لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > الروايات المغلقة
التسجيل مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

الروايات المغلقة الروايات المغلقة


 
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (1) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 15-02-16, 12:16 AM   المشاركة رقم: 686
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jun 2014
العضوية: 267722
المشاركات: 575
الجنس أنثى
معدل التقييم: كَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 947

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
كَيــدْ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كَيــدْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر

 




سلامٌ ورحمةٌ من الله عليكم
صباحكم / مساؤكم طاعة ورضا من الرحمن
إن شاء الله تكونون بألف صحة وعافية


اليوم مودنا عراقي :$ هالكلمات الجميلة الفتنة أصرّ الكثير تكون مقدّمة بارت اليوم، جمالها يبكّي للمعلومية :(!

بسم الله نبدأ
قيود بلا أغلال عانقت القدر، بقلم : كَيــدْ !

لا تلهيكم عن العبادات

اريدنك؟ سهم حزنان
مو لاقي ظهر يتشبت بغدره
أموتنك؟ غصن مهجور
رجف من عاتي الغربه
بلا عصفور
اتوبنك؟ حشى لله
انا الكافر بهجرانك
واريدنك!
أحبنّك؟ كذّب من قال أملّ منك
ولو حطّوا بدربي النار ؟
بدمع عيني لطفّيها وأدق بابك
وأشوفنّك



(67)*2




زغزغةٌ خافتـة، وصوتُ نقراتٍ باهتةٍ على نافذةِ غُرفتِها، يلفحها الهواءُ البـاردُ من التكييفْ، والحرارةُ المنصرمـةُ في " مآسي " تُبترُ لساعاتٍ تسكُن فيها لضلعِ النوم! النومُ هو المخلوقُ الوحيد الذي إن سكنْتَ في حُضنهِ لا يُدفئُك! لا تكتملُ راحتهُ دونَ عواملَ خارجيّة، كيفَ ينامُ التائِهون؟ إن كانت الآن وتحتَ لحافها تحتضنُ جسدها وتقوّسه بردًا فكيف إن لم تجد عاملَ اللحـاف في المنـام؟
ينفُضها البردُ نفضًا، وتجدُ نفسها الآن تفتحُ عينيها قسرًا، حررت جسدها من ذراعيْها وعينيها الناعستـانِ تصتدمانِ بستارةِ نافذتِها المُعتِمـة، صوتُ النقراتِ الواهنـة تجيء كاستنجـادٍ من حرارةِ الجوِّ خارجًا بينما هُنا بارد! مسكينةٌ أنتِ يا العصافيـر، مسكينةٌ أنتِ! لو أنّ للفرحِ رِيشًا كالطيُور، مهما سُلّطت حرارةُ الحُزن عليه لا يتبخّر ولا يذبُل! لو أنّ نقراتُ الحزنِ واهنة، لا تخترقُ الجلدَ وتجرح.
أزاحَت اللحـاف وهي تغضّن وجهها بمزاجِ المستيقظِ من نومِه، أسدلَت ساقيها إلى الأرض لتُلامس لحافـَه - البرد -، رفعَت كفيها إلى شعرها المنسدلِ أسفلَ كتفيْها لترفعهُ في ذيلِ حصانٍ وتعقدهُ بإحدى خصلاتِها، وقفَت وهي تتثاءبُ وتغطّي فمها بكفّها، تحرّكت باتّجـاه الحمـامِ حتى تستحمّ بسرعةٍ وتنزلَ للأسفلِ لتنظر للأوضـاع، لم تنَم بما فيهِ الكفاية نظرًا لكونِها سافرَت إلى عالمِ الأحلامِ بعد الفجر، والآن استيقظَت بعد نومٍ " مُعكّرْ " قبل أن يأذّن للظهرِ حتّى! لم تستغرقِ أكثر من نصفِ سـاعةٍ لتخرجَ وهي ترتدِي روبَ حمامها وتجفّف شعرها، ارتدَت أقربَ ما وصلَت إليها يدُها في خزانتها وكانت تنورةً حمراءَ لنصفِ ساقيها و بلوزةٌ عاجيّة، خرجَت من غرفتها بعجل، خطواتُها تعزفُ على أوتارِ الأرضِ لحنًا من القلقْ، اتّجهت نحوَ الدرجِ وما إنْ اقتربَت منهُ حتى توقّفت فجأةً وهي ترى ياسِر يخرجُ من غرفتهِ ويستعدُّ للخروج من البيت، نظرتْ نحوهُ نظرةً خاطفـة، أشاحَت عينيها عنهُ لتتوارى نظرتُها المرتبكةِ خلفَ ستارِ الصدْ، الصدُّ الذي تمارسهُ خوفًا من أن يصتدمَ معها في حديثٍ مـا يختصُّ بـ أدهم الذي لم يعرف حتى اسمه! لا تريدُ الحديثَ عن أمرٍ أطلقتهُ إليهِ في لحظةٍ غبيّة ولازال يذكره، حمقـاءُ إن ظنّت أنه سينساه! بللت شفتيها بتوترٍ ومن ثمّ عـادت لتتحرّك وهي تشعُر أنّها تحترق، تفركُ ذراعها العارِي بكفّها وهي تكاد تشتمُ نفسها لأنّها لم تأخُذ معها طرحةً تغطّي القليلَ منها، حتى وإن تنازلت عن الحجابِ لكنّها لن تستطِيع الظهورَ أمـامه بهيئةِ أختْ! لذا تمنّت لو أنّها على الأقل ارتدَت بلوزةً بأكمامٍ طويلة وتنورةٍ تنسدلُ على ساقيها أكثر.
كادَت تنزلُ لكنّهُ أوقفها فجأةً حينَ لفظَ اسمها بهدوء : إليــن.
زمّت شفتيها وهي تُخفضُ رأسها قليلًا وشعرها الذي لم يجفَّ تمامًا ينسدلُ على جانبيْ وجهها، همسَت دونَ أن تستديرَ إليه، بصوتٍ فاترٍ تملأهُ البحّة : سمْ.
ياسر بعتابٍ مُبطّن : مافيه حتّى صباح الخير؟
أدارَت رأسها هذهِ المرّة وهيَ تحكّ مؤخرة عنقها بارتبـاك، لم تنظُر لوجههِ ونظراتها ظلّت مضللةً في الأرض، وبخفُوت : كنت مستعجلة ، معليش . .
ياسر يقاطعها : لا منتِ مستعجلة فاهمك بس ما عليه * تحرّك حتى وقفَ أمامها مباشرةً ليُردف بجدّية * حتى عيُونك منتِ راضية ترفعينها لي لهالدرجة هذاك الموضوع مضايقك وما ودّك تحكين عنه؟
شتت عينيها على الأرضِ وهي تضمُّ كفيْها ببعضهما البعض، وبنبرةِ رجـاءٍ عميقة : ياسِر تكفى ، لا تحكي أكثر!
ياسر يتنهّد بعجز : طيّب ، أنا آسف وحقّك عليْ وما راح أحكي عن هالموضوع مرّة ثانية، كذا راضيـة؟!
رفعَت نظراتها حينئذٍ لتصتدمَ بعينيه، ابتسمَت ابتسامةً مهتزّةً تهترِئُ بانقباضِ قلبها وجعًا، وبحسرَة : لو فيه فايدة من الكلام كنت بتكلّم، بس الموضوع ما صار يضرّني عشان أجلس أنبش فيه فليه أضر نفسي بذكره؟
صمتَ ياسر لبضعِ ثوانٍ وهو يعقدُ حاجبيْه، ابتسمَت هذهِ المرّة ابتسامةً صادقة لتُردف : بكُون ممنونة لك لو تنسى اللي سمعته مني.
ياسر بتعقيدةِ حاجبيه، لفظْ : أنا ما سمعت منك اللي صار إلا بعد ما حلمتِ فيه يومتها ، علّميني شلون ما يضرّك وأنتِ تشوفينه بكوابيس؟ ما تدخل العقل ذي!
إلين بصدق : والله والله ما عاد أشوفه، خلاص توقّفت الكوابيس من فترة طويلة وتجاوزت الموضوع ، ماهي إلين اللي توقف عند عثرة يا ياسِر.
ليسَتْ هي، تقُولها وهي مؤمنةٌ بذلك، لو أنّها تسقُط عند عثرةٍ ما ما وقفت الآن هادئةً فوقَ أمواجٍ عديدة، مهما استغرقَت طويلًا حتى تنهضَ إلا أنّها ستفعلها أخيرًا، ولو أنّني كنتُ ضعيفةً لانزويتُ في زوايتكَ أنتَ وما تجاوزتُك! لن تدركَ أبدًا أنّني عشقتُ خطأً لكنّني لم أكُن ممن ينهـار عند عشقٍ أمامَ موضوعٍ أعنف، وكلّ ما حدثَ لي كان أعنفَ منك، الحرامُ أعنف، لذا تجاوزتُك بسهولة، وكنتَ أبسطَ عثرةٍ عرقلتني مهما كانت ذكراها مؤلمـة.
أمـالت رأسها قليلًا وهي تبتسم، وبملاطفةٍ خجولةٍ تحاولُ بها كسرَ الحواجزِ التي تشعر بها شفافةً في هذا الإطـار الجديد : ما تعرف أختَك كويّس، ماني هديل ترى.
ابتسمَ رغمًا عنهُ بصفـاء، وبلطفْ : الشيء الوحيد المتوافق بينكم إنّكم راضعين سوا، ودي أقول الحليب يأثّر بس قويّة خصوصًا إنّه ما أثّر.
إلين تمطُّ شفتيها : سامجة.
ياسر : هههههههههههههههه عوذة مآخذتها من هديل، جاملي طيب لا تصيرين مثلها!
ابتسمت بخجل : ما علينا من هالموضوع شلون أقاربك؟
تلاشت ابتسامتهُ وانخفضَ كتفاهُ قليلًا بعجزٍ وهو يتنهّد : فوّاز حالته صارت مستقرة وتطمّنا عليه بس حاليًا تحت التخدير وما نقدر نزوره ، أما بنت الخال فننتظِر الاستقرار . .
عضّت طرفَ شفتها السُفلى وهي تعقدُ حاجبيها بتأثّر، تتخيّل في هذهِ اللحظـة حـال أمّه، حال أرجوان ووالدها، يا قسـوة الفقدِ حين يسطعُ في القدَر! همسَت بوجع : الله كريم.
كرّر ياسِر من خلفهِا بقلق : الله كريم ، الله كريم ...


،


يدهُ تعبثُ بفوضويّةٍ بكلّ ما تطوله، ينفضُ كلّ ما يراهُ عسَى أنْ ينفضَ هذا الغضبَ في صدره، هذا الغضب العـارم الذي يكـادُ يسقي هدوءَ الأرضِ كلّه، جبـارٌ هوَ كأرضٍ تستقبلُ الماءَ ولا ينضَح، هذا الغضبُ العـارمُ لا يقتلُ قلبهُ وأعصابه، يحاولُ الآن جعلهُ ينضحُ في ضربِ ما حولهُ بدونِ فائِدة، كـان قد عبِثَ بكلِّ ما اصطفّ فوقَ التسريحة، عطوراتِه وزوجته أسقطها ومنها ما تحطّم ومنها ما صمد، علبةُ " بودرة " قد استعملتها زوجتهُ ولم تسترها في درجِها كانت ضحيّة يديه الآن فسقطَت لتتفتّت البوردةُ على الأرضِ وتُغطّي المفرشَ الزغبيّ، دخَلت زوجتهُ في تلكَ اللحظـةِ على صوتِ الضجيجِ في الغرفة، حينها لوَت فمها وهي تستندُ بكتفها على إطـار البابِ بينما أدارَ أحمد جسدهُ إليها لينظُر نحوها بنظراتٍ ناريّةٍ تكفي لتحذيرها من غضبهِ ودفعها للابتعاد، ألا أنها لم تبتعد بل بقيَت تنظُر لهُ بسخريةٍ وهي ترفعُ زاوية فمها، ولم تكد تمرُّ ثوانٍ حتى صرخَ أحمد دونَ شعورٍ وبصوتٍ يفيضُ بالغضب : انقــلــعـــي من وجــهـــي !!! لا أشوفك قدامي قسم بالله لأطلّع كل حرّتي فيك ...
عضّت شفتها وهي توسّع عينيها الواسعتين والشبيهتين بعينيْ غزل حتى في لونهما العسليّ، وبذهولٍ ساخر : افففف! هو أنت من قبل ماقد حسّيت بهالحرة يا بو الغرل؟ يا كبرها عند ربّك منت أصلًا مُصاب بمتلازمة الغضب؟
أحمد بتحذيرٍ وهو يقتربُ بخطواتِه منها : اذلفي عن وجهي ، محد بينضر غيرك.
أمـالت فمها بتقرّفٍ لتشيحَ بوجهها عنه وتتحرّك مبتعدةً وإمـاراتُ الغضبِ تتراءى في ملامحها، تراجعَ للخلفِ وهو يزفُر بغضبٍ زفرةً أشبـه بزئيرِ أسدٍ غاضـب، جائِعٍ للهدوءِ والسكينَة، بينمـا وصل إليه صوتُ زوجتهِ التي كانت تهتفُ بصوتٍ عالٍ حتى يصلَ إليه : سـولااافا عشر دقايق وروحي نظفي الجنـاح ، البابا رجعت له حالتـه.
عضّ شفتهُ بحنقٍ وهو يكاد ينهضُ بعد أن جلسَ على السريرِ ليتبعها ويدقّ عنقها، لكنّه مكثَ في مكانِه وهو يتنفّس بعنف، ما الذي سيفعلهُ الآن أمـام هذهِ المصيبة؟ ظهرت! ظهرتْ تلك العلقـةُ الخاطئة، ظهرتْ تلك الغيمـةُ العقيمُ التي لا تقوى على حملِ مطر ولم تحمل لهُ سوى القلقِ والشقـاء، ما الذي سيفعلهُ الآن بعد مكالمةِ عبدالله له؟ هل ينصـاع؟ أم يتعاملُ مع مشكلتهِ هذهِ بطريقةٍ لا يجيدها سواه؟!

*

قبل دقائِق.
كـان صوتُ عبدالله يصلُ إليه، لم يفكّر أبدًا في التحيّات الرسميّة، التحيّات البدائية في لحظةٍ كهذِه، تحيّاتٍ كاذبة! وكذلك هو، كـان أبعد ماقد يفكّر فيه بتلك اللحظـة أن يبدأ بأحاديثَ رسميّة، إذ لفظَ بنبرةٍ جامدةٍ أقربَ للبُغضْ : أحمد الأميـر ، أفهم من ردّك إنّ الموضوع حقيقي؟
أحمد بجمود : أيْ موضوع؟
عبدالله يبتسم بقسوة : أنتْ أذكَى من إنّك تتصنّع الغبـاء، لا تسيء لنفسك أكثر.
انقبضَت عضلات وجنتهِ بـ " لا تسيء لنفسك - أكثر - "!! ما الذي يفهمهُ من ذلك؟ لا شيء! لا شيء سوَى تلك النقطة السوداء - بالنسبةِ إليه - في حياتِه، هتفَ من بينِ أسنانِه بحدّة : ممكن أفهم أكثر اللي تقصده بالضبط !
عبدالله الذي كـان يجلُس في سيّارتِه أمـام المشفى، تراجَع للخلفِ مستندًا بظهرِه على ظهرِ المقعد، واتّسعت ابتسامـتهُ بكرهٌ ليهتف : دامك تتغابَى للحين فبماشِيك في اللي ودك فيه، أقصد بنتك نجلاء من زواجك الخاطِئ، واللي تركتها ورميتها بدار أيتـام بدون ما تمسحْ حقيقة إنها بنتك في الأوراق العائلية . .
شدّ أحمد على أسنانِه وذاك أكمل بنبرةٍ تحترقُ ويكادُ يحرق بها المُستمعِ إليه إن لم يكُن بدأ يتبخّر فعلًا : طبعًا وتلاعبْت بالاسم اللي عندَك وزوّجتها بينما البنت عايشة باسم ثاني وهويّة ثانية ، يا كبرها عند ربّك !!!
عضّ شفتهُ السُفلى بعنفٌ حتى كادَ يُدميها وعيناه تتّسعـان بنارِ غضبٍ عارِم، كيفَ علِم! كيفَ وصلت إليْه هذه الأخبـار التي إن تسرّبت إليه فستتسرّبُ لسواه! يا هذهِ المصيبة التي حطّت عليْه في وقتٍ خاطئٍ وفي خضمِ المصائبِ الباقية . . شدّ على الهاتفِ بقوّةٍ وهو يقاومُ رغبتهُ في تحطيمه، بينما الصمتُ قيّد شفتيه ولسانهُ عن الحراك، طـال بدرجةٍ تكفِي لإثبـات الصدقِ في أدهم، لاثبـات أنّه لم يكذِب أبدًا وكـان حديثهُ المزعجُ صادقًا يروِي القهرَ في صدرِ عبدالله فينمُو بنشاطٍ ويزهِرُ ببتلاتِ الاشتعـال/الانفجـار، الصدقُ الذي ما ابتغـاه، الصدق الذي أراد أن يكُون نفيهُ صفعةً يلقيها لأدهم . . كيفَ سقطَت تلكَ المسكينةُ في ثلاثِ أيادٍ لا يخشى أصحابها خالقهم؟ أولًا أمّها ووالدها، وآخرًا زوجٌ لا يدري هل زواجهُ بها صحيح! ما الذي يضمنُ أنّ هذا الأب الذي انعدمَ ضمير الأبوّةِ فيه أخلصَ وزوّج ابنتهُ ذات الثمانِي سنينَ زواجًا صادقًا! يا لقبـح ما فعل! ويا لـقبحِ أدهم حين أرادَ ذلك بـطفلة!
أغمضَ عينيه بشدّةٍ وهو يزمُّ شفتيه عن لعناتٍ تكادُ تنطلقُ من حنجرتِه كسهامٍ ستُقذفُ من تلالِ القهر، هذه النار في صدره ما الذي سيطفئها الآن؟ لو أنّ كلّ شيءٍ كان كذبًا لبقيَت تشتعلُ في جوفِه لحقارةِ أدهم، والآن هي لا تشتعلُ فقط! بل تكادُ تحرقُ قلبهُ وتُذبِل عروقه، الصدقُ كـان أعنف، وكلّ ما سيأتِي بعد هذا لن يكُون كافيًا لإطفـاء هذهِ النـارِ في جوفِه، لن يُرضيهِ أن يستمرّ هذا الزواج، ولن يكفِي طلاقٌ حتى يرتـاح صدره، كلّ ذلكَ سيُهلكها ، فماذا هو فاعلٌ يا الله!!!
شدّ على قبضتيْه التي تكادُ إحداهما أن تسحقَ هاتفه، وانبعثَت كلماتٌ لم تأتِ من حنجرتهِ بل جاءت من قلبِ النـار التي تندلعُ في صدره، جاءت ملتهبةً كريحٍ حـارةٍ تُذيبُ الجلدَ وتتبعهُ بالعظـام، جاءَت تسلخُ الحديثَ من أفواهِ المُخطئين : يا كبر ذنبك شلون قادر تعِيش؟ كيف تقوى تكمّل حياتك وأنت مبسوط والبنت عايشـة باسمين وواحد منهم مرتبِط برجّال؟ ما تخاف ربّك؟ ما اهتميت تتزوّج بعدين وهي ما تدري؟ تتلاعب في حيـاة انسان وناسي إنّ فيه ربْ يشُوفك؟
شتت أحمد عينيه ولا تلامس شفاهُه سوى سؤال " كيف عرفت؟ "، لم يهتمّ في هذهِ اللحظـة بالمأسـاة التي خلقها بحجمِ ما اهتمّ بكونِه علِم بتلك المصيبةِ التي أخفاها منذ زمنٍ في قصّةٍ كـاذبة، في قصّةِ ابنةٍ تركها مع والدتها بعيدًا وليتهُ أحرقَ وجودها للأبد! ليتهُ محاها بممحاةِ الكذبِ وأخفى اسمها الذي ظنّه عابرًا في حياتِه! ظنّه عابرًا! ولم يبقى كذلك طويلًا بل هاهو عـاد وقعدَ أمامه متّكِئًا على أوتـار صوتِه ليهزّها في نبرةِ حنقٍ خافتـة : شلون دريت؟ من الزبـالة رقيّة؟ والا من الحقير الثانِي أدهم؟!!
عبدالله وفمهُ يميل بتقززٍ مقهور : أنصفتهم في الوصف، ونسيت توصف نفسك في - زبـالة حقيرة -.
زمجَر أحمد بغضبٍ ليلفظَ بنبرةٍ حـادةٍ تمتلئُ بالكثيرِ من الوعِيد : غلطـان لما تحاكيني بهالطريقة . . شلون دريت؟
عبدالله بسخرية : ومين أنت؟ مجرد شخص وضيع رمى بنته وماهي صعبة عليه يسوي اللي أكبر . . مالك شغل بـ شلون دريت، أنا بسوّي لك خدمة وأستِر على فعايلك ، بس عندي شرط واحد!
بلل شفتيْهِ وهو يُرهف السمع هذهِ المرّة، لو أنّه كـان في وضعٍ أهدأ لا مشـاكل والتزاماتٍ تطوف من حولِه، لو أنّه في هذه الفتـرةِ يعيشُ في سكينة، مـا كان أبدًا رضيَ بالتفاوضـات وتعاملَ مع هذا الأمـر بطريقتهِ هو، لم يكُن ليتردّد أبدًا لكنّه الآن ممتلئٌ بمشاكـل تجعلهُ يتّجه لأقصرِ الحلول : وش هالشرط؟

يُتبــع ..

 
 

 

عرض البوم صور كَيــدْ  
قديم 15-02-16, 12:27 AM   المشاركة رقم: 687
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jun 2014
العضوية: 267722
المشاركات: 575
الجنس أنثى
معدل التقييم: كَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 947

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
كَيــدْ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كَيــدْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر

 




،


تقيّدهُ الجدران، تكبّلهُ أصواتُ الريح التي تعوِي بغضبٍ خارجًا وتهزُّ نافذته، الرّبيعُ يستعدُّ للهرولةِ والابتعـاد، على عتباتِ الصيفِ تُشرقُ شمسٌ أخـرى لم تعُد تكفِيه للدفءِ بعد أن ذهبَت شمسُه، وهاهيَ ذكرياتُه تختلطُ بالأمـس، تنعقدُ حواجبهُ ورأسهُ يندفنُ في وسادتِه البيضـاء بينما عيناهُ تتابعانِ نقُوش السقفِ التي لا تُريد أن تنتهي، يحكُّ قدميهِ ببعضهما والجواربُ السوداءُ تتحلّى بحلّة الدفءِ ولا تُتقِن، لازال يستنكرُ كيف انتهـى ذاكَ اللقـاء الغريبُ به! بتميم الرازن، بعدوّهِ الذي اقتربَ منه البـارحـة بطريقةٍ استنكرَ جرأتها، وحينَ كـاد يقتنعُ بجلسةٍ بينهمـا صدمَ بردّ عبدالله العنيف والذي لم يُرِد إخفـاء هذا الأمـر عليهِ واستشارته.
" يا ويلك! يا ويلك يا بدر تجلس معاه دقيقة وحدة، الحين تتحرك وتذلف عن وجهه مجنون أنت؟ "
حينها عقدَ حاجبيهِ وهو يوجّه نظراته لتميم الذي كان يقفُ على بعدِ خطواتٍ لم تكُن تسمحُ لهُ بسماعِه، يهزُّ ساقهُ اليُمنى بمللِ المُنتظر ونظراتهُ الباردةُ تتّجهُ نحوه، أشـاح نظراتهُ عنهُ وهو يراهُ يرفعُ إحدى حاجبيه ويدسُّ كفيه في جيبي معطفِه، وبهدوء : ما يضر أشوف وش وراه ، الـ ....
قاطعهُ عبدالله بعنفٍ غاضب ونبرةُ صوتهِ المرتفعةِ تُثبتُ هذا الغضب : هذي أوامـر وتنفّذها ، تنقلع الحين وترجع بيتك وحسّك عينك تقرب منه أو تحاكيه ، سامــع !!
بدر بحنق : ماهو أساسًا مهمّتي هِنا أكون قريب منهم وأراقب تحرّكاتهم؟ وشْ قصّتك صايِر أحس إنّ وجودي مثل عدمه ، ترى الوقت طـال وأنتوا تعطوني أوامر بايخة مدري وش ترتجون من وراها وهذا احنا لا تقدّمنا ولا شيء!
عبدالله بحدةٍ آمرة : لا تطوّل لسانك وسوّى المطلُوب منّك، تميم ذا لا تقرّب منه أبد.
لوى فمهُ بغيظٍ وهو يوجّه نظراتهُ لتميم، حينها رآه يُحادثُ في هاتفهِ ويبتسم ابتسـامته المستفزّة، صمتَ لوقتٍ طويلٍ غاضبٍ وهو يراقبهُ حتى أنهى اتّصالهُ ليدسَّ هاتفهُ في جيبهِ ويرفعَ نظراتَه نحوَ بدر، ابتسمَ بوداعةٍ بينما هتفَ بدر من بينِ أسنانه بغيظ : مفهوم ، أوامر ثانية طـال عمرك؟
عبدالله بجمود : لا ، تقدر تتحرّك الحين.
أنهى الاتصـال بقهرٍ وهو يكـاد يرمِي الهاتفَ ويحطّمه، نظرَ لتميم نظرةً أخيرة، لم يكُن في الحقيقة يهتمّ للجلوسِ معه والنظرِ فيما يُريد، لكنّ نبرة عبدالله الحـادة والمتغطرسة جاءت مستفزّةً بدرجةٍ جعلتهُ يريد العنـاد، لكنّه استعـاذ من الشيطـان وهو يزمُّ شفتيه وينظُر إليه بكره، ومن ثمّ أنهَى نظراته تلكَ بأن صدّ عنـه وابتعد، وذاكَ زمَّ شفتيه يكتُم بسمةً ساخـرة وهو يتابعهُ بأنظـاره الباردة حتى تلاشى من أمـامِ عينيه.

انقلَب على بطنِه وهو يشعر بالحنقِ يتصاعدُ في صدرِه، يحـاول طردَ نبرةِ عبدالله المستفزّة لهُ كمـا أنّه بدأ يفكّر فعليًا، " لمَ هذا البطءِ في هذهِ القضيّة "؟ هما قريبين، ومحمّد في يدِهم، والدلائلُ كثيرة، ألا تكفِي؟!!
نهضَ من سريرهِ وهو يمطُّ فمهُ باستيـاءٍ ويتحرّك نحوَ البـاب حتى يخرجَ من غرفتهِ نحوَ المطبخْ، غادة وحسام نائمانِ في هذا الوقتِ بعد أن سهرا اللّيل يتابعان فيلمًا وثائقيًا في التلفـاز، اتّجه نحو المطبخِ في عتمةِ البيئةِ حوله، فتحَ الثلاجـة ليُخرجَ عصير برتقـالٍ ويتنـاول كوبًا ليصبَّ لنفسهِ فيهِ ويُعيده، سيتذوّقها في البرتقـال الذي تعشَقْ، والذي كانت تشربهُ صباحًا كخمرٍ لا يليقُ بأحدٍ أن يرتشفهُ ليلًا . . عندما يمُوت الأقرباءُ منّا تبقى ذكرياتهم، صفاتهم، عاداتهم، وكم أنّ صفاتهم وعاداتهم تصبحُ قريبةً منّا حدّ أن تتلبّسنـا لنخلقَ صورةً للميّتِ فينا، نستمدُّ منها الصبرَ و " لا حولَ ولاقوّة إلا بالله ".


،


مرّ اليومُ سريعًا بالرُّوتينِ ذاتِه، بالحزنِ ذاتِه، بمحاولـةِ الصمودِ ذاتِها، ولم يختلفْ سوى عُمق الدعوات، اقتربَت السـاعةُ من التاسِعةِ ليلًا، كـانت غرفةُ فوّاز تعجُّ بأقربائِه، جسدهُ المخدّر يجمدُ ويثقلُ فوقَ السرير، عيـناهُ تنظرانِ لمن حولهُ بإجهـادٍ وشفتاه المبيضّتانِ تجفّـانِ بذهابِ المـاءِ عنه، وقفَ بجانبهِ ياسِر ليبتسمَ وهو يلفُظ : يلا يا بطل قوم بسرعة ، جنّنت امك وأهلك.
عقدَ حاجبيْه وهو يُغمض عينيه بإرهـاق، لا يشعُر بجسدهِ في خضمِ هذا الخدَر، عقلهُ يتوقّف عند نقطةٍ واحدة، عند ملامحَ واحدة، عند زوجِ أعينٍ واحد، عند صوتٍ واحدٍ كـان يُناجِيه قبل أن يغيب، صوتٍ واحدٍ كان يهتفُ باسمهِ بكلِّ ألـمٍ ووَهن، صوتُه الآن يغادر، حلقهُ الجـاف لا يسمحُ لهُ بالحديث، بالسّؤالِ عنها، وجسدهُ الغائبِ لا يقوَى على الاندفـاع إليها، فقدَ قوّته الكافيـة للاتّجـاهِ لقبلتِه، فقدَ الطـاقة التي كـان يستمدّها للقُرب، كيفَ هي روحهُ هنـاك؟ مُهلَكة! موتُ جسدهِ يخبرهُ أنّها مُهلَكة، أنّها غائِبـة، يا الله ما أتعسهُ الإنسـان حين تصيرُ المسافاتُ قريبة، لكنّه لا يقوى حراكًا!! دائِمًا ما كـان يقُول أنّ المسافـة بينهما بعيدة، لكنّها الآن ليست بعيدةً بحجمِ ماهوَ فاقدٌ للقـدرة، يا الله، يا الله! جفّ صوتُه، الآن لا يملك سوى دعواتٍ ستُثـار في صدرِهِ ولا تبزُع، جفّ صوتها في حنجرته، كيفَ عساهُ يرتـاح هُنا وهو لا يعلمُ شيئًا عنها! لا أحـد يرحمهُ ويتحدّث عنها، لا أحد يسكِنُ هذا القلقَ والخوفَ في صدرِه، وصمتهُم هذا يُثبت أنّها ليسَت بخير كمـا أنّ عدم تواجد عمّه يقُول ذلك، لا لا إلا هذا! الا هذا يا اللـه!!
فتحَ عينيه ونظَر ليـاسر نظرةً امتلأتْ بالكثِيرِ من الرجـاء، نظرةً لم يكُن ياسر ليصعب عليه فهمها، لكنّه تهرّب من الإجـابةِ وهو يشتتُ عينيه، لم يكُن يريد الكذِب عليه، أراد فقط أن يطمئن لاستقرارِ وضعها ومن ثمّ سيُطمئنـه. لفظَ بنبرةٍ هادئةٍ ظاهريًا : أمّك تبيك ومن أمـس وهي محترقة تبي تشوفك ، سيف بيجيبها وكم دقيقة وبتشوفها عندك.
لم يُكمِل كلماتهُ تلك الا وصوتُ امرأةٍ باكيـةٍ يقترب، ابتعدَ عن السريرِ بتلقائيةٍ حتى اندفعَت ام فواز لتلصقَ بالسريرِ وهي تكاد ترتمِي مقبلةً وجهَ ابنها إلا أنّ سيف أمسك كتفيها من الخلفِ وهو يلفظُ بهدوء : عمتي انتبهي ترى جسمه متكسّر كفايـة ماهو ناقص أكثر من كذا.
خرجَ ياسِر في تلك اللحظـة حتى يتركها تتقوقعُ مع ابنها كما تشـاء وكما تستحقُّ الأمُّ التي تنكسرُ أجنحتها حين يُصاب صغارها بشيء، الأمُّ لغـةٌ لا تترجـم لأخـرى، وهاهيَ تلكَ اللغـة تنكبُّ على سطُور الانكسـار ببكاءٍ موجعٍ على حرفِها الوحيد، على ابنـها الذي لم تلِد غيرهُ رجُلًا، بكـاءُ الأمّ التي لا تُرتّل تراتيل الحُزن إلا صدقًا، بكاؤها الذي أوجعَ صدر فوّاز في تلكَ اللحظـات فوقَ ماهو موجُوعٌ بأفكـارهِ نحوَ قبلتِه، في حينِ كانت ام فوّاز ترتّل بصوتِها الحزين حمدًا وحسرةً عليه، ومن خلفِها كانت أسيل وديما قد دخلتا ليطمئنّا عليه.


،


الحـاديةَ عشرة والنصف ليلًا.
تجلسُ فوقَ السريرِ المُبعثَر مفرشهُ أسفلها، تدهُن ساقيها بمرطّبها وأجفانُها تتدلّى كستائر أعلَنت نهايـةَ عرضٍ مـا، وهاهو يومها ينتهي بعد شقائِه وتعبِه هُنا في جناحِها وقد أمضت البارحـة عند والدتِها مع بناتِ عمّها، حتى أنّ سيف نـام هنا لوحدهِ بعد أن عـاد فجرًا وتركها هُنـاك، لكنّه اليومَ أصرّ عليْها بأن تعُود معهُ ولم يترك لها مجالًا كيْ تعترض.
وضعَت المرطّب على الكومدينةِ ومن ثمّ رفعَت كفيها إلى شعرها لتُخرجَ مشبكَ شعرها وتُعيد لفّهُ وتثبيته، وفي تلك اللحظـات كان صوتُ المـاءِ في الحمـامِ قد صمتْ، مضَت دقيقتينِ قبل أن يُفتحَ البـاب ويخرجَ سيف ببنطـال بيجامتهِ فقط والمنشفةُ تطوفُ بين خصلاتِ شعرهِ بعبثِ يديه، رمقتهُ لثوانٍ قصِيـرة، لم يكُن يراها وقتَذاك إذا أنّ عينـاهُ تعانقانِ الأرضَ وهو يمشي باتّجـاه السرِير، أشـاحت نظراتها عنهُ لتوجّهها نحو أصابعها السمـراء التي كانت تلعبُ بها بأصابعِ كفّها الأخرى، ومضَت لحظتينِ قبل أن تشعُر بهِ يجلسُ بجانبها وهو يتركُ المنشفةَ على كتفيْه، توجّهت أحداقُه نحوها وهي تسحبُ اللحافَ من أسفلِها حتى تتغطّى بِه، شعرها تمرّدت خصلاتٌ ناعمةٌ منهُ لتنسدلَ أحدها إلى كتفِها، ابتسمَ بلؤمٍ رغـمَ إرهاقـه، وما إن تراجعَت للخلفِ لتتمدّد حتى فاجأها سيف بأن مرّر يدهُ بسرعةٍ أسفلَ ظهرها ورفعها بذراعِه ليحشرها بصدره، شهقَت حين شعرَت بوجنتها تُدفَن بالمنشفةِ على كتفه، دفعتْهُ وهي تنظرُ نحوه بذهولٍ وقرف، وبنبرةٍ مذهولة : يا وصــخ!!
ضحكَ بتسليةٍ وهو يُبعد المنشفةَ المبتلّة ويرميها جانبًا، وبمشاكسة : شدعوى كلّها مويا!
ديما بحنقٍ وهي تمسحُ على وجنتها : كم مرة قلت لك ما أحب هالحركة ، يع مقرف.
سيف : هههههههههههههههههههههه يا حبّك للمبالغة.
ديما بقرفٍ ترفعُ اللحاف وتتمدّد أسفله لتُغطي جسدها حتى كتفيها، واجهتهُ بظهرها وهي تلفظُ بامتعاض : مو وقتك الحين بنام تعبانة.
ابتسم وهو يمدُّ كفهُ ليمسحَ على شعرها ويهمس بخفوت : مين اللي تعبان أنا والا أنتِ؟! نسيتي إن أهلك كلهم مزعجين لا من أخوك ولا من بنت عمك ولا منّك بعد!!
ديما وهي تغمض عينيها وتمطّ فمها بغيظ : حدّك الا أهلي.
تمدّد بجانبها ليسحبها إلى صدرُه العاري ويقبّل كتفها هامسًا بحُب : عيُوني لأهلك كلهم.
توتّرت قليلًا وهي تبلل شفتيها وتشدُّ على أجفانِها دونَ أن ترد، حينها ابتسمَ وهو يقبّل عنقها ومن ثمّ يشدها أكثر إلى صدرُه كي يجدَ الراحـة في نومِه بعد أن فقدها البارحـة.

يُتبــع ..

 
 

 

عرض البوم صور كَيــدْ  
قديم 15-02-16, 12:50 AM   المشاركة رقم: 688
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jun 2014
العضوية: 267722
المشاركات: 575
الجنس أنثى
معدل التقييم: كَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 947

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
كَيــدْ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كَيــدْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر

 




،


عـاد للمنزِل بعد ثلاثِ ساعاتٍ من الغِيـاب، كـان قد خرجَ أكثر من ثلاثِ مرّاتٍ اليومَ ليغيبَ وقتًا لا يتجـاوزُ الساعـة، مقيّدٌ حتى في قسوتِه! لا يستطِيع تركها طويلًا حبيسةَ غرفتهِ لذا كـان لا يهنـأ في خرُوجِه، ولا يستطِيع من الجهةِ الأخرى تركها طليقةً وهو لا يستطيع الثقة بكونِها لن تهرب! ، شعرَ بالحقدِ يتصـاعدُ نحوها، شعُوره بالضيق لكونِها تدفعهُ لمعاملتها بهذهِ الطريقةِ " اللا بشريَة "، شعورهُ بالضيقِ لكونِه باتَ مقيّدًا قربها خوفًا من هربِها، وبالرغم من هذا الضيق لن يتركها دونَ حساب! لن يتركها بهذهِ البسـاطةِ ليسَ لشيءٍ سوى أنّ مرارةَ الخداعِ باتَ حجمها كبيرًا في حلقِه . . وجدَ سالِي بعد دخُولهِ تجوبُ في المنزلِ حتى تُغلقَ الأنـوار، ومـا إن رأتهُ حتى اندفعَت فجـأةً إليهِ وهي تلفُظ برجـاء : بابا سلطان حرام إنتَ سوّي كذا هذا مدام غزل يبكي فوق . .
عقدَ حاجبيْه بضيقٍ وهو يُشيح بنظراتِه عنها ويمضي متجاهلًا حديثها، إلّا أنها بالرغمِ من ذلك لم ترضى أنْ تنحلّ عن قيمها، فمهما كان الإنسـان مُخطئًا، مهما اعتقدَت في عقلها أنّ غزل خطيرةٌ ربّما، إلا أنّها لم ترضى يومًا بهذا العقـاب اللا انسانِي، فالبشرُ بطبيعتهم يحبّون الحرية، لذا شعرَت بالشفقةِ على غزل التي حُبست لثلاثِ ساعاتٍ وحيدةً في الأعـلى ومن قبل ذلك تركها ثلاث مرّاتٍ أو أربعَ لساعـةٍ كاملـة. أردفَت بجدّية : هذا فيه انسان حـرام سوّي فيه كذا ، إنتَ فيه كويّس بابا سلطان مافيه سوّي كذا
سلطان بضيقٍ يقفُ مواجهًا لها بظهرهِ وهو يرفعُ إحدى كفيْه ويمسحُ جبينه : خلاص سالي لا تزودينها عليْ اللي فيني مكفيني . . * تنهّد بعجزٍ ليُردف * جهزي لها شيء تاكله والحقيني فوق.
لفظَ بكلمـاتِه تلك ومن ثمّ تحرّك باتّجـاه عتبـاتِ الدرج، بينما زفَرت تلكَ بأسى وهي تهزُّ رأسها وتلفظَ بكلماتِ حسرةٍ ذاهبـةً باتّجـاه المطبـخ.

اقتربَ من غرفتِه بينمـا كلُّ خلايـاه تشعر بالنفُورِ منها، تركها لثلاثِ ساعات! وساعـةٌ واحدةٌ تكفِي لجعلهِ يشعر بالصديدِ يلتحقُ بحنجرتِه ويذُوقَ بها مرارةً تُضاعفُ كُرهه لها، ماذا عسـاهُ يفعل؟ كيفَ يتركها طليقةً بكامِل غبـائِه وهو بعيدٌ لا يطمئنُّ لما قد تفعله؟ أرغمتهُ على سوءَاتٍ تجعلُ منهُ رجلًا قبيحًا يضرُّ بأنثى، وبالرغمِ من كونِها تستحقُّ القسوةَ إلا أنّه لم يشعر بالمرارةِ إلا حين اضطر لحبسِها والانسلاخِ من كلِّ معانِي البشرية.
عضّ شفتهُ بقهرٍ تفنّنت في رسمِه ليومينِ بصدرِه، أخرجَ مفتـاح غرفتهِ من جيبِه بينما يدهُ الأخرى تقبضُ على الكيسِ الذي يحمله، لو أنّ بوسعهِ تمزيقَ كلّ هذا القهرِ في الجماداتِ حوله، لو أنّه فقدَ الشعورَ بكلِّ ما حـولهُ منذُ اغتيلَ مِن سلمـان، لو أنّ البلادةَ أصابتهُ فجأةً حدّ أنْ يتركها لقدرها بعيدًا عنه، لكنّه لا يقدِر! لا يقدِر أبدًا، ولو أنّ هذا الضيقَ لا يزاورهُ ويفقد انسانيتهُ بعد كلّ ذلك ولا يشعرُ بالمرارةِ تغزوه!!!
فتحْ البابَ ودفعه بينمـا عينـاهُ تستعدُّ للمحِها، ومن ثمّ ستشتعلُ نارُ حقدِه من جديدٍ ليُحرقها ككلّ مرةٍ يراها فيها منذ البارحة!! . . وجدَ السريرَ خاوِي، عقدَ حاجبيْه وهو يحرّك أحداقهُ في الغرفـةِ الواسعة ولا يجدها!! شدّ على الكِيس أكثر وأقدامهُ تتحرّك تلقائيًا باتّجـاه الحمـام الذي كـان مفتوحًا، لا يمكن أن تكون هربَت!! يستحيل ذلك !!! . . دخَل الحمـام بعجلةٍ ليجدهُ خاويًا أيضًا، حينها فغرَ شفتيْهِ وعينـاه تتّسعـان بغضب، تراجعَ للخلفِ وهو يعضُّ شفتهُ السُفلى، لكنّ أنّةً خافتـةً دفعتهُ ليستديرَ بسرعةٍ ليُفاجئ بها جالسةً على الأرضِ وظهرها يتّكئُ على السرير، لم يكُن ليراها حينَ دخَل كونُ إحدى جانبيّ السريرِ يقابلُ البابَ في شكلٍ عرضيٍّ وهي تختبئُ في الجانبِ الآخـر، زفَر باحتراقِ أعصابِه زفرةً تحمّلت بحرارةِ غضبهِ أجمع، فرّغ مافي صدرِه من غضبٍ في تلكَ الزفـرة، ومن ثمّ تحرّك باتّجـاهها تضمُّ جسدها بذراعيها ورأسها يميلُ يمينًا حتى يكادُ يسقُط عن عنقها، إحدى قدميها ممتدّةٌ على الأرض، والأخرى تعكُفها لتُلامسَ بباطنَ قدمها العاريـة الأرضَ البـاردة . . زفَر مرّةً أخرى وهو يحملُ جهاز التحكّمِ ويخفضَ برودةَ التكييف، عوضًا عن كونِ بجامتها خفيفةً كانَ بنطالها يرتفعُ إلى ركبتيها، وضعَ الجهازَ على الكومدينةِ ومن ثمّ نظرَ إليها، إلى ملامحها المستكينةِ في نومِها الموجعِ في أنّاتٍ تُصدرُ متقطّعةً متباعـدة، الملحُ يترسّبُ ماؤهُ على وجنتيْها، سمـراءُ تلكَ العيُون احترقَت بلهيبِ دمعِها، احترقَت أجفانُها بالحُزن، ذاك الحزن الذي تخلّفهُ في صدرها بيديها، يعبُر بأطنـانِ الألـمِ إلى محاجرِها فتلتهبُ عيناها بالحُمرة التي ينتظرها الآن ما إن تفتحَهما، لا ذنبَ لهُ بهذا الحُزن! لا ذنبَ له بهذا البُكـاء الذي ما ظنّ يومًا أنّه سيُخلّفهُ بِها، أشدُّ جريمةٍ هي تلك التي يقترفها المرءُ في حقّ نفسه، فما الذي فعلتِه بنفسكِ يا غزل؟ كيفَ امتلكتِ الجرأةَ على قطعِ اليدِ الممتدّةِ نحوكِ بلطفٍ لتأتيك اليدُ الأخرى / المُناقِضة لذاك اللطف! . . هزّ رأسهُ بقهرٍ وهو يقتربُ منها أكثر، رمَى الكِيس الذي كانَ يحملهُ على السريرِ ومن ثمّ انحني إليها، دسّ إحدى كفيهِ أسفل ركبتيها والأخرى أسفل عنقها ومن ثمّ رفعها عن الأرضِ الباردة، لم تشعُر بهِ في بادئ الأمـر أو لم تستوعب بالمعنى الصحيح الكفّ التي تحملها والصدر الدافئ الذي كانت وجنتها تلتصقُ بها، لكنّه ما إن وضعها على السريرِ حتى شهقَت وهي تفتحُ عينيها اللتين كانتا محمرّتين فعلًا، انتفضَت في اللحظةِ التي سحبَ فيها كفيْه من أسفلها، بينما اتّجهت أحداقها إليه ليرفعَ جسده وهو يرمُقها ببرود، ازدردَت ريقها وهي تُشيحُ نظراتها عنهُ وتمسحُ على عينيها بإحدى كفيها، حُنجرتها جُرحَت بالأنينِ السابق! تخثّنت دمـاءُ هذا الوجعِ فيها وفقدَت هويّة صوتها في غيرِ البُكـاء والأنين، الحديثُ باتَ مؤلمًا، التّشكِي لا يُسفها، لمن تشتكِي؟ لمَن تفرّغ هذا الوجعْ؟ كانَ أوّل مينـاءٍ للتشكّي، وآخرُ مينـاء! كان الوحيدَ الذي أخبرها بأن تُطفئ ثورانَ أشرعتها وتسترخي في أضلعِه، لكنّه باتَ ساخنًا فجأة، لم يعُد يأوي، باتَ يجرحُ سفينتها بتعاملٍ قاسٍ! بتعاملٍ وجَدت فيهِ البردَ والخـواء!!
استدارَت قليلًا لتتمدّد على جانبها الأيسَر وتواجههُ بظهرها، وبغصّةٍ يخرجُ صوتها مبحوحًا بعدَ أنْ فُقِد، يؤذي حُنجرتها المستوجعة، بنبرةٍ كـان بها الكثيرُ من الأسى كما الخوفْ : الحيوانات مكانها ماهو في السرِير، ليه شلتني عن الأرض؟
انقبضَت عضلةٌ في وجنتِه وهو يرمقها بذاتِ نظرتهِ البـاردة، وبصوتٍ قاسي : لا تمثّلين دورَ المُضطَهد!
غزل بحُزنٍ يتّزنُ في صوتِها لينشطِر عن هدوئِها الثبـات : مو قاعدة أمثّل ، أنت اللي قلت هالشيء من حبسَك لِي بهالطريقة وكأنّي حيوان عندك!
جلس على السريرِ بجانبها لتبتعدَ عنهُ تلقائيًا وقلبها ينبضُ بتسارِع خوفِها منهُ وربكتها، بينما ابتسمْ هوَ بقسوةٍ وهو يمدُّ يدهُ نحو الكيس الذي كان عند قدميها، ليلفظَ بحدّةِ قسوتِه التي تقتل : عارفة قدرِك ، كويّس.
ارتعشَت شفاهُها وهي تُغمض عينيها بقوّةٍ وتُحيطُ جسدها الهُلاميَّ بذراعيْها، تقوّست على ذاتِها وتقوقعَ البُكـاء في حنجرتها بعد أن تعِب منها، تعبَت الدمُوع من عبورِ محجريها، من عناقِ أحداقِها، تعبَ البُكاء من حُزنها، لم تتخيّل يومًا أن يكون ضربَ الكلامُ أقسَى من ضربِ اليديْن! لمَ كلماتُه تجرح؟! لمَ تؤذِي بهذهِ الطريقة؟ ألأنها اعتـادت قبلها اللطف؟ ألأنها اعتادت من قبلها الاحتواء؟ لم تظنّ يومًا أنّه يملك هذا القدر من القسـوة، تلكَ العينين كيفَ تقسُو وهي ملاذ؟ تلك الشفـاهُ كيفَ تجرحُ وهي قبّلت مرةً رأسها بمواساة؟ ذلك الصدرَ الدافئ، كـان مرّةً مينـاء، كيف أصبحَ يا اللهُ قبرًا؟
استدارَت أكثر حتى كـادت تدفُن وجهها في الوسـادة، تقوّست شفاهُها بوجعٍ يحرقُ خلايـاها، يحرقُها رغمَ البردِ فيها! رغمًا عن كلِّ شيءٍ كـان حديثُك يا سلطـان ينخرُ ببرودِه بقسوةٍ تحرق! كيفَ تجتمعُ الأضداد؟ لا تدري! مثلما جاءَت القسوةُ بعد اللطف هاهي الحرارةُ تجتمعُ مع برودةِ كلماتِه. همسَت بغصّةٍ احتوَت الكثيرَ من الرجـاءِ والألم، تغمضُ عينيها وتصدُّ عنهُ وعن قسوةِ عينيه بحجمِ ما تستطِيع : عمري ما توقّعت إنّ قسوة أبُوي ممكن تصير ولا شيء عندك ! عند أي شخص !! عمري ما توقّعت أصلًا إن فيه شيء أقسى من الضرب ! رجّعني له يا سلطان تكفى! نـاره ولا جنّتك إذا باقي نقدر نقول إنّك جنة!!
سكَن كلُّ شيءْ، غابَ صوتُ أنفاسِه وبقيَت أنفاسهَا المُتألّمة، صمتَ صوتهُ لترتعشَ حتى في صمتِه، احتضنَت نفسها أكثـر دونَ شعورٍ منها وهي تدفنُ وجهها هذه المرّة في الوسـادة وكأنّها تدرك مليًّا أن هذا الصمتَ وهذا الهدوءَ يسبقُ عاصفـةً مـا، ولم تكدْ في تلك اللحظـة أن تمرّ خمسُ ثوانٍ على هذا الانكماشِ الذي أصـاب جسدها حتى شعرَت بأصابعِ يدهِ تنغرسُ في كتِفها، صرخَت بذعرٍ بينما أدارها سلطان بقسوةٍ ليقلبها على ظهرها وتتّجه عيناها المتّسعتينِ بذعرٍ لعينيهِ فوقها، وجههُ الذي اقتربَ من وجهها، نظراتُه الحـادة والمُرعبـة، تلكَ النـارُ التي تُحيطُ بأحداقِه، تلكَ النـار السوداءُ التي تكادُ تلتهمها، اقتربَ من وجهها أكثر وهو يشدُّ على أسنانه، وبصوتٍ حـادٍ رتّل فيهِ أقسى معانِي الغضب : لو أسمع منّك هالجملة مرّة ثانية صدّقيني بخليك تنسين كل شيء شفتيه من أبوك من قبل، بخليك تنسين أبوك من الأسـاس وما تذكرين إلا سلطان وقسوة سلطان . . * أضاف بصوتٍ أكثر حدّةٍ وهو يكاد يغرس أصابعهُ في جلدها * رجعة له احلمِي فيها ، قلتها لك وبكررها .. ثمن غبائِك حياتِك اللي بحتكرها فيني وبس! صلّي صلاة الميّت على حريّتك.
عضّت شفتها المرتعشتينِ وعيناها تخفُتـان بدمعِها الذي اجتمعت قطراتُه في موجةٍ عاتيةٍ، موجةٍ أهلكَت قواربَ النجـاة من اعصـارٍ تكوّن في - سلطان -، ارتعشَت نبرتها في فمِها لتخرجَ بكلماتٍ متقطّعةٍ واهنـة : أثبَت لي .. إن كل .. الرجال .. مثل بعض!
ابتسمَ بسخرية : تهينيني لا حطيتيني في مقارنة مع أبُوك.
زمّت شفتيها وهي تنظُر لملامحهِ التي تشوّشت بتكتّل الدموعِ في عينيها، انكسَرت الصورةُ المثاليـة، الحنـانُ الصافِي، ورأت الآن صورةً أخرى امتلأت قسوةً مؤلمـة! قسوةً جلبَت حزنًا عاقـر حزنًا قبلهُ كـان يمتلئُ قهرًا . . عقدَت حاجبيها حين استذكَرت ذاكَ الحُزن، تلكَ الخيبة، ارتعشَ جسدها لذكرَى لم تعبُر وبقيَت تسكنها حتى الآن، لذا واتتها رعشـةُ قهر، أسقطَت دمُوعها دُون شعورٍ منها وهي تشعُر بالانكسـار يتكرّر، صورتيْن تمثّل بها سلطـان، صورتيْن كـان ختامها الألـم! . . لذا وجدَت نفسها دونَ شعورٍ تشدُّ على أسنانها بقهرٍ منهُ ومن هذهِ الصورة التي ناقضَت سابقتها، أطلقَت كلماتها المقهورة بوهنٍ وبالرغمِ منه كانت حدّة تلك الكلمـات كافيـةً لتُغيظه : حقير ، حيوان ، حشـرة و *** و . . .
قاطعهـا بصرخـةٍ مُفاجئةٍ وهو يضعُ كفّهُ على فمها ويخترقُ فكّها بأناملِه، لم تكُن تلك الصرخـة سوى باسمها، باسمها الذي باتت تكرهُه، باسمها الذي أضـاف إليه حرفًا أو اثنين ودلّلها به، بـ " غزال/غزالة "! صرخَ باسمِها جافًّا من تدليلهِ وانتقـل الجفافُ إلى أنامِله التي تيبّست مخترقـةً فكّها، دفنَ رأسها بالوسادةِ وهو يضغطُ عليه ويشدّ قبضتهُ الأخرى على كتِفها لافظًا من بينِ أسنانِه بغضبٍ حـاد : يـــا وقــــحــــة ، باقي عندك وجه تحكين وتسبّين؟ أنا اللي بربّيك يا بنت أبوك ، أنا اللي بربّيك !!!
أغمضَت عينيها بقوّةٍ ورغمًا عنها كانت تنتفضُ أسفلهُ بخوف، ندمَت لمـا قالتهُ بعد اشتعـال عينيه أكثر، اشتعـال كان يعلُو دونَ حاجتهِ لحطبٍ فكيف إذا أضافتهُ إليه؟ . . أمـال فمهُ بقرفٍ منها وهو يُقرّب وجههُ من وجهها، كـانت تشعر بأنفاسِه الحـارة، الحـاقدة، شعُورها بها تقتربُ منها دفعها لمحاولـة إشاحةِ وجهها عنهُ إلا أنّ يدهُ التي كانت لا تزال على فمها كـانت خيرَ مُقيّد، فتحَ فمهُ حتى يهتفَ بشيءٍ مـا لربّما تكون قسوته أكبـر، لكنّ صوتَ البـاب في تلكَ اللحظـة جعلهُ يتجمّد لثانيتيْن قبل أن يُبعد كفّه عن فمها وينهضَ عن السرير، اتّجهَ للبـاب بينما ضمّت هيَ جسدها في علامـةِ احتمـاءٍ كرّرتها عشرات المرّات لخوفِها منه، عضّت شفتها حتى تُسكن رعشـتها، ولو أنّها تقضُم الرعشـة في كامِل جسدِها !! . . سمعتهُ يشكُر سالِي ومن ثمّ يغلق البـاب، تحرّك حتى وصل للطـاولة ليضعَ الصينية التي حملَت كوبيْن من العصير وصحَنًا احتضن " ساندويتشين "، اعتدل في وقفتهِ وهو ينظُر نحوها بجمودٍ لافظًا : تعالي كلي لك شيء قبل لا تنامِين.
لم تنظُر نحوهُ وهي تزدردُ ريقها، لا تملك الجرأة في الرد بعد أن استنفدت جرأتها في شتائمها التي تمنّت لو أنّها أثلجَت حرارةَ هذا الخوفِ وربكتها، رفعَ إحدى حاجبيه بحدةٍ من تجاهلها، ليردفَ بصوتٍ حادٍ حازم : غــــزل ، ما ودي أكرر الكلام اللي بقوله.
زمّت شفتيها لتشدّ على أجفانها بقوّةٍ وتهتفَ بضعفٍ موجِع : ما أحب آكل قبل النوم.
سلطان بحزم : دامه وصل بتاكلين غصب عن ما أحب ذي ، قومي أشوف.
نهضَت رغمًا عنها وهي تُعيد شعرها خلفَ أذنها باضطرابٍ وتنظر للأسفل، اتّجهت نحوهُ بخطواتٍ مُتباطِئة ترسمُ فيها بفرشـاةٍ مِهترئةٍ اهتـراءَ حياتِها، هاهيَ حياتُها تكتملُ لوحتها في الألـوانِ ذاتها، حين ظنّت أن تلك العتمةَ أضيأت لبعض الوقتِ كانت واهية! لم تُضيء عتمتها، لم تُرسم ولو - خطأً - بلونٍ فاتـحٍ يملأ عتمتها ببعضِ التفاؤل، كـان الفرح حكرًا على غيركِ يا غزل، على غيرِك!!
جلسَت على الأريـكة المعتمةِ كحياتِها بلونٍ ليلكيٍّ يغمّد الضوءَ بظُلمتِه، نظَرت للصينية فوقَ الطـاولة ووجهها المُنتفخ ببكائِها يشرح المأسـآة التي تعيشها منذُ يومين، في حين كان سلطـان قد جلسَ على أريكةٍ منفردةٍ وهو ينظُر نحوها بحدّةٍ اكتمـلت بصوتِه الآمـر : مدّي يدك تبيني بعد أعلّمك شلون تآكلين والا منتظرتني أأكلك يا بنت الأمير؟!
انقبضَت عضلاتُ وجهها ومن ثمّ تحجّرت بمدى الضعفِ والإهـانات التي يُطلقها إليها اليوم، سواءً كـانت مباشرةً أو غيـر مباشِرة، الكلام يجرح أكثر من أذى الجسدِ فعلًا! يجرحُ أكثر من جلدٍ وصفعة! يجرحُ حين يكُون صاحبها مُتقنًا لمـا سيُخرجه، ولم تظنّ لوهلةٍ أن يكون سلطان متقنًا بهذهِ الدرجة!!
مدّت يدها المُنتفضـة نحو الصينية لتبدأ بالأكـل دون رغبةٍ وهو يراقبها بجمود، تركها حتى أنهَت نصف الساندويتش ومن ثمّ وضعته وهي تهمسُ بغصّةٍ جعلت عبُور اللقمـة مؤلمًا : خلاص شبعت.
سلطان بجمود : والعصير!
غزل بنبرةٍ باهتة : مالِي خاطِر فيه.
سلطان وشفاهُه المتشنّجة تتحرّك بثقلِ رغبتِه في إرغـامها على كلّ ما يُريد! : ماراح أمشّيها مثل الساندويتش، اشربيه.
رفعَت نظراتها المُنكسِرة إليه وهي تستشعرُ الاضطـهاد في صوتِه، من الواضح أنّه لا يريد شيئًا بحجمِ التسليَةِ بإرغامِها على الأكل، لم تستطِع الاحتمـال! لم تعُد تستطِيع الاحتمـال!! ثقُلت أهدابها بقطرةِ دمعةٍ عادَلت في وزنها أطنـان وجعها، لم تكُن أهدابها لتحمل تلكَ القطرة، لذا سقطَت ببطءٍ وهي تنظُر نحوهُ بانكسـار، حينها انتفضَ وهو يقف، أشـاح نظراته عنها وهو يشدُّ على أسنانه بقوّة، ارتفعَ صدرهُ بشدّةٍ ليهبطَ بعنفِ تنفّسه، اتّجه نحوَ الحمـام بخطواتٍ واسعة وهو يلفظِ بنبرةٍ جامـدة وعينيه تهربـان عن النظرِ إليها : الكيس اللي فوق السرير فيه جوّالك اللي صلحته لك، لا تفتحينه الا بكرا . .
وقفَ أمام البـابِ وهو يُمسك بمقبضِه ليُردفَ بصوتٍ انخفضَت قسوتهُ التي فرّغها في الشدِّ على المقبضِ حتى آلمته مفاصله، ليُردف : ونامِي اليوم متطمّنة لا تجلسين تتنافضين وتزعجيني بالنُوم ، أنا كنت حالف ما أقربك من قبل، وماراح أقربك لين ما أكفّر عن حلفانِي.
دخَل الحمـام وأغلقَ البـاب لتنتهي كلماتُه، ليُبتـر صوته الذي لربّما ظنّ أنّه سيُطمئِنها، لكن لا، لم تكُن تلك الكلمـات مطمئنة، لم تكُن سوى دليلًا على كونِ كلّ شيءٍ سيصير مؤخرًا ، لن يتراجع، لن يتراجع أبدًا ..


،


تضعُ ظاهـر كفّها على عينيها وهي تفغُر فمها لتلتقطَ الأكسجِين، جسدها المسجّى فوقَ السريرِ واهِن، والغُرفـةُ بـاردةٌ بدرجةٍ تشعُر أنّها تُجمّدها، أو ربما نقصُ الأكسجين في دمِها يُشعرها بهذهِ البـرودة . . تشعُر أنّ قلبها سيخترقُ أضلعها ويخرجُ من شدّة نبضاتِ قلبها التي بات نبضها في كامِل جسدِها، بينما السـاعةُ تدقُّ بتعانقِ عقاربها عند الثانية عشرةَ منتصفَ الليل.
سمعَت صوتَ بابِ الجنـاحِ الخارجيِّ يُفتح، ومن ثمّ صوتُ شاهين الذي ألقى السـلام بصوتٍ عالـي، اتّجه مباشرةً نحوَ الغرفـة وصوت خطواتُه يسبقه، حينها أزاحَت كفّها عن عينيها وهي تنظُر باتّجـاه البـاب الذي فُتح ودخَل منه شاهين مبتسمًا بإرهـاق الليلةِ الماضيـة الذي امتدّ حتى هذهِ اللحظـة، هتفَ بنبرةِ شوقٍ إليها : هلا بالكيـان اللي اشتاقته عيُوني.
ابتسمَت بصعوبةٍ وإجـهاد، حاولَت الجلوسَ إلا أنّها لم تستطِع، حينها عقدَ حاجبيه بشدّةٍ وهو يلحظُ الإرهـاق الذي يطفُو على ملامحها، سافـر الإرهاق الذي كان على ملامحه وغـادر موكبَه وهو يندفعُ إليها بخطواتٍ واسعَة حتى وقفَ بجانبِ السرير وهو يلفظُ بقلق : بسم الله عليك شفيك؟
حـاولت الجلوس من جديدٍ إلّا أنّ يديه امتدّتـا ليُسكنها على السريرِ وهو يلفظُ باهتمـام وقلق : لا تقومين . . مختنقة؟
أغمضَت عينيها بإجهادٍ وهي تتنفّس بصوتٍ مسموعٍ وتهزُّ رأسها بالإيجاب، حينها تحرّك يدير رأسه يمينًا ويسارًا وهو يسألها بعجلة : وين بخاخك؟
حرّكت شفتيها الباهتتين بصعوبةٍ لتهمس بصوتٍ مبحوحٍ وكلماتٍ تخرجُ إليه بصعوبة : م مافيه ، داعي .. تو شربت ، حبوبي . .
عاد ليقتربَ منها وهو يمدُّ يدهُ ليضعها على صدرها جهةَ قلبها، شعرَ بتسارعِ نبضاتِها ليلفظَ بعقدةِ حاجبين : بيوتالين؟
هزّت رأسها بالإيجـابِ ليتحرّك بخطواتِه بعجلةٍ ناحيـة الباب وهو يلفظُ بضيق : بسوي لك شيء دافي تشربينه ، وإذا ما تحسّنتي استخدمي البخاخ ومن بكرا تغيّرين حبوبك لشراب أو أي حبوب ثانية عشان الخفقان.
لم تردّ عليهِ وهي تشعر فعليًا أنّ تنفّسها بات أفضلَ مما كـان قبل دقائِق، في حينِ اتّجـه شاهين للمطبخِ حتى يصنعَ لهـا حليبًا ساخنًا وهو يشمّر أكمـامَ ثوبِه . . حتى هذا الاهتمـامُ يقتل! لا تدرِي كيف تجيئها هذهِ الأفكـار في لحظـاتِ تعبِها وإرهـاقها، لكنّ اهتمامهُ يقتلها رغمًا عنها، رغمًا عن تعبِها وأوجاعِها.


،


يقتربُ من غرفتِها والأحـاديثُ تتصادمُ في حنجرتِه، الأحـاديثُ والحقائق التي لابد من أنْ تظهر، حـان وقتُ ظهورها، حـان وقتُ بزوغِ هذا الماضِي المُخرِس للهدوء، كيف يشرحُ صعوبـة ما يحدث؟ صعوبة المهمّة التي ألقَت على عاتِقه وكان ذنبًا أن يؤخر القيـام بها بعد أن غابَت لأربعـة عشرَ عامًا، بعدَ أن استكـان الكذبُ بينَ طيّاتها وعاشَت في حياةٍ زائِفة!!
جــاءت الحقيقةُ يا إلين/نجـلاء، جـاءت بقسوتِها التي تُثمر في صوتِه المبحوح . .

.

.

.

انــتــهــى

موعدنا القادم يوم الخميس
وبإذن الله هذي آخر الاعتذارت أو نقول بتصير اعتذاراتي شبه نادرة في القادم بحسب شدّة الظروف - بإذن الله -


ودمتم بخير / كَيــدْ !

 
 

 

عرض البوم صور كَيــدْ  
قديم 16-02-16, 03:20 PM   المشاركة رقم: 689
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
قارئ مميز


البيانات
التسجيل: Jun 2010
العضوية: 174082
المشاركات: 4,031
الجنس ذكر
معدل التقييم: fadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسي
نقاط التقييم: 4492

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
fadi azar غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كَيــدْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر

 

فصل رائع جدا منتظرين ردة فعل نجلاء لما تعرف الحقيقة المؤلمة

 
 

 

عرض البوم صور fadi azar  
قديم 17-02-16, 05:38 PM   المشاركة رقم: 690
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Jan 2016
العضوية: 309928
المشاركات: 20
الجنس أنثى
معدل التقييم: اريج الجهني عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 37

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
اريج الجهني غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كَيــدْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر

 

صبايا متى موعد البارتات
وكم باقي للنهايه

 
 

 

عرض البوم صور اريج الجهني  
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
ليلاس, لغز, أكشن, القدر, الكاتبة كيد, انتقام, يوسف, رواية رومانسية, سلطان, غموض, عانقت, قيود, كيد
facebook



جديد مواضيع قسم الروايات المغلقة
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t195238.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
Untitled document This thread Refback 02-10-16 06:32 AM


الساعة الآن 01:38 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية