لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (2) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 26-07-16, 01:27 AM   المشاركة رقم: 426
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jun 2013
العضوية: 254562
المشاركات: 501
الجنس أنثى
معدل التقييم: الشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 867

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
الشجية غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : الشجية المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: حيزبون الجحيم / بقلمي

 
دعوه لزيارة موضوعي





الجحيـــم


(68)


** لا تلهيـكم الروايـــة عن الصـــلاة **














ظهر يومٍ جديد ، أمسكتُ بالسيجارة و أطفيتُ نارها بيدي ، أشعلتُ سيجارةً أخرى و عدتُ لاطفاءها بيدي صارت البقع منتشرة بيدي كما كانت
بيدها قبل أن تموت لكن لماذا لا أبكي لما أتألم فقط دون البكاء لما ؟ أريدُ أن أبكي أن أعيش ما عاشت من ألم ، و عُطرة ضحيةَ جلدي
من سيجلدني يا عُطرة هل أعطيكِ حزامي لتجلديني ، علميني يا عُطرة كم كنتُ قاسيًا لا أرحم ، علميني أيُ سفاحٍ كُنت ، هذبي طاغية زنى
بحياتكِ و قتل بكارةَ أحلامك ، هل ستجلديني يا عُطرة ؟ ، المؤسفُ أن لا احدَ لكِ يأخذُ حق اثنا عشر سنةٍ مني لا أحد ، إما تأخذيهِ أنتِ
أو تبقي المظومة و أنا ظالمكِ و أنا لا أقوى فشعورُ الظالم قاسي حينما يندم يريدُ أن يرضى من حولهُ عليهِ حتى يرضى الله عنهُ و لكن
إن كان يعلم أن من حولهُ لا يغفرون و لا يرحمون يموتُ بحسرتهِ و ندمهِ ، يُعاقبُ ذاتهُ علَّ العقاب يكفرُ خطاياه ، يعاقبُ ذاتُه ليذوق شر
ما فعل بغيرهِ و كيفَّ إن كان من تأذى أغلى من يملك و لا يستطيعُ جلد ذاتُه و لا هنالكَ من يجلدهُ عنها ، كيف لهُ أن يُكفر ! ، كيفَ ليَّ
أن أكفر يا معصيتي و ذنبي العظيم .







***

بتمام الساعةِ الثانية ظهرًا , وصلتُ إلى منزلِ مالكِ الأرض و الذي كان بيتًا متواضع ، ضغطتُ على الجرس و انتظرتُ قليلاً حتى فُتِحَ الباب
و كان باستقبالي فتاةً مراهقة ،
قبل أن تتحدث بادرتُ بالحديث : هذا بيت مصطفى .
هزت رأسها بالايجاب و هي تنادي بصوتٍ عالٍ و قد كانت تُمسكُ الباب بيدها و تنظرُ لداخلِ المنزل : يا بابا في راجل عاوزك .
ابتعدت عن الباب بينما أنا بقيتُ ثابتًا بالخارج جاء الرجلُ و وقف أمام الباب عاقدًا لحاجبيه متسائلاً : مين حضرتك ؟
بهدوء : أنا واحد كنت أعرف صاحب الأرض الي إنت باني عليها عمارتك و أبغى لو تدلني على عنوانه لأننا انقطعنا عن بعض بسبب ظروف
صعبة و الحين أبي أقابله و ما لي بعد الله إلا إنت تساعدني .
حرك رأسهُ بتفهم و فتح ذراعهُ على وسعها مرحبًا : اتفضل بالأول
ابتسمتُ له : لا والله مستعجل ، أعطيني العنوان و أنا بروح له .
تناول الهاتف من يدي ما يقاربُ الدقيقتين و أعادهُ لي
ابتسمتُ له بامتنان : جزاك الله خير .



***



بقيَّ يومين و أدخلُ للشهرِ السابع ، و قد اكتملت كلُ الأعراض التي حذرتني منها الطبيبة سأذهبُ إليها في العصر لنأخذَ الحيطة و الحذر
، وضعتُ يدي على بطني و أنا أتذكرُ سخريتي من عُزوف هل يكونُ ما يحدثُ ليَّ الآن بحملي عقابًا ليَّ على استهزائي و استنقاصي لها ، يالله
أعني و احفظ ابني بعينيكَ التي لا تنام ، ضيقٌ يجثمُ بصدري كلما دخلتُ شهرًا جديدًا أو اقتربتُ من الدخول إليه رغمَّ أن الخير في
التقدمِ بالأشهر حتى الولادةِ بالشهر التاسع لكن ضيقي يتكاثفُ أكثر فأكثر يُطبقُ على صدري حتى أشعرُ أن هواءَ الأرضِ لا يكفيني رئتي تشتكي
قحطَ الهواء و عينيَّ تشتكي السهد ، لا أدري ما بي لا أدري لما هذا الوهن بعدما امتلكتُ ما كان يملكهُ ركاض بل أكثرَ مما يملك لا أدري
ما بي ، وحيدة واهنة باكية ذليلة خاضعة ، كورقةِ خريف تطيرُ و لا تستدلُ الأرض التي ستأويها ، كأرضٍ اشتاقت للمطر و حينما سقطَ
المطر كان عذابًا لا صيبًا نافعًا ، أنا الوهنُ و الضعفُ مهما أدعيت ، تعال إليَّ يا طفلي و أملأ حياتي دثر و حدتي كفكف دموعي أرسم
البسمة بمحياي كُن هوائي شهيقي و زفيري كُن قوتي و سندي تعال يا طفلي و لا تزيدني وهنًا على وهن .





***



بعد ساعة وصلتُ إلى العنوان المقصود فلة صغيرةَ الحجم ، ضغطتُ على الجرس و فُتح البابُ سريعًا و كانت من فتحتُه ترتدي رداءَ الخادمات
بادرت هيَّ بالحديث : عاوز مين ؟
أجبتُ بثبات : أبي الأستاذ هاني مرشود لو سمحتِ .
بتساؤل : ائولوا مين ؟
بهدوء : أصل الحكمي .
أومأت برأسها و قليلاً من الوقت حتى خرج من وراءِ الباب رجلٌ يُغطي البياضَ رأسهُ نظر إليَّ بتفحص و سرعان ما ابتسم : أهلاً بيك يا أصل
هوا انتا عايش أصلي والله مش مسدىء عينيا .
و اندفع باتجاهي يحتضنني , ابتسمتُ و اتسعت ابتسامتي رويدًا رويدًا : ايه عايش بس فاقد الذاكرة و عايش بهوية مزورة و حالتي حالة أبيك تساعدني بشي إذا ممكن
ابتسم ليَّ : آه طبعا ممكن ، بس الأول اتفضل علشان نتكلم و افهم ايه الي إنتا عاوزني أعملو ليك .
دخلتُ للمنزل و هو أغلق الباب من ورائي أشار لحجرةٍ ما فمشيتُ باتجاهها دخلتُ و دخل من خلفي ، جلستُ على أول كنبةٍ فردية قابلتني
و جلس هوَّ بالكنبةِ المجاورة ، نادى بصوتٍ عال : يا أسما عِندنا ضيف .
ليصل صوتها العالِ : حاضر يا سعادةِ الباشا .
تحدثتُ بثبات بعدما استقرت عيناهُ عليَّ : بذيك السنة الي انفقدت فيها في البحر حصلني صاحب قارب و كنت فاقد للذاكرة اشتغلت معاه
فترة لما جات حرمة غنية تعرض علي الزواج منها و لأني ما كنت أملك هوية و هي قالت لي بتسوي هوية مزورة وافقت وعشت معاها
سنين , صار شي و رجعت لي ذاكرتي لكن مو كل شي ، المهم فيه واحد يقربلي يسعى لقتلي و أنا اكتشفت إنه بنتي مسجونة
بالظلم في السعودية و لازم أمسك بأحد من أعضاء العصابة القديمة عشان أخرجها و بعدها بحل مشكلتي مع الي يسعى لقتلي و جايك
اليوم أبيك تساعدني بالبطاقة العسكرية في فندق أبيهم يفتحون لي كشف الأسماء و ما بيرضوا إلا لو كنت من جهة أمنية .
باهتمام : أنا أكيد هساعدك ، و العصابة دي أكيد هيا عصابة مي و ربيع و جهاد و أنا أكيد هكون معاك و هساعدك للآخر .





***



بعد صلاةِ العصر مباشرة و التي بالكاد صليتها جالسة ، ناديتُ الخادمة لمساعدتي ساعدتني بارتداءِ العباءة وضعتُ يدي على ظهري
و بيدي الأخرى مسحتُ على بطني تأوهتُ بألم : آآآه يا رب عونك آآ ساعدني .. و لدي .. أمي نادي أمي أبي أمي أبيها قوليلها بنتك
تموت قوليلها .
تراخت قواي و جلستُ على الأرض سمعتُ صوتَ أمي و أصواتًا كثيرة لا أدري ما يقولون فقد أنهك الألمُ جسدي و لم أعد أفهم مطلقًا شعرتُ
بأكثر من يد تحملني على الأرض و غبتُ عن الوعي .






***



قبل صلاةِ العصرِ بساعة , خرجنا من المنزل متجهين إلى فندق " كايرو بلازا جيست هاوس " ، دخلنا إلى الفندق أتقدمهُ و هوَّ من خلفي
وقفنا أمام الإستقبال رفع هوَّ بطاقتُه العسكرية بينما أنا بادرتُ بالحديث : احنا من السلك العسكري محتاجين نشوف أسماء زوار الفندق خلال السنة الي فاتت .
أومأ برأسهِ ايجابًا : حاضر سواني بس .
جاء بعد مدة و بيده ملف و بجانبهِ إمرأة ترتدي ذات الرداء الخاص بموظفي الفندق مدَّ إلينا بالكشف تناولهُ الضابطُ هاني و وقفتُ
أنا بجانبهِ أنظرُ للملف الممتلىء بالاسماء صفحة بصفحة سطرٍ بسطر حتى وصلنا للمراد " ماكس شارل " و لكن لم يكتب بجانب اسمه رقم
هاتفه أو أي خيط يدلنا إليه أغلق الملف بقوة و رماه ، بينما أنا اخذتُ الملف من الارض و شكرتُ موظفي الاستقبال
باستياء : دول لو نموت مش هنلائيهم .سنين و سنين و احنا ندور عليهم بس ما استفدناش حاقة الوئت و العمر بضيع و هما و لا عليهم .
اتسعت عيناي و باندفاع تحدثتُ إلى موظفة الاستقبال : وش أقرب مطعم لهنا يكون على الطراز الغربي .
نظرت الموظفة إلى الموظف الذي صمت قليلاً ثم قال : مطعم هاش كوفي كمباني .
نظرتُ لهاني متسائلاً : تعرف مكانه .
أومأ برأسه و بثغرهِ ابتسامة واسعة توجهنا للمطعم مباشرة .





***


قلتُ بغضبٍ من عبدالقوي و إقناعٍ لها : يا حسناء الله يهداك هذا حقك ولازم تخذينه
و البنية و الله قلبي مخوفني إن تكون إهيا يالله ما أكبرها من مصيبة يالله لازم نسرع الخطى إلهم و نبعدهم عن بعضهم .
نقلت الخادمة حديثي إلى حسناء و من ثم نقلت حديث حسناء إليَّ : هيا يخاف كتير .
وقفتُ من على الكنبة و بانفعال : و البنت يا حسناء بتكون ذنبك ليوم الدين .
بعد نقل الخادمة حديثي بكت حسناء بوهن و هي تغطي وجهها بيديها ، تنهدتُ بضيق اقتربتُ منها وقعدتَ بجوارها على الكنبة سحبتُ يديها
عن عينيها : يا حسناء لمتى بتظلي كذيا ضعيفة و مسيكينة العمر مرة و ما ينعاد و البنية والله إنها نسخةٍ منك كنت أقول يا مزنة
يخلق لله من الشبه أربعين لكن بعد الي عرفته لازم نوقف كل شي و بسرعة .
حكت الخادمة ما قلتُه لحسناء التي رضخت للأمرِ أخيرًا ، سنذهبُ إلى منزلِ عبدالقوي لكشفِ حقائقٍ يشيبُ لها الرأس .



***




دخلنا إلى المطعم ، تحدثت ُإلى أحدِ العمالة بعد إخراج هاني لبطاقتهِ العسكرية : احنا من السلك العسكري نبي نشوف إذا عندكم
عنوانين البيوت الي توصلون لها الأكل خلال هذا العام و العام الي فات ، أو حتى أشخاص مميزين يطلبون منكم بكثرة وصارت عنواينهم
عندكم .
نظر العمال لبعضهم لفترة حتى تحدث أحدهم : في كم اسم مميز عندنا و نعرف بيوتهم و نروحلها كتير أوي يمكن كول أسبوع مرتين تلاتة .
بينما جاء الآخر بورق و مده إلينا : هنا هتحصلوا العنواين الي عاوزينها .
أخذتُ الورقة من بين يديه و وجدتُ اسمه " ماكس شارل " و بجانبِ اسمهُ عنوانٍ ما ، مددتُ الورقة إلى هاني : شوف هذا العنوان تعرف تجيله .
نظر قليلاً إلى الورقة و نطق : آه ، بس العنوان مش واضح كتير يعني بحس إننا كدا هنوئف في نص الشارع ما فيش أي دلالة عن البيت
الي هوا ساكن بيه .
عدتُ لأنظر للعمالة و بتساؤل : ايش رقم البيت حق الأجنبي ماكس شارل .
ليجيبَ أحدهم : واللهي ما نعرفش أصلنا نوصل الطلب لنص الشارع و هوا يجي لينا و ياخدو .
صفق هاني يديه ببعض : واحد ندل أوي مستحيل يسيب خيط وراه .
مسحتُ على ذقني : كل خطة لازم يكون فيها ثغرة لازم .
جلستُ على أحدِ الكراسي و جلس هاني أمامي و بيننا طاولة تفصلنا ، و بتساؤل : بتفكر في ايه ؟
باصرار و اقتناع : لازم فيه ثغرة لازم فيه ثغرة يا هاني .
حرك رأسهُ برفض و بيأس : دول مستحيل يكون عندهم سغرة تعرف احنا من متى و نحنا بنعادي بعض من يوم أباءنا أباءنا كانوا بيدوروا
عليهم و دلوقتي احنا و احفدنا , لو كانوا يسيبوا وراهم سغرات كنا هنحصلهم من سنين .
برفض تام : هذا الأجنبي ماكس مبتدىء و مو منهم مهما حاول يلبس لبسهم لكن ما قدر , الدليل نازل لمصر يحمي مي و مصر مشبرة كل مكان تدور على
العصابة لو هو فعلاً منهم ما كان همه لا مي و لا بطيخ المهم نفسه وبس ، هذا ترك وراه ثغرة مهما حاول يخفي
توقفتُ عن الحديث و انتصبتُ واقفًا متجهًا للعمالة و بتساؤل : طيب لما كان يطلب الطلبية أكيد كان يتصل عليكم أكثر أرقام تتصل
عليكم ماهي مسجلة في التليفون أو الجوال للمطعم .
ناداني أحد العمالة : تعال هنا .
مشيتُ و دخلتُ من وراءِ الطاولة الرخامية التي يقفون عندها و وقفتُ أمام الهاتف اللاسيلكي ، ضغط العامل على زرٍ يُشيرُ للأعلى و آخر
للأسفل و كلما ضغط على زر ظهر رقم هاتفٍ ما ، قال مفسرًا : نحنا ما عندناش ارئام مسجلة بس التليفون دايمًا بيحط آخر أرئام اتصلت
علينا و ماكس أمس طلب عشا مننا فيمكن تلائوا الرئم بتاعو مسجل في التليفون ده .
بامتنان : شكرًا يعطيك العافية .
ناديتُ هاني : يا هاني تعال ادخل .
ليدخل من وراء الطاولة الرخامية و يقفُ بجواري بادرتُ بالحديث : هاذي آخر أرقام اتصلت على المطعم و ماكس طالب منهم أمس طلبية
عشا ، فأبغاك بطريقة سرية تكشف عن هالأرقام بما إنك من السلك العسكري و تطلع أسماء أصحاب الجولات أو التليفونات و عنواين
البيوت لأنه احتمال يكون مسجل الرقم باسم غير اسمه فالعنوان إلي يتطابق مع العنوان إلي مسجل هنا هو عنوان ماكس .




***


بعد صلاةِ المغرب ، في المشفى مستلقية على السرير و جسدي منهك أشعرُ بالألم بكلِ جزءٍ من جسدي فتحتُ عيني و الرؤية غير واضحة أمامي
تمتمتُ : غانم ... ولدي .. غانم
شعرتُ بيدٍ تقبضُ على يدي عرفتُ اليدَ قبل أن تتضح الرؤية و برجاء : عبدالقوي غـ
قاطعني مطمئنًا لي : بخير لكن بيبقى في الحضانة مدة لمن يكتمل نموه لأنك ولدتيه من بدري .
زفرتُ براحة : الحمدلله يارب ألف شكر و حمد
و بخوفٍ من الاجابة : وميمتي ما جات ؟
فنادى بصوتٍ عال : يا صايمة بنيتك صحت .
ابتسمتُ براحة استنشقتُ الهواء الذي تغطى برائحةِ العودة التي تسكنُ جسدها منذُ طفولتي ، اقتربت بخطواتٍ سريعة إليَّ قبلت رأسي
و هي تردد : يالله لك الحمدلله إنك حفظت بنيتي .
بكيتُ رغمًا عني لا أدري بكاءَ فرح ليومٍ فُرِجَت فيهِ كُربتي أو بكاءً بعد ضيق قتلني و جعلني مرحومةً تتنفس ! ، لكني بكيتُ و بكيت و هي
تمسح دمعي و زوجي عبدالقوي يُدللني بكلماتهِ .




***




بعد صلاةِ العشاء , أجلسُ على السرير نصف جلسة و بيدي كتابٌ أقرؤهُ حتى سمعتُ صوتَ صغيرتي بلقيس تبكي تركتُ الكتاب و قمتُ من على
السرير و بخطواتٍ هوجاء سريعة فتحتُ باب الحجرة لأجدها أمام البابِ تبكي و تمسحُ عينيها بيدها جلستُ على الأرض لأصل لمستوى طولها
و بتساؤل : وش فيك يا ماما ؟ ليش البكا ؟
رمت بجسدها في صدري شددتُها إليَّ ، و حملتها من على الأرض دخلتُ بها إلى الحجرة جلستُ على الأريكة و هيَّ مازالت فوقي و رأسها يغيبَ
في حجري مسحتُ على شعرها بلطف بينما هيَّ قالت بصوتٍ متقطع : ماما شوفي لجين و ريتاج يضحكون عليا أنا و وائل يقولون احنا أمنا
و أبونا مو موجودين و انتوا كمان أبوكم مو موجود و شوية و أمكم بتصير مو موجودة .
شددتُ عليها أكثر فأكثر و بتأثر : لا يا ماما بابا بيرجع إن شاء الله قريب و حتى هوازن و الكاسر بيرجعون و يرجع بيتنا زيما كان أول .
ابتعدت عن حضني : من جد ؟
أومأتُ برأسي و رسمتُ الابتسامة بثغري : أكيد .
غمرت رأسها بصدري بسعادة و بقيتُ أمسح على شعرها ، لقد كذبتُ عليكِ يا صغيرتي لن نعود كما كنا ، فأنا لا أريدُ أباكِ زوجًا لي .




***



في الليل بينما أحاولُ النوم فُتح باب حجرتي و سمعتُ صوتَ شهقةٍ عميقة مددتُ يدب إلى الأبجورة التي على الكمودينية بالجوار لأفتحها
سقطت عيناي على أمي التي تبكي بوهن و تقول بشكرٍ لله : الحمدلله ولدي هنا .
تقدمت الخطوات باتجاهي و أنا لا أستوعبُ شيئًا مما يحدث جلست على السرير و سحبتني لحضنها , احتضنتني بشدة و هي تبكي و تردد : كابوس
يا أغيد كابوس يا نور عيني إنت , وحسبته حقيقة ، حسبت إني بفتح باب الغرفة و ما أحصلك ، الحمدلله إنك بخير يالغالي الحمدلله .
تشبثتُ بها و غمرتُ رأسي بصدرها أستنشقُ عبيق رائحتها إذا كنتِ يا أمي تبكين خشيةَ فراقي فوالله أبكي بكلِ ليلة خشيةَ موتي قبل أن أشبعَ
من حنانك و أعيشَ تفاصيلك .



***


بعد انتهائه من عمله اتجه للشقة التي أخذ مفتاحها منه ، فتح الباب و دخل ليجد الشقة معتمة إلا من ضوءٍ طفيف يأتي من الصالة مشى
خطاهُ على هذا الضوء لتتسع عينيهِ دهشةً مما رأى و حينما استوعب ما رآه استغفر الله كثيرًا حتى بعد جلساتِ العلاج لازال هوَّ يعذبُ
ذاتُه بكاملِ إرادتهِ ، توجه إلى المطبخ فتح الإضاة تناول " جك " ملأ نصفهُ بالماء و ليسكبهُ فوق الجسد الذي يجلسُ نصف جلسة جزؤه
السفلي يَلامس الأرض و ظهره يلامسُ الكنبة تمتدُ ذراعيهِ على الكنبة و رأسهُ فوق ذراعهِ الأيمن ، تنتشرُ حوله السجائر و أكياسٍ للمطاعم
بل حتى أرديتُه متناثرة بالأرض ، يكتضُ المكان برائحة الدخان الكريهة النتنة ، تنهدَ بضيق و رفع " الجك للأعلى " لينسكب الماءُ على
رأسِ معن يوقظهُ مما هوَّ فيه ،انتفض جسدهُ بشدة فتح عينيه و سقطت على طبيبهِ حكَ جبينهُ و بعثر شعرهُ بعشوائية ، حاول الانتصاب واقفًا
لكنهُ لم يستطع خمولٌ بجسدهِ و دوارٌ برأسهِ ، و لا فكرة تعصفُ بذهنهِ سوى الفكرة التي نام عليها ، عُطرة و من سواها !



***



بمنتصفِ الليل عدتُ للمنزل و توجهتُ إلى الجناح و قبل دخولي لحجرتي سمعتُ صوتها البآكي بحجرتها , تنهدتُ بضيق
و دخلتُ لحجرتي محاولاً تجاهلها فلن أُحرجها بدخولي و هيَّ تبكي , أعلم أنها لا تريدني ان أرآها ضعيفةً واهنة لذلك سأحترمُ رغبتها
وقفتُ أمام الدولاب أخرجتُ بجامةً رماديةً لي , خلعتُ أرديتي و أرتديتُ بنطال البجامة رفعتُ الفانيلة للأعلى لارتدائها ولكن يداي بقيت
للأعلى حينما رأيتُها أمامي بقميصِ نومٍ أسود و شعرها ينتثر و يلتصقُ بعضه بوجهها الممتلىءُ بالدموع
اقتربت مني و جثت على ركبتيها أرضًا و بوهن : خذني جسد يا ناجي .. بموت من قهري بموت من حقدي لو ولد مارسة انحط بيدي أحلف
إني بقتله من حقدي خذني جسد و ارحمني .


***



إنتهى الجحيم
أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه
كونوا بخير $
نزل قبل سبعة الصبح بكثير مدري كيف ^_^
احتمال مو أكيد احتمال و هو احتمال بسيط
إنه يكون في جحيم الساعة الحادية عشر صباحًا
مع العلم إني ما كتبت و لا حرف لكن فيني حماس له .


 
 

 

عرض البوم صور الشجية   رد مع اقتباس
قديم 28-07-16, 07:41 PM   المشاركة رقم: 427
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
قارئ مميز


البيانات
التسجيل: Jun 2010
العضوية: 174082
المشاركات: 4,031
الجنس ذكر
معدل التقييم: fadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسي
نقاط التقييم: 4492

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
fadi azar غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : الشجية المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: حيزبون الجحيم / بقلمي

 

فصلين رائعين جدا

 
 

 

عرض البوم صور fadi azar   رد مع اقتباس
قديم 29-07-16, 06:13 AM   المشاركة رقم: 428
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jun 2013
العضوية: 254562
المشاركات: 501
الجنس أنثى
معدل التقييم: الشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 867

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
الشجية غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : الشجية المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: حيزبون الجحيم / بقلمي

 
دعوه لزيارة موضوعي













الجحيـــم


(69)


** لا تلهيـكم الروايـــة عن الصـــلاة **
















بمنتصفِ الليل عدتُ للمنزل و توجهتُ إلى الجناح و قبل دخولي لحجرتي سمعتُ صوتها البآكي بحجرتها , تنهدتُ بضيق
و دخلتُ لحجرتي محاولاً تجاهلها فلن أُحرجها بدخولي و هيَّ تبكي , أعلم أنها لا تريدني ان أرآها ضعيفةً واهنة لذلك سأحترمُ رغبتها
وقفتُ أمام الدولاب أخرجتُ بجامةً رماديةً لي , خلعتُ أرديتي و أرتديتُ بنطال البجامة رفعتُ الفانيلة للأعلى لارتدائها ولكن يداي بقيت
للأعلى حينما رأيتُها أمامي بقميصِ نومٍ أسود و شعرها ينتثر و يلتصقُ بعضه بوجهها الممتلىءُ بالدموع
اقتربت مني و جثت على ركبتيها أرضًا و بوهن : خذني جسد يا ناجي .. بموت من قهري بموت من حقدي لو ولد مارسة انحط بيدي أحلف
إني بقتله من حقدي خذني جسد و ارحمني .
جلستُ على الأرض مقابلاً لها سحبتُها لصدري غمرت رأسها بصدري أكثر فأكثر و كأنها تريدُ أن تدخل لقلبي و هي بالفعل تتربع و تسكنُ في عرشِ قلبي
وحدها دون غيرها , مسحتُ على شعرها بلطف
حاولت التلمص فخففتُ من قبضتي نظرت لي بعينين ملؤها الرجاء : خذني جسد يا ناجي , أنا تعبانة خذني و ريح قلبي خلي حقدي يزول
ما أبي أعيش وعيني حارة على غيري ما أبي أتمنى الشر لغيري , والله مو بيدي أنا ....
بكت بشدة و غطت عينيها : والله أنـ....ا مو كـ...ذا
سحبتُ يديها عن عينيها و قبلتُ باطن يدها اليمنى المنقوشة بالحناءِ قُبلةً عميقة لحقتُها باليسرى
و بهمسٍ حنون : مو بهاذي الطريقة يا عُزوف , إنتِ تتكلمي كلام بلحظة ضعف إذا اليوم عطيتك الي تبيه بكرة بتلوميني و بزيد جروحك جروح .
أحكمت قبضتها على يدي الممُسكة بيدها و برجاء : ارحمني
وضعتُ يدي أسفل فخذها و انتصبتُ واقفًا أحملها و هيَّ تُطوقُ رقبتي بيديها همستُ لها : و لأني أبي أرحمك ما بنفذ طلبك .
دفنت وجهها برقبتي و شعرتُ بدموعها تبللني , بينما أنا جلستُ على السرير و لا زلتُ أحملها : نـ....اجـ...ي
وضعتها على السرير , و استلقيتُ فوقها محاصرًا لها بيدي المتشبثة باللحاف من كلا الجانبين قبلتُها بعمق أبترُ وهن كلماتها التي تزيدني
ندمًا و حسرة على ظلمي لها طلية السنين الماضية , أغمضت هيَّ عينيها و غابت عن الوعي
ابعدتُ جسدي عنها و جلستُ بجوراها أنظرُ لها بحسرة هل كانت تريدُ مني أن أقترب منها و هيَّ بهذا الانهيار و الضعف
أقتربُ منها و أأخذُ ما أأخذ و هي غائبة عن الوعي غير مدركة لما يحدث
و كأني حيوانٌ لا يشعر , لا أريدُ الجسد يا معزوفة أريدُ الروح
أريدُ رضاكِ عما أفعل لا غيابَ العقلِ عنكِ بلحظةِ ضعف .



***



فتحتُ عيني بعد سماعي لصوتِ الأذان القادم من أحدِ هواتفِ الجوال ، سقطت عيناي على لونِ الجدار ليست بحجرتي إنها حجرةُ ناجي عند هذهِ
الفكرة شهقتُ بقوة و عيناي تسقط إلى جسدي أبعدتُ اللحاف عني لأرى أنني لازلتُ بقميصي الأسود ، نظرتُ لجانبي فكان مكانهُ خاليًا ، ابتعدتُ
عن السرير و مشيتُ باتجاه المرآة و لكني سمعتُ صوت الماء في دورةِ المياه فأدركتُ أنهُ بالداخل يبدو أنهُ يستعدُ لصلاةِ الفجر
و صوتُ الأذان كان قادمًا من هاتفه ، بالرغم من معرفتي بتواجدهِ لكني ثبتُ أمام المرآة أتفحصُ رقبتي عنقي نزولاً إلى المفرقِ ما بين نهداي ،
لا شيء يدلُ على أنه اقترب مني ، لا أدري لما ابتسمت و أنا أستديرُ حول نفسي بسعادة أشعرُ و كأنهُ ردَ لي شيئًا من كرامتي المسلوبة
منذُ سنين كان يُجبرني بتعاملهِ السيء العيشَ معهُ قسرًا و ذلك بأستنقاصهِ لي ، الطفل الذي حملتُه هوَّ من أخرجهُ من أحشائي و قد كنتُ
مكرهة ، دائمًا ما كان يتصرفُ كما يريد دون أن يبالي بشأني بمشاعري و أحاسيسي و لكنهُ اليوم جعلَ مشاعري و كرامتي فوقَ اشتياقهِ
و شهواتهِ الغريزية ، أعلمُ بقرارةِ نفسي أن ما أفعلهُ خطأ و أنني زوجةٌ ناشز ملعونة فالزوج إن نادى زوجتهُ تأتيهِ و إن كانت تخبزُ
على التنور ، و الناشزُ مثلي لا نفقةً لها و لا سُكنى فقد ترفعت عن طاعةِ زوجها رغمَّ أن الحبيبُ المصطفى صلى اللهُ عليهِ و سلم قال : ولو
كنت آمر أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها ، هذا الدليل لا يدلُ على سجود المرأة لزوجها فلا سجود إلا للهِ وحده و لكنهُ
يدلُ على عظيمِ حقِ الزوج و أنا بأفعالي لا أقومُ بأي حق ، و أمتنعُ عن الفراش و السكنِ معهُ بذاتِ الحجرة ، و هو كزوج لهُ الحق أن يطلقَ
ناشزًا كمثلي أو يقومُ بنصحي و من ثم الامتناعُ عن مضاجعتي و إعطائي ظهره و من ثم ضربي ضربا غير مبرح ، لكن لا شيء قد ينفعُ معي
فالنصح و التقرب قام بها هوَّ بطرقٍ غير مباشرة و الامتناع أنا من أمتنعُ عنهُ لم يتبقى من الحلولِ سوى الضربِ الغير المبرحِ أو الطلاق ،
كثيرًا ما يؤنبُني ضميري و اليومَ زاد التأنيبُ عن ذي قبل فأيُ زوجٍ هذا تأتيهِ زوجتهُ الناشز على طبقٍ من ذهب و يتركها كابحًا شهوتُه
و حاجتُه إليها التي لهُ كامل الحقِ بأخذها ، تأكدتُ من أفكاري من فانيلة البجامة الرمادية الملقاة باهمالٍ في التسريحة مبللةً
بالعرق يبدو أنهَ مارس التمارين الرياضية حتى هُلِك لقد حرمتُه النوم بمظهري هذا ، لكني والله لا أستطيع أشعرُ أني مظلومة و عليهِ
أن يردَ كل سنيني المسلوبة فكيف أعطيهِ ذاتي ببساطة ، ألا يُعتبر هذا استسلامًا مني ، خنوعًا لهُ بعدَ ظلمي بعد الضنكِ و الضيم الذي
عشتهُ سنواتٍ دواليك ألا يُعتبرُ هذا انهزام المظلوم و ضعفٌ أمام الظالم ، أليسَ ليَّ الحقُ بمعاقبتهِ ، أليس عليهِ أن يُعطيني ما سلب مني
قبل أن أعطيهِ جسدي
تصلبت أفكاري و توقفتُ كالجمادِ أمام المرآة حينما فُتِحَ باب دورةِ المياه لم ألتفت اتجاههُ مطلقًا ، أشعرُ بالخجلِ من قميصي
و منه هوَّ الذي عانى طيلة الليل لنومي في فراشهِ و من ذاتي لاستيقاظي و عدم الخروج من حجرتهِ قبل خروجهِ من دورةِ المياه ، عضضتُ على
شفتي و فركتُ يدي و قد توقفتُ عن التفكير فلم أعد أعلم ما يجبُ عليَّ فعلهُ سمعتُ صوتَ بابِ الدولاب و لكن طغى صوتُ منبهِ الجوال على أي
صوتٍ آخر فجاءَ صوتُه المبحوح من ورائي حيثُ يقفُ عند الدولاب : معزوفة الله يرضى عليكِ وقفي المنبه .
رفعتُ عيني المصوبة على يدي التي أفركها إليهِ عبر المرآة لأراه يجففُ شعره و يضع أرديتهَ الداخلية و ثوبهُ على السرير ، تحركتُ إلى
الهاتفِ الموضوع فوق الكوميدينة و اضطررتُ من المرور بجانبهِ أغلقتُ المنبه و عدتُ أدراجي لحيثُ كنت لكن يدهُ عانقت يدي ليستدير
جسدي إليه كانت عيناي متحجرة بصدرهِ العاري المبللِ بالماء شعرتُ بيده أسفل ذقني رفع رأسي برفق و بصوتٍ حنون : فيك شي ؟
رفعتُ عيني أخيرًا لعينيهِ و رأيتُ بداخلمها جُلَ حنانِ الأرض و أنا التي عاشت يتيمةَ الأب و الأم منذُ العاشرة من عُمري ، حينما رآني
صامتة مسح على وجنتي بأحدِ أصابعهِ الممسكة بذقني و أردف بهمس : لا تضايقي نفسك ، اليوم مارسة بتكون هنا إذا وجودها يضايقك
بخرجك نسكن برا البيت ، حتى لو زعل أبوي يزعل و يعصب فترة و مصيره يرضى ما بحملك شي فوق طاقتك يا قارورة ، يلا روحي صلي
و ارتاحي و لا تفكري بأي شي .
ابتلعتُ ريقي أحاول لّمَّ زمامِ الأمور ، ابعد هوَّ يدهِ عن ذقني و أعطيتُه ظهري مبتعدةً عنهُ خارج حجرتهِ و أنا بحاجتهِ ، كنتُ بحاجةِ
رميَّ جسدي بصدرهِ أن يحتضنني و يُخففَ عني ، لقد تعبتُ من الشكوى لوسادتي و احتضناها لا حياةَ بها و لا حنان ، بطفولتي احتضنتُ دميتي
و بمراهقتي و نضجي أحتضنُ وسادة أحتاجهُ و لكن الكرامة تبقى عائقًا بيننا و إلى متى ؟!




***



فتحتُ عيني على صوتِ منبهٍ ما ليس منبهي إذًا لمن هوَّ , لم يطُل تفكيري كثيرًا فقد سقطت عيناي عليه و هو يصلبُ ظهره و يجلس بعد الاستلقاء
أغلق المنبه و رفع عيناهُ إليَّ : و أخيرًا يا معن صحصحت قوم باقي على أزان الفجر ساعة .
عقدتُ حاجبي و أنا أشعرُ بأن رأسي يؤلمني و أفكاري متشتتة أتذكرُ أنه أيقظني بالماء لكن لا أتذكرُ شيئًا آخر يبدو أنني عدتُ للنوم
أبعدتُ يدي عن رأسي و جلستُ على الكنبة من بعدِ استلقائي و بتساؤل : وش صار أمس ؟ و ليش إنت نايم هنا ؟
ابتسم بسخرية : و أنا أقدر أرجع لبيتي و إنتا بالحالة المزرية دي , ياخي أرحم نفسك من الدخان هادا , كنت زي الجسة من تعبك و بالقوة تتنفس
الدخان هوا الانتحار البطيء و إنتا جالس تنتحر من غير ما تحس بنفسك , بطل تدخين جدد أفكارك بأفكار إيجابية خلي عندك أمل حط بزورتك بعيونك
قدوتهم مدخن د
قاطعتُه مستهزئًا بنفسي : لا قدوتهم زاني قاذف .
هزَّ رأسهُ بيأس : والله إنتا الكلام معاك بدون فايدة الواحد كأنو يكلم الجدار ياخي اتقي ربك في إللي تعملو بنفسك شوف أياديك كيف متشوهة
من علامات السيجارة , تحسب إنو لو عزبت نفسك بدي الطريقة حتكفر عن زنبك بالعكس إنتا بتسوي حاجة ما يرضاها الله سبحانو و تعالى و لا تلقوا بأيديكم
إلى التهلكة و إنتا هلكت نفسك بكمية السجاير الي دخنتها و هلكت نفسك بحرق نفسك إنتا بتصرفاتك دي بدل ما تخرج من الغلط قاعد تدخل فيلو زيادة
أنهار الله يرحمها ربي مقدر ليها دي الموتة لو ايش ما تعمل ما حتقدر تعدل الي صار , بس إنتا لازم تقفل صندوق الماضي و تبدأ بحاضر جديد
حاضر يكون كل شي فيلو صح بصح , غير نفسك أرجع لجوزتك اعتزر ليها رد ليها كرامتها حسسها بمقدارها في قلبك اتقرب من بزورتك احتويهم
للأسف أباء اليوم معيشين بزورتهم في اليتم مع إنهم عايشين ! , الشغالة بتربيهم و تكبرهم و هما مو داريين عن بزورتهم تحسب بزورتك
كدا فرحانين بمجرد ما عندهم فلوس و وحدة تراعهم قد المعيشة الي بتاخدها لا طبعًا هما محتاجين ليك إنتا و مامتهم محتاجين للحنان
اتقرب من جوزتك و احتووا بزورتكم لين متى حتعيش في هادا الشتات ؟ , ايش الي استفدتوا لما حرقت نفسك و هلكت رئتك ؟ اتقدم شي ؟
لا طبعًا ما استفدت و لا حاجة و لا اتقدم شي , الحالة الي إنتا فيها اسمها المازوخية تعرف ايش معناها إنك تستمتع و تحس بالراحة لما تعزب نفسك و تهلكها
إنتا كنت قبل كدا سادي تحب تعزب الحريم لكره انزرع في قلبك بعد ما اتهيىء لزهنك إنو جوزتك خاينة ولأنك ما كنت تبغى تعزبها و تطلقها كنت تعزب
غيرها و تفرح لما تشوف بنت ضعيفة عشت دور المريض السادي الي يستمتع بعزاب غيرو و لما عرفت إنو جوزتك بريئة و ظلمتها على الفاضي
و عزبت أنهار بدون سبب اتحولت تصرفاتك للمازوخية و صرت تستمتع بتلقي العزاب سواء من نفسك أو من غيرك , اكيد إنك فكرت
من حيقدر يجلدك زيما جلدت جوزتك و إنتا دحين عندك كامل الاستعداد تتلقى الجلد من أي انسان ياخد حق جوزتك منك
بس تعرف إنو حالتك دحين أحسن من أول , إنتا أول كنت تفكر في الاعتراف و إنو ينطبق عليك الحكم الشرعي و تموت دا الشي يشبه تصرف الكفار
في إنهم في أعلى مراحل المازوخية ينتحرون و يموتوا لكن لأنك مسلم ما تبى تنتحر و تموت كافر فحبيت تعترف باللي عملتو , الحين طلعت
للمرحلة المتوسطة من المازوخية و صرت تكتفي بتعزيب نفسك بنفس الأشياء إلي كنت تعزب فيها غيرك لما كنت سادي , و أنا أتمنى كمان إنك
تتغير للأفضل و تطلع لأصغر مراحل المازوخية و هي الاكتئاب النفسي يعني تعيش نفسك في حزن و تسمع موسيقى حزينة و كدا و بعدها إن شاء الله
تتعافى كليًا , خلي في عقلك دايمًا ربك ثم جوزتك و بزورتك فكر فيهم كتير و إن شاء الله حتتعافى .



***


صباح يومٍ جديد الساعة الحادية عشر , استيقظتُ من نومي على صوتِ رنةِ الهاتف
مددتُ يدي إلى الكمودينية والرؤيا لم تتضح بعد , سحبتُ السهم باتجاهِ اللون الأخضر ليجيئني صوتُه : أنا بستنى عند الباب افتحلي .
قمتُ من على السرير بسرعة : طيب .
مشيتُ بإتجاهِ باب الشقة فتحتُه و أشرتُ لهُ بالداخل : أدخل و أنا بغسل وجهي و أجيك .
توجهتُ إلى دورةِ المياه غسلتُ وجهي و أخذتُ سواكي و توجهتُ إليهِ حيثُ الصالة
جلستُ مقابلهُ و بلهفة : بشر
ابتسم لي : و أنا فعلاً معايا أخبار حلوة , لئينا رئم ماكس بإسم راجل هندي لكن ئدرنا نتبع العنوان و العنوان هوا نفسو المسجل بالمطعم
يعني دلوئتي احنا رابحين و أنا كنت ائدر أروح وحدي بس ائولت ده مجهودك و إنت هتكملو للآخر .
تنهدتُ براحة و صارت روحي مفعمة بالحيوية ابتسمتُ بسرور و أنا أقوم من على الكنبة : ياخي الله يبشرك بجنته ببدل ملابسي و أجيك .



***



حينما وافقت حسناء على الذهابِ لمنزلِ عبدالقوي و الكشف عن الأسرار المخفية اتصلتُ على زوجي الذي تعذر عن المجي ء لأن لديهِ أعمالاً هامة
و وعدني منذُ الساعةِ الثامنة صباحًا سيكون أمام المنزل , و الطريقُ ما بين القبيلة التي تقطنُ بها حسناء و جدة تأخذُ أربعُ ساعات
و ها نحن وصلنا إلى منزلِ عبدالقوي بتمامِ الساعة الثانية عشر و النصف ظهرًا , زوجي يقفُ أمام الباب الكبير يطلبُ من الحراس
فتح الباب إلا أنهم رفضوا فهم ينتظرون الأمر من ساكني المنزل حتى يفتحوا الباب
اتصلتُ على عُزوف أكثر من مرة فلم ترد , و عدتُ للاتصالِ على عُطرة مكالمتين ولم ترد ولكنها ردت بالثالثة بصوتٍ مرحب : يا هلا والله بخالتي مزنة
لا أدري أبتسمُ لترحيبها و سعادتها بي أم أجعلُ جُل همي بالمصائبِ القادمة بعد وقتٍ قصير , رددتُ عليها : هلابك يا عطيرة , يابنيتي حنا عند الباب
و هالحراس ماهم براضيين يفتحوه .
بأسفٍ و اعتذار : حاضر يا خالتي و السموحة منك .
دقيقة و فٌتح الباب , عاد زوجي للسيارة و العرق بجبينه من حرِ الظهيرة
و نزلنا أنا وحسناء التي تقعدُ بالمقعدِ الخلفي متجهين لداخلِ القصر
استقبلتنا عُطرة التي سلمت عليَّ بمحبة و حبور , ومن ثم نظرت إلى حسناء وبوجهها علامات الاستفهام إلا أنها حيتها و سلمت عليها كما ينبغي
و بعد السلام , أشرتُ إلى حسناء : هاذي حسناء بكما أخوها المرحوم صديق زوجي " تابعتُ بحقدٍ و قهر " و صديق خويلك عبدالقوي .
أومأت برأسها بتفهم و اتسعت ابتسامتها : بنقعد نتكلم قدام الباب حياكم يا خالة .
تقدمنا بخطواتنا و جلسنا على كنبِ الصالة أنا و حسناء بجوار بعض على الكنبة المزدوجة و عُطرة مقابلةً لنا على كنبةٍ فردية
مدت عُطرة يدها إلى اللاسيلكي تتحدث مع إحدى الخادمات : جيبي عصير .
بهدوءٍ ما قبل العاصفة : ما نبي ضيافة يا عُطرة , حنا جايين نبي خويلك و صايمة و ظانع و مارسة بكلمة .
عقدت حاجبها و بتوجس : خير يا خالة .
نظرتُ لحسناء و عدتُ للنظرِ إلى عُطرة : بتعرفي كل شي , وينه خويلك ؟
أجابت : والله أمس جات لمارسة ولادة مبكرة و كلهم هالحين عندها بالمستشفى , بس أعتقد إنهم بيرجعوا في العصر .
ابتلعتُ ريقي و بتساؤل ملؤهُ الخوفُ و الهلع : وليدها بخير ؟
لتجيب و التساؤلُ بعينيها : ايه بخير .
شهقت حسناء بشدة نظرتُ لها فوجدتها تبكي و هي تضع يدها بصدرها و بالكادِ تلتقطُ أنفاسها
حاولتُ تهدئتها بينما عُطرة كانت تنظرُ لنا بغرابةٍ من حالنا .




***



الساعة الواحدة ظهرًا , أضعُ الحاسب المحمول المصغر على فخذي و أجلسُ بجوارِ الضابط هاني الذي يقودُ السيارة ، أنظرُ للنقطة التي تتحرك بالشاشة هذهِ
النقطة التي تشيرَ إلى موقعِ ماكس عن طريق رقم هاتفهِ المحمول و أخيرًا توقفت النقطة بمكانٍ ما ، وصفتُه لهاني الذي كان يسمعُ
لي حرفًا بحرف حتى توقفنا أخيرًا على بعدٍ بسيطٍ من النقطة أطفأ هاني السيارة و حمل مسدسهُ و حملتُ مسدسي ، خرجنا من السيارة
و اقتربنا من النقطة حتى أصبحنا أمامها مباشرة و ما كانت إلا سيارةُ أجرة نظرنا لما بداخل السيارة لم يكن بالداخل إلا السائق
الذي يبدو أنهُ لاحظ و قوفنا بجانبِ السيارة ففتح النافذة صارخًا : ايه يا عم عاوز ايه ؟؟
أخرج هاني بطاقتُه العسكرية قائلاً : عاوزين نفحص العربية .
أومأ برأسه و نزل من السيارة و بينما هاني يفحصها ، اقتربتُ من السائق : أعطيني جوالك .
مدَّ إلي بهاتفين أحدهما ذا طرازٍ قديم و الآخر ايفون بإصدارهِ الجديد ، قائلاً باندفاعٍ و خوف : و اللهي يا باشا أنا مليش دعوة
بالمشاكل خالص اليوم راجل أدهالي الموبايل ده و أنا ما اعرفهوش بس ئولت لنفسي حاجة بتجيك هدية خدها و اسكت يا عم .
توقف هاني عن البحث بعد سماعهِ لحديثنا ، و قال بقنوط : و اللهي مش هنحصلو احنا بندور ع ابرة في كومة ئش .
أخرجتُ محفظتي الجلد السوداء و أخرجتُ من داخلها صورةً مصغرة لماكس سائلاً السائق : هذا الرجال .
نظر للصورة بتركيز ليُجيب : اه بس شعرو كان اسود و عينو سودا كمان .
ليقول هاني بتفهم : متنكر كمان ، هوا ليه في اليوم ده , صار كريم و ادى السواىء موبايلو ؟
نظرتُ لهُ مجيبًا بثقة : إنت لما جبت خبير الكمبيوتر جبته للمركز العسكري و كنت تبحث عن المعلومات هناك في واحد في المركز عرف هالشي
و هو خاين لصالح ماكس قال لماكس و ماكس أعطى للسواق الجوال و السواق كان نقطة متحركة طول اليوم إلتهينا عن ماكس و هو رجع الحين للبيت
مرتاح البال ، احنا بناخذ هالجوال و نعطيه لخبير كمبيوتر غير الأول لأنه ممكن الأول يكون خاين و خصوصًا إنكم متعاملين معاه من سنين
و بنفتش الجوال في بيتي ما بيكون فيه إلا أنا و إنت و خبير الكمبيوتر .



***


الساعة الثانية و النصف ظهرًا , نجلسُ وراء القضبان تتبادلُ السجيناتُ صديقاتي الأحاديث عن الموضة و الأزياء المكياج و الأسواق و غيرها من أحاديث الفتيات
فكل واحدة تذكرُ الموضة قبل دخولها للسجن و يتساءلون ما هيَّ صيحةُ اليوم
كنتُ أنظرُ لهم و لا أفهمُ ما يقولون فأنا لا أعرف من المكياج سوى الكحل و أحمر الشفاه و الماسكرا و غير ذلك لا أعرف
أما الأردية فلم أكن أرتدي سوى القميص و التنورة دائمًا ما كانت أرديتي بهذا الروتين لا جديد بمظهري بتاتًا شعرتُ بشيءٍ من الخجل و النقص
فأنا دائمًا ما كنتُ أشاركهم الأحاديث حتى أن أخواتي دائمًا ما يقولوا عني أنني اجتماعية و أحبُ مجالسة الناس
و لكني اليوم لم أجد ما أتحدثُ عنه فالتزمتُ بالصمت و استمعتُ لهم دون فهم فكثيرٌ من المصطلحات لا أفهمُ معناها و لا أدري عما يتحدثون
أهذهِ الكلمة نوعٌ من أدوات الزينة أم اسم رداءٍ ما !!
حتى نظرت إليَّ إحداهن : غريبة هوازن ساكتة وين مسرحة يا بنت .
ابتسمتُ لها : لا والله معاكم بس ما أفهم بهالشغالات ففضلت السكوت .
عقدت حاجبها و باستغراب و استنكار بذاتِ الوقت : ما تفهمي بالميك أب و الملابس ؟!
فركتُ يدي و أجبتُ بخجل : ايه ما أفهم .
لتقول إحداهن : مو معقول , مو إنتِ متزوجة الكاسر الي زابلنا في السجن ؟
مسحتُ على رقبتي و أجبتُ بحرج : ايه بس يعني زوجي راضي فيني كذا و عمره ما حسسني بالنقص و أنا الصراحة أحس التفكير في المكياج و الملابس
شي غبي و كل حياتي كانت لعيالي و بيتي و ديني .
لترد إحداهن مستنكرة : بس حتى و لو زوجك أكيد يشتاق يشوفك بمظهر و لوك جديد بس يمكن هوا يحبك و ما بين لك هالشي عشان لا تزعلي و تتضايقي
ترى الرجال بعدين عينه تزيغ إذا حتقعدي بهادا الشكل كأنك طفلة ابرزي انوثتك غيري شكلك باللي يناسبك لا تقعدي طول عمرك على نفس الشكل
بعدين حبيبتي إنتِ دارسة دين و عارفة إنو على الزوج النفقة على زينةَ زوجتو يعني الزينة مذكورة في الدين , إن الله جميل يحب الجمال
ما قد صبغتِ شعرك ؟ ما سويتِ مكياج ؟
زاد خجلي حتى أني طأطأتُ رأسي : لا الصراحة شعري من يوم ما انولدت و هو أسود مثل ما هو , و إن سويت شي حنيته , و المكياج ما أعرف له
إلا إذا كان فيه مناسبة أختي الصغيرة تسويلي أو أروح لكوفيرا .
سألت إحداهن : و كيف تكون ردة فعل زوجك ؟
ابتسمتُ و أنا أتذكره : و لا شي يقعد يصلي على النبي و يًذكر الله و يحصني .
شهقت إحداهن : حرام عليكِ و تقولي و لا شي زوجك غارق فيكِ و إنتِ مو حاسة , هو يحتاج يشوفك بمظهر جديد لكنه يحبك و مو حاب يحرجك
ولو كان شكلك ما يهمه ما كان حصنك و اهتم فيك , هو يبغاكِ إنتِ تحسي بهالشي و تتغيري بنفسك , لا تحرميه يا هوازن ترى هاذي حقوقه
و مافي زوج ما يحب يشوف زوجته بمظهر حلو , كل زوج يحب يشوف زوجته ملكة ما في منها و إنتِ حسسيه بهالشي , إنتِ قد قلتِ لنا
إنك الأقل بالجمال بين أخواتك وإنه أختك الكبيرة مرة جميلة تبارك الرحمن أما الصغيرة عادية لكن أنيقة جدًا و دايمُا تطلع حلوة
و إنتِ لو اهتميتِ لنفسك ممكن تغلبي بأناقتك أختك الجميلة , يعني لا تقعدي تصوري في عقلك إنك مهما اهتميتي ما بتتغيري كثير
لا بالعكس أكيد حتحلوي و الحلى هذا حيرضي زوجك بدرجة كبيرة , عاد فكري بكلامي كثير مثل ما لعيالك و بيتك و دينك حق حتى لزوجك حق
زوجك حقوقه مو مقتصرة بس على الفراش و ترتيب ملابسه لا , حتى زينتك من حقوقه الزوج يرجع من شغله تعبان هلكان يبي يشوف شي يفتح نفسه
يمكن إنتِ تهتمي بريحة ملابسه بحمامه لكن إنتِ نفسك أغلى من هالمكان فكيف تهتمي بكل شي و تتركي أهم شي عند زوجك و الي هو إنتِ !!



***



الساعة الثالثة ما قبل العصر , أجلسُ بالصالة مع أختي الصغرى ديما و أخي الصغيرُ ياسر ينظرُ إلينا و لكنهُ لم ينضم لنا فهوَّ و أختي الوسطى يستنقصوني
رغمَّ أني حاولتُ التودد و التقرب إليهم لكنهم لا يتقبلوني بتاتًا و إن تقبلني ياسر بمقدارِ ذرة جاءت أختي الوسطى و همست بأذنهِ ليبتعدَ عني أميالاً طويلة
أختي الكبرى ميساء و أمي في المطبخ تغسلان صحون الغداء , و أبي اليوم لم يتناول الطعام معنا معتذرًا بأن لديهِ الكثيرُ من الأعمال
وصلنا صوتُ المفاتيحِ على الباب فقامت أختي ديما تقفز بسعادة حتى وصلت إلى الباب و هي تصرخ : بـــابـا جـا بــابــا جــا
فحتضنها أبي و حملها و دخل بها إلى الصالة ألقى السلام عليَّ و جلس بجوراي , خرجت أمي من المطبخ تسأله : أقرب لك الغدا ؟
ابتسم لها أبي : بعد شوي قربيه الحين عندي لكم خبرية حلوة بخصوص الغالي أغيد تعالي أجلسي
نظرتُ إلى أبي باهتمام , وبعينيِّ لهفةً و تساؤل عمَّا يُخبِىء
أخرج من جيبهِ بطاقةً و أوراق مدها إليَّ , أخذتُها من يدهِ و قد أدركتُ ما تكون
إنها هويتي كُتبت باسمي الأقربُ لي أغيد لا يزن
أمسكتُ بهالوية بشدة أتفحصها و أتأملها و كأنها كنزٌ لا مثيل لهُ
أخيرًا عرفتُ أسرتي و علمتُ أني سعودي الجنسية
علمتُ من أكون و لأي دمٍ و عرقٍ و نسبٍ و قبيلةٍ أنتمي
رفعتُ عيني لأرى أبي مبتسمًا و ميساءُ تباركُ لي و ديما تتراقصُ فرحًا رغمَّ أنها لا تفهم شيء و أمي مبتسمة و غارقة بدموعها بذاتِ الوقت
و تبدو دموع الفرح , و لكنها بحقيقةِ الأمر لم تكن دموع فرح لقد أخطأ أغيد التفسير هيَّ تبكي لأن تلكَّ الذكرى المقيتة راودتها
ذلك اليوم الذي اختفى بهِ أغيد و ما بقيت سوى هويتهُ أوراقٌ لا قيمةَ لها إن كان مالكها الحاضرُ غائبًا و كيف إن أُخِذَ منها بغفلة
دون درايةٍ منها , نجد اللحياني معلمةُ لغةٍ عربية بمدرسة التاسعة و الخمسون الثانوية بجدة
كانت بذلك اليوم الذي تغيرت بها كل حياتها تقفُ عندَ الباب فهيَّ اليوم عليها الوقوفُ عند الباب حتى تفرغ المدرسة من جميعِ الطالبات
كانت معها ابنتها ميساء و ابنها يزن , ميساء كانت تلعبُ مع بناتِ الثانوية أما يزن فكان يقفُ بجوراها وهيَّ تتحدثُ مع إحدى الطالبات
بشأنِ اختبارِ الغد , و دون أن تدري خرج الطفل يزن من المدرسة و مع ازدحام الطالباتِ بالخارج طالبة تدفعهُ يُمنى و أخرى تدفعهُ شمالاً
حتى وقف في الشارع ينظرُ إلى السياراتِ العابرة , بفضولِ طفل قطع الشارع كادت سيارة أن تصدمهُ خرج مالكُ السيارة و وقف أمامه
بادر الطفلُ يزن البريء بالحديث : إنتا سوادنا الزديد ؟
ابتسم بمكر و هو يحركُ رأسه : ايه أنا يا حبيبي سواقكم تعال اركب
قال الطفل و هو يُشير للمدرسة : و نستنى ماما نزد و ميسو في السيارة
أجاب بطفولة : ايه يا بطل .
صعد الطفل إلى السيارة و طار حمدان بالسيارة بعيدًا , ليُسمى يزن بأغيد و تٌبتر يدهُ
و يعيشُ اليتم و الذل و الهوان بلا هوية و لا علم و لا أيُ شيءٍ يُذكر
هيَّ بالداخل أدركت أن يزن ليس حولها و لكنها لم تعتقد أنهُ خرج للخارج بحثت بالمدرسة بكلِ الفصولِ و المكاتبِ و دوراتِ المياه
حينما يئست أخذت تبكي بوهن و الطالبات اللاتي لم يجيء أهلهن بعد أخذن يبحثن عن يزن معها
كانت ميساء أيضًا تبكي على أخيها الصغير فقد خافت حينما رأت أمها بهذه الحالة
المديرة و من تبقى من المعلمات يحاولن تهدئتها و سؤالها رويدًا رويدًا علَّهن يعرفن أين هوَّ الآن
حتى ألقت إحدى الطالبات قنبلة جعلت المعلمة نجد تبكي بكاءً مريرًا و تجري إلى الشارع دون عباءتها استوقفتها إحدى المعلمات و غطتها
بالعباءة بطريقةٍ عشوائية قنبلة كانت تقولُ أن يزن قد يكونُ خرج خارج المدرسة
بحثت بالشارعِ كالمجنونة , الرجالُ كانوا ينظرون لها بغرابة و لكن ضعفها هذا بثَّ الرحمة لقلوبهم
فصار الجميعُ يبحثُ عنهُ حتى قال أحدَ الآباء الذي ينتظر ابنتهُ عند الباب منذُ مدةٍ طويلة : شفت ولد لابس أخضر و عليه بطاقة ركب سيارة و راح مع صاحبها , هو لدك ؟
حينها انهارت و هي تُردد : ايوا ... هوا ولدي يـ....زن يزن انخطـ.....ف يـ.....زن .
اتصلت إحدى المعلمات من هاتفِ نجد إلى والدِ يزن الذي حضر سريعًا بحث عن ابنهِ و حاول تهدئة زوجتهِ نجد و طفلتهِ ميساء
منذُ ذلك اليوم وعدت ذاتها أن حياتها لن تكون إلا لأبنائها تركت وظيفتها وصارت ربةَ منزل
صار التعليمُ كالكابوسِ بالنسبةِ لها , حينما تبعثُ ابناءها للمدراس تجلسُ بالبيت تبكي بهسترية و ذلك اليوم يُعادُ بذاكرتها
بكلِ صباح تخافُ أن يغيب أحدهم عنها توالت السنين و يزن لا أثر لهُ كل الأثرِ بقلبها
لآمت كثيرًا ذاتها لو أنها و لو أنها
و لكن بما تنفعُ لو بعد فواتِ الأوآن ؟ّ!



***



بعد صلاةِ العصر , نجلسُ في الصالة بعباءتِنا بترقبٍ و توجس ما بين التوتر و القلق
حتى فُتح الباب و دخلت صائمة و من ورائها عبدالقوي تستندُ عليهِ مارسة
توقف عبدالقوي ناظرًا لي بإزدراء لطالما نظرَّ إليَّ بهذهِ النظرة
بينما بادرت صائمة بالترحيب : يا هلا و الله بمزنة نورتي جدة بوقتك , بنيتي والدة بغانم أمس .
ابتلعتُ ريقي بتوتر فلا أدري كيف لي أن أقول ما سأقول نظرتُ إلى حسناء التي تتغطى بحجابها الكامل و لكن يبدو التوتر
بحركةِ أقدامها و انتفاضِ يديها , تقدمت صائمة إلينا متسائلة : ومين هالمره ؟
رفعتُ عيني و التقت بعبدالقوي الذي كان ينظرُ للمرأة بتوجس , أجبتُ بثبات يخالفُ زوبعةَ الخوفِ بداخلي : حسناء
شهقت صائمة بصدمة : حسناء يا حيا الله حسناء و ينك يا مره و ينك محدن شافك من سنين
بقيت عيناي على عبدالقوي الذي كان يشدُ بقبضتهِ على مارسة و عيناهُ لا تكهنُ بالخير كان ينظرُ لحسناء و كأنهُ يجردُ العباءةَ عنها
تقدم عبدالقوي بخطواتهِ يجرُ مارسة التي بالكادِ تلحقُ خطواتهِ الواسعة السريعة
استوقفتُه : حسناء تبيك يا عبدالقوي و ين رايح عنها ما هي بمرتك
ليجيء صوتُهُ مكتضًا بالغضب : سكتي يا مزنة و ثمني حكيك و هالحسنا ما أدري عنها
و قفتُ من على الكنبة و وقفت حسناء التي تجلسُ بجوراي تُمسكُ بيدي بخوف
تكلمت مارسة باحتقار : عجوز مخرفة عبدالقوي ماله غيري أنا و ساجدة و يلا لمي نفسك و أخرجي أنا و عبودي تعبانين و نبي ننام
قال عبدالقوي مؤيدًا و عيناهُ لازالت مصوبة بحسناء الخائفةالمتشبثة بذراعِي : سامعين كلمة كنز البيت يلا البيت يتعذركم ذلفوا من مكان ما جيتوا
تقدمتُ بخطواتي خطوةً للأمام فصارت حسناء خلفي قليلاً ولكن عبدالقوي لازال ينظرُ إليها هل هوَّ على ريبٍ من كونها حسناء ؟!
بثباتٍ و قوة : تنكر إن لك بنية منها دفنتها بالتربة , و هالبنية تربت ببيتك و كبرت و إنت ما إنت داري إبها
مارسة بنيتك يا عبدالقوي
مارسة بنيتك يا عبدالقوي
مارسة بنيتك يا عبدالقوي .



***


إنتهى الجحيم
أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه
كونوا بخير $
الجحيم القادم قبل دخول ذو القعدة بإذن الله .


 
 

 

عرض البوم صور الشجية   رد مع اقتباس
قديم 29-07-16, 06:02 PM   المشاركة رقم: 429
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Oct 2013
العضوية: 259797
المشاركات: 55
الجنس أنثى
معدل التقييم: دهن عود قديم عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 42

االدولة
البلدAjman
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
دهن عود قديم غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : الشجية المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: حيزبون الجحيم / بقلمي

 

صااااااااعقة هالجزء صااااعقة ،ظنيت مارسة بنت اصلان وبعدين قلت يمكن بنت حد ثاني ومب قريبة لهم لكن انها بنت عبدالقوي فعلا صاعقة ،يعني كانت تحب اخوها بعدين ابوها 😳

 
 

 

عرض البوم صور دهن عود قديم   رد مع اقتباس
قديم 01-08-16, 02:15 PM   المشاركة رقم: 430
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
قارئ مميز


البيانات
التسجيل: Jun 2010
العضوية: 174082
المشاركات: 4,031
الجنس ذكر
معدل التقييم: fadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسيfadi azar عضو ماسي
نقاط التقييم: 4492

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
fadi azar غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : الشجية المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: حيزبون الجحيم / بقلمي

 

فصل قاتل مارسة بتكون ابنته ظالم ونال عقابه

 
 

 

عرض البوم صور fadi azar   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الجحيم, انتقام, اكشن, بوليسي, بقلمي, غموض, عجوز
facebook




جديد مواضيع قسم القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t195054.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
Untitled document This thread Refback 24-04-16 12:17 PM
Untitled document This thread Refback 09-04-15 05:57 AM


الساعة الآن 07:36 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية