لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > الروايات المغلقة
التسجيل مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

الروايات المغلقة الروايات المغلقة


 
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (1) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 14-01-16, 09:40 PM   المشاركة رقم: 641
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
قارئ مميز


البيانات
التسجيل: Jun 2010
العضوية: 174082
المشاركات: 4,031
الجنس ذكر
معدل التقييم: fadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسي
نقاط التقييم: 4492

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
fadi azar غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كَيــدْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر

 

فصل رائع جدا

 
 

 

عرض البوم صور fadi azar  
قديم 17-01-16, 09:44 AM   المشاركة رقم: 642
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jun 2014
العضوية: 267722
المشاركات: 575
الجنس أنثى
معدل التقييم: كَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 947

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
كَيــدْ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كَيــدْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر

 



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
صباح الخير عليكم جميعًا . .

تو انتهيت من كتابة البارت ولله الحمد، ساعة أو ساعة ونص وبينزل لكم بعد المراجعة.
فنقُول بيكون دواء معالج للي داوموا اليوم متضايقين من انتهاء الإجازة :P

+ فتاة طيبة ، الحوارات غالبًا تطلع بشكل عفوي وبحسب اللي أشوفه مناسب للموقف والوقت اللي لازم تطلع فيه فما أعتبر الحوارات عبارات أدبية بلاغية أبدًا! بالعكس تدل إن الجملة طالعة من عمق الجرح نفسه، ما عمري تعمّدت أكتب الحوارات بشكل شعر إلا اللي تكون فعلًا شعر ، أحبها تكون عميقة بشكل عفوي ما أحب الحوارات السطحية أبدًا وأشوف إن العمق لازم يكون حاضر في الحوارات الروائية بما أنّها - رواية -.
وهالعمق ما يعني إن الحوار مافيه واقعية بالعكس، غضبهم مختلط بحزنهم ومشاعرهم ماهو غضب عادي فطبيعي تشوفين الشخص يصفصف كلام يعبّر عن مشاعره.
أحترم وجهة نظرك، وبحاول أخلّي الحوارات واقعية أكثر إذا شفت انها العكس ()
شكرًا لملاحظتك، كان ودي ارد عليك وعلى بقية التعليقات اللي حاطتها بالنوت عندي ورادة على بعضها بس ما حصلت فرصة ادخل المنتدى عشان الردود ()


تحياتي لك ولجميع القراء انتظروني :$$*

 
 

 

عرض البوم صور كَيــدْ  
قديم 17-01-16, 11:22 AM   المشاركة رقم: 643
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jun 2014
العضوية: 267722
المشاركات: 575
الجنس أنثى
معدل التقييم: كَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 947

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
كَيــدْ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كَيــدْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر

 




سلامٌ ورحمةٌ من اللهِ عليكم
صباحكم / مساؤكم طاعة ورضا من الرحمن
إن شاء الله تكونون بألف صحة وعافية



أول شيء للي ما ينتبهون بعد كلمـة " انــتــهــى "، ترى البارت السابق حطيت لكم فيه مقتطف من بارت اليوم، وبارت اليوم بعد حطيت لكم ، عشان كذا لا تطيرون واقروه وامشوا على الموعد بعد عشان نقطع الأسئلة المستفسرة عن المواعيد.

تفضلوا بارت اليوم الشبه شامل وعشّاق أدهم اللي زعلانين منّي أهوه بيجيكم اليوم * قلوب *

بسم الله نبدأ ،
قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر ، بقلم : كَيــدْ !

لا تلهيكم عن العبادات


(64)*2




مضى اليومُ الذي أمضـاهُ هوَ خارجًا بعد ذلك الحوار الدسمِ بينه وبين أدهم، بعد أن صبَّ الحديثَ على أسماعه واستثـار المأسـاةَ بشكلٍ خاطئ! بعد أن تهوّر ولم يستوعب هذا التهوّر إلا بعد أن رحلَ أدهم!!
كانت الساعـةُ تعاقِرُ الحاديةَ عشـرة ونيف، توقّفت سيارتهُ ما إن وصل للمنزل ليزفُر، وضعَ رأسه على المقودِ وأرخى أجفانهُ في إغماضةٍ طويلة، إغماضـةٍ تجترُّ من خلفِها أطنـانًا من الأفكارِ والنـدم، ما الذي فعله؟ كيف سردَ لهُ كلَّ شيءٍ وتهوّر؟ كيف عرّض ذاتهُ وكل من حولهُ للخطـر؟ فالرجُل الذي قد يفعل كل ذلك بأخيه لن يستصعبَ عليه أيّ معصيةٍ أخرى . . . رفعَ رأسه ليعود بعد ذلك للمقودِ في ضرباتٍ طفيفةٍ وهو يلفظُ من بين أسنانه بغضب : أنا وش سويت؟ جنيت؟ الله لا يوفقك يا أدهم الله لا يوفقك على هالغباء اللي زرعته بعقلي ، الله لا يهنيك بلحظة في حياتك !!
رفعَ وجههُ المحمرّ وهو يتنفّس بانفعالٍ ويطلق شتائمَ ودعواتٍ مقترنةً باسم أدهم، مدّ يدهُ نحوَ البابِ ليفتحه، خرجَ ليلفحهُ نسيمُ الهواءِ الليلي، أغمضَ عينيه ليسمحَ لأهدابِه باستقباله، لمساماتهِ بامتصاصِه فلربما أطفأت غليان سوائِله.
تحرّك نحوَ باب المنزل وهو يستغفر ويستعيذُ بالله من الشيطان والغضب، يخافُ أن يصب غضبهُ دونَ شعورٍ على أسيل أو من يواجـهه، وبالتأكيد لن تكون أمه فلم يعُد هناك إلا أسيل ! . . هزَّ رأسهُ بالنفي وهو الذي لم يعتد صبّ غضبِ صدرهِ على أحد، تراجعَ عن الدخُولِ واتّجه لجلساتِ الحديقه، استراحَ جالسًا مادًا ساقيه للأمامِ مُغمضًا عيني الغضب بانجرافِ الريح نحوَه، مجعدًا أوراقَ الماضي بالاسترخـاء، مُطفِئًا نارَ الانتقـام هُنا، لن يسمحَ لها بالإشتعـال إلا في المكان الذي يقتضي بها أن تشتعلَ فيه لتأكلـه.

في جناحِه هو وأسيل ..
كانت تجفف شعرها المبلُول، تتحرّك بعشوائيةٍ بطيئة في الجناح وهي تتمتمُ بلحنٍ ما وتُغمض عينيها، صعدت قبل نصفِ ساعةٍ بعد أن انتهَت جلستها اليومية مع امه ومن ثمّ نامت، وأول ما قامت به هو الدخول للحمـام لتغتسل كعادتها، بعد الاستيقاظ وقبل النوم.
اتّجهت للنافذةِ وهي تتمتمُ بقصيدةٍ ما من بين شفتيها، بلحنٍ بطيءٍ وصوتُها يبحُّ بالكلمات " فليتك تحلو والحياة مريرةٌ، وليتك ترضى ، والأنامُ غضاب ، وليت الذي بيني وبينك عامرٌ، وبيني وبين العالمين خرابُ "
دندنَت بخفوتٍ وهي تفتحُ عينيها وتجفف شعرها مُميلةً رأسها جانبًا، ونبرةُ صوتها تذهبُ لترتيل قصيدةٍ أخرى دونَ غنـاء " أُذوّب الليل موالًا وأشربهُ ، فالليلُ بي آهةٌ نواحها زَجِل ، سكـرى حروفـي ... " ، صمتت فجأة، وانعقد حاجبيها باستنكارٍ وهي ترى الجسدَ الجالسَ على إحدى كراسي الحديقة، أمالت فمها وهي تقتربُ أكثر حتى كادت تلتصقُ بالنافذة، ذاك شاهين؟ نعم هو؟ غريبٌ لمَ لم يدخُل بعد.
كانت ستتجاهل أمرهُ وتبدّل ملابسها وتتمد حتى يأتي أو تنـام، لكنّها تراجعَت وهي تتّجه نحو الخزانةِ وتُخرج إحدى بجايمها البيضـاء، ارتدتها على عجلٍ ومن ثمّ وضعت فوقَ كتفيها وشاحًا رقيقًا لتتّجه للبـاب وتخرجَ إليه.

الريحُ يعوي أمامَ ملامحه، يخرّم بشرته بأنيابِه البـاردة، يُنزِفُ دمـاء القهرِ من عروقِ الرحِيـل، رحلَ متعِب، ورحيلهُ كان كافيًا لإحـالةِ الطواعيـة إلى قهرٍ قاسٍ انتشلَ كلَّ معالـمِ السكُون فيه، أُدرك أنّ سنتين كثيرة! وأطلبُ من فقدكَ السمـاحَ على هذا التكاسلِ المُخجِل، لا تقلق! سأنتقمُ لموتِك، وسأقهرُ من آلمكَ كما قهرني وأمّي بك.
انتبهَ لصوتِ خطواتٍ كانت تقتربُ منه، حينها أدار أنظارهُ بسرعةٍ نحوَ مصدرها ليتفاجئ باقترابِ أسيل منه، أجفـل لثوانٍ، والتناغُم في حضورِها مع أفكارِه تلكَ خلقَ فيه مشاعرَ مؤلمـة، لا يدري كيفَ يشرحها! لكنّه ولأوّل مرة، ينظُر لها وفي عينيها صورةُ متعب، تبتسمُ لهُ الآن، ويرى في شفتيها متعب، تضمُّ وشاحها إلى كتفيها، في حينِ انضمَّ اسمها للقهر، وهتفَ في داخلهِ بتلقائيةٍ مُهلكة " وكما قهرَها ".
اقتربَت منهُ وهي تبتسمُ بالرغمُ من انعقادةِ حاجبيها استنكارًا لنظراتِه الغريبة، جلسَت في الكرسيِّ الذي جانبه، لتلفظَ برقّةٍ وهي تنظُر حولها : غريبة جالس هنا بهالوقت!
بلل شفتيه بربكةٍ ومزاجهُ السيءُ هو الذي جعلهُ يهربُ من الدخول، فما سوء الحظِ هذا الذي جعلها تأتي؟ هتفَ بخفوتٍ وهو ينظُر للطاولـةِ أمامه : أتنفّس هوا الحديقة بس.
أمالت رأسها وهي تهتفُ بمشاكسةٍ تحاول إضفـاء بعض المرحِ في سكُونِه الغريب : يا كبر أنانيتك شلون ما ناديتني؟ كنت أنتظرك عشان تقولي قصة اليوم.
ابتسمَ ابتسامةً ضيّقة، وارتفعَت نظراتُه لينظُر إليها وعينيها تخلوانِ من حبّه، لم يهتمَّ يومًا برؤيةِ الحب في عينيها باكرًا، هو صبُور، صبورٌ كفايةً حتى ينتظرها بعد أن قال لها بأن تحاول وهو سينتظر، كـان لينتظر، أيامًا وسنوات، فلمَ التفتَ لنظرةِ عينيها حين جاءتهُ صورةُ متعب في نظراتِها وابتسامتها؟
رفعَ كفّهُ ليضعها على وجنتها ويداعبها برقّة، وبشرودٍ باهت : تنتظريني؟
أومأت بابتسامةٍ والاستنكارُ الذي يعلو محياها لغرابتهِ اليومَ لم يتلاشى . . بينما ابتسمَ هو بعد إيماءتها ليقتربَ وجههُ منها، سكنَت شفاههُ على أرنبةِ أنفها، قبّلها برقّةٍ وهو يتخلخل شعرها الرطِبَ بعض الشيءِ ويداعبه، وبابتسامةٍ وهو يستشعرُ خصلاتِ شعرها ولازالت شفاههُ تلامس أنفها : ما تتركين هالعادة؟
ابتسمَت بإحراج : شفتك جالس في الحديقة فلبست على طول ونزلت ما أمداني أنشّفه.
شاهين بشرودٍ وهو يستنشقُ عطرها ويديه لازالتا تداعبُ خصلاتِ شعرها : هممممممم
عقدَت حاجبيها، وابتعدَت ملامحها للخلفِ قليلًا لترمقَ ملامحهُ بتعجّب، وبصوتٍ متسائل : شاهين شفيك؟ منت طبيعي اليوم!!
بلل شفتيه وهو يرفعُ كفّه ويمررها على شعره، زفرَ ليشتت عينيه عنها وينظُر للسمـاءِ الحالكة، لو أنّ للأمـواتِ كرّةً أخـرى، لو أنّ السمـاء تفصلنا عنهم بمسافةٍ نستطيعُ قطعها لنراهُم ونعود! لمَ نظرتُ في عينيها الآن وانقشعَ السكُون عن قلبي و - حبّي -، هل أخطـأتُ يا متعب حين أخذتُها؟ حين أحببتها ولم تحبّني لأنها تحبّك أنت فقط! هل أخطأت عندما طالبتها بمشاعرَ تخصّني ونسيان مشاعرها نحوك؟ اشتركنـا في شيءٍ واحد، شيءٍ مُهلكٍ لي بالرغم من أنني لم أكُن أبـالي أبدًا، اشتركنا في حبّك! ولربما أخطأتُ فعلًا حين تمسّكتُ بهذه العلاقة.
تضايقَ من تفكيره، هو الذي لم يفكر بهذا قطْ! من قبل أن يخطبها، أن يعقدَ قرانهُ بها، لم يفكر أبدًا بهذا الشكلِ اليوم فما الذي حدَث؟ هل حوارٌ استذكَر فيه المأساة اليوم مع المجرمِ قلّب أوراقه وقناعاته، جعلتهُ ينظُر للدنيـا بعينٍ أخرى؟ جعلته ينظُر لأسيل ويرى متعب فيها؟!!
لو أنّ السمـاء تصلُني بك! أريد فقط أن أعتذرَ إليكَ إن كـانت علاقةً كهذهِ سترفضها! لا أظُن! لم أكُن يومًا بهذهِ السطحيّة ولا أنت . . لو أنّ الأمـواتِ يسمعوننا، لو أنّهم يرونَ حبّنا لهم ونبضات قلوبنا عند ذكراهم ، لأخبرناهم بكلِّ الشوقِ أننا لن ننساهم ، لذا سأخبرك يا متعب بأنّني أحبّك، وأحبّها من حبّك، ولن أفكّر أبدًا بتلك السطحيةِ التي اغتالتني قبل ثوانٍ.
ليرحمك الله ، أنتَ وإلهُ السمـاءِ متوسدٌ في أضلاعِ الذاكرة.
نظَر لأسيل ببسمةٍ ليمدَّ يدهُ من جديدٍ ويُمرر اصبعهُ على مقدّمةِ شعرها متتبّعًا استدارةَ وجهها، وبابتسامة : ولا شيء بس النوم لاعب بمخّي، شرايك اليوم أنتِ اللي تحاكيني بقصّة النوم؟
ضحكَت : بقولّك بقصّة ساندريلا.
وقفَ وهو يشدُّها لتقفَ معه : عشان وقتها أسحب أقرب هيلز لك وأحفر راسك فيه.
مطّت فمها بشقاوة : أبي شوز كرستالي مثلها أجل هيّ أحسن مني؟
شاهين : ههههههههههههههههه خلاص خلاص أنا اللي بقولك القصة ما عاد أبي شيء منّك.


،


في ساعاتٍ سابقـة . .
صوتُ بُكائِها يصله جيّدًا، بُكاؤها الذي كان يشرحُ الأسى في صدرها بوضوحٍ مع جرعاتِ شهقاتٍ متحشرجـة، تضمُّ جسدها برعشةِ ذراعيها وهي تلتصقُ ببابِ السيّارةِ ووجنتها ملاصقةً للنافذةِ الباردة إلّا أنّ عيناها تزيغان نحوهُ وكأنّها تخشـاه، بشكلٍ كان يستفزّه! يراهُ كلّما نقل حدقتيه إليها سريعًا وشتت هي عينيها ذعرًا/هربًا منه.
النـار في صدرِه تشتعل أكثر بغضبٍ لا يضمُر وهذا الخوفُ والبكاء لازال يجري منه هو! خوفًا ونفورًا منه . . كان يُحاول الصمتَ والتركيزَ فقط بالطريق، لكنّ شهقاتها المتكثّفة كل ثانيتين كانت تجعلهُ يجن، رؤيتهُ لها ملتصقةً بالبابِ تكاد تلتحمُ معه هربًا منه تجعل الدخـان يتصـاعدُ من رأسه، لذا صرخَ بعنفٍ دونَ أن يستطيع السيطرةَ على ذاتِه : بـــــــس ! ابلعي صوتك اللي مضايقتني فيه الحين، وش يبكيك هاه؟ وش يبكييييك؟!!
انتحبَت أكثر وهي تضغطُ على فمها محاولـةً تكميمَ صوتها الذي ازدادَ حدةً في بُكائه، لم تستطِع منع تلك الشهقات، ذلك النحيب الذي يُخبرها بوضوحٍ كم خُذلت منه اليومَ كثيرًا، كم كسرَها وأوجعها بشكلٍ لم تكُن لتتوقّعهُ يومًا، لمَ؟ لمَ حين بدأتُ أشعر بالانتمـاءِ إليكَ فعلت بي كلَّ هذا؟ لمَ حينَ بدأتُ أرى فيك صورةً من الجمـال كسرتَ نفسك وأحرقتَ إطارك الذهبي؟ لمَ فعلتَ بي هذا يا فوّاز وزرعت فيّ بذرةَ كُرهٍ ستكبر، لست أنت الملاك الذي أحبّني واسترسل مرتّلًا حبّهُ في آياتِ إيمانِه بي، لستَ أنت البذخ الذي كان ينقصني وأكملني، لست أنت! لست أنتَ من أرغمني على تكفير معصيتي واحتضانِ أبي ، كسرتني! كسرتني والتهمت شضاياي في قضمةِ خيانَتِك.
أغمضت عينيها بقوّةٍ ودمعُها يكسرُ أهدابها الرقيقة، يرطّب أجفانها بصورةٍ كافيةٍ لتتمدّدَ وتطُول حتى غطّت ملامحها كلّها بإغماضةِ حيـاة.
آهةٌ لا تكفي، تلك التي خرجَت من صدرها الآن لا تكفيها، لا تكفي حُزنها، لا تكفي خذلانها، لا تكفي كسرها، خسرتُني يا فوّاز، خسرتُني حينَ طبعتُ صورتِي فيكَ وتبخّرت أنتَ لأتبخّر معك.
انحنَت للأمـامِ بألمٍ وكتفيها يثقُلانِ بحُزنها، صوتُه ينبعثُ إليها بقسوتِه نفسها وغضبه : ما أبي أسمع صوتِك، يكفيني اليوم يا جيهان ، يكفيني إنّك طلعتي جنوني وصدِقيني هالجنون ماراح تروح بهالسهولة ، أنتِ اللي جبتيها لنفسك ، أنتِ اللي جبتيها لنفسك.
صرخَت وهي تستديرُ إليه ولم تستطِع منع رعشةَ شفتيها وكلماتِها، بقهرٍ ودموعها تبلل نقابها : أنت اللي صوتك الحين أكبر ذنب ممكن يصير ، مالك حق تحكِي! مالك حق بعد ما كسرتني بهالطريقة . . * بحقد * أكرهـك ، أكــــرهـــــك ..
تنفّس بانفعالٍ والطريقُ أمامه لم يعد يراه بوضوح، تضبّب أمام عينيه لذا أدارَ سيارته جانبًا ليوقفها على جانب الطريق، فتحَ بقيّة أزرارِ ثوبه التي لم تكُن مفتوحةً حتى يتنفّس براحـةٍ أكبر والسيارة تخنقُه، وضعَ كفّهُ على عينيه، ولفظَ بخفوتٍ حادٍ وهو يغمض أجفانهُ ويصارعُ صداعه : على أيش؟ على أيش بس يا جيهان؟ مالك حق تكرهيني وأنتِ اللي تجبرين الشخص على الشينة . .
أخفضَ يدهُ ليفتحَ عينيه وينظُر نحوها بإرهاق : على أيش؟ تركتك في النهاية! مو لشيء بس لأنك أكبر من كل شيء، لأني ما أقدر أرخصك بهالشكل، لأنّك أنقى مساوئي ما قويت أضرّك، لأنّك الصورة الحلوة لحياتِي ماقدرت أكسرك . . على أيش تكرهيني؟ تركتك لأني أبيك أنتِ ما أبي جسمك، لأني مو حقير وحيوان مثل ما توصفيني.
بكَت بنحيبٍ أكثر وجسدها المُقشعرُّ لازال يذكُر اللحظة التي لامسها بكفيه لتصرُخ، لتبكي معترضة، لترجوه ولم يكُن أصمّ في تلك اللحظـات، جسده لم يكُن أصمًّا، وبالرغمِ من غضبهِ وقتذاك تركها، ابتعدَ عنها بهدوءٍ وهو يتنفّس بانفعالٍ ويأمُرها أن ترتدي طرحتها ونقابها ، ليُعيدها لمنزل يُوسف!
يدرك جيدًا أنه خسر كل شيء، خسر كلّ ما بناه ولم يتبقى لديه ما يخسره، لكنّه بالرغم من كل ذلك لم يستطِع فعلها! لم يستطع كسرها بتلك الطريقة التي لا يستصيغها ولا تناسبه.
سقطَ كلُّ شيءٍ فعلًا، لم أكُن يومًا النقيّ ذاك، مهما ضحّيتُ بما أحب إلا أنني لم أكن لأضحّي بكِ أنتِ، أنتِ التي كانت ومازالت فوقَ كل تضحياتي، لم أكُن لأهتم إن أصبحت وحشًا لأجلِ الظفرِ بكِ، لكن ليس بتلك الطريقة! ليس بتلك الطريقة الرخيصةِ أبدًا.
تنهّد وهو يشعر بضعفه الذي يسكنُ به رغمًا عنه، لو أنني أملك الأساليب الرخيصة لما كنتُ شعرت بهذا الضعف! . . تحوّرت نظراته الغاضبة، لانت رغمًا عنهُ بضعفه، وصوتُه الحاد انحنى إلى الهدوءِ وهو ينظُر إليها بانهزام : ما يشفع لي هالشيء بعد؟ ما يخليك تفكرين أكثر؟ تحاولين تعطيني شوي من تفكيرك! اتركي كل شيء وراك يا جيهان، فكّري فينا سوا، فكّري بأني أحبك فوق كل أخطائي.
أنّت بألمٍ وهي تلتصقُ بالبابِ ضامّةً كتفيها إليها وعيُونها تبكي، وبصوتٍ بُحّ بنحيبها : ما أبيك ، خلاص أنا عفتك ، زود عن زواجك كنت حقير في النهاية! كنت تبي كل شيء يمر بدون لا أدري عشان تحطني بالأمر الواقع لا دخلت علي! بس ما عرفتني زين ، ما عرفتني زين يا فوّاز.
احمرَّ وجههُ بغضبٍ ليحرّك السيارة بسرعةٍ مجنونةٍ وهو يصرخُ بصبرٍ نفد : عفتيني؟ لا والله ماهو بكيفك، إذا ما ودك تفكرين ترى بعطيك العلم الأخير ، لو ما جيتيني بالرضا بتجيني بالإكره ، ومحد بيوقف بطريقي .. كل شيء خططنا له بكره بيكتمل، فستانك بدولابك، اكسسواراتك، المعازيم ، كله مثل ماهو ، بيكتمل ، وبنت أبُوك وريني شلون بتوقفين كل هالشيء.
جيهان بحقد : بعلم أبُوي وبخليه يكنسل كل هالسخافة ويطلقني منك.
فواز بسخريةٍ رفع زاويةَ فمه : هه ! أبُوك لأنه يبي مصلحتك راح يكمل كل شيء ، هو عارف مثل ما أنا وأنتِ عارفين إنّ كنسلة هالسخافة على قولتك أخطر شيء ممكن يسويه بحياتك، فغسلي يدك من مساندته لك.
جيهان بقهرٍ ودموعها تتساقط، لفظَت وهي التي تخشى من كلامهِ الذي تُدرك بأنّه صحيح : نشوف يا الخسيس.
زمّ شفتيه بغضبٍ لكنّه صمت، لم تمرَّ دقائق طويلة حتى كان يقفُ أمام منزل عمه، استعدّت للنزُول لكنّها وجدت البابَ مغلقًا ما إن اندفعَت لفتحه، حينئذٍ استدارَت إليه وعيناها تُطلقان شررًا مرافقًا لبللهما : افتح هالتبن حقك.
لم يُبدي أيّ حركةٍ وهو ينظُر للأمام بجمودٍ صامتٍ وملامحه لم تكُن يومًا بقتامةِ ملامحه اليوم، صرخَت بنفاد صبر : افتح هالتبن يا تبــن ..
لم تشعر في تلك اللحظـة إلا وكفّه تمتدُّ إلى وجهها ليُطوّق فكيها بأنامله بقسوة، اقتربَ وجههُ منها بقتامتهِ وغضبِ عينيه بينما أنّت بألمٍ من قبضته فوقَ آلآمِ قلبها منه، شدَّ على أسنانه وهو ينظُر لعينيها بعينيه المتسعتين والقاسيتين : لسانك ذا لو يتّجه لي بطريقة غلط مرة ثانية صدّقيني بقصّه وبنهي كل هالدلال اللي خلاك تتمادين معي ..
تركَ فكّها بعنفٍ ليُردف : انزلي ، ونلتقي بكرا في ليلة العُمر.
انتفضَ فكيها بألم، شهقَت شهقةً منعتها من شتمهِ في هذهِ اللحظة، لم تكُن تُبالي بتهديده ووعيده لها، لكنّ الشهقاتِ كانت تحشُر الكلمات في صدرها أو تسندُها على جدرانِ حنجرتها دونُ الصعودِ إلى فمها، فتحَ الباب لتستديرَ بسرعةٍ وقوّتها الباقية سقطَتْ، نزلَت بترنّحٍ وانهزامٍ لتتّجه لبابِ المنزلِ مباشرةٍ وهو بقيَ يراقبها بصمتٍ بائسٍ من خلفها وملامحه تشرحُ انهزامهُ هو أيضًا، سقُوطه، وخسارته التي لن يسمحَ باكتمالِها.


،


لا تكتملُ الأفـراحُ وانشراحاتُ الصدر، الابتساماتُ والتمـاع العيُون، آمنت في هذهِ اللحظة أنّها تعيسةٌ كفايةً لتنشطرَ فرحتها في ذروتها، عضّت شفتها السُفلى وهي تنظُر لهاتفها المُضـاءُ باتّصالِ أبيها، رفرفت أجفانها بيأسْ، كُتب عليها الشقـاء منذ اقترنَ دمها بدمهِم، منذُ ولدَت في أسرةٍ ربُّها مجنون ! نعم ، مجنون، هذا هو الوصفُ الذي يليقُ به . . كانت تظنُّ الرجـال كبعضهم، أنّ كلّهم قاسين وكل الفتيـاتِ مثلها يعانين، لكنّها منذ دخلَت حياة سلطان ورأت النقيضَ من أبيها أدركت أنها الوحيدة التعيسة في العـالم، الطفرةُ البائسة، وبدأ إيمانُها الناقصُ والشبهُ معدومٍ ينبضُ داخلها بأفكـارٍ يصفُ تحطّمها، لمَ كُتبَ لها كلُّ هذا ولم يكُن لغيرها؟ لمَ أنا الوحيدةُ من بينِ ملايين البشر، حصلتُ على قَدَرٍ كهذا؟ وُلدتُ بين عائلةٍ لا تعرفُ هذا المعنى وكُنت أنا الخطأ الذي وقفَ في المنتصف، الذي تلقّى كل الضربـاتِ وجُرِح، الذي ظفرَ بكلِّ السهـام المسمومةِ ونزفَ قلبهُ الملكُوم.
أغمضَت عينيها المزيّنتين برسمةِ الكُحلِ وبعضِ الظـلالِ الناعمـة، تقوّست شفاهُها للحظةٍ والرنينُ الذي توقّف لثوانٍ عاد حينَ أعـاد والدها الاتصـال لتدرك أنّ موجةً ساخنةً ستلفحها ما إن ترد، لا حل لها! لا شيء آخر تستطيعُ فعلـه ورغمًا عنها سترد . . . ابتلعت ريقها بصعوبةٍ قبل أن ترد، تنفّست بضعفٍ وهي تضعهُ على أذنها بخوفٍ وتردد، حينها اندفعَ إليها صوتُه الحاد، هاجمتها الموجةُ الساخنـة/الغاضبة : بدري؟ كان ما رديتي بعد ؟
ارتعشَت شفاهُها وهي تُشتت عينيها والبؤسُ ينبضُ بشدةٍ فوقَ ملامحها السمراء : م م انتبهَت ، للجـ ـوال .
أحمد بسخرية : أييييييه ، كيف بتنتبهين وأنتِ غارقة بحفلتك ذي ، شكلها نسّتك كل اتفاقنا بعد !
غزل بغصّةٍ تنظُر للسمـاء الحالكةِ في سوادِها كروحها التي لم تجِد نجمًا يُضيئها : اتفاقنا؟!
أحمد بحدة : أوامري بالمعنى الصحيح.
ابتسمت بأسى : كذا صح . .
احتدّت ملامحهُ أكثر، بينما كانت هي تكتمُ شهقةَ اختنـاقٍ أرادت الترائي فوقَ شفاهها، لازالت تُريد أن تتهرّب منه! تماطلهُ بما يجعلهُ يبتعدُ بشرّهِ عن سُلطـان، سلطان! هو الذي يُسعدها، لذا هو في نطاقها هيَ! أجـل، لا تهتمُّ به، هي تهتمُّ بنفسها فقط، وهو يُجيد جعلها تبتسم، ولتظفُر بابتسامتهِ - هو لوقتٍ أطـول . . لم أملِك يومًا ابتسامـةً أتت إلي من مصدرٍ حقيقي، وتلك التي تظهرُ على شفاهي هي له! هو فقطْ من زرعها بهذا الشكل، لذا لم تكُن ابتسامتي يومًا، كانت - ابتسامته -!
ارتعشَت أطرافها وهي تستمعُ لصوتِه الذي وصلَ إليها حادًا بعنفٍ أشد : كأنّ صوتك قاعد يحتد معاي؟ ودك تكبّرين راسك والا كيف؟
غزل بخوفٍ يظهرُ رغمًا عنها وهي تتنفّس باضطراب : لا.
أحمد بابتسامةٍ قاسيـة : أجل دامِك صرتِ في بيته أبيك تستغلين كل لحظة يكون فيها بعيد وتفتّشين البيت شبر شبر.
أخفضَت رأسها للأسفَلِ وعلوّ هذهِ الليلة يتساقَط، ما ارتفعَ شيءٌ إلا وسقط، وليتَ سعادتي كانت استثنـاء، ليت القواعدَ تُستثني في كل الأحـوال، ليتني امتلكتُ ولو رُبعَ حظٍ يجعلني أمتلكُ ابتسامةً أعلى، مشاعرَ سعادةٍ أعلى، ثباتًا أعلى لا تهتزُّ باهتراءِ هذهِ البسمةِ في لونٍ أصفـر بالِي.
ابتلعَت ريقها الذي تخثّرَ ببؤسها، برفضها، بتمسّكها في - ابتسامتـه -، لذا خرجَ صوتُها إليه بإعوجاجٍ يشرحُ بوضوحٍ ضعفها : يبه ، أقدر أسألك سؤال؟
صمتَ أحمد لبعض الوقتِ وغابَ صوتُه، وكأنّه كان يحاول استيعابَ كلامها معه، صمتٌ أثبتَ بشكلٍ قاسٍ أنّهما لم يكُونا يومًا في علاقةِ أبٍ وابنةٍ طبيعية، لفظَ بجمودٍ بعد ثوانٍ طالت : وشو؟
غزل بترددٍ خائفٍ وهي تنظُر للأرضِ الشاهـدةَ على كلماتِها ونبرةِ الأسى في صوتِها : ليه تسوي كل هالشيء؟
هذهِ المرّة انفجرَ بصمتٍ أطـول، هذهِ المرّة لم يكُن الداعِي لصمتهِ عدمَ استيعابه، بل كـان صدمتهُ من سؤالها، صدمتهُ التي جعلتهُ يشتعلُ بغضبٍ بعد وقتٍ ويصرخَ في أذنها بحدة : لاااا ، راسك كبر ، كبر واجد يا بنت أحمد ، من متى صار عندك لسان تستفسرين فيه عن اللي أسويه هاه!!
انتفضَت كلُّ خلاياها بخوفٍ وصدرها تحرّك بسرعةِ أنفاسها، لكنّها وجدَت نفسها قد شُحِذَت بطاقةٍ لم تعرفها قبلًا، طاقةٍ دفعتها اليومَ للاعتراض، للاستفسار، للتساؤل عن الذي يُحـاك، طاقةً جعلتها تهتفُ بكلماتٍ ثابتةٍ رُغمَ رعشةِ صوتها : من الوقت اللي صرت فيه ما أبي أكون فيها أدآة بيدينك ، ما عاد أبي أساعدك بشيء ، ما عاد أبي أخدع اللي حولي بوجه كاذب!!
تبدّلت ملامحهُ وعينـاه تتّسعـان بصدمة، أنفاسُه تسللت من بينِ شفتيه بخشونةٍ خرقَت أذنها، كانت أشبهَ بزمجرةٍ عنيفةٍ أخبرتها بوضوحٍ مدى غضبهِ لتهتزّ روحها بخوف، انتشرَت القسوةُ بقتامتها في وجهه، واشتعلَت عيناه بنارٍ سوداءَ وهو يحاول أن يصدّق فعلًا ما تقُول . . تحرّكت شفاههُ أخيرًا في همسةٍ قاسيةٍ كانت كفحيحِ أفعى تُدرك بأنها ستلدغها عاجلًا غيرَ آجلًا بعد الجنُون الذي قالته : وش قلتِ؟ عيدي عيدي ما سمعت !!
زاغَت عينيها وهي تتراجع، قدماها ترهّلتـا بخوفٍ اندلعَ بشكلٍ أكبر في صدرها، لذا عادت لتجلسَ على كرسيّها بشكلٍ تلقائيٍ وهي ترفعُ كفّها لتغلّف بها وجنتها البـاردة بخوفها، غابَ صوتُها كلّيًا وهي تفتحُ فمها محاولةً الحديث، خوفُها منه مؤلم! كبيرٌ حدَّ الوجع، أمـا كان يجبُ أن تجدَ فيه شجاعتها؟ أمـا كان يجبُ أن تشحذَ بهِ طاقتها؟ أمـا كان المنطقُ أن تجدَ فيه الفراءَ التي تُدفئها عن بردِ الخطر؟ كيفَ تنقلبُ الآيات؟ كان الأبُ والأمُّ في قديمِ الأزمـان، في الحكاياتِ الصمـاء، دلالةَ غنـاءٍ وبذخٍ في الصدُور، كانُوا! بل مازالوا يا غزل، مازالوا حاضرًا ومستقبلًا، أنتِ الاستثنـاءُ فقط، أنتِ الاستثنـاءُ فقط.
سقطَت دمُوعها في تلكَ اللحظـةِ دون أن تستطِيع كبحها، لم تكُن هي التي تبكي حينَ تُحادثُ والدها أو تقابله بوجهها وهو يقسو، لم تكُن هي التي تصلُ بضعفها إلى البُكاءِ أمامه، لكن انتهت، لم تعُد تقوى، لم تعُد تستطيع كبحَ آلآمها وهي التي اكتشفَت حديثًا أنّها تنقُصُ بمقدارٍ أعنفَ من أيِّ شخصٍ آخـر ، لا مبرر للصمت! كان لابد من الضعفِ أخيرًا، كان لابد من السقوطِ أخيرًا بعد كلِّ هذهِ المآسى، انتهى كلُّ شيءٍ حتى ثباتِي، اعوجّ الصمتُ في حنجرتي واحتماءُ الدمعِ في مقلتي، سأبكي، سأبكي وأجعلُ من الأرضِ شاهدةً على بؤسي والسماء! أنا الغزالُ الذي جُرحَ في مصيدةِ النقص، لم أعُد أقوى وخرجَ أنينُ ألمي أخيرًا، تاللهِ لم أعُد أقوى!
شهقَت ببكـاءٍ وهي تئن، استطاعت العثُور على صوتٍ خافتٍ في حنجرتها بعد تنقيبها عنه، لفظَت برجـاءٍ ضعيفٍ وهي تعقدُ حاجبيها وترجُوه بكلِّ الألـمِ فيها : تكفى ، تكفى يا يبه ! إذا لي مكانة بسيطة عندك، مكانة ما تنشاف ولا ينحسْ فيها ! ارحمني شوي! لجل كلمة " يبه " اللي أقولها ارحمني شوي! والله ما عاد أقوى أكثر !!
أردفت ببكاء : ما عاد أبي أسوي اللي تبيه ، خلاص ما أبي أشتري راحة بالي بطاعتك على الشر!
ارتفعَت صوتُ أنفاسه الغاضبة أكثر وهو يولّفُ رجاءها بعيدًا عنهُ ويصرخَ في أذنها متجاهلًا كلماتها كلّها وجاعلًا عقلهُ يتمركزُ على آخرِ ما قالته : نعم!! تعصين أمري يا بنت دمي؟ تعصيني عشانه؟ والله وجاب راسك ولد فهد ، بس لا ، ما حزرتي . .
ارتفعَ صوتُه صارخًا بعنفٍ أكبر : حبيتيه؟ جاب راسك ونسيتِ أنتِ مين وهو ميييييين؟
اتّسعت عيناها بصدمةٍ وهي تضعُ كفّها على فمها وتهزُّ رأسها بالنفي وكأنّ ما قاله مُصيبةٌ عظمى ستنتهي إن وقعَت فيها، لم تستطِع قول شيءٍ بينما هو أكمل بذاتِ الغضب : ما تتوبين؟ ترجعين وتكررين نفس الغلط؟ ، بس لا يا بنتي لااا ، هالمرة جاب راسك الشخص الغلط، الشخص اللي بذبحك بنفسي لو فكرتي فيه قبل لا يذبحك هوّ . . حبيتيه هاه؟ طيب ، طيب ..
ارتعشَت للوعيدِ في صوتهِ بالكلمةٍ الأخيرة التي كررها بحدّةٍ صارخة، رمشَت بذعرٍ وهي تتنفّس بتسارعِ صدرها المرتفعِ إلى أقصى خشيتِه والمنخفضِ إلى أدنى خذلانه، وبنبرةٍ باكيةٍ لفظَت بسرعة : لا لا لا ما حبيته! والله ما حبيته ولا فكّرت بهالشيء ، ما حبيته ما حبيته !!
كررتها بصوتٍ واهنٍ تؤكدُ ذلك على نفسها قبله، حينها انخفضَت حدّةُ صوتِه ليهتفَ بهمسٍ أشبهَ بفحيحِ الأفعى وهو يضوّق عينيه بقسوة : أجل أثبتي هالشيء وأمشي على أمري ، وصدقيني أنا بالرغم من كل شيء أحن عليك منه فانتبهي! ترى وقتها ماراح يفك رقبتك من يدينه أحد! أحذريه قبل لا تحذريني . .
قـال كلماتهُ الأخيرة ليُغلق الهاتفَ دون كلمةِ وداع، حينها انهارتْ والهاتفُ يسقُط من يدها، أجفـل النظرُ في عينيها وهي تنظُر للأرضِ باتّساعِ أجفانـها، لا يُمكن! لم تحبّه، واللهِ لم تحبّه! ليست مجنونةً لتفعلَ هذهِ المعصية فكيفَ يقُولها، هل الحُبّ أن نخافَ على أحدٍ يجلبُ إلينا الفرحة؟ هل الحب أن نشعُر بالسعادةِ قُربَ شخصٍ ما؟ هل الحبُّ أن يحِيكَ صوتُك كلماتِ الامتنـان بنبرةٍ تهدأُ منها الأوجـاع؟ هل الحبُّ فيّ؟ مستحيل ، مستحيــــل !


،


وقفَت أمـام البابِ وهي تلملمُ شعرها خلفَ رأسها ومشبك الشعرُ بين أسنانها، لفّته في صورةِ " كعكعةٍ " سريعة لتحشر المشبكَ فيها وتثبّتها ثباتًا مهترئًا، كان واضحًا عليها العجلة/قلّة الصبـر.
رفعَت يدها بعد أن أنهت ما كانت تفعلُ لتطرقَ باب غرفتهِ مرّتين، وبصوتٍ عالٍ بعض الشيء : دهيّـم ..
انتظَرت لثوانٍ طويلة قبل أن تسمعَ قُفل الباب ويظهر أدهم من خلفهِ مُشعث الشعرِ وعيناهُ تضيقان بانعقادةِ حاجبيه، نظرَ لها باستنكـار، كان قد صعدَ فوقَ رحلةِ النومِ بعد جهدٍ مع الصداعِ وأفكـارهِ بـ " ليث " والقصة التي سردها، وما إن استوطنَ بحرَ السكينةِ حتى جاءتهُ سهى لتشدّهُ إلى الشاطئ بحبل إزعاجها له في هذهِ الساعة، لذا خرجَ صوتُه المختلطِ ببحّةِ النوم منزعجًا بعض الشيء : نعم؟ شعندك الحين؟
سهى تمطُّ شفتيها بمشاكسة : أبي أسولف معك.
تأفأفَ وهو يمرر أنامله بين خصلاتِ شعرهِ المتشابكة ليُخرجها بعد أن صعبَ على أنامله متابعةُ سيرها، وبنزقٍ لا ينفكُّ عنه وقد نسي تمامًا أنّها قد رضَت عنه بعد جهدٍ كاد بهِ يفقدُ عقله : خييييير يعني ما جتك هالسوالف البايخة الا بهالساعة؟ يا رب صبّرني * أردف بقهر * ترى شعري المتشابك الحين بروحه يشرح لك شلون تقلّبت على السرير لين جاني النوم.
رفعَت إحدى حاجبيها وهي ترفعُ نظراتها لشعرهِ الأجعد، وبسخرية : هو من غير شيء متلبّس صورة الحروب فشلون لو صارت حرب حقيقية !! * بنزقٍ مماثلٍ وهي تضربُ كتفه * عزائي لك ولنومك تبيني أمشّط لك والا أحط لك زيت؟ صدقني بينعم.
دفعَ كفّها عن كتفِه ليُديرها ظهره ويتحرّك حتى يعود لسريره : يوووووه فكّيني منك ومن ملاغتك.
كان قد دفعَ الباب من خلفهِ بمزاجٍ سيءٍ وهذا كان واضحًا لها وضوح الشمس، لكنّها تجاهلت هذا المزاج بعبثٍ وهي تمدُّ كفها وتدفع البابَ قبل أن ينغلق، دخَلت لتهتفَ بمشاكسة : من شوي كنت جالسة وأتفكّر فيك لاصرت أبو وحولك عيال ، يا الله وش كثر انبسطت! عشان كذا جيتك أنا وحماسي وصحّيتك من كوابيسك على شيء أجمـل ، متى بتجي نجلاء ياخي؟
غادر الانزعاجُ ملامحهُ والتعقيدةُ التي بين حاجبيه خفت ظهورها وصدرهُ يهبطُ بتنهيدةٍ عميقة، ابتسمَت من خلفهِ بمكرٍ وهي تخطو نحوهُ ببطء، وبنبرةٍ عابثة : عاد بتجيك ما تطيقك مليون بالمية ، واحتمال ترى ترفضك وتطلب الطلاق منك ..
تجعّدت ملامحهُ ومزاجه الذي كان قد امتلأ بالصفـاءِ تعكّر، استدارَ إليها بسرعةٍ وهو يرفعُ إحدى حاجبيه، وبحنق : الله يجيب اللي يعكر مزاجك يا شيخة.
سهى بحدة : استغفر ربّك يا قليل الأدب ما تتوب أنت!!
انتبهَ لما قال ليسعلَ بحرجٍ وهو يضعُ كفّه على فمه، وباعتذار : آسف.
سهى بقهر : هذا اللي فالح فيه، تقط الكلمة وما تهتم وبعدين ترجع تعتذر ، * أردفت بجدية * وبعدين أنا ما كذّبت طبيعي ترفضك وتكون قرفانة منك بعد ماهو رجّال اللي يربط وحدة فيه وهي ما تدري ويتركها سنين.
صمتَ وهو يقطّب جبينه بضيق، كـان يُحاولُ طردَ هذهِ - الحقيقة - من عقله! يحـاولُ بناء أسوارٍ حولها ليخفيها عن الأنظـار ولا تظهر، يُدرك جيدًا أن الحيـاة بينهما لن تكُون سهلة، ستبدأ صعبةً وتستمرُّ صعبةً إلا أن تسقُط الصعوبة بيديه، وكم يخشى - بالرغم من ثقتهِ بقدرته - أن لا يستطيع!
وقفَت سهى أمامه مباشرةً وهي تنظُر في عمقِ عينيه بجمود، شتت عينيه عنها يهربُ من الحديث الذي يمشي في حدقتيها بالتفافٍ يقيّده، وبجدّية : ما قلت لي ، ليه تركتها كل هالسنين يا أدهم؟!
أدهم يشتت عينيه وهو يلفظُ بكذب : تزوجتها وأنا ما أدري إن أبوها قاطّها بميتم، ويوم عرفته ما حصلتها فيه!
سهى بشك : صدق؟
أومأ بصمتٍ وهو ينظُر لوجهها محاولًا تصنّع الثقةِ بما قال، ومن ثمّ أردف : وأنتِ ما قلتِ لي شلون عرفتي؟
رفعَت كفّها لتُعيد خصلةً هربَت من انعقادةِ شعرها التي ارتخَت أكثر، استقرّ كفها خلف أذنها لتهتفَ ببساطةٍ وهي تنظُر لما وراء كتفيه : الأخبـار تنتشر بسرعة، إذا ما درى الناس أهلك بيدرون وهذا اللي صـار.


يُتبــع ..

 
 

 

عرض البوم صور كَيــدْ  
قديم 17-01-16, 11:29 AM   المشاركة رقم: 644
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jun 2014
العضوية: 267722
المشاركات: 575
الجنس أنثى
معدل التقييم: كَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عاليكَيــدْ عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 947

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
كَيــدْ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كَيــدْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: قيودٌ بلا أغلال عانقت القدر

 


،


رأتْ الصدمـة في عينيه، البهُوتَ الذي أصابَ ملامحه، اشتعلَت نظراتهُ وهو يقفُ بانفعـالٍ بعد أن كان يجلسُ على الأريكةِ المشجّرة وهي بجانبه تشتكي مُصابها ببكـاء، لفظَ بصوتٍ باهتٍ يحاول استيعـاب ما قالته له ابنته : متزوج؟!!
جيهان بقهرٍ تمسحُ دموعها : أي ، لاعب علي .. تخيّل لاعب علي من فترة ماهي بسيطة وأنا اللي قاعدة أمشي وراه ومتأمّلة فيه.
صمتَ بحيرةٍ وهو يعقدُ حاجبيه، لا يِنكر أنّه أحسّ بغضبٍ تنامى في صدره، كيف يفعلها؟ ولمَ؟! ألم يكُن هو الذي كان يشرحُ بأفعاله أنّه يريد ابنته بكل جوارحه؟ فكيف يكسرها بهذهِ الطريقةِ في أوجِ فرحها؟ كيف يفعلها بها؟!!
نظَر لها عاقدًا حاجبيه بانفعال : مين بنته اللي تزوجها؟
جيهان بقهرٍ تشدُّ على أسنانها وصدرها يشتعل بغيرة الأنثى الفطرية : ما أعرف مين هي جعلها بحريقها تحرقها وتحرقه.
يُوسف لم يستطِع قول شيءٍ أمـام دُعائها، طبيعةُ الأنثى تجعلها كاللبوةِ حين يقتربُ أحدٌ من أسدها، وهو لا يلومها، لا يلومها أبدًا كما يرمي اللومَ على من خان العهد، يجبُ أن يقابله بسرعةٍ كي يفهم كل شيءٍ وكيف تجرأ على كسرها! لا يكاد يصدّق أن فواز فعل ذلك فعلًا.
رفعَ يدهُ ليمدّها نحوَ ملامحها، مسحَ وجنتيها من الدمُوع الغالية التي ذرفتها بسبب فوّاز، الشخص الذي كان يثقُ أنّه لن يُبكيها كما فعلَ هو، ولم يتخيّل للحظـةٍ أن يخذل ثقتهُ بهذهِ الطريقة. لفظَ بخفوتٍ حنونٍ يملكُ في زواياه الكثير من الغيظ : مُهرتي ما تبكي ، عيب عليها والله!
شهقَت بألمٍ لتقوّس شفتيها وعيناها تضيقَان بأسآها على حالها، حينها تأوّه بألمٍ وهو يجذبُ رأسها إليه ويقبّل عينيها برقّة، وبخفوت : أنتِ أكثر وحدة تحبين توجعيني من خواتك، أو نقول أنتِ الوحيدة اللي تسوينها فيني ، ارحمي أبوك يابوك!
تحشرجَ صدرها لترفعَ كفّها وتبدأ في مسحِ عينيها بعنفٍ وكلماتهُ هزّت أعماقها، لمَ تبكيه أصلًا؟ هل يستحقُّ دمعةً منها؟ هل يستحقُّ ذرفَ الأحزانِ إليه؟ لن أغدو علكةً يلوكها في فمهِ كما غدوتُ بسببِ خذلانهِ حطامًا أسفلَ فأسِ خيانتِه، كـاد يُنهي شظايايَ بخذلانٍ آخر يمارسهُ بجسده، كاد يغيّبُ كل مشاعري نحوه للأبـد، لكنّ مشاعري هذهِ إن لم تغِب سأغيّبها أنا ، أنـا التي لا تهتمُّ لشخصٍ يُرْديني بحزنٍ لن أطيقه، يعرفني جيدًا، يعرفني فكيف تجرّأ على تلك الخيانة؟ . . ارتعشَت وهي تُشتت نظراتها وتطوفُ بعينيها حول غرفة الجلوسِ التي خلت من أرجوان وليان بعد أن أمرهما يوسف بالصعود لغرفتيهما كي يحادثها وحده ويفهم سبب قدومها إليهم باكيـة.
لفظَ يوسف بقليلٍ من الحدةِ وهو يُخرج هاتفه من جيبه : الحين بكلّمه وأفهم منه اللي صـار . .
رطّبت شفتيها بلسانها وهي تستعدُّ لفرضِ ما تريد مستقبلًا والخوفُ دبَّ في أعماقِها من ردِّه المتوقّع، لتقاطعَ بقيّة حديثه بنبرةٍ حاولت شدّها بقوةٍ وثقة : أبي أتطلق منه.


،


هيَ لا تعشق! لم تعُد تجيد العشقَ وفنونه، تبرّأ العشق منها كبراءةِ الذئبِ من دمِ يوسف، لـذا جاء الاتّهـامُ باطلًا، فكيفَ يقُول بأنّها أحبّت وهي التي لا تصلحُ للحب؟ كيف يتّهمها بهذهِ الخطورة؟ أنـا لا أصلحُ للحب، لا أصلحُ له، وكلُّ الذي قيلَ كاذب، أبي لا يفهمني، لا يدرك شيئًا مني ويقُول " أنا أحن "!! ضحكَت بسخريةٍ وهي تتكئُ على الجدارِ الأقربَ إليها، كانَ الجميعُ قد غـادر، حتى غيداء وأمّها، وبقيَت هي في برّيتها كما أسماها سلطان، تنتظرُ عودته التي لا تدري متى ستكُون . . اشهدي يا برّيتي! كذَب، قال " أنا أحن "! أيُّ " حنيّةٍ " تلك؟ أيُّ حنانٍ يقصد؟ ابتسمَت بأسى بعد التقويسةِ التي كانت تتناسبُ مع شفتيها بشكلٍ دائم، تتقوّس كأغصـانٍ مرنـةٍ لازالت تحيا بالرغمِ من الريـاح العاتية، لكنّني سأنكسرُ يومًا بعد الجفاف الذي يمتدُّ في أطرافي، سأنكسرُ يومًا بعد أن تجفَّ عروقي من الحيـاة ويتوقّف نبضُ الدليل على هذا الوجود . . اتّسعت ابتسامتها في ضحكةٍ قصيرةٍ شامتـة، وانخفضَ جسدها إلى الأسفلِ ببطءٍ حتى جلسَت وقدماها لا تحملانها، تكادُ تبكي من جديد، بكاءً لا تدري كيف صمدَت زينتها أمامه ولم تفضح نفسها، كانت ملامحُ الزينةِ فيها قد اهترأت قليلًا وليس بشكلٍ لا يسمحُ لها بتعديله، مسحَت أثـار البكاء، دليل الانكسـار، وأكملت سيرها أمامهم ببسمةٍ والمنى أن يجيئها يومٌ ما ما يمسحُ أثـار الحُزن أبدًا.
انحدَر صوتُها خافتًا ببؤسٍ ساخرٍ على حالها اللاذع : أنت أحنْ؟ تقولها بكل بساطة؟ هه! هذا وأنت أحن شلون لو طالع لي بكامل قسوتك؟
ارتعشَت بقوّةٍ والبردُ يتسللُ إلى جسدها ككلِّ يومٍ حتى مع الدفء، ضمّت جسدها بذراعيها لتنساب دموعها بصمت، ابتدأت ليلتي بفرحةٍ كدتُ أبكي بسببها، وانتهت بحُزنٍ أبكـاني مرّتين، مرّتين يا أبي، ككل المرات التي بكيتُ فيها من خلفِك دونَ أن تراني، واليوم استمعت لنحيبي بقسوةٍ مماثلة . . يا للأسف! لم يهزّك ألمي الصارخ كما كان صمتُه.
لا تدرِي كم أمضَت وهي جالسـةٌ هنـاك في قارعةِ الانشـطار، كل ما أدركتهُ هو صوتُ خطواتٍ جاءت مندفعةً إليها، انتفضَت لترفعَ رأسها بسرعةٍ مذعورةً من أن يكُون سلطان، بالتأكيـد لا أحد سواه، وهو الذي لا يجب أن يرى بكاءها في هذهِ اللحظة!! لا يجب أن تفتحَ مجـال استنكاره وأسئلته التي لا تستطيع الرد عليها.
لكنْ لا مجـال للهرب، فهو قد رآها وانتهت!!


،


تستعدُّ للنوم، كانت قد ارتدَت بجامتها الزهرية، وضفّرت شعرها الذي أصبح يتساقطُ بشكلٍ مرعب، كما أنّه طـال بشكلٍ لا يروقها وهي التي كانت دائمًا ما تبترهُ إلى عنقها، اتّجهت نحوَ السريرِ وهي تداعبُ ضفيرتها فوقَ كتفِها، ستقصّه وتُعيدُ صبغه في أقربِ وقت، ستُعيدُ رونقها ومزاجيّة هيئتها التي لا تشِيخ . . جلسَت على السرير وهي تمسك بمرطّبها في يدها حتى تبدأ بنشرهِ على ساقيها وذراعيها قبل أن تنـام، لكنّ هاتفها في تلكَ اللحظـة صرخَ باتّصـالٍ مـا، قطّبت جبينها بانزعاجٍ وهي تنظُر للساعة المعلّقة على الحائط، من المزعج الذي يتّصل في هذا الوقت؟ وضعَت المرطّب جانبًا على الكومدينة وتناولَت هاتفها في المقابل، رفعَت إحدى حاجبيها ما إن رأت اسم " هديل " يُنير الشاشة، ومن ثمّ ابتسمَت بمكر، وبهمسٍ حانق : تتّصلين بهالوقت لأنّك عارفة نفسك مزعجة مافيك تجين لعندي ، بس هيّن . .
أهدتها " مشغول " ومن ثمّ وضعتهُ على السرير جانبًا لتعود وتأخذ المرطّب وتبدأ بتوزيعهِ على ساقيها المرمريين وذراعيها وما استطاعت، وضعته على الكومدينة ما إن انتهت، وفي تلك اللحظـة بالضبط رنّ هاتفها معلنًا وصُول رسالةٍ إليها، تأفأفت وهي تُدرك أنّها هديل ولا أحد سيزعجها بمشاكساتهِ سواها، رفعتهُ لترى جيدًا اسمها متمركزًا تنبيهات هاتفها " الآيفون "، لوَت فمها بحنقٍ وما إن كادت تقرأ أول كلمةٍ حتى انقشعَ اسمها فجأة، وحلَّ اسمٌ آخر، اسمٌ يتأصّل في لحظـاتٍ قاسيـة، اسمٌ انتفضَت حواسّها كلّها ما إن رأته يُنقشُ على هاتفها ويُشعله . .
أدهـــــــم !!!!


،


يخطُو بخطواتٍ ثقيلةٍ والضجرُ يستكينُ فوقَ ملامحِ وجهه، تكشيرةُ ملل، عقدةُ حاجبين تدلُّ على الضيق، وعيونٌ ناعسـةٌ تبحث عن النومِ في اللحظةِ التي جاءت فيها الخادمةُ وطرقت باب غرفته ليخرج صارخًا في وجهها بغضبٍ وتخبرهُ هي بذعرٍ أنّ جدّه يُريده، تابعها بغضبٍ وهو يراها تبتعدُ مهرولةً بخوفٍ بعد ما قالته .. كاد يشدُّ شعرهُ من الغيظ وهو يشتمُ نفسهُ وهذا المنزل وحظه الذي أوقعه في أناسٍ لا يتركون النائمَ يغوصُ في أحلامهِ بحريّة، تراجعَ لغرفته ليدخل للحمـام ويمسح وجههُ ومن ثمَّ يخرجُ إلى جدهِ الوقور/اللطيف/الحنون والذي يبحث عن راحةِ حفيده الغالـِي فوق كلِّ شيء.
وهاهو الآن يفتحُ الباب وابتسامـةُ الغضب تلوحُ على شفتيه، دخلَ وهو يدلّكُ كتفهُ ويلفظَ بصوتٍ فاترٍ حانقٍ وهو يراهُ يتحرّك جيئةً وذهابًا كعادته حين يقعُ في مشكلةٍ مـا : نعم جدي العزيز الغالي بغيت شيء من الكلب اللي كان ياخذ له غفوة ببيته الصغير؟!
اتّجهت نظراتُ سعود الغاضبـة إليه بقوّةٍ جعلته يقطّب جبينه أكثر ويدرك أنّ غضبه هذه المرة أكبر ولن يحتمل سخريةً أو مزاحًا منه، لكنّه نظر إليه بعدمِ مبالاةٍ وهو يعتدلُ في وقفتهِ ويردف : وش تبي مصحيني برجع لأحلامي اللي ما أمداني أحضنها.
سعود بحدّةٍ يتجاهلُ حديثه : محمّد صـار بالسعودية.
مطَّ شفتيه قليلًا وقد أدرك الآن سببَ غضبه، إذن فمحمّد أصبح في مكانٍ أكثـر أمانًا من سعود، وأشدُّ خطرًا عليه كذلك . . رفعَ زاويـةَ فمهِ في ابتسامةٍ ساخـرة وهو يكتّفُ ذراعيه ويلفظ باستفزاز : راحت عليك ، الحين صارت امكانيـة قتله صعبة عليك ، وبيستجوبونه ويطلّعون منه الكلام بكل سهولة وبعدها تروح في ستة وستين نيلة.
سعود بقهر : ولد أبوه يحكي ، والله لفصل رقبته عن جسمه.
تميم بسخرية : قلنا امكانية قتله صعبة يا هووووه ، وبعدين جديًا تو انتبه إننا نبالغ في تقديره؟ وش بيسوي يعني؟ شهادته ماراح تضرّك كثير وبتقدر تخلّص نفسك منها، إلا عاد إذا كان فيه شيء أخطر عنده ماهو عند غيره!
سعود : هذي المشكلة ، محمد له يد في بعض الصفقات اللي لو وصلت معلوماتها للناس الغلط بروح فيها.
تميم يعقدُ حاجبيه : مثل أيش؟
سعود بحدّة : مالك دخل ، * أخرجَ هاتفهُ من جيبهِ وهو يلفظُ بحدة * مالي بهالوقت أحد يخلصني من ورطتي إلا هو وسالم ، وأنت انقلع نام عساك بنومة أهل الكهف ما منك فايدة.
تميم يرفعُ إحدى حاجبيه : تبيني أساعدك؟ أبشر ما طلبت شيء ، أنت بس جيب لي هذاك الحصان الأصيل الأدهم وأنا بعتلي سرجه وأسابق فيه الريح للسعودية وأسحب لك محمد من كراعينه.
نظرَ إليه سعود بغضبٍ ونارٌ أسيرةٌ في عينيه تحرّرت لتنطلقَ نحوهُ بشرارتها : والله ، والله ، ورب العزّة يا تميم كلمة ثانية وبتشوف الجزمة بفمك
تميم يضحك : افا يا الراقي ، يا التاجر اللي ماهو بصاحي ، يا صاحب الملايين الحرام ، يا خيبة الطبقة المخملية فيك أجل ترفع الجزمة؟ ما عليه مقبولة منك نستذكر انها بكم ألف ولا يهون شرّابك بعد هههههههههههههههههههههه . .
سعود بصرخة : اذلف عن وجهي.
تحرّك وهو يضحك كعادته في معظم الحوارات التي تنتهي بطردِ سعود له بعد استفزازاتِ تميم، وبعبثٍ يرفعُ كفيه للسماءِ وهو يتوقّفُ متجهًا نحو القبلة : يا الله إنك تفكّ أسر محمد، وتقر عين سعُود بوجهه الأقشر ، والا أقول؟ يارب إنك تاخذه أخذ عزيزٍ مقتدر وتريّحنا من همه عاجلًا غير آجلًا.
شعر بشيءٍ اصتدمَ بظهره، حينها تأوّه وهو يُعيد كفه للخلفِ واضعًا لها على ظهرهِ وهو يستديرُ إليه ويضحكُ متألمًا، نظرَ للأرض ليرى منفضة السجائرِ وقد تبعثرَ رمادها والسجائرُ المنعكفة على الأرض، وبنبرةٍ متألّمةٍ إلا أنها لا تزال تحافظ على استفزازها : ههههههههههههههههههه راقي يشهد الله.
صرخَ سعود مرةً أخرى ليخرج، حينها ارتفعَت ضحكاته وهو يخرج هذهِ المرة غيرَ مستعدٍ لضربةٍ أخرى على ظهره ويكسر بها عموده الفقري كما ترك الآن ألمًا ليس بسيطًا بتلك الكتلةِ المعدنية.


،


صمتت الكلمـات على شفتيه وهو ينظُر إليها بصمتٍ بائِس بعد أن أخرسهُ حديثها الذي كان يتوقّع مجيئهُ في أيِّ لحظـة، فهو لم ينسى أبدًا حديثَ فواز في الهاتف حينَ أخبرهُ بأنّها " تبي تكنسل كل شيء "!! وهذا الجنُون بعينه، فهو يملك من البصيرةِ الكثير ليُدرك حبَّ فواز لها، يملكُ من الحكمةِ الكثير ليدرك أنّ انهـاء كل شيءٍ كان مُخططًا له في الغدِ مصيبةٌ عظمى . . وما الذي سيقنعُ يابسةَ الرأسِ هذه؟ والتي تتحدّث الآن من قهرها بالذي فعلهُ فوّاز، والذي يستنكرهُ في المقابل مع معرفتهِ بعشقهِ لها.
زفَر بقنوط، وأغمضَ عينيه لثانيتين ومن ثمَّ فتحهما ليمدَّ يده ويضعها على رأسها حتى يمسحَ على شعرها، وبحنان : تثقين بكلمتي؟
ارتعشَت أحداقها بتوجّسٍ وهي تتكهّن بما سيقُول، لذا تراجعَت للخلفِ واقفةً بحدةٍ وشفاهها تنتفضُ بانتفاضةِ الكلمات في حنجرتها : تكفى يبه ، تكفى ، ما أبيه! إذا لي خاطر عندك خلّك معي.
يُوسف يقطّب جبينه بعجز : تدرين وش يعني تكنسلين هالزواج؟ لو باقي شهر اثنين مافيه مشكلة بس بكرا !!!
جيهان تبتلعُ غصّتها وتقاومُ المزيد من الدموع : أدري ، كل شيء بيكون حسابه كلام الناس ، سمعتي ! بس أنا ما يهمني ، ما يهمني أبدًا كل اللي يقولونه الناس * أردفت بحدة * ماهو الكلام واصلنا واصلنا بسبب موت أمي؟
شتت يوسف عينيه بضيقٍ من تداخل الموضوع الآن مع منى، في حينِ أردفَت هي برجاءٍ وهي تعقدُ حاجبيها : تكفى يبه ، لا تكسرني مرة ثانية بوقوفك ضدي !
نظرَ إليها بنظرةٍ أبويـة، والأبُ حين يستشعر الخطر على أبنائه سيُبعدهُ عنهم، حتى وإن كان الحسابُ هو! حتى وإن كان الحسابُ انكسـار العلاقةِ بينهما مرةً أخـرى، لن ينصـاع لجنونٍ كهذا ولرغبتها التي يدرك أنها لا تمدُّ للمنطقِ بصلة، لم تُدرك مصلحتها أبدًا، فحتى وإن كان جُرم فواز لا يغتفر، لكنّ العقاب الذي تريده لن يؤذيه هو كما سيؤذيها هي، حبُّ فوّاز لها يشفع، وإن لم يكُن شفيعًا فالظروف ترغمهم على الانصياعِ لهذا الزواج، دائمًا ما تفكّر الأنثى بجرحها، لكن هو كرجلٍ وأبٍ قبلًا سيفكّر بمصلحتها، وليسَ جُرحها.
وقفَ بحزمٍ وهو ينظُر إليها بملامحَ أدركت الإجابـة فيها، أدركتها لتتساقطَ دموعها كانبثاقِ المـاءِ في شلالِ نهرٍ سخيّ، اقتربَ منها وشفاههُ تنفرجُ ليُهديها ردّه، لكنّها تراجعَت وهي تُغمضُ عينيها وتصرخ : تكسرني دايم ، تكسرني دايم وتكسر علاقتنا مع كسـري . . لا تلومني على قسوتِي معك ! لا تلومني على شيء وأنت دايم تكسرني وتبكّي كل جوارحي.
مسحَت على أنفها بظهرِ كفّها وهي تنظُر لهُ بقهرٍ وإصرار، وبحدةٍ تمنعهُ من الحديث : الزواج ماراح يكتمل ، ماراح يكتمل لو على موتِي وأنت أدرى إني ما أهتم لشيء.
قالت كلماتها تلك ومن ثمّ انطلقَت تركضُ إلى غرفتها ودموعها تتلألأ على وجنتيها وأحداقها، في حين زفَر يوسف بقلّةِ حيلةٍ وهو يتراجعُ للخلفِ ويجلس، وبصوتٍ حادٍ خرج من بين أسنانه بغيظٍ رغمًا عنه : منّك لله يا فواز منّك لله !!


،


اتّسعت عيناها بصدمةٍ وهي تنظُر لصاحِب الخطواتِ التي كانت تقتربُ منها، عقدَت حاجبيها من هيئتها وعقلها عمل بسرعةٍ على الفهمِ والإدراك، لكنّها بالرغم من ذلك لفظَت بنبرةِ شكٍّ اختلطَت ببحّة صوتِها البكّـاء : مين أنتِ؟
الشابـة البيضاءُ أمامها ذات الملامح الآسوية وهي ترمقُها بقلق : سالي ، أنتا مدام غزل صح؟ ليش فيه يبكي؟!
ابتسمَت بسخريةٍ وهي تُخفضُ رأسها قليلًا، هاهو أيضًا جلبَ خادمةً لها كما أرادت، كما انقضّت عليه مرةً بكلماتٍ متذمرةٍ ليخبرها بوضوحٍ أنّه سيفكر بذلك لكن حين تُصبح في - بيتها -، يا الله! ليتهُ كان قاسيًا، ليتهُ لم يكُن بهذهِ الصورةِ الملائكيةِ حتى تؤذيه دونَ أن يرفَّ لها جفن، لكنّ طهرهُ يُحرج الأذى أن يأتيه، هي لم تحبّه! والاتهـام الذي أُلقيَ عليها باطِل، لكنّها عصَت والدها امتنانًا له، لأنّه يسعدها، ولا تريد لتلك السعادة أن تؤذى! فكيف يقُول أنّها تحبه والأمـر يقترن بمصلحتها فقط؟؟ . . لكنّها الآن، ستثبت لوالدها فقط، ليس لها لأنها مؤمنةٌ بمشاعرها، ستثبت له أنّها لم تحبه، وستساعده بالرغم من رفضها لذلك، ستساعده لأن في ذلك المصلحةُ الأكبر لها.
أسندَت كفّها على الأرض لتنهض، اقتربَت سالي منها حتى تُساعدها لكنّها أبعدتها باحتقارٍ وهي تنظُر لها بترفّعٍ وتمسحُ دموعها، تراجعَت الخادمة للخلفِ بتوترٍ بعد نظرتها تلك، بينما هتفَت غزل بحدةٍ وهي تُبلل شفتيها اللتين بهتَ فيهما اللطف : لا تلمسيني !! وبالنسبة لكوني قاعدة أبكي مالك شغل ! وترى يا ويلك لو درى سلطان.
نفضَت فستانها بينما ازدردَت سالي ريقها بتوترٍ وقد توقّعت أن تكون ربّة هذا البيت لطيفةً كزوجها، وخاب أملها!!
سعلَت غزل قليلًا ومن ثمَّ تحرّكت دونَ مبالاةٍ بالواقفةِ تلك، نظرَت للمنـزل هذهِ المرّة بعينٍ فاحصـة وهي التي لم تستطِع سابقًا رؤيته كما يحب مع انشغالها بمشـاعر الفرحة الاستثنائية التي كانت تهاجمها، عقدَت حاجبيها برضًى حزين، جميل! جميلٌ جدًا وهي التي لم ترى منه سوى القليل فكيف إن استكشفتهُ كاملًا، جميلٌ بحجمِ أسآها بأنّها لن تنعمَ به، بلحظةٍ تستشعر فيها أنّها بالفعل تمتلكه، أنّه بيتها هي!!!
تحرّكت حتى تستكشف الطابق الأول أكثر، ومن خلفها تحرّكت الخادمة التي وقفَت لثوانٍ بتوترٍ لا تعلم هل تتبعها أم لا، في النهاية دفعها خوفها للخطو خلفها إن أرادت منها شيئًا، ظلّت غزل تتأمّل المنزل بنظرةٍ حزينة، فرحتها لم تكتمل، ابتسامتها انشطَرت حين اصتدمَت بشاطئِ واقعها، لطالمـا شبّهت حياتها بأنها في جزيرةٍ نائية، جزيرةٍ لم تمتلك خُضرةً وغلبَتْ عليها الصحراءُ وحرارتها، صيفيّةٌ حياتها طوال العام! تفتقرُ للأمطـار، لا زورق يُنجيها وحين اقترب - سلطان - تحطّم على بعدِ انشاتٍ من الشاطئِ وبقيَت هي في مكانها، أسيرة واقعها القاسي.
عضّت زاويـة فمها وتوقّفت عند بابِ المطبخ، استندَت على الباب وابتسمَت بأسى وهي ترى صورةً ماضيـة لسلطان ولها، تجلسُ على إحدى كراسي الطاولـة وهو كذلك، يقطّع الخضروات ليطبخ لها المعكرونة! . . تنفّست بانفعـالٍ حزينٍ وهي تتذكّر الصورة الأخرى، حين انتفضْت ذعرًا وهو يحتضنها إلى صدره ليكشفَ الجراح التي في ظهرها . . ليته ما كان بهذا اللطفِ والطهر وشعرت هي بالذنب!!
تراجعَت للخلفِ حتى تخرج، حينها اصتدمَت بالخادمة التي كانت خلفها، أغمضَت عينيها بحنقٍ دونَ أن تستدير وهي تكاد تصرخُ وتفرّغ غضبها عليها، لكنّها صمتت على مضضٍ واستدارَت إليها لتنظُر لها واقفةً خلفها بربكةٍ واضحة، تنظُر للأسفل بصمتٍ وهي تفرك كفيها ببعضهما، لفظَت بترفّع : وين غرفة بابا سلطان وغرفتي؟ أكيد معطيك العلم دامه للحين ما رجع.
رفعَت أنظارها إليها بتوتر، وبهدوء : يس مدام.
تحرّكت غزل : أجل وصليني لغرفته بالأول بشوفها.
تحرّكت سالي من خلفها وهي تكتمُ فضولها الذي انزرعَ في صدرها منذ جاءت قبل يومين، حين هداها سلطان إلى الغُرف وأراها المنزل، وكأيِّ شخصٍ كانت لتستنكر أنّه في غرفةٍ وزوجته في أخرى! لكن بالتأكيد لن تتجرّأ وتسأل وستفهم كلَّ شيءٍ في الأيـام القادمة هنـا.
صعدتا للطابقِ الثاني، وأصبحت الخادمة هذهِ المرّة تتقدّمها كي توصلها لغرفة سلطان. غزل بجمود : مفتوحة؟
هزّت كتفيها بجهلٍ لتتأفأف غزل وهي تدعو بداخلها أن تكون مفتوحة، وقفَت أمام الباب بعد أن ابتعدت الخادمة ومن ثمّ أمسكت المقبض لتديره، عبسَت بقهرٍ حين وجدته مغلقًا، ومن شدّةِ قهرها ركلته وهي تشتمُ إحدى شتائمها التي غابَت عن لسانها فترةً من الزمـن.
أجفلت سالي من خلفها بذعرٍ من غضبها، واستودعت الله نفسها وهي تدرك بأنّ حظها العاثـر رماها على امرأةٍ تبدو " مغرورةً " وبها من العنصرية ما يكفي لنظرات الاستحقار تلك.
نظرَت لها عزل بغيظٍ لتهتفَ بحدة : فيه غرف ثانية سلطان يدخلها واجد بهالبيت؟
قطّبت سالي جبينها قليلًا وهي تحاول عصر دماغها لتُجيبها إجابةً صحيحة، فلا غرفة في هذا المنزل بتلك المواصفات خصوصًا أنّ سلطان لم يمضي في هذا البيت ما يكفي بل لم تره سوى مرتين في اليومين السابقين وكانَ تواجدًا سريعًا ليخرجَ من بعدها، هتفَت بحيرة : بابا أصلًا مافي نوم هنا ، هو يجي سورعة بعدين روح.
تأفأفت بغيظ ليعلو صوتها قليلًا : حمارة ما منك فايدة ، مو لازم يكون نام هنا ، أكيد إنه معلمك بالبيت ما وضح لك هذي الغرفة لمين وهذي لمين؟
توتّرت أكثر وعيناها تزيغُ من صوتِها العالي، وبربكةِ الكلماتِ لفظَت : فيه روم قال حق أنا ما أدخل . .
قاطعتها غزل باستعجالٍ حاد : وينها؟!!
سالس : تحت.
غزل : أجل حرّكي رجلك ووصليني لها عساك باللي ماني بقايلة.
تحرّكت سالي ووجهها يتجعّدُ بضيق، ومن خلفها عادت غزل للنزول وهي تزفُر بقهرٍ من كلِّ شيء، من الفرحِ الذي ينقلبُ فجأةً إلى كسرٍ لا يُجبَر، ومن الحُزنِ الذي ينثُر الملحَ على جِراحِها . . وصلا إلى غرفةٍ ذات بابٍ خشبيٍّ من النوعِ القديم، رفعَت إحدى حاجبيها باستنكارٍ وهي تنظُر للتصبّغـات الغريبةِ في أجزاءٍ منه وكأنّ نارًا قد وصْلت إليه لكنها لم تستطِع حرقه بالكلّيةِ ووشمته كي تُثبت أنها كانتْ، أمـالت فمها قليلًا بحيرة، ما التناقضُ الغريب الذي حلَّ في هذا الجزء تحديدًا من المنزل لترى هذا الباب القديمَ في طرازه بينما المنزل بأكمله حديثٌ في هيئته؟.
أمالت فمها، ومدّت يدها بفضولٍ أشد لتُلامسَ مقبضَ الباب، وفي تلكَ اللحظـة تحديدًا كان صوتُ سلطان قد وصلَ إليهم مستنكرًا بنبرةٍ فيها الكثيرُ من الحدة : وش تسوون هِنا؟!!
انتفضَت غزل ومعها سالي ليستديرا إليه بسرعة، اصتدمَت عيناها بنظراته الحادة والتي كانت تتجهُ نحوهما بشيءٍ من الغضب الذي أرعشَ السكُون الباقي فيها، اقتربَ سلطان أكثر ليكسر المسافة بينهما ويقف أمام عزل لافظًا بنبرةٍ حاول جعلها هادئة وهو يعقدُ حاجبيه : وش وصّلكم أنتِ وياها هنا؟
غزل بتوتر وهي تشتت حدقتيها استنكارًا للحدةِ في صوتِه : عادي كنت أستكشف البيت.
ابتسمَ ابتسامةً ضيّقةً وهو يطردُ حدّة صوته التي لا دافع لها فهي تدخل المنزل لأوّل مرةٍ ولا ذنبَ لها إن اقتربَت من الغرفة التي حرّم على غيره الاقترابَ منها، لفظَ برقّة : ما عليه الغلط ماهو عليك * وجّه نظراته لسالي ليُردف باستنكار * أنا مو قايل لك هالغرفة محد يقرّب منها حتى غزل قوليلها هالشيء؟
توتّرت سالي أكثر لتبدأ بفرك كفيها وهي تهتفُ بلعثمةٍ دون أن تنظُر لغزل : أنا فيه قول حق ماما غزل بس هي قالت حق أنا تبغى تشوف رومز أنتا تدخله واجد.
اتّسعت عينا غزل بصدمةٍ وفغرَت فمها، في حين عقدَ سلطان حاجبيه باستنكارٍ وهو يوجّه نظراته إلى غزل التي بدأت تشتمها وتلعنها في سرّها وهي تُشتت عينيها بذعر، بينما لفظَ سلطان دونَ استيعاب وهو يبتسم : يا كبر فضولك شكلك داخلة غرفتي بعد.
غزل نظرت إلى وجهه بذعرٍ لتلفظَ بكلماتٍ تلعثمت في غباءٍ انصبَّ بسبب كلماته التي قالها بمزاحٍ فقط : لا لا ما دخلتها أصلًا كانت مقفّلة !!
اتّسعت عيناه بتعجّب : يعني كنتِ تبين تدخلينها جد؟!
تبدّل لونُ وجهها وتراجعَت للخلفِ بخوفٍ وأطرافها انتفضَت، وبنبرةٍ خائفة : بس ، بس كنت بشوفها ، والله بس بشوفها ما بغيت شيء ثاني!
ارتخَت ملامحه قليلًا باستنكـار للخوفِ الذي سطعَ على ملامحها، الخوفُ ذاته الذي يأتيها حين يقترب منها وكان مضاعفًا في بداياتِهما . . اقتربَ منها وهو يعقدُ حاجبيه مستنكرًا بينما كانت سالي قد انسحبَت من المكان، وضعَ كفّه على كتفِها ليلفظَ باستنكار : طيب؟ ليش هالخوف الحين أنا وش قلت؟ عادي مافيها شيء بس كنتِ انتظرتِ لين جيت ووريتك بنفسي مالها داعي شغلات الحريم ذي.
زاغَت عينيها والشفافية تفرضُ نفسها عليها حينَ ترتبطُ أفعالها بمصيبةٍ مـا، تخافُ بشكلٍ تلقائيٍّ تمامًا كخوفها حين يقتربُ منها وتدرك ما سيكتشفه وراء اقترابه، والآن خافت لأنّها لم تُرِد غرفته لمجرّد الرؤية، بل لأمرٍ آخـر وهو طاعة والدها، تفتيشها لها بالمعنى الدقيق.


،


نزلَت للمطبخِ متأخرًا وهي تكشّر بملامحها، كانت جائعةً إذ لم تأكل العشـاء اليوم بسبب نومها، دخَلت وأنارت الضوء، ومن ثمّ بدأت تبحثُ عمّا تستطيع أكلهُ في هذا الوقت، استلّت التوست ودهنتهُ بالجبن، صبّت لها من عصير البرتقال الذي وجدته في الثلّاجة وجلسَت على الكرسي لتضعَ الكوبَ أمامها وتبدأ بالأكـلِ وهي تُسافرُ بأفكـارها باتّجـاهٍ آخر، نحوهُ هو فقط! تكمنُ المشاكلُ القاسيـة حين تكون الدروبُ كلّها تنتهي بشخصٍ واحد، شخصٍ يجبلُها على الانكسـار وتبقى تتداوى به، يا للأسف! ستبقى تُكررها وتُنهي بها ثباتها " يجرحني، وترجع جراحي تلملم نفسها فيه . . يكسرني، وينجبر كسري بملمس يدينه "!!!

من جانبٍ آخر . . فتحَ الباب الذي يئنُ مع تعبِه، كان قد خرجَ منذ المغربِ بعد أن اتّصل بهِ سكرتيره ليُخبره بأنّ اختلاسًا حدثَ في حساب الشركة، خرجَ منذ ذلك الوقت وهاهو يعود الآن بعد منتصفِ الليلِ وقد هدمَ طاقتهُ التعب الذي كان على مدى ساعاتٍ طـوال، كان لا يُريد الآن سوى النوم فقط ولا شيء آخر . . تحرّك باتّجـاه الدرجِ وهو يقطّب جبينه والصداعُ يبتلعُ رأسه ويقضُمه، لكنّه توقّف فجأةً وهو يرى النور المنبعثَ من المطبخ، غريبٌ من قد يكون مستيقظًا الآن؟!
كان سيتجاهل الأمر لكن لم يستطِع، تحرّك نحوَ المطبخِ ووقف فجأةً عند الباب حين رأى ديما تنظُر لكوب العصيرِ بشرودٍ واضح، نهضَت ابتسامةٌ من أكوامِ تعبِه، واستندَ بكتفِه على إطار البابِ وهو يضوّق عينيه ويتأمّل وجهها الأسمـر المتلألِئ بنجومِ الشرود، شعرها مبعثرٌ بفوضويةٍ حول ملامحها، ترفعُ خصلاتٍ منه لتتناثرَ الأخرى بتموّجها الواهن، بلل شفتيه وأهدابها المنعكفةُ للأسفل مع انخفاضِ نظراتها تجعلُ مشاعرهُ تتراقصُ مع تراقصها، أغمضَت عينيها وهي تزفر، حينها زفَر معها ليهتفَ بخفوت : ضوّيتي الليل بعيونك لا تغمّضينها.
انتفضَت بصدمةٍ من تواجدهِ لتُدير رأسها نحوه، وبدهشة : سيف؟
سيف يبتسم بعبث : بعين غمده.
قطّبت ملامحها قليلًا وهي تضوّق عينيها، أمعنت النظرَ في ملامحِ وجهه المُرهقة، كيف يصعب عليها قراءةُ خطوطِ الإرهاقِ في وجههِ وهو - سيف -؟ . . أشاحت نظراتها عنه وهي تحاول التشاغلَ عنه وتجاهله، لن تهتم! ، كما لا يهتم بها، لن تهتم، كما هو أناني، ستكون أنانية، كما ينقشُ على الحجرِ قسوته، سأنقشُ أنا بقسوتي على الفولاذ، كلّه بثمنِه، وثلاثُ سنينَ أخذتها من عمري سأعوّضها بالهجران.
اقتربَ منها سيف وهو يرى بوضوحٍ صدّها عنه، وقفَ بجانبها لينحني أخيرًا حتى وضعَ ذقنهُ على كتفها، مطّ فمهُ وهو يغمضُ عينيه، وبخفوت : مصدّع ، راسي أحسه بينفجر، تذكرين لما أصدّع وتجلسين تحاتيني الليل وتداوين راسي بيدينك لين أنام؟
تنفّست بحشرجةٍ واقترابهُ يسحبُ الأكسجين عنها، شتت عينيها لتقوّس شفتيها قليلًا وتلفظَ بغصّة : هذا على أيّام سيف والجارية، الوضع اختلف.
سيف بعتابٍ وهو يلفُّ ذراعيه على بطنها : زوجك ، شفيها لا جلستِ تراعينه؟
ديما : إذا راعيتني أنت وقتها انتظر منّي المقابل ، تعبت أعطي وما أحصل شيء.
تنهّد ليقفَ ويبتعدَ عنها، مزاجه سيءٌ كفايـة، لا يريد لهذا السوءِ أن يتواترَ بتضاعفٍ أكبر، تراجعَ للخلفِ متجهًا للباب وهي يهتفُ بصوتٍ جامد : تصبحين على خير.
ابتعدَ صوت خطواته رويدًا رويدًا، صوتُ خطواتهِ التي تقرعُ على جرسِ الانصهـار، تنصهرُ الآن برغبتها في البُكـاء، مهما آلمها لا تحبُّ ألمه، لم تكُن تحبّ ألمه! فكيف الآن بعد أن اكتشفَت بأنّها في صدره؟ تتوسّد قلبهُ وتتلحّف بأضلاعه؟ أجرتنِي من البردِ المندفعِ إلي، لكنّك نسيت أن تُجيرني بردك، هذا البرد الذي ينبعثُ من قلبكِ وأضلعك، من وسادتي ولحافِي.


،


قلبهُ الآن كمدفعْ، إن ضربَ أعلى الأسوار سيحطّمها، سيُحيلها إلى أشـلاء، فكيف إن ارتدَّت القذيفةُ إلى صدره؟ يكـادُ يتحطّمُ والرنينُ يتهافتُ برتابةٍ في أذنيـه، كم فـاضَ في قلبه حوارهُ مع سهى وطردَ من عينيه النوم! كم فاضُ في أوردتِه الشوقُ لصوتِها، كيفَ كان يفعلها سابقًا ويتجاهلُ اتّصالاتِها الراجيـةَ به؟ كيفَ كان يفعلها سابقًا ولا - يشتاق -؟ ، هل خُلق الشوقُ في صدرِه حين أوقنَ أنّ العلاقة الآن لم تعُد خاطئة؟ لم تعُد تراها أخوّةً سخيفة؟ بالتأكيد سيكُون عبدالله أخبرها بكلِّ شيء، ستكُون بكَت، ناحَت، كرِهته كما قالت سهى! لكنّه بحجمِ كرهها لهُ سيقترب، ضعفَ الآن ضعفًا لم يكُن يومًا فيه، هو " أدهم "، كيف انهزم؟ وكيف لا ينهزمُ أمامها؟!
انقطعَ الرنين، ليسَ بتجاهلها، بل ردّت! ردّت عليه بعد أن كاد يقسم أنّها لن ترد، بعد أن انبعث في صدرِه الإصرار بأن يكرر الاتصـال مرةً واثنين، ألفًا حتى يجيئهُ صوتها!!
همسَت بربكةٍ وأنفاسها المتسارعةُ تلتحمُ مع نبرةِ صوتِها الناعمة لتجيئهُ بملمسِ وجنتيها، بقطنيّتها المُهلكة! جاءهُ صوتُها ، محملًا بألحـانٍ ومقطوعاتٍ لم تكُن يومًا ملكًا لمسامِع أحد، فقط له! لهُ وما أجمل الملكيّة حين تنحصرُ له بـ - جمــالٍ - ورقّةٍ كصوتِها، جاءهُ صوتها، بربكتهِ واستنكارهِ أيضًا : أدهم !!
عينا أدهم! اللتين يفقأها الحنين، عينا أدهم! التي اشتاقَت رؤيتك.
ابتسمَ وهو يتنفّس بانفعالٍ يتجـاوزُ انفعالها، حاولَ تثبيت صوتِه ليجيئها ككل مرة، واثقًا، معتدًا بنفسه، كان يُريد أن لا يضعف أمامها! فيظفر بها بقوّتهِ وثقته كي لا تستغلَّ ضعفهُ وتنسلَّ من بين يديه، بصوتٍ أجش : نجـــلاء . .

.

.

.

انــتــهــى ..

* جزء من البارت القادم /

: شفت مانشيت الصفحة الرئيسية بجريدة الجوهر؟ * اسم وهمي *
سلطان يعقدُ حاجبيه : لا وش فيها؟
: نزل خبر كاتبين فيه بأن جريمة قتل فهد النامي اللي قبل 15 سنة زُيّفت بحقائق كاذبة، والقاتل الحقيقي هو أخوه سلمان وهذا سبب قطع العلاقات بينه وبين ولد أخوه سلطان وسبب انفصال شغلهم عن بعض . .

،


موعدنا القادم يوم الجمعة ، قبل كان ميعادنا كل أربعة أيام، والحين زوّدته بس يوم، وجدًا فرق هاليوم معي !
بارت اليوم طويل ياويلها اللي تقولي غير كذا -_-

ودمتم بخير / كَيــدْ !

 
 

 

عرض البوم صور كَيــدْ  
قديم 17-01-16, 03:35 PM   المشاركة رقم: 645
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
قارئة مميزة


البيانات
التسجيل: Sep 2010
العضوية: 190192
المشاركات: 574
الجنس أنثى
معدل التقييم: أبها عضو ذو تقييم عاليأبها عضو ذو تقييم عاليأبها عضو ذو تقييم عاليأبها عضو ذو تقييم عاليأبها عضو ذو تقييم عاليأبها عضو ذو تقييم عاليأبها عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 748

االدولة
البلدKuwait
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
أبها غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كَيــدْ المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي

 

تسلمين يا كيد ..المبدعة
لا بالله ماهو قصير الجزء
دسم دسم وملئ بالأحداث والمشاعر ..
لي عودة بإذن الله ..

🍃🌸🍃

 
 

 

عرض البوم صور أبها  
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
ليلاس, لغز, أكشن, القدر, الكاتبة كيد, انتقام, يوسف, رواية رومانسية, سلطان, غموض, عانقت, قيود, كيد
facebook



جديد مواضيع قسم الروايات المغلقة
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t195238.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
Untitled document This thread Refback 02-10-16 06:32 AM


الساعة الآن 08:03 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية