لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > الروايات المغلقة
التسجيل مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

الروايات المغلقة الروايات المغلقة


 
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (1) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 27-09-16, 01:24 PM   المشاركة رقم: 936
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jun 2014
العضوية: 267722
المشاركات: 575
الجنس أنثى
معدل التقييم: كَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 947

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
كَيــدْ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كَيــدْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر

 

لما قلت بينزل البارت على جزئين قصدت على مشاركتين :/ استغربت وأنا أشوف البنات يسألوني متى الجزء الثاني وجاء ببالي البارت الجاي ، بس بعدين ظنّيته كالعادة ما يطلع بسرعة لبعض البنات ويظنونه ما نزل . . غريبة ما وصل البارت كامل وبالمنتدى المجاور بعد ! مو معقول انحذف بالاثنين !!

عمومًا ما علينا يمكن مشكلة من عندي ، بس أرجع من الجامعة وبنزل اللي بقى من البارت إن شاء الله، بنتبه في المرات الجاية وبشيّك أكثر من مرة . .

 
 

 

عرض البوم صور كَيــدْ  
قديم 27-09-16, 03:41 PM   المشاركة رقم: 937
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jun 2014
العضوية: 267722
المشاركات: 575
الجنس أنثى
معدل التقييم: كَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 947

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
كَيــدْ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كَيــدْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر

 







سلامٌ ورحمةٌ من اللهِ عليكم
صباحكم / مساؤكم طاعة ورضا من الرحمن
إن شاء الله تكونون بألف صحة وعافية



وشكرًا لتواجدكم، شكرًا لكلماتكم الطيبة سواءً بالمتصفح أو خارجه، شكرًا للروايـة اللي جمعتنا .. إن شاء الله أكون دائمًا عند حسن ظنكم والله يكتب لي التوفيق والوصول للنهاية بسلام ويجعل هذهِ الرواية شاهدة لي لا علي :$$ ،


بسم الله نبدأ ، قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر، بقلم : كَيــدْ !

لا تلهيكم عن العبادات


(82)*1



سابقًا وفي ساعةٍ مُبكّرةٍ من الصباح، نظرتْ لعينيها بحزمٍ لترتبك جيهان تلقائيًا أمام نظراتِها، جـاءها سؤالٌ مولّفٌ بالثقة، لم يكُن سؤالًا في الحقيقةِ بل كان تقريرًا للواقع : تعصبين كثير !
جيهان تعقدُ حاجبيها قليلًا وهي تُشتت عينيها : لا.
رفعَت ندى حاجبها الأيسر : تكذبين عليْ بعد؟
جيهان بضيقٍ تُجعِّدُ ملامِحها : هوّ أنا أقدر ما أعصب؟ حتى الهواء من حولي مستفز.
ابتسمَت ندى رغمًا عنها : شدعوى؟ حتى الهواء ما يستاهل يعصبك.
جيهان وكأنّها كانت تنتظرُ ما تنفجِرُ به، عقدَت حاجبيها بضيقٍ قبل أن تندفعَ برونقِ الحكاياتِ التعبيريّةِ عن استفزازِ اللحظـاتِ لها : كل شيء ما يستاهل بس كل شيء بعد قاعد يلعب بأعصابي وهو ما يستاهل . . حسبي الله بس.
حملَتْ يدها قلمًا لتبدأ بتدويرهِ بين أصابعها تلقائيًا وهي تضيّق عينيها : تقدرين ما تعصبين يوم كامل؟
رفعَت جيهان حاجبيها : أي طبعًا أقدر وش شايفتني؟
ندى بابتسامة : أجل من بعد ما تطلعين من عندي لا تعصبين ولا تتنرفزين من أي شيء وبكرا بسألك لو قدرتِ هاه !
استفزّها التحدِي في صوتها، ليس هو وحسب بل حتى الموضوع بأكمله ، كيف قد لا تستطِيع؟ ماذا تظنّها مثلًا !! . . وافقت ، رغم أنها تثقُ بأنها لا تحتاج لهذا التحدِّي ، فهي تدرك أنها تغضب كثيرًا، لكن ليس للدرجة التي تجعل كلّ أيامها كذلك!

والآن ، تحرّكت أقدامُها من أسفلِ الطاولـة بصمتٍ وهي تحمِل الملعقةَ وتلتهمُ لقمتها، ترفعُ عينيها ليوسف الذي كان يأكل غداءهُ بصمت، لازال هناكَ حاجزٌ التهـم الحديثَ العفويّ بينها وبين والدها الذي كان متباعدًا عنها بعض الشيء، يُزعجها ذلك، لكنّها كانت السبب! كـانت السبَب ولا تُبرِّئ نفسها من كلِّ سوءاتِها ، اندفاعُها المَقيت، مهما كابَرت فتصرّفاتها تناقـض قناعاتها بأنّه مهما ابتعَد لن تفكّر بيومٍ قد تعُود فيه إليه ، لكنّها وبكل بساطة ، تناقضُ كلّ قراراتِها ، وتشتاق.
أنهَت طعامها لتنهضَ وهي تحمَد الله بخفوت، اتّجهت لغسْلِ يدها، وحين كانت واقفةً أمام المغسلـة والماءُ ينسكِب بشفافيّته على كفيها استشعَرت خطواتٍ اقتربَت منها ، حرّكت أحداقها لتسقُط على يوسِف الذي اقتربَ لتسحَب يديها بشكلٍ تلقائيّ وتبتعدُ جانبًا.
تنهّد يوسف وأغمض عينيه، وبحزم : كملي . .
جيهان تُخفض عينيها بتوتّر : خلصت.
فتحَ عينيه ليعقدَ حاجبيه بضيق، وبهدوءٍ منزعج : لا عاد تتهرّبين مني ... يضايقني هالشيء!
ابتلعَت غصّةً مسنّنةً وهي تُشيح عينيها عنهُ وترفعُ كفّها المُبلّلة لتُعانق عضدها العارِي، تقدّمَ يوسف حتى وقفَ بجانِبها، يقابِل المغسلة ويديه امتدّتا ليبدأ بغسلِهما وهو ينطُق دون النظر إليها : ما بقول أنتِ الكبيرة ، بس بقول أحب لما تكونين عاقلة وما تغلطين بهالطريقة ، كل شيء مغفور إلا هالأخطاء . . أنتِ تشوفين وقوفك والسوالف معه عادِي؟!
جيهان تُخفض رأسها وهي تشدُّ على عضدها، تنسدِل أجفانُها قليلًا لتَمسَّ شفتيها رعشـةٌ واهنـة، تلتهبُ بحرارة أحرفها وهي تهمسُ بخزي : لا . .
يوسف بهدوءٍ يبتسم، أغلق صنبورَ الماءِ ومن ثمّ استدارَ إليها ونطق : بترجعين تسوّينها؟
جيهان بخفوتٍ تدرك أنّها لا تثق بنفسها وبجنونِ اندفاعها ، لكن لا ، كمْ مرّةً يُفقدُها سيطرتها على نفسها؟ كم مرّةً يجعلها حمقـاء في تحكّمها باندفاعاتِها؟ كم مرةً تسقُط في احتراقِها أمامه وكم مرّةً تشتاقُ اشتياقًا مندفعًا إليه! كم مرةً يهزمنِي، ويخطُّ بجناحيهِ على انهزامِي!
عقدَت حاجبيها وهي تردُّ بخفوتٍ متضايق : لا.
يوسف رغم أنّه يخشى أن تكون إجابتها محضَ " لحظةٍ مُتلاشية " ومن ثمّ تتناساها ما إن تراه ، لفظَ بابتسامةٍ هادئة وهو يقرّر في نفسِه أن يتفاهم مع فواز أيضًا، ليست جيهان المُخطئة وحسب، بل حتى هو تمادى بحركاته الصبيانية ، كيف يقفُ ويحادِثها دون أن يفكّر بالذهاب والابتعاد؟ : هذا اللي اتمناه منك . . هاه تبونا نطلع نتمشّى كالعادة؟ هالمرة باخذكم لمنطقة ثانية حفظتوا هالمكان.
ابتسمَت بزيفٍ وهي تومِئ برأسها، في حينِ تناول يوسف المناديل كي يجفف يديه وهو يهتف : قولي لخواتك يجهزون متى ما خلصوا أكلهم ..


،


" هل تتّصل؟ "
سؤالٌ ألهبَ تفكيرها ، ما عُذرها السخيف؟ إن أرادات إخبارهُ بخطواتِها تكفيها رسالـة، لا تسمعُ عبرها صوتَه ، تكفيها رسالـة ، لا تتقوّس فيها شفاهُها في ابتسامةٍ من نبرتِه التي تشتاقها . . يا الله كم أنتَ بعيدٌ يا سلطان! أنتَ عنّي قابَ عينينِ أو أقصى ، لا أستطيعُ الاقترابَ منك ، مهما طمحت!
وضعَت الهاتفَ على المفرشِ الناعِم بجانبها بعد تردّدها، تنهّدت بضيق، ومن ثمّ أغمضَت عينيها وهي ترفعُ ركبتيها إلى صدرها وتحيط ساقيها بذراعيها، تسندُ ذقنها فوق ركبتيها، تنظُر للفراغِ بصمتٍ وهي تعقدُ حاجبيها بضيق، تتذكّر كل حديثها مع أمّها ومحاولاتِها للبدء من جديد في الأيـام السابقة، البدءُ من جديد ، في حياةٌ أخرى بالتأكيد ، حياةٌ واحدة، لأنّ البقيَة من معاني الحياة توقّفت عند نقطةٍ مُفردة.
تنهّدت وهي تُغمض عينيها قليلًا، من الجنون أن تتّصل بِه، لذا فالأحـرى أن ترسِل لهُ رسالةً موجزة ، تسألهُ فيها إن كان يقصِد بهذا الانفصال الغريبِ حرّيتها في كلِّ شيء !
مدّت يدها نحوَ الهاتِف وقد قرّرت ما الصيغة المرتبكةِ التي ستُرسلها إليه ، ( صرت حرّة بعد بقراراتي لنفسي؟ ) . .
ابتلعَت ريقها، ومن ثمّ حكّت شفتها السُفلى بأسنانِها وهي تضعُ الهاتف من جديدٍ وتتنهّد، حسنًا ، لمَ ترتعِش؟ هو بعيدٌ عنها - للأسف - فلمَ ترتعش؟
مرّت دقائـق عديدةً قبـل أن تسمَع تنبيهًا من هاتفها، نظـرت إليه بربكة، هاهوَ ردّ عليها ، لكن قد لا يكُون هو ، إذن ممّن مثلًا؟ . . ابتلعَت ريقها وهي تمدُّ يدها نحو الهاتِف ، حملته لتنظُر مباشرةً للرسالة ممّن جاءتها ، لتزفـر أخيرًا زفرةً مرتاحة ، وفي ذات اللحظةِ مُحبَطة! وهي ترى أنها رسالةٌ دعائيّةٌ لا غيـر . .
تمتمَت بكلماتٍ ما لم تُدرك هي بذاتِها ما كانت، ومن ثمّ مدّت يدها كي تضع الهاتف من جديدٍ على السرير ، إلا أنّها انتفضْت فجأةً بذعرٍ وهي تسمعُ صوت الرنين الذي كـان يُعلن عن اتّصـال! . . شهقْت وهي ترى اسمه ، نعم ، اسمه ، يتّصل بها عوضًا عن الردّ برسالة !!!
ابتلعَت ريقها بصعوبةٍ وعيناها تتّسعان دون تصدِيق، توقّف الزمَن لوهلـة ، توقّف على أحرفِ اسمِه في شاشةِ هاتفها، هل تردّ وتسمَح للحياة أن تدبّ فيها من جديد؟ هل تسمـح للبعثِ أن يجيء محمّلًا على قافلةِ صوته لتعودَ لتذوّق الموتِ منذُ البداية حين ينتهِي الاتصـال؟ هل تسمحُ بتجديدِ أوجاعِها؟ ، كلّ الأوجاع التي تتمنّاها مهما كانت وطأتها على قلبها صعبًا، مهما كان احتكاكُها بجلدِها مُحرقًا !!
كانت بالفعـل تهوى عذابَها، لذا ، ودون تردّدٍ .. ردّت ! . . . رفعَت الهاتِف لأذنها، ابتلعَت ريقها بصعوبة، شيءٌ من الروحِ عادَت إليها تتمّةً للحيـاةِ بعد أن قُصَّت زاويتُها، بعد أن بُتر القليلُ منها وكانت الأيام القادمـة مرحلـة القصاصِ إلى النهاية ، شيءٌ من التنهيداتِ الناعمة على مفرشِ الجوى ، على جدرانِ قلبها ، على مسامِع الاشتياق . . شيءٌ من الحيـاةِ في كنفِ ريفٍ هادئ ، لم يصخُب سوى بحبّها له . . كيف أُلجِم الهدوءَ بصخَبِك وأنتَ الريفُ الذي ناقـض مسمّاه ، الريفُ في بذخِ الطبيعةِ الخضراء ، الريفُ في هدوء ، صاخِب !
ابتلعَت عبراتها وهي تعقدُ حاجبيها وصوتُه جاءها باردًا ، متسائلًا ، دون ترحيبٍ ودون كلمـةِ " سلام " : أي حريّة قصدك؟
سلامٌ على قلُوبنا ، سلامٌ على أرواحِنا ، سلامٌ على الشفاهِ التي فقدَت نظارتها بـ : اشتقتك. تلك الكلمـة ليسَت مجرّد كلمة، تلك الكلمـة جفاف، أوراقٌ فقدَت زهوها ، تلك الكلمـة حين تمسُّ شفاهَنا تُثلجها، ومن ثمّ تنزعُ منها كلّ معالِم الحيـاة. اشتقتُك ، سلامٌ من اللهِ على صدرِي الذي ملكتَه.
أغمضَت عينيها دون فهمٍ لنبرتِه، كانت نبرةً مُستهجنة، لم تدركها في معمعةِ اشتياقها . . همسَت بخفوتٍ مختنق : أيش؟
سلطان بنبرةٍ صارمةٍ مُتّهمة : أي حرّية اللي تبينها؟ ممكن أفهم أكثر !
لحظـة ! هل .. هل يخشَى أن تقصد . . . اتّسعت عيناها بصدمة، أجفلَت ملامِحها والذهول انتزعها وقد فهمَت جيدًا ما قصده ، أيّ حريّة ، أي . . . ارتعشَت شفاهُها باختناق، ارتفعَ صدرها بعلوٍّ نُزعت منه القدرةُ على جذبِ الهواءِ ليهبطَ بحشرجةٍ وهي تهمسُ بخفوتٍ مختنق : شاك إنّي ... إنّي بكرّر اللي . .
سلطان يقاطعها بازدراء : أنتِ من جدّك تطمحين بثقتِي فيك؟
غزل بصوتٍ واهنٍ وكفّها تشتدُّ على الهاتف، والأخـرى على الفراغ! : ما أسمح لك.
سلطان بنبرةٍ مُخيفة : نعم !
غزل بصوتٍ ارتفعَ فجأةً بقهر : ما أسمح لك .. يكفي ... يكفّي سلطان !! أنا ما ألومك على ظنونك بس لا توضّحها لي بهالطريقة! يكفي إنك كنت تقذفني وكأنّك واثق إنّك ما تغلط وإنك قاعد تقول الصح! إذا ما تشوفني ضمن المؤمنات وإنّ القذف والظنّ السيء بالنسبة لك حلال احترم نفسك على الأقل.
سلطان يرفعُ حاجبًا : مو كأنّك صايرة تتمادين بالكلام معي !
غزل وكفّيها ترتعشان تجاهلت ، كيف تتجاهل؟ هي لم تتجاهـل بل كان كلّ صراخها المقهور وكلّ حسراتِها في صدرِها، يمتدُّ منفعلًا إلى أطرافها المرتعشة وصوتُها الذي لفظَ بكبت : الحرية اللي قصدتها كل شيء! لو فكرت أكمل دراستي أشتغل أو أي شيء ثاني أبيه . .
سلطان ببرود : وش المقصود برسالتك طيب يا ستّي . . الدراسة أو الشغل أو أي شيء ثاني !
ابتلعَت مرارتها من صوتِه المستخفّ بها ، وباختناق : بشتغل.
سلطان : وشو؟
غزل : مع أمّي ، هي مصمّمة وعندها بعد مشاغل وتبيني أشغل وقتِي معها.
سلطان بنبرةٍ تُشعلها بالحِزن في عدمِ مبالاته : ما يضر.
غزل بنبرةٍ واهيـة، تريد أن تطيل وقت سماعِها لصوتِه رغم كل شيء، رغم إيلامهِ لها، تريد سماعه ، سماعه ، إلى أن ترتوي أسماعُها من نبرتِه : يعنِي أقدر أكون حرّة بشكل نهائي؟ ما أعلمك عن شيء صح !
سلطان باستخفافٍ يبتسِم : أنتِ وش تتمنّين؟
غزل بخفوتٍ تُخفض نظراتها ورموشها ترتعشُ رعشةً سريعة : اللي تشوفه أنت.
سلطان : بكون وقتها مرتاح من حنّتك ، عشان كذا حياتِك لك مثل ما قلت قبل ، مالي شيء فيها غير إنّي بقيدك باسمي وما تطلعين من الزواج بالربح اللي تبينه.
شتت عينيها بضيقٍ وهي تقبضُ كفيْها بقوّة، إن كان سبب سؤالها لهُ واستشارته بالموافقة قبلًا خوفًا من غضبه إن فعلت ما تريد دون موافقتهِ فلمَ تضايقت الآن حين فكّ الحبـال الباقية ووجودُه في تفاصيلها الصغيرة؟
همسَت دون تعبير : ظنّك بتستمر بدون ما تطفش وتطلّقني؟
سلطان : عشان ما أطفش أنا أحلِّك من تدخلي بقراراتك .. قلت لك بتكونين شيء مرتبط فيه اسمًا وماله تأثير بوجوده.
عقدَت حاجبيها وهي تهتفُ بغصّة : شيء !!
سلطان تململ : تبين شيء ثاني؟
كتمَت شهقَة خيبةٍ مُختنقةٍ وهي تقوّس فمها للأسفلِ بحسرة ، يرتعشُ ذقنها لتصطكّ أسنانها ببعضها أسًا وحُزنًا ، ومن ثمّ تهمسُ بصوتٍ حاولت جعله طبيعيًا إلا أنه وصل لمسامِع سلطان متباينًا بضيقِه أشدّ التباين : سلامتك.
أغلقَ دون أن يُضيف شيئًا لتُغمـض عينيها بقوّةٍ وهي تتركُ لشهقتها تلك أن تُخلقَ من الكبتِ انفجارًا من أنينٍ تالِي، شدّت على أجفانِها كستارٍ ثبّتتهُ خيوطٌ سوداءُ بالنافذةِ بعد أن اخترقَت زجاجها دون تحطيمها، خيوطٌ مسمومـة، نزفَت باحمرارِها في أجفانِها ، مُعلنةً انتهاءَ قصّة تأمّل سحابٍ تائِه من عينيْ طفلةٍ ضاحكة . . الغريبُ أنها تشعُر ببوادِر البُكاء، لكنّها لم تبكِي! الغريبُ أنها لم تعُد تبكِي، وفي الأيام التي رحلَت لم تنزِف مقلتيها بدمعة! هل جفّت أرضُ حزنها من العطاء؟


،


تجاهـل صرخاتِ اعتراضها المُختنقـةِ وهي تحاولُ دفعهُ عنها بينما كان هو قد أمسك كتفيها ليثبّتها مِنهما على البابِ وهو يبتسم : وين بتهربين منّي؟
إلين بغضب : ابعد ، أنت وش؟ مراهق !!
أدهم يبتسمُ باستفزازٍ لها : مراهق في سبيل الحُب ، تعرفين يعني الحب يخلينا مراهقين.
إلين بقلّة صبر : مو وقتك أدهم واللي يعافيك يعني !
أدهم يُدير وجهه ليُخفض رأسه ويقرّب خدّه منها دون أن يُشيح عينيه عنها : صح مو وقتي عشان كذا خلصي نفسك كلها بوسة صغيرة.
اشتعلَت ملامحها من جديدٍ بحُمرةٍ خجولةٍ تُسكرِه، يبتسِم رغمًا عنهُ وهو يجِدُ في حُمرةِ ملامِحها بحرًا تلوّن بألوانِ الغروب، تُضِيع النهارَ والليلَ في لحظتـها ، تخلبُ النظرات بفتنتها ، تحطُّ في شُعلتها فراشـةٌ لا تحترق ، بل تُضيء بنورِ شفقٍ أضـاء ملامِح رقّتها . .
إلين باستياءٍ وهي تصدُّ عن ابتسامتهِ الماكرة : ابعد أدهم ... شكلك سخيف والله.
أدهم بإصرارٍ يشدُّ على كتفيها ويقرّبها منهُ دون أن يحرّك وجهه الذي كان يقابلها بِه بخدِّه : أبي أكون سخيف ، وريني أشوف.
تلاشـى خجلُها في غُمرة الغضب ، شدّت على أسنانها بحنقٍ وهي تهتفُ بكلماتٍ تسلّلت من بينها مختنقةً غاضبة : ترى بعضّك .. متأكّد؟
أدهم ينظُر لها من زاوية عينيه : عشان أكسر راسِك ... قلنا بوسة مو عضّة بشرية مستكلبة.
إلين : وتقول لا تسبين واحترميني ومدري وشو؟
كتم ضحكته : ما سبّيتك .. بكون سبيتك لو صار وعضّيتيني . .
إلين تضعُ كفيها على صدرِه، تحاول دفعه عنها وهي تُتمتمُ بامتعاض : يا سلام بس ! * ارتفع صوتها بغضب * ابعد عني والله والله ما أبوسك لو بتموت علينا بعد !
مطّ فمه باستياءٍ وهو يُخفضُ كفيه عن كتفيها ويتراجع للخلفِ قليلًا بينما ملامحه توجّهت كلها نحوها وليس فقط خدّه : بعتقك عشانك حلفتِ بس . .
إلين تضربُ قدمها على الأرضِ بغضب وابتسامتها المُنتصرة كانت تُظهرها خاسرةً من فرطِ غضبها، رغم أنّه في النهاية تركها كما تُريد : وغصبًا عنّك بعَد.
لوّح بكفّه وهو يَستديرُ عنها وأقدامه تتوجّه نحو الحمّام ، وبتململ : اقلبي وجهك بس ... أتفاهم معك بعدين وأشوف وقتها كلام مين بيمشي.
رفعَت حاجبها الأيسر بحنق ، ألم تقُل له بأنه لن يستطيع إغضابها اليوم بعد أن رأت درجاتِها؟ حسنًا ما الذي حدَث في النهاية ولمَ ينتصر عليها دائمًا باستفزازِه !!


،


سكَب من الشاي في كأسهِ ومن ثمّ مدّه إليه وهو يُجيب على سؤاله " متى رايح " بصوتٍ هادئ : بهاليومين ، بس ما راح أطوّل كثير إن شاء الله يومين وراجع . . شلونك أنت اليوم زاد وجَع ظهرك؟
سلمان الذي كان شبهَ مُستلقيًا ، يسندُ ظهره على الوسائد وهو يتناولُ الكأس من يدِه : أتوقع بضطر للعملية ، هذا كلام الدكتور ... الله أكبر على هالعجز بس ..
عناد يبتسِم : تحسّ بالقهر وأنا اللي أخدمك؟
سلمان يرفعُ حاجبه : الله يغنيني عن خدماتك لو بتتمنّن علي فيها.
عناد : هههههههههه أمزح شدعوى ، شفيك هالأيام علي صاير ما تقبل مزاحِي !
سلمان بجمود : للأسف أنت داري إنه مو وقتك.
عناد : للأسف لأني داري؟
سلمان : يا زينك جاهل . . بس وجه نكبة.
ابتسمَ رغمًا عنه : هذي جزاتِي جالس معك بعد؟ للأسف أنا اللي بوجه المدفع دايم .. لا منك ولا من سلطان الثاني ، صاير نفسية.
غضّن جبينه تلقائيًا ما أن ذكِر اسمه، وبجمود : بيتعلّم من كل هذا.
اختفَت ابتسامةُ عناد تدريجيًا ليتنهّد أخيرًا وهو يحمِل كأسهُ ومن ثمّ يتحرّك نحو أقربِ مقعدٍ ويجلس ، وبهدوء : ما أشوفه يتعلّم ويصير أقوى .. أنت تأذيه وتبدّل شخصيته بس ، ليه ما تقوله وتريّح عمرك وتريحه هو بالمقام الأول . .
سلمان بحدّة : كم مرة قلت لك لا تتدخّل بمواضيع ما تخصّك ! وصلت لمرحلـة على كثر ما حذرتك منها عاندتني .. الحين وش تبي بعد؟
عناد يتنهّد بهدوء : شكل نفسيتَك مخيسة مثله.
سلمان بحزم : عناد !
عناد يبتسِم : سلطان ترك مرته.
عقدَ سلمان حاجبيه فجأةً دون استيعاب، إلا أنه سرعانَ ما زفـر بيأسٍ وهو يضعُ كفَّه على رأسه ويلفُظ بنبرةٍ خافتة : وش الحين بعَد !
عناد : لا تلومه ، في النهاية أنت اللي غلطت لما ما اخترت له إلا بنت واحد مثل أحمد، أنا الثاني كنت غبي لما ظنيت ماراح تتأثر علاقتهم فيه.
سلمان يرفعِ وجهه وهو يُميل حاجبيه في عُقدةٍ خافتة، ابتسمَ بسخريةٍ ليلفظَ أخيرًا بتهكّم : طلع مافيه منكم رجّال ..
عناد بصدمة : أنا وش سويت؟
سلمان : دام هذا اللي طلع من سلطان بيطلع منك اللي يشابهه ... ما ربيتكم عدل للأسف.
عناد يبتسم : أفا بس ما هقيتها منّك .. وش دخلني بقرارات سلطان أنا؟
سلمان بحدة : طلقها؟
عناد : ما أتوقع ، يمكن ناويها.
سلمان : بكسر راسه لو سواها ... أنا اللي بشوف شغلي معه.


،


جلَس أمام التلفازِ بهدوء، يضعُ ساقًا على أخرى ويدهُ تمسُّ شاشـة الهاتِف بانشغالٍ عجول، يكتبُ رسالةً سريعة، يُخفض ساقه عن الأخرى وهو يعقدُ حاجبيه بانزعاجٍ مُفاجئٍ من صوتِ التلفاز، رفعَ رأسه وهو يمدُّ إحدى كفيه لجهازِ التحكّم ويده الأخـرى تحمِل هاتِفه. أخفض من الصوتِ وملامحه مشدودةٌ بحدّة ، ومن ثمّ وضع الجهازَ من جديدٍ ليعود للتركيزِ بشاشةِ هاتِفه.
لم ينتبهْ للشخص الذي فتحَ الباب ودخـل إلى غرفته، لم يكُن أحد يدخُل بتلك الطريقةِ عادةً، لذا ما إن سمِعَ صوت الخطواتِ بعد أن تنبّهت حاسة السمعِ من رقودِها حتى رفع رأسه وهو يوسّع عينيه باستنكارٍ لتسقُط على سعُود الذي رفعَ حاجبهُ ما إن نظر إليه.
تصلّبت ملامِح تميم للحظة، إلا أنه زفـر أخيرًا وهو يقفُ ويدسُّ هاتِفه في جيبِه ، وبنبرةٍ باردة : كنت تقدر تدقّ الباب !
سعود يتحرّك ليجلس على الأريكة المُنفردة وهو يبتسمُ بسخرية : أرسلت لك الخدامة وقبل لا تعلمك إنّي أبيك صرفتها . . مانِي محترم خصوصيتك طبعًا بعد هالحركة منك.
رفعَ تميم حاجبهُ باستخفافٍ وهو يبتسم : وش تبي؟
سعُود بجمود : وش اللي صار بموضوع بدر واللي حوله.
هزّ تميم كتفيه وهو يردُّ ببرود : ولا شيء للحين.
سعودْ برفعةِ حاجِب : يعني !
تميم بابتسامةٍ أعاد وضع ساقهِ اليُسرى فوق اليُمنى : يعنِي ولا شيء للحين.
سعود بحدّة : تميم تكلم معاي زي الناس ، وضّح.
تميم بقلّة صبر زفـر : قايل لك من قبل خلّى الموضوع كامل علي .. أنت اللي تبيه بالمقام الأول يموتون والا تتأكد إنهم مالهم علاقة بالموضوع؟
سعود : يهمني أرجـع لسنين الشغل قبل ، محد مخرّب علي ومحد يذكرني إلا بالخير.
تميم بابتسامةٍ مُستفزّة : وش تعريف المنافق؟
سعود يزجرهُ بحدَّة : تميــم عن قلّة الأدب !
تميم : ههههههههههههههه أمزح ياخي . . بس أنت اللي جبتها لنفسك ، وش اللي ورّطك مع أحمد ذا اللي جاب فيك العيد من سنين وخلّى العالم تفهم ولو بشكل بسيط مين أنت !
سعود يزفُر بضحر : ردَاة حظِّي.
تميم : كنت بغلط بس سكت.
وقفَ وهو يبتسِم لنظرة سعود المُحذّرة ، كتمَ ضحكته ، ومن ثمّ تحرّك نحو الطاولة التي استراحَ من فوقّها إبريق الشايِ وآخر زجاجيّ للعصير ، وبنبرةٍ عابثة : أيه يا ضيفي وش تبي تشرط ؟


،


"اففف شعرك مُزعج "
ضحكَ بعد سماعه لتلك الجُملة المستاءةِ منها، كان الوقتُ قُرب صلاة المغرب بدقائق طويلةٍ بعض الشيء . . وضعَت كفيها أسفَل رأسه لتحاول جعله يرتفع عن حجرها قسرًا وهي تُردف بضجر : ابعد عن السخافة عاد، لا تجِي عمتك وتشوف حركاتك الماصخة ذي! مُراهق !!
أدهم يبتسمُ باسترخاءٍ وهو يُثقِل رأسه أكثر بعناد : بالأول وش فيه شعري؟
إلين تمطُّ فمها بامتعاض : مُستفزّ ، ودي أغير جيناتك وأخليه ناعم ، * تخلخلَت بأصابعها شعرهُ وهي تُردف * كنت أقول بتزوج رجّال شعره ناعم ويفتح النفس جيتني أنت بكل تناقضات اللي أبيه.
أدهم يرفعُ يدهُ ليُمسك معصمَ يدِها التي تتخلخلُ بأصابِعها شعره، ابتسمَ وهو يُبعدها عن رأسه، ومن ثمّ نهضَ عنها وهو يبتسمُ ابتسامةً مُستفزّة : هو يحصلّك أصلًا؟
إلين دون مبالاةٍ تمدُّ يدها نحو جهاز التحكّم بالتلفازِ وهي تلفظُ ببرود : لا ما يحصلّي خلاص لا تطوّلها.
ضحكَ على تعليقها المُتملمِل ، في اللحظـةِ ذاتها التي دخَلت فيها سُهى وهي تتثاءَت وتمطَّ ذراعيها بكسل . .
نظر إليها أدهم وابتسم : وش هالنوم يا شيخة؟
سُهى بنبرةٍ ناعسة : مدري أحسني ما نمت من دهر.
أدهم : ما بعد جاء موسم السبات للدِببة.
سهى : سامج.
جلسَت وضحكته الخافتة تتسلّل إلى مسامعها، نظرت إلى إلين لترفعَ حاجبها الأيسر وهي تلفُظ : شفيه الأخ مروّق؟
إلين تهزُّ كتفيها : يمكن شعره التف على دماغه بالغلط وهستَر.
ضحكَت سهى ليمرِّر أدهم أنامله بين خصلاتِ شعره وهو يلفظُ بضجر : يا لييييل !
إلين تستدِير بكامِل جسدها نحو سُهى بحماسٍ وكأنّها تريد استفزازهُ بالحدِيث وحسب : لا جد أحد من أهله شعره كذا؟ أشوفك ناعِم؟
سهى بضحكة : أبوه شعره ناعم أخواني كلهم بعد وحتى أبُوي ، وأمّه بعد كانت أشقرانية ما أخذ منها شيء . . مدري جيناته طالعة على مين.
أدهم يرتمِي برأسهِ على حُجرِ إلين عمدًا وهو يبتسم : فيه منّك أخذت من عيونك الحلوة.
اشتعلَت وجناتُ إلين وهي توسّع عينيها بصدمةٍ من حركتـه أمام سهى التي ضحكَت وأكملت : أيه أكيد بتقول حلوة دام فيه شبه . .
شعرَ أدهم بتصلّب جسدِ إلين حرجًا وهي تُشتّت عينيها وترفعُ ركبتها قليلًا في رسالةٍ عنيفةٍ بأن ينهض، كتمَ ضحكتهُ وهو يلفُظ : نجلاء ترى ما فيه داعي تستحين اهجدي.
شدّت على أسنانها بغضبٍ من فرطِ خجلِها، لم تستطِع النظر لوجه سهى التي كانت تبتسمُ دون أن تعلّق بشيء، أرادَت شتمهُ في ذلك الوقت من الموقفِ الذي وضعها بِه بكلّ وقاحة ، قال ذاك الاسم أيضًا !! ، بينما كان هو يستمتِعُ وعيناهُ تنظُران بخبثٍ لسُهى التي أشفقَت عليها لكنّها شتّت عينيها وهي تنطُق بابتسامةٍ كي تمرّر الموضوعَ وتجعل خجلَ إلين يرتدُّ عنها قليلًا : أمه كانت جميلة مرررة ما شاء الله ، حتى أخلاقها تجنّن وهي مسيحية.
إلين من شدَّة غضبها نظرت لسُهى لتلفظَ بقهرٍ وحدّة : إسلام من غير مسلمون وعندنا مسلمون من غير إسلام.
كانت تقصِد أدهم، أرادَت إغضابَه، لكنّه واجهها بضحكةٍ صاخبـةٍ أشعرتها بالقهر أكثر وهو يرفعُ كفيه ويصفّق : لله درك يا زوجتي ... دُرر دُرر . .
تصنّعت سُهى أنها لم تفهمها ولم تدرك أنها تقصد أدهم، ابتسمَت فقط ، ومن ثمّ أردفت بهدوء : على قولتك ، إسلام من غير مسلمون . . للحين أذكر مواقف بسيطة معها قبل لا يتركها أخوي الله يرحمه.
تردّدت إلين قبل سؤالها الفضوليّ، كان أدهم من فوقِها قد هدأ، استشعَرت بصعوبةٍ أنفاسُه التي اختلفَ تبايُنها على بشرتِها الناعمـةِ من أسفلِ بنطالِها الأسودْ، لم تعلَم ما صيغة الهدوءِ هذا وما معنـاه، لكنّها استطاعت تخمِين أنّ هذا الهدوءَ ليس هدوءً بما بمعناه وما يقتضِي ، هو هدوءٌ صاخِب، يُزعجُ به صدره الصامت وحسب!
كادَت تتراجَعُ عن سؤالها، لكنّها لم تستطِع وهي ترفعُ وجهها إلى سُهى، وتلفظُ بخفوتٍ متردّد : طيب، هو أساسًا ليش طلّقها !
انبثقَت من صدرِ أدهم زفـرةٌ صامتـةٌ لم تصِل معالمها لسُهى، لكنّها جعلَت جسدَ إلين يقشعرّ ، هل كانت تلك الزفـرةُ غضبًا من سؤالها؟ أم أنها كـانت زفـرة حسرة، خيبة ! . . لم تدرِي ، بينما ابتسمَت سُهى ابتسامةً لا تَكادُ تُلحظ، عينيها تعلّقتا بعيني أدهم المُعتمتيْن بطريقةٍ تدرك مقتضاها ، لن يفهمه أحدٌ أكثر منها، حتى إلين لن تفهمه إطلاقًا كما هي ! . . ابتسمَت لهُ بحنان، ومن ثمّ همسَت مُجيبةً إلين دون أن ترفع عينيها عنه، تقرأ اختلاجاتِه وتبدّلاتِ ملامِحه : تزوّجها نزوة ، أو شافها وبغاها ومتى ما طلعت من مزاجه بيطلّقها . . وقتها كان أدهم ولد خلاص وصار بينهم طفل . .
عقدَت إلين حاجبيها، تغضّن جبينها بضيق، وعينيها بشكلٍ تلقائيٍّ انزلقَت إلى ملامِح أدهم الجامـدة والتي لا تُنبِئ بشيء! كلّ الاختلافاتِ الواضحة لها فيه هي في أنفاسِه المنفعلة التي ترتطِم ببشرتِها فتشعر بها تفكّك جزيئاتها وتُذيبها! . . أعادت نظراتها لسُهى التي أكملت بشرودٍ وكأنّها غرقَت فجأةً في تلك الذكريات : لما تزوجها أبوي عصّب وبغاه يطلّقها بس هو في البداية رفض فطرده أبوي وعاشْ بروحه هنا لين ما طلّقها ورجع يراضي أبوي ومعاه أدهم وبوقتها رضى عليه . . بعدها بسنوات قليلة تزوّج رقية بعد من غير موافقة أبوي ، ونفس الشيء ما رضى ، في البداية سكْت له بس بعدين صارت مشاكل بينهم خلت عبدالله يطلع من جديد ويعيش هنا مع زوجته وأدهم . . من يومتها ما عاد رجَع ، وكبر أدهم هنا لين هالعُمر.
كان لذكر " رقيّة " وقعًا على صدرِها الذي تحشرج، شتّت عينيها بضيق، بينما رفعَ أدهم عينيه الصامتتينِ إليها وكأنّه شعر بها . . عقدَ حاجبيه، ومن ثمّ نهضَ ليجلسَ فجأةً وهو يلفظُ بصوتٍ هادئٍ صلب : قفلوا الموضوع . .
ارتبكَت سُهى قليلًا ، لكنّها في النهاية ابتسمَت ابتسامةً تواسِيه بِها وهي تومِئ برأسها ، لم تكُن تعلم وقتها أنّه أمرها بإغلاق الموضوع لأجـل إلين وليس لأجلـه، هو لم يعُد يهمّه ذكر ماضِي عائلته المفقودةِ أطرافها، إحداها لا يدري أين، وإن كانت لا تزالُ على قيدِ الحياة ، والأخـرى فقد معناها في حياتِه، وفقدَها مرّةً أخرى ، على قيدِ الممات !
لم يعُد يهمّه ذكرها وإن أثّرت بِه ، لذا لم يبالِي بحديثهما ، وأيقضته النقطة الأخيرة ، رقيّة، وتأثيرها فقط على إلين التي لم تتجاوَز كلّ ذلك بعد.
ابتعَد عنهما ليصعَد للأعلى في اللحظات التي كانت فيها إلين تتابعه بعينيها بصمت.


،


تتحرّك خطواتُه نحو البابِ الواسِع وهو يقبضُ على كفّها الناعمـة ، ابتسمَ وهو يستمِع لحديثِها المُتذمِّر، أدارَ رأسهُ نحوها ليلفظَ بتساؤل : مستحيل أكون معك وما تتحلطمين !
رفعَت حاجبها : من الحين أقولك ماني داخلة معك.
فواز بابتسامةٍ هادئة : والسبب؟
جنان : كِذا ، ما أبغى أطلع معك بنتظرك لين ترجَع . . لا تزنّ علي عاد !
قالت آخر كلماتها برجاءٍ عميقٍ لم تستطِع السيطرة عليه، حينها ابتسمَ رغمًا عنهُ وهو يومئ برأسه وقد رحمها، ابتسمَت براحةٍ أشرقَت في ملامِحها لتتّسع ابتسامتهُ في المقابـل .. لكنّه فجأةً اقتلَع من شفاهِه بسمتها ما إن عبـرت صورةُ هيثَم أمامه ، تجمّدت ملامِحه بشكلٍ تلقائيٍّ وهو يتجاوزُ بابَ المبنى ويدخُل ، بينما توقّفت جنانْ مستندةً على إطارهِ وهي تلفظ : بنتظرك هنا، لا تتأخر.
لم يُجِب عليها وهو يتلاشَى من أمامِ عينيها، مرّرت لسانها على شفتيها ومن ثمّ تراجعَت للخلفِ حتى أسندَت ظهرها على إطارِ الباب وهي تكتّف ذراعيها إلى صدرِها . . انتظرته للحظاتٍ قليلة ، جـالت فيها صورٌ سريعة ، صورٌ مُعظمها كـانت لابتساماتِ هيثم الخبيثة .. عقدَت حاجبيها بضيق ، أسدلَت أجفانها قليلًا وهي تتنهّد وتُتمتمُ بصوتٍ خافِت : يا رب بس!
زفـرت بيأسٍ وهي ترفعُ معصمها لتنظُر للساعـة، تلك الحركة كانت دلالةً على الاختلاجاتِ التي ارتبكَت في صدرِها، لم يكُن قد مرَّ الكثير من الوقتِ على ذهابِ فوّاز ، لذا كانت تلك الحركة مغلّفةً باضطراباتٍ واهنـة . .
رفعَت رأسها وهي تُميلُ فمها بضيق ، لكنّ عينيها اصتدمتـا فجأةً بوجـهٍ تعرفه ، وجـهٌ قديم ، قابلها لتتّسعَ عيونهُ بصدمـةٍ في بادئ الأمـر ، قبل أن تمرّ فيهما شرارةٌ مـا ، شرارةُ غضب، وحقد ، وغيرة !
جــيــهان !!!

.

.

.


انــتــهــى

قبل هاللحظة كنت كاتبة موعدنا الخميس هذا، بس بعد ما شفت استياء بعض البنات وعدم رضاهم عن الأحداث بيكون إن شاء الله الخميس القادم :$

البارت الجاي طويييييل وفيه تطوّر ، اللي يقول الأحداث روتينيّة باخذ كلامكم بعين الاعتبار إن شاء الله :* شكرًا لكم . .


ودمتم بخير / كَيــدْ !

 
 

 

عرض البوم صور كَيــدْ  
قديم 27-09-16, 06:43 PM   المشاركة رقم: 938
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Jul 2016
العضوية: 318384
المشاركات: 4
الجنس أنثى
معدل التقييم: شذي المري عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 11

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
شذي المري غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كَيــدْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر

 

اه ياربي ايش يصبرنا للخميس، 💔💔😭😭

 
 

 

عرض البوم صور شذي المري  
قديم 27-09-16, 11:34 PM   المشاركة رقم: 939
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
قارئ مميز


البيانات
التسجيل: Jun 2010
العضوية: 174082
المشاركات: 4,032
الجنس ذكر
معدل التقييم: fadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسي
نقاط التقييم: 4492

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
fadi azar غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كَيــدْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر

 

فصل رائع جدا

 
 

 

عرض البوم صور fadi azar  
قديم 06-10-16, 09:28 PM   المشاركة رقم: 940
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jun 2014
العضوية: 267722
المشاركات: 575
الجنس أنثى
معدل التقييم: كَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 947

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
كَيــدْ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كَيــدْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر

 





سلامٌ ورحمةٌ من اللهِ عليكم
صباحكم / مساؤكم طاعة ورضا من الرحمن
إن شاء الله تكونون بألف صحة وعافية


عُدت والعود أحمد بعد أسبوع وشوي ، والبارت ترى يستحق أحداثه دسمة :$ هو والبارت الجاي إن شاء الله بيكون أطول على الارجح وأكثر تشويق ، + بفتح آسكي بعد ما أنزل البارت مباشرة .. كنت مترددة ففرضت على نفسي فتحه بعد ما أعلنت بتويتر ، :*
- ما أضمن ما أسحب عليه من جديد :(

وشكرًا لتواجدكم، شكرًا لكلماتكم الطيبة سواءً بالمتصفح أو خارجه، شكرًا للروايـة اللي جمعتنا .. إن شاء الله أكون دائمًا عند حسن ظنكم والله يكتب لي التوفيق والوصول للنهاية بسلام ويجعل هذهِ الرواية شاهدة لي لا علي :$$ ،


بسم الله نبدأ ، قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر، بقلم : كَيــدْ !

لا تلهيكم عن العبادات


(82)*2



ضوءٌ خافِتٌ يغدِر بضيقِ المساحات، عُمقٌ واجِفٌ في بؤرةِ الأحداق يُنير ومن حوله العيون بملئِها مُعتمة، سُمكٌ من المشاعر التي تضاربت في ذروةِ الحقدِ والغيرةِ الأنثويّة التي اشتعلت.
سقطَت نظراتها على شرارةٍ ارتفعَت مباشرةً إلى أهدابِ جنان التي عقدَت حاجبيها وهي تُرخي يديها بتوجّس، رغم أنّ المفاجئة أجفلتها للحظة إلا أنّ نظرات جيهان جعلتها تتصلّب قليلًا وتترقّبها بتوجّس.
ردّاتُ فعل الأخرى أُحيلت للا شعور، لم تنتبه لكونِها وقفَت، ولفتت الأنظـار من والدِها وأرجوان إليها، لم تنتبِه لكونِها اشتعلت بحقد، وعقدت الحواجِب استنكارًا، لم تنتبه لكونِها حدجتها بعيونٍ متقّدةٍ كمشكـاةٍ مُشتعلة، وأنّ نظراتها المتوجّهة لجنان بتلك الطريقة جعلت أرجوان ويوسف ينتبهان لمن كانت ترتحل، وتفضحها !
تقفُ الآن أمامها بكلّ الهيئةِ الصارخةِ ببذخِها رغم بساطتِها وحشمتها، تقفُ هنا عند الباب! لمَ؟ ومع من؟ بالتأكيد معه . . تلك التساؤلاتُ جاءت من فرطِ الوجَع الذي انفجرَ في صدرها عينًا من ماءِ الخيبات، من حسرةٍ جعلت بشرتها تذبُل لوهلـة، قبل أن تغرقَ باخضرارِ النفور ، لمَ جاءت ومع من! هل تهم الإجابات التي تدركها جيدًا؟ هل يهمها أن تنتظرهُ عند الباب، أن يرى فواز تلك الملامح في كلّ يومٍ ويحادثَ مسامعها، يسمعُ نعومة صوتها، وماذا أيضًا؟ لا تريد أن تفكّر بأكثـر من ذلك فتُقتل تلك الصلابة التي تتحلَّى بها الآن - زيفًا -، ومن ثمّ تقتل هي من بعدِها.
هل يهمّني أن أعلـم؟ أن أحترق فقط وهو لا يبـالي؟ وإلى متى أحترق وهو ينعمُ بالتناسي ومحاولة تجاوزِ حبّه المتين لـي!
قسَت ملامحها أكثر، نظراتها المحترقة انطفأت ، حتى عينيها اللتين كانتا تنظُران لها بغيرة، تتذوّق جمالها بأحداقها ، كلّ ذلك انطفأ لتنظُر لها بكِبرٍ وهي ترفعُ ذقنها باحتقـار لذاك الجمال أيضًا، لا يهمها ، لم تعُد تهمّها ، ستقنع نفسها بذلك حتى يتصيّر الزيفُ حقيقة ، إن بقيَ حبّها لهُ يقتلها في كلِّ يومٍ ستتناساه ، تمامًا كما يفعل هو ويضحكُ لسواها.
صدّت عنها باحتقار بينما كانت نظراتُ جنان الهادئة تتّجه نحوها بصمت وقد ارتخَت قليلًا، رأت الصراع القائمَ في وجهها الذي تشنّج ليرتخي بعد ثوانٍ طالت وكأنها كانت تُهذِّب قلبها بنصائح من عقلها كي تستفيق على مشاعرها العنيفة. تكرهها، تُدرك ذلك، تحقد عليها، تدرك ذلك! تراها امرأةً لم تُجِد سوى سرقة رجلٍ تعلّق بزوجته، على الأرجح لا تدرِي كيف تزوّجت بِه، لا تعتقد أن فواز كان ليُخبرها، لذا ستظنُّ أنها أوقعته بجمالها مثلًا! . . زمّت فمها بقهرٍ وهي تُخفض نظراتها لتصتدمَ بالأرضية المُبلّلة بماءٍ انسكَب، ما الظنون التي طرأت في بالها تجاه امرأةٍ تزوّجت صديق أخيها وهو يُحبِّ زوجته؟ حتى إن لم تظنَّ سوءً وأخبرها فواز بكيفية زواجه فهي في موضعٍ مثيرٍ للشفقة . . كيف أوقعَت نفسها في هذا الموقع؟ كيف ارتضَت في لحظةٍ لنفسها كلّ هذا؟
مرّرت لسانها على شفتيها وهي توجّه عينيها ليوسف الذي نظر لجيهان بحزمٍ وهو يحثّها على إكمال سيرها بعد أن شكَّ بهويّتها وأنها ذاتُها زوجة فواز الحاليّة، في حين عقدت أرجوان حاجبيها وهي تصدُّ عنها وتنظُر لجيهان بعطف، تفهمها جيدًا، كيف لا وهي التي تعيشُ صخبها الدائِم وجنونها! لفظَت بحزمٍ وهي تتقدّم كي تُصبح بجانِبها مباشرة : ما عليك منها ، امشي !
جيهان تنظُر لأرجوان وهي تقطّب جبينها بانفعالٍ كان يتّضح في ملامحها الجامدة بينما صوتها خرج هادئًا لا يُنبئ عنه : ليه شايفتني وش؟ مصدّقة إني بتأثر لأني شايفتها مثلًا!!!
تناسَت والدها الذي لم يصِل إليها صوتهُ وهو يلفظُ بحزمٍ رقيق " جيهان "، تناسَت أن تبقَى بجمودِ ملامحها، حافظَت على هدوءِ صوتها وتناسَت تقاسيمها التي تفضحها أكثر.
كانوا لتوّهم قد عادوا، يقفونُ قريبًا من البابِ وخطاهُم إليه توقّفت، تصلّبت بمسافةٍ لا بأس بها بينهم وبين جنَان التي شتّت عينيها وهي تزفُر بحسرة، بينما زمّت جيهان فمها وسيطرتها السريعة على وجهها وحركاتها تلاشَت وبقي صوتُها فقط ماهو هادئ، ابتسمَت باهتزازٍ وهي تنظُر لوالدها الذي عقدَ حاجبيه بحدَّةٍ وقد خشيَ من ردّة فعلها أمام جنان، إن كان يشكُّ بنسبة واحدٍ بالمئة في هويّتها فالآن هو تأكّد أنها هي، أفرج شفاهه كي يقول شيئًا، مواساة، حثًّا على عدمِ الانكسـار، أنّ لا شيء يستحقُّ ذاك الألـم في عينيكِ! منذ متى تتوقّف الحيـاةُ عند علاقة؟ منذُ متى تتصلّب أقدامُكِ عند مطبٍّ واحد، دون أن تتعثّر وتنتهي أبديًا، تقفين فقط! لمَ! . . جالَت هذهِ الأحاديثُ وترسّبت على شفتيه، كاد يقول منها الكثير بترجمةٍ حازمـة كي لا تتألـم هذا الألم الذي تحاول إخفاءهُ بصلابةٍ زائفة، لكنّ جيهان كانت قد ابتسمت تلك الابتسامة وهي تسبقهُ الحديثَ بصوتِها الهادئ نفسه، بنبرةٍ لا مباليـةٍ تبصقها على فوّاز وعلى حبّه وعلى خيبتها! : معليش يبه ، نكمِّل طريقنا؟
تضاعفَت عُقدة حواجبه، هل اهتزّ صوتها لوهلةٍ أم توهّم هو ذلك! ، لم يجِد ما يقوله، انهَت كلماته بزيفِ ثباتها ومحاولة تجاوزِ هذا الموقف لذا لم يحاول أن يتوقّف عندهُ أكثر وأومأ برأسه وهو يمدُّ يده ليُمسك يدها شادًّا عليها، لو يستطيعُ فقط حمايتها من خيباتها وأحزانِها ! أن يمحق تلك الأعاصير التي رآها في عينيها ما إن سقطتا على ملامِح جنان ، لو يستطيع فقط جعلها تتجاوز بسرعةٍ ولا ينتظِر الوقت الكافي ليمرَّ أكثر ، إن كانَ وقتًا الكافي لتنسى طويلًا فهل سيحتمل أن يراها بتلك الانفعالاتِ التي لم تمنعها عن الخطأ حين وقفت مع فوّاز وحادثته؟
تحرّك وهو يشدُّ بيدهِ الأخرى ليان التي يمسكها بينما تنهّدت أرجوان وهي تسير من خلفِهم، تتابعهم جنان بعينيها وقد شعرت بمرارةٍ في حلقها، بصدأ مزّق بخشونتهِ حنجرتها، كرهَت نفسها في تلك اللحظـات وهم يتجاوزونها كي يدخلوا ، يا الله لا تستطِيع تحمّل حجمِ الاهانة التي تشعُر بها، التي اقترفتها في حقّ نفسها ، لا تستطِيع تحمّل موضعها ، هل يريدونها حقًّا أن تتقبّل زواجها بفوّاز؟ هل يريدها هو محطّةً يعبر خلالها، ومعها أيضًا! هل يريدها بدايةً أخرى؟ وهي ماذا؟ هل تستطيع في يومٍ أن تعيش معه ولا تشعُر بصغرها لأنها تزوّجت من رجلٍ في حياتِه امرأة! ويريدها الآن بدايةً جديدةً ولم ينسى السابقة أيضًا !! أيُّ ظلمٍ ارتضته على نفسها ، أي حياةٍ سارَت فيها !!
لم تستطِع أن تجمُد بوقوفها ولا تُستثَار بانفعالٍ جعلها تتنفّس بقوةٍ ليرتفع صدرها بأنفاسِه الحادّةِ وينخفضَ لأدنـى مراحِل الاختناق، انفرجت شفاهُها وهي تعقدُ حاجبيها وتهتفُ بصوتٍ خافتٍ بعض الشيء إلا أنه كان كافٍ ليصل إليهم، بنبرةٍ مثقلةٍ بالأسـى : لحظة ، جيهان !
عقدت جيهان حاجبيها بشكلٍ تلقائيٍّ وتوقّفت بشكّ، هل نادتها فعلًا! هل نادتها أم أنها تخيّلت !! . . . استدارَت ببطءٍ إليها وهي ترفعُ حاجبها الأيسر بعد أن انفكّت عقدته بالآخر، رمقتها بتساؤلٍ وكأنها تريد أن تتأكّد أنها لفظَت اسمها بينما استدار يوسف هو الآخر بحدّةٍ وهو يقبضُ على كفّها جيهان كي تكمل سيرها، لم يكُن ليرضى أن يتجاهل أحدًا دون لباقة، لكنّه لم يكُن ليرضى في المقابل أن تتوقّف ابنته لأجل أن تتجرع المزيد من الألم!
ابتسمَت جنان ابتسامةً فاترةً وهي ترفعُ نظراتها ليوسف وتهتفُ ببعض الحرجْ : لو سمحت يا عم ممكن أحكي معها شوي؟
لم يُجب وهو يقطّب جبينه ونظراتهُ تنخفض لجيهان التي نظرت لهُ تلقائيًا بنظرةٍ سبقتها الصدمة، فتحَت فمها بتردّد ، كانت لم تستوعِب بعد ، هل قالت أنها تريد الحديث معها فعلًا !!!
للحظـةٍ صمتت، صمتًا كـان معناه " لا " كما فهِم يوسف، لذا كان هو من ردّ عنها وهو يهتف بنبرةٍ هادئـة : اسمحي لنا يا بنتي . . .
قاطعته جيهان بصلابة : لا يبه بحكي معها . . بشوف وش تبي بعد مو أنا اللي تهرب من أشكالها.
يوسف رغم أنّه كان متعاطفًا مع آلامها بل يستشعرها إلا أنه غضب من وقاحة حديثها ليلفظ بنبرةٍ ناهرة : جيهان !
صدّت عنهُ وهي تُميل فمها بتمرّد، لن تهرب، لن تهرب! إن كانت تريد الحديث معها لترى! ماذا تريد مثلًا؟ إغاظتها؟ إذن ستصفعها بحديثٍ يكفيها لتكره حياتها معه وتستشعر بِه حقارتها . . تحرّكت دون أن تحاول إقناع والدها، كانت تعلم أنه سيمنعها بطريقةٍ ما، بنظراته الحادّة ، لكنّها لم تكُن لتهرب!
تجاوزَتها مبتعدةً عنها وهي تلفظُ بنبرةٍ قاسيةٍ فيها الكثير من الأمـر والغرور : أجل امشي عشان نشوف وش وراك.
اتّسعت عينا يوسف دون استيعاب، كـاد يلحق بها ليُعيدها قسرًا لكنّ يدَ أرجوان أمسكَت يدهُ لتهمس : اتركها .. ما راح ترتاح لو طنّشتها ، خلنا نكون قريبين منها بس.
يوسف باعتراضٍ حـاد : نعم؟
أرجوان برجاءٍ وهي تلمحُ بعينيها ابتعادَ جنان خلف جيهان، لفظَت بكلماتٍ تدرك كذبها، لكنّها لم تعلم كيف تجعله يتركها تحادثها، تدرك أنّ جيهان لن تتراجـع مهما حدث : هالمرة أنا بتحمّل المسؤولية، ما راح تغلط عليها تطمّن .. مظهرها قدامها يهمها وأكيد ما راح توضح قهرها.

في الجهةِ الأخرى، لم تبتعِد جيهان كثيرًا بل بقيَت على مرمَى أعينهم، اتّكأت بظهرها على الجدارِ وهي ترفعُ حاجبها الأيسر وتُميل فمها، عيناها ترمقان جنان التي وقفَت أمامها باحتقار واستخفاف، بينما تنهّدت تلك وهي تنظُر بصلابةٍ لعيني جيهان، رفعَت كفّها لتشدّ على عضدها وهي تعقدُ حاجبيها قليلًا وتلفظ بهدوء : أول شيء أتمنى ما نغلط على بعض، بشكل أوضح أنا ما راح أغلط عليك ولا فيه شيء يدفعني للغلط، فأتمنى تواجهيني بنفس الشيء بأسلوبك بالكلام عكس اللي من تو * تقصد نبرتها الآمرة تلك وطريقتها المحتقرة بالحديث *
رفعَت جيهان حاجبيها وهي تبتسمُ ابتسامةً مُتفاجئة، تحرّكت أحداقها لتمرّرها من أعلاها لأسفلها باحتقارٍ وهي لا تتصوّر الوقاحة التي تملكها، أتريدها أن تحادثها بأسلوبٍ ودِّي كأيّ شخصٍ - لم يُسِئ لها -؟ . . هتفَت باستخفاف : هه! أنتِ متصورة إنّ اللي قلتيه الحين يطلّعك بشكل الراقية؟ ما تدرين إنّك وقحة من قلتِ لي ودّك تحكين معي ووقحة أكثر لما تطلبين مني أحاكيك بأسلوب يليق بالبشر؟
جنان تُغمض عينيها وهي تزفِر بصبر، هزّت رأسها بالنفي ومن ثمّ فتحَتهما لتنظُر لها بصلابة : ما علينا ، اللي بقوله . . .
قاطعتها جيهان بحدّة : لحظة! شايفتني بزر والا مجنونة عشان تهزّين لي هالراس وتسوّين فيها ما تلومين عقليتي !
رفعَت جنان حاجبها : وأنا من جد ما ألوم عقليتك.
جيهان بنبرةٍ هجومية : نعــم !!!
ابتسمَت جنان على مضض : غيرتك تسوي أكثر ، لو كنت مكانك يمكن سوّيت اللي أكثر عشان كذا بسوّي نفسي ما سمعتك.
ارتعشَت شفاهها بانهزامِ الإصرارِ والقناعاتِ الزائفة، بانهزامِ تصنّعاتِ تقاسيمِها التي ذبلَت مهما حاولت خلقَ الاخضرارِ فيها، لا يعقل، هل أنا بهذا الوضوح أمْ أنّ زيفي باهِت؟ هل يقرأون جميعًا مافي صدري على ملامحِي؟ هل يرون كم أنّني أحترق وكم أنّني أنصهرُ في ظهيرةِ جورِ حبّي الذي لم يُنعم عليّ ببرودةِ ليلٍ صحراويّ، الذي بقيَ حارقًا في نهارٍ أبديّ ، هل يرون كلّ ذلك؟ هل أنا واضحة !!
ابتلعَت ريقها، الانفعال الحزين والخائِب عبر بسرعةٍ في وجهِها وطردته سريعًا، قسَت ملامحها بقهر، وإن يكُن، هل يهمُّ أن تقرأوني؟ هل سأخضع لهذا الوضوحِ وأضعف أكثر! نعم أحبّه، نعم أحترق بغيرتي، نعم أريده ولن أخضع لكلّ ذلك ، نعم لن أعود! مهما حدثَ لن أعـود لأنّ كلّ الحواجِز أكبر، لستُ إشارةً حمراءَ يتجاوزها متى ما أراد ويقفُ أمامها في أوقاتٍ أُخَـر، مهما حدثَ لن أخضع له، لن أخضع لهُ بالأفعـالِ كما خضعَت مشاعري!
أمالَت فمها في بسمةٍ تنكسِر معانيها بجمودِها، رمقتها باستخفافٍ وهي تُكتِّف ذراعيها إلى صدرها دون مبالاة : أي ، وأيش بعد؟ ما راح أكذِّب على نفسي ... أيش يعنِي أغار؟ وأيش يعني أعاملك على بنود هالغيرة؟ ولا شيء! على قولتك شيء طبيعي ، لو معي كلب خاص فيني وبيوم شفته ترك ايدي وراح يدُور حول غيري بنقهر ... عشان كذا ما يفرق معي.
اتّسعت عينا جنان بصدمةٍ ودون استيعابٍ في بادئ الأمـر، وسرعان ما تسلّل الاستيعابُ سريعًا إلى عقلها لتلفظ بذهول دون أن تشعر : وش هالوقاحة !! صاحية أنتِ تسبين ولد عمك قدامي !!!!
جيهان تبتسمُ بتكاسُل : أبد ، ما سبيته ولا شيء .. قلت لو معي كلب! ما قلت إنه كان معي كلب وراح لكلبة تشبهه عشان فيرموناتها مثلًا عالية وتجذب أكثر من الكلبات اللي حولها فراح لها غريزيًا.
جنان باحتقارٍ بزغ رغمًا عنها في ملامحها تراجعَت للخلفِ وهي تلفظ : أتمنى إنّك تقولين هالكلام من باب الغيرة فعلًا وما يكون لسانك عادةً وقح بهالشكل المُقرف !!
جيهان ببرود : لا أبشرك لساني زفت ومعفن ، حاولت أعدله بس ماش ... قدامك وقدامه ما يهجد ويعاملكم بالمستوى اللي يليق فيكم.
جنان : وتعتزّين بهالشيء؟
جيهان دون مبالاةٍ تهزُّ كتفيها : لا .. بس وش أسوي بعض الحيوانات تدفعك للغلط.
أمالت رأسها قليلًا ومعه فمها، لم تتخيّلها وقحةً بهذا الشكل! حتى في أقصى الاحتمالات التي وضعتها في عقلها بحدِيثها الموجّه عبر الغيرة لم تظنّ أن تنحدِر لهذا المستوى المُقزّز ! . . لم تعلّق على وقاحتها، بل زفـرت، تريد أن تنهي هذا الحديث بسرعةٍ وتبتعد عنها وحسب، تريد أن تُنهي كلّ شيءٍ وتخرج من هذا الجنون، تريد فقط أن تعود باستقلاليةٍ لا يعترضها هوانٌ كالذي يغزو حياتها الآن. لفظَت بصوتٍ لا نبـرة تحمله : ما أقول غير الله يصلح حال لسانك . . ما علينا من هالكلام الحين ، تراني ما أهتم لمصطلحاتك هذي وانجذاب ومدري أيش .. أبي أوضح لك بس إنّ فواز تزوجني بظروف غريبة شوي، وما عندي نية أقولها، بس بصريح العبارة اعتبريني ما دخلت حياتكم .. مكاني غلط وما أرضى أكون فيه ، فتطمّني من هالناحية.
رمشَت جيهان مرارًا دون استيعاب، ما الذي قالته للتو؟ هل توهّمت أم أنها فعلًا قصدت بأنها تريد أن تبتعِد عن فواز وتكسِر علاقتها بِه!
لم تُظهر ملامحها شيئًا سوى عدمِ الاستيعاب، عدمِ التصديق ، انفرجَت شفاهُها قليلًا وقلبها لم تكُن تدرِي في تلك اللحظة ما صيغة نبضاته، هل انفعلت لما قالته؟ هل أثّر بها في شيء!!!
ابتسمَت جنان ابتسامةً اغتصبتها على شفتيها، وبنبرةٍ لا مبالية تريد بها فقط أن تنهي الحديث : بيرجع لك . . فوّاز رجّال والنعم فيه ، بس هو ما يستاهلني ولا أنا أستاهله ... كلنا نستاهل الأفضل وممكن له يكون أنتِ ، بس هو ماهو الأفضل لي.
جيهان ببهوتٍ وعيناها تتّسعان دون استيعاب : يرجع لي !! أنتِ وش قاعدة تخربطين!
جنان تتنهّد : هذا اللي بيصير ان شاء الله.
انتفضَت أطرافها وهي تتراجـع خطوةً مضطربةً للخلفِ ومحاجرها تكادُ تلفظُ أعيُنها من ذهولِها، فكرة أن يعودا أتكون واقعًا في يوم؟ ما هذا الجنووون!!! . . ارتفعَ صدرها بنفسٍ حارق ليهبطَ بشدّةِ انفعالِها، شتّت عينيها بتيه، ما هذا الجنون التي تقوله؟ ماذا يعنِي؟ ماذا يعنِي أن لا تريده؟ مــاذا !!
تحرّكت أحداقها بتشتّت هنا وهناك ، سقطَت فجأةً عليه، هو منبعُ كلّ هذا الضياع، هو من أوى سكونها في صدرِه ورفض أن يردَّه، هو الذي تمادَى بعصيانِ شريعةِ وِحدَتهما معًا، هو الذي يتسبّب بكل ذلك! هو الذي يقتُلها بكلّ بجاحةٍ وتمكُّن!
تجمّدت عيناها، نظرت لهُ بأحداقٍ احترقَت بقهر، لا تدرِي ما معنى ذلك، لكنّها كانت تنظُر لهُ بحقد، بتحدّي وهي ترى عيناهُ تنظُر إليها بصدمةٍ من وقوفِها مع جنان ... لن يتلاعِب بها، لن تسمح !!


،


دخَلت للغرفـةِ بعد مضيّ نصفِ ساعةٍ من صعودِه، مرّرت أحداقها في حنايا الغرفة لتجدَها خاوية، عقدَت حاجبيها لتوجّه عينيها مباشرةً باتّجاه بابِ الحمام الذي فُتح وخرج منه أدهم وهو يرتدي بنطالًا قطنيًا والمنشفةُ تسترخِي على كتفيهِ العاريين ، أخفضَت نظراتها بربكـة، كادت تستدِير لتخرج، لكنّها ترددت، لم تستغرق الكثير وهو يتابعها بطيفِ بسمةٍ خافتـةٍ وهو يتحرّك نحو السرير كي يجلسَ على طرفِه ويتابعها بصمت، ينتظِر ردّة فعلها التي طالَت قبل أن تزفُر زفـرةً حارقةً ومن ثمّ تمدُّ يدها لمقبضِ البابِ لتغلقهُ وحسب.
اتّسعت ابتسامـة أدهم دون معنى واضـح، في حين استدارَت إلين بهدوءٍ دون أن ترفع نظراتها نحوه وهي تهمسُ بنبرةٍ متّزنة : البس .. ودّي أحكي معك.
ارتخَت كفوفه فوق ركبتيه باسترخاء، اعتلَت على ملامِحه عبثٌ معتادٌ لم ترَه من إشاحتها لعينيها، مالَت ابتسامته قليلًا بغرورٍ وهو يصلبُ ظهره ويلفظ باستفزاز واضِح : تعالي نشّفي شعري.
رفعَت إلين عينيها مباشرةً إليه وهي ترفعُ حواجبها باستنكار : نعم!
أدهم يكرِّر ببطءٍ وهو يضعُ ساقًا على أخرى ليضعَ كفوفه كلتاهما على ركبةٍ واحدة : تعالي نشفي شعري !
انخفضَ حاجبٌ ليرتفعَ آخر بعدوانيّةٍ وهي ترمقُ ملامحه المسترخية والمتلاعبـة، وبنبرةٍ جامـدة : تبيني أنشّف هالكومة الشعثاء والحابسة للماء؟ هذا إذا ما ضاعت المنشفة بين خصلاتك بعد.
أدهم : يا حبّك للمبالغة.
إلين تزفُر بقلّة صبر : وأنت يا حبّك لنرفزتي.
رفعَ حاجبًا بعبثٍ مُنتصِر : تعترفين أجل إنّي أنزفزك؟
إلين تتحرّك مقتربةً منه وهي تلفظُ بنبرةِ غرورٍ من الجهةِ الأخرى : أعترف إنّي أنرفزك أضعاف .. وش هالحياة السطحية يا شيخ بس! صايرة بزرة معك.
أدهم يكتم ضحكته ليبتسم بسخرية : زين وأنتِ عارفة.
وقفَت أمامه مباشرةً لترتفعَ عيونه بشكلٍ تلقائيٍّ وابتسامته تلك تتغيّر وهو يشعُر بيديها تحملان المنشفة من على كتفيه لتضعها على رأسه، لفظَت تبتسمُ بغيظٍ فرّغته بشكلٍ مباشرٍ في طريقةِ تجفيفها لشعره، كانت أقرب للفرك العنيف الذي جعله يضحك دون أن يستطِيع السيطرة على ضحكاته وهس تهتف : تراك في القائمة معي ... مُراهق!
أدهم بضحكةٍ وهو يحاول أن يثبّت رأسه الذي يتحرّك مع عنفِ حركاتها : بس اعقلي رجّيتي دماغي ..... بنت بس!
رفعَ كفيه ليُمسك كفيها ويوقفها عمّا تفعَل، أطاحَ بالمنشفةِ جانبًا برأسه الذي نفضه ليسقط منه، ومن ثمّ نظَر لها رافعًا أحد حاجبيه مُبتسمًا، بينما كفيه لازالتا تمسكان يديها : هذا اللي تبينه أدري عنك ... تبيني أقول ليتني ما قلت لك تنشفين شعري.
إلين تبسم : والله عاد هذا أسلوبي ما عجبك مو شغلي.
سحبها لتجلس بجانبِه، وهو يتغاضَى عن الخوضِ في حديثهِ أكثر، وبرويّة : أي وش كان عندك؟ قلتِ تبين تحكين معي؟
ارتبكَت قليلًا في بادئ الأمـر، إلا أنها سرعان ما تنحنَحت لتنظُر له من طرفِ عينها بنظراتٍ تلتوِي كخصلاتِ شعره التي أشعثتها بفوضويّة كفيها الحادتين ، وبنبرةٍ هادئـةٍ ظاهريًا : إيه . . كنت ، كنت يعني أبي أتكلم معك بخصوص الموضوع اللي تكلمَت عنه عمتك.
رفعَ حاجبهُ الأيسر وعيناهُ تتجمّدان بقسوة، ورغم أنّه أدرك أيّ موضوعٍ تقصد إلا أنه سألها بنبرةٍ باردة : أي موضوع.
لم ترتبك من نظراتِه تلك ونبرتِه، بل تابعَت بثقةٍ وهي تثبّت عينيها على عينيه : أمّك.
ابتسمَ دون تعبير : شفيها؟
إلين : ما فكرت تدور عليها؟
أدهم دون اهتمام : لا.
تحرّكت لتسدِير إليه بكامِل جسدها وهي ترفعُ حواجبها باستنكار : ليه؟
نهضَ وهو يسحبُ المنشفة بكفّه ليتّجه للخزانةِ ويلفظَ بنبرتِه ذاتها : مو مهتم . . * أدار رأسه نحوها ليردف وهو يرفعُ حاجبه * ممكن أعرف وش مناسبة هالسؤال؟ وش يخصِّك!
عقدَت حاجبيها وهي تقبضُ كفيها على ركبتيها ونظراتها تغزوهُ باستنكارِها، تغزوهُ برفضِها تلك الإجابـة الجافّة! الفطـرة أن يلقِي الانسـان اهتمامه لانتمائِه، كيف قد لا يُبالِي؟ هل هو ضمن قاعدةٍ شذّ عنها أم أنّ القاعدة عدم المبالاةِ وهي من شذّت فقط!؟ .. ارتفعَ صدرها بهدوءِ أنفاسِها، مرّرت لسانها على شفتيها وهي تحرّك أحداقها في ألوانِ الغرفة الكئيبة ، وبصوتٍ فاتـر : شلون ما تهتم؟
وكأنّها أصابَت بصوتِها وكلماتِها إدراكه، الصلابة التي كانت ملامحهُ تحياها والقسوة التي كانت بين تقاسيمِه تلاشت ليرقّ وجهه، أصابت إدراكهُ بعواطِفها تجاه هذا الموضوع تحديدًا، حينها عقدَ حاجبيه قليلًا ، استدارَ بكامِل جسدهِ وهو يبتسمُ بحنـان : يقدّر العائلة من فقدها .. كونِي مؤمنة بهالشيء ، لأنّي أقدر معنى أم وأب حتى لو ما وضّحت!
ارتعشَت شفاهُها بضعفٍ لتُشيح بنظراتِها عنه وهي تشدُّ قبضتيها بشدَّة، نظـرت للأرضيـة بفراغ، في حين اقتربَت خطواتُه حتى التصقَت أقدامهُ بأقدامِها، لم ترفـع رأسها إليه وهي تزفُر وتطرد ضعفها، بينما هتفَ أدهم بخفوتٍ موضِّح : من سنين طويييلة ما عرفت عنها غير اسمها الأول ، تصدقين؟
اتِسعت عيناها دون تصديقٍ وهي ترفعُ رأسها بملامِح مستنكرة، حينها ابتسـم وهو يعودُ للجلوسِ بجانِبها ، ذراعـه التوَت حول كتفيها ليقرّبها منهُ ويسكنَها على صدرِه الدافِئ ، نبضاتُه وصلت إليها بهدوئِها وهو يردف ليوضِّح أكثر : أبوي ما كـان معترف فيها ، من تركها وتزوّج أمِك صرت ولدها اسمًا .. ما استقرّيت في هويّة صح .. أدهم ولد رقيّة ، هذا اللي ولدت عليه وكبرت وأنا أدري إنه غلط ، ما قدرت أعدّلها لأنه مافيه اثباتات .. أبوي كان متزوّجها شبـه عُرفي وزواجهم مو مثبّت في المحكمة ، يعني بحْ، مالها وجود.
هل عانـى مثلها؟ وربّما أكثـر .. كانت تكبُر وهي تظنُّ أن لا عائلـة لها وأنها كانت قد جُلبت للدنيـا من رحمٍ أحلّ الحرام ، وكانت امها كذلك فعلًا، لكنّها فعليًا يكون لها عائلـة رغم الزيف .. عانـى أكثر؟ لأنها لم تُدرك إلا قريبًا لتبدأ صراعاتِها، بينما هو منذُ صغره يصـارع محيطه لأجـل الحقيقة ولم يجِدها.
رفعَت رأسها إليه وملامِحها تتعجّنُ بعطفٍ وفي ذاتِ الوقت بتساؤلاتٍ جما .. لم تستطِع حبسها لذا هتفت بخفوتٍ متسائل : وشلون تزوجتني إذا أنا وأنت بنفس هويّة الأم !
أدهم بهدوءٍ وهو يمسـح على شعرِها الناعـم برقّة : عشـان كذا ما مانعت تجديد الزواج .. ما استبعدت وقتها إنّ فيه أشياء غلط ما تدخل الراس وممكن يكون فيه تلاعب من أحمد عشان يسرِّع الموضوع وبس.
إلين بشرودٍ حزينٍ بعض الشيء لذكـره : همممم.
أبعدها عنه أدهم قليلًا وهو يمرِّر لسانه على شفتيه : خلينا من هالموضع ، بس بوضّح لك إنّي اهتميت ... الوقت راح ، حاليًا مافيه فايدة ، ما راح تعرفني حتى لو كنت أعرفها.
إلين بفضولٍ تلتمـع بها عيناها بصورةٍ تجعله يبتسم : عندك صورة لها؟
أدهم يكتـم ضحكته : بعدين اوريك .. مع إنّي عارف بتبدين بمقارناتك وتقولين ليه ما أخذت منها كِذا وكِذا.
إلين تُميل فمها بمكر : تراك شين.
أدهم باستفزاز : انعكاسك.
كشّرت في وجههِ لتقفَ وهي تلفظُ بتهكّم : أغبـى كلمة ، ترى عيونك تفضحك وعارفـة وش قد تشوفني جميلة.
أدهم : هههههههههههههه يا رب ارحمني.
إلين بغرورٍ ترفعُ أحد كتفيها : وش قد تحبني؟
أدهم يبتسِم برقّة ، ودون تحفّظٍ لفظَ باستغلالٍ لفُرصٍ تجي على طبقٍ من لحظـاتْ ذهبيّة ، لا تكون فيها عادةً تجاريه الحديث ، تُهديه ابتسامةً وعفويّةً تُهلكه : قد ما أنتِ جميلة.
رغـم الغرور الذي كـان يغزو ملامِحها إلا أن وجناتِها احمرّت ليتلاشى معها وهي تُشتّت عينيها عنهُ وتعضّ طرفَ شفتِها السُفلى، رغـم الاحتكاكاتِ الكثيرةِ والصاخبـة بالتمادي إلا أن تعبيراته تشتّت ثباتها وتجعل الخجل يغزوها كجيشِ حربٍ أصاخُوا في الأسمـاع انتصارًا . .
اتّسعت ابتسامتهُ بمكر ، وفي اللحظـة ذاتِها بانتشاء. أحبّك زهرةً أنا ساقُها ، أنا شوكها .. أقلّك على صدرِي ، وأنهشُ بشوكِي بُعدك. أحبّك أغنيةً أنا لحنُها، أنا عازُفها .. أزيّنها بحضوري، وأمتلكها في اللحظةِ ذاتها. أحبّك قمرًا أنا ليله .. كلّما اشتقتُ ضوءً أسعفتِني ، وكلّما غِرت عليكِ من العيونِ ظلّلتُكِ بغيمي. هكذا ببساطة !
وقفَ ليقفَ خلفها مباشرةً وهو يمدُّ كفيه ليثبّتها قربه من خصرها، لم تكُن قد ابتعدَت لكنّه يدرك أنها كانت لتفعلَ لذا سابقها بتثبيتها وهو يهمسُ من خلفها بحبور ، وبنبرةٍ آمـرةٍ في اللحظةِ ذاتِها : حبيني .. حبيني يا إلين إذا بغيتِ ويا نجلاء إذا بغيت.
حبِيني مثل سما قيّدت غيومها ببياض عشان ما تنزل مطر وتبوس الأرض. حبّيني أنانية عن كل البشر إلا أنا!
ابتلعَت ريقها بصعوبة وقلبُها تتصاعدُ نبضاته بشدّة، بينما شدّ هو على خصرها ليقرّب شفاههُ من رأسها ويقبِّل شعرها مُستنشقًا عبيره.

يِتبــع ..

 
 

 

عرض البوم صور كَيــدْ  
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
ليلاس, لغز, أكشن, القدر, الكاتبة كيد, انتقام, يوسف, رواية رومانسية, سلطان, غموض, عانقت, قيود, كيد
facebook



جديد مواضيع قسم الروايات المغلقة
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t195238.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
Untitled document This thread Refback 02-10-16 06:32 AM


الساعة الآن 11:18 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية