،خلينا ننام ما باقي شي ويجي الصبح
بعدم اقتناع قالت،:زيـن،تصبحين على خير
أوهمتها بدخولها للغرفة،و بعد ان تأكدت من إغلاقها للباب عادت لتُطل من عند بابها على غُرفة نور حيث داخلها لا يزال فيصل عَبداً لهذه الصورة الساحرة،يتأمل كيف تُخفض رأسها لتطبع قُبلة رقيقة على وجنة ابنته..أناملها النحيلة تُزيح خصلاتها المُلتصقة من الدمع على وجهها..ابتسامتها الدافئة و هي تنظر لها..حُلَّة خلابة لم يَكن يعلم أنَّ جنان تُحسِن ارتدائها بهذا العُمق..،
،:خـلاص نامت
وَعَى لهمسها الناعس..و بتَيه نَطَق،:هــا !
أعادت كلماتها و هي تتراجع لتُسند ظهرها للسرير و ابنتها تسكن حضنها،:اقول لك خلاص نامت "أشارت للخارج" تقدر تروح تنام
هَزَّ رأسه بتفهم و هو يقف و الارتباك مُتعلّق بأطرافه،استدار ببطئ و هو يهمس،:اذا بغيتون شي كلميني،تصبحون على خير
أغلق الباب دون أن يسمع جوابها..وقف عنده لتتكون أمامه صورتهما من جديد..أغمض عينيه بغياب و ابتسامة مائلة تُعانق شفتيه بحُب
،:فيصل،شنو بتنام و انت واقف ؟
فتح عينيه من صوت جود المُتداخل بفضول في مسمعه..ابتعد عن الباب و ابتسامتها الخبيثة تتضح له مع اقترابه..استدار عنها بعد أن ألقى عليها نظرة غرور أضحكتها و صعد لغرفته..هي هَمَست قبل أن تُغلِق الباب و إحساسها انعقد باليقين،:اثنينكم أغبيــاء



اليوم الحالي

المساء اقترب و الشمس تستعد لاسترخائها مانحةً القَمر فرصة ليتباهى بجماله..و هي من شدَّة غرورها و عنفوان أشعتها الحاجبة عنها الحقيقة لم تعِ أنَّ الكَثير و هي منهم يرون أنَّ القَمرَ فاقها الجمال أضعافاً و أضعاف..،كانت تجلس معه و مع والده أمام التلفاز يشربون الشاي المُتأخر وقته نَظراً لتأخر موعد الغداء انتظاراً لعودته من العمل..أبعدت عينيها عن التلفاز مُبصرة وجهه القريب لتَغرق وَسط كلماته المُتأرجحة من رياح عينيه الهادئتين..،

،

تَجلس على المَقعد أمامه بعد أن لحقته بسيارتها إلى المَطعم المُتفق عليه..كانت زيارتها لمنزل والدها فاشـلة بالخط العَريض..فهي تَصَنَّمت أمام ذكرياتها و انحنت تَستعيد فَحواها المُكتنز بين طَيَّات أوراق الرسائل..فَكَّرت في حَرقها و لكن خَشيت أن يخنقها رَماد الكلمات و يُصَيّرها جَسداً فاقداً للنَّفَس..أو أنَّها تُحورها لقصاصات تدفنها دون كَفَن تستل خيوطه من نبضاتها..لكن القلب أبى أن تُذبَح ذكرياته التي غَفت لسنوات بين حُجراته..فكانت النتيجة أنَّها أزاحت الصندوق في الزواية..أعادتهُ للمكان الذي احتضنهُ بعد انهيارها تلك الليلة..،انتبهت لصوته المُلتبس سُكوناً عَذب لم تعثر عليه مسامعه إلا بين حباله الصوتية..،
،:شخبار عمي و عمتي ؟ كنت ابي امرهم قبل المطعم بس خفت يطوفنا الحجز
ابتسمت له و أناملها تعبث بساق الملعقة الفضيَّة المصفوفة بترتيب على الطاولة..أجابت بهدوء،:الحمد لله زينين سلموا عليك
أجاب و هو يقترب من الطاولة،:الله يسلمهم "مَدَّ يده مُتناولاً قائمة الطعام جهتها و هو يَقول" هذي ما بتحتاجينها،بطلب على ذوقي تَمام ؟
هَزَّت رأسها بموافقة و جسدها يتراجع مُسندة ظهرها للمقعد..تعَلَّقت نظراتها بوجهه عندما سأل،:متى عرس ولد عمش ؟
أجابته بتلقائية،:هذي الجمعة "مَسَّت صدغها بأطراف أصابعها مُردفة" ايــه ذكرتني،و انا في بيت ابوي اتصل ابو عبد الله يعزمنا باجر عشا بمناسبة الزواج و طبعاً انت معزوم
بهمس عَقَّب،:ان شاء الله "أخفَضَ بصره و الهَمس لا زال سلاحه و هُنا اعتدَّ بكلماتٍ أطلقها من قوسه المُحترف في اصطياد حَواسها" جود العروس تصير بنت خالتش صح ؟ "رفعهُ ليرى إيجابها بهزَّة رأس بسيطة،بَلَّلَ شفتيه ليُكمِل" يعني بتفرحين لها واجـد اذا شفتينها بالفستان الأبيض ؟
خَرَجت كلماتها من بين ابتسامتها المُحبّة،:اكيــد،هذي احلى لحظة بالنسبة لأي بنــ
قَطَعت كلماتها و ابتسامته المائلة أسقطتها من على مُنحدر خباثته..أفرغت نَفس مُثقَل و عيناه تبتلعانها لتُبصقانها بقسوة عند دقائق ليلة زواجهما المَشؤومة..و لتَكن منصفة هي التي ألبستها عباءة الشؤم..،ازدردت تَوترها و أصابعها تدعك خدَّها الجَلي احمراره..أرخت يدها على الطاولة مع اقتراب النادل الذي بدأ بتسجيل طلبات بَسَّام الذي تُفجائها تصرفاته يوماً بعد يوم..يُحيك حياتهما ببطئ ينتثر على الجليد المُتكتل فوق روحها يُحاول إذابته لامتصاص العذوبة المَيّتة فيها..و عَجباً أنَّهُ يَنجح ! كيف و بأي الطُرق تستطيع روحه أن تلتقي مع روحها ؟! نادتهُ بعد أن ابتعد النادل،و الهَمسُ نَبرتها،:بَسَّـــام
أجابها و هو يتَعَلَّق على شراع السفينة نفسها،:آمــري
زَفَرت ارتباكها الذي أجَّجته كلماته القاصدة باباً داخلها لتُطرقه..ضَمَّت شفتيها للداخل قَبل أن تُرخيهما لتنطق برجـاء ذاب لهُ قلبه الهاوي كُل أفعالها،:بَسَّــام الله يخليك يا تخلينا نتكلم في الموضوع و ننتهي منه يا انك تنساه و ما تقعد كل مرة تفتحه بطريقة ثانية
مَرَّرَ لسانه على شفتيه يُكبح ضحكة تَود مُباغتته..زَحفت يده لتُعانق يدها مثل عِناق الغصن لعُش طائره..بإبهامه مَسح على ظاهر أصابعها مُعَقّباً بهمس و عيناه تَلحظان بتدقيق أهدابها المُحلّقة وسط سماء التَوتر..،:صدقيني مو قصدي اللي في بالش "و بتنهيـدة عَبرت مَرسى أحلامه المُفتقر لرسو سفينتها مُنذ أعوام" بس والله اني كنت انتظر اللحظة اللي بتنزفين فيها لي و انتِ بالفستان الأبيض "ضَحَكَ بخفَّة و هو يُشيح بوجهه للحظات قبل أن ينظر لها مُردِفاً" يَمكن هالكلام غريب ان يطلع من رجال "ضَغَطَ بحَنو على يدها و رأسه ينخفض ليُحادثها و الصوت أجَش" بس تراني اهتم لكل تفصيل يخصنا مهما كان بسيط
اصطدام عنيف لمشاعرها أرسل قشعريرة عَبَرت خلايا جسدها بأكمله..تَصافق أهدابها تَضاعف يُنافس قَرع طُبول نبضاتها..مابكِ حنين ؟! هو لم يعقد كلمات عِشق خُرافي على مسامعك..بل هو لم يستعن بأبسط الكلمات الوديَّة لينثرها على روحكِ التي ستنتهي قَريباً مريضة فوق عتبات قلبه الكَبير..من أين لكَ هذا أخبرني ؟ هَمسُك الحالم كيف تَغَنَّت بهِ حبالك الصوتية ؟ و كيف بات لَحناً تتراقص عليه دقاتي المُعتنقة الجُنون مُذ عَرفتك ؟ يا رَجُلاً يَرسم مُستقبلي بحبر عدستيه..يُراوغ ماضيَّ الذي أحال كبريائي ورقة خَريف أضاعت ينعها بين تَقلُّبات الربيع..و أنت الذي أعدت الربيع لمخدعه و ألبست أرضي ألواناً اعتقدتُ أنَّ "حقارة" ذاك طمستها للأبد..أنت الحياة و أنت الابتسامة التي بات عنوان سكنها شفتي..غَــريب صحيح ؟! كيف كُنتْ و كيف أصبحتْ ! يبدو أنني قريباً سأبصم على وثيقة المُلكية إليك..كُلي إليك..و هذا ما ليقواه كبريائي العتيد..،
حَرَّرَ أصابعها التي شَعَر بهذيانها بين راحته ليتراجع للخلف..نَطَقَ مُتخذاً طَريق مُغاير،:عندش فُستان للعرس ؟
تحمحمت و هي تعقد ذراعيها على صدرها مُفضّلة الاحتفاظ بنقاشها بعيداً عن سطوة المشاعر التي لا علم بحجمها لديه..أجابتهُ ببحة،:اي عندي
هَزَّ رأسه و هو يسكب لهُ كأس ماء،:تمام،اي شي ينقصش خبريني
،:ان شاء الله

،

انتبهت لابتسامته التي اتسعت دلالة على إدراكه لنظراتها..التفت لها مُبعِداً عينيه عن شاشة حاسوبه المَحمول..كانت قد وقعت رهينة لشُعلة الخَجل التي نثرت آثارها عليها..شعرت بالتواء عضلة في بطنها من نظراته المُخترقة ذاتها..نَطَقت تُبعِد عنها الشُبهة ببحَّة أضحكته،:تبي جاي؟
أشار برأسه لكوبه المملوء نصفه،:اللي صبيته للحين ما خلصته
هَزَّت رأسها بتفهم ثُمَّ أدارتهُ بهروب..هو لم يُواصل تأمله لها مُلتفتاً لوالده الذي نَطق جاذباً انتباه حنين،:تصدقين يا بنتي،ولدي ماشاء الله عليه فنان،كل شي يحط ايده فيه يبدع فيه
رفعَ حاجبه و شفتيه تميلان بابتسامة مُتعجبة..ما الذي يُريده والده ؟ واصل وهو يُوجّه الحديث لحنين مُتجاهل نظرات ابنه،:ان جيتين لشغل البيت يعرف له،يعرف للكهربا و يعرف للسيارة و هالكمبيوترات "تَقدَّم في جلوسه و هو يعد على أصابعه و حنين تستمع بتركيز" حتى الرسم فنان فيه،و لا بعد اكتشفته في مُراهقته أنَّه كاتب،حتى توقعته يصير مؤلف بس أبهرني زيادة ودرس هندسة
بضحكة نَطَق بنبرة فهمها والده،:يُبــه بلا مُبالغة
أجابهُ باستنكار،:افــا يا بسَّام انا ابالغ ؟ "نظر لحنين مُردفاً" ما عليش يُبه يستحي " وقف مواصلاً" عاد اذا اكتشفتين موهبة جديدة فيه قولي لي خليني استانس بولدي،عن اذنكم بروح اتجهز للصلاة
عَقَّبت،:خذ راحتك "استدارت إليه بعد أن غاب والده لتنطق بابتسامة ناعمة" ما كنت ادري انك ماشاء الله موهوب في كل شي
حَرَّك رأسه نافياً و من بين ضحكته هَمسَ و هو يمس شعيرات ذقنه،:ما عليش ابوي يبالغ
اعتدلت في جلوسها و هي تقول،:تحمست اشوف رسوماتك و كتاباتك
بَلَّلَ شفتيه و هو يقبض و يبسط يده على فخذه..نَطَق و عيناه على شاشة الحاسوب،:مو شي مهم، لاتحسبين يعني انه شي كبير
وقفت مُعقّبة،:عــادي بعد ابي اشوف،انا بروح اجهز اغراضي "تساءلت" بتجي العزيمة صح؟
،:ايـــه
هَزَّت رأسها قبل أن تبتعد عنه..غابت عن مرأى عينيه ليُفرِع زفـرة طويــلة حَملت معها ارتباكه..التقط زاوية شفته بابتسامة قبل أن يهمس،:الله يهديك يُبه بغيت تفضحني،زين انها ما استوعبت !



تساءل و هو يُقلّب قنوات التلفاز و جسده مُسترخٍ على أريكة غُرفة جلوسه،:شخبار زوجتك؟ اشوفك ما تييب طاريها هالجم يوم
أجابه هو الآخر مُسترخي على الأريكة الجانبية يعبث في هاتفه،:زيـــنة
نَظَرَ لهُ ببرود عندما ارتفع صوت ضحكته..أبعد عينيه بذات البرود و هو يسمع كلماته الغارقة في السُخرية،:افـــا شكلكم متزاعلين
هَمَسَ لهُ بقهر،:مالك دخل
غَمَزَ لهُ،: رائدو ترى واضح عليك الشوق،وايد واااضح
التقط الوسادة الصغيرة التي خلف ظهره ليُلقيها بحَنَق عليه لينخرط ذاك في ضحكة عالية أرغمتهُ على الابتسامة..يَكبر و يَكبر جُنونه معه ! تداخل مع ضحكة رفيقه صوت هاتفه المَركون على الطاولة القريبة منه،ناولهُ إيَّاه بعفوية دون أن ينظر للشاشة..و ذاك استلمه ليرفعه أمام وجهه بهدوء..هي لحظات حتى اجتذب جسده ليقف كالملسوع و ملامحه تبتلعها صدمة أوجسته..وقف معه و هو يقترب منه مُلاحظاً عيناه اللتان تكادان تتركان محجريه..نَطَقَ بقلق،:بسم الله شفيك ؟
أشـار للهاتف بصمت و لسانه قد انعقد ألف عُقدة..رائد اجتذب الهاتف من يديه لتنتقل لهُ الصدمة و الاسم المُضيء ينعكس في عدستيه..،



يتبع

 
 

 

عرض البوم صور simpleness   رد مع اقتباس
قديم 30-01-16, 12:34 AM   المشاركة رقم: 513
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو راقي


البيانات
التسجيل: Aug 2015
العضوية: 300973
المشاركات: 633
الجنس أنثى
معدل التقييم: simpleness عضو على طريق الابداعsimpleness عضو على طريق الابداعsimpleness عضو على طريق الابداعsimpleness عضو على طريق الابداعsimpleness عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 475

االدولة
البلدBahrain
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
simpleness غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : simpleness المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: ذات مُقيّدة حوّل عُنُقِ امْرَأة / بقلمي

 

قبل دقائق

مَضَت فترة ليست بالقليلة على اجتماعهم..كُل فَرد اجتذبتهُ الحياة لتُمرّغه بوحلِها و حيناً بعسلها..إن وُجِد ! كان اللقاء الأخير في حفلة زواج حَنين التي أنهتهُ بدراما استنكرتها ألسنتهم..و الآن بدأت تَنجلي عن محور ذاكرتهم شيئاً فشيء..،هي كانت مع نور في مرسمها الصغير..تَركتهما جنـان لتُرافق الطفلتان جَنى و بيان في لعبهما حسب طلب جَنى التي تَخشى أن تترك ثوب والدتها و تمسي كفَّها باردة دون وجوده..،بقيت هي وحيدة مع نـور التي لم تكن تعلم بالخُطَّة المُحاكاة لغرض إسقاطها في الشبكة التي ابتاعتها غيداء من متجر والدتها المُتيقنة بذنبها..،كانت تَطوف على اللوحات المُعلَّقة بترتيب،تَسبح بين ألوان هذه و تُسجَن عند خطوط تلك المُنعقدة بين الأسود و الأبيض..على الصفحات أحاكت ابنة عمّها حكايات لا يمسسها سوى القَلب المُتيقظ..تسطر قصصاً بخطوطها الإبداعية..بموهبتها تُحادث النفس عند فرحها و ترحها..كانت و لا زالت تتشرب هذه الموهبة و أسفاً أنَّها لا تسقي المُجتمع بها..،وقفت عند إحدى اللوحات المُحتضنة طفل ينطوي على نفسه و كأنه يغفو في رحمٍ لا مرئي..على جسده الدماء تنعاه و في عينيه ضوء أمل على مشارف الانتحار..نَطَقَت و الإعجاب يُسيّر كلماتها،:جمــال جمال اشوفه على الورق،ماشاء الله عليش "استدارت تنظر لها مُردفة" حرام هالإبداع ينسجن في هالغرفة،ما تفكرين تسجيلن في معارض ؟
غيداء التي كانت تقترب من الباب أجابت بهدوء و ظهرها لنور المُستمعة،:بـلى،بس بسرعة اشيل الفكرة من بالي،ما احس اني ابي اعرض اللوحات،يعني في النهاية انا ارسم لنفسي فقط
استدارت لها بعد أن أغلقت الباب و الجَمود طائراً يُلَوّح بين طَيَّات ملامحها مما أثار استغراب نور التي ابتسمت لها تُزيح شرارات التوتر التي شعرت بغزوها البطيء للمكان..لكن غيداء لم تبتسم فالجليد كان أقسى من أن يرسم ابتسامة على شفتيها المَزموتين..عَقدت ذراعيها على صدرها و بدأت تقترب من نور التي عادت لاستكمال تأملاتها للوحات..وصلت عند إحداهن و التي كات مقلوبة باتجاه الحائط..بضحكة قالت و هي تتناولها،:على عمري ليش هذي المسكينة مقلــو
سيفُ ابتسامته غادر غمد شفتيه عابراً حلقها ليقتطع أنفاسها مُفرجاً عن شهقة آلمت قلبها حد الشعور بالاختناق..ارتعشت أناملها المُمسكة بأطراف اللوحة القابع وَجهُه بين إطاراتها..و كأنَّ عينيه تُعانقان عينيها حَقيقةً..ببروده المُستَفز و جُنونه الغافي فوق حاجبه المرفوع..أخفضت بصرها المُثقَل من ينابيع عينيها لتصطدم بذقنه المَوسومة عليه آثار الغُرز الأربع..،كيف استطاعت يدها أن تعثر عليه بين غيهبات الغياب و تسجنه بين إطارات لوحة جُنونه يستطيع التَمَرُّد عليها ؟ عُقدة استنكار طالت المنطقة المُنكمشة بين حاجبيها و عقلها يُعيد قراءة السيناريو الذي اتبعته غيداء،التفتت تنظر لها لتصطدم برياح الشك المُحاربة رياح اليقين بين عينيها..بَلَّلَت شفتيها قبل أن تستل صوتها من قعر غَصَّاتها لتقول و القَهر لحنها،:شنو تقصدين من هالحركة ؟
ابتسمت ببرود و هي تُقابل سؤالها بسؤال مُبَطَّن استنشقت نور فحواه،:اي حركة ؟! فهميني ماني فاهمة شنو تقصدين
بحدَّة مُرتعشة قالت و كفها تقبض بقوَّة مُوجعة على اللوحة،:اقترحتين نجي نشوف المرسم و ما اصريتين على جود و حنين ان يجون ويانا،و جنان تركتينها ويا جنى و بيان عشان تنفردين فيني "ازدردت ريقها تجتذب صوتها الذي خانتهُ القوَّة مُردفة و هي تهز اللوحة بحرقة" و قلبتين هاللوحة عمداً من بين كل اللوحات عشان تلفت نظري،ليـــش ؟
تجاهلت انعقاد نبضاتها ندماً على الدموع التي تتطافر من مُقلتي نور الصارخة بالبراءة لتقول بجدية مُهتزة،:يعني فهمتين نور ؟ تدرين شنو اقصد ما يحتاج اقول
أمــال الأسـى شفتيها بالتطارد مع ميلان الدمع على سفوحها المظلومة..بهمس مُتصدّع،:اقنعتش امش بظنونها ؟ صدقتيها غيداء ؟!
بحـرقة أجابت و صوتها يتسلق جبال القسوة لتقذف روح نور بسهامٍ أعادتها لذلك الصُبح الذي أحالها مُتَهم يقف على باب الغُفران،:مو بس ظنون امي يا نور،كل شي اتذكره خلاني اتأكد من شكوكها "أشارت للخلف تُعيد التنبيش في الماضي مُردفة بابتسامة ثقة" نور ترى كنت ادري ليش كنتِ تنامين عندي ايام العُطل،كل من يدري ان نومي خفيف و كنت احس فيش و انتِ تتسحبين من السرير الفجر
تَراجعت للخلف تنجو بنفسها من اتهاماتها المُغرضة القاصدة بؤرة في قلبها أصمتتها لأعوام خَوفاً من التَمرغ في وحل الذنوب..رأسها ناشد اليَمين و اليسار يُؤكد على رفضها الساحق لهذا الحديث المسموم الذي أكملتهُ غيداء بحدَّة مُوجعة،:خلينا من هذا كله،بنقول كنتِ مو على ذمة عبد الله و لا كنتِ تدرين ان بيكون زوجش "أدارت يدها في الهواء تبحث عن إجابة" قولي لي ليش انقلب حالش بعد ما اختفى ؟ و سويتين المُستحيل عشان عبد الله يطلقش و هذا اللي نلتيه في النهاية،ليـــش ؟!
اقتلعت صوتها من أرض نوحها مُجيبةً بقهر،:لأن امش سوت كل شي عشان تحسسني بالذنب،لعبت لعبتها صح جتني من كل صوب و اقنعتني اني غلطانة و اني مجرمة بحق عبدالله "احتدَّ صوتها مُجتراً معه ذيول البراءة التي اقتطعتها والدته" هي وصلت لدرجة انها تطعني في شرفي،قذفتني غيـ ـداء
نحت غشاوة الدمع عن عينها بيد و الأخرى بضعف مُتمسكة باللوحة..أرادت أن ترى بوضوح علامات الصدمة تتحطم على ملامح غيداء بعد إفصاحها بظُلم والدتها الذي لم تعترف به لأحد قط..لكن ذلك الإخفاض المُسيطر على جفنيها و الوجوم الغارق حواسها جرفاها لمقصلة الإعدام..تساءلت بحذر يخشى الانكسار من عَزيز،:غيـ ـداء انتِ مصدقة امش ؟ مصدقة اني خنت عبدالله ؟
هَربت عينا غيداء خلف إغماضٍ تفرعت على إثره خطوط قلة حيلة عَلَّقت ملامحها في الهواء لتُبصر من علو ذَوي قلب أخيها الرقيق،المُحب بصدق..و على الجانب الآخر تَلمح ابنة عمها تُكبلها "افتراءات" والدتها التي يعلم جواها يَقيناً بطهارة روح ابنة عمّها منها،إلا أنَّ بؤسها على أخيها أرغمها على اجتراعها صِدقاً لتُحيل القضية على كاهل نـور التي تَفَرَّقت أصابعها بعد انحلال قوتها من الارتعاشات لتسقط اللوحة مُخلّفة دوي أرجف الاثنتين..نَطَقت بحرقة أشعلت غيداء حَرجاً و عُروق القَهر قد شَقَّت طريق جسدها حتى كادت تخترق جلدها،:انا بنت عمش شلون تفكرين فيني بهالطريقة ؟!
أجابت و لسانها يستعين بالكلمات لتبرير فعلتها الشنعاء،:نور انا احبش و احب عبدالله "أشارت للوحة المَلقية" و احبـه و مشتاقة له بعد "نظرت لها و الدمعُ يسكن راحة مُقلتيها" بس مااقدر اشوف اخوي مقهور و اسكت، وانتِ عايشة حياتش و تطلبين منه ينسى بسهولة "بتردد أكملت و هي تُبصر السيل الغارق وجه نور" و انا كنت شاكة بقصة حبكم اللي ما اكتملت فـ
قاطعتها و الحَنَق أرفع صوتها المَبحوح،:لا تقولين قصة حب،ما كان بينا شي ما كان يحبني و لا كان يبيني "أشارت لنفسها و صوتها ينحني يَرجو تصديقاً" غيداء انا حبيت عبدالله،و اخذت عهد على نفسي اني ما ارفع عيوني على رجال غيره مادام انا على ذمته "شَدَّت قبضتها على قلبها و الماضي شَدَّ حبله ليُخنق أنفاسها" بس من بعد الكابوس كل شي تغير "رفعت عينيها لها مُردفة بلا وعي" و كأن امش كانت تدري عنه !
تساءلت غيداء بعدم فهم،:اي كابوس ؟!
السُخرية عانقت شفتيها لتُجيب و الدمعُ قد تخثر عند قارعة وجهها،:اذا انا مو فاهمة هالكابوس انتِ بتفهمين يا غيداء ؟!
تَركتها و يدها ترتفع لفمها تحتوي شهقاتها المُحمَّلة بخناجر تُدمي حلقها المأهول بالغصَّات..وصلت للأسفل حيث اختلت غرفة الجلوس من أهلها..ارتدت عباءتها بسرعة مُستفيدة من غيابهم في غرفة الطعام..تناولت حقيبتها و بخطوات واسعة غادرت المكان لتصبح بعد دقائق خارج أسوار المنزل حيثُ أركنت سيارتها..،رَكبتها على عَجل سامحة لشهقاتها بالالتحام مع ذرات الهواء المُصمتة فيها..انعقدت معها لتورثها ضَجَّة أرجفت قلبها المَشروخ من اتهامات باطلة بدأت تطال فِكر ابنة عمها الحَبيبة..زَفَرت أوجاعها و هي تتراجع مُستندة للمقعد و أطياف الكابوس تُعاود سَيطرتها على ذاكرتها المُشوشة..تشعر بخواء يرتدي صَمتاً مُوحِش يَغشى حياتها..كُلَّما أرادت الانفصال عن الوحشة باغتتها بمخالبها السوداء مانعة البياض من ترشيح روحها..،هَدأت الشهقات و بَقي صَخب الدمعات،بَلَّلت شفتيها و رأسها يَميل يساراً تنظر من النافذة لداخل المنزل جهة عُشه المهجور..سالت دمعة انعكس فيها وجهه الغائب لعامان..مُباشرة بعد سطوة ذلك الاتهام ! حَلقة مَفقودة في هذه القصة المُكتنفها غموض يبعث شعور بعدم الراحة في قلبها كُلَّما تذكرته..هو و تلك الرائحة..،اعتدلت في جُلوسها و خاطرٌ ما بدأ يهمس لها بسبر أغوار ذلك الكابوس الذي أعقبه صباحٌ كانت فيه تقف على منصة الإجرام..أخفضت بصرها لحقيبتها المُستقرة وسط حضنها..حَشرت يدها فيها لتُخرجها بعد ثوانٍ و الهاتف وسط راحتها..ازدردت ترددها و أصابعها انتقلت لاختيار الأرقام المَحفوظة في ذاكرة قلبها..أرفعته لأذنها و صوت الرَنين أرجف أوصالها،إذاً لا زال هُنا..،انقطع الرنين دون جواب..أعادت الكَرَّة و إصرار مُتهدل الأطراف ينوح فوق جفنيها..تَجَمَّدت نبضاتها و صوت أنفاسٍ على الطرف الآخر تعبر مسامعها مثل نسيمٍ عَذب عانق الرئتين بعد غَرق،شتاءٌ عاد بعد غياب قرون ينقذها من لظى الكلمات..طوق نجاة تُقربه منها أمواج بحره..صديقه الوفي..،فتحت فمها تتلفظ بإسمه المُفتقر لهُ صوتها لعامان،نَطَقت و ارتطام الدمع بوجنتها عَزفَ لحن احتياج مَرير..


،:طـــلال !





~ انتهى











،



الحمد لله..كنت أحاتي هالجزء و السبب الظروف اللي صادفتني و أثرت في نفسيتي
و طبعاً ما قصرتون تفهمتون تأجيله بكل رحابة صدر
ان شاء الله يُكون قد المَقام..و مُرضي للجميع..،
على الرغم اني بعد ما نزلت أول قسمين من الجزء انتبهت اني نسيت موقف يوسف و حور اللي كنت مخططة له ^_^
و الله لو عندي طاقة كتبته بس للأسف ما فيــه..ان شاء الله الجزء القادم..،

الجزء القادم للحين ما حددت متى يكون،خلال هاليومين ان شاء الله بعطيكم خبر
قـراءة مُمتعة و لاتحرموني من تعليقاتكم
كونــوا بخير



*نسألكم الدُعاء





سلمتن




،

 
 

 

عرض البوم صور simpleness   رد مع اقتباس
قديم 30-01-16, 03:11 AM   المشاركة رقم: 514
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فخري


البيانات
التسجيل: Aug 2014
العضوية: 273510
المشاركات: 1,332
الجنس أنثى
معدل التقييم: طُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 2492

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
طُعُوْن غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : simpleness المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: ذات مُقيّدة حوّل عُنُقِ امْرَأة / بقلمي

 
دعوه لزيارة موضوعي

صباح الخير.. البارت دمار يختي.. و الله اقرأ و أحاول عيوني ما تزيغ
للأسطر اللي تحت.. وكم مرة ضبطتها وهي قد تعدت كلمات و نطت للسطر
اللي تحتها و ارجع اغصبها تكمل السطر اللي قبل.. جد ابدعتي.. اذا
كل ماطلبتي مهلة عشان البارت بترجعين لنا ببارت زي ذا ماعندي مانع خذي
وقتك كله..


صراحة انا الحين يدي تحكني عشان اعلق بس رح أأجل التعليق كم ساعة
عشان اعلق عليه و على البارتات اللي قبل بإذن الله .. أو نقول أعلق عاللي اكتشفته->
جالسة اشتغل عالأحداث و أحقق😈

اشوفك على خير.. و تسلم يدك اللي كتبت.. 💜

 
 

 

عرض البوم صور طُعُوْن   رد مع اقتباس
قديم 30-01-16, 07:28 AM   المشاركة رقم: 515
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Jul 2014
العضوية: 271387
المشاركات: 11,135
الجنس أنثى
معدل التقييم: bluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميع
نقاط التقييم: 13814

االدولة
البلدJordan
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
bluemay غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : simpleness المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: ذات مُقيّدة حوّل عُنُقِ امْرَأة / بقلمي

 
دعوه لزيارة موضوعي

جزء مميز ومؤثر كتير

احلى جزئية لقاء ملاك ومحمد
اتوقع رح تبهره بذكاءها او رح تجلطه بتهورها لووول



حنين غلطانة ما لو داعي تحتفظ بشي ممكن يكون سبب تعاستها وتهديم حياتها مع بسام.



نور حيرتني شو اللي حصل بغياب عبدالله
ومين طلال؟!!


جنان وفيصل شكلهم رح يرجعو مجبورين ﻷجل جنى ..



سلمت يداك ابدعتي ومتشوقة كتير للجاي


تقبلي مروري وخالص ودي


«اللهم أغفر لي هزلي وجدي، وخطئي وعمدي، وكل ذلك عندي»

 
 

 

عرض البوم صور bluemay   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مُقيّدة, امْرَأة, بقلمي, حوّل, عُنُقِ
facebook



جديد مواضيع قسم القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 11:55 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية