لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > الروايات المغلقة
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

الروايات المغلقة الروايات المغلقة


 
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (1) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 01-09-16, 08:30 AM   المشاركة رقم: 906
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jun 2014
العضوية: 267722
المشاركات: 575
الجنس أنثى
معدل التقييم: كَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 947

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
كَيــدْ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كَيــدْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر

 




،


الخامسـة والنصف مساءً ، دخـل المنـزل بخطواتٍ واسعـةٍ عجولة، كـان يريد فقط أن يستحمّ سريعًا قبل صلاة المغـرب وحسب إذ كانت عودته على مضض . . اتّجه للدرجِ مباشرة دون التفكير بشيء، لكنّه توقّف في مُنتصفِه وهو يعقدُ حاجبيه ما إن وصَلت إليه ضحكةٌ من إحدى الغُرف القريبة، استرخت ملامحـه باستنكـار، ومن ثمّ تراجـع لينزل من جديدٍ ويتّجه للغرفـة التي ظنّ أن الضحكـة جاءت منها، وما إن وقف أمام البابِ حتى وصل إلى مسامِعه أصواتٌ تداخَلت ، أدرك أصحابها، حينها تنهّد وهو يمدُّ يدهُ ويفتح البـاب.
اتّجهت العيون إليه، رأى بوضوحٍ ملامـح غيداء التي استرخَت ، ابتسامـةٌ جعلته يبتسمُ رغمًا عنه، ومن ثمّ وقفَت لتتّجـه نحوه، وقفَت أمامه وهي تُشير لهُ باصبعها أن يُخفض وجهه من فارق الطول بينهما، حينها ضحكَ ضحكةً قصيرةً ليُخفضَ وجهه إليها، قبّلت خده برقةٍ ومن ثمّ همسَت : أنا زعلانة منك.
سلطان يبتسم : افا بس! ليه؟
غيداء : لك فترة طويلة ما جيت تزورنا ، ولا حتى تكلمنـي ، والحين يوم تتّصل عليك غزل تقولها بخلص شغلي وأجيكم! لهالدرجة ما نسوى شيء عندك؟
عقدَ سلطان حاجبيهِ وهو يرفعُ نظراته لغزلْ التي أشاحت وجهها عنه بربكةِ خوفٍ ونظرت للأسفـل دون أن تمتلك الجرأة على التحديقِ بِه، قسَت ملامحه، لكنّه سرعان ما نشر فيها اللينَ وهو يضعُ كفّه على كتفِ غيداء، ومن ثمّ يلفظُ بحنان جعل قلبَ غزل ينبـض بشدّةٍ شوقًا إليه : معليش حبيبتي ، ما فيه شيء أهم منكم بس وش أسوي هذي التزامات ماهي اختيارية من عندي ، حاولت أخلصها بسرعة وأجيكم.
غيداء تبتعدُ عنه وهي تصدُّ بوجهها بعتب : ما أعذرك .. زعلانة منك.
سلطان يعبثُ بشعرها ببعضٍ من الجلافـة، تحرّك وهو يضحكُ بعد صرختها المكتومةِ غضبًا من كفّه التي أفسدت شعرها المُرتّب ، اتّجه سلطان إلى امه، انحنى إليها ومن ثمّ قبل رأسها وخدها ، وبهدوءٍ باسم : حيّ الله ست الكُل.
ام عناد ترفـع حاجبها : الوضع نفس أختك ، لا تلعب علي بكلمتين.
سلطان : افا ! شفيكم لهالدرجة زعلانين؟
ام عناد تمدُّ يدها نحو الطاولـة أمامها، حملت كأس الشـاي ببرودٍ لترتشفَ منه ومن ثمّ تلفظُ دون أن تنظُر نحوه حتى : مالك حق تسأل.
سلطان يجلسُ بجانِبها وهو يبتسـم، مدّ يدهُ ليدها ليحمـل كأسها، ومن ثمّ وبحنان : تدلّلوا ، مين له الحق يتدلّل غيركم؟!
غيداء تتحرّك نحو غزل ، جلسَت بجانِبها وكفيها لا زالتا ترتّبتنِ شعرها، وبحقد : غـزل طبعًا ، من تزوجتها وأنت ساحب علينا أكيد الدلال لها بـس.
سلطان : هههههههههههههه لا والله ما انخلق اللي ياخذ مكانكم عندي ، محد يستاهـل الدلال والحب من نساء الدنيا غيركم.
لفظَها بجدّيةٍ واضحـةٍ لمسامع غـزل التي ابتلعَت ريقها بأسـى، تتقوقـع حول صمتِها، لا تجِد سوى التبـاعد ، النأيُ عن دائرتـه التي لُفظَت منها، غريبـةٌ في أرضـه! أن يكُون موطِنها وهي فيـه " بدون "! كيفَ لا يكون هذا المُصطلـح قاسٍ الآن! أن يمرُّ على قلبها مرورَ الكرامِ ولا يخدشـه ، جراحِي ثكلـى ، عظامُها هشّةٌ لا تجِيد الجبـر، شروخُها لم تجِد ما يُكمّلُ تشوّهـاتها ويُلاشِيها . . جراحِي كُهَّل ، وثكلـى كأمٍ نافسَت السنينَ وهزمتها في تجاعيدها ، لم تُنجِب من رحمها يومًا إلا مولودًا مـاتَ ، سعادةً وُئِدت ، وخرجَت من الدنيـا رغم العُمر المديد . . خاسرة!
عضّت شفتها السُفلى، تقبضُ كفيْها على حُجرها وتنظُر للأرض بفـراغ ، ترى هذهِ الأرضَ تثورُ بشقوقها، من قـال أنّها أرض؟ الأرضُ لها هـو ، إلا أنها كانت أرضًا قاحلة، لا تُسقيها ولم تكُن تضاريسها تُلائمُ نموّها فجفّت !
غيداء تُميل فمها وهي ترفعُ حاجبها : تلعب علينا بهالكلمتين؟ المشكلة ما نرضى عليك ، هذا اللي يوقف بصفك.
سلطان يقرّب طرف الكأس من فمِ امه كي يجعلها ترتشفُ من يدهِ وهو يلفظُ بحنـانٍ بينما ذراعهُ تُحيط كتفها : أهون عليكم؟
ام عناد تبتسمُ رغمًا عنها بعد أن ارتشفَت القليل : هذي المشكلة ما تهون.
سلطان بابتسامة وهو يضـع الكأس على الطاولـة : أي شلونكم؟
ام عناد تمرّر لسانها على شفتيها وهي توجّه رأسها إليه وتلفظَ بنعومة : طيبين دامك بخيـر، على فكرة ترى عنـاد جاء بس لما عرف إنك مو موجود راح.
سلطان ببرودٍ غسلـه فجأةً حين ذكرت اسم عنـاد : بتّصل عليه بعدين.
ام عناد بجدية : شلون عمك؟ طلع من المستشفى؟!
سلطان يبتعدُ عنها عنها قليلًا ويعتـدلُ في جلوسِه، وقعَت عيناه على غـزل ، استطـاع قراءتها بسهولـة، ملامحـها التي تغرقُ في بؤسها في هذهِ اللحظـات ، كـانت واضحـة المعالم، وربّما لو تركّزت نظراتهما على وجهها لاستطـاعتا استنباطَ شيءٍ مـا ، لفظَ بجمودٍ وهو يقف : بيطلع بكرا إن شاء الله ، واحتمـال يسوون له عملية إذا لازمته آلام ظهره ، بس بالأول بينتظرون شوي.
ام عناد : الله يشافيه.
سلطان ينظُر لها بابتسامة : على أساس ما سألتِ عناد وعطاك الموجز؟
ام عناد : هههههههههههههه لا حبيت أسألك أنت عن التفاصيل.
سلطان يُقاطـع سلسلة الأحاديثِ بأن نظر لغزل نظرةً سريعـة ، ستبثّهم الأحداثَ من ملامِحها الكئيبة والمزعجة هذه!! وجدَ نفسه يلفظُ بصوتٍ لا تعبيرَ فيه وهو يتحرّك خارجًا من الغرفة : خمس دقايق وراجـع . . تعالي غزل أبيك بشغلة.
خرجَ وهو يسمـع صوت غيداء المُتذمّر : شُف شف قلة الذوق ! لاحـق على مرتك يا معفن.
لم يكُن ليبتسـم، ولم يكُن ليفسّر حتى وهو يبتعدُ عن البـاب، يتوقّف على بُعدِ خطوات، يضعُ كفيه على خصرِه، ويرفـع أحداقهُ قليلًا للأعلـى بقسوةٍ لا حدودَ لهـا، انتظـر حتى سمـع صوت البابِ يُغلق، ومن ثمّ تحرّك وهو يلفُظ بنبرةٍ حادة : تعالي وراي.


،


صعَد للسيـارة وهو يُلقِي السـلام ليرد عليه شاهين بابتسامـة ، وبهدوء : شلونك اليوم.
متعب يمدُّ ذراعيه بكسـل : مثل كل يوم ، بس تدري اليوم نمت معظم النهار، غثّني أدهم أمـس كان معنّد ما رضى يخليني أرجع بدري ، متعمد يسهّرني.
شاهين يرفـع أحد حاجبيه بضيقٍ من " طاريه "، يبدأ بتحريك السيارة وهو يلفُظ بضجر : هالرجـال وقح ياخي!
متعب : ههههههههههه ومع كذا أكلت اللي طلبه لك ، ما هان عليك.
شاهين بسخرية : للأسف ممنون له طول عمري ، هذا اللي يحدنِي قدامه.
متعب ينتبـه لرجلٍ يـشير لسيارة شاهين من بعيد، ضيّق عينيه وكأنه يعرفُ ملامحـه، كان أحد الساكنين في حيّهم ، ارتبك قليلًا، إلا أنه لفظَ ينبّه شاهين : فيه واحد يأشّر لك ، وقف شوف وش يبي.
شاهين يعقدُ حاجبيه، لم يحرّك رأسه بل بقي ينظُر للأمام وهو يلفظُ بحذر : لا ، غلط أوقّف وأنت معي حتى لو متلثّم أخاف يعرفك . .
متعب يقاطعه وهو يعدّلُ لثمته ويغطّي معظم أجزاء وجهه : لا وقّف له يمكن شيء مهم، وانزل له قبل يقرّب.
زفـر شاهين وهو يوقفُ السيارة، فتـح بابه بسرعةٍ ومن ثمّ نـزل حتى لا يـعطِي المجـال لذاك كي يقترب، خطى بهدوءٍ إليه وهو يبتسم ، ومن ثمّ مدّ يدهُ بعد وقوفه أمامه ، صافحه الرجُل ليلفظ : خفت ما تنتبه لي.
شاهين يبتسم بمجاملة : شلونك عمّي بو راكان؟
ابو راكان بهدوء : طيب وأنت؟
شاهين : نشكر الله ، سمّ عسى ما شر؟
ابو راكان بعد تردّد : الشر ما يجيك . . يمكن الموضوع ماله داعي ينذكر بس أول ما شفتك قلت أسلّم عليك وأقوله ما يضر.
شاهين بتوجّس : وشو؟
ابو راكان : أمس كنت شايف واحد تقُول المرحوم متعب ، نفس ملامح الوجـه حتى لما قربت منه كان نفس صوته اللي ما أنساه.
امتقـع وجه شاهين بصدمـة، ظهر عليه الارتبـاك ، حينها تدارك ابو راكان حديثهُ ليردف : ما أقصـد أضيّق صدرك بذكره ، الله يرحمه ويغفر له ... سبحانه يخلق من الشبـه أربعين.
شاهين يمرِّرُ لسانه على شفتيه، يقطّب جبينه بربكةٍ سرعـان ما أخفاها وهو يلفظُ برويّة : وين شايف هالرجّال؟
ابو راكان : بمطعـم .. شفيك بس انخرشت كذا؟ حبيت بس أقولك يعني أكيد مو متعب.
لفظَها بضحكةٍ مداعبـة، لكنّ شاهيـن كان متباعـد الروح عنه ، لم يبـالي بالردّ على مداعبـته تلك، وسرعـان ما أنهى اللقاء على عجلٍ بعذر انشغـاله، عـاد للسيارة، وما إن صعدَ حتى حرّكها مباشرةً وهو يلفظُ بنبرةٍ مُنفعلـة : شايفك أمس.
متعب ينظُر لهُ دون استعياب : نعم !!
شاهين بأنفاسٍ تتباطأ : شايفك أمس وأتوقع وقت كنت مع أدهـم * نظر لهُ نظرةً خاطفةً سرعان ما أعادها للأمام * الوضـع ما يطمّن ، قايلين من قبل أكثر شيء لازم نخاف منه إن أحد من اللي تعرفهم يشوفك ، والرياض أصغر من إنها تخبّي وجهك حتى لو كانت كبيرة ، أكيد كان بيصير هالشيء وأوّل الغيث اليوم.
تصلّبت ملامـح متعب، نظـر للأمام بصمتٍ مُضطرب ، في حينِ تنفّس شاهين بعنف ، وهو يلفظُ بنبرةٍ باهتـة : لمتى؟ متى بتكتمـل فرحة رجوعك يا متعب؟


،


مرّت سـاعة، وهو ينـام ورأسـه في حجرها بتعَب ، تسندُ ظهرها على السرير، بينما أصابعها تعبُر بين خصـلات شعره القاتمـة، لم تتحرّك من جمودِ جسدها الذي تصلّب في وضعيّتـه منذُ ساعة، لم يكُن يريد النوم بل أراد أن يسكُن إليها ، تجاهـل معارضة عينيها الواهنة في البداية، وأتمّ معنى الراحـة التي عناها ، أن يضـع رأسه في حُجرها، ويسترخِي مُغمضًا عينيه بينما يدهـا تربّت على صداعِ رأسه، تربّت بسكونها على ضجيجِ عقلـه . . ودون أن يشعر بنفسِه ، نام!
تطلّعت ديمـا للأمام بعينينِ ساكنتين، أصابعها لا تتوقفُ عن سيرها بين خصلاتِ شعره، وعقلها لا يتوقّف عن التفكيـر ، لمَ تهتمّ؟ لمَ لا توقظه الآن ولا تهتمَّ لاسترخائِه! قدماها تصلّبتـا ، فلمَ لم تفكّر رغم تصلّبها أن توقظه؟ تريده أن يركـن إليها، أن يستنـد بثقلهِ عليها، ورغم أنه خذلها ، لم تخذله!
تنهّدَت بصمت، انزلقَت كفّها الناعمـة بدفئها إلى عنقه، مسّدتها برقّةٍ تجعله يسترخي أكثر دون أن ينهـض، آخر صداماتهما كـان يقول لها فيها بكلّ عجـرفةٍ أنه المسيطر وأنه سيمنعها من العمـل من جديد! فلمَ تنصـاعُ لضيقِه!
تداخَلت أفكارها، تشوّشت، تريده أن يرتاح ويسترخي، وتريد من الجهـة الأخـرى أن تكسَب ، لا يستحق، لا يستحق ، نعم ، لا يستحق !!
تنفّست بعنف، ومن ثمّ أخفضَت عينيها إليه وقد قرّرت أن توقظـه ، نظرت لوجهه بحدّة ، لكنّها سرعـان ما ارتخت نظراتها، انسكَبت سكينةٌ على ملامِحها وهي تُراقبُ استرخـاء تقاسيمه في نومِه ، بدا لطيفًا على عكـس ما اعتادت ، كطفـل مهما كـان مشاكسًا، مزعجًا، إلا أنه في حُضن أمّه يستكينُ ويهدأ بصورةٍ فاتنة!
مرّرت لسانها على شفتيها باضطراب، ومن ثمّ حركت يدها الأخرى، لتُلامـس بأطراف أصابعها حاجبيه المُسترخيين ، وصوتها يهمسُ بصدى أجوفٍ في داخلـها : غبيّة !
تدرك أنها في هذهِ اللحظـة حمقاء! لكنّها كانت تُلامـس تقاسيمه بنعومـةٍ وحنان، تنصـاع للجزء الذي يريده أن يهدأ، تلمسُ أنفه برقّة ، وتعبُر بأمواجٍ ناعمـة إلى خدّه الصلب، تمسـح على شعيراتِ ذقنه ، لتجد نفسها أخيرًا تُخفض وجهها ، وتقبّل خدّه.
تلك القبلـة كانت ناعمـة كنعومـة شفتيها، كـانت رقيقة، كفراشةٍ حطّتْ على صخرٍ لم تُثقله ولم تُثبت تواجدها بوزنٍ متلاشي، كـانت قبلةً ناعمـة، إلا أنه فتـح عينيه الناعستين معها، في اللحظة ذاتها التي ارتفعَت فيها بهدوء، دون أن تنتبـه أنّه استيقظ.
حرّك سيف نظراته دون استيعاب، لم ينتبـه لعينيها اللتين اتّسعتـا بصدمةٍ ما إن رأت عيناه مفتوحتـان ، شعر بها ، بالتأكيد شعر بها !!
تنّفسَت بتسارعٍ وهي تُحاول أن تهدِّئ انفعالاتها وتُظهر له أن ما حدَث لا يعنِي شيئًا! لم تدرك أنّه لم يشعُر بها وحتى في نهوضِه لم يكُن مستوعبًا . . جلَس بهدوء، بينما ابتلعَت ديما ريقها بربكـة ، لم ينظُر نحوها وهو يمرّرُ أصابعه بين خصلاتِ شعره، وببحّةِ صوته الناعـس والذي يكبّل تفكيرها بقلبها! : أذن مغرب.
ديما وحنجرتها تضطرب ، لم يشعر، أم أنّه لم يـرى الموضوع يستحقُّ استغلاله أمامها! أن تختلـس من منامهِ قبله، هذا لا يعنِي شيئًا بنظرِه ، اثباتات ، وضعف! همسَت بصوتٍ حاولت جعله ثابتًا دون أن يهتزّ : باقي على الأذان نص ساعة.
سيف : همممم.
ديما بهدوءٍ ظاهري : أسوّي لك شيء يصحصحك قبل الأذان.
سيف يبتعدُ عن السرير بعينينِ ضيّقتين، اتّجه للحمـام، ومن ثمّ لفظَ بفتور : لا مالها داعي ، بتروش وأصحصح.
أومأت بهدوء وكأنه كان ليرى إيماءتها ، توقّف يضـع كفّه على إطار الباب، ومن ثمّ ابتسـم ابتسامةً هادئة، ليتمتمَ بصوتٍ لم يصلها واضحًا ولم تتبيّن معالمـها : الله لا يخليني من هالحضن.


،


" تعالـي وراي "
زخّ فيها المزيدَ من ارتبـاكاتِ السكُون ، لو يعلمُ فقط ، كيفَ أنّها طيلـة الليالـي المغـادرة ترحلُ بسفينـةٍ من مينـاء إلى آخر وكلُّ الموانئ زائلـة، أو فقط ، هلاميّة! تصبـح شفّافةً حتى لا تراها ، فلا ترحـل ، ولا تصل!
لو يعلـم فقط، أنّها باتت تكـره الليل! تحبّه، وتكرهه في آن ، لالتمـاع نجمةٍ وهي ضاحكـةٌ بسببه ، ولانكسـار بدرٍ في " هلالٍ " وهي تبكيه منفى عنه!
لو يعلـمُ فقط، أن السُحبَ التي تختفي في الليلِ تُشبهها، وأنّ الفراشـاتِ التي تنجذبُ للشموعِ وتحترق ، هي!
كم من الضعفِ تمتلك، كم من الظلامِ اغتالها ، لتنجذبَ لأقـربِ نور محاولةً الانبعـاث من جديد، ودون أن تُحيا ، تحطّم ضريحها وحسب ، ويتلاشى اسمهـا من الوجودِ - ميّتًا!
تبعتـه ، لم تدرِي ما مشاعرها في تلك اللحظة، سوى أنّها تستسـلم، فقط تستسـلم، وتُسلّمه أمرها كلّه . . دخـل للمطبـخ، عقدَت حاجبيه قليلًا باستغرابٍ وهي تدخُل من ورائِه ، رأته يفتح الثلاجة ليُخرج الماء ويشرب بينما عينـاه تسقُط إليه، وقفَت بربكـة عند الباب ، لكنّها لم تكُن سريعةً كفايـةً واستطاع أن يلحظَ عرجها ، ابتسَم بسخرية، وهو يصبُّ من الماءِ البارد في كوبٍ زجاجي، يُديرها ظهره، ومن ثمّ يلفظُ بنبرةٍ جافّة : صبّي مويا لهم ، أقـل شيء ما ترجعين بدون شيء.
ابتسمَت دون تعبير، ومن ثمّ تحرّكت بانصيـاع، وهي تحرّك شفاهها بكلماتٍ لا صوت لها، بكلماتٍ تردّد صوتها في صدرها وحسب : أرجع! أنت تدري إنّ الموت ما منّه رجوع ، وأنا أموتك بكل لحظة ولا أحيـا من بعدها إلا جسد! أموت مرتين ، ثلاث ، أموتك للا نهـاية يا سلطان!! أنت الموت اللي ما يسبقه إلا موت! أنت الموت بطريقة مختلفة ، موت يعني حياة غريبة، ولذيذة!
غسلَت كوبين ، بينما استندَ سلطان بكفهِ على الطاولة الخشبية، مـال فمه باستخفاف، وبتساؤلٍ جافٍ لفظ : ليه ما اتصلتِ؟
غزل بصوتٍ لا تعبير فيه ودون أن تنظُر نحوه : كنت بتعصب مني لو سمعت صوتي.
سلطان بسخرية : اها صرتِ تعرفيني ... أكيد كنت بعصّب برافو عليك . . طيب ليه ما ارسلتِ لي؟ تحبين الكذب بكل صغيرة وكبيرة.
ابتلعَت ريقها بربكة، كفيها تجمّدتـا تحت الماءِ المندفـع ببرودتِه دون أن يجدَ معنًا للهدوء، لم تردّ عليه وصدرها يرتفـع في أنفاسٍ راحلـة، أين تذهب؟ أين يذهب الأكسجين ويمضِي عنها لتختنق أكثر بعد رحيلِ عنصرٍ يغنيها عن كلّ مقوّمـاتِ الحياة! . . تسارعَ علوّ صدرها وانخفاضـه، في حين تصلّبت ملامـح سلطان أكثر وهو يُردف بقسوة : لازم عقـاب لأنّك تعمّدتي تحرجيني قدامهم.
كـانت تدرك أنّه لم ينحـرج، بينهم الكثير من الشفافيّة كـي لا يضخّم الموضوع، لكنّه كـان يريد ، فقط كان يريد أن يضخّمه !
لفظَ ببرودٍ وهو يبتسـم : تعالي.
غزل تضعُ الكوبين جانبًا، تستديرُ بربكةِ حواسّها، تنظُر إليه بوهن، ومن ثمّ تهمسُ بجزع : لو ودّك تعطيني الكف الثالث ترى محنا بروحنا ، يعني ممكن يطلع الأثر لعيونهم.
سلطان وزاوية فمه ترتفـع بسخرية : شايلة هم ذلّك واهانتك قدامهم كثير؟
غزل بغصّة : عارف إنّك تهينني.
سلطان : هذا المطلوب.
غزل ترمُش بعينيها، تفقدُ إرادتها تجاهَ جسدها الذي تشنّج ، حركةُ أهدابها كانت رغمًا عنها، تنبضُ عضلاتُ ملامحها بشدّةِ الألـم وتشعُر أن آلامَ وركِها تتضاعـف بعد أن خفّت وطأتُها ، يهزمها بنبرتِه وبصوتِه الجـاف، بالكلماتِ التي تبتغِي ذلّها وهو الذي في يومٍ مـا غضبَ على والدِها، في ليلـة العيد، حين تجرّأ على إرادةِ ضربـها ، غضب ، والآن هاهو يبتغيه لها، فقط ليذلّها ويهينها به.
همسَت بصوتٍ يختنـقُ وهو تُغمض عينيها المرتعشتين : لوين بنوصل؟
سلطان وخطواتُه تتحرّك نحوها ببطء : لراحتـي.
غزل : بترتـاح لما تخسر نفسك؟
سلطان بقسوة : أخسر نفسي ليش؟ مين أنتِ عشان أخسرها بسببك !!
عضّت طرفَ شفتها وهي تفتحُ عينيها وتنظُر للأرض بأسـى، تشعُر باقتـرابِ خطواته، لا تدرِي ما الذي ينتويه بالضبط ، ضربُها ! هذا هو الأرجـح . . لمحَت أقدامـه ، حينها ابتلعَت ريقها، وتصلّبَ جسدها أكثـر ، تضاعفَت آلامُها وتضخّمَ في صدرِها أنينٌ صامـتٌ ينتظر خلـوةً عادَت بها إلى أيامها القديمـة ، أيـامها التي اهترأت وعادت تتجدّدُ اليومَ بينَ غلافيْه.
وقفَ أمامها حتى كـاد جسده أن يلتصِق بها، مدّ يدهُ فجأةً لتتّسع عيناها وهي تتنفّس بسرعةٍ أكبـر ، يدبُّ فيها الخوفُ ممّا سيفعلـه، لا تدرك قسوته كمـا يجب، لم تجرّبها كثيرًا، لذا كـانت الآن غريبةً عليها، لا تفقهها!
قبضَ بكفّه على ذقنها، رفـع وجهها بقسوةً إليه لتسقطَ أنظاره على عينيها المتّسعتين ، ابتسمَ بسخرية، ومن ثمّ همسَ بحيرة : كم كف قد عطيتك؟
ظلّت تنظُر له بملامِحها المتجمّدة، شفتيها تنفرجـات، أحداقها ترتعـش بينما أجفانها تتبـاعدُ بذعر، كـانت تتنفّس بسرعـة، يغادرها الأكسجـين ويدبَّ في جسدها هرمون الأدرينـالين ، يُثبّطُ من انفعالاتِ هذهِ اللحظـةِ وهي تقرأ في عينيه سخريةً مـا ، قسوة ، وحدّةٌ تأمـرها أن تُجيب !
همسَت بصوتٍ مرتعـش : ليه تسأل؟
سلطان يشدُّ على ذقنها بحدّة، وبعينينِ تشتعـلانِ بقسوتِه : إذا سألتك ما تردّين بسؤال ، بس ما يضـر . . أبي أتأكد حاسبتها زين أو لا.
غزل تبتلـع ريقها وهي تنظُر لملامِحه بنفور، تريد أن تبتعدَ عنه اتّقـاءً لقسوتِه وتُقيـا لسلطان القديم ، تريد أن تبتعد، لكنّه يشدُّها إليه بملءِ قوّته . . هتفت باختنـاق : حاسبتها ، تطمّن.
سلطان يبتسمُ ببرود ، ابتسامةً أدركت أنها ستلحقـها بألم! . . نطق بنبرةٍ جامـدة : كم وحدة؟
غزل بحسرة : ثنتين مع شويّة خسارة لنفسك.
سلطان بسخرية تجاهـل ما نطقت بعد ذِكر العدد : وعلامات أبوك بجسمـك . . كم؟!
شحبَت ملامحها، وارتخَت أعصابها بصدمةٍ من سؤاله ، شيءٌ مـا ، شيءٌ مـا ، كان قد تضخّم في حنجرتها ، شيءٌ مـا ، كـان قد غُرِسَ بذرةً في صدرها، ونمـى بعد انغراسِه مباشـرة ، صديد ، مرارة ، شيءٌ تشعُر بِه يُثير بها الغثيـانَ ويقتُل سكونَ أحشائِها.
منذُ متى كـانت الكلمات " زقومًا "! تقتـل من يقتاتُ عليها ، منذُ متى كان صوتك عذابًا وكنت قاسٍ هكذا! قاسٍ بدرجةٍ لا أدري كيف عساها تحصرُ الوجـع في صدري! هل هو محصور؟ هل هذا الوجـع محصورٌ أم أنّه تجـاوز الأعدادَ حتى عـاد صدري يا سلطان كالعرجون القديم اصفرَّ وتقوّس في ظلامِ سمائِك ! كـان صدري من قبلك كالعرجون واليوم عاد! عـاد بِك، بعد أن اكتمـل بدرًا بكَ أيضًا.
تراجَع جسدها بهوان ، لكنّها لم تجِد خلفها سوى زاويـة المغسلة التي انطفأ ماؤها، كـانت تنظُر لوجههِ بملامـح اهترأت، وجلدٍ اصفرّ وأطرافٍ انكسرت! تقوّس فمها في ألـمٍ جارف ، لا تدري متى ترك ذقنها، لم تكُن تعيشُ لحظـة تركِه له ، لم تنتبـه ، وهي تهمس باختنـاق : مو من الرجُولة تعايرني بحياتِي قبل.
سلطان بجفافٍ استطاعت أن تقرأ بمسامعها التهديد المبطّن خلفه : للمرّة الثانية تجيبين طاري الرجولة ... وبتجاهله مع إنّي أبيك تزيدين فُرَص عذابك.
غزل بانهيـارٍ تكادُ دموعها أن تسقطَ إلا أنها كانت تقاومها بقوّةٍ لا تدري كيفَ امتلكتها : ما كـان لها عدد ، ولا لهـا وجود ، العذاب اللي يجي من شخص نكرهه ينتسى ، بس العذاب من اللي نحبّه خـالد! ويوجع ، يوجع أضعاف السنين اللي كانت عند أبوي يا سلطان.
سلطان ببرود : هذا المطلوب.
غزل بقهر : منت سلطـان ، بس أنا اللي جبتها لنفسي . . . عاقبني ، سوّى اللي تبيه ، وبعدها ارجع! ارجع لنفسك.
سلطان يتراجـع للخلفِ بعد أن ضربَ بأوتـار صدرها وعبثَ بنفسيّتها المُتهتّكة ، أشار بكفّه ناحيـة الباب ، ومن ثمّ لفظَ ببرود : ارجعي لهم بس لا تنسين المويا ، واسهري بالليل وعدّيهم ، أبـي إجابة واضحة لأنّ عيوني شافت لها وجود.
ابتسمَت بألـمٍ ابتسامةً تنعكـس بتقوّسٍ ينجرفُ لوادٍ عميق، تنكسـر شفاهها ، ومعها صوتُها الذي همَس : بيجي يوم وتكون أخذت بحقّك كامـل مني .. بعدها بيكون كل شيء انتهـى ، ما راح يظل لك عندي شيء، وبصير أقوى! لأنّي بهالوقت مافيه سبب لضعفي إلا أنت ، وذنبي بحقّك.
سلطان يتّجه للبـاب وهو يلفظُ بقسوةٍ ساخـرة : إذا هاليوم مرتبط بقوّتك فما راح يجـي . . اليوم هذا ، بتكونين فيه انتهيتي! وما فيك حيل تعيشين أكثر!!


،


اقتربَت الساعةُ من منتصفِ الليـل ، كـان قد دخـل للغرفـة وهو يمرّر كفّه على شعرِه المُشعث، يعجُّ بِها الكثيرُ من الظـلام، وقبسٌ من نورٍ أصفـر باهت، ابتسمَ ابتسامـةً خافتةً وهو يُغلقُ البـاب بهدوء، ينظُر لجسدها المُسجّى على السريرِ بشكلٍ أفقيٍّ والأوراقُ تتنـاثرُ من حولها، تحرّكت خطواتُه إليها، بدأ بتجمِيع الأوراقِ من حولِها في حزمةٍ واحـدةٍ ومن ثمّ وضعها على طاولـة المكتبِ القريب بجانِب حاسوبِه، عـاد إليها، ليحملها بحنانٍ ويعدّل وضعها على السرير ، سحبَ المفرشَ من أسفـلها، كلّ ذلك ولم تشعُر بهِ من شدّةِ إرهاقـها الذي ألحقته بنفسها، غطّى جسـدها النحيل، أغلق ضوء الأبجورة ، ومن ثمّ انحنى إلى وجهها ليقبّل أرنبـة أنفها برقّة ، ويهمسَ بخفوت : نوم العوافـي .. نجلاء.


،


في الصبـاح ، يلتئـم تواجدهم على إفطـارٍ روتينيّ من تعاليـم الطبيعةِ المحضة ، تمتدُّ يدها نحوَ كوبِ عصيرها وهي تبتسمُ لليان التي كانت تجلسُ بجانِب والدها وتمدُّ لسانها لها بعد أن شاكستها هيَ بحاجبيها.
همسَت وهي تستوي بقعودها : هالبنت صايرة مصيبة زود ، مافيه احترام يا شيخة!
صدّت عنها ليـان، بينما وقفَ يوسف بهدوءٍ وهو يتحمّد الله بعد انتهاءِ أفطـاره ، نظـر لجيهان نظرةً خاطفـة ، ومن ثمّ تحرك مبتعدًا وهو يلفُظ برويّة : خلّصي فطورك وتعالي ، بتكلم معك بموضوع.
جيهان تنظُر لهُ باستنكار : أنا وإلا أرجوان؟
يوسف يوجّه نظراتٍ حادةٍ إليها : أنتِ طبعًا! هو فيه أحد يحبّ المصايب غيرك!!
فغرت فمها بصدمة، وأحداقها اتّجهت تلقائيًا لأرجوان بعد أن دخـل لغرفته، ارتبكَت قليلًا ، واستطاعَت أرجوان قراءة سؤالها الذي لفظته بصمتٍ مرعوب، ابتلعت ريقها بتوجّس ، ومن ثمّ نظرت إلى ليان لتهمسَ بابتسامةٍ مرتبكة : ليون.
ليان تنظُر لأرجوان وهي تحرّك ساقيها من أسفل الطاولة : هممم.
أرجوان بشك : قلتِ لبابا إنكم شفتوا فواز ذاك اليوم؟
ليان تتناول كوب العصير وهي تلفظ : قلتله بس إن جوج قالت لي أدخـل وجلست تكلمـه.
شهقَت جيهان وهي تضعُ كفّها على فمها وتوسّع عينيها بشر ، تنظُر لها بغضب ، ومن ثمّ تقف وهي تلفظُ بصوتٍ مكبوت : حمارة ، حمـارة . .


.

.

.

انــتــهــى


أتوقع واضح الإرهاق في الكتابة من البارت :$ انعكس علي بشكل سلبـي ، وأكيد مو قدّ المستوى بس حاولت أطرحه على الوعد بتواجده مهما تأخرت يوم أو حتى كم ساعـة . .
البعض نبّهني على شغلة إن الأحد ربّما يكون عيد ، لذلك الموعد إن شاء الله بيكون الاثنين، يعني ثاني أيـام عيد الأضحى المبارك.

حابة أوضح لكم شغلة بسيطة، لما قلت راحة أسبوع بعد ثلاث أسابيع أكيد هالأسابيع بيكون فيها كل اسبوع بارتين نفس قبل، ولو حسيت إنّي ما أحتاج الراحة بعدها بنزل بالأسبوع الرابع أو على حسب الأحداث نفسها، يعني الأسبوع اللي برتاح فيه عادةً بيكون أسبوع اختاري على حسب نفسيتي، بوضح لكم بس عشان لو جاء هالرغبة بالراحـة محد بيلوم، مثل ما قلت ممكن أستغني عن توقّف الأسبوع هذا بحسب رغبتي في الكتابة وحسب حاجتي . . ونقطة ثانية ، ترى هالاقتراح جاء من إحدى متابعاتي اللي كانت ملاحظـة الضغط اللي أعيشه، فلا تفكرون إنّي اختلقته من العدم، أتوقع واضح الضعف اللي بديت أعيشه بالأجزاء ومو بصالحي.

+ حاولت يكون الجزء هادئ، وقفلته هادئة بعض الشيء بما أنّي بوقف هالفترة، ما بقول إن شاء الله يرضيكم، لأني أدري إنّه مو كذا :P بس بقول شكرًا لتفهّمكم ، راجعـة لكم بجزء ضخم ومليء بالأحداث بإذن الله.

ودمتم بخيـر / كَيــدْ !

 
 

 

عرض البوم صور كَيــدْ  
قديم 08-09-16, 09:31 PM   المشاركة رقم: 907
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
قارئ مميز


البيانات
التسجيل: Jun 2010
العضوية: 174082
المشاركات: 4,031
الجنس ذكر
معدل التقييم: fadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسي
نقاط التقييم: 4492

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
fadi azar غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كَيــدْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر

 

فصل رائع جدا

 
 

 

عرض البوم صور fadi azar  
قديم 11-09-16, 11:45 AM   المشاركة رقم: 908
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jun 2014
العضوية: 267722
المشاركات: 575
الجنس أنثى
معدل التقييم: كَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 947

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
كَيــدْ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كَيــدْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر

 






السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،
مسَـاء السعَادة على قلُوبكم اللطيفَة :$
كل عام وأنتم بخير الله يتقبـل من الجميع طاعته في هذا اليوم الفضيل ، ولا تنسُونا من دعوَاتكم :$*

الجزئية الأولى من بـات 81 بإذن الله راح تكُون بعد منتصف ليل اليوم ، وبحدد لكم الساعة بالضبط بوقت آخر بما أنّنا ببداية اليوم وما أقدر أعطيكم وقت ثابت ما أضمنَه ،
بحاول أستخلِص لي وقت كافي لتكملتـه بهاليُوم إن شاء الله ونعتِبرها عيدية بسيطَة لكم ()

 
 

 

عرض البوم صور كَيــدْ  
قديم 12-09-16, 01:36 AM   المشاركة رقم: 909
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jun 2014
العضوية: 267722
المشاركات: 575
الجنس أنثى
معدل التقييم: كَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 947

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
كَيــدْ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كَيــدْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر

 




السلام عليكم ، موعدنا راح يكون بنفس اليوم اللي حددته قبل التوقف - الاثنين - يعني اليوم واحتمال عالعصر
امي تعبانة وبنشغل معها ، عشان كذا للأسف ما قدرت أقدمه أقل شيء للفجرية مثل ما تمنيت :(

 
 

 

عرض البوم صور كَيــدْ  
قديم 12-09-16, 04:07 AM   المشاركة رقم: 910
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jun 2014
العضوية: 267722
المشاركات: 575
الجنس أنثى
معدل التقييم: كَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 947

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
كَيــدْ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كَيــدْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر

 





سلامٌ ورحمةٌ من اللهِ عليكم
صباحكم / مساءكم طاعة ورضا من الرحمن
إن شاء الله تكونون بألف صحة وعافية


بنزل نص الجُزء ذا عشان اللي كانوا منتظرين ، والنصف الآخر بينزل بعد بكرا مع إضافة أجزاء له ، أتوقع كذا نرضي الأطراف . .

بسم الله نبدأ ، قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر ، بقلم كَيــدْ !

لا تلهيكم عن العبادات



(81)*1



يغوصُ في نسيمِ الصباح وهدوئِه، يتخلخلُ سكونهُ ضحيجُ صوتها وعبثُ كفيها، عقدَ حاجبيه، كـان مستيقظًا وساكنًا أسفـل اللحاف، يضعُ الوسـادة على وجههِ ليظهر أمامها أخيرًا بهيئة النائِم، جلبَت إلى رأسِه الصـداع من العبثِ الذي ثُقيمه والضجيج الذي تولّدهُ بكفيها على الجمادات.
وقفَت إلين أمام مرآةِ التسريحةِ وهي تُغلق قرطها الؤلؤي، تنظُر لهُ عبر المرآة بحاجبينِ ينعقدان ترقّبًا، وبصوتٍ مرتفعٍ بعض الشيء : أدهـم ، الساعة بتجي 7 وامتحاني 8 .. قوم.
أدهم الذي كان يشعُر بها منذ البداية، أزاح الوسادة عن رأسِه لينظُر إليها بملامِحه الناعسة، شعره يُكمـل الفوضى التي اكتنـزت بها الغرفـة . . مرّر أحداقه على ما حولها، " بوكس " حذائِها الذي لم ترتدِه من قبل كان مرميًا بجانِب التسريحة، منشفتها ارتمَت بإهمـالٍ على كرسيّ التسريحة أيضًا، عطرها المفتوح، والكثير من الفوضى من حولها جعلته يرفعُ حاجبـه وهو يلفُظ باستنكـار : كل هالتخبيص أيش؟
إلين التي لم تفهمه أدارت رأسها إليه وهي تلفظُ دون فهم : وشو؟
أدهم بسخرية : يا الله الصبر يوم ورى الثاني انصدم فيك أكثر .. الحين هالحوسة تطلع من جامعية وفوق كذا متزوجة؟
لم تستوعِب في بادئ الأمر، بقيَت تعقدُ حاجبيها وهي تراهُ يجلسُ والوسادة التي كانت تُخفي ملامحهُ أمسكَ بها باسترخاءٍ على حُجرِه وهو يُشير لما حولها بابتسامةٍ مُستهزئة ، نظـرت حيثُ يشير لتنتبه للفوضى التي قصدها، حينها احمرّت ملامحهـا بحرج، تلك الحُمرة التي يهوى والتي يعشق، تلك النظـرة التي التي تهزمُ بورديّةٍ يراها بعينيه لونَ بتلاتِ زهرةِ أقحوانٍ ناعمـة، تخطفُ وجناتها شفافيّة ندى عكـس حُمرةً سقاها ونضجَت أكثـر . . كـاد يبتسم، إلا أنّه بتـر بسمته وأبقـى على السخريـة في ملامِحه، بينما رفعَت إلين نظراتها إليه وهي تتنحنحُ بحرجٍ وتلفظَ بخفوتٍ متدارك : برتّبها بعد ما أرجع ، لا تدقّق كثير وكأنّي بكامل استرخائي اليوم ، يعني المفروض تعذر أي تصرّف مني.
رفـع أحد حاجبيه باستخفاف دون أن يُجيب بكلمـة، عينيه عبرتـا عليها من أعلاهـا لأسفلـها بنظرةٍ أربكتـها، كانت ترتدِي قميصًا أبيضَ وتنّورةً تسبقُ كاحليها بسوداويّةٍ لم تطغـى على شفافيّة بشرتها، رفـع عينيه إلى عينيها وهذهِ المرّة كانت نظراتـه ماكرة، لم تفهمها لكنّها ارتعبَت منها لتقبـض كفيها وتسيرَ بربكـةٍ دون هدى لافظةً بربكـة : بيمشي الوقت بسرعة يعني قوم تجهز لا يروح امتحاني.
لم تغِب نظرته الماكـرة تلك وهو يرتمي بجسدهِ للخلفِ ويلفظ : وش دخلني بامتحانك أنا؟
إلين تنظُر نحوه بضجر : ينقصني غباءك الحين؟ قوم عشان توصلني.
أدهم ببرود يضعُ ذراعه على عينيه : ماني موصلك .. بنام.
اتّسعت عينـاها دون استيعابٍ بينما شفتيها انفرجتـا قليلًا، لم تتبيّن صدقـه جيدًا لتهتفَ بتساؤلٍ متوجّس : تمزح صح؟ ترى مو وقت مزاحك والله قوم واللي يعافيك.
أدهم يُزيح ذراعه لينظُر للأعلـى، تشبّثت نظراته في نقوشِ السقفِ بحيرةٍ زائفـةٍ يستذكر بها كلمـاتٍ قالتها لهُ البارحـة : أنا كلب وحيوان وحقير عشان كذا ماني موصلك، * وجّه عينيه إلى ملامحها المذهولة ليُردف بتدارك * آه صح وأنا سبب رسوبك قبل وطبعًا مظلوم بهالنقطة عشان كذا بكون سبب رسوبك الحين بكل صدق وإخلاص.
مرّت لحظـة صمت، لحظـةٌ واحدة ، قبل أن تشتعـل عيناها بانفعـالٍ وتتحرّك نحو الكومدينة التي وضـعت عليها هاتفها وهي تلفظُ بعنف : بتذلني على كلامي أمس يعني؟ كلب وحقير وحيوان وش تبي بعد؟
في لحظةٍ خاطفةٍ أدرك أدهم وجهتها، نظـر للكومدينة ليدرك ما كانت تريده بالضبط، جلس سريعًا لتعتلِي صرختها المكتومـة وهي تركضُ باتّجاه الكومدينة لكنّه كان أسرع ليسرق هاتفها وهو يضحك بانتصـارٍ وتلاعب : بتتّصلين بمين؟ محد بياخذك للجامعـة غيري عشان كذا خليك مُطيعة.
إلين تتراجـع للخلفِ بعد أن اصتدام ساقيها بالسرير، نظـرت نحوه بحقد، كـان قريبًا منها، يستندُ بإحدى ذراعيه على طرفِ السرير والأخرى ترتفـع بكفّها الحاملـة هاتفها، يلوّح بهِ باستفزازٍ وهو يبتسـم بانتصـار، بينما اشتعلَت في ملامحـها مشاعر الازدراءِ والحقد، وبقهر : ماني بحاجتك ، بيوصلني ياسِر لو ما تبي.
أدهم ببرودٍ يدسُّ الهاتفَ في جيبِ بنطالِ بجامته، رغـم أنّ اسمـه يُشعلـه إلا أنّه أطفـأ اشتعاله قبل أن يؤثّر بِه ، لمَ قد يبقـى حبيسَ ماضيها وهي التي بدأت تتجـاوز ماضيه وتتقبّله مبدئيًا؟ ليسَ عدلًا منه أن يحاسبها على ذلك، لكنّه بالمقابل، لم يكُن ليسمـح لها أن تذهب معه بأيّ حالٍ من الأحوال. نطقَ أخيرًا باستفزاز : شلون بتتّصلين فيه؟
إلين بحقدٍ تمدُّ كفها : هات الجوال!
أدهم وجسده يسترخِي بوضعِه ذاته، يتمدّد على جانِبه بشكلٍ مـال بفوضويّةٍ على السرير، يستندُ على ذراعِه اليُسرى ويمينه تعبثُ بمفرش السرير ببرودٍ مستفزّ : طلبك بريء أو نقول سـاذج ، لو تبينه تعالي خذيه غصب عني.
اختلطَت الربكـة في عينيها بالحقد، يُدرك أنّها لن تتجرّأ، كما أنّها ليست من الغبـاء أو الاندفاع الساذج حتى تظنّ ولو للحظةٍ أنها تستطِيع هزيمته وأخذه قسرًا ، بتلقائيةٍ منفعلـةٍ بدأت عيناها تطوفانِ في الغرفـة، تبحثُ عن هاتفِه، تحفظُ رقم هديل وستتّصل بها وتطلبُ منها أن تُخبـر ياسِر بما تريد تحتَ أيّ حجـة ، لكنّها لم ترى هاتفه من حولها، بدأ صدرها يشتعلُ أكثر، وصل إليها صوته في اللحظة التي رفعَت فيها معصمها كي تنظُر للوقتِ الذي عبـر : حتى لو اتصلتِ يا حلوتي وش بتقولين له؟ عندك استعداد تفشلين عمرك؟
إلين تُخفض معصمها وهي ترفـع عينيها إليه وتلفظ بحقد : بقوله تعبان يا عساك اليوم تطيح مريض وما تقوم إلا بعد اسبوع قُول آمين.
أدهم يرفـع حاجبه الأيسـر بحدة : ما بقول ، بس تراك تصعبين الموضوع أكثر ، تقدرين تقنعيني فاستغلّي أساليب الاقناع ومكانتك والوقت الباقي وأطربيني . . كلي آذانٌ صاغية يا عزيزتي.
ارتفـع صدرها في نفَسٍ مزحومٍ بانفعالِها لينخفـض بقهرٍ وهي تنظُر لملامِحه العابثـةِ بها، لن تسمـح لهُ بإذلالها بحجّة توصيلها، لن تسمح له !!!
لفظَت بصوتٍ غاضب : بعلم عمتك عليك!
أدهم يضحكُ بصخبٍ مستمتع : هههههههههههههههههههههه يا حياتي ، بس اشتكي لها ما عندي مانع بتفشلين عمرك بس ، الموضوع عندي عادي وهي متعودة علي وعلى عنادي لو قررت شيء فراسي اليابس ما يلين حتى لو كان قدامها ... روحي ، بتفشلين عمرك بس وموقفي ما راح يتغيّر.
شدّت قبضتيها بقهر، عينيها التحمتـا بعينيه والاختنـاقُ بدأ ينقضُّ على صدرها قهرًا ، يُرمّمُ أنفاسها ويحوّر في حنجرتها غصّة ، لفظَت بصوتٍ خفت ونبرةٍ أصبحَت تحملُ بعض الرجاء : وش تبي مني طيب؟
أدهم بثقةٍ يجلسُ ليستند بظهرهِ على ظهر السرير، وبنبرةٍ ثابتـة : اعتذري عن كلامك أمس.
إلين تشدُّ على أسنانِها بغضب، تُشتت عينيها والوقتُ يضيعُ منها ، لكنها في النهاية أعادت نظراتها التي سكَنت إليه ، ملامحها تشنّجت أكثر ، لكنّ عينيها كانتا تسترخيـان على وجههِ الصامتِ وابتسامته الهادئـة بترقّبها : ما غلطت يوم قلت عنك حيوان.
أدهم يمطُّ فمـه باسترخـاء : الوقت بيروح وراح يروح ويمكن راح ولو راح بتاكلين تراب .. ما عندي مشكلة أنتظر أكثر.
إلين تُخفض نظراتها ناظرةً لساعةِ معصمها الذي لم ترفعه، لم ترى الساعـة، لكنّ حركتها تلك كانت دليل ربكتـها وانفعالها . . أعادت نظراتها نحوه باختنـاق ، يحمرُّ وجهها بقهر ، لتلفظَ بينما شفاهها تتحرّكُ بصعوبـة تشنّجها : غير الاعتذار ، إلا لو يهون عندك تذلني !
أدهم يرفعُ حاجبيه بحدّةٍ واستخفاف : أذلك ! هذي نظرتك للاعتذار . . تراك غلطانة يا حلوة ولازم تعتذرين . . قوليها أشوف.
إلين بغضب : ماني معتذرة! حتى لو الاعتذار ما يذل بس طريقتك وأنتِ تأمرني أقولها هي اللي تخليه مُذلّ.
أدهم : براحتك ، شكلك ما تبين تداومين.
إلين تقتربُ من السريرِ بانفعالٍ حتى اصدامَت أقدامها بِه وهي تلفظُ بصوتٍ مكبوت، تريد أن تنفجـر بهِ لكنّها في موضِع المهزوم أمامه : شيء ثاني غير الاعتذار وبعطيك.
نظر لها بصمتٍ لوهلـة، بضجر ، لكنّ نظراته تبدّلت فجأةً بالمكـر السابق وعادت تنظُر لها من أعلاها لأسفلـها، حينها ارتعشَت بتوترٍ وهي تعُود خطوةً مرتبكـةً وتُردف بتشتّت : غير الاعتذار وقلّة الأدب.
لم يستطِع منع نفسه من الانفجـار بضحكةٍ صاخبـةٍ انفلتت من بين شفاهِه ، وبنبرةٍ ضاحكة : تظنيني مسكين بطلب منك بوسة مثلًا؟ لا لا تطمني ما أحب أجبرك على شيء بيصير بايخ لو كان غصب عنك . . بس مممم ، هو مو شيء قليل أدب نقدر نقول شيء يقوّم أسلوبك القليل أدب ذا.
شعرت بالغيظِ من حديثه، ضيّقت عينيها وتنفّست بسرعةٍ وكبتٍ وهي تشدُّ على قبضتيها إلا أنها قيّدت شتائمها لتلفظَ بصبرٍ نفد : وشو؟
أدهم بجدّيةٍ ينظُر لها بحدة : تعدّلي! ما أبـي أسمع منك سب وقلة أدب مثل أمـس وهذا عندي أهم من الاعتذار بما أنّ اعتذارك ما يدل إنك ماراح تكرّرينها . . شويّة احترام لي ولهالزواج.
إلين وهي تتوعّده بداخلها ، لا بأس ، طلبه سهل ، فقط سترغم نفسها على كل ما يريد ليومٍ واحد ومن ثمّ ستردُّ لهُ ذلها على احتياجها له الآن ! : طيب.
أدهم يُكمل برويّة : ومن معاني الاحترام لزواجنا بعد شكلك ، طفشت من بساطتك وكأنك جالسة مع أخوك والا أبوك ... اكشخي ترى فشلتيني قدام عمتي ما كأننا تونا متزوجين.
رفعَت حاجبها بوحشيّة وهي تصرخ بداخلها بشتائم مغتاظة ، لكنّها لفظَت من بين أسنانها بصبرٍ من خلفِه وعيد : أوامر ثانية؟
أدهم ببرود : لا ، البسي عبايتك على ما أطلع من الحمام.


،


كيف يأتِي الكلامُ كـ " لكمةٍ " تدمِي الشفـاه بنصلِها؟ وكيفَ لحديثِ اللسانِ أن يُشبـع الصدورَ وجعًا، وحشةً كالقبر! كيفَ تأتِي " تُحبّك " دون أن تُثمر في الفمِ ابتسامـة توقٍ وحبور!
" تراها تحبك " !!!
تقلّب على سريرهِ وهو يُغمـض عينيه، ينبطِح على بطنِه، وتتكرر تلك الكلمـة في عقله ليتناسـى بقيّة المحادثـة، هل كـان هناك حديثٌ من بعدِ تلك الجملـة التي انتهَت بنقطـةِ - توكيد -! هل كـان هناك كلامٌ غير أنّ امه أهدتهُ ( بركانًا ) وذهبَت؟ لتتركه أخيرًا في صخبِ أفكاره، يسهرُ الليـل مفكّرًا، هل قالتـها لهُ حيرانـةً ظنّت ذلك بعينيها، أم أنّها هي من قالتـها لها فلفظتها مؤمنةً بِها مدركةً لمعانِيها؟
وبحجـم ما كان في السابـق يتلهّفُ لحبّها، هاهو الآن مرتعبٌ لتلك الفكـرة، متوجـس، وفي ذاتِ اللحظـةِ يهتزُّ قلبـه بخيانةٍ عظمـى لعقله!
سهـر تلك الليلـة، يطرد التفكير ، ويهزمـه أرقـه ، يضجُّ بأفكـار تتعلّق بمتعب، بأمّه ، ويكبُر تفكيره بأسيـل فيصخبَ باحتجاجاتِ عقله، تُقام حربٌ شعواء ، ولا يجدُ في تلك الليلـة متّسعًا لينـام وهو يناجِيها بعيدًا " لا تحبيني "، فقط ، لا تقعِي في حبّي فيصعُبَ عليّ التأقلـم أكثر، لم يكُن الفراقُ صعبًا ، لكنّ وطأته هي التي حملَت تلك الصعوبة . . لو كان الفراق صعبًا لما مارسنـاه بكلمة!، الصعوبة تكمـن في تقبّله، وليس اقترافِه! ليسَ كلّ ما اقترفنـاه في حياتنا كنّا نريده ، الكثير من آلامنا كان لأنّنا وقعنـا في اختياراتٍ قاهرة، كـان فتحُ بابِ عذابها سهلًا ، والتنـاسي مُعضلةً لم تُحل!
فتـح عينيهِ على صوتِ رنينِ هاتِفه، تضيقُ أحداقه ليجلـس وهو يوجّه عينيه إليه، مدّ يدهُ نحوهُ وهو يتنهّد بيأس، رفعهُ وهو بمرّر أصابعه بين خصلاتِ شعره كي يهذّب فوضويّتها. ابتسم ما إن رأى أن المتّصـل متعب، ومن ثمّ ردّ ليردفَ بهدوء : صباح الخير.
متعب : صباح النور وش مسوّي؟
شاهين : أبد أتقلب على السرير صار لي ساعة ، ليه تسأل؟
متعب : ما عندك شغل!
شاهين : مالي خلـق ، مقفل العيادة وحتى المستشفى ما عندي التزامات فيه بهالوقت.
عبـر الصمتُ لبرهـةٍ لم يُجب فيها متعب، حينها عقد شاهين حاجبيه بقلق، وما إن أفرج شفتيه ليقول شيئًا ما حتى قاطعـة متعب بهدوء : شلون أمّي؟ للحين زعلانة منك!
ارتبكَ قليلًا، عقدَ حاجبيه باستغرابٍ من سؤاله في هذا الوقت ، إلا أنه لفظَ أخيرًا بهدوء : لا ماهي زعلانة.
متعب بهدوء : ما سألتك من فترة عن هالموضوع ، بس أتوقع ما راح تمرّره ببساطة وأكيد زعلانة منك .. لا تكذب.
شاهين بانزعاج : وش مناسبـة هالسؤال؟
متعب : قدرت أحصّل الفرصة عشان أروح المحكمة وأفسخ عقدي فيها.
تصلّبت ملامحـه ، ليردف متعب مباشـرةً دون أن يُهدِه الفترة الكافية للتفكير : أبيك تمرني بعد الظهر.


،


تعلّقت نظـراتها بالبـاب ، أغمضَت عينيها بقوّةٍ وهي تزفـر وقلبها يضطربُ بنبضاتِه ، ارتفعَت أجفانها لتستديرَ ناظرةً لأرجوان التي كانت تجلسُ على الأريكة وتنظُر لها بصمت، وما إن استدارَت لها بنظـراتها تلك التي كانت كمـن يستغيثُ بها حتى تنهّدت ووقفَت ، تحرّكت نحوها بهدوء، وما إن وصلَت إليها حتى لفظَت برويّة : إذا كنتِ قد الغلط كوني قد الحساب.
جيهان وجبينها يتجعّد بقلـق ، ابتلعَت ريقها، تريد منها أن تُهدّئ من خوفِها لتأتيها الآن بكلمـاتِها تلك ، أفرجَت شفتيها والغضب بدأ يتسلّل إليها من فرطِ انفعالها، أدركَت أرجوان ما ستقول لذا قاطعتها بحزمٍ خافتٍ كي لا يصل صوتها لوالدهما : جيهان عن البزرنة! بطّلي أسلوب الأطفـال وعدم المبالاة هذي ، يا تبعدين عن الغلط يا تكونين قده ، المفروض حسبتيها قبل لا تطلعين له.
زمّت شفتيها بقهرٍ يغصُّ بكلمـاتها، يتقوّسُ فمها باختنـاق، ومن ثمّ تهمـس بتحشرج : شلون أتجاهـل وجوده؟ . . ما طلعت له بس ما قدرت أتراجع وأدخل.
أرجوان بحزم : أجـل تحملي مسؤوليّة غلطك اللي ظليتي تتفاخرين فيه قدامي بعد.
جيهان بقهر : ما تفاخـرت ، مين يتفاخـر بوجعه؟
أرجوان تتنهّد بيأسٍ وهي تُغمـض عينيها لبرهـة، تعبُر أنفاسُ جيهان المنفعلـة هدوءَ المكان وتصخبَ باحتجاجاتِ قلبها ، كـان يقول " اشتقتِ؟ " بصيغة السؤال ويتبجّحُ بمكانتِه، كـان يلفظها فيغيظها بثقتـه ، أنّ لا سكونَ من بعدِه ، لا ثبـات ، يَعلم جيدًا كمْ هزّ السكون فيّ بعد ابتعاده، يعلم كيفَ أنّه شتّت في قلبي نبضاتِه وكيف أنّ صدرِي تشابـكت أضلعهُ ببعضها دون أن تتحطّم ، كيف يتحطّم جسدٌ رخويٌّ كان يقوّمـه " عيناك "؟ عبـرت الأشهرُ ولم يكُن عبورها كعبُورِ الكـرام ، لم تعبر واللهِ بل لازالت تستندُ بين حاجبيّ في تجاعيدِ ذكرى ، أن أمكثَ عند النافـذةِ وأعقدَهما لأنّك لم تمـر ، ولأنّك مررت، وأصابعك تتشبّثُ بأصابع أنثـى سواي.
أن لا تعبُر يا فواز ، وحتى حين تعبُر لا أراك فارغًا من جسدٍ إلا أن أرى ذكراي تمشي بجانبـك ، تعبُر ، ومعكَ حضورٌ آخر.
عضّت شفتها بألم، بينما فتحَت أرجوان عينيها لتهمـس بخفوت : لو بدخل معك أحس بيعصّب أكثر وبيظن إنّك دايم تقابلينه ومن هالحكي وأنا أتستر عليك ، عشان كذا ادخلي بروحك ، لا تخلينه يشك إنك مكرّرة هالغلط.
أومأت بصمتٍ ومن ثمّ استدارت عنها لتمدّ يدها لمقبـض البـاب . . ومن ثمّ تفتحه. بينما كـان يوسف في تلك اللحظـة يستريحُ على مقعدِ المكتبِ أمام حاسوبِه، وحين وصَل إلى مسامِعه صوتُ الباب حرّك كفه بهدوءٍ ليطبـقه بهدوءٍ أكبر، ومن ثمّ نزع نظّارته ليطوي ساقيها وتلتفُّ ساقـا الخوفِ على قلبها .. وضعـه جانبًا، ومن ثمّ أدار رأسه نحوها لتظهـر ملامحه الجامدة لها، وبهدوءٍ أربكها أكثر : قفلي الباب.
دون أن تلتفتَ مدّت يدها للخلفِ لتدفعه وتتركـه يُغلـق بذاته، تنهّد يوسف بعمق وهو ينظُر للأسفل لوهلـة، ومن ثمّ رفـع عينيه إليها ، لافظًا بخيبة غزَت ملامحه : كنت ما أتوقع منك أي شيء ، شلون هالغلط بالذات؟
ابتلعَت ريقها، وانخفضَت أحداقها رغمًا عنها للأسفـل وجملته ترجمها الخيبـة والخذلانُ منها بصورةٍ جعلتها تخجـل، لم تستطِع النظـر لوجهه، إلا أنها استطاعَت بخفوتٍ أن تلفظَ مبرّرةً تبريرًا ضعيفًا أمامه : ما كنت متعمدة أطلع له .. ما كنت أدري إنه موجود أصلًا.
يوسف يعقدُ حاجبيه بحدّة : أدري إنّك ما تعمدتِ تطلعين له .. بس تعمدتِ تظلين واقفة قدامه . . ما خجلتِ من نفسك قدام ربك؟ لأننا في النهاية ما تهمك نظرتنا ، طيب ربّك ما يهمك إنه يشوفك؟
جيعان تبتلعُ ريقها وهي تُشتت عينيها على خطوطِ الرخـام وتقاسِيم الأرضيّة المُكرّرة ، لا ترى أبعد من الأرض وصوتها المُتعثّر يلفُظ بنبرةٍ مُحرَجة : يبه ترى ما قربت منه ولا سويت يعني ذنب كبير ، كنت بعيدة عنه و . . .
يوسف يقاطعها بصوتٍ غاضب : استحي على وجهك وبطّلي هالتبريرات ، لا تخليني أنصدم فيك أكثر قولي إيه غلطانة والسلام! ، بس تبررين وتقولين ذنب صغير! في النهاية تراه ماهو زوجك، انتبهي لهالنقطة ، فواز ماهو زوجك عشان توقفين قدامه وتحكين معه بدون ضرورة !!
أطبقَت شفاهها ولم تستطِع أن تُضيفَ شيئًا على حديثِه، شعرت بحرجها يتصاعـد منه كما وجعٌ تسلّل في حجراتِ قلبها، ارتفعَت كفّها لتعانـق عضد يدها الأخـرى، بينما تنهّد يوسف وهو يرفـع كفّه ليضعها على رأسِه ، لا يدرِي كيف يترجـم غضبه منها ويَجعلها تستوعبُ حجمَ ذنبها ، لا يريد أن يتعامـل معها بطريقةٍ تؤذي نفسيّتها السيئة ، وفي ذات اللحظـة لا يريد أن يتهـاون وتكرّر ما فعلت.
لفظَ بغضبٍ دون أن يُحيد بنظراته عنها بسؤال أربكَها : قد سويتها من قبل ووقفتِ تكلمينه؟
قفزَت إلى عقلها ذكـرى وقوفها معه أمام المطعـم حين كانت تراقبُ والدها، لكنّها لم تذهب إليه بنفسها بل هو من تبعها بعد أن رآها! زمّت شفتيها بربكـة، وذكرى أخـرى تقفزُ من مركزِ ذاكرتها، حين وقفَت معه في إحدى الليـالي وقبل أن تنتهي من عدّتها، حين نزفَت بطريقةٍ أخـرى ، ورأت في عينيه عدم المبـالاةِ بالغيـاب وبالبُعد.
كانت تريد أن تكذِب، لذا أسقطَت عينيها عليه في سرعةٍ خاطفة لتشتّت أحداقها عنه مباشـرة، وبخفوت : لا.
يوسف لم يُرِد تكذيبها، أراد فعلًا أن تكون صادقـة، لكنّه وببساطـةٍ قرأها ! . . أغمضَ عينيه وهو يتنهّد دون تصديق، يضغطُ بكفّه على رأسه مستشعرًا صداعًا بدأ يتسلّل إليه، وبنبرةٍ خافتـةٍ غاضبة غيرَ مستوعبةٍ للحدّ الذي وصلَت إليه : تكذبين علي !!!
تصلّبت ملامحـها وهذه المرّة شعرت بالخوفِ وليس فقط الحرج منه، رفعَت وجهها بسرعة وهي تلفظ : يبـه . .
يوسف يقاطعها بحدةٍ وهو يقف : تتمنين ترجعين له؟
صُدمَت بسؤاله الذي باغتها به، اتّسعت عينـاها بصدمـةٍ وهي ترفَعهما إليه، والإجابـة تشتّت في عقلِها، تتمنى أن تعود إليه؟ تدرك أنّ الإجابـة " لا "، لكن لمَ ضاعت؟ لمَ تشعر أنها ضاعَت عن صوتِها، عن لسانها الذي تشنّج في إجابةٍ ضائعة ، وشفاهها تنفرج، تنتظِر أن تنطـلق تلك الكلمة من بينهما، دون أن تنطلق!
أردف يوسف بغضب : قبل لا يطلقك بملء إرداته كنتِ طالبة الطلاق بنفسك وبكامـل اقتناعك ورافضته ، وش اللي اختلف بعد ما صار الطلاق؟
شحبَ وجهها ، انسحَبت الدمـاء من عروقِ وجهها وظهر جلدها أبيضًا باصفرارْ، تعلّقت نظـراتها بملامِحه ، لا شيء اختلَف ، وهي لا تريد أن تعودَ إليه بحجمِ ما تريد أن يبقـى يعيشها ، أن يبقـى دون غيرها وإن اقتربَت منه سواها . . لمَ تقرن ذلك بـ " العودة "؟ لم لا تجدُ مصطلحًا آخر غير أن تصيّرهُ وطنًا كمـا كان، وهل بقيَ كذلك؟ هل بقيَ كذلك لتسمّيها " عودةً إليه "؟!
لحَظ يوسف شحوبَ وجهها وبهوتها أمام سؤاله ، حينها أغمـض عينيه وهو يمسـح على وجههِ بكفّه ، وبنبرةٍ هدأت إلا أن الغضب لم يرتحـل عنها : تقدرين تطلعين ، مو عارف شلون أتصرف معك مو عارف أبد! ، * أردفَ وهو ينظُر لها بخذلان * لا تصدميني فيك أكثر!
لم تكُن تستطيع أن تتحرّك ، تشعر أنّ أقدامها صارت هلاميّةً حدّ أنها حملتها بقوّةٍ خارقـة إلا أن التحرّك بها كـان صعبًا ، لكنّها دون أن تعلـم كيف ذلك . . تحرّكت.
وضعَت كفّها على المقبـض، وانسـاب من برودتِه رعشةٌ ملأت عظامـها ، ما الذي كـانهُ فيها وبقيَ حتى هذهِ اللحظة؟ ما الذي يجعلـها لا تريد نسيانه، وتكذِب ، تكذِب بطريقةٍ تُثير الشفقة عليها وإن صدّقها ، تُثير الشفقة في عينيها، تقُول أمامه أنّها لا تمانـع بالبدايات ، وأنّ الحسنـات يُذهبنَ السيئات ، إن كـانت السيئةُ فراقك والحسنـاتُ لقيـاك فكيفَ تُمحَى ذنوبي؟ كيفَ أزاحمـك بالحسناتِ وأنت حسناتِي في الحُب؟ لم يكُن الذنب أنتَ بل كـان افتراقنا ، كـان الأخير بيننا " ذنبٌ " كيفَ يُمحـى ونحنُ نمارسه ونقدّسه بطريقةٍ حمقـاء حتى هذهِ اللحظة! نقدّسه بخوضنا فيه، بمضاعفتِه حتى مـالت كفّته عن حسناتِك.
كيفَ تُمحى السيئـات بحسناتٍ وآخر ما كـان قبل احتضارنا - سيئة -.


،


العـاشرة وبضعُ ذراتٍ من العبَث، كـان يكمُن في سكونِه وحسب ، لم يستطِع أن يسترخِي كمـا يجب، تعبثُ بمزاجِه أمواجُ الاضطراب ، يتنهّد وهو يسندُ مرفقيهِ على طاولـة المكتَب ، يُغطّي بكفيه أنفـه وفمه، ويضغطُ بسبّابتيهِ ما بينَ عينيهِ وهو يُغمـضهما ويزفُر هذهِ المرّة برويّة ، يفتـح عينيه لتظهـر نظرتهُ المُنتشـر فيها ظلامٌ أزلـيٌّ لا يدري من أيـن بدأ، ربّما أبديّ ، لا يدري كيفَ سينتهِي !
فتـح عينيه، يُشتّت أفكـاره عن عقله أكثـر ، أفكاره التي تذهبُ إليها زاويـةً من إحدى زوايـا غرفةٍ يعيشُ فيها وتمارسُ الضغطَ عليه ، زاويـةٌ هي إحداها ، ومن قبلها سلمـان ، الآن عناد ، ومن قبله أيضًا أحمـد ، يعيشُ في هذهِ اللحظـة انفعالاتٍ ستقتلـه ، يعُود لاسترجـاع الحقيقةِ ويجدَ جزءً منه لا يريد التصـديق ، لا يريد ! أن يكُون خلال كلّ تلك الأشهـر يرى امرأةً ساقطة! يجلسُ معها ، يُمسك بها ، ويواسيها بعنـاق ، يقبّلها قبلاتٍ تقول بأنّ جسدها كـان طاهرًا، وأنّه يومًا لم يكُن لسواه طوعًا ، كـان يعتبـرها عذراء، نقيّة ، والآن باتَ حين يراها يشعُر أنّه ينظُر لشيطان ، يراها بعينِ رجلٍ ألقيَ عليهِ سحرٌ يُظهر - زوجته - قبيحةً في عينيه لا يستطِيع النظر إليها!
شدّ على أسنانه، يدهُ في لحظةٍ مـا كـانت قد تناولَت إحدى الأقـلام على الطاولة، شدّ عليها بين أنامله، ونظراتهُ تقسو بعتمتها أكثـر ، سيعلم كلّ شيء ، يجب أن يعلـم عن مغامراتِها السابقة التي قامـرت فيها بجسدِها ، كم رجلًا تملّكها؟ كم رجلًا نظرت إليه بفجورٍ لا يدري كيفَ يسكُن تلك الملامـح وتلك العينين! متى ابتدأت ، ومتى انتهت !!
زمّ شفتيه بغضب، زفـر وهو يُسدل أجفانه بانفعـال ، ينتفـخ صدره بأكسجينٍ حـارٍ يشتعلُ بزفيرهِ الذي يلقيه ملتهبًا فينقـل ذرّاتِ حرارته من حولِه ، يعُود ليفتـح عينيه، ومن ثمّ يمرّر طرف لسانه على شفاهه ، بينما أصابعه تترك القلم ليسقطَ على المكتبِ محدثًا صوتًا صغيرًا عبَث بالسكون أكثر.
نظر لهاتِفه بملامـح قاسية، ومن ثمّ مدّ يدهُ مقرّرًا البدء بالخطوة المهمّة الآن . .
اتّصـل على الرقـم المُدرج في ورقةِ الملاحظـاتِ على سطحِ المكتب، انتظـر قليلًا والرنينُ يتواتـر في مسامِعه ويضجُّ بالمزيدِ من الضحيج ، جـاءه الرد ، حينها ابتسم ابتسامةً باردةً ودائمًا تلك الابتسامـات الباردة تعبّر عن اشتعالاتٍ أرمدتْ دواخلنـا ، دائمًا تلك الابتسامـات التي لا دفء فيها ، تعنِي أنّنا نشتعل!
لفظَ بهدوءٍ رزين : السلام عليكم ، أبو ابراهيم؟ . . . عظّم الله أجركم في فقيدكم الله يرحمه ويغفر له . . . . معك سلطان النامي . . أيه كان يشتغل عندي من قبل . . . معليش نخلي هالمواضيع القديمة على جنب؟ الاشكاليات القديمة مالها معنى بهالوقت ، ودي أحكي معك بموضوع لو يسمح لك وقتك.


،


انقضـى وقتُ الغداء، ونهضَ أدهم ليتّجه ناحية المغاسِل في اللحظةِ التي كانت فيها إلين تضـع ملعقتها وتحمدُ الله وقد انتهت من طعامِها ، ابتسمَت سُهى برقّةٍ وهي تنظُر لها ، وبهدوءٍ تسبق لحظة وقوفها : ما سألتك عن امتحانِك.
رفعَت إلين أحداقها لتبتسمَ لها ابتسامةً تُماثلها في الهدوءِ والرقة ، وبخفوت : كويس الحمدلله.
سهى : ما نبي أقل من A+ تمام؟
إلين بابتسامةٍ خجولةٍ بعض الشيء : إن شاء الله ،
وقفَت سهى بهدوء، بينما مرّرت إلين لسانها على شفتيها وهي تفقدُ بسمتها ، وقفَت بالمقابـل وهي تنظُر لها بتردّد، لمَ تتردّد وكأنها مُخطئةٌ في معمعةِ الربكةِ هذِه؟ ، تنحنحَت بحرجٍ ومن ثمّ هتفت بصوتٍ هادئٍ تُسـابق ابتعادها : ممكن أطلب منك شيء بسيط؟
استدارَت سُهى إليها وهي تعقدُ حاجبيها باستغراب ، لكنّها لم تفقد بسمتها وهي تلفظُ برقّة : تفضلي حبيبتي.
إلين التي لم تكُن تستطِيع أن تحتمـل أكثر ، تحتمـل ولوجَ " نجلاء " في الحدِيث ، انكسابُ تلك الأحرفُ في مناداةٍ مستفزّةٍ لها وحديثٌ يخصّها ، هتفت بصوتٍ متّزن : أبيك تناديني إلين مو نجـلاء ، أحب اسمي هذا أكثر،
في البداية عقدت سُهى حاجبيها قليلًا باستغراب، ارتبكَت إلين قليلًا وهي تُشتّت أحداقها عن عينيها خشيـةً من أسئلةٍ واستفساراتٍ قد تجعلهـا تثور ، لكنّ سهى في النهاية ابتسمَت، أومأت بتفهّمٍ ومن ثمّ لفظَت بنبرةٍ هادئة : بحاول أتعود عليه.
ابتسمَت لها إلين ابتسامةً صغيرةً قبـل أن تتحرّك سهـى من أمامـها وتبتعد ، حينها تنهّدت بعمقٍ وهي تُغمـض عينيها، تقفُ على أرضٍ تقشعرُّ من أسفلـها وتشعرُ أنها تموجُ من فوقها ، كـان حضورهُ هو سبب ذلك الشعور ، ليسَ جسدها فقط من يقشعرُّ لحضوره حتى الأرض التي تقفُ عليها.
فتحَت عينيها بهدوءٍ كـاذب، من خلفِه أعاصيرُ تئِدُها، لا تُظهرها في أحداقها التي اتّجهت للنظـر إليه بجمودٍ بـارد.
لم يقِف أدهم وهو يتجاوزُها ويتحرّك مبتعدًا، لم تنتبه حتى إن كـان نظر إليها أم لا، وصوتُه جاء بعد ابتعادِه آمرًا بحزمٍ ونبرةٍ هادئة : تعالي وراي.
ومن ثمّ ابتعَد دون أن ينتظـر ردّها ، ارتفـعت حواجِبها باستنكار ، واعتلَت على ملامِحها تكشيرةُ استهجانٍ من أمرهِ المتسلّط هذا وهي تُتمتمُ من بين أسنانِها بغيظ : نعم !!!
من يظنُّ نفسه؟ حسنًا هي الغبيـة التي أهدتـه حق التسلط بهذِه البجاحـة عليها . . تنفّست بقوّةٍ وعُمقٍ وهي تومئ رأسها بتوعّد ، لا تدري ما الذي تستطِيع فعله له، لكنّها من غيظها كانت تتوعّده بأمرٍ لا تدري ماهو وربّما لن تجدهُ حتى! تحرّكت بحنقٍ وهي تشتمهُ في داخِلها، لن تتبعه ، من يظنُّ نفسه ليأمرها بتلك الطريقة؟ . . اتّجهت نحو المغاسـل كي تغسِل يدها، في اللحظة التي كانت فيها سُهى تتحرّك أمامها وهي تبتسم : بشيل الصحون أنا هالمرة.
إلين : شدعوى أنا جاية الحين.
فتحَت المـاء لينسكِب بصوتِه على كفيها ومسامِعها، غسَلت كفيها سريعًا، ومن ثمّ سحبَت منديلين لتجفّفهما بهما وتتحرّك بعد أن رمتهما في سلّةِ المُهملات، خرجَت لتجدَ سهى قد انتهَت من تنظيفِ طاولـة الطعام، حينها تنهّدت واتّجهَت مباشـرةً للمطبَخ، وما إن دخلت حتى لفظَت بامتعاض : تراك ضيفتي تحرجيني كذا.
سـُهى التي كـانت تريد غسل الصحونِ أيضًا. التفتَت برأسها إليها لتبتسمَ وتلفظ : وأنتِ تجرحيني لو تعتبريني ضيفة ، بعتبر نفسي ثقيلة عليكم وقتها لأن الثلاثة الأيام للضيف مرّت.
شعَرت بالحرجِ ما إن انتبهت لما قـالته، بالتأكيد عمـة أدهم والتي عاشَت معهُ هنا قبلها سيكونُ من " قلّة الذوق " أن تُطلقَ عليها مُسمّى ضيفة، تنحنحَت بحرجٍ ومن ثمّ اقتربَت منها لتقفَ بجانبِها وهي تلفظ بحرج : طيب عشاني خليني أغسلها هالمرة ،
سهى تتراجـع قليلًا : إذا ودّك هالشيء أجل أنا بجهز الشـاي.
إلين تستدِير إليها بيأس : يا بنت الحلال والله إن ترتاحين ، كافي الغداء إنتِ اللي مسويته
سهى تضحكُ بنعومةٍ وهي تتّجه للباب : خلاص خلاص ما نزعلك ، بس ترى خاطري بحلى وبسويه بعد ساعة كذا ، ما راح تمنعين إلا لو كنت مثقلة عليك عاد.
خرجَت بعد جملتها تلك لتتنهّد إلين وهي تستدير، ودون أن تفكّر بأدهم وأمـره باتّباعـها له بدأت تنظّف الصحون.


،


في جهةٍ أخـرى ، خرجَت من الغرفة وهي ترفـع شعرها بكفيها وتربطهُ بإحدى خُصلاتِه ، مرّرت أحداقـها بربكـةٍ في الممرّ ، تخشـى تواجـده، في اللحظـةِ ذاتها التي يؤلمـها ابتعادُه ، لا تدري كيفَ تنـام ولو لسويعاتٍ بسيطةٍ تلك الليـالي الراحلـة بعيدًا عنـه، في بيئةِ الجفـاف باحتقـارِه وكرهـه ، كم صـار معدّل كرهها في قلبه؟ ستونَ سيفًا ونيفٌ من السهـامِ يُطلقها إليها، لونينِ من عُتمـةِ الدهرِ وخمسُ شظايا ، تخترقُ الجلدُ دون أن تراها ويكون شعورها بِها كبيرًا.
مرّرت لسانها على شفتيها بضيق، لازالت تعرجُ بشكلٍ بسيط، لكنّ لحظـات العرجِ وصمةٌ على جبينِها بحجـم ما اقترفت ، ليسَت وصمـةَ سقوطٍ منـه ، فمن المُجحِف في حقّه أن تنسـى ما كان عليه سابقًا للحظـاتٍ ولّدت فيها رجُلًا آخر ، بذنبها، وبخداعها وبكلِّ سوءاتِها تجاهه.
تنهّدت وهي تنظُر لبـابِ غرفته، تخشـى أن يكون هنا، لذا تحرّكت نحو الدرج لتنزلَ وتبحثَ عن سالِي لتسألها عنه، وما إن وجدتها ومعها " قطّتها " التي ما عادتْ تمكثُ معها طويلًا وترعاها عنها سالِي حتى ابتسمَت ببهوتٍ وهي تهتف : سالِي.
نظرت لها سالِي وهي تعقدُ حاجبيها لترخيهما تلقائيًا مع ابتسامةً هادئةٍ في حين تحرّكت القطّة مباشرةً متّجهةً لغزل : نعم.
وجّهت غزل نظراتها للأسفل، تستشعِرُ ملمـس شعيراتِها وهي تتلوّى بين ساقيها وتتغنّجُ بالتمرّغ في بشرتِها العاريةِ من أسفل تنوّرتها القصيرة ، ابتسمَت ، فقط ابتساماتُها الفاتـرة التي تعبّر عن كونِها " لا تجيد التعبير "، رفعَت عينيها إلى سالي، ومن ثمّ غابَت بسمتُها ، لتسألها بصوتٍ باهتٍ لا لـون له : سلطان موجود؟
عقدَت سالي حاجبيها، إلا أنها أجابَت بأنْ هزّت رأسها بالنفي دون صوت ، حينها أردفت غزل بنبرتها تلك ذاتها : ما رجع من الصبح !
قطّبت جبينها بعد جوابِ سالي الذي كان " لا "، ومن ثمّ مررت طرف لسانها على شفتيها لترطّب جفافهما ، أومأت ، لا تدري معنى تلك الايماءة ، لكنّها فقط أومأت ومن ثمّ تحركت مبتعدةً وصوتُ مواءِ قطّتها يصِل لمسامِعها.
صعدَت من جديد ، لم تتّجه لغرفتـها الحاليـة، وقفَت أمام بابِ غرفته/غرفتهما السابقة، ومن ثمّ تنفّست بعمق، تريد أن تأخذ بعضًا من أغراضها التي لم تأخذها معها ، هذا كـان عذرها ، وكـانت في اللحظة ذاتها تستطِيع أن تطلب من سالِي ذلك ، لكنّها أرادَت لجدرانٍ احتوَت لحظاتٍ سابقةٍ معه أن تحتوِيها الآن، أرادَت لرائحتـه أن تتغلغل رئتيها، أرادَت أن تكبّل شيئًا يخصّه في صدرِها قبل أن تعودَ لوكـر الوحدة.
فتحَت الباب، وابتسمَت بحنينٍ وهي تدخُل ، خطَت خطوتينِ فقط، لتتوّقف أقدامها وهي تُغمـض عينيها ورائحته كـان زخمها حاضرًا بقوّة ، ليسَت مجرّد رائحـةٍ تلك التي تُسـافر بنا بينَ شخوصِ السكينةِ وأحداثٍ من حربٍ قائمـةٍ على الضيق، تبترُ ساقيه ، وتُشفيها من أمراضٍ باغتتها في ليـالي ، ومعها نهاراتٌ حارّة ، بعضُ الروائحُ تكون دواءً من الحُزن حين تتعلّق بمَن نُحب.
تنفّست بحشرجة، ومن ثمّ قبضَت كفيها وهي تتحرّك ، البابُ المفتوحُ وقفَ من خلفِه سلطان، كـان قد استنكـر حين وجدهُ مفتوحًا ، رفـع حاجبه بعد أن اصتدمَت عينـاه بظهرها، والحدةُ في ملامِحه تضاعَفت فوق حالِها قبل أن يراها، إن كان التفكيـر بِها يؤجّجُ فيهِ اشتعالاتٍ فكيفَ برؤيتها أمامه؟ تجمّدت ملامحـه بنمطِ الازدراءِ والاحتقـار، ليصخَب صوته فجأةً من خلفِها بغضبٍ حادٍ جعلها ترتعدُ للحظةٍ بصدمةٍ من حضوره : وش قاعدة تسوين هنا؟
اتّسعت عيناها بصدمـة، وتصلّب جسدها أمامه ، ظهرها شعرَت ببرودةٍ سلّت عمودهُ الفقري، رعشـةٌ عبَرت في أطرافها، وفي اللحظـة ذاتها ألـمٌ لازال يسكُن بمرارتِه حُنجرتها ، أن تخشـاه، ويكون حضوره بوقعٍ مُرعبٍ بدل الاطمئنـان ، يُحزنها أن تنقلـب آياتُ الحنـانِ في صوتِه وملامِحه والتماعِ عينيه إلى أحاديثَ من الغضبِ والقسوة! يُحزنها هذا الانقـلاب الذي تسبّبت بِه ، والذي لا تدري حتى الآن ما مقـداره ، لازالت ترى تقاسيـم الكَبتِ فيه ، لم ينفجـر بالكامـل ، تخشى تلك الحقيقة! انفجارهُ يعنِي أن يحلَّ بقسوتِه عليها كلّ يوم، لكنّه كـان فقط يكرهُ الالتقـاء بها، لم يصِل للمرحلـة التي تجعله يريد أن يراها ، فقط ليوجعها!
ابتلعَت ريقها بربكـة، بينما تحرّك سلطان بخطواتٍ وقعُها كطبول الحربِ التي كان في أحزابها فرسانٌ وهي طرفٌ مُفردٌ لا سـلاح له ، بل كـانت مجرّد عـلمِ الاستسلام ، بيضـاءَ بكذب، ترمُز للضعف، والانهزامِ بطريقةٍ سريعة !
لفظَ سلطان بجفافٍ حاد، لم يكُن لينتظر خروجها، شـرع بخلعِ ثوبِه وهو ينطقُ بعجلةٍ آمرة : اطلعـي الحين ، لا تمر ثانية زيادة وأنتِ قدامي ، وبوقت ثاني بشوف وش شغلك اللي خلاك تدخلين هالغرفة.
عضّت طرف شفتها، وبشكلٍ تلقائيٍّ رفعَت وجهها ، لم تُرِد الانصيـاع الآن بقدر ما جـال في لسانها تبريرها الكاذب " بغيت كم غرضْ لي " لكنّ تبريرها ذاكَ بُتـر ، تقاطعَت أفكارها بشهقةٍ صاخبـةٍ مصدومةٍ وهي تراهُ قد جلسَ على السريرِ وكفيه تخلعانِ قميصـه الداخليّ الملطّخ بالدم ، تمامـًا كثوبهِ المرميّ على الأرض.


،


تبسّمت شفاهُه بهدوء، بعضٌ من القلقِ يجيءُ في صومعةِ هذا السكون أو الهدوءِ ما قبـل الضجيج ، يدرك أنّه هذهِ المرة لم يطلُب لقاءه لمجرّد اللقـاء ، كان طلبهُ مغلّفًا بأحـاديثَ كثيرة ، ربّما لن تعجبه !
هتفَ بنبرةٍ هادئـة لا تُفصـح عن توجّسه : وش كنت تبي تقول؟
متعب ينظُر إليه بملامِح تزورُها أحاديثُ مسـاءٍ متكدّرة! عقدَ حاجبيه عقدةً شائكـة، ومن ثمّ هتفَ بخفوت : بعد كل هالوقت وبعد كل اللي صار ، تدري وش اللي تغيّر بالضبط؟
تجعّدت ملامـح شاهين دون فهم، بارتيـابٍ على الوجـه الصحيح، مرّر طرف لسانهِ على شفتهِ السُفلى ، كالعـادةِ يحتضنهما مطعمٌ أو مقهـى على ضفافِ الاختفاء، أو يجلسان في سيارةِ شاهين ويتحدّثان كمـا الآن . . هتفَ بسؤالٍ حائر : وش تقصد؟
متعب يبتسمُ دون تعبير ، أشـاح عينيه عنه لينظُر للأمـام، ومن ثمّ هتفَ بصوتٍ هادئٍ هدوءَ الموت! : أقصد اللي تغير بعد هالوقت ، وبعد ما دخـل بقلبي حقد تجاهك ، بعد ما تزوجتها وبعد كل شيء! . . تشوف إنّ فيه شيء بيننا تغيّر؟
أجفلَت ملامحـه ، رغـم أنّه تنبّأ بهذا المعنـى إلا أنّه حين لفظها شعـر بأنّها أنيـابٌ تنهشُ من لحمِ هدوئِه/استقرارِ حواسّه . .
عضّ باطِن خدّه ، وجمّد الكثيـر من إدراكـه أمام جوابٍ واحدٍ يُدرك أنّ الخطأ يهزّه مهما حـاول إقنـاع ذاته ، وكـانت إجابته الأخيرة صادرَة من نبرةٍ حادةٍ واثقة : لا.
أغمَض متعب عينيهِ وابتسامته تتحوّر لأخرى ، لم تنكمـش، ولم تتّسع أيضًا ، لكنّ روحها اختلفَت ، وظهرت بحلّةٍ أخـرى لم يفهمها شاهين . .
متعب بنبرةٍ كـان فيها لذعةً ما ، لذعةً لربما ساخرة! : تقدر تثبت لي؟
تباطأت نبضـات قلبه قليلًا، بشعورٍ متوجّسٍ وملامحه يطغى عليها التساؤل والحذر : أثبت !! لحظة ممكن أفهم بس وش مناسبة هالكلام؟ اتفقنا نقفـل هالموضوع ونحاول ننساه !
متعب يوجّه وجهه إليه، احتدّت نظراته بقسوةٍ مفاجئةٍ وصرامـة وهو يلفظُ بغضب : ما عاد ودّي أحـاول ! إذا هذا أسلوب المحاولة فما أبيه !
صُعق من انفجارِه المفاجئ ، تنفّس بعمقٍ حادٍّ وملامحه تتقلّبُ بتموجـاتِ انفعالاتِه التي سيطر عليها وهو يهتف بنبرةٍ لازالت هادئة : أي أسلوب؟
متعب بحنق : أنت على بالك إن أسلوب النسيان ذا لازم يكون بالطـلاق؟
اتّسعت عينـاه قليلًا بصدمة، لم يستوعبْ لوهلـةٍ أنّ أسيـل طرأت بهذهِ الطريقة في صخبِ هذا الحديث، اضطربَت عضلاتُ وجهه ، جعّد جبينه بحدةٍ وهو يهتفُ من بين أسنانهِ بغضبٍ ماثلـه فيه : متعب !
متعب يرفـع حاجبهُ بحدّة : تبي الإجابة الصح؟ وبدون ما نكذب على نفوسنا يا شاهين . . أنا وأنت صار بيننا حاجز ، بنكذب لو نقول إنّه بعد كل اللي صـار مافيه شيء اختلف! لا ، تدري ومعترف بداخلك إن فيه شيء اختلف وفيه حاحز بيننا ما راح ينهدم بمجرد طلاقك ! فيه حاجز ما راح يهدمه أي شيء ممكن نسويه أنا وأنت . . تجاهلنا لهالموضوع ما ينفيه.
ارتفـع صدرهُ بشهيقٍ حـادٍ ليزفُر بحرارةٍ هواءً تحمّل بثانِي أوكسيدِ الغضب ، لازال يكذبُ على نفسِه رغم إدراكه مهما كذب ، لذا شدّ على أسنانه بعصبيةٍ بالغـة ، نظر لهُ بنفور من تلك الفكرة ، في أحداقِه اشتعل قهرٌ من كـل شيء! القهرُ الذي يكبتهُ والانفعالاتُ التي يخفيها ، الضغطُ الذي يمارسـه بصمتٍ على نفسِه ويتصنّع أن كل شيء " لا بأس بِه "! كل شيءٍ سهـل وسيُحلُّ ببساطة! : أنت بروحك اللي بنيت هالحاجـز ، أنت المريض اللي بعدْ تصديقك لكذبة فيني وبعد حقدك قاعـد تبني هالحاجـز بس عشان زواجي !
متعبْ يبتسمُ ابتسامةً لا معنـى لها : ما راح أكرّر كلامي لأنّي أدري إنك مستوعبه وحاس فيه . . بس حابْ أقولك شيء بسيط ممكن يخليك تبدّل قراراتك ، الحـاجز اللي بيننا ما راح يروح سواءً طلّقتها أو لا .. النتيجة نفسها، والطلاق مو حـل ، كل اللي صـار بيننا واللي بقى بتحلّه السنين .. لو ما طلقتها بينحـل بعد أيام ونتناساها بعد ما نتجاوزه . . طلاقك ما راح يأثّر بشيء ، لا !، بيأثر ، بيخليني أحتقرك ! بس لو كملت معها صدقني بينحل كل شيء مع الأيام . . ليه تذنب بحقها واللي تسويه ماهو حل أصلًا؟
هذهِ المرّة ابتسمَ بسخريةٍ وهو يصدُّ عنه، يشعُر بالاختنـاق وهو ينظُر للأمام، أصابعه تطرقُ بعبثِ اللحظاتِ على المقود ، يعضُّ شفته أخيرًا والكلماتُ تتكوّن في حنجرته دون أن يستوعب وقعها بعد أن يلفظها : احتقرني . . كنت من قبل محتقرني وحاقد علي وكارهني بدون سبب وما أثر فيني ، بيزعلني يعني إنك تحتقر لسبب؟
متعب بنبرةٍ تسترخِي بهدوئها : كمّل . . أبيك تحاسبني أكثر.
شاهين ينظُر نحوه بضيق : ما أحاسبك ، أنا بس أوضّح لك إنه احتقر بكيفك ، ما يهمني ولا بيغيّر قراري.
ابتسمَ متعب بشرودٍ مُفاجئ ، كلمـةٌ وحيدةٌ ارتحلَت إليه ، كلمـةٌ فاترةٌ لا تحمـل سوى تعاميمِ الأسى : كرهتك!
تصلّبت عضلاتُ وجهه ، إلا أنّ بسمته تلك بقيَت ، بقيَت متصلّبةً لم تتبدّل . . أومأ بصمت، بينما أردف متعب بنبرتِه الهادئة ذاتها والتي تحمُل من خلفها عواصِف من رمـالٍ رماديّة : كنت أكرهك وبنفس الوقت ما أكرهك . . باللحظة وحدة أحس بمليون شعور! أحقد عليك ووصل فيني أدعي تخيل ! مرات كنت أستغفر ومرات لا ، أقول يستاهل! . . تلومني؟
شاهين بخفوتٍ يريده أن يُتابع ويسردَ حياتهُ هناك والتي رفضَ أن يقولها لهُ قبلًا : مقدر.
متعب : أنا ألومنِي ، وأنا عنّك، منّك ، وهذا أكثر شيء يقهرني بهاللحظة !
سكَن الغضبُ الذي كـان في صدرِه ، كل الانفعالاتِ سافـرت عن أحاسيسِه وهو يقرأ من تعبيرهِ ذاك كلّ الخيبـة التي جالت في صدرِه من نفسه التي حقدَت على نفسه !! . . لم ينبس ببنت شفة ، أراده أن يتحدّث أكثر ، أن يُتابع، لكنّه لم يتابع! بل صمت ونظر للأمام بسكون ، طـال الصمت لثوانٍ طويلة ، حينها وجد شاهين نفسه مرغمًا على النُطق بخفوت : كمّل !
ابتسمَ متعب وهو يُدير رأسه إليه : لا تحاول ، انتهت السالفة.
شاهين يتنهّد بيأس : جايبني عشان هالموضوع؟
متعب بنبرةٍ صارمة : لا تتعـامل مع الموضوع بهالاستخفاف! إذا لي خاطر عندك ، ولو شوي ، لا تطلقها وكمّل حياتك ، صدّقني ما راح يبدّل بالموضوع شيء ولا بيخلينا ننسى! وإذا عن نفسك وعن تقبّلك فالموضوع نفس هالحواحز اللي بيننا ، مع الأيـام بنتجاوز ويمشي كل شيء كأنه صار بس ما أثّر فينا !
شاهين يصدُّ عنه بضيق ، يعقدُ حاجبيه وينظُر عبر النافـذة لمجموعةِ مراهقينَ وقفوا على الرصيفِ أمامه يحتدمُ بينهم نقاشٌ صاخُب ، طـالت الثوانِي دقائق وشاهين يراقبهم بصمتٍ بينما أعاد متعب ظهرهُ للخلفِ وصمت يتابعه ، يغيبُ في صومعةِ تفكيره ، وفي اللحظةِ ذاتها ، لا يريد التفكير !


،


في قصيدتي قافيـة ، لا تُجيد الا الانكسـار على كلماتِ العتـاب، في قصيدتي وزنٌ انشطـر ، وتعبيرٌ باهِت ، وأطلالٌ تبكِي بعد أن طفـح من دمعِي الكثير ولم تستطِع حمله . . في قصيدتِي أقصوصـةٌ بلاغية ، والتحـام ، ومغيبٌ يسافـر فوق سفينـة الشروقِ ويهزمه بثقلِه . .
أسدلَت خمـارَ الانطفاءِ في شاشـة هاتِفها وهي تضعهُ جانبًا ، كـانت تقرأ نصوصًا نثريةً استوقفتها الأخيرةُ في صورةِ قصيدةٍ مكسورة تحكِيها .. رفعَت وجهها الهادئ ببطء لتنظُر لام سيف التي كانت تُحاكيها ، ابتسمَت ، لم تكُن تدري فعليًا ما قالت لكنّها ابتسمَت ، هل عقلها بالفعـل مسافرٌ إليه قلقًا؟ منذُ استيقظَ في الصباح بل منذ البارحـةِ وهو مزاجـه سيءٌ لأجل ابنه.
ام سيف بتساؤل : ما قالّك سيف متى بيرجع اليوم؟
ديما : ما قـال ، بس أتوقع بيتأخر ، هو حاليًا مع زياد.
ام سيف بعبُوس : الله لا يفجعنا بس.
سمعا صوتَ البابِ الذي فُتِح ، استدارتـا ليظهر لهما سيف الذي دخـل وهو يضعُ شماغه على كتفِه وشعره الفوضويِّ يُظهر عبثَ كفيه اللتينِ مسّدتا الصداع فيه ، ألقـى السلام بصوتٍ هادئ ، ومن ثمّ اقتربَ منهما وهو يسمع صوتيهما في ردٍّ خافتٍ " وعليكم السلام ".
جلسَ بجانِب ديما ، بينما لفظَت امه بقلقٍ مستفسرة : شلونه؟
سيف بإجابةٍ موجزة : إن شاء الله خير.
ام سيف باحباط : إن شاء الله.
وجّهت ديما نظراتها إليه ، تصلّبت ملامِحها ما إن رأت عيناهُ تتغلغلُ عينيها في نظراتٍ غريبـةٍ ومُرهقةٍ كملامِحه ، ارتبكَت ، لكنّها لم تُحِد بأحداقها عنه ، بقيَت تنظُر لها ، يُرسل عبر عينيه كلمـاتٍ إليها ، ربّما يريد الشكوى أو أن يفرّغ مافي صدرِه بكلمـاتٍ ويرى أنّ جمودها حاجز ! لا تدري ، لكنّها شعرت بِه يريد قول شيءٍ ما!
زفـر سيف زفرةً عميقة ، ومن ثمّ وبشكلٍ لا مبـالي بمكانِهما مـال برأسهِ نحوها ، وضعهُ على حُجرها واستلقَى نصفَ استلقاءٍ على المساحة الفارغةِ في الأريكة ، أجفلتْ ديما بصدمة ، واحمرّت ملامحها وهي تفغرُ شفتيها بينما سيف يهتفُ بصوتٍ خافتٍ مبحوحٍ وهو يغمض عينيه : راسي يعورني.
ابتلعَت ريقها ، وعينيها ارتفعتا بحرجٍ إلى امه التي وقفَت بقلقٍ وهي تلفُظ : أجيب لك شيء تشربه !
ديما بارتباكٍ تحاول أن تتحرّك من أسفله : لا خالتي أنا برو . . .
قاطعتها امه بحزم : لا ! ما تشوفينه واضح يبيك جنبه ، أنا بروح اجيب له أي شيء يشربه ومعه حبوب لراسه.
اومأتْ باختنـاقٍ من حرجها، بينما ابتعدَت امه عنهما ، حينها ابتسمَ سيف ابتسامةً مُشاغبة وهو يهمس : يدينك دواء ، أحب ملمسها براسي.
عقدَت ديما حاجبيها بغضبٍ منه ، وبخفوتٍ حاد : ما تستحي؟
سيف بتجاهلُ الاجابة عليها : راسي يعورني.

.
.
.

يُتبع بالجزئية الأخرى . .

،





 
 

 

عرض البوم صور كَيــدْ  
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
ليلاس, لغز, أكشن, القدر, الكاتبة كيد, انتقام, يوسف, رواية رومانسية, سلطان, غموض, عانقت, قيود, كيد
facebook




جديد مواضيع قسم الروايات المغلقة
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t195238.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
Untitled document This thread Refback 02-10-16 06:32 AM


الساعة الآن 05:45 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية