لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > الروايات المغلقة
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

الروايات المغلقة الروايات المغلقة


 
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (1) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 18-09-14, 01:25 PM   المشاركة رقم: 146
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فخري


البيانات
التسجيل: Jan 2012
العضوية: 234937
المشاركات: 6,950
الجنس أنثى
معدل التقييم: ...همس القدر... عضو ماسي...همس القدر... عضو ماسي...همس القدر... عضو ماسي...همس القدر... عضو ماسي...همس القدر... عضو ماسي...همس القدر... عضو ماسي...همس القدر... عضو ماسي...همس القدر... عضو ماسي...همس القدر... عضو ماسي...همس القدر... عضو ماسي...همس القدر... عضو ماسي
نقاط التقييم: 8829

االدولة
البلدPalestine
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
...همس القدر... غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كَيــدْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر

 
دعوه لزيارة موضوعي

الف لا باس عليك هنوو
ما عليش بانتظارك...
عوافي توتو

Sent from my GT-I8150T using Tapatalk 2

 
 

 

عرض البوم صور ...همس القدر...  
قديم 20-09-14, 05:42 PM   المشاركة رقم: 147
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jun 2014
العضوية: 267722
المشاركات: 575
الجنس أنثى
معدل التقييم: كَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 947

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
كَيــدْ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كَيــدْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر القيد الثامن عشر

 




الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 6 ( الأعضاء 4 والزوار 2)
‏كَيــدْ, ‏هَتيف, ‏خواطر قلم, ‏سمرو



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كيفكم؟ عساكم طيبين؟

أعتذر منكم على تأخيري في تنزيل البارت
ما أحب أبرر بس من جد كان حيلي مهدود والبارت بقي جزء بسيط منه ما كملته بسبب تعبي
ولو إن الموضوع انحصر على التنزيل كنت تحاملت على روحي ونزلت لكم البارت


ما أطول عليكم
بحاول أكمل الجزء البسيط من البارت وإن شاء الله إذا مانزل بوقت متأخر بالليل بيكون عندكم قبل الفجر



ومرة ثانية :/ أعتذر :*

 
 

 

عرض البوم صور كَيــدْ  
قديم 20-09-14, 09:46 PM   المشاركة رقم: 148
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Mar 2014
العضوية: 265740
المشاركات: 53
الجنس أنثى
معدل التقييم: هَتيف عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 31

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
هَتيف غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كَيــدْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر القيد الثامن عشر

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أبد أبد ماكنت اويه أقرا الرويه الّا إذا أكتملت
بسبب كثرة الكاتبات اللي يسسحبوون أو يتهاونون في أوقات البارتات
بس ماش ماقدرت أصبر على روايتك جداً جداً جمييله وأسلوبك جمييل ..
..
كنت بعلق على الروايه الحين بس قلت لين تنزل البارت وأعلق مره وحده <3
الله يوفقك ياارب , وألف لاباس عليك كدّو ..

 
 

 

عرض البوم صور هَتيف  
قديم 21-09-14, 01:03 AM   المشاركة رقم: 149
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jun 2014
العضوية: 267722
المشاركات: 575
الجنس أنثى
معدل التقييم: كَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 947

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
كَيــدْ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كَيــدْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر القيد الثامن عشر

 




سلامٌ ورحمةٌ من الله عليكم
صباحكم سعادة ورضا من الرحمن
مساؤكم فرحٌ لا يزول


,

بسم الله نبدأ
قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر
بقلم : كَيــدْ !

لا تشغلكم عن العبادات


(19)




نظرت إليها بتوجسٍ، لم تكن تريد لهذا الحديث الكمال لكنّ مابها من فضولٍ دفعها للإستماع دون صوتٍ منها، وحين لم تجب عليها أردفت المرأة : وين أهلك؟
تقوس حاجباها بارتفاعٍ مُتعجِب، أهلك؟؟ .. إن كانت تعرف اسمها ألا تعلم ما طبيعة حياتها؟ ... أمالت رأسها قليلًا ووجومٌ هاجم ملامحها، أصاب قلبها انكسارٌ بفقدها لأجملِ شيءٍ في الحياة، لكن لمَ تهتم؟ هم تركوها والله عوّضها بمن هم أفضل . . و ( رب ضارةٍ نافعة ) وضارتها بعدم الأهل كانت نافعةً بعثورها على أجمل هديةٍ من الله، إذن لمَ قد تهتم؟؟
تنهدت بحسرة، ثم نظرت إليها عبر فتحات النقاب بعينين قدحتا بالقوة، وبحدة : ما عندي
رفعت المرأة حاجبًا، وقد كانت مُحجبةً لا تُغطي وجهها، وبذلك ظهرت ملامح وجهها الجميلة رغم وضوح تعاليم الكِبرِ عليها..
ابتسمت برقة، ثمّ رفعت يدها تريد رفع نقاب إلين لكنها أمسكت يدها بقوةٍ تمنعها وعيناها اتسعتا بصدمة، همست بذهول : انتِ وش قاعد تسويين؟!!!
ابتسمت المرأة بسخرية، وبصوتٍ كان به الكثير من الحالمية وإحدى أناملها ارتفعت لتصبح أمام عيني إلين : يا سبحان الله ... عيونك فيها سحر غريب
شعرت إلين بتوجسٍ منها، لمَ تتكلم معها بهذه الطريقة؟ . . تراجعت للخلف فجأةً حين شعرت بأنامل المرأة تلامس أهدابها، وبصوتٍ مرتعش يحمل من الصدمة الكثير : انتِ مجنونة!!
ضحكت المرأة بخفوت، وبقسوة : مجنونة! .. اللي مشتاقة لعيون بنتها مجنونة!!
بهتت، والكلمات اخترقت مسامعها كنصلٍ قاسي، اخترقت عقلها كحربٍ طاحنةٍ بدأت دون سابق إنذار، " بنتها "!! ، أكلمةٌ كتلك تقال داعبة؟ أغريبةٌ تمزح بتلك الكلمة؟
ابتلعت ريقها وهي تنظر لوجه المرأة بذهول، بشفتين فاغرتين وعينان تزدادان اتساعًا، باغتها الكثير من التردد، لم يكن هناك امرأةٌ قد قالت لها تلك الكلمة سوى هالة فقط، فلمَ قد تقولها لها هذه المرأة؟ أتقصد الدعابة أم أمرًا ما؟ . . شيءٌ ما داخلها كان يخبرها أن تستمع للمزيد، أن تعلم ما معنى قول المرأة لها بـ “ بنتها “، أن تترك لفضولها العنان.
اتسعت ابتسامة المرأة بقسوةٍ وهي ترى عينيها المذهولتين، لتهمس بصوتٍ جليديٍ قاسي : تشبهيني كثير ، أشوف نفسي في عيونك، وهالشيء طبيعي، مو انتِ من دمي!!
انتفضت إلين فجأةً وهي تتراجع، هذه المراة تثرثر بأمورٍ خطيرة لا مزاح فيها، لذا من الأفضل عليها الذهاب وتركها، من الأفضل عليها تجاهلها، بالرغم من أنّ صوتًا داخلها يأمرها بسماع بقية ثرثرتها، لكن لمّ تشعر بالخوف من مقدمتها في الحديث!!
ما إن تحركت ذاهبةً حتى أمسكت المرأة بمعصمها بشدةٍ وقسوة، لتهمس لها بصوتٍ كان به من الحقد الكثير : أنتِ أخته .. أخت أدهم .. بنت زوجي .. بنتي ... بنت الحقير اللي تركني
ارتعشت بقوةٍ وإغماءةٌ أصابتها لكلمتين فقط، لمسمًا واحدٍ فقط، غاب العالم كله وفقدت الشعور بما حولها .. فقدت الشعور بكل شيءٍ وصدرها ارتفع بقوةٍ ليهبط بأنفاسٍ قاسيةٍ لاهبة
( أخـــــــــت أدهـــــــــــــم )
أخته! .. رفعت نظراتها المُتسعة للمرأة، تمادت! .. جاءت الآن بكلامٍ لا مزاح فيه، لكنّ الأعظم هو أن تمزح بشيءٍ يتعلق بأدهم، إن كانت تعرف أدهم فهي بالتأكيد تعرف أخلاقه، وبالتأكيد تعرف ماحدث وكان!
همست بحدة : اتركي يدي عنك واذلفي .. ماودي أسمع بشيء من تخريفك
شدّت المرأة على معصمها أكثر وعيناها اتسعتا بلهيبٍ قاسي، شرارةُ شرٍّ ظهرت على زوايا عينيها اللتين كانتا .... تشبهان عينيها!!!!
للتو انتبهت، ملامحها بالفعل تشبه ملامحها هي . . انتفضت بقوةٍ وهي تحاول سحب يدها لكنها شدّت أكثر لتهمس : بكرة ... تمثلّي بأي مرض ، بأي تعب، وروحي للمستشفى اللي قريب من هنا ... وأنا بكون هناك، وبتلاقين الدليل على كل كلامي
بنت عبدالله السامي ... أخت أدهم ... بنت رقية .... إلين عبدالله السامي!!!!

*

رفعت عيناها لعبدالله، لتبتسم بأسى وهي ترى نظراته المُتسعة، لم تذكر له شيئًا عن ماضيها مع من هو اخاها، لم تذكر له كل ذلك الخزي وكيف عساها تخبره؟؟
همست بشرودٍ وهي تداعب قماش تنورتها السوداء ورأسها انخفض قليلًا : ورحت .. يومتها تصنعت التعب ورحت بعد الجامعة للمستشفى مع هديل ... ما كنت واثقة بالقدر اللي يخليني أروح بروحي، بس كان فيني فضول كافي وصدمة كافية عشان ألبي اللي قالته وأشوف دليلها المزعوم
تحاليل DNA لمرة إسمها رقيّة عبدالرحمن ، مقارنة بتحاليل لي انا .. وكانت النتيجة أكبر صدمة لي ، كانت صفعة بوجهي ، كانت شيء ما أقدر أوصفه لك يا عمي
تخيّل تكون عايش كل عمرك كشخص يتيم ما تدري إذا انت ولد حرام أو لا، تخيل إنك عايش سنين وسنين كشخص ماله هوية وانت في الحقيقة عكس كذا
يومتها مرضت .. انهرت .. ظليت ليلتي كلها أبكي ومخدتي تواسيني ، شلون طاوعهم قلبهم شلوووون؟؟
سقطت دموعها بألمٍ وعجر، وكفيها ارتفعتا قليلًا قرب وجهها يرتعشان، لتردف بنحيب : شلووووون طاوعهم؟ مو أنا بنتهم؟ مو أنا من لحمهم ودمهم!!
انكسرت ... كل شيء فيني تحطم لأجزاء وأجزاء مافي رجا برجعتها .. كل شيء اسوّد بوجهي
الإنسان لو انكسر ما يصير شظايا ... الإنسان لو انكسر يتلاشى . . . يتـــــــــلاشـــــى ... ينتـــهـــــــــــي
غرقت في نحيبٍ صامت وهي تُغطي وجهها بكفيها، تُعزي ذاتها بدموعها، تعزي نفسها المُتلاشية لكسرها بدموعٍ أشدّ انكسارًا ... من يمسح دموعها في أشدّ الحاجة لكفٍ حنون؟ من يمسح الحزنَ المتمركز في صدرها كملكٍ جائرٍ احتل عرش قلبها؟ من يرَبتُ على وجنتها إن انكسرت نظراتها؟ من لها؟؟ من لها ليسْقها من الحنان ما يعوّض عنها جفاف عينيها لكثرة ما ذرفا؟
من لها ليُنسيها السنين العجاف؟ من لها ليمحو كل نظرة بؤسٍ هاجمت عيناها في يومٍ ما؟ من عساه ليُقدم حياته لها في سبيل فرحها وحسب؟ … لا أحد! لا أحد سيفدي أفراحه لأجلها، لا أحد سيتبرع بضحكاته لها.
والبائس هو من ولدُ وحيدًا ليموت كذلك! البائس هو من ولد ناقصًا ليموت ناقصًا، من ولد وقد ختم على جبينه ( الوحدة والنقصان! )
وحيدةٌ هي دون عائلة ، وناقصةٌ هي دونهم!
حتى البَحّار إن عظمت رحلاته بروحٍ وحيدة إلّا أن البحر يكون أبوه وأمه وأخاه! .. وهي حتى الجدران تخلّت عنها لتُخفي عنها سرًّا عاش سنينًا!
يُقال أنّ للجدران آذان، وسكوتها عن سرّ هالة إثباتٌ لوحدتها حتى من الجمادات!
نظر إليها عبدالله بصمتٍ مطبق، مطولًا دون كلمة، دون صوتٍ يثبت تواجده، ولأول مرةٍ تكون كلماته في حضرة موضوعٍ ما - ميتة -
بكاؤها يُثبت صحّة كلامها، نحيبها أرهق عقله الذي يجاهد لاستيعاب ما سمع، كيف يمكن أن يكون لها عائلةٌ ظهرت بعد كل هذه السنين؟ كيف يأتي هذا الحديث الآن؟ وكيف لعقله التصديق؟
تنفّس بقوةٍ وهو ينظر إليها بعينين لا تعبير بهما، يريد منها التفسير أكثر لكنها وبكل بساطةٍ لم تكن تنظر لنظراتهِ المُتسائلة فهي قد خبأت وجهها خلف كفيها، خبأت وجهها عن كل نظرةٍ وبكاؤها أخيرًا جعله يهتزّ خلال كل المعمعة القابعة في عقله.
احتضنها بمواساةٍ وهو نفسه لم يستطع أن يستوعب بعد، لم يستطع التصديق بعد، يشعر أنه ضائعٌ ولا يدري ما الخطوة التالية، لكنه في النهاية همسٍ بصوتٍ لا تعبير به : متأكدة؟
استغرقت ثوانٍ قبل أن تومئ بضعف، ليبتلع ريقه هاتفًا : تحاليل الـ DNA عندك؟
أومأت أيضًا بذات الضعف ليبعدها قليلًا، وبيديه انزل كفيها عن وجهها ليهتف بصوتٍ حاول دفع الثبات به : وريني ياها


,


هدوءٌ مُخيّم على جو السيارة، تزداد سرعته وعيناه مُتشبثتان بالأمام، في فراغ، في تفكيرٍ عميق.
أغمض عينيه لثانيةٍ ليفتحهما والإصرار يرتسم على جنباتهما، عليه أن يُنظّم نفسه ويكون أمامها طبيعيًا، لن يجعلها تنتبه لشيء، لأي شيء!
المهم أن يكون هناك من بقربه، لن يكون وحيدًا طيلة ما تبقى من حياته، لذا عليه الاستسلام والإذعان لما تريد.
وصل بعد دقائق للمنزل الذي يحفظ طريقه جيدًا، كيف لا وهو المنزل الذي تقطن فيه!
ترجل، ثمّ رفع عينيه ينظر للمنزل البسيط والراقي أمامه، بملامح لا تعبير فيها، إلى أن رفع في النهاية نظّاراته الشمسية ليُغطي بها عينيه، حتى يختفي أثر التعب والإرهاق فيهما.
تنهد يدفع تردده ويستبدله بالإصرار والثقة، ثم أخرج هاتفه من جيبه .. ليتصل بها.

في الداخل - غرفة إلين
جلست على السريرِ بصمتٍ بعد ما أخذ عبدالله الأوراق وبات يُقلبها، وكأنه لا يستوعب مافي يده أبدًا ولا يريد ذلك، لا يستوعب بل كيف عساه ذلك؟ أيعيش في فيلمٍ أم ماذا؟ أيرى حُلمًا أم واقع؟
كيف يمكن أن تظهر عائلةٌ من العدم بعد كل تلك السنين؟
حتى الآن لم يصدق، لم يقتنع . . . رفع نظراتٍ غيرَ مصدقةٍ إليها، ليهتف بحذر : وإيش اللي خلاك تصدقين إنك بنت الرجال اللي ذكرت اسمه؟ ممكن ، ممكن تكون …
لم يكمل كلامه لتفهم ما الذي أراد قوله " ممكن تكونين بنت حرام "
ابتسمت بأسى، وبهمس : حتى أنا في البداية ظنيت السالفة فبركة منها، هي أمي ما اختلفنا، بس وش اللي يخليني بنته؟
هذا اللي سألتها عنه … وكانت الإجابة
وقف لتتجه للتسريحة بعد أن أخذت مفتاحًا من تحت وسادتها ثم أدارت قفل أحد الأدراج لتُخرج ورقةً مُهترئةً اتضح بها القِدم، ومن ثمّ قدمتها إليه … وهناك وقع الدليل.
تصويرٌ لكرت العائلة، الأب عبدالله السامي، الزوجة رقيّة بنت عبدالرحمن، الابن أدهم عبدالله السامي
الابنة … نجلاء عبدالله السامي!!!
رفع رأسه بسرعةٍ إليها، بعينين مُتسعتين يحاول فهم ما قرأه للتو، يحاول تحليل ما مقصدها، يحاول التهام ما تنوي قوله.
ثم باضطراب ... انفرجت شفتاه عن كلماتٍ مُبعثرة، عن تلعثمٍ غير مُصدق : انتِ … انتِ نجلاء؟؟؟!
اهتزت شفتيها لتخفض رأسها دون إجابة، دون إيماءةٍ على الأقل ترحم حيرته وتشتته، وفي ثوانٍ كان صوت نحيبها يتصاعد، ولسانها يلفظ بما كان الأشد عليها قسوة : بعد شهرين من ولادتي … أبوي رماني، اتهم أمي بخيانته ، تبرأ مني على أساس ماني بنته، بنت حرام!!!
تدافعت شهقاتها، لتردف باختناق : تخيّل .. حتى ما فكر يحلل، ظلمني بتفكيره ورماني، طلّق امي وهي بدورها ما اهتمت لي * ابتسمت بسخرية * مثل ما تقول … أنا ضربة شؤم عليها، وش تبي فيني؟ وش ترتجي مني دام انتهت حياتها الزوجية واتهمها زوجها بالزنا بعد ولادتي؟؟؟
تراجعت للخلف لتجلس على السرير، تهتف بانهيار : وش ذنبي؟ أوجعوني بدون أيّ ذرة رحمة، أوجعوني بدون أي إنسانية، لا هو اعترف فيني، ولا هي تمسكت بي!
أغمض عينيه بقوة، ثم استنشق ذراتٍ من الهواء ليزفرهن، أهناك من يفكر بهذا الشكل الظالم؟ أهناك من يطاوعه قلبه لكلّ ذلك؟
كيف لأبٍ أن يفكر هكذا دون أن يتأكد؟ كيف لأمٍ أن يطاوعها قلبها في ترك ابنتها دون قلبٍ ينبض بالرحمة، دون فطرتها التي تنمّ عن حب أبنائها.
كلّ شيءٍ جاء دون أن يذهب، كصاعقةٍ استقرت في عقله، كسكين انغرس في قلبهِ دون أن يخرج، كل شيءٍ جاء ليحمل له أسًا لا يمكن نسيانه، ليحمل صدمةً لا يمكن تجاوزها
قبل أيامٍ صدم بحقيقة كونها ابنته … والآن بحقيقة كون لها عائلةً تخلّو عنها!!
فتح عينيه، ثم نظر إليها مطولًا دون صوت، ينظر لانكسارها وبكائها، ينظر لذبول عينيها وجفاف زواياها، ينظر للألم الذي حمّله الماضي في قلبها.
اقترب منها ببطء، ينوي مواساتها، يريد القول بأنه سيعوضها عن كلّ الظلم الذي كابدته ... بينما هي تهمس بانهيارٍ وعيناها مُتشبثتان بالأرض : بس تدري! وجعهم ما كان شيء … قدام الوجع اللي لقيته هنا!
توقفت قدماه عن الحركة، توقفت حواسه عن عملها، توقف عقله عن التفكير، وكلماتها هذه تحمل معانٍ عديدة، معانٍ قاسية.
رفعت وجهها المتورم إليه، لتهتف بألمٍ وعيناها تحكيان ملحمةَ عذابٍ لم تنتهي : على كثر الوجع اللي لاقيته في حياتي .. والله ما أوجعني شيء كثر ما أوجعني تصرف أمــــي هالة!
وهالوجع دفعني لشيء واحد ، للرحيل ، للخروج من المكان اللي اندفنت فيه بهالحقيقة المرّة، بهالتصرف اللي يثبت مكانتي هنا
شرارة الماضي … ولا نار الحاضر

انقطعت سيل كلماتها التي آلمت قلبه، الكلمات التي شطرت تفكيره لأكثر من نصفين، انتهى حديثها القاسي برنين هاتفها على السرير . . لترتفع كفاها تمسحان دموعها، ثم تناولت الهاتف وما إن رأت هوية المتصل حتى ردت دون أن تنظر لعبدالله الواقف مكانه دون حراك، وبهدوء : جاهزة


,


يتحدث من داخل الشركة والهاتف يستقر بجانب أذنه، كفٌ تشبثت بالهاتف وأخرى تفتح الأدراج وتبحث عن كل شيءٍ قد يتعلق بما يريد.
من الطرف الآخر . . إبراهيم : عجل يا سعد ، لقيت شيء؟ .. عالأقل أوراق البيت، الشركة .. لازم تطلع بشيء ، لازم
سعد بارتباك : لا ما لقيت ، اصبر علي تراني منخرش كفاية
إبراهيم باستعجال : طيب عجل عجل .. وأهم شيء لا يدخل عليك هذاك النشبة ونروح فيها
سعد : لا من هالناحية تطمن ، السكرتير برى يراقب والفلوس اللي عطيته كافية عشان تخرسه
إبراهيم : لا وصل سلطان ما بيقدر يرده
سعد : وانت مو مراقبه؟؟
إبراهيم : اختفى عن عيوني مدري وين راح .. شو...
قاطعه سعد حين سحب إحدى أدراج المكتب ليجدها مُغلقة : لحظة!
إبراهيم بانشداه : لقيت شيء؟
سعد : هالدرج مقفل ، أكيد فيه شيء من اللي نبيه .. أغلب الأدراج مفتوحة لأن اللي فيها ماهو مهم ، بس دام درج لمكتب ومقفل أكيد يحتوي على شيء مهم
إبراهيم باندفاع : حاول تفتحه ، اكسره لو تطلب الأمر
سعد بتردد : كذا بننفضح وراح ينتبه ، خلاص إبراهيم، مضطر أخرج وبعدين إن شاء الله برجع أحاول أفتحه .. المهم حصلنا شيء يخلينا ما نيأس ولا نستسلم
تنهد إبراهيم يكبح لهفته، يفكر بعقلانيةٍ أكثر، وسعد صديقه مُستقرٌ في عمله هناك فلمَ الإستعجال.
لفظ : أوكي .. اطلع الحين وفتّح عيونك أربع أربع، والسكرتير حطه خاتم في اصبعك ، ولو حسيت بخطر تجاهه …. اقتـــلـــــه
اتسعت عينا سعد، ليهتف بصراخ : مجنوووون انت؟؟ لا لا .. سرقة اختلاس اغتصاب بس قتل!!!
زفر إبراهيم بيأسٍ منه، ثم بصوتٍ حانق يضيّع الموضوع : خلاص ما عليك منه .. الفلوس بتكفيه وبتخليه ينخرس
محنا متورطين في جريمة قتل … تطمن
أغمض سعد عينيه بقوةٍ وهو يتنهد، ثم أنهى الإتصال ليخرج من مكتب سلطان بذات الطريقة التي دخل بها … دون أن ينتبه له احد.
وفي أثناء تحركه باتجاه الباب الخارجي رمى رزمةً من النقود على طاولة السكرتير … ثم خرج


,


تناولت حقيبتها الزيتية وهي تتجه لباب غرفتها تنوي الخروج، وتلك الأخت تنظر إليها بعبوس، لا يرضيها حال أختها المتحرر بعض الشيء.
جود بعبوس : بثينة يا حبيبتي ، ما تحسين حياتك غلط؟
لوت بثينة شفتيها المتلونتان بالنبيذي والمكتنزتان بإغراء : جاني سيف؟!!!
ازداد عبوس أختها، ثم تنهدت وهي تهتف دون يأس : الساعة 11 ونص، أحد يطلع في هالوقت؟ كان الأفضل تروحين لشغلك بدل هالعبث
بثينة دون مبالاةٍ تحرك يدها في الهواء لتتردد صوت أساورها المزينةِ لمعصمها : قلتلك مثل ما قلت له من قبل … أنا إنسانة حرة، ما أحب أكون محصورة بحياة معينة، روحي تعشق الحرية ولا يحكمني لا زمان ولا مكان ولا مجتمع!
أعيش بالشكل اللي يريحني ويناسبني ، وهذا هو الإختلاف اللي بيني وبين تفكير سيف، واللي خلى حياتنا مع بعض مستحيلة
سيف يبيني بالشكل اللي في باله وهذا شيء مستحيل ، ربّة منزل يكون شغلها الشاغل بيتها وبس … وهذا بالنسبة لي مو ممكن يكون
تنهدت جود للمرة الألف، وهذا الحديث لطالما سمعته من أختها مرارًا ومرارًا، اختها المدللة التي لا يحكمها قرار.
لم تقل كلمةً أخرى لاختها التي استدارت لتخرج حتى تقابل صديقاتٍ لها في عزّ الظهيرة، دون مبالاةٍ بالوقت أو بأي أمرٍ آخر.


,


يجلس في سيارة الإسعاف ونصف وجهه مُغطى، الأكسجين ينبعث إلى رئتيه وهو لا يشعر سوى أنّ ما يدخل إلى رئتيه ليس إلّا نارًا هوجاء تقتلع سكونه.
وصل إليه صوتُ رجلان يتحدثان، وأحد الصوتين يعرفه جيدًا، لقد كان صوت الرجل الذي كاد يتشاجر معه قبل أن يدخل، والذي طمأنه بأنهم سيخرجونها.
تحدث الرجل : لقيتوا شيء في الشقة؟ جثة مرة حسب ما قاله لي هذاك الرجال
الآخر باحترامٍ لمن هو أعلى مركزًا منه : الشقة كانت فاضية من أي إنسان
اتسعت عيناه استنكارًا، وبريقُ أملٍ لمع في قلبه، بينما هتف الرجل الأعلى مركزًا بغرابة : متأكد؟ طيب انتو مطلعين مرة في العقد الخامس من الشقة السادسة؟
الآخر : ما طلعنا أحد .. كانت فاضية من البداية، لأن مجموعة دخلتها قبل لا ينتشر الحريق وما كان يسكنها أحد
توقفت أنفاسه، توقف عن الشعور بما حوله ولم يسمع كلمةً أخرى، ماذا يعني ذلك؟كيف عساها تكون غير موجودة؟
أتكون خرجت لمكانٍ قبل أن يحترق المبنى؟ .. داهمه شعورٌ بالأمل والراحة، لكن أين عساها تذهب؟ لا مكان قد تخرج إليه ولا حاجةً تقتضي منها الخروج؟
مسح على عينيه بظاهر إحدى كفيه، وهو يتمتم بالحمد بالرغم من أنّ قلقه وإلى الآن لم يتلاشى
إلّا أن مسألة عدم تواجد جثتها في الشقة بل عدم تواجدها منذ البداية أراحته، المهم أنها بخير، المهم أنها كذلك.


,


توقف عن المشي ليستدير إليه، ويديه دُسّتا في جيب بنطاله، وبتساؤل : ومتى العملية؟
فارس بابتسامةٍ مُتأمِلة : بعد أسبوع ونص تقريبًا
لوى فواز شفتيه بتفكيرٍ قبل أن يهتف : يعني يمديني أكون جنبك … زواج أختي بقي عليه أسبوعين وشوي ، وزين إنّ عملية عمي ناصر قبلها بكم يوم
نظر إليه فارس بامتنان : بس بتكون أختك محتاجتك قبل زواجها بفترة طويلة
فواز بابتسامةٍ أخوية : ما عيك من هالناحية ، من الأساس إجازتي ما راح تكون قبل أسبوعين
فارس بمرح : كثرة إجازاتك ترى .. أنا متأكد إنّ المندوب السعودي بيطردك آخرتها
فواز بغرور : يجرب
فارس : مالت على وجهك


,


انتظر، وانتظر، لكن لم يُفتح الباب، ولم تأتي بعد، أعساه يفقد الأمل أو يفكر في أنها قد لا تجيء وهو الذي يُدرك إصرارها؟
لم يفكر بتاتًا في أنها قد تكون تراجعت، لذا لا يزال ينتظر، بلهفةٍ لم تخفى عليه، يسند ظهره إلى السيارة وقدمه اليُمنى تتحرك على الأرض دون ضجر، دون مللٍ لتأخرها، فلهفته فاقت صبره الشبه معدومٍ غالبًا.
مرت خمس دقائق على اتصاله بها، ثم عشر، ثم ربع ساعة، ثم نصف!
رفع هاتفه ليستعجلها، لكن الباب فُتح، وهو رفع رأسه بسرعةٍ متوقعًا رؤيتها مُتلحفةً بالعباءة، تمشي باتجاه السيارة، لتذهب معه ، لكنّ ما رآه …. فاق كل توقعاته.
اقترب عبدالله منه بصمتٍ بينما هو مُقطب الجبين، عرفه وكيف لا يعرفه؟ كيف لا يعرفه وهو ممن تسكن عندهم، يعرفه وكيف لا يعرفه وهو كفيلها!
وصل إليه عبدالله ثمّ مد يده ليصافحه، وهو ردّ عليه بما أراد، بشكلٍ باردٍ وغير مُبالٍ به، ولمَ قد يبالي بمن لم يُرده؟
هتف عبدالله بهدوء : أدهم السامي
أدهم بحاجبٍ مرتفع وهو يحاول تحليل معنى أن يخرج عبدالله دونًا عن إلين : سم
عبدالله : تفضل … حاب أحكي معك شوي
أدهم ببرود : ما أشوف لهالإشكاليات داعي .. أعتقد إنك عارف ليه أنا جاي!
أومأ عبدالله ببرودٍ مماثل، ثم لفظ : وتتوقع بعطيك ياها كِذا بكل بساطة
ازداد ارتفاع حاجب أدهم في سخرية : وعلى أي أساس تمنعني؟
عبدالله بحدة : على أساس إنّي أبوها
زفر أدهم بضجر، ثم رفع هاتفه ينوي الإتصال بها لكن عبدالله منعه حين سحب هاتفه بلطف : ماهي راده عليك … جوالها عندي
ارتفع حاجبيه معًا هذه المرة، بعينين اتسعتا كعيني صقر، أولًا لوقاحة عبدالله في أخذه للهاتف، ولما سمعه ثانيًا، ما معنى ذلك؟ أيريد منعها من الذهاب معه؟؟؟
احتدت ملامح أدهم وهو يهتف من بين أسنانه : شكلك منت ناوي على خير
كان تقييم عبدالله في بادئ الأمر حين رآه غير ثابت، فشكله كمواطنٍ عادي في الثلاثينيات بملابس مرتبةٍ أنيقة، وهو يريد تقييمه عن قرب، بالحديث معه والسؤال عنه، فكيف له أن يجعلها تذهب مع شخصٍ لا يعرف كيف هو ولا طبيعة الحياة التي يعيشها؟
جاءه الإنطباع الأول في تشابكهما الآن .. إنسانٌ به من البلادة والوقاحة الكثير، وهذا الإنطباع لا يُشجع.
عبدالله بصوتٍ لطيفٍ بعض الشيء لكنّ الجدية والصرامة به طغت ليستشعر أدهم الوقاحة والإندفاع عوضًا عن اللطافة : غلطان .. الأب لما يفكر في مستقبل بنته ما يكون ناوي على شر
أدهم بوقاحة وهو يسحب الهاتف من كف عبدالله المُتدلية : شكلك كذبت الكذبة وصدقتها … تراك في النهاية مجرد كفيل لها وأنا اللي المفترض يكون الوالي عليها
عبدالله بنبرةٍ لم تتغير أو تهتز : غلطان … العلاقة بيننا ماهي محصورة على كفيل ومكفول … عوضًا عن كونها عايشة عندنا اثنين وعشرين سنة هي بنتي بالرضـــاع
اتضحت الصدمة على محياه، ولم تخفى تلك الصدمة عن عيني عبدالله الذي ابتسم بلطفٍ وهو يضع يده خلف كتف أدهم يحثه على المسير : أدخل وخلني أتعرف عليك عن قرب …. ومنها أتفاهم معك


,


جلست على السريرِ بعنفٍ بعد ان انهت جولتها ذهابًا في الغرفةِ وإيابًا، حبسها، منعها من الخروج من المنزل، منعها حتى من هاتفها كي لا تتصل.
تدرك لمَ يفعل ذلك، وليست حاقدةً عليه أو غاضبة، تدرك انه يريد منها المكوث أو التأكد من طبيعةِ حياة عائلتها اللذين رموها سابقًا، وكيف عساه يثق بأناسٍ تخلو عن ابنتهم في السابق؟
فركت عينيها الذابلتين بغصة، لا تريد البقاء هنا وكيف عساها التفكير في ذلك، إن علم بحياةِ أدهم فسوف يمنعها من الخروج، لن يرضى، لكنها تريد أن تذهب معه، تشعر بالأمان يختلجها إن هي فكرت بالذهاب معه، لن يؤذها، وشعورٌ عنيفٌ داخلها يؤكد لها ذلك، شعورٌ عظيمٌ داخلها يخبرها بأنّ حياتها مع أدهم ستكون أفضل.
لكن ماذا عن والدها؟ أيعقل أن يتقبلها كما تتمنى؟ … لكن لا يهم الآن، المهم أن تخرج من هنا مع أدهم الذي تحتاجه وبشدةٍ في هذه المعمعة.

في الأسفل
جلس أدهم بجانب عبدالله تفصل بينهما مسافةٌ لا بأس بها، وعيني أدهم تنظر لعيني عبدالله كصقرٍ مُستعدٍ للهجوم في أيّة لحظة، حذرٌ كعادته، لا يثق بسرعة. وذاك كان ينظر إليه بهدوءٍ دون تعبير ما.
بادر أدهم بالكلام أولًا : ما يهمني إذا كنت أبوها بالرضاع جد والا لا … أظنك تدري إنها تبي تطلع معي بكامل إرادتها، ومافي شيء يمنع هالشيء
صمت عبدالله للحظاتٍ قبل أن يهتف بهدوء : ومافيه شيء يسمح لك قانونيًا بأخذها … تواجدها معك راح يثير الفضايح لأنه مافيه أوراق رسميّة تثبت إنك أخوها … والا!!
رفع أدهم إحدى حاجبيه دون مبالاة، لا يهتم لكل تلك الإشكاليات القانونية ولا يعيرها أيّ اهتمام.
قبل أن يرد باغته عبدالله بسؤاله : وأبوك وش نظرته للموضوع؟ هو يبيها ترجع له والا شلون؟ ما أشوف إنّ قرارها وقرارك كافي .. ولو كان موافق على هالشيء كان أثبت إنها بنته قبل، هذا يثبت إنّ الموضوع من راسكم انتو الإثنين
بلل أدهم شفتيه ثم أصدر تأفأفًا أعطى انطباعًا آخر عنه، من قد يكون بردات الفعل هذه عند حظرةِ موضوعٍ حساسٍ كهذا؟ … تنهد بيأسٍ والواضح أنّ أدهم رجلٌ لا يحتمل المسؤولية.
قطب عبدالله جبنه قبل أن يسأله : ليه ما جيت من قبل عشان تآخذها؟ تحديدًا وقت ما عرفت بعلاقتك الحقيقية فيها؟
فهم أدهم ما يرمي إليه عبدالله، أي أنه لم يكن مهتمًا لها، يريده أن يظهر على حقيقته ليجد حجةً أقوى في منعه لأخذها، لكن أيوجد كأدهم في التلاعب في الكلمات؟
هتف بثقةٍ باردة : تعلقها فيكم كان يمنعني، شلون آخذها وهي ماتبي إلا تكون وياكم؟؟
بس الحين صار الوضع تحت يدي … مدري وش سويتوا لها حتى تفضلني عليكم
انعقد حاجبي عبدالله بانزعاج، كلامه صحيحٌ ومقنع، خصوصًا أنّ ظهور الحقيقة الثانية جاءت بعد ما حدث.
زفر بضيقٍ وهو يشد على قبضتيه في تفكيرٍ لم يطل، ثم رفع رأسه لينظر لأدهم بحدةٍ صارمة : بس هي كلمة أخيرة بقولها لك يا أدهم ، حاليًا ما أقدر أسلمها لك، مو بهالطريقة وأنا ما أعرف عنك أي شيء!
وبرضه مافيه إثباتات قانونية تعطيك الحق في أخذها
أعتذر … بس مرادك ماهو عندنا ممكن مؤقتًا ، وممكن للأبد
وقف أدهم بغيظٍ وهذا الكلام كلّه لا يستصيغه، وكيف له ذلك وهو يحتاج إليها في هذا الوقت أكثر من أيّ وقتٍ آخر؟ كيف عساه الرضا بما يقوله هذا الرجل وهو يشعر أنه وحيدٌ بالقدر الذي يجعله يُخاطر ليأخذها معه؟
هتف من بين أسنانه بحدة : كلامك ما يمشي معي دام كلامها يخالفه، إذا هي تبي تكون معي مالك شور عليها
رفع عبدالله حاجبًا : تراني مسؤول عنها حاليًا
أدهم بتحدي : أنا أخوها
ابتسم عبدالله ابتسامةً لا معنى لها : بدون إثباتات ، وأنا أبوها بالرضاع
لوّح ادهم بكفه في الهواء هاتفًا بحدةٍ ساخرة : ياشييييييخ … ولو ، مالك عليها صلاحيات
وقف عبدالله بهدوءٍ ليقول بنبرةٍ مُنهيةٍ للنقاش : انتهت الزيارة ، أتمنى تطلع من هنا
زمّ شفتيه في حنق، وحين همّ بالرد بصوتٍ عالٍ سبقه عبدالله الذي هتف بغلاضة : على فكرة، أبي منك إثبات إنك ولد رقيّة وعبدالله ، يعني بيكون الوضع مختلف لو ..
قاطعه أدهم ببرود : فاهمك … بس رقيّة ماهي أمي، هي مرة أبوي، والوالدة الله يرحمها صارت عند اللي خلقها
صمت عبدالله للحظاتٍ وعيناه ضاقتا، ثم عضّ طرف شفته وهو يهتف بحذر : وإلين تدري؟
رفع أدهم كتفيه مُجاريًا له : وأنا شدراني بعد! كل أسئلتك هذي ما تهمني، واترك إلين تنزل ، كلامك ذا لا يودي ولا يجيب
ضوّق عينيه دون رضا، ثم هتف : تدري وش معنى كلامك؟ هالشيء بيخلي الوضع مختلف، ممكن تكون تهمة أبوك صادقة وإلين ماهي بنته، هنا ماراح تكون أخوها ولا لها حق عليك
ارتفعت زاوية فم أدهم في ابتسامةٍ ساخرة، مللٌ أصابه من هذا الحديث الذي لا طائل منه، وكلّ ما يريده هو تلك، أن تذهب معه، وهذا الرجل يبدو أنه لن يُسهل عليه الأمر.
هتف بفحيحٍ أشبه بفحيح الأفعى، بصوتٍ اتضح به فقدان الصبر : طيب .. أشوفك حاشر خشمك بزيادة، بس ماعليه، بنعطيك على جوّك
إذا تبينا نتقابل بكرة ونتأكد في المستشفى فما عندي أي مانع، بالعكس، راح أتسلى كثييييير
رفع عبدالله حاجبًا : الموضوع ما يحتمل تسلية ، وواضح إنّك إنسان غير مبالي وهالشيء ما يحمسني أعطيك بنتي
ضحك أدهم بخفوتٍ ساخر، ومن ثم هتف : وكأني جاي اخطب، مو جاي آخذ أختــي
شدد على الكلمة الأخيرة ليهتف عبدالله بصوتٍ استشعر أدهم منه فقدان الأعصاب : لو كان هالشيء حاصل ، ماكنت بتشرف أعطيك وحدة من بناتي
ضحك أدهم بصخب، ثم رفع إحدى كفيه يغطي بها عينيه ورأسه يتحرك يمنةً ويُسرةً أثناء ضحكه. بينما عبدالله بقي صامتًا ينظر إليه ببرود، لا يرتاح له، والآن أصرّ على منع إلين من الذهاب معه، ولو دفعه ذلك للقسوة عليها.
نظر إليه أدهم بتحدي بعد أن أنهى نوبة ضحكاته، وبكلمةٍ واحدةٍ ارتفع بها الأدرينالين في جسد عبدالله : متأكد؟؟؟
شد عبدالله على أسنانه يكبح انفعالاته قبل أن يندفع ليلكمه على فمه الوقح ويُكسّر أسنانه، أيعقل أنّ إلين كانت لتذهب مع رجلٍ كهذا؟ أيعقل أنها كانت لتعيش مع شخصٍ وقح ولا مُبالي كأدهم؟؟؟
هتف بحدةٍ والإستفزاز تجلى على صوته : احترم نفسك يا أدهم، ما ودي أغلط عليك في بيتي
تحرك أدهم دونَ مبالاة، ثم هتف بجملةٍ واحدةٍ جعلت عبدالله يقرّ بطيشه وعدم مسؤوليته : شوف لي طريق


,


الواحدة ظهرًا.
سحبت النقاب ومن ثمَ الخمار وهي تشعر بالإرهاق والقرف من نفسها، بقيت تنتظر طويلًا تحت الشمس حتى جاءها سيف، ومن عظمة غيظها صرخت في وجهه حين صعدت للسيارة : زميلاتي مستغربين ليه ما أروّح مع سواق دام زوجي مشغول بدوامه ، ساعة أنتظرك حتى إنّي رفضت أروّح مع وحده منهم والسبب نفسه ... انت
وقتها لم يلفظ بحرفٍ وتحرك مُبتعدًا عن الروضة، حتى وصلا إلى المنزل ليُمسك عضدها قبل أن تنزل هادرًا بهمس : لو ما رفضك للروحة مع زميلاتك كنت كسرت راسك على صراخك في وجهي .. بس هالتصرف الحكيم منك شفع لك
لم ترد عليه وقتها بل سحبت نفسها ببطءٍ لترتجل عن السيارة وتدخل، والآن هاهي لا تريد سوى الدخول للحمام والتنعم باستحمامٍ مُنعش، لذا أخرجت ملابسها لترميهم على السرير وتدخل مباشرةً حين سمعت صوت الباب الخارجي للجناح، فهي لا تريد الإصطدام معه.
دخل هو ليكون دخوله في الوقت ذاته الذي اطبقت فيه باب الحمام، ليبتسم بسخريةٍ ثم خلع ثوبه وعلّقه، ومن ثمّ اتجه للسرير ليرمي بجسده عليه وهو يشعر بأنّ جسده مرهق، ولم يلبث سوى دقائق حتى غرق في نومه.
خرجت بعد مدةٍ وهي تجفف شعرها، ثم اتجهت للمكان الذي رمت فيه ملابسها لتنتبه لجسده النائم بإرهاقٍ بادي على ملامحه بالرغم من نومه .. اقتربت منه ببطءٍ ثم رفعت اللحاف لتُغطيه عن التكييف البارد، وتبقى بحنانها وطيبتها معه بعد كل شيء، وليته يستحق.
توقفت يدها عند صدره فجأة، وعيناها تعلقتا بملامحه، تعلقتا بتضاريس وجهه القاسية، حاجباه ليسا في استرخائهما، حتى وهما نائمان لا يفكان تعقيدتهما، وكأن الغضب والقسوة لا يبارحانه حتى في منامه، أيحلم أنه يخاصمها أيضًا في حلمه؟؟
كشرت بغيظٍ لتلك الفكرة، ولمَ لا! فهي تتوقع أيّ عجبٍ منه، تتوقع أيّ أمرٍ فهو سيف، رجل العجائب في الغضب والقسوة.
تأفأفت بضيقٍ وهي تمرر سبابتها على حاجبيه مرارًا ومرارًا، وكأنها بذلك تريد منهما أن يسترخيان، أمثله يسترخي جزءٌ منه وهي التي بالرغم من أنها تغرقه في حبها إلّا أنه يبقى كما هو، بقسوته وبجاحته!
سحبت يدها فجأةً وهي تهزّ رأسها دون فائدة، وأنت يا سيف الذي لا يرضيك شيء، لا يرضيك سوى العنجهية والسيطرة، امبراطورٌ أنت في القسوة، سيد الحضور والجاذبية حين تكون متواجدًا.
زمت شفتيها بقوةٍ وهي تتراجع فجأة، بحنقٍ من نفسها التي اتجهت لمحورٍ آخر في خضم قهرها منه.
ابتعدت عن السرير ثم مدت يدها لتتناول ملابسها التي كانت متطرفةً في السرير ثم خرجت بعد ان أغلقت الأنوار.


,


عاودت العناد، والجوع انتصر عليها حتى رمت باتفاقهما وأوامره عرض الحائط، لتخرج من الجناح مُتجهةً لأقرب مطعم، لم تطل في خروجها لخوفٍ غريبٍ دفعها للعودة بعد ساعةٍ تقريبًا، ربما خوفٌ من غضبه، بل بالتأكيد لذلك.
اليوم تأخر في العودة، وخروجها كان في الثانيةِ والنصف، والآن الساعة أصبحت الثالثة والثُلث، بالتأكيد سيكون عاد، أو ربما اقترب من العودة، وكم تتمنى أن يكون الخيار الآخر.
زفرت بارتباكٍ حين أصبحت أمام باب الجناح، ثم أغمضت عينيها لثوانٍ قبل أن تفتحهما وترسم عليهما إصرارًا وقح!
ودائمًا ما يتجلى هذا السؤال في عقلها، لمّ تخاف منه؟ ما معنى أن تخاف منه إلى هذا الحد؟
زمّت شفتيها ثم أخرجت المفتاح الآخر من حقيبتها، مفتاحٌ تحمله هي ونسخةٌ أخرى يحملها سلطان . . فتحت الباب، ثم دخلت بحذرٍ وهي تتمنى ألا يكون متواجدًا، لكن خاب رجاؤها.
توقف في مكانها للحظاتٍ وهي تراه جالسًا على إحدى الأرائك، ينظر لهاتفه بغضبٍ وشتائمٌ لشخصٍ مجهولٍ تسللت إلى أذنيها.
ابتلعت ريقها، يبدو أنه في مزاجٍ سيء، ورؤيته لها لا يصبّ في صالحها، لكن من المحال أن تدخل دون أن يراها، لذا من الأفضل أن تبدو أشد قوة.
لم تطل في تفكيرها، فهو قد شعر بتواجدِ أحدٍ ما ليرفع رأسه، وما إن رآها حتى قطب جبينه باستغرابٍ للحظات، يحاول تحليل سبب دخولها الآن، وسبب حملها لحقيبةٍ في يدها . . . خرجت دون إذنه!!!
ثم سرعان ما جحظت عيناه بغضب، وهو الآن غير مستعدٍ لأي استفزازٍ من أي أحد.
هتف من بين أسنانه بوعيد : وين كنتِ؟
أدركت انه للتو عاد، ولم ينتبه بعد لعدم تواجدها حتى رآها، تمنت لو أنها عادت قبل لحظات، لو أنها فقط أسرعت قليلًا، وفي ماذا تفيدها لو! هاهو الآن متواجدٌ أمامها، يستجوبها بعد أن علِم بخروجها، وهي يجب أن تكون اكثر ثباتًا و - وقاحة -!
حركت يدها في الهواءِ دون مبالاةٍ وهي تجيب ببرود : رحت أتغدى
انتفخت أوداجه، وعيناه كانتا مُشبعتان بالشرّ كفايةً قبل دخولها، والآن ازدادتا شرًا، جاء الآن من يفرغ غضبه به، جاء هذا الشخص بقدميه، هي من جنت على نفسها بتصرفها الأهوج، ولتحتمل ما سيصيبها.
وقف بهدوء، لتنتشر رعشةٌ طفيفة في جسدها، لا يبدو بحالٍ طبيعية، عيناه ليستا بعينيه التي اعتادت، نظراته تحمل آخر غير سلطان الذي اعتادت … مابه!!!
ارتباكٌ هزّ جسدها في رعشةٍ خائفة، تحركت بسرعةٍ تنوي الذهاب لغرفتها، بخوفٍ اتضح في عينيها أخيرًا لتختفي وقاحتها الأولى، بذعرٍ جعلها تتحرك آليًا تنوي الهرب .. لكن لا . . . وصل إليها الوحش.


,


تتحدث في الهاتف بحرج، ومن تُحدثها الآن هي ام زوجها، أو من الأفضل القول، - أم زوجيها -
قطبت جبينها وهي تشعر بالحقارة لتفكيرها بهذا الشكل، لكن ماذا بيدها؟ هم من أجبروها على هذه الأفكار الساقطة، هم من جعلوا منها خائنةً لاثنين.
عضت طرف شفتها وهي تهمس برجاء : لازم خالتي؟
علا بإصرار : أكيد .. والا شتبغين الناس تقول عن شاهين؟ ما جاب لمرته شبكة؟
تنحنحت بارتباكٍ وفكرة أن تذهب معه تؤرقها، يكفي تلك المرتين ولا رجاء عندها لتُعيدهما، مرةً خرجت معه ليتناقشا كما يسميها هو، وأخرى حين أخذها للمشفى، ولا داعي للقول بأنّ كلاهما - مأساةٌ - في زحزحة ذاكرتها ومشاعرها بشكلٍ غير لائقٍ كونها مُتزوجة.
أسيل بهمس : طيب خليه هو يآخذها بذوقه، مو لازم ذوقي
علا بإصرارٍ أشد : قلت مع بعض .. كذا أفضل وأضمن لرضاك
أسيل بصوتٍ يائس : ضامنه ذوقه
علا : وكأنك تعرفيه؟؟
تنهدت باستسلام، وكم تكون ضعيفةً حين يصبح الكلام مع أعزاء على قلبها كوالدة متعب!
يا الله! . . حتى عند تلك النقطة هي خائنة، هي والدة شاهين أيضًا فلا داعي لتفكيرها العنصري الآن، لا داعي ليكون تفكيرها محصورًا في نقطةِ الماضي.
لكن ما عساها تفعل؟ ما عسى أن يكون بيدها إن كان ماهو ملكٌ لشاهين يكون ملكًا لمتعب أيضًا؟ وما ذنبها إن كان تفكيرها بمتعب يحتلّ مساحةً أكبر في عقلها!
تعبت يا الله بالقدر الكافي لتكون حقيرةً في عين نفسها أكثر من عين غيرها، تعبت من جفاف تفكيرها الدائم في شاهين كصحراءٍ خاويةٍ من الماء، بينما متعب واحة! واحةٌ معطاء، يحتل تفكيرها لتبتسم، وإن كانت ابتسامتها في أغلب الوقت حزينة، إلا أن ذكراه تكفيها لتبتسم.
همست بضعفٍ واستسلام : أبشري يا خالتي … لك اللي تبينه، إن شاء الله أكون جاهزة قبل لا يمرني
ابتسمت عُلا برضا، ثم ودعتها لتُغلق الهاتف وابتسامةٌ واسعةٌ ارتسمت على شفتيها، وفي تلك اللحظة كان شاهين يدخل ويلقي السلام، لترد عليه بلهفةٍ ابتسم لها، وسعادةٌ عشوائيةُ المدى تُغلفه حين يرى التجاعيد حول فمها وعينيها تزداد لابتسامتها، أوليست أجمل النساء في عينيه؟ أو ليست الدنيا بما فيها؟
والأم سعادةٌ لا اثنان لها، حلمٌ في صحوةٍ لا منام، معزوفةٌ ترددها كناري السعادة والحنان.
وأنتِ أيتها الأمُ سعادةٌ سرمدية تحجّبت بالحنان.
شاهين بابتسامة : وش عندك يا الغالية؟ أشوفك مبسوطة


,


بظاهر كفها تُغطي عينيها، والكمادات التي كانت على جبينها سقطت بجانب رأسها على الوسادة، تتنفس من فمها المفتوح ونومها مُتذبذبٌ للإرهاق الذي تشعر به.
شعرت به يجلس بجانبها، لكنها لم تبدي أيّ ردة فعلٍ تثبت أنها شعرت به، ليس تجاهلًا بقدر ما كان إرهاقًا للحد الذي جعلها لا تنظر لوجهه حتى.
نظر إليها للحظات، ثم مد كفه ليُلامس عنقها بظاهر أنامله، بينما هي ارتعشت لبرودة بشرته بالنسبة لها، وشعورٌ غريبٌ داهمها.
هذه الكف! ليست كف فواز! ليست لفواز، إنها أخرى غير ملمس كفه … هذه الكفُّ ذات ملمسٍ خاص، ناعمةٌ في وطأتها على قلبها، حنونةٌ في مسحها على الجراح … تعرفها، تعرفها جيدًا وكيف عساها لا تعرفها وهي كفه، كف والدها!!
نبضَ قلبها بقوةٍ وحنين، وأمانٌ عجيبٌ غلف روحها، أمانٌ لا يشعر به المرءُ إلّا مع من لهم مكانةٌ خاصة، خاصةٌ جدًا لا ينالها أيّ بشري.
شعرت بأنّ دموعًا احتبست داخل عينيها، أحرقت مغلتيها، وغصةٌ داهمتها اشتياقًا لجوّ العائلةِ الذي فقدته بما اقترفته يداها، لكنها وبالرغم من شوقها له لم تفتح عينيها، لم تنظر إليه ولم تبكي في أحضانه.
يا الله، كم أن وجع هذه اللحظة بات قويًّا على قلبها، كيف عساها تحتمل أن تكون بقرب من تحب ولا تستطيع أن تنعم بحنانه؟ كيف عساها احتمال هذه الفجوة التي تمتد وتمتد دون توقف؟
استدار يوسف إلى فواز هاتفًا بقلق : ما أخذتها للمستشفى؟
فواز بهدوءٍ ويداه مُكتفتان أمام صدره : توني كنت راجع آخذها قبل لا ألاقيك في طريقي
أعاد يوسف نظره إليها ثم إليه في قلقٍ واضح : قست درجة حرارتها؟
أومأ فواز ثم لفظ : 38 ونص، ويمكن خفّت بعد الكمادات
تنهد يوسف لينظر لابنته مطولًا، هل كان قراره خاطئًا حين تركها؟ هل آذاها بذلك أم العكس؟ لمَ يرى الذبول نحت وجهها أكثر من ذي قبل؟ ولمَ يستشعر الضعف في ملامحها؟
تهدل جفناه وهو يعضّ طرف شفته بتفكيرٍ عقيم، يثق بفواز كثيرًا، لكن أتكفي الثقة؟ أتكفي تلك الثقة ليجعلها في عهدته؟ أتكفي ليتوكل عليه في رعايتها؟
تنهد بضيقٍ وهو يشعر بأن الأفكار تتأجج في رأسه دون أن تنطفئ، دون أن تريحه بزوالها أو ركودِها.
انحنى قليلًا ليُقبّل جبينها بحنانٍ بالغ، وهي كانت تُحاربُ غصاتها بأقصى ما تملك من طاقة، بأكبرِ قدرٍ من الكبرياء، أوليست هي التي طردها وقلعها من جذور حياته؟ إذن لمَ قد تبكي الآن أمامه؟ ولمَ قد يهتم هو لها بعد كل ما فعل؟
بقيت على سكونها حتى ابتعد، ثم استدار لفواز بهدوءٍ ليهتف : انتبه لها يا فواز تراها غالية
فواز : لا تحاتي يا عمي … في عيوني
صمت قليلًا وهو يُشتت نظراته، ثم عاد ينظر إليه ليردف : يعني منت ناوي …
قاطعه يوسف : قلت لك من قبل … هذا أفضل لها
تنهد فواز بيأسٍ وهو يومئ برأسه دون معنى، بينما تحرك يوسف ينوي المغادرة، بعد أن نظر لجيهان المُتصنعة للنوم لثوانٍ ومن ثمّ ذهب ومن خلفه فواز.
اجتذبت الأكسجين بنهمٍ لتطلق لدمعاتها العنان، وكفها ابتعدت عن عيناها لتتابع باب الغرفة المفتوح دون أن يكونا أمام مرأى عينيها. غالية؟ أيقول أنها كذلك في قلبه وهو الذي لا يفهم معنى الكلمات؟ لا يؤديها حقها الكامل ولا يُدرك المعنى الكامن خلفها؟
وكيف عساها تكون غاليةً على قلبه وهو آذاها بأشدّ ما يمكن؟ كيف عساها تكون ذا مكانةٍ عنده وهو الذي أبكاها حتى هذه اللحظة؟
والوجع لا يكون أشدّ إلّا إن كان سببه عزيز، لا يكون أشدّ إلا إن استسهل إطلاقه قريبٌ كـ - أب -


,



صرخت بصوتٍ مكتومٍ وهي تشعر أنّ قبضته ستحطم عضدها لا محالة، كان غاضبًا بالقدر الكافي ليفقد عقله في هذه الأثناء، غاضبٌ بالقدر الكافي لينتشل الأمان من روحها ولينتشل كل فكرةٍ في رأسها تنمّ عن اختلافه، كان غاضبًا بالدرجة الكافية ربما … لضربها!
همست بألمٍ والذعر يرتسم على ملامحها، بصوتٍ لم يخفى عليه الندم، وكم تمنت في هذه الأثناء لو أنها تحاملت على جوعها ولم تخرج، لو أنها لم تُيقظ وحشًا كالذي أمامها : سلطان … قاعد تعورني
شدّ على عضدها أكثر غيرَ مُبالٍ بألمها، والغضب المُتصاعد داخله انعكس سلبيًا على تصرفاته، على نظراته، على ملامحه التي باتت مرعبةً لعينيها.
زمجر بغضبٍ وصوتٍ فقد حلّته التي كانت في الأيام السابقة : غلطتي وقت عصيتيني في يوم مثل هاليوم
ابتلعت ريقها بصعوبةٍ وهي تشعر أنها تبتلع أسيدًا من شدة حرارة الخوف التي باتت تسري في جسدها، إنه مرعب! مرعبٌ حين يغضب، تشعر انه ليس من البشر في نظراته، وكأن الشرّ كلّه كمن في عينيه، وكأن الخير تلاشى، وماذا كانت تظن؟ أكنت تعتقد أن هناك خيرًا فيه؟
كانت تعلم منذ البداية أنّ طيبته لم تكن سوى تمثيلٍ أحمق، لم تكن سوى تصنعٍ منه، والآن هاهو يثبت كل ما كانت تُدركه منذ البداية.
لم تكن تقدر على النظر لوجهه مطولًا، لذا كانت نظراتها مُتمركزةً في الأسفل وضعفٌ أصاب جسدها، تُريد الهرب، تُريد الإبتعاد عنه، لكن كيف عساها ذلك وقبضةٌ حديدية تُكبّلها.
مضت الثواني في صمتٍ مُهيبٍ، فقط أنفاسها الخائفة وأنفاسه الغاضبة ما يشرخان السكون، لمَ هو صامتٌ الآن؟
قطبت جبينها باستنكار، لكن لم يكن لها الجرأة لترفع رأسها وتواجهه بنظراتها الخائفة والمستنكرة، لم تكن لها القدرة لتنظر في ملامحه، بينما هو تحولت نظراته الغاضبة إلى ملامحها فقط …. باشمئزازٍ ونفور.
ترك عضدها فجأةً بعد أن كادت تفقد شعورها بتلك المنطقة، ويده الأخرى اندفعت بخفةٍ ليقبض على فكها بقسوةٍ رافعًا لرأسها حتى تواجههُ بعينيها اللتين اتسعتا صدمةً وذعرًا، وكم بدا الإرتعاش على شفتيها مُثيرًا للشفقة، لكن ليس له وفي هذه الأثناء.
سلطان بغيظٍ وهو ينظر لملامحها السمراءِ بكرهٍ عجيبٍ ظهر بعد الذي واجهه في يومهِ هذا، ظهر لاتصالها بمن كان لهم الذنب لما هو فيه : كنت غبي … يوم قلت مالك ذنب، مالك علاقة باللي اقترفه غيرك ، وما كنت حاسس بطيبتي البايخة اللي خلتني ابتعد كثير عن حقيقة كونك …. دمك من دمهم!
زمت شفتيها تحاول قمع ارتعاشهما، ثمّ أغمضت عينيها بقوةٍ وهي تحاول دفع خوفها منه، لمَ تستمع إلى كلماته دون أن ترد؟ من يكون هو ليُخرسها ويجعلها تبدو بهذا الضعف المُثير للشفقة أمامه.
عادت لتفتح عينيها، ونظراتها تحولت من خوفٍ إلى تحدٍ كاذب … كاذبٍ فقط بينما الخوف لازال ساكنًا في قلبها.
غزل ببحة : من دمهم؟ قصدك من دم أبوي بس … بينما الدم الثاني انت اللي حامله، دم سلمان!!!
شدّ على فكّها أكثر لتتأوه ألمًا، وملامحه أصبحت أكثر احتدادًا وقسوة، أكثر نفورًا منها.
غزل بحدةٍ مُتألمة : بعد يدك
عضّ طرف شفته وهو ينفضها بعنفٍ عن قبضته، وبحدةٍ غاضبة : انقلعي غرفتك
مسحت على فكها بألمٍ اتضح على ملامحها، ثم نظرت له بقهرٍ ليُعيد من بين أسنانه : انقلعي غرفتك قبل لا أغلط وأمد يدي عليك!
تحولت نظراتها لازدراءٍ قبل أن تلفظ بحقد : ما يهمني تمدها أو لا … لأني صرت واعية ومؤمنة إنّ بهالعالم ما عاد فيه رجاجيل
رفع حاجبه دون أن يرد، بينما صدّت عنه لتتجه لغرفتها وحقدها هذه المرّة تضاعف، وقد أيقنت بعد ما حدث الآن أنّ لا رجاء في أيّ آدمي.
كلهم من نفس الصنف، مخلوقاتٌ بشعة لا رحمة في قلبها، بل لا قلب لها من الأساس، عاشقون للسيطرة مُحبون للهيمنة، مخلوقاتٌ تعشق الإمتلاك ساديةٌ لا أمل في طيبتها.
وسلطان غير مختلفٍ عنهم.


,


تقف أمام الخزانة بشرود، دون أن تكون منتبهةً للصوت المُنادي لها، الساعة الآن أصبحت قرب السابعة والنصف مساءً، ويداها المُتلهفتان تتفقدان ما قد يُثبت حملها لجنينٍ ما في رحمها من عدمه.
فقدت الإنتباه وخيالها ذهب للبعيد، وفي تلك الأثناء وفي غمرة انشغالها بخيالاتها دخل سيف : وينك؟ ساعة أناديك؟؟؟
انتفضت فجأةً وشهقةٌ خافتةٌ تسللت من بين شفتيها، وقد كان ظهرها في تلك الأثناءُ يواجهه، لكن إن اقترب، فسيرى مافي يدها بالتأكيد.
يا ويلها! سيموت حلمها في مهده إن هو كشفها الآن، ستنتهي سعادتها إن هو علم في هذه الأثناء.
الهواءُ خانها حتى باتت تشعر بالإختناق، لا أكسجين اندفع إلى رئتيها، الخوف باغتها ليحتلّ قلبها، عيناها اتسعتا ذُعرًا.
عُد، عُد من حيث أتيت، لا تقترب الآن … لا تقترب!!

.

.

.

انــتــهــى
اللهم لا إله إلا أنت سبحانك إنّي كنت من الظالمين

إن شاء الله يحوز هالجزء على إعجابكم
مع إنّي راجعته بس حاسة إن باقي فيه أخطاء إملائية فادحة




ودمتم بخير / كَيــدْ !



 
 

 

عرض البوم صور كَيــدْ  
قديم 21-09-14, 02:52 AM   المشاركة رقم: 150
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jun 2014
العضوية: 267722
المشاركات: 575
الجنس أنثى
معدل التقييم: كَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 947

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
كَيــدْ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كَيــدْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر القيد التاسع عشر

 




كدوووو انا احبك....
عنجد البارررت الاسبوعط افضل بكثير من بارتات شبه يوميه.. وكميه الاخداث فيها افضل بكثيييير.. احس في هالبارت استمتعت اكثر بكثير من ااببارتات القصيرة... هههه ومش راح اقول ولا شي عن ديما وسيف>>>فيسي المؤدب..
- الحمدلله إنّه في عيونكم أفضل :$ ههههههههههه زين خليك على فيسك المؤدب طول محنا في الرواية أوكي! <- فيسي المتعجرف لوووول

اول شي نجي لجيجي وفواار : فوواز بدا بالمعاتبه الخين.. صحيح ان رفض جيجي للتبليغ عن السايق صعب بس مو لدرجه بشك فواز فيها!! الحادثة ه صعبه عليها جددددا ورفضا ما كان الا لخووفها الشديد لا أكثر .. وفواز كان لازم يتفهم هالشب
- بديهيًا لو بنت قامت تدافع عن شخص تحرش فيها اول شيء بيخطر في بال أي أحد إنها متعاونة معه أو لها دور في تماديه
وطبيعي إنّ فواز بيفكر بهالشيء قبل خوفها


سليماااان: مممم يمةن في البارتات السابقة كنت متأمله خير في سليمان اما الخين فانا اتاكدت ان سليمان مجررم خطير ما ليهمه الا حااله.
سلطان:الله يصبرك على مصابك يا اخي... بس تسمعش لكلام سليمان بقوله امك ضعيف.. هالمشاعر اللي انت بتمتع بها هي الشي الوحيد اللي بيفرق بين الانسان وبين مجررررم قااتل زي سليمان.. اذا انعدمت الرحمة في قلبك ايش راح يفرقك عن سليمان وقتها؟!!!.
غيدا: هالبنت لازم حد يوعيها فبل ما تروح فيها من ورا ساارة وغيرها

الين : الله يصبررك ويعينك.. يا خوووفي يخيب املك ادهم عالمزبووط..
جنان: اذا صاحب العينان المخيفتان خالها.. شو السر ورا اللي حكاه ابوها... وليش هالخقد كله بعيون خالها.....
شااهين: ياعيني يا برنس لما تبدا اتكتك وتخطط هههه حلال عليك والله...
ارجوان&عنااد: هنوو احس انك بتجنبس الحكي عنهم عشان لما يلتقوا رااح ياكلوا الجو عن كل اولادك فانتي الحين متجنبيتهم لحتى يجي وقتهم>>> فيس مصر انهم كابلز
- هههههههههههههههههه والله إنّ أرجوان هذي زوجتوها لأكثر من شخصية في الرواية
خلاص عافت الزواج على هالحال ههههههههههه

ديمة يا قلبي زياد طفل ما له ذنب بالكراهية اللي بتشعريهد رجاهه.. كله من ابووه هههه انتي موجهه مشاه ك للاتجاه الغلط.. يعني بدال ما تكرهي زياد اكرهي ام او حتى ابو زياد >>>>فيس اصلاح ذات البين خخخخخخخ
- ههههههههههههههههه مالت على فيسك الإصلاحي
الحين تبينها تحب ولد الناس وتكره زوجها؟؟
يا شين اصلاحاتك بس :""


كدو بجد استمتعت جدا بقراءه بااارت اليوم..
وهالبارت الاسبووعي كان لازم يكوون من زمان عشان يكون للاحداث طعم اخر...
بانتظار القادم
تقبلي مروري
سلاااام

أهم شيء استمتعتي فيه
وعليكِ سلامٌ من قلبي - قلب -

 
 

 

عرض البوم صور كَيــدْ  
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
ليلاس, لغز, أكشن, القدر, الكاتبة كيد, انتقام, يوسف, رواية رومانسية, سلطان, غموض, عانقت, قيود, كيد
facebook




جديد مواضيع قسم الروايات المغلقة
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t195238.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
Untitled document This thread Refback 02-10-16 06:32 AM


الساعة الآن 06:39 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية