لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > الروايات المغلقة
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

الروايات المغلقة الروايات المغلقة


 
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (1) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 21-07-16, 11:23 PM   المشاركة رقم: 856
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jun 2014
العضوية: 267722
المشاركات: 575
الجنس أنثى
معدل التقييم: كَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 947

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
كَيــدْ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كَيــدْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر

 



سلامٌ ورحمةٌ من اللهِ عليكم
صباحكم / مساءكم طاعـة ورضا من الرحمن
إن شاء الله تكونون بألف صحة وعافية ...


تأخيرْ إجباري والله :( ، انقطـع عندي النت فرحت أقضي الوقت بإضافة كم موقف وبدأت بالبارت اللي ورى ذا بعد :( :$ السموحة منكم ومن بنات الآسك - متأكدة بدخل الحين وألاقيه مشعلل - :p
.

كالعادة بنقول بالبارتز المهمة والمؤثرة " اقرأوا البارت حبّة حبّة " ، بيزعجكم اليوم شوي بسبب كم موقف بس امسكوا أعصابكم ولا تفجروني * الله يحفظني بس * :p

شكرًا لتواجدكم، شكرًا لكلماتكم الطيبة سواءً بالمتصفح أو خارجه، شكرًا للروايـة اللي جمعتنا .. إن شاء الله أكون دائمًا عند حسن ظنكم والله يكتب لي التوفيق والوصول للنهاية بسلام ويجعل هذهِ الرواية شاهدة لي لا علي :$$ ، وأحبكم وأحب لطفكم ()

بسم الله نبدأ ، قيود بلا أغلال عانقت القدر، بقلم : كَيــدْ !

لا تلهيكم عن العبادات


(77)*1



كـانت ملامحهُ باردة في اللحظـاتِ التي تلقّى فيها تلك الكلمـة، في بادئ الأمـر برقَت عينـاه بالصدمة وحسب، وسرعان ما انطفأت تلك الصدمة ليحلّ محلها ظلامٌ نشأ من أفكـارهِ المُعتمـة .. بينما غصّ صوتُها بعد أن قالتها له، بعد أن قالت " طلّقني " بلكنةٍ لا تجدها في قاموسِ الأحيـاءَ وكأنّها تموتُ لتلك الفكرةِ حتى قبل حلولها، احتكّت حنجرتها بالصمتِ واشتعلتْ بخيبةٍ وتحشرجٍ جعلها تصمتُ ولا تقول شيئًا آخر، تنتظرُ كلمـةً من فمِه، إجابـةً بكلمةٍ واحدةٍ لتحلّ الفكرة أخيرًا وتبتعدَ عن نطاق التفكير، تنتظرُ صوته الذي قد يكون بعد لحظتين .. سيفًا يبتر رأس جسدِها المعلّقِ في سمائه! . . . زمّت شفتيها بألمٍ وهي تضغطُ بكفّها على صدرِها بقوّة، تشعر أنّ قلبها يكادُ أن يخرج مُمزّقًا مهترئًا لا يسعهُ سوى الجفاف، متهدّلًا بانسكابِ الحزنِ فيه !
استغـرق الصمتُ بينهما حتى ابتلعتْها الربكـة، لم تكُن تنظُر إليه، لكنّها في النهـايةِ أدارتْ وجهها نحوه ببطءٍ متوجّس، مستنكرةً هذا الصمتَ الجـارف، حتى أنّه لم يغيّر اتجاه السيارة للعودة!! . . . سقطَت أنظـارها على ملامِحه التي تُضيء بأنوارِ الشارِع الذي يمتدُّ أمامهما كما امتدّ الصمت للا معـرفة ! .. ارتعشَت شفـاهها وتعابيرُ ملامحه التي غاصت في " اللا تعبير " جعلتْ صوتها يرتعشُ بربكتِه وهي تهمس : رجّعنـي ..
لم يردّ أيضًا، يباغتها بالصمتِ الذي يُضاعِف ربكتها وألمها، يباغتها بهذا الجمودِ الذي أشعل وجهه فلم تفهم هل هو يحترق ، أم مترمّدٌ بصمتِه وحسب! ... كرّرت بإصرارٍ واهِن : رجعني سلطـان .. خلاص أنا ما عاد أبي أظل معك.
صوتُها كـان يعبُر إلى أذنـه، لكنّه كان يشوّشه داخليًا ويتجـاهل لملمةَ الكلمـاتِ والاستجابـة لها حتى " بَرَدْ "، تراجعَ ظهرها للخلفِ بجزعٍ وكفها اليُمنى ترتعش، أدركت أنّه يتجاهلها، هذا التجاهل الذي يعني الرفض! هل تستطِيع الآن أن ترتاحَ وتفرح أم تحزن أكثر؟ تقلق أكثر وتستاءُ من نفسها أضعاف ما كـان! هل رفضُه يُسعِدها؟ لا .. لمَ تشعُر بالألـم لفكرةِ أن تبتعد، وكذلك بالبقاء!! كلاهما مؤلمـان، كلاهما يجرحانِها بأطرافِهما المسنّنة، لمَ لا تجدُ راحـةً ما بينَ ذاك وذاك ... ما الذي تريده بالضبط؟ ما الذي تريده؟ لا شيء! .. تريد فقط أن تتلاشى، أو تعودَ بالزمـن، وتغيّر كلّ ما كـان لتبدأ معه .. من جديد ، تريده هو، لكنْ في زمانٍ آخر، وفي وضعٍ آخر، وبشخصيّةٍ أخـرى .. وكلّما توغّلت بإدراكها ذا، تؤمن أنّ اليـأس أكبر منها ، وأنّ لا شيء سيحدثُ كما تتمنّى ! مجرّد أمنيـاتٍ مشوّشة، تسحقني لا أكثـر كلّما أدركت استحالتها، كيفَ أمضي معك؟ وكيف أتركك، وكلا الخيارينِ موجِع.
أغمضَت عينيها بقوّةٍ وهي تشدُّ على شفتها السُفلى بأسنانها، طـال الصمت حتى أنها تكـاد تسمعُ احتكـاك الإطاراتِ المتناورِ بالسّكةِ الخشنـة، هذهِ الخشونةُ لا تحتكُّ بإطاراتٍ سوداءَ معبّأةً بالهواء، بل تحتكّ بجسدي الذي امتلأ بفراغِ الخيبـاتِ والحزن وحتى الجراحُ لم تكُن يومًا منفذًا لتنسكبَ منّي.
توقّفت السيـارة بعدَ وقتٍ طـال، اقشعرّ جسدها، تشعُر ببردٍ ما، جعلها تضمُّ ذراعيها حولها وهي تترك للرجفـةِ أن تحتلّ شفاهها وأهدابها، سمعَت صوتَ بابِه يُفتح بصمتِه ذاتِه، صمتِه الذي يُغرقها في الظـلامِ أكثر، لم تفتحْ عينيها وهي تسمعُ البـابَ يُغلق، ومن ثمّ مرّت ثوانٍ قصيرة حتى سمعَت طرقًا على نافذتها، فتحَت عينيها ومن ثمّ تراجعت للخلفِ باضطرابٍ وهي تنظُر لوجههِ الجامِد خلفَ زجاجِ النافذة، كـانت حركته تلك حتى ينبّهها ويجعلها تبتعد، ومن ثمّ يفتح البـاب دون أن يتخلّى عن ملامِح صمتِه.
ابتلعَت ريقها بصعوبةٍ وهي تتراجـع للخلف، تنظُر لملامِحه بربكةٍ وهو يُشير لها بعينيهِ أن تنزل، حرّكت رأسها بالنفيِ بشكل فارغ، لا تدري ما الذي تفعله الآن بعد أن طلبَت منه ذاك الطلب وتجاهلها وها هو يعيدها حيثُ يرى أنّها يجب أن تكون، لم يكُن طلبًا! بل كـان حديثًا أقربَ للأمـر.
سلطـان ودون أن تتبدّل تعاليمُ وجهه اقتربَ منها حتى أدخل جزءً من جسدِه للسيارَة، شهقَت وهي تتشبّث بأظافرها على المقعد، لكنّها لم تكُن شيئًا أمـام أمواجِ كفّه التي كانت أعتى، أمسك عضدها بلمسةٍ رقيقةٍ كلمستِه المعتادة، أجفلَت، وأنّ صدرها رغمًا عنها أنينًا وصلَ إلى أذنه وهو يجتذبها بقوّةٍ صغيرة، لم يكُن قاسيًا معها، كـان كلطفِه المعتاد، لطفِه الذي ينجحُ دائمًا، لم يكُن قاسيًا بل جذبها إلى الخروج رغمًا عنها بطاقةٍ يمتلكها ولا تستطِيع أن تهزمها . . . أحاطَ كتفيها بإحدى ذراعيه وهو يمدُّ يده الأخرى ليأخذ حقيبتها ومن ثمّ يغلق بابَ السيارة، تحرّك بها رغمًا عنها والسيـارةُ تضيءُ علامـةَ الوصدِ من جهاز التحكّم الذي عانقه بكفّ ذراعِه المحيطةِ بها ... لا تحتمل، لا تحتملُ أبدًا كلّ هذا، دائمًا ما يجعلها تتعلّق بِه أكثـر، يجعلها تعشقه أكثـر بأبسطِ تفاصيله الرجوليّة الخشنة ، والرقيقة في آن! رقّةً لا تناسبه إلا هو .. لا تناسب رجلّا سواه .. إلهي كيف أقدِر على تخيّل يومٍ ما أنهضُ فيهِ ولا أجده؟!!!
وقفَ أمـام البـابِ ليُخرِجَ باليدِ التي تُمسك حقيبتها المفتاحَ من جيبِه ويفتحه، يدرك أن سالِي في هذهِ اللحظـاتِ ستكون نائمةً وتغلق بابَ غرفتها حذرًا منذ ما حدثَ قبل بضعةِ أشهر، دخـل وهو يحاصـرها لتجدَ نفسها مقيّدةً بِه بطريقةٍ ما، انسلّت ذراعـه عن كتفِها فجأة، شعرَت ببردٍ صقيعيٍّ لتمرّها الرعشـة بسرعةٍ خاطفـة قبل أن تسمع صوتَ البـابِ يُغلَق، نظَرت للأرضِ وهي تتنفّس بتحشرج، بينما استدار سلطان بهدوءٍ بعد إغلاقه للبـاب، وأخيـرًا جاء صوته محمّلًا بنبرةٍ لا تُقرأ، جـاء بجملةٍ في صيغةِ سؤالٍ بارد : ممكن أفهم الحين المناسبـة ورى طلبك الوقح ذا؟!
ارتعشَت أهدابها لتخفقَ بأجفانها في صورةِ اضطراب، ضمّت كفيها لبعضهما البعض وهي تنظُر للأسفل، بينما وقفَ سلطـان بجانبها مباشرةً، قابلَ جانبها بصدرِه، وضـع الحقيبةَ ببرودٍ على الأرضِ وهو يردف بجمود : عطيني سبب مقنع ، أما أسلوب الأمر اللي من شوي ما يمشي معي ... ماني على كيفك !
تحرّكت أقدامها خطوتين مضطربتينِ لتبتعِد، بينما تابعها بعينينِ لا تفصحـان عن أيّ تعبير، مُكملًا بنبرةٍ حازمة : فصخي نقابك وواجهيني.
غزل وحلقها تشعر أنّه يلتوي ويتشنّج ليبقى على التوائه دون أن يستقيم، لفظَت بصوتٍ مرتعش : محنا بحرب.
سلطان ببرود : ومحنا بلعبـة تخضع لمزاجك!
غزل برعشـة شفتيها التي لم تَظهر من خلفِ نقابها : مزاجي؟
سلطان بجمود : كنتِ مختارة نكمّل مع بعـض .. والحين اخترتي العكس من وين ما أدري! بس لمجرّد إنك غيرتي رأيك بعد ما ساء لك الوضع!!
تراجعَت خطوةً أكثـر تُظهرُ ضعفها، بينما عينيها تلتمعـانِ بحزنٍ مريرٍ وهي تهمسُ بغصّة : من قبلها لما ساء الوضع عندك غيّرت الشروط والقواعد وكل شيء !
سلطـان ويفهم جيدًا ما تقصد، ردّ ببرودٍ حازم : قبل شهور كانت الشروط والقواعد على قولتك مبنيّة منك .. مو أنا اللي اخترتها عشان أمشي عليها وما أنقضها.
غزل بغصّة : تظل قواعد!
سلطـان بحدّةٍ يمنـع نفسه من الغضبِ تجاه موضوعٍ أمرها ألّا تكرره أمامه : هشّة! بعيوني صارت هشّة !! .. أي غباء أو طموح وقح اللي تؤمنين فيه بيخليك تظنين للحظة إنّي بتركك تعيشين على مزاجِك وأنتِ اخترتِ تلعبين بحسبتي ! إنّي بستمر على شروطك بعد ما عرفت أهدافك من هالزواج أصلًا !!
وصلتها الإجابـة، تلك الجملـة وحدها كانت تكفي لترى المستقبل عن كثب، وصلتها الإجابـة لتغرقَ في رعشـةٍ عنيفةٍ وهي تتراجـعُ بتعثّرٍ أمامه. كـانت أمّها صادقةً ولم تُخطئ، لن يسامح كما أنّه لن يتركها! لن يتركها أبدًا .. المشكلة ليست في أن يتركها أو لا، فهي تتمنّى بملء حياتِها أن تبقى قربه، لكنّ سلطـان .. وكما قالت أمّها، سيحتقرها كما فعـل قبلًا، سيؤذي مشاعرها بالتأكيد، وسينتقم لتلاعبها به !!
ظهر على عينيها هذهِ المرّة اليأس دون أمـل، قطعَها اليأس من أيّ فكرةِ أملٍ وسلطـان الآن يُجيبها على سؤالٍ لم تُلقِه عليه، " هل تسامحني لأنني خدعتك "؟ هل يسامح؟ بالتأكيد لا، قالها، قالها بكل وضوحٍ الآن وأخبرها بما كانت تخافـه . . . شعَرت بجسدِها يذبُل، بحنجرتها عادَت تئنُّ لتشعر أن التهاباتٍ حارقـةٍ غلّفت أنينها الموبوءَ بإجابته، كيفَ عسايَ الآن أستقيم وأنت أريتني مستقبلِي معك من بؤرةِ كلماتِك؟ كيفَ أخضـع لقولكَ الآن وأشعر أنّني أنتهي من جديد، لآلاف المرّات ها أنا أجرب الموت اليوم يا سلطـان، لآلافِ المرّات وعفويّتك بالردّ على شيءٍ مضـى جعل المستقبـل كلّه يغشوه الظـلام . .
عقدَ حاجبيهِ وهو يرى رعشتها الغريبـة، عينيها الظاهرتين لهُ عبر النقاب، يغلّفهما حزن، حزنٌ عميق، حزنٌ أعمـق من أيّ وقتٍ مضى وكأنها تفقدُ شخصًا ما ، شخصًا عزيزًا على قلبها أو أنّه - الحياة - لها، . . . تحرّكت أقدامه ليكسرَ الخطواتِ التي كانت بينهما، الخطواتِ التي اختلقتها قبل ثوانٍ وعادَت تخلقها بشهقةٍ مهتزّةٍ وهي تراهُ يقتربُ منها، لكنّه وأد بقيّة ابتعادها حين مدّ يدهُ بإصرارٍ ليجذبها إليهِ من عضدها وتصطدمَ بجسدِه، رفـع كفّه الأخرى لينزع نقابها بهدوء، ومن ثمّ ثبّت أنظاره على عينيها الناظرتينِ إليه بخسارةٍ ما، ليلفظَ بخفوتٍ متسائل : يعني أفهم الحين إن الوضع فعلًا صار سيء عندك عشان تطلبين الطلاق؟
لا يكاد يقتنـع، لن يقتنع أصلًا وهي التي كانت تشتكِي خوفها من أن ينبذها يومًا، فما الذي تغيّر حين كانت عند أمّها؟ ما الذي تغيّر وما الذي حدث؟!! ... أشـاحت وجهها عنه لا تريد أن تقابـل عينيهِ بعد أن أجاب على مخاوفها بما يخيفها، لا تريد النظر إليه لتفضـح بكاء قلبها النازف أمامه، لا تريده أن يرى خيبتها ويرى حزنها، لا تريده أن يدرك شيئًا من انتهائها !
سلطان يُمسك ذقنها كي يرغمها على النظـر إليه، نطق : تعرفين تتصرفين مثل الأطفـال بس لمّا يتعلق الموضوع بكلام بين اثنين عاقلين لا !
غزل وشفتيها المضطربتينِ تُضاعف من موقفها الضعيفِ أمامه : ما تصرّفت زي الأطفـال .. بس .. بس هذا . . هذا اللي أبيه !
سلطان : بالأول تعلمي شلون تقولينها وأنتِ واثقة من اللي تبينه.
فغـرت فمها بصدمة، لكنّها سرعانْ ما ابتلعت ريقها لتهمسَ بغصّة : تلعثمي ما يعني إني مو واثقة من اللي أبيه !
سلطان بجمود : بالنسبة لي لا.
غزل بحدةٍ ترفـع كفّها لتُمسك بمعصمِه، تحاول أن تجعله يتركُ ذقنها وهي تلفظُ بعدائيةٍ حادة : طلقنـي.
سلطان يشدُّ وجهها نحوهُ ومقاومتها لا تأتي بفائدة : عطيني سبب مقنع بالأول.
غزل بقهر : كذا خلاص أبي أتطلـق .. ما أبي أظل معك وبس !
سلطان يبتسم بسخرية : ما تتصرفين مثل الأطفـال أجل؟! . . . وش صار عند امّك؟ لا شكلي جد بحرّم تشوفينها.
لم تتوقّع أن يُباغتها بهذا السؤال، تفاجأت لتُصيبها تأتأةٌ جارفـة ومن ثم تصمُت بخيبةٍ واستياءٍ وهي تُشتّت عينيها في الزوايا المُظلمـة، اتّسعت ابتسامتـه الساخرة، قبل أن يلفظَ بوعيد : ناوية على نفسها هالأم، هالمرة قرّرت تخرب بيتك.
غزل تُوجّه أحداقها إليه بسرعةٍ ومن ثمّ تُبعدها عنه وهي تهمسُ بنبرةٍ متداعيـةٍ مهتزّة : ماهو بيتي.
سلطان بلذعةِ صوتِه يسخر من أسلوبها الضعيفِ في الحديث : بالله؟ طيب ممكن نعرف يكون بيت مين؟!!
غزل بحرج : بيتك.
سلطان بجمود : ومين تكون زوجتي؟
أخرسها هذهِ المرّة، وجدّت نفسها تقبضُ كفيها وهي تُخفضُ أنظـارها للأسفل، تسقُط أحداقها على أقدامـه بينما صوتُه الخافتُ يصلها بسخريةٍ تتفاقم : لو فيك شويّة إصرار مثل ما توضّحين لي أقل شيء قولي زوجة من بعدي ! بس منتِ متخيّلة هالشيء . . . لا تسكتين لأنّك قاعدة تثبتين لي إنّ طلب الطلاق ما جاء من اقتنـاع تام منك، فيه شيء مضطرّك له وأظن أعرفه.
غزل بنبرةٍ ميّتة : سؤالك ما كان له داعي.
سلطان : يواكب أسلوبك الطفولي، عشان كذا بس.
ابتلعّت ريقها، أسدلَت أجفانها ومقلتيها تغصّانِ في دمعٍ انفجـر، لم يغلّف صفيحةَ عينيها بعد، لم يفعل حتى الآن شيئًا سوى أنّه مسّ مقلتيها بحرارتِه التي تُذيبها، جمّدت أحداقها على نقطةٍ واحدة/أقدامـه التي تكـادُ تتلاشى في الظلام، كفّه التي تقبِض على ذقنها لم تكُن كافيةً سوى لتثبّت وجهها إليه بينما عينيها تزيغان للأسفـل .. حاولَت أن تنطقها الآن بثباتٍ رغمَ إدراكها أنّها لن تستطِيع، حاولت أن تكرّر العزمَ في إجابتها، لكنّ صوتها اختنـق، خانها ولم يُساندها : مالنا حياة مع بعض.
سلطان يُجاريها : مين يقوله؟
غزل ترفع عينيها هذهِ المرّةَ إليه لتبتسِم بحسرة : أنـا ... وكل الماضي.
سلطان : ما يهمني !
غزل بصوتٍ يغصُّ في الأسى أكثـر وهي تدرك أنّ فهمـه لحديثها يقتصـر على الأمور الواضحـة لعينيه، الماضي المنحصر في خداعها الأول له، ومن ثمّ الاغتصاب بظنّه : أنا يهمني ، ما أقـدر أتأقلم معه.
تركَ ذقنها أخيرًا، حرّرها أو ظنّت ذلك، لكنّها ما إن تراجعَت نصفَ خطوةٍ حتى شعرَت بذراعه تُحيطُ خصرها فجأة، شهقَت ما إن ألصقَ ظهرها بالجدارِ القريبِ منهما، بينما وضعَ كفّه على فمها يكتمُ شهقتها، وعينيه تُضيئـانِ بلمعـةٍ في الظـلامِ الواهي، يلفُظ بصوتٍ واثِق : ومين قال أبيك تتأقلمين معه؟
أمسكَت كفّه وحلقها يتشنّج، أخفضتها عن فمها بينما همسَ سلطـان بخفوتٍ موضّح : أبيك تتجاوزينه .. معي ... لأنّي هالمرة أنا اللي أبيك.
اتّسعَت عيناها بصدمـةٍ من كلمـاتِه، شعرَت بقلبها يتوقّف للحظـة، بينما لم يُمهلها خمسَ ثوانٍ حتى تستوعِبَ معنـى ما قال، قطـع سلسلـة أفكـارها التي لم تنعقِد بعد بقبلةٍ ناعمـةٍ لشفتيها، تفاقمَت الصدمـة فيها أكثر، وهذهِ المرّة قلبها عـاد لينبض، بقوّةٍ أشــد. شعرت بالأدرينالين يندفـع في جسدِها وهي تُحيطُ عنقه بكفيها، يستجيبُ له جسدها رغمًا عنها، رغمًا عن عقلها وعن قناعاتِها وعمّا تريد، في هذهِ اللحظـة انحلّت قليلًا عن قرارها، لتعيشَ قبلته التي جاءت من فقـر قبلاتِه وقحطها، تعيشها ، من حقّها أيضًا أن تنعـم بالقليل، بالقليـل فقط قبل أن تكسَب وثيقة الابتعـاد، من حقّي أن أعيش فيما بعدُ على القليلِ من الذكريـات، كأحاديثِ الشفاهِ التي لا تنتهي، الصوتُ والقبلات، لا تكفيني لكنّها ستجعلنِي فيما بعد أقتادُ على الصبـر من بعدِك .. أدرك أنّ لا بقـاءَ لي هنا، من بعدِ تصريحك خاصّةً لا بقـاءَ لي .. وها أنا الآن أستجيبُ لك بملءِ شغفي ، لأنّ يومًا مـا سيأتي .. لا تُشرق فيه الشمسُ عليّ عبر عينيك.


،


يضعُ معطفـه القطنيَّ الأسـود على كتِفه بشكلٍ فوضوي، شعره الأجعد ظهر أكثر حدّةً للعيـان، عيناه جامدتـانِ لا تنمّانِ عن شيءٍ وهو يزفُر بضجرٍ ويتّجه للدرج، قميصهُ مُشعثٌ يُظهر أكتافـه القويّة، صعـدَ أولى عتبـاتِ الدرجِ ليتوقّف فجأةً ما إن أقبلَت إلين مندفعـةً لكنّها توقّفت ما إن رأته . . رمقها بجمودٍ بينما عيناها تتّسعان بحقدٍ وهي تراه أمامها في هذهِ الساعـة، لم تستطِع أن تمنـع نفسها من أن تضـع كفيها على خصرها في صورةِ هجومٍ مباشرة وتلفظَ من بينِ أسنانها بقهر : أخيرًا شرّفت؟
أدهم يُشيح وجهه وهو يميل فمه بضجر، تحرّك كي يتجاوزها وهو يهتف بنبرةٍ باردة : مو وقتك الحين.
إلين تستدير بعد أن تجاوزها لتمدّ يدها فجأةً وتقبضَ على عضدِه، لفظَت بعدائية : لا والله؟ بعد ما نقعتني بالمطبخ ساعة وما رجعت؟ * أردفت بقهر * الحين بسخّن لك الغداء وتآكله .. مو شغلي.
لم يستطِع أن يمنـع نفسه من ضحكةٍ عميقةٍ غرِقَ فيها، في خضمِ ضيقه تغسلـه بضحكةٍ لم يكن يريدها الآن لكنّها استطاعَت أن تخلقها فيهِ قسرًا .. استدارَ لتُخفض كفّها عن عضده، لكنّه سارعَ بإمساكها وهو ينطق بضحكة : تبيني أتغدّى بهالوقت؟
إلين بقهرٍ وكفّها التي ترتخِي في قبضتِه لم تحاول سحبها : ليه تقولي اطبخي لي شيء وتمشي؟ فوق كذا تصارخ بوجهي بوقاحة بعد !
أدهم يعضُ شفته ليَئِد بسمته : معليش ، بس من جدك تبيني أثقل على معدتي الحين؟
إلين ترفع حاجبها : تستاهل .. غصب عنّك تاكله الحين وقفتي ما تروح ببلاش.
أدهم : ههههههههههههه محد يغصبني ترى بس هالمرة عشان عيونك.
إلين باستياءٍ تُخفِي بِه إحراجها : طيب شرّف.
أدهم وهو يصعد ضاحكًا : الله يصبرني بس أبدل ملابسي وأجيك.
دخـل الغرفـة وهو يبتسمُ ويهزُّ رأسه بالنفي، تظنُّ أنّ القوة في وقاحةِ حديثها أو صوتها معه وأنها بذلك تظهر أمامه امرأةً ذات بأس .. فتـح الخزانـةَ وابتسامتـه تلتوِي، وبخفوتٍ همَس : الحمدلله وأنا شفت طفولتها قدام عيني يعني ما فاتتني * لينفجـر ضاحكًا بمزاجٍ " زان " *


،


اشتدّ ظـلامُ الليل، كـان كمَن انزوى في زقاقٍ مـا، غابَ ضوءٌ خافتٌ جـاءَ من حيثُ نقصـانِ القمر، أسنـدَ ظهرهُ لظهرِ المقعدِ وهو يبتسمُ ابتسامـةً لم يبتسِمها منذُ زمنٍ طويل، ابتسامةً لا تظهـر إلا معه هو من بينِ كلّ البشـر ...
هذا اليومُ استثنائي، لن ينسـاه، أبدًا! سيُخلّد لدى ذاكرة الأيـامِ الجميلةِ لديه، الأيـام التي شعر فيها أنّ روحًا تنبعثُ في جسدِه، روحًا غير روحِه هو ، فالبشـر لا يعيشون بروحٍ واحدة، يحملون أرواح من هم لهم حياةً أخرى. هكذا يرى الأرواح بالنسبـة له، إن أحبّ شخصًا فروحه تكون في جسدِه وإن مـات! ماتَ جزءٌ منه مُحـالٌ أن يعود، لكنّه يـا للعجبِ عـاد! عـادَ حين عادَ الميّت من مسمّى الممـات.
استدارَ ينظُر لمتعب الذي كـان يقودُ السيارة، يبتسـم، لا يستطِيع سوى أن يبتسم اليوم ويتجـاهل أيّ شيءٍ قد يعكّر صفو هذهِ الفـرحة ... نظـر لهُ متعب نظرةً خاطفـة، ومن ثمّ ابتسمَ رغمًا عنه وهو يعودُ لينظُر للطريق، لافظًا : بطّل هالنظرات .. طفّشتني.
شاهين يمطُّ فمه باستياء : توني لفيت أناظرك.
متعب : قبل ساعة نفس الجملة.
شاهين : قلتها قبل ساعة ، يعني قبل وقت طوييييييييل بالنسبة لفكرة مُستحيلة ، معجزة !
متعب بابتسامة : بديت أستحي.
شاهين : هههههههههههههههههههه اللهم إني أسالك من خيرها وخير ما جبلتها عليه وأعوذ بك من شرّها وشر ما جبلتها عليه.
متعب بحنق : شكلك مشتهي أبدّل خريطة وجهك.
شاهين يغرق في ضحكاته : وش أستحي ذي طيّب؟ تستاهل.
متعب : والله إنت اللي شوف وضعك نظراتك ذي ما تطمّن.
شاهين : وصخ وش تقصد؟!
متعب يضحك : أعوذ بالله من غضب الله.
شاهين : والله إنّي قايلها أوروبا خرّبت تفكيرك يبي لك إعادة تأهيل.
متعب : يا شيييخ أمزح والله من حقك يعني ميّت تخاف يكون قرينه جالس جنبك أو تتوهّم.
شاهين بابتسامة : أبد .. أجمل شيء إنّي ما أتوهم .. بس للحين مو قادر أصدّق قدام أكثر من سنتين .. كم يوم ما يخلوني أستوعب زين.
متعب : أنا يوم واحد يكفيني عشان أستوعب إنّي كنت عايِش بكذبة ، قدام هالسنين اللي ما اعتبرها شيء !
شاهين يرفعُ حاجبه : ترى كنت بتذبحني أنت والمعفن ذاك ..
ابتسـم متعب وهو ينظُر للطريقِ أمامه والسيّاراتِ التي تُضيء بنورٍ زائف : أكثر من شيء سويناه حدّد؟
شاهين باستياء : لك وجه تقولها بعد؟
متعب : ههههههههههههه وش أسوي .. وتراني اعتذرت وقلت لا تسامحني أنت اللي رفضت ، مالك حق تعاتب الحين.
شاهين : لا عاد الموت ما نسامحك عليه ..
متعب وقد أدرك قصده الآن، مرّر لسانه على شفتيهِ دون أن يفقد ابتسامته، وبخفوت : قالّي أدهم إنّه شكلك تعبان بشيء يومتها * كتم ضحكته ليُردف * ماهو ذنبي إذا فاجأناك وش يدريني؟
شاهين يضيّق عينيهِ بحنق : فاجأناك؟ قول صدمناك صعقناك ذبحناك.
متعب : ههههههههههههههههههه لا حاقد والله .. لا عاد تسوي فيها المثالي وتقول لا تعتذر ومدري وشو، صفّى قلبك من الحين.
شاهين يبتسم : تدري إنّه صافي من جهتك .. أقصى حقدي عليك يكون بسبب عصيري اللي أخذته قبل سنين بعد ما حطيته بالثلاجة.
متعب : مستواك الفكاهي في تدنّي ترى.
شاهين : للحين ما تجامل؟
متعب يهزُّ رأسه بالنفي : ما أعرف وأنت أدرى.
شاهين : ثقيلٌ قال صفني قلتُ ما فيك أصف . . .
متعب يقاطعه وهو يضحك : كل ما فيك ثقيلٌ خفّ عني وانصرف.
شاهين : تستاهل هالبيت والله ... أففف مو راضي تمشي لي من هنا * يُشير لحنجرته *
متعب باستفزاز : عاجبني الوضع .. إن شاء الله طول عمري ناشب لك هنا . . .
أردفَ وقد تبدّلت ملامح صوتِه فجأة : بسألك ..
شاهين يعقدُ حاجبيه وهو يوجّه نظراته نحوه بتوجّس، يخشى نقطـةً ما، سيصلان إليها عاجلًا أم آجلًا وتنقشـعَ تضاريسُ السعادة، ففي النهاية هناك الكثير ، الكثير الذي لن يمكنهما تجاهله للأبد ... بينما مرّر متعب لسانه على شفتيه وأحداقه تُظلـم للحظـةٍ بعد أن غابَت الأضواءُ المنكسرةُ عليها، ومن ثمّ عادَت لتُضيء وتمرّ على شفتيه اللتين تحركتا بكلماتٍ هادئةٍ ظاهريًا : تقدِر تتّصل على أمي الحين .. خاطري .. خاطري أسمع صوتها . . . اشتقت له.
تجمّد للحظـة، وعينـاهُ تضيقان، بينما ابتسامـةُ أسى ترتسمُ على فمِه وهو يدرك الفقد الذي عاشَه والحنينَ الذي يوجعه، همسَ بخفوتٍ متشتّت : أبشر.
متعبْ وعلى شفاهِه تظهر أطيـافُ بسمةٍ متلاشيـة، دار بسيارةِ شاهين التي يقودها بعيدًا عن الإشارة التي كانت خضراء، أوقفها على جانِب الطريق، ومن ثمّ استدارَ بكـاملِ جسدِه لتظهر لهفـةٌ عظيمةٌ على ملامحه، لم يفقد تلك الابتسامة، الشغوفـة والحزينة في آن، التحم الاثنينِ فيها فباتت شفّافةً متداعيـةً وقبضتيه يشدّهما ليُخفي رعشةَ انفعـاله، تنفّس بسرعةٍ مضطربةٍ وهو يهمسُ بصوتٍ أقربَ للرجـاء : بتحيي فيني جانب ثاني ..
شاهين بابتسامةٍ يتناولُ هاتفه الذي كان يستريحُ بينَ مقعديهما : ما أظن نايمة بهالوقت.
متعب بشوق : إذا على خبري فأدري.
شاهين يتّصل بِها، لم ينتظِر أكثر وهو يقرأ الشغف الذي اكتسـى صوته ليوجعـه، لم يتخيّل هو أن يسمعها الآن، يكـادُ يموتُ لسماعِ صوتها، انتظـر سنين، أشهرًا وأيامًا وهو يتلهّف للحظـةٍ كهذه، لذا فالأسطرُ تتلاشـى/تُمحى فلا يستطِيع تسطيرَ تعبيرٍ واحدٍ على شفتيه، على قلبه، لا يستطيع أن يصفَ مقدار الانفعـال الذي يكادُ يطيحُ بِه الآن شوقًا، كم نفقَت روحه قبلًا، أو كادت تنفق، وهو يدرك أنّه لا يحييها سواهم ، وإن كـان سبب الموت الأوّل شاهين، فها هي جزءٌ من روحهِ عادَت بعد أن تداعَت، والآن يريد أن يتصبّر بها، بصوتٍ أو رائحة، بأيّ شيءٍ من تفاصيلها.
أبعَد شاهين الهاتف عن أذنه وهو يفتح " السبيكر " كي يصله صوتُ الرنينِ المتواتِر دون أن يتوقّف، استمرّ وجسدُ متعب ينشدُّ لصوته، لن يتحدّث، سيهزمُ شغفهُ ويئِدُ صوته من أن ينطـق لها " ام متعب " بنبرةٍ لا تطالها أنّةٌ توجِع صدرها، سيقاومُ الأمواجَ التي تخبُّ فيهِ وإخبابُ بحرِ شوقِه قاتـل، سيقاومُ كلّ ذلك حتى لا يفجعها كما أفجع شاهين من قبلها وهو لا يدري، فإن كان شاهين احتمـل فهي لن تستطِيع، سيصرعها ... آه! كيفَ يقدر على المقاومـةِ بعد كلّ تلك السنين؟ كيف!
طـال الرنينُ حتى انقطـع، عقدَ شاهين حاجبيهِ ومعه متعب الذي لم تتلاشى لهفته وهو يلفظ : مرّة ثانية .. شكله بعيد عنها أو ما انتبهت له.
تحرّكت إبهامُ شاهين بربكةٍ كي يعيد الاتصـال، زفـر زفرةً حارّة، وقد أدرك في قرارةِ نفسه أنّها انتبهت لاتّصـالِه لكنّها تجاهلته، لازالت غاضبـةٌ منه، لازالت مستاءة، وربّما لو كرّر الاتصـال أكثر من مرّةٍ لردّت بصوتٍ منفعـل .. كي يدرك متعب في النهاية غضبها، وبالتأكيدِ سببه ! . . . انتظـر حتى انتهى الرنين، ومن ثمّ ابتلعَ ريقه وهو يضعُ الهاتفَ جانبًا لينظُر لمتعب بأسى وهو يبتسم ابتسامةً مهتزة : شكلها نايمة .. هالفترة قاعدة تخبّص بنومها ترى.
استرخَت ملامح متعب فجأةً بإحباط، بينما مرّر شاهين طرف لسانه على شفتيه، لا يريده أن يُـثار هذا الموضوع الآن، أن يُذكـر اسمها ، لا يريد أنْ ينفكّ هذا الجرح وينزف في لحظـاتٍ كهذه، أن يبدأ موضوع أسيل بالبزوغ، وهو حتى لم يرتوي من عودتـه .. يدرك أنّ كلاهما يتجاهل لبعض الوقت، يتناسـى أنّ امرأةً بينهما لأنهما مشتاقان، لأنهما يريدان أن يكرّرا أيامهما السابقـة، وكأنّ شيئًا لم يتغيّر، لا يريدان الوجع الآن وبؤرةً أو ثغـرةً أو شرخًا في علاقتهما ! .. بالرغم من كونِ هذا الشرخِ متواجد، يا للأسى! متواجدٌ مهما حدَث وإن تجاهلا أو تصنّعا أن لا شيء قائم، هذا الشرخُ خفيٌّ حتى هذهِ اللحظـة، هذا الشرخُ نبَت، ولن ينقطـع مهما حاولوا، أبدًا !
استدارَ متعب وهو يتأفّف، أسندَ مرفقهُ على فخذِه ليضع خدّه أخيرًا على كفّه وهو يلفظُ بحنق : حظّي معفّن.
شاهين بابتسامةٍ مصطنعـة : لاحق عليها.
متعب ينظُر إليه نظراتٍ قاتمـة، لينطق بنبرةٍ ساخـرة : متى؟ هذا هو السؤال، متى ينتهي كل شيء وأحضنها !
شاهين : الحين أهم شيء إنّك بخير ورجعت الرياض .. كل شيء بعدين يتسهّل.
أعادَ ظهرهُ للخلفِ وهو يُخفضُ كفّه عن خدّه، أسندَهُ ليغمضَ عينيهِ ويهتفُ بنبرةٍ ضائعـة : طفشت من هالوضع.
شاهين يصمتُ لبعضِ الوقت، ينظُر لأنوارِ لافتـةِ المطعـم الذي وقفوا قريبًا منه، قبل أن يبتسم ويلفظ بشفافية : وقفتك مخالفة ، غيّر الموقف.
متعب يعتدِل ليبدأ بتحريك السيّارة دون أن ينبس ببنت شفـة، بينما أردف شاهين بتساؤلٍ هادئٍ وهو لا ينظر نحوه، بل لازال ينظُر للطريق، يبحثُ في مكنوناتِ ما حدَث، منذ البدايـة يريد التفاصيل التي توجعه هو أيضًا، أن يشاركه المعاناة : شلون عشت بباريس؟
متعب بملامحَ جامـدة، لم ينظُر إليه وهو يردُّ بنبرةٍ تائهةٍ يصحّح له : شلون متّ.
شاهين يعقدُ حاجبيهِ وقد شعر بأحشائهِ تكتوي، همسَ مكرّرًا بخفوت : شلون متّ بباريس؟
متعب يبتسمُ بسخريةٍ لاذعـة : عادي ، كنت أقطّ نفسي بأي شغل وأعيش.
شاهين بانزعاجٍ نظـر إليه : تدري إنّي ما أقصد هالجواب !
متعب بضيقٍ وملامحه تتعجّن بكفوفِ الذكريات : ما أبي أذكر الموضوع .. لا تسألني.
شاهين باعتراضٍ حادٍ بعض الشيء : أنا أبي أعرف.
متعب : وأنا ما أبيك تعرف .. فاحترامًا لي ابلع لسانك وانسى الموضوع.
شاهين بذهولٍ من حدّةِ صوتِه المفاجئة : بيضرّك بأيش؟ تكلم يا رجّال وريح عمرك شوي ، شوي وأحلف إنّك ما حكيت لأحد عن كل شيء صار من البداية لهالوقت ، وإلا كان أدهم درى باللي صار لك قبل سفرتك وسببها.
أوقفَ متعب السيّارةَ في إحدى المواقف، أدارَ رأسه إليهِ دون أن يترك المقود، وبنبرةٍ غاضبـةٍ بشكلٍ مُفاجئ وكأنّ الأسئلةَ المتعلّقـةَ بهذا الجزء من حياتِه تغضبه : لا تحاتي .. حكيت ، سبق وحكيت لعسكري اليوم عشان أقايضْ دلائل عن براءتك.
رفـع شاهين رأسه للأعلى قليلًا وهو يزفر، أغمـض عينيهِ وصدرهُ يرتفعُ بنفسٍ عميق، يُهذّب صوته، وكلماته، ومشاعره التي صخبَت : لا تحكي عشان تقايض، أو عشان معلومات يحتاجها أحد ... احكي عشان تشارك غيرك وترتاح.
متعب بضيقٍ يكره أن يكون ضعيفًا إلى هذا الحد : مرتاح .. لا تحاتيني.
شاهين يعضُّ شفته السُفلى، يكادُ يجنُّ من تصنّعه، لكنّ غضبه لم ينعكس على صوتِه الذي هتف بهدوءٍ ظاهريّ : كونك عرفت إنّ مالي يد بالموضوع، وكونك ضحكت وسولفت معي ما يعني إنّك مرتاح.
متعب : هذا مفهوم الراحـة عندي.
شاهين يبتسمُ بأسى وهو يدير رأسه دون أن يبعده عن ظهرِ المعقدِ الذي يستندُ عليه، نظر لوجههِ الذي يوجّهه للأمـام، ليلفظَ أخيرًا : مفهوم ثُلث الراحة ، الثلث الثاني أمّي .. والثالث والأهم تقولي بكل شيء.
متعب بصوتٍ حادٍ رغمَ خفوته، يشدُّ على قبضتيه بانفعـال : لا تعصّبني ..
شاهين يمدُّ يده نحو البابِ كي يفتحه وهو يلفُظ بابتسامة : معصّب وانتهى الموضوع أدري فيك.
فتحَ الباب ليردف وهو ينزل : انزل عشان نتعشى .. وبطلّع منك الكلام بعدين.
زفـر متعب بيأسٍ وهو يمدُّ يده للبـاب، وينزلُ من الجهةِ الأخـرى.


،


في وقتٍ سـابق ، سابقٍ لأوانِ الانفجـارات، الابتعـادِ عن البرود – للحظاتٍ متشتّتة -.. مزيجٌ من العتمـة، والكثيرِ من بهاراتِ الجمود، السكون، النظـراتِ الباردة .. تنظُر لوجهه المكبّل ببسمـةٍ مـا، ربّما ابتسامةُ أسى، أو سخريةٍ من نفسه، من وضعهما، من أمرٍ مـا ، أو ربما كانت ابتسامةَ " اللا شيء " .. لم تتعرفْ على تلك البسمـة من كلّ ابتساماتِه التي تعرّف عليها قلبها قبلًا وبعضها باغتها فيها بخداعِه.
أمـالت فمها دون أن تنبُس ببنت شفة، بينما استدار إليها سيفْ بِدهـاليزِ الغربـةِ في شفاهِه، بتلك الابتسامةِ وبعنفوانِ العتب، وهو يلفظُ بخفوتٍ متسائلٍ بينما الدفتـر المُصفرُّ بجفافِ الخريفِ لازال قابعًا بسكونِ ألوانِه في يديه، والحبرُ الأسودُ اغتـال أسطره : يعني الحين أنتِ تحاولين تبنين في نفسك الشخصية الشرقية؟
ديمـا تنظُر لعينيهِ ببرود، شفتيها الجامدتانِ تباعدَت عنها رقّةُ المظهـر " عفويًا " حين تفغر فمها بربكةٍ في قُربه، ما إن تراه أمامها حتى تبهتُ كصبيّةٍ في بداياتِ الشغف، تبهتُ وكأنّها تحاول أن تصدّق أنّ هذا هو رجُلها، تراه كتمثالٍ إغريقيّ، أو ربّما سمـاء، تمتدّ، تمتدُّ بروعتها ولا تنتهي أبدًا.
كلّ ذلك كـان قبلَ أشهـر، والآن كلّه غـادر، ولم يتبقّى سوى جمودِ شفتيها/ملامحها/قلبها من بينِ أضلعها. أردفَت الجمود إلى صوتِها، لتهتفَ بنبرةٍ خافتـةٍ تداعـى فيها كلّ شيء عدا السخرية بحلّةٍ رقيقة : الكبرياء.
ابتسمَ دون تعبير، ومن ثمّ أعـاد نظراته للدفتـر، لتتّسع ابتسامته بشكلٍ تلقائي، ويهمسَ بحيرة : بالوقت هذا ! من قبل يعني ما فكّرتي بهالجانب الشرقي على قولتك؟
ديما تلمُّ شفتيها بتعبيرٍ باهتٍ عن الملل من هذا الحديث : صحينا.
سيف بسخريةٍ يرفعُ أنظارهُ نحوها : وحجّتك حملك؟ بكذا أنتِ ضعيفة وبس إذا بالنسبة لِك هذا هو اللي كـان لازم يخليك أقوى.
ديما بصوتٍ رقيقٍ أسعفـه الزيف : كـان تكدّس.
سيف يضـع الدفتر على الطـاولة، مسح على سطحِها وكانه يمسـح أثار الغبار (كلماتِها) التي تناثرَت في خضمِ كتابتها، يمسحُ أحجياتِ عينيها التي انسكبَت وهي تشرحُ حقدها، وحبها، وكل التجانساتِ المتناقضـة، يمسحُ المشاعر التي تساقطَت وهي تحاول أن تجعلها ثابتة ، فقط على الورق.
تحرّكت خطواتُه ليقتربَ منها ووجههُ هذهِ المرّةِ كـان أكثر جمودًا حتى من وجهها، ربّما لم يعُد يريد أن يصبر الصبـر بمعناهُ المعتـاد، يريد الصبـر ، لكنْ بطريقته، بطريقة سيف الذي يجعلها تنفجـر، بركانًا مليئًا بالحب، وحتى الحقد، والشغف وكلّ شيء! بطريقةِ سيف، الذي عشقته قبلًا .. يريدها بركانًا منفجرًا بكلّ مشاعرها، وليسَ خاملًا ، ليحترقَ هو أسفله.
وقفَ أمامها مباشـرة، أخفضَ وجههُ إلى وجهها المرتفـع يثقةٍ وكبريـاءٍ أعمـى، مرّر شفتيه على لسانِه، وهو يحفرُ نظراتهِ في عينيها، ليهمسَ أخيرًا وأمواجُ أحداقها تعصفُ بأهدابِها المنعكفـة، أمواجُها التي لا يراها، تجعلها خفيّة ، وهو لا يريد هذا الخفاء ، لم يعد يريد أن يصبر إلا على انفجـار : وأنا طفشت.
ديما ببرودٍ يلتوِي بها شفتيها : شيء متوقع لإنسان تعوّد على السمع والطـاعة.
سيف يتحلّى بالبرودِ كمـا تفعـل : صح!
ديما : لا عاد تمثّل الصبر يا حبيبي ، أنا صرت مثل ما تبي ، بسمعك وأطيعك ، وأنت كون بطبيعتك ... ما أظن الحب يمنعك ، ماهو من البداية عجز يمنعك؟!!
سيف وصدرهُ يذبُل باستفزازِها له رغمًا عنه، هتفَ من بينِ أسنانِه : بكون على طبيعتي .. يا حبيبتي.
ديما تتراجـع للخلفِ برفق : كذا تصير الحياة أحلى .. ملّيت من تمثيلك .. تقدِر ترجع مرتَك مثل ما تبي وتقدر ...
قاطعها سيف بجمود : طليقتي.
ديما تهزُّ رأسها بالإيجاب : طليقتك .. رجّعها عشان ولدك ترى ما يهمني ...
ابتسمَ بسخريـة ، وسرعـان ما انفجـر ضاحكًا ولم يستطِع منع نفسه، مدّ يده نحوه وهو يراها تنظُر لهُ بجمودِها ذاته، طوّق خصرها بذراعه، ومن ثمّ جذبها إليه لتصطدمَ بصدره، بينما يلفظُ صوتُه بتحدّي : ما يهمك؟ مثّلي إني ما أهمك يا ديما بكل شيء إلا بهالنقطة .. إلا بهالنقطة ..
ديما تبتسمُ ببرود : لا تكون واثق كذا.
قرّب وجههُ من وجهها، لتستقرّ شفاهُه أخيرًا على وجنتها، برقّةٍ قبّلها ليودِع إلى بشرتها تكذيبهُ لها، وتصديقه لرعشةٍ سرَت في جسدها ، الحقيقة التي تُظهرها ملامحها وجسدها حين يكون قريبًا منها ، هُنـا فقط .. تَصْدُق، وفي بقيّة التعبيراتِ اللسانية تكون كاذبـة، التعبيرُ الوحيد الذي كـان يدرك من خلاله أنها لازالت تحبّه ، مهما كـانت جامدةً وباردةً معه، ومن خلاله لازال ينتظر بأمل .. إلا انّه الآن فقدَ صبر الانتظـار، ويريد أن يبادر بآخر، بطريقته القديمة نفسها.
ضمّها إليه، ومن ثمّ لامـس بشفاهِه أذنها، هامسًا بخفوت : ودامك الحين تمشين عالسمـع والطاعة ، فأنتِ بتريحيني من شقـى كثير .. أوله رفضك لقراري الجديد! . . . * أردف بعد ثانيتينِ من الصمت * قبل بدايـة العام الدراسي الجديد .. احرصي إنّك تكونين ربّة بيت ... ربّة بيت وبس !
لم يفتْهُ تصلّب جسدها بصدمـة ، لم تكُن غبيّةً حتى لا تفهم قصده، لم تكن ساذجـةً حتى لا تنتفضَ مبتعدَةً عنه بحدّةٍ بعد أن دفعتـه عنها .. نظـرت لوجهه بصدمةٍ غاضبـة ، لتلفظَ ببهوتٍ غير مصدّق : ماني تاركة شغلي !
ابتسم ، كـانت ابتسامته باردةً لعينيها، لكنَها كـانت من وراءِ قنـاع البرود – منتصرة -، أوّل انفجـار، أوّل أسلوبٍ حادٍّ اشتـاقه، إن كـانت تركته بسببِ سيف القديم ، فستعودُ إليه من جديد .. كما هي، بديما ذاتها، وعن طريقِ سيف القديم ذاته!
ردّ عليها ببرودٍ وهو يرى شفتيها ترتعشان من انفعـالٍ بدأ يجري على جسدها من الرفضِ الغاضِب : عاد هذا اللي أبيه .. ومنتِ معارضة زوجك وإلا؟!
ارتعشَت كفوفها بصدمـة، واتّسعت عيناها أكثر وهي تفغر فمها ، لا يمكن ! ظنّت أنه قد تجاوزَ هذا منذُ زمنٍ بعيد، ولن يتجرّأ في يومٍ ما على التطرّق إليه مهما كـان قاسيًا ومهما عاد لطبعِه السابق ، ففي النهاية هو رضي بالأمر على مضض ، في الوقتِ ذاته الذي كـان فيه ببرودِه وقسوتِه.
صرخَت ولم تستطِع أن تقاومَ لحظةَ انفعالٍ وقهرٍ من قرارهِ الذي عاودَ يريد أن يضطهدها بِه كما كان سابقًا : ولا تحلم حتى بهالشيء!!! أنا حتى ما كنت مكمّلة سنة .. أي وقاحة تظن فيها إنّي بسمع لسخافاتك !
سيفْ يُميل فمه ببرودٍ وهو يرمقها بنظرةٍ متعاليـة : بتسمعين رضيتي أو لا، إذا كنت قبل سكتّ فهو بمزاجي ، والحين مزاجي رجـع وبغى إنّك تظلين ببيتك وتكونين زوجـة وأم وبس ... يا مـــــــيّ.
ارتعشَت بغرابـةٍ في بادئ الأمـر، شتّت عينيها باستنكـارٍ لهذا الاسم الغريب .. الغريب ! ... شهقَت بصدمةٍ فجأة وهي ترفـع كفّها إلى فمها، توسّعت عينيها حتى كـادَت محاجرها أن تلفظَ أحداقها دون تصديق ... هذا الاسم عاد! كيف؟ كيف؟! ... تقدّم إليها الاستيعـابُ شيئًا فشيئًا ، سيفْ الآن عادَ يريد أن يخنقها في هذا البيت، ألّا تعمـل .. كما أنّه عـادَ يناديها بالاسم القديم .. أو اللقبِ بالمعنـى الأصح !
عضّت شفتها ، وفي لحظةٍ خاطفـة، كـانت ديما التي ولّدت فيها الكبرياءَ الرقيقَ السابق والذي كـان يرفضُ هذا الاسم بعد استسلاماتٍ كثيرة تنهض، بعدَ مضيٍّ زمـنٍ منه ، لتستفيق في بادئ الأمـر ، وتتمرّد بعملها ، ومن ثمّ يتلاشى الاسم فجأةً، دون سابقِ إنذارٍ ربّما لأنها كـانت أقوى وقتها، وأرغمته بطريقةٍ غيرِ مباشـرة على الاحترام.
في لحظةٍ خاطفـة، انتفضَت حواسها، لترمقـه باحتقـار، وتتشنّج شفاهها بتمرّد ، لافظـةً بحنق : تخسي.
أمـال فمه بحدّة، نظراته الباردةِ كـانت تخفي تيّاراتِ الرضا ، الانتصـار بطريقةٍ لم يتوقّعها قبل الآن ، كيف لم يخطر على بالهِ أنّها لن تعودَ إلا بسيفَ القديم .. لن تعودَ إلا بهذهِ الطريقة .. أن تنفجـر بينهما تحدّيات ، أن يكون الباردَ المتعالي، وهي المدرّعـةُ بالتمرّد، المسلّحةِ بالحرّيةِ التي تريد .. والفرق الذي سيكون ، أنّهما كلاهما، يحبّان بعضهما ويدركان أيضًا .. فهذِ المرّة سينعكس كلّ شيء بشكلٍ إيجابي ، بعكسِ المرّةِ السابقة.
تحرّك مقتربًا منها، بينما رفعَت هي ذقنها بعلياء وهي ترمـقه بالاحتقـارِ ذاته، وقفَ ملتصقًا بِها، لم تكُن تفصل بينهما سوى خطوتينِ خلقتها هي حين تراجعت بصدمةٍ للخلفِ بعد أن دفعته، مرّر أحداقـه على تقاسيمِ وجهها الناعمـة، ومن ثمّ رفـع كفّه أخيرًا، ليقبضَ على ذقنها، ويرفع وجهها أكثر، لافظًا ببرودٍ أطلـق أنفاسه كزفـراتِ الجحيم الساخن ، مُذيبًا بشرتها وصاهرًا لخلاياها الباردة : شويّة احترام يا زوجتي العزيزة .. لا ، أبي كثير منه ، وهذا أمـر مني ، مرّة ثانية لو تقلّين أدبك صدّقيني ما بتشوفيني هادي مثل الحين.
عضّت شفتها بحقد، قبل أن يُغطّي نظراتها فجأةً بجلدِه الأسمـر، لم تعُد ترى شيئًا سوى جزءٍ من أنفـه وخدّه لقبلةٍ داعَبت أرنبـة أنفها الصغير، انتفـض وجهها مبتعدًا عنه بنفور، بينما أحـاطَ سيف كتفها وهو يلفظُ بابتسامةٍ باردة ويمشي لتمشِي معه قسرًا وملامحها لازالت باهتةً لا تصدّق الانقلابِ المُفاجئ الذي حدَث : تعالِي .. نسيت أورّيك مفاجئتي الخفيفة.


يُتبــع ..

 
 

 

عرض البوم صور كَيــدْ  
قديم 21-07-16, 11:27 PM   المشاركة رقم: 857
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jun 2014
العضوية: 267722
المشاركات: 575
الجنس أنثى
معدل التقييم: كَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 947

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
كَيــدْ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كَيــدْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر

 




،


أعـادَ ظهرهُ للخلفِ وهو يزفُر زفـرةً طويلة، لم يعتَد قبلًا أن يأكل في وقتٍ كهذا وغالبًا ما يكون عشاءه بحدودِ التاسعـة أو قبلها، نظـر لها وهي تقعدُ في مقعدٍ منفردٍ بعدَ أن أنهَت تنظيفَ الصحون، وضعَت ساقًا على أخرى وملامحها قد استرخَت وكأنّها في الحقيقةِ لم يُغضبها صراخـه في وجهها بحجمِ أنّه طلبَ منها أن تطبخ له شيئًا ومن ثم " سحَب عليها "، فهي كما يبدو قد اعتادَت تراشـق الكلمـاتِ العنيفةِ والنبرةَ الحـاد بينهما بعد أن تبنّتها قبله.
أمـالَ فمه وهو يلوِي ساقيه على بعضهما ويمدّهما فوقَ الطاولـةِ البيضاويّةِ بفوضويّة، لافظًا بصوتٍ كـانت ملامحُ العبثِ فيه غيرَ واضحـة : جيبي لي مويا.
نظـرت لهُ باستغراب : تقولي أنا؟
أدهم بسخرية : لا للجدار اللي وراك ، أجل لمين؟
لوَت إلين فمها بضيقٍ وهي تُخفض ساقها وتمرّر أحداقها على ساقيه بضجر، وبعناد : معليش مشغولة أدور لي على شيء أتسلّى فيه .. المويا ما يحتاج طبخ يجهلون فيه الرجال أمثالك أنت والمتخلفين.
رفـع حاجبه الأيسر، وقبل أن يردّ كانت هي تسترسل بوقاحة : وبعدين مو من الذوق ترفع سيقانك ذي على الطاولة كذا .. استغفر الله أنا ربي وش بلاني فيه ؟!!!
أدهم يبتسمُ وعينيه تُضيئان بمكر، نطـق باستفزاز : وأيش الأشياء الثانية اللي أسويها وما تعتبر من الذوق؟
ضيّقت عينيها وكأنها تتذكّر الأمور السخيّةَ بهمجيّةٍ كـانت تراها عليه، أمـالت فمها ومعه رأسها قليلًا، ودون أن تنظُر إليه كانت ترفعُ كفّها وتعدُّ بأصابعها بنبرةٍ متقزّزة : أول شيء ، دايم تطلع وتتركني بروحي وكأني أثاث عندك .. ثاني شيء * نظرت إليه بقهرٍ قبل أن تردف * أوقات تطلع من الحمـام من غير لا تغطّي صدرك .. قليل أدب . . .
كـاد يضحك في تلك اللحظـة، لكنّه تصنّع الجمودَ وهو يعدّل من ساقيه فوق الطـاولة، بينما عينيه تراقب شفتيها وهما تنفرجـانِ بشكلٍ يسحره، تحرّكهما لتتبايـن درجـاتِ وضوحِ الوشمِ الصغير بجانبهما، مُكمـلةً بحنق : ثالث شيء ، أسلوبك في اللبس ماهو عاجبني ... طول عمري أقول بتزوج لي واحد رزّة يكشخ بالثوب والغترة كثير بس أنت طفّشتني بملابسك.
أدهم يرفعُ حاجبيه وهو يردّ بتهكمٍ دون أن يرفع أنظـاره عن نعومةِ شفتيها : الحين هذا له دخل بالذوق العام يا الذكية؟
إلين تلوِي فمها قبل أن ترد ببساطة : لا بس ذوقك بعد ما يعجبني.
أدهم بسخرية : كملي بس كملي يمكن أتعدّل على يدك.
إلين تُكمل دون أن تبـالي بسخريته : رابعًا . . .
قاطعت كلمـاتها بصمتٍ مُفاجئٍ ما إن انتبهتْ لنظراته التي لم يرفعها أبدًا عن نقطـةٍ واحدة، اكتسَت الدمـاءُ ملامحها، ودون أن تشعر وجدَت نفسها ترفعُ كفّها لتغطّي فمها وهي تلفظُ بعصبيّة : الرابعـة يا وصخ نظراتك المعفنة هذي ... لا تقعد تناظر فمي كذا !
رفـع أدهم نظراته ببطءٍ إلى عينيها وهو يكتـمُ ضحكته، يحبّ استفزازها، يحبّ أن يراها تحادثه وتتكلّم بتفاوتِ مزاجيّتها، كـان يكره النفور الذي يراهُ كثيرًا حتى في محادثاتهما العابــرة، لكنّها الآن بدأت تسترسلُ في محادثاتٍ حادّةٍ كالعادة، ضجرة، تزيدها فتنـة، لكنّها محادثاتٌ تتخللُها حميميّةٌ مـا، وليسَت محض مواضيع يتناولها الغربـاءُ بينَ بعضهم .. محادثاتهما أصبحَت أكثر خصوصيّة، بينَ اثنين علاقتهما ليسَت مجرّد علاقـةٍ عابـرة، لذا هو يستمتع، يحبّها حتى وإن أغضبته.
أدهم بخفوتٍ بـارد، أبعدَ ما يكون عن البرود، لكنّه أراد في هذهِ اللحظـة أن يستفزّها أكثر : وش أبي بفمّك الموبوء بوقاحتك ذي ... نظرتي خاصّة لعنصر أنثوي فاتن .. ماهو لعنصر حيوي من ضمن الجهاز الهضمي وبس.
فهمَت إيحاءه، وتضاعفَت حمرةُ ملامحها لتضغطَ على شفتيها بكفّها قبل أن يكون بأسنانِها وهي تُدخلها للداخـل في صورةِ دفـاعٍ عنهما من هذهِ النظرات، منذ البدايـة لم تقصدْ مصطلـح " الفم " وتدرك أنّه فهمَ ما أرادته من قولِها، لكنّه تصنّع الغبـاء ليُحرجها وحسب. هتفت بصوتٍ يختنقُ بإحراجها وكفّها بعد أن يصطدم بِه : وقح!
أدهم بشفافيّةٍ فقدَت بسمتها التي كـان يُعتمها قبل أن تُضيء : مُغريـة ، بس الله كريم.
أشاحَت وجهها وهي تُغمضُ عينيها، وكمـا كان الخجلُ يشتعل فيها كـان الغضبُ أضعافًا لأنه ينجح بإضعافها بأن يسلك هذا الجانب الذي من الطبيعيّ أن تكون فيه متقوقعةً وليسَ كمثلـه، فهو رجلٌ في النهايـة.
زفـر زفـرةً طويلـةً متكاسلَة وهو يفرقع أصابع يديه، ومن ثمّ صلبَ ظهرهُ لينطق بكلماتٍ متباطئة : خلصتي تعدادك صح؟
لم تردّ عليه ولم تنظُر لهُ حتى، ليبتسم رغمًا عنه، وخجلها يُشعرهُ باللذة .. لكنّه أخفى مشاعره يسترسل في الحديث : أولًا ، إذا تقولين إنّ طلعتي الدايمة وتركي لك بروحك بالبيت مستفز ، وإنّك مثل الأثاث عندي ... فمن اليوم أنتِ والجدار واحد.
اتّسعَت عينيها بصدمـة، لم تستطِع أن تمنـع نفسها من توجيه نظراتها إليه وهي تخفض كفها عن فمها الذي فغرته غير مستوعبـة ما قال، بينما أردف أدهم ببرودٍ مستفزٍّ غير مبالي بنظرتها تلك : ثانيًا ... ممممم أطلع من الحمام بدون ما أغطي صدري؟
بدأت تهزُّ رأسها بالنفي بصدمة، وقد فهمَت تمامًا ما كـان يرمي إليه منذ البدايـة بأن طلب منها تعدادَ ما يستفزّها فيه .. العناد! فقط العنـادُ كي يستفزها أكثر كما تعانده دائمًا .. لكنّ أدهم لم يهتمّ بهزّها لرأسها، كتمَ ضحكته وهو يتقدّم بجسدِه للأمـام حتى يتحرّر من المساحـةِ الضيّقة، ومن ثمّ أخفضَ كفيهِ ليُمسك بطرفِ " تيشرته " ويرفعه أخيرًا مع قميصِه الداخليّ في لحظةِ اعتلاءِ شهقتها المصدومة، خلعه لتصرخَ رغمًا عنها وهي تُشيح وجهها جانبًا وتُغمضَ عينيها بغضب : وقــــــــــــــــــــــــــــــح ، وقـــــح وتعدّيت الوقاحة بمراحـل. الله ياخذني الله ياخذني أنا وش سوّيت بنفسي يوم وافقت على واحد حمـــار وهمجي مثلك أنا وش سوّيت بنفسي !!!!
هذهِ المرّة انفجـر ضاحكًا، لم يستطِع أن يكتم ضحكاتِه التي كـان يتحفّظ عن إبرازها منذُ البداية، غـرق فيها وهو يحاول أن يكمـل بقيّة ملاحظاتها ويعمـل بالعكسِ منها، لكنّه لم يستطِع، في حين لم تنتظر هي أكثـر وترى ما يضاعف غضبها، إذ وقفَت بحدّةٍ وهي تريدُ أن تذهبَ إليه وتضربه لكنّ إحراجها غلبَ إرادتها فاختـارتْ أخيرًا أن تهروِل وتصعَد تاركةً لـ " همجيته " أن تكون بعيدةً عنها وشتائمها لا تتوقّف حتى تلاشى صوتُها عن أذنيه.


،


دخـل منزله متأخرًا، كـان يهرب، يهربُ منه إلى أقصـى بقاعِ الريـاض، يهربُ بانفعالاتِه، بغضبِه، بقهرهِ والحرقـة التي تكادُ تفتكُ بِه ، يهربُ من المنـزل ومن أخته! وكأنّه خشيَ في لحظةٍ أن يهدرَ انفعالاتَه عليها، وهو داخليًا، يدرك أنّ أخته أنقى من أن تتساهـل في أمرٍ كهذا . . كيفَ وصلت الصورة لإبراهيم؟ صديقه - السابق - والذي يدرك أنّه دنيءٌ كفايـةً كي لا تسقطَ من ذاكرتِه ملامح امرأةٍ فاتنة ! .. لكنّ أخته طفلـة، طفلةً لم تتخطّى أعتاب المراهقةِ بعد، إلا أن نضجَها الأنثوي لا يوحِي بذلك، فكيفَ يستطِيع الآنَ جعله يمحي صورتها من عقله؟ أن يمنعه من تذكّر ملامحها بشكلٍ عابـر، من التفكير بها!!
احترقَ وهو يخطو على عتباتِ الدرجِ الثلاث، كيفَ وصلت الصورة ليديه؟ هذا هو السؤال الذي سيقلّبه على صفيحةٍ ساخنـةٍ اليوم، لن يستطِيع النوم، حرقـةً، غضبًا، وخوفًا على أخته ! . . زفـر وهو يتّجه لغـرفته، المنزل المتواضـع يغرقُ في الظـلام والهدوء، حمدَ ربّه لذلك فهو لا يريد أن يصطدمَ بأحدٍ الآن وتحديدًا هي. وصَل لبـابِ غرفته، وفي تلك اللحظـةِ ذاتها كـان صوتٌ ناعمٌ يصلُ مسامعه ليغمـض عينيه فجأةً بخوف، نعم خـاف عليها الآن منه!
أختـه بهدوءٍ ناعم، لا شيء يمرُّ كمـا يريد حتى في أبســط الأشياء كعدمِ التقائه بها : رجعت؟
نظـر لأقدامـه بصمت، بينما اقتربَت منه بعد أن كـانت واقفـةً عند بابِ غرفتها وهي تردفُ بحب : وش عندك تتسحّب مثل الحرامية؟ على بالك ما راح أحس فيك مثل كل مرة؟
سعد بهدوءٍ أقرب للرجـاء : ارجعي غرفتك لجين.
لجين تقفُ خلفه مباشرة، وضعَت كفيها على خصرها وهي تقطّب جبينها بدلال : شدعوى يا حلو ليه هالصوت المعصب؟
ابتسم رغمًا عنه، من بينِ الضغوطـاتِ يبتسم، رغمَ كونه الآن توقّع ألا يستطِيع ذلك أبدًا .. استدار على عقبيه ليقابلها بجسدِه بينما لفظَت بنعومتها الهادئةِ المعتادة : اليوم تأخرت كثير ، معقولة لهالوقت تشتغل؟
سعد باختنـاق، يشعر كم أنّه دنيءٌ كي يكذِب على عائلته بهذا الشكل وهم لا يعرفون ماهي أعماله تلك بالضبط : هذي الدنيا.
لجين بنعومة : يا فديتك ، منت مخلينا نحتاج شيء كل شيء تسويه عشاننا .. حتى أبسط الأشياء اللي أقولك بلاها ترفض إلا توفرها لي.
ضحكَ بخفوتٍ رقيقٍ وهو يضعُ كفّه الحنونـةَ على رأسها وقد أدرك ما تقصد : أكيد طبعًا ، ما يصير بنت وما عندك خرابيطكم ذيك.
لجين تضحكُ برقّة : تجيبها لي وتقول عنها خرابيط؟ والله جد كان ممكن أكتفي بمرطّب وواقي شمس وكم شغلة بسيطة، بس أنت تبالغ عاد.
مسَح على شعرها بحنان : محسستني إن الحـال صعب، الحمدلله ربي منعم علينا ومحنا عايشين بهالضيقة اللي تمنعك من هالأمور اللي تحبينها أكيد .. وبعدين أبيك تظلين حلوة .. أخاف يجي يوم وتصيرين شينة بعدين ترى أتبرّى منك.
لجين باختناقٍ تغصُّ بِه رغمًا عنها : بس ما أحب أشوفك تضغط على نفسك بهالشكل وترهقها عشاننا.
سعد بجدّية : أنا رجّال البيت ... كم مرة قلت لك لا عاد أسمع هالجملة منك؟
لجين تُشتت عينيها عن ملامحـه الهادئـة، والتي كـانت أكثر سكونًا في الظـلام، همسَت كي لا توقظَ العائلـة النائمـة في جحورِهم : بكرا تطـلع معي .. مالي شغل أبي أتمشّى وياك من زمـان ما تونّسنا مع بعض.
خفَت صوتُه ليخفضَ ملامحه معهُ حتى يقبّل رأسها أخيرًا : أبشري بعزّك يا أخوك.
بالرغمِ من كونِه في هذهِ اللحظـاتِ خائفٌ عليها، فتلك الصورة خلقت في نفسِه ذعرًا وتساؤلاتٍ جمّا ، لكنّه لم يستطِع أن يرفضَ لها ما تريد.
وحتى هذهِ اللحظـة، وبالرغم من تواتر الأشهـر ، وبالرغم من كونِه كثيرًا ما يرفض الأموال التي يقول لهُ سالم " انها من حقه " - هه - ، إلا انّه كـان مرّاتٍ يأخذها مقتضبًا، ليودعها في أيّ جهةٍ خيريـة ، حتى لا يُترف عائلته من مالٍ " حرام " ، لذا كلّ ما يريدونه .. يكون من فرطِ عرقه هو.


،


عـادَ للمنـزلِ في وقتٍ متأخرٍ للغـاية، لا تُسعفـه الكلمات ليصف سعادتـه المشوبـة بقليلٍ من الحزن، أو كثيرٍ ويتجاهله! حتى الآن يتجاهلـه ، يبتسم ، لازال يبتسم منذ ودّعـه أمام الفندق الذي يقطـن فيه، يُغيّب كل شيءٍ ماضي وكلّ شيءٍ سيكُون مستقبلًا لأجـل هذهِ الفرحـة التي جاءت من معجزة.
كيف سيقولها للنـاس ، معجزة ، معجزةٌ أعـادت أخي ، معجـزة ، أن عـاد من مسمّى ميّتٍ لحـي ، وسيصطبر حتى يكون ذلك علنًا ، المهم الآن أنه بخير ، وأن يبقى بخيـر بأيّ ثمن . . . دارَ في الصـالةِ لوقتٍ تائه، أغمـض عينيهِ بقوّةٍ وهو يتنفّس بعمق، يبتسم، يبتسم ، ويضحكُ ضحكـةً خافتـة ، يزفـر هواءً ساخنًا ومعـه حُزنُ عزاء، وحزن ضيـاع، وحزن سنين، يزفـر رحلاتِ الوحدة التي كـانت تسحقه، يزفـر أيّامًا ولحظـاتٍ تذَكّره فيها فأضنـاه الشوق .. الآن لن يشتـاق ذاك الشوق المحموم ، لأنّه عـاد.
تمتمَت شفاهُه بحمدٍ عميـق، الحمدُ لك يا الله حتى ترضى، الحمدُ لك يا الله بحجمِ السمـاءِ التي ترانِي الآن بحلكتها أدورُ بفرحٍ على ضريحِ الحزن، الحمدُ لك ملء الأرضِ التي تُطوَى تحت أقدامـي والآن أعشقها ، لأنّها لم تلتهم جسَده !! ... سجَد أخيرًا ، وعـاد يشكُر الله بعمقٍ ويحمده، استطـاع الآن أن يسجدَ ويبتهلَ بالشكر والحمد، وبالدعـاء ... فالآن لا يعكّر صفوهما شيء ، لكنّه يدرك في قرارةِ نفسِه ، وإن غلّف إدراكـه بالتجاهل ، أن هناك أشيـاءٌ كثيرة ، أمورٌ لا تنتهي بمحضِ سمـاحٍ وإدراك .. إلّا أنه بأنانيّةٍ لم يستطِع كبحها، تمامًا مثل متعب .. تجاهلا معضلة أسيل، لبعض الوقت.


،


وصـل إلى مسامعها صوتُ أذانِ الفجـر، تخترق الأصواتُ بنغماتِها وموجاتها ظـلام الغرفـة بينما الضوءُ الخافتُ يُحجب عن طريقِ الستائرِ المُعتمـة . . ومن بين موجـاتِ صوتِ المؤذنِ كـان صوتُ المـاء يتجانسُ معه إلى مسامعها، لتعضَّ شفتها ما إن أُغلِق مُعلنًا انتهاءهُ من الاستحمـام وسيخرج الآن لا محالة.
أغمضَت غزل عينيها بقوّةٍ وهي تحاول أن تُرخي جسدها المتشنّج بربكتها، لم تستطِع طيلة الليل أن تنـام، صوتُ أنفاسه المنتظمة بجانبها كـان يُرعشها، الانفعـالاتُ تهزّها وهي تلمحُ نفسها بعيدة، وآخر ما بينهما قبلـةً فقط، من بعدِها وجَدت نفسها تصدُّ وتحـاول أن تصيرَ أقوى، تحاول أن تغلّف شغفها بِه بإطـارِ عادةِ الفراق التي ما بدأت حتى الآن، تحاول أن تعتـاده، منذ الآن، وتكتفي بالذكرياتِ التي كانت.
فُتِح بابُ الحمام، بينما كانت هي قد هيّأت نفسها لخروجه ونظّمت أنفاسها كي تبدو نائمـة، نظـر لها سلطـان نظرةً خاطفـة، ومن ثمّ اقتربَ وهو يضعُ المنشفـة على كتفِه العارِي، وقفَ قريبًا منها لينسابَ صوتُه الرجوليّ الذي يهزّ أعماقها برقّتهِ وخفوتِه : غـــــزل ،
ارتعشَت أهدابُها في جُنح الظـلام الذي لم يكُن كافيًا ليُخفي تلك الرعشـة، ابتسمَ وقد أدرك تمثيلها، ومن ثمّ أردف بخفوتٍ دون أن يتطرّق لموضوع التصنع هذا في نومها : أذّن فجـر ، بمشي الحين للمسجد مو تنامين مثل ما تسوين غالبًا.
فتحَت عينيها ببطءٍ وهي تزفُر رغمًا عنها، بينما تحرّك سلطـان مبتعدًا، لا يريد أن يضغطَ عليها أكثر، لذا لم يردف شيئًا وهو يفتحُ الخزانـة ليخرج ملابسـه، عـاد للحمـامِ كي يرتديها، ومن ثمّ خرج في اللحظـة التي كانت هي قد أسرتْها أفكارها، بؤسها، ضعفها الذي تخاف أن يتفاقـم تجاهه ، لذا أوّل ما سمعَت صوتَ المفتـاحِ يُدارُ من يدِه كانَ صوتُها يتمرّد على حنجرتها هامسًا بخفوت : سلطـان ، تراني للحين مصرّة على الطـلاق.
تنهّد بهدوءٍ ويدهُ تستريحُ على المقبـض، أخفضها تدريجيًا، ومن ثمّ استدارَ بكامـل جسدِه دون أن يقتربَ منها خطوة، لامـس ظهرهُ البـاب، قبل أن يكتّف ذراعيه بصبرٍ وهو يلفُظ بجمود : وراي صلاة فجـر ، فلو بتكثرين حكي خليني أطلع الحين وبعدين أرجع لك.
ابتلعَت ريقها بصعوبة لتجلسَ وتوجّه أحداقها نحوَ هيئتِه التي كانت معتمـةً في الظلام، وبضيقٍ من استخفافِه بالموضوع : عامـل الموضوع بجدّية واللي يعافيك.
سلطـان يرفـع حاجبيه : وأنا جدّي صدقيني ..
غزل بأسى : أجل طلّقني.
سلطـان : ما اقتنعت بأسبابك.
غزل باختنـاق : مين قال إنّ هذيك السالفة هي السبب؟
كانت تقصدُ الاغتصـاب الزائف الذي تدرك تمامًا أنّه ظنّه الحائلَ بينهما، وكم يؤلمها ذلك أكثر! يؤلمها بحجم حقارتها ولؤمها.
سلطان بنبرةٍ متباسطة : ممكن نعرف أسبابك طيب؟ قوليها يمكن تقنعني !
أغمضَت عينيها وصدرها يضطربُ بعنف، أقسـى سؤال، والأقسـى منه إجابته، عليها قبل أن يكون على سواها ، أقسـى سؤال، وأقسـى تفسيرٍ قد يطلبه منها ، كيفَ تستطِيع قولها له؟ كيف؟!! .. همسَت بغصّة : ما أبي أقولها ، أفضّل ننفصل من غير لا تدري عنها.
سلطان يخفضُ ذراعيه عن صدرِه وقد احتدّت ملامحه بغضبٍ مفاجئ، ظهـر صوته إليها محذّرًا بحدّته : لأنّها تافهة ، ونابعة من أمّك صح؟ مافيه غير هالجواب ما جاك هاجس الطلاق إلا بعد ما شفتيها.
غزل تهزّ رأسها بالنفي : لا . . .
سلطـان يقاطعها بأن استدارَ للبـابِ وصوتُ الإقامـة يُعلنُ تأخّره اليوم عن صلاة الفجر، لفظَ بعجلةٍ وهو يفتح البـابَ لتسرقهما إضاءةٌ من الخـارجِ جعلت هيئته هذهِ المرّة واضحـةً لعينيها : ما تهمني إجابتك ... وسواءً كان لأمّك دور ، أو من عقلك الغبي ، فماني مطلّقك . . . قلتها لك، هالمرة أنا اللي أبيك ماهو أنتِ وبس.
ليخرج، وآخر كلمتين تجعلُ موقفها أكثـر غباءً " ماهو أنتِ وبس "، جملـةٌ تكفي ، ليوصل لها إدراكه بأنها داخليًا لا تقوى الفراق، بأنها داخليًا تريده، لكنّ كلّ شيءٍ ضدّها، المـاضي وضياعها.
همسَت بضعفٍ وهي ترتمِي للخلفِ على ظهرها وتنطلقُ الكلمات من حنجرتها بغصّة : وش يعني إنّك تبيني أنت؟ .. يا الله وش سوّيت؟ وش سوّيت وليه ما اخترت أبعد عنه لمّا خيّرني ... ليه كنت بهالأنانية لييييه؟


،


سلّم بعد الإمـام، ومن ثمّ استغـرق بأذكـار ما بعدَ الصلاةِ وعينيهِ تتحرّكـان ببطءٍ مراقبـةً المسجِد الذي يحتضن أفرادًا يمكنه عدّهم في أقل من عشـرِ ثوانٍ، نصفهم خرج بعد أن سلّم الإمـام مباشرة، بينما النصف الثاني كـان من هم أمامه، وكثيرًا ما يكون هذا المسجدُ خاويًا في صلاة الفجر بصورةٍ مؤسفـة.
نهضَ من قعودِه بوضعيّة التشهد الأخيـر الذي اعتـاد أن لا يعدّلها بعد السـلام، اعتـادَ فقط ، وهنـاك من هو مثله، شخصٌ علّمه بنفسه الكثير .. الكثير ليصبحا متشابهين شكلًا ومضمونًا في جوانِب عديدة ... ابتسَم ما إن اقتحَم تفكيره فجأة، كـان يخرجُ هو وآخرٌ كـان يعرفـه معرفـةً عابـرة كونه يسكُن معه في نفسِ الحي، نظـر له ذاك وقد كـانا آخر من في المسجد، ابتسم لهُ وهو يلفظ : من زمـان عنّك يا الشيخ.
وجّه نظراتَه نحوه وحديثه الفجائيّ معه طـردَ صورةَ " الشبيهِ به " ليبتسم ، وبرسميّةٍ هادئـة : أهلين بو محمد شلونك؟
أبو محمد يمدُّ يده كي يصافحه : زين متذكّرني.
انفرجَت ابتسامته أكثر حتى ظهرت أسنانه : تسيء لذاكرتي كذا .. بعدها قوية ترى.
أبو محمد يضحك : أمزح أكيد ما شاء الله عليك رجّال بثقافتك وتفكيرك محد يفكّر للحظـة إن عقله بيشيخ بهالوقت .. أنا متأكد إنّك حاليًا بمرحلة الفتوة العقلية وباقي بيطلع منك أكثر.
ضحكَ رغمًا عنه لمصطلحاتِه : شكرًا على الإطراء.
افترقـا بعدَ ثوانٍ قليلـة ، اتّجـه لسيارته وهو يدسُّ كفه في جيبه كي يخرجَ مفتـاح سيّارته ، وقفَ عند بابِ السائق مباشرة، ليستدير تلقائيًا حين سمـع صوتَ خطواتٍ تقترب، عقدَ حاجبيه حين سقطَت عينـاه تلقائيًا على الثوبِ الرمـادي، وقبل أن يتبيّن الملامح كـان تشوّشٌ عنيفٌ قد غشى عينـيه بعدَ ضربـةٍ شعرَ بها في مؤخـرة عنقه، ضربةٌ كـانت عنيفةً بقضيبٍ فولاذي، كـان مفتعلها يريد قتله بشكلٍ واضحٍ وضوحًا شديدًا، فهو أعـادها من جديد ، ضربهُ ضربةً أخـرى ، في نفسِ المنطقـة، وبقوةٍ أكبر ، وإن كـان في الأولى تشوّش وفقدَ اتّزانـه ، فالأخـرى كانت كافيةً ليشدّ على أسنـانه ويتأوّه بألـم ، ومن ثمّ يفقدُ وعيه ، في اللحظـة التي ارتفعَ بها القضيب حتى يهوِي من أجـل الضربة الثالثة والأخيرة لتودِي بروحه.


،


التاسعـة صباحًا.
وقفَ يعبثُ بجرسِ البـاب، رغمًا عنه كـانَ مرتبكًا بعضَ الشيء، يدهُ اليُسـرى تقبضُ على الهاتِف، بينما اليُمنـى وجدَت نفسها تطرق بأطراف أصابعها على الجدارِ بجانِب مكبسِ الجرس، ينتظُر لدقيقةٍ ردًّا، صوتَ خطواتٍ تقترب، لكنّه زفـر أخيرًا بعدَ أن كـان السكونُ هو الجـواب. عادَ يضربُ الجرسَ من جديد، مرّتين ، ومن ثمّ انتظـر قليلًا، ليصـل إليهِ صوتُ خطواتٍ حادةٍ أخيرًا، ابتعَد عن نطـاق البـابِ بحذر، يخشى أن تفتـح زوجته، لذا فمن الحيطةِ ابتعَد ، لكنّ صوتًا حادًا رغـم خفوتِه وصـل إلى مسامِعه متمتمًا بتذمّرٍ وحنق جعله يبتسم رغمًا عنه : مين التافه اللي يدق أبواب الناس بهالساعة؟
فتـح البـابَ بعدَ قولِه ذاك، ليُميل متعب برأسه وينظُر لوجههِ وهو يبتسم ابتسامةً تجلّت بها أسنانه : يعنِي ما عندك مشكلة ضيفك يسمع كلامك ذا؟
لاحظَ تجمّدَ ملامِح أدهـم، تصلّبها والبرودُ نشَر ذرّاتِه على أحداقـه ، ارتبكَ قليلًا وقد توقّع في هذهِ اللحظـةِ أن يُغلـِقَ البابَ في وجههِ ولا يستقبله، لذا تنهّد، ومن ثمّ رفـع كفّه اليُسرى التي تحمِل هاتف أدهم، وبهدوء : ما بعطيك إلا إذا استقبلتني مثل أيّ ضيف وضيّفتني.
أمـال فمـه للأسفـل بسخرية، ومن ثمّ ابتعـد عن البـاب وهو يلفُظ بصوتٍ عـالٍ بعض الشيء : طريـــــق . . .
ابتسمَ متعب وأدهـم يُشير لهُ بعينيه أن يدخـل، خطـا للداخـل، بينمـا أدهم يسبقـه ليصـل للمجلِس، وصوتُ متعب ينطـق بنبرةٍ عاديّةٍ متباسطـة يحاول بها أن يلطّف مزاجـه/حقده الذي رآه يلتمـع بشدّةٍ في عينيه : تصدّق توقعت ألاقي بيتك نفس مزاجك .. بس زين مرتّب.
أدهم بسخريةٍ لاذعـة وهو يفتـح باب المجـلسِ ليتركه مواربًا ويدخـل متعب من خلفِه ويركلـه بقدمِه وكانهما معتادانِ على ردّات الفعـل التلقائيّةِ هذِه : هه! قصدك إنّ مزاجي وصخ مثلًا؟
متعب يضحك رغمًا عنه : وش سوء الظن هذا؟ قصدي توقّعته ألوانه غريبة ، فوضويّة ، متداخلـه بشكل غريب ومجنون. الترتيب مو بالضبط أقصد فيه حوسة وصخ !
أدهم يرتمِي بجسدِه على الأريكـةِ العربيّة وهو يزفـر بضجر، بينما جلَس متعب أمامه على بعدِ سانتيمتراتٍ وصوتُه يصلـه غير مبالي : زين كنّا عند حسن ظنّك.
متعب بعبثٍ يستفزّه : تعترف إنّك مجنون؟
أدهم يغمـضُ عينيهِ وهو يعيد رأسه للخلفْ : أعترف إنّك غبـي .. تحاول تستفزّني وأنت تدري من غير محاولـة إنّي معصّب منك أصلًا !
متعب : يا شيـخ تراها مزحـة لا تصير حسّاس كذا !
أدهـم ببرودٍ وهو لا يزال بموضِعه، لم يفتـح عينيه وهو ينطـق : صح ، وعشاني جدّي بزيادة الله ياخذ أخوك عشان تذوق طعـم إنّ عزيز يوصلك خبر موته.
انتفـض متعب بغضبٍ مفاجئٍ ليقفَ وهو يصـرخ : أدهـــــــــم !!!
أدهم يفتح عينيه لينظُر نحوه وهو يضحك ببرود : شفيك؟ تراها مزحـة لا تصير حسّاس كذا !
عضّ متعب شفته بانفعـال، عاد ليجلـس وهو يزفُر ويتمتم بكلماتٍ ما لم تصِل مسامع أدهم واضحةً لكنّه توقّع أنه يشتمه. ابتسمَ بتشفّي، ومن ثمّ مدّ كفّه لافظًا : هات الجوال .. ليته كسّر راسه الحمار.
متعب بحدةٍ نظـر إليه، ليضحك أدهم بصخبٍ هذهِ المرّة ويلفظَ بنبرةٍ مستفزّة : يا ويلك ترميه .. يمكن تفقع عيوني بالغلط.
متعب بغضبٍ لم يستطِع أن يمنع نفسه من رميـه، لكنّ الرميـة لم تكن قويّةً كفايـة، وتلقّاها أدهم وهو يتوقّعها، ضاحكًا بصخبٍ متسلٍّ وهو يقلّبه بين كفيه يتفقّده بعينيه، لينطق أخيرًا : الحمدلله ما انكسـر .. رجّال حبيب أبوه.
متعب يمدُّ شفتيه بضجرٍ لتظهر أشبـه بابتسامةٍ مقهورة، رفـع أدهـم نظراته إليه، زفـر براحـةٍ وهو يضع الهاتف بجانبِه ويبتسم، أعـاد ظهره للخلفِ ليسندهُ بأريحية، وبنبرةٍ رقيقة : كذا انتهينا منك وصفي قلبي من ناحيتك ... باقي الورع أخوك.
متعب ينفخُ فمـه بحنقٍ منه وهو يُشيح وجهه عنه، وبضجر : تفاهموا مع بعض ، بس من غير لا تذبحون بعض مو ناقصني بعد.
أدهم يضحك بخبث : لا توصّي حريــص ... المهم مبسوط شكلك اليوم صح !
نظـر لهُ متعب بتكشيرة : وين مبسوط وأنت قدامي.
أدهم بابتسامةٍ صادقـة : بس عيونك فيها شيء مختلف .. على كرهي له واللي زاد الحين بس ما أنكر إنّي تمنيت إنه يكون صادق .. عارف بتزين نفسيّتك كثير.
تجلّت بسمـةُ راحةٍ على شفتيه، ولم يستطِع أن يمنـع نفسه من التنهّد براحـةٍ وهو يهمس : كثير بس؟
أدهم : أطربنـا .. شلون تأكّدت؟
متعب بتهكّم : بالأول يا قليل الذوق ضيّف ... لا مو طبيعي ما تعرف الذوق أنت؟
وقفَ أدهتم وهو يضحكُ بصخبٍ حين تواتـرت كلمته الآن مع إلين التي أسهبَت في وصف " قلّة ذوقه " البارحـة ، تحرّك خارجًا من المجلِس وهو ينطق : ما تستاهل .. بس عشان الذوق العام مثل ما تقول.


،


عـادَ لتوّه من مقابلـةِ عملْ، لم يكُن قد عـاد بعد الفجـر للمنزل بل قضى الوقت خارجًا حتى هذهِ اللحظـة ، يتمنّى الآن أن تكون أفاقَت من جنونِها، أن تدرك أنّ ما قالته أمّها - أيًّا كـان - لا يمتّ لمصلحتها بصلـة، فهي التي بقيَت في العتمـة، هل ستخرج الآن وتقول لها بأن تتركه وهي ترى أن في ذلك مصلحةً لها؟
أوقَف السيّارةَ وأطفأها وهو يسمـع صوتَ هاتفه يصيح على المقعدِ الذي بجوارِه، نظـر لهُ ليمدّ يده لهُ وينظُر لرقمِ عنـاد الذي أنـار بالشاشـة، ردّ عليه بشكلٍ تلقائيٍّ وهو يترجّل عن السيـارة، وبهدوء : نعم.
عنـاد بنبرةٍ رغمَ أنّه غمّدها بالجمود إلا أنّه كـان بازغًا لمسامِعه أن وراءها ماهو سيءٌّ ربّما ! : وينك أنت الحين؟
سلطـان يعقدُ حاجبيه وهو يُغلق باب السيارة، وبتوجّس : توني واصـل البيت .. وش فيه عندك شيء تبي تقوله صح؟
عنـاد يتنهّد بعمـق، قبل أن يلفظَ بصوتٍ حمـل نبرةً غامضـة : عمي سلمان.
رغمًا عنه تشنّج جسده، لا يستطِيع حتى الآن أن يسيطر على انفعالاتِه حين ينبعثُ اسمه من حنجرةٍ صاخبـةٍ بالأحرفِ التي يراها " نتنةً " ما إن تنطـق اسمه .. شتّت عينيه وملامحه تتصلّب بضيق، وبحدة : وش جاب هالطاري الحين؟
عناد يُغمـض عينيهِ لوهلـةٍ وصدرهُ ينتفـخ بأكسجينٍ اندفـع إلى رئتيه بانفعـال : . . . .


،


تنظّم ورود " التوليب " البيضاءَ وهي تنظُر لها بعتمـة، بقهرٍ في جنباتِ عينيها ، لن تُبالي، لن تُبـالي، ستبقى باردة ، لن يستفزّها باسم " مي " هذا .. لكنْ ماذا عن عملها؟ حسنًا .. هي لن تبالِي لكلّ ماقد يفعله، للمسمّياتِ التافهة وللأسلوب المتجبّر، لكنْ عند عملها لن تصمُت وستحاربـه كلبوةٍ شرسـة ، عملها هو أوّل منفذٍ كـان لتشعُر بحرّيتها من سيطرته، ولن تسمح لهُ بأن ينتشله منها.
ضغطَت على إحدى البتلاتِ بقوّةٍ دون أن تنتبه لنفسِها لتشهقَ فجأةً بعد أن شعرَت بتمزّقها .. جلدها رقيق ، كيفَ تمارسُ عليها قسوةً كقسوتِه؟! .. شدّت على شفتها السُفلى بأسنانها .. ولمَ لا؟ أليسَت باقـة الوردِ الكبيرةِ هذهِ هي مفاجأته البارحة؟ لمَ قد تبالي بِها؟
اجتذبَت إحدى الوردات دون أن تسيطِر على نفسها، تحرّكت مبتعدَةً عن الطاولـةِ البيضـاء ذاتِ الشكل البيضاويّ في غرفتهما ، انزوَت لأقربِ أريكةٍ منفردة، وبدأت أصابعها الناعمـة تفرّغ الاضطرابـاتِ والتشوّشات والغضبِ في بتلاتِ هذهِ الوردةِ التي كانت أشدّ نعومـةً ورقّةً من أن تحتمـل.
اقتطفتها ، بتلةً بتلـة ، ومع كلّ قطفةٍ كانت تتمتمُ بـ " وجــع " لكلّ الأوجـاع وله هوَ من بينها ! كـان سيفْ وجعها في الصبـا ، وحتى الآن ، تتجاهله وتبرُد أمام عشقِه ، لكنّه الآن عـاد ، ولا يهمها إن عاد ، لكنْ ليترك عملها واستقلالها بِه .. ألا يهمّها عودته كما كـان فعلًا؟
مرّرت لسانها على شفتيها ، اليوم ، تكتمـل السنة الرابعـة على زواجهما ، كيفَ نسيت ذلك ولم تتذكّره إلا حين قدّم لها تلك الباقـة ولفظَ بنبرةٍ باردةٍ بعض الشيء أنهما سيذهبان اليوم لمطعـمٍ ما ، أو أيّ مكـانٍ تشتهيه لهذهِ المناسبة، قدّم لها الوردةَ بعد أن تجاوزَت عقارب الساعة الثانيةَ عشرة ، وكـانت السمفونيّةَ الأولـى ... لأربـع سنينَ مرّت وهو زوجها ، ولأولى سنة ، كـان فيها يحبّها – وهي تعلم - ...
أربـع سنين ، مرّت أربـع سنين وهي مرتبطةٌ بهذا الربـاط ، ألذُ قيدٍ التفّ حول قلبها ، والأقسـى! من كـان يعلم أنّه حين تمرّ السنـة الرابعـة ، والثامنة والعشرون من عمرها ، ستأتِي محمّلةً بشيءٍ ما، بوخزٍ ما، بأمورٍ تداعَت .. وأخرى تبدّلت .. بقوانِين سحقتها ، وسحقَت روحًا في رحمـها ، لتسقُط هي من رحمِ هذه العلاقـة أخيرًا ، وتُولَد من جديد .. باردة ، أو تُتقنُ ذلك .. عاشقـة ، لكنّ عشقها كـان يؤذيها في المقام الأوّل ، لذا اختارته بحلّةٍ كالغيمِ الأبيـض، يعبُر سماواتِ الدنيا ، ولا يسقي أرضها.
أربـع سنينَ مرّت ، ليكون عمرها الآن أربعًا في عينيه، وثمانيةً وأربعينَ شهرًا في قلبه، وأيـامٌ لا تريدُ حصرها في رئتيه التي تنفّست عطرها كثيرًا، وساعـةٌ سيطُول إحصاؤها، في أذنيه التي استمعَت لنبرتها مرارًا .. أربـع سنينَ بتفاصيلَ حادّة، وناعمة في آن، أريع سنينَ بلحظـاتٍ تائهة في قبلـةٍ وعنـاق !
زفـرت وهي ترمِي ساقَ الوردة على الأرضِ بعد أن عرّتها من تاجِها، لوَت فمها، في اللحظـةِ التي فُتح فيها البـاب لترتخِي شفاهها تلقائيًا، دخـل وهو يمسحُ كفيه بمناديل اقتطفها من الحمـامِ الخارجيّ بعد أن غسـل يدهُ من مائِه حينَ دخوله.
رمقتـه ببرود، لن تتخلّى عن برودِها فقطْ لأنّه أصبـح مزعجًا فجأة! ستتعامـل كما المعتـاد، لكنّها لن تصمُت على عملها ، فقط هذا ما ستعترضُ عليه.
نظـر إليها نظـرةً خاطفـة، وسرعـان ما سقطَت أحداقُه على الساقِ المرميّةِ على الأرضِ والعاريـةِ من بتلاتِها وحتى تويجتِها التي عجنتها بكفٍّ منفعلـة، ابتسمَ رغمًا عنه، ومن ثمّ رفـع نظراته إليها ليجدها تشاغلَت بقمـاشِ الأريكة، تقبضُ عليهِ بطرفِ سبابتها وإبهامها وكأنها تحاول سحبه بشرودِها أو توتّرها فقط ! .. كتمَ ضحكته وهو يشعُر بنشوةٍ جديدة .. تقدّم منها بينما عيناهُ تتغلّفـان بسخريةٍ كمـا صوتُه : يعني ما لقيتِ غير تطلّعين حرّتك على هالوردة المسكينة؟
ديما تنظُر لهُ ببرود، قبل أن تقف ، وهي تهتفُ لعقلها " ماراح أهتم ، قلعته .. ماراح أهتم " .. لن يستفزّها ولن تتواني عن التعامُل معه بالأسلوبِ البارِد ذاته ... ابتسمَت بتململٍ وهي تعدّل قميصها الطوبيّ فوقَ بنطالها الأسود، وببرود : حرّتي؟ ليه ما تقول كنت طفشانة بس وجلسْت أتسلى فيها.
سيف بسخريةٍ لاذعـة : اووووه يا قاسية .. ماقد صارت على كثر ما تطفشين والورود من حولك.
ديما تهزُّ كتفها ببرود : بكيفك لا تصدّق.
سيف وقدْ قرّر أن لا يتخلّى عن التعامـل بأسلوبِ البرودِ ذاته حتى وإن ردّت عليه بنفسِ الطريقةِ التي تستفزّه : عسى بس فكّرتي تسمعين كلمتـي من غير عناد؟ طبعًا ما يفرق معي بس عشان نفسيتك.


،


دخـل المنزلَ بانفعـالٍ أعمـى، يتنفّسُ بقوّة ، يتنفّس نفسًا محمومًا، نفسًا عاليًا بعدَ الكلمـات التي سمعها من عنـاد .. يتنفّس باضطرابٍ أرعـش كفيه وجسدهُ كلّه .. وماذا في ذلك؟ ماذا فيما قـِيل؟ ما الذي يهم؟ مجرمٌ هو في النهـاية .. مجرم، قتـل والده ، فماذا يضرُّ في موتِه؟ ماذا يضرّ؟ ماذا يعنِي أن يمُوت؟ أن يغـرق في قبرٍ يغمّدُه بالعـذاب .. ماذا يعنِي إن مات؟! ماذا يعنِي إن كـان هو والدهُ الآخر ومات؟! .. ماذا يعني !!!
رنّ هاتفـه ، كـان عناد الذي اتّصل به ِمرّةً أخـرى، ردّةُ فعـل سلطـان كانت أن استمـع، فقط استمـع، دون أن ينطُق بشيء، بقيَ يغـرق في انفعالات، بقيَ يغـرق في الكثير ، في الكثير، وجسده رغمًا عنه كـان يرتعشُ وقتَ ذاك، يرتعدُ كطفـل .. عاد خمسّة عشر عامًا وأكثر بقليل .. ومات والدُه من جديد.
نظـر للهاتِف، أغمـض عينيهِ بقوّة ، أعـاد جسدهُ للخلف، أسندَ ظهرهُ على الجـدار، ومن ثمّ شدّ بقبضتـهِ على الهاتِف بين أصابعه، وهو يرفـع وجهه للأعـلى ، يُغمـض عينيه، ويشدُّ على القبضـةِ الأخـرى، يختنق، بعد أن حُشِر الهواءُ بعيدًا .. ليهمسَ بعمقٍ متداعـي، برجـاء، بألم، بوجعٍ رجلٍ كبُر ، ولا يليقُ أن يشعر بهذا الوجـع ، تجاهه هو .. الأبُ الثاني، والذي قتـل الأول : يــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا رب !!!!


،



" أحبـك "
كـانت كلمـةً تكفيها، حتى تغرق فيه أكثـر، كـانت كلمـةً تكفيها، حتى تنخدِع بِه أكثر.
يا عظمـةَ تلك الليـالي بالنسبة لها في ذاكَ الزمـن حين تنتهي بصوتِه الرجوليّ الذي كان يستفزُّ فيها كلّ معالـم الشغفِ والدلال .. تذكر أنّها حين قـال لها أحبّكِ " بكَت " بصوتٍ لم يصلـه ومن ثمّ أغلقَت الهاتف .. لم تكُن أيضًا تبكي أمامه، كانت حينَ تحزنُ تحادثه بنبرتِها تلك، الحزينة، المنكسرة، تشتكي .. لكن لا تبكي، فهي كـانت خليلته، لكنّ بكاءها لم يكُن له خليلٌ إلا هي .. ووسادتها فقط .. تشعر أنّ البكـاءَ لم يخلق إلا ليكون سرًّا بينها وبين صدرها ، حتى أفشيتـُه أمامك .. يا سلطـان.

في لحظةٍ ما كيفَ بكيته؟ و - بكيتُ منكَ أنت -، أغَرِقتُ في هواهُ حتى أبكِي " خطبـة "؟ وتنحدِر شكواي بشكلٍ آخر، بشكـلٍ جعلنِي أتّصل بهِ في الليلـة التي أخبرني فيها والدي " سلطـان خطبك " وأتبعها بأنّ " مالها شور " بعد أن أقرأتهُ رفضها من ملامِحها التي صُدمَت، من ملامِحها التي صُفعَت صفعـةً أقوى من أيّ صفعـةٍ تلقّتها من كفّ أبيها، كـانت صفعـةَ لسان .. قاسية ، وأقسـى ... والآن لازالت كما هي، مع الكثير من اللذةِ المؤلمـة.
انحدَرت شكواها إلى مسامِعه، بكَت ، وبكَت ، وغرقَت في حزنها مطوّلًا ، ومن ثمّ مسحَت دموعها بعنفٍ وكرهٍ عميقٍ اغتالها تجـاه سلطـان النامي هذا، تذكر كيفَ كانت تشتمهُ بأكبـر بذاءةٍ حمَلها لسانها ، كيفَ دعت عليه .. بالموتِ غرقًا، أسفـل سيّارة، سقوطًا، قتلًا! فرّغت قهرها وغضبها منـه في دعواتٍ كثيرةٍ كـان ملخّصها " الموت بأبشع شكلٍ ممكن "، كيفَ تجرّأ ليخطبها؟ ويكون شخصًا - بطريقةٍ ما - كـان والدها متلهّفًا له !
اتّصلت بعبدالعزيزِ بعدَ أن خرجَت من مـاءِ عينيها قبل أن تغرق أكثر، وكـان من عادتـه دائمًا أن يردّ عليها بسرعةٍ تجعلها ترى حجم اهتمامِه بها - كما تظنّ - فتغرق في عشقِ هذا الرجـل أكثـر، لا أحـد كـان يهتمُّ بها إلا هو، لا أحدَ كـان لطيفًا معها إلا هو، لا أحـدَ كـان يُخرجها من قوقعـةِ حزنها إلا هو .. بالرغمِ من كونِ ما بينهما لم يتجاوز المحادثـاتِ العميقة، إلا أنّه كـان يشعُر بها .. يشعُر بها، وينكسـر صوته كلّما انكسرَت كلمـاتها فجأة، كلمـا باغتها الحُزن وظهـر أكثـر وجعًا على صوتِها، وكلمـا شعرتْ أنّ النسيمَ يشتدّ، يشتدُّ حتى بـاتَ زفـرةً غاضبـةً من الجحيم، عنيفـة، حارّة، أو باردةٌ حدّ الممات.
ردّ عليها يومذاكَ منذ أول رنين، لتغرقـه مباشرةً بصوتِها المُنكسـر، الحزينِ بعمـق، المتلاشي خلفَ ظلالِ الحيـاةِ العابسة : عبدالعزيز .. عبدالعزيز . .
عبدالعزيز ما إن بادرته بتلك النبـرة حتى عقدَ حاجبيه قليلًا وهو يُميل وجهه وكفّه السمراءُ كلونِ الصحاري تمتدُّ حاملةً سيجارةٍ أزهقَ ثلاثـة أرباعِها ليدفنـها أخيرًا في منفضةِ السجائر، لوى فمه وهو يدرك أنّ سمفونيّةَ شكاوي جديدَة ستأتيه من هذه - الفاتنة - وسيضطرّ لتحمّلها لساعةٍ أو أكثر .. لفظَ بنبرةٍ تصنّع فيها الاهتمـام : بسم الله عليك حبيبتي ، شفيه صوتك كذا؟ لا يكون الحيوان أبوك مرة ثانية؟
غزل ونبرته المهتمّة هذهِ تُخفّف من وطأةِ الحزن كمـا تُضاعفُ الانفعـال والغضَب ضدّ " سلطـان " لتجدَ نفسها تلفُظ بألمٍ حزين، وغاضبٍ في ذات اللحظـة : بيزوّجني ، بيزوّجنـي بغيرك .. اليوم تقدّم لي رجّال وأبوي واضح يبيه ... الله ياخذه ، الله ياخذه ويا جعله اليوم ينـام بقبره . . .

.

.

.

انــتــهــى ...

وموعدنا القادم الأحد إن شاء الله.

لا تقولون وين أهل بروكسيل! جايين بوقتهم ، كان عندي وقت شكبره عشان أضيف لهم موقف عابر بس ما أوافق مسألة الحشو هذي لمجرّد ظهور الشخصيات :" لهم ظهور بوقته، + التطورات اللي تخصهم بتكون متناغمـة مع تطوّرات أخـرى برياضنا، يعني رسمِي للأحداث يمشي على خط زمنِي معيّن، المفروض خلاص استوعبتوا هالشيء! – وحدة أهلكتها المطالبات بوجود شخصيات معينه بكل بارت – :( وسلامة قلوبكم اللطيفة () :$$

ودمتم بخير / كَيــدْ !


 
 

 

عرض البوم صور كَيــدْ  
قديم 22-07-16, 07:15 AM   المشاركة رقم: 858
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
قارئة مميزة


البيانات
التسجيل: Sep 2010
العضوية: 190192
المشاركات: 574
الجنس أنثى
معدل التقييم: أبها عضو ذو تقييم عاليأبها عضو ذو تقييم عاليأبها عضو ذو تقييم عاليأبها عضو ذو تقييم عاليأبها عضو ذو تقييم عاليأبها عضو ذو تقييم عاليأبها عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 748

االدولة
البلدKuwait
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
أبها غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كَيــدْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر

 

شكرا كيد والحمدلله إن المشكلة كانت في النت .
توقف القصص الجميلة ، أصبح هاجس يؤرقنا 😊


سلمان .. موته صدمه . وبتلك الطريقة البشعة
رغم أن سلمان قد اعترف بشكل غير مباشر لسلطان
أن له يدا في مقتل فهد ، إلا أنه يساورني شك أن الأمر
ليس كما نظن ..
هل هو بريء من انضمامه لعصابة كبرى ؟؟؟
لا بد أن من يحيكون تلك الجرائم حينما شعروا باقترابه
من الامساك بخيوط القضايا و بالاطاحة برؤوس
العصابة قرروا التخلص منه !!!

أدهم .. الحمدلله أن ردة فعله نحو متعب لم تتجاوز الحد
المعقول ، فردود أفعاله بالعادة عنيفة ..

شكرا كيد مرة أخرى .🍃🌸🍃

 
 

 

عرض البوم صور أبها  
قديم 22-07-16, 12:05 PM   المشاركة رقم: 859
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Jul 2014
العضوية: 271387
المشاركات: 11,135
الجنس أنثى
معدل التقييم: bluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميعbluemay عضو مشهور للجميع
نقاط التقييم: 13814

االدولة
البلدJordan
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
bluemay غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كَيــدْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر

 
دعوه لزيارة موضوعي



_الـسـلام عـليكـم ورحـمة الله وبركــاته_


بارت خطير ..
موت سلمان هل ممكن يزيد من تأزم اﻷحداث؟!!

عندي شعور انه اتخلصوا منه بعد عرفوا انه بشتغل ضدهم .



غزل ورطت حالها .. وسلطان وضح انه متمسك فيها.



سيف والله وعرف يلعبها صح ويطلع سكونها لديما لوووول




أدهم متحلي بالصبر ﻵخر رمق.

والين احسها زودتها كتير ..



يسلمو ايديك يا قمر


متشووووقة كتير للقادم

لك ودي





سُبْحَانَكَ اللهم وَبِحَمْدِكَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أنت أَسْتَغْفِرُكَ وأَتُوبُ إِلَيْك

 
 

 

عرض البوم صور bluemay  
قديم 24-07-16, 10:15 PM   المشاركة رقم: 860
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
قارئ مميز


البيانات
التسجيل: Jun 2010
العضوية: 174082
المشاركات: 4,031
الجنس ذكر
معدل التقييم: fadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسي
نقاط التقييم: 4492

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
fadi azar غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كَيــدْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر

 

لا اعتقد سليمان توفى قد يكون في المستشفى بحالة خطر لانك لم يقول انه مات لا ادري ازا اعتقادي صح

 
 

 

عرض البوم صور fadi azar  
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
ليلاس, لغز, أكشن, القدر, الكاتبة كيد, انتقام, يوسف, رواية رومانسية, سلطان, غموض, عانقت, قيود, كيد
facebook




جديد مواضيع قسم الروايات المغلقة
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t195238.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
Untitled document This thread Refback 02-10-16 06:32 AM


الساعة الآن 09:58 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية