لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
التسجيل مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (1) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 12-07-15, 05:03 AM   المشاركة رقم: 1826
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فخري


البيانات
التسجيل: Aug 2014
العضوية: 273510
المشاركات: 1,332
الجنس أنثى
معدل التقييم: طُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 2492

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
طُعُوْن غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : برد المشاعر المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: أوجاع ما بعد العاصفة (الفصل الواحد العشرون)

 
دعوه لزيارة موضوعي

صباح الخير.. اشتقت لكم حيل حيل حيل..
هموسه واموله وميشو.. واللي فاقدتها صدق ميمي😟
ان شاء الله ترجع لنا بعد العيد.. وكل من غاب..


نواس، وسن..


"غرباءْ

أطفئ الشمعةَ فالرُّوحانِ في ليلٍ كثيفِ

يسقطُ النورُ على وجهينِ في لون الخريف

أو لا تُبْصرُ? عينانا ذبولٌ وبرودٌ

أوَلا تسمعُ? قلبانا انطفاءٌ وخمودُ

صمتنا أصداءُ إنذارٍ مخيفِ

ساخرٌ من أننا سوفَ نعودُ

غرباءْ

نحن من جاء بنا اليومَ? ومن أين بدأنا?

لم يكنْ يَعرفُنا الأمسُ رفيقين.. فدَعنا

نطفرُ الذكرى كأن لم تكُ يومًا من صِبانا

بعضُ حبٍّ نزقٍ طافَ بنا ثم سلانا

آهِ لو نحنُ رَجَعنا حيثُ كنا

قبلَ أن نَفنَى وما زلنا كلانا

غُرباءْ"


لـ نازك الملائكة..

 
 

 

عرض البوم صور طُعُوْن   رد مع اقتباس
قديم 12-07-15, 08:10 AM   المشاركة رقم: 1827
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
اميرة القلم


البيانات
التسجيل: Aug 2014
العضوية: 273354
المشاركات: 4,068
الجنس أنثى
معدل التقييم: برد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسي
نقاط التقييم: 4345

االدولة
البلدLibya
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
برد المشاعر غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : برد المشاعر المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: أوجاع ما بعد العاصفة (الفصل الواحد العشرون)

 

أعتذر على التأخير لأن النت كان مقطوع فأتمنى تعذروني




الفصل الثاني والعشرون









دخلت المنزل أجهز نفسي لحرب طويلة لإخراجها من هنا

وأعلم أي يوم ينتظرني اليوم ، توجهت من فوري لغرفة

والدتي فكان بابها مفتوحا فوقفت أمامه فكانت مكانها على

السرير لكنها الآن جالسة فوقه وأغراض والدتي في حجرها

ونظرها عليهم ويداها متشبثتان بهم وكأن ثمة من سيأخذهم

منها ، ما أن فتحت فمي لأتكلم حتى قالت بشبه همس

" لن أخرج من هنا "

نظرت جانبا وتنهدت بضيق ممررا أصابعي في شعري

فتابعت ببرود " قلتها سابقا أخرج من شقتنا لمنزل

خالتي ولا أغادر منه إلا لها "

نظرت ناحيتها وجمعت كل ما أملك من هدوء وقلت

" وسن توقفي عن الجنون فبقاء لوحدك لن تبقي "

سقطت دمعتها على مصحف والدتي في حجرها وقالت

بأسى " تركوني لك يا نواس جميعهم رحلوا وتركوني لك

كل من يريدني رحل عني وتركني لمن لا يريد حتى رؤيتي "

أمسكت مقبض الباب بقوة وكأني سأحطمه وقلت بضيق

" وسن توقفي قلت لك "

رفعت رأسها ونظرها لي وحضنت المصحف ولباس

الصلاة لصدرها وتابعت وكأنها لم تسمعني وقالت بحرقة

" خذلوني جميعهم ، وعدوني واخلفوا مثلك حين قلت أنه

لن تسكن حضنك غيري وخلفت , نعم وعدتني وأخلفت

وأقسمت وحنثت بيمينك وكأنك ما أقسمت "

ضربت بقبضتي طرف الباب وقلت بحدة " أغلقي الدفاتر القديمة

يا وسن كم مرة سنعيد ذات الكلام "

لوحت بيدها في الهواء وقالت بغضب " نعم لأنك ربحت

أنت من كسبت في النهاية وبقيت أنا اليتيمة العالة في

عهدتك تنتقم منها كيف تشاء "

دفعت الباب بيدي لينفتح على مصرعه وقلت بغضب أشد

" توقفي عن حشو رأسك بهذه الأفكار السوداء ، أنا

لم أفكر في الانتقام منك يوما "

ابتسمت بسخرية ولم تعلق وقالتها لي بذلك من دون

كلام ( كاذب ) , تنفست بقوة وغضب وقلت بجدية

" ستخرجين من هنا ومعي ولمنزلي ولا نقاش فيما أقول "

رمت الأغراض من يدها وخرجت من السرير واقفة وقالت بحدة

" زوجني للإمعة الآخر وارحمني فلعلي أموت على يديه "

صرخت بحدة " لا تقولي عنه إمعة "

فتحت ذراعيها وقالت بسخرية

" وما سيكون هذا الذي تتحكمون في قراراته "

ثم أشارت لي بإصبعها وقالت " لولا عهدي لخالتي ما

تركتك تتحكم في مصري وما وافقت على من ستختاره

أنت وإن كان رئيس البلاد "

قلت مغادرا " ولولا عهدي لها ما زوجتك به "

فماذا إن علمتِ أنه أنا وأني مثلك قطعت يمينا أنفذه

أحبت نفسي أم كرهت ، توجهت لغرفتها هنا وكان فيها

حقيبتان جاهزتان ومؤكد لها ، أجهل حقيقة ما حدث هنا

بعدي لكن الواضح أن جواد أوصل الأمر لنهايته ثم مزق

التوكيل وسافر ، أخرجت الحقيبتان وخرجت بهما للسيارة

حيث معاذ لازال واقفا هناك ، وضعتهم على الأرض

خلفها ثم فتحت حقيبة السيارة ووضعتهم فيها وأغلقت

بابها بقوة ووقفت واضعا يداي وسط جسدي أنظر للأرض

وأتنفس بغيض فقال معاذ " هل ستأخذها هناك "

نظرت جانبا وقلت " أسدي لي معروفا يا معاذ واسبقني

للمزرعة , أريد أثاثا في آخر غرفة في الممر

الغربي من الطابق الثاني "

قال بعد صمت " لكنك لا تستخدم غرف ذاك الممر لأنه

مطل على ساحة التدريب وجزء من الإسطبلات ولا

شيء فيه سوا مكتبك "

نظرت له وقلت " لا حل أمامي غيره فالجانب الشرقي

لا أستطيع وضعها فيه والطابق الأول فيه وليد ولن أخرجه

منه تحت أي ظرف كان ولا أريد أن يخرج في كل الأحوال "

قال بهدوء " وليد سيقدر الأمر فلم تعد الظروف كما كانت

سابقا ويمكنك أن تشتري له منزلا قريبا من المزرعة "

هززت رأسي وقلت " مستحيل ينقطع لساني ولا أقولها له "

ثم أشرت له بإصبعي وقلت بتحذير

" وإياك يا معاذ أن تلمح له ولا مجرد تلميح "

ثم أخرجت هاتفي من جيبي قائلا " الممر في الجناح الغربي

مستقل عن باقي الطابق ولا حل أمامي غيره كما أني أعرف

وسن جيدا ليست من النساء الفاسدات لتجلس للعمال في نافذتها

وإن رفع واحد منهم نظره هناك فقأت له عيناه ليكون درسا لغيره "

قال متوجها جهة سيارته " كما تريد ستكون الغرفة جاهزة

بعد وصولي هناك بأقل من ساعة "

ثم ركب سيارته وغادر فنظرت لهاتفي مطولا بتفكير

ثم اتصلت بمي فأجابت من فورها قائلة

" مرحبا نواس وحمدا لله على سلامتك "

قلت بهدوء " سلمك الله ، مي سيكون معاذ في المزرعة بعد

أقل من نصف ساعة فلا تخرجي من غرفتك لأنه والعمال

سيكونون في الأعلى وبعد أن يغادروا أطلبي من راضية

أن تنظف الغرفة التي أدخلوا لها الأثاث وتضع فيها أغطية

وكل ما يلزم في الغرفة والحمام "

قالت من فورها " حسنا سأفعل كل ما طلبت "

تنفست بعدها بقوة وقلت بهدوء " مي وسن ستعيش معنا

هناك لا أريد أن تحتكي بها تحت أي ظرف كان واستحمليها

من أجلي , هي ستكون في جانب مستقل من الطابق , وسن

ليست سيئة طباع مع الناس لكنك تعلمين ظروفنا جيدا "

قالت مباشرة " لا يحتاج الأمر أن تشرح لي

وسأفعل ما تأمرني به "

قلت بامتنان " شكرا لك يا مي وداعا الآن "

لا أعلم أي أيام تنتظرني هناك لكني متأكد من أنها سيئة على

الجميع ، تنهدت بأسى ثم عدت جهة المنزل , دخلت ووجدتها

تقف في الصالة فقلت بهدوء " وسن أقسم ليس غرضي

الانتقام منك فاخرجي معي وأريحيني "

أشاحت بنظرها عني ولم تتكلم فقلت

" أغراضك في السيارة ومكانك هناك جاهز ومستقل

ولن تحتكي بأحد أو تريه فدعينا ننتهي من هذه المشكلة "

قالت ببرود ونظرها لازال بعيدا عني " ومتى ستزوجني به "

قلت بضيق " وسن أفهم ما تفكرين فيه ولن يحصل "

نظرت لي وقالت بجدية " حللني من وعدي ووعدك إذا "

قلت بهدوء وعيناي تسافر في ليل عينيها " لا أستطيع "

كتفت يداها وقالت بجمود " ولما "

ابتسمت بسخرية وقلت " لن تفهمي مهما شرحت "

جلست على الأريكة وقالت ببرود ناظرة للأرض

" إذا لن أخرج من هنا إلا معه "

ابتسمت بألم على الواقع المرير الذي ليتها تعلمه وتعلم أي

مأساة يحمل وقلت " ولما لم تتزوجي بسليمان "

أشاحت بنظرها جانبا وقالت بسخرية

" تخلى عني وتركني لك كما الجميع "

ثم نظرت لي بعينان ممتلئة بالدموع وقالت بأسى

" وتقول أنك لا تريد الانتقام مني يا نواس وأول

ما فعلته الآن أن سخرت من حالي "

أوليت ظهري لها واستندت بقبضتي على الجدار وأنزلت

رأسي للأرض مغمضا عيناي بألم فعند هنا انتهي إلا عيناها

دامعة كل شيء أستحمله إلا هذا المشهد حدقتاها الواسعة تلمع

من سجن الدموع , وبقيت على حالي ذاك حتى وصلني صوتها

قائلة بهدوء حزين " لن تشعر بي أبدا يا نواس كما لم

يشعروا بي جميعهم لأنكم لستم في مكاني "

ابتعدت عن الجدار وتوجهت نحوها وأمسكت يدها وسحبتها

معي سائرة خلفي قائلا " ليتك أنتي تشعرين بما أشعر

لكنك لستِ في مكاني أيضا "

ثم خرجت بها من المنزل والغريب أنها لم تقاوم





*

*





بعدما اتصل نواس بحوالي الربع ساعة طرقت عليا راضية

باب غرفتي ففتحت لها فقالت باستغراب " طرقت باب

غرفتك ونواس كثيرا ولم تجيبي ظننتك هناك !! "

قلت بارتباك " كنت هنا واتصل بي نواس وطلب أن لا

أخرج لأن العمال سيصعدون ولم أستطع الخروج "

قالت مباشرة " نعم معاذ قال لي الآن أن أعطيك

خبرا أنه سيصعد والعمال للأعلى "

هززت رأسي بحسنا ثم قلت " ونواس طلب مني أن

أخبرك لتنظفي الغرفة التي سيضعون فيها الأثاث

هنا وتري كل ما يلزمها وتضعيه فيها "

قالت بحيرة " هل سيأتي أحد للعيش هنا !! "

قلت بهدوء " أجل إنها ابنة خالته المسئول عنها "

هزت رأسها بحسنا ثم غادرت فأغلقت الباب ووقفت عليه

كادت تكتشف الأمر رغم حرصي الشديد حتى أني لم أخرج

أغراضي من هناك وحتى الحمام أدخل الذي في غرفته لأنها

لا تصعد إلا مرة واحدة صباحا من أجل التنظيف ، تنهدت

بحيرة وتوجهت نحو السرير وجلست عليه أنظر للأرض

بشرود ، تري ما ينتظرني وينتظرك هنا يا وسن ؟ صحيح

أني ونواس زوجان بالاسم فقط وأنها حين التقينا في عزاء

خالتها لم يبدر منها أي تصرف عدواني اتجاهي ولا بنظراتها

حيث كانت فقط تتجنب النظر لي بل ولكل الجانب الموجودة

أنا فيه عكس شقيقتها التي كانت ستمزقني بنظراتها الكارهة

لوجودي لكني حقا متخوفة من مواجهتها ، أعلم بشعورها

وكراهيتها لوجودي لكني لا ذنب لي فيما حدث فأنا مجرد

ضحية مثلها رماهما حظهما التعيس هنا ومعا ، وضعت

يدي على خدي وجلست لوقت أبحر مع الأفكار ثم وقفت

وتوجهت للنافذة حيث أنها مطلة على جزء بسيط من نهاية ساحة

الخيل لأن أغلبه في الجانب الآخر من المزرعة وهذه النافذة

متنفسي الوحيد لأرى منه العالم الخارجي وليس كذلك فقط

بل وأراقب وليد ولو مارا أو يركب إحدى الخيول ويعبر بها

من هذه الجهة ابتعدت وعدت مكاني أراقب السماء منها بحزن

ترى هل أنا بهذا مخطأة !! متزوجة بصديقه ومشاعري معه

لي زوج أخونه بقلبي ومشاعري , لكن كيف أعطيه كل شيء

وهوا لا يحبني بل ويعشق أخرى .... يا رب ألهمني للصواب

ولا تلمني على ما غلبتني نفسي فيه , بعد قليل جاءت راضية

لتخبرني أنهم غادروا لأعود لغرفتي ولا تعلم بأنني فيها الآن

وقفت وقلت " سأنزل معك أشعر بالملل والوحدة "

قالت مبتسمة " ها هي ستأتيك من تسليك "

ابتسمت بألم وخرجت خلفها .... هذه لن تسليني بل ستزيدني

عزلة وسأزيدها ألم ووجع فوق وجعها , وصلنا المطبخ وكأني

أريد الاختباء فيه من لقائها , قلت بعد وقت

" أين الغرفة التي جهزوها لها "

قالت دون أن تنظر لي " في ممر مكتب نواس "

قلت باستغراب " ذاك الممر لا يستخدم غرفه أحد أليس كذلك "

رفعت المقلاة من على النار وقالت وهي تتوجه بها للطاولة

" نعم لأنها مطلة على ساحة التدريب والإسطبلات وهم

والعمال دائما فيها فحتى في الطابق الأرضي تلك الجهة

بها غرفة وليد فقط "

إذا اختارها لتبتعد عن كل الجهة التي نحن فيها أم لتكون

عنده في كل وقت ليشعر بها بجواره حتى وهوا هناك , ترى

هل يفكر هكذا ! لكن لا مستحيل مؤكد يجنبها ممر غرفنا بما

أن وليد يعيش هنا في هذا الطابق , رفعت رأسي لأتحدث

على صوت نواس المرتفع في وسط المنزل مناديا

" راضية "





*

*






ركبت سيارته يقودني شيء غير قدماي قد يكون قدري

الذي لا مفر لي منه أو استسلامي للأمر الواقع فعليا أن

أكمل محكوميتي التي لم ولن تنتهي, فبعد كل هذا لم

ينتهي عقابي بعد !! أقسم أنني اكتفيت أقسم أني وصلت

لمرحلة الموت البطيء وتخطيتها , كانت أحشائي

تشتعل كالسعير كلما اقتربت المسافة وأنا أكتم بكل

قوتي كي لا يلحظني فوسن القديمة عليها أن تموت

هناك مع الماضي كما مات حبه لها وكما ماتوا أهلها

جميعهم وأن أواجه كل شيء بقلب أجوف ولو من

الخارج حتى يبدأ الفصل الجديد من مسرحية عذابي

ويأتي الزوج المجهول الذي لم يدفعني ولا الفضول

يوما لمعرفته وليس يعنيني فكلهم سواسية ماداموا ليسوا

صاحب هذا العطر والنفس الواضح رغم هدوء ليست

هذه اليدين والأصابع الطويلة ومادام ليس هذا الشخص

فلا يعنيني ولن يكون هوا طبعا لأنه قتلني من تاريخه

وداس على قلبي قبل حلمي ولأني لست الأولى والوحيدة

اتكأت للخلف على مسند الكرسي مغمضة عيناي لأني

لم أعد أحتمل فوصلني صوته قائلا " إن كنتي متعبة

نذهب للمستشفى أولا مادمنا لم نبتعد كثيرا "

قلت بهمس لا أعلم كيف خرجت معه الحروف " لا "

فسمعت تنهيدته الطويلة وتابعنا السير وأنا مغمضة العينان

أريد أن أُخرج نفسي من هذا العالم , أعتبر نفسي في سيارة

ليس هوا من يقودها وليست له ولست ذاهبة لمنزله لأعيش

معه وزوجته و لم تمت خالتي ولا والدي ولا أحد ولم يرجع

نواس من سفره ولم يحدث شيء من كل ما حدث .... آه كم

كان سيكون ذلك جميلا , ابتسمت بعدها بألم عندما لم يتقبل

عقلي فكرة أن لا يكون هوا في ذاك العالم وكأنه يريد مني

رسم مخطط جديد ... ذاهبان لمنزلنا وابننا معنا في الخلف

لأننا متزوجان من عامان وخالتي تنتظرنا هناك بكامل

صحتها , نزلت دمعة من طرف عيني فمسحتها ونظرت

جهة النافذة فحتى الهروب من الواقع لم ينجح فلن ينجح

شيء يا وسن , ليثهم حين كنا صغارا لم ينبهونا عن الحديث

مع الغرباء والذهاب معهم .... لا تتحدثي مع أحد ولا تذهبي

لأحد يناديك أبدا مهما ناداك لنطبقها كالمنهاج كل حياتنا

ليثهم بدلا عنها قالوا لا تحبي أحدا مهما حدث , لا تثقي

في كلام العينين والقلوب , لا تسلمي قلبك لأي كان ولا

تدعيه يركض له ولا تصدقي أكاذيب الحب وكلام العشاق

اتكأت عليها وابتسمت بألم , وبعد مسافة وصلنا لمزرعة

كبيرة واكبر مما كانت في مخيلتي وتوجهنا فورا لمنزل كبير

من الخارج وبطابقين , وقفت السيارة أمامه ونزل قبلي

وتوجه للخلف فنزلت ببطء ووقفت انتظره حتى دخل

أمامي بالحقائب , لو يعلم ما فيها من أشياء اشترتها فرح

ترغمني على أن آخذها لمنزلي وسليمان لسخر مني أكثر

من سخريته السابقة , دخلنا ووقف في منتصف المكان

الواسع وقال بصوت مرتفع " راضية "

لتخرج امرأة أربعينية من أحد الأماكن تنشف يديها

بمنشفة مطبخ وقالت مبتسمة " نعم يا نواس "

غريب إن لم تكن خادمة من تكون أم أنها اعتادت

على أن تناديه باسمه فقط !!

وضع الحقائب وقال " هذه وسن ابنة خالتي وستعيش معنا

هنا خذيها لغرفتها وانظري ما ينقص وتريده هناك "

قالت مبتسمة " كل هذه الملاك ابنة خالتك ولا نعلم "

أنزلت نظري وابتسمت بحزن وقال نواس " سأخرج

للعمال ولا تنتظروني على العشاء سنخرج أنا ووليد من

المدينة اليوم وقد نعود متأخرين "

ثم خرج من فوره دون أن يضيف أي كلمة ولا أن

يسأل عن زوجته أو يُعلمها هي بهذا رغم انه كان في

البر لأيام حيث أنه جاء هناك بسيارته المخصصة لذلك

لابد وأنها في زيارة لأهلها لذلك ليست هنا ولم يسأل عنها

صعدتْ أمامي بإحدى الحقيبتين قائلة " اتبعيني يا وسن

سأوصلك لغرفتك وأنزل لجلب الحقيبة الأخرى "

لكني حملتها معي وسرت خلفها فأكثر ما أكره الاتكال

على الخادمات في كل شيء وكأنهن بغال يحرثون

عليهن فقط لأنهن يأخذن منهم راتبا , سارت دون التفات

حتى وصلنا لممر معين وسارت بي لآخر غرفة فيه

ووضعت الحقيبة وقالت " هذه غرفتك إن احتجت

شيئا نادني من أعلى السلالم فقط وسأكون لديك "

قلت مبتسمة " شكرا لك يا راضية فقط أريد كوب

ماء لآخذ المسكن لو سمحتي "

قالت من فورها " توجد ثلاجة صغيرة في الغرفة بها

كل ما تحتاجينه من السوائل ووقت العشاء عند التاسعة

وسأعلمك حين يجهز وإن كنتي لم تتناولي الغذاء

أجلب لك شيئا تأكلينه "

فتحت الباب قائلة " لا رغبة لي في الطعام شكرا "

غادرت من فورها ودخلت أنا للغرفة أجر الحقيبة

معي , كانت واسعة وأثاثها جديد ويبدوا راقيا لكن لم

يدخل عليه الذوق الأنثوي أبدا , توجهت للثلاجة أخرجت

علبة عصير صغيرة ووضعتها فوقها ثم أخرجت الحبوب

من حقيبة يدي وتناولت ثلاث منها فحتى الاثنتان لم تعودا

تفيان بالغرض , ارتميت بعدها على السرير أصبر نفسي

حتى يبدأ مفعول الحبوب ويزول الألم ولو تدريجيا

بعد ساعتين كان وقت المغرب صليت وبدأت في

ترتيب أغراضي في الخزانة ولم انتهي حتى مقربة

العشاء فليس بينه وبين المغرب وقت طويل , كانت أغلب

ملابسي خاصا بالعرائس ... بيجامات حريرية وفساتين

قصيرة وقمصان نوم وتفاهات كثيرة لم أكن ولا أعد

أحتاجها فرتبتها كلها في خزانة مستقلة وأغلقتها بالمفتاح

كما أغلقت سابقا الأحلام المنسية التي لن تعود ولن تُفتح

لها الأبواب مهما طال الزمن , صليت العشاء ثم استلقيت

على السرير أحاول إقناع نفسي بوضعي الجديد , بعد

فترة طرق أحدهم الباب فقلت " تفضلي "

قالت من الخارج " هلا فتحتي لي رجاء "

غادرت السرير مستغربة وفتحت لها الباب فكانت

تحمل صينية طعام دخلت بها ووضعتها وقالت

" نواس قال أنك لم تتناولي شيئا طيلة النهار فكلي

ولو مجبرة نفسك على القليل "

ثم توجهت جهة الباب ووقفت وقالت " الطابق الأرضي

يسكنه صديق لنواس فلا تنزلي إلا للضرورة وبحجابك

وقال أن أخبرك أن السائق سيأخذك صباح الغد للجامعة "

ثم قالت وهي تخرج من الباب " تصبحين على خير "

أغلقت الباب أشعر بغصة في قلبي ولا أعرف لما وعلى ماذا

توجهت للطعام رفعت القصدير عن الأطباق وتناولت القليل

فقط رغم أني لم أتناول شيئا لا اليوم ولا الأمس , توجهت

بعدها للحمام غسلت أسناني وتوضأت وخرجت ثم صليت

ركعات الليل وبعدها نمت على السرير بما أنه لا يمكنني

النزول بهذا الطعام حسب الأوامر ونمت بعد وقت قليل ولم

استيقظ إلا على صوت منبه الساعة في هاتفي وقت صلاة

الفجر , أطفأته وجلست أشعر بكسل كبير وأني لم أنم جيدا

فوقفت ونظرت جهة الطاولة فلم تكن صينية الطعام هناك

غريب هل أتت راضية لأخذها !! دخلت الحمام توضأت

وصليت ثم عدت للسرير ونمت مجددا ولم استيقظ هذه

المرة إلا على صوت طرقات على باب الغرفة فأبعدت

اللحاف وجلست ولممت شعري وقلت " من "

جاء الصوت قائلا " راضية ... هل أدخل "

قلت من فوري " نعم تفضلي "

وغادرت السرير أرتبه على دخولها بصينية الفطور

وقالت مبتسمة وهي تضعها على الطاولة

" صباح الخير ظننتك جاهزة فالسائق ينتظر "

قلت وأنا أتوجه جهة الحمام " أخبريه أني لن أذهب

اليوم سأذهب لها غدا أشعر أني متعبة وأسدوا لي

معروفا ولا تخبروا نواس أني لم أذهب "

هزت رأسها بحسنا وقالت " سآتي لأنزل الصينية

للمطبخ فلا تتعبي نفسك كالبارحة وتنزليها "

ثم غادرت وبقيت أنظر لمكانها باستغراب ثم رفعت

كتفاي وأغلقت باب الحمام وغسلت وجهي ونظرت

لملامحي في المرآة أراقب الهالات السوداء التي بدأت

تظهر في مساحة صغيرة جدا تحت عيناي ثم تنهدت بأسى

وغسلت أسناني وخرجت , تناولت الفطور وشغلت التلفاز

لبعض الوقت أقلب القنوات بلا تركيز حتى رن هاتفي

فنظرت للمتصل فكانت ملاك , لابد ستسأل لما لم أذهب

للجامعة أو ستوبخني على ما قلته لها بالأمس فهي لن

تتوقع ذهابي اليوم ولو لم تكن غاضبة مني لاتصلت منذ

البارحة , أجبت فقالت من فورها صارخة بحماس

" وجدته يا وسن وأخيرا "

قلت بانزعاج " توقفي عن الصراخ لقد ثقبت لي

طبلة أذني , من هذا الذي وجدته "

ضحكت وقالت " لو كنتِ أمامي لقتلتك بصراخي

فلم انم البارحة أنتظر الصباح لأخبرك "

ما أن فتحت فمي لأتحدث حتى قالت بسعادة

" وجدته وجدته وجدته يا وسن وجدته "

قلت بضيق " من هذا الذي وجدته يا حمقاء "

قالت بعد ضحكة " ومن غيره أحزان السنين "

قلت بصدمة " ماذا !! "

قالت من فورها " أنا أيضا لا أصدق حتى الآن "

قلت ببرود " وأين وجدته مؤكد عند باب أستوديو القناة "

قالت بضيق " وسن لا أعلم لما لا تفرحين معي مرة

واحدة فقط , أنا قادمة لك حالا فلا محاضرات اليوم "

قلت بسخرية " أين ستأتينني أنا في مزرعة نواس "

سكتت لوقت ثم قالت بصدمة " ماذا !! هل أخذك معه "

قلت بهدوء " دعينا من كل هذا وأخبريني عن

فارس أحلامك المغوار "

قالت من فورها " نواس "

بقيت مصدومة لوقت ثم قلت " ماذا نواس !! "

ضحكت وقالت " لا يتوقف قلبك ليس هوا "

قلت بسخرية " لم يتوقف حتى حين تزوج بأخرى "

قالت بحماس " هيا وضيفتك الآن "

قلت باستغراب " وما وضيفتي "

قالت " وجدته واقفا مع نواس بالأمس حين دخلت

لك في منزل خالتك , عليك أن تعرفيه من

يكون وفي أسرع وقت "

قلت بضيق " ملاك اقسم انك جننتِ كيف عرفتِ أنه

هوا ثم أنا حين خرجت لم أجد هناك أحدا "

قالت بتذمر " وسن عليك مساعدتي وما أن نتقابل

سأحكي لك كيف عرفت المهم أني متأكدة أنه هوا "

قلت ببرود " أنا لم اجن لأقول له من صديقك الذي كان

معك بالأمس لان صديقتي تعرفه من المذياع "

قالت بصدمة " حاذري أن تخبريه يا متهورة

لا أريد أن يعلم من أكون "

قلت بامتعاض " ملاك وكأنك لا تعلمين أي حال عليه

أنا ونواس , كيف أساله سؤالا غبي كهذا ودون حتى أن

أشرح السبب ثم سيسألني كيف علمت به وأنا لم أراه "

قالت باستياء " نعم كيف فآتتني هذه "

قلت بهدوء وأنا أقلب القنوات من جديد " ملاك ابتعدي

عن الحب وخزعبلاته كي لا تنتهي لمصيري "

تنهدت وقالت " لا أستطيع فلم انم البارحة أفكر فيه "

قلت ببرود " نصحتك وسيأتيك كلامي يوما "

قالت بتذمر " حسنا لأجرب الحب والجرح لا بأس المهم

هوا طويل وشعره أسود جميل وابتسامته مشاكسة

وساحرة ويده تؤلمه "

ضحكت رغما عني ورغم حزني وما بي وقلت

" ما كل هذا الوصف الدقيق يا مجنونة فجميع

الرجال تقريبا طوال وشعرهم أسود "

قالت باستياء " لا علاقة لي أخرجيه من يكون من تحت

الأرض فأنتي طريقي الوحيد إليه "

قلت " نلتقي غدا ونتحدث ولتحكي لي سبب بكائك

تلك الليلة حين اتصلتِ بي "

قالت ببرود " اتركيني في فرحتي أنسى الأسى

قليلا .... وداعا ونلتقي غدا لقد نكدتِ علي "

أنهيت الاتصال مبتسمة على حماسها وخائفة عليها

لعلها تنتهي نهاية جواد وفرح ليس بالضرورة تنتهي

لما انتهيت أنا إليه بما أنها اكتشفت انه مخلوق بشري

موجود على كوكب الأرض , رميت جهاز التحكم من

يدي ثم وقفت وتوجهت للنافذة وأبعدت الستائر وفتحتها

ثم سرعان ما عدت وأغلقتها عندما رأيت الحركة والخيول

في الخارج , فتحت فتحة صغيرة لأرى قليلا ما يجري

هنا فكانت ساحة تبدوا واسعة جدا ورجال يتحركون مارين

بها ورجلان يقفان عند السياج ويبدوان يمزحان مع بعض

لأن أحدهما ضرب الآخر على رأسه وصوت ضحكهم

واضح لقرب المكان , انتقلت بنظري بعدها للخيول وكان

منظرها مبهرا أغلبها بنية غامقة ومنها المرقطة ومنها

السوداء والحمراء وواحدة بيضاء ناصعة شعرها أسود

فاحم اطرب قلبي لرؤيتها وحدها من بين الجميع والمفاجئة

ليست هنا بل في الذي تلعب يده بشعرها وتمسح الأخرى

على وجهها وهوا نواس الذي يرتدي بنطلونا رياضيا

وقميصا قطنيا وهي كانت تستنشق ثيابه وكأنها تحضنه

وكان وكأنه يحدثها في أذنها ثم انطلقت فجأة تركض في

الساحة ليتطاير شعرها الأسود وأنا أوسع النافذة أتابع

حركتها وكأنها مغناطيس لعيناي حتى صرخ أحد الواقفان

وصفر الآخر قائلا بصوت مرتفع " ما سر فرسك اليوم

تركض منذ الصباح بنشاط "

رفع حينها نواس يده جانبا حيث كان ظهره لي ونادى

ناحيتها بصوت مرتفع " الوسن تعالي "










****************************************************

******************************************










بقيت تنظر لي لوقت ثم قالت " نعم نزار يمكنك

السؤال عما تريد "

وما أن فتحت فمي لأتحدث حتى تقدمت للأمام بقوة

وكأن ثمة من دفعها فنظرتُ خلفها فكان ثمة طفل يبدوا

في العامين أو أقل يحضنها من ظهرها ويناديها بسم غير

مفهوم وليس اسمها فأبعدتْ يده لتبعده عنها فركض لها

من الأمام وحضنها جالسا في حجرها ولازال يناديها بذات

الاسم فأحاطته بذراعيها تقبل خده وكأنها تعرفه وتحاول

سؤاله عن اسمه ومن يكون فجلس في حجرها مقابلا

البحر وكأنه ليس يحفظها فقط بل يحفظ كيف يجلس عندها

وحضنته هي بذراعيها مبتسمة تقبل خده كل حين وهوا يحكي

لها أشياء غير مفهومة وكأنه يتحدث بلغة جديدة عن البشر لا

أفهم منها سوى ماما وبابا وبيت ونينة والاسم الغريب الذي

يناديها به , كان مشهدا غريبا جعلني أتأمله لوقت وهي وكأنها

نسيت وجودي فلم تلتفت ناحيتي ولا من باب الاستغراب لما

يحدث معها , فاتكأت بذقني على ذراعي الملتفة حول ركبتي

أشاهدهما بتأمل , تبدوا سما كما قالت والدتي تحتاج من يعوضها

عن كل ما رأت .... تحتاج طفل لها وليس لغيرها وزوج يكون

أقرب لها من الجميع , نعم تحتاج لعائلة تنسيها فقدها عائلتها

أبعدت نظري عنهما وابتسمت بسخرية على أفكاري , قل أنك

أنت ذاك الزوج لتكتمل المسرحية يا أبله , اقترب حينها

منا صوت مناديا " قصي تعالى هنا "

التفتنا كلينا على اقتراب سيدة تبدوا في منتصف الثلاثين

أو يزيد قليلا , اقتربت منا وأمسكت يد الطفل وسحبته قائلة

" عذرا منك أنتي تشبهين كثيرا ابنتي المتوفاة منذ شهرين

وهوا كان متعلقا بها كثيرا فضنك هي "

قالت سما ناظرة لها " لا عليك سيدتي يرحمها

الله ويخلفكم فقدها خيرا "

شكرتها وغادرت به تجره بصعوبة وهوا يبكي وينادي

اسم شقيقته تلك التي يضنها هي , عادت حينها سما

بنظرها للأمم وقالت بحزن " مسكين يبدوا فقد

الأحياء أمر صعب حتى على الأطفال "

ثم رفعت نظرها للبحر وقالت بعينان تكادان تدمعان

" لما وجد الموت وهوا مؤلم هكذا "

نظرت حيث تنظر وقلت بهدوء " لا يفعل الله أمرا عبثا يا

سما فلا تتركي للشيطان مدخلا فلو لم تمت الناس ما وجدنا

مكانا لنا على الأرض فأين سنعيش جميعنا "

فاجأتني حينها بضحكتها فنظرت لها باستغراب فنظرت

لي وقالت مبتسمة " لا يمكنني تخيل ذلك "

نظرت لها مبادلا إياها الابتسامة ومستغربا تبدل مزاجها

بسرعة من كلماتي ثم وقفتْ واقتربت من الموج ترفع بنطالها

الجينز لما يقرب ركبتيها وبدأت تلعب بالموج بين يديها منحنية

قليلا لتمر الموجة عليهما واقتربت للداخل أكثر حتى غمر

الماء أغلب ساقيها وجديلتها أصبحت تلامسه وهي

تلعب بيديها مع الأمواج فقلت بصوت مرتفع

" سما لا تبتعدي كثيرا "

قالت وهي لا تزال منحنية " لا تقلق أعرف السباحة "

لم تستطع عيناي تركها ليس لأراقبها مخافة أن يأخذها

الموج ولا أعلم لما تسبح عيناي في هذا المشهد وهي

تغمر يداها في الموج والماء ثم تخرجهما وتقف على

طولها يداها جانبا يتطاير منهم الماء مبتسمة لأنتبه لأغنية

( زيديني عشقا ) التي تصدح منذ وقت ليرتبط عندي

الكلام بمنظرها ( ياااااا أحلى امرأةٍ بين نساء الكون أحبيني

ياااااا من أحببتك حتى احترق الحب أحبيني ... إن كنتي

تريدين السكناء أسكنتك في ضوء عيوني ..... حبك

خارطتي ... حبك خارطتي ما عادت خارطة العالم تعنيني "

فأبعدت عيناي عنها ونظرت للجانب الآخر , ما بي

اليوم حتى منظر الأولاد يلعبون عاد يشدني بعدما

يئستهم ونسيت هذا من سنوات ولم يعد يؤثر بي

ما الذي سأقدمه لزوجة أتزوجها وأولاد أنجبهم غير

خيبات الأمل والتقصير في دفع المال لشراء ما

يلزمهم , ما سيقدمه فاشل وعاجز مثلي ؟ يبدوا أنه

كلمات سما لي في المطبخ بالأمس هي من أعادت

لي تلك الأفكار والأحلام فلم أتخيل أن ينظر لي أحد

كشخص فعل له الكثير بل أهم لديه من رئيس البلاد

وجهازها الأمني وأنهم عجزوا هم ونجحت أنا بل

وتقول أني أعرف كيف أكون في المقام الأول لدى

الجميع من حولي وأنا أرى أنهم جميعا مستغنين عني

ولست سوا شخص زائد وجد هكذا لأن الموت لم يأخذه

بعد , كيف ترينني يا سما أصلح شقيقك وزوجك وابنك

بل وشبهتِني بوالدك , عادت كلمات الأغنية لتحتل مخيلتي

مجددا ( وضلي قربي غنيلي فأنا من بدأ التكويني أبحت

عن وطن لجبيني عن حب امرأة يأخذني ..... لحدووود

الشمس ويرميني ) فأغمضت عيناي بشدة ليخرجني من

أفكاري صوتها منادية " نزااااار "

نظرت لها بسرعة فلوحت لي قائلة " تعال الماء

هنا بارد ومنعش اقترب هيا "

لوحت لها بيدي فقط ولم أتحرك فنزلت تجمع الماء بكفيها

ونظرت أنا جهة والدتي التي كانت تنظر جهتنا مبتسمة

فشعرت بقطرات ماء على جانب وجهي فعدت بنظري

هناك فكانت سما هاربة جهة المياه ونظرت لي وعادت

تجمع الماء في كفيها فقلت مبتسما " توقفي يا مشاغبة "

لكنها ضحكت ولم تكترث لي واقتربت تركض والماء

ينزل من بين أصابعها ورشتني بما تبقى منه فأخفيت

وجهي بذراعي وقلت ضاحكا " سما توقفي قلت لك "

لكنها عادت هناك ولم تكترث لي فوقفت أنوي العودة

جهة والدتي فاستوقفني صوتها المنادي قائلة

" نزار لم أعرفك جبانا هكذا أين تهرب "

وتراني شجاعا أيضا إذا لن أغير نظرتها لي , عدت

ناحيتها واقتربت منها بابتسامة مشاكسة كمن ينوي شرا

وهي تبتعد وترمي الماء ناحيتي ضاحكة فرفعت بنطلوني

ودخلت وبدأنا نتقاذفه على بعضنا بأيدينا ونضحك وهي

تبتعد لأني بالطبع سأتغلب عليها ثم توقفت وقلت

" ستتبلل ملابسك أكثر وتمرضي يكفي هيا "

لكنها استغلت الفرصة واستمرت ترميني بالماء بحركة

سريعة وتضحك فتوجهت ناحيتها مسرعا وأمسكتها من

يدها وخرجت بها مسرعا وهي تركض خلفي ضاحكان

حتى وصلنا عند والدتي وقالت سما " أرأيت يا خالتي

هزمته فأخرجني مرغمة "

ضحكت أمي وقالت " رأيتك وهوا يكاد يوقعك وأنتي

تتراجعي فأي هزيمة هزمته بها "

ضحكت وقلت وأنا أنشف ساقاي من الماء

" لأول مرة تقفي في صفي ضدها "

وضعت سما يديها وسط جسدها متضايقة فرميت لها

بالمنشفة قائلا " نشفي قدميك وساقيك كي لا تمرضي "

جلست على البساط تنشف ساقيها وقالت " كنت وشقيقي

سامي نتسابق دائما في المسبح ورغم صغر سنه كان

يسبقني وكان يحب السباحة كثيرا "

ثم تابعت ونظرها على ساقيها والمنشفة فوقهما

" والدي كان يقول عنه دائما بأنه سيكون سباحا ماهرا

أما أنا فلم تكن لدي مواهب أبدا ولا اعرف لما "

نظرنا أنا وأمي لبعضنا فلأول مرة تتحدث سما عن

عائلتها وماضيها معهم , كانت دائما تتجنب الحديث عنهم

ونحن لا نفتح أي موضوع يخصهم مراعاةً لها , يبدوا

بدأت تجتاز أزمتها شيئا فشيئا , قالت والدتي مبتسمة

" بلى لديك موهبة الطبخ فأنتي طباخة ماهرة "

طوت المنشفة وقالت وهي تنزل بنطالها ونظرها

عليه " عندما كنت في الثالثة عشرة أصررت على

والدي أن يدخلني معهدا لتعليم العزف حتى أني لم

احدد أي آلة سأعزف عليها "

ثم رفعت نظرها لنا وقالت مبتسمة " كنت أتأمل

أن تكون لي موهبة مدفونة ولا أعلم عنها "

قلت مبتسما " وما اكتشفتِ هناك "

قالت بعبوس " لم أنجح في ولا واحدة واقتنعت

أنه لا موهبة لي "

ضحكنا عليها كلينا ثم قلت " وأنا لا موهبة لي

هذا أمر طبيعي جدا "

ضمت ساقيها لبعضهم متربعة وقالت بحماس

" حقا لا موهبة لك "

ضحكت وقلت " نعم كان لدي طموح أن أصبح مهندسا

وعندي هواية وهي لعب كرة الطائرة أما موهبة

فلا يوجد ويبدوا لا يوجد شيء منهم جميعهم "

نظرت لوالدتي التي بادلتها النظرة ولا أفهم لما ثم

قالت سما " بل من يرى خرائطك التي ترسمها يكون

متأكدا أنك صاحب موهبة وليس طموحا فقط ورغم

ظروفك التي منعتك من إكمال مشوارك إلا أنك وبالدليل

لازلت ترسم الخرائط بحرفية وإتقان , لو كنت مكانك

منقطعة عن الدراسة لأعوام لن أعرف كيف أخط خطا

فوق ورقة وهذا يدل على أنك لم تتوقف عن الرسم

رغم توقف دراستك أليس كذلك "

بقيت أنظر لها باستغراب فأنا لم أفسر الأمر هكذا

يوما ثم قلت منتظرا جوابها " نعم لم أتوقف أبدا "

قالت مبتسمة " هذا يعني أنه ليس طموحا لكان مات

مع توقف مسببه فإما أنها موهبة وإما أنك إنسان

مناضل لا يعترف بالهزيمة "

قالت والدتي مباشرة " وأيهما في نظرك يا سما "

نظرتْ لوالدتي وقالت " أراها عزيمة وإصرار وقليلون

هم من ينجحون في فعل هذا فهناك من كانوا أطباء

ناجحين وتركوا مهنة الطب بما فيها بسبب خطأ طبي

لأنهم استسلموا لليأس وهم من أكملوا مشوار دراستهم

للنهاية وتركوا اليأس يتغلب عليهم "

كنت أنظر لها بحيرة .... لم يسبق وجلسنا وتحدثنا

عن أي أمر يخصنا وأولها ما اكتشفت هذان اليومان

وهي نظرتها لي ! لم أفكر في أن عقلها يترجم هكذا

وكأنها محلل للشخصيات أو درست علم النفس

وقفت بعدها وقالت " سأعد معكرونة فأجمل شيء يؤكل

عند البحر هي المعكرونة باللحم وسترون كيف ستعجبكم "

قالت أمي ضاحكة " لما تتعبين نفسك كنتِ

تركتنا نشتري أكلا جاهزا نأكله "

قالت متوجهة جهة الأغراض " مستحيل كيف

تكون نزهة مع أكل جاهز , الطعام يكون أطيب

عندما يطهى في الهواء الطلق "

قالت أمي وأنا أراقب ما تفعل هناك

" تبدوا سما بدأت تتحرر من حزنها شيئا فشيئا "

عدت بنظري منها ونظرت لقدماي على الأرض

وقلت " نعم فسما فتاة قوية وذكية لن يصعب عليها

اجتياز كل ذلك لكن أخشى أن يؤثر عليها في

شيء نحن لا نعلمه أو لا نلحظه "

قالت باستغراب " كيف ذلك !! "

نظرت للبعيد وقلت " بعض الذين يمرون بأزمات مشابهة

تظهر نتائجها في المستقبل في أمور لا تكون إلا وقتها "

قالت بعد صمت " تعني أنه عليها زيارة طبيب نفسي "

عدت بنظري لقدماي وقلت بهدوء " لولا خوفي أن تتأثر

بهذا وتفهمه بشكل خاطئ لعرضت عليها الأمر "

تنهدت وقالت " معك حق فقد تعتقد أنك تراها مريضة "

نظرت لها وقلت " أفكر أن نعرضها على أحدهم دون

علمها وجابر سيساعدني في ذلك بالتأكيد "

قالت من فورها " لكني أراها طبيعية جدا "

هززت رأسي بلا وقلت " لم تري كيف انسلخت عن

العالم حولها وهي تحضن ذاك الصغير هناك , كانت وكأنها

غائبة عن الواقع حتى أنها لم تعي ما كان يقول لها "

قالت مبتسمة " شغلتني يا أحمق "

نظرت لها باستغراب فقالت بعد ضحكة " ذاك أمر

طبيعي بني إنها مشاعر الأمومة شيء منغرس عند كل

امرأة ومنذ طفولتها ويخلقها الله عليه لترعى أبنائها ولولا

ذلك لكنا كالحيوانات كل أم تذهب وتتركهم "

قلت بجدية " هل هذا رأيك "

قالت مبتسمة " نعم ومتأكدة منه وستبقى سما تعاني

الفراغ العاطفي داخلها فلن أستطيع ولا حتى أنا ملئه , فقط

زوج وأبناء أو أم وأب وأخوة أو حتى أحدهم والمرأة

ليست كالرجل في هذا بني "

نظرت للأرض وقلت بشرود " وأنتي بعد وفاة

جدي وجدتي من ملئه لك "

تنهدت وقالت " لم يمتلئ إلا بعد أن تزوجت وأنجبتك بني

وكنت تكفيني وحدك كل عمري حتى بعد وفاة والدك رحمه الله "

غادرت بنظري عنها للبحر ولذت بالصمت لوقت حتى

جاءت سما بطبق كبير ووضعته قائلة

" سأسكبها الآن ولن نأكل حتى تبرد قليلا "

ثم توجهت نحو القدر وأحضرته تمسكه بمنشفة

مطبخ ووصلت وقالت " انزع الغطاء نزار "

مددت يدي ونزعته وسكبته هي على الفور وقالت أمي

ضاحكة " سيجتمع علينا كل من هنا بسبب هذه الرائحة "

رفعت الشوكة وقربتها قائلا " هذا إن وجدوا فيه شيئا "

ضربت لي شوكتي بالملعقة الخشبية وقالت " ليس بعد

حتى تبرد قليلا طعمها سيصبح أفضل "

مددتها مجددا وقلت مبتسما " لن أقاومها حتى

تبرد .... سأتذوق لقمة واحدة فقط "

أمسكت يدي وأبعدتها قائلة باستياء

" خالتي أخبريه يبتعد عن طبختي "

ضحكت أمي وقالت " نزار أتركها حتى تسمح لك هيا "

قلت بضيق " لو أعرف سر حبك الشديد لما تطهيه لتضعي

كل هذه القوانين الصرامة ولا تقدري مشاعر البشر "

وضعت يداها وسطها وقالت " هل تعرف ما هوا شعورك

حين ترسم إحدى خرائطك الصعبة المعقدة تلك وآتي

أنا واسكب لك عليها الحبر , هذا نفس شعوري أنا "

ضحكت وقلت " شعور سيء جدا "

قالت ملوحة بيدها " ابتعد إذا حتى تبرد "

قلت باستسلام " أمري لله لقد تغلبتِ علي "





*

*







كان هذا من أجمل أيامي شعرت فيه أنني مع عائلتي

الحقيقية التي فقدتها منذ أشهر وهما الاثنان أغنياني حتى

عن أهلي الحقيقيين المجهولين فأولئك تخلوا عني وعن

والداي وهؤلاء لا رغم أنهم ليسوا عائلتي ولا من بعيد

غمزت لي خالتي بعينها على نزار الذي كان يأكل المعكرونة

لآخر قطعة منها يتتبعها في الطبق وهوا يقول " لذيذة

وألذ من التي تعدينها في المنزل رغم أن تلك مذاقها رائع "

ضحكت خالتي وقالت " اترك شيئا للماء يغسله "

ضحكت أنا ورما هوا الشوكة في الطبق وقال بضيق

" قولي أنك تغارين منها "

شهقت خالتي بقوة ونظرت له أنا بصدمة فضحك كثيرا

ثم وقف قائلا " هيا يا كسولتان لنعود للمنزل سيقترب المغيب "

قلت بصدمة " كيف ونحن لم نصلي العصر بعد "

قال متوجها جهة الأغراض " ما أن نضع الأغراض

في السيارة ونغسل الأواني نكون بعد العصر

ويقترب حينها وقت غياب الشمس "

وقفت وقلت باستياء " لا أريد أن نعود الآن "

ضحكت خالتي وقالت " عليك أن تطيعيه كي

نحظى بنزهة أخرى "

قلت بتذمر " أمري لله فإن غضب خسرنا هذه وغيرها "

قالت ضاحكة " هذه انتهت لما ستخسرينها "

قلت وأنا أجمع البساط " ما الفائدة منها إن انتهت

بغضبه فستترك ذكرى سيئة لنا "

قالت مبتسمة " معك حق "

غادرنا بعدها بقليل وعدنا للمنزل وأنزل نزار خالتي ثم

الأغراض يضعهم عند الباب وأنا أدخلهم للداخل ثم قضيت

وقتا طويلا أرتب المطبخ وأعيد كل شيء مكانه بعدما غسلته

مجددا ودرست بعض دروسي بمساعدة نزار في غرفة

خالتي فهوا سيساعدني في مواد الرياضيات والفيزياء والباقي

مواد سهلة تحتاج الحفظ فقط بما أن لغتي الانجليزية والفرنسية

ممتازة , وحمدا لله لم يتبقى كثيرا على العام الدراسي وينتهي

رفع رأسه وقال " هكذا نكون انتهيا , هل كل شيء واضح لك "

هززت رأسي بنعم وقلت " شكرا لك نزار أنا أتعبك معي "

وقف وقال " أبدا فأنا اشرح للطالبات كل يوم , أنتي على

الأقل تفهمين من أول مرة ويثمر فيك التعب "

ضحكت خالتي وقالت " احمد الله أنها ذكية لكنت

طوال النهار تعيد كالببغاء "

ضحك كثيرا ثم قال مغادرا الغرفة

" لن استكثر فيها التكرار لأنها تستحق "

ثم خرج وصعد السلالم وأنا ذابت جميع مفاصلي وأشعر

أنني أصبحت كبقعة ماء على الأرض من مشاعر الفرحة

لدي وأوليت خالتي ظهري بسرعة اجمع كتبي في صمت

فوصلني صوتها قائلة " تبدين متعبة الليلة ولا رواية "

التفت لها محتضنة كتبي وقلت " بل كنت أخشى أنك

أنتي المتعبة ولم أرد أن أحرجك , سأضع كتبي

في غرفتي وأعود لك "

خرجت بهم وصعدت مسرعة أحمد الله أنها لم تنتبه

لكلماته وتعلق عليها , كم أتمنى فقط أن أعلم بمشاعره

نحوي هل أنا مجرد مسئولية كما كان يقول وأمانة سيعيدها

لأصحابها أم شيء آخر أنا أتمناه فقط وقد لا يكون له وجود

عبرت الممر راكضة وشاردة مع أفكاري لاصطدم

بشي أوقعني أرضا وتناثرت الكتب وقلت بتألم

" آي هذا مؤلم , نزار ما بك لا ترى أمامك "

ضحك وقال وهوا يجمعهم من الأرض " أنتي من لم

تريني وليس أنا , ثم لست وحدك المتضررة وأنا

حطمتِ لي ضلوع صدري "

شعرت بالإحراج من كلماته ووقفت وأشعر بمؤخرتي

تحطمت ولا أستطيع لمسها وتخفيف الألم عنها والغريب

أنه حمل الكتب ولم يساعدني أنا على الوقوف كعادته

كلما وقعت بل شغل نفسه بها عني حتى وقفت وحدي

أولا ثم رفعها عن الأرض مع بعضها , مدهم لي

فمددت يداي له ووضعهم فيهم قائلا بابتسامة

" حسنا أنا آسف رغم أن الخطأ عليك "

قلت بعد ضحكة صغيرة " لقد أفسدت الاعتذار

كنت تركتهما كلاهما بدلا من تذكيري بخطئي "

اكتفى بابتسامة أراها أجمل في كل مرة ورفع كفيه

وكتفيه علامة لم أعرف ما أقول فزادني على ما بي

آه يا نزار ليتك تعلم فقط ما تفعله في قلبي بكل هذا

تركني وتوجه جهة السلالم مغادرا فالتفت له

وقلت " نزار "

التفت لي فاقتربت منه حتى صرت أمامه حاضنة

كتبي لصدري وقلت ونظري للأرض " شكرا على كل

شيء اليوم لن أنسى هذا اليوم ما حييت ولو كان لدي

شيء غير عبارات الشكر لقدمته لك "

وصلني صوته مبتسما " ولما الشكر يا سما لم أفعل شيئا يستحق "

رفعت نظري له وقلت " بلى فعلت الكثير وتستحق الشكر "

شتت نظره بعيدا وكأنه ارتبك وقال بهدوء

" المهم أنها أعجبتك فهي من أجلك "

ثم نزل وتركني حائرة في أمره الليلة وكأنه يتهرب

مني ومن عيناي والحديث معي وليس كالسابق

رفعت كتفاي بعدم فهم وتوجهت لغرفتي ووضعت كتبي

هناك ورتبتها مكانها ثم نزلت لغرفة خالتي ودخلت

قائلة " يبدوا نزار نزل ولن نستطيع القراءة "

مدّتها لي قائلة " رأيته وهوا يصعد مجددا اطمئني "

أخذتها منها وجلست وفتحت أين وقفنا وقرأت

(( ضغط على ذراعي بقبضته بقوة وقال من بين

أسنانه " ماذا كنتي تفعلين في غرفة أشرف "

سحبت ذراعي منه بقوة وبلا فائدة وقلت بتألم

" أتركني لقد آلمتني "

قربني منه أكثر حتى بات تنفسه الغاضب يلفح وجهي ثم

قال بغضب " ماذا تفعلين في غرفة رجل نائم يا رُدين "

أبعدته بيدي من صدره بقوة حتى ابتعد وترك ذراعي

وقلت بحدة " ما تقصد بهذا يا وقح أنا أنزه من

أفكارك وهوا ابن زوجي إن نسيت "

سحبني للجدار مسندا لي عليه ووقف أمامي ويداه

تمسك ذراعاي بقوة وقرب وجهه حتى أصبح أنفه

سيلامس أنفي وفحيح نفسه يخرج كالإعصار وقال

" تكلمي هوا من ناداك أم ذهبت لوحدك "

بقيت انظر لعينيه الملتصقة بي دون كلام فقال بهمس

" تكلمي هل هوا قال لك أن تدخليها "

قلت بهدوء وعيناي لازالت في عينيه

" أنا دخلت لأسأله عن ...... "

قال بجدية وذات الهمس " عن ماذا "

وضعت يدي على صدره أدفعه وقلت بضيق

" فراس ابتعد "

اقترب دافعا يدي بصدره حتى تلامست أنوفنا هذه المرة

وقال " لا أراك في غرفة أحدهما مرة أخرى تفهمي "

قلت بضيق " ابتعد يا فراس واستحي أنت أولا

ولا تنسى هم أبناء زوجي وأنا لم أخطأ "

قال بحدة " كذ .......... "

ثم تأفف وهز رأسه بقوة وقال بحدة أكبر

" قلت لا تدخلي تفهمين "

دفعته بقوة حتى ابتعد وقلت بغضب

" هذه آخر مرة تتصرف معي هكذا يا وقح ابتعد "

قال مغادرا " حذرتك وجربي أن تفعليها مجددا ولا

تنسي أني أيضا ابن زوجك يا أم زوج "

ثم غادر وتركني اغلي من الغيظ , ما يعني بما يقول

وكيف يشك بي وبشقيقه هكذا , هذا المريض المتخلف

سيرى إن لم أخبر والده ليضع له حدا , دخلت غرفتي

أنفض ثيابي بغيض وأشعر أنني سأحترق واحرق الدنيا

بما فيها , ما قصد أشرف بما قال ! ترى هل هوا صادق

هذه المرة وفراس وجده معها سابقا ونصحه بالعذل عما

يفعل , أذكر عمتي سعاد قالت أن فراس اعتاد منذ صغره

على مراقبة تصرفات شقيقيه وينهاهم عن الخطأ لكن يبقى

أشرف لا ثقة في كلامه وفراس لا ثقة فيه كله على بعضه

أختار أشرف بشلة فتياته ولا أتزوج بهذا الخرف العفن

جلست على السرير أتأفف طوال الوقت وكأني بركان

يوشك على الانفجار حتى طرق أحدهم الباب وكانت

عمتي سعاد دخلت ويتبعها الغضنفر فراس , اقتربت

مني وجلست بجواري على السرير وهوا وقف مستندا

بالجدار فقلت ببرود ونظري للأرض " أخبري ابنك

يخرج من غرفتي بكرامته قبل أن أطرده "

تنهدت وقالت " رُدين يا ابنتي استهدي بالله فعمك

رياض منذ رآك تبكي بالأمس وهوا لا يكلمه

أنهيا هذه المشكلة المعقدة "

أشرت له بيدي وأنا انظر لها وقلت " يخرج من

غرفتي حالا فحسب ما أعتقد أني أنا فقط عديمة

الأخلاق التي تدخل غرف الرجال وهم نيام "

وطبعا ذاك الحجر لم ينطق بأي حرف , قالت بهدوء

" لما كنتي في غرفة أشرف أخبريه الحقيقة ليرتاح "

قلت بضيق " لا يهمني أن يرتاح أو لا فليمت من التعب

لا يعنيني ذلك ولن أبرر له لا هوا أبي لا أخي ولا زوجي "

أمسكت يدي وقالت " وإن طلبت منك أنا هذا

لننهي المشاكل يا رُدين "

قلت بأسى ضاربة على صدري " وحقي يا عمتي

وحقي من يأخذه لي , ذلني وأهانني بالأمس واتهمني

في أخلاقي اليوم وعليا أنا فقط أن أبرر له "

تنهدت وقالت " تكلمي وحقك لن يضيع "

وقفت مقابلة لها ووضعت يداي وسط جسدي وقلت

" ومن سيأخذه منه وماذا إن خدعني ثم بأي صفة أبرر له "

قالت بعتب " لم أتصور أن لا خاطر لي عندك "

تنهدت بضيق ثم قلت " أشرف كذب علي وخدعني

من أجل أن أساعده في مخططاته الفاشلة وحين اكتشفت

كذبته ذهبت له وأيقظته وسألته عن الحقيقة فقط هذا ما حدث "

قال حينها الحجر الصامت " وهذه أول مرة أم لا "

نظرت له وأشرت بإصبعي وقلت بغيض

" أنت لا تتحدث أبقى على صمتك "

قال بغضب " احترميني أنا أكبر منك "

قالت عمتي سعاد بحدة " فراس يكفي وأنتي

يا رُدين كلامك معي وليس معه "

نظرت جهتها وقلت " لا علاقة لي يورطوني

أبنائك في مصائبهم وأدفع أنا الثمن "

ثم تابعت وأنا أعد بأصابعي " أخذني للسوق وابتزني

وجعلني أقابل جوجو وأخبرها أني شقيقته وأنه سيتزوجها

ثم تحايل علي وجعلني أكلم أسوم وأخبرها أني شقيقته

ووالدي يرفض زواجه بها ونحن نقنعه ثم اكتشفت أنه

يكذب فيما ابتزني لأطيع رغباته ومخططاته كنت مجبرة

وكم نصحته أن يبتعد عن بنات الخلق وأن يعتبرهن

شقيقاته أو بناته وفي النهاية أنا عديمة الشرف التي

دخلت له لغرفته وهوا نائم وكان ينقص أن يقول أني

نمت معه منذ الليل , أليس هذا ما يفكر فيه "

قالت عمتي سعاد " أستغفر الله يا ابنتي هوا

لم يفكر هكذا مطلقا "

قلت بأسى " وبما فكر إذا "

نظرت له ثم لي وقالت " هوا رآك خارجة مسرعة

من غرفة أشرف وظن أن أشرف من أدخلك وأجبرك

على الدخول وأن يكون فعل شيئا فقط هذا ما حدث "

قلت ببرود " لا أصدقه فما قاله لي ليس كذلك يزمجر

بي كالتنين يضنني جدار لا يشعر ثم يغير أقواله "

ابتعد عن الجدر وقال " أنا لم أغير شيئا وما قلته لك

قلته لها ولست خائفا من أحد لأغير كلامي "

قلت ببرود " ما لدي قلته واسألوا ابنكم إن لديكم شك

هذا إن لم يكذب عليكم كما كذب علي "

قالت عمتي " المهم الآن لا يسمع رياض بكل هذا "

قلت بجدية " أبدا كله سيكون لديه وكلام ابنه هذا

بالتحديد وبالحرف الواحد أيضا "

قال بضيق " أرأيت كيف تهددني يا أمي "

نظرت ناحيته وقلت بضيق أكبر " سأسألك سؤالا واحدا

يا حضرة المحقق , عندما أخبرت شقيقاك أن يخرجا

ويتركانا وحدنا وأغلقت الباب واستفردت بي وعندما

سحبتني للمجلس وأغلقت الباب علينا وعندما جئتني

هنا لغرفتي ماذا تسمي كل هذا أم أنه لا بأس لأني

لست أنا التي ذهبت إليك "

كان سيقول شيئا فسبقته والدته قائلة

" أخرج الآن يا فراس "

كان سيتحدث معترضا فقالت بجدية

" أخرج ولنا حديث آخر معا "

خرج وضرب الباب خلفه فقلت بحرقة

" هل هذا هوا حقي الذي ستأخذينه منه "

تنهدت وقالت " أجلسي يا رُدين "

جلست أنظر للجانب الآخر وأشعر بكل مشاعر الغضب

والاستياء فوصلني صوتها قائلة بهدوء " رُدين فراس كان

خائفا عليك حقا وخاف من أن يكون أشرف أذاك , ليس

معنى أن يعتقدوا أنك زوجة والدهم يعني أنهم ليسوا رجالا

والشيطان يعرف كيف يدخل للإنسان فكم من فتيات تعرضن

لمواقف بشعة من العم أو الخال وحتى الشقيق أو الأب

وفراس معه حق في هذا "

قلت بأسى " ولما هوا يستفرد بي أليس رجلا مثل

الجميع ثم كيف يضن بشقيقه هكذا , صحيح أن أشرف

يصادق الفتيات لكنه ليس بالشكل الذي يعتقد فراس

هوا لا يستغلهن أبدا ولا يمسس شرفهن ولم يبدر منه

ناحيتي أي تصرف مشين ولا بكلمة أو لمسة بالعكس

كانت هذه الأمور أبعد ما يفكر فيه وإلا ما كنت دخلت

غرفته ثم أنا تركت الباب مفتوح ولم أغلقه "

أمسكت بيدي وقالت بجدية " رُدين عمك رياض لا يستحمل

فيك شيئا ولم تسمعي سيل الشتائم التي تلقاها فراس منه

بسبب بكائك بالأمس رغم أننا وجدناكما مبللان كليكما

والإهانة له كرجل كانت ستكون أكبر ولو لم أكن متأكدة

من أن فراس كان خائفا عليك بالفعل من لهجته وكلماته

ما كنت وقفت في صفه ففراس اعتاد كل حياته تحمل

مسئولية من حوله ويخاف على جميع المحيطين به "

قلت بحرقة " لا أريد أن يخاف علي لا شأن له بي "

وقفت وقالت " أنا متأكدة منك ومن تربيتك جيدا يا

رُدين ويستحيل أن تكوني السبب في فجوة بين رياض

وابنه قد تستمر طوال العمر لأني أعرف كم سيجن

جنونه لو أخبرته أن فراس اتهمك في أخلاقك

وفراس حقا لم يفكر هذا التفكير "

ثم غادرت الغرفة وأغلقت الباب وتركتني وحدي

ولم أغادرها حتى جاءت الخادمة تخبرني أن الغداء

جاهز ولو لم يكن عمي رياض موجودا على الغداء

ما نزلت لأني لا أريد أن يسأل لما لم أتناوله معهم

نزلت وتوجهت من فوري لطاولة الطعام وجلست

بجوار والدتهم مقابلة لهم ثلاثتهم أتجنب النظر للجميع

وبدأت بالأكل لا أنظر إلا للطبق أمامي وكانوا يتحدثون

عن عمهم القادم اليوم وابنته وأنا لم انطق بحرف ، بعد

وقت رفعت نظري فوقع على فراس ينظر لي فأبعدته

فورا ونظرت جانبا بضيق ووقف حينها عمي رياض

وتبعته زوجته ووقف بعدهم أشرف وقال واضعا

يديه وسط جسده " رُدين تعالي أريدك قليلا "

قلت ببرود وأنا أسكب مشروبا غازيا لي في كأس

" لن أذهب مع أحد ولن يخاطب لساني لسان أحد

وأي إهانة لي مجددا لن أسكت عنها ، لو لديك

شيء قله هنا وأبعدني عن خططك ومغامراتك "

قال من بين أسنانه " قلت تأتي يعني تأتي "

قال فراس بحدة " أشرف أترك الفتاة وشأنها

كلامك معي وليس معها "

نظر له أشرف وقال بحدة مماثلة " لا علاقة لك أنت "

وقفت وقلت بضيق مشيرة بإصبعي لهما بالواحد

" لا علاقة لك ولا له ولم اسكت عما حدث إلا من

أجل عمتي سعاد ولن أسكت مجددا "

قال وائل بسخرية " ها قد جاءكم كلامي ولم تروا

شيئا بعد حتى تفرق العائلة عن بعضها "

أشرت له بإصبعي وقلت بغضب " أصمت ولا تتهمني

بما فيكم من قبل مجيئي فأنا لن أكافئ الرجل الذي رباني

ورعاني أن أشتت عائلته فانظر لأنفسكم أنتم

ما عيوبكم ولا تلصق الأمر بي "

وقف وقال بحدة " ومن كانت تهدد الآن وتتوعد بأنها

لن تسكت ، بماذا يسمى هذا غير أنك تفتنين "

قلت بحرقة " وما تضنني أنا .... حجر أسمع الإهانات

والسب والشتم واسكت , احترموني احترمكم "

فتح فمه فصرخ به فراس قائلا " يكفي اتركوا الفتاة وشأنها

وإن تعدت هي على أحدهم يكون الحل بالتروي ولا

أحد يدخلها في شيء يخصه بعد اليوم "

قال أشرف بضيق " تسـ...... "

صرخ به أكثر " أنت خصوصا لا تتحدث فكم نصحتك

تترك عنك هذه الحركات الطائشة ولن تتربى إلا

بدرس تدفع ثمنه الكثير "

قال بغضب مغادرا " أترك مثالياتك لك وحدك

ولا تتدخل في حياتي "

وغادر وائل بعده بعدما قال ببرود " لقد أتبثت لكم هذه

الطفلة أنكم شلة من الحمقى يا أبناء رياض "

وابتعد حتى خرج فوقفت أنا مغادرة وقلتموجهة كلام

ي لمن بقي هنا وهوا فراس

" لا تتحدث بالنيابة عني ثانيتا ولا دخل لك بي "

ثم غادرت والمعجزة أنه لم يتحدث بشيء عما قلت

عدت لغرفتي وضربت بابها بقوة ، أنا أفتن بينهم ..أنا

الأفعى وعديمة الأخلاق ولا يرون ما يفعلون بي

عدت لسجن نفسي في غرفتي ولم أنزل إلا حين طلبت

مني عمتي سعاد أن أقابل ابنة عمهم وأتعرف عليها

فوافقت لأنهما وحدهما الآن في الأسفل ، نزلت أتبعها

حتى وصلنا وكانت تجلس في صالون الضيافة وسط

المنزل وليس غرفة الضيوف ، كانت فتاة بملامح

جذابة ذات قدر لا بأس به من الجمال وابتسامة

رقيقة وتبدوا تتسم بالهدوء ، تصافحنا وقالت مبتسمة

" سررت بالتعرف عليك يا رُدين لم أتخيلك جميلة هكذا "

جلست وقلت مبتسمة " ومن هذا الذي أخبرك أني قبيحة "

ضحكنا ثلاثتنا ثم قلت " وأنا سررت بمعرفتك

وأنتي جميلة كما تخيلتك "

قالت عمتي سعاد " طبعا هذه جوري ابنة عمك مصطفى

شقيق عمك رياض هوا لديه ثلاث أبناء وفتاة واحدة

يعيشون في الخارج ويأتي هوا وجوري مرة في

العام يبقى هنا لفترة ويرجع هناك ، لديهم منزلهم

هنا لكنهما سيقضيان يومين معنا أما رُدين

فسبق وعرفتك بها قبل أن تنزل "

قلت مبتسمة " سررت بمعرفتك وسنقضي

وقتا ممتعا معا "

قالت مبتسمة " نعم بالتأكيد "

تبادلنا أطراف الحديث وتعارفنا أكثر واكتشفت أنها في

نفس سني وترغب في دراسة المحاماة مثلي وأمضينا

ثلاثتنا وقتا ممتعا أنساني بعض الشيء كل ذاك الضيق

والهم ، بعد وقت مر فراس داخلا من الخارج واقترب ناحيتنا

وصافح ابنة عمه قائلا " مرحبا يا جوري أنورت البلاد "

وأنا طبعا لم أرفع نظري له أبدا وكنت ألعب بأصابعي بخيوط

وسادة الأريكة ونظري عليهم وأجابت جوري قائلة

" شكرا لك يا فراس والبلاد نورها بساكنيها "

ثم قال مغادرا " أتمنى أن تقضي وقتا ممتعا هنا

فرُدين مشاكسة وتعرف كيف تستمتع بوقتها "

نظرت له بصدمة وهوا يصعد السلالم , ما به هذا

منذ متى كل خفة الدم هذه ! تأففت ونظرت جهة

والدته فضحكت وقالت " أمازلتما متشاجران "

قلت بضيق " نعم وما وعدتني به لم يحدث

وقد خدعتماني أيضا "

قالت جوري مبتسمة " أمازال فراس كما كان

يتشاجر مع الفتيات ولا يحبهن "

ضحكت والدته وقالت " ووجد نموذجا أمامه لكني

أراه بدأ يخف كثيرا عن السابق "

قالت بعد ضحكة " أذكر كيف كانت والدتي تركض

خلفه لتحضنه وتسلم عليه وهوا يهرب منها "

قلت مغيرة مجرى الحديث الممل عنه

" وأين والدتك لم تأتي معك "

قالت مبتسمة " والدتي ليست عربية وتلك

هي بلادها ولا تحب الخروج منها "

وعدنا نتنقل من حديث لآخر حتى غادرت عمتي سعاد

للمطبخ وبقينا نحن الاثنتين وقد انسجمت معها كثير

فهي فتاة تدخل القلب بسرعة ، بعد وقت أشارت برأسها

بحسنا لأحدهم خلفي واعترى ملامحها ارتباك وخجل

واضحين فالتفت للخلف فكان وائل مغادرا , جميل يبدوا

ثمة شيء بينهما ولو لم أكن قررت أن أبتعد عنهم

وأتجنبهم لكنت انتقمت منه على ما قال لي هذا الحشرة

المغرورة , عدت بنظري لها وقلت بابتسامة

" ما قصتكما "

ارتبكت ونظرت للأرض مبتسمة بخجل فقلت بمكر

" اعترفي أو أفسدت كل شيء "

قالت بصوت منخفض " سيخبر والده ووالدي من أجل

خطبتي لأن والدي لن يوافق أن يزوجني قبل أن تنتهي

دراستي الجامعية وهوا سيكمل دراسته أيضا وكل ما

نخشاه أن لا يوافق والدي لأنه لا يحب الحديث في الأمر

وعمي رياض أيضا يؤجل الأمر ولم يوافق عليه "

آه جيد يبدوا أنه هناك روميو جديد , أنقذك حضك مني

يا وائل لكنت دفعتك ثمن كلامك وسأحاول أن لا أتدخل

كانت ستقول شيئا لكن قاطعنا قدوم عمتي سعاد فقلت

بهمس قبل أن تصل " لا تقلقي لن يعلم أحد بما أخبرتني "

واستمر الوقت في السمر والأحاديث حتى وقت العشاء

وكان الجميع مجتمعا على طاولة العشاء والأحاديث كانت

ساخنة والضحك وأنا ألوذ بالصمت أكثر من جوري التي

تتحدث أحيانا حتى قال عمهم " رُدين ما رأيك بعريس

تعيشين معه خارج البلاد "

نظرت له باستغراب فضحك وقال " ابني الأوسط

يريد أن يتزوج من بنات بلاده ولا يريد أن ينزل

هنا ليختارها وكلفني بالمهمة "

نظرت مباشرة لثلاثتهم فنظرا وائل وأشرف لبعضهما

وغمز وائل بعينه وابتسما وكأنه يقول له سنتخلص منها

أما فراس فكان نظره على والده وبتركيز وكأنه ينتظر

أن يبدي رأيه فيما قيل , سترى مني يا وائل يا مغرور

قلت بابتسامة جانبية " بل لما لا تزوج ابنتك وها هم أبناء

عمها كل واحد أطول من الثاني "

نظروا لي جميعهم فتابعت بابتسامة ماكرة

" أرى أشرف أنسبهم جميعا "

وكما توقعت ضحك من فوره وقال " جاهز على الفور "

ليمتقع وجه وائل وكأن سهما أصاب قلبه فنظرت له هوا

تحديدا وقلت ببرود " إلا إن كنت ترفض أبناء شقيقك "

قال عمهم بعد قليل " لا بالطبع لن نجد أفضل منهم "

كاد يغمى على وائل وهنا وكزتني جوري , أقسم من

أجلها فقط لكنت علمته درسا لن ينساه باقي حياته هذا

المتعجرف لكن لا بأس تكفيه هذه الطعنة , قلت بابتسامة

" لكن أشرف لديه واحدة يريدها زوجة له فوائل مناسب

أكثر وناجح في دراسته وسيسافر ليكملها بالتأكيد , أنا

خطبت منك ابنتك لشقيقي وائل , هيا لما لا تعطي جوابك "

تحول وجه وائل للحماس ينظر له باهتمام وقال عمهم

" وهل هناك من يخطب لأحد وهوا موجود ودون رأيه "

قلت بعد ضحكة " لو كان رافضا لتكلم , لما يتركون هذه

الماسة حتى تضيع منهم ويتزوجها أبناء الغرب , أنت فقط

وافق وكل الأمور ستسير على ما يرام "

نظر لشقيقه وضحكا معا وقال عمهم " ما هذه التي

ربيتها يا رياض تخطب لابنك أيضا وأنت جالس "

قال مبتسما " وما سأفعل إن كان لا لسان لدى غيرها

لو كان لأحد اعتراض فليقله "

عمي رياض يفهمني جيدا ويعلم أني لن أقول هذا إلا

لأني أبعدته من قائمة مخطط اختيارنا فهوا لم يعارض

خطبتها له إلا من أجل مخططنا , لكنه لم يخبرني سابقا

أنه يريد خطبة ابنة عمه آه يا عمي رياض هل رغبتي

أهم عندك حتى من رغباتهم كم أنت رجل رائع

قلت بحماس " وائل هل أنت موافق "

قال مبتهجا " بالتأكيد وكنت أنتظر أن يفاتح والدي

عمي مصطفى في الموضوع وسأنتظرها حتى

تنهي دراستها وانهي دراستي "

وقفت وقلت " وجوري موافقة ماذا قلت يا عمي "

ضحك وقال " وما سأقول معك يا مشاغبة لكن

ابني ينتظر عروسه فوافقي أنتي أيضا "

قال عمي رياض " سنضيفه للائحة وأرى

من المناسب لأزوجها به "

ضحك وقال " ولديها لائحة من الخاطبين أيضا

حسنا ننتظر الجواب "

شددت جوري من يدها وقلت " هيا يكفيك

أكل سنصعد لغرفتي "

وقفت معي ضاحكة على ضحك الجميع ومررت بوائل

وهمست له في أذنه ممررة رأسي بينه وبين فراس

" أقسم أنها من أجل جوري وليس من أجلك أما الأولى

فدرس لك كي لا تتهمني ثانيتا ومبارك يا عريس "

وما أن أبعد رأسي حتى قال فراس بصوت منخفض

" ابنه صاحب سمعة سيئة هناك "

ابعد رأسي قائلة بصوت منخفض أيضا " إذا سأوافق "

وغادرت وجوري وصعدنا لغرفتي وأغلقت الباب

فحضنتني وقالت " شكرا لك يا رُدين لقد خدمتني

خدمة لن أنساها ما حييت "

قلت مبتسمة " أقسم فعلتها من أجلك لأنك تستحقين "

ثم ابتعدت عنها وقلت بقرف " لكنه مغرور ومتعجرف

كيف ستستحملين الحياة معه "

ضحكت وقالت " أحبه كيف سأفعل مع قلبي "

ثم تابعت وهي تجلس على السرير " لكنك كدتِ توقعين

لي قلبي حين قلتِ أشرف وهوا وافق "

ضحكت وقلت " تلك مزحة فقط مع وائل "

وقضينا باقي الوقت حتى كان موعد النوم وغادرت

هي لغرفتها واتفقنا أننا صباحا سنجلس في الحديقة

واكتشفت أنها تحب الاستيقاظ منذ الفجر مثلي , كان

يفترض أن تزوجتها أنا وليس هوا ههههه , وعند

الصباح نزلت ووجدتها سبقتني في المطبخ وخرجنا معا

وأحضرت لنا الخادمة الفطور في الخارج بعدما وضعنا

بساطا لنتناوله على الأرض وانضمت لنا عمتي سعاد أيضا

ومر بنا وائل ذاهب لجامعته وقال مبتسما " صباح الخير "

ثم اقترب وقال " رُدين لن أنساها لك ما حييت "

قلت بابتسامة جانبية " الأولى أم الثانية "

قال مغادرا بضحكة " الثانية طبعا "

رغم أنك لا تستحق لكن لا بأس لما أكثر أعدائي سأربحه

في صفي , قالت عمتي سعاد " لو لم تفعلي ذلك

ما حدث هذا , لقد فاجأتِ الجميع "

نظرت لها وقلت " ليقتنعوا أنه أحيانا يكون

رُب ضارة نافعة "

وضحكنا معا لأنها تفهم مقصدي وهوا كرههم لوجودي

هنا وما جلب من منافع , مر حينا أشرف وقال مبتسما

" صباح الخير يا أفعى "

أشرف قلبه أبيض ولا يحقد أبدا وينسى بسرعة

قلت قبل أن يختفي " وما أيقظك باكرا على

غير العادة يا ثعبان "

توقف ورفع حجرا ليرميني به فاختبأت خلف والدته

أضحك فقال ضاحكا " ستري حسابك مني يا أفعى يا رقطاء "

ثم غادر وقالت جوري مبتسمة " يبدوا منسجمين معك

كثيرا ألا يفكرون في الزواج منك "

قلت بمكر " لم تتركي لي وائل لأتزوجه "

ضحكت محرجة ولم تعلق فضحكت عمتي سعاد وقالت

" أشرف كما تريه أمامك وفراس هي وهوا كالقط والفأر

لا يتقابلان دون أن يتشاجرا ووائل حجزته فلم يتبقى لها أحد "

وأمضينا الوقت كالأمس ومر النهار من أجمل ما يكون

فقد خرجنا ثلاثتنا برفقة عمي رياض وشقيقه ولم نرجع

حتى المساء من دون واحد من أولاده ثقلاء الدم ثم غادر

عمهم وابنته لمنزلهم وودعتها وطلبت منها أن نتقابل

ثانيتا فهي كانت فتاة من أروع ما قابلت وبعد خروجهم

وقف عمي رياض وقال " رُدين أريدك في أمر اسبقيني

لغرفتي سأتحدث وعمتك قليلا وألحق بك "

صعدت لغرفته وكل الظنون تلعب بي ودخلت وجلست

على الأريكة وكل مخاوفي أن يوبخني على موقف وائل

وجوري لكنه لم يتغير تصرفه معي بعدها والأمر كان

منذ ليلة أمس , بعد وقت دخل وحده وأغلق الباب

وجلس على السرير مقابلا لي وقال " خطبك أحدهم

رأتك والدته في حفل الزواج وأخرى تحدثت مع عمتك

سعاد رأتك هنا , ومصطفى شقيقي فتح معي

موضوع ابنه مجددا "

قلت من فوري " ما تريده سأنفذه "

قال بجدية " كل ما أريده "

هززت رأسي بنعم وقلت " لن أتني رأيك وأرفضه

ولو كان فيه موتي "

قال بهدوء " أريدك حقا لأحد أبنائي "

ثم تابع قبل أن يعطيني فرصة للكلام وقال

" أريدك لفراس والاختيار لك يا رُدين "

كاد قلبي يتوقف , لما فراس أشرف بنسائه أرحم منه

فقد يعتدل حاله , ذاك الفراس لا ... حتى أنه لم يعتذر

عن أخطائه في حقي , قال " ها ما رأيك وما ستقولينه

سيكون ومهما كان " ))

نظرت لها وقلت مستاءة " لما دائما تنتهي

الصفحة نهاية ناقصة وسيئة "

ضحكت وقالت " وهذا الممتع فيها أليس كذلك "

قلت مبتسمة " نعم تتركك تفكرين فيما سيجري "

وقفت ومددتها لها فأمسكتها وقالت " شكرا لك

يا سما على ما فعلته اليوم من أجل نزار "

قلت باستغراب " ماذا فعلت !! "

قالت مبتسمة " يكفي الكلام الذي سيحيي نزار الميت

داخله فحتى ابتسامته اليوم تغيرت و ضحكته ونظراته

لمن حوله , كنت متأكدة أنه سيعود يوما كما كان

ولو بالتدريج وسيكون ذلك على يديك "

نظرت للأسفل وقلت بحيرة " أنا أريد ذلك حقا لكن

لا أعلم كيف وتأتي الأمور هكذا بعشوائية وأقولها

ولا أعلم هل تصلح الأمر أم تفسده "

قالت مبتسمة " أتركي كل شيء هكذا بعفوية فلا

شيء ينجح مثلها فالخطط دائما تبوء بالفشل والدليل

أمامك في دعاء ورهام "

توجهت جهة الإنارة ونظرت جهتها وقلت مبتسمة

" علينا أن ننام كي لا نستيقظ متأخرتان وينادينا بالكسولتين "

قالت ضاحكة " نحن كسولتان لديه في كل الأحوال "

قلت مبتسمة بعدما أطفأته " تصبحين على خير "

ثم صعدت لغرفتي وأشعر كل يوم بمشاعري نحوه تكبر

وتتعاظم , ترى عند أي نقطة يتوقف الحب وإلى أي حد

يصل ! ستكون كارثة إن كان لا حد له فأنا الآن أشعر

أنه بحجم الكون , لا أعرف كيف سأعيش من دونه

كيف سيكون يومي وهوا ليس فيه ! كيف يكون هوا في

مكان وأنا في آخر ولا أسمع صوته يوميا ... ضحكته

وجهه ابتسامته وحدّته وهوا ينصحني وينهاني في كل

شيء , حتى ثيابه التي أغسلها وأكويها لا يمكنني

التفكير في أن تبتعد عني ويكون يومي من دونها

وصلت غرفتي ودخلت وكل هذه الأفكار تولِد لدي

رغبة في البكاء لأني أعلم أن كل ما أخشاه سيحدث

وكل هذا سيضيع مني يوما قد يكون قريبا جدا فبقدر

ما أريد أن يمسكوا بالمجرمين اللذين قتلوا أهلي بقدر

ما أكره أنها ستكون بداية لابتعادي عن هنا

أغلقت باب الغرفة وركضت جهة سريري وارتميت

عليه وحققت لعيناي وقلبي غرضهما واستسلمت للدموع

حتى نمت , وعند الصباح وكما توقعت استيقظت متأخرة

عن وقت ذهاب نزار ولم أعِد له ولخالتي الإفطار فنزلت

مباشرة ودخلت غرفتها أفرك عيني وقلت " خالتي لما

لم يوقظني لما تركتموني أنام كل هذا الوقت "

ضحكت وقالت " لم يرضى وركب دماغه أن تنامي

حتى تنهضي لوحدك رغم أني أخبرته أنك لا تريدين

هذا كي تنامي ليلا دون تعب "

حككت شعري وتأففت منه فقالت بعد ضحكة " اذهبي

وأغسلي وجهك وتعالي قبل أن تغيري ملابس النوم "

نظرت لها بحيرة وقلت " ولما !! "

قالت مبتسمة " ستعرفين في وقته هيا بسرعة "

خرجت من عندها ودخلت الحمام السفلي وغسلت وجهي

وعدت لها وقلت وأنا ادخل " هل تناولتِ فطورك "

قالت مبتسمة " نعم تعالي أخرجي المقص من

ذاك الدرج هناك وأحضريه لي "

توجهت حيث قالت وأحضرته لها فأخذته مني وفتحت

درج الطاولة التي بجانب سريرها وأخرجت مشطها

وقالت " أحضري ذاك اللحاف هناك "

قلت وأنا أحضره " هل ستقصين شعرك "

قالت ضاحكة " أنا لا ... غيري نعم "

أعطيته لها وقلت بصدمة " لا أنا لا أريد أن أقص شعري "

قالت مبتسمة وهي تفرد اللحاف " لن أقصه لا تخافي تعالي

سأقص لك غرة فقط وستعجبك وتزيدك جمالا فوق جمالك

بدلا من إمساكك هذا الشعر الحريري الجميل للخلف دائما "

جلست مقابلة لها وقلت " حقا ستجعلني أجمل "

قالت وهي تنزل لي رأسي أماما " بالتأكيد وستري بعينك "

مشطت لي شعري للخلف من الأعلى بعدما أخذت منه

جزئا للأمام ومشطته وحده ثم رفعته للأعلى وقصته

لينزل متدرجا على جبيني وأطراف وجهي وفرقتها

ومشطتها وقالت مبتسمة " أنظري في المرآة الآن

وستحبين شكلك وشعرك أكثر "

وقفت وتوجهت للمرآة في المكتبة ونظرت لأفاجئ

بالتغير في مظهر شعري حيث كان سابقا ينزل بطوله

لا معنى له وكأنه قطعة قماش أما الآن أصبح أجمل

ولم أعد أريد حتى أن أمسكه , كانت الخصلات القصيرة

تحتضن أطراف عيناي وخداي فقلت مبتسمة وأنا

أعدلهم أكثر بأصابعي " ما أجملني هكذا يا خالتي

الآن فقط اكتشفت أني كنت بشعة "

ضحكت وقالت " بل كنتي جميلة والآن صرتِ

أجمل وليرحم الله قلوب الرجال "

توجهت نحوها وقلت " لا أريد أن أمسكه أحببته هكذا "

ضحكت وقالت " أعانه الله إذا "

قلت باستغراب " من !! "

ضحكت كثيرا ثم قالت " المشط لأنك لن تتركيه

من يدك بعد الآن "

ثم مدت لي باللحاف بعدما جمعته وقالت

" أرمي هذا وانفضي اللحاف جيدا "

أخذته منها وفعلت ما طلبت مني ثم عدت لها وأعدته

حيث كان وعدت للمرآة مجدد وقلت وأنا أرتبها من

جديد " كم تعجبني ولا أريد أن أتوقف عن رؤيتها "

سمعنا حينها باب المنزل يغلق فقالت خالتي

" ها قد جاء الطعم "

نظرت لها بحيرة فقالت مبتسمة " ما رأيك أن

تلفي لفة كاملة حول نفسك وبسرعة "

ضحكت على الفكرة لكني سرعان ما طبقتها ولم

أنهي اللفة إلا ونزار عند الباب فأبعدت شعري

عن وجهي لتتدلى الغرة للأسفل بسبب حركته معي

حين لففت فرفعتها بأصابعي لتسقط من جديد محتضنة

وجهي وجبيني فنظرت لخالتي وكانت تنظر للمذياع

في حجرها فانتقلت بنظري سريعا لنزار فكان على

صمته وينظر لي فرفعت شعري خلف أذني أنظر

للأرض وخرجت من الغرفة مارة به وهوا دار

معي حتى خرجت وصعدت لغرفتي مباشرة لأغير

ملابس النوم أو لأهرب منه ومما فعلت



*

*

 
 

 

عرض البوم صور برد المشاعر   رد مع اقتباس
قديم 12-07-15, 12:02 PM   المشاركة رقم: 1828
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: May 2015
العضوية: 296080
المشاركات: 72
الجنس ذكر
معدل التقييم: مالكا قلبي عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 44

االدولة
البلدYemen
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
مالكا قلبي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : برد المشاعر المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: أوجاع ما بعد العاصفة (الفصل الثاني العشرون)

 

" نزار هل أصابك الصمم "

نظرت لها وقلت " نعم يا أمي "

قلت مبتسمة " أكلمك منذ وقت وناديتك مرارا ولا نتيجة "

مررت أصابعي في شعري ووقعت مفاتيحي مني على

الأرض فرفعتها وبدل أن أضعها في الجيب وضعتها

خارجه فسقطت مجددا وقالت أمي ضاحكة

" ما بك وكأن أحدهم ضربك على رأسك "

لمست رأسي وقلت بحيرة " ما به "

عادت للضحك دون توقف فقلت بضيق

" أمي توقفي عن التسلي بي "

قالت وقد عادت بنظرها لمذياعها

" أنا لم أتسلى بك أنت من تتصرف بغرابة "

خرجت وتركتها ونظرت لأعلى السلالم ثم عدت ووقفت

عند الباب وقلت " هل أنتي من قص لها غرتها "

قالت ولم ترفع نظرها بي " نعم هل هي سيئة "

لم أعلق فنظرت لي وقالت " رأيك فيها أنها سيئة إذا !

إياك أن تقولها لها لأنها أحبتها وستصيبها بالإحباط "

قلت مغادرا " إما أنك بارعة أو أن شعرها هوا السبب "

ثم صعدت وتوجهت لغرفتي غيرت ثيابي وجلست على

الانترنت قليلا ولا أعلم ما الشيء الذي في داخلي يقول

لي لا تخرج من غرفتك ولا تنزل , مررت أصابعي في

شعري واتكأت للخلف على ظهر الكرسي أنظر للسقف

بشرود .... أنت لست صغيرا يا نزار لتحتار في فهم نفسك

أنت تهرب من أن تولد مشاعر في قلبك لا تريد أن تكون فيه

أنت لم تنم ليلة البارحة ليس لأن النوم جافا عينيك بل لأن

كلماتها لم تغب عن مخيلتك حتى أنك الآن تبحث في الانترنت

عن شيء نسيته منذ أعوام وهوا تطوير قدراتك في مجال

الهندسة , ما الذي فعلتْه في رأسك مراهقة صغيرة وحركت

ما مات مع الزمن وتلاشى ؟ ما هذا الذي ستوقع نفسك فيه

يا نزار ؟ هل كل هذا من تأثير فضولك الغبي , عدلت جلستي

مجددا وعدت أشغل عقلي بالشاشة أمامي لكن مشهد اليوم لم

يغب عن عيناي فأغلقته وغادرت الغرفة من فوري ونزلت









****************************************************

******************************************








وقفت أنظر لها لوقت وهي تحاول مشط شعرها بيدها

اليسرى ولأنه كثيف وطويل تمسكه بالجزء للأمام

وتمشطه فتوجهت من فوري للسرير وجلست متكأ على

ظهره وقلت " لما لم تطلبي من سيلا تمشطه لك "

قالت وهي تجمعه للخلف بالمشبك نازلا للأسفل

" بتول جاءتني بالأمس وتركت رسالة لك "

قلت باستغراب " جاءت هنا من أجلي !! "

وقفت والتفتت لي وقالت " بل جاءت لتترك كلامها

لك معي لأنها موقنة من أنها لن تجدك نهارا "

ثم تابعت وهي تسير جهة الخزانة

" قالت كن في صفي وطلقني منه "

قلت بحيرة وأنا أعدل ساقي " فقط "

التفتت وقالت " فقط فلم أسالها ولم تشرح لي "

نظرت للسقف متكأ برأسي للخلف وضغطت على عيناي

بقوة , أصعب موقف تضعينني فيه يا بتول ما بكم اليوم معي

على الطلاق , لم أعتد كل حياتي إلا على إنصاف من كان

على حق وبتول محقة لأنهم غافلوها ولم يأخذوا رأيها

كنت سأحاول إقناعها فقط بأن تتقبل الأمر وتحاول أن

تكون أقرب له ولم أتخيل أن يكون هذا ما تفكر فيه

وصلني صوت أرجوان قائلة " لم أعرف سابقا أنها متزوجة "

تنفست بقوة وأبعدت يدي ونظرت لها وقلت

" نعم ومن معتصم "

قالت بصدمة " زوجة لمعتصم ! كيف!! لم أسمع بهذا "

دلكت رقبتي بيدي وقلت بهدوء ونظري للأسفل

" منذ عام وهي لا تعلم "

قالت وهي تغلق الخزانة وتقف مستندة بها

" غريب كيف تتصرفون هذا التصرف "

وضعت ذراعي خلف رأسي وقلت وأنا أنظر لها

" هكذا حدث , ثم ألم أقل لا تمسكي شعرك وأنا موجود "

توجهت جهة الأريكة وجلست حاضنة لوسادتها قائلة

" ترى بنفسك حال يدي ولن يساعدني أحد عليه "

مددت يدي لها في صمت لتأتي فهزت كتفها مبتسمة

بمعنى لا أريد فقلت بابتسامة جانبية " ألا تريني أمامك

أم لا تري السرير العريض الذي أجلس عليه لتجلسي

هناك على الأريكة سيدة أرجوان "

لوحت بيدها السليمة وقالت " يدي تؤلمني جابر

فاتركني وشأني "

مددت يدي مجددا وأشرت لها بأصابعي تعالي

فرمت الوسادة ووقفت واقتربت قائلة ببرود

" لا اعلم أين مشاغلك اليوم بالتحديد تحررت منهم "

وصلت عندي فشددتها لتجلس بجواري وقلت " هذا بدل

أن تسعدي لوجودي تتذمري يا من تناقضين نفسك "

نظرت لي بصدمة ووضعت يدها وسط جسدها

وقالت بضيق " ما تقصد بهذا "

شددتها لحظني قائلا " أقصد أن زهور سنعقد

قرانها اليوم عند الغداء "

أحاطت خصري بذراعها وقالت " غريب أمر شقيقتك

زهور من غرفتها لمنزل زوجها ! لما لا تخرج "

مسحت على شعرها وتنهدت وقلت " زواج فاشل مبهم

وغامض صنع منها إنسانة منعزلة عن الجميع "

قالت ويدها تمسح على عضلة صدري

" لكن الأولاد حين ذهبوا لها قالوا أنها تتحدث

معهم وتضحك ولم تتذمر من وجودهم "

نظرت للأسفل حيث رأسها يتكأ على صدري

وقلت بحيرة " الأولاد ذهبوا لها !! "

هزت رأسها بنعم ورفعته ونظرت لي وقالت

" بيسان كانت أول من تسلل لها بدون علم المربية

وقالت أنها أرتها صورتها في صغرها وكيف أنها

تشبهها وسألتها إن كانت تحبها بل وألبستها أحد

فساتينها في صغرها وعزفت وهي رقصت لذلك

طلبت منهم يومها أن يذهبوا لها ثلاثتهم وأن لا

يتأخروا وأحبت بالفعل زيارتهم لها "

قبلت جبينها وقلت " فعلتِ الصواب يا أرجوان كيف

لم يخطر في بالي هذا "

جلست ونظرت لي وقالت " ولن تكون الأخيرة وعلى

ذاك الذي سيصبح زوجها أن يساعد في هذا أيضا "

تنهدت وهززت رأسي وقلت " لا أعتقد هذا

فأنا أراها لا تتقبل الأمر ولا أفهم لما وافقت "

أمسكت يدي من فوق فخذي وقالت بنظرة مركزة

على عيناي " جابر هل أسالك سؤالا تجيبني عليه

دون أن تفهم مقصدي بشكل خاطئ "

بقيت أنظر لها بحيرة لوقت ثم قلبت يدي

لتصبح يدها في كفي وقلت " وهوا "

نظرت ليدها التي تلعب أصابعها بين أصابعي

وقالت بهدوء " ماذا تعرف عن طفولة والدتك "

عقدت حاجباي أنظر لها بتركيز وتفكير ثم

قلت " ماذا تعني بهذا السؤال يا أرجوان "

تركت يدي ومسحت بيدها على خدي وقالت

" جابر أخبرتك أن لا تفهمني بشكل خاطئ "

أمسكت يدها وقلت " وأنا أسألك كي لا

أفهمك بالشكل الخاطئ "

أعادت يدها لحجرها حيث يدها الأخرى وقالت ونظرها

عليهم " أرى تصرفات والدتك غير طبيعية أبدا كيف

تهمل أبنائها بهذا الشكل , كيف لا تفكر في نتائج ما تفعله

بهم أجزم أنها لم تفكر أن تجد حلا لمشكلة زهور مع العزلة

معتصم هارب من القصر ولا تهتم , حتى يوم تأخرت أنت

في الجنوب ولم تخبرنا وكنت أسأل سيلا إن اتصلت هي بك

مرت بجواري وقالت أنك لست طفلا نطاردك , كيف ترى

كل هذا الدمار المحيط بعائلتها ولا تكترث ! كيف ترى

نفسها أم ناجحة وطريقتها في التربية سليمة , أبنائك وهم

ليسوا أبنائي أقسم أن أفقد عقلي إن أصاب أحدهم مكره

والدتك عانت من شيء في طفولتها بكل تأكيد "

مددت يدي لذراعها وأعدتها لحظني قائلا " لكننا لسنا

مجرمين ولا صعاليك ولا منحرفين تربينا تربية

سلوكية جيدة أم ترين عكس ذلك "

تنهدت وغمرت وجهها في صدري وقالت بهمس

" كما ضننت ستفهمني بشكل خاطئ "

اتكأت برأسي للخلف وقلت وأنا أشدها لحظني " لم أفهمك

خطأ يا أرجوان وأعلم جيدا ما تريدين شرحه , والدتي

تحملت لأجلنا الكثير لاحظي أن لا عائلة لنا ليس لأنه لا

أعمام أو عمات لنا بل لأنهم كانوا سينهشون لحومنا كالكلاب

من أجل مال والدي الذي تركه ونحن صغار , عمي منصور

الوحيد الذي وقف في صفنا , حاربتهم والدتي ووقفت في

وجوههم وحيدة بعدما توفي حتى شقيقها الذي ساندها بادئ

الأمر , هي من اعتنت بنا حتى كبرنا وصرنا رجالا

كان نظامها قاسيا ومتجبرا وخاطئ في بعض الأمور لا

أنكر لكنها صنعت منا رجالا فحتى معتصم رغم أنه

رفض أن يكون كما تريد فهوا رجل يمكن الاعتماد عليه

وله مميزات كثيرة , هذه والدتنا فهل تبريتِ أنتي من والدك

بسبب ماضيه وهوا فار من البلاد لأنه مطلوب سياسي

هذا واقعنا يا أرجوان وعلينا تقبله , لو كانت ابنتي أو

زوجتي لعرفت كيف أتصرف معها وضربتها حتى

الضرب لكنها والدتي ولها مميزات كغيرها من البشر ولن

أنسى أنها ربتني وتحملت من أجلي , والدتي لم تمر بطفولة

صنعت منها هكذا , هذا طبعها وعائلتها جميعهم تربوا

على هذا النظام الصارم ويرونه صحيح وسليم "

سمعت حينها طرقات على الباب وصوت سيلا قائلة

" الفطور جاهز سيدي "

ابتعدت عن حضني ووقفت خارج السرير وقالت

" وما وصلت له معها بشأن ما حدث بيننا بالأمس "

قلت بابتسامة صغيرة " تأخر هذا السؤال

ظننتك ستسألينه منذ البداية "

مدت يدها السليمة لي لأغادر السرير قائلة

" كنت انتظر حتى تجيب على السؤال الذي سألته بخصوصها "

أمسكت يدها وغادرت السرير وطوقت كتفاها بذراعي

وقلت ونحن نتوجه لباب الغرفة " القصر به نظام مراقبة

كما تعلمي وبعد اليوم سأشغله على مدار الساعة

لأجد كل شيء مسجل ويشهد لك أو عليك "

دفعتني بعيدا عنها وقالت بضيق " أنا فقط "

ضحكت وفتحت الباب وقلت خارجا للردهة

" وهي طبعا وسيكون لي كلام في الأمر مع الفاعل "

وصلت حيث الطاولة المخصصة للطعام وجلست

وجلست أمامي قائلة " كيف يعمل في السابق لم أفهم "

سكبت كوب حليب وقلت وأنا آخذ الخبز " أي شيء يخترق

النوافذ يفتحه كذلك الركض بقوة لأشخاص وزنهم يزيد

عن الخمسين كيلوا غرام والزوايا مزودة بأعمدة أي شيء

يصطدم بها يفتح النظام , يعلن بصفارة إنذار ثم تشتغل

كميرات المراقبة بالصوت والصورة عدا الحمامات

وغرف الملابس الصور محجوبة فيها "

وضعت يداها وسط جسدها وقالت ببرود

" والحفلات ستراقبها أيضا "

قلت بعد ضحكة صغيرة وكدت أغص باللقمة

" إن كنتِ فيها طبعا لنرى ما يجري إن اشتكيتِ "

نظرت لي بنصف عين وقالت بضيق

" وغيره ... أقصد إن لم أحضر "

قلت بابتسامة جانبية " تغارين يا أرجوان "

رمت يدها ثم أبعدت بها شعرها خلف أذنها

وقالت ببرود " لا طبعا ولما أغار "

قلت بمكر " إذا لا بأس في أن ألقي نظرة "

رمت ما كان في يدها في الطبق وقالت بضيق

" نعم أغار ولا تراهم أو غضبت منك "

ضحكت وقلت " وها أنا أشاهد التلفاز "

وقفت وقالت مغادرة جهة الغرفة

" هؤلاء لا , ولا تتبعني ولا تتحدث معي تفهم "

ثم دخلت وأغلقت الباب فوضعت ما كان في يدي

ووقفت ولحقت بها





*

*






قلت وأنا أعدل ربطة عنقي وانظر للمرآة

" هذا اللون أفضل أليس كذلك "

قالت مبتسمة " هذا عقد قران فقط ماذا

ستفعل ليلة ستتزوجها "

أمسكت رأسها وقبلت جبينها وقلت

" لا يمكنني تخيل ما سأفعله "

أمسكت يداي ورفعت رأسها ونظرت لوجهي

وقالت مبتسمة " أسعدك الله يا رضا وعوضك

عن كل ما قاسيت في حياتك من وحدة وتعب "

قبلت جبينها مجددا وقلت بابتسامة

" وما غيّر رأيك فجأة تباركين ومبسوطة "

قالت بدمعة تملأ عينيها " يكفي الفرحة في عينيك

أعترف بأنني كنت أنانية ولم أقدر مشاعرك

التي كبرت معك منذ طفولتكما "

حضنتها وقلت " ولا أنسى طبعا تربيتك لي طفلا

وأنتي لازلت طفلة واهتمامك بي ولولا مشاعري

كما قلتي ما خالفت رغبتك في من أتزوج "

ثم أبعدتها عن حضني وقلت " سأذهب وأحاول مع

تلك التمثال الصامت علها تكون معنا اليوم "

مسحت دمعتها وقالت بحزن " كم يشغلني أمرها يا

رضا وأرى الجميع يهملها ولم يفكروا في حل لها "

تنهدت وقلت " كما تري يا أميره حاولنا جميعنا وبكل

الطرق , بتول مدللة كثيرا وعنيدة ولا نريد أن نجرحها

أكثر , جابر وعد والدها أن يتحدث معها وسنرى ما سيجري "

قالت وهي تجمع ربطات العنق المرمية أرضا

" وما ذنب جابر المسكين أي مشكلة يركض الجميع

له ليحلها , أرحموا الرجل منكم ويكفيه عمله "

قلت وأنا أعدل سترتي على المرآة " الذنب ذنبه أنا

كما تعرفيني إن أدمعت عيناها أمامي سأضعف فورا

ومنصور أسوء مني فجابر وحده يعرف كيف يقنعها

أو يجبرها وستحترمه أو تخاف منه "

نفضت لي كتفا سترتي تعدلهما وقالت " وإن أصرت

على صمتها أو أخبرته أن يطلقها منه كما قالت لكم "

التفت جهتها وقلت بهدوء " حينها سيتصرف جابر

بالتأكيد وكل الخوف في أن ينصفها ويقف في صفها

لأنه سيحدث ما سيقرره وأنتي تعرفين جابر جيدا وهذا

الأمر ستكون نتائجه عكسية في علاقته بشقيقه

معتصم لاحقا وحتى بعمه إن تطور الأمر "

ضربت كف بالآخر وقالت " المشكلة أن منصور متمسك

بوعده لشقيقه فأنت تعرف كم كان يحبه وإن قرر

جابر تطليقها منه ستكون كارثة "

قلت مغادرا الغرفة " سأتحدث معه اليوم ليحاول

إقناعها أولا قبل أن يفعل ما تقول "

غادرت الغرفة وتوجهت لغرفة بتول ولم أجدها هناك

فبحث عنها مطولا حتى وجدتها في غرفة شقيقاها الأصغران

تغير ثياب عدي ويبدوا كانت تحممه فاقتربت منها

وقلت مبتسما " ما أسعد زوجك بك أم جاهزة "

نظرت لي نظرة قاسية دون كلام , يالك من أحمق يا

رضا ما مناسبة هذا الكلام الآن , جلست بحوارها

وحضنت كتفيها وقلت " ألن تشاركي اليوم خالك

رضا حبيبك يا بتول كما تقولين دائما "

لم تتحدث طبعا فقبلت خدها وقلت

" بتول ما تفعليه بوالديك لا يجوز "

نزلت منها دمعة فضممتها لصدري وقلت بحنان

" بتول معتصم يحبك ويريدك وقالها لي بلسانه فلا

تتسببي في مشكلة بينه وبين شقيقه وبينهما ووالدك لأن

كل واحد سيصر على رأيه إن قرر جابر تطليقك منه "

ابتعدت عني بقوة وحملت عدي بين ذراعيها وخرجت

ويبدوا كلامي لم يعجبها وليس لم تقتنع به فقط

خرجت من الغرفة ونزلت للأسفل وتقابلت وأميرة

فقلت " لم ينجح الأمر ألن تغيري رأيك أنتي "

هزت رأسها بلا فقلت بعتب " ولا من أجل شقيقك الوحيد "

تنهدت وقالت " حين تتزوجا زواجا رسميا سأقيم لك

بنفسي حفلا هنا أما الآن دون أن تدعوني والدتها لن أذهب "

قلت بضيق " ولما كل هذه الرسميات والشكليات يا

أميره أنا شقيقك وزهور ابنة عم أبنائك وشقيقة

زوج ابنتك فلما كل هذا "

قالت ببرود " هي من تتعامل معي برسمية ولست أنا

وكأني غريبة عنهم ولست زوجة شقيق زوجها حتى أنها

لا تزورني إلا في المناسبات ويوم تزوج معتصم

ببتول لم تتصل حتى بالهاتف من باب الدوق "

تنهدت وهززت رأسي بقلة حيلة ثم غادرت المنزل

وتوجهت لقصرهم على دخول سيارة معتصم الذي نزل

أمامي وصافحني قائلا " ما بكم معنا تزوجت شقيقتي

وزوجتموني ابنتكم بقي بنات جابر تزوجوهم

أيضا وارتاحوا "

ضربته على كتفه وقلت ضاحكا " لا تستغرب شيئا "

وضع ذراعه على كتفي وقال سائرا بي جهة مجلس

الرجال " هيا هيا قبل أن تغير والدتي رأيها فقد يموت

جابر في أي لحظة ولن تحلم بها حينها ما حييت

لأنك صعلوك ولا مستقبل لك "

ضحكنا معا ودخلنا حيث جابر وابنه أمجد وعمه

منصور تصافحنا جميعنا وقلت وأنا أجلس

" بسرعة أين الشيخ والكاتب قبل أن يموت جابر "

ضحك جابر وقال " سحقا لبشر لا تسيرهم إلا المصالح

لن يكون هناك شيء قبل أن نتناول غدائنا "

تأففت راميا يدي أمام وجهي وقلت ناظرا جهة معتصم

" أنت ابتعد ولا تجلس بجانبي تشاءمت منك يا رجل "

ضحك كثيرا والتصق بي أكثر وقال " زد العيار إذا

من الشؤم ولن يمر اليوم على خير "

وقفت مبتعدا عنه وجلست حيث جابر وابنه وقلت

" سأجلس هنا جهة الناجح تزوج مرتين وأنجب وصيته

في كل البلاد قاهر المهمات الصعبة مالي ومال

الصعاليك طالب وحتى زوجته لم تعترف به "

ضحكا منصور وجابر وقال هوا بضيق " لن أزوجك

شقيقتي صعلوك يكتب الكلام الفارغ وحياته تقف

على بيع الورق , قم هيا غادر لمنزلك "

قال منصور ضاحكا " لا أعلم كيف ستتعاشران

صهران من الجانبين "

اقتربت من جابر وهمست له " علمت بأنك ستتحدث

مع بتول فجرب إقناعها قبل أن تأخذ بقرارها وفكر في

مصلحة الجميع فعمك مصر على وعده لوالدك "

هز لي رأسه بحسنا ثم نطر لي وقال بهمس

" سأجرب فقط لكن إن اقتنعت أنها لا تريد فلن تشرق

عليها شمس الصباح إلا وهي مطلقة منه "

هززت رأسي بقلة حيلة وقلت " جنبنا المشاكل

بين رجال العائلة يا جابر "

ابتعد عني وقال بهدوء " حتى وقته يكون

لكل حادث حديث "

بعد قليل وصلا المنتظران وأخيرا وأدخلت الخادمات

الغداء ثم قام الكاتب بتحقيق شروط العقد أولا ولم يبقى لي

سوا راتبي من الجريدة التي أعمل بها هوا الشيء الوحيد

الذي لم تسلبني إياه وكان هذا بيننا أنا وجابر لم يحضره

أحد بطلب مني وبعدما انتهينا وقفت وقلت

" بسرعة نتم باقي الأمر أخشى أن تموت الآن "

ضحك ووقف دون تعليق وعدنا حيث البقية وأتممنا

الزواج وجنيت الثمرة من كل ما خسرته للتو وصار

باسمها وصارت هي بسمي وهذا الأهم وبعدما غادروا

وقفت وقلت " هيا أين عروسي بسرعة "

وقف منصور وقال مغادرا " إن كان قبل أن يتزوجها

لم يستحي من أحد كيف الآن "

ثم تابع وهوا يخرج من الباب ضاحكا

" أعان الله زهور عليك "

نظرت له حتى خرج واضعا يداي وسط جسدي ثم

نظرت لهما وقلت " ما تفعلان أنتما جالسان هنا أريد

أن أرى زوجتي وألبسها خاتم الزواج "

وقف جابر وقال " أمجد أذهب وأخبرها تأتي وأنت يا

معتصم لا تتركهما وحدهما فلا مأمن من هذا الرجل "

نظرت له بضيق فضحك ومر بجواري ووضع

يده على كتفي وقال بهمس " أسمع يا رضا أنت صديق

طفولة لنا وأعزك وأقدرك كمعتصم وأكثر لكن إن كرهت

زهور البقاء معك وطلبت أن أطلقها فستفعل ولو بالقوة "

وضعت يدي على ذراعه وقلت بجدية

" هذا الكلام سابق لأوانه يا جابر فأنا لم آخذها من هنا بعد

وحتى وقتها سأفعلها من نفسي حين ستطلب هي ذلك "

شد على كتفي بقوة وقال " وهذا عشمي فيك يا رضا

وأتمنى أن لا تخسر زهور رجلا مثلك "

ثم غادر من المجلس وخرج من القصر أيضا من

الباب الخارجي للمجلس فنظرت لمعتصم

وقلت " ماذا تفعل هنا "

وضع ساق على الأخرى وقال " أكون موجودا

أو لن يكون هناك شيء "

قلت بضيق " حسود لأنك لم تحضا بهذا "



*

*





" عمتي زهور هذا أرسلته لك ماما "

نظرت لما في يدها باستغراب وقلت " لي أنا !! "

وضعت الكيس وقالت " هل تسمحين لها بالمجيء أيضا "

لم أعرف ما أقول فبنات جابر لم يفارقنني اليوم من

أكثر من ساعتين وترف ترقص وبيسان تصفق وتغني

وأشعراني أني في حفل زواج حقيقي وأتعباني من كثرة

الضحك حتى أني نسيت حزني اليوم وكنت أضن أني

سأبكي بحرقة وأنا أصبح زوجة من دمر حياتي

قالت ترف وهي تفرد يداها " هيا يا بيسان غني "

قلت مبتسمة " ألم تتعبي من الرقص "

أمالت خصرها بطريقة مضحكة تمد فيهما

مؤخرتها وقالت " علمتني بتول الرقص وقالت نرقص

عندما يتزوج أحدهم فاليوم تتزوجين أنتي يعني نرقص "

عادت بيسان للتصفيق يداها جانب وجهها تصفق وتغني

أغاني أطفال غريبة وترف ترقص ولا أعلم من أين

وجدت كل هذه الطاقة , نظرت لبيسان وقلت

" أخبريها تأتي "

لا أعلم لما وافقت فكم رفضت أن أقابل ممن طلبوا

مقابلتي ولم أرى أحدا غير خادمتي ووالدتي منذ أربع

سنوات لكن حب الأطفال لهذه المرأة وطريقة تربيتها

لهم جعلت عندي الفضول لأعرفها , لا أصدق أنه حتى

الرقص يكون بإذنها إن سمحت به فقط يفعلوه

خرجت بيسان مسرعة وعادت تمسك في يدها شخصا

دخل بعدها كانت بملامح جذابة ليست بجمال حسناء

زوجته الأولى لكن عيناها ملفتة للنظر وابتسامتها أيضا

جميلة وشعرها يبدوا جميلا , اقتربت مني ومدت يدها

وقالت مبتسمة " مبارك لك يا زهور وسعيدة

حقا بأن تعرفت عليك "

صافحتها وقلت بصوت منخفض " شكرا لك يا أرجوان "

شدتها ترف من فستانها وقالت " أرأيتِ عمتي زهور "

قالت مبتسمة " رأيتها بنيتي جميلة مثلكم "

ثم نظرت لي وقالت " الأطفال يحبونك كثيرا وبيسان

لا تتوقف عن التحدث عنك ولا تخلوا عبارتها من كلمة

( ما أجملها يا ماما ) وصدقت بل لم تفيك حقك "

نظرت للأسفل وقلت بابتسامة " هذا فقط لأنها تشبهني "

ضحكت وقالت " بل حقيقة هي ومحظوظ هذا الذي تزوجك "

غزى ملامحي الحزن وأشحت بوجهي وقلت

" تفضلي بالجلوس "

قالت معتذرة " أمجد جاء ليخبرك أن جابر طلب منه

إخبارك لتنزلي للمجلس لذلك لن أعطلك وكانت فرصة

سعيدة أن تعرفت بك واعذري مضايقة الأولاد لك

اليوم لكني من سعادتهم حين علموا أنك تتزوجين

لم أستطع منعهم من المجيء لك "

قلت بابتسامة صغيرة " بل كان الوقت ممتعا

معهم ووجودهم سلاني وآنسني "

ثم خرجت من الغرفة قبلها وهي تبعتني قائلة

" بيسان ترف بسرعة تعاليا معي "

وسارت هي معهم في الجانب الآخر يحدثانها عما

فعلاه عندي وتوجهت أنا حيث السلالم لأنزل للعريس

السعيد جدا بنفسه ونسي أنه سبب قهري ولولا جابر

ما كنت نزلت





*

*





ما أن خرجت من عنده حتى توجهت لمنزل عمي لأنهي

الأمور المعلقة جميعها وأجد الراحة لباقي اليوم , أرسلت

رسالة لنزار ووصلت باب منزلهم طرقت الباب ففتح لي

عمر وقال مبتسما " والدي ليس هنا ... أدخل "

قلت ضاحكا وأنا أدخل " تطردني وتدعوني في نفس الوقت "

توجهت والدته ناحيتي تلف حجابها قائلة " مرحبا يا

جابر تفضل .... ما قال لك هذا المغفل "

قلت مبتسما وأنا أصافحها " كيف حالك يا أميره"

قالت مبتسمة " بخير وما أمورك أنت وأين لا يراك أحد "

ضحكت وقلت " تعبت من كثرة ما سمعت هذه العبارة

سينتهي ما أنا فيه وتشبعون من رؤيتي "

ثم تقدمت بضع خطوات للداخل قائلا

" أريد رؤية بتول أخبريها تنزل لي رجاء "

قالت مشيرة بيدها جهة مجلس الضيوف

" تفضل وسأخبرها حالا "

دخلت المجلس وعمر يتبعني وجلس معي أيضا ومضى

بعض الوقت أسأله عن سنه وما يدرس وكأنه ليس ابن

عمي ويسكن أمامنا وبعدها بقليل دخلت بتول فقلت

" أخرج يا عمر وأغلق الباب "

امتثل لي في الفور واقتربت بتول ومدت يدها لي

قائلة بشبه همس " مرحبا يا جابر "

صافحتها قائلا " جيد أنا وزوجتي لسنا من

المغضوب عليهم أم أنا مخطئ "

أنزلت رأسها ولم تتكلم فقلت " اجلسي يا بتول "

قالت في الفور " إن كنت ستقف معي أتحدث أو لا داعي لذلك "

قلت بجدية " دعينا نتفاهم بروية ولن أخرج من

هنا إلا وأنتي راضية أعدك "

جلست وقالت " لا أريده طلقني منه يا جابر "

تنفست بقوة وقلت " حسنا نتحدث الآن فقط ولا

تفهمي الأمر وقوفا مني ضدك أو تخليا عنك مفهوم "

هزت رأسها بحسنا فقلت " السبب يا بتول , ما سبب رفضك له "

أشاحت بنظرها عني وقالت بحزن " يكرهني وأكرهني فيه

ينتقدني دائما ويعيرني ويقتنص الفرص للسخرية مني

علَمني كيف أقرف منه وأكرهه بجدارة فلما

يتزوجني وكيف يريد مني أن أتقبله "

قلت بهدوء " مسألة يكرهك أزيليها جانبا لأنه غير صحيح

أما أنك تكرهيه هذا ما عليك التحقق منه أولا يا بتول "

نظرت لي وقالت بضيق " كيف لا يكرهني هل

كل ما قلته لا يدل على ذلك "

قلت بجدية " وكيف يتزوجك وهوا يكرهك اشرحيها لي "

هزت رأسها وقالت " ذاك السؤال وجهه له أما أنا

فلن أقتنع بغير هذا "

قلت " وإن أتبت لك عكس ذلك "

هزت رأسها بلا دون كلام فقلت " أعطه فرصة يثبت

ما يقول وتتأكدي أنتي من مشاعرك وسأقف معك

يا بتول إن قررت الانفصال عنه "

كانت ستتحدث فأشرت لها بيدي وتابعت " أنتي لديك

دراسة تنهينها وهوا كذلك وتكون فرصة لكما وحين

يحين الوقت ستقررين أنتي رغم أنوف الجميع فلم

يكن الأمر باختيارك منذ البداية "

أنزلت رأسها للأرض في صمت فقلت " افعليها الآن

من أجلي يا بتول وسأفعلها أنا فيما بعد ومن أجلك "

قالت ورأسها لازال أرضا " لكن معتصم قال

سيأخذني من هنا مادمت علمت "

وقفت وقلت " قولي أنك موافقة على كلامي

وسأتصرف في الأمر بمعرفتي "

وقفت ونظرت لي وقالت " تعدني بذلك "

قلت بجدية " أقسم أن يكون القرار قرارك لكن في وقته "

هزت رأسها بحسنا فقلت مبتسما " إذا عليك أن تعودي

لمدرستك منذ الغد وتعيدي لصوتك حريته

وتزعجيهم كما كنتي دائما "

ابتسمت تمسك ضحكتها فقلت مغادرا

" كوني عند وعدك يا بتول وسأكون عند قسمي "

قالت وهي تتبعني " لا أريده , أنا فقط وافقت من أجلك

ومن أجل أنك أقسمت أن تأخذ برأيي وقراري مهما كان "

فتحت مقبض الباب قائلا " إذا اتفقنا وإن ضايقك

بشيء فأخبريني "

ثم غادرت من عندهم وهذا نصف المشكلة وجدنا له

حلا وبقي معتصم , وصلت القصر ودخلت وزهور

تنزل السلالم متوجهة جهة المجلس ووقفتْ ما أن

رأتني وقالت بحيرة " من في الداخل إذا !! "

قلت " معتصم وأريده وسأخرجه حالا "

قالت من فورها " أريد أحدكما معي "

قلت متجها جهة المجلس " رضا أصبح زوجك

يا زهور فلا داعي لوجودنا "

فتحت باب المجلس قبل أن تتحدث وقلت

" معتصم تعال أريدك في أمر "

نظر لرضا بضيق فضحك عليه وقال طاردا له بيده

" بسرعة واسمع كلام شقيقك "

قلت مبتسما " أعقل فزوجتك هنا عند الباب

لا تغير رأيها بك "

توجه جهة معتصم وأمسكه من يده وسحبه قائلا

" بسرعة تشرفنا بمعرفتك ورافقتك السلامة "

خرج معتصم يتبعني ضاحكا وتوجهت أنا وهوا جهة

المجلس العائلي حتى وصلنا لجدار المجلس فوقفت

ووقف أمامي وكنت مستندا بيدي على الجدار والأخرى

في جيبي وقلت بجدية " لقد تحدثت مع بتول "

نظر لي باهتمام وقال " وتكلمت معك !! "

هززت رأسي بنعم فقال من فوره " ماذا قالت "

قلت " تريد الطلاق "

فتح فمه فأشرت له بإصبعي على شفتاي

ليسكت ثم قلت " ومعها حق "

تحولت ملامحه للحدة يريد الاعتراض لكني كررت

حركتي لإسكاته بنظرة حازمة فسكت وتابعت بجدية

" أقنعتها أن تعطيك وتعطي نفسها فرصة حتى تنهي

دراستك فإما تكون زوجتك متى ما أذنت هي بذلك

ولو كان في الغد أو تطلب أن تطلقها بعد الثلاث أعوام "

عاد لمحاولة الاعتراض فأسكته بإصبعي على شفتاي

مجددا وقلت بجدية وهوا لازال عليهما " ستطلقها حينها

ورغما عن أنفك يا معتصم ولو بالقوة "

ثم أبعد أصبعي وقلت بجدية " والوقت أمامك طويل

وأنت وشطارتك ومتى ما وافقت أن يكون زواجكما

رسميا كان ذلك ولو الليلة وغيره لا فغيّر من أسلوبك

القديم معها فهي قالت وبالحرف أن ما أكرهها فيك

انتقادك الدائم لها وانتهازك الفرص لتسخر منها ولم

تقل أي عيب بك ولا من أي جانب وتراك تكرهها

أيضا فالأمر في يدك الآن والقرار في يدها ولن

أقف ضدها مهما حدث "

ثم رفعت أصبعي أمام وجهي وقلت بتهديد

" وإن اشتكت لي منك لن يكون حسابنا يسيرا

يا معتصم وستنسى أنه هناك زوجة لك تدعى بتول "





*

*








بقي نظري على الباب وكأني أنتظر الحياة أن تخرج

لي منه وأنا عن نفسي لا أعلم من أين أجد كل هذا الحب

الذي أحبه لها , ولا ألوم نفسي أني كدت أفقد عقلي يوم

تزوجت بغيري , مرت اللحظات تلو اللحظات ولم تدخل

وفكرة مجنونة تقول لي اقترب من الباب وافتحه وأدخلها

بنفسك قبل أن تهرب وما كادت تكون الفكرة حقيقة حتى

انفتح الباب ببطء ودخلت منه بدون حجابها بفستانها

الحريري الطويل عارية الذراعين مفتوح عند الصدر

بفتحة مربعة الشكل لتتخلله شريطة بنية تنتهي عند الكتف

معقودة هناك وكأنه ثمة من أخبرها أنه يوجد عاشق هنا

يتمنى الارتواء منك , هناك من أتبعه وأضناه الشوق

والانتظار بالسنوات , هناك من يتوق بجنون لكل هذا

لكل تفصيل من تفاصيلك أميرتي الفاتنة ونيسان قلبي

بأزهاره وعبيره , بقينا لوقت ننظر لبعضنا وكانت

لا تزال نظرة الخذلان والحزن تسيطر على ملامحها

وعينيها الزرقاء الغامقة ولا أعلم إن كانت تقرأ العشق

في نظراتي كما أقرأ كل هذا في كل انسدال من رموش

عينيها , وقفت مكانها ولن تفكر طبعا في الاقتراب فتقدمت

بخطواتي وأمسكت ذراعها وتقدمت بها للداخل أسير بجانبها

ويدي أخرى تحتضن كتفها حتى كنا في وسط المجلس فابتعدت

هي وسافرت بنظرها ورأسها للأرض فابتسمت بحب حتى

لتمنعها عني , أدخلت يدي في جيبي وأخرجت علبة الخاتمين

قبل أن أترك العنان للساني لأنه إن تحدث فلن يسكت وستخرج

وتتركني بسببه , فتحت العلبة وأخرجت خاتمها وأمسكت

يدها ورفعتها لي فكانت تطبق على أصابعها بقوة وتشيح

بوجهها جانبا معلنة رفضها لكل هذا وهي من وافقت عليه

بملأ إرادتها , رفعت يدها لشفتاي وقبلت كل أصبع فيها

على حدا وكأني أترجاهم أن يفتحوا لي الطريق وأن يفسحوا

لي المجال , حاولت مجددا وكانت على حالها ترفض

الانصياع وعلى صمتها القاتل فرفعت يدها لشفتاي مجددا

وقبلت رسغها هذه المرة لأصعد بقبلاتي على الساعد الثلجي

الناصع البياض وحينما وصلت قبلاتي المتلهفة المجنونة

لمفصل مرفقها من الداخل شدت يدها وسحبتها مني والتفتت

لتغادر فأمسكت ذراعها ولففتها لي مجددا وأعدت المحاولة

ورفعت يدها لي من جديد وفتحت أصابعها فانصاعت هذه

المرة لأنها باتت تعرف ما ستكون النتيجة إن تمردت أكثر

فتحتهم بالأصبع وكأني أفرد السنين أمامي وكأنني أعد بهم

سنين عمري التي ضاعت في انتظار هذه اللحظة

ألبستها الخاتم الذي لا يليق إلا بها ولو لبسته كل نساء الكون

الخاتم الذي كلفني راتبي من الجريدة كاملا لأكمل الشهر

بدون مال , نظرت له بين أصابعها يحتضن خنصرها

وهم مفرودين في كفي ... مسحت على يدها وقبلتها قبلة

طويلة لم يوقفها سوى سحبها لكفها مني لتخرج من صمتها

أخيرا وقالت ونظرها لا زال بعيدا ووجهها تحجبه عني

بشعرها الأشقر " لولا جابر ما أتيت فإن كنت أنت لا ترى

أنك تعيش دورا ليس دورك فأنا مقتنعة أن هذا الدور لا يليق بي "

اكتفيت بالابتسام في صمت ومددت يدي لذقتها ورفعت

وجهها لي وقلت وعيناي في عينيها " لن أطلب الكثير يا

زهرتي أريد فقط أن ارتوي هل هذا الدور أيضا لا يليق بي "

انتفض جسدها وحاولت الابتعاد لكني أحكمت بيدي الأخرى

على خصرها وشددتها لي وضممتها في حضني بقوة

وقلت " ولو هذا فقط يا زهور لا تحرميني منك يا

عينا رضا التي يرى بهما "

طوقتها بذراعاي أتحسس كل شيء فيها وكأنها حلم

لا أصدق أنه تحقق أخيرا , ابتعدت عني ببطء فمسحت

بيدي على وجهها لتحتضن أصابعي فكها الأيسر وتسللت

لتصل لذاك الجرح فأمسكت معصمي وأبعدتها وقالت

" إلا هذا يا رضا ابتعد عنه لأن عليك دفع ثمنه فقط "

عدت لاحتضان وجهها بكفاي وقربت شفتاي من

جبينها وقلت بهمس " هذا كله ولم أدفع يا زهور "

ثم قبلته وقلت " كلي لك يا زهور كلي ثمن لما خسرته

وأقسم أن أنسيك كل ما كان وفات فقط أعطني الفرصة "

أبعدت يداي وابتعدت عني ورفعت نظرها لعيناي

أخيرا وقالت بنظره ملئها أسى ونبرة ملئها حرقة وألم

" لن أنسى يا رضا ... أقسم أنك قتلتني ألف مرة وشر

قتلة كانت تلك وستدفع الثمن غاليا كما دقته أنا تماما "

ثم غادرت راكضة ولم أستطع حتى أن أدركها , ما

تعنيه بأن أتجرع ما أذقتها ماذا !!






*

*






حركت خصرها يمينا وقالت " افعلي هكذا "

ضحكت وفعلت مثلها فمالت به يسارا وقالت " ثم هكذا "

ضحكت مجددا وقلدتها فقالت " والآن كرريها بسرعة "

وأصبحت تتحرك وكأن سلكا كهربائيا صعقها فلم أستطع

أن أتوقف عن الضحك وهي لازالت على حركتها

وتقول " غني يا بيسان غني "

واشتغلت بيسان كالمذياع واكتمل المهرجان ليزيداني

ضحكا على ضحكي وتوقفت عن الضحك فجأة وأنا

أشعر بالذراعين اللتان طوقت خصري وشدتني لذاك

الجسد الصلب وصفقت ترف قائلة بحماس

" انظر بابا كيف أرقص , صفقي هيا "

وبدأت بيسان تصفق وتغني وترف عادت لرقصتها

الغريبة لأعود للضحك رغما عني وأنا أستمع للضحكة

الرجولة الخفيفة خلفي حتى قالت بيسان بتذمر

" يكفي لقد تعبت وأنتي لم يمدح رقصك أحد كلهم

ضحكوا عليك عمتي زهور وماما والآن بابا "

لكن ترف طبعا لا حياة لمن تنادي ثم توقفتْ

فجأة ونظرت لنا وقالت " ألستما متزوجان ؟ "

أبعدت يديه وابتعدت عنه أجهز نفسي للكارثة التي

ستقولها لكنه شدني له مجددا وقال " نعم "

وضعت يداها وسط جسدها ووضع جابر يده على

فمي كي لا أسكتها أو أهددها وقالت هي بضيق

" لما لم نرقص في زواجكما إذا "

لتنطلق ضحكة جابر ويتبعها قائلا " لأن والدتك

نكدته علينا ولم تترك أحدا يفرح ويرقص "

وكزته بمرفقي وأبعدت يده عن فمي وقلت هامسة بغيض

" نعم فأنا التي تركتك معهم هنا نهارا كاملا وحدكم ولم

أخبرك حتى أين غرفتك ولم أخبرهم حتى أنك ستأتي "

شدني له أكثر وقرب شفتيه من أذني وهمس فيها

" شكرا على كل ما فعلته اليوم من أجل زهور "

وما أن فتحت فمي لأتحدث حتى فاجأتني الشفتان التي

قبلت خدي قبلة طويلة أحسست فيها بمعاني كثيرة

أرسلت معها من شفتيه ومشاعر كبيرة في داخلي

حركتها , وأخيرا فعلتها يا جابر دون حيل وتحايل

لأسلبها منك سلبا , لو تعلم فقط ما فعلته بي بهذا

وما أن أنهاها حتى عاد لأذني وهمس مجددا

" هيا ردي الدين الآن ودون تأجيل "

اتكأت للخلف على كتفه وقلت بعد ضحكة

صغيرة " لن أفوت لك شيئا بعد اليوم "

ثم قبلت أسفل ذقنه وكل هذا طبعا كان على نظر بيسان

المصدومة وكأنها صورة معلقة على حائط أما ترف

فترقص بيديها فقط وتكلمنا وكأن شيء لم يحدث أمامها

طبعا لأنها سبق ورأت مشهدا أسوء من هذا بكثير ، اتكأت

على كتفه مجددا ونظرت لوجهه وقلت بهمس مبتسمة

" لما لا تقرب أذنك مني قليلا أود أن أقول لك شيئا "

ابتسم ومال برأسه فرفعت رأسي أكثر وحضنت وجهه

بيدي وهمست " أحبك جابر أحبك "




المخرج كلمات بقلم حبيبتنا همس الريح

من نواس لوسن .. حبيبتي .. و إن فرقتنا الأيام .. فلن تجدي
أقرب إليك مني .. فأنتي بين أضلعي مسكنك ..و أنفاسي التي
أتنفسها تحمل عبق رائحتك .. عاشق حتى النخاع .. موجوع
حتى العظام .. منحور حد الموت .. أرفقي بي قليلا يا صغيرتي
و ارحميني .. ارحمي قلبا ما نبض إلا لك .. و روحا تشبعت
بك .. أنتي وسن .. حتى اسمك بعض حروفي .. و أنتي كلك بعضي ..


من وسن لنواس ... حبيبي .. و إن كنت لغيري .. حبيبي .. و إن
ابتعدت عني .. حبيبي و إن كرهتني .. لا أكرهك .. و هل يكره
الإنسان قلبه ؟؟ .. لا استطيع الابتعاد عنك .. و هل يبتعد الإنسان
عن أنفاسه ؟؟ .. حين أتحدث و أقول أني أكرهك .. اقصد أعشقك
.. و حين أقول نزعتك من قلبي .. اعني أسكنتك فيه .. لا تستمع
لكلماتي .. و انظر لعيني ماذا تقولان ...و رفقا .. فما عاد في قلبي
مكان لطعنة أخري ...


سلم قلمك غاليتي ودمتم في حفظ لله جميعا
****************************************
بدات المواقف السعيده تغزو الروايه
.... الوسن تعالي.....
ما موقف وسن بعد معرفتها ان نواس اختار اسم الفرس الجميله باسمها
وكيف يعامل الفرس بحب
وهل ستترك وسن النافذه بعد ان اعجبتها الفرس ؟؟؟

....... احبك جابر احبك .........

 
 

 

عرض البوم صور مالكا قلبي   رد مع اقتباس
قديم 12-07-15, 05:58 PM   المشاركة رقم: 1829
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو مبدع


البيانات
التسجيل: Mar 2015
العضوية: 290948
المشاركات: 1,238
الجنس أنثى
معدل التقييم: wafa hadad عضو على طريق الابداعwafa hadad عضو على طريق الابداعwafa hadad عضو على طريق الابداعwafa hadad عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 384

االدولة
البلدAlgeria
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
wafa hadad غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : برد المشاعر المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: أوجاع ما بعد العاصفة (الفصل الثاني العشرون)

 

شكرا جزيلا لكي يا برودة على البارت الدسم ذا يس مو حرام عليكي هالقفلات اللي مالها داعي،هههههههههههههه،اللي تخلي الواحد يشغل مخو 180 درجة بلا فائدة،ههههههههههههو المشكل انو يوم الاربعاء ان شاء الله لسا بعيد،بس يمكن برودة الحلوة تعطينا عيديتنا يوم الجمعة ان شاء الله و هيك يكون هالاسبوع فيه 3 بارتات،برودة حبابة بليييييييييييييز وافقي على اقتراحي البسيط،المهم نبتدي بالمهم:

وسن & نواس

من زمان و انا مستنية وسن تروح للمزرعة و الحمد لله انو الله خلاني اعيش هاليوم،متل ماكانا نقول دايما اكيد البداية دائما تكون صعبة بس انا متأكدة أن وسن راح ترتاح في المزرعة دون الاماكن الاخرى،ردة فعل وسن كانت عنيفة مع نواس لما ايجا و ارغمها انها تروح تعيش معاه بس للاسف كل ما قلتلوا كان نابع من القلب و بملاحظة بسيطة نستنتج انها لا تزال تعشق في نواس و خصوصا لما كانت في السيارة و سرحت في خيالها لو لا الظروف لكانت الان متزوجة به و كان معهم طفلهم الصغير لكن ليس كل ما يتمناه المرأ يدركه،من جهة اخرى تعجبني مي ففتاة مثلها كانت ستمكر وسن على الطالعة و النازلة و لهذا انا كل يوم يزيد احترامي لمي و بتمنى من كل قلبي انو تمر السنة على خير و بزوجها نواس لوليد،بس المشهد اللي عجبني كتير في هذه الجزيئة هو انها شافت الوسن و اكيد حبتها و راح يكون دليل قاطع انو نواس لساتو بحبها و الدليل على ذلك انو نواس كان حاضنها و يحكي في اذنيها و الفرس حبة هالشي بس ياترى كيف راح تكون ردى فعل وسن؟انا محتارة يا ترى راح تحب الوسن؟او راح تزعل من نواس لامو اسم الفرس من اسمها؟واوووووووو راح تكون بارتات في القمة الخاصين بالمزرعة،تسلميلي يا برودة بس مو حرام عليك هالقفلة الشريرة.

سما & نزار

رحلة البحر كانت جنان ماشاء الله و اخيرا العم نزار فهم انو مو صغير و لا حتى الفاتنة سما التي تزداد جمالا و دلالا كل يوم و مع افكار ام نزار هذا الاخير اللي يكاد يفقد الباقي المتيقي من عقله،هههههههههه،المسكين سيتدمر قريبا جدا و انا اظن ان حصونه ستتهدم عن قريب حدا و الله ام نزار متعددة المواهب ماشاء الله و راح تكسبي في الاخير ام نزار انا متأكدة 100 بال100 في الاخير نزار ماراح يكون غير لسما و انا متأكدة من ذلك،هلا سما صارت تعرف حقيقة مشاعرها اتجاه نزار و ماذام هذا الاخير اصيح يداهمهو الارق فان مشاعره تكاد تظهر للعلن عن قريب،بس يبقى افضل مشهد في هذه الجزيئة منظر سما و هيا عم تدور امام المراة عنجد دوبتو بنزار الله يعينو المسكين،يص برودة عنجد انا زعلانة منك لانك ماخبرتينا حقيقة السؤال اللي كان يدور في خلد نزار؟،نسيت ما خبرتك انو مشهد سما مع الطفل الصغير وجعلي قلبي حقا نحن نساء نتحلى بمشاعر الامومة و نحن في الطفولة كيف لا و انا اتحدى ان لا توجد فتاة في العالم لم تلعب بالدمى و اهتمت بدميتها كابنة لها.

ارجوان & جابر

اه من جابر ليش ما ساعد ارجوان لتمشط شعرها اه من الرجال؟حبيت تنبيش ارجوان على ماضي والدته و انا متأكدة أن والدته عانت في طفولتها حتى صارت هكذا بلا مشاعر لكن دائما جابر دبلوماسي و هذا راجع الى طبيعة عمله و انا احيي ام جابر على المجهود الجبار الذي عملته حتى لا تخسر ثروة زوجها قد تكون متسلطة لكن هذا راجع الى ان اي أم تعيش من اجل اولادها تعمل المستحيل حتى لا تخسرهم و هكذا ام جابر.
انصدمت من اجل جابر كيف ترك عمله و بقي مع اسرته انا لا اظن من اجل حفل قران زهور و رضا فقط لكن احس ان وراء هذا ستحل مصيبة عليه من طرف العصابة التي قتلت اهل سما.
حكمة جابر في الامور سمح له بترويض بتول و القبول بما يريده منها يصدر رحب فهل تستطيع بتول تقبل معتصم؟ذاك الاخير الذي لم يتركها انا متأكدة و قد يغير من طريقته حتى يصل عليها فصراحة طريقته لا تطاق انا شخصيا لا احب المزاح الذي يتخطى الحدود فحب مثل هذا لا اريده.
زهور هل ستصمد امام مشاعر رضا التي باتت مكشوفة للعلن صراحة؟لا اظن ان رضا اذى زهور فكما فهمت هو جاهل لما حصل لها حتى افقدها عذريتها حقا سؤال صعب لم اجد له جواب بعد؟لكن اعتقد ان فكرة زهور للانتقام من رضا لم تنجح عندي احساس انه و بعد زواجهما ستبادله نفس المشاعر،لا اعتقد انها ستكابر اكثر من ذلك و خصوصا ان زهور كانت تكن له المشاعر عندما كانا صغار.
اوكي لهلا خلص الكلام عندي مستنيا البارت الجاي على نااار ميشان اعرف ردة فعل وسن،و كما تقول هموسة يا بعدددد يوم الاربعاء،الف شكر الك برودة و صح فطورك

 
 

 

عرض البوم صور wafa hadad   رد مع اقتباس
قديم 12-07-15, 07:27 PM   المشاركة رقم: 1830
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Jan 2010
العضوية: 155278
المشاركات: 99
الجنس أنثى
معدل التقييم: rahmouna عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 21

االدولة
البلدAlgeria
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
rahmouna غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : برد المشاعر المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي

 

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

وسن و نواس

هذا الثناءى المتعب
كل واحد فيهم راسو ايبس من الثانى و خاصة نواس متى سيرحم وسن و يرحم حاله لا ادرى ماذا ينتظر
اتى بها الى المزرعة رغم انه يعرف صعوبة تاقلمها هناك مع مى
اعتقد ان وسن ستفاجىء توقعاتنا و ستظهر لنواس و للجميع انها ماضية بحياتها و لا يهمها فيه لانه حسب وجهة نظرها لم يبقى ما تخسره
اتمنى ان يتزوجها قريبا لارى ردة فعلها
قفلة شريرة و ماذا ستكون ردة فعلها رغم اننى اتوقع ان تحب الفرس كثيرا

نزار و سما

نزار كل فصل يكتشف مشاعره اكثر و خاصة رحلة البحر
سما تتميز بذكاء حاد و هذا ما يساعدها
سما بدات تتحسن نفسانيا مثلما قال نزار لكن ما ستكون ردة فعلها لو رات قاتلى عاءلتها

رضا و زهور

اخيرا استطاع ان يكتب كتابه على خير يبدو ان زهور لن يكون التعامل معها سهلا
لكن بما انه يكن لها كل هذه المشاعر فلن تكون مهمته مستحيلة
المهم ان يسرع جابر و ياخذ يوم اخر اجازة ههههه لكى يتم الزفاف فلا اعتقد ان زهور ستتقبله فى هذه المرحلة و كل ردات فعلها ستكون بعد الزفاف

معتصم و بتول

الوقت امامه لكى يكسب ثقة بتول المهم ان يغير طريقة تعامله معها لانها لم تعد طفلة و لانها باتت تعرف كل شىء
يجب علبه ان باخذ دروس فى التعامل مع المراهقات من نزار ههه لان بتول لا ترفضه لشخصه و لكن لطريقة تعامله معها فلو غير الطريقة للاحسن سيفوز برضاها

لى عودة للتعليق على الثناءي المفضل لاحقا ان شاء الله
و سلمت يداك عزيزتى و رزق الله ليبيا و بلاد المسلمين بالامن و الامان

 
 

 

عرض البوم صور rahmouna   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
أوجاع ما بعد العاصفة, رواية
facebook



جديد مواضيع قسم القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t199405.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
Untitled document This thread Refback 10-09-15 05:28 PM


الساعة الآن 03:46 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية