لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء


مشاهدة نتائج الإستطلاع: هل تفضل ان تكون الرواية القادمة كلها باللغة العربية الفصيحة ام كـ الحالية ؟
كلها باللغة العربية الفصيحة 7 6.93%
كـ الحالية 94 93.07%
المصوتون: 101. أنت لم تصوت في هذا الإستطلاع

إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (2) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 16-01-15, 06:58 PM   المشاركة رقم: 111
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: May 2010
العضوية: 169175
المشاركات: 25
الجنس أنثى
معدل التقييم: زمن مجروح عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 41

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
زمن مجروح غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : لولوھ بنت عبدالله، المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: بات من يهواه من فرط الجوى، خفق الاحشاء موهون القوى

 

"
.
.



مَسَاء الخير عَليكُم جميعَاً
مسَاء الإبدَاع المُتجَدِد معَ كُل جُزء و حَدَثْ ..

فِي البِدَايَة أعتَذِر عَلَى التأخِير فِي التَعلِيق عَلَى الجُزْئِيَة الأخِيرَة
ذَالِكـَ لـِ ظُرُوف خَارِجَة عنْ إرَادَتِي
فقَد كنت أقرَأ الجْزء عَلَى فَتَرَات بَسَبب عَدْم قدرتِي عَلَى الرؤيَة وإصابَة عينِي بـ الإجهاد
فـَ أثَارَت ألَم الشَقِيقَة فِي رأسِي فـ أصبَح دخولي لـ النِت قليل جِدَاً خُصُوصَاً ما يسْتَغْرِق القِرَاءة بـ تركيز ...

<< أطلت الموضوع لكن لـ تعذريني على تغيبي عن الجزء :)


لن أعلق على الجزئية فـ الأخوات أعطينها حقها ..
لكني متشوقة لـ القادم والذِي أثِق أنهُ أرْوع وأجمَلْ ..

فِي إنتِظَاركـ ..



مودَتِي .."

 
 

 

عرض البوم صور زمن مجروح   رد مع اقتباس
قديم 16-01-15, 09:53 PM   المشاركة رقم: 112
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Nov 2013
العضوية: 260961
المشاركات: 2,244
الجنس أنثى
معدل التقييم: لولوھ بنت عبدالله، عضو جوهرة التقييملولوھ بنت عبدالله، عضو جوهرة التقييملولوھ بنت عبدالله، عضو جوهرة التقييملولوھ بنت عبدالله، عضو جوهرة التقييملولوھ بنت عبدالله، عضو جوهرة التقييملولوھ بنت عبدالله، عضو جوهرة التقييملولوھ بنت عبدالله، عضو جوهرة التقييملولوھ بنت عبدالله، عضو جوهرة التقييملولوھ بنت عبدالله، عضو جوهرة التقييملولوھ بنت عبدالله، عضو جوهرة التقييملولوھ بنت عبدالله، عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 2193

االدولة
البلدUnited Arab Emirates
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
لولوھ بنت عبدالله، غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : لولوھ بنت عبدالله، المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: بات من يهواه من فرط الجوى، خفق الاحشاء موهون القوى

 

اقتباس :-   المشاركة الأصلية كتبت بواسطة bluemay مشاهدة المشاركة
   السلام عليكم..

وحشتينا لولوتي ..

مو مصدقة متى يصير السبت ..

كتير متشوقة لجديدك يا قمر...


أعطر التحايا لك ولمتابعاتك العزيزات ..



°•○اللهم أغفر لي هزلي وجدي، وخطئي وعمدي، وكل ذلك عندي○•°




مساي انتي وحضورج الحلو على القلب ..

وانتي بعد وحشتيني وحشتيني يا قلبي

ههه يلا هانت .. ولجل عيونكم الحلوة بنزل بارتين ورا بعض :)


ربي يحفظكم يميع يا حبايب قلبي

 
 

 

عرض البوم صور لولوھ بنت عبدالله،   رد مع اقتباس
قديم 16-01-15, 09:58 PM   المشاركة رقم: 113
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Nov 2013
العضوية: 260961
المشاركات: 2,244
الجنس أنثى
معدل التقييم: لولوھ بنت عبدالله، عضو جوهرة التقييملولوھ بنت عبدالله، عضو جوهرة التقييملولوھ بنت عبدالله، عضو جوهرة التقييملولوھ بنت عبدالله، عضو جوهرة التقييملولوھ بنت عبدالله، عضو جوهرة التقييملولوھ بنت عبدالله، عضو جوهرة التقييملولوھ بنت عبدالله، عضو جوهرة التقييملولوھ بنت عبدالله، عضو جوهرة التقييملولوھ بنت عبدالله، عضو جوهرة التقييملولوھ بنت عبدالله، عضو جوهرة التقييملولوھ بنت عبدالله، عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 2193

االدولة
البلدUnited Arab Emirates
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
لولوھ بنت عبدالله، غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : لولوھ بنت عبدالله، المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: بات من يهواه من فرط الجوى، خفق الاحشاء موهون القوى

 

اقتباس :-   المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زمن مجروح مشاهدة المشاركة
   "
.
.



مَسَاء الخير عَليكُم جميعَاً
مسَاء الإبدَاع المُتجَدِد معَ كُل جُزء و حَدَثْ ..

فِي البِدَايَة أعتَذِر عَلَى التأخِير فِي التَعلِيق عَلَى الجُزْئِيَة الأخِيرَة
ذَالِكـَ لـِ ظُرُوف خَارِجَة عنْ إرَادَتِي
فقَد كنت أقرَأ الجْزء عَلَى فَتَرَات بَسَبب عَدْم قدرتِي عَلَى الرؤيَة وإصابَة عينِي بـ الإجهاد
فـَ أثَارَت ألَم الشَقِيقَة فِي رأسِي فـ أصبَح دخولي لـ النِت قليل جِدَاً خُصُوصَاً ما يسْتَغْرِق القِرَاءة بـ تركيز ...

<< أطلت الموضوع لكن لـ تعذريني على تغيبي عن الجزء :)


لن أعلق على الجزئية فـ الأخوات أعطينها حقها ..
لكني متشوقة لـ القادم والذِي أثِق أنهُ أرْوع وأجمَلْ ..

فِي إنتِظَاركـ ..



مودَتِي .."




مسا الغلا والسعاده كلها ..

يا حبيبتي انتي .. الف لا باس عليج .. ما تشوفين شر ان شاء الله ..

مرورج على صفحتي وتعليقج يسدوني عن ألف اعتذار يالغالية .. :(

تسلميلي على كلامج الطيب وتشجيعج المستمر .... اسعدتيني يا زمن ربي يسعدج :)

حبيبتي ما تشوفين شر مرة ثانية وترقبي القادم ان شاء الله باجر فليل ..

 
 

 

عرض البوم صور لولوھ بنت عبدالله،   رد مع اقتباس
قديم 17-01-15, 08:17 PM   المشاركة رقم: 114
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Nov 2013
العضوية: 260961
المشاركات: 2,244
الجنس أنثى
معدل التقييم: لولوھ بنت عبدالله، عضو جوهرة التقييملولوھ بنت عبدالله، عضو جوهرة التقييملولوھ بنت عبدالله، عضو جوهرة التقييملولوھ بنت عبدالله، عضو جوهرة التقييملولوھ بنت عبدالله، عضو جوهرة التقييملولوھ بنت عبدالله، عضو جوهرة التقييملولوھ بنت عبدالله، عضو جوهرة التقييملولوھ بنت عبدالله، عضو جوهرة التقييملولوھ بنت عبدالله، عضو جوهرة التقييملولوھ بنت عبدالله، عضو جوهرة التقييملولوھ بنت عبدالله، عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 2193

االدولة
البلدUnited Arab Emirates
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
لولوھ بنت عبدالله، غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : لولوھ بنت عبدالله، المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي الجزء الحادي عشر

 



(لا تلهيكم القراءة عن الصلاة يالغوالي)






الجــــزء الحــــادي عشــــر



،



عيْناك ليالٍ صيفيّة،
ورؤىً وقصائدُ وردية
ورسائلُ حُبٍّ هاربة،
من كتُبِ الشوق المنسيَّهْ
مَنْ أنْتَ ؟
زرعتَ بنقر خطاكَ،
الدَّرب وروُداً جُوريّهْ ..!
كالضوء مررت..
كخفق العِطرِ،
كهزجِ أغانٍ شعبيّهْ ..
ومضيتَ شراعاً .. يحملُني
كِقصيدة شمسٍ بَحريَّهْ ..
لِوُعُودٍ راحَتْ ترسُمُها،
أحلام فتاةٍ شرقيّهْ ..!
مَنْ أنتَ ؟
وسِحرٌ في عَيْنيْكَ
يَزفُ العُمر لأغنيَّهْ ..
لكأنّك .. مِن قمرٍ تأتي
من نجمةِ صُبح .. ذهبيَّهْ!
مِنْ أرضٍ .. فيها شمسُ الحُبّ
تعانِقُ وَجْه الحريّهْ ..
وأنا .. في العُمر مسافِرة
ومَعي .. عيْناكَ وأُغنيّهْ ..!


لـ أنــور سلمـــان ،.



،



ليت الألم يُحكى ..
لأنطقه بكل حروف الدنيا ..
بكل ابجديات الضياع
بكل معاني الوجع الملبوس
فوق أنفاسك الرجولية ..!!!

ليت لـ حرقة الهوى أجنحة ..
أجنحة أركبها .. وأحلق لمكان لا يبصرني فيه عين ..
مكان أكون فيه أنا فقط .. وهـواي الذي انصهر منتصباً .. رافعَ الرأس ..
شامخَ الأنف ..!!

ليتني يا هذا ابتعد ..
ابتعــد فقط عن شراراتك التي تحرقني
تلهبني ..
تذيقني الترمد الذي وصل في جوفي حد الطغيان ..!!!

لـــمَ تفعـــل بــي هـــذا ...؟!!
لـــمَ ..؟!!

أبعد الجرح الذي تلقيته منك ما زلت تمشي بخيلاء صرف
على روحي المثقلة بهوى روحك المتغطرسة ..؟!!

أبعد أن قررت بكل عزيمة أن اتجاوزك، وأعيش عمري الباقي
مع شخص لا/لن يملكني روحياً ..!!
مع شخص لم يرغمني على تذوق
طعـم يشبه بمرارته مرارة حنظلة رُميَت على الأرض
وأصبحت مداس أقدام العابرين ..!!

وكأن الحنظلة المسكينة .. ما كانت إلا قلبي أنا ..
الذي رُمي على يديك أنت ......... أيها السلطان ..!!

قلبي الذي لم يكن ليهواك وهو يعرف
بعجرفة هيمنتك على وتيني ..!!
بازدرائك لـ شخصي ..!!

بخداعـــك ........ أجــل ..
خداعــــــــك ..!!!



أمسكت بجهاز تحكم التلفاز الموضوع بجانب وسادتها ورمته بعنف .... بكل كبرياء مجروح ..
كبرياء لأنثى لا تملك الا الشمم من الطباع ..
والعُلي من الزهو بالذات ..
أنثى من فرط سمو اعتدادها بشخصها كانت تبعث للناس رسالات
مبطنة .. بـ "ممنوع الاقتراب" ..!!

صرخت بكل حدة حارقة .. ملتهبة .. ملتاعة ..
حرقة أنثى اُذيق حبها طعم الرفض والازدراء:
لييييييييييييش ..!!!
لييييييييييش خبررررني لييييييييييش .. !!
لييييييييييييييشششش ...!!!


وفجأة ..
ومن غير مقاومة تُذكر ..
أجهشت ببكاء يقطع الأفئدة من فرط وجعه .. من فرط مرارته السوداء ..

بكت وكلمة "ليش" كانت كالافا .. تخرج من شفتيها وتسكب حممها على صدرها المنتفض ..
بكت كما لم تبكِ من قبل .. وأشد مما بكت في السابق ..
عندما اكتشفت قبل سنين طويلة .. أن سلطان لم يكن راغباً بها ..
لم يكن لـ يريدها زوجة .. ولا حبيبة ..!!
لم يكن يريد .. إلا اللهـو فقط ..
اللهو والسخرية على من أهدته الفؤاد والوجدان ..!!


بكت شما حتى أحست بلهيب يمشي في حنايا صدرها ..
وجفاف قاحل يفتك بأحبالها الصوتية ..
لا تسمع الا لهاث .. لهاث وصل لأقصى حد من الاختناق ..

لهاث كان في السابق
لا ينطق إلا بما قالته نوره الحوشان بكل اصطبار يتأوه من نار الشوق/اللوعة:
"اللي يبينا عيّت النفس تبغيه، واللي نبيه عيّا البخت لا يجيبه"


أما الآن ..
لم يبقَ من لهاثها إلا رماداً متبقي من نار الجوى
الجـــوى يا سلطـــان ..!!!!

وليس غير الجوى ما فعل بـ وجدانها ما فعله بكل جبروت صرف ..!!


بدأت أنفاسها الثقيلة بالانخفاض .. وبدأت تسترد وعيها الذي غاب من أثر صدمتها
من سماعها "ذبذبات أنفاسه" ..!!!


تنفست مرة اخرى بعمق أليم محاولةً استرداد صوتها المختنق حد الزوال .. ووقفت لتواجه مرآتها الطويلة كـ طول قامتها المفعمة بالفتنة ..

ثم همست ببحة مختنقة بعد صمت مهيب متأملةً عيناها المتورمتان من أثر البكاء الشديد:
سمعتي نصخه وجيه استوابج يالخبلة ..
عيل لو لمحتي طرف كندورته شو بتسوين ..!!
أشهد إن حالتج صعيبة يا بنت خويدم ..



.
.
.
.
.
.
.



ضحك نهيان ضحكة رنانة ليهتف بمرح: ياخي انت وياه لازم تحسسوني انيه انسان بلا هدف في الحياه ..!!
خلاص بنشتغل بنشتغل ولا يهمكم ..


قطع كلامه رنين هاتفه، والتقطه باستغراب متسائلاً عن صاحب الرقم الغريب ..

تراجع بخفة ليرد بنبرة حازمة: ألوووووو

: ألوووو .. نهيان ..؟!!

قطب نهيان حاجباه وهو يستوعب الصوت الأنثوي الذي دخل مسامعه للتو

هتف باستغراب تام: هيه نعم نهيان .. منو ويايه ..؟!!

هتفت الفتاة بنبرة مهتزة .. مترددة .. خائفة: أ أ أ نـ نـ نهيان ..
أنا ميسون .. ماعرفتني .!!!

قطب نهيان حاجباه باستغراب وهو يهتف بتساؤل: ميسون ..!!
منو ميسون ..؟!



أتاه ذات الصوت ولكن هذه المرة ظهرت كـ نبرة ساخرة .. نبرة انقلبت من العربية إلى الفرنسية بكل غضب مكتوم:
لم أكن لتفاجئ بحقيقة نسيانك لي .. فـ انت نهيان .!!
نهيان الذي يصاحب عشرة فتيات في وقت واحد ..

استدار نهيان بجسده رافعاً كلتا حاجبيه باستنكار بدأ يظهر .. وهتف بعربية ثابتة باردة رغم إنه يتقن التحدث بالفرنسية باحترافية سلسة:
بتقولين انتي منو ولا ابند الخط ..!!!

ابتسمت المرأة المسماة ميسون ابتسامة ساخرة وهتفت هذه المرة بـ عربية .. تحديداً بـ لهجة أهل لبنان:
شو يا خواجة نهيان، نسيت ميسون .. وليالي باغي مع ميسون .. !!

بدأت عيناه السوداوان تحتدان كـ احتداد نصل السكين، والقسوة اعتلت ضباب مقلتاه بغضب وازدراء متذكراً اخيراً صوت الفتاة المغلف بنعومة الأفعى ..
هتف بحزم جامد قاسي .. قاسي كالحديد: الآدمية اللي تطرينها اندثرت تحت التراب ..

ميسون والحقد في صوتها وصل لمسامعه بشكل علني .. وحاد حد الوقاحة: بتئصود الادميي اللي كبيتا بالشارع هي وابنا بلا بيت ومصاري بعد ما شبعت منا ومن اللعب معا فوء التخت .. ما يا خواجة نهيان ..!!!

قبض نهيان يداه كاتماً انفعالات عاصفة لا يريد اظهارها، خاصة أمام هذه الحقيرة معدومة الاخلاق ..

نهيان بنبرة حادة ساخرة لأقصى حد ممكن مقلداً لهجتها بخبث تام: كنا نلعب فوء التخت على سنة الله ورسوله ما شيغي ..
(ما شيغي = يا حلوتي/يا عزيزتي بالفرنسية)

احتقن وجهها غضباً/خجلاً من جرأة كلماته .. وقالت من بين اسنانها: ليكَكْ عرفتني يخزي العين

قاطعها بقسوة مغلفة بالنفور/البغض: شو تبين ميسون، اظنتي اللي بينا انتهى من خمس سنين ..
شو ذكرج فيه عقب هالفترة كلها ..!!

ميسون بنبرة غامضة أظهرتها بنعومة صوتها الذي كان يطيح بـ سيطرة عقله في وقت مضى:
تلفنتلك لئلك ئشي وسكر ..

نهيان بنزق ملؤه الجفاء: قولي اللي عندج خلصيني ..

ميسون بصوت ثابت: ابنك بدو ياك نهيان

تسمر نهيان بمكانه وعيناه بدأتا بالاتساع تدريجياً قبل ان يهتف بصدمة حادة:
شوووه ...!!!
ولدددي ...!!!!



.
.
.
.
.
.
.



أبـــــوظبـــــــي



تقدمت وهي تدخل رواق القسم الذي يوجد فيه غرفة والدها بينما اصابعها تكتب بسرعة رسالة نصية لأختها الوسطى تسألها ما إذ حطت طائرتهم أم بعد ..

وضعت هاتفها داخل حقيبتها واستمرت بالمشي إلى أن لمحت أمام غرفة والدها طفلة صغيرة تحمل بيدها دبدوب وردي اللون جميل وتبكي بشكل يفطر القلب حزناً ..

اقتربت منها بقلق، ثم جثت على ركبتيها وهي تهتف بنعومة تقطر حناناً/طيبةً: حبيبي ليش تصيحين ..!!!

لم تجب الطفلة بل اشتد بكاءها وازدادت شهقاتها الرقيقة ..

التمعت عينا شيخة بتأثر شديد وكررت سؤالها وهي تمسد شعر الطفلة: يا قلبي ليش تصيحين ..!!
وين ابوج وامج ..!!

أنزلت الطفلة كفيها الصغيرين عن عيناها لتقول بصوت طفولي يتقطع من البكاء: ما ما ما ما ادري

وأخذت تبكي من جديد والخوف ينضح من نظراتها البريئة ...

وقفت شيخة وهي تتلفت علّها تجد أحد اقارب الطفلة المسكينة ..


رجعت تجثو على ركبتيها لتهتف بحنان صرف: انزين حبيبي خلاص لا تصيحين ..
الحينه بنروح عندهم ..

ردت الطفلة وصوتها المتقطع ما زال يتخلل كلماتها الصغيرة: ماما تامي قالتلي تمي هنيه وبييج بسرعة ..
بس ما يت ..

احتضنت شيخة الطفلة بنعومة تبعث السكينة في الصدور لتهتف بتساؤل حاني: منو ماما تامي حبيبي ..؟!

قالت الطفلة بنبرة بريئة للغاية: ماماتي تامي ..

ابتسمت شيخة بعذوبة وهي تمسح دموع الطفلة .. ثم قالت: شو اسمج يا عسولة ..؟!!

وضعت الطفلة أصبعها السبابة بين شفتيها ... واجابت بخجل شديد: اسمي شيخة

ضربت شيخة الكبيرة كفيها ببعضهما بخفة/بمرح ... لتقول بعدها بابتسامة جميلة: وااااااو شرات اسمي .. انا بعد اسمي شيخة ..

ابتسمت الطفلة ابتسامة كبيرة ناسيةً موضوع ضياعها عن أهلها قبل ان تقف شيخة وتمد يدها إليها وتقول ببسمة مطمئنة:
يلا تعالي معايه عشان ندور على ماماتج ..

أعطت الصغيرة يدها لـ شيخة وسارت معها في جميع أروقة القسم ..

بحثت شيخة عن والدة الطفلة ولكن من غير جدوى ..


توقفت فجأة ما إن سمعت صوت الطفلة العالي وهي تنادي احدهم بسعادة: دكتور نااااااااااصر

استدار الدكتور ناصر وهو يرفع حاجبه الأيمن باستغراب، ثم ما لبث أن ارتسمت عيناه بابتسامة أبوية حنونة ..

تقدم من الفتاتان بخطوات رزينة ثابتة .. ونظرته التي تلتمع بلون القهوة كانت كافية في إضفاء سحره الرجولي الخاص على هيئته بحلة الأطباء المتعارف عليه ..

جثى على ركبتيه وهو يهتف بنظرة شديدة الدفء: شواخي الحلوة اهني ..!!
يا هلا يا هلا ..

ارتمت الطفلة شيخة في احضان الدكتور لتقول بحزن بملء فمها الوردي الصغير:
دكتور بابا وماما خلوني وراحوا ..

الدكتور ناصر بتساؤل: وين راحوا عنج بابا ..؟!!


أخذت دموع الطفلة شيخة بالتساقط مجدداً وهي تقول: ماعرف، ماما قالت حق ماما تامي توديني الكفتيريا عشان اشتري عصير وكاكاو ..
بس ماما تامي ودتني مكان ماعرفه مب الكفتيريا ..
قالتلي تمي وبييج
بس ما يت ..

الدكتور ناصر باستنكار خفيف: وشله امج ما ودتج الكفتيريا بنفسها، من يأمن على الخدم ذي الايام ..!!
الله يهديها بس ..
(وشله = لماذا)

وأخذ يمسح دموع الطفلة وعيناه تنضحان حنان جارف يبعث القشعريرة بشكل يصعب وصفه ..



كانت شيخة الكبيرة في تلك الأثناء تشعر بأنها في مسرحية ودورها ليس الا كومبارس غير ذي أهمية مطلقاً ..

تعترف ان حرجاً شديداً انتابها من غرابة الموقف التي هي فيه بمجمله ..!!
ولكن، بين شعور الخجل والارتباك، لم يغفل قلبها عن الاحساس بفيضانات الدفء والحنان الأبوي التي تدفقت على رأس الطفلة من الطبيب ..

هذا الطبيب الذي أسر "بفتنة نبرات صوته العميقة وقلقه الحاني" دقات قلبها الجائعة لـ حنان أب فقدت روحه المُحبة منذ سنين طويلة ..

كان قلبها يدق لـ جمال ما تشهده بشكل لم تفقه له ابداً ..!!


رفع الطبيب رأسه مدركاً اخيراً وجود مخلوق انثى بجانب الطفلة ..

ما إن لمح طرف وجه شيخة التي لا تغطيه عادةً بخلاف شقيقتاها الكبيرتان، حتى غض بصره ليهتف بنبرة ثقيلة مهذبة: اختي السموحة منج ..
بس انتي شتصيرين لـ شيخة ..!!



تنبأ عقلها لأمر استوعبته بينما الطبيب يتحدث ..
فـ لهجة حديثه لم تكن اماراتية، انما وإن لم يخب ظنها قطرية ..!!!


تنحنحت شيخة بخجل فطري لتهتف بنبرة ناعمة خافتة: ما اقرب للصغيرونة ..
شفتها تصيح جدام حجرة الوالد وشليتها عشان ندور على هلها ..

وأردفت وهي تهز كتفيها: بس ما حصلنا حد ..


وقف ناصر وهو يرتب هندامه الذي لم يكن يحتاج لترتيب من الأساس،
انما هو فقط كان يحاول عدم التشتت بقوله وفعله .. عدم التشتت بثباته الذي يتميز به وهو يسمع ذبذبات همس الفتاة المثقل بالعذوبة والخجل المُرتبك ..


أمسك بيد شيخة الصغيرة محاولاً عدم النظر لكفوف الفتاة الشابة البيضاء الا ان نظرته لا ارادياً تنجر لجمالهما الناعم بأصابعها الضعيفة الطويلة وأظافرها المقلمة بشكل أنيق ..
بشكل فاق الأناقة بحد ذاتها بنظره هو ..!!


زجر نفسه مستنكراً افكاره المُراهقة التي لا تناسب ابداً عمره السادسة والثلاثين ..!!

تنحنح بثقل وهو يهتف بنبرة خشنة لم يتعمدها ابداً: خلاص مشكورة الشيخة،
انا الدكتور المشرف على حالة خال شيخة المرقد اهني، واعرف ابوها عدل ..
فـ تقدرين تخلينها معاي ..

خفق قلب شيخة عندما ناداها بـ "الشيخة" ظناً منها إنه يناديها بأسمها الحقيقي ..!!
ثم استوعبت مقصد كلمته العفوية ..

قالت شيخة بتردد منخفض الصوت وهي تنظر لـ شيخة الصغيرة: بسسسس دكتور ...



: شيــــــخة


التفتت شيخة الكبيرة ومعها الصغيرة لا إرادياً للصوت المنادي لتهتف الكبيرة بعفوية: هلاااااا

اقتربت المرأة المغطاة بأكملها بالسواد لتهتف باستغراب لـ شيخة الكبيرة: شيخة وينج من متى نترياج عند ابويه ..!!

قطب ناصر حاجبيه وبسمة متلاعبة اعتلت ناظراه بشكل طفيف ..

أسمكِ شيخة إذن ...!!!


شيخة بتلعثم تخلله ارتباك واضح: أ أ أ يايه الحينه، ترييني دقيقة ..

نظرت شقيقتها أم محمد لـ ساعة يدها بعدم صبر وهتفت بخفوت مستعجل: يلا انزين لا تتحيرين ..
ورانا سيره للمطار عشان اختج ولا نسيتي ..!!!

هزت شيخة رأسها وهي ترد بسرعة: ان شاء الله ان شاء الله دقيقة بس ..

ثم التفتت لـ شيخة الصغيرة متحاشيةً النظر للطبيب لسبب تجهله تماماً ..!!
لم تعرف أهو خجل ..!!
ارتباك ..!!
خوف من مشاعر تجهلها ..!!
أم نفور من انقباضات تدب في معدتها كلما لمحت طرف عيناه اللامعتان ..!!
لا تعرف ..
تتمنى فقط أن تخرج من نطاق رجولته الدافئة الجاذبة لها بشكل مؤذي ..!!

ولكن ..... وياللعجب ..
تتمنى في الوقت ذاته الغرق ببحر صوته العميق .. العميق حد اللانهاية .. بحنانه .... وبكمية السكينة فيه ...!!!


وبخت شيخة نفسها محاولةً الهرب من حصار مشاعر غريبة كل الاغتراب على جدران قلبها الجائع للإحتواء ..!!
الجائع لكلمة عذبة .. المتعطش لـ حضن شجي رحوم يغنيه عن كل حضن ..!!


قالت أخيراً للطفلة وهي تميل جسدها الى الامام وتنخفض حتى يصبح وجههاً مقابلاً لوجهها الصغير: حبيبتي شيخة، انا بخليج الحين ..
بس قبلها توعديني ما تصيحين ..!!

تعلقت شيخة الصغيرة بـ رقبة شيخة الكبيرة هاتفةً بصوت طفولي مستاء: ليش تروحين شيخة ..!!

همست شيخة قرب اذن الصغيرة بحنان جم: حبيبي باباتي يباني انا بعد، تأخرت عليه وايد ..


وبحركة لم تفهم ماهيتها بتاتاً ..
رأت الطفلة وهي تقترب من ناصر لتوشوش في أذنه اليسرى بكلمات قليلة ..

ثم رأت ناصر وهو يهز رأسه بابتسامة خفيفة .. ابتسامة لم تكن بريئة ابداً في الحقيقة .. ليهتف بعدها بدفء متدفق:
ايه حبيبي عادي


رجعت شيخة الصغيرة للكبيرة وهي تبتسم بخجل طفولي، ثم مدت دبدوبها الصغير إليها لتهتف بنعومة:
خلي هالدبدوب عندج ..

قطبت شيخة الكبيرة حاجباها بابتسامة مستغربة ثم قالت برقة: ليش غناتي، دبدوبج هذا ..!!

وضعت الصغيرة سبابتها على شفتها السفلى بخجل اشد وقالت: بس جيه .. عشان انا استويت احبج

تأوهت شيخة بتأثر تفجر بالبهجة .. وهتفت بصوت عذب لم تستطع التحكم برناته شبه العالية: واااايه انا فديت اللي يحبوووني ..

واحتضنت الطفلة بعد أن قبلت خداها الممتلئتان، ثم أكملت بابتسامة تضج بالفتنة: وانا احبج حبيبي وايد ..

وبعدها اخذت الدبدوب من الصغيرة لتهمس قرب اذنها بنظرة تلألأت جذلاً: واستويت احب هالدبدوب بعد،
شكرا شواخي ..

قبلتها مرة أخرى ثم وقفت وهي تمسد شعرها بعينان باسمتان قبل ان ترفعهما للطبيب ..

قالت بصوت انثوي رزين ونظراتها تقع على كل شيء امامها عداه:
دكتور حط بالك عليها ..

التمعت عينا ناصر ببريق غريب .. بريق يقول بأن لقائه بهذه الفتاة لن يكون الأول والأخير ... ثم هتف بصوت واثق متزن: إن شاء الله، لا توصين ..

استدارت شيخة بعد أن قالت برقة: مع السلامة ..

رد ناصر بخفوت عميق: مع السلامة يا ....... شيخة ..


أحست شيخة بماء بارد ينسكب على رأسها، وشعرت بأن سيطرتها على خطواتها الثابتة ستنفلت لا محالة ..!!


يـا إلهـــي ..!!
ما هذا الاحساس الذي يشعرني بأني واقفة على هلام ..!!

استفيقي يا فتاة ..!!
هو فقط نطق بـ أسمك يا شيخة .. فقط نطق بـ اسمك ..

فلتركزي الآن على خطواتك قبل أن تسقطي على وجهك ذو التعابير البلهاء ..!!!!



.
.
.
.
.
.
.



مطار أبــــوظبي الـــدولي



الوطـن
ما هو الوطن ..!!
سوى فرحة طفلة تتغنى تحت المطر

الوطن
ما هو الوطـن ..!!
سوى وفاء عجوز تنتظر حبيبها على كرسي خريف العمر ..!!!

الوطـن
ما هو الوطن ..!!
سوى انتماء قطيطات لـ صدر أمهم ... والمواء شبعاً بين احضانها ...!!!


الوطـن
ما هو الوطن ..!!

سوى تقبيل ترابك المسك ....... يا الامارات ...!!!!



نزلت من الطائرة وهي تتنفس حرارة هواء العاصمة بسعادة منتشية ..

ابتسمت ابتسامة عذبة .. ناعمة .. مليئة بالحب لتهتف لـ شقيقها ذياب:
فديت داري ومرباي .. اسميني ولهت على بوظبي يا ذياااااااااااب ..

ذياب بنظرة باسمة: هيه والله انا بعد ..
ههههههههههه ما صدقت انيه في الدار الا يوم لفحتني اللواهيب ..
(اللواهيب = الهواء الحار)

ضحكت ناعمة بخفة لتقول بـ جذل: هاذي علامة الجودة أصلاً

وأردفت وهي تتساءل: ذياب منو بيشلنا من المطار ..!!!

ذياب وهو ينظر لـ ساعته: عميه سلطان

ابتسمت ناعمة بـ شوق لا ينضب:
فديــــــت الطــــــاري ياربــــــي ..


صمتت للحظة عندما سمعت نداء صديقتها روضة لها .. وتحركت إليها مسرعةً قبل ان يدخلوا المطار الداخلي ..

ناعمة: هلا رواضي حبيبتي

روضة وهي تتألم من أثر صداع داهمها: نعوم فديتج ابا بندول .. عندج ..!!

ناعمة بذهول/بقلق: اووويه رواضي شعنه عيونج حمر جيه ..!!

وضعت روضة يدها على رأسها لتهتف بإرهاق/ألم واضحان: ما رقدت نعوم من يومين ..
والصداع بيذبحني ..

ناعمة باهتمام مستغرب: ما رقدتي في الطيارة ..؟!

تنهدت روضة بشكل غريب لتهتف بذات صوتها المُرهق: لا ما رمت ارقد ..

ناعمة: لييييش ..؟!!

صمتت روضة باستياء تخلله ارتباك عارم ..


ماذا أقول لكِ يا صديقتي ..!!
أأقول بأن طيف "ذاك" لا يفارقني منذ أن سقطت عيناي اسيرة عيناه ..!!

أأقول لكِ أن خيبة أملي "بـ حب صغير قد نما بشكل غريب" بدأت تزداد ما ان شممت هواء بلادي ..!!

ماذا أقول يا صديقتي ماذا أقول ..!!

أحببته .. يالحظ قلبي البكر ..!!
أحببته يا ناعمة ..
أحببتــــــه ..!!
وحبه الشرس ما يجلب لي بكل قسوة السهاد ..!!


تنهدت بعد صمت شفاف، لتهتف فيما بعد باقتضاب: ماعرف نعوم .. عندج بندول ولا ..؟!!

ناعمة: لا ما عنديه .. تريي بدورلج عند البنات ..

دخل جميع القادمين لمطار أبوظبي الداخلي وبينهم القادمين من فرنسا ..

كانت ناعمة في تلك الأثناء تبحث عن مسكن للألم لـ روضة المُرهقة .. وبينما هي تبحث وتسأل الفتيات، أخذت تلمس أصبعها الأوسط من كفها الأيمن ..
فـ هي عندما تقلق تحرك بشكل لاإرادي خاتمها صعوداً ونزولاً ..!!

ولكن .... وياللصدمة التي افقدتها التفكير لثواني ....... لم تجد خاتمها ..!!


الخـــــاتم ..!!
أيـــن هــــــو ..!!



قطبت حاجبيها بصدمة/بجزع وهي تحاول تذكر أين وضعت خاتمها ...!!!!

أخذت تبحث في حقيبتها عنه علّها تجده مرمي هنا أو هناك ..!!

ولكن لم تجده ..


يا ربي ...... إلا هذا الخاتم ..
إلا هو ..!!
أرجوك يارب ..
لم يبقَ لي من رائحة أمي إلا هذا الخاتم يالله ..!!


أحست بقلبها يعتصر وهي تقف بحزن أليم محاولةً تذكر ما اذ سقط منها في مكان ما ...

مرّت طيوف ذلك الموقف المُرعب بشكل مموه في بالها، ليهتف عقلها بذهول باغتها ..

أيعقل إنه سقط من أصبعها عندما حدث لها ما حدث في مطار باريس ..!!!!


ترقرقت دموع خفيفة في مقلتيها السوداوين لتهتف بحزن/خيبة أمل شديدة:
ياربي كيف طاح مني كييييييييف ..!!!!


أتتها الطالبة ظبية وهي تهتف بصوت شبه عالي: أبلة أبلة .. هاذوه بندول ..

أخذت ناعمة من الفتاة المسكن وشكرتها بشكل مقتضب يوحي بمزاجها المستاء تماماً ..

ثم ذهبت الى روضة لتعطيها اياه ..

قالت ناعمة بعد ان ابتلعت روضة المسكن وشربت الماء: اجر وعافية يا قلبي

روضة وهي تتنهد بشكل خافت: الله يعافيج ويسلمج فديتج

وأردفت وهي تلاحظ شحوب وجه ناعمة الذي كان متورداً منذ لحظات فقط: نعوم بلاج ..!!
شو مستوي ..!!

لم تحتمل ناعمة أن تكتم ما بقرارة نفسها من حزن، خاصةً عندما سمعت صوت روضة القلق ..
خانتها دمعة يتيمة من عيناها، وهمست بحزن صافي: رواضي هب محصله خاتميه ...
ماعرف وين طاح عني ..!!!

روضة بصدمة: ويييينه ..!!!!


مسحت ناعمة دمعتها الحزينة، وهتفت باستياء صرف .... وبتردد فـ هي لا ترغب الآن وهنا بإخبار روضة ما الذي حصل لها في مطار باريس: ماعرف يا روضة ماعرف ..

ظلت روضة تواسي ناعمة وتهدأ من انفعالها .. فـ هي أكثر من يعرف حجم مكانة هذا الخاتم بالذات في قلب ناعمة ..

فهذا الخاتم في الأصل هي هدية جدها لـ والدتها نوره ...

كان خاتماً عليه قلب من ذهب مرصعاً بماسات صغيرة براقة .. وهذا القلب مجوف بحروف منقوشة بـ اسمها هي ..
نـــاعمـــــة ..

لأن اسم ناعمة ما كان جدها ينادي ابنته بـه حباً وتدللاً وشغفاً
فـ هو كان يرغب منذ أن حملها بين يديه أن يسميها بهذا الاسم، الا ان زوجته أصرت بشدة ان تسمي ابنتها نوره على اسم والدتها ..!!
ولم يرغب أن يخذل زوجته وهو الذي احبها بكل قلب ينبض، فـ ما كان منه إلا أن ينادي ابنته نوره بينه وبينها بإسم "ناعمة" ..

وعندما شعرت نورة بـ دنو أجلها ..

أعطت ابنتها التي اسمتها ناعمة تحقيقاً لرغبة والدها العزيز هذا الخاتم الغالي على قلبها ..



.
.
.
.
.
.
.



دلف صالة استقبال المسافرين وهو يعدل نسفة غترته بفخامة مهيبة .. وبشكل لا ارادي .. انتقلت انظار البشر من كل جنس ولون إليه منجذبين لـ حضوره الاستثنائي ...

ظل واقفاً عاقداً ساعداه القويان امام صدره الرَحب منتظراً خروج أحباء قلبه الذين أخذوا نسائم الوطن العليل معهم ..

خاصةً تلك ..
تلك التي وضعت محبتها في لب قلبه منذ أن حدّقت به اول مرة "بـ عيناها الواسعتان المستديرتان ببراءة غارقة في اللذة" وهي في مهدها ..
منذ ما يقارب خمسة وعشرين سنة ..

أصبح الأب، العم، الحامي والصدر الحنون لها منذ أن كان في الخامسة عشر من عمره ..!!

لم يكد يخرج من خيالاته الأبوية المشتاقة حتى شعر بارتطام جسد أنثوي رقيق على صدره ...
وسمع غمغمات رقيقة تقطر شوقاً تخرج من فمٍ غارق في لُجات حضنه المفعم بالدفء: ولهت عليك سلطووووووون


استوعب اخيرا صوت الفتاة ليهتف بضحكة رجولية مجلجلة وهو يضرب بخفة كتفها محتضناً اياه بقوة حانية:
هههههههههههههههه سود الله ويهج .. اخترب مذهبج من سرتي اسبانيا يا نعوم ..

رفعت ناعمة ذقنها لتقبل صدر عمها، فهي لن تستطيع ابداً بطول قامتها المتوسط أن ترفع جسدها لتقبل خده ..
ثم هتفت بابتسامة تتفجر شوقاً جارفاً قوياً: فديت ريحتك يالغالي، والله ولهت عليك يا بومييد ..

ابتسم سلطان ابتسامة ابوية شجية وقبّل رأسها وهو يتمتم بخشونة دافئة: والله وانا اكثر يا عيون بومييد ..


سمع الأثنان صوت ذياب الساخر: خلوا حقيه شوي من الأحظان والرمسة الغاوية ..

تنحت ناعمة قليلاً عن الرجلان ليسلما على بعضهما سلاماً رجولياً بحتاً تخلله اشتياق واضح من الطرفين ..

هتف ذياب وهو يضرب كتف عمه بدعابة محبوبة: يلعن بليسك يالعم ..
احلويت عن اول، شو سويت من ورايه اعترف .. !!!

قطب سلطان حاجبيه باستنكار ظهر مع ابتسامته الثقيلة المتهكمة: هب هباك الله ...
اشووه بعد احلويت، شايفني بنية يالسبااااال ..؟!!

ضحك ذياب ضحكة رنانة لتهتف ناعمة بشقاوة وهي تتأبط ذراع عمها القوي:
امبونه بومييد عنيه افداه حلو ومزيون ..
(امبونه = من الأساس/في الأصل)

سلطان ببسمة ساخرة: طاعو هاي بعد، حووووه انتي وياه، صخوا لأمرغكم بالعقال ..

تقدم وهو يدفع عربة الحقائب ويكمل: امشوا امشوا جدامي يلا ..



.
.
.
.
.
.
.



العيــــــــن



كان تتحرك بتوتر تام وهي تضرب كفها الأيسر بقبضة كفها الأيمن، متوترة بشدة وخائفة ..

فـ هي منذ الصباح تحاول الاتصال بـ زوجها ولكنه لا يرد، وبعد عشرات من الاتصالات،
سمعت الصوت الآلي يقول بكل برود صرف أن هاتف زوجها مغلق .!!!


أيـــن أنـــت يا سيـــــف ..!!
مالذي يجعلك لهذا الوقت خارج المنزل ..!!
لمَ لا ترد على اتصالاتي القلقة .. لمَ ..!!


كانت تتنفس بشدة ووسوسة الشيطان قد بدأت تصل لأقصاها في قلبها وعقلها ..

مرتعبة هي من فكرة أن زوجها قد أصابه أحد نوباته المرضية في عمله
أو أصابه خلل في اتزانه وهو يقود السيارة ..!!

يا إلهــــي ..
لا أحتمل فكرة أن يصيبه شيء ..
أحفظه لي ولأولادنا يا رب .. احفظه لنا يا رحمن ..!!!


كانت في حالة شبه هستيرية من القلق والارتباك محاولةً للمرة المئة أن تتصل به علّه في هذه المرة يجيب ..


توقفت مكانها فجأة عندما سمعت باب غرفتهم يُفتح لترى وجه زوجها المُحبب لقلبها العاشق أمامها ..

تهللت أساريرها بشكل لا يوصف وهي تركض نحوه لتنغرس بأكملها في حضنه الصلب الحاني ..

هتفت بصوت يرتجف من القلق/الانفعال: حبيبي وينك ..!!!
ما رديت البيت من وقت مثل ما قلتلي .. ولا ترد عليه يوم اتصلبك ..
روعتني عليك واااايد سيف ..


شعرت بماء بارد يُسكب على رأسها ذهولاً ما ان شعرت بقبضة سيف القوية .... القاسية حد الصقيع على ذراعها مٌبعداً إياها عنه بصمت شديد ....

لم ينطق بكلمة .. ولم يعطها أي نظرة توصف بأنها "نظرة" ..!!!
بل لم يُحرك ابدا تعابير وجهه الجامدة "بشكل يبعث الريبة في النفوس" ..

اكمل سيره اتجاه غرفة الملابس لينزع عنه ثوبه وغترته ..


تشنج تفكير العنود للحظات محاولةً استيعاب صمت سيف الغريب، وتصرفه الأغرب ..!!

ذهبت خلفه حيث غرفة الملابس لتسأله باضطراب: حبيبي بلاك ..!!
تعبان ..!!!
تانس شي .. يعورك شي ..!!!
خبرني دخيلك ..


لم يرد سيف ابداً على كلامها ..
بل اعطاها ظهره الطويل المشوب بـ سمرة طالما ابهرت انفاسها وخدشت لبها اثارةً ..

ثم دخل الحمام بكل هدوء .. هدوء مرعب لا يشبر بالخير ابداً .....!!!!


ارتعدت خفقات العنود خوفاً/ارتباكاً قد وصلا لأعلى درجاتهما في قلبها ..

ما الذي حل بـ سيف يا ترى ..!!
لمَ تشعر بأن هدوئه ما هو الا اعصار سيفتك بها حالما تصل لـ ذروتها المدمرة ..!!

همست بخفوت قلق: الله يستر بس .. شبلاه الريال منجلب جيه ...!!



بعد دقائق قصيرة ..


خرج سيف من الحمام وليس عليه الا ازاره الذي يغطي الجزء السفلي من جسده،
وبذات الهدوء الباعث للارتباك، لبس ثوبه الأبيض ..
ثم بدأ يصلي وتره بخشوع تام ..


كانت العنود في تلك الأثناء جالسة على إحدى أرائك الغرفة الوثيرة، وتراقب تحركات زوجها المريبة ..!!


انتهى من صلاته ثم استقام ..

كانت تحركاته خافتة .. عديمة الصوت كلياً ..
حتى عيناه كانتا كـ غشاء مظلم مموه يخفي خلفهما مشاعر تموج وتتراقص بكل غموض داخل طيات روحه العميقة ..

هتفت العنود بعد أن زفرت زفرة ارتباك صرفة: سيف شحقه ساكت ..!! .. وترتني قسم بالله ..
لو في خاطرك شي تبا تقوله قوله ..

لم يرد سيف على ما تفوهت به، بل اتجه لفراشهم وتمدد فوقه ..
ثم غطى كامل جسده باللحاف ..
ونام ..!!!



.
.
.
.
.
.
.



فتَح عيناه ببطء شاعراً بآلام تضرب رأسه وجسده كله وكأنها ضربات مطرقة ..

يشعر بـ صداع يفتك كل جزء من أجزاء رأسه والضباب قد تسيّد ناظراه بعجرفة كامنة ..!!



أيـ ـ ـن هـ ـ ـو ...!!!

ما كل تلك الأصوات والصراخ والضجيج ...!!
آآآآآه ..
يكاد يموت من شدة عوار رأسه ..!!

آه .. ما هذه الروائح النتنة النفاذة ..!! ... يشعر بأنه في مكب نفايات ..!!


آآآآآآه ..
أحس مع شعوره بالألم الفظيع بسيلان عرقه الذي ازال تقريباً البودرة التي وضعها بوجهه لغرض التنكر كاشفاً عن ندبته التي بدأت بإخراج قيح لزج شفاف اللون ..


إلهــي، لم يعد يستطيع تنفس الأكسجين ..!!
وكأنه في قمقم منذ سنين لا يعلم بعدتها ..


حاول بشكل مضني فتح عيناه .. ولكن ..
وكـ ما فقد وعيه في المرة الأولى .. !!

فقده مرة أخرى .... فقده وهو يتمنى
بكل رجاء الى الله .. أنه ليس الا في كابوس ..
وسيصحو منه قريباً ......!!!



.
.
.
.
.
.
.



بعد مضي يومــــان
بالتحديد .. يـــوم الخميــــس ..



تشـعر بأنها على صفيح من جمر ملتهب .. لا تستطيع الأكل ولا تستطيع التفكير
فـ شقيقها الوحيد لا يرد على رسائلها في الهاتف ولا يرد على اتصالاته المستمرة ..!!!


حكت لـ عمتها عما يؤرقها ولكن عمتها استمرت بتهدأها معللةً أن تلك الأنواع من الدورات تتطلب تركيز حارب التام ..
وإنه بإذن الله سيتصل بهم حالما يجد الوقت المناسب ..

تعترف أم العنود أن هناك قلقاً عارماً بدأ يغزوها منذ أن قطع حارب اتصالاته بهم ..!!
لكن لا بد ان تحافظ على رباطة جأشها لكي لا تجزع موزة وتنتكس حالتها النفسية أكثر مما هي منتكسة ..!!


كانت موزة مع ام العنود وابنتها العنود يجلسن في الجلسة التي كانت بطابع اوروبي بمقاعدها وطاولاتها المطلية بطلاء أبيض مدمج بألوان فاتحة زاهية على حوافها يناسب جو الهواء العليل وأشعة الشمس التي بدأت تشتد ولكن بشكل معقول غير مزعج ...

بينما كن الثلاثة يتناقشن بأحاديث نسائية عامة، سمعن صوت زمور سيارة وقفت أمام باب المنزل الكبير ..


قطبت أم العنود حاجبها بتساءل: منو اللي ياينا الحينه ..!!
التفتت لـ موزة لتهتف بحزم دافئ: امايه موزه سيري طاعي منو ..

هزت موزة رأسها بـ حسناً ثم غطت وجهها بطرف غطاءها وذهبت لترى عن كثب هوية صاحب السيارة ..

لمحت بطرف عيناها رجلاً بقامة مهيبة تبعث الخوف في الوجدان، كان مولياً إليها ظهره فـ لم تستطع معرفة هويته ..!!

رجعت موزة لـ عمتها وابنة عمتها لتأشر بارتباك: عموه ماعرفته .. واحد طويل وايد يزيغ شكله ..

ضحكت ام العنود بينما ابتسمت العنود بخفة لتقول هي بالمقابل: قعدي موزانه انا بسير اشوف منوه ..

غطت العنود طرف وجهها هي الأخرى وذهبت لترى من الشخص الغريب ...


وعندما لمحت طول قامته جزعت كما جزعت موزة تماماً، الا انها تنحنحت بخفوت لتصفي صوتها وتقول بحزم انثوي بالغ:
آمر اخويه بغيت شي ..؟!!

استدار الرجل ذو القامة المهيبة ليهتف بحزم صارم تخلله تهذيب رجولي صرف: ختيه ما عليج اماره بغيت أم العنود يطوليه بعمرها برمسة ..

قطبت العنود حاجبيها باستغراب وهي تقول بخفوت: منو اقولها ..؟!!

الرجل بصوت غليظ رنان: قوليلها سلطان بن ظاعن ..



اتسعت عينا العنود بالذهول وهي تتعرف على الرجل بسرعة من اسمه ..
كيف لا تعرف من صيته العالي قد وصل مسامع الكبير والصغير في البلاد ..!!
كيف لا تعرف الشخص الذي اخرج العشرات من الناس من ازمات كثيرة داخل البلاد وخارجها ..!!
الرجل الذي كان خطب شما عمتها في السابق ورفضته فيما بعد لأسباب يجهلها الجميع ..!!!


العنود بحزم خافت هتفت: ان شاء الله يا بومييد دقيقة بس ..

ذهبت العنود لحيث والدتها وابنة خالها موزة لتقول بصوت يلهث من أثر الارتباك/الرهبة: امايه امايه ..
هذا سلطان بن ظاعن ..
يقول يباج برمسة ..

وقفت ام العنود باستنكار حاد وبحمية كـ حمية الرجال تماماً: ويديييييييه، سلطان هنيه ومخلينه مصطن جدام الباااااااااب ..!!!
(مصطن = واقف)
امف علييييييكن ..

عدلت أم العنود من برقعها الذي يلتمع بلون ذهبي مخضر ينافس اشعة الشمس بلمعانه ..
وخرجت لـ سلطان الذي انتصب بقامته ما إن لمح أم العنود تقف أمامه ..

أم العنود بحزم خرج مع صوتها المُرحب العالي: مرحبا السااااااع مرحبا السااااااااااع بـ ولد ظاعن
في ذمتيه ذمه تو ما انورت الداااااار ...

رد سلطان بصوته الرجولي الرنان والموغل بالود/الاحترام: الله يرحبج على فضله يا ام العنود ..
النور نوركم علنيه هب بلاكم يالغوالي ..
(علنيه هب بلاكم = الله لا يحرمني منكم)

أم العنود: اشحاالك يا سلطان واشحال الوالده والأهل .. !!
ربكم الا بخير وسهالة ...!!!

سلطان: ربيه يحفظج ويسلمج يا بنت حارب كلنا بخير وسهالة ما نشكي باس ..
ومن صووبكم ..؟!

أم العنود: الحمدلله رب العالمين كلنا بصحة وعافية ..


تنحنح سلطان محاولاً إزاحة التردد عن صوته ليستطيع إيصال حديثه مباشرةً/بلين لأم العنود من غير انفعالات ممكن أن تحدث من ناحيتها:
طويلة العمر بغيتج برمسة خفيفة وبسير .. ما بطول عليج ان شاء الله ..

أم العنود باستنكار حاد: رمسة هنيه يا سلطاااان ..!!!
جرب جرب الميلس، ولا عايبتنك الوقفة تحت الشمس ..!!

رد سلطان ووجهه يوحي بحرجٍ يموج فوق مقلتيه: جريب جريب يا بنت الايواد يا غير السموحة منج ما عنديه وقت لازم ارد بوظبي بسرعة ورايه شغل هناك .. هن رمستين بعقهن وبسير ..
(بعقهن = سأرميهن)

شعرت أم العنود بحرج سلطان من أن يدخل مجلس المنزل من غير وجود رجل،
لكنها هتفت بحزم مُستنكر: منقود يا ولد ظاعن ما نقهويك وانت ضارب خط يلين دارنا ..
جرب وانا الحينه بزقرلك عميه بوسعيد ..

سلطان بـ رفض حازم: لا يا ام العنود مابا حد يعرف باللي بقولج عنه ..

قالت أم العنود والقلق بدأ يدب في اوصالها: بديت تروعني يا سلطان .. خير شو مستوي ..!!!


زفر سلطان بقوة معرباً عن توتر لا يعرف ابداً التعامل معه .. !!
فهو منذ أن كبر واشرب وجهه بالشعر ونضجت فيه الرجولة نسي معاني التوتر والارتباك وتمكن بكل هيمنة بشخصيته الفذة من التعامل مع كل موقف يواجهه بكل حزم ورباطة جأش يُحسد عليهما ..!!!

لكن هذا التوتر الذي يصاحب تعامله مع امرأة ... لا يعرفه ابداً .... يجهله في الحقيقة ..!!!

هتف بصرامة تامة: هب مستوي شي ان شاء الله .. بقولج هنيه اللي ابا اقوله وبتوكل ..



.
.
.
.
.
.
.



دبـــــــــي



كان يتمشى على شارع جميرا وباله شارد كل الشرود لتلك المكالمة المشؤومة قبل يومين ..

ما هذه المصيبة التي حلت على رأسه ..!!!
لم يكن ليعتقد مجرد اعتقاد أن تلك الوقحة في ذلك اليوم كذبت عليه وهي تدّعي بأنها تحمل بأحشائها طفل ليس منه ..!!!

بماذا تغمغم يا نهيان ..!!
أصدقت الترهات التي تفوهت بها تلك المجنونة ..!!

أيكون ذلك الطفل طفلك حقاً وأنت آخر من يعلم ..!!

كيـــف ..!!

أليس هو ابن ذلك النتن الذي خانتك معه والذي بسببه رميت ميسون وكل ذكرياتك معها في قمامة الماضي ..!!

لا ..
لا تكن غبياً وتنخدع للمرة الثانية يا نهيان من تلك المخادعة ..

احذر يا نهيان .. احذر ..!!


خرج صوت من باطن عقله ليهتف بعاطفة جياشة:
واذا كان ابنك حقاً ..!!
اتدعه اكثر من ذلك بين يدي تلك المخادعة المنحرفة ..!!
أيهون عليك قطعة من روحك أن تكبر وتنمو بعيداً عن ناظريك ..!!
بعيداً عن أهله وموطنه ..!!
لا .. لا ..



مسد باضطراب تام رأسه محاولاً ايجاد طريقة لحل الأزمة التي وقعت على كتفيه ..

أتاه اتصال ليخرجه من تفكيره العميق .. ورد بنبرة خشنة مبحوحة: السلام عليكم ..

: وعليكم السلام والرحمة ..

هتف نهيان وهو يعود لسيارته التي اوقفها في نهاية الشارع ليمشي قليلاً في الهواء المنعش رغم حرورته الخفيفة:
هلا ابويه اشحالك ..؟!!

أبا نهيان بنبرة حازمة: بخير ربي يعافيك ..
وين دارك ..!!

نهيان وهو يحرك سيارته: انا في جميرا ..
تباني في حايه فديتك ..!!!

أبا نهيان بصرامة قاسية تخللها تهكم حاد: وانت هاي علومك بسس ..!!!
تحوط وتهوم بليا شغل ولا مشغله ..!!!
متى بتغدي ريال وتتحمل المسؤولية ..!!!

تنهد نهيان بانزعاج تمكن من اخفاءه خلف صوته الهادئ: ابويه الله يهداك قلتلك تراني اشتغل

أبا نهيان بذات حدة صوته: شو تشتغل خبرني بالله عليك .. مرة تقولي استورد اجهزة واصدرهم بالغالي برع البلاد..
ومرة تقولي داخل شراكة مع ربيعي في سلسلة مطاعم في دبي ..
ومرة تقولي شاري نص اسهم معرض سيايير ..

أردف بصوت أكثر حدة من فرط غضبه من استهتار ابنه الكبير: انت شو سالفتك بالضبط خبرني ..!!!

نهيان بذات ثبات صوته الهادئ: ابويه فديتك انا احب اشتغل اعمال حرة لا تطلب مني اشتغل شغل مكاتب ..

رد أبا نهيان بنبرة أهدأ من ذي قبل ظهرت كموجات سأم/خيبة أمل/تهكم صرف: عيزت منك انا يا ولد ..
عيزت والله ..
برايك سوا اللي تباه مالي شغل فيك ..

اقفل والده ليتنهد نهيان مرة أخرى شاعراً بإحساس كبير بالفشل ..
الفشل في حياته الشخصية لا حياته العملية ..!!!

شاعراً بالتخاذل وهو يرى خيبة والده فيه وغضبه المستمر منه ....!!!

ليس باليد حيلة يا ابا نهيان ..!!
الظروف تحتم علي ذلك .....!!!!



.
.
.
.
.
.
.



أبـــــوظبــــــي



كانت تلبس بكل نشاط ملابسها الخاصة بالرياضة وهي تدندن بأنشودة قديمة ...

أخذت تتأمل جسدها الرشيق امام المرآة بابتسامة تتقد اشراقاً: يا خطيرة يا نعوووووومة، والله سفرة اسبانيا خلتج اضعف واحلى ..
ههههههههههاي فديتني ياربي ..

استدارت بخفة وفتحت ستائر غرفتها لتسمح لأشعة الشمس بالدخول وملأ ارجاء المكان نوراً ..

عادت لمرآتها قف لتربط شعرها ذو العتمة الشديدة .. عتمة عقيق يماني اسود يسحر نظر من يقع عينه عليه ..!!

من يرى شعرها وهو يتحرر من أسره، يظنه شعر فتاة سليلة غجريات من أب وجد ..!!!
كان يصل لأسفل ظهرها بتموجاته الغزيرة وانحناءاته الكثيرة المفعمة بالحياة ..

دخلت شقيقتها الصغرى الغرفة وعيناها تنضحان شوقاً ضارياً ..

وبكل طفولية منها قفزت على ظهر ناعمة واحتضنتها من الخلف لتهتف بسعادة عارمة:
تولهت عليييييج يا حماااااااااارة ...

ضحكت ناعمة بذات سعادة شقيقتها لتهتف بنعومة نقية: وانا والله تولهت عليج فطفوط

وأردفت باستغراب باسم: غريبة .. شعنه هب مداومه اليوم ..!!!

هتفت فطيم بشقاوة وهي تتمدد على سرير شقيقتها: خذت اجازة حقي عشان اقعد معاج الويكند كله مع الخميس ..
أردفت وهي تغمز بعينيها: شرايج فيه ذكية صح ..!!

رمقتها ناعمة بنصف عين وقالت: لوتيه وحدة ..
غرتي يوم عرفتي انيه مأجزة اليوم هااااه ...!!

ضحكت فطيم بانتعاش وهي تتلوى فوق السرير ذو الغطاء الوثير الناعم: هههههههههههههههه هيه غرت ليش الجذب ..!!

ابتسمت ناعمة .. ثم قالت وهي تخرج من الغرفة: انزين يلا خلينا ننزل نيلس عند يدوه ..
والتفتت لـ شقيقتها وهي تكمل بخبث باسم: وتزهبي لأن عقب شوي بنروح الجيم ..

فطيم بصياح متبرم: لااااااااااا ماباااااااااااااااا



.
.
.
.
.
.
.



كان في طريقه إلى العاصمة بعد أن انتهى من مهمته المستعجلة في العين ..

قام باتصال سريع وعقله في حالة شرود تام .. عقله الذي امتلئ بمشاكل كثيرة لا حصر لها .. اتصل وهو يتأمل بأن الذي فعله قبل قليل لن يرتد عليهم بنتيجة معاكسة ..

أتاه صوت الرجل الأكبر سناً وهو يهتف بحزم مترقب: ها سلطان
سويت اللي وصيتك عليه ..!!!

تنهد سلطان بعمق وهو يعدل نظارته الشمسية ذات الطراز الكلاسيكي الملائم لتقاطيع وجهه وفكه المغطى بلحية رجولية خفيفة أنيقة:
هيه نعم بوراشد رمست عاشه بنت حارب بالسالفة ووصيتها تسوي اللي قلتلها عنه ..

هز أبوراشد رأسه وهو يهتف بذات حزمه: ها احسن حل يلين ما نقدر نحل المشكلة اللي نحن فيها ..
بنت حارب حرمة عن ألف ريال ما كنت بقولك خبرها الا وانا متأكد انها بتساعدنا بدون ما تستوي شوشرة حول السالفة

سلطان: اشوفك واثق من هالشي ..!!!

ابتسمت عينا أبوراشد بلمعان يوحي بالتيقظ/المعرفة التامة: لو انت ناسي يا سلطان ..
عاشه بنت حارب معروفة بين الطبقة النسائية الاماراتية وكانت عضوة فعالة في الاتحاد النسائي، وهي ما شاء الله عليها تعرف توزن الامور بعقلانية من غير عواطف وحساسية ..
وعاونتنا وايد من غير ما تعرف ان نحد من تعقد وتشعب الجماعات الخارجة عن القانون في بلادنا ..

هز سلطان رأسه موافقاً حديث أبا راشد: هيه نعم، يزاها الله خير قدرت بأسلوبها وتعاملها الطيب ان تحل المشاكل العائلية في بيوت الشباب والمراهقين وتعرف المشاكل اللي حدتهم على فعل الشغب والخراب في مناطق الدولة ..
وأردف وهو ينزل نافذته أمام السوبر ماركت ليطلب قنينة ماء: انزين شعنه ما خليتني ارمس بوسعيد ولا على الاقل حد من عياله ..

أبوراشد بصوت غليظ مبحوح لا تفارق سنه الخمسة والخمسين: هب مصلحتنا يا سلطان نكبر السالفة ونخبر الرياييل باللي صار .. بنت حارب وعقب ما قلتلها انت اللي لازم تسويه، بتساعدنا نكتم على الموضوع بدون ما يكبر ..

تمتم سلطان وهو يتأمل نجاح الخطة التي وضعوها: ان شاء الله



.
.
.
.
.
.
.



أبـــــوظبـــي
العصــر



نزلت بكامل اناقتها الأنثوية الخلابة بثوبٍ عربي أزرق، ضيق عند الخصر يبرز رشاقة جسدها الغض بطوله المتوسط الجذاب ..

كانت تتحدث بكل دفء وود مع صديقتها حصة وهي تضحك بين الفينة والأخرى على حكاياتها الظريفة: ههههههههههههههههههههههههه صدق ويهج لوح يا حصوه
يعني فوق ما الريال استسمح منج واعتذر، ترمسينه بنفس خااااايسة ....!!!

حصة بتهكم ظهر مع ارتفاع حاجبها الأيمن: حبيبتي محد قاله يستهبل عليه ..
الشنطة انا شفتها وعيبتني قبل البنت هاييج، قلتله سايرة محل وراده ..
شحقه يبيعها للبنية اللي يت عقبي ..!!!
في ذمتج رواضي هب شي يقهر ..!!

كتمت روضة ضحكتها وهي تتخيل منظر البائع وهو يتلقى الكلمات الحادة السامة من حصة، فـ حصة كما يعرفها المقربون منها، شديدة العصبية بلسان حاد كالسكين عند الضرورة، ولا ترضى الا بأخذ حقها كاملاً مكملاً وهذا الطبع نما بداخلها منذ أن كانت طفلة صغيرة ..
ولكن رغم عصبيتها ولسانها الحاد، فهي تهدأ بسرعة البرق وترجع لطبيعتها اللطيفة المتسمة بالرقة ..

هتفت بنبرة باسمة متعقلة: صدقج الشي يقهر والله .. بس عاده حبيبتي حصة مب كل ما استوتلج سالفة مع ريال مديتي لسانج عليه ولعنتي صيره ..
انتي بأسلوبج هذا اطيحين بدون ما تدرين بمواقف مب حلوة ..

زمت حصة فمها بامتعاض طفولي لتهتف برقة: شسوي يختي احاول وايد ايود اعصابي بين الناس لكن ماروم .. لساني ينفلت روحه ..



وبعد دقائق قليلة ..


اقفلت الهاتف وعلى وجهها ابتسامة شجية وهي سعيدة بعودتها الى بلادها وأهلها واصدقائها ..

أخذت تتلفت يمنةً ويسرة باحثةً بأعينها عن أمها وأختها شيخة ..

وضعت غطاء على رأسها لونه سكري ومزخرف بدانتيلات زرقاء على حوافه بشكل راقي جميل ..... واستدارت لتخرج ..

وقبل أن تخرج من باب المنزل للباحة، أتتها شيخة بوجهها الباسم حاملةً كوب من القهوة وهي تهتف بصوت عاليِ:
وين وين وين .. ما صدقنا رديتي البلاد .. وين تبين تشردين ..!!!

ضحكت روضة بخفة قائلةً بخبث: افهم من كلامج ان البيت ما كان يسوى بلايه ..!!
(بلايه أي من غيري)

وضعت شيخة يدها على خصرها مجيبةً بنظرة من تحت رموشها الفاتنة: مشكلة اللي مصدقين عمارهم على فكرة ..

ثم أمسكت بذراع روضة لتجرها للصالة مضيفةً ببهجة/بغبطة: تعالي تعالي .. اباج تقوليلي كل السوالف اللي استوتلج في اسبانيا ..
كلها روضوووووه ..



.
.
.
.
.
.
.



العيــــــــن



دخلت السيارة وهي تترنح بإعياء تام، ما كان يجب أن تخرج من العيادة بعد العملية ..
ولكن لابد أن تصل للمنزل قبل أن يعلم احمد بخروجها ودخولها ...!!!!

حمدت الله بكل بغض يملأ قلبها، ان احمد ذهب لـ دبي اليوم لحل أمور تخص عمله ..

فـ لو كان في المنزل، لما استطاعت الهرب من اسئلته وتحقيقاته التي لا تنتهي من وجهة نظرها ..!!


قالت بصوت مرتجف من أثر الارهاق: أيوب حرّك حرّك بسرعة ردني البيت

أيوب السائق وهو يهز رأسه بـ حسناً: ان شاء الله ماما


كانت عرقها يتساقط من غير أن تشعر ..
تأففت بكل سأم .. بكل روح تزفر ضميراً "ميتاً" ..!!!

تخلصت اخيراً من الجنين الذي كان حملاً على كاهلها ...... لكن ...
متى ستتخلص من والده البغيض ذاك ..؟!!!!



.
.
.
.
.
.
.



بـاريــس
في إحدى أزقتـــها الضيقــة الرطبـــــة ببقايـــا قطــــرات المطـــــر



أدخل يديه في جيوبه وهو يشعر بأن زمام الأمور بدأت تنفلت من بين أيديهم ..

أتاه رجلاً متشح بملابس سوداء أنيقة وهو يهتف بخفوت خشن: خلفان شو صار معاك ..
قدرت تعرف حارب وين ...!!!

هز خلفان رأسه بقلة حيلة والقهر ظهر في صوته حاد كـ حدة سكين منصول: لا ما عرفت ..
انا حاس ان عيال الكـ.... ورا السالفة ..

أردف بعد ان اشعل سيجارته ونفث دخانه الضبابي: ابراهيم خبرت الجماعة في بوظبي عن اللي صار ..!!!

زفر ابراهيم بقوة ليهتف من بين عيناه الغائمتان بقهر هو الآخر: هيه مخبرنهم من البارحة ..
وسلطان قوّم الدنيا وقعدها ومتحلف بنا من الخاطر ..

خلفان بصرامة وهو يلوم انفسهم لـ استغفال أعينهم عن حارب: معاه حق يعصب، نحن ما كان المفروض نخلي حارب بليا مراقبة قبل لا نتأكد انه حدر الطيارة ...

قطب ابراهيم حاجباه باستنكار: بس نحن ما كنا نعرف أن الخطة تغيرت وانه طلع من المطار عشان مهمة وكلها اياه هذاك اللي ينقاله ديرفس ..

زفر خلفان بانفعال .. وغمغم بخشونة: ماعرف يا ابراهيم، الله يستر بس ..
الله يحفظك يا حارب وين ما تكون ..






نهـــاية الجــــزء الحـــادي عشـــر

 
 

 

عرض البوم صور لولوھ بنت عبدالله،   رد مع اقتباس
قديم 17-01-15, 08:21 PM   المشاركة رقم: 115
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Nov 2013
العضوية: 260961
المشاركات: 2,244
الجنس أنثى
معدل التقييم: لولوھ بنت عبدالله، عضو جوهرة التقييملولوھ بنت عبدالله، عضو جوهرة التقييملولوھ بنت عبدالله، عضو جوهرة التقييملولوھ بنت عبدالله، عضو جوهرة التقييملولوھ بنت عبدالله، عضو جوهرة التقييملولوھ بنت عبدالله، عضو جوهرة التقييملولوھ بنت عبدالله، عضو جوهرة التقييملولوھ بنت عبدالله، عضو جوهرة التقييملولوھ بنت عبدالله، عضو جوهرة التقييملولوھ بنت عبدالله، عضو جوهرة التقييملولوھ بنت عبدالله، عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 2193

االدولة
البلدUnited Arab Emirates
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
لولوھ بنت عبدالله، غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : لولوھ بنت عبدالله، المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي الجزء الثاني عشر

 



(لا تلهيكم القراءة عن الصلاة يالغوالي)







الجــــزء الثـــــاني عشــــر



،



لو سيل أهل الهوى من بعد موتهم
هل فرجت عنكم مذ متم الكرب
لقال صادِقُهُمْ أنْ قد بَلِي جَسَدي
لكن نار الهوى في القلب تلتهب
جفت مدامع عين الجسم حين بكى
وإن بالدمع عين الروح تنسكب



لـ قيس بن الملوح



،



ها هي شمس يوم الجمعة بدأت بالغروب بخجل تتوارى عن أعين البشر بعد رحمة مهداة رافقت نورها منذ الفجر البديع ..

أخذت تمشي بخطوات خافتة ولسان حالها يتمتم بداخلها بكل قلب مثقل بالعاطفة .. بكل ايمان موقنةً أن ربها عز وجل لن يترك قلبها معلقاً على حبائل اللوعة/الحرمان:

ربي ها أنت ترى مكاني و تسمع كلامي وأنت أعلم من عبادك بحالي
ربي شكواي لك لا لأحد من خلقك، فاقبلني في رحابك في هذه الساعة المباركة،
ربي إني طرقت بابك فافتح لي أبواب سماواتك و أجرني من عظيم بلائك ..

اللهم يا مسخر القوي للضعيف ومسخر الشياطين لنبينا سليمان ومسخر الطير والحديد لنبينا داود ومسخر النار لنبينا ابراهيم سخر لي عبادك الطيبين من حولي،
ربي بحولك وقوتك وعزتك وقدرتك أنت القادر على ذلك وحدك لا شريك لك
اللهم إني أسألك بخوفي من عظمتك وطمعي برحمتك أن ترزقني ما كان خيرا لي في ديني ودنياي ومعاشي وعاقبة أمري عاجله واجله ..
اللهم إني أسألك أن تصرف عني شتات العقل والأمر والتفكير،
ربي اثرني و لا تؤثر علي، ربي انصرني و لا تنصر علي ..
إلهي ارحم ضعفي وفرج همي واجبر كسري وامن خوفي وامطرني برزق من عندك لا حد له،
وفرج من عندك لا مد له، وخير من عندك لا عدد له ..

اللهم إن كان رزقي في السماء فأنزله وإن كان في الأرض فأخرجه وإن كان بعيداً فقربه وإن كان قريباً فيسره وإن كان قليلا فكثره وإن كان كثيرا فبارك لي فيه يا رب ..


مسحت وجهها بكلتا كفيها، وتنهدت بعمق علّ الدمعات الطفيفة التي اظهرت لمعان عسل مقلتاها تختفي وتزول ..

ثم أخذها تفكيرها القلق لذاك الذي اختفى بشكل مفاجئ من غير اتصال ولا رسالة ..

تشعر بوجع مثقل يخطو خطوات ثقيلة عنيفة على سطح قلبها الصغير

يا رب .. اقسم اني اكاد أُجن من فرط ألمي ..
أين انت يا حارب .. اين انت ..!!!

أكُتِب علي اعيش مدى العمر على شفى صخرة من الشجن والمرارة ...... والحرمان ...!!

لماذا يا إلهي لماذا ..!!!

استغفرك ربي واتوب إليك ..

اللهم اغفرلي خطيئتي وجهلي واسرافي في امري ..
ربي احفظ لي أغلى ما املك .. ربي ارجوك
احفظ لي شقيقي آخر إرثي في هذه الدنيا ..

اللهم احفظه أينما كان ورده إلينا سالماً معافى
يارب .. يا أرحم الراحمين ..

ارحم قلبي يالله .. قلبي لم يعد يتحمل .. لم يعد يملك القوة لـ فقدان شخص آخر ..
يارب ..



"الله أكبر.. الله أكبر.. الله أكبر.. الله أكبر .."

ردتت في قرارة نفسها: اشهد ان لا اله الا الله

تنهدت بعمق وهي تدلف المنزل بهدوء ..

هذا المنزل الذي آواها واحتواها بكنفه الدافئ بعد الحادثة الشنيعة التي حدثت في منزلهم بـ أبوظبي .. هذا المنزل الذي لم يكن ليكون بديل منزل عائلتها .. ولكنه أصبح الملاذ الوحيد كلما رغبت بالابتعاد عن كل شخص يذكرها بمأساتها تلك ..

هذا منزل الذي اصرت عمتها ان تعيش فيه معها بعد ان توفي اباها وشقيقها عبيد ... وبعد ان اعتزل حارب الجميع وأصبح في حالة أقل ما توصف بالجمود والقسوة الروح الميتة ....!!!!

رفضت ام العنود ان تبقى موزة لوحدها في ذاك المنزل الضخم وهي ترى مدى تباعد حارب وقلة تواجده حول شقيقته ..!!!

لم تعاتبه ولم تلمه، فهو كان في حالة تبكي الحجر من شدة صعوبة وقعها على النفس البشرية ..

وبالطبع لم تستطع ارسال موزة للعيش في مسقط رأسها رأس الخيمة عند جداها المُسنان وهي في تلك الحالة المًزرية من الصدمة والانفعال النفسي المًغلق على نفسه ...... لم تستطع وهي ترى كم كانت موزة تتلوى عذاباً كل ليلة وهي ترى الكوابيس وتأن بكل حرقةٍ في الوجدان ..

فـ ما كان منها الا ان تجلبها لمنزلها لتعيش معها وتبقى تحت أنظارها دوماً ..



أتاها صوت عمتها الحاني: موزانه أذن ..!!!

هزت موزة رأسها بـ أجل .. قبل ان تردف عمتها بعينان تنضحان حناناً جياشاً .. حناناً تخلله وجع على حال هذه الفتاة المسكينة:
يلا عيل امايه خل نسير نصلي ..

هزت موزة مرة أخرى رأسها ثم صعدت لغرفتها ..


تنهدت أم العنود بعمق وهي تهمس بخفوت مؤلم: ربي يعيني على اللي بسويه ..

ثم دلفت غرفتها وهي تسترجع للمرة العاشرة الحوار الذي جرى بينها وبين سلطان صباح يوم الخميس ..



.
.
.
.
.
.



أبـــوظبـــي



: هههههههههههههههههه اقول صخي صخي لا اخبرهم عن طيحتج صوب النهر في حديقة مدريد

هتفت فطيم بتشوق مستمتع: اوووووويه نعوم طحتيييي ..!!!

وقفت ناعمة بسرعة لتقترب من شقيقها ذياب واضعةً يدها على فمه بقوة: يا وووويلك لو خبرتهم ذيووووب

أبا ذياب بثغر باسم: قول قول ذياب ..

عارضت ناعمة بعبس/بحرج وهي ما تزال تمنع ذياب بيدها من التفوه بكلمة: ماشي ماشي أصلا ماصار شي ..
ذياب يخرط عليكم ..

عض ذياب يد ناعمة بخفة قبل ان يضحك: هههههههههههههههههههه لا بقولهم ما عليه منج

تأوهت ناعمة بتوجع ثم هددته بغضب رقيق: لو خبرتهم بخبرهم عن قطوة الفرنسية اللي سوتها على ثبانك
(ثبانك = حضنك)

اتسعت أعين الجميع بلمعان ضحوك، ثم سمعوا ضحكة ذياب قبل ان يهتف بصوت رجولي جذاب:
هههههههههههههه لا لا الا هالسالفة .. خلاص شو رايج نسوي هدنة .. لا انا برمس ولا انتي بترمسين

التمعت عينا ناعمة بخبث شقي وقالت: هيه جيه اباك اصطلب



قهقه الجميع على ما قالته ناعمة بينما امسك ذياب أحد الوسائد الارائك الصغيرة ليضرب بها وجهها ..

لم تكد الضربة تصل لوجهها الجميل حتى توقفت في نصف الطريق مترنحةً في الهواء، وصوت حازم باسم يهتف بقوة: حدك عاده الذيب، الشيوخ ما ينضربون فديتك ..

اتسعت ابتسامة ناعمة بحب تخلله شقاوة صبيانية: هلااا والله بذمتيه بشيووخ قلبي ..


ثم وقفت على الاريكة لتسلم على عمها بالأنف بحركة فخورة قبل ان تضيف بضحكة ناعمة كـ "هي": اسمحلنا عاده بليا الكنبة ما نروم نوصلك ..

ضحك سلطان بخفة على شقاوة ابنة اخيه .. ثم اقترب من والدته وأخيه الكبير ليسلم عليهما ..

بعدها توجه لذياب الذي وقف برجولية تامة ليستقبل سلام عمه بالأنف .. ليجلس أخيراً بجانب الفتاتان ناعمة وفطيم ..

هتفت فطيم وهي تقبل خد عمها بدلع خجول: عميه سلطان تولهت عليك، وينك ما تنشاف ..!!!

رمقها سلطان بنصف عين وقال: انا اللي ما انشاف ولا انتي اللي مندسة في حجرتج صبح وليل ..!!!!

أردف وهي يأخذ فنجان القهوة من يد ناعمة: شو مسويه في المذاكرة ..!!

هتفت فطيم بضجر شديد: دخيلك بومييد لا تييب طاري المدرسة والمذاكرة، امرررره باغضتنهم ..

سلطان بنبرة حازمة نصوحة: ودري هالرمسة الفاضية، انتي هالسنة ثانوية عامة اباج تشدين حيلج وتييبيلنا هاييج النسبة اللي ترفع الرااااس ..

زمت فطيم فمها وهي تهز رأسها: ان شاء الله

التفت سلطان لـ حمدان الذي كان يعبث بهاتفه الخاص: وانت حمدان شو مسوي في المدرسة ..؟!!

حمدان بابتسامة واسعة: الحمدلله عميه علاماتي توب التوب حتى اسأل ابويه ..

أبا هامل بنظرة حنونة باسمة: هيه علني افدا خشمه، امسات مرمس انا اساتذته وقالولي كل شي طيب عنه ..

ربت سلطان على كتف حمدان ببسمة فخورة ثم قال بدفء: ريال حمدان ريال ..

هتف سلطان لـ ذياب الذي يحدث بشاشة هاتفه بحاجبان معقودان يوحيان بانفعالات تموج داخله: بلاك ذياب ..!!

زفر ذياب بقوة وهو يغمس اصابعه في خصلات شعره الأسود الغليظ: من طحت الدار وانا احاول اتصل بـ حارب بس يظهرلي مغلق ..

انزل سلطان عيناه محاولاً ألا يكذب: امممممم يمكن مسافر ولا شي

ذياب بقلق: ظنك ..!!!

هز سلطان رأسه بـ نعم، وهو في الحقيقة لم يخفف بهذا قلق ابن أخيه ذياب ..
ذياب الذي لم يقطع علاقته بـ شقيق صديق عمره عبيد حتى بعد وفاته .. فـ حارب بالنسبة له طيف حي يرى خلاله ذلك الذي فارقه وجعل من الحياة خاوية من بعده ..

عزيزٌ هو حارب على قلبه .. عزيز جداً .....


تنهد بعمق محاولاً الخروج من نطاق الانفعال السلبي ..... حسناً لمَ هو قلق هكذا ..!!
من الممكن أن توقع عمه صحيح وهو مسافر للخارج ..!!!


خرج من سرحانه على صوت جدته وهي تسأل لناعمة بذهول: نعوووم خاتمج وييييين ...!!!!

وضعت ناعمة كفها الايسر على كفها الايمن وهي تتلعثم بخوف/ارتباك/استياء شديد: أ أ أ ماعرف وينه يدووه ..

فطيم بذهول: لا يكون ضاااااع ..!!!

زمت ناعمة فمها بضيق شديد وهي تجيب بعبوس: ماعرف وين طاح عنيه .. ما عرفت انه مختفي الا يوم طحنا مطار بوظبي ..

الجدة أم هامل بعتاب: الله يهداج يا نعوم، قلتلج لا تشلينه وياج في السفر انتي ما طعتي ..
لو مخلتنه في التجوري عنديه جان اخير ..

زفرت ناعمة ضيقها الخانق بـ قهر أليم ...

لا تزيدي عليَ وجعي يا جدتي كي لا انفجر بالبكاء قهراً ....!!!!



.
.
.
.
.
.
.



كانت ممددةً جسدها فوق سرير شقيقتها الصغيرة وهي تأكل المصاصة ذات اللون الأحمر بكل لذة/نهم وتضحك على التغريدات المضحكة في تويتر ..


أتاها صياح ميرة من داخل الحمام: حصوووووووووووه

هتفت حصة بصوت عالي باندماج تام وهي ما تزال تقرأ وتضحك: ههههههههههههه هاااااااااااااه ...

ميرة برجاء ظهر مع صياحها المرتفع: حصيصي دخيلج دقي حق مهاري الحين الحين وسأليها عن مقاس ريل منور بنت خالتها

قطبت حصة حاجبيها بضجر: اوهووو طلعي من الحمام واتصليبها انتي ..

ميرة برجاء اشد: دخيلج حصوه دخيلج .. ما عنديه وقت عقب ما اتسبح بروح المول سيده ..

حصة بتهكم: وانتي شحقه تتخبرين عن مقاس ريل منيرة بنت خالتها ..؟!!

هتفت ميرة بصوت بدأ يختفي تحت رشاش الماء: في خاطريه اشتريلها شوز هدية ..

وقفت حصة أمام باب الحمام لتهتف بصوت عالي: انزين عطيني رقمها

اعطتها ميرة رقم مهرة وهي تمسح عن وجهها الماء المخلوط بالشامبو:
0503666...


ادخلت حصة الرقم وضغطت على زر الاتصال ..



.
.
.
.
.
.
.



كانت مهرة تجلس على الأرض في غرفة شقيقها حمد وامامها الكثير من الصور المنثورة في حضنها وبجانبها ..

: ههههههههههههه حموووود شو هالصورة ..!!
من سنة سكتوووو هههههههههههههههه
(من سنة سكتو تُقال للسخرية من الأشياء القديمة)

حمد بابتسامة واسعة: اشوف اشوف ..

أخذ الصورة من اخته مهرة وانفجر بعدها ضاحكاً: هههههههههههههههههههه ابويه اللي صورنا في هالصورة
هههههههههههههههههه طاعي فلاح شقى راسه كان عود هههههههههههههههههه

شعر بضربة قوية على كتفيه وصوت باسم متهكم يقول: راس ولدك العود يالسباااال ..
على الاقل كنت رشيق هب انت يالدراااام ....

مهرة وهي تضحك على إحدى الصور: هههههههههههههههههه ياربييييه والله اشكالكم نككككتة ...
فلاح شوووف نهيان مع كشته اليابسة ههههههههههههههههههههه

فلاح بابتسامة خفيفة: حليلك يا نهيان، ايام يوم كان يربي كشته ..

حمد بسخرية: الحينه قرعته تصووولق ما شاء الله هههههههههههههههههههههههههه
(تصولق = تلمع)


صمت الثلاثة عندما أعلن هاتف مهره وصول اتصال ..
التقطت مهره هاتفها لتلمح رقماً غريباً قبل ان تمده باستغراب الى فلاح: فلاح شوف منو متصل، رقم ماعرفه ..

امسك بهاتفها ليجيب بصوت خشن لم يتعمده: ألوو

ارتبكت حصة للوهلة الاولى وهي تسمع الصوت الرجولي من الطرف الأخر .. الا انها ردت بصوت حاولت إخراجه ثابتاً مسيطراً: ألوووو

فلاح بعد ان ادرك ان الصوت انثوي لا ذكوري: هلا

حصة بذات صوتها المسيطر الناعم: منو ويايه ..!!

رد فلاح بنبرة هادئة ساخرة: ختيه انتي اللي داقة .. انتي منو ..!!

شعرت حصة بحرج تخلله غيظ طفيف من سخريته الا انها هتفت بثقة: بغيت مهره لو سمحت ..



مرّ خيال خفيف الظل أمامه ينبهه بشكل مموه ان صوت هذه الفتاة مألوف ..... مألوف وبشكل كبير لمسامعه ..
يعرف هذه النبرة .. يعرفها ..!!!


وبتصرف لم يتوقعه هو نفسه ..... هتف بنبرة حازمة .. نبرة ابطنها بخبث مظلم: منو اخبرها ..!!

اتسعت عينا حصة باستنكار لترد بحدة ساخطة لم تستطع التحكم بها: اخويه عطني مهره بلا رمسه زايده

التمعت عينا فلاح بعد ان تيقن ان هذه الفتاة ماهي الا "تلك" ..
تلك صاحبة اللسان السليط ...!!
أينسى بسهولة ذبذبات نعومة صوتها وهي التي ارشقته بوابل من كلمات سامة قصيرة ..!!!


وقف فجأة بشكل مُريب وهو يأشر لـ مهره بأصابعه بأنه سيرجع في الحال ..

قطبت مهره حاجبيها بذهول وهي تنظر لـ حمد، بينما حمد اكتفى بهز كتفيه باستغراب ..


خرج فلاح وابتسامة لم تتجاوز عيناه .. ابتسامة جامدة قاسية ....!!!

هتف بهمس متلاعب ... شديد العمق ... وهو يمشي في الصالة العلوية: يا لابس العنابي ترفق ..
اعصابك غالية علينا ..

اتسعت عينا حصة بذهول والغضب بدأ يغزو ناظريها بشكل كامل .... وهتفت بحدة شبه عالية: نعممممممم ....!!

رفع فلاح حاجبه الأيسر بنظرة سوداء تتدفق خبثاً: نعم الله عليج ياااااا .... حصـــــة

تسمرت بمكانها والانفعال المذهول اخذ يموج ويمور بمجمله على سطح وجهها الجذاب بلونه القمحي المخملي .. وشعرت بخفقات قلبها تصل لأعلى قمة في رأسها، خفقات داهمت عقلها لتنبأها ان هذا الصوت لـ رجل تحتقره تماماً ..!!
بل رجل احتقرته بالفعل قولاً وفعلاً ..!!!
والذي جعلها متيقنةً من معرفتها لصاحب الصوت، هو ان الذي يحادثها على الطرف الآخر، لابد وان يكون أحد اشقاء مهرة ..!!!
فمن غير اشقائها له الحق ان يجيب على مكالماتها ..؟!!

وهي ويالسوء حظها العاثر، قابلت أحدهم والذي اشعل في جوفها البغض والاحتقار لتكبره وخلقه السيئة بنظرها ..!!!

هو ذاك الرجل ..
انا متأكدة من ذلك ..


صمتت ثواني لم تتجاوز الخمس ثم هتفت بزمجرة لبوة غاضبة .. غاضبة حد الغليان الغارق بالازدراء،

فـ هي حصة ..!!!!
والويل لمن يفكر بمس نيران لسان حصة ...!!!!!
: يااا ....... روووح ...... احسسسن لك ..



ثم اقفلت الهاتف بعد ان قذفت سمومها عليه بكل غضب اعمى ..!!



أما فلاح .. فـ ليس هناك أي وصف ممكن أن يقال عن حالته من شدة وقع الصدمة على روحه المعتدة بذاتها ..
وقبل كل شي، على "رجولته الأبية" ..!!!!

دمــار ..!!!!
يشعــــر بدمـــار يضــــرب دواخـــل نفســــه بجنــون ..
اجتــــاحه غضــــب مجنــــون .. غضــــب مدمــــر ..!!!!

يكاد يرى قلبه الخفاق يخرج من بين اضلعه بكل جبروت من هول غليان دمه العاتي ..!!
من غير أن يشعر، ومن غير سابق تفكير، وتحت تأثير عقله المغشى بلهيب اسود ..!!
بدأ يكتب رسالة لـ تلـــــك ..



.
.



حصة كانت تمشي بحنق شديد والشتائم تخرج من لسانها كتيارات كهربائية قاتلة ...
ولم تكد تخرج من غرفة شقيقتها حتى وصلتها رسالة من هاتفها ..

حركت شفتيها بامتعاض وهي تفتح الرسالة
اتسعت عيناها وخفقات قلبها المضطربة تكاد تُرى قبل أن تُسمع من شدة بريق التوعد المتشح بسواد الغيظ ..!!

"واللي رفع هالسما بليا عمد يا بنت عبدالله ينج بتتمنين الخلاص على ايديه ولا بتنولينه"



.
.
.
.
.
.



أبــــوظبـــــي



دخلت المركز التجاري المعروف في أبوظبي ورائحة العطور تسبقها لآخر نقطة في المكان كله، كانت تمشي ونظرة الزهو والغطرسة تحومان حول مقلتاها بكل هيمنة تامة ...

ابتسمت بإغراء ساخر وهي تلاحظ نظرات الرجال والشباب الجائعة إليها، وكادت تسقط ضاحكةً عندما سمعت أحدهم وهو يرمي على مسامعها رقمه الخاص ..

قذفت الشاب بنظرة ازدراء مُحتقرة وهي تهمس بخفوت مسموع: روح يا بابا انا ما اتعامل مع اشكالك

تسمر الشاب بغضب حقيقي ما إن تلقى اهانتها القوية، اما هي، فأكملت سيرها إلى أن وصلت لمقهى مشهور بعلامته التجارية المشهورة جداً ..

أخذت تتلفت باحثةً بعيناها "المغريتان المرسومتان بالكحل السائل" عن صديقاتها ..
صديقات لا يبالين أبداً بشيء يسمى بآداب الاماكن العامة .. وقبلها بـ أخلاق ديننا الحنيف ..
فـ هن بأصواتهن العالية وضحكاتهن التي وصلت لكل شخص يمر ويمشي قد تعدين كل حدود ممكنة ..!!

أما هي ..... فلا تهتم .. مثلهن تماماً .. أم هذا ما تؤمن به الآن على الأقل ..!!!
بعد أن تذوقت طعم مرارة فقد الأب، والفقر، والحاجة ..!!

اعترفت في قرارة نفسها بكل سخرية مريرة أنها لم تكن بهذه الحرية الأخلاقية والمعيشية قبل بضعة سنين فقط ..
بل لم تكن تحمل هذا التفكير المنحرف الذي تؤمن بكل اركانه الآن ..!!
لا تعرف كيف انقلبت حياتها .. ولا تعرف حقاً لم جعلت من ذاتها عبدةً للانحراف ..!!

ولكن الذي تعرفه ...
هو إنها بهذا الامر ستحمي نفسها من كل عطبة عاطفية وأزمة نفسية أخرى ..!!
فهي تعبت .. تعبت في الماضي كثيراً .. ولا تريد التزود بـ الهم أكثر من ذلك ..!!

ستعيش حياتها كما تريد، وبالشكل الذي تهواه،
وأيضاً مع الشخص الذي تفضله ......... مع "ذلك" ..

ستفعل المستحيل لعيش أجمل لحظات حياتها بـ "مزاجها الذي يروقه لها" .. رغم أنف كل من يعترض ..!!


سمعت إحدى صديقاتها وهي تهتف بصوت عالي غير مكترثةً لنظرات الرجال الجائعة/الخبيثة: يزووووووي ..
تعالي نحن هنييييه ..

تحركت أليازية باتجاه الفتيات بذات هالة التعالي التي تحوم حولها .... وما ان اقتربت منهن حتى هتفت بإنجليزية مثقلة بالدلع المبالغ فيه:
هلو قيرلز ..

أجبن الفتيات بذات الدلع المصطنع: هلووووو



.
.
.
.
.
.
.



العيــــــــن



كان مجلس الرجال في حلة صاخبة من أصوات الرجال القوية الخشنة وأصوات الصغار الذين توسدوا الأرض ليلعبوا ورقة "الأونو" بحماس وبهجة جمة ..


قال خويدم بسخرية وهو يدفع ابن عمه زايد المقارب لسنه الثامن: اسكت اسكت انت اصلا غشاش ما تعرف تلعب صح

زايد بغضب طفولي وهي يرمي اوراقه: انت كله تقولي غشاش .. ول عني مابا ألعب معاك

هتف بطي بصرامة لـ ابنه: خويدم .. قلتلك ألف مرة ايدك ما تمدها على حد .. شعنه ما تسمع الرمسه ..!!

خويدم بفم مزموم متبرم: ابويه شوف زايد يغش

زايد باعتراض مبرراً: لا عميه قسم بالله ما غشيت، انا ما كنت ادري ان تحتي اوراق اصلاً

هتف مايد ابن ابن عمهم سيف بنظرة ماكرة وعيناه على اوراقه: زيود يلا ألعب ياخي ..
ناوي اشقكم شق الحينه خخخخخخخخخ ..

التفت بطي لـ سيف "الصامت بشكل يثير التساؤل" .. فـ صمته دام مدة طويلة منذ ان اجتمعت العائلة بأسرها على غداء يوم الجمعة ..!!
ثم ضحك هاتفاً بنبرة ساخرة: ههههههههههه ولدك هذا مصدق روحه

ضحك أحمد بخفة وقال بدوره: هيه من الخاطر هههههههههه

ابتسم سيف ابتسامة لم تتجاوز عيناه وهو يلتفت لأبنه ..

ابنه الذي أخذ من أمه أجمل فتنة فيها ..
نعس عيناها ..!!!!


زفر بداخله زفرة ملتهبة .. مجروحة وهو يضحك على نفسه بسخرية مريرة ..

عيناها اللتان تسخران منك ومن عجزك أيها االكسيح الأبله ..!!!


جمع زايد اوراقه المرمية بتهكم غاضب وهو يأشر بأنفه على خويدم: قول حق هذا يسكت

هتف سلطان شقيق خويدم هو ينظر بترقب صقري لملامح ابناء عمومته وعيناه توحيان بانتصار حتمي:
يلا كملوا لعب ..



ابتسم الجد أبا سعيد ابتسامة ذات معنى متأملاً وجه سلطان الصغير، ثم هتف لـ بطي ببحة دافئة: لو خويك سلطان ياب ولد .. ماظنتي بيشابهه شرا سلطان ولدك ..

ابتسم ابنه أبا سيف وهو يوافقه الرأي: هيه والله يا بطي، سبحان اللي خلقه .. خذا كل طبايع بومييد .. حتى حركاته ورمسته وهو ياهل ..

ثم وجه حديثه لـ والده أبا سعيد ببسمة خفيفة: تحيد ابويه سلطان يوم كان ياهل ..!!!
(تحيد = تتذكر)


هز أبا سعيد رأسه بـ أجل: هيه نعم جيف ماحيد ..!!
كان شيطان خبيث ما يسوي حايه الا وهو يدري انه بيفلح فيها
(جيف = كيف)

بطي ببسمة براقة: انا اللي بعدني احيد خيازرينك وهي ترقص رقيص على ظهريه .. ولا سلطان كان العزيز الغالي امرره محد يروم يقرب صووبه ..

أبا سعيد بنبرة مبحوحة تخللها حب شديد لذلك السلطان: والله ان غلات بومييد في افواديه ماله مثيل ..

تنهد بعمق وهو ينزل عيناه لعصاه الذي يتكئ عليه: لجنه ودرنا وودر ميلسنا من سنييييين
(لجنه = لكنه) (ودر = ترك)

صمت الجميع عدا الأطفال الذي يلعبون بصخب جاهلين الذي يجري حولهم ..


أبا سيف بنبرة حاول ان تكون هادئة قدر المستطاع كي لا يضايق أباه: الله يهدي اللي كان السبب

رمقه بطي بنظرة لوم خفيفة قبل ان يهتف بحزم: شو سبب ما سبب، ما صار الا كل خير يا بوسيف ..

أضاف وهو يوجه حديثه الى والده: وسلطان تراه دوم مشغول .. لا تنسى يا ابويه ان وظيفته هب سهلة ..
عنده مسؤوليات ما تخلص على ظهره ..

ابتسم بوسعيد بشجن وهو يهز رأسه بالنفي: الولد شايل بقلبه يا بطي ..
شايل بقلبه علينا وايد ..

هتف احمد بعد صمت بنبرة هادئة حازمة: ابويه طوليه بعمرك السالفة مرت عليها سنيييين ..
شو ذكرك فيها الحينه ..!!!

اجابه أبا سعيد بذات البحة المثقلة بالحزن .. المثقلة بوجع لا يفقهه أحد: ومنو قالك نسيتها يا ولديه ...!!!


أكمل حديثه الشجي المؤلم داخله وخفقاته تفور حزناً .... وحباً ..
حباً يتصارع ما بين ابنته حبيبته .... وبين ذلك الشاب الذي تمكن وبقوة من السيطرة على مكانته الغالية في قلبه ووجدانه ..

كيف لا وهو ابن الغالي ظاعن صديقه وعضيد روحه ..!!!

رحمك الله يا ظاعن رحمةً واسعة ...

ماذا كنت ستفعل لو انك شهدت ما شهدته قبل سنين مضت ..!!
ماذا كنت ستتقول لو انك رأيت بـ عيناك ما فعلته بـ أبنك ..!!!

آآآآآه أيها السلطان ..
أقسم بأني لم أكن لأدعك تخرج من مجلسي وانت موطئ العين مثقل الانفاس بحمم القهـر ..
حمم قهرك تلك قد لامست روحي الأبية قبل ان تلامس ملامح وجهك الغالي ..
لامست روحي وتمكنت مني وبضراوة ما ان التمعت عينا ابنتي برفضك وتفوهت به بالقول ..!!

رفض كان كالسكين الناصل على شخصك المعتد ..!!
أفهمك ..
أفهمك يا بني .. وافهم ألمك ..!!



سار فوق سحب الذكريات لذلك اليوم ..
قبل اثنا عشرة سنة ..!!



هتف سعيد بحزم بالغ وهو يوجه حديثه لـ اخته الصغرى شما: شما .. سلطان بن ظاعن هنيه
قولي اللي في خاطرج ولا تستحين ..

تنحنح سلطان بخشونة وقال بذات حزم سعيد: آمري يا بنت خويدم .. اسمعج


مر فوق غيوم عينا شما بريق غريب/مريب ... وهتفت بجمود قاسي .. قاسي كالصخر: بـومييـد

انتصب ظهر سلطان الذي كان واقفاً بجانب سعيد وبطي ويقابل أبا سعيد الذي كان يخفي اغلب جسد ابنته عنه ..... ثم هتف بصوت يرن بالحمية/النخوة الرجولية: لبيييه

شما بنبرة مقتضبة جافة: لبيت حاي يا بن ظاعن ..

صمتت قليلاً لتردف بنظرة سوداء قاسية مُرعبة:
لولوةْ خويدم بن زايد منقايه من الزين وهب كل وقى ايوزلها ..
(لولوة أي لؤلؤة) .. (وقى = غطاء من القماش/القطن) (ايوزلها = يناسبها)


تسمرت أعين الرجال بالذهول الكاسح بينما رفع سلطان حاجبه الأيسر وهو يرص عيناه بشك/عدم فهم ..

هتف بطي بغيظ كتمه قدر المستطاع تحت نبرته الحازمة: شو القصد من رمستج يا بنت ابويه ..!!!

رفعت شما رأسها باعتداد عاتي وهي تستدير حتى وقفت بشكل جانبي .. ثم ادارت وجهها بخفة الى سلطان وتلاقت نظراتهم ...!!!
نظرات يقسم الجميع ان لها عشرات المعاني كالشهب المعتمة الملتهبة من فرط غموضها ..!!!!


كررت شما جملتها بذات قسوة نظرتها والتي نضحت ازدراءاً عاصفاً نقياً:
هب كل وقى ايوز لـ بنت خويدم يا بومييد ..


تصلبت قامة سلطان بشكل مُريب ..... بشكل مُقشعر للأبدان من هول هيبته ..

حدّق الاشقاء الأربع بوجه سلطان والغيظ الشديد من شقيقتهم الصغيرة قد تمكن من ارواحهم بشكل مؤذي ..

بينما تسمرت قبضة يد أبا سعيد على عصاته ليطرقها بشكل متواصل مُرتبك على الأرض ..


عرف الجميع مقصد كلمات شما ..!!!

الرفــــض ..
هــذا مقصدهــا مــن غيــر شــك ..!!
إنهــا تــرفض سلطــان ..!!


حلّ الصمت المجلس كـ صمت قلعة خاوية من ارواح الانس والجن ....

لم يتفوه أحداً بكلمة .. ليس وسلطان يبعث بصمته المُريب رسائل مبطنة بـ "عدم الكلام" ..
بـ "عدم التنفس" ..!!!!


اخيراً .... هتف بصوت غليظ/جامد حد الصقيع القطبي .. صوت اخرجه قدر الامكان بثبات ورنة حازمة متزنة:
وصل اللي تبينه يا بنت الايواد ..


استدار ليخرج من المجلس .. الا انه ترك مسافة بين شفتيه ليقول كلمات أخيرة .. كلمات احرقت وجدان ذلك المُسن:
السموحة جان ياكم منا قصور ..



.
.



افاق من شروده وهو يسمع هتاف أحمد المرح: ابويه اسمع اسمع هالقصيدة

أطال احمد من صوت التلفاز ليسمع الجميع الرجل وهو يلقي قصيدة غزلية ساخرة في حق محبوبته

أبا سعيد باستنكار حاد: عنبوووه ذا الشيفة، اسميك مودر علوم الرياييل والمذهب ..
امفففففففف ..

ضحك الجميع على تعليق الجد، ثم قال أبا سيف بنبرة باسمة ساخرة: مصدق روحه شاعر ..
يفدا ولد محمد ويفدا طوايفه، حافظ عليه وعلى قصيده اللي يرد الروح ..

ابتسم أبا سعيد لسماع اسم ذلك الفتى الغالي: عنيه افدا حارب ومنطوقه ..
وأردف بحنق طفيف مثقل بالاشتياق: الا يا عيال ما تعرفون هالولد وين غاااط ..!!
امرررره محد يشوفه ..
(غاط = مختفي)

هتف سيف بعد صمت طويل بنبرة هادئة متزنة: البارحة نشدت عمتيه عاشه عنه وقالتلي مسافر

بطي باستغراب: مسافر ..!!
ماحيد حارب يسافر جيه بليا سلام وجلام ..

هز سيف كتفيه بعدم معرفة: والله هاللي عرفته ..

أبا سيف بتساؤل حازم: انزين وين سافر ..!!

اجابه سيف وهو يمسد رقبته: تقول عموه عنده مؤتمر في فرنسا ويمكن يطول هناك ..

هتف أبا سعيد ببحة حزينة: الله ايوفجه وايسر امره .. هالولد من توفوا هله وحالته لا تسر عدو ولا صديج ..

أردف وهو يمسح وجهه بكفوف السمراء المتجعدة: اللهم ارحم موتانا وموتى المسلمين

ردد الجميع خلفه بـ "آميـــــــن" ..


تنهد المُسن بشجن صرف .. بشجن خرج مهرولاً مع طيف انسان فارق عيناه بكل فجيعة يتصورها البشر ..

همس بخفوت أليم .. خفوت ذاق طعم الفقد بكل انواعه: وعسى ربيه يرحمك يا سعيد .... يا عين ابوك ..



هذا كان حال أبا سعيد .. رجلاً فقد والداه منذ الصغر ..
ثم فقد صديقه ظاعن في الشباب ..
ليتلقى رصاصة فقد ابنه البكر في الكبر ..!!!


أخذ يتمتم في قرارة نفسه:
الحمدلله على كل حال مهما كان الحال ..


رفع عيناه شبه المغلقتان وهو يسمع ما يقوله ابنه أبا سيف ..

أبا سيف وهو يضع ذراعه الأيمن على رجله المطوية امام صدره: ابويه الحرْمَات خبرنّي ان قوم عذيج رحمة الله عليه بيقربون صوبنا هاليومين ..
(حرمات اي الحريم = النساء)

أردف وهو يتنهد بخفة: ناويين يخطبون شما ..

أحمد بتساؤل: حق منوه ..!!!

أبا سيف بحزم هادئ: حق هزاع ولدهم العود ..

وضع أبوسعيد ذقنه على حافة عصاه وهو يمعن التفكير لأمور لا يعلم بها أحد ..!!


هتف بطي بنبرة مُستنكرة وهو يلتفت لأباه: ابويه شو رايك انت ..!!!

أبا سعيد ببحة عميقة .. بحة لا تفارق أحباله الصوتية: هزاع ريال طيب من ناسٍ طيبين ..
خوي شما قايم في بيته وهله ..

احتد بطي فمه بقهر لم يظهره ثم قال بنبرة سيطر على حدتها بقوة: يعني انت موافق ابويه ...!!

نظر أبا سعيد إلى بطي وقال بصوت هادئ مستكين: وشعنه ما وافق .. شو من عذروب في ولد عذيج .!!
(عذروب = عيب)

اتسعت محاجر أبا سيف بذهول تخلله سرور وهو يكاد لا يصدق ما يسمعه ..
فـ أباه بالعادة لا يعطي انطباعات ايجابية سواء بالقول أو بالفعل لأي رجل يتقدم لخطبة شما، هو فقط يصمت وينتظر ما ستكون اجابة ابنته المدللة ..!!!!

دوماً والده كان هكذا .... وصمته المستمر وجعْل زمام الأمور بيد شما هو ما يثير الحنق الشديد في روح أبا سيف ..
فـ أبا سيف ... صاحب عقلية قديمة منقرضة .. لا يعرف الا قانون "شور البنية عند هلها" ...!!!

لم يكن أبا سيف يتعامل مع الفتيات برقة وصبر كـ تعامل أباه وسعيد رحمه الله معهن ..

دائما ما يشعر أن الفتيات حملاً ثقيلاً على كاهل عائلاتهن ويجب عليهن الزواج ما إن يبلغن سن الزواج ..
ليس وكأنه يكره ابنتاه حصة وميرة !! .. فـ هن أعز ما يملك ومحبتهن في قلبه تزداد مع مرور عمره ..
ولكن عقليته القديمة تحتم عليه التعامل معهن بشكل يرونه هن قاسياً وغير منصفاً ..!!


تساءل أبا سيف بنبرة متلهفة: ولو شما ما طاعت ..!!

انزل أبا سعيد عيناه وهو يقول باقتضاب صقيعي: لا تحاتي بطيع هالمره ..



ولكن على الجانب الآخر ..!!

زفر بطي بقوة حادة ....... زفرة مستاءة لأبعد حد ..!!


لطالما عاش اوقاتاً سببت الأرق في روحه ما ان كان الامر يتعلق بـ شما وزواجها ..!!

هو شقيقها الكبير .. ويحبها حباً ينطق الحجر من فرط شدته ..
ولأنه يحبها بشدة ... لا يريدها الا زوجة لـ رفيق دربه ..!!

ولكن هذا من الصعب حدوثه على ما يبدو .. فـ سلطان بعد الذي حدث لن يفكر بخطبتها مرة أخرى .. حتى لو كان حب شما في قلبه قد وصل مواصل الدم في العروق ..!!!


يعرف سلطان ويعرف ضخامة كبرياءه العتيد ..!!!!!

غير أن ولنفترض خطبها مرة أخرى .. أيضمن هو شقيقها ان لا ترميه في ذات الموقف المرير مرة أخرى ..!!
أيضمن ان لا ترفض صديقه مرة أخرى كما رفضته سابقاً ..!!
اففففففففففففف ..
لمَ يصعب عليه تجاوز افكاره وجعل كل واحد منهما يعيش حياته كما يريدها ..!!
إنه النصيب .. النصيب يا بطي فلتفهم ذلك بكل رضا تام ..!!

هذه هي الحياة يا رجل .... تجري الرياح بما لا تشتهي السفن ..!!!

رفع عيناه لأبيه وهو يقول بنبرة غامضة قوية: بس خطبة على خطبة ما ايوز ..!!!



رفع الجميع رؤوسهم ونظرات الذهول والاستغراب تنضح من ملامحهم ..

زفر بطي زفرةً غير مسموعة ليهتف بعدها بنظرة جامدة: سلطان رد خطب شما منيه ..



.
.
.
.
.
.
.



في ذات المنزل



بعد ان انتهى الجميع من وجبة العشاء، دلف كل واحد غرفته ليخلو بنفسه ..
فالذي يريد النوم ينام .. والذي يريد التعبد يتعبد ..
والذي يريد اغراق نفسه في عالم خاص به .. يغرق وبكل شفافية تامة ..!!!


دخل جناحه الخاص بعائلته الصغيرة متأملاً حدوث معجزة تجعل من ملامح زوجته تلين وتبتسم بكل صدق صافي ..

زفر كل ما يعتمل روحه من حب مُعذب وهو يشتم رائحة مسكرة جعل التخبط في روحه المضطربة يزداد بازدياد شوقه لأحضانها .. أحضان "تلك" الناعمة الدافئة ....


سخر من نفسه بمرارة .. حسناً يا أحمد كن صادقاً مع ذاتك ..

الدفء هو ما تتعطش إليه كلما حظيت بقليل من أحضانها ..!!
ونعومة القلب والنظرات هو ما تتجوع لهما كلما أثقلت احاديثكما بغزلك الصريح بجمالها الفاتن ..!!


تسمر بمكانه ما إن لمحها واقفة بكل هالة مُشعة أمام النافذة، وأخذت عيناه تمشطان جسدها المثير بقميص نومها الأسود البارز لبياض نحرها المعطر ..!!

اختلج قلبه بخفقاته والتي وصلت لأذنيه من فرط هيجانها ...!!!!
يالله .. كم هو رجل بائس مُحتاج ..
انفعالاتٍ من كل نوع ولون تموج وتضرب على اوتار دفاعاته بضراوة ...!!!!!


اقترب منها محاولاً السيطرة على اتزان تنفسه المضطرب ..
التفت إليها بخفة قبل أن يلمح ابتسامة مُغرية ترتسم بسحر تام على شفتاها البراقتان بلون أحمر زاد من هيجان مشاعره المتعطشة ..

همست عوشة وهي تدخل اصابعها في شعرها الناعم المصبوغ بلون كستنائي جذاب: حبيبي ييت ..!!!

التمعت عينا أحمد وهو يتأمل ملامح وجهها الجميل، ثم هتف بصوت أجش "غير مُصدق" خرج مع تنفسه الثقيل: حبيبي ..!!!

اتسعت ابتسامة عوشة لتهتف بخبث أنثوي جرئ: هيه بوزايد .. انت حبيبي ..


اقترب أكثر ووقف أمامها بجسده المستنفر وهو يهمس بخفوت مشتاق: فديت حبيبي من بين شفايفج
وبهيجان عاطفة بحتة لم يستطع التحكم بها .. انزل قامته إليها والتقط شفتيها بكل جوع يعتمل في جوفه ..!!


لحظات مرت وهو يسقي وجدانه من رحيقها العذب ..
لم يكن ليبتعد انش واحد لو انه لم يشعر بيديها الناعمتين تلمسان صدره المتهيج لتبعده عنها ..

قابل الاثنان بعضهما بعضا واللهاث القوي هو ما يتوسطهما بكل عجرفة تامة ..

همس بصوت اثقله العاطفة المتهيجة: اشتقتلج عوشة .. اشتقتلج وايد ..

همست عوشة بابتسامة جريئة من بين انفاسها القوية: وايد اشتقتليه أحمد ..!!!

هز أحمد رأسه بشوق ملتاع: وايد حبيبي وايد

اقترب ليتذوق مرة أخرى رحيقها العذب بكل استجداء، ولكن يدها هي ما منعته ..

تابعت همسها من بين ضحكاتها الخافتة الماكرة: هههه حبيبي لا

اجابها بنبرة ثقيلة تواقة خرجت مع لمعان مقلتا عيناه السوداوان: ليش عوشه ليش ..؟!!!

عوشة بنبرة باسمة متلاعبة: حبيبي ما ينفع الحينه ... اممممم يتني ..


هاج على صفحة وجهه موجة خذلان واستياء جعلته يتراجع ببطء ويقول بخفوت تخلله ضيق شديد:
هاي كم ودية تييج في الشهر ..!!!
(ودية = مرة)

ضحكت عوشة غير مبالية بمشاعره المضطربة ... وقالت بنبرة ناعمة مُغرية لأبعد حد: حبيبي شو اسوي بعد ..!!!

قال باقتضاب باطنه استياء/خيبة عارمان قبل ان يدلف الحمام: لا تسوين شي ..


ما إن دلف حتى التمع شعاع شيطاني على عيناها .. وغمغمت بكل ما فيها من بغض/ازدراء وهي تمسح شفتيها: غبي ..


أخذت تبحث عن هاتفها حتى وجدته فوق المنضدة، أمسكته بتردد والأفكار تتراقص في مخيلتها رقصة لا هوادة فيها ..



بدأت تدريجياً بكتابة رسالة ما ........ لشخص ما ..

شخص تؤمن كثيراً إنه سيتمكن من فعل ما تطمح إليه ....



.
.
.
.
.
.



دبـــــــي



دخل غرفته بعد أن انتهى من تناول وجبة العشاء مع عائلته، ما إن اقترب من الباب حتى أتته مكالمة من شقيقه الأصغر مصبح ..

التقط هاتفه ذو الطراز القديم غير المواكب لتطور الهواتف الذكية في وقتنا الحالي وهتف بنبرة حازمة ثقيلة:
ألووو ..

اعتدل مصبح بجلسته وهو يرد على شقيقه الأكبر بدفء أخوي تخلله احترام جم: سلام عليك بونهيان

أبا نهيان بنبرة ودودة: وعليك السلام بوظاعن، حي هالصوت وراعيه ..

ابتسم مصبح بصفاء ليهتف برنة رجولية: حي نباك يا بونهيان
شحالك وشحال أبويه واليميع ..؟!!

أبا نهيان بذات نبرته الودودة: كلنا بخير وعافية ما نشكي باس، ومن صوبكم الغالي ..؟!!

مصبح بحزم هادئ: عساااااه مديم ياربي .. والله الحمدلله عايشين بخير ونعمة ..

أبا نهيان: والعيال شخبارهم في الدراسة ..؟!!

ابتسم مصبح بخفة: المدرسين حادرين البيت وظاهرين حق الشيخ ظاعن، ومزنة ما شاء الله عليها ما عليها خوف شاطرة والاولى على مدرستها دوم .. اما هاييل الطفوس عبدالرحمن ونهيان فـ خلهم ..
أربع وعشرين ساعة مجابليلي هالسقم اللي يسمونه آيباد ومودرين الاكل والدراسة ..

ضحك أبا نهيان بفخامة ثم هتف: هههههههههههه الله ايوفجهم ويسهل عليهم كلهم ..

مصبح: آمين يارب أجمعين ..

أردف وهو يعدل نظارته الطبية فاتحاً أمامه كتب ومجلدات عديدة تخص القضاء وقوانينه: بونهيان طوليه بعمرك بغيت اتنشدك عن شي ..

رد أبا نهيان وهو يجلس على الاريكة الوثيرة: آمرني فديتك

مصبح: ما يامر عليك عدو ولا صديج ..
امممممم بونهيان بما ان لك خبرة طويلة في محكمة النقض، يقدر القاضي في حال ..........

وأخذ مصبح يسأل شقيقه ذو الباع الطويل في مجال القضاء عن أمور يريد التأكد منها، فهو بالرغم من ذكائه وخبرته في مجاله، الا انه لا يستغني عن سؤال واستشارة من هم أخبر منه وأعلم ..!!!


بعد دقائق من النقاش المتشعب، هتف مصبح بعد تنهيدة ارتياح: يزااااك الله خير يا بونهيان .. لا خلينا من نفعتك ..

أبا نهيان بود دافئ: افا عليك بوظاعن ما سوينا شي .. بس ما قلتلي ... هالحالة اللي رمستني عنها عندك ولا شو السالفة ..!!!

التمعت عينا مصبح بلمعان غامض ثم أجاب: لا لا هذا مجرد استفسار .. حبيت اتأكد من معلوماتي بس ..

أبا نهيان: هييييه زين عيل

أخذ مصبح يضرب قلمه بخفة على الكتاب الذي أمامه، ثم هتف بتردد: بونهيان بتخبرك ..
تحيد آخر قضية مسكها سعيد بن خويدم يعل ربي يرحمه ..؟!!

قطب أبا نهيان حاجباه باستغراب شديد: هيه احيد .. قضية وزير الـ .... السابق ..
شو ياب الطاري ..؟؟!!

مصبح بحزم هادئ الرنة: بخبرك خلاف ..

اردف وهو يتنقل بناظريه على الاوراق والكتب امامه: انزين هو عقب هالقضية ما مسك أي قضية ثانية بالشهور يلين يوم وفاته الله يرحمه صح ...!!!

هز أبا نهيان رأٍسه بإيجابية: هيه نعم 9 شهور تقريباً ..

رص مصبح على عيناه ليقول بتساؤل متوجس: ظنك شو السبب ...!!!

هز أبا نهيان كتفاه مجيباً باستغراب: سألت هالسؤال حق نفسي قبلك .. ويوم سألته شخصياً قال إنه حاب يعلق شغله شوي ويفضي عمره حق بعض القضاة المتدربين .. كان في هاك الوقت هو المشرف عليهم ويوجههم ..

مصبح والتوجس لا يفارق مقلتاه: بس كان يقدر يمارس وظيفته ويدربهم في نفس الوقت ..!!

أبا نهيان واستغرابه من حديث شقيقه بدأ بالازياد: ماعرف هاللي قالي عنه ..
مصبح مستوي شي ..!!!

مصبح: لا لا مب مستوي شي .. انا بس حبيت اتأكد من كمن شغله قريتها في ملفات سعيد وبوحارب ..

اتسعت عينا أبا نهيان بدهشة: شحقه تقرا ملفات سعيد وبوحارب ..!!!

زفر مصبح بإرهاق وهو يحك عيناه من تحت نظارته: بوعبدالله طلبهن منيه قبل فترة ..

قطب أبا نهيان حاجباه والتوجس قد وصله كما وصل شقيقه: وشحقه يطلبهن ..!!!

هز مصبح كتفاه بعد معرفة: علمي علمك ..

أردف محاولاً تغيير مجرى حديثهم: خلاص يا بونهيان تسلم ما تقصر

أبا نهيان: ولا يهمك مصبح نحن في الخدمة


أقفل الهاتف عن شقيقه وهو يتنهد بعمق، أتاه صوت خطوات زوجته وهي تهتف بقلق: عبيد فديتك ما شوفك تعشيت ..

أبا نهيان بنبرة حازمة ثقيلة: لا عذبه تعشيت وشبعت الحمدلله

أم نهيان بدفء/اهتمام: شو اللي مخلنك جيه مويم ومالك خاطر تسولف ..!!
حد مزعلنك الغالي ..!!
(مويم = صامت)

أبا نهيان بصوت مبحوح وغضبٌ بدأ يظهر منه: ولدج نهيان يخلي الواحد يرتاح ويهدا باله ..!!!

تنهدت ام نهيان بعمق قبل ان ترد عليه بصوت رقيق هادئ: فديتك انت اشعليك منه .. نهيان غدا ريال ويعرف مصلحته زين ما زين .. لا تستهم عليه وخله يشتغل الشغله اللي يباها ..

قطب حاجباه بغيظ شديد .. وقال: شو يعرف مصلحته ما مصلحته .. تبين الصدق انا حاس ان وراه سالفة هالولد

أم نهيان بجزع: وابوووويه شو سالفته بعد .. تعرف شي انا ماعرفه عبيييييد ...!!

أخذ أبا نهيان يبدل ملابسه وهو يهتف بتهكم: بلاج يا حرمة زغتي .. اقولج حاس حاس ..

أم نهيان بقلق: يعني شو ما فهمت ..!!

تحرك أبا نهيان لحيث يوجد مصحفه، التقطه قبل ان يفتح أحدى صفحاته الطاهرة: ماشي ماشي



سمع الاثنان طرقات آتية من باب غرفتهم .. وصوت حازم يهتف: يا هل الدار وينكم ..!!

ابتسمت أم نهيان بحنان جارف وهي تجيب بصوت رنان: تعال تعال فديتك ..

أدخل فلاح رأسه قليلاً ليقول بذات نبرته الحازمة: لا فديت قلبج .. خلي ابويه يرتاح وتعالي شويه ما عليج اماره ..
اباج في رمسه ..

أبا نهيان بحزم دافئ وهو يضع المصحف بجانبه: احدر فلاح انا هب راقد


دخل فلاح غرفة والديه بخطوات ثابتة .. ثابتة بشكل صارم .. ولكنه وياللعجب ....
شعر بوخزات من التردد/الارتباك ..

زفر في قرارة نفسه وهو يستجمع كل ثقته ... ثم هتف بقوة: أبويه اسمحليه ادري هب وقت سوالف الحينه

أشر أبا نهيان لأبنه ليجلس بقربه: ماعليه ولديه تعال .. خبرني شو فيك ..!!!

جلس فلاح بجانب أبيه وهو ينظر لوالدته التي تترقب حديث بلهفة ...
زفر بسرعة قبل ان يقول بنبرة واثقة مباشرة:
ابويه ابا اعرس



.
.
.
.
.
.
.



في مكان بعيد ..
بعيد كل البعد عن مظاهر المشاعر الانسانية ..!!



فتح عيناه ببطء ثقيل .. ثقيل حد الهلاك .. ثقيل كثقل جسده المرمي على الأرض كجثة هامدة ..
كثقل انفاسه المهلكة من الضياع ..

أخذ يتلفت وينظر للمكان حوله بـ ضباب عيناه وروحه في انقباض مستعر من فرط انفعالاته الداخلية ..


مكان في قمة القذارة ...!!

هذا ما ردده بداخله ..


أخذ يتأمل بنفس مُشمئزة، الجدران الطينية هي ما كانت تحوط جنبات المكان ..

المخلفات المقرفة "أعزكم الله" في زاوية تسمى وياللسخرية ...... مرحاض ..!!

بقايا قاذورات مرمية هنا وهناك ..!!

سرير متهالك يكاد يتحطم من فرط قدمه ورداءة صنعه ..



وضع كفه على أنفه ليمتنع عن شم الرائحة النفاذة الكريهة ..


السؤال الذي يدور في خلده الآن ..!!


أيـــن هـــو ..!!!!!
أيـــن أنـــت يـــا حـــارب ..!!!


زفر بقوة محاولاً الوقوف على قدميه مستنداً على الحائط الأسود الرطب بجانبه ..
ثم أخذ يمسح بقميصه، المتلطخ بالدماء من أثر ضربات لا يعلم مِمن تلقاها، عرق وجهه المخلوط ببقايا دم جاف ..

لمس بأصابعه السمراء الطويلة ندبته وهو يتأوه بداخله ..


زفر بقوة وللمرة العاشرة وهو يدخل أصابعه داخل شعره الكثيف الذي أصبح اكثر طولاً بعد فترة طويلة من عدم قصه ..

تقدم بثقل متعث حتى مسك بقبضة يداه القضبان الحديدية التي امامه ...

رآى من بعيد عسكري ذو جسد ضخم حاملاً سلاحاً وراء ظهره ..

صاح بانجليزية وصوته الغليظ خرج كـ بحات غير متزنة: أنت .. يا هذاااا ...

التفت العسكري بحاجب مرفوع ونظرة شيطانية تعلو مقلتاه: أووووه أصحوت أخيراً من سباتك أيها الكسول ..!!

زمجر حارب بغلظة تخللها قهر/ضياع/ارهاق تام: أين أنا يا هذااااااا ..!!!

اقترب العسكري منه وثغره يبتسم ابتسامة بغيضة تبعث الاشمئزاز في الوجدان، وأجابه بكل برود شيطاني صرف وهو ينطق كلماته بتأني شديد:
أهلا بك في سجن لاسانتيه يا عزيزي ..



.
.
.
.
.
.
.



في مكان لا يقل عن الذي قبله بانعدام انسانيته ..!!



هتف بصوت جبروتي غاضب: شاهين .. أدبه إلين ما يعرف ان مب بومرشد اللي ينلعب من ورا ظهره ..

قام أحد رجاله ذوي الأجساد الضخمة والمسمى بـ شاهين بحمل ذلك المرمي على الأرض كأحد الاشياء معدومة القيمة، وأغرق رأسه بماء بارد حتى يصل مرحلة الاختناق ..!!!

أخرج شاهين ذلك المُتعذب من بركة الماء مزمجراً بقسوة جبارة: بتقول منو مطرشنك عندنا ولا شوووو ...!!!

أخذ الرجل المختنق يلهث بشكل حاد سحيق وهو يستجدي الهواء بكل ضعف/انهاك، لم يكد يخرج زفيره حتى ادخله شاهين مرة أخرى للماء ..

وظل الاثنان على هذا الحال، رجل يغرق رجلاً معدوم الحيلة، وآخر يتلقى ضربات الماء وولوجها قصباته الهوائية ولوجاً يقتل ..

توقف عندما سمع شهيقاً قوياً من الرجل وهو يصرخ بصراخ اهتز معه جسده الصلب القوي: الله يلعـ..... كلكم .. لو تذبحوني في مقصب ما بقووووولكم يا كلاااااااااب ..

وبشكل مباغت تماماً، بصق الرجل على أبا مرشد الذي كان جالساً أمامه واضعاً رجل على رجل ..

احتنق وجه أبا مرشد بغضب اعصاري عاتي ..

وقف بسرعة ليمسك بقطعة حديدية بقربه ويضرب بها رأس الرجل ..


سقط الرجل مغشياً عليه ...... أو هذا ما توقعوه على أقل تقدير ..!!
فالضربة كانت قاتلة بحق ..!!

أبا مرشد وهو يمسح ثوبه بكل احتقار/غطرسة: الله يلعـ.... ما شفت واحد شراته عنيد ..

مرزوق بابتسامة ساخرة: هالصنف من الرياييل معروفين بعنادهم اللي ما يلين ..
واضح منو اللي طرشه ودخله بينا جاسوس ..
سلطان بن ظاعن ماغير ..
سلطان ما يختار الا الرياييل الكفو لمهماته ..

زمجر أبا مرشد بغضب شديد: اعرف انه سلطان لا تتذاكى علي انت بعد ..
بس بغيت اير الاعتراف عنه بالحرف عشان اكون على بينة لا اكثر ..

زفر بعنف وهو يستدير ليشعل سيجارته بنظرات بدأت بالتحول للازدراء التام: خبرني منوع وين ..!!!
ما يعرف اني رديت البلاد ولا شو ..!!!!

هز مرزوق كتفيه بعدم اكتراث: اتصلتبه وقلتله انك وصلت، مادري عاده ليش ما يه ..

صمت الجميع ما إن سمعوا صوت سيارة تتوقف بقوة أمام باب الفيلا الضخم ..

خرج أبا مرشد من قبو منزله الذي كان مسرحاً مناسباً لتعذيب ضحاياه .. وما إن دخل صالة منزله حتى رآى قامة وهيئة يعرفها تمام المعرفة ..!!

وبدهشة شديدة هتف: آندي ..!!!

التمعت عينا آندي بخبث لا يفارقه بتاتاً ليجيب بعربية ركيكة متلاعبة: أجل سديكي آندي..
كيف هالك أبو مرشد ..!!

قطب أبا مرشد حاجبيه: انا بخير .. انت شو يايبنك الامارات ..!!!

ضحك آندي ضحكة رنانة ليهتف بعدها بانجليزية ساخرة: لا تخف لم أأتي لمهمة رسمية تخص العمل ..
إنما فقط كنت اتجول في مدينتي المفضلة دبي، وفكرت بأن واجب الصداقة يحتم علي المرور لأبوظبي وإلقاء السلام عليك ..

ابتسم أبا مرشد ابتسامة ساخرة ليقول بانجليزية هو الآخر: من الجميل سماع ذلك يا رجل ..

أشر بيديه ليجلس: فلتتفضل حتى نكرمك بشكل يليق بك عزيزي ..

جلس آندي وهو يضع رجلاً على رجل ويشعل سيجارته التي تحمل إشارة افخر أنواع السيجار الكوبي:
شكرا لك صديقي
وأضاف بعربية ركيكة خبيثة: ألم تئرف بئد ..!!!
(ألم تعرف بعد ..!!)


قطب أبا مرشد حاجباه بتساؤل ليهتف بالعربية: شو ..؟!!

ضحك آندي باستهزاء قائلاً: أرسلنا الشاب الجميل إلى مهمته الاولى ههههههههههههههههه

فهم أبا مرشد مقصد آندي ليهتف بنظرة ساخرة لأبعد حد: اووووه المسكين .. ظنك هالرخو بيتحمل ...؟!!!
(الرخو = الضعيف/الذي لا يتحمل شيئاً)


ضحك آندي الفاهم للغة العربية بكل لهجاتها، فهو العقل المركزي الذي يعتمدون عليه عند أحلك الظروف، واستطاع تسيد مركزه بجانب زعيم منظمتهم بقوة عقليته الشيطانية وقوة بدنه الصلبة ...... اجتمعت لديه صفات العقل والجسد معاً ..
فـ ما كان من ديرفس الا ان يجعله يده اليمنى التي يعتمد عليها في المهمات الصعبة ..!!!!

اجاب وهو ينفث دخان سيجارته: ههههه لا تخف ئليه، فقط سيتذوك كليلاً من الارهاق واللهم النتن ويشم الروائه الكريهة هههههههههههه
(لا تخف عليه، فقط سيتذوق قليلاً من الارهاق واللحم النتن ويشم الروائح الكريهة)


أبا مرشد بتساؤل: بس اكيد أبوه بيسأل عنه ..
لا تنسى انه ولد موكيش جانجوس ..!!!

آندي بنظرة باردة غيرمبالية وهو يقلب لسانه الى الانجليزية: لقد ارسلنا لأبيه رسالة إلكترونية من حساب ابنه وقلنا له أن لاكي سيخدم لعدة أشهر في البلاط البريطاني، لذا فإنه حتماً لن يقلق على ولده ولن يبحث عنه .. فـ هو بنظره الآن مجرد شاب مشغول ويكافح لأجل مستقبله ..



.
.
.
.
.
.
.



دخل مكتبه كعاصفة هوجاء ترعد أوصال كل من لمح ظلالها المريعة المخيفة ..

يكاد يقسم أن الغضب قد وصل درجته الألف في أسلاك دماغه المثقلة بالأفكار والهموم المتراكمة ..

هموماً كثيرة تتساقط على نحوٍ متناغم على كاهليه ولا يلقى من يساعده قليلاً بالحِمل ..!!


اللهم ارزقني الصبر .. الصبر فقط يا رب الكون ..
أأتلقى كل الأخبار كالقنابل المدوية في نفس الوقت والساعة ...!!!

حارب في سجن يعد من أخطر وأقذر سجون العالم كافة ..!!
وابا مرشد ....... ذلك الحقير ..
استطاع اكتشاف حسن، الرجل الذي زرعته وسط منظمتهم ..


اتصل بسرعة برقم معين وعيناه تشتعلان غيظ/قهر على الذي يحدث ..!!!!


هتف بزمجرة غاضبة كل الغضب: سعيييييد، اتصل بـ خلفان وابراهيم وقولهم يرجعووون على اجرب طيارة ..
بسرعة يا سعيد الحين تتصلبهم الحييييين ..


اقفل هاتفه بعد أن سمع رد سعيد المُرتجف بالذهول/الجزع من غضبه الحاد ..
فـ رجاله لم يتعودوا على رؤية الجانب المنفعل من رئيسهم، لأنه لطالما كان ذو نفس صبورة وبال وسيع ..
وقبل كل شيء .. ذو عين جليدية لا تهتز نظرتها حتى في أحلك الظروف ..!!!!


ولكن هذه المرة قد دخل حارب في الصورة ..!!
ولا أحد يعرف ما هو حارب بالنسبة لـ سلطان ..!!
حارب الذي تمكن بشكل عجيب من السيطرة على كل المشاعر الأخوية و"الأبوية" لديه ..

يكن لهذا الفتى الكثير من الحب والمودة ويشعر بالمسؤولية الكبيرة اتجاهه ..!!!!







نهـــاية الجــــزء الثـــــاني عشـــــر

 
 

 

عرض البوم صور لولوھ بنت عبدالله،   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
منهوو, الاحساء, الجوى،, القوي, يهواه
facebook




جديد مواضيع قسم القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t198232.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
Untitled document This thread Refback 17-03-17 02:45 PM
Untitled document This thread Refback 03-02-17 02:14 AM


الساعة الآن 09:30 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية