لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > الروايات المغلقة
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

الروايات المغلقة الروايات المغلقة


 
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (1) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 22-08-16, 05:21 AM   المشاركة رقم: 896
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فخري


البيانات
التسجيل: Aug 2014
العضوية: 273510
المشاركات: 1,332
الجنس أنثى
معدل التقييم: طُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 2492

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
طُعُوْن غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كَيــدْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر

 
دعوه لزيارة موضوعي



سلامٌ ورحمةٌ من اللهِ عليكم
صباحكم / مساءكم طاعة ورضا من الرحمن
إن شاء الله تكونون بألف صحة وعافية


شكرًا لتواجدكم، شكرًا لكلماتكم الطيبة سواءً بالمتصفح أو خارجه، شكرًا للروايـة اللي جمعتنا .. إن شاء الله أكون دائمًا عند حسن ظنكم والله يكتب لي التوفيق والوصول للنهاية بسلام ويجعل هذهِ الرواية شاهدة لي لا علي :$$ ،

بسم الله نبدأ ، قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر، بقلم : كَيــدْ !

لا تلهيكم عن العبادات


(80)*1



في غرفـةِ أسيل ، كانت تجلِسُ على طرفِ السريرِ بينما امها تجولُ بالبحثِ بينَ ملابِسها القديمـة في الخزانةِ وتلفظُ بحنق : حوسة حوسة !! بالله قبل زواجك ما فكرتِ ترتبينه؟
ابتسمَت أسيل وهي تلفظُ بعقدةِ حاجبين : معليش يمه يعني كان لازم توضحين مقدار حبك لي من ملابسي .. لو تحبيني مثل ديما كنتِ بتظلين تهتمين فيها بعد زواجي بس ماش أنا بنت البطة السوداء.
رمّـت أمها إحدى القمصانِ البيضاءِ في وجهها لتضحكَ أسيل وهي تسمعها تلفظُ بحدة : أنا بطّة سوداء؟
أسيل بضحكةٍ وهي تُبعِد القميص عن وجهها : محشومة يا الغالية ..
ام فواز بضيق : الشكوى لله ما كنتِ أول من راحت بيت رجلها من بناتي فطبيعي إنّي أكون متأثرة أكثر كونها الأولى.
أسيل بوجوم : يعنِي ترقعينها الحين؟
ضحكت ام فواز رغمًا عنها : لو إنك رحتِ قبلها كلّ المشاعر بتطلع عليك.
أسيل تكتّف ذراعيها : أنا خلاص تضايقت وزعلت منّك.
اقتربت منها وهي تضحك، جلسَت على السريرِ بجانِبها، ومن ثمّ وضعَت كفّها على كتفِها وضحكتها تُبتـر بابتسامةٍ شاردةٍ بعـض الشيء دفعت أسيل لعقدِ حاجبيها بتوجّسٍ وكأنها أدركَت ما ستقولُ بعدَ أن تتخطّى شرودها، لم تكُن قد أخبرَت أمها بشأنِ متعب، رغـم أنها سألتها عمّا قاله لها فواز إلا أنها أجابت بأنها لا تريد الحديثَ عنه ورجتها ألا تسألها .. ارتبكَت قليلًا وهي تشعُر بأنها تستعدُّ للحدِيث عن هذا الموضوع ، إلا أن رنِين هاتِفها المُفاجِئ جعل أمها تخرجُ من شرودها وتسحبُ كفّها عن كتِفها، بينما زفـرت أسيل بخفوتٍ وهي تنظُر ناحيـةَ هاتِفها الموضوعِ على الكومدينة ، مدّت يدها لهُ بهدوء، ومن ثمّ حملته لتُصدَم ما إن رأت الاسم الذي بزغَ لها ، شاهين !!! ... اتّسعت عينـاها باستنكار، ماذا يريد؟ ما الذي قد يدفعه للإتصال بها؟!
ابتلعَت ريقها بربكـة، أنهَت الاتصال ولم تُجِب ، حينها عقدَت امها حاجبيها، لم تنتبه للإسم إلا أنها استغربت عدم ردّها : مين؟
أسيل تبتلعُ ريقها بضيق، أحالت هاتفها لوضعِ الصامتْ ومن ثمّ وضعته جانبًا " على باطِنه " تحسبًا لأيّ اتصالٍ آخر له حتى لا تنتبه أمّها ، وبنبرةٍ باهتة : وحدة من صديقاتِي القدامـى ..بتّصل عليها بعدِين مالي خلق أكلمها الحين.
صمتت أمها دون تعليقٍ وهي تعقدُ حاجبيها بضيق، تريد أن تحادثها عن موضوع فواز الذي أخبرها بِه وتسبّب بإجهاضها، إلا أنها تنهّدت أخيرًا لتلفظ : كلمتِ أخوك اليوم؟
أسيل تبتسمُ ابتسامةً زائفـة : لا .. بس بكلمه بالليل فيديو ما تبين تكلمينه وتشوفينه؟
ام فوّاز تهزُّ رأسها بضيق : لا ، يتّصل علي وما أرد أصلًا.
أسيل : ههههههههههه يعنّنك زعلانة منه؟ طيب ليه تسأليني عنه؟!!
ام فواز بحنق : قلب الأم وش تسوي! .. فوق كذا ما يرحمني ويرجـع ،
أسيل بهدوء : يمّه كونه ينتقـل بشغله برى سهل ، بس رجعته صعبة شوي .. هو أصلًا قايل لي من فترة بيحاول يستقر معنا خلاص طوّل بغيبته مع إنّ سيف مو مقصر مهتم فيك بس فشلة خلاص ، واحتمـال يجي هالمرة مع زوجته.
ام فواز تعقدُ حاجبيها فجأةً بانزعاجٍ من ذكرِ " زوجته " ، لفظَت بوجوم : الله يستر عاد من زوجته ذي! مو راضي يتزوج على شوري .. أبد!
أسيل تتنهّد : مع إنّي أتمنى يرجع جيهان له بصراحة! .. يحبها يمه ، حتى لو ما وضّح للحين يحبها!
وقفَت بغضبٍ مفاجئٍ وهي تبتعِد ناحيـة الباب وتنطُق : حبّته القرادة ، حبته القرادة! .. يعني يوم إنّي خلاص صرت راضيـة عن زواجـه قام يطلّق ومن قبل معنّد! .. دام إنه يحبها ليش تزوج وبعدين طلقها؟ .. وينا فيه بلعبة؟!
خرجَت بعدَ كلماتِها الغاضبـةِ تلك لتعقدَ أسيل حاجبيها وهي تبتسـم ، تلاشَت ابتسامتها فجأةً بعد أن تذكّرت هاتفها ، أدارت رأسها إليه ، ومن ثمّ حملته بكفوفٍ متشنّجة ، لتجدهُ بالفعـل ، قد اتّصل من جديد!


،


لم يستطِع الجلُوس في غرفتـه، بالأحـرى في الصالـةِ العلويّةِ وليسَ في غرفتـه المُشتركة مع أسيل - سابقًا - فهو لم يعُد لينـام فيها بعدَ أن ظهـر متعب. كـان يسير ذهابًا وإيابًا بربكـةٍ بعدَ رفضها الردّ عليه ، يشعُر بالحرجِ منها، لكنْ ماذا لديهِ ليفعله؟ .. إلهي! لم يتخيّل للحظـةٍ أن يجيء يومٌ ما ، يريد أن يحادثها فيه ويشعُر بأنّ حدودَ الحرجِ منها لا تُحصر، لم يتخيّل أن تجيء لحظةٌ يريدُ فيها أن يحادِثها ، ويشعُر بأنّ صدرهُ ضيّق ، وأنّ سمـاءَ المدينةِ تنخفِض ، وتُطبـق عليه.
مرّر لسانه على شفتيه وهو يعيدُ الاتصـال من جديدٍ ليطُول الرنينُ حتى الإنقطـاع دون أن ترد، تنهّد وهو يتمتمُ بكلماتٍ لم يكُن هوَ بذاتِه يعيها ، لا بأس، لا يلُومها ، لا يلُومها على أيّ شيء! .. لا يلُومها ، من المفترضِ الآن أن يُحيطَ بي الحرجُ حتى لا أعيد الكرّة ، لكنّني أعتذرُ من جديد ، الأمـرُ فوق تحكّمي! ... نعم ، فوقَ سيطرتِه ، لا أحـد قدْ يُجيد إقنـاع أمه سوى أسيل.
عـاد ليتّصلُ وهو يعضُّ شفته السُفلـى ويُغمـض عينيهِ بشعورٍ قاتـل، بشعورٍ يهزمـه ، بشعورٍ يحشرجُ أنفاسـه ويختنق ، هذهِ اللحظـاتُ لا تكونُ بسيطةً أبدًا ، لا تعبُر بقدرِ حاجتها بل تُسكِن في الروحِ حشـرةَ موتٍ وتلامـس بأطرافِ أناملها حيـاةً أخـرى ، برزخ!
مرّت لحظـاتٌ في بضعِ رنّاتٍ وهو يَجزمُ في نفسِه أنها لن تردّ، لكنّه فتـح عينيهِ فجأةً ما إن وصـل إليه صوتها الناعـم ، نبرتها التي تشيخُ بِه وتسفُكُ منه دمـاءَ الرضا ، القناعـة بحالِه ، تزيد في ضياعِه أكثـر ، تختمُ على صدرِه حنينًا مُحرمًا، كيفَ يتذوّق صوتها الآن خمرًا مُحرمًا لن يُحلّ له؟ ما بينهما ليسَ مقتضـى " حرام " في شرائـعِ الأديـان، ما بينهما حرمةٌ حياتيّة ، مسافات ، تشعّباتٌ لا تلتحمُ في نهاياتِها ، ما بينهما بعيدٌ عن أحكـامٍ وقواعِد ، لا يدرِي كيفَ يظنُّ متعب حتى هذهِ اللحظـة أنه قد يستطِيع الاستمرار معها ! .. كيف؟ لا يُمكن !
أسيل بنبرةٍ جافّة : نعم.
تغـرقُ مجرّدُ " نعـم " في معاجِم ، تكُون في هذهِ اللحظـةِ " مجموعة كلمات "، ليسَت كلمـةً واحدة! ليست كلمةً واحِدةً هذهِ التي جعلته يختنـق الآن فورَ سماعِها، هذهِ التي عبثَت بنبضاته، فجّرت في أوردته غليانًا صاخبًا! . . . همسَ بخيبةٍ وهو يتحرّك نحو الأريكةِ ويجلس، يبتسـم بأسى : أعتذر على وقاحتِي في الاتصـال.
أسيل تبتسمُ باستخفاف : يعنِي عارف إن اتصالك غلط!
تنهّد شاهينْ بضيقٍ وهو يتقدّمُ بجسدِه للأمامِ ليستندَ مرفقهِ الأيسرِ على ركبتِه وتعبثَ كفه بشعرهِ الفوضويّ فتضاعفُ فوضاهُ التي امتدّت داخليًا : أيه .. عارف.
أسيل بجمودٍ وهي تعقدُ حاجبيها : وش تبي؟ أتوقع ما يصير تتّصل علي دام كل شيء بيننا بينتهي أو نقول انتهى!
غصّت تلك الكلمـةُ في حنجرته ، ماذا يعنِي أن ننتهي؟ حتى الآن لازال يجهلُ حجمَها ولازالت تتضخّمُ بأحرافها في حنجرتِه فتحشرُ الكلمـاتِ بوحشيّة، لازال لم يعتدها! . . شدّ على أسنانِه بقهر ، إلا أنه هتفَ أخيرًا بنبرةٍ حمَلت هدوءً كاذبًا : أمي ودها تزورك اليوم.
انبسطَت عُقدةُ حاجبيها وابتسمَت تلقائيًا إلا أن بسمتَها كـانت بسمةَ ألم! وبخفوتٍ محبّ : حيّاها.
شاهين : أسيل ... عارف إنّ شكلي غلط وأنا أطلبها منك .. بس أمي ما رضت تاكل شيء من صحت .. زعلانة مني وحالفة ما تاكل لين أرجعك لي ... فــ ،
صمتَ زافرًا هواءَ صدرِه وهو يشعُر أنّ المتابعـةَ تفيضُ في سوءِ صورتِه ، استطاعَت فهمه، حينها اتّسعت بسمتها بأسى وهي تومئ برأسها وتلفظ : طيب .. بحاول أخليها تقتنع بالموضوع بأي طريقة حتى لو كذّبت وقلت إن رغبة الطلاق جات مني.
انخفَضت كفّه عن شعرِه ليُغمـض عينيهِ بامتنـان ، وبشعورٍ آخـر يكادُ يصرعـه الآن ، يتذكّر في هذهِ اللحظـةِ إحدى جُمـل متعب " مرتك أصيلة "، نعم، كـان حتى هذهِ اللحظـةَ الأعلـى منهما ، كانت الأفضـل رغمَ كلّ شيء ، الهدوءُ الذي لازال يعمُّ سرّ متعب يُثبتُ أنها لم تتحدّث لأحدٍ قد يفتـضح كل شيء، تركتْ الموضوع يسيرُ كما هو مفترض ، رغـم أوجاعها ، ورغـم ما خلّفوه فيها ! .. همس بامتنان : ما عندي شيء يكفي لشكرك! ... لو غيرك كـان من البداية ردّها بيكون للموضوع مختلف.
أسيل تتجاهـل كلمـاته وشكره لتلفظَ بجمود : خالتي للحين ما علمتها عن متعب؟
شاهين يهزُّ رأسه بالنفي وكأنها تراه، ليتها كانت أمامه وتراه بعينيها التي يعشـق! : لا ، أتمنى ما تدري منك.
أسيل بصوتِها الجامِد ذاتِه والذي لا يُنبِئ عن مشاعرها المُستترةِ خلفَ تصلّب صوتها : تطمّن . .
صمت ، من بعدِ صمتها الذي شعر بهِ يطول دهرًا خلالَ ثوانِي ، ومن قبلهِ ردٌ فاترٌ - موجَز - ، عقدَ حاجبيه ، اعتذَر منها في المشفـى ، أوضـح لها كم حجمُ خطأه في حقّها كبير .. إلا أنه وإلى هذهِ اللحظـة ، لا يشعُر أنه استوفاها عذرًا ، أغمـض عينيهِ وهو يتراجـع بظهرهِ للخلف، أسندهُ على ظهرِ المقعد ، ومن ثمّ بصوتٍ خافِت ، يتلاشَى فيهِ التعبيرُ سوى مكنونيّةِ الاعتذار ، يتلاشـى فيه كلّ شيءٍ عدا " اشتقتك " أيضًا بجوارِ اعتذاره! .. لم يقُلها ، لم يقُلها ، إلا أن نبرته قالتها بعمـق اشتياقِه : آسف.


،



كـان يراقبـهُ بهدوءٍ وهو يتّكِئ على ظهرِ الكرسيّ ويكتّفُ ذراعيه وابتسامةٌ تظهرُ على شفاهِه رغمًا عنه في حينِ يرى ملامِح سلمان التي تظهرُ عليها تقاسيمُ الاستفزاز . . تحرّك قليلًا ليسندَ مرفقيه على ركبتيه ويتقدّم بجسدِه ، لكنّ ابتسامتـه تلاشَت قليلًا وهو يرى وجه سلمـان يتغيّر فجأة ، يعقدُ حاجبيه باستنكـارٍ أو ربما قلقٍ جعله يقلقُ من الجهةِ الأخـرى!
بينما شدّ سلطـان على أسنانِه بقهرٍ وهو يغمـض عينيهِ قليلًا، يستفزّه أن يجدَ من كلّ منفذٍ بابًا يُغلـقُ فجأةً حينَ يقترب، لا يفصـله سوى خطوة على العبـورِ لراحـةٍ أخيرًا ، يستفزّه ألا تسير الأمـور بشكلٍ صحيح ، الآن ، وفي صدرِه حممٌ من كرهٍ وغضب ، منذُ البدايـةِ كـان مخدوعًا ، والخـداعُ لا يسيرُ معه إلا بشكلٍ بطيء، بشكلٍ مستفزّ وبشكلٍ يطول ولا يكتشفه! .. لسنين ، غابَ في كذبةِ سلمـان ، والآن لأشهـر ، يغرقُ في خداعِ امرأة!
وصـل إليه صوتُ سلمـان الذي كـان هادئًا لمسامعه، لكنّه كـان بعيدًا عن الهدوء ، يتصنّعه فقط! : وش صار؟
سلطـان يبتسمُ بسخرية : فقدت الحق بالسؤال.
سلمان بجمود : وش صار؟
سلطان : سلامتك .. لا ... ما يصير أقول سلامتك ... الله يقهرك مثل ما قهرتني وبس!
عقد حاجبيه بشكلٍ أشدّ ، لم يحـاول أن يسأله أكثر وهو يستشعرُ أنّ قهرهُ هذهِ المرّة كـان لأمرٍ مسّه هو شخصيًا ، لم يتعلّق بفهد ، بل كـان ربّما ، غدرٌ بِه هو !!
أغلـق سلطـان بعدَ كلماتِه المقهورةَ تلك ، لم ينظُر ناحيـةَ غزل أبدًا وهو يرمِي هاتفه على المقعدِ الذي بجواره ، كـانت قد استمعَت لكلّ كلمـاتِه وهي صامتة، لم تعُد للنظـر إليه بل بقيَت تنظُر للأعلـى ونبرتهُ تلك ضاعفَت من أوجاعِها أكثـر ، نسيَت أنّه الآن يأخذها إلى مجهولٍ مـا ، وظلّت عائمَةً في ظلالِ صوتِه ، هذا القهر هي من تسبّبت بهِ في نبرتِه ، هي من افتعلتْ كلّ هذا فيـه منذُ البدايـة ، هي التي كـانت النقطـةَ السوداءُ في منتصفِ الكلام ، عرقلَت كلّ شيء! .. كلّ شيء !!
عضَت شفتها السُفلـى وهي تُغمـض عينيها، تصمتُ الأحاديت، الزفـرات من صدرِه ، ليبقى صدرها وحدهُ يتمتمُ بكلماتٍ تتداخـل وترتفع ، ترتفعُ حتى تصخبَ بأسماعها وتفقدَ الإدراكَ لوقتٍ حتى قاطعها فجأةً صوتهُ الحادُ والآمر وهو يلفظُ بعدَ أن توقّفت السيارة : غطّي وجهك .. وصلنا.
فتحَت عينيها وكأنهُ لسعها بصوته، رفعَت كفّها لتُسدِلَ طرف الطرحةِ إذ تركت وجهها مكشوفةً طيلة الطريقِ كونها متمدّدةٌ وليسَت جالسـة ، فتـح سلطان البابَ وخرج ، لم تستطِع أن تتبيّن من المنفذِ الصغير من البابِ الذي فتحه أين هما الآن! .. لم يقُل لها شيئًا وهو يغـلق البابَ ويبتعِد ، يتركها تغرقُ أكثر وتحترقُ بالاحتمالات ، أين؟ إن كـان سيُعيدها لأمها لكان جعلها تنزل مباشرة! .. إذن ، أين هما؟
مرّت لحظـاتٌ قصيرةٌ قبـل أن يُفتـح البابُ الخلفي من جهةٍ أقدامِها ، عقدَت حاجبيها فجأةً وهي ترى سلطـان يدخُل قليلًا بملامِح متصلّبـة ، استطـاع حملها ليُخرجها ، ومن ثمّ وضعها .. على نقالة! ... هما في المشفى !!!!


،


في بروكسِيل ، خطواتُها المُتّزنـةِ تسقُط في إغماءةِ إدراكِها من أفكـارِها التي تعوجُّ خاصرتها، تُميلُ فمها قليلًا، وتعبثُ كلمـاتٌ في فمها ، كلماتٌ كـانت تحاربها لتخرجَ إليه بعدَ ساعاتٍ قضتها معه مجبرة ، مجبرةً فيها على الحديثِ معه ، وعلى الكثير من الضحكِ معه أيضًا! .. مهما تحلّت ملامحها بالوجومِ إلا أنها تجدُ نفسها فجأةً تضحكُ معه رغمًا عنها حين يهدفُ إلى إضحاكها بسيطرةٍ عنيفة . . لم تغرقْ كثيرًا في أفكارٍ صامتـة ، بل حوّلتها إلى حديثٍ وهي ترفـع رأسها وتهتفُ بما جـال في عقلها : ليش طلّقت زوجتك؟
شعرتْ بهِ يتصلّب فجأةً بجانِبها، توقّف وكفّه القابضـة على كفّها ارتخَت لتتركها فجأة، في حينِ كانت ملامِحه المسترخيـة قبل لحظةٍ فقط قد تشنّجت بنفورٍ من سؤالها ، شعرت بأنه قد يغضبُ لا محالة، لذا استدارَت بسرعةٍ لتقابلَ جانِب جسده بجسدها وتلفظَ بتدارك : قلت لي من قبـل إنّ مالي دخـل بموضوع طلاقك ، أثبت لي هالشيء وقولي طيب سبب الطلاق؟
فواز بخفوتِ صوتِه الذي أخبرها بوضوحٍ أنّه يتحكّم بغضبِه بصعوبة : ما تشوفين سؤالك وقح؟
جنان ترفـع ذقنها بثقةٍ متجاهلةً نبرته تلك ، لمْ ترتبك أو تتراجـع في قرارِ المعرفـةِ وهي تلفظُ برويّة : أشوف إنه من حقي أعرف، ممكن أنت تشوفه وقاحة بس أنا أبي شيء يثبت إنّ مالي دخل باللي صار.
ابتسمَ فواز دون مرح ، وبسخرية : إذا عرفتِ بالسبب راح تتقبلين حياتك معي وما عاد تطلبين الطلاق؟
جنان دون تفكير : لا ... ما راح يأثر بشيء.
دسّ فواز كفيه في جيبي بنطالِه بصبرٍ وهو ينطُق : وش بستفيد أجل؟
جنان بمراوغـة : وش جاء بخاطرك أول ما مشينا بهالشارع؟
فاجئته بسؤالها، أخـرج كفيه من جيبيه مباشـرةً وملامحه تفتُر ، ما الذي جـال بخاطِره؟ هل هو مكشوفٌ لها بهذا الشكـل؟ هل قرأت في أحداقِه ذكرياتٍ جالت في أعصابِ عينيه ، مناظـر ، لحظـاتٍ عاشها ، خطواتٌ لم يعدّها، أقدامـها التي سارَت بجانِب أقدامِه هنـا يومًا .. هل قرأت كلّ هذا؟ قرأت قصةً قصيرة ، قصيرةً جدًا ، كـان من خضمِ مواقفها القليلة أنّه سـار معها هُنـا مُمسكًا بيدِها ، شاعرًا بدفئها، متذوّقًا رائحـتها، يدندنُ بصمت ، مع سمفونيّةِ صوتِها الناعمـة ، والتي تتلاعبُ بأوتار أعصابِه كعازفٍ يعبثُ بقيثارةٍ وقعَت بينَ يديهِ " معشوقة "!
ابتسمَت جنان بسخريةٍ وهي تفركُ كفّها اليُسرى باليُمنـى ، الجوُّ كـان باردًا بعض الشيء ، معارضًا نبرتها التي لفظَت بسخريةٍ يافعـة : قبل شهور ، وبهالشارع كـان أول مرّة ألتقِي فيها ، كنت مع فارس وهي معك!
كـان أوّل موعدٍ لهمـا ، كغرباء ، عشقها من الوهلةِ الأولـى ، كـان الموعِد الأول ، الاختطـافَ الأولَ بعدَ مجيئهم لبروكسيل ، واللحظـاتِ التي لم ينساها ، وتمنّى لو أنه في إدراكةِ فُراق، حفظَ تفاصيلها! .. تمنّى لو أنّه عدّ خطواتِها منذ اللحظـةِ التي تلقّفها من أحضـانِ والدِها ، وسـار معها ، إلى أن أعادها ، تمنى لو أنّه حصـر نبضاتِ عروقِ معصمها التي كـان يشعُر بها ، تمنى لو أنّه عدّ المرّات التي تنهّدت فيها باعتراضِ خروجها معه ، تمنّى لو أنه لم يغفـل عن رعشـةٍ من أهدابِها ، انخفاضِ أجفانها في كلّ إغماضة!
كـان الموعدَ الأول، والحيـاة الأولى، وكأنه في تلك اللحظـةِ ولدَ عاشقًا من جديد، وولّفَ في أضلعهِ قلبًا وليدًا من اسمها ، ليبقـى هذا القلبُ مضطجعًا بين أضلعه ، حتى هذهِ اللحظـة ، دون أن يجهضَ انتماءهُ إليها.
لم يرد، تـابعَ سيره ، بصمتٍ أطبـق على فمِه ، لم يردّ ، وهو يعُودُ ليدسِّ كفيه في جيبِه ، وكأنه يمسـح شعورهُ ببشرتِها والذي عـادَ يغزو جلده ، ها أنا ذا أشعُر بكِ من جديد ، في خضمِ محاولةٍ فاشلـةٍ من النسيان ، كيفَ تسكُنني؟ ولا تفقهُ الهجرانَ حتى ببعدها؟ كيفَ لا يقتضِي من البُعدِ هجرانًا؟ .. من قـال أن البعيدين هَجَروا؟ هاهيَ ذي ، أشعُر بملمسِ كفّها، وأشتمُّ رائحـتها على جدرانِ الطريق، هاهيَ ذي ، أسمـع خطواتها على الرصيف، وأشعُر رغـم برودةِ الأجواء ، أنّها تغلّف جسدِي بدفئها . . اقشعرّ جسدهُ وهو يشعُر بحرارةٍ قامَت فيه من مشاعِره ، ضاقَت عيناهُ وهو ينظُر للأمـامِ بتشوّش ، بينما تحرّكت جنان بعدَ أن سابقها، سارعَت في خطواتها إلى أن أصبحَت بجوارِه، وبابتسامةٍ متلاعبـة، إلا أنها كانت تعنِي ما قالت حرفيًا : الموضوع بسيط يا صديقي .. طلّقني ببساطة ورجعها لك .. ما يسوى تعذّب روحك والله!
فواز بحدّةٍ وهو يكادُ يفقدُ أعصابه أمامها في أيّ لحظـة : سبق وقلت ما طلقتها بسببك! .. لا تستفزيني أكثر!
جنان ببساطةٍ أقربَ للاستفزاز : طيب مو لازم أصلًا أكون سبب .. أنت أصلًا بتطلقني في النهاية.
فواز ينظُر إليها بغضبٍ انفجـر : لا تحلمــين حتى! .. من الآخــر لا تحلمين أطلقك!!
جنان رغم أنها شعرَت بالغضبِ من نبرته إلا أنها لفظَت ببرود : ما أدري وش عذرك يعنِي عشان تتمسك فيني بهالطريقة، ماني مرتك الأولى يعني ما تحبني ، إذا عن أبوي فصدقني بقدر أقنعه إنه كان على خطأ ...أصلًا لو أدري عن عذره بس.
ارتخَت ملامح فواز الغاضِب فجأة، مرّر لسانه على شفتيه بتوتّر ، إلا أنه أدار رأسه في النهاية إليها ببطء، ليلفظَ ببرودٍ أخيرًا : مانِي مطلّقك تحت أي ظرف ، خلاص اقتنعي بهالفكرة.
جنان تحاول أن لا تغضب من أسلوبه المتسلط وهو يقولها، لفظَت ببرودٍ مشابـه : مدري شلون تحبون الهم والعذاب؟ يعنِي صعب عليكم يا الرجاجيل تتنازلون شوي! .. دامك تحبها لهالقد رجعها لك وعيش حياتك .. العُمر مرّة عيشه بحلوه واترك عنّك مُرّه .. إذا يسعدك قربها منك عيشه ، ترى الحُب مو كل مرّة يتكرّر ، مو كل مرّة تقدر تجدّده بشخص ثاني ، فلا تضحك على عمرك أساسًا حتى لو بتقدر تحب من جديد ما يستهويني أكون الطرف الثاني بالموضوع.
فواز رغـم غضبه إلا أنه ابتسم : مو كأني مرة طايح من عينك؟
جنان بجدَيةٍ تثبّت أحداقها في عينيه : كل رجّال يحب ويتخلّى عن اللي يحبها يطيح من عيني أصلًا .. إمّا إنك كنت كذّاب بحبك ، أو إنّك مازوشي وعذرًا على الكلمة . .
ضحكَ رغمًا عن غضبِه من تفسيرها : يا الله بس! .. منتِ طبيعية ، للحين مو متخيل إنّك تناقشين شخص هو زوجك عن حبه لأنثى غيرك!
جنان ببساطة : لأني متصالحة مع نفسي ، مستحيل أفرض عمري على شخص يحب بالأساس ، للحين أتمنـى أرجع للزمن وأعارض أبوي ، صدّقني للحين ماني مصدقـة إنّي للحظـة ضعفت وما حاولت أوضح له إنه غلطان!
فواز ببرودٍ وهو ينظُر للأمـام : سبق وقلت ماهي مشكلتي.
جنان تبتسمُ بحنقٍ من بروده ، أرادت استفزازه أكثر ، لذا أمالت فمها وهي تطرُق بسببابتها على ذقنها ، وبتفكير : مممم أذكر ذاك اليوم كانت لابسة جاكيت زيتي صح؟
اتّسعت أحداقـه، عـاد جسدهُ يتصلّب ، وقفَ بحدةٍ وهو يدركُ جيدًا ما تقصد، كـانت تصفُ ملابِس جيهان في ذاكَ اليوم! .. عضّ شفته بغضب ، وبحدة : جنــان يكفي!!
جنان بصوتٍ متسلٍ باستفزازه : افا ما تبي تشتاق لها أكثر!
فواز بصوتٍ ارتفـع وهو ينظُر لها بوعيد : يكفي !!
جنان ببرود : يمكن الحين هي تفكر فيك بعد!
تنفّس بحدة ، وعيناه رغـم غضبِه إلا أنه ضيّقها ، رقّت نظراتـه، وأبحـر في تخيّلها تفكّر بهِ هو! .. ما الذي يفعله؟ لمَ يسمـح لنفسِه بالتفكيـر بها بهذا الشكـل؟! بتجديدِ أشواقه، بالإبحـار إليها من جديد! .. لكن ماذا يعنِي أن تفكّر بِه؟ وتشتاقَ إليه كما يشتـاق إليها؟ ماذا يعنِي؟ غيـر أن يدعُو الله ، بأن يبعَث في صدرِها حبًا أكبـر إليه ، وشوقًا يجرفها في سيلِه دون أن يتباطَأ ، نعم ، يرضيه أن تبقـى تحبّه ، يرضيه أن تفكّر بِه ، يرضيـه أن لا تبدأ حيـاةً جديدةً من بعدِه!! .. أنانيُّ بِها ، إن لم تكُن لي ، فيا الله لا تجعـل سواي ينظُر إليها كزوجـة! اللهم إنّي أبوءُ لكَ بذنبي ، بأنانيّتي بِها ، فلا تصرفْ عني خيره! اللهم إنّي أبوءُ لكَ بحبّي ، وأعجـزُ عن دعائك صرفَه.
عقدَ حاجبيه ، أغمـض عينيهِ قليلًا وهو يتنهّد ، ليلفظَ أخيرًا بخفوتٍ آمـر : قفلي هالموضوع يا جنان .. ترى وصلت حدّي منه!
لوَت فمـها بتمرّد ، كـانت لتستمرّ، إلا أنها ما إن شعرت بِه يُمسكُ كفّها بانفعـالٍ صامتٍ حتى ألجمها بشدّه لها وسحبها معه ، وأصابعه تخبرها بشدّتها أنه لا يريد أن يغضب أكثر ، لا يريد أن تستفزّه أكثر بطريقةٍ قد لا يروقها ردّها.


،


بعدَ صلاةِ العصرِ بوقتٍ قصير، اقتربَ من بابِ المنزلِ عائدًا من المسجِد ، يضيّقُ عينيه والحرارةُ تزعجـه ، لن يبـالغَ إن قـال بأن أكثر ما تذمر منه في حياتِه هي حرارةُ الأجـواء التي تُسعفُ مزاجـه بالذوبانِ في حدّتِه .. كيفَ يتقلّب مزاجـه ما بينَ استرخاءِ " سعادة " وما بينَ ضيقٍ مُفاجئٍ يتذمّر بِه من حالـةِ طقس ، في حينِ أنّ صدرهُ بحدّ ذاتِه طقسٌ يتقلّب في طوفانٍ تارةً، وفي نسيمٍ تارّةً أخـرى ،
فتحَ البـابَ ودخـل ، رائحـةٌ مختلفة ، رائحـةٌ تجلبُ السكينة ، وتجلبُ حيـاةً أخرى لا دنيـا ولا برزخية ، حيـاةٌ هيَ جنّة! .. ابتسـم فجأة ، ألمْ يقُل بأنّها المتحكّمة والقابضـةَ على طقسِه؟ الآن " روّق "، فقطْ لأنه اشتمّ رائحـةً هي مصدرها. مرّر لسانـهُ على شفتيهِ وهو يُحرّك أحداقـه ، جـاءهُ صوتٌ قريبٌ من غرفـةِ الجلوسِ أثبَت أنّها فيها ، ابتسمَ بسخريةٍ أخيرًا وهو لا يدرِي هل هو الآن " غير متضايق " فعلًا؟ كيف تختلطُ مشاعره بهذا الشكـل وكيفَ يشعر أنّ مزاجـه تلتحِمُ فيهِ متضادّات ، حينَ خرجَ كان غاضبًا منها ، كان مقهورًا من السنينِ التي مرّت منذُ طفولتها، كان أيضًا يتذكّر ، لحظــةً ما قالت فيها " يسّوري " وأتبعتها بمناداةِ ومناجاة ، سيظلمـها إن ظلّ يتذكـر تلك اللحظـة وهو الذي كـان فيها الماردَ الذي لفـحها بدخـانِه الأزرقِ دون أن يكون حضوره سعادةً وتحقيق أمنيات ، عوضًا عن أنه كـان محقّق لحظـاتٍ تخشاها الإناث ، فقط! .. قد تكون مناداتها المتغنّجة تلك مجرّد لفظٍ طفوليٍّ أيضًا نظرًا لعمرها وقت ذاك ، لكنّها أيضًا .. تحرقه!
قرّر ألا يصتدمِ معها ، مؤسفٌ أن يُجبَر كسرٌ من جهة ، وتُشرخَ جهةٌ أخـرى! .. وعلى أمـل أن الشروخ تزول ، ابتعدَ كي لا يواجهها ، واتّجه للدرجِ حتى يصعدَ ويسترخِي على السرير لوقت ، لكنّه ما إن وصـل لأوّل عتبـةٍ حتى تصاعَد رنينُ هاتِفه، توقّف ، ويدهُ ارتفعَت ليسندها على الدرابزين بينما الأخرى أخرجَت من جيبِه الهاتف ، ابتسَم ما إن رأى المُتّصل ، ومن ثمّ ردّ ليلفظَ مباشرةً بسخريـة : الله! .. زين إنّك تذكرت إنّي عايش وقريب.
ضحكَ متعب من الجهةِ الأخـرى : أنا اللي كنت ميّت والله معليش.
أدهم يتحرّك ليصعدَ وهو يمطُّ فمه بامتعاض، وبتهكّم : كان ظلّيت ميّت في اللي خبري خبرك .. أترفّع عن ذكره أيش بالضبط.
متعب يُميلُ فمه وهو يرفـع حاجبًا : تترفّع عن ذكره؟ .. وأيش؟!!!
أدهم يبتسمُ بلؤم : أظنّه ماهو بشري عشان كذا .. مجرّد مخلوق دوني.
زفـر متعب بضجر : بالله فكوني منكم .. ودكم تتهاوشون امسكوا بعض وتصافقوا لين بكرا بس لا توجعون راسي خلوني بعيد.
أدهم : يعني ما تعرفني يوم إنّك تحثني آخذ بحقي منه؟
متعب يبتسـم : المطلوب كل شيء إلا إنكم تذبحون بعض، ترى شاهين بعدْ شرّاني قدام اللي يقرب منه بنية شر.
أدهم : له وجه يحاول مجرّد محاولة؟ ترى آخر مرّة كانت بصالحه ، الحين دوري.
متعب : هههههههههههههههههه ما عرفتك وأنت ملتزم بالدور وقانوني .. شكلك ناسي جوالك يوم إنّه جرح راسه وما انكسر.
أدهم بحدة : وينك؟ بسرعة الحين بجيك وتتفل عليه يا حيوان.
متعب يغرقُ في ضحكةٍ عميقةٍ قبل أن يلفظَ بنبرةٍ ضاحكـة : تعالي الفندق ، اشتقت للطلعات معك ووصاخة لسانك ...
أدهم : يلا جايك بس أتروش وأبدل ملابسي .. بس هاه مو بعدين تقولي أمسك لساني! هذا أنت قلتها اشتقت.
متعب : قسم بالله لسطّرك.
أدهم يبتسمُ وهو يدخُل الغرفـة : بعتبرك إحماء بسيط للحمـار اللي وراك.
متعب : الله يرخِي عظامك ويمحق كيدك قدامي وقدام أخوي ..
أدهم : هههههههههههههههههههههه حيوان طاح كرتي في النهاية.
متعب بإغاظة : أجـل تقارن نفسك بالدم؟ بعييييدة عنك.
أدهم : أقول اقلب وجهك بس بمرك بعد نص ساعة.
أغلـق دون أن ينتظـر ردّه ومن ثمّ اتجه للحمـامِ وهو يفتح أزرارَ قميصه بعدَ أن رمـى هاتفه على السرير.

في الأسفـل ، كـانت تغـرقُ في مشاهدتها لفيلمٍ على إحدى قنواتِ التلفاز، بل تطفُو بالشكلِ الصحيح، لم تفهمْ القصّة ، لم تستوعبْ الأحداث ، تـارةً تستمـع للأحاديثِ الإنجليزية وتارةً أخـرى تستمـع لأحادِيث صدرها بلغـةِ الضجيج ، الضجيجِ فقط! .. لم تكُن تدرك ما تفكّر بِه بالضبط! .. كانت فقطْ تعيشُ اللحظـاتَ التي استسلمَت فيها إليه من جديدٍ وتلومُ ذاتها، لمَ تلومُ ذاتها؟ لقدْ قالت أنها تكرهه، أنها تتقزّز من قربِه منها ، فما الذي حدَث لتتمرّد على قوانِين مشاعرها؟ حتى استسلامها لم يكُن أجباريًا ، لم تشعُر بالنفورِ داخليًا .. آآآخ كم أنا ساذجةٌ وحسب!! .. بالتأكيد سيفكّر الآن أنها أحبته ، أو ربّما تقبّلت حياتها معه ، لكنْ ما معنى أن تستسلمَ بطواعيةٍ دون أن تكون تقبّلت الحياةَ فعلًا؟!
عضّت شفتها بقهرٍ وهي تتمتم بحنق : أي فوق كذا مستحية منه؟! .. الله ياخذه هذا اللي كان ناقصني! .. أستسلم لوجهه الخايس ولا بعد أستحي منه هو !!!
وضعَت كفيها على وجهها وهي زفُر بقوّة ، لن تُصيبها الربكـةُ أمامه من جديد ، لن تتوتّر ، ولن تضعفَ له مرّة أخـرى ولن تستسلم! .. نعم ، لن تُعـادَ مسيرةُ غبائها ، لن يُضعفها بقبلةٍ سخيفةٍ مثله ، لن تشعُر بالطمأنينةِ بينَ أضلعهِ الشعثاء! .. غبية ، وهو أغبـى إنّ ظنّ أنني سأُهزمُ أمامه من جديد!! من هو؟ من هو لتجدَ أنّ عالمـه هو مختلف ، أنه ، أنه مُغرٍ للخوضِ فيه وللقبولِ بهِ لهفـةً للخضوع ! .. اتّسعت عيناها بغضبٍ من نفسِها ، لا تريدُ أن تعترف ، نعم ، لا تعترفي ، لا تعترفي أنّ مشاعـرك هُزمَت أمامه وأنّكِ بالفعـل شعرتِ برغبةٍ في الخوضِ أكثـر في عالمِ القبولِ به .. لن أقبل ، لن أقبــــ . .
شهقَت فجأةً بذعرٍ وانتفضَت ما إن سمعَت صوتَ هاتفٍ يرن، اتّسعت عيناها ، وارتبكت ما إن أدركت أنه عاد! .. عــاد!! ... احمرّت ملامحها بشدّةٍ وهي تقفُ ببعثرة ، أينَ ذهبَت الخُطط وأين ذهبَت وصاياها! .. لا تدري ، فقطْ أرادت الهرب الآن بربكـةٍ من حضوره ، خشيَت أن تتصادَم معه الآن ويُضعفها أكثر ، لا تريد أن تعود وترتجفُ بربكـةٍ أمامه . .
ابتلعَت ريقها بتوتّرٍ وهي تسمـع صوته يُحادِث في الهاتف ، كـانت كلمـاته تترجـم لأسماعها جيدًا ، تعقدُ حاجبيها ، وآخر ما وصـل إليها " يعني ما تعرفني يوم إنّك تحثني آخذ بحقي منه؟ " ومن ثمّ بدأ صوته بالخفوتِ حتى تلاشى بصعودِه ... همسَت بتعثّرٍ مذعورٍ وهي تجلس : ياخذ بحقّه؟
ماذا يعنِي هذا؟ ماذا تعنِي تلك الجملـة؟ تدرك جيّدًا أنه مجنونٌ كفايـةً لتتوقع منه أيّ مصيبةٍ قد يقومُ بها، اتّسعت عينـاها بذعرٍ وهي تغوصُ في احتمالاتٍ عديدة ، قد يكون مقصدهُ أمرًا عابرًا أو سخيفًا ، لكنْ ما الذي يثبت أنها ليسَت " مصيبة "؟


،


مرّت ساعاتٌ انتهـى فيها الفحـص ، رضّةٌ عنيفة ، وبضـعُ مشاعـر كُدمَت ، هذهِ الخسـائرُ وحسب ، كانت طيلةَ الدقائق الطويلةِ تُمشّط الغرفـةَ بعينينِ ميّتتين ، كـان يريد أن يأخذها للمشفـى، يدرك أنّ جسدها لم يكُن بخير ، إلا أنه لم يرغَب رغمَ ذلك في مساعدتها على السيرِ منذُ البدايـة ، بل تركها تتألمُ أكثر قبلًا! . . يدرك أنّ جسدها لم يكُن بخير ، وماذا عن مشاعرها؟ أيدرك أنّها قاسَت ماهو أكبر؟ أنها ظلّت خائفـة طيلـةَ الليل ، لم تنَم كمـا يجب، بعدَ وحشـةٍ لم تعتدْ فيها أن يغيبَ طويلًا ولا ينـام بجوارِها ، لم تعتَد أن تكون وحيدة ، من جديد!
ببرودٍ حملها بعدَ أن وصَلت بالكرسيّ المتحرّك إلى السيـارة، أدخلـها ، بطريقةٍ كانت باردة ، تستشعرُ في كلّ نفسٍ يخرجُ من صدرِه غضبًا من قربها منه، من كلّ إغماضـةٍ تقزّزًا ، وكأنه فقط كـان يحمـل حيوانًا نجسًا!
أجواءٌ صامتـةٌ أخـرى لم تنظُر فيها تجاهه هذهِ المرّة ، بل ظلّت فيها السيـارةُ تسيرُ بزخمٍ صاخبٍ بالهدوء! جــاءت اللحظـاتُ التي ترى فيها النبـذ من موطِنها، هاهـو ينبذُها ، ملاذٌ تكبّر عليها ، بل هي من صغرت ، صغرت حدّ أن تكون حقيرةً لتحظى بمأواه! . . ها أنتَ ذا موطِني الذي لفظنـي وأنا إليه راكعـة ، أتضرّعُ بخشوعٍ إليه ، وأتقبـل جحيمه.
تنظُر للأعلـى ، لسقفِ السيارة ، وتبتسمُ بحسـرة ، على كلّ ما كـانا سيعشانِه مستقبلًا . . . وضاع! ، على اللحظـاتِ التي انتظرتها ، إحداها أن يحمـل فيها ابنهما ، ويبتسـم لها ، وهو يلفُظ بحب " يشبه عيونك "! .. كـان طموحها أكبر منها! .. كـان طموحها مستحيلًا! يا الله كيفَ كانت تنتظرُ كلّ هذا؟ كيفَ كانت تنتظر؟ وتنهمرُ من شفاهها ابتسامات ، لتخيّلاتٍ فقط! . . يا الله! كم من القسوةِ لم تتركنِي بعد؟ لا شيء! .. كلّ القسوةِ مارسَت مواهبها عليّ حينَ مخضَت بأمنياتِي معه .. وأجهضتها ميّتة! .. كلّ القسوةِ مارسَت نفسها علي ، حينَ ابتعد!
ابتسمَت بحسرةٍ وخيبةِ أمـلٍ كبيرةٍ من الدنيـا ، بينما مرّ الوقتُ سريعًا قبـل أن تقفَ السيـارةُ أمام المنزل ، نـزل ، ومارسَ ما كرِه .. من جديدٍ اقتـرب منها، وشعـر بالشعورِ ذاتـه ، غثيـان! .. غضبٌ أكبـر ، قهرٌ أكبــر، الرغبـةُ في قتلها! تعودُ وتلفُّ ذراعها حوله بكلّ وقاحـة ، ماذا يتوقّع من أمثالها؟ حتى وإن كـان السبب تخفيفَ الضغطِ على موضِع ألمها ، إلا أنها كـانت وقحـةً كفايـةً لتهتمَّ بألمها وتحيطَ عنقه ، في اللحظـةِ التي كـان يجعّد فيها ملامحه بازدراء.
وصَل لأعلـى سريعًا، بينمـا حرّكت هي رأسها لتتباعدَ أذنها عن موضِع قلبـه الذي ينبـض بانفعـالِ الغضب ، نظـرت بربكةٍ للطريقِ الذي يسير فيه ، ستعودُ لتلك الغرفـة ، لتلك الليلـة ، للاختنـاق ، للوجـع ، وستعودُ من جديد ... تناديه! ولا يستجيبُ لندائها، كتلك المرّة.
ابتلعَت ريقها وهي تُغمـض عينيها بعدَ أن دفـع بابها بقدمه ، تشعُر بأحشائها تلتوِي، بقلبها يُعصـرُ بكفوفِ ظـلالِ تلك الليلـة، شهـق صدرها ببكاءٍ متوجّعٍ ما إن وضعها على السريرِ بانفعـالٍ وحدةٍ وكأنه كان يريد أن يتخلّص منها بسرعة، انقلبَت مباشـرةً متجاهلـةً ألمها لتواجهه يظهرها ، كي لا يرى دموعها أكثر! كي لا يرى ضعفها الذي بدأت تكرهه أكثر .. أدارته ظهرها ، في اللحظـةِ التي أمـال فيها فمهُ بقرف ، ومن ثمّ لفظَ ببرود : صليتي ظهر وإلا ناوية ترتدّين عن الملة وتردّين كافرة؟
عضّت شفتها وهي تِغمض عينيها بقوّةٍ وألـم، بينمـا مرّر سلطـان نظراتٍ غاضبـةٍ في الغرفـة ، تستفزّه! هذهِ الغرفـة تستفزّه كلّما تذكّر تلك الليلـة ، لا يثـق بتلك القصّة بالرغمِ من كونِ سعدْ سردها له ، قد تكون على معرفـةٍ سابقةٍ بإبراهيم! .. جاءَ إليها بعدَ أن طلبَت منه ذلك ، كلّ ذلك كـان خطّة! .. لمَ لا يكون الأمـر كذلك وحسب؟ .. تلك الليلـة كـان قد قرّر فيها أن تصبـح زوجته فعليًا ، فلمَ لا تكون قد افتعلَت تلك التمثيليّة حتى لا يكتشفَ كذبها من البدايـة ، حتى لا يكتشفَ حقارتها؟
سيحترق ، سيحترق!! ... لا يمكـن أنها استغلّته بهذهِ الطريقـة وهو كـان غبيًا ، كـان غبيًا واستطـاعت ببساطةٍ استغلالَ غبائه ، منذُ البدايـةِ كـان ساذجًا ، منذُ سمـح لها بالولوجِ إلى حيـاتِه . . . لم يشعُر بنفسِه إلا وهو يعودُ للاشتعـال ، منذُ متى انطفأ هذا الغضب؟ منذُ متى انطفأ قهره؟! لم تمرّ لحظـةٌ واحـدةٌ شعر فيها بالقليلِ من الاسترخاء منذُ أن أدرك الحقيقة . . نظـر إليها بقهرٍ يكادُ يقتلـه هو، عبـرت نظراته على جسدِها ليفيضَ في اشتعالِه ، هذا الجسدُ عبـرت عليه كفوفُ الحـرام ، هذا الجسدُ عُبِثَ به وجـاءَ إليه بقايا لتحتمـي باسمـه من التمرّغِ في الوحـل ، تحتمِي باسمـه ، ومن ثمّ تبدأ من جديدٍ ... بقايا!
اندفـع فجأةً إليها ، أمسكها من كتفِها بعنفِ أصابعه التي غرسها في جلدِها ، شهقَت وهي تشعُر بها يلفّها بحدةٍ لتصتدمَ ملامحها بملامِحه ، اتّسعت عيناها بخوف، كـان قريبًا ، قريبًا باشتعـال ملامِحه ، كـانت خطوطُ الغضبِ ترتسمُ بوضوحٍ على وجهه ، كـانت عيناه تفيضان ، تصرخانِ بالقهرِ ولا تتحدّثان! . . شهقَت مرّةً أخـرى حينَ شعرَت بأصابعه تشتدُّ على كتفِها أكثر ومن الواضِح أنه اختـار عظـام كتفِها هذهِ المرّة ، شدّ على أسنانِه ، ومن ثمّ وبقهـرٍ وازدراءٍ لفَظ : تبين تستخدمين اسمـي كستر؟ تبين تستخدميني أنا شمـاعة لقذارتك هاه !!!
ارتفعَت كفّه الأخـرى وهو يرمُق عينيها الواسعتين ، تهتزُّ أحداقها بخوف ، تبتلعُ ريقها بربكـة ، تذُوبُ داخليًا في أوجـاع، هذهِ المـلامحُ غادرتها سكينتها بسببي ، هذهِ الملامـح التي لطامـا كانت هادئـة ، صخبَت بكلّ تلك المشـاعر الحادة والتي أدرك أنها تؤذي النفـس قبل أن تؤذي سواها . . . عقدَت حاجبيها بألم ، لتغمـض عينيها وهي تكتـمُ صرخـةَ ألـمٍ من كفّه التي خلعَت طرحتها بعنف، ومن ثمّ مرّر كفه على شعرها ، وهو يهتفُ دونَ تصديق ، وبقهرٍ أعمـى وازدراء : كنتِ من البدايـة قذرة! .. كشفتي شعرك للحـرام ، لمسوه! ... كم واحد؟
شدّه فجأةً بغضب، ومن ثمّ صـرخ يريد أن يعـرف، يريد أن يعـرف ، عن كم رجلٍ سيكون هو؟ عن كم رجُلٍ سيكون هو سترًا؟ : كـــم واحـــد لمسْ شعرك ، جسمك! كم واحد قرّبك؟
نطقها وهو يتركُ شعرها ويمرّر كفه على جسدِها الذي اقشعرَّ وهي تشدُّ أكثـر على أجفانها ، كم واحدًا من قبلِه؟ هل هنـاك أحد؟ .. هل هنـاك أحد؟!! زمّت شفتيها بوجَع ، هل هنـاك أحدٌ سلّمته جسدها طواعيـة؟ سوى أنها أرادت ذلك ، ولم يحدث ، فقط مع سلطان وحسب! .. كم واحدًا تاقَت لقربه؟ حتى عبدالعزيز لم تكُن في تلك اللحظـاتِ تفكّر بهِ سوى ملاذًا مما كانت تعيشه ، كـانت تنتظُر أن ينقذها ممّا تعيشه ، لم تفكّر أبدًا بأمورٍ أخـرى كما يظنُّ سلطـان ، أنها رغبَت بالحرام ، وذهبَت إليه . . كم واحدًا؟ لا أحد!! .. لا أحد سلّمته جسدها ، لا أحد!
همسَت وهي تشعُر بكفّه تتضاعفُ وطأةً على كتفِها ، يؤلمـها ، لكنّ سؤاله الذي كرّره ، كـان أشدّ إيلامًا : محد.
سلطـان بغضب : نعم؟!
غزلْ تفتحُ عينيها ببطءٍ لتنظُر لعينيهِ بقوّة ، بقهر ، بدفـاعٍ عن نفسها : محد! .. محد كشفت شعري له ، محد كشفت جسمي له ... محد تمنيت أكون قريبة منه لهالحد .. إلا أنت!
تنفّس بقوةٍ وانفعـال ، وكأنه كان ينقصـه المزيدُ من الانفعـالِ لتقول ما قالت! .. ارتفعَت كفّه المُمسكـةَ بكتفِها ، أمسكَ بفكّها فجأةً بقوّة ، ليلفظَ أخيرًا بجنون : في البداية كـان واحد .. والحين محد؟ .. الله عليك كذبات في تطوّر.
غزل بصعوبةٍ وهي تقاومُ آلامها : ما سلّمته نفسي ... كـان واحد ، وصار اللي ، صـ ـار قبل يوم ، ملكتــ ـنــا ... بدون رضاي.
شدّ بكفٍّ متشنّجةٍ على فكّها أكثر ، وبعيونٍ اتّسعت أكثر حقدًا وازدراء، لفظ باستخفاف : تحبين دور المغتصبة كثير!
غزل تبتلـع غصّةً كـان مذاقها كالصديد : كـان واحد ، واحد بس ، غدرنـي ، ما .. ما * أكملَت بصعوبةٍ من قبضتِه التي تزيدُ في الضغطِ على فكّها * مـا سلّمته جسمـي ، يمكن كانت غلطــــ . . . آآآآآه
لم تستطِع أن تُكمـل ، وأد بقيّة كلمـاتها حين شدَّ بقبضتـه بالقوة الكافيـةِ لتُخرسها ، ولو أنّه شدّ أكثـر لربّما حطّم فكّها . . . همسَ بفحيحٍ غاضبٍ وهو يضغطُ على رأسها بغضب : تحبين دور المغتصبـة، الكذب يمشِي بعروقك ، أيش بعد؟ . . شلون تبيني أقتنـع بكذباتك الجديدة؟ واحد، وبدون رضاك ، ومن شوي محد!
أغمضَت عينيها بقوّةٍ وهي تشعُر بالألـم ، لم تستطِع أن ترد، في حينِ انخفضَ سلطـان بوجهه إليها قليلًا ليهمـس : في النهايـة ، طلعتِ بس ... مجـرد عــــ . . .
شدّت بقوّةٍ بأظافرها على ذراعـه تمنعـه من قولها ، اتّسعت عيناه بجحيمٍ وهو يشعُر بأظافرها تخترقُ جلدهُ وتُدميه ، تركَ فكّها فجأة ، ومن ثمّ ودون مواربـةٍ من بابِ انتظـار، صفعها صفعـةً أدارت وجهها جانبًا ، تأوهت بألمٍ وهي تشعُر بصريرٍ عبر في أذنها، وضعَت يدها على خدّها ، بينما كفّها التي كانت تُمسك بذراعِه ترتخِي لتسقطَ أخيرًا على السريرِ وهي تشعُر بدوارٍ أصابها ، تسقطُ ببطء ، تنسلُّ للأسفـل، إلى القـاع الذي اعتادته، تسقُط عن ملمسِ بشرته الخشنـة وتضيعُ في خشونةٍ أكبر ، يا الله هذا البئرُ الجاف الذي أسقطُ به عميق! لم أصـل، لم أصل بعدُ إلى قاعِه ، هل هناك قـاع؟ أمْ أنّني ، وإلى الأبدِ سأظلُّ أسقطُ بصمتٍ يضجُّ بانهزامِي، دون أن يتحطّم جسدِي أخيرًا باصتدام؟ هل سأبقى أنتهي .. دون ممات؟!
بينما كان سلطـان ينظُر بغضبٍ لذراعـه التي وُشمَ فيها أربـع مواضِع غُرسَت فيها أظافرها ، احمرّت بلونِ الدمـاء، لتشتدَّ عيونه وهجًا بغضب ، وهو يلفظُ دون تصديق : للحين فيك جرأة ، لا ... وقاحة ما أتخيلها انخلقت بمخلوق!
نظـرت لهُ بتشويشٍ وهي تفغـر فمها بآهـةِ وجـعٍ من صدرِها ، كـان الوجعُ من الداخـل ، من موضِع قلبها ، أضلعها ، ورئتيها اللتينِ تتنفسانِه ، وجعًا ، لأنه للمـرّة الثانية . . صفعها! وفقدَ جزءً آخر من نفسِه، لأنه ليسَ سلطان ذاته، ليس سلطان! . . . همسَت بغصّةٍ وعذاب، بنبرةٍ ترتعشُ وتختنق أكثر : لا تقذفني! سوّى كل شيء ممكن يبرد خاطرك فيني ، بس تكفى لا تقذف، لا ترتكب كبيرة ، تراني ما أستاهل تزيد بسببي ذنوبك! ما أستـاهل تتعاقب بكبيرة


،


هروَل على عتباتِ الدرج نزولًا وهو ينظُر لساعةِ معصمه ليرى أن النصفَ ساعةٍ أصبحت ساعة، عضّ شفته وهو يبتسم ويهمس : يلا ما عليه نص ساعة زيادة بالانتظـار تكفي عشان يرتفع ضغطه شوي.
أمـال فمه ومن ثمّ تـابع سيره نحو الباب، لكنّه توقف فجأةً ما إن وصَل لمسامِعه صوتها الناعـم والذي لفظَ اسمه بخفوتٍ مرتبك : أدهــم . .
عقدَ حاجبيه في بادئ الأمـر، وسرعان ما ابتسـم واسمه من صوتِها يجيءُ محفّزًا لخلايـاه أن تنضج أكثر باسمها هي! . . استدارَ ببطءٍ وهو يلفظُ بصوتٍ رقيقٍ ويطرد كلّ فكرةٍ سلبيّةٍ قد تطرأ على عقله : سمّي.
إلين التي كـانت تقفُ بعيدةً عنه اقتربَت ببطءٍ منه وهي تُشتّت عينيها وتزفـر، أغمضَتهما قبل أن تمرُّ فيهما نظرة الاصرار، ومن ثمّ فتحتهما لتلفظَ بعد أن وقفَت أمامه تفصُل بينهما خطوتين فقط : وين رايح؟!
أدهم يُميل فمه قليلًا باستغرابٍ من سؤالها، إلا أنه لفظَ أخيرًا بهدوءٍ مُبتسم : طالع مع خويّي لا يكون بنرجع لموّالنا القديم!
كـان يقصدُ حدّتها الدائمة معه حين يخرج وتبقى هي في البيت، تنهّدت بقنوطٍ غاضبٍ بعض الشيء، ومن ثمّ لفظَت باستنكارٍ وهي تعقدُ حاجبيها، تريد أن تتأكّد منه : يعني ما وراك مصيبة؟ ترانِي سامعتك وأنت تقول بتاخذ حقك ومدري أيش ، وأنا ما أضمنك يعني!
ارتفعت حواجبه دون فهمٍ في البداية، لكنّه سرعان ما غـرق في ضحكةٍ عميقةٍ ليتحرّك قاطعًا المسافـة بينهما، شعر بِها تتراجـع لتهرب، لكنّه مد يدهُ قبل أن تبتعدَ وأمسك معصمها لافظًا بتسلية : أيه ، بروح أذبح لي واحد بعد ما كشخت ... هذا هو استنتاجك صح؟
تشنّجت ملامحها بانفعـال، حاولَت سحب يدِها منه وهي تلفظُ بضيق : أنت لو وراك عصابات ماراح أتفاجئ .. كل شيء متوقّع منك.
أدهم يكتم ضحكته، وبتلاعبٍ واضحٍ إلا أنّها ومن تشوّشها قرأت فيه الجدّية : ليه ما أكون طالع بموعد غرامي مع أي بنت؟!
شهقَت بصدمةٍ وهي توسّع عينيها، وبنبرةٍ تصلّبت كجسدِها : تسوّيها؟!!
أدهم يعضُّ شفته كي يمنـع نفسه من الضحك، سحبها إليه، ومن ثمّ وضع كفيه على خصرها يحاصرها بحرارتِهما، ويبتر ابتعادها عنه، ليهتفَ أخيرًا بخفوت : لا يروح بالك للحرام .. يمكن أكون متزوج! وعندي عيال من غيرك . . يعني معك شخص كل شيء منّه وارد صح؟
إلين تبتلع ريقها بصعوبة، يمزح ، يريد استفزازها وحسب، لكن ماذا إن كـان فعلًا كذلك؟ ألا تتوقّع منه كلّ شيء؟ ربّما كان متزوجًا ولديه أطفـال ، " الحقييييييييير " . . شعرَت بالغضبِ يتصاعدُ بغليانِه في دمائِها وهي تتخيّل ذلك، أن تكون تزوّجت برجلٍ متزوج! . . دفعته فجأةً بغضبٍ وهي تلفظُ من بين أسنانها بحرارةٍ وغضب : والله والله لو أكتشف إنّك مسوّيها ما أظل عندك دقيقة وحدة !!
أدهم باستمتـاعٍ وغضبها يُثير فيه نشوةَ رضا : تغارين علي؟
لفظها بسخرية ، لكنّه كـان في الخفاءِ يتمنّى ردًا يثبت ذلك منها ، شيئًا يُثبت أنّ هناك ما تغيّر في مشاعرها، شيئًا غير القبولِ بِه زوجًا . .
اتّسعت عينا إلين بصدمةٍ من تفسيره، أمالت فمها بعد لحظةِ صمتٍ بازدراء ، ومن ثمّ وباستهزاءٍ مرير : أغار؟ ليه يعني على بالك البنت لو يهمّها اعتبارها يعني تغار؟
لم تكُن هذهِ الإجابـة التي ينتظر ، على الأقـل النبرة! شيءٌ كالكذب .. هذا ما أراد! . . عضّ باطِن خدّه بحنقٍ منها، إلا أنه لفظَ أخيرًا ببرودٍ مستفز : لا تقولين بنت.
تصلّبت فجأةً بصدمـة، وسرعان ما احتدمَت في ملامِحها حمرةٌ نطقت معها بعلوٍّ غاضِب من إصابتها بالخـجل في هذا الوقت تحديدًا : لا تقل أدبك !!
أدهم باستفزازٍ وهو يعودُ لإمساكِها من خصرها ليجذبها إليه هامسًا : اششش ، إذا بالنسبة لك قلة أدب فأنتِ كنتِ شريكة معي ... وبعدين ليتك تطوّلين بوضعيّة الميتة من الحيـاء ما شبعت منها للحين . . لا ترفعين صوتك ولا تهاوشين، طيب؟
إلين بقهرٍ وملامحها تحمرُّ بصورةٍ أكبر : لا تبدّل الموضوع.
انخفضَ أدهم بوجههِ ليقبّل أرنبـة أنفها أخيرًا، ومن ثمّ يهمـس بصوتٍ مسترخي ، بصوتٍ يملأه الرضـا على استسلامها له : كنتِ لذيذة! لذّة تشبه عيونك وبس.
ارتجفَت شفاهها لتُخرس الردودُ من فمها، توسّعت عيونها وهي تشعُر بشفاهِه تُقيم الاحتلالَ على شفتيها، يُكرّر اثبـات سطوتِه عليها، ينقُش مذاقها من جديدٍ في فمِه ، وكأنّه سينسى مذاق القبـلة الأولى! بالتأكيد لم يُخلق النسيـان في القُبَل، لم يُخلـق في العناقات، وفي لذّةٍ تُشـابه مذاقها ، كـانت لذيذة، أشبـه بخمرٍ مُحلّى بالإباحـة، أشبـه برائحةٍ عطريّةٍ تُزكـم أنفه عن سواها ، كـانت لذيذة، ارتواءٌ لا ينضب، كمـاء الكوثرِ في الدنيا، وجنّةٍ حيّة.
أحاط خصرها ليعانقها إليه بتملّك، قبّل الوشم بجانِب فمها ومن ثمّ ابتعدَ عنها قليلًا وهو يتنفّس عطرها، تراجعَت للخلفِ بتعثّرٍ وهي تنظُر للأسفل وتتنفّس بسرعة ، تمرّر لسانها على شفتيها بجفافٍ يُصيبُ أودرتها الخجـلى، لم تنظُر نحوه وهي تفرك كفيها ببعضهما، تشعُر بحدّةٍ غُمدَت في جلدِها، تشعُر بسيرٍ خافتٍ كوقـعِ الدبيبِ على جسدها ، لا يُمكـن أن يتغلّب عليها ببساطةٍ في - قبلة - وتخسـر هي في ربكـة، لا يُمكن أن تكون بهذا الضعفِ المُزري أمامه ، إن كانت قبلةً واحدةً تفتعـل فيها هذا الجمود - عن المقاومة - ، فكيفَ عساها تمنـع اقترابًا آخر بينهما كما قرّرت.
زمّ أدهم شفتيه كي يُلاشي ابتسامته ويرسـم فس ملامِحه جدّية الشغفْ! لفظَ بعدَ وهلةٍ بخفوت، بعد وهلـةٍ انتظمَت فيها أنفاسه : ترانِي ما عقلت على هالكبـر ، إذا خايفة من مصايبي هذّبيني . . لازم أصير أبو عشان أعقل.
تشنّج وجهها بصدمـة، بينما ولّف أدهم تلاعبـه بنبرتِه الجادّة وهو يردف بتسلية : لا ترجعين للصد ... ترى فاهمك كويس.
لم تملك ما تقُول ، لكنّها هزّت رأسها بالنفي، هزّته بمعنـى أنها " لن تستجيب "، ستصدّ ، لن تسمـح لهُ بأن يضعفها من جديدٍ ويقترب !!!
أدهـم وقد فهمها جيدًا ، لفظَ بتحدّي : نشوف.
عضّت شفتها بقوّةٍ وهي ترفُع وجهها نحوه، بينما ابتسمَ هو ليرفـع كفّه في تحيّةٍ باردةٍ مستفزّة ، حملَت الكثير من التحدِي . . ومن ثمّ ابتعد، ليخرج.


،


صعدَ للسيـارةِ ليطبق البـابَ بعدَ دخولهِ بأقصـى ما استطـاع ، اتّسعت عينـا أدهم بصدمةٍ وهو يصرخُ بغضب : الله يكسر يدك يا كلـــــب !!!
متعب يعتدلُ بهدوءٍ في جلوسِه ومن ثمّ يزفُر باسترخـاءٍ وهو يردُّ بصوتٍ هادئ : عن ساعة تأخرتها.
أدهم يُميـل فمه وهو يُحرّك السيـارة، وبتوضيحٍ بارد : ساعـة أخذتها وأنا أتجهز نحسب منها النص ، ربـع ساعة شيء خـاص ، والربـع الثاني بالطريق.
متعب بسخرية : كانت نص ساعة يا حظّي! تعديت البنات بموهبـة التأخير ... ساعة يا اللي ما تخاف ربك!
أدهم : النظـافة من الإيمان.
متعب : ولا تسرفوا.
أدهم يزفُر بضجر : خلاص اسكت لا تغثني بس! وين الحين نروح بالضبط الشوارع زحمة !
متعب : خذنِي لجرير بالأول أبي لي كم شغلـة ...
أدهم ينظُر لهُ من زاويـةِ عينِه بملامِح حادة ، ضحكَ متعب ومن ثمّ أردف : لا تصير سخيف فوق المعتـاد .. مر جرير وأنت ساكت ..
أدهم : الحين يوم إنّك مثقف بزيادة لازم تنكبني؟!
متعب يمطُّ فمـه بضجر : يا ليل بس! .. هذا وأنا ما قلت لك بنقابل شاهين بعد المغرب؟!
أدهم يشدُّ على أسنـانه بحنق : لا كملت! .. والله كملــت هذا اللي كان ناقصني بعد!
متعب : ههههههههههههه ليش الأخلاق التجارية بس؟! .. المفروض دام إنكم تعرفتوا من قبل على بعض يكون اللي بينكم بسيط مو كره! يعنِي بس تاخذ حقك على المقلب الاخير ، من بعدها لازم تظهرون الحُب والتسامـح
أدهم بازدراء : حب؟! هذا اللي كـان ينقصني .. حب وتسامح لمين؟! لحيوانك الصغير.
متعب يخرجُ هاتفه من جيبِه : بسجّل كل الكلام عشان يكون له الحجـة بعدين .. لا تقول وقتها دوري أنا مو دوره!
أدهم : يا سمجك والله.


،


بعد المغرب ، نزلَت بعدَ أن تجـاوزَت الآلام في جسدِها، تضعُ كفّها على بطنِها وتزفُر ، تُغمـض عينيها قليلًا ، إغمـاضةً ترتخِي بذكرى صوتِه الذي زخـم باعتذارِه، صوتِه الذي خبّأت من خلفِه ردودها ، ولم تهمـس بإجابـةٍ سوى : فمان الله! . . " فمان الله " على كلّ شيء! على كلّ اللحظـاتِ التي كـانت بينهما . . لمَ يؤلمها أنّ مسيرتهما كانت قصيرةً حدّ أن انتهيا بسرعـة ، انتهيا للأبد! لمَ لم تشعُر بالسعادةِ التي توقّعت أن تشعُر بها إن كـان موتُ متعب " وهمًا " من عقلها كمـا كانت تتمنى! .. لمَ لم تشعُر بالسعادةِ لعودتِه التي آلمتها وحسب! آلمتها أنها كـانت ضمن حياتِه في جانبٍ قصي ، لم يبالِي بها! .. ماذا كـانت بالنسبةِ له؟ لا شيء ! لا شيء إطلاقًا ، لم تكُن سوى امرأةٍ عبـرت في حياتِه كعابرِ سبيل ، لم يكونا معًا ، ولم ينهلّ من استقبـالٍ دائـم ، حتى تُصبـح في النهايةِ جزءً منه، لم تكُن شيئًا له! .. لا شيء!
إذن ، لمَ بكيتُه؟ لمَ ظللتُ السنينَ أعانـي الغياب؟ أذرفُ دمعـاتِ الاشتيـاق، وأتلحّفُ برائحتِه في صدرِي ، رائحته التي تشرّبتها مساماتِي! لمْ أكُن شيئًا ، وبقيَ فيّ كـل شيءٍ أوجعت فيه من سواي ، أوجعتُ فيه من حولِي ، حتى أخاه! والذي ، والذي هو زوجي الذي فقدته أيضًا!
ابتسمَت بأسى وهي تدخُل للمجلـس ، تريدُ أن تستقبـل عُلا في قدومها ، لكنّها لا تظنُّ أنها ستستطِيع ، استطاعَت أن تأتِي إلى هنا بصعوبة ، ولن تستطِيع الوقوفَ لوقتٍ أطول. جلسَت ، ومن ثمّ أعادَت رأسها للخلفِ وهي تتأوّه آهةً خافتـة ، في اللحظـةِ ذاتها التي دخلَت فيها أمها وهي تلفظُ بتساؤل : بتجِي الحين؟
أسيل تهزّ كتفيها : مدري أي ساعـة بالضبط بس أكيد بتجِي بدري .. مو من عادتها تتأخر برى البيت.
فتحَت عينيها وهي تنظُر لأمها التي جلسَت وهي تزفُر بصمت ، وبتردد : يمه .. يا ليت ما تفتحين معها موضوعي أنا وشاهين حتى لو هي اللي حكَت ضيعي الموضوع، بتكلّم معها بنفسي.
ام فواز تُشيح نظراتها عنها بضيق : بشوف آخرتها معك أنت وهو.
أسيل بابتسامـةٍ زائفـة : خليني أنا وشاهين على جنب المهم خالتي الحين ، تراها زعلانة من شاهين اليوم وأضربت عن الأكـل ، فعشاها علينا.
أم فواز باستنكـار : الحين يسولف لك عن أوضاعه مع أمه هو ووجهه ولا فكّر حتى بوضعك؟
أسيل تمرّر لسانها على شفتيها ، تحافظُ على بسمتِها بصعوبـة ، بصعوبةٍ رُسمَت ، وبصعوبةٍ تقاومُ تيّاراتِ محوها وتحميها ، لفظَ بنبرةٍ تتصنّع اللا مبـالاة ، تمامًا كما كـانت تتصنّع أمامه وتخفِي حقيقـة ما يجولُ في صدرها : عشانِي يمّه قفلي عن هالموضوع الحين .. يعنِي أكيد ما تتمنين أتضايق؟!
أم فواز بأسـى : هذا هو .. ما أحب ضيقتك!
عندَ تلك الجملـة كـان جرسُ البـابِ يصخبُ بصوتِه ، وقفَت ام فواز بسرعةٍ وهي ترى أسيل تحاول الوقوف ، وبحزم : خليك جالسـة ، أنا بستقبلها.
لم تحاول المعارضـة وهي تعودُ للجلوس ، زفـرت بصمت، بينما ابتعدَت أمها نحوَ البـاب ، في اللحظـاتِ ذاتِها التي غرقَت فيها أسيل بأفكـارِها ، تعقدُ حاجبيها ، والصمتُ في صدرِها لهُ صدى ، كيفَ يكون للصمتِ صدى إن كان رحمُ الصدى من الضجيج؟ إلى متى هذا الستـار الذي تُحيطُ بهِ أوجاعها ، إلى متي تُخفِي قهرها ، وتتصنّع أنها غيـر مباليةً بالأشهـر التي مضَت مع شاهين ، بسبب غيابِ متعب! .. إلى متى ستكذِب وتقول أنّ أسباب غيابـه لا تهمّها؟ وهي التي ظلّت في البارحـةِ تغرقُ في تحليلات ، لمَ غاب؟ ماهو عذرُه الذي لم يطرحـه شاهين على مسامِعها؟ لمَ غـاب؟ ما الذي دفعـه لكلّ هذا؟ ما الذي خوّل لهُ المغيبَ في غربِ الحكـايات ، لتبقـى هيَ لوقتٍ تغـرقُ في ظـلامِ قمرها بعدَ أن غابَت انعكـاساتُ نوره!
ابتلعَت ريقها ، وعينيها تغيّبهما غشـاوةُ الخذلان ، ما الذي يوجعها أكثر ، أنه غاب، أم الفـراقُ الذي احتدمَ بينها وبين شاهين! .. ما الذي يوجعها أكثر ، السنين؟ أم المسافـةُ التي تفصُل بينها وبينَ شاهين؟ . . . شاهين ، الذي يقفُ الآن ربّما عندَ البـابِ بعدَ أن أوصـل أمه ، أو ربّما يجلـس في السيـارةِ منتظرًا دخولها . . . شاهين الذي هو قريبٌ الآن ، وبعيدٌ في ذات اللحظة! .. بعيدٌ بدرجةٍ توجعها ، ويوجعها معها ... ما فعله متعب بِها !
ابتسمَت وهي تقفُ متجاهلـةً أيّ ألمٍ قد يطرأ عليها ، رأت عُلا وهي تقتربُ منها بحب، باشتيـاقٍ إليها ، لطـالمها كانت كأمها ، لم تستشعِر وهي قريبـةً منها أنها ام زوجِها وحسب .. أم متعب ، أو أم شاهين !! . . عقدَت حاجبيها بوجـعٍ وهي تقبّل رأسها وتهمـس بصوتٍ ملتـاع ، شاكٍ بشكوى صامتـة ، تتردّدُ بصداها في صدرها ، شكوى لم تنطقها بلسانها ، شكوى من ابنيها ... ماذا كنتُ لهما؟ ماذا كنت؟ ... أوجعانِي يا أمّهما ! .. كما أوجعكِ أحدهما بفقدِه ، كمـا كان بكائك عليه دون عائـد ، كـان بكائي أيضًا .. ذاك العـزاءُ يا أمهما ، كـان لزيفِ موت! .. قتلنـي ، ونكّل بي الآخـر ، دون سبب! سوى أنهما شقيقان ، سوى أنّني في حياتِهما ، كنتُ الدخيـل المؤقت ، والذي لا يضرُّ فيهما شيئًا غيابه!
حضنتها علا ، بينما كـانت أسيل تهمـس ، دون أن تنطـق ما جال في خاطرها : وحشتيني !
عُلا باختنـاق : آسفـة ، آسفـة يا بنتي على كلّ اللي سواه فيك شاهين!


،


بعدَ أن انتهـى من صلاةِ العشاء استقـامَ كيْ يخـرج، مشى خطواتٍ كانت تتعثّر في استمرارها، يقفُ رادًا على سلامِ البعضِ الذين يتبعُون سلامهم باسم سلمـان ، يسألون عن حالِه ويتحمّدون له بالسلامـةِ وهو يبتسـم ببرودٍ ويردُّ مجاملًا ، وصـل للبـابِ في اللحظـةِ ذاتها التي شعَر فيها بكفٍّ على كتفِه ، أغمـض عينيهِ بصبرٍ ومن ثمّ استدارَ في اللحظـةِ التي جاءَ فيها صوتٌ فاجئه : وأنا وش ينقصني عشان ما أسلـم عليك وأتحمّد لعمك بالسلامة؟!
عقدَ سلطـان حاجبيه وهو ينظُر لعنـادْ ببرودٍ بعدَ أن استوعبَ وقوفه خلفه، ابتسـم عنادْ ، ومن ثمّ أردفَ بتساؤل : شفيك؟ منت على بعضك من دخلت المسجد وأنا ملاحظـك بعالم ثاني.
سلطـان يستدير بتجاهـل كي يخرج ، دسّ قدميهِ في حذائه دون ردّ ، بينما فعـل عنـاد كما فعـل هو وصوتُه يخرجُ إليهِ هادئًا مبتسمًا : كنت عند عمي سلمان وقت كلّمته.
تصلّب وجهه فجأة ، نظـر للأرضِ بقتامـة ، بينما تابـع عناد بنبرةٍ لا مبـالية : ودريت عن اللي قلته له.
سلطـان يوجّه نظراته إليه بهدوءٍ أجـوف تعبـرهُ الريـاحُ وتنشُر في حزيئاتِه صريرًا يعنِي الفتـور : مو كأنك صاير قريب منّه هالأيـام؟ وإلا كنت كذا من قبل وأنا ما أحس!
عناد ينظُر لهُ بعينينِ هادئتين : بتشك فيني؟
سلطـان بنبرةٍ تشدّد على الأحـرف : لا تعطينـي هالمجـال.
عنـاد بابتسامةٍ متباسطةٍ وهو يتحرّك : بتصرف على سجيّتي في كل الأحـوال.
سلطـان ينظُر نحوه بضيقٍ وهو يجعّد ملامـحه : حاول ما تكون سجيّتك غدر .. هذا بس المطلوب.
عنـاد يُديرُ رأسه نحوه وهو يعقدُ حاجبيه باستنكـار : صارت وسوسة عندك؟ مرّة وحدة ما تحكم على كل اللي قربـك ... ولو بغدر فيك بيكون بجلوسي معه في المستشفى؟!
تحرّك سلطـان ببرود، يبتسـم بسخريـة ، بيتـه قريبٌ من المسجِد، لذا كـان يسيرُ على جانِب الطريقِ ومعه عنـاد الذي تعمّد الصــلاة هنا حتى يلتقيه، ردّ بعدَ خمسِ خطواتٍ صامتـة، بصوتٍ جهوريّ .. خائب! : سوى كل شيء تشوفه صح .. إلا أنك تكذب، تظهـر قدامي بصورة ومن وراي بثانية . . ملّيت دور الغبي.
ضيّق عنـادْ عينيهِ باستنكـار ، ما تلك النبرة؟ وكلمـاته هذه! .. لم يفكّر بذلك منذُ اكتشف سلمـان ، فما الداعِي ليقولها الآن تحديدًا؟! .. هل كـان على حقٍّ حين شكّ بأن هنـاك ما حدثَ له خلال هذهِ الأيـام؟ تحديدًا خلال اليومين الماضيين . . تابعـه بعينيهِ في بادِئ الأمـر ، إلا أنه في النهايـة سارَ بخطواتٍ واسعـةٍ حتى أصبح يمشي مجاورًا له، وبهدوءٍ متسائل : وش صار معك؟
سلطـان الذي يدرك معنى سؤالِه جيدًا : وش صار؟ أبد كل خير.
عناد : منت بخير.
سلطـان ببرود : إذا تدري ليه تسأل؟
عناد بشك : متعلق بعمي سلمـان؟
سلطـان يرفعُ حاجببًا وهو ينظُر نحوه بحدة : وش قصّة عمـي هذي؟ ما تعرف تقول له سلمان وبس.
عنـاد يرفـع حاجبيه بتعجّب : نعــم !!
سلطـان بسخرية : قاعـد تعظّمه بزيادة بهالفتـرة ، وش القصة!
عناد دون تصديق : أنت صاحِي على اللي تقوله؟
سلطـان من بينِ أسنانه بقهر : أجل فجأة كذا صرت تهتم فيه وتجلس معه بالمستشفى لوقت طويل ، وتناديه بعدْ عمـي مع إنّك بفترة كنت تقول اسمه حاف !
عناد يُميـل فمه باستنكارٍ وهو يرفـع أحد حاجبيه، تسارَعت خطواتُه فجأةً ليسير مبتعدًا عنه وهو يلفظُ بتهكّم : إذا صحيت من سكرتك كلّمني وقتها .. عقلك رايح فيها الحين.
سلطـان بغضبٍ ينظُر نحوه بعينينِ متّقدتين : وش قصدك؟
عنـادْ ينظُر نحوه وهو على بعدِ خطوتينٍ منه : قلته بكلامي لو ركّزت .. عقلك مو براسك .. مدري وش صار بالضبط عشان تجيني بهالهبال .. يعنِي ما نصدّق على الله نقول عقلت شوي إلا وترجـع أردى.
سلطـان من بينِ أسنانه : لا تغلط!
عنـاد لازال محتفظًا بهدوئه : وش صار لك؟ تحديدًا من بعد ما طلعت من المستشفى أمـس .. مين اتّصل فيك وانقلب من بعدها حالك؟
سلطـان يتجـاهل أسئلته تلك ويركّز على نقطةٍ واحـدة : قالك سلمـان عن هذيك المكالمـة وطلوعي بعد؟ * بسخرية * لا والله واضـح العلاقة صارت بينكم قويّة .. قويّة مرة من وراي!
عناد : مين اللي قهرك كذا؟ .. وأيش علاقته هو بالموضوع؟
سلطـان بصوتٍ يحتدُّ أكثر : لا يكون قالك تستجوبني وبعدين تعلّمه اللي بقوله ... هه على أسـاس يعنِي بيكون شيء ينقـال! علّمه بس إن قهرهْ لي هالمرة ما يروح بانتقـام أو بدم ... هالمـرة بيظـل ملازمنـي ... طول عمري! بظـل مقهور من أمـس للدهـر كله.


،


توقّفت أمـام النافـذةِ وهي تفركُ عضدها العاري بكفّها الأخـرى ، خيطٌ رفيـعٌ يعوجُّ ظاهرًا بلونِه القرمزيِّ في حلكـةِ السمـاء، يشـارف المطـر على زيارتِهم ، تشـارف السمـاءُ على مدِّ أناملها المتنـاثرةِ إليهم لتتّصل بشكلٍ حسيٍّ بالأرضِ المخضرّة والتي حملَت من فوقِها أجسادًا قاحلـة ، وقلوبًا متهدّلةً من الجفـاف .. اسندَت جبينها على النافـذةِ وهي تنظُر للسمـاء التي ينقـش البرقُ عليها لونهُ بافتتـان ، كأنه قلبها ، حينَ اسودَّ حلّ فيـه برقٌ وأنــارهُ نورٌ سرعـان ما راحَ في غياهِب الخيانَة! .. كـان نور ، كيفَ سُرقَ من " غيهب "! .. كـان نور ، كيفَ افتعـل فيه مصطلـح - القبسِ - انتفاضـة؟ كـان دائمًا .. سراجًا مُنيرًا ، وآيةً تتلُو في أسطرِها أسطورةَ معزوفـةٍ لم يسمعـها سواها ، فهل فعـل ، وأسمعها لها؟!
عقدَت حاجبيها بضيقٍ وهي تتخيّل للحظـةِ أن ينطقـها لسواها ، أن تجري " أحبّك " لمسـامعِ امرأةٍ غيرها ! .. يا الله ألـم تكتفِي بالجنونِ الذي غلّفها بِه حتى الآن لتفكّر بتلك الأفكـر في لحظـاتٍ كهذِه! . . مرّرت لسـانها على شفتيها وهي تبتعدُ عن النـافذةِ البـاردة ، تحرّكت نحوَ البـابِ حتى تخرجَ من الغـرفة ، لا تريدُ أن تكونَ قريبةً من النافـذة ، تخشى أن تسقطَ أنظـارها فجأةً عليه ، كتلك المرّة ، يسيرُ بجوارها ، يُمسكُها ، ويضحك معها ! ستجنّ ، وربّما تفعلها هذهِ المرّة وتقتحـم شقّته فتسحـق عنقها وهو معها! . . خرجَت للصـالةِ لتجدَ نقاشًا يحتدمُ بينَ أرجوانْ ويوسف ، عقدَت حاجبيها باستغراب ، ومن ثمّ اقتربَت منهما وهي تلفُظ بتساؤل : وش فيه؟
أرجوان تنظُر نحوها بانفعـال، صراعٌ يُقـامُ في أحداقها وهي تقتربُ منها بخطواتٍ واسعـة ، وقفَت أمامها مباشرةً وهي تلفُظ بنبرةٍ مختنقـة : اسوارتي اللي ظنيتها انسرقت بالمطعـم هذاك اليوم تذكرينها؟
تضاعفَت عُقدَة حاجبيها وهي تلفُظ دون فهم : أيوا شفيها؟
أرجوان بانفعـال : تخيلي تو اتّصـل موظف من المطعـم وقال إنّها عندهم ، تذكرين رجعنا وسألنا عشان أتأكد هي مسروقة وإلا طاحت مني ، بس وقتها ما كانت موجودة بس عطيناهم رقم أبوي عشان لو حصلوها يتصلون .. وصار وحصّلوها من كم يوم بس ما جينا ببالهم واليوم اتّصـل بعد ما تذكّرنـا.
جيهان دون استعياب : ما حصّلوا غير الاسوارة؟
أرجوان بانفعـال : ما يهمنـي غيرها .. بس تخيلي أبوي رافـض نروح اليوم! .. أبي أروح قبل يقفـل المطعـم وهو معيّي.
جيهان تنظُر نحو والدها الذي كـان يجلسُ وملامحـه المتباعـدةُ عنهما تشتدُّ بغضب ، مرّرت لسانها على شفتيها ومن ثمّ أعادت نظراتها لأرجوان ، وبرويّة : طيب الجو ما يساعد ، روحي بكرا مثل ما يقول أفضـل.
أرجوان تعقدُ حاجبيها بجزع : يعني حتى أنتِ! أنا ما صدّقت طلعت تبوني أنتظر بعد !! طيب لو صار وضاعت من جديد وش بسوّي بيفيدني الجو؟ بعدين المطعـم مو بعيد!!
جيهان : طيب هم يعني ما لقوها غير من كم يوم!! .. صار لها وقت ضايعة ما راحت مع التنظيف ما شالها أحد غريبة!
أرجوان بانفعـال : يمكن واحد من الموظفين انتبـه لها ومسكها عنده من ذاك اليوم ...
استدارَت إلى يوسِف لتُردفَ برجـاءٍ وهي تقتربُ منه : يبه تكفى .. الله يخليك المطعـم مو بعيد نشيلها بس ونرجع محنا مطولين.
يوسفْ بحدّةٍ وهو ينظُر لشاشة هاتفه ، ودون أن ينظُر لها لفظْ : قلت لك لا !
أرجوان باختنـاق : يبه !
زفـر بقلّةِ صبرٍ وهو يرفـع وجهه، يكـادُ يفقدُ أعصابـه لا محـالةَ وينفجـر بغضبِه! . . لم يردَّ عليها وهو يقفُ بانفعـال ، تحرّك ليتجـه لغرفـته ويتجـاهل نداءها المتوسّل . . زفـرت وهي تغمـض عينيها بعدَ أن أغلقَ البـابَ مُنهيًا النقـاش الذي كـان بعيدًا عن هذا المصطـلح بينهما ، في حينِ اقتربَت منها جيهان وهي تلفظُ بهدوءٍ تريد أن تُبعـد انفعـالها عنها : ما بيصير شيء وبتحصلينها بكرا .. وش فيها لو انتظـرتِي؟
أرجوان تنظُر لها بوجوم : ما صدّقت يوصلنـي إنهم حصلوها ، كنت خلاص مقرّرة أتناساها بس يوم اتّصلوا تجننت! .. والله شكـلي بدعي ينام الحين على غير وقته وأروح بنفسي.
اتّسعت عينـا جيهان بصدمـة : الحين أنتِ من جدك! .. أرجوان العاقلـة اللي أعرفها؟!!
أرجوان تكادُ تبكِي من القهر : تخيلي بكرا ما أحصلها؟ ربي يبيني آخذها الحين يعني يوم إنّي تناسيتها اتصلوا ... لو ما رحت أحس ماني لاقيتها بكرا!!
جيهان تزفُر بهدوء : ما عرفتني وأنا العاقلـة هالمرة وأنتِ العكس ... بس شوفي ، أنصحِك تنتظرين شوي بس وترجعين له وتحاولين .. هو ترى مزاجـه صاير شين هالفترة بس بتقدرين عليه ... ما يرفضْ لك طلب ... حاولي فيه من جديد.


،


نظـر إليهما وهو يقطّب ملامحـه بضجر ، هذا حالهما منذُ وقت ، إن اصتدمَت أعينهما ببعضها كـانت النظـراتُ فقطْ نفورًا وحقدًا ، وسرعـان ما يُشيحـان نظراتهما عن بعضهما ، أو يبدآن بالسخريـة والصدامـات الكلاميـة حتى يوقفهما هو قبل أن يتشاجرا، هذا ما كـان ينقصه! أن يرافـق أطفـالُا بالغين !!
زفـر متعب بحنقٍ وهو يرفـع كفّه ليمرّر أنامله بينَ خصلاتِ شعرهِ وهو يتمتمُ بملل : عفن! .. وش هالحال العفن! . . * رفـع عينيهِ لينفجـر فجأةً بحدّةٍ غاضبـة * الله ياخذك أنت وهو رفعتوا ضغطي! .. الحين أنتوا بزارين وإلا حيوانات همجية وغبية ما عندها عقل وإلا وش بالضبط؟
شاهين بسخريةٍ وهو ينظُر إليه : جايب معك حشرة تواجدها مزعج وتقول بزر وحيوان ومدري أيش؟ أنت الغلطان ليه ما علمتني أقـل شيء ما كنت جيت.
أدهم ببرودٍ يماثلـه سخرية : صادق يا متعب والله إنك غلطان بهذي! يعني كـان علمتـه أقل شيء إنّ الفراشات الناعمـة ما يصير تقرب من جراد .. بياكلها.
شاهين يرفـع أحد حاجبيه وهو ينظُر ناحيـةَ متعب بغضب : حسابك عندي بعدين أنت .. يعني من زود المحبة تجمعني بهالأشكـال.
متعب يطرقُ أصابعه على الطـاولةِ بضجر ، من حسنِ الحظّ أن أدهـم يجلسُ بجوارِه في حينِ شاهين أمامهما ، لو أنهما كـانا يجلسان على كرسيّين متجاورينِ لربّما أقاموا فضيحةً في هذا المطعـم . . تجـاهلَ الردّ على شاهين ، لو ردّ لربّما أصبـح طرفًا ثالثًا في هذا الجنونِ ولفقدَ عقلـه معهما . . تراجـع أدهـم بظهرهِ للخلفِ وهو يكتّف ذراعيه، وباسترخـاء : تدري إنّي مفوت علي عشى بقابـل فيه الوجيه اللي تفتـح النفـس عشانك وآخـرتها أحس بيجيني اسهال من جلستِي قدامْ هالفراشة !
كتـم متعب ضحكتـه ، يدرك جيدًا أنه يقصـد زوجتـه بـ " الوجيه اللي تفتح النفـس " ، لم يردّ أيضًا وهو لا يُظهِـر في ملاِحه تعبيرًا واضحًا حتى ضحكته لم تظهر على أقـل تقديرٍ في ابتسامـة . . رفـع شاهين زاويـة فمِه بازدراء ، وبنبرةٍ باردةٍ كـانت تشتعـل في الخفـاء : قومتك من هالطـاولة صدقـة جاريـة للعلـم بس .. ما تبي أجر؟
استقـام أدهـم ببساطـةٍ لينظُر متعب نحوه بعينينِ اتّسعتـا دون تصديق ، تحرّك ليقفَ قبـل أن يذهب ، وبصدمة : لحظة يا رجّال استهدي بالله .. تراه يمزح مو من جدك!
أدهـم يبتسـم وهو ينظُر إليه، وبسخرية : الحين أنت على بالك بقُوم عشان الورع اللي معك؟ لا تطمّن بس حسبتها براسي .. يعني ما فيه داعـي أجاملك بهذي .. دام أخوك بيتعشى معك ما يبيلي أجلس وياك وأترك زوجتي تتعشّى بروحها!
شاهين يضحـك بسخرية : يا حنيّن ! .. وطلبك وين نوديه خلاص ما يمدِي نلغيه الحين!
أدهـم باستفزازٍ قبـل أن يبتعد : طلبي في ذمّتك .. كله عني طيّب؟ كنت طالبه عشانك والله ولو شايل هم الفلوس تراني حطيتها على الطاولة بجهتي.
شاهين وهو يقفُ بغضب : الله يلعـــ .. أستغفر الله بس!
متعب : ههههههههههههههههههههه والله ما يدخـل بفمي لو كنت شبعان .. من الحين أقولك هاه!
شاهين بغضبٍ ينظُر لمتعب بعدَ أن غابَ أدهم عن أنظـاره : مانِي ملزوم فيه.
جلـس بغضبٍ وهو يمسـح على جبينـه ، أفقـده أعصابـه في الدقائق السابقـة ، لن ينكر ذلك أمام نفسه! .. كـان يستفزّه بسهولة وذلك ما أغضبـه أكثر! . . استمرّ متعب بضحكـه وهو يجلس مُكرّرًا بتأكيد : ترى ما راح أساعدك .. بتاكله بروحك حرام يجلـس.


،


ينسحبُ المفرش عن خصـرها إلى ساقيها، تكشـف جزءً من جسدِها وأصابعهـا توزّع المرهـم في موضعِ الرضّةِ التي ازرقّ لونها مختلطًا ببنفسجيّةٍ باهتـةِ وحُمرةٍ تخضّب سُمـرةَ جلدِها ، كـانت سالِي قد ساعدتها في الساعاتِ الماضيـةِ لتتوضأ حتى تستطِيع الصـلاةَ جلوسًا بعدَ أن أمرها سلطـان بمساعدتها، وبالرغمِ من كونِ وضعيتها في الصـلاةِ مؤلمـةً إلا أنها كـانت أقلّ من وقوفٍ تتفاوتُ فيه حركتها . . نظـرت لموضِع الإصابـةِ التي غطّت معظمـها بطبقةٍ رقيقةٍ من المـرهم ، من حولِها خطوطٌ باهتـة ، قديمةٌ لا تُلحـظٌ إلا من قـرب ، هذهِ علامـاتُ والدِها ، كيفَ ترتضِي علامـةً من سلطـان بجوارِها؟ .. ابتلعَت ريقها بوجَع ، لم تتخيّل يومًا أن يتلوّنَ جلدها بقسوةٍ منه! أن تراها بعينٍ مجرّدةٍ من الحيـاة ،
أغمضَت عينيها بقوّةٍ وهي تتأوّه بقهر ، اذهبـي ، اذهبـي بسرعة! .. لا تحتمـل أن تبقـى هذهِ العلامـةُ فيها، لا تحتمـل أن تراها ، ستنسى أن ذلك حدَث ، نعم ، سلطـان لم يقسو على جسدِها ، لم يصفعها ، كلّ صفعـةٍ ستنساها بعدَ أن تلامـس وجنتها ، ستنساها مبـاشرة .. سلطـان لن يكونَ في عينيها سوى الملاكَ الذي تعرفْ ، لن يتشوّه لأجـل لحظـاتٍ هي من تسبّبت بِها! .. فليفعـل ما يراه عقابًا مناسبًا ، ليفعـل ما يراه ردًا لاعتبـاره ، لكنْ ليعود كما هو ، بعدَ أن ينتهِي ، في اللحظــة التي تنتهي منها الحيـاةُ كما قـال ، ألا يدرك أن الحيـاةَ انتهت منها منذُ نبذها؟ .. يا موطنًا أرجوهُ حيّزًا يأوينِي ، أتظن أنني حين أُلفَظُ منك سأبقى أعيشُ في غيرِ أرضِك؟ .. يا الله يا سلطـان ألا تدري أنّ الأرضَ حينَ تتبرأ منّا تُفقدنـا الحيـاة؟ ألا تدري أنّ لبّ الحيـاةِ موطِن ، إن كُنتَ موطِنـي .. كيفَ أعيشُ في غيرك؟
فُتـِح البـابُ لتشهقَ بهلـع ، نظـرت نحوهُ بصدمـةٍ وهي ترفـع اللحـافَ بسرعةٍ حتى تغطّي ما ظهـر منها ، بينما كـان ينظُر لها بنظراتٍ بـاردةٍ أقـرب للإزدراء . . اقتربَ منها أخيرًا وهو يبتسـم بسخريـة ، وبنفور : أيش مقصدك من هالحركـة؟
غزل بتيهِ تنظُر إليه ، لا تدرِي كيف جلَست ودون أن شعـر بأيّ ألم ، كـانت تتمسّك بالمفرش وتلفّه حولَها، تحاول رفـع بنطـالها قليلًا إلى بطنِها وجسدها يرتعـش بربكتها بينما شفاهها تنفرجـانِ بتشوّشٍ وخجـل . . سحبَ سلطـان كرسيًا قريبًا ليجلسَ عليهِ وهو يردف بازدراء : متعمدة تكشفين جسمك وأنتِ عارفـة إنّ البـاب مو مقفل وممكن أدخـل بأي لحظـة؟ حركـة إغراء!
نظـرت لحُجرها وهي تعقدُ حاجبيها غير مصدّقـةٍ تفسيـره ، هزّت رأسها بالنفيِ دون أن تنظُر نحوه ، بينما شدّ سلطـان على أسنانه وهو يلفظُ بقرفٍ ونفور : لا تتعّبين روحك ... ما تستهويني بقايا !
ابتلعَت ريقها بألـم ، لم تنظُر إليه ، ولم تفكّر بالحديثِ حتى وهي تخشى أن تُضـاعفَ ثورانه إن أطلقت إلى أسماعِه صوتها . .
سلطـان يكتّف ذراعيه إلى صدرِه وهو يُميـل فمه ، وبتساؤلٍ جـاف : حبيتي الجلسـة بهالغـرفة؟ تبين تغيرينها وإلا تكمليـن فيها ذكرياتك الحلوة؟
قطّبت جبينها بضيق، أصابعها المُمسكـةِ بطرفِ المفرش تتشنّج ، تُخفـض رأسها أكثر دون أن ترد ، ينتشـر في أحداقِها الظـلام ، ذكرياتها الحلوة! .. لم تكُن إلا معـه ، منذُ قرّر أن تنـام قسرًا في غرفتـه ، منذُ اندلـع الغضبُ الأول ، وكـان يقسو عليها بكلمـاتِه ، إلى ما سبـق الهجومَ في تلك الليلـةِ الحالكـة ، ذكرياتها الحلوة .. كـانت كلّها قاسيـةً معه ، لكنّها لم تكُن مرّة بالنسبة لها .. أبدًا !
استفزّه صمتها ، شدَّ على أسنانِه بغضبٍ وهو ينطقُ من بينها بتهديد : لما أكلمـك تردّين ، تنـاظريني لو تكونين عمياء بعد! .. غضب عنّك لازم تشوفيني .. غصب عنك!
كـانت تظنُّ أن تجـاوبها قد يغضبـه أكثر ، لكن وبما أنّ العكـس أغاظـه ، إذن ستنصـاع لكلّ ما يريد! . . أدارَت رأسها ببطءٍ إليه ، نظـرت نحوهُ وشفتيها ترتعشـانِ بضعفٍ وضيـاع ، وبصوتٍ خافتٍ تائـه ، يحطُّ على أجنحـةِ الغربـة ويسافـر بها فوقَ سمائه دون أن تدرك موقها : أبي أغيرها.
سلطـان ببرودٍ وهو ينظُر لعينيها المهتزّتينِ مبـاشرة ، لفظَ باستخفاف : ليش؟
غزل وحلقها يتحرّك باضطراب ، شتّت أحداقـها بعبـرةٍ تتفاقـمُ في صدرِها ، وبخفوتٍ متعثّر : شلون تهون عندك فكرة أعيـش لحظـاتْ مثل هذي؟ عـادي عندك أتذكّر رجـال قرب مني غيرك؟
أظلمَت أحداقـه ، ونـارٌ اتّقدت أكثـر في صدرِه ،نـارٌ لا تهدأ ولو قليلًا ! . . . لفظَ بخفوتٍ قاسٍ بعصبيّتِه التي تجرفـها في ربكـةٍ واضطراب : أي وقاحـة وصلتي لها عشان تقولينها قدامـي بهالشكل.
غزل رغـم خوفها من نبرتِه إلا أنه لفظَت : ما تقهرك أكثر! .. مقهور على اللي دريته عني .. بس عادي عندك أنام وآخر شيء تذكّرته رجـال كـ . . .
صمتت بذعرٍ ما إن ضربَت قبضتـه على الكومدينةِ القريبـة منه ، اهتزّت الأبجورةِ من فوقِها ، ارتعشَت وهي تسمـع حطامها بعدَ أن سقطَت ، بينمـا وقفَ سلطـان وهو ينظُر لها بازدراءٍ وقـرف ، رمقـها للحظتينِ فقط . . ومن ثمّ ابتعَد نحو البـابِ ومن خلفِه ضجيجٌ أشدَّ من حطـام، أشدّ من انكسـار وماذا بعدَ الانكسـارِ سوى تنـاثر الشظايا؟ .. من يجمعني؟ فقط من يجمعُ شظايايَ ويلملمها بقايا مخلوقٍ ذُبـح بنصلِ الخذلان ، من يجمعني؟ ويُعيدَ من الأضواءِ " شمسِي "؟ من يجمعنِي؟ ويعيدُ من صبـايَ الذي غـادرَ دون أن أعيشـه " مولّعي "؟


،


دخـل وهو يدندنُ بمـزاجٍ مصفّى ، يتلاعبُ بمفتاح سيّارته بين أصابعـه، اتّجـه مباشرةً لغرفـة الجلُوس مُخمّنًا جلوسها فيها، سيأخذها ليخرجا معًا ويتناولا عشاءهما خارجًا، توقّف عند عتبـة غرفـة الجلوسِ وهو يعقدُ حاجبيه فجأة ، يشتمُّ رائحـة - طبخ -! لم يكُن ذلك ماهو غريب ، بل أصوات ، ليس صوتها وحسب ، أصواتٌ تجيء من المطبخ!
تحرّك باستنكـارٍ نحو المطبَخ ، يعقدُ حاجبيه بشكٍ من الاستنتاجِ الذي وصـل حـائرًا إلى عقله، يعـرف صوتها جيدًا ، لكنّه للحظـةٍ شكّ بذلك حتى دخـل للمطبـخ لتصتدمَ عينـاه بظهرِ إلين ، وآخـر كـان بجوارِها مباشـرة ، جعله يفغـر فمه للحظـة ، ومن ثمّ يلفظُ بصوتٍ مبتهـج : عمتي سهــى !!!
استدارَت سهى ومعها إلين بشكلٍ مباشرٍ ما إن سمعَت صوته الذي عـزف على أوتارِ قلبها بحدّة ، عقدَت حاجبيها وملامحـها تُضيء بحُبٍ وشوق ، وبرقّةٍ وهي تندفـع إليه : يا روح عمتك والله!
ضمّها إليه وهو يضحكُ ويقبّل رأسها، رؤيته لهـا تُزيح كلّ السلبيـات التي قد تطرأ عليه ، تنقّي صدره من شوائبـه ، قبّل خدها بحبٍ ومن ثم عـاد ليحتضنها وهو يلفظُ باشتيـاق : متى جيتِ؟
سهـى بحبٍ وهي تبتعدُ عنه قليلًا : المغرب ،
أدهـم يعقدُ حاجبيه بضيقٍ وهو يرفـع أنظاره إلى إلين : ليه ما اتصلتِ علي وعلمتيني?!
إلين بهدوء : رفضت ، كانت تبي تفاجئك.
سهى تضربُ كتفه بامتعـاض : وطبعًا خربت المفاجئة ، ما تعرف تدخـل بشكل جهوري؟ كان ودي أنط عليك من ورى وأطعنك.
أدهم : افا ! يعني ما أمداني أحس بلذة الزواج وبتذبحيني !
ارتبكَت إلين من خلفِهما بينما رفعت سهـى حاجبها بلؤم : بطعنـك ببوسة بس ، * أردفَت بخفوتٍ وهي تغمـز * كيف الوضـع؟
كتـم ضحكته وهو يرفـع وجهه إلى إلين التي كانت تنظُر نحوهما بشك وارتباك، حرّك حاجبيه بإغاظة، ومن ثمّ عـاد ينظُر إلى سهى وهو يُجيبها بخفوتٍ لم يصل إليها : جيتِ بوقتك ..
سهى تضحكُ بتسلية وهو تعضُّ شفتها ، كـانت إلين تراقبهما بتوجّسٍ وتحفّز ، في حين همسَت سهى بتلاعب : موريتك الويل؟
أدهم بحالمية خافتـة : ذبحتني بهواها.
غرقَت سهى بضحكةٍ عميقةٍ وهي تلفظُ بصوتٍ وصـل إلى مسامِع إلين واضحًا : اوووووه شِت !!
أدهم يرفـع عينيه وهو يبتسمُ لها : مليون شِت ...
عضّت إلين شفتها السُفلـى بقهرٍ من همساتِهما، يتحدّثان عنها، بالتأكيد يتحدّثـان عنها !!!
أدهم يبتعدُ عن سهـى ، يتجاوزها ليصـل إلى إلين وهو يرمقها بتلاعُب، وبرقّةٍ متناهيـةٍ يستغلُّ فيها تواجد سهى معهما : حبيبتي ذراعي تعوّرني ... مُمكن بس تلمسينها باصبعك عشان يروح العوار؟
أشـار لمنتصفِ ذراعه اليمنى لتتّسع عيني إلين وهي ترمقـه بشررٍ وتحذير! في حين كـانت سهى تكتمُ ضحكتها، تتابـع المشهد المُفتعـل أمامها،
أدهم برقةٍ مدّ يدهُ ليمسك كفّها المتشنّجة ومن ثمّ يُلامس بها ذراعه ، وبضيقٍ ودون رضا : لا لا لا ما راح .. هذي شكلها يبيلها بوسة . .
عضّت إلين شفتها بغضب ، تُدرك أنّه يتلاعب بها فقط، وقد تكون عمّته تفهمُ مكره أيضًا ، لكنّه أحرجـها أمامها كفايـةً لتفقدَ ردّات الفعـل المناسبة، حركت فمها بكلمـاتٍ دون صوت " بطّل هالهبـال "!! ليمِيل أدهم برأسه إليها ويقبّل وجنتها أخيرًا بجرأةٍ أمـام سهى، حينها تراجعَت إلين بصدمةٍ وهي تشهق بحُمرةِ الخجل ، بينما اعتلَت ضحكةُ سهى من خلفِهما وهي تلفظُ بمكـر : نعنبو ابليسك ما تستحي !! خفّ على البنت شوي.
أدهم يستديرُ ببراءةٍ إليها بينما كـانت إلين قد تراجعت حتى اصتدمَ ظهرها بحافّة الرخـام وعيناها تتشتّتان بحرجٍ بينما صوته يصل إلى مسامعها متعرقلًا بنبرةٍ بريئة : عادي مثل ما بستك . .
سهى : هههههههههههههههههههه مريييض متى تعقل !! * أردفت وقد أشفقت على إلين منه * انقلع بس اطلع ... بنحضّر العشى وبعده ورانا كلام ، لازم مفاوضات واتفاقات على أيام جلوسي هنا عاد معليش مو تحسون إني ثقيلة!
أدهم يبتسـم بمكر ، وبترحيبٍ عميـقٍ بفكـرة جلوسها تحرّك كي يخرج وهو يلفظُ بنبرةٍ متوّعـدةٍ استطاعَت إلين قراءتها جيدًا وكذلك سهى التي تصنّعت العكـس : حيــاك .. حيـاك مليون مرّة لو ما وسعك البيت توسعك عيوننا !


،


عـادَت من جديدٍ تحـاول، بعدَ نصفِ ساعةٍ من الانتظـار، طرقَت البـابَ مرّتينِ حتى أجابها بالدخُول، دخـلت بتوتّر ، وما إن سقطَت أنظـاره عليها حتى زفـر بقلّةِ صبرِ وهو يلفظُ بحزم : أرجوان وبعدين! من متى كنتِ تخالفين اللي أقوله!
اقتربَت منه أرجوان ، بعيدًا عن أسلوب الرجـاء سابقًا والمحـاولةِ يطريقةٍ أقـرب للفـرض ابتسمَت هذهِ المرّة وهي تلفُظ بخفوت : طيب من متى كسرت خاطرِي بهالشكل!
يوسف الذي عقدَ حاجبيه من نبرتِها المتغنّجة! لفظَ بضيق : لا تحاولين .. هالمرة لا !
أرجوان : يبه تكفـى ، يعني بس أنا وأنت .. جوج وليـان بيجلسون بالشقة عادي.
يوسف برفضٍ عنيفٍ لتلك الفكرة : لا وألف مرة أقولها لا ..
أرجوان تجلسُ بجانِبه على السرير : طيب يجون معنا !
يوسف بنبرةٍ حازمة : يعني تبينا نصحّي أختك عشان اسوارتك هذي!
أرجوان بحزن : من أمي .. تكفـى يبه .. جتني هديّة منها والله ما تهون عندِي!
أغمـض عينيه وهو يتنهّد ، لا يحتمـل نبرتها الحزينـةَ تلك ، لكنّه بالمقـابلِ لا يريد أن يترك إحداهن بمفردها! .. لذا لفظَ بصورةٍ قاطعـة : نترك خواتك هذي مستحيلة ، ونصحّي ليـان بعد مستحيلة !!
أرجوان بتردّد : طيب شوف ، شرايك تقول لفواز ينتبه لهم !!
اتّسعت عينـاه بصدمةٍ من اقتراحها الساذج، إلا أنه سرعـان ما شدَّ على أسنـانِه بغضبٍ وهو يُغمـض عينيه بصبرٍ يكادُ أن ينفد : أرجواااااان !!
أرجوان تتشبّث بذراعِه برجـاء : تكفى .. تكفى يبه ما بناخذ عشر دقايق مرررة قريب .. اتّصل عليه واحنا طالعين وقوله ينتبه حتى جوج ما راح تدري عن هالشيء .. تكفى محنا متأخرين يبه الله يخليك لا تردني ماقد قلت لك مرة تكفى وكسرت بخاطري!
يوسف بضعفٍ أمامَ رجائها : صعبـة يا بنتي صعبة! .. روحي نامِي وأوعدك بكرا من بدرِي نروح لها.
أرجوان وقد بدأت بالبكـاءِ فعليًا : الله يخليك أبيها الحين ، ما صدقت ألقاها تبيني أظل لبكرا وأنا مو ضامنة وش يصير! .. الله يخليك يبه قوله ينتبه للشقة من بعيد لا هو بيقرب ولا جيهان بتدري ... الله يخليك يبه !!
يوسفْ بغضبٍ نهضَ وهو يلفظُ بنبرةٍ تعلُو بحدّتها وقد أضعفهُ بكاؤها : بنشوف آخرتها معك .. روحي اجهزي بسرعـة على ما أكلـم فواز هذا إذا كان موجود، ولو تطلع الاسوارة مو نفسها وقتها ما تلومين إلا نفسك.


،


يُضيء هاتفـه بوصولِ رسالة ، يفتحها ، ويقرأ محتواها بعينين كـانت صاخبـةً بخمولِ ذكرياتِه ، بعدَ أن سمـع صوتيهما ، ووصلت إليه كلمـاتهما من بعيد ، بعينينِ غـادر صخبهما ، لتحلّ فيها الصدمـةُ بعد أن قرأ الكلمـاتِ أمامه . . .
( إذا تهمّك العائلـة الصغيرة ذيك، تعال عند مطعم **** تنتظرك مفاجئة لهم .... تميم )!!!

.

.

.

انــتــهــى . . .

إن شاء الله يكون مرضي لكم مثل ما أرضاني، قراءة ممتعة أعزائـي :$

ودمتم بخير / كَيــدْ !




 
 

 

عرض البوم صور طُعُوْن  
قديم 22-08-16, 02:54 PM   المشاركة رقم: 897
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
قارئ مميز


البيانات
التسجيل: Jun 2010
العضوية: 174082
المشاركات: 4,031
الجنس ذكر
معدل التقييم: fadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسي
نقاط التقييم: 4492

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
fadi azar غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كَيــدْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر

 

فصل رائع جدا

 
 

 

عرض البوم صور fadi azar  
قديم 23-08-16, 06:22 AM   المشاركة رقم: 898
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jun 2014
العضوية: 267722
المشاركات: 575
الجنس أنثى
معدل التقييم: كَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 947

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
كَيــدْ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كَيــدْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر

 

اقتباس :-   المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ضَّيْم مشاهدة المشاركة
  

مرحبًا كيد.
بسألك بس الحين اللي صار بغزل يُسمّى اغتصاب صحيح؟ لأن ماكان برضاها أساسًا وماراحت تقابله عشان هالشي!
تمام أجل المفروض أول مانطقت لسلطان عن ماضيها تقول إنّي "اغتصبت" كذا بيخفف وطأة الألم والقهر عليه. لكن تقول أنا ماني بنت من قبل لأتزوجك هنا ما ألومه يحسب إنّ اللي صار برضاها لا ويسألها كم واحد بعد؟ وهي ماتتكلم إلا بينها وبين نفسها! يأمي تراه مو كاهن يعرف اللي داخلك تكلللمي! فجي حلققك! تنرفززز ياربيه *ميته*
المهم إنّ غضبه رجع مثل أول ورجعت حليمه لعادتها القديمه للأسف

وديما باطة جبدي الله وكيلك جد خلاص ماتحسين طولت بزيادة؟ "(

حبيت إلين وأدهم هالفترة ()
كويس كذا كيد فيه أحد من الأبطال تعدلت أمورهم نوعًا ما
مايصير بعد كل الأبطال عايشين حالة بؤس لازم فيه كوبل لطيف يخفف علينا شوي :/

أسييل حيل كاسره خاطري مرّه ماتوقعت أرحمها بهالشكل
صدق الله يلطف بحالها أتوقع شاهين بيرجع لها بس ماراح تتقبله على طول وماتنلام "(

جيهان بعد راحمتها يعني مالقى هالفواز يسافر إلاّ هالدولة اللي تتعالج فيها صدق مثل الحبن بالضيق!!
وجنان أرجع وأقول ماتستاهل فواز والله! تستاهل اللي أفضل منه! تستاهل واحد هي تكون أول زوجه له! مو هذا اللي يقول خلينا اصدقاء وين حنّا فيه يبوي :/

أما تميم الله يستر منه وانا مستبشرة فيه خير واقول بيناسب يوسف مالت ها :/

منتظرينك ()
* وأتمنى تردين دايم على التعليقات اللي هنا عشان نتحمّس "(
ترا صايره ما اعلق في الثلاث أو الأربع البارتات الأخيرة لو لاحظتِ لأن ما ألاقي تجاوب منك "(
صحيح تردّين هنا بس مو دايم "(


يا هلا بِك ، في البداية دايم دايم حثيني على الرد ، مو عن تجاهل بس أنا لو بركز على كل الردود بتروح الساعات اللي مخصصتها للكتابـة في يومي - بما أني صايرة ما أفتـح اللاب إلا للكتابة - ، عُذر سخيف أدري خصوصًا إن الردود مو بهذيك الكثرة ، بس الرد في منتدى دون الآخـر مو حلو بحق القارئات ، مثل عدم الرد بالضبط! - فيس مستحي -
حاولت والله ، في النهاية استسلمت وصرت أقول اللي تنتظر مني رد لا عاد تعلق بالمنتدى ترسلي تعليقها بالساي آت أو الآسك :( مع إنّي أحب التفاعل بالمنتديات بس مو من حقي أطالب وأنا ما أنتظم بالرد!

المُهم ، دايم حطي بآخر ردك " ردي " عشان أبرمج عقلي - غصب عنك ترد - :P

،

بالمسبة لغزل ، ممم ممكن ما نقول إغتصاب بالمعنى الصحيح ، يعنِي حتى لو قالت القصة كاملـة لسلطـان ما راح يعذرها ويقول " ذنبك "! في النهاية هي راحت له برجولها وطلعت معه فهالشيء حرام ويقهر بغضّ النظر كانت خلوة أو زنا حتى! .. صح ما كانت بوعيها وراضية ، بس هذا مو كافي للعذر يعني الحقيقة ما تقدم ولا تأخر ممكن تخلينا نشوف إنها نظيفة "جسديًا " بس أساسًا هي كان لها علاقة محرمة! بتصير أخف كونها ليست زانيـة .. بس ماهو شيء كافي.

ديما وسيف قايلة لكم خفّفت مواقفهم عشان ما يصير الوضع ممل بساطة مافيه تطور هالكبر بينهم هالوقت :(

أسيل وشاهين بشكل عام القبول - لو رجعوا لبعض - ما راح يكون بهالسهولة ، مو بس أسيل!

ههههههههههههههههه فواز ترى من قبل يشتغل ببروكسيل :) من بعد زواجهم وقبل لا يروحون هم حتى يعني جيهان اللي لاحقته لووول.


بعدْ جبدي والله أعتذر منك :$ يعني من جد أستحي منكم قبل كنت أحاول أرد بس ما أقدر كلها وأحس عيب هالحركة تعليقين والباقي لا فبطلت أرد بس أهتم لقراءة الردود أول بأول أكيد تهمني :$ () وكالعادة بقول " بحاول " :(

ربي يسعدك ()

 
 

 

عرض البوم صور كَيــدْ  
قديم 24-08-16, 12:13 AM   المشاركة رقم: 899
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jun 2014
العضوية: 267722
المشاركات: 575
الجنس أنثى
معدل التقييم: كَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 947

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
كَيــدْ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كَيــدْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر

 




*



السلام عليكم جميعًا ، صباحكم سعادة وسكينَة :$
مضطرة أعتذر عن بـارت اليوم ، تعبانـة وصاير لي أكثر من ساعتين فاتحة اللاب وأقول بنفسي شوي وبطيب بس وعكة بسيطة وبتروح بعد شوي بس بدل ما تخف تزيد :(
عشَان كذا بعتذر عن التنزيل اليوم من بدري وما تنتظرون ، الله يسلمكم من كل شر ()




 
 

 

عرض البوم صور كَيــدْ  
قديم 24-08-16, 08:25 PM   المشاركة رقم: 900
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
قارئة مميزة


البيانات
التسجيل: Sep 2010
العضوية: 190192
المشاركات: 574
الجنس أنثى
معدل التقييم: أبها عضو ذو تقييم عاليأبها عضو ذو تقييم عاليأبها عضو ذو تقييم عاليأبها عضو ذو تقييم عاليأبها عضو ذو تقييم عاليأبها عضو ذو تقييم عاليأبها عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 748

االدولة
البلدKuwait
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
أبها غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كَيــدْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي

 

سلامتك يا كيد ..

طهور بإذن الله .. وما تشوفين شر .

🍃🌸🍃

 
 

 

عرض البوم صور أبها  
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
ليلاس, لغز, أكشن, القدر, الكاتبة كيد, انتقام, يوسف, رواية رومانسية, سلطان, غموض, عانقت, قيود, كيد
facebook




جديد مواضيع قسم الروايات المغلقة
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t195238.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
Untitled document This thread Refback 02-10-16 06:32 AM


الساعة الآن 10:00 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية