لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (1) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 14-07-15, 06:36 PM   المشاركة رقم: 1856
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jul 2010
العضوية: 176277
المشاركات: 180
الجنس أنثى
معدل التقييم: نزف جروحي عضو على طريق الابداعنزف جروحي عضو على طريق الابداعنزف جروحي عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 211

االدولة
البلدOman
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
نزف جروحي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : برد المشاعر المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: أوجاع ما بعد العاصفة (الفصل الثاني العشرون)

 

السلام عليكم..

يعطيكي العافيه برودة ..
جابر وجابر وجابر...
ماحعلق ..مابي اخرب صيامي استغفر الله ..
بس كأنه طاح ومحد سمى عليه هع..

سما ونزار ..
وكادت لهم ام نزار ..وغمزت السنارة ...
وانا بديت ابحث عن فستان للعرس..
محد من الابطال فرحنا بعرس نحظره ..بس الامل بهم..

رضا وزهور..
بين بنيان الماضي وفيضان العشق ..
ايهما سيصمد ...

وليد ومي..ونواس ..ووسن...
نواس بس يعرف بحقيقة مشاعر وليد لمي ..حيساعدهم ويزوجهم لبعض ..
ممكن انه يجي يلقى وليد يكلم مي ..
فينتبه لنظرات عيونهم ..
وبعد ماتروح مي ..
ينطق وليد بكلمات تثبت احقيته لمي ...
ويسمعه نواس ...
ويديه بوكسين ليه خبأ عليه ..
ويخبر نواس مشاعر مي بكلامه ..مثلا يقول لها وليد عمل حادث ..الخ الخ ..
وخلصت الحدووته ..

😂😂😂😂😂

معتصم وبتول..
بعد القرص اللي جاهم..
حيصير معتصم ملك الرومنسيه ..
ورد وهدايا وابتسامات ..
وتطيح الهبله بتول ..
ويتحدد العرس ..



..برودة ابي رواية خلف اسرار المدينه 😢
يارب مااكون اخطيت بالعنوان 🙈

ابي اقراها ع مهلي بالعيد ..
احس ان وجودها داخل هالروايه ظالمها ...
وانا من الحين اقولك ..فراس لردين ...احلى قصص حتكون بينهم 😉


وبس 💟

 
 

 

عرض البوم صور نزف جروحي   رد مع اقتباس
قديم 14-07-15, 07:59 PM   المشاركة رقم: 1857
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فخري


البيانات
التسجيل: Sep 2014
العضوية: 277449
المشاركات: 12,423
الجنس أنثى
معدل التقييم: همس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميعهمس الريح عضو مشهور للجميع
نقاط التقييم: 17240

االدولة
البلدQatar
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
همس الريح غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : برد المشاعر المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: أوجاع ما بعد العاصفة (الفصل الثاني العشرون)

 
دعوه لزيارة موضوعي

نزف جروحي
بين بنيان الماضي و فيضان العشق .. قد ايش ابدعتي في التعبير عنهم ..
هليقدر فيضان عشق رضا يهدم بنيان ماضي زهور ؟؟ ... اتمني لان زهور اهي الشخصية الثانية في العالة الهلامية الفضائية اللي احس الحب بيرجع لها انسانيتها

 
 

 

عرض البوم صور همس الريح   رد مع اقتباس
قديم 15-07-15, 12:19 AM   المشاركة رقم: 1858
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jul 2010
العضوية: 176277
المشاركات: 180
الجنس أنثى
معدل التقييم: نزف جروحي عضو على طريق الابداعنزف جروحي عضو على طريق الابداعنزف جروحي عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 211

االدولة
البلدOman
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
نزف جروحي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : برد المشاعر المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: أوجاع ما بعد العاصفة (الفصل الثاني العشرون)

 

همس الريح ...
احس زهورة داخلها ثوران بركان..
محاط ببنيان الماضي..اللي يهدمه فيضان عشق رضا لها وبيطفي بركان الذكريات المره ..ليسكن الفيضان ويستقر بقلبها ...
كل الابطال احس امورهم الغرامية شبه مستقرة مسألة وقت فقط ..وبعض الاكشان لتجديد الغرام اكيد برودة ماحتخليهم بحالهم ..


اهي المصيبة بجابر...

يختي مالوم حسنا يوم هربت ...
واتوقع ارجوان بتذوقه نفس الكأس مره ثانيه ..
لكن بتهرب لوحدها بتخلي له عياله ..حيصير شي يكون هوالقشة اللي بتقضي ع صبرها وبتهرب ..

واثناء هروبها بتكتشف انها حامل ..

وجابر حنتشمت فيه واهو يدورها كما المجنون 😂😂😂😂


برودة شو رايك بالمشهد ..روعه صح 😉

 
 

 

عرض البوم صور نزف جروحي   رد مع اقتباس
قديم 15-07-15, 03:20 AM   المشاركة رقم: 1859
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: May 2015
العضوية: 295614
المشاركات: 280
الجنس أنثى
معدل التقييم: ليل الشتاء عضو على طريق الابداعليل الشتاء عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 173

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
ليل الشتاء غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : برد المشاعر المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي

 

اقتباس :-   المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نزف جروحي مشاهدة المشاركة
   همس الريح ...
احس زهورة داخلها ثوران بركان..
محاط ببنيان الماضي..اللي يهدمه فيضان عشق رضا لها وبيطفي بركان الذكريات المره ..ليسكن الفيضان ويستقر بقلبها ...
كل الابطال احس امورهم الغرامية شبه مستقرة مسألة وقت فقط ..وبعض الاكشان لتجديد الغرام اكيد برودة ماحتخليهم بحالهم ..


اهي المصيبة بجابر...

يختي مالوم حسنا يوم هربت ...
واتوقع ارجوان بتذوقه نفس الكأس مره ثانيه ..
لكن بتهرب لوحدها بتخلي له عياله ..حيصير شي يكون هوالقشة اللي بتقضي ع صبرها وبتهرب ..

واثناء هروبها بتكتشف انها حامل ..

وجابر حنتشمت فيه واهو يدورها كما المجنون 😂😂😂😂


برودة شو رايك بالمشهد ..روعه صح 😉

ابعدي انت وافكارك عن ميشو وخلي الروايه ماشيه زي العسل
اه نسيييييييت ابعدي عن جبوري حبيب قلبي

 
 

 

عرض البوم صور ليل الشتاء   رد مع اقتباس
قديم 15-07-15, 03:47 AM   المشاركة رقم: 1860
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
اميرة القلم


البيانات
التسجيل: Aug 2014
العضوية: 273354
المشاركات: 4,068
الجنس أنثى
معدل التقييم: برد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسي
نقاط التقييم: 4345

االدولة
البلدLibya
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
برد المشاعر غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : برد المشاعر المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: أوجاع ما بعد العاصفة (الفصل الثاني العشرون)

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته





يسعد صباحكم بحب جميعا

قبل الفصل عندي شوي كلام بقوله لكم

أول شي الأخت تفاحة فواحة هي الي رح تتولى مهمة تنزيل

الفصول لكم من الأسبوع القادم وبتساعدها ميمي بس ترجع وأنا

بكون موجودة وبتواصل مع الجميع لأن مشكلتي كلها في تنزيل

الفصل أما الردود أمرها متيسر أغلب الأحيان وتفاحة تقدر تنزله

في مواعيدنا السابقة فجازاها الله عني كل خير لسعيها في حل

مشكلتي مع تنزيل الفصول


ثانيا أعتذر من كل إلي ما كتبت ردود على تعليقاتهم لأن النت قطع

اليوم لساعات وما لحقت أكتب وإن شاء الله برد على الجميع

وأترككم مع الفصل

ا







لفصل الثالث والعشرون








بقيت أنظر بصدمة للفرس التي عادت راكضة ناحيته

وقلبي ينبض بشدة ولم أكن أعلم لما لفتت هي انتباهي دون

غيرها , هل لأن اسمها كسمي ! ولكن لما سماها هكذا

مؤكد كان هذا قبل أن يحدث ما حدث وإلا ما قبِل أن

تحمل اسمي تحديدا , بقيت أنظر لها وهي تعود ناحيته

وكأنها شيء يخصني أنا وليس هوا وكأنها لي

أغلقت بعدها النافذة بهدوء حين تحرك نواس برأسه

للخلف , لن أستطيع فتح هذه النافذة إلا ليلا والنور مطفأ

لما وضعني هنا هل يريد خنقي وحرماني حتى من الهواء





*

*





ما أن عادت ناحيتي حتى عدت لاحتضانها مجددا

وهمست لها " وشيء آخر نافذة غرفتها هناك في الأعلى "

فعادت منطلقة تركض مجددا وأنا انطلقت ضحكتي هذه

المرة لأن أمر هذه الفرس لم يعد طبيعيا أبدا وتبدوا كما

قال معتصم مسكونة , ضحك معاذ من خلفي وقال

" بالله عليك ما الذي تقوله لها يا رجل "

توجهت نحوهم وقفزت خارج السياج وقلت

" أخربتها أنك ستركبها ففرت منك هاربة "

ضحكنا ثلاثتنا ثم نظرت ليده المربوطة وقلت

" ماذا قال لك الطبيب عنها "

نظر لها وقال " وضع لها شاشا خاصا بالفك وقال

إن اطر الأمر سيجبسها , ولنلحق الكذاب حتى الباب "

ضحكت وضربته على كتفه ثم قلت مغادرا

" علك تتعلم الدرس وتترك جنونك وتقود السيارة بروية "

ثم قلت وأنا أبتعد " وليد اتبعني للإسطبلات "

وقضينا هناك وقتا نخطط للتوسيع الجديد في الإسطبل

الجديد ونحاول رسم مخطط ولو تخيلي لكن المشاكل شائكة

كثيرا , وضع يده على كتفي وقال " معتصم لديه الحل "

نظرت له باستغراب فأخرج الهاتف من جيبه وأجرى اتصالا

وقال بعد وقت " لما لا تجب من أول مرة يا أحمق "

ضحك بعدها وقال " نعم أغضبوه فغضب علينا ونحن المغضــ "

ثم ضحك وقال " حسنا لن أكمل , رأيت معك مرة

صديق لشقيقك مهندس إن كنت أذكر "

سكت لوقت ثم قال " لا يهم شهادته ليست كاملة المهم شطارته "

قال مباشرة " رائع نريد أن يزور الإسطبلات هنا

ويرسم لنا مخططا توسيعي على مدى سنوات أي

كلما أردنا أن نوسع لجأنا إليه "

" جيد تحدث معه وسنتفاهم لاحقا "

ضحك بعدها وقال " أنا ونواس واحد وها هوا أمامي لو لديه

اعتراض لسمعت صوت اختناقي بسبب يديه على عنقي "

ضحك وقال " المهم تحدث معه وسنرسل له من

يحضره أو أعطه عنوان المزرعة "

" حسنا حسنا أعطنا رقم هاتفه وسيتحدث معه بنفسه وداعا "

أنهى الاتصال معه وأعاد هاتفه لجيبه قائلا

" سننتهي من هذه المشكلة سريعا "

أمسكت كتفه وقلت " جيدا صنعت , فكرة صائبة أن يكون

التوسيع كمخطط ممتد كي لا نواجه مشكلة كهذه

لاحقا , لكن ما قصة أن أكلمه أنا "

نظر جهة العمال وقال " قال أنه يرفض العروض إلا إن

كانت مخططات تقييميه مجموعة يختارون منها لكن أن يستلم

الأمر وحده لن يرضى , سيحاول التحدث معه بعد أن تكلمه أنت "

قلت بتساؤل " ولما وهوا مهندس !! "

التفت جهتي وقال " تخرج بامتياز على دفعته لكن لم ينهي

تعليمه وضاعت منه فرصة البعثة وهناك من أفسد عليه حتى

أن يكون معيدا في كليته وحسب ما أذكر عميد الكلية وراء

ذلك , حكا لي معتصم عنه مرة حين رأيته معه لكن لا أذكر

مما قال كثيرا ويبدوا لا يريد استلام مشاريع أو أي أمر

يلزم مهندسا بشهادة عالية وخبرة "

قلت بحيرة " ولما كل هذا الإحباط هوا يعتبر مهندسا

ولو بشهادته البسيطة تلك ويكفي تفوقه "

رفع كتفيه بمعنى لا أعلم ثم قال " سأرسل لك رقمه

وجرب إقناعه وإن رفض بحثنا عن مهندس غيره "

هززت رأسي بحسنا ثم خرجت من هناك وتوجهت

للمنزل دخلت وتقابلت وراضية فقلت من فوري

" هل تناولت وسن الطعام "

هزت رأسها بنعم وقالت " أفضل من البارحة "

أخرجت هاتفي من جيبي وقلت " وماذا عن الجامعة "

سكتت لوقت ثم قالت " لا أعلم أخبرتها البارحة

كما طلبت مني , لابد وأنها ذهبت "

هززت رأسي لها بحسنا واتصلت بالسائق وأنا أصعد

السلالم فأجاب من فوره فقلت " أين أنت "

قال " في الخارج سيدي أوصتني راضية على

بعض الأغراض من أجل المنزل "

فتحت باب غرفتي وقلت " هل أوصلت وسن للجامعة "

لاذ بالصمت فقلت وأنا أنظر لمي ترتب ثيابي في

الخزانة " أوصلتها أم لا "

قال " الحقيقة سيدي قالت أنها متعبة ولم تذهب

وقالت أن لا أخبرك فلا تخبرها أنك علمت مني "

تنهدت بضيق وقلت وأنا أشير بإصبعي لما أريد من

مي أخراجهم لي " مرة أخرى تخبرني تفهم "

قال " حاضر سيدي "

تابعت وأنا آخذ الثياب منها " وإن طلبت منك التستر

أخبرها بالحرف أنك لا تستطيع وستقول لي "

ثم أنهيت الاتصال منه ورميت الهاتف على السرير

وتوجهت جهة الحمام حين استوقفني صوت مي قائلة

" أرى سجن ابنة خالتك في غرفتها ليس أمرا سديدا يا نواس "

التفت لها فتابعت " وليد لا يدخل المنزل إلا أوقات الطعام

وحين ينام أو يصلي وأغلب يومه في الإسطبلات ولا

تقلق بشأني فلن أحتك بها كما وعدتك لكن لا تبقى سجينة

الغرفة بسببي , أنا جربت ذلك ولا تعلم كم هوا قاسي

السجن بين أربعة جدران "

لم أعلق على كلامها وتركتها ودخلت الحمام نزعت ثيابي

ودخلت تحت الماء وكلام وليد اليوم لا يفارقني وهوا يلمح

لأنه أصبح شخص وجوده في المنزل خاطئ لكني لن أوافق

أن يعيش في منزل العمال مهما حدث , قد أبني سلالم مستقلا

للطابق الثاني ويسكن هوا فيه وننزل نحن للطابق الأول

استحممت وخرجت ولم تكن مي في الغرفة فخرجت

وتوجهت لغرفة الطعام تناولت الغداء مع مي أما وسن طبعا

لازالت تختار غرفتها , وقفت بعدها وصعدت لغرفة المكتب

أجريت بعض الاتصالات فورائنا بضائع تخص الخيول

ستصل قريبا وسيلزمنا الكثير من أجل التوسيع الجديد

بعد وقت اتصل وليد فأجبت فقال من فوره

" أين أنت الآن أريد التحدث معك "

لم أستطع قول أني في مكتبي لأنه لن يرضى أن يصعد

وقد تخرج وسن لأي سبب وهي الآن تبحث عن حجة

لتغادر المزرعة وإن رأت رجلا غريبا في الممر

ستجدها فرصة , قلت من فوري " نازل لك حالا "

خرجت من المكتب وكانت وسن خارجة من غرفتها

بصينية طعامها وما أن رأتني حتى وقفت مكانها وأنزلت

رأسها وأشاحت بوجهها عني جانبا وقالت بصوت منخفض

" الخادمة تأخرت كثيرا عن الطعام وأردت أن أنزله "

تنفست بقوة ثم قلت " لا بأس "

تابعت سيرها مارة من أمامي فقلت وأنا أغلق باب المكتب

" داومي في جامعتك أو أخذتك بنفسي لها يا وسن "

وقفت والتفتت لي فشغلت نظري بمفاتيحي في يدي وقلت

" لا تفرطي في دراستك فأنا أكثر من يعلم معنى فقدها "

قالت وهي تتابع سيرها " وأنا أكثر من يعلم أيضا "

هززت رأسي وتنهدت بضيق , لن ننتهي أبدا من هذه

الاسطوانة... عالة ومتسولة وأنا أتصدق عليها من مالي

نزلت خلفها بمسافة فوقفت مكانها منتصف السلالم ما

أن رأت وليد يتحدث مع راضية في الأسفل فوصلت

عندها وأخذت منها الصينية قائلا " دعيني أوصلها "

نظرت حينها لعيناي لتشتبك عينانا وكأننا نرى بعضنا

للمرة الأولى , لا اعلم أي قوة كانت تسيطر على مفاصلي

حينها ولم أستطع التحرك ولا التحدث ولا إبعاد عيناي

لم افهم قصدها بهذه النظرة وكأنها تسأل عيناي عن أمر

وكأنها تريد قول شيء لا أعلمه , تحدثي يا وسن قوليه

مهما كان ..... " نواس انتظر قليلا "

أخرجنا من كل ذلك صوت مي التي نزلت راكضة لتفاجئ

بوجودنا كلينا وتقف مكانها فنظرت لها مباشرة وتركت

وسن الصينية في يداي وصعدت راكضة بسرعة فضغطت

بقبضتي على الصينية بقوة ونزلت قائلا " نعم يا مي "

لكنها لم تلحق بي ولم تتكلم , وصلت للأسفل ونظرت لها

حيث هي في الأعلى فلم تكن هناك فهززت رأسي بقلة

حيلة وأوصلت الصينية حيث جاءت راضية راكضة ما

أن رأتني وقالت " كنت تركتها وأخبرتني عنها لقد نسيتها

من حماقتي فأنا غير معتادة على وجود ابنة خالتك "

أخذتها مني ونظرت جهة وليد الذي ابتسم لي وهز

رأسه وكأنه يذكرني بكلامه صباحا فهززت رأسي

له بلا ثم قلت متوجها جهة السلالم

" انتظرني ولا تغادر سأنزل لك حالا "

صعدت وتوجهت لممر غرفتي وطرقت باب غرفة

مي ودخلت فكانت جالسة على السرير تمسح دموعها

فجلست بجوارها وقلت بهدوء " هل قالت لك وسن شيئا "

هزت رأسها بلا فتنهدت وقلت " ولما هذا البكاء إذا "

ازداد بكائها فضممتها لكتفي وقلت ماسحا على ذراعها

" أخبرتك انك لست الحاجز بيننا يا مي فأبعدي

هذه الأفكار عن رأسك "

قالت بعبرة " دموعها يا نواس كسرتني دموعها وهي

تصعد الدرجات لماذا تزوجتني لما "

أبعدتها عني وأمسكت وجهها بيداي وقلت

" مي لا تعيدي هذا الكلام أمامي مجددا تفهمي "

هزت رأسها بلا وقالت " أخبرها عن حقيقة وضعنا إذا "

قلت بضيق وأنا أنزل بيداي لذراعيها " لا وإياك وفعلها أنا

لم أحضرك هنا لتصبح قصتك على كل لسان ولا أريد أن

تعلم بكل هذا فمهما كان أنا لي كرامة لن تهان , هي اختارت

يوما بتري من حياتها وأنا اخترت أن أتزوجك ولولا رفضك

لاستمر الأمر وأنتي زوجتي وأنجبت أبناء منك أيضا "

لاذت بالصمت ولم تتحدث ونظرها للأرض فقلت بجدية

" مي ما بيني وبين وسن كان شيئا كبيرا جدا ولا أنكر ذلك

وانكسر من قبل مجيئك بعامين ولم يتبقى سوا أشلاء منه

تذكرنا بالجراح فقط , بجرحي يوم ارتبطت بغيري وهي

خطيبتي وجرحها يوم تزوجتُ بك وهي تطلب أن أعذرها

على ما كان وحدث , وأنتي خارج كل ذلك فهل

تفهمي الآن حقيقة الوضع "

هزت رأسها بنعم فقلت " لا أريد أن أراك تبكي لأجل

هذا الأمر ولا أن تضعي باللوم عليك "

ثم وقفت فأمسكت يدي ونظرت لي للأعلى

وقالت " ولما تنتهيا هذه النهاية لما لا تضمدا الجراح

وتنسيا كل شيء بماضيه وحاضره "

أوليتها ظهري وقلت بسخرية " لن يحدث ذلك

لأني أراه صعبا يا مي وعلى كلينا "

ثم غادرت من عندها ووقفت عند الباب ثم التفت لها

وقلت " ماذا كنتي تريدين قوله لي "

وقفت ومسحت دموعها وقالت " أخي عاصم طلب

أكثر مرة أن يزورنا هنا وأخبر وليد بذلك لكني رفضت "

قلت باستغراب " ولما "

أشاحت بنظرها جانبا بحزن فقلت " مي أنا أقدر ما مررت

به لكنهم في النهاية أشقائك , أنا بجانبك ولن أتركك مادام

بي نفس إلا زوجة لغيري أو لي لكن لا تخسري جميع

أخوتك , ومن كان منهم نادما على ما فات فاقبلي

عذره وأعرفك بقلب لا يحقد أبدا "

أنزلت رأسها للأسفل وقالت بحزن " وحده بينهم لم يكن

يضربني لكنه لم ينصفني ولم يقف في صفي أبدا "

قلت بهدوء " الخيار لك يا مي وهذا منزلك مفتوح لكل

من تريدي أن يزورك هنا ومتى أردت وأخبريني

كي أكون هنا في استقباله "

رفعت رأسها ونظرت لي وقالت " إذا نستقبله معا "

هززت رأسي بحسنا مبتسما ثم خرجت من الغرفة

وأغلقت الباب بعدي ونزلت





*

*





عدت للغرفة ركضا وأغلقت الباب وارتميت على السرير

متكورة أمسك أحشائي بقوة وأئن بوجع ... لماذا يا وسن

لما اعتقدتِ أنه إن سمى فرسه باسمك يعني أن ما بينكما

لم يمت , أي حماقة هذه التي فكرت فيها ! لما لا تكوني

مثله لما لا تعامليه كما يعاملك , كيف نستِ أنه تزوج

بغيرك , كيف في تلك اللحظة لم تري سواه أمامك

أقسم لو تأخرت زوجته عنا قليلا لكنت ارتميت في حضنه

باكية , لما تضعفين يا وسن لماذا وكأنك تنتظرين شيئا

بسيطا يخبرك أنه لازال يحبك ولازال كما كان حتى

إن كان مجرد اسم لخيل من خيوله

انقلبت على الجانب الآخر أئن بوجع وأمسك دموعي

على الأقل لا تخرجي أنتي يكفي ما حدث من حماقات

بقيت على ذاك الحال والوضع لوقت ثم أخذت حبتي

مسكن فقط كي لا يعتاد جسدي على الجرعات الزائدة

ثم غمرت وجهي في الوسادة وبدأت أتمتم وأتحدث عن

كل ما يوجع قلبي علي أخفف عن نفسي قليلا من هذه

الآلام فلم يترك لي قدري أحد أتحدث معه

وبقيت باقي اليوم في سجني وهي هذه الغرفة لم أرى

أحدا سوى راضية التي جلبت العشاء وعادت لأخذ

الأطباق وعند الصباح استيقظت باكرا جهزت نفسي

وخرجت من غرفتي مسرعة أحمل مذكراتي ومعطفي

الطبي وما أن وصلت السلالم حتى كان نواس قادما من

الجهة الأخرى يتحدث في هاتفه فنزلت قبله مسرعة

أركض الدرجات ركضا وما أن وصلت آخر عتبة حتى

سقطتْ المذكرات والأوراق تبعثرت بسبب سرعتي

والذي كنت هاربة منه أصبح خلفي مباشرة وأنا أجمعهم

من الأرض ثم نزل وحمل المذكرة التي اعترضت طريقه

ووضعها على التي في يدي دون أن ينظر لي وتابع

طريقه قائلا " لن أنزل ثانيتا وقت خروجك فلا

تكسري قدمك أو ذراعك المرة القادمة "

وتابع سيره للخارج فتأففت وعدلت تنورتِ وغادرت

أيضا لنفس الجهة , حتى الهروب منه لا أفلح فيه سامح

الله القدر الذي وضعني عنده أصبح وأمسي به وكأنه

ينقصني رؤيته وكأني لم أكن أراه ويحترق قلبي

خرجت للخارج وكان السائق ينتظرني ونواس يتحدث

معه ثم غادر دون أن يلتفت إلي وركب سيارته وخرج

قبلنا ونحن خرجنا بعده على الفور وما أن وصلنا البوابة

حتى دخلت سيارة أخرى فوقف نواس وتلك السيارة

ونزل منها شاب يربط يده بشاش خاص بالفك والشعب

فانفتحت عيناي على اتساعهما , هذا هوا أحزان ملاك

إذا وكان كما قالت طويل بشعر أسود طوله يكاد يفوق

نواس رغم طول نواس , نظرت للسائق وكنت سأسأله

عنه وتراجعت فهذا الجاسوس سيخبره كما أخبره أني لم

أذهب في الأمس , أشار ذاك الشاب للسائق أن يجتاز

سيارتيهما ويخرج فانطلق من فوره وخرجنا واستغرقت

المسافة قرابة النصف ساعة وكأنه ينقص الجامعة ملل

لتزداد طريق الوصول إليها طولا وما أن دخلت الجامعة

حتى استقبلتني ملاك قائلة " هل عرفت من يكون "

قلت بتذمر وأنا أدخل وهي تسير بجانبي

" ملاك ما أسخفك هل هذا ما تستقبليني به "

تأففت وقالت " وبما أستقبلك إذا ! أسالك عن همومك

وابن خالتك ومشاكلكم التي لا تنتهي أم عن مزرعته

وخيوله , أما المحاضرات فلا تقلقي فالحديث عنها

سيكون طويلا ومملا وسنلحق عليه "

استوقفنا طلال قائلا " مرحبا وسن وحمدا لله على سلامتك "

نظرت لملاك بنصف عين فضحكتْ وقلت له " شكرا لك

يا طلال تعرف كيف تستقبل البشر ليس كغيرك "

ضحك وقال مغادرا " جيد اليوم سنعمل على

رسالتنا المنسية إذا "

تابعت وملاك سيرنا قائلة

" كله بسببي أنا آسفة حقا على تأخرنا "

قالت بابتسامة " أبدا طلال اقترح أن نؤجلها

من أجلك حتى العام المقبل "

قلت ونحن ندخل مبنى الجامعة " سنتابع ما بدأنا به

وننتهي هذا العام ولو متأخرين فعلينا أن نقدر ظروفه "

وصلنا عندها القاعة ودخلت قائلة " ما أن تنتهي

المحاضرة أخبرك عن حزن سنينك "

أمسكت كم بلوزتي وقالت بصدمة

" ماذا !! وتسكتين حتى الآن "

صعدت المدرج قائلة " لا شيء مهم فاتركي

الحديث حتى تنتهي المحاضرة "

ومرت المحاضرة وملاك تتمتم بتململ وكأنها تجلس

على الشوك وما أن خرج دكتور المادة حتى أمسكت

يدي وأخرجتني معها مسرعتين حتى وصلنا الحديقة

وجلست وأجلستني أمامها وقالت " أخبريني الآن

قبل أن أموت من الانتظار "

وضعت المذكرات على العشب وقلت " عندما خرجت

صباحا كانت سيارة داخلة للمزرعة ونزل منها شاب

تحدث مع نواس وكانت يده مربوطة بشاش طبي

وكأنه بها شعب أو كسر أو لا أعلم "

قفزت وهي جالسة وضامه يديها لصدرها

وصرخت قائلة " هوا يا وسن هوا "

ضحكت وقلت " أخفضي صوتك يا مجنونة "

قالت بحماس " من هوا وما أسمه وكل شيء "

قلت بضحكة " لم أتحدث معه لأسأله "

قالت بتذمر " وكنتِ سألتِ سائقك يا غبية "

قلت ببرود " سأكون غبية إن فعلتها فلا تنسي

أنه ينقل لنواس كل شيء "

رمت مذكراتها من حجرها وقالت باستياء

" والحل الآن "

قلت " يبدوا صديقا مقربا له من وقت دخوله للمزرعة

ونزول نواس من سيارته ليحدثه لذلك قد تفيدنا الخادمة هناك

بشيء لكن أخشى أن تكون ناقلة أخبار لسيدها هي أيضا "

قالت بتذمر " وما في الأمر إن علم "

قلت بصدمة " ما تعني بما في الأمر يكفيني مشاكل معه "

قالت بهدوء " هل تخشي أن يضن بك سوءا , أمازلتِ

تحبينه لهذه الدرجة يا وسن "

نظرت للأسفل وقلت بحزن " ملاك دعينا من هذا

الموضوع وأنا حقا لا أريد مشاكل يكفيني ما بي "

تنهدت وقالت " جربي التحدث معه مجددا "

نظرت لها وقلت بضيق " أبدا ينقطع لساني ولا أكرر

أخطاء الماضي حين كنت أبرر له وألتمس منه العذر

ليصفح عني , ما كان انتهى يا ملاك ولا مجال لأن

يعود كما كان خصوصا بعدما تزوج "

هزت رأسها بقلة حيلة ثم قالت بحزن " كنت في الماضي

أشعر بك لكني الآن أشعر بك أكثر بعدما جربت أن أحب

شخصا والكارثة أني لا أعلم حتى إن كان يبادلني

ذات الشعور أم لا "

ثم وضعت يدها على خدها وتنهدت وقالت

" لما الحب هكذا ؟ لما الرجال لا يشعرون كما نشعر "

قلت بحيرة " لا أعلم وكأننا نحن فقط لدينا قلوب "

ثم نظرت لها وقلت باهتمام " أخبريني الآن ما أبكاك

يومها كل ذلك البكاء المخيف "

تنهدت بحزن وقالت بشرود " زارني والدي

وطلب مني أن أتحدث مع والدتي "

قلت بصدمة " أقسمي أنه فعل ذلك "

نظرت لي وقالت " ويا ليته ما فعل تصوري أنهم ينوون
تزويجي , هوا من شقيق زوجته لأنها لا تريد أن أعود

إليها ووالدتي تريد تزويجي من ابن زوجها كي لا أتزوج

شقيق زوجة والدي أو أعود إليهما وعليا أن أختار أحد

الاثنين شقيقها الصعلوك الفاسد أو ابن زوج والدتي الذي

أقنعوه بأني مسكينة لينقدني وهوا فاشل حتى في دراسته

وسنعيش معهم فانظري لتعاستي "

تنهدت وقلت " يا لها من مشكلة يا ملاك

وكيف ستتصرفين الآن "

قالت بحزن " لا أعلم وما أن تنتهي دراستي عليا

أن أختار أحد المصيرين المحتمين "

قلت " وصديق نواس ذاك "

ابتسمت ودمعة تترقرق في عينيها وقالت " وأخيرا أصبح

له اسم غير أحزان السنين وقريبا سنناديه باسمه "

حضنتها وقلت بحزن " وسأعمل جهدي لنعرفه

لعله ينقدك من مشاكلك "

ضحكت ضحكة حزينة وقالت " يدي على كتفك إذا "

ابتعدت عنها وقلت " وما تخططين له الآن "

رفعت كتفيها وقالت " لم أتصل بالبرنامج منذ أسبوع

فبعد زيارة والدي واتصالي بوالدتي عزلت نفسي من

الحزن ولم أستمع حتى للبرنامج وقررت أن أنساه لأن

مصيري أصبح محددا لكني ما أن تقابلت معه عند منزل

خالتك حتى طار كل ذلك وكأنه ثمة من أخبره أن ملاك

قررت أن تنساك فاظهر لها وأتعبها فوق تعبها وبعدها

لم أتصل أيضا فأصبحت أستمع فقط والآن صار لي

قرابة الأسبوعان لم أتصل بهم لأقول أني كنت مسافرة

كي لا يشك أني من رآها يومها ثم سألعب به لعبة ما أن

تأتيني المعلومات عنه فعليه أن يحبني رغما عنه إن

كان لي شيئا في قلبه أم لا "

ضحكت وقلت " لا أعلم أي تعاسة هذه التي جعلتنا صديقتان "

وقفت وحملت مذكراتها قائلة " هيا وقت المحاضرة

اقترب ولا تنسي أن تفعلي ما في وسعك "
رفعت مذكراتي ووقفت فأمسكت يدي وقالت بدراما حزينة

" قال له نواس أن يده والحادث بسبب تهوره في القيادة

أخبريه أن يقود برفق فإن مات سأفقد عقلي "

لم أستطع إمساك ضحكتي فقالت بتذمر

" بلهاء وكأنك لم تجربي الحب يوما "

سحبتها من يدها وسرت قائلة " جربته أكثر منك وأتمنى

أن لا تجربي الجرح مثلي ولا تنتهي نهايتي المأساوية "

ثم تابعنا سيرنا وقالت " لم تحكي لي ما حدث معك هناك "

قلت ببرود " لا شيء مهم "

تنهدت وقالت " لا تتخلي عن طبعك أبدا يا وسن حتى

تموتي من كبت كل شيء في داخلك "

ابتسمت بحزن وتابعت سيري في صمت ... لا أريد

أن أخسرك أنتي أيضا يا ملاك كما خسرت خالتي وفرح

لأني كنت افتح قلبي لهما حين أشعر أني أريد أن أتكلم

وها قد ضاعتا مني مثل أمي وأبي وشقيقي وحتى نواس

بقيتي أنتي فقط يا ملاك ولا أريد أن أخسرك





*

*





بعدما غادرت وسن للجامعة بوقت نزلت للأسفل

وتوجهت للمطبخ , لا أريد أن تراني كرهت نفسي منذ

أن علمت بما بينهما وكرهت نفسي الآن أكثر بعدما رأيت

دموعها بالأمس وهي تصعد , نظراتهم لم تكن تقول ما

يقوله نواس لم تؤكد كلامه عن الجرح والنسيان وانتهاء

ما بينهما , لما حضي هكذا ؟ لما أنا تعيسة وأتعس غيري

دائما كنت كصوت الواقع الذي أعادهما مما كانا فيه , كم

كان وضعي سخيفا , ليثها انكسرت ساقي قبل أن نزلت ذاك

الوقت , وصلت المطبخ وما أن وقفت عند الباب حتى وجدت

وليد يقف معطيا ظهره لي يخفي راضية عني وهي تقول

" نواس لن يرضى يا وليد كيف تذهب وتترك المنزل "

تصاعدت أنفاسي وأنا استمع له قائلا بهدوء

" وجودي هنا أصبح لا محل له من الصحة والمحامي

طمأنني أن قضيتي ستكون رابحة وسأسترجع ولو جزءا

من مال والدي وأضيفه للمال الذي جمعته من عملي

مع نواس وأشتري منزلا مستقلا لي "

تنهدت وقالت " ولما لم ترضى أن يشتريه نواس لك "

قال بسخرية " لست طفلا يا روضة , أنا رجل إن لم

أبني نفسي فلن أستحق هذه الكلمة "

سقطت دمعتي من عيني لخدي للأرض , يبدوا أني

لم أضع لتعاستي حجما حقيقيا , ما الذي لم تريه بعد

يا مي فحتى وليد سيرحل عنك وستحرمين من رؤيته

ولو من بعيد , سقطت باقي الدموع الواحدة تلو الأخرى

فابتعدت عن الباب وركضت جهة غرفة الجلوس

وأغلقتها خلفي أكمل بكائي هناك





*

*





أنهيت محاضراتي وعملنا كثيرا على رسالتنا وقضيت

وملاك وقتا في المكتبة من أجل ما فآتني من محاضرات

ولم أغادر من الجامعة إلا بعد العصر بوقت وما أن

وصلنا المزرعة حتى اقترب المغيب , نزلت من السيارة

وكان نواس يقف عند الباب فمررت من أمامه في صمت

فأمسك ذراعي ودخل بي وتوجه للسلالم وصعد يسحبني

معه في صمت وأنا أحاول تخليصها منه ودون فائدة

حتى قلت " أتركني يا نواس ماذا تريد مني "

لم يتكلم حتى وصلنا للغرفة التي في ممر غرفتي فتحها

وأدخلني لها وأغلق الباب لأكتشف أنها غرفة مكتب

أدارني ناحيته وترك ذراعي وقال بحدة " إن كنتي

تريدين التمرد والعصيان ومضايقتي بأفعالك فأقسم

أنك حققت غرضك "

قلت بغضب " توقف عن رميي بالباطل ولما كل هذا الانفعال "

لوح بيده وقال بغضب " أين حتى الآن يا سيدة الدلال

ولا تجيبين لا على رقم السائق ولا على رقمي "

مددت له بيدي وفيها المذكرات وقلت " أضن أنه لا أحد

يذهب للبارات والنوادي الليلية بمذكراته ومعطف

التمريض يا سيد نواس واسأل عني في الجامعة

لتعرف متى دخلت ومتى خرجت "

مرر أصابعه في شعره وكأنه يحاول تهدئة نفسه ثم

قال بضيق " لما لم تجيبي على الهاتف وأي جامعة

هذه تبقي فيها حتى يقترب الليل "

أمسكت إحدى المذكرات ورميت البقية على الأرض

وفتحتها وأخرجت منها الأوراق ورميتها بقوة معهم

وأريته تواريخ ومواقيت طباعة الورق فيهم وأنا أقول

" تأكد يا ابن خالتي هذه عند الرابعة والربع "

ورقت أكثر وقلت " وهذه عند الخامسة وهذه عند

الخامسة ونصف أي قبل خروجي بنصف ساعة "

رميتهم على الأرض أيضا وفتحت حقيبتي وأخرجت

بطاقة المكتبة وأريتها له وقلت " وهذا وقت استعرت

الكتاب عند السادسة أي وقت خروجي من الجامعة "

وأخرجت له ورقة فتحتها وأريتها له وقلت

" وهذا تسجيل حضوري لمحاضرات اليوم

فهل تأكدت أين كانت سيدة الدلال "

قال بحدة " أنا لم أقل أنك خرجتِ من الجامعة

أنا أقول لما تتأخرين كل هذا الوقت "

كتفت يداي لصدري وقلت ببرود " أخبرت السائق

أني قد أتأخر بسبب رسالة التخرج والمحاضرات

التي فآتتني فلما لم يخبرك بهذه أيضا "

قال بنفاذ صبر " لما لم تجيبي على هاتفك "

أخرجته من حقيبتي ومددته له وقلت " خذ وتأكد أنه على

الوضع الصامت لأنه في المكتبة لا يسمح بضجيجهم "

رفع رأسه للأعلى وضربه على الباب عدة مرات يتنفس

بغيض , أقسم أنه يمسك نفسه بصعوبة ولو يعطيها العنان

سيضربني بدون شك , نظر بعدها لي وقال بغضب

" هل تعلمي كم مرة ذهبت للجامعة لأرى إن كنتي في

الداخل ومنعوني من الدخول وجن جنوني لأن صديقتك

أيضا هاتفها مقفل , لما لا تفكرين أن لك أهلا تخبريهم

على الأقل بأنك ستتأخرين ولو أخبرتني ما وافقت

هذه المهزلة , لما تعشقين إتعابي يا وسن لما "

قلت بحرقة " أنت جلبت التعب لنفسك فتحمله "

قال بغضب أشد " وهذا غرضك أن أتركك تعيشين

كما تريدين , أن أتعب من تصرفاتك الهوجاء وأخرج

من حياتك , لا يا وسن لا تفكري في هذا لأنك ستتعبين

أنتي وصية والدتي وأمانتها ولن تتخلصي من نواس

الجلمود الظالم المنتقم مهما حاولتي "

ثم أشار بإصبعه للأرض وقال بحدة " هنا ويا وسن

هذا مكانك رضيتِ بهذا أم كرهته "

قلت بجمود " نعم علمني أكثر كيف أكرهك يا نواس "

نظر لي بصدمة وسمعنا طرقات على الباب وصوت

زوجته قائلة " نواس توقف عن هذا وأخرج الآن "

ففتح الباب وخرج وتركني فسمعتها تحدثه بصوت

منخفض لم أفهمه ثم تحدث هوا بحدة وقال مبتعدا

" مي أخبرتك منذ البداية أن لا تتدخلي "

ثم ابتعدت خطواتهم وتركاني وحدي , نظرت للأرض

حيث مذكراتي وأوراقي ... ليثني أستطيع رمي مشاعري

مثلهم ليثني أنسى ولو حبك يا نواس فجرحك أعلم أنه لن

يُنسى , ليثني مت بدلا عمن ماتوا أو سافرت بدلا عمن

سافروا وما بقيت لقسوتك وشفقة زوجتك علي

جمعت مذكراتي وأوراقي وخرجت من مكتبه ودخلت

غرفتي ورميتهم على السرير بقوة ثم توجهت للحمام

توضأت وصليت المغرب الذي أقيم الآن ثم عدت

للحمام أطفئ النار بداخلي بالماء , استحممت مطولا

وخرجت ووجدت الطعام في الغرفة , تركته وتوجهت

للنافذة وفتحتها على وسعها وأطفأت النور وعدت ناحيتها

كنت أريد هواءً نقيا لأني أشعر بكم هائل من الاختناق

كان الرجال في الأسفل يعيدون الخيول للإسطبلات فراقبت

عيناي عنوة تلك الفرس البيضاء يدخلها أحدهم لإسطبل

منفرد عن البقية وحتى شكله من الخارج لا يشبههم

بعدها خفت حركتهم حتى اختفوا ولم يبقى سوا السكون

والظلام فسحبت الطاولة المرتفعة هنا حتى صارت عند

النافذة وجلست فوقها واتكأت على حافة النافذة أراقب الليل

والنجوم بشرود وحزن ووحدة لم أعشها إلا الآن وهنا

مر وقت طويل وأنا على حالي حتى طرق أحدهم الباب

ودخل فالتفت له فكانت راضية فعدت متكئة كيفما كنت

فوصلني صوتها قائلة " لم تتناولي شيئا من طعامك "

قلت بهدوء " شكرا لك يا راضية أكلت في

الجامعة ولا رغبة لي "

ساد الصمت لوقت حتى ظننتها خرجت ثم وصلني

صوتها هادئا " لا تغضبي من نواس لم أره غاضبا

حياتي هنا إلا مرات معدودة جدا وكان قلقا عليك بشدة يدخل

ويخرج من باب المنزل كالمجنون وردة فعله طبيــ .... "

قاطعتها بهدوء " أفهمك يا راضية وشكرا لك على كل شيء "

تنهدت وحملت الصينية وغادرت وأغلقت الباب

ابتسمت بألم على كلامها , هكذا هم الرجال لأننا هكذا

نحن النساء وصمة عار قد تدنس شرف الرجل بسهولة

وإلا ما قلق عليها تأخرت أو باتت خارج المنزل

هوا خائف على نفسه وشرفه وسمعته فقط

تركت النافذة مفتوحة وتوجهت لمذكراتي جمعتهم

وجلست أراجع ما كتبته اليوم وما قمت بسحب نسخ

عنه مما فآتني من محاضرات حتى مر أغلب الليل

وسكن المكان أكثر فوقفت وعدت للنافذة مجددا لتسافر

عيناي من فورها لذاك الإسطبل بالتحديد , ترى لما هي

معزولة عن البقية ولما تشغل بالي وتفكيري طوال

الوقت , إن كان يكرهني كل هذا القدر لما لم يغير اسمها

توجهت جهة حجابي أخذته ولففته حول شعري وخرجت

من الغرفة ونزلت وكان المنزل ساكنا وكأن لا أحد فيه

فبالتأكيد الجميع نيام الآن , توجهت للمطبخ ونظرت

من نافذته فكانت سيارة نواس في الخارج وهذا يعني

أنه في الأعلى , خرجت من المنزل ولففت حوله يسارا

حتى وصلت الإسطبلات لتقودني قدماي مباشرة لإسطبل

تلك الفرس , رفعت الخشبة التي يغلقون بها الباب وفتحته

ودخلت لتقع عيناي في عينيها مباشرة تنظر لي بتركيز

دون حراك وكأنها بشرية وعرفتني





****************************************************

******************************************





نزلت أخطوا بقدماي جهة غرفة والدتي لتغير أذناي طريقهما

حيث صوت حركتها في المطبخ , وقفت عند الباب ووجدتها

تحرك ما في القدر وتبعد الغرة عن عينيها بذراعها وتتأفف

لأن يداها متسختان ولن تستطيع لمسها بهما فقلت بابتسامة

" ما كان عليك أن تطيعي والدتي ها قد سببت لك مشكلة "

نظرت ناحيتي وقالت بحزن " ليست جميلة أليس كذلك "

دخلت وفتحت الثلاجة وقلت وأنا آخذ علبة عصير

" بلى جميلة "

توجهت نحوي وضربتني بمرفقها وقالت

" أعدها فورا ولا تشرب قبل الغداء "

أعدتها وأغلقت الثلاجة ووقفت مستندا عليها مكثفا يداي

لصدري وقلت بابتسامة " أي أوامر أخرى آنسة سما "

رفعت رأسها وقالت " أجل أبعدها لي حلف أذناي

لأعرف كيف أرى وأتحرك معها "

كنت سأبحث لي عن حجة لأتهرب من هذا حين وجدت

عقلي يضحك من أفكاري ... نزار هذه ليست أكثر من طفلة

كيف تفكر أنها قد تحرك مشاعرك يكفيك ما رأيت من هذا

أنت رجل راشد وعاقل هل تظن أن مشاعرك ستتغلب عليك

مددت أصابعي وجمعت جانب منها في طرف ودسستها

خلف أذنها وكأني أختبر صدق وكذب أفكاري بل وكأني

أحاول تكذيب الصوت الذي ينادي باسمها في داخلي

والدليل أني كنت أهرب بعيناي عن وجهها وما أن مررت

أصابعي في الجانب الآخر منها حتى وجدت نفسي لا

شعوريا ألعب بشعراتها الحريرية بينهم وكأني أفرزها

خصلة خصلة لتنتقل عيناي لعينيها وتضيعان هناك وما

كانت ثواني إلا وهربت بهما ولعبت بأصابعي في غرتها

بابتسامة ماكرة أحركها بقوة وبعثرتها لها في كل اتجاه

ضحكا وهي صرخت متذمرة وابتعدت عني ورمت الملعقة

في المغسلة وفتحت الصنبور وبدأت بغسل يديها قائلة

بضيق " شكرا على المساعدة اذهب لغرفة والدتك

حالا ولا تأتي ثانيتا "

لكني انتقلت جهتها وبدأت بإخراج الأطباق قائلا

" هذا لكي لا تطلبي مني مساعدة مرة أخرى "

قالت وهي تعود جهة القدر " حرمت فعلها ثانيتا "

نظرت لها واتكأت على طرف الخزانة وقلت

" سأشتري لك قوس شعر تستخدميه في المطبخ

فقط لا تطرُديني ثانيتا "

ضحكت وهي تحرك القدر ثم أغلقته وقالت وهي ترفع

الملعقة من الأرض " جميل أنا الرابحة في النهاية "

ثم توجهتْ للمغسلة وعيناي تتبعانها غسلت الملعقة

بالصابون والماء فقلت بابتسامة " ولما تغسلينها وأنتي

تنظفين الأرضية قرابة العشر مرات يوميا "

نظرت جهتي ووضعت يداها وسط جسدها وقالت بضيق

" لا تقل أنك توقع الملاعق وتكمل بها الطبخ

دون أن تغسلها ونحن نأكل "

رفعت كتفاي وقلت مبتسما " أغلب الأحيان "

فتحت فمها من الصدمة فقلت ضاحكا

" لا ... أقصد أحيانا "

أمالت فمها جانبا بعدم رضا لتظهر إحدى غمازتيها

اللتان لا تظهران إلا وقت تضحك فأملت وقفتي وابتسمت

ابتسامة صغيرة وقلت " هل أخبرك أحدهم من قبل أنه

لديك غمازات لا تظهر إلا حين تضحكين "

وضعت يدها على خدها ثم حركت أصبعها عليه

وقالت " أين .... هنا "

ضحكت وقلت " لا .... أضحكي وسأريك أين "

قالت بعبوس " نزار لا تسخر مني "

قلت مبتسما " لا اسخر منك أبدا "

وسعت ابتسامته وبدأت تبحث بإصبعها وأنا أضحك ثم

تركتني وتوجهت للثلاجة قائلة " كاذب وتسخر مني "

قلت وأنا أراقبها " اسألي والدتي لتتأكدي "

أخرجت صحن السلطة وقالت وهي تتوجه به للطاولة

" لما لم تفكر أن تسافر أنت وخالتي بالمال الذي جمعته وتدرس

هناك وتعمل ستكون طريقة أيسر من جمع المال للعملية "

نظرت للأرض وأشعر أني كنت في عالم غير واقعي

وأعادتني إليه ثم قلت بشرود " فكرت في هذا لكنه صعب

سأكون أغلب النهار خارج المنزل إما في الجامعة

أو في عملي ووالدتي ستبقى وحدها "

تنهدت وقالت بحزن " لما أنت وحدك من بين البشر

مشكلتك لا حل لها رغم أنك تستحق أكثر منهم

أن تكون مهندسا مشهورا "

ثم عادت جهة الثلاجة وقالت وهي تخرج علب العصير

" والدتي رحمها الله كانت تقول لي أن الله لا يفعل لنا أمرا

إلا فيه خير فعلينا أن نحب حتى الشر من أقدارنا

فقد يكون باطنه خيرا "

ثم التفتت لي تحضن علب العصير وقالت بحيرة

" لم أكن أفهم هذا كثيرا فهل ينطبق عليك فيما

حدث معك وعليا فيما مررت به "

ابتسمت بمشاعر لم أعرف تفسيرها وهربت بنظري عنها

مجددا وقلت بهدوء " نعم فأنا إن سافرت منذ سنوات ولم

أدرّس في الثانوية ما التقيت بك وعلمت عن قصتك "
اقتربت من الطاولة وبدأت بوضع العلب في الصينية

وقالت ونظرها عليهم " وهذا خير لي أم لك أم لكلينا "

لم أستطع إجابتها فرفعت رأسها ونظرت لي وكأنها

تنتظر الجواب فابتعدت ووليتها ظهري وفتحت رف

الخزانة وقلت وأنا أخرج الكؤوس منها

" الأيام ستكشف لنا هذا يا سما "

أطفأت النار على القدر وأخرجت الصينية من الفرن

قائلة بحزن " أتمنى أن لا تكشف لنا شيئا سيئا أكثر "

ابتسمت ولم أعلق وساعدتها في ترتيب الطعام حتى

أدخلناه غرفة والدتي وخرجت سما وعادت بعد قليل

وفي يدها شيئا أصفر لامع وتوجهت جهة والدتي

وجلست أمامها ومدته لها ثم أنزلت رأسها قائلة

" امسكيها لي بالمشبك ستضايقني كثيرا "

أخذته منها وقلبته أمام وجهها وقالت بحيرة

" يبدوا من الذهب أليس كذلك "

رفعت رأسها ونظرت لها وقالت " نعم والدي

اشتراه لي في آخر عيد ميلاد لي قبل أن يموت "

أنزلت لها رأسها وجمعت لها غرتها للأعلى وأمسكتها

به قائلة " لا تخبري أحد أنه من الذهب يا سما اتفقنا "

رفعت رأسها لتنزل الخصلات القصيرة كلها على

جبينها وأطرافه لتجعلها أجمل مما كانت مفتوحة وقالت

" ليس لدي غيره وأتعبتني وأنا أطبخ "

ثم نظرت جهتي وقال بضيق " وابنك لم يساعدني

في إبعادها وسخر مني أيضا "

ضحكت والدتي ونظرت لي نظرتها الخبيثة تلك

وقالت " وأنا من كنت أظن أنه في الخارج وهوا كل

هذا الوقت مرابط عندك "

نظرت لها بضيق فتجاهلتني وعدلت جلستها حيث طاولة

الطعام وجلست سما مقابلة لي وبدأنا الأكل في صمت

حتى قالت والدتي " أين حسام لم نعد نراه من مدة

ولم يتصل بي أيضا كعادته "

نظرت لها باهتمام .... يتصل إذا ! بقيت تنظر لي

تنتظر جوابي فعدت بنظري للطبق وقلت ببرود

" تشاجرت معه أول أمس حين ذهبت بالخرائط "

وما أنهيت جملتي إلا وعيناي تراقبان سما التي نظرت

لي باستغراب وقالت أمي بصدمة " ولما تتشاجر معه "

قلت ونظري لم يفارق سما " موضوع سخيف وزاده سخفا

ثم تواقح علي وتشاجرنا فلا تنتظريه لأنه لن يأتي "

حولت سما نظرها عني وشغلته بالعصير الذي تسكبه

في كأسها ولم تعلق وقالت أمي بضيق " وهل أنت صغير يا

نزار تتصرف هكذا , لم أعرفك ممن يتشاجرون مع الناس "

قلت ببرود وأنا آكل ملعقة أرز " هوا المخطئ كان

عليه احترامي فأنا الأكبر منه وليس هوا "

قالت " وما سبب الشجار "

قلت بذات برودي " لا شيء مهم "

قالت بحزم " نزار "

نظرت ناحيتها فقالت بجدية

" من أجل الموضوع نفسه أليس كذلك "

عدت بنظري لطبقي وتابعت الأكل دون تعليق فقالت

" لا تصعد لغرفتك بعد الغداء سنتحدث قليلا "

تنهدت بضيق وقلت " أمي أنا لست طفلا أمامك

تعامليني بهذا الشكل وأعرف جيدا كيف أتصرف

وأعرف الخطأ من الصحيح "

اكتفت بالصمت ووقفت سما وقالت والدتي

" ما بك يا سما أنهي طعامك "

قالت مغادرة " شبعت "

وخرجت من الغرفة وعيناي يتبعانها , هوا حسام إذا

وتصرفها هذا يؤكد ذلك , قالت أمي بصوت منخفض

" هل فتح معك موضوع سما مجددا "

لا أعلم لما أشعر بكل هذا الضيق وزاده كلام أمي

الآن فقلت بحدة " أمي انتهى الأمر ولي حديث

فيه مع سما لترتاحي "

قالت ببرود " لم أفهم "

نظرت لها وقلت بضيق " ليست مشكلتي "

قالت بضيق أكبر " ما بك كنت منذ قليل تضحك وتبتسم

وتلعب بنظراتك هنا وهناك فما أشعل قلبك الآن "

قلت بصدمة " أمي ما معنى ما تقولينه "

جلست على سريرها رافعة ساقيها عليه وقالت ببرود


" لا شيء خرّفت فقط "


تأففت ووقفت وتركت أنا أيضا هذا الغداء الذي تركه الجميع

وتوجهت للمطبخ فوجدت سما تمسح دموعها هناك فوقفت

مصدوما لوقت ثم اقتربت منها وقلت

" سما إن كان حســ ..... "

قاطعتني قائلة " لا تتشاجر معه بسببي لتتشاجر مع

خالتي وأكون أنا السبب أرجوك نزار "

بقيت أنظر لها بصدمة , لقد فهِمَت الموضوع إذا

لكن حزنها وبكائها لأجل شجاري ووالدتي أم

لأجله , أبعدت يدها عن وجهها وقلت بهدوء

" هل شجاري ووالدتي ما يبكيك "

نظرت لي وقالت بعينان دامعتان " أنتم عائلتي وأكره

أن أكون السبب في خلافاتكم ككل مرة وفي نفس

الموضوع , لا أريد أن أتزوج فقط لا تتشاجرا "

أخفضت نظري وقلت مغادرا " لن نتشاجر لا تقلقي "

عدت جهة غرفة والدتي وأخرجت هاتفي وناديت على

سما بصوت مرتفع فجاءت هي أيضا واتصلت بحسام

أمامهما وما أن فتح الخط حتى قلت " اكتشفت أن والدتي

تحبك أكثر مني وخاصمتني للتو لأني أخبرتها أننا

تشاجرنا أول أمس "

ضحك وقال " معها حق ويفترض بها أن ضربتك

على رأسك أيضا "

قلت باختصار " وقح "

ثم أغلقت الخط وعيناي تراقبان سما التي توجهت

للطاولة تجمع الأواني من عليها بملامح دون أي تعبير

يمكنني فهمه أو تفسيره وها أنا لم أجني شيئا سوا توبيخ

والدتي لي , نظرت جهة والدتي التي قالت ببرود

" ولما تلك التمثلية السخيفة إذا "

جلست على الكرسي وقلت " لم تكن تمثلية تناقشنا

فعلا نقاشا قويا لكننا لم نتشاجر "

قالت ببرود " المهم لم تتشاجرا "

أخذت قطعة جزر من الطبق وقلت " فقط "

أمسكت المذياع وقالت " فقط "

غريب لم تقل اسطوانتها القديمة عن أن القرار لسما

وأن عليها أن تجد من ينسيها ما هي فيه وووو , يبدوا

أن ثمة قصة ما وراء والدتي ولا طريقة لدي لكشفها

ترى أيكون ذاك الشخص ليس حسام لهذا أمي لم تهتم !

وقفت على رنين هاتفي برقم غريب ودخول سما قائلة

" نزار هل لي بطلب "

نظرت لها بصمت فقالت " أريد زيارة بتول "

هززت رأسي بحسنا وقلت وأنا أفتح الخط " سنرى "

خرجت وصعدت السلالم وأنا أجيب قائلا " نعم "

قال الصوت الرجولي في الطرف الآخر

" نزار الأحمدي معي "

قلت وأنا أدخل الغرفة " نعم وصلت "

قال من فوره " أنا أدعى نواس من طرف معتصم حلمي "

أغلقت الباب وقلت " تشرفت بمعرفتك هل يمكنني خدمتك بشيء "

قال " معتصم مدحك لنا كثيرا ولدي مزرعة خيول بنيت

بها إسطبلات جديدة مؤخرا غير القديمة وأريد أن أجري

توسيعا وثمة مشاكل تواجهني وأخشى من غيرها مستقبلا

وبما أنك مهندس أريد مخططا للتوسيع على مراحل

أرجع له كلما أردت ذلك "

جلست على السرير وقلت " ما مدى ثقتك في عملي فلا

شهادات خبرة لدي ولم أعمل بشهادتي سابقا "

قال من فوره " أثق بك وسأرى أفكارك "

كنت سابقا أرفض مباشرة لكني الآن لم أفكر في التراجع

حتى حين قرأت رسالة جابر التي أخبرني فيها أنه سيوكلني

لرسم مخطط لمسبح في حديقتهم , لم أتخيل أن كلمات بسيطة

منها ستشعل حماسي رغم أنهم قبلها في تلك الشركة مدحوا

عملي كثيرا , قلت " أريد مساحة المزرعة والإسطبلات

وعليا زيارتها ويمكنني عمل ذلك لك بكل سهولة "

قال بصوت مبتسم " اتفقنا إذا هل أرسل من

يحضرك أم لديك سيارة "

أخرجت دفترا وقلم من الدرج بجانبي وقلت

" لدي سيارة أعطني العنوان فقط "

أخذت منه العنوان ودونته لدي وقال

" والسعر سيرضيك المهم أن يكون كما نريد "

أعدت الدفتر والقلم للدرج وقلت وأنا أغلقه " لن نختلف

في هذا الأمر المهم أن يعجبك مخططي ثم نتفق "

قال من فوره " إذا أعلمني قبل قدومك لأكون في انتظارك "

قلت مبتسما " بالتأكيد سيد نواس ووداعا الآن "

أنهيت الاتصال معه ولم أخف من الفشل هذه المرة كما

في الماضي , سأعمل جهدي على هذان المشروعان حتى

ينتهيا ويكونان كأول خطوة لي لعلي أكمل دراستي يوما

وأحقق حلمي ولو بعد حين فكما قالت سما من يشعر

بالهزيمة ويستسلم هوا الفاشل حتى لو كان بشهادة عالية

سما يا سما ماذا تريدين من رأسي أخرجي منه هيا



*

*





بعدما أنهيت أعمال المطبخ توجهت نحو غرفة خالتي وقفت


عند الباب وقلت " سأصعد لأدرس هل تحتاجين شيئا "

قالت مبتسمة " لا ولكن أريد أن أعلم فقط سبب هذه

الملامح الجميلة الحزينة "

نظرت للأرض وقلت بحزن " لا شيء "

وصلني صوتها المبتسم قائلة " تبدوا هذه الغرة

وجهها سيء عليك "

نزلت دمعتي ومسحتها في الفور فقالت

" ما بك يا سما "

نظرت لها وقلت " لا تتشاجري ونزار بسببي لا

أريد أن أتزوج أحدا فقط لا تتشاجرا "

قالت بابتسامة جانبية " ولا من ذاك الذي تحبينه "

نظرت للأرض وقلت بحزن " ذاك بالتحديد

لن يفكر في الزواج بي أبدا "

ثم غادرت من عندها وصعدت السلالم ركضا حتى

دخلت غرفتي أمسح دموعي وتوجهت من فوري

لمكتبي لأشغل نفسي بحفظ الدروس فعليا أن أجتهد

أكثر لأكون جاهزة وقت الامتحانات

وما أن مر بعض الوقت حتى عاد يشغل بالي فرميت

بالكتاب والقلم واتكأت على ذراعاي فوق طاولة مكتبي


الصغير , لما أحبه وهوا لا يشعر بي ؟ لما وحدي أملك

كل هذه المشاعر وكلما تحدث عن حسام شعرت بالضيق

لأنه لا يرى أني أصلح للزواج ومخافة أن يقول أنه يوافق

زواجي منه لأتأكد حينها أني لا أعنيه في شيء , عدلت

جلستي مجددا وأمسكت كتاب الرياضيات وحاولت فيها

مجددا كي لا أطر للذهاب إليه لغرفته

لا أريد أن أكون كرُدين وينظر لي كما نظر لها فراس

وضعت طرف القلم على شفتي وفكرت لو أنها ستتزوجه

كيف ستكون حياتهما , هي في نفس عمر جوري ووالد

جوري يرفض زواجها قبل أن تنهي دراستها , يبدوا كنزار

تماما , هذا وهي في التاسعة عشرة فكيف إن كانت مثلي

أصغرها بأربع سنين ! لكن رياض لم يمانع زواج رُدين فهل

لأنه ليس والدها !! آه يا سما أنتي علتك ليس في رفض نزار

تزويجك فقط بل لأنه هوا نفسه من تريدين الزواج به فهل

ستقولين له لا علاقة لك بي أتزوج متى أريد ثم تقولين له

تزوجني رغما عنك , رميت القلم وأمسكت خداي من

الإحراج ... سما هل تدركي معنى أن تتزوجي به ؟ وماذا

عن كل تلك الأمور , يا إلهي لا أعرف كيف تتزوج الفتيات

وكيف ستتزوج رُدين من فراس وهي تكرهه , وضعت

يدي على خدي وتنهدت بقلة حيلة , إن كان الزواج هوا

السبيل الوحيد لأكون معه فلا بأس , سندت وجهي بيدي

الأخرى أيضا وسبحت في الأفكار ..... ترى هل من تتزوج

شخصا تنام في حضنه ؟ مؤكد تفعل ذلك ... آه مابه حضي

أنا لما لا يتزوجني فقط لأنام في حضنه , تأففت من أفكاري

وعدت لأتكئ على الطاولة ذراعي ممدودة فوقها ورأسي

عليها وأمسك بيدي الأخرى القلم أخط به اسمه في هامش كتابي

وكتبت أمامه ( أحبك يا أحمق ) ثم أغلقت الكتاب وجلست

وأخذت الكراسة وكتاب الرياضيات وخرجت ووقفت أمام

باب غرفته وطرقت الباب طرقات خفيفة فوصلني

صوته قائلا " أدخلي يا سما "

جيد أنه لا فراس هنا لكان قص لي ساقاي , طرقت
مرة أخرى ففتحه لي بعد قليل ونظر للكتاب في يدي

ثم دخل قائلا " تعالي يا سما أدخلي "

وقفت عند الباب وقلت " انزل معي لغرفة

خالتي لتشرح لي مسألة لم أفهمها "

التفت من فوره ونظر لي باستغراب ثم قال

" سما هل تخافين مني !! "

بقيت أنظر له مصدومة ثم دخلت وقلت

" نزار لا تفهم الأمر كما يحلو لك أنا فقط أشعر

بأني أخطأ لأني أدخل عليك غرفتك "

جلس على الأريكة وسحب الطاولة جهته

وقال " تعالي وأغلقي الباب "

رفعت كتفاي وأغلقت الباب ودخلت , يبدوا لي نزار

كأشرف لا يهتم , لكن ترى هل هوا مثله يكلم فتيات ويخرج

معهن , رميت كل تلك الأفكار من رأسي واقتربت وجلست

بجانبه وكأني أتعمد الاقتراب منه لكني حقا لم أستطع منع

نفسي , أخذ مني الكتاب والقلم وفتح حيت أضع

الكراسة وقال " مؤكد هذه هي التي لم تفهميها "

نظرت له وقلت " كيف علمت !! "

ثم زحفت قليلا مبتعدة عنه , يالي من حمقاء ما كل


هذا الالتصاق به , وضع الكتاب على الطاولة وقال

مبتسما " لأنها المسألة الأصعب في هذا الفصل بأكمله "

أمسك بالقلم وبدأ يشرحها لي فقلصت المسافة التي ابتعدت

فيها وحاولت أن انتبه معه كي لا يسألني فيما كنت أشرد

انتهى منها ثم رفع رأسه وقال " سأختبرك بواحدة

دون أن أسألك فهمتي أم لا "

اتكأت بطرف جبيني على يدي مسندة لمرفقها على

الطاولة ونظري على الكتاب وقلت " حسنا "

كتب واحدة ودفع بالكراسة نحوي وقال

" هيا أرني شطارتك "

أمسكت بالقلم وبدأت بحلها بالخطوة وأنا أحك جبيني كل

حين لأن الشعرات التي لم يمسكهم المشبك من الغرة

تخربشني ثم تأففت ورفعت نظري ثم سويت جلستي

وقلت بضيق " نزار هذا أنت تفعل هذا "

ضحك وقال " حين كنت أتكلم لاحظتهم يتحركون مع

حركة تنفسي فاختبرتهم هل ظني صحيح أم لا "

أخذت الكراسة وابتعدت عنه قائلة

" انفخها من هنا الآن إن استطعت "

وضع ساق على الأخرى واتكأ بذراعه على

ظهر الأريكة وقال " من له شعر حريري

هكذا كشعرك والدتك أم والدك "

قلت وأنا أكمل حل المسألة " كلاهما "

ضحك وقال " لهذا هوا هكذا يكاد يختفي "

تابعت الحل ولم أعلق على كلامه فوصلني

صوته قائلا " ومن له عينان زرقاء "

قلت باختصار " والدتي "

قال من فوره " حسنا والغمازات "

نظرت له وقلت " نزار أتركني أركز "

قال مبتسما " حسنا ركزي "

ثم وقف وتوجه جهة خزانته فتح بابها ولم أرى ما

يفعل طبعا ثم قال بعد قليل " وأي لون في العينين يعجبك "

آه لو كان بيدي لقلت الرمادي , قلت دون أن أرفع

نظري عما أفعل " لم أفكر في هذا يوما "

ثم رفعت نظري له فكان واقفا عد الخزانة مستند بيده

عليها وينظر لي فتابعت وطرف القلم على خدي " حين كنا

في الهند كانت الفتيات الهنديات في المدرسة ينادينني بالقطة

بسبب لون عيناي لأنهم بالطبع ليس لديهم هذا اللون إلا نادرا

وكنت أكره ذلك كثيرا حتى أني كرهت لونهما وكنت أتذمر

دائما وأقول لأمي لما ليس لون عيناي كوالدي وسامي عسليا "

ثم تابعت وقد عدت للكتابة " لكني حين صرت في الإعدادية

لم أعد أهتم لكلامهم لأن الكثيرات أصبحن يمدحن لون عيناي

ويتمنينه , التفكير لدى الفتيات في تلك المرحة مختلف

كثيرا عن الأطفال أليس كذلك "

وصلني صوته قائلا " نعم وعند الثانوية يزداد سوءا

فلا يهتممن حينها سوى بشكلهن وجمالهن والمظاهر

والشكليات والغراميات المتغيرة كل وقت "

رفعت نظري له مصدومة وقلت باعتراض

" غير صحيح "

ابتعد عن الخزانة ووقف عند النافذة موليا ظهره لي

ولا أفهم لما ثم قال " بلى إلا إن كانت فتاة غير طبيعية "

بقيت أنظر له بحزن بل بألم في قلبي ثم قلت بأسى

" لماذا يا نزار "

التفت لي ونظر لي بتركيز أو حيرة أو لا أفهم فأخذت

الكتاب والكراسة ووقفت مغادرة حين استوقفني

صوته قائلا " سما لم أقصد جرحك بهذا لكنها مرحلة

طبيعية حتى نحن الشباب مررنا بها في ذات السن "

لكني لم ألتفت له ولم أتحدث وخرجت من عنده

ونزلت لغرفة خالتي فكانت نائمة فجلست هناك أكمل

حل المسألة وبعد قليل وقف نزار عند الباب فقلت بصوت

منخفض ونظري بعيد عنه " لا تتكلم معي أنا غاضبة

منك ولا أريد التحدث معك "

ضحك ضحكة منخفضة وقال " تلك حقيقة

يا سما لما أغضبتك "

تجاهلته وعدت لحل المسائل على صوت خالتي

من نومها قائلة " هل أذن العصر "

قال نزار " لا قليلا بعد "

قالت " وما تفعلان هنا إذا "

ضحك وقال مغادرا " ما هذه الطردة المعتبرة "

ثم صعد لغرفته ولم نره إلا نازلا بعد وقت ووقف

عند الباب وقال " سأغادر لقصر جابر وقد أتأخر "

ثم قال " سما سأخبره أنك تريدين زيارة بتول "

لكني لم أجبه ولم أرفع رأسي عن صحن العدس في يدي

فقال بضحكة " أمي ... تقول أنها غاضبة مني فجدي لها حلا "

قالت خالتي ببرود " من عقدها يحلها ما دخلي أنا "

قال مغادرا " إذا لن أرجع للمنزل حتى تتصل بي

وتخبرني أنها لم تعد غاضبة "

ثم لم نسمع سوا صوت الباب يغلق خلفه وقالت خالتي

مبتسمة " هؤلاء الرجال لا أحد أخبث منهم يعرفون

كيف يجعلون المرأة تعتذر وهم مخطئين "

قلت ببرود وأنا أحرك حبات العدس بأصابعي

" سيعود عندما يغلبه النعاس "

ضحكت وقالت " نعم ابقي على رأيك ولا

تدعيه يتغلب عليك "

رفعت نظري لها وقلت بحزن " كيف يقول أن من في

سني تفكيرهم في الشكليات فقط والغراميات التي تتغير

باستمرار وأنه من ليست كذلك لن تكون طبيعية "

ضحكت وقالت " هكذا إذا , يستحق أن تغضبي منه

ولا تتصلي به ولو نام خارجا وإن عاد سوف نسخر

منه ونقول أن الراشدين مثله ليس لديهم كلمة

ويتراجعون عن قراراتهم "

قلت بجدية " نعم سنفعل ذلك "

وأكملنا باقي اليوم وتناولت وخالتي العشاء بما أن نزار

سيتأخر كما قال وبعدما انتهيت من أعمال المطبخ

عدت عند غرفتها وقلت " لما لا نقرأ روايتنا بما

أن نزار سيتأخر في قصر جابر "

قالت مبتسمة " معك حق فإن انتظرنا حتى

يرجع وينام سنسهر كثيرا "

أخذتها منها وجلست وقلت بابتسامة

" متشوقة جدا لما سيحدث "

قالت مبتسمة " وستعرفين الآن فإقرائي هيا "

فتحت حيث توقفنا وقرأت (( بقيت أنظر له دون جواب

وهوا ينظر لي منتظرا أن أقول أي شيء ثم أخفضت

بصري وقلت " لن يوافق "

قال من فوره " أعطني رأيك فقط ولا تفكري في الأمر "

لذت بالصمت فقال " خذي وقتك وفكري يا رُدين وستبقي

ابنتي تحت أي ظرف وتحت سقف أي منزل ولن

أتخلى عنك ما حييت "

بلعت ريقي وقلت " موافقة "

لست مقتنعة أبدا بهذا لكن مظهري سيكون سخيفا جدا

حتى إن قلت سأفكر فكيف سأنسى كل ما فعله من أجلي

حتى أنه وبخه فقط لأنه أبكاني والأعظم من ذلك أنه لم

يوافق خطبة جوري لوائل حتى أختار أنا أحدهم فكيف

أكافأه أن أرفض أول طلب يطلبه مني ، أمسك يدي وقال

" رُدين لا تجبري نفسك بل افعلي ما أنتي مقتنعة به "

قلت بتبات " لن أغير رأي وما تراه أنت خير لي سأفعله

ولا أريد مخالفتك ما حييت "

شد على يدي بقوة وقال " لن تندمي يا رُدين فأنا أعرف

ابني فراس جيدا رجل يمكن الاعتماد عليه ولو كان الاختيار

لي منذ البداية لاخترته لكني تركت الأمر لك "

قلت بابتسامة " أعانه الله علي إذا "

ضحك كثيرا ثم قال " وأعانك عليه ففراس عصبي

يا رُدين فاحذري من هذه النقطة "

تنهدت وقلت " نعم أنا أكثر من يعلم "

ثم وقفت وقلت " ستجبره على الزواج بي إذا "

قال بابتسامة جانبية " أحب ذلك كرهه أجبر نفسه أقنعها

لا يهم المهم ما قررنا سيحدث "

ثم وقف هوا أيضا ووضع يده على كتفي وقال

" فراس يعلم أنك لست زوجتي "

نظرت له بصدمة وقلت " كيف ومتى !! "

ابعد يده عن كتفي وقال " منذ أيام قليلة لأنه منذ الليلة التي

أخذك ووالدته لحفل الزواج وهوا يلح أن أريه عقد زواجي

بك لشكه في الأمر ومنذ أيام بحث في العقود ووجد

أنك غير متزوجة "

قلت بصدمة " كيف يتمكن من ذلك فتلك الأمور حسب

علمي سرية وليس أي أحد يمكنه الإطلاع عليها "

رفع كتفيه وقال بهدوء " لا تنسي أنه محقق ومؤكد علم

بذلك بطرق غير قانونية كأن يساعده أحد صاحب

مركز في الدولة "

لهذا غضب كل ذاك الغضب يوم رآني أخرج من غرفة

أشرف وسخر مني حين قلت أنه ابن زوجي , وضعت

يداي وسط جسدي وقلت " وجاء ليخبرك طبعا

ويتفاخر بذكائه "

ضحك وحضن خدي بيده وقال " وقال عليك أن ترتدي

حجابك وملابس ساترة أيضا أمامهم "

تأففت وقلت بضيق " من أولها "

عاد للضحك مجددا ثم قال " أخبرته أنك بالفعل فتاة متحجبة

ولم تفعلي هذا إلا بطلب مني فلذلك وبسبب إصراره أن تنتهي

هذه المسرحية وشجاري معه ليلة البارحة قررت أن أتحدث

معك في الأمر لنلغي كل اللعبة "

قلت بضيق " لا فائدة من كل الخطة أذا بعدما أفسدها "

قال " وائل أنتي استبعدته من نفسك وأشرف مستهتر أعرفه جيدا

سيفرط فيك في أسرع وقت لأن طبعه ملول لا يدوم عنده شيء

لكن إن أردته هوا زوجتك به وكما قلت الاختيار لك "

تنهدت وقلت " أمري لله غيره لن يكون أقل عيوبا منه وهذا

ابنك وتعرفه ورشحته بنفسك غيره لن يعرفه أحد "

أمسك كتفي وقال " إن سألتني من بينهم الثلاثة ما

اخترت غيره ولا حتى وائل "

هززت رأسي بحسنا وقلت " كما تريد "

أمسك يدي وقال " إذا هيا للمواجهة الأخيرة معهم "

سرت معه بقلة حيلة ، قل المواجهة الأولى بيني وبين فراس

نزلت معه لتقابلنا الخادمة عند آخر السلالم فقال لها

" نادي الجميع لغرفة الجلوس "

أشارت له برأسها بمعني حسنا ثم قالت وهي

تصعد السلالم " فراس في مجلس ثلاثة

شاي شرب ارحم أنا منه لينام "

ضحكنا سويا وقلت ونحن نتوجه هناك

" ما أطول لسانها كيف تستحملونها "

فتح باب المجلس وقال داخلا أمامي " المشكلة ليست بها

بل بعمتك سعاد فأي واحدة سنحظرها ستفسد لها طبعها "

وقع نظري على فراس الجالس هناك فأبعدته عنه

وقلت ببرود " كله من طيبتها حتى مع الخدم لا

أعلم كيف لم يرث ذلك منها أحد "

ثم سرقت نظرة عليه فوضع ساق على الأخرى وابتسم

ببرود وكأنه يخبرني أنه لا يهتم لما أقول فأشرت له بإبهامي

على رقبتي ممررة له عليها ثم لوالده أمامي بمعنى سيذبحك

ثم أشرت بأصابعي إشارة يعرفها الجميع هنا لأن كل الصغار

يستخدمونها وتعني ويلك منه ولن تستطيع قول شيء فأشار

لي بأنه سيقص لساني رغم أن والده مقابل له فأخرجته

له على التفات عمي رياض لي فدسسته وقلت

" أخبر ابنك إنه يهددني "

ضحك وقال " هدديه أنتي أيضا "

قال ذاك ببرود وهوا ينظر لي " لا يحتاج أن تهدد

هذه تفعل مباشرة وبلا تردد "

ابتسمت له ابتسامة باردة كابتسامته تلك لأردها له قبل

أن تبرد وأنساها فضحك دون كلام ، نعم اضحك فأنت

لا تعلم أي مفاجأة يخبأها لك والدك لبكيت بدل أن تضحك

كم أنا متلهفة للحظة التي يفجعه فيها بالخبر لأشمت فيه

وهوا يزأر كالأسد ، جلست بجانب عمي رياض ودخلت

عمتي سعاد يتبعها أشرف وخلفه وائل وجلس الجميع

وقال أشرف بابتسامة جانبية " لا تجمعنا مع هذه

الأفعى إلا ومصيبة في الأمر "

وضعت يداي وسط جسدي وقلت بضيق

" لا أفعى إلا زوجتك المستقبلية يا قيس النساء "

وقف وقال بغيض " انظروا للوقحة "

قاطعه عمي رياض بحدة " أجلس أنت من بدأ منذ البداية "

جلس وقال بسخرية " كنت أخبرتني مند البداية أنك تريد

الزواج كنت بحث لك عن واحدة بدلا عن هذه "

قلت بسخرية " ومن ستكون هذه "

ثم أشرت له بيدي موجة للأعلى ليفهم أنها جوجو

ثم قلت " أم لا تكن "

ثم أشرت له بحركة غنج وكأني أمضغ العلكة ليفهم أنها

أسوم فضحك بصوت مرتفع هوا ووائل وقال

" أقسم لو لم تتزوجها لتزوجتها أنا "

قلت بتقزز مشيرة له بإصبعي " يع أنا أتزوجك أنت "

أمسك وسادة الأريكة ليرميني بها فقال عمي رياض

بضيق " توقف ويكفي كلاكما وأنتما كالأطفال "

فأشار لي بأصابعه على أنيابه نازلا بهم لأفهم مقصده

وهي أفعى فلم أرى سوا الوسادة التي ضربته على وجهه

ونظرت من فوري للمكان الذي انطلقت منه فكان فراس

وقال عمي رياض " إن انتهت المهزلة دعونا نتحدث "

قلت بتذمر " هم البادئون دائما لما جميعهم علي "

قال وائل ضاحكا " أنا معك "

قلت ببرود " نعم بدليل أنك تجلس بجانبه وتضحك "

قال عمي رياض " المهم لدي ما أقوله لكم لأنام

فلا وقت لدي للعب الأطفال "

سكت الجميع ينتظرون حديثه الذي لا يجهله أحد إلا

وائل وأشرف طبعا وتابع " رُدين ليست زوجتي "

شهق أشرف وانفتحت عينا وائل من الصدمة أما ذاك

ثقيل الدم فلم يحرك ساكنا وينظر لي ببرود وكأنه يخبرني

أني أعلم بذكائي فلوحت له بيدي بمعنى لا أبالي لك

وقال أشرف " كيف ولما قلت ذلك !! "

قال بجدية " لكي تعرفك على حقيقتك طبعا يا ابن رياض "

قال وائل بحيرة " خدعة إذا لتعيش معنا ! "

قال " شيء من هذا "

قال أشرف " ولما ؟؟ "

وقف وقال " لأسبابي الخاصة وما سأقوله الآن سينفذ

فراس ستتزوج بها تفاهم مع والدتك من أجل الحفل

ولتشتري رُدين كل ما يلزمها "

ثم غادر دون أن يضيف أي حرف آخر ))

أغلقت الرواية وقلت " لا أعلم أي حياة تنتظرهما وهما هكذا "

ضحكت وقالت " كم من حب كان بعد عداوة "

قلت بحيرة " لما الحب غريب هكذا وغبي ولا يعرف

كيف يتصرف "

ضحكت كثيرا ثم قالت " لن يكون حبا إن لم يكن هكذا

وزيدي عليه أنه أعمى "

تنهدت واكتفيت بالصمت فقالت

" لم تخبريني كيف أمورك وذاك الشخص "

هززت رأسي دون كلام فقالت " سيئة لهذه الدرجة ؟ "

قلت بحزن " جدا وليتني لم أحبه يوما "

قالت من فورها " لما لا تتحدثي معه "

شهقت منتفضة وقلت " ماذا !! مستحيل "

قالت " أخبريني عنه إذا لأفهم لك منه "

هززت رأسي بلا دون كلام فضحكت وقالت

" الحب لا يجدي معه الخوف والجبن يا سما "

قلت بعبوس " الرجال يتكلمون في هذا أليس كذلك "

ضحكت وقالت " من أين علمتِ "

قلت " لا أعلم أراه أمرا كالزواج الرجل من يتكلم فيه

أو ستكون النتيجة كدعاء حين عرضت نفسها على نزار "

تنهدت وقالت " لا أريد لك الحزن والبؤس يا سما فالجرح في

الحب أمر صعب وشديد ومؤلم جدا ويصعب نسيانه وشفائه "

قلت باستياء " ولا إيقاف الحب والشفاء منه أيضا "

ثم نظرت للساعة وقلت " تأخر نزار كثيرا "

ضحكت وقالت " قد ينفذ كلامه "

قلت بصدمة " ضننت أنه يمزح فقط "

رفعت كتفيها وقالت " لنجربه إذا "

قلت باستغراب " ألست قلقة عليه قد يكون مكروها أصابه "

قالت بابتسامة " بلى وقلبي يأكلني فهذا طبع الأم "

قلت من فوري " اتصلي به إذا "

قالت بعد ضحكة صغيرة " سنفسد اتفاقنا حينها "

وقفت وقلت " معك حق علينا أن نسخر منه

حين يعود من تلقاء نفسه "

أعطيتها الرواية وأطفأت النور وصعدت لغرفتي

غيرت ملابس وارتديت ملابس النوم ودخلت سريري

لكني كنت كمن ينام على الجمر المتقد فسرعان ما

خرجت منه ونزلت لغرفتها وأشعلت النور فوجدتها

تمسك هاتفها فقلت من فوري " هل اتصلت به "

ضحكت وقالت " فشلنا كلانا على ما يبدوا "

دخلت وقلت " علينا أن نطمأن عليه فلم أستطع النوم "

قالت وعيناها على هاتفها " لم يجب على اتصالي "

جن جنون نبضات قلبي حينها حتى ضننت أنه سيخرج

من بين ضلوعي وقلت وعيناي تمتلئ بالدموع

" هل حدث معه شيء يا ترى "

رفعت الهاتف لأذنها وقالت بعد صمت

" أعذرني بني لكن نزار تأخر هل هوا معك "

سكتت لوقت ثم قالت " لا يجيب على هاتفي "

" لا أتركني أجرب أيضا برقم آخر ثم سأتصل بك "

سكتت لوقت ثم قالت " حسنا وعذرا منك يا جابر

أعلم أني أزعجتك وقت نومك "

تنهدت بعدها بضيق وقالت " وما تفعل خارج منزلك

الآن أعان الله المسكينة التي تزوجتك "

" حسنا بني تصبح على خير"

ما أن أنهت المكالمة حتى قلت من فوري

" ماذا قال لك "

قالت " قال خرج من هناك منذ ساعتين "

أمسكت قلبي فقالت " اتصلي به أنتي "

قلت وأنا أمسك دموعي كي لا تبدأ بالنزول

" وما الفائدة فلن يجيب "

قالت " جربي وإن لم يجيب عليك سأتصل بجابر

وسيعرف كيف يعلم ما به "

صعدت لغرفتي مسرعة وأمسكت بهاتفي واتصلت به

فأجاب فورا فجلست على الأرض من خور قواي

وقلت بدموع " نزار أين أنت "

قال ضاحكا " أمام المنزل منذ أكثر من ساعة

ظننتك ستتركينني أنام في الشارع "

مسحت دموعي وقلت بحزن " أحمق لقد شغلتنا

عليك ولا تجيب على هاتف والدتك "

قال " أمازلتِ غاضبة أم رضيتِ "

رميت الهاتف على السرير ونزلت مسرعة وفتحت

باب المنزل وكان بالفعل جالس على مقدمة سيارته

وهاتفه في يده فعادت دموعي للنزول مجددا فكم

خشيت أن أفقده فأقسم أني سوف اجن حينها , نظر

جهتي وقفز واقفا وتقدم ليدخل فسرت قبله راكضة

وصعدت لغرفتي وأغلقتها خلفي لأكمل مسيرة بكائي

وحدي مخافة أن يرى دموعي أو أفعلها مجددا

وأرتمي في حضنه






*

*





دخلت وأغلقت الباب ثم توجهت لغرفة والدتي فقالت

ما أن رأتني " أين أنت بني شغلتنا عليك "

نظرت حولي وقلت " أين سما ألم تدخل هنا "

هزت رأسها بلا فتركتها وصعدت للأعلى وطرقت

على باب غرفتها وقلت " سما افتحي الباب "

لكنها لم تجب فقلت " ظننتك لم تعودي غاضبة وإلا

ما دخلت , حسنا لن أعيد ما قلته مجددا "

ثم تابعت بابتسامة " رغم أنه حقيقة "

لم تجب أيضا فقلت " تصبحين على خير "

وغادرت جهة غرفتي استحممت ولبست ملابس النوم

ودخلت سريري لكني اتكأت بمرفقي على الوسادة فوقه

بدلا من أن أنام , لا أعلم أي حماقات هذه التي أفعلها

وكأني أنا المراهق جلست بكل اقتناع خارج المنزل

أنتظر اتصالها وأقنع نفسي بأنها لعبة صغيرة نتسلى

بها وبأنه عقاب لها كي لا تغضب ثانيتا من الحقيقة

جلست متكأ على السرير وسندت رأسي بالجدر وغبت

بنظري في السقف , ما يحدث معك يا نزار عليك أن تجد

له حلا أيعقل أن تُسمع حسام ذاك الكلام وكأنك متيم بها

واليوم كما قالت والدتي مرابط لديها في المطبخ وعيناي

لم تفارقانها حتى وهي تأكل , لا تنسى أن لها شخصا تحبه

وفي كل الأحوال هي أصغر منك بكثير فتخيل أن تنجرف

في مشاعرك أكثر لتصدمك بأنها تريد الزواج بذاك الشخص

لم أتخيلك أنت يا نزار وبعدما رأيته من رهام وعفت الحب

والزواج لسنوات طويلة تشغل بالك الآن مراهقة صغيرة

وليتها حتى في الثامنة أو التاسعة عشر هي في الخامسة

عشرة ويمكنها أن تحب عشر أشخاص في عام , عليا أن

أجد حلا لنفسي قبل أن يكبر هذا الشعور في داخلي

وأجن وأفعلها وأحبها بالفعل , ولا حل غير ذاك الحل

فعليا أن أتحدث عنه مع جابر وأنفذه سريعا وأنفذ

بجلدي قبل أن تقع الفأس في الرأس وأكتشف بعد فوات

الأوان أني أحبها حقا , أمسكت هاتفي واتصلت به فأجاب

من فوره قائلا " أين أنت ووالدتك تبحث عنك "

قلت " في المنزل وبخير أريدك في أمر مهم

يخص سما وعلينا أن نلتقي سريعا "







****************************************************

******************************************







كان ذاك اليوم كالحلم وسرقه منا فما أن كان منتصف

النهار حتى خرج للمهندس الذي جاء من أجل المسبح

ولم يدخل إلا مساءا استحم وغير ثيابه وغادر لعمله الذي

لا ينتهي , لما لا يكون كل يوم كذاك اليوم لما لا يكون

موجودا معنا يشاركنا كل شيء خصوصا بعدما

أصبح الأولاد لا يذهبون للمدرسة

التفتت على بكاء ترف وقلت بحدة " أمجد لما ضربتها "

قال بضيق " أخبريها تبتعد عن كتابي "

توجهت نحوها أمسكتها من يدها وأخرجتها معي قائلة


" سنذهب أنا وأنتي وحدنا ونتركهما "

خرجت بها وتوجهت لجناحي أرسلت لجابر رسالة كتبت

فيها ( ذاهبة لمنزل عمك منصور ) ولبست عباءتي

وحجابي ونزلنا سويا وغادرنا القصر , طبعا والدة جابر

لم أرها منذ ذاك اليوم فلم أعد أتناول حتى الطعام معها بما

أن جابر ليس هنا فلما أجبر نفسي على مقابلتها , ولا أنزل

لتجمعات النساء بأمر من جابر طبعا ولن تستطيع مناقشته

والآن لا أستغرب أن تقتلني تلك المتوحشة بعدما فعلته يومها

وخصوصا بعدما سمعت المشادة الكلامية التي حدثت

بينها وبين جابر بسبب المسبح وفي النهاية ما أراده هوا

حدث رغم أنها يبدوا خاصمته لمدة ولم تكلمه , لا وقالت

له بكل جرأة أكلت دماغك ابنة فارس بالقُبل أمام الناس

هل تراني قبّلته في الشارع أم أمام الرجال ثم أنا لم

أطلب منه فعل هذا هوا من فعله من تلقاء نفسه وهل

ترى ابنها هذا يستطيع أحد أن يفرض عليه شيئا فحتى

الكلام لا يخرج إلا ما يريد قوله ولو كنت أكلت دماغه

كما قالت لعرفت كيف أجعله يتحدث عن مشاعره نحوي

أو على الأقل أسمعني شيئا تحب المرأة أن تسمعه

وصلنا منزلهم وفتحت لنا بتول قائلة بابتسامة

" مرحبا ما هذه الزيارة المفاجئة أدخلا هيا "

سلمت عليها وحضنتها ترف من فورها تصرخ باسمها

فهي المحببة لديها بين الجميع عكس بيسان التي لا تهدي

سوا باسم عمتها زهور أو معتصم فهي المفضلة لدى

معتصم وزهور المفضلة لديها ويبدوا كما قالت فقط

لأنها تشبهها , دخلنا ونزل مصعب ركضا وهوا

يصرخ " ثرف ثرف "

وكأنهما ليسا أعداء يتشاجران في لحظة , وما أن وصل

عندها حتى خرجا للحديقة فورا فهنا لا قوانين صارمة

لكن لا بأس ما أن ينتهي المسبح سيكون الخروج لأجله

ولغيره وكما أريد فأنا أرى ذاك المهندس والعمال على

قدم وساق طوال النهار لينتهي بسرعة

جلسنا عند صالون الاستقبال وقالت بتول

" عمر ومصعب لا حديث لهما إلا عن المسبح

الذي سيسبحان فيه وكأنه هنا وليس هناك "

قلت مبتسمة " ولما ليس لديكم واحدا , غريب

مع هذه الحديقة المليئة بالألعاب "

رفعت كتفيها وقالت " والدي رفض الفكرة ومعه

حق فلن نتمكن من أخراجهم منه وسيطلبون

السباحة فيه حتى في الشتاء "

ضحكنا معا ثم قالت " أرى صديقه المهندس يعمل

عليه طوال النهار يبدوا سينتهي بسرعة "

قلت بحيرة " هل ذاك الشاب صديق جابر "

قالت " نعم أعتقد صديق مقرب له كثيرا

فقريبته كانت تدرس معي "

قلت باهتمام " لهذا عرف ترف وكلمها


تلك المرة وناداها باسمها "

اقتربت والدة بتول قائلة " بتول اصعدي لشقيقك

صراخه وصل إلى هنا "

وما أن رأتني حتى قالت " مرحبا أرجوان

لما لم يخبرني أحد أنك هنا "

اقتربت مني وتصافحنا وصعدت بتول من فورها

وجلسنا وقلت " أجمل هدية لك أن بتول كانت

الكبرى لترفع عنك كل هذا الحمل "

قالت مبتسمة " نعم فأنا لا أرحمها ولا وقت

الدراسة فلا أحد لي غيرها "

قلت ضاحكة " سيأخذها زوجها يوما

ويتركك للشبان فقط "

قالت مبتسمة " الوقت يبدوا طويلا فهي لا

تعترف به زوجا حتى الآن "

قلت بصوت منخفض " عليكم أن تجدوا حلا لهذا

فمعتصم يريدها ولن يفكر في تطليقها وإن بقيت

على قرارها فسيطلقها جابر منه "

تنهدت وقالت بحيرة " لا أحد يتجرأ على فتح

الموضوع أمامها كي لا تعود لحالة الصمت تلك "

نزلت حينها بتول تحمل عدي بين يديها مع رضاعته

ومؤكد هي من أعدتها له وجلست معنا وأعطته إياها

فقلت مبتسمة " لو كان لدي شقيق لسبقناهم لك وزوجتك به "

لوت شفتيها وقالت باستياء " لكنت كرهتك حينها كرها أعمى "

ثم ضحكت وضحكنا معها فيبدوا أصبحت تتقبل ولو

مجرد فكرة أنه زوجها وأنها متزوجة





*

*



" جرائمه لم تكن قليلة "

ورقت الأوراق بيدي بسرعة ويدي الأخرى مستند

بها على الطاولة وقلت " سنرى من عائلات بعض

الضحايا رغم أننا قد لا نجني شيئا وهذه المرة أنا من

سأراهم بنفسي واثنين من رجالي وفي منازلهم أيضا "

نظر لي للأعلى وقال " لكن بعضهم لا علم لهم بما فعل "

وقفت على طولي وقلت " الميت ميت مقتول أو غيره علينا

الآن إيجاد الطريقة التي تتركه بها تلك البلاد وتسلمه لنا

دون قصة المحاكمة الطويلة العريضة وفي النهاية

سيصلون له قبلنا ويقتلوه "

وقف وقال " أنت تعلم القوانين أكثر من غيرك يا جابر

ولن يسلموه قبل أن يحاكم ويسجن أقلها عامان "

رميت الأوراق وتأففت وقلت بضيق


" عامان نكون أنا وأنت من الأموات يا أسعد "

وضع يده على كتفي وقال " جابر أن تعمل وحدك

شيء متعب لك أنظر لنفسك حتى النوم لم تعد تحضا

إلا بالقليل منه وأحيانا تنام هنا في مكتبك "

تنهدت وقلت " لا يمكنني الوثوق بأحد يا اسعد غيرك

أنت وبعض رجالي فتحركاتنا كانت مكشوفة لهم ونحن

كالمهرجان نغطي على أفعالهم "

هز رأسه وقال " لو فقط أعلم من وراء كل هذا وبكل هذه

القوة , كيف لا يكون لدينا ولا دليل ولا مشتبه به أساسي "

رفعت أصبعي وقلت " فكر في أعلى الهرم يا أسعد ثم نزولا "

تنهد وقال " أمازلت تصر أنه سيكون دو مركز في الدولة "

قلت مغادرا " بل وموقن من ذلك كما أراك أمامي "

خرجت من هناك وهوا معي لوزارة الخارجية رغم علمي

أني كمن يحرث في البحر , علينا على الأقل أن نحصل

على المعلومات التي سيستخرجونها منه هناك , كان اليوم

الاجتماع الخامس لنا هنا وأتمنى أن لا ينتهي بشجار بيني

وأحدهم مجددا فضحيتي الأخيرة كان رئيس شرطة

الجمارك , فقط لأني ذكرت أن البضائع قد تكون تعبر

من عندهم دون علمهم فكاد يأكلني ليذكرني بأن التقصير

من عندنا نحن , دخلنا مبنى الوزارة ووقف لنا كل من

مررنا به حتى كنت في مكتب الوزير وكان الجميع

قد سبقونا , جلسنا حيث طاولة الاجتماعات هنا

وقلت من فوري " خالد الصقار إن لم نحصل عليه علينا

أن نحصل على المعلومات المخرجة منه هناك ويتركوا

عنهم عبارة محاكمة سرية وأمن دولة "

قال وزير العدل بسخرية " عضم الله أجرك يا جابر "

نظرت له بصدمة وقلت " قتلوه هناك "

قال ونظره على الأوراق أمامه " بل محاولة فرار ساعدته

فيها أيدي خفية ونهايتها مات برصاص الحراس "

مررت أصابعي في شعري أتنفس بغيض وقلت من

بين أسناني " سحقا كان خيطنا الوحيد "

تحرك الوزير وجلب بعض الأوراق وجلس

وقال " السؤال الآن من هذا الذي لا يشي عنه أحد

من يقتل ويمسح الأدلة وكأنه ممحاة على ورق "

مرر الأوراق حتى وصلت لي وقال " اعتمادنا كان عليك

يا جابر فلم تثنيك قضية سابقا من مجرمي سيارات الدفع

الرباعي لجرائم الجامعات في العاصمة كيف عجزت الآن "

هززت رأسي وقلت " كم مرة وصل الدليل بين يداي

وتخلصوا منه وهوا في قسم الشرطة أو التحقيق ولم

يتركوا إلا ما أرادوا تركه , أوراق لبضائع تدخل

دون ترخيص أي مهربة وتحركاتي مكشوفة

وكأني أعيش في وسطهم "

قال من فوره " لنجعل لهم طعما إذا "

لممت الأوراق وثنيتها وقلت " أخبرتك أن تحركاتنا

مكشوفة فأي طعم سيجدي معهم لقد جبت حتى أغلب

المصانع ولا شيء غريب عندهم , نظمنا حملة تفتيش

للبضائع وللمصانع الكبيرة المعروفة ولا نتيجة , لو كنا

نتعامل مع جني لأمسكنا عليه زلة "

استمر ذاك الاجتماع لساعات ناقشنا فيها الأمور المهمة

عدى ما أتكتم عنه لنفسي ولن أؤمن عليه أحد وهي سما

تلك الفتاة ستكون مفتاح اللغز خصوصا أنها الشخص

الوحيد بين أهالي الضحايا من يبحثون عنه وسأستفيد

منها ولو اضطررت لأن أجعلها طعما

خرجت من هناك أشعر بالإحباط من كل هذا فها

قد مات الصقار ليلحق غيره فيبدوا المخطط كان قتله

وليس إخراجه من هناك فجعلوها تكون على أيدي الحراس

في السجن فهل سيكون لدي شك آخر في أن من وراء كل

هذا ذراع في الدولة , خرجت من هناك للقصر مباشرة

فيكفي تعبي كل هذه المدة ضاع بلا نتيجة وككل مرة

دخلت القصر وصعدت الجناح ومؤكد ستكون نائمة لأني

لأكثر من ليليتين لم أنم هنا , فتحت باب الغرفة وشغلت

النور لأفاجئ بها نائمة مرتمية على السرير ومتزينة

ورائحة عطرها تملأ الغرفة وكأنها عادت للتو من حفل

اقتربت منها وجلست على طرفها من السرير وانحنيت

للأسفل أفتح خيوط الحداء وقلت " أرجوان استيقظي "

همهمت قليلا ثم قالت بهمس مبحوح " جابر "

خلعت حدائي ورفعت جسدي والتفت لها

وقلت " نعم وليس حلما "

ابتسمت وهي ما تزال مغمضة عينيها وقالت

" فقط الأحلام التي توجد فيها "

ثم مدت لي يدها وفتحت عيناها فأمسكتها وقلت مبتسما

" من أي حفل زواج هربتِ ونمتِ فورا "

أبعدت الخصلات عن وجهها وقالت مبتسمة

" أتزين كل ليلة يا ظالم وأنام وأنا أنتظرك "

قبضت على أصابعها بقوة وقبلت ظهر يدها وقلت

" لا أجد أحمر الشفاه على وسادتي ثانيتا تفهمي "

ضحكت ضحكة صغيرة وشدتني من ربطة العنق حتى

ملت جهتها وعانقتني تدس وجهها بين كتفي وعنقي

وقالت بهمس " اشتقت لك جابر "

مسحت على ظهرها وقلت " لو تعلمي حال عظام

جابر لرحمتهم فالتعب حطمهم "

تمسكت بي أكثر وقالت " لا دخل لي وأنا لي فيك حق "

ضحكت ضحكة صغيرة وقلت

" اتركيني أستحم ولنا حديث طويل "

ابتعدت عني وغادرت السرير ولفت جهتي ومدت

لي يدها قائلة " جهزت لك حماما لن تحلم به حياتك

مع زيوت استرخاء ستنام فيه من جماله "

ضحكت وقلت وأنا أقف معها " أنتي الخاسرة إن نمت هناك "

دفعتني جهته قائلة " بسرعة ولا تفهم الأمور كما يحلو لك "

دخلت الحمام وكان بالفعل جاهز ورائحة الزيوت تفوح

منه ولا إنارة إلا من الشموع الموزعة فيه فخلعت ملابسي

ودخلت مياهه من فوري لأشعر بخلايا جسدي تنفك عن

بعضها من كثرة ما كانت مشدودة من التعب , لما لا يوجد

واحد كهذا في المكتب ؟ اتكأت للخلف وأغمضت

عيناي أشعر أني في عالم غير هذا العالم





*

*





شغلت الفواحات في الغرفة وخرجت لمطبخ الجناح

سخنت الطعام الذي أتركه كل ليلة حتى الصباح دون

أن يأكل منه أحد لأنزله للمطبخ السفلي , ثم حملته في

أطباقه ساخنا لطاولة الجناح وعدت بعدها للغرفة

ولم يكن هناك , ما به هل كل هذا يستحم !!

طرقت الباب عدة طرقات , يبدوا نام هذا أو مات في

الداخل ! فتحت الباب ودخلت وكان مسترخ تماما في

حوض الاستحمام مغمضا عينيه , نعم أنا المخطئة ما الذي

سيخرجه من هنا الآن , جمعت ثيابه وقلت وأنا أخرج

" الطعام سيبرد لا تنم هنا "

وضعت الثياب مكانهم وخرجت من غرفة الملابس

على خروجه من الحمام كعادته شعره مبلل وجلس على

طرف السرير فتوجهت للمكيف أطفأته وأخرجت منشفة

وتوجهت نحوه وضعتها على رأسه وقلت وأنا أجففه له

" أخبرتك أني لست مستغنية عنك فابق حيا ولو من أجلي "

قال ووجهه مخفي عني بالمنشفة

" كيف تسير دراسة الأولاد "

أبعدت المنشفة وأنزلتها على عنقه وقلت

" جيدة و إن استمرا هكذا سيجتازان العام بتفوق كعادتهما "

ارتمى للخلف على السرير وقال " جيد "

قالها بتكاسل وأغمض عينيه فأمسكت يده وشددته
منها قائلة " قم هيا لتأكل شيئا وأين الحديث الطويل


الذي قلت عنه أم أنه هذيانك وأنت نائم "

شدني له بقوة لأقع على صدره وقال

" أنا لا أتحدث في النوم يا كاذبة "

قلت وأنا أحاول الابتعاد والوقوف مجددا

" بلى وما يدريك وأنت نائم "

شدني بذراعه لصدره بقوة وفتح عينيه وقال

" وما أقول إذا يا من تنامين قبلي "

قبلت خده وقلت مبتسمة " بل أنام بعدك وأسمعك أيضا "

ضحك ضحكة صغيرة وقال " وماذا تسمعين "

قبلت ذقنه ثم قربت شفتاي من أذنه وهمست

" تقول أرجوان لا تتركيني لا أستطيع العيش بعدك "

ضحك بصوت مرتفع ثم قلبني لأصبح تحته وقبل عنقي وقال

" يبدوا تحلمين كثيرا بسبب كثرة النوم يا لعوب "

تعلقت بعنقه وقلت " لن أجهز لك عشاء ثانيتا يا من تنام بعدي "

انشغل بقبلاته المجنونة ولم ينتبه حتى لما كنت أقول

ونمت في حضنه ممتنة لمن طرده اليوم ليعود لعائلته

وأولهم حضني المشتاق له بعدما أدمن جسدي وجوده فيه

ونمت وكأني أنا من كنت أكاد انهار تعبا ولم أشعر إلا

برنين الهاتف فانقلبت ومددت يدي أفتش عنه حتى أقفلته

وجلست ونظرت لمكان جابر فكان لا يزال نائما , غريب

أين تركه الديك الذي في رأسه يوقظه على الوقت تماما

شغلت الإنارة عند السرير وراقبت ملامحه على ضوئها

الخافت وهوا نائم بهدوء , ابتسمت ومررت أصابعي على

صدره وانحنيت على كتفه وقبلته قبلة صغيرة وابتسمت

ابتسامة جانبية على أفكاري ثم قبلت أسفل فكه ثم خده

فقال بهمس " لما لا تتابعين طريقك "

ضربته بأطراف أصابعي على كتفه وقلت مبتسمة

" سيفوتك وقت الصلاة تحرك بسرعة "

رمى اللحاف من عليه فغادرت السرير وشغلت النور

وخرجت للردهة جمعت الطعام الذي لا أمل في أن يؤكل

شيء منه وأشباهه هنا على ما يبدوا وأعدته للمطبخ ثم

عدت للغرفة أخرجت له ثيابه لحظة خروجه من الحمام

فقلت وأنا أمسك البذلتين " أيهما سترتدي "

قال وهوا يتوجه للخزانة " ولا واحدة منهما أخرجي

لي أي شيء تجديه أمامك غير هاذين "

رميتهما على السرير وقلت بابتسامة " تركوك لنا أخيرا "

قال وهوا يبحث في الخزانة " بل أنا من تركتهم "

توجهت نحوه وحضنت خصره واتكأت برأسي

بين كتفيه وقلت بحنان " ما هذا اليوم رائع "

دار ناحيتي وأمسك وجهي وقبل شفتاي وقال

" أريد معرفة سر هاتين الورقتين على الباب وفورا "

اتكأت على صدره وحضنت خصره قائلة " لن أخبرك أبدا "

قال بصوت مبتسم " اتركيني أدرك الصلاة إذا "

تركته وقلت وأنا أتوجه لغرفة الملابس " لا تمن سيد

جابر لا تمن .... كم مرة سأقولها "

وصلني صوته مرتفعا " لا تحظري ذاك القميص

الذي تحبينه أو خنقتك به "

قلت ضاحكة " أقسم أنه الأجمل عليك يا عديم الذوق "

أخرجت له ثيابا وقلت وأنا أعطيهم له

" سأوقظ أمجد خذه معك "

قال وهوا يلبس القميص " لا وقت أمامي سأتأخر "

قلت وأنا أغادر الغرفة " سأجرب إن أدركك خذه معك "

غادرت الجناح وتوجهت لغرفته فكان مستيقظا كما توقعت

لأنه المدة الأخيرة يذهب إما مع معتصم أو عم جابر وابنه

توجهت نحوه ورفعت القميص وقلت وأنا ألبسه له

" بسرعة لتذهب مع والدك "

قال وهوا يغلق الأزرار معي " هل عاد "

وضعت له حدائه أمامه وقلت " نعم وإن أدركته ستذهب معه "

لبسه بسرعة وخرج يركض ووصل السلالم قبل جابر بقليل

وانتظره هناك حتى وصل عنده ونزلا معا يمسح على شعره

وهوا يكلمه وراقبتهما حتى نزلا , كم نفتقد جميعنا وجوده هذا

معنا وما يعزيني أنه على الأقل على قيد الحياة ونراه ولو مرة

في اليوم أو بعد أيام , عدت جهة غرف الأولاد ودخلت غرفة

الفتاتين ووجدت ترف تلعب بالأساور في يدها وتكلم نفسها

كعادتها طبعا فتوجهت لسرير بيسان أيقظتها وأدخلتها للحمام

وهي تفرك عينيها قائلة " ألم نصبح بلا مدرسة لما نستيقظ مبكرا "

أوصلتها للمغسلة غسلت لها وجهها وقلت " صلي ثم

عودي للنوم فكما اتفقنا كل شيء إلا الصلاة "

تركتها في الحمام وهوا مفتوح طبعا ففوبيا الحمامات لم

تغادرها بعد وعدت جهة ترف , لا أريد أن أتهاون في

صلاتهم فبيسان تخطت السابعة وهوا سن التعليم وبما أن

ترف تستيقظ وحدها فلن أواجه مشكلة ( لما ترف فقط

نائمة ) جلست بجوارها وقبلت خدها وقلت وأنا ألعب

بشعرها " ما يشغلك عني ؟ أين صباح الخير ماما "

قالت وهي تحرك الأساور في معصمها

" صديقتي معي لم أنتبه لك "

ضحكت وقبلت خدها مجددا وقلت " وأي صديقة

هذه التي تزور الناس وقت الفجر "

حضنتني متعلقة في عنقي وقالت

" صباح الخير مامتي حبيبتي "

ضممتها لصدري بقوة وقلت " صباح

النور يا قلب مامتك "

خرجت بيسان حينها من الحمام فأدخلت ترف ثم

صلينا معا وبعد قليل طرق أحدهم الباب وفتحه

فكانت سيلا وقالت من فورها " صباح الخير سيدتي

السيد جابر ينتظركم عند طاولة الطعام "

وقفت وقلت " من معه "

قالت " أمجد والسيدة الكبيرة "

تنهدت وقلت " حسنا قادمون "

خرجت وهما تتبعانني والأسئلة لا تتوقف طبعا عن الوالد

الموجود على الطعام اليوم وعلى تناوله في الأسفل حتى

وصلنا وجلست بجانب جابر بعدما ألقيت تحية الصباح

بعمومية ولم أخصصها بها وجلست ترف بجواري وأمجد

وبيسان مقابلان لنا وبدأنا إفطارنا في صمت سوا من صوت

ترف التي لا تعرف كيف تسكت ولا أعلم كيف ليست كهذه

العائلة الموقرة ! يبدوان هي ومعتصم ورثا شيئا من

والدهم فهوا الغائب الوحيد والذي قد يكون مختلفا , بعد

وقت قالت والدته " متى قال لك زوج زهور سيأخذها "

شرب القليل من الماء وقال " أسبوعان أو يزيد قليلا "

عادت للصمت فنظر جابر ناحيتي وقال

" سنجرب إقناعها معا لتتسوق "

هززت رأسي بحسنا دون كلام فعاد بنظره على

الطعام وقال " بطاقتي لديك ولتشتري ما تريد "

قالت حينها والدته " أموالها من والدها تكفيها

وزيادة فلتقتنع هي فقط "

قلت ونظري على ترف أطعمها الزيتون

" عندما تكون من شقيقها ستكون بمعنى آخر "

قال ونظره على والدته " هل ستقيمين حفلا لها "

قالت ببرودها المميت ذاته وعيناها على كوبها

" لن ترضى شقيقتك فهل سنقيم حفلا بلا عروس "

حك جبينه ثم مرر أصابعه في شعره وقال بهدوء

" أميرة ستقيم حفلا من أجل شقيقها وعلينا

إقناع زهور لتكون هناك ولو قليلا "

قالت بسخرية " جرب ولن تخسر شيئا "

ما أبرع هذه العجوز في فن الاستفزاز وكأني ضرتها

ولست زوجة ابنها فما في الأمر إن طلب مني أن أقنعها

معه ولما تستهين بمقدرتي على ذلك فعلينا أن نجرب فقط

وليس بالضرورة أن ننجح , أفضل من إهمالها هكذا

وقف بعدها وقال " الحمد لله "

ثم قال مغادرا مكانه " أمجد الحق بي لمكتبي "

فتبعه من فوره وغادرت والدته بعدهم ونظرت

لي ترف وقالت " لما أمجد فقط "

مسحت لها فمها وقلت بضيق " لأنه ليس علينا

التدخل , إن أرادك لقال ترف تعالي "

مدت شفتيها كعادتها ثم قالت بعبوس " أمجد فقط يدخل

لمجلس الرجال ويخرج مع عمي منصور ومع عمي

معتصم ويزور الخيول ويدخل معه الآن للمكتب "

ضحكت وأنزلتها وقلت " علينا إيجاد حل

لك مع الأبواب المغلقة "

نزلت بيسان وقالت تخفي فمها بيدها موجهة

حديثها لترف " قد يكون سيوبخه أو يضربه "

ضحكتْ ضحكة صفراء وقالت " نعم حمدا

لله أنه لم يأخذني معه "

ثم ضحكتا معا وسارتا مسرعتين جهة الباب وتبعتهما

أضحك على خبثهما , معهما الحق يموتان فضولا لأن

أمجد لن يقول أبدا ما سيقول له خصوصا لو طلب منه

أن لا يخبر أحدا فلن يموت ذاك الفضول إلا بالتوقعات

السيئة , صعدت خلفهما ودخلت لغرفتهما وقالت ترف

" نلعب بالقلعة ماما "

هززت رأسي بحسنا وأنزلت مفتاح الغرفة من أعلى

ومددته لبيسان وقلت " لا أريد شجارا مفهوم "

قالتا وهما تغادران " مفهووووم "

بدأت بترتيب غرفتهم على دخول أمجد قائلا

" أبي قال أن تلحقي به لجناح عمتي زهور "

ابتسمت له وقلت " شقيقتاك عند القلعة اهتم

بهما بني تعرفهما تتشاجران دائما هناك "

قال مغادرا الغرفة " حاضر "

خرجت بعده أراقبه مبتسمة .... أمجد بدأ يكبر حتى

أنه أصبح أحيانا يناديني أمي وينادي والده أبي

التفت ناحيتي ثم عاد جهتي ووقف أمامي وقال

" أبي قال أن أنتقل لغرفة بجوار غرفة عمي معتصم "

مسحت على شعره وقلت مبتسمة " وعليك أن تفعل فورا "

هز رأسه بنعم وقال " قال أن أخبرك لتخبري الخادمات "

هززت رأسي بحسنا ثم قبلت خده وغادرت , يبدوا

حتى جابر أصبح يفكر فيه على أنه أصبح كبيرا

وعليه أن يعلم ويتعلم أن يعتمد على نفسه كي لا يكبر

معتمدا على غيره , سرت باتجاه ممر جناح زهور

فكان جابر يقف في بدايته يتحدث بالهاتف مستندا بيده

على الجدار فوقفت بجانبه وأحطت خصره بذراعي

فأنهى المكالمة وأمسك كتفي وسرنا سويا حتى باب

جناحها وقال " إن اتخذتْ أسلوب الصمت في

أي وقت يعني غادرا من نفسيكما "

ضحكت وقلت بهمس " طردة بأسلوب غير مباشر إذا "

طرق الباب وفتح مقبضه قائلا " لم تكن هكذا أبدا "

دخلنا وكان جناحها رائعا ويظهر عليه ذوق الأنثى ووقع

نظري على حوض الأسماك مباشرة من كثرة ما حكت

عنه ترف وبيسان , نظرت له وقلت " منذ يومين أرسلت

خادمتها وقالت أنها تريد أبناءك وقضوا معها وقتا هنا "

نظر لي باهتمام وقال بهمس " هذا تقدم كبير "

هززت رأسي بنعم مبتسمة على انفتاح باب غرفتها

وخرجت منه تنظر لنا بحيرة فقلت مبتسمة

" متسللان وأمسكتِ بنا "

ابتسمت ابتسامة صغيرة وعلى ما يبدوا هذا أكثر ما

تقدر عليه وتعتبر ضحكة طويلة , كانت ابتسامة جميلة

مثلها , لا أعلم هذا الذي تزوجها كيف سيخرج من المنزل

ويتركها لو كنت مكانه ما فارقت وجهها ليلا ولا نهارا

أشارت بيدها للأريكة وقالت " تفضلا "

توجهنا حيث أشارت وقال جابر " أحضرت لك معي

ثرثارة ستجعلك تطرُدينا بالصوت العالي "

جلسنا ونظرت له بضيق وقلت " كنت تركتنا حتى

خرجنا لما الإهانات أمامها هل تريد أن تنفرها

من الزواج من قبل أن تذهب له "

جلستْ والابتسامة لم تفارق وجهها , لهذا جابر يمزح

على غير عادته فيبدوا يحبها ولا يعجبه حالها هكذا

ويتمنى ولو زرع الابتسامة على شفتيها , جابر من لا

يقترب منه لا يعرفه على حقيقته , وطبعا لأني أعلم أنه

أحضرني لأتحدث أنا ووجوده هوا فقط لكي يكون وجودي

منطقيا فتحدث أنا قائلة " قبل زواجي زرت مجمعا للتسوق

رائع وكل شيء فيه أعجبني حتى كدت أشتري كل شيء

ما رأيك أن نذهب له معا لتشتري كل ما يلزمك "

أشاحت بوجهها وقالت ببرود " شكرا لك لكني لا أريد "

قلت من فوري " أنتي عروس لا تجعلي شيئا يعكر هذه

الفكرة في رأسك ومهما كان فعيشي حياتك , شقيقك

سيدفع كل ما ستشتريه فالعرض مغري حقا "

نظرت ليداها في حجرها وقالت " لا أحتاج شيئا "

قلت مبتسمة " لو كان لي شقيق لسحبت ماله حتى انتهى "

ثم تنهدت وتابعت بهدوء " كم تمنيت حياتي أني لست

وحيدة فأجمل شيء أن يكون لك عائلة يحبونك لذلك

غطى أبناء جابر حين كانوا معي كل ذاك المكان وكنت

متلهفة لأن يكبروا وخصوصا أمجد كي أشعر بمعنى

الشقيق الذي يرعاني ويوفر ما أحتاج وإن كان

أصغر مني بكل هذه السنوات "

ثم نظرت لجابر وقلت مبتسمة " لكن أمجد أحضر

لي هدية أكبر رجلا جاهزا وفر كل ذلك وأكثر "

ثم نظرت جهتها وقلت " جربي أن نزوره فقط ولا

تشتري شيئا إن أردتي "

قالت بحزن " أنا حقا لا أحتاج شيئا "

قلت بخيبة أمل " لم أتخيل أن تخجلينا وترُدينا خائبين "

نظرت للأرض بحزن ولم تتكلم ويبدوا دخلت حالتها التي

حكا عنها جابر فوكزت جابر وأشرت له بعيناي ليغادر

فهمس لي في أذني قائلا " لا تضغطي عليها كثيرا "

هززت له برأسي بمعنى حسنا وخرج في صمت فقلت

" أفهم شعورك يا زهور ويبدوا أنك مثلي حين تزوجت

جابر , أنا لا أعرف سبب نفورك منه لكني أعرف معنى

أن تتزوجي بغير اقتناع فتصوري أني لم أشتري ولا قميص

نوم أو ملابس خاصة ألبسها له ولبست قميص نوم من أول

ليلة ولو عاد بي الزمن للوراء لاشتريت تلك الأشياء

المبهرة ولكنت ارتديت في أول ليلة على ذوقي "

لم تتكلم فقلت بدون يأس " أنتي لا تعلمي قيمة نفسك

أقسم لو كنت في جمالك لبقيت طوال النهار

بقميص النوم ولن أخلعه "

نظرت حينها جانبا وابتسمت تمسك ضحكتها فقلت

مبتسمة " البسيه له فقط وانظري ما سيحدث له "

ماتت ابتسامتها وقالت " لن يفهم أحد وضعي يا أرجوان "

قلت بهدوء " لا أريد أن أتدخل في أمور لا تريدين

التحدث عنها يا زهور وأشعر أن ثمة ما يكدرك في

هذا الزواج لكني لا أريد أن تكسري بخاطر شقيقك

فاشتري ولو حليا وفساتين خروج وحين تقرري أنك


تريدين تلك الأشياء فقط أعطني الإشارة فتكون

لديك جميعها في لحظات "

تنهدت ورفعت شعرها خلف أذنها وقالت

" من أجله سأشتري ما قلته فقط "

وقفت وقلت " إذا لن نخرج مرة واحدة

وسنختار على مهل "

وقفت وقالت " لا هي مرة واحدة فقط "

اقتربت منها وأمسكت يدها وقلت " تلك من أجل

جابر وهذه أريدها من أجلي اتفقنا "

نظرت للأرض لوقت لكني لم أتحرك من مكاني

حتى أسمع رأيها فهزت رأسها بحسنا وقالت

" إذا مرتان أو ثلاث فقط "

قلت مبتسمة " موافقة رغم أن جسدك وبشرتك

الناصعة لن تتعبنا في الاختيار "

ثم قلت مغادرة " سنتفق فيما بعد على وقت خروجنا "

وخرجت من عندها وهي على صمتها وأرى جيدا

عدم اقتناعها بكل هذا لكن لن أيأس أبدا فعلى الأقل

تخرج من غرفتها وعزلتها , وصلت غرف الأطفال

وغرفة القلعة ولا أحد هناك ... غريب أين ذهبوا !!

توجهت لجناحي فلم يكن هناك أحد ولا حتى جابر

غيرت ثيابي وارتديت ملابس أكثر جمالا وأناقة

تنوره قصيرة عند الركبتين وقميص ضيق ملون

ومشطت شعري وأمسكته بمشبك ووضعت كحلا

وأحمر شفاه وخرجت من الجناح لأبحث عنهم في

الطابق السفلي فاختفائهم ليس طبيعيا وما أن وصلت

السلالم حتى كانوا صاعدين هم وجابر وما أن رأوني

حتى قالت ترف راكضة جهتي " ماما رأينا المسبح "

نزلت عندها وقبلت خدها وقلت " جميل وأين أصبح "

قال أمجد " سينتهي قريبا هكذا قال صديق أبي "

قال جابر " هيا لدراستكم الآن كي لا تحرموا منه "

توجهوا جهة غرفهم يتحدثون بحماس ووقفت أنا على

طولي وتوجهت جهته مبتسمة ووقفت على رؤوس

أصابعي وحوطت عنقه بذراعاي وقبلت خده وهمست

" حياتي بدونك لا تساوي شيئا يا جابر "

لف ذراعيه حول خصري وضمني له وقال

" والدليل "

ابتعدت عنه ونظرت لعينيه وقلت مبتسمة " اختبرني "

أمسك أنفي وقال " ماذا حدث مع زهور "

أبعدت يده وقبلتها وضممت ذراعه وسرنا

معا قائلة " وافقت أن نخرج وأكثر من مرة

لكن لتشتري أشياء محددة فقط "

فتح باب الجناح ودخل ودخلت بعده قائلة

" ما قصة رفضها لهذا الرجل رغم موافقتها عليه "

قابلني وقال ويداه في جيوبه ونظره جانبا " لا أعلم ولا

يبدوا أمرهما طبيعيا لكن لا أريد أن تدخل الظنون

رأسي فأنا أعرف زهور جيدا ورضا أيضا "

قلت بهدوء " يبدوا زواجها السابق السبب "

نظر لي وتنهد في صمت فحضنت وجهه بيداي وقلت

" ذاك لزهور والآخر للأولاد فماذا من أجل زوجتك "

أبعد يداي وقبل إحداهما والأخرى وضعها على صدره

وقال مبتسما " غداء في النرجسة البيضاء "

فتحت فمي من المفاجئة فتابع بابتسامة جانبية

" وليس الذي في السقف طبعا "

ضحكت وحضنته بقوة أدس وجهي في صدره

وقلت مبتسمة " أقسم أنها من دونك بلا معنى

ولا تسوي شيئا وبلا دليل "





*

*





وقفت أمام باب منزلهم وضربت الجرس فخرج

لي عمر فقلت له " أذهب وأخبر بتول أن ثمة فتاة

تريدها أمام الباب الخارجي ولا تتركها تخرج

دون عباءة وحجاب مفهوم "

هز رأسه بحسنا ودخل مسرعا وخرج بعد لحظات

وأخرج رأسه لي وقال " قالت اسألها من تكون

وأدخلها للباب الداخلي "

قلت مبتسما " قل لها لا تريد الدخول وتقول

أخرجي لي بسرعة "

قال بتساؤل " ولما لا تدخل لها بنفسك !! "

قلت ببرود " عمر نفذ بسرعة بلا كثرة أسئلة "

دخل وبقيت واقفا مستندا بجدار سور منزلهم يداي

في جيوبي حتى سمعت صوت خطوات حدائها فنظرت

خلسة فكانت ترتدي عباءتها وتضع حجابها على رأسها

فابتسمت بمكر وابتعدت قليلا حتى اقتربت خطواتها أكثر

وفتحت الباب ولم تجد أحد أمامه فأخرجت جزء من جسمها

تنظر للجانب الآخر فأمسكت بيدها التي تمسك بالباب

وسحبتها لي فصرخت قائلة " معتصم هل جننت أترك يدي "

لكني لم أكترث لها وسحبتها معي فقالت وهي تركض

خلفي " معتصم ما هذا الذي تفعله "

وصلت بها للسيارة قائلا " زوجتي وأريد الخروج معها "

استلت يدها من يدي وقالت بضيق

" لست زوجتك ولا زوجة أحد تفهم "

أمسكت يدها مجددا وقلت

" حسنا لستِ زوجتي أنا زوجك فقط "

شدت يدها مني بقوة فأمسكتها وفتحت باب السيارة

وقلت " اعتبري أني ابن عمك فقط يا بتول

ولا تجعلينا فرجة لخلق الله "

دخلت السيارة تتأفف فأغلقت بابها وركبت

فقالت بضيق " ومنذ متى يا ابن عمي تتنزه بي "

انطلقت وقلت مبتسما وأنا أنظر لها


" منذ الآن يا ابنة عمي "

كتفت يداها لصدرها ونظرت للأمام وقالت بضيق

" وما هذه الطريقة السيئة بدون علم أهلي ولا موافقتي "

نظرت لها ثم للطريق وقلت " أخبرت والدك أني سأآخذك

من المنزل ووالدتك لن يخفي عنها عمر شيء أو

ستتصل بوالدك وسيخبرها "

تأففت ونظرت جهة النافذة ولم تعلق فقلت مبتسما

" فرصة كما تريدين فأعطني إياها "

قالت ببرود ولازالت تنظر للنافذة

" أنا لم أرد ذلك ولم أطلبه "

لذت بالصمت ولم أعلق كي لا تقفز من نافذة السيارة

وشغلت مسجل الصوت وبدأت أغني مع الفنان

((احبك جدا واعرف أن الطريق إلى المستحيل طويل .... ))

قطعت صوته بأن مدت يدها وأغلقته ثم عادت بنظرها

للنافذة وقالت ببرود " لا أحب هذه الأغنية "

قلت مبتسما وأنا أمد يدي له " لا بأس نغيرها "

مدت يدها وأبعدت يدي قائلة " لا أحب جميع الأغاني "

ضحكت وقلت " لا مشكلة أغني أنا "

نظرت لي بصدمة فقلت بعد ضحكة " سيعجبك صوتي "

نظرت للأمام وقالت بضيق " إلا إن كنت تريد

أن أتقيء لك في سيارتك "

قلت بضحكة " وما نفع معامل غسل السيارات فلنجرب "

نظرت لي وقالت بحدة " معتصم "

أوقفت حينها السيارة وقلت مبتسما " لا أريد أن أقول

نعم يا حبيبة معتصم لأني أخاف أن تؤذيني "

نظرت جهة النافذة وقالت بضيق " كاذب "

قلت وأنا أفتح باب السيارة " لا بأس كاذب كاذب هيا انزلي "

نظرت لي وقالت بصدمة " ننزل أين "

أشرت بإبهامي للمكان وقلت " للمطعم طبعا "

قالت من فورها " وما نفعل في المطعم "

ضحكت وقلت " سنلعب لعبة النادل والزبون "

ثم تابعت وأنا انزل " سنتناول الغداء طبعا "

وقفت أنتظرها ويبدوا لا تفكر في النزول فتوجهت

جهة بابها وفتحته وقلت " هيا أنزلي "

مدت لي ساقها لخارج السيارة وقالت بضيق

" بحداء المنزل وعباءتي وحجابي كالأرملة "

قلت بصدمة " لا تفاولي علي لازلت في عز شبابي "

أمسكت الباب لتغلقه فأمسكته منها وقلت

" أنزلي هيا ما به حذائك ما أجمله وملابسك

أيضا ولا تهتمي لأحد مادمتِ تعجبينني "

نظرت لي نظرة قوية غاضبة فقلت بضحكة وأنا

أسحبها من يدها " ولا أعجبك ولا تحبينني بسرعة

قبل أن يلغوا حجزنا ويطردونا "

نزلت تتأفف فأمسكت يدها ولففتها حول ذراعي داخلان

حتى وصلنا الطاولة فقالت " اترك يدي لأجلس

ولا تخف لن أهرب منك "

ضحكت وتركت يدها وقلت وأنا اسحب لها

الكرسي " لا تضنين بي خيرا أبدا "

جلست ولم تعلق وما أن جلست حتى كان النادل

عندنا وقال " مرحبا بكما وماذا تطلبان "

نظرت له ثم لبتول وهي ترى قائمة المأكولات

وقلت مبتسما " سآخذ على دوق زوجتي "

خبأت وجهها في ورقة القائمة وتأففت بصوت

منخفض ثم أبعدتها ورمتها على الطاولة وقالت

" أريد سمكا مشويا وطبق قريدس وبلح بحر وإن

كان لديكم عصيرا من شيء من البحر فأحضره "

نظرت لها بضيق ... هذه المحتالة تعلم أنني اكره

المأكولات البحرية , اختفى النادل في طرفة عين

كي لا نغير شيئا وقلت ببرود " ستأكلين كل ما طلبته "

قالت بابتسامة جانبية " الم تدعوني للغداء فتحمل إذا "

قلت بنفاذ صبر " بتووول "

قالت بضيق " أعدني للمنزل إذا "

تنهدت وقلت " أمري لله سأستحمل "

ضربت بقبضتها على الطاولة وقالت بحدة

" لم أطلب منك جلبي لتستحملني "

قلت بابتسامة جانبية " أخفضي صوتك أم

تريدين أن يروا حدائك "

قالت بأسى " لما تكرهني لما تفعل بي

هذا ولماذا تسخر مني "
تنهدت وقلت بهدوء " بتول أرفعي


هذه الأفكار من رأسك "
أحضروا الطعام فأخذت المنديل وأغلقت انفي

به وقلت " كلي بسرعة ليأخذوه "

كتفت يداها لصدرها وقالت " لا أريده "

قلت بضيق " بتول توقفي عن لعب الأطفال "

قالت ببرود " قلت لا أريده فكله أنت أو تصرف به "

أشرت للنادل وما أن جاء حتى قلت له " أرفع كل هذا

واحضر لي طبقي المعتاد وسأدفع كامل الحساب "

حملوا الأطباق بسرعة فأبعدت المنديل وقلت بهدوء

" بتول لا تفكري أنك بهذا ستجعلينني أطلقك "

شربت من كوب الماء وقالت ببرود

" لا يهم ففي النهاية ستطلقني "

جلبوا لنا الأطباق الأخرى وأمسكت الشوكة وقلت

وأنا آكل من طبقي " كيف تسير أمور دراستك "

نظرت للجانب الآخر وقالت " كالعادة "

قلت بذات هدوئي وأنا منشغل بالطعام

" أنا سأجتاز العام بسهولة فلا أروع من أن

تدرس ما ترغبه وتتمناه "

نظرت لي فقلت مبتسما " وماذا عنك أنتي ماذا

تريدين أن تدرسي في الجامعة "

نظرت للأسفل وقالت " لم أقرر "

وضعت الشوكة وقلت " لابد وأن لك ميولا لشيء

ما فلا أحد لا يريد أن يكون شيئا "

قالت بحزن ونظرها لازال للأسفل " لم يتركني أحد

أتمنى شيئا فمدرس اللغات تسبب بإعادتي لعام كامل

ووالدتي نزعت وقتي في تربية أبنائها الذين لا يكبرون

ولا ينتهون ووالدي نزع مني حريتي الشخصية

وزوجني دون علمي , هذا غير من سخر مني حتى

أصابني بالإحباط وجعلني أكره اسمي ونفسي "

تنهدت بحيرة وأنا أراقب ملامحها , هل ترى نفسها

هكذا ؟ هل هي محبطة لهذا الحد ولا يلحظها أحد

كانت نظرتي لها دائما أنها مدللة حد أنها لا تعرف

الصحيح من الخطأ والغير المهم من الضروري

قلت بهدوء " وأنا كنت دائما اشعر أني شيء لا معنى

له في الحياة فمن هم في سني أنهوا دراستهم وتخرجوا

وتزوجوا وأنا لم ابدأ دراستي بعد لأني أريد شيئا ووالدتي

تريد مني أن أكون كما تريد وحتى من أردتها زوجة

تكرهني وحين تزوجتها أخفيت الأمر عنها كي لا أشعر

أكثر أني غير مهم بالنسبة للجميع "

نظرت لي بعينان تمتلئ دموعا وقالت بأسى

" لما تزوجتني وأنت تكرهني "

تنهدت وقلت " أنا لا أكرهك يا بتول "

هزت رأسها بلا لتنزل أول دمعتين فوقفت وجلست

في الكرسي المجاور لها ومسحت دموعها بالمنديل

وقلت " حسنا لا تبكي ولن نتكلم في الأمر "

ثم أدخلت يدي في جيبي وأخرجت علبة فتحتها وقلت

" دعيني على الأقل ألبسك خاتم الزواج "

خبأت يداها تحت الطاولة فأخرجتها وقلت

" ارميه حين يطلقك مني لكن الآن اقبليه "

قالت بضيق وهي تشد يدها " لا أريد قلت لك لا أريد "

تركت يدها وأعدته لعلبته وأغلقتها وقلت بحزن

" أعلم أني فاشل في كل شيء راعي مشاعري على الأقل "

لم تتكلم ولم ترفع رأسها فتابعت " لا تكوني

ووالدتي دراستي وحياتي جميعكم علي "

انتظرتها في صمت حتى أخرجت يدها ومدتها

لي قائلة " الآن فقط ولا أعترف بك "

ابتسمت ابتسامة انتصار تخالطها ابتسامة مكر

وأمسكت يدها وألبسته لها ثم رفعتها لشفتاي وقبلتها


وحضنتها بكلتا يداي وقلت وأنا انظر لملامحها

" أتمنى أن يبقى فيهم للأبد "

نظرت لي لتلتقي عينانا ثم سرعان ما شدت يدها

وسحبتها من يداي وقالت " يكفي أعدني للمنزل "

قبلت خدها بسرعة لتقف منتفضة ثم وقفت وقلت

ضاحكا " للمنزل يا متعبتي "





*

*




كان اليوم مميزا ولا أصدق أنه أخرجني للغداء رغم

أننا عدنا سريعا لاتصال ورده ثم غادر فورا لكنه الآن

اتصل وقال أنه عائد للقصر والوقت لازال مبكرا , لما

يصبح الرجال مهمين في حياتنا بسهولة وبلا تعب ولا

مجهود بينما تسعى المرأة وتتعب كي تحضا بحبه

سمعت خطواته في الجناح فعدلت قميص النوم ورتبت

شعري لحظة دخوله وأغلق الباب خلفه ثم نظر له

وأمسك طرف الورقة المعلقة به وقال ونظره عليها

" متى سأعرف سر هاتين الورقتين "

توجت نحوه وأبعدت يده عنهما ثم وقفت على رؤوس

أصابعي وقبلت خده وقلت " عليك أن تكتشف وحدك "

نظر لهما وقال بتفكير " القبلة بأحمر الشفاه عمودك

أنتي بالتأكيد والآخر تحت الشارب عمودي أنا "

ثم نظر جهتي وقال بضيق " ولما عمودك في واحدة

يكاد يمتلئ والأخرى مثله وأنا في واحد

عدد قليل والآخر صفر "

حركت كتفي مبتسمة بمعنى لا أعلم فتتبع بإصبعه

العمود وقال " اليوم زدتِ لي واحدة فما يعني "

حضنت ذراعه واتكأت عليها وقلت

" فكر واسترجع ذكريات اليوم وستعرف "

لاذ بالصمت لوقت ثم حضن خدي بكفه ومال

برأسه ورفع وجهي له وقبل شفتاي ثم قال بمكر

" أضيفي واحدة لي الآن "

أملت فمي وقلت بضيق " كيف علمت "

ضحك وقال " سهلة جدا "

تنهدت بقلة حيلة وتركت ذراعه وأمسكت القلم المعلق

معهما على الباب وأضفت له واحدا في عموده فقال

متجها للخزانة " لكنك مخادعة فأنا أملأ العمود في ليلة "

وقفت مستندة بالباب وقلت بابتسامة

" الليل لا يحسب منه شيء "

عاد بعدها ناحيتي ووقف أمامي محاصرا لي

بيديه وقال " وماذا إن ملأته الآن "

قلت بعد ضحكة صغيرة " تحسب واحدة طبعا "

أمسك ذقني ورفع وجهي له وقال " هل تقصدي

أنك تعطيني على كل ليلة واحدة فقط "

قلت بهمس " نعم "

رفع ذقني له أكثر لارتفع على رؤوس أصابعي ومال

برأسه وقبلني قبلة طويلة ثم أبعد شفتيه ببطء

وقال بهمس " محتالة "


ضحكت ضحكة صغيرة ومسحت بيدي على خده

وقلت ونظري في عينيه " سأجعل هذه اثنتان لروعتها "

ابتسم بمكر ثم قال " والورقة الأخرى "

هززت كتفي أرفض الإجابة فشدني له وحاصر

خصري بذراعيه وقال " تجيبين الآن وإلا "

ابتسمت ومسحت بكفي على صدره الصلب العريض

وكتبت عليه بإصبعي وأنا أقولها مع حركته وبهمس

" أحـــــــبـــــك "

ثم رفعت نظري له وأملت رأسي قليلا وقلت بابتسامة

" عليا أن أضيف واحدة لي الآن "

رفعني للسرير ورماني عليه وجلس فوقي فقلت

بضحكة " ألن تملئ فيه شيئا كالآخر "

مسح بكفه على طرف وجهي ومال وقرب وجهه

حتى تلامست أنوفنا ثم قبلني قبلة طويلة أفقدني

فيها نصف حواسي ثم ابتعد قليلا وملأ صدره بالهواء

وقال بهمس " أنا لا أعترف بالحب يا أرجوان "

لتتصلب جميع مفاصلي وتنفتح عيناي على اتساعهما

من الصدمة وما أن فتحت فمي لأتكلم حتى أغلقه

بأصابعه وقال وعيناه في عيناي " هل سألتِ نفسك يوما

لما لم تحبيني من قبل أن أتزوجك أو من قبل أن تريني

قبّل بعدها عنقي قبلة واحدة ثم نظر لي مجددا وقال

" أنتي اعتدت وجودي في حياتك فقط يا أرجوان

أعترف أن هناك شيء أسمه عشرة وأسمه تعود

واحترام بين الزوجين لكن حب هذه كلمة اخترعها

الناس ليغطوا بها بعض أكاذيبهم فكم من علاقة

وزواج فشلا تحت هذا المسمى "

أبعدت يده على شفتاي وقلت بهمس مصدوم

" لكني أحبك "

قال مبتسما وهوا يمرر إصبعه على شفتاي " بل اعتدتِ

وجودي في حياتك ووفرت لك أشياء تفتقدينها "

هززت رأسي بلا وعيناي تمتلئان بالدموع من فظاعة

ما سمعت منه , قبل شفتاي قبلة صغيرة وقال

" الحب مجرد كذبة اخترعها البشر "

بدأ تنفسي يعلو ويهبط ليحرك صدري للأعلى

وأسفل بقوة وقلت ببحة " وهذا بما تسميه "

قبل شفتي مجددا وقال بهمس " هذا فطرة وغريزة يا أرجوان "

وانتقل بعدها لعنقي يقبله بشغف لتنزل الدموع التي أمنعها

من النزول وكلماته تحرق قلبي حرقا ... غريزة وتعود

وعشرة , هل يرى هذا غريزة فقط هل نحن حيوانات

نعم لهذا مارسه معي من أول ليلة فهوا صادق لا يراه سوا

غريزة بل شهوة لن يختلف عنده الأمر إن كنت أنا أو غيري

في هذا الموضع الآن , هل يراني شخص اعتاد وجوده

في حياته فقط , كنت أشعر بقبلاته على جسدي كالجمر

ولأول مرة أشعر بهذا الشعور معه وكأني أنام في حضن

الشوك بل وكأن حضنه تحول لأشواك , أغمضت عيناي

بشدة والدموع ترفض التوقف , الآن فقط فهمت وضعي

هنا ومكانتي لديه , الآن فقط أدركت أني مجرد أداة لغرض

ما يمكنه إبدالها بأخرى دون أن يبالي فكل ما بيننا في

نظره عشرة وتعود وشهوة تغطيها أي امرأة








نهاية الفصل وصبرا جميلا يا حزب جابر

 
 

 

عرض البوم صور برد المشاعر   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
أوجاع ما بعد العاصفة, رواية
facebook




جديد مواضيع قسم القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t199405.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
Untitled document This thread Refback 10-09-15 05:28 PM


الساعة الآن 02:33 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية