لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > الروايات المغلقة
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

الروايات المغلقة الروايات المغلقة


 
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (1) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 31-07-16, 09:30 PM   المشاركة رقم: 871
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Sep 2014
العضوية: 279084
المشاركات: 44
الجنس أنثى
معدل التقييم: ضَّيْم عضو على طريق التحسين
نقاط التقييم: 79

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
ضَّيْم غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كَيــدْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر

 


يختي ليش عندي أمل إنّ غزل للحين بنت "/
وللحين ديما منرفزتني ياربيه :|
نبي بارت هدية ياكيد قبل ننهبل

 
 

 

عرض البوم صور ضَّيْم  
قديم 01-08-16, 01:51 PM   المشاركة رقم: 872
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
قارئ مميز


البيانات
التسجيل: Jun 2010
العضوية: 174082
المشاركات: 4,031
الجنس ذكر
معدل التقييم: fadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسي
نقاط التقييم: 4492

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
fadi azar غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كَيــدْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر

 

فصل حزين جدا سعد خصر حياته بسبب الغضب وغزل خصرت شرفها ببحثها عن الحب والامان الغير موجود في بيتها

 
 

 

عرض البوم صور fadi azar  
قديم 03-08-16, 10:38 PM   المشاركة رقم: 873
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jun 2014
العضوية: 267722
المشاركات: 575
الجنس أنثى
معدل التقييم: كَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 947

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
كَيــدْ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كَيــدْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر

 




سلامٌ ورحمةٌ من اللهِ عليكم
صباحكم / مساءكم طاعة ورضا من الرحمن
إن شاء الله تكونون بألف صحة وعافية


شكرًا لتواجدكم، شكرًا لكلماتكم الطيبة سواءً بالمتصفح أو خارجه، شكرًا للروايـة اللي جمعتنا .. إن شاء الله أكون دائمًا عند حسن ظنكم والله يكتب لي التوفيق والوصول للنهاية بسلام ويجعل هذهِ الرواية شاهدة لي لا علي :$$ ،

بسم الله نبدأ ، قيود بلا أغلال عانقت القدر، بقلم : كَيــدْ !

لا تلهيكم عن العبادات


(78)*2




كـان ينظُر عبـر النافذةِ للشـارع وهو يبتسـم، راحـة ، راحـة ، وسعـادةٌ لا يسعهُ وصفها ، ماذا يعني أن نحزن؟ إن كان الفرح سيجيء بشكلٍ أشد؟ ماذا يعني أن تنطفئ في عيوننا أنوارُ موانئ ، وتتوهَ سفينتنا، متناسينَ أن ضوءَ الصبـاح أقوى ، وسيجيءُ لنا هُدى. ماذا يعنِي الوجـع؟ غير أنّه لا تعريفَ له، نكـرة، وكلمةٌ لا إعرابَ لها في قواعِد نحوِ الحيـاة التي لم تثبتْ يومًا على حـال، لكن كـان لنا أن نُثبِت في أنفسنا شيئًا، حينَ نؤمن بِه ونكفـر بالآخر.
ثبّت الستارَة وهو يتمتمُ بخفوتٍ وصوته بات " رايق " كما لم يكن قبلًا : خلّك .. اليوم خاطري أتأمل هالزحام بدون ما ينتقـل لصدري.
كـان سعيدًا، كمـا لم يكُن قبلًا ، الآن باتَ يعرفُ ما موضعه، باتَ يعلـم ما يُريد، باتَ يعلـمُ كيفَ يعيشُ بالضبـط، بعضُ العرقـلاتِ التي ما زالت قائمـةً ستنتهي قريبًا، وستنتهي بسلام، نعم بسلام ، يا الله يسر كلّ ما بقيَ أمامي كي أعيش! فقط أعيش .. لم أعد أطالبُ بالسعادة فقط أريد أن أعيش – معهم -.
مرّر لسانه على شفتيهِ واستدارَ نحو البـابِ ما إن سمـعه يُطـرق، تحرّكت أقدامـه وهو يبتسـم، هذهِ المرّة لم يعُد يتضايقُ إن جاء إليه، ربّما لأنه هذهِ المرّة ممتن! ممتنٌ له لأنه ساعـده في تبيّنِ الحقيقة وفي هذهِ الراحـة.
فتـح البـاب، لتُطـالعه عيني عبدالله ويبتسـم بهدوءٍ للسعادةِ التي يراها تعانـق عينيه، دخـل ليلقي السلام ومن ثمّ يُردف : من يومين وأنت مبسوط ... عساها دايمة.
متعب بابتسامةٍ يُغلـق الباب : وعليكم السلام ... الحمدلله ربنا كان كريم معي.
عبدالله يجلُس في المقعدِ الذي اعتادَ الجلوسَ عليه : شايف؟ لأنك بس تحكي للي حولك وللي تثق فيهم.
ضحكَ متعب وهو يتّكِئ بكتفيه على البـاب، نظـر لهُ عبدالله وهو يبتسم، لا يذكر أنه ضحك مرةً أمامه! أو ربما فعلها لكن ببهوتٍ عبـر سريعًا فلم يرسخ في ذاكرته! .. لفظَ متعب بابتسامةٍ وهو يكتّف ذراعيه : ترى ما كنت أثـق فيك!
عبدالله بعتبٍ خفيفٍ وهو يبتسمُ لابتسامته : أفا!
متعب بتشدِيد : كنت! .. الحين أنا ممتن لك .. وما أعرف شلون بالضبط بقدر أشرح لك وش كثر أنا شاكر لك!
عبدالله : لا تشكرنـي .. بس اوثق فيني لين ينتهي كل شيء .. لا تسأل متى ينتهي ولا تسأل عن التفاصيل .. بس ساعدني.
متعب يعقدُ حاجبيه وهو يلفظُ بجدّيةٍ وذراعيه يُخفضُهما عن صدرِه : أبشر بس بأيش بالضبط وأنا قايل لك كل شيء؟
عبدالله يقفُ بهدوء : أبيك تمشِي معي عشان نآخذ تفاصيل أكبـر منك ، الرقم القديم اللي كنت تتواصـل فيه مع سالم للحين معك؟
متعب باستغرابٍ يعقدُ حاجبيه : أي محفوظ بجوالي القديم بس ماقد فتحته من مدة طويلة ، حتى شريحتي اللي قبل مع إنّي أدري إن الخدمة أكيد انفصلت عنها بس محتفظ فيها.
ابتسمَ عبدالله : ليه ما رميتهم؟ خصوصًا الشريحة وأنت تدري ما راح تفيدك بشيء!
هزّ متعب كتفيه دون درايـة ، لا يدري ، نعم لا يدري .. هو فقط أراد أن يحتفـظ بها، أن يحظـى بشيءٍ كـان لهُ منذُ اللحظـة التي لا يعلـم أمدها لكنّها كانت معه هنا! شيءٌ عاشَ معه في الرياض، وعاشَ في ميونخ، وعاشَ في باريس! شيءٌ عاشَ معه تضاريسَ ثلاثـةِ بُلدان، بالرغمِ من كونِه كـان يخشى أن يفضحـه هاتفه بطريقةٍ أو أخـرى، لكنّه لم يحبّ أن يرميه.
اكتفـى بتلكَ الإجابـةِ الحركية " هزّ كتفِه " لتتّسـع ابتسامـةُ عبدالله وهو يتحرّك نحوه لافظًا : خلنا نمشـي ، معليش يمكن تنغثّ شوي وتضطر تعيد القصة من جديد عشان يتسجّل كلامك .. تحمّل الاجراءاتْ لين يخلص كل شيء.
فتـح متعب البـاب بترحيب، ربّما لو قال لهُ ذلك قبل أيـامٍ لغضِب وانفعـل، لكنّه الآن يرحّب بأيّ شيء في سبيلِ راحـته، لفظَ بهدوءٍ وهو يخرجُ برفقتـه : بس نخلص من كل هذا بفتح معك موضوع مهم.
عبدالله يعدُ حاجبيه بتساؤل : اللي هو؟!
متعب : بعدين أقولك ما أبـي أشغلك ...
أنهـى جملته في اللحظـةِ التي تصاعدَ فيها رنينُ هاتِفه، ابتسـم وهو يخرجه من جيبِه وكأنه كان يعرفُ من هو المتّصل، ألقـى نظرةً سريعةً على عبدالله الذي أمال فمه بشك، ومن ثمّ وجّه نظراته للشـاشه، ليرفضَ مكالمـة شاهين! . . عبدالله باستغراب : ماهو أخوك ذا؟
متعب وقد بدأ يطرقُ بأصابعهِ في كتابـةِ كلماتٍ سريعةٍ كي يرسلها إليه : إلا ..
عبدالله : ليه ما ترد؟
متعب يرسـل رسالته التي تضمّنت " ماني راد لين تفكّر بالموضوع كويس * يقصد موضوع طلاقه لأسيل * " ومن ثمّ يدخـل الهاتف في جيبه بهدوءٍ وينظُر ناحيـة عبدالله لافظًا ببساطة : ما أبي أرد عليه.
عبدالله دون تصديق : متهاوش معه وأنتوا مالكم كم يوم ملتقيين؟
كتـم بسمته : ما عليك خلافات عائلية.
هزّ رأسه بالنفيِ وهو يبتسـم : الله يجبـر على قلوبكم ..


،


كـانت تقف ، قبـل أن تستوعبَ ابنتها نصفَ الكلماتِ التي قيلت ، تقفُ بحدّةٍ والاستيعابُ بالتأكيد سيكون أسـرع لديها من تلك التي تعيشُ اختلاجاتِ عشقِها له . . نظـرت لها بنظراتٍ حادة ، ومن ثمّ شدّت قبضتيها ، وهي تلفظُ بصوتٍ محذّر : ما راح تحكين له شيء! يعني فوق ما ربّي ساترك رايحة تفضحين عمرك بنفسك؟
نظـرت لها غـزل بضيـاع، وكأنها حتى الآن لا تكـادُ تستوعبُ مقدارَ هذا الوجـع في صدرِها، هذا الوجـع لم يكُن كوجِعها بعبدِالعزيز، أبدًا لا يجيءُ وجعها السابق كالآن! ذلك الوجـع خلقه عبدالعزيزِ فيها، بينما هذا هي! ، هيَ من فعلته بنفسِها وهي من أوصلت نفسها للفقدِ القاتـل هذا ، عبدالعزيز هو من ظهـر أخيرًا بقنـاعِ الكذبِ وهو من خذلها، لكن سلطان لم يكُن يومًا يُجيدُ التمثيل وكان نقيًّا، كـان صادقًا ، لذا وجعها بفقدِه لن تكون الدواوين كافيةً لشرحـه، لن تكون الأبجديّاتِ كافيةً لتترجمه.
نظـرت لأمّها بتيهٍ وهي تراها تبتعدُ عنها خـارجـة ، ربّما عقلها لم يكُن قد استوعبَ كما يجبُ أنّ الخادمـة قصدت " سلطان "، لم تستوعب كما يلزمُ لينتفـض قلبها في انقباضاتٍ تحمـل اسمه، بل كـان قد توّقف لثانيـة، ومن ثمّ عـاد ينبـض بصورةٍ طبيعيةٍ دلالـة اللا استيعاب.
خرجَت وهي تلفظُ بكلماتٍ محذّرة : لا تطلعين .. إذا استلزم الوضع بناديك أنا وتصرّين على قرار الطلاق! إذا مو عشانك عشانه هو ، بكلا الحالتين هو بيطلقك، بس طلاق وهو ما يدري عن شيء أفضـل من العكس واللي بيقهره وبس!
لم تردّ عليها ولم تُشِح بنظراتها عنها وهي تنظُر لها بتيه ، غابَت عن عينيها، بينما كانت غزل قد غرقَت في فكـرةٍ واحدةٍ استوعبتها بعدَ لحظـاتٍ لتشهقَ وهي تقفُ منتفضـة : جــاء!! .. مثل ما كنت متوقعة جاء !!
عضّت شفتها بربكةٍ وهي تتنفّس باضطرابٍ التحقَ بقلبها ، تحرّكت أقدامها نحوَ البـاب ، لكنّها عادَت وتراجعَت للخلفِ بتوتّر ، هل من الأفضل أن تترك امها تحادثه وحدها ولا تتدخل؟ هل هذا هو الصحيح؟ هل تذهبُ وهي لا تعلمُ ما الذي قد تفعله بالضبط وتخشى أن تستسلـم بعد أن تضعف؟!! .. لا لا ! إذا لم تصبح أقوى الآن وتصرّ على ما تريد فستضعفُ كلّيًا إن عـاد .. هل تخبره الآن بالحقيقة؟ أم .. أم تتبـع ما قالته أمّها!! .. ابتلعَت ريقها بصعوبةٍ ومجيئه يُشعرها بالوجـع ، مُتمسّكٌ بها!! كيفَ أجرمت هكذا بحقه؟!
تحرّكت بحزنٍ مريرٍ للبـاب ، خرجَت بقدمين متوتّرتين ، وصـل إليها صوتُهما ، صوتُ أمّها ، ومن ثمّ صوتُه .. أغمضَت عينيها بعذاب ، كيفَ يعبُر صوتك ولا يستفزّ جوارحِي إليك؟ . . عضّت زاويـة شفتِها السُفلى، بينما مسامعها يُداعبها صوتُه الذي كـان جامدًا، لكنّها كانت تدرك من خلفِ ذاك الجمودِ غصبًا! : يعنِي طلعتِ بحياتها من جديد عشان تخربين بيتها؟!
ام غزل بثقةٍ وعلياء : تدري إنّ الحياة بينكم مستحيلة .. ما أتوقع رجّال بيرضى بهالعيشة ، فلا تمثّل هالشيء وتبتلي فيه بنتي!
صمتَ سلطان، بينما ملامحـه كانت تقسو، تقسو بشدّة ، عينيه تنطفئان أكثر مما كانت، بينما قبضتيه يشدّهما وهو يلفظُ بنبرةٍ خافتـة، أشبـه بفحيح الأفعـى : قالتها لك؟!
ام غزل تقفُ أمامه مباشرةً بثقةٍ عميـاء وبملامح صلبةٍ لم تهتز، لن تسمـح بالمزيد من الدمـار لها، إنْ كان أحمد فعلها وكذَب عليها منذ بادئ الأمـر أن سلطان قد علِم بكلّ شيءٍ وقرّر سترها لسنـةٍ مُقرّرًا إنهـاء حياتها لما لا تعلـم فهي لن تسمح بالمزيد، لن تسمح! ، لفظَت بنبرةٍ هجوميّةٍ حـادة : أي قالت لي كل شيء .. وعرفت إنّ مصيركم الطلاق ، والأفضـل يكون بأسرع وقت.
لم تتبدّل ملامحه عدا من ابتسامـةِ سخريةٍ تراءت في عيني غزل التي اتّكأت على إطـار البابِ وهي تنظُر لهما، تبتلع ريقها بصعوبة، وأحداقها تعبُر ملامحه بتمهّل، تدرُس مقدار غضبـه، تحاول قراءةَ الانفعـالاتِ التي تلاشَت من عينيه وسكنَت أسفلِ جلدِه، لم تجدْ سوى تلك الابتسامـةِ الصاخبةِ بحدّةِ المزاج، وربّما كان الآن يُخفي غضبه منها هي تحديدًا، فأمّها أفصحَت لهُ عن معرفتها بكلّ شيءٍ حتى الذي لا يعلمه!
زمّت شفتيها بارتبـاكٍ ما إن لفظَ بخفوتٍ أرعشَ جسدها : كلامِي معها هي .. بعدين بتفاهم معها على شغلة إنها قالت لك بكل شيء ... على أي أساس تثق فيك؟
انتفضَت ام غزل بغضبٍ لتلفظَ بعلوٍّ حاد : لا تدق بالحكي! .. أنا امها في النهاية!
سلطان بسخرية : ما أبي أقول كلمة تجرحك في النهاية أنتِ الكبيرة هنا ... وينها غزل؟
ام غزل بغضبٍ لم تستطِع أن تُلاشيه من صوتِها ، جملته التي تعنِي تقصيرها طيلة السنين استفزّتها، لذا كان صوتها حادًا وهي تلفظُ بتحدّي : قلتها أنا الكبيرة هنا وكلمتي اللي راح تمشي ، غزل ماراح تقابلك.
سلطان يرفعُ حاجبًا ببرود، تنهّد بقلّةِ صبرٍ بينما كانت غزل تتراجـع حتى لا يلحظـها وهي تتنفّس من بين شفتيها المنفرجتين توتّرًا ، أردفت ام غزل بجمود : معليش بس تفضّل ، انتهت الزيارة.
سلطان يُميل فمه بسخرية : زيارة؟
زمّت غزل شفتيها وحنجرتها تصدأ، باتت تذُوق مرارةً كالعلقم وأسلوب امها في الحديثِ معه لم يُعجبها .. لفظَ سُلطـان بهدوءٍ موضّح : أبيك تعرفين شيء واحد يا عمتِي ، جيتِي لهنا مالها علاقة بمصطلح زيارة أبدًا ، تدرين إنه من حقي أطالب بزوجتي اللي طلعت من بيتها بدون شوري تطلع الحين وتمشي معي ..
فتحَت ام غزل فمها تريد قولَ شيءٍ لكنّ سلطـان قاطعها بنبرةٍ حادةٍ ينظُر لها بعينينِ تلتمعان وعيدًا : سبق وقلتها لها ، أسلوب البزارين هذا ما ينفع! ممكن لو إنها ظلت ببيتها وحاولت معي بقتنع وممكن في النهاية أعطيها الطلاق ، كل شيء كان ممكن بس هالأسلوب بالذات ما أحبه ولا يمشي معي .. عشان كذا لو كان فيه نسبة 1% تحصل على الطلاق الحين صارت صفر! هي تبيها من الله عناد ولعب أطفال؟ لها هالشيء!
فغرت غزل فمها بصدمـة، كتمَت شهقـةَ اعتراضٍ خافتـةٍ وهي تتقدّم لتخرجَ من ملاذِها الذي يخفيها عنه ، لا يمكن ذلك، لن تسمح بأن يستمرّ الوضع بهذا الشكـل ، إن كان هنالك نسبةٌ ضئيلةٌ بالفعـل لتحصل على الطـلاق فيجب أن تكون الآن ، إن كان هناك نسبةٌ لردّ اعتبـارِه الذي استباحته دون أن يعلـم فسيكون الآن ، إن كـان وجعُ ابتعادِي قاسيًا فالأقسـى أن أكون قريبةً منك، تهديني من عواطِفك ما تستطِيع وأنا لا أستحق، إن كنتُ أحبّك يا سلطـان فأنا لن أرضى أن أكون لكَ بقايا لا تلتئم! أنا جُرح، شرخٌ عبـَرتْ من خلالِه قذارةٌ لن تُمحـى ، أنا انهزامٌ وأنت نصرٌ فكيفَ يرتقي ما هو أدنى لما هو خير؟ لا أستطِيع ، ولن أستطِيع يومًا أن أتسلّق سلّمك . . غصّت بالوجـعِ وخطواتُها أصبَحت بوضوحٍ خافتٍ لهمـا ، جعلتهما يستشعرانِ تواجُدها ليُدار رأسهما إليها مباشرة ، عضّت امها شفتها بغضبٍ ما إن رأتها، بينما ابتسمَ سلطـان بقسوةٍ وهو يكتّف ذراعيه إلى صدرِه ويلفظ بسخرية : شرّفتي يا هانم؟
تحشرجَ الأكسجين في حنجرتها دون أن يصِل إلى رئتيها، شتّت عينيها بربكةِ الكلماتِ التي تزاحمَت مع الهواءِ لتخرجَ خافتـةً رغمَ محاولتها أن تكون أكثـر ثقة : طلقنــي ..
سلطان بصبرٍ ضغطَ بسبّابته وإبهامه أعلى أنفه وهو يغمضُ عينيه ويتنهّد لافظًا : يا صبر أيوووووب !!!
غزل برجفـة : ماهي لعبة أطفـال مثل ما تقول ، أنت خيّرتني قبل وأنا ما اخترت الصح . .
سلطان يقاطعها بسخريةٍ وهو يفتح عينيه ناظرًا لها : اختبارات الثانوية لا رسبتي فيها تنعاد .. بس اختبارات الحياة لا ! تعرفين هالشيء وإلا؟ ضاعت فرصتك في الطلاق لما اخترتي عكسه يومتها ، لا تتلاعبين معي أكثر! مزاجـي اللي زان صدقيني قاعد يشين حاليًا أكثر وأكثر ... بطّلي هاللعب أفضل لك يا غزل!
ارتعشَت شفاهها لتتراجـع للخلفِ بربكة ، وباختناق : لو قلت لك أسبابي بتطلّق؟
اتّسعت عينا أمها بصدمـة ، هزّت رأسها بالنفيِ وهي تنظُر لعيني غزل التي نظرت نحوها نظرةً خاطفـةً ومن ثمّ أشاحتها ، بينما رمقها سلطـان دون مبالاة وصبره فعليًا يكادُ أن ينفد، في حينِ كانت غزل ترتعش ، رعشـةً لم تطَل صوتها ، كـان صدرها يشكِي دهاليـزَ انتمَت إلى صدرها، يشكِي هذا الظـلام الأبكـم الذي ما حادثها يومًا لتدرك من كلماتِه لمَ اختارها .. لم اختارها هي؟ لمَ كانت الخاسرةُ دومًا، المنهزمة دومًا، المستسلمة دومًا، الانتهاء! لمَ حملَت كل تلك المصطلحات التي تعنِي نفسها ، تعنِي أنها لم توجَد في الدنيا فائزةً بعينيه! لمَ حين جاءها كانت مزدحمةً بسواه، ولمَ تأخر؟ ككلّ مرةٍ تغوصُ في وحلِ هوانِها ، لمَ تأخرتَ عنّي يا سلطان ، لا ! لمَ تأخرتُ أنا عنكَ وكنتُ في الخلف ، كنتُ وراءك بأميـال ، كنتُ بعيدة ، بعيدة ، قذرةٌ ولا أستحقُ أن ألامـس ظهرك حتى!
أردفت ، بصوتٍ كـان صافيًا من رجفـةِ الانهزامِ بعكسِ أطرافها ، بصوتٍ لم يكُن مهتزًّا/كان فقط هو الخسارةُ بذاتها! الخسـارةُ الممتلئةُ بثقتِها في الوقوع : لأني ما أستاهلك .. ما تستاهل وحدة ما كان أول رجال بحياتها أنت !


،



" كلامك صاير قليل ، غريبة لا تكون للحين تعبان؟ "
ابتسمَ بوداعـةٍ وهو يقولها لعبدالله الذي كان جالسًا بعيدًا بعضَ الشيء، ابتسامتـه كانت مستفزّة ، لكنّ عبدالله ابتسم على مضضٍ وهو يردُّ بنبرةٍ باردة : سلامتك ، بس ما عندي شيء أقوله.
وقفَ ياسِر وهو يبتسم : أجل أنا بخليهم يحضرون قهوة من جديد وأنتوا دوروا سوالف ما حكيتوا مع بعض كثير من بعد الغداء.
خرجَ وأدهم يتابعه بعينيه، نظـر إلى عبدالله بعدَ خروجهِ ليبتسم من جديدٍ ابتسامةً بريئةً – أبعدُ ما تكونُ عن البراءة - وهو يهتف : غريبة ما سألتني عنها؟ كل مرة أقابلك تقعد تحذّرني وكأني وحش وبذبحها.
عبدالله ببرود : لأنك تدري إنّك لو فكرت مجرد تفكير تأذيها بقطّع لحمك وأرميه للكلاب ..
أدهم يكتم ضحكته : أفا أفا!
عبدالله بحزم : انثبـر ، واحترم نفسك معي ! أنا مضطر أتقبلك لأنك صرت زوجها وأنت بالمقابل مجبور ، مو بس مضطر .. مجبور تحترمني !
مطّ أدهم فمـه بضجرٍ وهو يتراجعُ بظهرهِ للخلفِ ويلفظَ بتهكّم : يقولون كثر الهواش دليل المحبة.
عبدالله بسخرية : الله لا يجيبه لي من حب .. هذا اللي ناقص !
أدهم باحباط : لااا تكفى إلا أنت أبي أحبك !
عبدالله بغضب : أدهم اعقــل وإلا والله ... * زفـر ليردف بصوتٍ هادئٍ ظاهريًا * ما عندك مشكلة لا جاك عيال بعدين يكونون بقلّة أدبك؟
كاد يبتسم لتلك الفكـرة " العيال " لكنّه كتم بسمته وهو يلفظُ بتهكّم : الحين أنت تبي تنصح تروح تغلط؟ امحق والله !
عبدالله : للأسف لا جيت بنصح بالمعروف ما أحصل فيك شيء يحمّس.
أدهم بضجرٍ يسندُ مرفقـه على ركبتِه ومن ثمّ خده على كفهِ ليلفظَ بملل : أكثر كلمة طلعت من راسي .. " قليل أدب " !
ابتسمَ عبدالله رغمًا عنه في لحظةٍ لم يكُن يريد فيها أن يبتسم ، رفـع حاجبه وهو يلفظ : دام أحد قايلها لك قبلي فانتبه لهالنقطة ترى ما أقولها كره لك!
أدهم : لا ترى اللي قايلينها ناس من وراك .. الله بس على التوريث ذا!
عبدالله دون فهم : مين تقصد؟
ابتسمَ أدهم دون أن يذكر لهُ الاسم ، حوّر الموضوع ليسأله بمزاجٍ هادئ : كيفك؟
عبدالله بسخريةٍ وذهول : الله بس !!
أدهم يضحك بخفوت : والله من جد ما عطيتني فرصة من أول تقز فيني وكأني مجرم! كل ما جيت بسألك أحس إن صوتي لا طلع بيرتد لي مثل السكين ويقطع راسي.
عبدالله يُميل فمه بهيئةٍ ساخرة : اوووه طلعت تخاف؟
أدهم بتحدي : ما انخلق اللي أخاف منه !
عبدالله ببرود : الحمدلله طيب.
أدهم يعتدل في جلستـه ، مدّ يدهُ ليتنــاول كأس الشاي ، ومن ثمّ ردّ بهدوء : عاد بهالسن بتكثر عليك الجلطات وممكن سكتات قلبية و . . .
صمتَ ولم يتابـع حين لحظَ اتّساع عيني عبدالله بصدمة ، شعر أنه قال شيئًا خاطئًا فتنحنحَ بحرجٍ وهو يضـع الكأس ويُردف : قصدي يعني لازم تنتبه لطبيعة أكلك ..
لم يستطِع الإكمـال من ضحكةِ عبدالله التي صخبَت في المكـان ، حاول أن يخفِي حرجه بعقدةِ حاجبيه، وبـ " نرفزة " لفظ : وش اللي يضحك إن شاء الله؟
عبدالله يصمتُ دون أن تبتعدَ عنه آثارُ ضحكتهِ في احمرارٍ طفيفٍ زحفَ إلى ملامحه ، ضيّق عينيهِ وهو يلفظُ بضحكة : لا الله يسلمك بس لا عاد تحاول تكسب أحد.
أدهم بانزعاجٍ أمـال فمه ، انزعجَ من حرجِه أمامه ومن ربكتِه لذا لفظَ بوقاحة : لا تصدّق عمرك محد يستاهل أحاول مجرد محاولـة أكسبه.
هزّ عبدالله رأسه بالنفيِ يأسًا منه وهو يهتفُ بسخرية : اهجد بس وامسك لسانك وهالشيء يكفي . .
زفـر ادهم بامتعاضٍ وهو يحمـل هاتفه من جانِبه ويتجاهلُ الحديثَ الباقِي معه متشاغلًا به، بينما ابتسم عبدالله .. حسنًا لا يملك سوى أن يتقبّله ، وضحكته اليوم وابتسامته معه تُثبت أنه بدأ فعلًا بذلك .. لا يُملك سوى تقبّله ومحاول تغييره إن لزمَ الأمـر.

من جهةٍ أخـرى ، عقدَت حاجبيها باستنكارٍ وهي تُخفِض هاتفها إلى جُحرها هاتفـةً بنصفِ ابتسامةٍ سارّة : الله! ومين سعيدة الحظ هذي؟
هديل بحيرةٍ وهي تبتسم : ممم باقي ما قرّرنا ، بس أتوقع ماراح يبعدُون عن بنات عماني ..
تصلّبت ملامح إلين فجأةً حين جالَ بخاطِرها " رانيا "، هل يُمكن أن تراها في يومٍ ما زوجةً لياسر؟ بالتأكيد لا تتمنى لها الشر، لكنّها في الـقابل تتمنّى لياسر من هي أفضل! مرّرت لسانها على شفتيها بضيق، ليسَت حقودة! ليست حقودة ، لكنّها لا تستطيع أن تحتمـل فكرةَ زواجها بالشخصِ الذي ظنّت بها سوءً معه!
لفظَت بنبرةٍ فاتـرةٍ حاولَت بها أن تبتسم : طيب خالك يوسف؟ أرجوان ماهي متزوجة وحتى جيهان تطلّقت حتى قبل لا يتم زواجها بولد خالك الثاني.
تقطبت ملامح هديل بضيق : تصدقين؟ كنت أتمنى لو يتزوج أرجوان أو حتى جيهان .. بس مدري جيهان مستحيلة ، ممكن أرجوان وبكلم امي وأبوي وحتى هو بنستشيره.
ابتسمَت إلين بصدق : أي طبعًا كلمته هي الأهم .. يا رب تكون أرجوان من نصيبه مافيه أحلى منها خَلقًا وخُلقًا بين قريباتك.


،


يكرّر الاتصـال مرارًا وتكرارًا وعقلـه يكادُ أن يُجن! منذُ ساعاتٍ وهو يحاول أن يتّصل بِه دون ردّ، في بادئ الأمـر كان يرد عليه بأن يُنهِي الرنينَ بملء أنامله! غضب، خصوصًا أنه أرسل لهُ توضيحًا شاغرًا باستفزازٍ كافٍ " ماني راد لين تفكّر بالموضوع كويس " ، أغضبته تلك العبارة ولم تجعله يتوقّف عن الاتصـالِ به ، لكنّه فيما بعد أصبـح يرنّ ويتوقّف دون إجابةٍ أو حتى بترِ رنين!! اضطربَ قليلًا ليرسلَ إليه رسالةً بلهجةٍ حادةٍ فوق الأسطرِ الزائلة " إذا كنت تشوف اتصالاتِي وما ترد يا ويلك! " لكنّه أيضًا لم يكُن يرد، ليرسل إليهِ أخيرًا بقلقٍ جرفـهُ مع أمواجِ الخشيـةِ دون قاربِ نجاة " طمّني أنت بخير؟ " .. لا يُمكن أن يكون أصابه شيء! يعلـم ويدرك جيدًا أن كلّ شيءٍ لم ينتهِي بعد، وأن متعب لم يخرج من دائرةِ الخطـر حتى الآن، لذا كان من الطبيعيّ أن يقلق الآن ، أن يخافَ من فكرةِ فقدِه من جديدٍ وهو الذي لم يظهَر سوى منذُ أيـامٍ قليلـة! لربّما لازال جزءٌ من عقلـه يفكّر أنه يحيا بعضًا من الأحـلامِ حدّ أنه في لحظـاتٍ ما ينظُر إليهِ مطوّلًا دون تصديق ، لذا ففكرةُ أن ينهضَ ويكتشفَ أنه في حلم، فكرةَ أن يُصيبه شيء! حريٌّ بها أن تُصيبه بالجنون !!!
مرّر لسانه على شفتيه بتوتّرٍ وهو يعُودُ ليتّصل به، يجلِس في الصالـة بعدَ أن مرّت ساعاتٌ على غداءٍ باردٍ برفقـةِ أمه التي اعتصَمت هذهِ المرّة الغضب، لم تكُن تنظُر إليه وكأنها كانت تعلّق بقيّة أمالِها في الرضا بعد أن يسمع بخبَرِ حمـلها، فكان ردّه صادمًا جدًا لها، ردّه الذي كـان بعيدًا جدًا عمّا توقعته.
لم يجِد ردًّا، حينها وضعَ كفيه على رأسه بعدَ أن ألقى الهاتفَ جانبًا ، هو بخير ، بخير ، نعم بخير .. يحاول الآن ألّا يلِج معمعـةَ التصدِيق بأنّه ليسَ بخير ، نعم ، لن يصدّق ظنونَه ويغرقَ في وجَعِ الموتِ من جديد .. نعم ، نعم !!! هو بخير ولم يمُت من جديد!!
من جهةٍ أخـرى ، عـادَ للفندِق بضجرٍ وإرهاقٍ بعضَ الشيء ، مكَث وقتًا وهو يسردُ تفاصِيل باتت مملّةً بعضَ الشيء وليسَت موجعةً وحسب! رمـى جسدهُ على السرير، وضـع ذراعـه على جبينه ومن ثمّ أغمـض عينيهِ بإرهـاق، يشعُر برغبـةٍ بالنومِ تتسلّل إلى عينيه، كـان قد سأل عبدالله عن الموضوعِ الذي يريد الانتهـاء منه سريعًا " أسيل " وجاءه الرد بأن ينتظـر قليلًا، سيحاول أن يتمّم كل شيءٍ بسرّيةٍ أو ينتظرا لبعض الوقت، لكنّه يريد الخيـار الأول، لا يريد أن يتأخر الموضوع فتتضاعفُ حساسيّته في نفسِ شاهين ، هو لن يُوضـح إن كان ما حصل يضايقه أو لا ، لا ينكر أنه متضايق! أنّه تمنـى أن يعود .. وكلّ شيءٍ كما هو! لكنْ الآن رغمًا عمّا تمنـى اختـار ماهو صحيح ، وما يريده الآن ! أمنياته القديمة خضعَت لليوم ، هو لا يريدُ شيئًا أكثـر من أمّه وأخيه ، لذا لن يبـالي بشيءٍ آخـر الآن وسيُضمـر مشاعرهُ وسينسى أنّه يومًا ما أحبّها !
في خضمِ تلك الأفكـارِ الصاخبـة، والذي شعـر بِها تُنشئ صريرًا حادًا في أذنيـه ... نام!


،


كم من الاستفزاز الذي تملكه الكلمـات؟ ربّما ما هو أكبر من الأفعـال حتى!، النبرةُ المتحكّمة بوتيرةِ الانفعـال، الشفاهُ حين تتحرّك وينأى عن متلقّي الكـلامِ الهدوء ... هذا ما حدث وهو يقتـرب منها وقد انفجـر بالشكلِ الكافي حتى يُصيبها بالرعبِ وتتراجع! .. لم يكُن يحتاجُ المزيد ، لم يكُن يكفيه هذا العنـاد حتى تستفزّ انفعالهُ أكثر بعد أن أصبـح هادئًا قبل أن يعلمَ بخروجها/هربها، ومن ثمّ يتحكّم بهدوءٍ زائفٍ وهو هنا! .. لكنْ كانت كلماتها الأخيرة الحدودَ التي تجاوزَ الهدوءُ بها أقصاه!
تراجعَت غزلْ بخوفٍ ما إن رأته يندفـع إليها، لم تكَد تلفظُ بشيءٍ ما حتى شعرَت بقبضتِه تشدُّ على معصمِها ليسحبها نحوه ومن ثمّ يلفظُ بغضبٍ ناريٍّ وعينينِ اشتعلتا كأتونٍ كافٍ ليحرقَ غابةً مخضرّةً ويحولها إلى رمادٍ أسود! : وش هالوضاعة؟ أنا كم مرة قايلها لك ... كم مرة قايلها يا غزل؟ بأي وقاحة قاعدة تستفزيني وتكررين هالموضوع الحقيييير!!!
فغَرت فمها بذهولٍ دون أن تفهـم ما يعنِي، كانت تريد أن توضّح أكثر، لكنّ الرعب عقدَ لسانها وهو يردفُ بغضب : مصرّة تقللين من نفسك قدامِي دايم؟ .. أنتِ أيش بالضبط؟ مثيرة للشفقـة ، فاشلة! ما تعرف قيمتها بهالعالم ، متوقفة عند نقطة وحدة ومطبّ واحد وللحين طايحة فيه وما رضيتي توقفين ! .. لأي حد وصلتِ من اليأس؟
حاولَت أن تسحَب معصمها ببهوتٍ وتبتعد ، تبتعد! قُربها منه بهذا الشكـل أرعبها بطريقةٍ أو أخـرى، صوتُه الحـاد والذي جعلها تدرك أيّ إدراكٍ جال في عقله كان يُصيبُ ظلالـها بالبهوت ، شعرَت باستقامتها تهترئ، وصوتها يتناقـص بل يتلاشى! .. حتى حينَ جاءت باعترافٍ كـان اعترافها مزدحمًا بالخلل! قالت " ما تستاهل وحدة ما كان أول رجال بحياتها أنت ! " لتجيء المعـاني متوقفـةً عند نقطةٍ واحدةٍ ككلّ التفسيرات ، عند تلك الليلـة ! تشعّبت كذبتها حتى في الحقيقةِ المحضـة ، يُحسِن ظنّه حتى الآن أو هي من تجرأت في الكذبِ حتى غُرسَت جذوره في تربـة الحقيقةِ والوقائع الصادقـة . . كيفَ تصرّ أن تقلّل من ذاتِها إن كـانت هي دونَ قيمةٍ من الأساس! يُؤلمنـي هذا الظن ، لم أكُن واللهِ مجبرةً على فقدِ عفّتي ، كنت أنا الخطأ! أنا من انسَاقت إلى ذاك الطريقِ الوعِر ، لم أكُن مجبرةً وأنا اخترت! قالها لـي ، قالها لي قبلًا بملء الصوتِ الذي يُرعشنـي كلّما تذكّرته وأشعر بسببِه باحتقارٍ أكبر لذاتِي " ، لا تتصنّعين العفة وأنتِ من جنبها "، وأنا من خسرَت نفسها بملء إرادتها ! لذا لا تُحسن الظنّ أكثـر ، لا تحسن الظنّ أكثـر لانّني منذ البداية كنتُ .. – دون قيمة -!!
هزّت رأسها بالنفي ، لمَ لا تقول شيئًا؟ لمَ لا تستطِيع أن توضِح له أكثر؟ لم لا تقول " فقدت نفسي قبل تلك الليلة ، كذبت عليك! " لمَ لا تقولها؟ .. فتحَت فمها بملءِ ما تستطِيع ، كيفَ تُنطَق الكلماتُ إن التوى اللسـان وخذلنا؟ لمَ تخذلني الآن حين تشجّعت؟ لمَ لا تبزغُ يا صوتِي من بؤرةِ الحقيقة؟ ألا أُجيد إلا الكذب؟ .. يا الله اجعلني أقولها! أريد أن أقولها! أريد أن أكره نفسي أكثر ويكرهني هو .. يا الله ساعدني! ساعدني على القول ، ساعدني على الاعتراف ، على الانهزام ، على خسارتِه يا الله .. ساعدنِي على نفادِ حياتي بسرعة !
لم تستطِع ، لم تستطِع .. حاولت أن تتكلّم ولم تستطِع ، تلاشَت الرؤيـة أمام عينيها ولم ترى في تلك اللحظـة ملامحه ولا ملامح امّها التي كانت قد وقفَت خلفهُ وهي تلفظُ بكلماتٍ ما غاضبـة ، لم ترى شيئًا ودموعها تسقُط بقهر ، تسقُط قهرًا على لحظةٍ كهذِه ، كلّ شيءٍ لا يسير كما تريد! لا يسير كما هو صحيح! .. تساقطَ دمعها ، شدّت قبضتيها بقوّةٍ وأحداها كانت معلّقةً في الهواءَ بسببِ يدِه التِي تقيّد معصمها ، اجتذبها سلطـان بهدوءٍ مفاجئٍ لتحطّ على صدرِه كحمامةٍ لم تجِد غصنًا يحملها وجاءَ هو ربيعًا مخضرّا انسدَل بأغصانِه ، أحاطَ خصرها بإحدى ذراعيه، ومن ثمّ رفـع كفّه الأخرى ليمسـح دموعها وهو يلفظُ بصوتٍ لا تعبيرَ فيه : جيبي عبايتك وامشي معي.
هزّت رأسها المدفون في صدرِه بالنفي ، لا تريد ، تريد ذلك ولا تريد ، .. شدّ على خصرها بحدةٍ وهو يكرّر بنرةٍ محذّرة : جيبي عبايتك وامشي معي.
لا لا لا .. هذا لا يصح! ذلك زائف ، أنا زيفٌ لم يرتقِي يومًا لحقيقتك ، لا يصحُّ أن نكون سويّةً ، لا يصـح .. أن تحتضنني الآن ، وتمسح دمعي .. وأنت غاضبٌ مني! لا يصحُّ أن أعيش تناقضاتِك برقّتها وخشونتها على هلاميّتي .. لا يصـح ، أنا زيفٌ وأنت حقيقة!!
حرّك كفه التي كانت تمسحُ دمعها ليُمسك رأسها من الخلفِ ويثبّته عن الهزّ بالنفي ، وبغضبٍ مكتومٍ يحاول ألا يُظهرهُ أكثـر : يكفي! اعتراض ثاني .. عناد ثاني ... ووالله ما بتشوفين مني شيء يرضيك! تراني قربت أوصل حدودي منك يا غزل ، وأتوقع ما ودك تشوفيني أتجاوز هالحدود !
ابتلعَت ريقها بألم ، وعـادت دموعها تسقُط من جديد ، وهي تهمسُ بصوتٍ يختنـق حين يرتطمُ بصدره أكثر مما هو مختنق : حرام شخص بنقاءك أكون أنا زوجته !!
ابتسـم بعصبيةٍ وهو يهمس : وام عيالي بإذن اللي جابك بحياتي !
تشنـج جسدها ، وفي لحظـةٍ خاطفـة ، كانت هذهِ المرّةَ تنفجـر ببكاءٍ متحشرج ، دفنَت وجهها في صدرهِ بقوّةٍ وكانها تُخبّئ وجهها الممرّغ بالذنبِ في ملجأ الكفاراتِ أجمـع ، هامسـةً باختناقٍ وألم : حــرااام ، حــرااام والله حـــــرام.
سلطـان يمسحُ على شعرها بهدوءٍ وهو يهمس بحزم : شششش .. لا تحرّمين اللي أحلّه الله .. الجمـال المُباح خصيصًا ما أرضى يُحرّم علي بيوم .. فلا تتجرأين وتقولينها !
غزل برجاءٍ تريده أن يصمت : سلطــان أرجوك !
سلطان بغضب : يكفي .. كم مرة لازم أفهم عقلك الغبي إنّي أنا اللي أبيك وأنا اللي متمسّك فيك فوق بزرنتك المزعجة هذي ! تراك قاعدة تزعجيني بس في سبيلك أصبر.
غزل برجاءٍ عميق : ما يصير .. والله ما يصير !
أبعدها عنه قليلًا ليثبّتها من كتفيها بكفيه ، وبحزم : يلا جيبي عبايتك وحيوانك المزعج مثلك وامشي قدامي.
هزّت رأسها بالنفي من جديدٍ وهي تغمـض عينيها برفضٍ وإصرار، لكنّه هذهِ المرّةَ صرخَ بغضبٍ وصبـرٍ نفد : امـــشـــي دام النفس عليك طيبة !!
ابتلعَت ريقها وهي تفتحُ عينيها ، ورغمًا عنها وجدَت نفسها تتراجـع للخلفِ وهي تشهقُ ببكـاء ، تشهقُ الخسـارة ، في كلا الحالتين ، في قربه وبعدِه ، لم يكتبْ لها أن تفوزَ بشطرِ قصيدةٍ غنّته في أبياتِها وكانت هيَ تسكُن الفراغ في المنتصفِ ما بينَ الشطرين!، لم يُكتب لها أن تحظـى برُبـع رغيفٍ وصل إليها من يدِه في خضمِ فقر الابتسامات ، كـانت تبتسم! لكنّ كلّ الابتساماتِ معه لم تتكوّن في غِنا، لم تتكوّن في تخمةٍ تغنيها عن بقايا ابتساماتٍ من بعدِه ، لم أكُن يومًا سوى منتصف! أنا خطأُ الامتزاج ، لم أُنصِف الأبيضَ والأسودَ في تجانسهما يومًا ، لم أكُن برماديّةٍ مستويةٍ وانسكَب الأسودُ في زواياي لذعـةً أكبـر ، أنا النهاياتُ يا سلطان لم أحظى يومًا ببدايةٍ مسرّة ، كيفَ لبشرٍ أن يُذيّلَ في قائمةِ السعادة؟ الجزء الذي لن يكون سعيدًا أبدًا رغـم التحاقِه بالاسم ذاك ! لأنّني بعيدة! بعيدةٌ جدًا انتهَت السعادةُ قبـل أن تقاسمنـي بقايا! .. لم أكُن يومًا اللون المعنيّ في التنسيق وانسكبتُ سهوًا، لم أكن يومًا النوتة المقصودةَ في السمفونيّة وانزلقتُ من أصابِع العازف " غلطة "، لم أكن يومًا البيتَ المُختار وانتفضتُ على الأطـلالِ اختلالًا .. أنا زيفٌ خُلـق من رحمِ التعاسة!
ابتعدَت ، بينما مرّر سلطـان نظرةً حادة ، كـانت مباشرةً تتّجه لامها التي كانت تراقبُ في زاويـةٍ بعيدة ، في زاويةِ حسرة!

يُتبــع . .

 
 

 

عرض البوم صور كَيــدْ  
قديم 03-08-16, 10:40 PM   المشاركة رقم: 874
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jun 2014
العضوية: 267722
المشاركات: 575
الجنس أنثى
معدل التقييم: كَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 947

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
كَيــدْ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كَيــدْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر

 





،


اقتربَ من حيثُ يقطُن وهو لازال يسيرُ معه ، أطـالوا في المطعـم، ما بينَ أحاديثَ عابـرةٍ وأخـرى ، في النهاية استأذنَ للعودةِ من أجلِ بناتِه واتفـق أن يلتقِي بِه بعدَ ساعاتٍ أُخَر.
الساعـةُ شارفَت المساسَ بالتاسعـة، كـان قدْ وقفَ أمام بابِ المبنـى وهو يبتسـم لهُ بهدوءٍ ويشكـره : استمتعت كثيرًا بالحديثِ معك .. وشكرًا من جديد على مساعدتك تلك.
ابتسمَ لهُ تميم وهو يومئ برأسه، دخـل يوسِف وتلاشى عن عينيهِ بينما ارتفعَت عينا تميم بهدوءٍ حتى استقرّت على النافذةِ التي كـان الضوءُ يتسلّل عبرها ، كـانت مفتوحـةً والستائُر الشفافةُ تكادُ تغادِر الغـرفةَ هربًا إلى البلكونةِ التي زاحمها الضيقُ في مساحةٍ صغيرة ، أمال فمه ببرود ، ومن ثمّ أخفضَ رأسه ليمشِي وهو يدسُّ يديهِ في جيبي معطفِه ، ينظُر للأسفـل بنصفِ شرودٍ جعله يصتدمُ بجسدٍ أمامه ويُكمـل سيره متجاوزًا لهُ وهو يلفظُ بصورةٍ عابـرةٍ ودون أن ينتبـه لكونِه تحدّث بلغته الأم : معليش.
نظـر نحوهُ فوّاز وهو يعقـدُ حاجبيه ، ومن ثمّ أمالَ فمـه وهو يبتعـد عنه ، وما إن اقتربَ من البـابِ حتى ارتفعَت أنظـاره هو أيضًا للنافذةِ المفتوحـة، تضاعفت عُقدةُ حاجبيه ، هذهِ الغـرفة على ما يظنُّ أليسَت غرفـة نومها مع أرجوان؟ ... مرّر لسانه على شفتيه وهو يتنهّد ، وبخفوت : منك لله يا الشوق! أنا وش قايل وبأيش قاعد أخربط؟ مو اتّفقنا نحاول ننساها؟! ما أشوف قلبي يحاول !
عضّ شفتـه بحنقٍ وهو يُكمـل سيره ، بينما اختبأ جسدهـا خلفَ الجدارِ وهي تضـع كفّها على صدرِها ، تتنفّسُ بحدةٍ وتغمـض عينيها بقوّة ، الوضع غير طبيعي! لما باتت تراه كثيرًا وإن كـان بصورةِ لمحـةٍ ترسـخ في عينيها ولا تغيبُ حتى تنام !!
نظـرت لها أرجوان بعد أن رفعَت رأسها عن الكتابِ باستنكار : شفيك؟ خلّصتي قز؟!
جيهان بقهرٍ من بينِ أسنانها : انطمي !
أرجوان تُميل فمها بسخرية : الحين ماسكة قلبك بسبب الوسيم اللي مع أبوي؟
رأيتُه ورأيت أوسـم الرجـال في عيني ! .. كانت تلك الإجابـة التي لامسَت شفاهها لكنّها لم تخضع للقول ، لا أحـد بالتأكيد سيأتِي أعلى مرتبةً منـه في عينيها ، في كلّ شيء !!! عضّت شفتها ، ومن ثمّ تحركت بهدوءٍ كي تُغـلق النافذة لكنّها قبـل ذلك تاكدَت من كونِه لم يعُد في الأسفـل، تخشى أن تتصادَم عيونهما فتنبثق الأشواق بملء ما تستطِيع !


،


تقلّب فوقَ السرير والصحوةُ تشارف أن تغزو عينيه ، فتحهما ببطءٍ وهو ينقلبُ على جانبِه الأيمـن ، مكثَ لثوانٍ قليلـةٍ قبل أن يرى أمامه بوضوحٍ وأوّل ما سقطَت عيناه كان على النافذةِ المتباعدةِ ستائرها ، عقدَ حاجبيه بنعاسٍ وهو يغمضُ عينيهِ مرارًا ويفتحهما ، كان الليـلُ يتحدّاهُ بسواده الحالك ... انتفـض جالسًا فجأةً وعينيهِ تتّسعـان، نام حتى هذهِ اللحظة دون أن يشعر !!! .. لم ينتظـر ثوانٍ حتى يقفَ بسرعةٍ ويتّجه للحمـام بينما هاتفه الذي كـان قد سقطَ من جيبِه في نومِه سقطَ الآن عن السرير حين نهـض بعجلـة ، دخـل للحمـام ليمسحَ وجهه ويتوضّأ ، خرجَ بعدَ وقتٍ قصيرٍ ليصلّي ما فاته وهو يستغفـر نومهُ عن الصلاةِ دون شعور ، مرّت دقائـقُ طويلة قبل أن يجلـس على السريرِ وهو يتنهّد بخمولٍ يزحفُ في جسدِه ويستحوذُ عليه .. تذكّر هاتفـه ليبحثَ عنه بعينيهِ على السرير، لم يجدهُ ليعقدَ حاجبيه وهو متأكدٌ من كونِه كان في جيبِه إلا أنه لم يشعُر بِه لذا بحثَ بأحداقه على الكومدينة ، سقطَت أنظـاره عليه على الأرض .. زفـر وهو ينحنِي إليه ويحمـله ، وجدهُ مغلقًا ليتمتم بضجر : كان فيك شويّة شحن !!!
لوى فمه بضيق، ومن ثمّ مدّ يدهُ ليأخذ الشاحن من على الكومدينةِ ويوصله، انتظـر قليلًا ليفتحـه ، وفي خلالِ لحظـاتٍ كانت عيناه تتّسعـانِ بصدمةٍ وهو يرى الكمّ الهائلَ من المكالمـاتِ وبعض الرسائل التي وصَلت إليه .. كلها كـانت من شاهين !!!
اتّجـه للرسائل ببهوتٍ ليفتـح آخـر رسالةٍ وصلَت إليه من بينِ أكوامٍ من شبيهاتها ليجدَ المكتوب فيها " الله يحفظك ، الله يحفظك "!! .. ضربَ جبينه وهو ينزل للأسفـل حتى وقعَت اصبعه على رسالةٍ سابقـةٍ أرسلها لهُ قبل صلاةِ العصر بوقت " طمّني أنت بخير؟ " .. فهمَ الآن لمَ نفدَ شحنُ هاتفِه رغمَ أنه بقيَ فيه القليل ، يبدو أنّه اتصـل بهِ حتى نفد !! .. كان يتّصل بِه منذُ ساعاتٍ طوالٍ والآن الساعـةُ تقتربُ من العاشرة!! ... اتّصل بِه مباشرةً وهو يدركُ جيدًا القلـق الي سكبـه في صدرِه ، كـان يقطّب جبينه بقلقٍ هو الآخر وهو يفكّر بحالتـه الآن .. لم تكتمـل رنّتين فقط حتى جاءه الردّ سريعًا بصوتٍ صارخٍ غاضب : أنت ويييييين ما ترد؟!!!
متعب بربكةٍ بعض الشيء : معليش والله .. كنت مخلي جوالي سايلنت وبعدين نمت شكله تقفل وقتها.
كـان شاهين قبل اتصاله هذا ينزلُ عتبـات الدرجِ وحين وصلَه الرنين ردّ مباشرةً وتوقّفَ في منتصفـه ، ارتعـش بانفعالٍ بعدَ كلمـاته تلك ، ومن ثمّ ودون شعورٍ كانت ساقاه قد فقدَت قوّتها ، ساعاتٌ مرّت وهو يتخيّل ماقد يكون حدَث له كي يتّصل بِه ولا يرد ومن ثمّ ينطفئ هاتفه فجأة! ساعاتٍ عاشها في صراعٍ وهو يتخيّل أن يفقده من جيدٍ بعدَ أن عـاد من الموت ... جلسَ على الدرجِ بهوان وكفّه الحاملـة للهاتِف ترتعـش، شدّ عليها وهو يشدُّ على أسنانه بغضب ، وبراحـة ، وباطمئنـانٍ لم يظهر وهو يلفظُ بحدةٍ غاضبـة : وين أصرفها ذي؟ تبي تجبرني يعني أرجعها وإلا شلون؟ تتوقّع بأسلوبك الحقير هذا بتريحني في النهاية؟ لمّا تشككني إنك متّ من جديد بتكسب؟ ما بتكسب إلا موتي!
متعب بهدوءٍ يحاول أن يُهدّئه : تعوذ من ابليس لا تكبّر الموضوع ...
قاطعـه شاهين بغضب : أكبـر الموضوع؟ أنت مستوعب إنه ما مر إلا كم يوم شلون تبيني أتقبّل سالفة تموت من جديد يا متعب وأنا باقي أتمنى ما أكون بحلم؟
متعب بتفهّم : آسف وحقك علي .. خلاص مرة ثانية ما بخليه سايلنت وبيكون قريب مني بس اهدا شوي.
مسـح شاهين على وجههِ وهو يحاولُ تهدئة قلبـه المنفعـل منذ وقتٍ طويل، تنفّسَ بعمقٍ وهو يمرّر لسانه على شفتيه الباهتتين ، ليلفظَ بعدَ لحظـاتٍ بصوتٍ لازال منفعلًا قليلًا : وينك؟
متعب بهدوء : في الفندق.
شاهين : تعشيت؟
متعب : لا.
وقفَ شاهين بقدمينِ خاملتين ، شعرَ أنه يشدُّ على عضلاتِه بقوّةٍ في وقوفِه ويُجهدها لكنّه قاومَ وهن جسدِه وهو يقف ويلفظ : بمرّك الحين ونطلع نتعشّى.
متعب يقطّب ملامح بضيق : لا مو بخاطري توني صاحي من النوم ومالي خلق.
شاهين باعتراض وهو يتحرّك نازلًا : متعب بــد . . . . * بصدمـة توقّف فجأةً مردفًا ببهوت * يمـــــــــه !!!
تجمّد جسدهُ بصدمةٍ وأنفاسه تعرقلَت بينما تصلّب جسدُ متعب من الجهةِ الأخـرى دون استيعاب، لفظَ بتساؤلٍ وشك : شفيها امي؟!
شاهين يفرجُ شفتيهِ بارتباكٍ وهو يرى نظرتها الغريبـة تلك : أ .. هذا ، هذا خويّي ... اسمه متـ ، متعب . .
نظـرت لهُ ببرود، لكنّه كـان يعرفها جيدًا ، كان يدركها أكثر من نفسِه، لذا لمـح نظرة الحزنِ تلك وهي تشيحُ بوجهها عنه وتبتعدُ دون أن تنبس بشيء !
زفـر شاهين وهو يغمـض عينيه، براحـةٍ وبدونها! تلك النظـرة المجروحة لسماعِها اسمه شعر أنها قتلته! عائد ، ابنكِ عائدٌ فانتظـري !
ابتسـم بلهفةٍ وهو يخطو نحو البـاب، يتلهّف لفرحتها التي سيمهّد لها قبلها كي لا تصدمها بدرجةٍ قد تقتلها ، يتلهفُ لأن تُعـاد الأيـام الخوالي ويجتمعوا ثلاثتهم في منزلٍ واحد . .
عقدَ حاجبيه فجأة ، هل يمكن أن يجتمعوا فعلًا ومن بينِ المعضلات واحدةٌ لم تحل؟!
زمّ شفتيهِ بضيقٍ وهو ينتبه لسؤال متعب القلق عن امه ، ليردّ بكآبة : لا تحاتي ، خفت من كونها سمعتني بس.


،


علّقت عباءتها ومن ثمّ تمطّت بإرهـاق ، تشعُر برغبـةٍ عارمـةٍ بالنوم، جسدُها واهِن ، أرادَت في تلك اللحظـة أن تستحمَّ قبـل أن تنـام لكنّها لم تستطِع سوى أن تبدّل ملابسها وتفرّش أسنانها ومن ثمّ تستلقي وهي تتناولُ الكريم المرطّب في اللحظـةِ التي كـان فيها أدهـم في الحمـام، خرجَ وهو يجفّف شعره ولا يرتدِي سوى بنطالِ بجامتـه ، في تلك اللحظـةِ كانت توزّع المرطّب على ساقِها اليُسرى وما إن شعرت بخروجهِ حتى أخفضَت بنطـال بجامتها بسرعةٍ وتوتّر ، تصنّع أنه لم يرَها حتى لا يُحرجها ، بينما كـانت إلين تُشتّت عينيها بربكةٍ لم تكُن فقط من ساقِها المكشوفة بل من مظهرهِ الذي أصبـح هو الدائـم حين خروجه من الحمـام ، لفظَت بصوتٍ لم تستطِع أن تُزيحَ عنه الخجلَ والغضب : لا تطلع لي كذا كم مرة أقولها لك وتعاند؟!!!
نظـر أدهم نحوها وقد بدأت توزع ما بقيَ من المرطّب على ذراعها من الربكـةِ دون أن تنظُر نحوه حتى ، أمـال فمه باستفزازٍ ليلفظَ محاولًا إغاظتها : قلتيها .. عناد ، أنتِ تذكرين فقرة اعترافاتِك بعيوبي وقلة ذوقي؟ من بينها هالشغلة، وأنا قرّرت أسوي كل شيء عكس ما تبين.
إلين بحنق : مُستفز !!!
أدهم بانتصـار : يسعدني اعترافك واستسلامك السريع .. عقبال الاستسلام من كل النواحي . .
إلين تنفخُ فمها بقهر : تبطي.
أدهم يرمي المنشفـةَ على أقربِ كرسيٍّ ومن ثمّ يمرّر أصابعه بين خصلاتِ شعرِه التي لازالت مبلّلةً بعض الشيء، اتّجـه للسريرِ حيثُ وضـع على أحدِ طرفيه قميصَ بجامته، وببرود : طبعًا هالشيء بيختلف حسب ظنّي مع النوم نفسه مع إنّي ما أحب أنام وأنا لابس القميص أحس تطلع الحرارة من راسي بس عشانك كله ولا تهونين.
إلين تنظُر للناحيـة الاخـرى، كانت تشعُر بالربكـةِ من شعورِها باقترابِه، لفظَت بتهكّمٍ وأصابعها تتلاعبُ بطرفِ قميصها الزهري : شكرًا على الذوق يا كذّاب ..
جلسَ أدهم على طرفِ السرير وهو يرتدِي قميصه ويلفظ بعتب : شدعوى ! ليه كذاب بس؟
إلين دون أن تنظُر له : هالغرفـة متى آخر مرّة غيرت أثاثها؟
ابتسـم : أول شيء ناظريني ترى لبست .. ثاني شيء تبين تغيرين فيها؟
نظـرت نحوهُ بتردد، وقعَت عينيها على عينيهِ الملتمعتينِ بمشاعِر صاخبـةٍ لتشتّت أحداقها مباشـرةً بربكـة ، وبكلماتٍ مُرتجفـة : لا بس أبي أعرف.
أدهم يُجاريها : لها أكثر من سنتين.
أمالت فمها بسخريةٍ وهي تعودُ لتنظُر نحوه : ما شاء الله؟ كيف كنت تنام بسرير مزدوج بروحك ما كنت تحس بإحساس إنك ممكن تثق فيه وتتقلب لين تطيح عالأرض؟
نظـر لها دون فهمٍ بادئ الأمـر ، لكنّه سرعـان ما انفجـر ضاحكًا بعدَ استيعابِه لما تقصد ، كانت تقصدُ كلماته لها في أولى أيامهما حين تعذّر برغبتـه في نومِها بجانِبـه مرةً .. لفظَ بنبرةٍ متسلّيةٍ من بين ضحكاته : كنتِ مخليتها بخاطرك من يوم جيتي؟ ليه ما قلتيها بوجهي من زمان !!
إلين بحنق : كذا ما جاء في بالي أقول بوجهك إنك كذاب وسامج ومالك داعي أبدًا إلا اليوم!!
أدهم بوداعـةٍ وملامحه تسترخِي : عاد كنت بس أبي مخدر والله !
إلين : يا مكثرها بالصيدليات وبكل مكان بس أنت قليل أدب هذا اللي فالح فيه.
أدهم : ااااخ يا قلّة الأدب محتاجها الحين والله !
احمرّت ملامحها لتتراجـع للخلفِ قليلًا وهي تفغـر فمها بخوفٍ من أن يكون يريدها الآن ! لم تردّ عليهِ وهي تغـرق في خوفِها الذي طغى على خجلها، بينما ابتسـم أدهم بلؤم ، وبرقّة : لا تخافين ما آكل ترى !
إلين بتوتر : الطفيليات تاكل البشر بمعنى الأكل؟
أدهم بتلاعبٍ وهو يقتربُ منها : ممم أنتِ وش تشوفين؟
تراجعَت للخلفِ وهي تلفظُ برعشـةٍ خافتـة : ما تآكل بس تأذي!
أدهم يرفعُ حاجبه الأيسر : الطفيلي اللي قدامـك يحبك هذا الفرق.
ابتلعَت ريقها بصعوبـة ، وبغصّة : لا عاد تقولها !
أدهم يُميل فمه : وليه إن شاء الله؟
إلين : لأنك كذاب.
أدهم بحنان : أقدر أغيّر كل هالنظـرة من عيونك الجميلة هذي.
إلين برفضٍ تهزُّ رأسها بالنفي : ما أبيك تغيّرها.
مدّ يديهِ ليُمسكَ معصميها ، حينها انتفضَت بصرخـةٍ مكتومـةٍ وحاولَت سحبهما برجفـة إلا أنه شدّها إليه وانحنى بوجههِ أخيرًا ليلامـس جبينها بشفتيه، شعـر بارتعـاشها الخائف ، كان يدرك خوفها من اقترابه والذي أظهرته لهُ منذُ أوّل ليلـةٍ في انفعـالٍ عنيف ، لازال يذكُر تلك الرجفـة التي صفعتـه بها وكأنها كانت على مشارِف موتٍ وهو القاتل! .. شدّ على معصميها وهو يقبّل جبينها مرةً بعدَ مرّة ، بينما همسَت هي برجفةٍ وخوف، بنبرةِ رجاء : لا تجبرني ... الله يخليك لا تجبرني عليك بهالطريقة !!
أدهم برقّةٍ وحنانٍ وأنفاسه الحـارةُ تشعر أنها أذابَت بشرتها : مستحييييل أسوّيها فيك ... تدلّلي يا أميرة ، تدلّلي وتغلي علي الدلال ما انخلق إلا لك ..
إلين بضعف وقلبها تشعر أنه يكادُ يخرجُ من أضلعها بعد أن يحطّمـها : لا تنام وأنت غاضب علي !
ابتسـم على براءةِ تفكيرها وهو يشدّها إلى صدرِه : أحد يزعل من نجلاءة العين؟
إلين بربكـةٍ وكأنها تستغلّ لحظـاتِ وداعتـه ورقّته بعيدًا عن صفـة العناد : ولا عاد تناديني بهالاسم .. لو تحبني جد ولي مكانة بقلبك لا توجعني فيه !!
ضحكَ بخفوتٍ وهو يحيطها بذراعيه ويضمّها لصدرِه، أسندَ ذقنـه على رأسها ومن ثمّ أغمضَ عينيه وهو يهمـس بحنان : أبشري ، ولو إنّي ما أحب إلا هو .. أحس فيه إنك لي وبس !
إلين وأنفاسها تخترقُ قميصه وتُصيبُ بشرته مباشـرةً في مقتل! يشعُر أن خلاياهُ تهترئ ما إن تصفعـه بحرارةِ كلمـاتها الباعثـة للحمم : الواقـع إنّي لك .. للأسف !
أدهم : ههههههههههههههههههه عطيتك وجه وتماديتي !!
أبعدَها عنه وهو يبتسـم ، وضـع كفّه على شعرها القصير ليداعبـه برقّةٍ ويُردف : يلا يا أميرتي نامي الحين .. بشوف لمتى بتخليني أصبر على تغلّيك ..
إلين تبتلعُ ريقها بحرجٍ وهي تُشيح وجهها دون رد، اتّسعت بسمتـه وحُمرةُ وجنتيها كانت كالزهرِ الذي دائمًا ما يراها فيه .. مرّر لسانه على شفتيه ، بينما اعتدَلت هي حتى ابتعدَت عنه بصمتٍ مضطرب ، ومن ثمّ سحبَت اللحـاف لتتمدّد أخيرًا وهي تُديره ظهرها ، محاولةً بتـر هذهِ الانفعالاتِ التي تكادُ تقتلها بالنوم!


،


قبـل ساعاتٍ طـوال ، وبفترة النهار . . . دخلَت للمنـزل بصمتٍ كئيب، كانت تسيرُ أمامه وعينيه تشعر أنها تخترقها كسهمٍ حـاد، ضمّت كفها اليُمنـى بالأخـرى ، وخطواتها تسارعَت رغمًا عنها بربكـة . . . يا الله لمَ عادَت؟ لمَ تعودُ للنقطـةِ ذاتها دون أن تتجاوزَه؟ هل هذا قدرها؟ أن تبقـى معلّقـةً بذنبها هنا؟ أن تبقَى تشدُّ الرحـال إليه ونيتها أن تشدّها عنه؟ بعيدًا ، بعيدًا جدًا ، كيفَ تعود قبل أن تبدأ رحلتها وتكتشفَ دائمًا .. أن الهدفَ واحدٌ وهو سلطان لا سواه!
لم تنظُر نحوه حتّى ، بينما كان هو يضعُ صندوقَ القطّة التي نسيتها في السيارةِ من اضطرابها ، فتحها ومن ثمّ ابتعدَ ليتركها بحرّيتها في حين انطلقَت هي مباشـرةً نحو المطبـخ وكأنها اعتادَت تواجد سالِي هنـاك . . اتّجهت غزل للدرجِ مباشـرة ، وما إن صعدَت عتبتين حتى كان صوته الصامت في مسيرةِ قدومهما يبزغ من حنجرته بنبرةٍ جامـدة : وين رايحـة؟ ورانا حكي ما خلص للحين.
توقّفت وهي تضعُ كفّها على " الدرابزين " وتشدّها باضطـراب، أخفضَت رأسها للأسفـل ، بينما كفّها الأخـر ترتفعُ لتفتح نقابها بهدوء ، دون صوتٍ ودون أن تحاولَ حتى مجرد المحاولة بالرد !
سلطـان يُردفُ بقسوة : الغريب في الموضوع إنّك تجرأتي وحكيتي لأمك عن الموضوع كامـل ... شلون قدرتي؟ يعني مو من حلو العلاقة !
غزل بغصّةٍ انتفـض صوتها أخيرًا بالرد : لا تجرحني بهالموضوع !
سلطان بحدّة : تدرين إنّه مو هذي نيتي ! هذا مجرّد واقـع.
استدارَت بطءٍ وهي تقوّس شفتيها للأسفـل : وهالواقع يجرحني !
سلطان بأمر : لا تبكين !
غزل وكأنها كانت تنتظـر أمـره ذاك حتى تنسكبَ دموعها، رفعَت كفيها ليسقطَ نقابها من إحداهما التي كانت تسترخِي في الفـراغ ، غطّت وجهها بهما ، وانتحبَت بخفوتٍ وصوتها المختنـق يأتيه منكسرًا بالحسرات ويختنق أكثر باصتدامه بكفوفها : ما أقـدر .. ما أقدر على غير البكاء !
تنهّد بصبر ، ومن ثمّ تحرّكت أقدامـه ليصعدَ الدرجاتِ الفاصلـة بينهما ، أخفضَت كفيها بسرعةٍ ما إن أدركت صوتَ خطواته المقتربةِ منها ، وقبـل أن تستوعبَ شيئًا شعرَت بنفسها معلّقةً في الهواء بذراعيه اللتين حملتاها ، اتّسعت عينيها الدامعتينِ ببهوت ، في حينِ تحرّك سلطـان للأعلـى ، متّجهًا لغرفتهما وعيناه تنظُران للأمام مباشرةً حتى دون أن تنخفضا إليها وهي بعكسِه تمامًا ، كـانت تنظُر لهُ من الأسفـل ، تنظُر بنظرةٍ متشوّشةٍ بالدمـع لذقنـه ، للظـاهر من وجهه ، تنظُر لتفاصيله التي تُشعرها بالانهزامِ أكثر .. أنها صغيرة! صغيرةٌ بشكلٍ حقيرٍ كي تحظى به!!
وصَل للغـرفة، أخفضها أمام البابِ كي يستطِيع فتحَه ، تحرّكت كي تبتعدَ قليلًا عنه وهي تمسحُ دموعها بظاهِر كفّها اليمنـى إلا أنه ما إن شعـر بها تبتعدُ حتى مدّ إحدى ذراعيه وطوّق بها خصرها ليلصقها بِه بحزم، عضّت شفتها بضعف، كـان يتحكّم بسيرها ، بحركتها ، يُسيّرها معـه إلى السرير ، وما إن وصـل حتى مدّ يديه إلى طرحتها ليفتحها ومن ثمّ يرميها بإهمـال ، وأخيرًا انزلقَت كفوفه ليمسّح بها على خديها الغارقتين بالدمـع ... كل ذلك، كان بصمت! وكـان بالملامح الغاضبـةِ ذاتها ، كان بعينيه الجامدتين ، بنظراته الحادة ، بشفتيه المُطبَقتين بقسوةٍ وجفـاء ، كلّ ذلك ، كان بحنان! حتى قبلتـه الأخيرة ، لعينيها اليُمنى ومن ثمّ اليسـرى ، ومن ثمّ صوته اللافـظ بنبرةٍ باردةٍ لا تعبيرَ فيها : فصخي عبايتك وبدلي ملابسك وانزلي وراي .. ويا ويلك يا غزل لو تمر عشر دقايق وما أشوفك !!

والآن ، كـانت تجلسُ بجانِبه على الأريكـة ، بعدَ ساعاتٍ أرغمها فيها أن تبتعدَ عن خلوتها في الغـرفة ، عن خلوتها مع الحزن ، مع أفكـارها السوداويـة ، أجبرها على الجلوسِ معه ، على العشـاء ، كـان لا يبتعدُ إلا لأجل الصلاة ومن ثمّ يعودُ وكأنه تفرّغ تمامًا لها !
لم تفهمه كما يجب ، لكنّها أدركت أنه تجاهـل ما فعلت بمحض إرادتـه ، وأنه بطريقةٍ ما ... لم يردها أن تبكِي أكثر! أن تفكّر أكثر، لذا منعها من البقـاء بمفردها في الغرفة.


،


في الصبـاح ، وضعَت كفها على جبينِ أمّها وملامـحها الشاحبـة كئيبـة ! شحوبها يُخبر النـاظرَ إليها كم من الإرهـاقِ تكابدَت طيلـة الليل الذي سهرَت فيه ، زمّت شفتيها بألمٍ وهي تمسحُ على جبينِ والدتها التي كانت تئنُّ بوجـع وتهمـس باسمـه بشكلٍ متقطّع .. يا الله! ما الذي حدثَ في ليلةٍ وضُحاها؟ ما الذي حدَث وكيف انقلبت حياتنا رأسًا على عقب؟!!
وضَعت رأسها على كفّها المُستريحةِ على جبينِ والدتها ، بينما صوتها المختنـق من ساعاتِ البكـاء يهمسُ بانكسـار : لا تروحين أنتِ بعد .. تكفيني يمه .. لا ترووووحين !!!
أنّت والدتها بضعف، وبخفوتٍ تناجي اسمه : سعد ! سعد وينه ؟!!!!!
لجين ترفـع رأسها لتسقطَ دموعها بحسرةٍ وهي تهمس : مشغول يمّه مشغول.
فتحَت والدها عينيها بضعفِ أجفانِها لتنظُر لها بتشويش، وبرجفـة : متى بيجي؟
لجين ودموعها تتساقط أكثر : قريب .. قريب . .
وبالرغمِ من كونِها كانت تنطقها بثقةٍ لمسـامع أمّها ، إلا أنها كانت تدرك في قرارةِ نفسها بأن ذلك لن يحدث! لن يعُـــود!!!


،


تنـاولت تفاحًا وهي تبتسـم بإشراقةٍ هذا الصبـاح، تشعُر أنّها سعيدة ، أنّها اليومَ بالرغـم من كونِ ما سبّب الحزن لها لم يعُد كما كان إلا أن شيئًا أضفـى لها السعادة الكُبرى اليوم . . حملَت السكّين لتقطّع التفاحـة وهي تدندنُ بسعادة، لم تكُن امّها قد استيقظت حتى الآن . .
نـافذة المطبخِ مشرّعـة ، يتسلّل منها ضوءُ الشمسِ بدفئه ، يُنعشها أكثر وهي تتناول الصحن الذي قطّعت فيه ومن ثمّ تجلسُ على كرسيّ الطاولـة وهي تتناولُ قطعةً كي تأكلها، بينما يدها اليُسرى كانت تمسحُ على بطنِها بحنـان ، لا تسعها السعادة ، سيأتيها طفـلٌ لم يبالي بِه والده! لا يهم ، لا يهم!! لن تعكّر صفو سعادتها هذا الصبـاح .. حسنًا ماذا ستسمّيه؟ . . ابتسمْت بسعادة ، لو كانت فتاةً ستسمّيها " راما " ، تحب هذا الاسم كثيرًا ، أما إن كـان صبيًا . . مممم . . بهتت ابتسامتها قليلًا، لكنّها لم تتلاشى ، قد يفكّر شاهين بأن يسميه على أخيه الراحل " متعـب "، وهي بالمقابل لن تمانع وسترحّب بتلك الفكرة ! . . لحظة، شاهين حتى لم يتّصل بها ويَشرح لها مقدار سعادته! بأيّ حقٍ تُهديه حقّ أن يسميه ؟!
كشّرت بملامحها بغيظ، ومن ثمّ همسْت بحنقٍ منه : ماله حق ... اللي يسوي بأمك كذا ماله حق يسميك حتى لو كان أبوك ... صح؟
ابتسمَت بانتصارٍ لأفكـارها ، ومن ثمّ تناولَت قطعةً أخرى وهي تَعِدُ الجنين بأن يصبح غذاؤها أفضـل لأجله، كـادت تُنهِي ما أمامها قبل أن يرنّ هاتفها الذي كـان بجانب الصحن، نظرت لهُ وهي تبتلع مافي فمها ، ومن ثمّ مدت يدها لتعقدَ حاجبيها ما إن رأت المتصل، لكنّها سرعـان ما شهقت بفرح ... فـــواز !! كانت تحاول أن تتّصل بِه البارحة ولم تجد منه ردًا، لم تستطِع حتى الآن اخباره ورفضت أن يكون ذلك برسالة !!
ردّت بدلالٍ وهي تلفظ : يا القاطع !!
ابتسمَ فوّاز من الجهةِ الأخـرى ببهوت : اشتقت لك !
أسيل بغنج : علينا؟!
فواز : قصدك إنّي كذاب؟
أسيل : مع مرتبـة الشرف، منت متّصل لله وراك شيء.
لم يستطِع أن يبتسم لما قالت حتى! بل كـان متجهّمًا بضيق، متجهّمًا بخسرانٍ وهو يلفظُ بخفوت : كنت بقولك شيء.
أسيل تضحك برقّة : شايف شلون أفهمك؟ حتى أنا بقولك شيء حلو .. بس بالأول قول وش عندك.
لم يبالي بما كانت ستقول! الآن هنالك ماهو أهم ، هنالك ماهو أهـم بكثيرٍ من كل شيء! يجب لها أن تعرف بعودةِ متعب، صمتُ شاهين حتى هذهِ اللحظة أمامها ربّمًا اعتمادًا عليه فهو ضعفَ بما فيه الكفاية مع متعب، لذا ترك لهُ إخبارها ، ترك له هذا الحمل الثقيل !!
عضّ شفتهُ بضيق ، بينما أمالت أسيل رأسها باستنكارٍ وهي تلفظ : وشو؟
فواز بخفوت : أسيل ... عرفتِي ليه شاهين تركك فجأة؟
عقدَت حاجبيها فجأةً وابتسامته تلاشَت ، ماذا يقصد بتلك النبرة؟ هل يعلـم هو السبب! هل .. هل أخبره شاهين ولم يخبرها هي قبلًا؟ لكن كيف يكون فواز بهذا الهدوءِ وهو يقولها بعد أن غادره الانفعال !!!
ابتلعَت ريقها بربكة، وبخفوتٍ متسائل : لا ... ليه تقولها وكأنّك تعرف؟
فواز بخفوت : لأنّي أعرف !
أسيل تشدُّ على الهاتفِ برعشـةِ كفيها انفعالًا، وبتساؤلٍ حاد : قوله .. يمكن يبرد قلبي وأعرف موقعي من الإعداب بكل هذا !!
فواز بحيرة : بتتحملين اللي بقوله؟
أسيل بتوجّس : فواز وش فيه؟ شاهين فيه شيء تعبان أو شيء من هالكلام ؟!!!!
فواز : لا ..
أسيل : أجل !!!
ابتلـع ريقه بربكـة، أغمـض عينيه وهو يدفـع الكلمـاتِ دفعًا، يدفعها حتى خرجَت إليها مختنقة، متوتّرة، تكادُ تغرقُ ولا يُسمـع مناجاتها : شاهين تركك ... لأن ، لأنّ متعب ... طلع حي ... ماهو ميّت، ماهو ميّت يا أسيل!!

.

.

.

انــتــهــى


ودمتم بخير / كَيــدْ !

 
 

 

عرض البوم صور كَيــدْ  
قديم 04-08-16, 12:10 PM   المشاركة رقم: 875
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
قارئة مميزة


البيانات
التسجيل: Sep 2010
العضوية: 190192
المشاركات: 574
الجنس أنثى
معدل التقييم: أبها عضو ذو تقييم عاليأبها عضو ذو تقييم عاليأبها عضو ذو تقييم عاليأبها عضو ذو تقييم عاليأبها عضو ذو تقييم عاليأبها عضو ذو تقييم عاليأبها عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 748

االدولة
البلدKuwait
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
أبها غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كَيــدْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي

 

شكرا كيد على الجزء ..

تطور العلاقة بين عبدالله وأدهم
ومن قبلها بينه وبين إلين أمر ملحوظ و طيب

أم سعد ولجين .. كان الله في عونكم ،

أم متعب .. يقولون قلب الأم دليلها ،، هل ستشعر
حقا بعودة متعب مع تغير شاهين في الآونة الأخيرة؟

فواز ..أخطأ في إخبار أسيل في تلك الفترة
عن عودة متعب .. دون أن يمهد لها الطريق
سيفجعها الخبر حتماً ..

شكرا كيد مرة أخرى ..بانتظار ابداعك 🌸

 
 

 

عرض البوم صور أبها  
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
ليلاس, لغز, أكشن, القدر, الكاتبة كيد, انتقام, يوسف, رواية رومانسية, سلطان, غموض, عانقت, قيود, كيد
facebook




جديد مواضيع قسم الروايات المغلقة
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t195238.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
Untitled document This thread Refback 02-10-16 06:32 AM


الساعة الآن 11:33 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية