لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > المنتدى العام للقصص والروايات > القصص المكتمله
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

القصص المكتمله خاص بالقصص المنقوله المكتمله


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (2) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 07-02-14, 02:47 PM   المشاركة رقم: 36
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Aug 2013
العضوية: 256622
المشاركات: 11
الجنس أنثى
معدل التقييم: mrs.umsalman عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 27

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
mrs.umsalman غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : اسطورة ! المنتدى : القصص المكتمله
افتراضي رد: حارس العذراء الكاتبة / ايفا آدم

 

رواية رااااااااائعة لا تتأخري علينا يا قمر

 
 

 

عرض البوم صور mrs.umsalman   رد مع اقتباس
قديم 14-02-14, 04:51 PM   المشاركة رقم: 37
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: May 2011
العضوية: 224710
المشاركات: 3,261
الجنس أنثى
معدل التقييم: اسطورة ! عضو جوهرة التقييماسطورة ! عضو جوهرة التقييماسطورة ! عضو جوهرة التقييماسطورة ! عضو جوهرة التقييماسطورة ! عضو جوهرة التقييماسطورة ! عضو جوهرة التقييماسطورة ! عضو جوهرة التقييماسطورة ! عضو جوهرة التقييماسطورة ! عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 1223

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
اسطورة ! غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : اسطورة ! المنتدى : القصص المكتمله
افتراضي رد: حارس العذراء الكاتبة / ايفا آدم

 

بسم الله الرحمن الرحيم



المشهد

(25)



قولي لي

ماذا افعل فيكِ انا في حالة ادمان

قولي لي

قولي ما الحل فأشواقي وصلت لحدود الهذيانِ

.

.
.


المــــواجهة الرابــــــعة عشـــــرة



بين الساعة العاشرة صباحاً و السادسة عصراً



كان وكأنه يرى خيالات و اطياف تتطاير حوله و حركات خاطفة واصوات شهقات و زمجرات راعدة واعدة بالموت

كان وكأنه عاش هذا سابقا وها هو يتكرر مرة اخرى امام عينيه ولنفس الفتاة !

لم يكاد يصدق ما يراه وهو يتكرر بالحركة البطيئة كل مرة امامه

لم يشعر بنفسه الا وهو يطير من فوق السيارة كي يهجم على شقيقها من تلوثت يداه بدماء شقيقته :أيها الحقيييييير ، لمااااذا ، لماااااذا ؟!!

يهجم عليه وبكل ما اوتي من قوة يسدد لكمات متتالية لذالك الوجه الذي فقد معنى الاخوة

يتقاتلا كالوحوش فتتطاير الاحذية و تتقطع الثياب و يتجمع حراس المستشفى لفض الاشتباك العنيف الذي سوف يودي بأحدهما فكلاهما غاضبان حتى الجنون !

ليجدو تلك الفتاة ثانية ممدة على الارض و بقعة كبيرة من الدم تتجمع تحتها وبالكاد تتنفس

كي يصرخ احد الرجال : هناك فتاة مصابة نادي الإسعاف بسرعة !!

فيركض مجموعة من الاطباء و الممرضين الى خارج المشفى كي يحملوا تلك الفتاة على اياديهم وهي شاحبة شحوب الاموات بعينين شبه مفتوحتين زجاجيتين بالدموع التي تجمعت بهما فشقيقها قد طعنها !!



ساعات تمُر ينتظرون خارج نفس الغرفة ثانية مصير من واجهت الموت ثلاث مرات في ايام !!

و اصحاب الوجوه المتورمة المدمية بالكاد يسيطران على نفسيهما كي لا يهجما على بعضهما مجدداً في عُقر المستشفى

فـــ حازم رفض المغادرة و يقسم أن هذا الأحمق لابد وأن يلقى جزاءه !

ووليد يريد ان يُقيم الحدَّ على شقيقته و عشيقها !!



اما ام وليد و اخاه احمد من غادرا بأمر من وليد مبكرا كي ينتظراها فلعلها تعود الى المنزل وفي حال رجعت الى المشفى فهو سيكون لها بالمرصاد !

لم ولن يشعر بالذنب لقتل العار الذي تسببت به وها هو يقيم فضيحة و عار اكبر بمحاولته قتلها و الشرطة التي هي على وشك الوصول للتحقيق في الاشتباك و حادثة الطعن !!

كي يسمعا صوت باب الغرفة يفتح و يخرج منه الطبيب متنهدا براحة : الحمد لله استطعنا السيطرة على النزيف وهي بخير الان وثانية ينظر بشك الى الوجوه المحتقنة : لا يُسمح لكما انتما الاثنان التواجد في الغرفة معها الا بعد وصول الشرطة للتحقيق ارجو منكما الالتزام !!



يتمتم حازم بالحمد و الشكر لله الذي نجاها من الموت

اما وليد فقد قادته رجله ثانية الى تلك الغرفة ولكن حازم من وقف امامه محذرا : اقسم ان مسستها بسوء سأقتلك بيدي هاتين

ينظر له وليد بغضب وهو يكور يديه بعصبية : ومن تكون انت كي تعطيني الاوامر ؟!! ليقترب منه اكثر يرفع رأسه له مهددا : وانا ان لم تخرج الان من هذا المستشفى سترقد في الغرفة المجاورة لها أيها الحقير !!

يفتح حازم عيناه على وسعهما استغرابا وهو يصدر ضحكة قصيرة مستهزأة : أحقاً ؟!! اذا هيا اريني ما عندك !!



ولكنهما فقط قضيا الوقت في النظر الى بعضهما البعض في تحد و غضب مستعر و كل منهما يريد الإطاحة بالآخر

فما يجول في بال حازم ان ما يهم هي فقط وداد الخادمة التي اثارت زوبعة في حياته لتغيرها تماما !!!

.

.

.

في مكان اخر من العالم في المانيا في قصر ارنبرج الذي يقطنه يوسف و عائلته

يعتريه القلق و يشعر بالخيبة وهو يصول و يجول في كامل ارجاء القصر

يشعر بشيء يستفزه ويثير السخط في نفسه ويريد ان يسمع شيئا يطمئنه فيرفع هاتفه ليطرق عليه ارقام سعد فيرن الهاتف مباشرة وقبل ان يتكلم سعد : سعد اذهب الان الى الحي حاول مرة اخرى التحدث الى الجيران فلا يعقل ان لا احد حتى الان لا يعلم شيئا وهو يرجع خصلات شعره الى الوراء : اكاد اجن هنا اذهب الان يا سعد !!

تسقط يده بجانبه وهو يحاول السيطرة على اعصابه يشعر بأنه يريد ان ينفجر وسوف يفعل !!



يخرج الى الحديقة ليمشي على الممر الحجري متتبعا اثار الاصوات القادمة من الجلسة العائلية فها هو موعد الغذاء قد حان وهناك امه تجلس ومعها البتول المتغطية تماما بلباس ابيض ووجهها يبدو حزينا و باكيا فهي لازالت منهارة !

ولكن ما فاجأه هووجود دانيال في هذا الوقت جالساً مقابلاً لهن وهو يدفن صديقته تحت ابطه ويميل عليها لتقبيلها في شفتيها بنهم كل ثانيتين

شعرت بالنار تشتعل في جسدها و الحرج يتآكلها وهي تتهرب بنظرها الى كل الاتجاهات ووجهها محمرا بقوة بينما ام يوسف لم تشعر بالارتياح فهذه اول مرة دانيال يفعل شيئاً مخجلاً كهذا امامهم ولكنها لم تنهره فهو حر !!



اما من كان في طريقه اليهم وهو يخطو بخطوات متسارعة وهو يصرخ بقوة : دانيال !

يلتفت الجميع الى يوسف الذي كان وكأنه في صراع مع عصاته ليتقدم نحوهم وهو يكمل وهو يشير بعصاه الى صدر دانيال الذي ضيّق ما بين عينيه تساؤلا : ألا تخجل من نفسك !! كيف تفعل تلك الافاعيل المشينة امام امي و ابنة عمتك ؟!! انت هنا احترم نفسك !!!





كلاما كان قوياً و صادماً لمن كن يجلسن مستمعات في خوف من ردة فعل يوسف الغير متوقعة وهو بالكاد يسيطر على نفسه لأ لا يضرب دانيال على صدره بعكازه بقوة حتى يستفيق

يتابع في غضب : منذ متى تحضر صديقاتك الى المنزل و تقوم بتقبيلهن امامنا ؟!!

دانيال من وقف في مكانه وهو يضع يديه في جيبيه متواجها مع يوسف الذي يماثله ضخامة و طولا يعلم تماما ان ما فعله كان استفزازا !!

الجو كان مشحونا و صاعقا الى ان مد دانيال يده الى صديقته الشقراء القصيرة الجذابة : هيا لنخرج من هنا !

وهي ايضا كانت غاضبة فيا لهذه الاهانة فهما لم يفعلا شيئا غير قُبلات بريئة لا تفهم لما يكبّرون الموضوع !!

اخذت حقيبتها لتضعها بين يديها و تسبق دانيال الى الخارج الذي سمع آخر كلمات من فم يوسف : ان اردت ان يكون مرحبا بك في هذا المنزل لا تفعل ذالك مجدداً لن اكون متسامحاً المرة القادمة !!



يراقبه وهو يرحل بينما الان يريد ان يصب جام غضبه على تلك الفتاة وهو يضرب الطاولة بعصاه بقوة : وانت ِ ؟!! ألستِ في العدة ؟!! كيف تخرجين من المنزل ؟!!

كانت ترتعش مكانها وهي تتلعثم : لم اعرف انه سيأتي ؟!!

يرفع حاجبه في تعجب : حقا ؟!! ولما لم تغادري حين اتى ؟!!

ترتعش شفتيها بقوة تريد البكاء وهي تنهض من مكانها لتركض نحو الداخل وهي تتمتم : اسفة اسفة اسفة !!



بينما رجينا كانت مصدومة من كل هذا الغضب : يوسف ما بالك ؟!! لما قسوت عليها ؟!!

جلس على الكرسي بجانبها بتعب مغمض العينين المتحلقتين بالسواد : امي البتول الان في العدة فزوجها قد توفي !!

بينما فتحت امه فاها وهي لا تفهم شيئاً !!



الاخرى من كانت في غرفتها تندب حظها فلما التعاسة ترافقها وهي تستمع الى صوت الهاتف يرن ترفعه فترى رقم والدتها تتنهد في حسرة و ترفع الهاتف الى اذنها فتسمع

صوت البكاء و العويل و الصراخ عاااليا وصوت امها الباكي ايضا : البتول يا الهي لم اعرف انكِ في المانيا ماذا تفعلين عندك هناك مصيبة هنا !!

ترد عليها بكل برود عرفته يوما بها : ما هي المصيبة ؟!!

تتردد الاخرى في الكلام وصوتها يعلو بالبكاء : بتول ... بتول ابنتي ... عاصم تعرض لحادث توفي على اثره !!

لم تسمع اي استجابة من الطرف الاخر وهي تنادي : البتول ... البتول ... الو ... البتول ... يا الهي لابد انها قد صدمت !!



ترمي بالهاتف بعيدا عنها وتدفن نفسها تحت اللحاف و تغمض عينيها و تنام !!.



اما الشقراء القصيرة فقد كانت تهز رجلها غضبا و انفعالا بجانب الرجل الذي يحاول السيطرة على نفسه في القيادة : سعيد الان بعد ان اذللتني ؟!! وتسدد ضربة الى كتفه

تنهد وهو يريد الحفاظ على هدوئه الاني : ماذا تقصدين ؟!!لم يحاول حتى النظر اليها

بينما هي كانت ثائرة : اتظنني حمقاء كي لا الاحظ انك فعلت كل ذالك من اجل تلك الفتاة ، لقد رأيت بأم عيني كيف تنظر لها لم تكن نظرات اخ لأخته كما تحاول ان توهمني !!

بدأ في القيادة وعلامات الضيق تحفر عميقا في وجهه : اخرسي الان وكفاك هراءاً

: اوقف السيارة لن اذهب معك الى اي مكان ايها البائس !!

امسك بعضدها بقوة يريد ان يخلعه لها : احفظي ادبك والا اقسم انكِ سترين وجها آخر انزلي هيا !!

نفضت يدها بقوة : لاداعي لطردي وقبل ان تغلق الباب : وقتاً طيباً مع .... شقيقتك !!

صرخ بقوة : تبا لكِ !!

.

.

.

.

.



حازم من توجه الى البيت بعد نقل وداد الى قسم العناية المركزة وترك شقيقها تحت رحمة الشرطة فليقل لهم ما يريد ذالك الاحمق اثار سخطه و غضبه وهو يدعك جبينه بيديه ويفتح الباب يريد ان يستحم و يغير ثيابه الملوثة بالدم و الغبار و المقطعة ايضا !!

ولكنه قد سمع صوت خطوات مسرعة على الدرج استنفر جميع جسده وهو يتقدم بهدوء و ريبة رغم ان الخطوات قد اختفت : من هناك ؟!! ينادي بصوت عال فهو متأكد ان شخصا ما كان هنا

بدأ يصعد الدرج بهدوء وهو ينظر للأعلى يستمر في الصعود ليصل الى النهاية يلقي نظرة على الممر فلا يجد احداً

اخذ يتقدم رويدا وهو يصيخ السمع ليقوم بفتح الابواب بابا بعد آخر وينظر الى الداخل كانت اربع ابواب لغرف النوم و باب لحمام الاولاد !

تقدم من الباب الاخير وهو يدير المقبض بهدوء ثم يفتح الباب بقوة و فجأة فــــ يرى حركة الستائر المريبة يتقدم بسرعة منها ليزيحها فتصدمه رؤيته : عمران !!!

.

.

.

.

العم سعد الذي وصل الى الحي بالسيارة السوداء الكبيرة و يوقفها تماما امام منزل عائلة مريم

بينما كان الحي في فوضى و عمال المنزل لا زالوا يعملون فهناك تقدم مذهل

فبناء المنزل مختلف تماما و جميلا ومن طابقين لصغر مساحة الارض

الطابق السفلي هو غرفة معيشة صغيرة و مطبخ و حمام ، و الطابق العلوي هو غرفتا نوم وحمام مع استراحة صغيرة امام المنزل

هل ستطير مريم فرحا حين ترى ان منزلهم المحترق قد غدا كمنزل من المنازل الراقية !!



واحمد من كان جالسا مهموما امام باب منزلهم ينظر الى ساعته تارة والى هاتفه تارة اخرى منتظرا اتصالا مطمئنا من وليد !!

العم سعد قرر الاقتراب اكثر من هذا الرجل الذي يبدو متدينا يرفع يده للمصافحة : السلام عليكم

فيرد عليه احمد بابتسامة : وعليكم السلام وهو يشير الى المنزل الذي امامه فهو حتى الان لم يتدخل في اي امر يخص المنزل فلربما هو امر عائد الى الحكومة !!

: منزل جميل !! هل تسمح لي ان اسأل لمن هو ؟!!





نعم فهذه الاحياء عشوائية فاليوم قد تكون لك وغدا قد تنام على ارصفة الشوارع لا احد يعلم فليس هناك اي ضمانة !!

ولكن العم سعد اجابه مبادلا اياه الابتسامة : انه للعائلة التي كانت تسكن هنا !! قد تبرع به احدهم !!

علامات استغراب جلية على محيا احمد المصدوم : تقصد لعائلة خالد ؟!!

: نعم انه لهم !!

: يا الهي رائع بارك الله فيكم ، ومن هو المتبرع ؟!!

يرد عليه هذه المرة بهدوء غريب : شخص يريد ان يعرف من اخذهم من منزلهم ؟!!

كان ينظر الى وجه احمد الذي شحب و اصبح ابيضا وكأنه يرى شبحا امامه حتى سقط على الارض جالسا

فكل مرة يتذكر ذاك الرجل تعود الى ذاكرته كل تلك العذابات البشعة

ولن ينسى ابدا انه فاقد للرجولة بسببه !!

بالكاد استطاع النطق و العم سعد الذي بالكاد استطاع السمع : نعم .... اعرفه !!!



انطلق العم سعد باقصى سرعة خارجا من الحي متوجها الى المدينة وقلبه يقرع كالطبل في جوفه خائفا بل مرعوبا حين يعلم يوسف سيقلب الدنيا

بينما سيارة اخرى كانت للتو تتوجه الى داخل الحي محتضنة الفتاة التي نُفيت عن حيّها و عائلتها لتلج السيارة الى الحي و تقف امام المنزلين المتقابلين تدير مقبض الباب في صدمة

فها هو الحي وها هو منزل عائلة وداد امام عينيها ومنزل اخر جديد مكان منزلها !

جسدها بدأ يرتعش و دموعها اغرقت لها عينيها و جسد المرأة الاخرى يسندها من الخلف لمساعدتها على الوقوف

كان الباب مفتوحا فأحمد للتو قد دخل المنزل

تقدمت رجليها ببطء وهي تجمع يديها حول جسدها الذي غطاه الوشاح الثقيل الذي وهبته اياها العجوز و خصلات من شعرها تتسابق كي تتمرد لتخرج من تحت الغطاء

تمد يديها كي تمسح كم الدموع الهائل الذي ملأ وجنتيها و شهقاتها اخذت تغلبها وهي تتابع التقدم

توقفت رجلاها عن الحركة وهي ترى الحاجة عائشة تخرج من غرفتها وهي تُسبّح ووجهها حزين و غارق بالدموع

فها هي الام البديلة لها ها هنا ستعوضها عن كل شيء حتى عائلتها !

تلتفت لها وهي واقفة هادئة فقط شفتاها المهتزتان و عيناها الحمراوان من تحكيا قصة عذاب

صرختان معذبتان

يا الهي مريم



ترتمي في حضنها تضغط عليها متشبثة بها تقبل وجهها و تعيد النظر اليه وهي تبكي بحرقة موجعة يا رب لك الحمد

تعالت اصواتهما بالبكاء : آآآآآآآآآآآآآآه يا عمة آآآآآآآآآآآآآآآه

قد قتلوا خالد يا عمة قتلوه ودفنوه دون ان اعرف اين

اخذوا مني حمود ولم اراه يا عمة يا عمة لن اراه

تعالى صوتها بالنواح و الشهيق فلحظات بكاء خالد و حمود قد حانت ستبكيهم حتى اخر يوم من حياتها

هدى التي كانت في الغرفة تُلبس الصغيرين وهي تسمع صوت النحيب و البكاء شعرت بالفزع و الرعب فربما شيء ما حصل لوداد لم تستطع لثوانٍ النهوض من مكانها من شدة الخوف شعرت وكأن الدم ينسحب من عروقها حتى استطاعت الوقوف و التجلد بالشجاعة و الخروج من الغرفة وكل خلاياها قد استنفرت وهي ترى ذالك الجسد الصغير الذي يسكن احضان عمتها منهارة بالبكاء وضعت يديها على فمها تقاوم تلك الارتعاشة القوية التي اجتاحتها وهي تركض لها و تصرخ : مرياااااام تحتضنها و تبكيا الموت و الخراب و الحزن

شعور الغبن و المرار لن يغادرهم ما حيوا

فها قد رجعت مريم و اختفت وداد !!

صوت النواح وصل البيوت المجاورة لتخرج النسوة من البيوت يتجهن في خوف ووجل الى منزل الحاجة عائشة يقتحمن المنزل ليجدن مريم هناك في احضانهن اجتمعن عليها يردن عناقها فرحا بعودتها الى ان علمن بموت خالد تحول الفرح الى النواح و الصراخ و اللطم حتى استيقظ الحي بأكمله

أحمد الذي لم يقترب كان يسمع و يرى وعيناه امتلأتا بالدموع وهو غير مصدق : قد قتلوا خالد ؟!!!




يعقد حاجبيه بقوة و لوم أنا السبب كله بسبب جُبني و خوفي لما لم أُبلّغ عن الفاعل من فوري لمااااا !

اراد ان يبكي هو ايضا و يصرخ حتى يضيع صوته و يشارك النسوة النحيب و وجهه امتلأ بالدموع الحارة التي حرقت له وجنتيه اذا خالد قد مات ، مات

خرج من فوره الى الخارج امام باب المنزل وجسده يهتز من شدة البكاء خالد قُتل ؟!! لم يصدق لالالا غير معقول لالالالا

الى ان اخذ هاتفه في الرنين يرفعه بأياد مهتزة لا يكاد يرى الرقم يرفعه الى اذنه ليأتيه صوت وليد القلق : احمد

: وليد !! هل عادت وداد !! صوته اثار القلق في نفس وليد الذي سأل : ماذا ؟!! ماذا حدث لك ؟!!

: مريم عادت يا وليد وخالد قد قُتل !!

: ماذا ؟!! صرخة غير مصدقة مذهولة وهو يحاول ان يتماسك : أحمد انا بالسجن !!!

: نعم ؟!! بالسجن ؟!! ماذا تفعل هناك ؟!! حاول بقدر استطاعته ان يخفض صوته كي لا يسمعه احد ليأتيه الجواب قاتلا

: أحمد ..أنا ...أنا ... تخرج منه تنهيدة حارة : قد طعنت وداد

يسقط الهاتف من يد احمد الذي لم تستطع رجلاه حمله بعد الان وليد طعن وداد ؟!! اي جنون يعيشه الان ؟!!

يرفع قفطانه الناصع البياض و يأخذ في الجري كالمجنون الى خارج الحي منطلقا الى المستشفى !!!



بينما الرجل صاحب السيارة النصف نقل كان يُنزل خروف من السيارة كي يهبه للفتاة التي جلبوها الان ويبدو ان هناك عزاء في المكان بسبب الصراخ و النحيب اللذان لم يتوقفا بينما اجتمع رجال الحي و العم حامد يتحرون الامر الى ان علموا بموت خالد تعالت الحوقلات و الاسف و الضيق وكل انطلق الى بيته كي يجلب شيئا يُعين على العزاء !!

.

.

.

.

العم سعد الذي كان يصول و يجول في المنزل لا يعرف كيف سيوصل هذا الامر الجلل ليوسف

فخبر كهذا سيصرعه !!

يمسك بالهاتف بين يديه يقلّبه وهو يشعر بأنه سيحطمه بين اصابعه فيوسف ليس على ما يرام وعودته وعلمه بهذا الامر في هذا الوقت ستزيد حالته سوءاً !!

كان يجلس حينا و يقف حينا : تبا ولكن يوسف لابد ان يعلم

يضغط بسرعة قبل ان يتردد على رقم يوسف الذي كان يجلس مغمض العينين لا يشعر بخير و يشعر بقلبه يريد ان يقفز من بين ضلوعه لازال شعور القلق الشديد يعتريه يفتح عينيه على رنة هاتفه يرفعه الى اذنه بهدوء : سعد مرحبا !

بينما سعد يكاد الا يعرف كيف ينطق بتلك الكلمات وهو يتنفس بسرعة وكأنه كان في سباق للجري : يوسف

نبرة صوته اثارت كل حواس يوسف وهو يضيق ما بين عينيه متسائلا : سعد ما الامر ؟!! ماذا هناك ؟!!

تردد على الجهة الاخرى وهو يقضم شفتاه بأسنانه ورأسه يدور في كل اتجاه : يوسف لقد عرفت من أخذ عائلة مريم من البيت !

قام من مكانه ببطء شديد لا يشعر بنفسه وهو يهمس : من ؟!!

يعلو صوته غضبا : انطق يا سعد من ؟!!

: إنه السيد فؤاد !!

صاعقة حلت عليه يحتقن كامل وجهه و جسده بالغضب العارم وهو يصرخ و هو يقلب الطاولة التي امامه : لااااااا اللعنة تبااااا فؤاااااااااد

زمجراته و صراخه اخافت والدته التي خرجت له راكضة و البتول التي كانت تنظر من خلف الشباك وهي ترتعد خوفا وهي تراه يحطم كل شيء في طريقه مهتاجا غاضبا لاعنا كالبركان الثائر ويريد قتل احدهم !!


.

.

حازم الذي كان يرى ذالك الفتى الشاحب الضعيف المتلعثم وهو يحاول حماية نفسه من يد عمه الضاربة

: عمي اقسم ... اقسم ... ليس ذنبي ... كنت اظن انها تستطيع السباحة ... لالا .. لالا .. لم اقصد اقسم لك

اخذت الدموع تأخذ مجراها على خده

وعمه يحدق اليه في عدم تصديق وهو يمسك به من طرف قميصه : منذ متى وانت هنا ؟!! يجره الى وسط الغرفة و يرمي به بقوة على السرير الذي يتوسطها يسقط عليه ووجهه يتلون من الرعب : منذ الحادث !!

يغلق الاخر عينيه في صبر : ايها الاحمق !! أتعرف مدى القلق الذي يعتري والديك !! ألن تشعر يوما بالمسؤولية ؟!!

يكفي انني اواجه المشاكل بسببك الآن !!

كان متعبا جدا حتى انه لا يستطيع ان يناقش هذا الاحمق في اي شيء

جلس على كرسي مقابل له : لما تريد ايذاء وداد ؟!!

الاخر الذي كان يلعق شفتيه الشاحبتين فهو منذ الحادث يعيش هنا على شرب الماء و بعض الخبز ويختفي داخل الغرفة حتى ان عمه لم ينتبه في ظل كل تلك المشاكل الى وجوده هنا معه !!

يتابع في هدوء و هو يعقد يديه ببعضهما البعض امامه : هل تعلم ان والديك يريدان وضعك في مستشفى للأمراض النفسية ؟!!

: مستشفى امراض نفسية ؟!! يقول بارتباك وشحوب : لما؟!! انا لست مجنونا ، وهو يحاول ان يمسح دمعة تسللت الى وجنتيه

يضيف عمه ببرود : لتحرشك بالخادمات ام انك ستنكر ذالك ايضا ؟!!

يهز رأسه بسرعة : انا لم اتحرش بالخادمات

تحولت لهجته الى الشدة وهو يضيف : انا فقط اردت مضايقتهن كي يرحلن عن المنزل ، اردت من امي ان تهتم لي اكثر بدل كل تلك الخادمات اللواتي يهتممن بي و بالمنزل فلم اجد طريقة الا هذه !

حازم من رفع حاجبيه استغرابا كل ذالك كان بسبب انه يريد لفت الانتباه و الاهتمام من والديه ؟!!

: هناك طرق اخرى غير التحرش ، كأن تواجه والديك مثلا ؟!!

: أخجل من طلب ذالك منهما بالاضافة الى ان والدتي ستهزأ من كلامي و لن تعتبر له !!

: انظر الان الى ما جنته يداك كدت ان تقتل فتاة بريئة لا ذنب لها في كل ترهاتك و حياتك كانت فقط تريد ان تعيش ، ان تعيش كما انت تعيش !!




لم يكن يريد ان يغضب على ذالك الفتى فهو يبدو مريضا و لايبدو بخير ابدا : حسنا سأستحم و اغير ثيابي و نخرج معا الى والدتك فهي جدا قلقة عليك ايها الاحمق !

تركه يرمي نفسه براحة على السرير وهو ينظر الى السقف ولكنه ايضا قلق فهل والديه سيرسلانه الى مستشفى نفسي حقاً ولن يستمعا الى تبريره ؟!!

.

.

.

أحمد من كان جسده ينتفض نفضا وهو يريد الطيران الى المستشفى كي يرى شقيقته وما فعله وليد بها وهو يدعك عيناه بشدة ووجهه يحتقن باحمرار يقسم انه يريد البكاء كالأطفال الصغار حتى وصلت به سيارة الاجرة الى مدخل المستشفى فتح الباب بقوة و اخذ في الجري الى الداخل بحثا عنها عن شقيقته الوحيدة ليجدها في ذات الغرفة ممددة كما السابق شاحبة شحوب الاموات وصلات التغذية موصولة بعروقها يكاد ان ينهار لرؤيتها هكذا

انكب على يديها يقبلها وهو يبكي بحرقة و شهقات متتابعة تدافعت الى حنجرته يريد تحريرها : تبا لنا ، تبا لوليد و تبا لحياتنا وتبا لكل شيء ، آآآآآآآآآآآآه يا وداد

امسك بيدها بقوة وهو يجلس مقابلا لها يكاد يحرر صرخة وهو يضرب على صدره بقوة و عنف : الى متى يا الله ، ارحمنا ارحمنا يارب ارحمنا لما يحدث لنا ذالك لما ؟!!

سمح لدموعه ان تنهمر كالشلال ليرفع رأسه فجأة على وقع الخطوات التي توقفت امام الباب ينظر الى ذالك الرجل

اثار غضبه و اعصابه ليصرخ فيه : من سمح لك ان تدخل اخرج الان اخرج !

استدار حازم على عقبيه وهو يبتلع ريقه الذي جف من كل ذالك الهراء فما ذنبه هو في كل ما يحصل

بل ذنبه أنه يريدها !! يريدها لنفسه !! يريد ان يحميها منهم ومن غدرهم !! فهم لا يريدونها كما يفعل هو ، هم يريدون قتلها !! وهو يريد حمايتها !!

احتقن وجهه في تصميم لابُد وان ينتزعها منهم !! لابُد !!

ليدخل ثانية الى الحجرة مصمما على مواجهة شقيقها الاخر الغاضب وهو ينطق بقوة و اصرار: زوجني منها !!!

.

.

.

.



الساعة الخامسة بعد العصر موعد هبوط طائرة الياسمين المتشحة بالسواد على عمرها و حياتها و طفلها و يوسف و اخيرا البتول !!

حقيبة صغيرة تتأبطها و نظارتها الشمسية التي لازالت تغطي بؤس عيناها و خذلانها وهي تمشي بثبات كي تواجه الرجل الاخر الذي كان في انتظارها ببدلة سوداء بقميص ابيض لا يظهر اي شيء على محياه سوى الامتعاظ وهو يدس يديه في جيبي بنطاله كان لقاءاً بارداً لم يصحبه اي قُبلات او كلمات او دموع محبة بل كان العكس تماماً مليء بالكره و الحقد و الرغبة في الموت !

جسدان متنافران لن يلتقيا ابداً ما حييا فهما لم يُخلقا لبعضهما البعض ، احدهما على يقين بذالك والاخر بكل قوته ينكره !!

فلو انها لم تكن من نصيبه لما تطلقت من يوسف !!!

تتطلع الى خارج الشبابيك ناظرة الى المدينة لا تشعر بشيء

لا تشعر بشيء يربطها بمن هو جالس بجانبها يقود السيارة في هدوء مريب ولكنها لا تكترث مهما كانت النتائج اليوم

فهي خاوية

خاوية المشاعر وقلبها لم يعد ينبض الا كي تتنفس و تعيش الباقي من حياتها كما عاشته سابقاً

لن يتحدثا او يتخاطبا عن عاصم او البتول او يوسف او عنهما !!

كما المنزل الفارغ الذي دااائما و ابدا سيتسقبلهما بالأحضان الباردة ، تصعد الدرج و يصعد خلفها بذات الهدوء

تتقدمه الى غرفة النوم وهي متبرمة الملامح باردة الأطراف ترمي بحقيبتها على الفراش و تلتفت لتواجهه

واذا بصفعة مدوية تلهب خدها و تسقطها ارضا

يمسك بشعرها بقوة وهو ينفث انفاسه اللاهبة في وجهها غضباً و احتقاناً : سافلة خائنة و حقيرة !

يرمي بها على الارض مجددا وهي لم تنبس ببنت شفة فهي قد توقعت الأسوء من ذالك فليضرب كما يريد و ليُهنها كما يرغب أليست هي ذاتها المرأة التي طلقها من زوجها كي يحصل عليها ؟َ!!

تخرج من شفتيها ضحكة مستفزة

لم يستطع مواجهتها كما العادة ليتركها تواجه الفراغ و يخرج ليغلق الباب خلفه بالمفتاح فهي كما اعتادت سجينته الى حين أن تقرر أن تُخضِعَه !!

.

.

.

مريم من كانت مرمية على الفراش و الجميع حولها لا زالو يبكون كل النساء و الفتيات

وخيمة كبيرة تغطي مدخل المنزل الذي اقيم به العزاء

ورائحة طعام العشاء تُعد في القدور الكبيرة و الفتيات يدُرن في الخيمة بكؤوس الشاي الصغيرة و الكعك و الحليب و التمر

وهي لا رغبة لديها في اي شيء

حتى حاسة التذوق قد فقدتها

دموعها قد جفت على خديها بعد ان حفرت فيهما خندقا لن يُردم ابداً ابداً

ولكنها تفتقد لوجه لم تراه حتى الان : وداد !! أين وداد !!

اين من هي تعشق خالد و ستبكيه معها و تشعر بها

اين من ستبكي معها حمود لأنه يذكرها بوالده

تلتفت الى هدى الجالسة بجانبها تساندها في هذه المصيبة : هدى اين وداد لم ارها منذ ان حضرت ؟!!

السؤال الذي كان الجميع يتجنبه منذ ان عادت لا يريدون ان يفجعوها في اول يوم لعودتها اليهم

حتى انهم لم يصلهم اي خبر مطمئن عنها حتى اللحظة وامها تبكيها بحسرة و تبكي مريم !

تبرمت من الإجابة وهي تحك رقبتها وفجأة وقفت متعذرة بالبحث عن الأولاد الذين اختفوا !!

نظرت لها في براءة فربما وداد لا زالت في عملها و ستعود لاحقا !!

كم اشتاق لكِ يا وداد و احتاجك بجانبي بشدة !!

تجمع يديها حول نفسها منكمشة على ذاتها وكأن البرد يحاصرها تنظر الى نظرات الشفقة من كل العيون المحيطة بها



تغلق عينيها لوهلة متحسرة على نفسها ودمعة اخيرة يتيمة تسقط على ظهر يدها تنعى التشرد و الوحدة !!

.



نهاية المشهد الخامس و العشرون !





 
 

 

عرض البوم صور اسطورة !   رد مع اقتباس
قديم 14-02-14, 04:55 PM   المشاركة رقم: 38
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: May 2011
العضوية: 224710
المشاركات: 3,261
الجنس أنثى
معدل التقييم: اسطورة ! عضو جوهرة التقييماسطورة ! عضو جوهرة التقييماسطورة ! عضو جوهرة التقييماسطورة ! عضو جوهرة التقييماسطورة ! عضو جوهرة التقييماسطورة ! عضو جوهرة التقييماسطورة ! عضو جوهرة التقييماسطورة ! عضو جوهرة التقييماسطورة ! عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 1223

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
اسطورة ! غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : اسطورة ! المنتدى : القصص المكتمله
افتراضي رد: حارس العذراء الكاتبة / ايفا آدم

 


المشهد

( 26 )



دوام الحال من المحال

وِفقَ أحكامِ الزّمانِ

عندما وضعٌ يدورُ

ليس منْ حالٍ يدومُ

لا غنيٌّ لا فقيرُ

.
.
.



المـــــواجهة الخـــــامسة عشــــــرة





لطالما ظن أن الإنحناء أمام المشاكل و المحن هو أمر لابد منه كي تستمر الحياة في هدوء و دون منغصات

آمن بالمثل الشعبي المناقض لشخصه تماماً أن يبعد عن الشر و يغني له كي يهنأ بحياته و يبني مستقبله في وطن جديد و أُناس جدد هم كذالك لا يؤمنون بالوقوف وجهاً لوجه امام العواصف !

ولكنه هنا ينحني من أجلها

من أجل حمايتها التي اصبحت حِملاً على عاتقه

منذ قابلها وهي تضعه في كل مرة في اختبارات حقيقية ومواجهات امام نفسه و معتقداته و حريته و حياته

لم يرقد الليالي قلقاً و ترقباً لما من الممكن ان يحصل لو قضى معها الباقي من حياته بعد أن يدمر النصف الآخر بيديه !!

يعلم أنه كدبلوماسي قد عاد للبلاد فقط من اجل اسرته و يرحل من جديد

ولكنه توقف أمام فراغ منزله متخيلاً إياه مليئاً بها !!



هي التحدي

إنها وداد !!!



بينما كان يقف امام اخاها المحتقن الوجنتين بدموع شفقة على حالهم مستنفراً من طلب الزواج المباغت و الغير مرغوب فيه فهذا الرجل هو سبب المشاكل التي تمر بها عائلته جمعاء الآن !

وداد ووليد و امه و زوجة وليد و اطفاله !!

ولكنه قد استفاق مجدداً على الصوت الهادئ الواثق من طلبه الذي شعر انه سيغير مجرى حياته كلية ليبقيه حبيس الوطن من جديد وتنهيدة تصدر من صدره وهو يُلقي بنظرات قلق الى غرفتها : زوجني منها !!






فيما تابع بصوت يريد منه أن يكون مقنعاً تماماً للرجل الذي يظن أنه قد تحرّش بشقيقته : لمصلحة وداد و مصلحتكم ان اتزوجها – مصمماً و عازم النية وهو ينفخ صدره ليطلق ما تبقّى به من هواء ينفثه في وجه شقيقها الجامد الملامح : زوجني منها الآن !!



أحمد من شعر أن الأرض تدور من تحته ويكاد ان ينزلق الى عمق سحييييييق ليجذبه بقوة مجدداً تياراً رامياً به الى سابع سماء ، وجهه قد اسوّد من الفاجعة و الافكار تتقاذفه و العَرق الذي تصبب من جبينه يفضح فاجعته و ارتباكه : اذا وداد قد فقدت شرفها !!

لذالك يطلب الزواج منها اليوم و الآن !!

اهذه هي النهاية ؟!!

فضيحة مجلجلة ؟!!

شقيقته عبث بها الرجال ؟!!

ولكنه لهنيهة قد رجع الى رشده فلا داعي من ان تكون فضيحة فلم يعلم أحد بالأمر بعد ولا امه حتى !!



ولكن الدفعة الفجائية المحملة بالحقد و الثورة التي ارتمى بها على صدر حازم ليترنحا معاً بسرعة فائقة و يرتطما بالجدار وكل ما فيه يريد الصراخ حتى يحطم كل تلك الاسوار من صراخه وفمه يرتعش بالبكاء ويداه لا زالتا ملتصقتان بقميص حازم المشدوه : أيها الحقيييير لقد دمرتنا و دمرت اختي وهو يحاول هزه بشدة

وفي محاولته السريعة لــــ لكم حازم في وجهه الذي تدارك الأمر قبل وقوع اللكمة على وجهه بإنشات وهو يمسك بيد احمد بقوة و عيناه تشتعلا انفعالاً و غضباً وهو يقذف بتلك اليد بعيداً عن وجهه : هل جننت ؟!!

وهو يقوم بدفع جسد احمد المنهار عنه ويقول في برود متدارك : لقد طلبت منك طلباً إمّا أن توافق عليه او ان ترفضه و بنظرة ماكرة مركزة في وجهه : الأمر يعود لك - قرر الآن !!

يعلم بأن شقيقها هذا يبدو مختلفاً و سهلاً وان استدعى الأمر لإبتزازه سيرضخ و يعطيه ما يطلبه دون مقابل ولكن وهو يضيّق ما بين حاجبيه متسائلا في نفسه : مالذي يفعله هو ؟!! لما لم يخبره الحقيقة ببساطة و صراحة دون لف و دوران ؟!!



يا الهي هذا الرجل يلوي ذراعه فإما ان يوافق و تنستر شقيقته بدون فضائح وإما أن يرفض فتظر الفضيحة مستقبلاً فأي خيارات هي كالسم الزعاف عليه ان يختارها - ولكنه قد رفع رأسه متحدياً : لست موافق وكما أن الأمر ليس بيدي بل بيد باقي العائلة ولن اخضع لنبرة التحدي في صوتك ، وهو يرفع ذقنه معلناً ايضاً التحدي فلولا وجودهما في مكان عام لتحول الحديث منذ زمن الى عراك إما قاتلاً او مقتولاً !!



: اذا عليك ان تعيش مع نتائج قرارك لبقية حياتك - سكين حااااااد يسقط على صدره قبل شقيقها – حتى تظهر الفضيحة قريباً !!

هو الآن يشعر بأنه احقر شخص وُلِد على سطح الأرض فها هو يؤكد ظنونهم التي من اجلها قد طعنوها و شككوا في برائتها و يستعملها ضدهم فأي جانب قد اظهرتي فيّ يا وداد تباً لكي ولليوم الذي التقيتك فيه !!



نظرات وجع و انهيار لشقيقها الذي خضع أخيراً !!

.

.

.

.



الكثير من البشر يعتقدون ان ارواح الآخرين هي بين اياديهم يعبثون بها كما يرغبون ، يطيحون بها او يدمرونها او يرفعونها عالياً الى السماء ونسوا أن هؤلاء الناس سيتحولون الى وحوش يوماً قد يكونون هم وليمتهم على طاولة فطور !!



وهي لم تكن استثناءاً لهؤلاء فلطالما خضعت و ماشت و تغاضت و هربت ولم يجدي اي منهم نفعه معها فلا حل لها إلاّ أن تتحول الى ذات الوحش الذي أمله زوجها أن تكون عليه !!

جالسة في غرفتها لا تلوي على شيء واضعة رجلها اليمين على كرسي امامها مفرقة بين اصابعها كي تقوم بطلائهم بلونها الأحمر القاني المحبب اليها وهي تجمع شعرها في كومة فوضوية يخرج منها الشعر اكثر مما تجمعه وهي تركز النظر الى اصابع قدميها وهي تمرر الطلاء فوق آخر اصابعها فتستقيم في جلستها ملقية نظرة رضى اخيرة على عملها









الآن هو ليس هنا مخلفاً اياها حبيسة غرفتها النصف محطمة فأشلاء الاثاث في كل مكان دلالة انه قد صبّ جام غضبه عليها هنا ، ما لبثت ان افترت عن ثغرها الجميل ابتسامة رضى لغضبه !!

تقف مقررة الخروج من الغرفة المغلقة بحزم وهي تتجه الى دولاب ملابسها ومن بين مجوهراتها الكثيرة تنبش في ذالك الصندوق الفضي كي تُخرِج مجموعة كبيرة من المفاتيح مبتسمة لها في سرور : ايظن انها غبية كي يسجنها كل تلك السنين يوم بعد اخر وعراك بعد عراك ولا تجد الحل ؟!! اذا هو غبي !!

تتجه الى الباب و مباشرة تتجه الى العليّة التي تقبع مباشرة فوق غرفتها وفي وقت سابق منذ حضورها تسمع اصوات خطوات ثقيلة و خفيفة و اصوات جري في المكان في البداية شعرت بالرعب و رعشة قد تملكت جسدها : أيكون البيت بعد ان تركوه مغلقا لفترة طويلة اصبح مسكونا ؟!! وهي تنفض رأسها و تبسمل لالا ، لا يمكن !! ولكنها ستكتشف الأمر لاحقاً !!

وها هو لاحقاً قد أتى في غياب الزوج الغاضب الفاقد للنطق و الإحساس قدماها على آخر درجة من السلم المرمري الفاخر تمسك بالمفتاح بين اصابعها التي اخذت بالإهتزاز وهي تبتلع ريقها و تأخذ نفسا طويلا تسمع صوت انفتاح الباب وتدخل !!

الساعة الآن قد جاوزت حدود الثامنة و النصف مساءاً و الهدوء يعم المكان في هذه الشقة الصغيرة المكونة من حجرة و دورة مياه فقط

شكّت لثوانٍ إن ما سمعته لم يكن إلاّ محض خيال و لكن حين ولجت الغرفة رأت هناك ما راعها !!

طفل صغير يفترش الارض و على مسافة منه تنام الخادمة السمراء !!

حملتها قدماها ببطء مميت لتقف على رأس الصغير الغارق في النوم و غطاؤه قد دفعه بعيداً عن جسده

مع هبوط جسدها لتراه كان قلبها ايضاً يهبط الى ساقيها جاعلاً اياها ثقيلة كالمكبلة تمعن النظر و تطيله غير مصدقة وهي تضع يد مرتعدة من الخوف الحقيقي على فمها الذي تدلى مصعوقا وهي تتمتم : يا الهي !!

وما ان استفاقت من صدمتها حتى رأت الظل الأسود يغطي فتحة الباب في هدوء مريب !!

.

.

.

.




.

.



كل شيء يبدأ صغيراً ليكبر شيئاً فشيئاً إلاّ الأحزان فإنها قد خُلقت كبيرة و تنتهي صغيرة !

البيت أصبح فارغاً إلاّ من اهله بعد ان أدّى الجيران واجب العزاء و التكفل بمصاريفه

والنسوة اللاتي بكين لبرهة حزانا على المغدور و المفقود و ما لبثن الا ان انجرفن وراء القصص و الحكايات و من ثم الضحك و الراحة !!

هي هكذا لربما خُلقت هكذا !! نضحك لننسى !!

مريم ترقد على حِجر الحاجة عائشة التي يشتعل قلبها ناراً لم تنطفئ منذ ساعات فالأخوين اختفيا ولا خبر يريح فؤادها المعتصر حزناً وهي تربّت على شعر مريم تارة و تارة اخرى تظفر لها بعض الخُصل لم يسألوا مريم بعد ايضاً ماذا وكيف حصل ما حصل لها فهي تبدو منهكة ولم تنم منذ شهور !!

وهدى الأخرى التي وخزها قلبها فأخذت الاولاد كي يناموا قبل ان يأتي والدهم متعباً طالباً للراحة بين ذراعيها الحنونتين !



تخرج من الغرفة وهي ترتب ملابسها لتجلس بجانب عمتها قلقة عبوسة تلتفت كل حين الى عمتها التي تبادلها ايضا النظرات الوجلة فما يحدث غريب فالأخوة لم يظهروا حتى الساعة !!

مريم من اخذت في التقلب و التقلقل بين يدي العمة و فتحت عينيها ناظرة حولها في ذهول اين هي ؟!!

الى ان استوعبت سريعاً إنها قد عادت الى الحي ثانية وهي الآن بين ايدٍ امينة لن تحاول العبث بها او معها تسأل في همس نعس : كم الساعة الآن ؟!!

تنظر هدى بسرعة في ساعة معصمها قائلة بهدوء : الثامنة و النصف !!

لتسأل السؤال الذي يخافونه : ألم ترجع وداد بعد ؟!!

الى ان نطقت باسمها حتى انهارت السيدة عائشة بالبكاء وهي تضغط على صدرها محمومة : آآآآآآآآآآآآه يا ابنتي اين انتي !!

لم تستطع الكتمان ما حوّل وجه مريم الى الخوف الرافض لشيء لا تعلمه فغياب وداد مريب ولم يُرحها منذ ان رجعت ، وهي تنظر الى هدى مفتوحة العينين : اين هي وداد قولي لي اين هي ؟!! ماذا حصل لها ؟!! لما لا تجيبون وهي تبدأ بهز كتفي هدى باطراد مبالغ : ارجوكي اجيبيني اين هي صديقتي ؟!!

لتجيب هدى في وجهها بذات الهدوء : لا نعلم اين هي !!





تسقط يديها الى جانبيها مضيقة عينيها لاوية شفتيها : ماذا ؟!! لتهز رأسها بشدة : لا أفهم !!

ولكن من قاطعهم و قاطع السؤال الذي يجول في صدره الضيق فهو كذالك لا يفهم ، يقف مرتبكاً على عتبة الباب منكساً الرأس رافعاً يديه الإثنتين مستنداً بهما على حافتي الباب وهو يشهق ببكاء مر وهو يقول صادماً من ينظرون اليه في ذهول : لقد زوّجت وداد!!!

وكأن في تلك اللحظة قد ترمين ابرة فتسمعينها ، يكسر الصمت صوت الشهيق المر و ارجلها التي تقافزت لتقف امام ابنها وهي تستوعب ما قاله : زوّجت وداد ؟!! ممن ؟ كيف ؟ لما ؟!! تهجم عليه صارخة بعد ان عيي قلبها : ماذا فعلتم بشقيقتكم ؟!! قل لي ماذا فعلتم !!

لم يستطع السيطرة على نفسه وهو يرفع رأسه الذي مرّغته وداد في الأرض وهو كذالك يصرخ مغبوتاً : نعم لقد زوجتها بعد ان فضحتنا ابنتك قد غدرت بنا و فضحتنا ووليد في السجن بسببها الان انظري ماذا فعلت مدللتك!!

صفعة قاتلة تبعتها اخرى و ثالثة و رابعة مستسلماً لها خاضعاً فهو يريد الان من يركله و يقتله لا أن يصفعه - ووجهها يحتقن بالغضب و الاشمئزاز : ابنتي بريئة مما تقول بريييييييييييئة اتفهم

بريئة من افترائك وهي تنهار ارضاً و صدرها مطبقاً بالعجز و الهم !!

- ابنتك البريئة مرمية في المستشفى بين الحياة و الموت بعد أن طعنها وليد

شهقات و بكاء و صراخ مريم التي لم تصدق ما يقول وهي تصرخ في وجهه كاااااااااذب كااااااااااااااااااذب ايها النذل كيف تقول اشياء كتلك عن ودااااااااااااااااد خذني لها خذنييييييييييييييييي تنهار على ركبتيها بالنواح و العويل ليتعالى صوتها المبحوح فيغلق الباب كي لا يسمع الجيران فيحضرون و تكبر الفضيحة !

أمّا هدى من كانت لا زالت جالسة لم تقوى على النهوض منذ ان رأت وجهه وهي تشد بجانب فستانها بيدها وهي تبكي غير مصدقة بدموع تنهمر ساكنة على وجنتيها : اذا وليد لن يعود ؟!! ووداد ايضا ؟!!



يسمعون صوت احمد : لن آخذ أحد الى المستشفى لأنني لا اريد رؤيتها لما تبقى من حياتي فأنا براااااء منها !!

شهقات اخرى و تبعتها شهقات عاجزة فأين المفر من الاحزان ؟!!



قبل ساعة و نصف الساعة




بعد ان اتصل على شقيقه الاكبر عبد القادر طالباً اياه الحضور الى المشفى بصحبة شاهدين الطلب الذي اثار استغراب عبدالقادر الرجل الوقور ليترجل من سيارته و بعد دقائق لحقه اثنين من اصحابه الى الداخل كي يجتمع الجميع امام حجرة وداد الغارقة في النوم و اخاها الذي احضر شاهداً باتصاله بالمسجد و المأذون فيتواجه الجميع امامه حاملين بطاقاتهم و بطاقة وداد واوراقها و ليتم الاتفاق على المهر و شروط الزواج كاملة دون نقصان ويتم العقد !!

بعد ان غادر الجميع وباركوا الزواج الغريب من نوعه دون تدقيق الا من الاخ الاكبر الذي لم يستطع ان يعارض فيختلي بشقيقه فيما بعد وقد بدا اصغر حجماً من اخاه وهو ينظر اليه بريبة : حازم اظن انك تعلم تماماً ما فعلته وما عواقب فعلتك ، فالزواج من فتاة كــــ وداد مقاطعاً باقي جملته – ليس لي اعتراض عليها بالذات – ولكن وداد ليست من بيئتك ووضعك جداً حساس و عملك ولا ننسى الأهم – زوجتك و اولادك !!!

اتمنى ان لا تندم لاحقاً اتمنى !!

يتركه في منتصف الممر ناظراً الى خيال شقيقه الذي بدا الابتعاد فيما اخذ يتمتم : اعلم لما فعلت !!

.

.

.

.

لم تشعر يوماً بالإنهيار و الخوف كما تشعر بهما الآن تتمنى ان تركض و ترمي بنفسها من اعلى نافذة كي لا تسمع ما سيفجر غضبها ولا مبالاتها و كتمان اهاتها و تصنعها البرود و الابتسام

تريد ان تنكمش على نفسها في زاوية و تنسج حولها خيوطاّ لتحميها من غدره و سفالته و انتقامه فهو بالتأكيد قد علم

قد علم بعلاقتها معه ، مع خالد !!!

وقبل ان يرمي بها و يقلّب جسدها بين يديه ركلاً و ضرباً و صفعاً عليها ان تعترف بخيانتها

كان يدور حولها كالنمر الذي سينقض عليها ليفتت جسدها دون رحمة وهي واقفة منهزمة مذعورة بدت صغيييييييييييرة و ضعييييييييييييفة في تلك اللحظة بعد ان ظنت انه سيركع امامها فقط بعد ساعات ولكن امنياتها طارت مع الرياح فلا مفر من المواجهة التي ستقرر بالفعل مصير هذا الزواج الفاشل بكل المقاييس !!




تنفرج عن شفتيه كلمات مبطنة مقررة : أتعرفينه ؟!!

ترفع رأسها لتجيب في خوف : من تقصد ؟!!

هممممم ضحكات صغيرة مستفزة ، نعم فهي تستفزه بنكرانها ان استطاعت : الصغير من غيره ؟!! بنظرة شمولية متهمة من اعلى رأسها الى اخمص قدميها !!

ولكنها لم تفهم الفخ لتنكر بالفعل : لا لا لا اعرفه !!

في هذه اللحظة طارت عالياً لتسقط على جنبها بقوة على السرير ليقفز فوقها بدوره في غضب تفجر من مقلتيه و يديه تطبقان على رقبتها خانقاً اياها : ايتها الماكرة الحاقدة الناكرة للجميل تخونيني مع ذالك الصعلوك ايتها الغبية ، لا تعلمين انني اراقب تحركاتك و اعلم كذالك ما تفكرين به ، ظننتي انني ذالك الرجل الذي سيخضع لسحرك مرة بعد مرة بعد مرة و هو يزيد من ضغطه عليها وهي مفتوحة العينين و دموعها بدت بالانهمار وهي تهز رأسها بقوة محاولة الافلات من قبضته فهو سيقتلها حتماً وهي انفاسها بدأت تضيق و تضيق و سعلات متتالية تخرج من فمها المعصور محاولة التقلب من تحته ولم تستطع لثقله عليها فقد اطبق عليها كلية وهو يكمل : حولتني الى رجل عديم الرجولة فض منافق قاتل غادر و ظالم لا يحب احد سواك انتي السبب في كل ما يحصل لي لقد دمرتني بالكامل

انا من كنت اتمنى ان اجلب كنوز الارض لأضعها بين قدميك فرفستني بلا رحمة والان – وعيناه تكادان تخرجان من محجريهما – ستمنحينني ذالك الطفل الذي ارغب و تعيشين ما تبقى من حياتك ذليلة خاضعة و سأتزوج عليك واحدة و اثنتان و ستكوني لهن خااااااادمة ايتها ال*****

و بكل الغضب في جوفه و ارتعاشة جسدها و محاولاتها الصراخ و البكاء و التقلب بدأ يخلع ملابسها و يرمي بها بعيداً وهو يقول : ستضلين حبيسة معي في هذه الغرفة حتى احصل على الصبي الذي اريد !!

ينتقم منها وهي خاضعة بين يديه يفرغ تلك الشهوات المجنونة و ذالك الحقد و الغضب وهي تصرخ به محاولة مد يديها الى وجهه لخربشته بما تقوى : لن تحصل .... على طفل مني .... لأنني عااااااااااااااااااااااقر عااااااااااااااااااااااقر ايها المجنون

مجنووووووووووووووون اتركنييييييييييييييييي

كلماتها قد صمّت اذنيه ليتوقف عن انتقامه لاهثاً محتقناً اسود الوجه مذهولاً وهو ينطق بغلظة : ماذا ؟!! اعيدي ما قلتي !!!

وهي تضع يديها على وجهها وتشهق عالياً بالبكاء و المذلة و الحسرة : ليس لدي رحم ، وجسدها يهتز بقوة بين يديه : قد خسرته في عملية اجهاض !!

فاهه مفتوحاً ووجهه لا يُفسّر وهو ينهار الى جانبها وهو يضع رأسه بين يديه بعينين مذهولتين و عينين مليئتين بدموع الخيبة و الهزيمة هامساً بوجع شق صدره : ماذا فعلتي ؟!! لا اصدق ، منذ متى ؟!! وكيف و اين ؟!!







كان هادئا وكأن لحظة نهايته هي تلك الكلمات التي ستعترف بها وهو يريد ان يعرف الحقيقة كاملة لتبدأ هي في رواية قصتها !!



وكانت القطرات تسقط شيئا فشيئاً حتى تحوّلت سيلاً فجّر وادياً سحييييقا بينهما لينهار ما تبقّى من تلك العلاقة الهشة !!

.

.

.

.



.

.

.



لابد من دليل فهي لا تؤمن بما قيل عن غاليتها و ابنة قلبها حتى وان اضطرت الى الذهاب مشياً الى المستشفى ، تلبس جلبابها و غطاء رأسها و بصحبتها الصديقة و الشقيقة التي تبتلع غصاتها واحدة بعد الأخرى بعينين واسعتين حمراوين وبأهداب مبللة و هي ترتدي جلباب هدى الواسع و الطويل عليها ولكن لا يهم منذ متى وهي تتأنق !!

للحظات غرقت في مشكلة وداد و نسيت مشاكلها الكبيرة فهي بلا منزل يأويها او رجل يحميها و مفلسة لا تملك اي اثبات للهوية بعد ان احترق المنزل وحمود اكبر همومها كلما يشطح تفكيرها فيما يمر به حمود تنهار و تنتحب .



ولكن اللحظة وداد حياتها على كف عفريت وهي تجر الخطوات مع والدتها التي تركت هدى و الاطفال و احمد الرافض تماما العودة الى المستشفى او عودة وداد الى البيت وهو يدفن نفسه في وسادته يبكي كالأطفال فكل شيء من حوله انهار بسرعة البرق بل اسرع !!



الوقت متأخر على الزيارة ولكن عليها ان تستجدي حراس المستشفى كي يسمحوا لها بالدخول وهي تغطي فمها المهتز و دموعها الغزيرة بطرف غطائها : ارجوك دعني ادخل فابنتي في حالة حرجة ولابد ان اراها ارجووووك !!

حارس المستشفى الذي احزنه حال هذه المرأة على ابنتها ليجعلها تدخل : ارجوك لا تطيلي البقاء ، تفضلي يمكنك المرور



دخلتا بسرعة فائقة تجريان لاهثتان تبحثان عن طفلة و حبيبة وصلتا الغرفة المنشودة لتجدا احد ما ينام جوارها على سرير اخر !!

تصرخ في وجهه كالمجنونة : يا الهي من انت وماذا تفعل هنا نائماً مع ابنتي ؟!! تكاد تجن وهي توزع النظرات بين ابنتها التي لازالت منذ الصباح تحت تأثير المخدر لا تدري شيئا عما يدور حولها و مصيرها الذي تبدل بين ليلة و ضحاها وبأي طريقة كان هذا التغيير !!

مريم من كانت فقط ترى صديقتها موصوله بالأجهزة تتقدم ناحيتها بصوت بكاء صريح وعال يصم الآذان وهي تهز رأسها يميناً و يساراً غير مصدقة لما يحدث معها وهي تنكب على يديها تقبلها و تشد عليها بقوة بقوة تستمدها من وداد : لالالالالا ياوداد انهضي يا صديقتي انهضي ارجوووووك وداااااااد آآآآآآآآآآه ياوداد تهبط على وجهها تقبله و تمسح عليه و عينيها تقطران دمعهما على وجهها وهي تتلمسه لكم اشتاقك يا وداد عليكِ ان تستفيقي لأروي لكِ ما حدث لي و بخالد و حمود ودااااااااد ، محطمة الفؤاد و محطمة الحياة : لاشيء لا شيء اصبح مهماً يا وداد خسرت كل احبائي ، قبضوا على قلبي و دفنوه حياً يا وداد

وجهان كانا ينظران احدهما الدموع تملؤه و تنهمر على خديها وكأن تلك الدموع لن تنتهي حتى تقوم وداد

والاخر كان يضع يديه في جيبي بنطاله بعد ان قام من رقدته فهو زوجها ويحق له المبيت معها في ذات السرير وليس فقط في ذات الغرفة شعر بالحزن على تلك الفتاة التي ولأول مرة يراها لابد وانها احدى صديقات وداد !



تستمد تلك المرأة العجوز الشجاعة من ذاتها لتسأل ثانية سؤالا لم يتم الاجابة عنه : ماذا تفعل هنا مع ابنتي ؟!!

ليأتها الجواب بسيطاً - ممعناً النظر الى وجهها لا يريد ان يخذلها او يشوه صورة ابنتها في عينيها كما فعل مع شقيقيها : انا حازم زوجها !

تهز الام رأسها في تفهّم وهي تسأل متأكدة من اجابته ولكن ليطمئن قلبها : لم تفعل بإبنتي شيئا !!

كان تقريراً وليس سؤالاً ، واقعاً لا كذباً و افتراءاً

اغلق عينيه لبرهة ليتنفس بعمق وهو يردد : اقسم انها بريئة و طاهرة ولم المسها بسوء !

ولمفاجأته سقطت الام على ركبتيها ساجدة لله في بكاء اضنى من حولها ومريم تسقط جانبها مربتة على ظهرها فهما ابدا لن تفقدا الثقة في وداد !

تنهض لتمسح دموع فرحتها لتسأله ثانية : اذا ماذا حدث اخبرني ارجوك !

مد يده ليربت على كتفها وهو يشعر بسووووووء شديييييييييييد جراء كذبته و معاناة اهلها من اجلها يعصر عينيه بأصابع يديه ليقول : وداد رأت صديقتها المخطوفة هنا في المستشفى و حاولنا اللحاق بها ولكن الشرطة قد امسكت بنا و ادخلونا السجن لساعات حتى استطعت اقناع احدهم بإطلاق سراحنا من اجل وداد و صحتها ، عندما رجعنا هنا وجدنا وليد في وجهنا وقد طعنها ظنا منه انها كانت خارجة معي !!

لم يرد ان يروي الكثير مما حصل حقاً فلتكن هينة عليها و ابسط لفهمها !

بينما كان يتحدث ادركت الان لما حصل ما حصل وهي تدير رأسها بسرعة في المكان نعم انها غرفة مشابهة تماماً لغرفتها وهي تتحرك سريعاً خارجاً لتفتح الباب المجاور بقوة و تشغل الإضاءة لتنحني بيدها على ركبتيها غير مصدقة وهي تتنفس بقوة و صدرها يعلو و يهبط بسرعة شديدة و الآخران قد لحقا بها : نعم هذه غرفتي لقد كنت هنا ، هناااااااا بجانب وداد انا السبب لما حصل لوداد انا السبب يا الهييييييييييييييييي تقضم شفتيها بقوة و هي تنهار بالبكاء فهذا ذنبها ذنبها وحدها !

حازم لم يصدق عينيه و ام وداد من ايقنت ببراءة ابنتها و عذريتها وهي تحتضن مريم بقوة بين ذراعيها لتبكيا معا امام انظاره



لم يحتمل الموقف بأكمله فماذا يحدث مع هؤلاء الناس ؟!! وهو يتقدم ناحية وداد بعينين حمراوين و يشد عليها بقوة وهو يتمتم : سامحيني ، سامحيني يا غاليتي !!

.

.

.

.



الان الساعة تجاوزت الحادية عشر و النصف مساءاً

مشعث الشعر بوجه يملؤه الحقد و الغموض و الانتقام و القرف !

يشد على عصاته بقوة وكأنها رأس فؤاد الذي سيكون حتماً بين قبضتيه كي يعتصرهما عصراً حتى يشفي غليله

فما فعله فؤاد به لا يُطاق ولا يُحتمل !

أوصلت به النذالة و الخسة ان يعتدي على اهل مريم من أجل ان ينتقم منه ؟!!

اكان يراقبه طوال الوقت ليجد طريقة اخرى اقوى و اقسى من كل طرقه السابقة كي يمعن في غرس ذاك السيف في قلبه !

مريم كانت ضحية انتقام لا علاقة لها به ولا بأهلها

أخذ يطرق بقوة وكأنه يريد خرم قاع السيارة وهو يتنفس من بين اسنانه و ملامحه كلها تنبؤ بالشر القادم لا محالة

سيتحمل كل شيء واي شيء فيما عدا ان يقتل فؤاد قلبه من جديد

سيقتل فؤاد قبل ان ينهي عليه هذه المرة و يقسم انه سيذوق الويل اضعافا !

إلاّ مريم يا فؤاد ، إلاّ مريم !!!

يتجهان مباشرة الى فيلا فؤاد من كان جالساً في غرفة مكتبه يدخن سيجاره الكوبي و يشعر بأنه سيلف حبلاً طويلاً حول عنقه و يشنق نفسه و يرتاح

معترفاً اخيراً أنّ كل ما حصل بزواجه و انهياره هو بسببه

انهيار ياسمين و جنونها هو بسببه

كل ما حصل ليوسف هو بسببه

ما حصل لمريم و عائلتها ايضا بسببه

كم من الموت و الخراب جرّه الى ديار البشر انتقاماً و عبثاً ؟!!

الدخان يملأ الغرفة و يغطيها بسحابة مميتة تكاد ان تمطر عليه وباءاً

وتمر الدقائق ثقيلة ككتلة رصاص حتى يصل يوسف و سعد الى الفيلا طالبا الحارس ان يدخلا لمقابلة المالك !!



حضوره الغريب المفاجيء المتأخر فهما منذ زمن بعييييييد لم يلتقيا ولم يتواجها حتى من أجل الياسمين كل ما بينهما كان حرباً باردة والآن ستتحول الى حرب ساخنة بها قاتل و مقتول !



يسمع دقات العصا على ارضية منزله تنبأ بظهوره شيئاً فشيئاً

جالساً مترقباً و يداه تهتزان وهو يحاول اشعال سيجارة اخرى فهو لم يعد واثقاً من نفسه بعد كل تلك الخيبات و الهزائم !





ينفث الدخان ليرى من خلاله خيال الرجل الضخم المستنفر الجسد لم يتبين ملامحه جيدا من خلال فتحتي عينيه الشبه مغلقتين بارتياب ناطقا بعفوية : مرحباً !

مليئة بالاستغراب و الترقب

فيما يوسف قد سحب كرسياً ليجلس عليه بهدوء هو الآخر مديراً وجهه في كل مكان قبل ان يستقر على الوجه الذميم متفرساً متقدما بوجهه بحاجبين مرفوعين وبصوت اجش لا يحتمل المراوغة : سؤال واحد تجبني عليه و ينتهي الامر بيننا .... ببطئ شديد ... بخيييييير ، أين ..... هي ..... مريم ؟!!

الاخر من تحرك من مكانه قليلاً وهو لا يفهم بالضبط ماهية السؤال وهو يضع كلتا يديه على الطاولة امامه متسائلا بغيض : ومن .... هي ... مريم ؟!!

لقد نسيها بهذه السرعة قد نسي الفاة التي طلب منها يوما الزواج ، نسي الفتاة التي قضى شهورا في تعذيبها ، نسي الفتاة التي قتل اخاها و صغيره يقطن منزله !!

وفجأة ينهض من مكانه ليمسك بكامل قوته بتلابيبه ليقرب وجهه منه فيكادا ان يتلامس انفيهما و الجو حولهما متكهرباً مشحوناً و هو يكاد يبصق في وجهه من الغيظ والاخر قد استنفر كامل جسده ليمسك هو الاخر بكلتا يدي يوسف القابضتين على عنقه يحاول تحريرها منه : اقسم ان لم تنطق اين هي مريم و عائلتها سأقتلك الان ايها الخبيث

يصرخ في وجهه و كامل جسده يريد الانقضاض على فؤاد و يفتته و يقطعه اربا كي لا يبقي فيه شيئا وهو يزيد الخناق على الوجه الذي اصبح بعينين متشققتين حمراوين فهو لم يتوقع هذا الهجوم المباغت : هياااااااا انطق قل لي اين هي و اين عائلتها ؟!!



سعلات متتالية مخنوقة تصدر من الصدر الاجوف وهو يفهم الان عن اي مريم يتحدث ولكن ما شأنه هو بمريم و من اين يعرفها اسئلة دارت في باله قبل ان ينطق : اتركني ايها البائس وهو يدفع يدي يوسف المتشبثتين بعنقه حتى ينطق وهو يحاول الحركة في كرسيه حتى ينهض

ولكن لم تعد لديه اي طاقة بعدما قالته ياسمين في العراك فقوته قد خارت : دعنيييييييييي لا أفهم ما تريد

يحرره نافضاً يديه بقوة ولازال مقترباً بعينينه الخضراوين المشتعلتين ناراً ستحرق الاخضر قبل اليابس و فؤاد و منزله : هيا قل .!!

تلك الفتاة ... مريم ... ماذا تعني لك بالضبط لما تسأل عنها هل تعرفها ؟!!

لااااااا علاقة لك لما اسأل عنها فقط قل لي اين هي !!





استشف من جوابه انه يعرفها جيدا والا ما كان اتى منتصف الليل الي منزله باحثا عنها لذالك قرر ان يلعب لعبته الخبيثة ليتلاعب بعقل يوسف الغضبان اصلاً : اهه ، امممم ، لا ادري اين هي !!

لا تدري ؟!! استقام في وقفته وهو يضع يدا على خاصرته في صبر وهو مطأطا الرأس و يقول : فؤاد ، انظر ، لا تعبث معي فلا طاقة لديك معي هنا و اقسم انني سأترك جثتك متعفنة ايها النتن !

قهقهات عالية تصدر عن صدر فؤاد ليقول من بينها : يا الهي انها تهمك انت تعرفها ، ولكن في اللحظة التي توقف فيها عن الضحك ادرك انه سيموت مقتاً و غيرة فمن اين يعرفها يوسف وما شأنه بها : الفتاة قد حررتها منذ فترة طويلة ، قالها بكل راحة وهو يحرك عينيه بعفوية ، لا اعرف اين هي الان !!

- حررتَ مريم – بينما يلوي شفتيه – حسنا – منذ متى ، وماذا فعلت بها !! ولما اخذتهم من منزلهم ؟!! بينما كان يضع كلتا يديه على عصاه واقفاً متعرقاً و حرارة عالية تخرج من جسده من شدة الانفعال و الرغبة في معرفة النهاية قبل ان يفوت الآوان

- لما اخذتهم ، هذا ... لا شأن لك به !!! ، اما ماذا فعلت بها وهو من جديد يصدر قهقهات من بين اسنانه المشتتة فقط لكي يقهره و يؤذيه ، فقد فعلت بها الكثير وهو يضرب على صدره بعد ان شق قميصه ليظهر عاريا امام انظار يوسف المشمئزة : مريم كانت تنام ها هنا ، انظر جيدا ، ها ..... هنا ،

لااااااااااااااااا لاااااااااااااا ايها البائس ايها الحقير وبسرعة جنونية يرفع عصاه ليكزه بها وكزات متتالية قوية قاتلة على صدره فيتراجع الاخر بقوة بكرسيه الى الجدار وهو ينظر مصدوما الى صدره وهو لا يكاد يتنفس ليسقط شيئا فشيئا على الارض وهو يحاول التنفس و كأن ذالك الحبل الذي تمناه ان يلف عنقه قد لفه بالفعل و يوسف يستدير حول الطاولة ليرفعه عالياً ليسدد لكمات غاااااضبة متفجرة الى ذالك الوجه البغيض بينما الاخر كان يتحرك كالدمية يتلقى الضربات و الصفعات دون ادنى محاولة للدفاع عن نفسه يتركه يوسف ويلقي به ثانية على الارض باصقا عليه ويستدير ثانية بسرعة متجاهلاً فيها الم ساقه المتكهربة ليلتقط عصاه ويتقدم بخطوات سريعة ثابتة نحو الخارج ولكن تكة المسدس التي سمعها من خلفه لم يخطأها ليستدير ببطء فيجد الرجل الاخر يحمل مسدساً صغيراً بين يديه وهو يقف مترنحاً و يمسح الدماء عن جانب فمه وهو يحرك المسدس امام انظار يوسف الثابتة : هل ظننت انت انك ستخرج من هنا حياً ، من تظن نفسك ، ذالك الدنجوان الذي تحبه و ترغبه النساء ، لم افلح حقاً في قتلك في المرة الاولى ولكنني ارى انك لا زلت تعاني كنت ارغب في الحقيقة ان اراك مقعداً كلية وليس فقط ساق واحدة !!

- أنت من فعل ذالك ؟!! أنت من اطلق الرصاص علي ؟!! ضحكة قصيرة مصدقة : أتعلم لم اصدق يوماً أنه كان رصاصاً طائشاً كي يصبني من بين كل البشر في تلك الساعة والآن اتضحت الحقيقة !!

- وهل كنت تظن انني سأتركك حياً بعد أن ... أن ... حصلت على ياسمين قبلي !!

- انك حقاً مثير للشفقة و بائس !ولا انسى ان اضيف مريض !!

ليرفع الاخر مسدسه ثانية محرراً الزناد قائلاً : ولكن الآن سأقول الوداع يا يوسف

وقبل ان تنطلق الرصاصة يسمع صوت زناد اخر من خلف ظهر يوسف و صوت رادع قائلاً : وانا سأجعل جسدك كالغربال ان اطلقت رصاصتك ، كان العم سعد الذي يحمل بيده بندقية رشاش ضخمة وهو يصوبها ناح فؤاد الذي اصبح في دوامة في عقر منزله هو لايريد الموت ، لايريد ان يموت الان ، هو في الحقيقة يخاف من الموت و يخافه بشدة لن تنتهي حياته بهذه الطريقة – مقتولا !

يضع مسدسه في هدوء على طاولته رافعاً يديه قائلاً : حسناً على رسلك لم اكن حقاً اريد قتله !!!



يوسف كان متفرجاً مركز النظرات على جُبن لا مثيل له وهو يسأل : إذاً اين هو زوج مريم و طفلها ؟!!

سؤال غير معقول يبعث على الضحك وهو يقول : زوج ؟!! اي زوج ؟!! اممم تقصد شقيقها و طفله !!

يضرب يديه ببعضهما وهو يقول في جنون : شقيقها بح ، قد انتهى ، مات ، قتل ، دفن

اما الطفل فهو في العلية ان اردته ، اخرجه من بيتي خذه معك لا اريد احدا هنا هيا اخرجا الآن هياااااااااا

صرااااخ غاضب في وجه من كان مصدوماً لا يستوعب الامر تماماً لم يدخل رأسه بعد : شقيق مريم و طفله !! اذا .... اذا .... مريم كانت عذراء ؟!! قد قضى عليه و عليها فؤاد ؟!! آآآآآآآآآآآآآآآه يا الهي صرخ بصوت مخيف عال وهو يترك عصاه لتسقط ارضاً و يركض بكامل قواه الى فؤاد ليقفز من فوق الطاولة لينهال عليه ضرباً و ركلاً و صفعاً لم يُبقي منه شيئاً ليأخذ الكرسي و يحطمه فوق رأسه ينظر اخيراً الى المسدس الموضوع على الطاولة يرفعه و يضعه في رأسه مع صرخة سعد الناهرة : يوسسسسسسسسسسسف لا تلوث يداك بدمه يا يوسف

يريد ان يضغط الزناد و يحرر كل تلك الصرخات و الغضب فهذا الرجل يستحق الموت دوساً بالأقدام : يوسسسسسف لنبحث عن مريم و نأخذ الصغير علينا ان نجد مريم قبل ان تضيع لا تريد ان تدخل السجن و تتترك الصغيرة تائهة في الشوارع ... يوسف استمع الي وهو يقترب شيئاً فشيئاً من يوسف الواقف على رأس فؤاد المغلق العينين مستسلم الملامح وسعد ينزل يد يوسف و يسحب منه المسدس : هيا علينا ان نجد الفتاة هيا هيا وهو يشد عضده ليتزحزح ولكن يوسف ايضا يريد ان تبكي عيناه ابداً و دهراً فهو للتو قد فقد مريم العذراء !!



خرج الاثنان بسرعة من الحجرة يتسابقان الى الاعلى يطرقان الباب بقوة افزعت الخادمة و ياسمين ايضا من كانت في غرفتها تستمع الى كل تلك الاصوات و الصراخ ولكنها لم تفهم شيئاً وهي تعقد حاجبيها

بينما يوسف قد دفع الخادمة جانباً كي يدخل الحجرة و يجد الصغير نائماً يسقط على ركبتيه بجانبه يطيل النظر اليه أجل انه الصغير ، صغيرك يا مريم

حمله بين ذراعيه بهدوء ليحتضنه بشدة و يقبل وجنتيه يرفع رأسه لسعد : انه صغير مريم يا سعد !!

يحملا الصغير و يخرجا من المنزل بأكمله لتبدأ رحلة بحثه عن حبيبته ... مريم !

.

.

نهاية المشهد السادس و العشرون .

 
 

 

عرض البوم صور اسطورة !   رد مع اقتباس
قديم 14-02-14, 05:00 PM   المشاركة رقم: 39
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: May 2011
العضوية: 224710
المشاركات: 3,261
الجنس أنثى
معدل التقييم: اسطورة ! عضو جوهرة التقييماسطورة ! عضو جوهرة التقييماسطورة ! عضو جوهرة التقييماسطورة ! عضو جوهرة التقييماسطورة ! عضو جوهرة التقييماسطورة ! عضو جوهرة التقييماسطورة ! عضو جوهرة التقييماسطورة ! عضو جوهرة التقييماسطورة ! عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 1223

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
اسطورة ! غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : اسطورة ! المنتدى : القصص المكتمله
افتراضي رد: حارس العذراء الكاتبة / ايفا آدم

 


المشهد

( 27 )



حارس العذراء .
في وجلٍ ترفعُ
عينيها بملْئِ الرِضَى ...
ترمقُني بنظرةِ
يلفَهَا نسيمُ الضُحَى ....؟
عن كَثبِ أُحدّقُ
إليهَا وهي خفيفةُ الخُطَى ....
تمشي باسْتحياءٍ ..أبداً ؟
أبداً..؟لا تتمطَى ....
ترتَجفُ أصابعَها حينَ
تحادثني وبكفها النَدى ....
فتحْمّرُ مقلتيها خجلاً
وخلفَ الكلماتِ تتوارىَ ...
لا أملكُ إلاّ أنْ
أحبها فقلبي لها مأوىَ ....
وسأبني عندَ ضفافِ
النهرِ عشَّ الورَى ....
سأمضي معها بقيةَ
الدهرِ فهي غايةُ المُنى ....
سُبحان ربي...عينيها
تقطرُ حنيناً وهوى ....
صبيةٌ ما..تسكبُ
بروعي رعشةُ أولى .....
كي تخلّد ذكرَاها
في أيامي فلا تنسَى .....
صبيةُ ..لمسةُ يداهَا لا تَبلَى ....

لعُمرِكَ...؟؟
إنها تشعرني بسُكرَةٍ
لا توجدُ لدى كلُ أنثَى .....
ترمي عني كلَ تعبٍ
اجْتاحَ نفسي فيمَا مضَى .....
وترشُني بعبقٍ له
عطرُ يُحيَّ الذكرَى....
سأبقى أُحبهَا أحرُسها
حتى يغيبّني الثَّرى .....
نعمْ صبيةُ عذراءَ استقرَت
على دربِ الهُدى .....
سأبقىَ أُحبُها أحترِمَها
إنْ شاءَ ربُ العُلى .....
فهي أروعُ وردةُ
وليس هناكَ زهرةُ أُخرَى .....
( خاطرة من أنامل : لزهر عمروش )



المـــــواجهة الســـــــادسة عشــــــــرة



تدور و تدور كما دوماً حول نفسها في حلقة مفرغة

مغمضة العينين ، مغضنة الجبين ، فاردة ذراعيها على سريرها وهي تنام على ظهرها

لم تخبر فؤاد كل الحكاية

بل ربعها فقط !!

لتنتقل بذكراها الى ذالك الزمن الجميل !!!

فيما مضى

.

.

في غياب زوجها الذي قارب الإسبوعين في مهمة رسمية خارج البلاد

من أجل الوطن - دائماً يغادر في مهمة اغتيال المعارضين الذي هربوا من البلاد تحت الضغط و الإرهاب و الملاحقة

هؤلاء هم الخونة الحقيقيون !!

من يريدون للوطن أن يكون في القمة لا أن تدوسه نعال القائد !



تشعر برغبة قوية و قاتلة في التقيؤ و صداع حاد يفتك برأسها

تجري بسرعة الى الحمام لتفرغ ما في جوفها فيه

شكّت في نفسها وهي تتلمّس بطنها بكلتا يديها و تنظر لها في فزع

فأبدا ولا لن يكون لفؤاد طفل منها ، وبسرعة يجب التخلص من هذا الطفل كما تخلصت من اشقائه قبله !!

فكما قتل فؤاد طفل احلامها مع يوسف – مع تلك النظرة الشريرة التي غطت مقلتاها وهي تضغط على اسنانها بشدة – هي الأخرى ستقتل أحلامه معها !!

خرجت لابسة عباءة سوداء عادية و مغطية وجهها بخمار لا يكشف سوى عن عيناها الخضراوين اللامعتين بكحلها الأسود من يراهما ويرى شخصها و طولها و جسدها الذي تضغط عليه العباءة ، سيفقد عقله و يلهث خلفها متمنياً لها

وهي تلك كل غايتها ، ان تشعر بالرضى مع رجال يقدرون جمالها – بشرط – أن يكونوا هم كذالك بمستوى جماله !!



في مستشفى عام لا تريد لأحد ان يتعرف عليها فيه وهي تحجز لها دوراً عند طبيبة النساء لتتفق معها على التخلص من الحمل كما فعلتا معاً سابقاً –فهي الطبيبة المتخصصة لياسمين بالذات في اجهاضها – بعد ان تمدها الياسمين بكل الأموال التي تحتاجها تلك الغريبة

لا إثبات للهوية ولا إجراء طبي فكل شيء يتم في الخفاء وسراً.



بينما كانت جالسة و جسدها يقابل قاعة الرجال المليئة بهم وهم ينتظرون زوجاتهن او اخواتهن وهي تحمل رقمها بين اصابع يديها الناصعة البياض الناعمة الرقيقة الملفتة للانظار بطلائها الوردي .

ترى ذالك الشاب الجميل الملامح بلحيته المرتبة الجميلة و بياضه و سواد عينيه

كان شاباً ملفتاً للنظر ليس لها فقط بل لكل النساء !

كان يتلفت قلقاً و اضطراباً وهو يدير البصر تارة و يضع يديه بين ساقيه و يطأطأ رأسه تارة اخرى

كانت تراقبه في اعجاب وهي تلوي شفتيها ممررة لسانها بينهما

هذا الرجل يُذكّرها بيوسف إلاّ إنَّ يوسف اضخم جثة و اكثر رجولة !

لم تزحزح البصر عنه

وهو كان يلتفت وكأنه احس بعينين تراقبانه إلى أن التقى بعينيها

تجمّد الوقت و طرق قلبه و هو ينحني للأمام بيديه مبتسماً لها ابتسامة غاوية كي تبادله عيناها الابتسامة !!

كانت غائبة فهي تود التعرف على هذا الرجل الذي اخذ بلبها كما يوسف تماماً

هل يمكن أن تحصل يوماً على رجل بجماله بعد ان تتخلص من الشر – فؤاد – ما ان خطر ببالها حتى زادت الرغبة عندها في التمرد وهو قد وقف من كرسيه وهو يصدر سعلة محرجة ليظهر لها جلياً طوله و رشاقة جسده و نظافة شخصه و ثيابه المرتبة ووسامته وهو يتقدم ناح الممر الفاصل بين القاعتين واقفاً محدقاً بها و قلبه يقرع كالطبول فهو لم يرى قبلاً امرأة ترتدي الخمار و العباءة و تبدو قاتلة الجاذبية كهذه المرأة !!

فقط ارادت منه اشارة كي تستجيب بطلب من عينيها المتلهفتين اطلق حمحمة من حنجرته وهو يشير لها برأسه – تعالي -!!

كان قد سرى بها كالمخدر فقد وقفت له كالمسحورة وهي تتقرب رويداً وهو يراقب في رغبة يأكلها بعينيه اللتين فحصتاها من رأسها الى قدميها مركزاً على عينيها و استدارة صدرها و عذوبة خصرها

توقفت امامه مبهتة النظرات زائغة وقلبها يقفز لحلقها من الاثارة وهي تبتلع ريقها وقبل ان يلاحظ احد ما يجري بين هذين الزوجين وضع الورقة المُعدّة سلفاً لرقم هاتفه كي يعطيها لطريدة ما ، ويدسها بين يديها النديتين ورائحة عطرها قد اسكرته حتى كاد ان يرفع الخمار عن وجهها و يلتهم شفتيها وهو يحاول السيطرة على نفسه ويهمس مطيحاً بها : اسمي خالد ، اتصلي بي متى استطعتي !!

ويداه تعبثان بأصابع يديها مثيراً اياها حتى شعرت ان رجليها قاربت على الانهيار وهي تلتقط انفاسها بقوة لاهثة مغمضة العينين ، وصوت عال يصرخ في القاعة النسائية : رقم .... تلتفت بسرعة مغادرة اياه في رهبة و رغبة متمنية ان تلتفت اليه مرة اخرى ترتمي بين احضانه و يخرجا ولن يهم شيء بعدها !!



وهو من كان ينتظر زوجته الحامل التي تمر بظروف عصيبة في الحمل بعد ان بلّغتهما الطبيبة النسائية ان قلبها ضعيف للولادة كما ان ضغط دمها و سكرها عاليان و جسدها لا يحتمل كل هذا الضغط و يجب عليها الولادة قيصرياً في الشهر السابع من الحمل حتى لا تكون حياتها و الجنين في خطر مميت وهي كانت بالداخل مع الطبيبة وهو خارجاً يثير امرأة اخرى !!



تقرر وقت عملية الاجهاض في العيادة الخاصة بالطبيبة دون اي مخاطر سوى بعض النزيف المحتمل لجنين في شهره الرابع !!

لتنام على ذالك السرير الابيض دون اي احساس بتأنيب الضمير مخدرة

طال نومها و لم تقم الا على سرير آخر في مكان آخر لتتسائل في وجل وهي تسمع لصوت فوضى المستشفى خارج غرفتها فأيقنت انها في مستشفى و ليس في العيادة وهي متعبة موجوعة تشعر بوخز مميت في بطنها وهي تحاول النهوض فلا تقدر

الى ان دخلت عليها الممرضة كي تفحصها بوجوم لا ابتسامة او نظرة غير نظرة سريعة القتها على الملف و هي تقيس الضغط و تضبط جهاز التغذية في مرفقها لتسمع ياسمين بصوت مريض : اين انا ؟!! ماذا حدث ؟!!

تنظر لها الممرضة بحاجب مرفوع لتقول : تعرضتِ لنزيف فاضطررنا لنقلك هنا !

وهي من جديد تهز رأسها في عدم فهم : نزيييف ؟!!

: أجل بعد ان قمتِ بعملية الاجهاض تعرضتِ لنزيف قوي لم تستطع الطبيبة وقفه فاضطرت للاتصال بنا وقد احضروك على اخر نفس تعرفين اسعافنا جداً بطيء وهي تصدر



ضحكة ضعيفة و تكمل : ولكن للأسف لإيقاف النزيف اضطروا لإجراء عملية نزع للرحم !!

تستمع للتفاصيل و النهاية وهي مصدومة ووجهها الابيض يشتعل بنار تلهب خديها و تصيبها بدوار وهي تضع كفيها على خديها مولولة وهي تضرب بقوة عليهما امام انظار الممرضة المستغربة : لالالا يا الهي يا الهي لالالالا بدت كالمجنونة وهي تعترض على ما قيل في ذهول منها !!

كادت ان تودي بحياتها و لكنها قد اودت بجزء مهم منها و جدّاً !!



بعد خروجها ضعيفة ناقصة الانوثة تقضي وقتها في النوم بين وسادتها و اغطيتها الحريرية وزوجها لازال في مهمات قتالية فتاكة ، و عيناها تسكبان انهاراً و حنجرة شاهقة بالخيبة و الندم وهي تضرب على الوسائد ، لتمضي اياماً سوداء لا يعيشها الا هي !!



اخيراً قد تشافت و فعلتها لن يعلمها احد غيرها ، فمن المريح من الآن و صاعداً ان تنام مع احدهم دون الخوف من الحمل الحرام !! او من الحمل الحلال !!

وفي غمرة ذالك تقف مسرعة لتمسك بذالك الرقم المثير لتتصل به : صوتاً رسمياً على الطرف الآخر قائلاً : السلام عليكم !!

: ترفع كلتا حاجبيها استغراباً وهي تهم بالضحك وهي تقول : و عليكم السلام لتتردد قليلاً قائلة دون حرج : ها قد اتصلت !!

لثوانٍ لا رد غير صوت نفحات هواء دافئة تصلها ويداه ترتعشان ليرد : انتظرتك طويلا !!

: لا بأس المهم انني اتصلت و اريد رؤيتك !!

لم يتمالك نفسه وهو يتنهد بقوة : كما تريدين اين ؟!!



يتم الاتفاق على الزمان و المكان للإنفراد !!

تتجهز بحقيبة صغيرة تدس فيها ثوباً حريرياً سكرياً يصل للفخذين و بعض مواد التجميل و فقط !!

اما هو فما عليه الا ان يصل لمكان اللقاء وهو الفندق ذو الخمس نجوم المقابل لشقة يوسف و غرفة تقابل غرفة نوم يوسف وهي تصل هناك تخلع العباءة و الخمار و تغير البنطال الجينز و البلوزة الرقيقة لترتدي قميص النوم المغري الذي يكشف عن بشرتها



البيضاء الزبدية و تترك شعرها مسترسلاً على كتفيها الى آخر ظهرها في لمعان يكاد يطيح بالاضاءة و حذاء ذو فصوص لامعة رائع لطولها و تطلي شفتاها و تغمر عينيها بالكحل و عطر جديد مختلف ثائر مثلها جميلة و كاملة هي الكلمة التي تريد سماعها من فمه !!

يطرق بابها و تستعد متوترة فلقائهما سيكون كثورة ستطيح بالفندق بأكمله !!

وهي تتجه طارقة بقدميها الارضية متمايلة بغنج وللحظة ترتب شعرها و تمرر اصبعاً على شفتيها وهي تفتح الباب مضطربة متسلحة بشجاعة مزيفة فقط لترضي نفسها

يدخل و يغلقا الباب وهو يمرر نظره عليها في لهفة فهي مستعدة !!

يقفا وجه لوجه يتفحصها وهو مأخوذ اللب بجمالها فهي قد فاقت كل خيالاته !

يرفع يداً يمررها على ذراعها العارية وهو يبتلع ريقه الجاف و عينيه المبحلقتين بها ليرفع يداه الى شفتيها و فجأة يمسح كل ذالك الطلاء عنهما و عيناها مغلقتان مستسلمتان

يلتصق بها و ينحني اليها مقبّلاً اياها بقوة ولم تدري إلاّ وهو يحملها بين ذراعيه ليرتميا على السرير !!

لم يكن هناك مكان للحوار او النقاش فقط لتفريغ الرغبات !!

فهي قد اصبح لها عشيق يرضي غرورها و شهواتها !

اتفقا جسدياً و فكرياً رغم أنها تكبره بأعوام إلاّ أنها تبدو اصغر منه سناً

.

.

تفتح عيناها وهي تذكر تلك الايام الصاخبة

فخالد قد منحها اجمل ايامها دون ندم !!

لم يطلب منها شيئاً سوى ان يدللها و يدلل جسدها !!

تعددت اللقاءات و تغيرت الاماكن الى ان اصبح منزله و غرفته التي اشتراها بمالها كي تنام على فراش مريح مكان للقاءات الساخنة دون مداراة لشقيقته الوحيدة – مريم - بعد وفاة زوجته !!



دموع قهر و حزن تبكي بهما خالد من أحبته يوماً وقد كانت السبب في فقدانه !!



.




.

.

.

اتمزق انا و اي تمزق يا مريم

لم اشفي الغليل بعد

ها قد رجعت و صغيرك بين يدي و انتي لا زلتي غائبة قصراً

سيندم كل من حاول لمْسَك و لمَسَك اقسم باني تجرعت القهر دهراً

تباً لذاك الحنين و الأنين في قلبي



يضغط على قلبه بشدة تكاد ان تخلعه مغمض العينين مزموم الشفتين

فؤاد قد تغلب علي فيكي فما ذنبك انتي ؟!!

كل ما فعلته انني احببتك فانتزعك مني بلا رحمة

لا يظن ابداً أنه قد حقق انتصاراً على فؤاد بل فؤاد من فعل !

قد لمسك و عبثت يداه بجسدك الغض الصغير

لا يستطيع

لا يستطيع تخيل ما حدث لها وهي تتلوى بين يدي فؤاد

آآآآآآآآآآآآآآآآآه

صرخة مفزعة غلييييييظة خرجت من شفتيه مقهوراً مجروحاً ومطعوناً في قلبه

صرخة بعثت صاحبه على التخلي عن القيادة و الوقوف فجأة : يوسف هوِّن عليك

لا تستطيع اي كلمات مواساة مهما كانت ان تهوّن عليه فجعته و حزنه

فمريم لم تكن متزوجة بل كان شقيقها

كيف لم اعرف ، لما لم احاول ان اعرف ؟!!

أكان القدر قد خطط لكل ذالك ؟!!

: سأموووووووت يا سعد وهو يمسك برقبته و بالكاد يتنفس : اشعر بأنني اختنق ، قد قتلني الحقير النجس قتلني

: يوسف يا الهي ... و صمت لا يقدر ان يقول شيئاً فالفتاة التي قضوا شهوراً في البحث عنها كانت اقرب لهم من انفاسهم !!

يعلم ان يوسف لن يسامح نفسه و سيضل يؤنبها حتى النهاية ، لهي فاجعة في حقه لما فعله فؤاد معها و مع عائلتها

يسمع الصوت المخنوق : خذني الى البحر يا سعد ، خذني هناك

علني اغرق و استريح

تحركت السيارة متجهة الى البحر على الشواطئ الرملية ليس ببعيد عن المدينة

ينزل ببطء و يعرج بقوة اتعبت له جسده و عضلاته و يشعر بحمّى تجتاحه يريد تبريدها

يريد ان يسبح بين الامواج لتتقاذفه عسى روحه تستريح ، فما معنى الراحة في بعدك يا مريم !

يبدو فاقداً للأمل مجهداً و رجلاه تتخليان عن حذائه و يتقدم لتلامس قدماه اولى موجات البرودة اللذيذة

تغريه تلك الاصوات و الامواج على السباحة و الضياع بينها ليغطس كلية تحت الماء و يختفي هناك

سعد من كان يراقب بقلق مكتف اليدين وهو ينظر الى السماء فالطقس ليس حاراً كما انه ليس بارداً بشدة فلا خوف عليه من السباحة !!

نعم يخاف عليه فهو عجوز لم يحظى يوماً بعائلة ككل البشر بعد زواجه و طلاقه منذ شبابه وهو لم يمس امرأة و مصادفة يوسف و العمل معه يشعرانه انه كوالده لا كعامل عنده ، فهو يشارك يوسف معظم اسراره !!



بينما كان ينظر الى البحر ولاحظ عدم ظهور يوسف ثانية اخذ يتقدم بقلق متعاظم وهو يصرخ في البحر : يوسسسسسسسسسسسف يوسسسسسسسسسسف

صوته تحمله الامواج و ترجعه دون جواب وهو يتقدم اكثر ليغطس نصف جسده في الماء و الامواج تحركه جيئة و ذهاباً ولا نور هناك غير نور القمر و انعكاسه على صفحة المياه ليصرخ ثانية : يوسسسسسسسسسسف يوسسسسسسسسسسسف

يوسف من يجيد السباحة ابتعد كثيراً عن النظر وهو يغطس و يظهر و يغطس ثانية

لم يصبه التعب من السباحة بل مما يدور في جوفه من حرقة لم تطفأها المياه بعد وهو يصرخ و يضرب سطح الماء بيديه بقوة مبعثراً اياها على وجهه الذي تشرّب الملوحة : تبااااااااااا تباااااااااا مريااااااااااااااااااام

الغضب يتآكله كما تأكل النار الحطب ويشعر بالعجز فأين سيبحث الان عنها ايييييييييييين اييييييييييييين

يسبح مجدفاً بذراعيه القويتين الى الشاطئ فيصله صراخ سعد القلق يصل له بسرعة وهو يخرج غارقاً لاهثاً غامضاً ليقول : سنذهب الى الحي !!!!

سعد الذي جرى خلفه يربّت على كتفه مطمئنا له أن كل شيء سيكون بخير ليلتفت اليه هازاً رأسه في تفهّم وهو يمرر اصابعه في شعره مسرحاً اياه الى الخلف : مريم عاقلة كفاية كي لا تدور في الشوارع سنرى ما جرى في الحي

: ولكن اليوم صباحاً قد كنت هناك وقد اخبرني جارهم عن فؤاد ولم يذكر البتة اي شيء عن عودتها

: ذالك الغبي تأخر جدّاً في بوحه عن الفاعل مما يشكو ذالك الرجل لما لم يبلغ الشرطة لما احتفظ بالأمر لنفسه ؟!!

: يرفع سعد كتفيه في عدم معرفة دلالة أنه لا يعلم

ولكنهما قد ركبا السيارة التي ينام بها حمود في المقاعد الخلفية ولا يدري عن شيء بعد !!

ما يهوّن عليه انه على الأقل قد وجد الصبي و سيجدها حتماً

نوراً و ايماناً قوياً انبثقا من قلبه كي يبتسم ثانيةً فلابد انه سيجدها !!



مريم و الحاجة عائشة من رجعتا من المستشفى متأخرتين بعد ان اوصلهما حازم و لكنه قد رفض الدخول الى المنزل متعللاً بأنه يجب عليه العودة للبقاء مع من اصبحت زوجته !!

لاحقاً سيفهم قصة هذه الصديقة و لكن حتى يطمئن على وداد اولاً .!



يدخلن المنزل لتلج الأم مباشرة حجرة ابنها مغلقة الباب خلفها لتؤنبه على قوله و افعاله المشينة في حق شقيقته البريئة فأخته كما عهدوها ولن تنقض هذا العهد يوماً وهم من ظلمها

ليخر على يديه مصعوقاً نادماً باكياً : ولما قال لي انه قد لمسها ، لماذا ؟!!

: حتى يخلصها منكم ، انتم اخوتها من شككتم بها بالباطل و اتهمتوها دون دليل قاطع ، حتى انكم لم تطلبوا تقريراً طبياً عن حالتها لربما كنتم ستعلمون حينها ان كانت ، بنت !!

: ارتاحُ لهذا الرجل لأنه رجلاً ووداد تستحق رجل مثله وقد وعدني ان يأتي لها خاطباً !!

تلتوي شفتاه هواناً فقد باع شقيقته و خذلها و ان علمت بما فعلوه ستفقد ثقتها بهم و ستكرههم : كيف يخطبها وهو زوجها ، امي ما هذا الكلام الذي تقولينه ؟!!

: سيأتيها خاطباً امام الناس جميعاً لا بالخفاء و سندبّر الأمر !!



تركته في لجة افكاره سارحاً ملقياً بنفسه على الفراش الرقيق بعد ان اطمئن باله و سكن قلبه ولكن عليهم اخراج وليد من السجن ، وهذه ستكون مهمة وداد بعد خروجها من المستشفى !!



ممدة ايضا على الفراش المخصص لوداد متقلبة على جنبها ممسكة بالوسادة بين اناملها الطويلة تنظر للظلام و هي ترى ظلال الحاجة عائشة وهي ترمي بغطاء رأسها على علاّقة الملابس و تتمدد ايضا في فراشها متعبة ولكن مستريحة البال!!

تتمتم : تصبحين على خير عمتي

: تصبحين على خير يا مريم !!



ترقد الحاجة عائشة و يدها اليمين تحت خدها اليمين غارقة فوراً في نومها تاركة مريم تتلاطمها الافكار و الهواجس و احلام اليقظة البشعة وهي تتسائل : يا ترى ماذا حدث للسيدة سالمة بعد مواجهتها مع ذالك السافل علي ؟!!

و حمود اين ينام الان ؟!! و خالد وآآآآآآآآآآه يا خالد اين هو مرقدك اين دفنوك ؟!!

دموع حارة و شهقات جارحة مكتومة وهي تضع يديها على فمها كي لا تسمح لها بالإفصاح عن كربها و همها فأهل وداد لا تنقصهم المصائب ففيهم ما يكفي و يزيد كي تحمّلهم مسؤوليات عائلتها ايضاً !!

حاولت النوم ولكنه قد جافاها حتى سمعت صوت تلك السيارة يقف امام باب المنزل !!



طرقات عالية على باب المنزل جعلها تفتح عينيها رعباً وهي تنكمش على نفسها كالجنين ضامة يديها الى ذراعيها

يتواصل الدق وهي في مكانها عاجزة تريد الهرب فلابد ان السيد قد علم بهربها

يا الهي كيف ظنت انها قد تهرب و تنجو منه فليس اسهل من ان يعثر عليها هنا

تفتح ام وليد عينيها وجلة مفزوعة و في ذات الوقت يقوم احمد من فراشه مسرعا الى الباب

وهي تنتظر اللحظة التي سيهجمون فيها عليها لينتزعوها من هنا وهي تصرخ و تبكي و ترفس بساقيها : لاااااا لا اريد العودة هناك لااااا عمتي ارجوك افعلي شيئاً

العمة وهي تبسّمل و تنهض مسرعة الى مريم لتحتضنها وهي تقرأ القرآن و تهدأها فما من شيء مخيف وهي ايضاً قلبها يقرع فمن يأتيهم في هذا الساعة المتأخرة من الليل ؟!!

حتى سمعن صوتا رجولياً عميقاً معتذراً عن مجيئه متأخراً : السلام عليكم اعتذر منك لمجيئي في هذه الساعة ولكن الامر هام ، هل لنا ان نتكلم ؟!!

احمد من كان ينظر الى ملامح ذالك الرجل العامر بالرجولة المبلل بالمياه من رأسه حتى قدميه وبيده عصاً يشد عليها بقوة

يبدو متوتراً ناظراً في ترقب الى احمد وهو يقول : مع ان الوقت متأخر ولكن لا بأس باستطاعتك الدخول .

يدخل الى حيثما اشار ليلاحظ احمد تعب الرجل وعدم قدرته على المشي الا بصعوبة بالغة و المياه تتقاطر منه متغضناً الجبين متسائلاً ما هو ذالك الامر المهم من هذا الرجل الغريب ؟!!



يجلس يوسف بصعوبة على الارض فارداً ساقه المصابة رامياً بعصاه جانباً ناظراً الى ساقه ثم الى احمد الناظر اليه متتبعا لحركاته فيرفع ناظريه لأحمد : سائقي قد علم منك هذا الصباح عن من أخذ عائلة – وهو يصفي حنجرته فكم من الصعب عليه ان ينطق باسمها الغالي امام أحد – مريم !

أُخبرُك اننا قد ذهبنا الى الرجل المطلوب و قد انكر وجودها عنده و يقول انه قد اطلق سراحها

بنظرات ثابتة ينظر الى احمد بأمل ان يُجيد احمد اكمال باقي القصة المفقودة الأواصر !!

بينما احمد كان ينظر اليه بذهول – ذهب الى ذالك الرجل الكبير في الدولة و تحدث معه عن مريم و عائلتها – فمن هو هذا الرجل ؟!!

: عفواً ولكنك لم تقل لي من انت و مالذي تريده من عائلة مريم ؟!!

ليس هو الجواب الذي تمناه فلم يحب ان يُقابَل سؤاله المبطن بسؤال آخر هو من عليه ان يجيب : منذ زمن وانا ابحث عنهم فأنا احممم صديق لخالد !!

نظرات عدم تصديق و ريبة : فمن اين يعرف خالد مثل هؤلاء الناس ؟!!

ليسمع السؤال اللحوح مجددا بثبات و قوة و صراحة : هل عادت مريم ؟!!



قلبه يدق بقوة ساحقة و حب مذ امد الدهر قد خُلق له آملا - فأي شوق و لهفة هما من يدفعاني اليكي يا مريم ، وفي غيبة افكاره لم يسمع الجواب يفتح عينيه لبرهة و يغلقهما : عفواً لم اسمع؟!!



ليكرر احمد : نعم قد رجعت !!



كأن كل عقد الحياة قد حُلت و ظهر نور الشمس على غفلة منه ليغلق عينيه بيديه من شدة النور ليفتحهما وهو يشعر ثانية بعدم تصديق : ماذا ؟!! تقول عادت ؟!! هامساً -اين ؟!!

فيأتيه الجواب سريعاً صاعقاً : هنا نائمة بالداخل !!

إحمّر وجهه بقوة ، الدوار هو ما يشعر به الآن وهو يضغط بأصابعه على جبهته قائلاً بتودد : هل لي برؤيتها ؟!!

سؤال لن يقبل ( لا ) كإجابة وإلاّ اقتحم المنزل رغماً عن صاحبه !!!

قد رأى احمد ذالك في عينيه اللتان جرى فيهما لمعان غريب محذراً من مغبة قول تلك الـ( لا )

كما ان هذا الرجل ذو هيبة و قوة و بشعره الاسود المختلط بالرماد قد تكهّن انه كبير السن كما يبدو عليه ولا خوف على مريم منه لذالك قام من فوره قائلا : حسناً ولكن لثوانٍ لو سمحت !!

اخيرا سينظر اليها من جديد ، يراها ، سيتأملها

لما الثواني تبدو ثقيلة و كئيبة و بطيئة وكأنه انتظر دهراً تتآكله الظنون هل هي ذاتها مريم ؟!!

لم يظن البتة انه سيلتقيها هنا و الليلة بالذات حين شك انها لن تذهب بعيداً ولن تضيع في الشوارع فهي مريم التي يعرفها جيداً ولن تتوه عن طريقها !!

يؤمن بها و أيّما إيمان !!



قلقة فمن هو ذاك الصديق الكبير السن الذي يطلب رؤيتها ليطمئن عليها في هذه الساعة

فهي لا اصدقاء ولا اقارب لها سوى الجيران فمن تكون يا من اخفت قلبي و اقلقت ساعة بكاء و رثاء

على عجل ترتدي ملابسها وهي تمسح عيناها المغطاة بالدموع و اللوعة و تمسح انفها و تخرج على عجالة فكما قال احمد فقط ثوان !!



خطوات قليلة مقلقة وهي ثابتة مرفوعة الهامة لامعة العينين ولا فؤاد لديها !!!






ويمسك عصاه بتوتر و يداه ترتعشان ، نعم فمن غيرك عليه هذا التأثير علي يا مريم

هسهسات ساكنة لخطوات هافتة كجنية تمشي على الأرض

يخاف

يخاف ان يلتفت فتختفي

ولكن لابد من الالتفات ليرى عيني مريم

ليستنشق شذاها

توقف القلبان يلهثان قارعان اجراس الحنين

ابيضت شفتاه و سقطت بهدوء دموع عينيها لتنشج بهدوءٍ جارحاً اياه كالسكاكين

تباً لبعدك يا مريم

سيسقط خائر القوى تلفه النجوى

لعينين غائرتين غارقين بالسواد ووجه قد كبر عشرات السنين وقد كان فتياً

وجسداً ضئيلاً سيتكسر تحت ضغط اصابعه

يأخذه الدوار مترنحاً واقفاً كالمارد

وذالك العشق يدق و يدق ابواب احزانه

يا من يرميك في احضاني ولا تستيقظي بعيدة ابداً

يريد ان يسحبها و يغمرها و يناجيها و يبكي على صدرها عمر الغربة

غربتها عنه

تضحك و تبكي في آن معا ماسحة بظهر كفها درر عينيها محطمة لصوت الحنين شاهقة مبعثَرة هامسة : أين كنت ؟!!

وآآآآآآآآآآآآه يا مريم آآآآآآآآآآآه يا نور عيناي

ويا لسؤال عجز القلب عن جوابه ، تعاتبه ، انتظرته

فسحقاً للحياة ولمن فرقهما كان تتأمل به فتركها و رحل !!

يرفع رأسه الى السماء مناجياً في صمت بوجه كساه الظلام و الهم

بما سأبرر غيابي بساقي الغبية ؟!!




الغبن و الغضب و الثورة و العشق يرويان صوته هامساً ايضاً : كنت مغيباً بغيابك يا مريم !!

تنهار على ركبتيها ويقاوم ليمسك بأطراف اصابعها

سيحملها و يخرج بها و تبات هناك في منزلها معه وبين ذراعيه

: ماذا سأقول يا مريم ؟!! سامحيني سامحيني

ركع جانبها وهي تنوح و نشيجها وصل علياء السماء فالظلم قد بلغ مبلغه !!

يعض على شفتيه بقوة لا يريد ان يتهور في منزل غرباء ينتظرون خروجه !!

سيضم بقوة جانبي وجهها بين كفيه ممرغاً اياه بشفتيه سيقبل عيناها و شفتاها ووجنتاها وكل تفصيل حتى يمحو ضبابة الاحزان عن محياها بكل القوى التي يحملها بين ثناياه يريدها حتى تدفعه هي بعيداً عنها مللاً !!

لكم اشتاقت لهذا الغريب المتربّص !!

لكم اشتاقت لتنك العينان المأخوذتان بها

لكم طاقت لان يتلامسا ، حتى سكن طيات عقلها كخيال لا طائل منه



ظهر و اختفى فجأة !!

وطال العمر لتراه مرة اخرى

تتلاقى العينان ليمرا على الاحزان و عذابات الهوى فاقدا الاحساس بالوقت وكأن الحلم قد تحقق ليلامس عنان السماء

تعرفه و تمنته و ارادته مخلِّصاً لكل احزانها ولا تعرف هويته فيا لحماقتها !

قد عتّق الذكرى و شعرها الاسود الحريري الساقط على الارض تلمه و تتركه و شفتاها الممتلئتين شغفاً و حباً سيسحقهما غداً بملىء ارادتها ليريها عقاب الغياب عن موعد قد حرمه منه القدر !

تعرفه و يعرفها مذ كانت الملائكة تمشي على الارض

مذ داس آدم بقدميه عليها

مذ نفخ الله فيه الروح و اسمها على جبينه يراه رؤى العين

ليس بغريب و ليست كذالك بل خُلقت له قلباً وروحاً



تنهداته تحمل كل عذاب العاشق والوله يأخذ منه مأخذه تسمع صوته الاشج يقترب خطوة فاصلة حتى يكاد ان يطبق عليها بجسده و المكان قد اصبح صغيراً جداً و السماء اخيراً قد امطرت غيثا وهي تنظر شامخة الرأس الى عينيه الخضراوين ، يبدو عملاقاً امامها

: تزوجيني يا مريم

شهقة افاقت منها مرتطمة بالأرض علها كانت تحلم بالبقاء في الجنة !

تزيغ بصرها مطأطأة الرأس حمراء الوجنتين يكاد الدم ان ينفجر منهما وآخر شهقاتها تخرج ثقيلة لتفرج عن صدرها



ليقاطع احمد بصوته العالي لحظات للهوى انتظراه امد الدهر وقد طال اللقى !

فيلتفت كليهما هي محرجة الفؤاد وهو منتصراً في معركة ظنها خاسرة !

سيحظى بمريم بين ذراعيه فيا لمكافأة الحياة له بعد وجع و فُرقى !

يراها تحث الخطى الى الخارج و قلبه يلاحقها بلا هوادة يكاد ان يضحك سعادة و جنونا

قد تغيرت ملامحه و صفت عينيه و ابتسمت شفتيه وكأنه قد رجع الى شبابه ثانية ، بل هي تبث فيه قوة الشباب و الرجولة

ينظر الى احمد قائلاً بصوت حاول ان يكون هادئاً لا متحمساً !! : هل تسمحون لنا بالنوم هنا الليلة ؟!! وتحت انظار احمد المستغربة يكمل بقناعة : تحسبا لأي امر طارئ قد يحدث فذالك الرجل فؤاد قد يعود للبحث عنها هنا ، وفي عقله – واقسم هذه المرة لن ينجو الا بأعجوبة !!



احمد ارتاح للفكرة فنعم هو لا يضمن ما يمكن من الممكن ان يفعله ذالك المعتوه فؤاد ليوافق على الفور : حسناً كما تريد .

آهة ارتياح وهو مغمض العينين : حسناً في هذه الحال سينزل السائق ايضاً ولكن اخبر – ولازال اسمها يعبث بقلبه و يبث فيه شرارات حاااامية ستسبب يوماً ما انهياره – مريم - أن هناك شخص معنا فلتخرج لتراه !!



يخرج من الباب في ظلمة الليل ولا صوت الا صوت الحشرات ، يشير لسعد بأن ينزل و يُحضِر الامانة : فماذا انتي فاعلة الان يا مريم ستطيحين بي اقسم

!!





كانت ورائه تقف متفرسة فيه تائهة البصر و عمياء عن رؤية كل من هنا وكل فينة و اخرى تهز رأسها غير مصدقة و قد اخرسها بكلامه فيا لحرجها و خجلها أحقا قد طلب منها الزواج ؟!!

قلبها يرتعش كورقة خضراء ندية و عيناها قد عانقتا البسمة الموجوعة اخيرا و القلب يهوى غريبا !!

صوت سعد الخافت وهو يلقي بشيء بين يدي يوسف ليعانقه بقوة فيلتفت لها وعيناه تقابلان عيناها

وشهقات من من حولها و بكاء و سعادة و فرح وكأن الدنيا قد بدأت بالرقص الصاخب حولها وهي تلتقف ذالك الجسد الصغير بين ذراعيها وقد بدا يفتح عيناه لتغيب عن الدنيا و صرخة مستوحشة غارت في صدرها و عطش السنين يلتهم مقلتاها لتبكي بوجع مرير حاضنة الجسد الصغير بقوة مستنشقة هواه مقبلة يداه رجلاه عيناه رأسه و حاجباه

والآآآآآآآآآآآآآآآآآآه يا حمووووووووووود يا قلبي انت يا حبيبي

لتنهال عليه مرة اخرى تقبيلا و احتضانا حتى كاد يتلاشى بين ذراعيها وهي تكبّر و تهلل و تشكر الله

والكل من حولها يبكي لبكاها ام وليد و هدى وحتى احمد وسعد

عيناه احمرتا من الحزن عليها وعلى قلبها الذي اطاح به الخسيس الغادر

عذبها و عذب صغيرها و عذبه هو

يراها بعينين جديدتين ليراها فيما مضى شاردة خلف باب المنزل لتهرب من عيناه

تنظر له بعينين شاكرتين ممتنتين فها هو احد كوابيسها قد غادرها توّاً تاركاً اياها لتعيش ببعض الراحة

لتهمس بالكلمات دون ان تنطق بها ليراها تعبر اليه في خفية عن كل من هنا ليُنزل رأسه في عبوس و ابتسامة لذيذة

لينطق حمود في تلك اللحظة : ماما مريم !!

اه اه اه لا تصدق قد عرفها وهي تصدر ضحكات مجلجلة جميلة عذبة لتمتص كل ما في جوفه من غضب على الدنيا

وهي تزيد من احتضان صغيرها و تقبله ناظرة الى الرجل المتفجر الرجولة بحبور و سعادة دافنة نفسها في احضان حمود

والكل سعيد و يبكي في لحظات لن تغيب عن بالهم مهما حيوا !!






بعد ساعة ترقد بجانب الجسد الصغير الذي افتقدته وهي تزيد من ضغطها عليه و تقبّله وهو قد عاد الى النوم بعد نوبة فرح قضاها في شد عنقها و قبلات على وجنتيها ليشعل نار جذابة بهما ، تلمه اليها تحت الغطاء امنة مطمئنة إنّ من ينام في الغرفة المجاورة سيحرسها و يحميها للأبد !!

فأي سعادة قد قدرها لها الله الليلة ، تنهض من مكانها لتتوضأ و تصلي لله شاكرة نعمه التي وهبها لها دونا عن سائر كائناته !!



أما من كان في الغرفة المجاورة خالعاً ملابسه المبللة بالمياه ليرمي بها على الارض حتى تجف و يغطي نصف جسده بذالك اللحاف الذي يبدو صغيراً ويد تحت رأسه والاخرى على بطنه يخطط لكل ما هو آتٍ صباحاً وهو يغمض عينيه ايضاً مبتسماً مطمئناً الى وجودها قريبة الى انفاسه الى ان يتحدا !!

لن تخمد ثورات أوصالي يا مريم قبل وصلك وسيكون ذالك اقرب من هدب عينيك !!

.

.

.

.



لم يستطع النوم بل لم يرده

كل ما يريده هو ان يتطلع اليها ان يتسلى معها وان يداعبها

نسي كل العالم من حوله و نسي حتى صغيرته التي وُلدت توّاً وكانت السبب في عودته !!

ام انه فقط قد عاد لحنين يشده مراراً و تكراراً أن عُد الى الوطن ، الى ارضك ، الى امرأة عربية من بني جنسه

تحمل نفس الدماء الهمجية !!

امرأة تتكلم لغته تشاغبه و تخاصمه و تحبه و تنام معه على كلمات بدوية لن يحتاج تفسيرها

حنين الى دم صبي ينتمي الى بني جلدته ينشأ رجلاً بينهم ولا يخاف في الله لومة لائم

قد يكون متهوراً و حساساً في آن معاً !

وداد لم تكن الخيار الأول لموعد له مع امرأة ، بسيطة التفكير و المظهر و متوحشة متهورة المخبر .!



نعم قد اختار زوجته جميلة و مشاغبة في سريره و سيدة مجتمع خارجه ،!!

امرأته يفتقد الوطن فيها وقد كان ذالك بمحض اختياره ولم يجبره احد عليه

يؤنبه ضميره حينما يفكر بها

سترميه بكل ما ستراه في طريقها إن علمت، بل يتوقع الأسوأ وقد يصل الى الفراق !!

يمسح على وجهه بكفيه مستغفراً وهو يجلس على فراشه المجاور لعروسه الجديدة الممدة والتي حرّكت اولى عضلاتها الليلة فهل اصبح نهوضها قريباً ؟!!

اقترب منها بهدوء حافي القدمين وهو يتثاؤب مغطياً فمه بكفه

نظر اليها عميقاً متفرساً في ملامحها الرقيقة فكل ما فيها صغيراً انفها الدقيق و ثغرها الصغير و رقة معصمها و نقاء بشرتها ولا ينكر جمال عينيها العسليتين : اهممم هذه هي زوجتي !

كان يتكلم مع نفسه بابتسامة يغلفها السرور لهذه النتيجة و يشعر بكلماته تلك بحقه فيها ولما لا؟!

بقوة شعر بها خلف ظهره تجبره على الانحناء قريباً من وجهها ليمر بكف يده على حاجبيها و ملمسيهما الناعم و يحرك اهداب عينيها و يرسم خط شفتيها ورقة انفها و ذقنها المدبب فينزل رويداً رويداً الى ذالك الجسد العامر بالأنوثة والذي قد اكتشفه يوما !!!

ينزل بأصابعه ممرراً اياها على عنقها الطويل واصلاً بهم الى مفترق صدرها ليكف عن العبث و بسرعة يلثم شفتيها بعذوبة - فغريب ما احمله تجاهك يا وداد !!

لا استطيع تسميته حباً فلم ينبض قلبي بعد به تجاهك ولا اجد التفسير الملائم لكل تصرفاتي معك !!

هل هي الرغبة فقط ؟!! اشتهيك نعم

اريدك و بشدة

فهل سينتهي كل هذا بعد ان احصل عليكِ ؟!!



يحرك كفه فوق شعره وهو يتنهد بحيرة لم يعرف لها قبلاً مثيلاً !!






كانت تحرك اهدابها بقوة وكأنها ستستيقظ في اي لحظة و تجعيدة رقيقة تكونت بين حاجبيها وهي تقاوم لتفتح العينين وهو واقف مترقباً هل ستفتحهما فقد اطلتِ النوم يا وداد فهل كان هذا هرباً من واقع ام الوهن قد اقتنص جسدك !

تقرّب اكثر بوجهه وهي فتحت عينيها قليلاً ولم تزعجها الاضاءة الخافتة في زاوية الغرفة ما اراحها اكثر في المقاومة و توسيع فتحة عينيها لتتكون صورة لرجل امام ناظريها غير واضح المعالم حتى بدأت القطع تتجمع و رسم الوجه يكتمل وضحكة مشرقة بالسعادة قد فرّت من شفتيه وهو يتهور ليهبط ويقبل جبينها في سرعة تصرخ فيه : هي هي هي ماذا تفعل ؟!!

يا الهي ما الذي تفعله هنا وما الذي افعله هنا

وما ان حاولت الحركة بقوة حتى تجمد وجهها الماً و هي تغمض عينيها ضاغطة بيدها على مكان جرحها الغائر

وقف مكفهر الوجه نادماً على فعلته قلقاً : وداد لا تتحركي فجرحك لا زال طرياً !!

آهة خرجت من شفتيها وهي تحاول التقلّب و دمعة حاربت كي لا تنزل امامه وهي تقاومها لترجعها مكانها وتفتح عينيها من جديد في استغراب لوجوده معها : سيد حازم ماذا تفعل هنا ليس لديك الحق وما هذا الشيء المتهور الذي فعلته عليك ان تخرج حالاً .. الآن !!

كانت حازمة وقوية النبرة بأمر منها عليه ان يغادر غرفتها

ليستقيم في وقفته مستفزاً بقوله : الحمد لله على سلامتك – زوجتي العتيدة !!

لطالما اراد ان يرمي بهذه القنبلة في وجهها حين تفتح عيناها ليتسلى بردات فعلها التي اختلفت بين الاستغراب و الصدمة و عدم التصديق ثم الانكار : ماذا ؟ زوجتك ؟!! مالذي تخرفه ؟!! منذ متى

ليجيب بذات النبرة المتسلية وهو يقاوم ابتسامة عنيدة : منذ زمن ويحرك يديه جيئة و ذهابا في كذب : لقد نمتي طويلا يا حبيبتي

لقد زاد عيار التسلية ليرتفع ضغطها و يحمر وجهها فلربما قد فقدت ذاكرتها لم تعد تذكر ما حدث وما يقوله السيد حازم بالتأكيد انه يخرف لتسأل متغضنة الجبين : منذ متى وانا نائمة

ليقول دون تردد في جدية تامة : منذ خمس سنوات وهو يعد على اصابعه اي انك الان في الثلاثين من العمر ، كبيرة ولكن لا بأس مظهرك لا يدل

مفتوحة الفاه وهي تصدق كل كلمة يقولها : يا الهي خمس سنوات ؟!! هل كنت في غيبوبة ؟!! واهلي هل يعرفون ؟!! ومتى ... تتردد في قولها وبعد غير مصدقة وهي تحاول جاهدة التذكر : منذ متى ونحن متزوجان ؟!!

إذاً قد انطلت عليها الحيلة بل الكذبة وهو لا زال يقاوم الضحكة العالية التي يريد ان يطلقها حالاً دون تردد ولكن بعد : نحن متزوجان منذ زمن قد اخبرتك ولكنك قد فقدت ذاكرتك !!

: لالالالا لالالا تكذب انت تكذب ، تصرخ فيه فجأة اخرج من هنا ايها الكاذب اخرج و هي تبحث عن شيء جوارها كي ترميه به فوجدت قنينة من الماء وقبل ان ترميه بها فتحتها و رطبت بها حلقها ثم اغلقتها ثانية وبكل الغضب تحاول رميها ولكن كان قد امسك يديها بقوة وهو يضحك عليها : ايتها الغبية فقط كنت اتسلى معك

تنزل يدها رويدا وهي تفتح عينيها عن وسعهما في براءة : اذا انت لست زوجي !! تضع يدها على قلبها وهي تقول : الحمد لله لقد اخفتني !!

كساه الحزن لوهلة وهو يقول بجدية : الهذه الدرجة لا تحبذين الفكرة !!

وكأنه قريب لها فعلاً تدفعه من صدره بكلتا يديها قائلة : كف الآن عن المزاح !!

يدير وجهه في الحجرة ممتعضاً فقد مَنَّى النفس بفرحتها و معانقتها للسماء لخبر مثل ذاك ولكن يبدو ان العكس هو الصحيح

يقوم من جلسته متبرماً متضايقاً وهي تنظر الى تغير مزاجه فجأة وهي تقول : اذا منذ متى وانا هنا ؟!!

يرد عليها ببرود كتلك النظرة القاتلة التي رماها بها : فقط منذ البارحة صباحا !!

أهلك قد كانوا هنا و سيحضرون صباحا

والى هنا يجب علي ان اغادر تصبحين على خير

يرتدي حذائه بسرعة و يزرر قميصه و يدسه في بنطاله تحت انظارها الخجلة المطأطأة وهي تتهرب بعينيها عنه تسمعه : تصبحين على خير يا ....... وداد !!

يخرج و يغلق الباب خلفه و يتجه الى سيارته ليقودها عائداً الى منزله تاركاً اياها في لجة من الأفكار الغريبة وهي تتلمس جبهتها ببطء و ريبة ثم تنظر الى السقف تتذكر كل ما حدث بالامس !!

.

.

.

.

في جوف الليل البارد و حفيف مطر يروي الارض بعد شمس الهبتها فتسقيها بعذوبة ناشرة عطور الطبيعة الخلابة برائحة تربة تبعث الحياة في النفوس

بينما كان يقف خلف ستار نافذته مُنحيّاً إياه جانباً كي يغمره مطر الليل الجميل سارحاً بنظراته ثم متبرماً بغيظ عائداً الى معدّاته الرياضية كي يتمدد على ذالك الكرسي الطويل و يتناول بيديه الاثقال الحديدية فيبدأ بالعدِّ و اللهاث الى ان يتعرق جسده




وتارة تاركاً اياهُ جالساً غير مرتاح البتة وهو يشرب كوب الماء المعدني الحلو و يسكب الكثير منه على بدنه

يشعر بالخسارة و البؤس

يشعر بأنه وغد

فما فعله اليوم مع البتول بعدما غادر يوسف قد جرحها بل كسرها !!

يبعثر شعره بقوة بين اصابعه وهو يلوي وجهه نادماً

قد شعر لحظتها بالنصر و السعادة ولكن بعدها شعر بالنذالة و الوقاحة !!

فكيف يفعل بها مالا ترغبه ، كيف يكشف عن شعرها و يجر حجابها بذالك الشكل البشع

ألم يكن يناديها يوماً بشقيقتي إذاً مالذي حصل له ؟!!

تحرك برشاقة و سرعة يدور حول نفسه في المكان

البتول الصغيرة ذات الضفائر الحمراء المجعدة قد غدت إمرأة مثيرة

غير واثقة ربما !!

يزفر بشدة مريحاً صدره من غمه ولو قليلاً فما هو فاعل ؟!!

تعجبه الصهباوات كما تعجبه سوداوات الشعر ربما لتناقضهن مع شقاره و بياضه

ولكن لما البتول !!

تباً لي و لأفعالي المشينة حسناً قد اصبحتُ معتدياً يا لعاري !!!

يضرب بيده بقوة ضربات متتالية على كيس الملاكمة المعلق في الغرفة نافثاً كل غضبه فيه

وان فعل و رغبها فهما لن يتلائما

فهي من دين وهو لا دين له

هي تؤمن بوجود إله وهو وجودي لا إله له غير الطبيعة فمنها خُلق واليها سيعود

لا يؤمن بالحساب و الجزاء و العقاب بعد أن يلمه القبر بل سيندثر كأي كائن قد مات ولم يعُد !!

فأي معادلة صعبة قد وضع نفسه فيها وهو يغمض عينيه لتمر عليه تلك اللحظات الخاطفة المثيرة لإشمئزازه !!





قبل ساعات .....



بعد أن أوصل يوسف إلى المطار وهو من غادر على عجل مودعاً بسرعة كل من حوله و امه التي تبكيه وكأن الدنيا ستطير ليحجز بين عشية و ضحاها و يغادر ولم يعلم أحد لما يرحل فجأة !

كان واقفاً جانبه وهو يودعهم وهي تقف هناك على السلالم تجر دمعاتها و تمسح بمنديل تحمله بين اصابعها انفها وهي لم تقترب لمعانقة ابن خالتها او تقبيله وداعاً بل اكتفت بقول مع السلامة فقط !!

لا زالت ترتدي ذالك اللباس الأبيض الذي يظهرها كملائكة شفافة رقيقة و الغطاء ينزل الى ركبتيها لم يُظهر منها شيئاً سوى وجهها المثير !!

قد علم في وقت سابق من اليوم أنها قد ترمّلت !!

إذاً فما الذي يبقيها هنا لما لم ترحل مع يوسف ؟!!



اوصل يوسف الى المطار في موعده يودعه على امل اللقاء به وفي طريق عودته وهو ينظر الى شمس الغروب لتسول له نفسه امراً فلما لا يكشف عنها بنفسه وما تخبأه ؟!!قد نقض الامانة التي أمّنه اياها يوسف بوصيته له عن امه و البتول وها هو يخون تلك الامانة بقلب بارد لا يرغب الا في العبث بها !!



يرجع الى القصر و يفتح له حارسه الباب ليدخل داعساً بتهور على الفرامل موقفاً اياها فجأة وصريرها يصم الآذان !

من كانت في الحديقة الخلفية البعيدة عن الضجيج ترفع رأسها الى السماء في مناجاة لها مدققة البصر في نجومها اللامعة الكثيرة التي تفرقت بها و بضع غيوم قد بدأت تتجمع منبأة بمطر نافع ان شاء الله

اذا قد ترملت ؟!!

تطرق بكلتا يديها على طرفي كرسيها تبتسم في الم على اهلها الذين يظنون انها منهارة وقد اغمي عليها من شدة الصدمة وهي الان تعاني من موت زوجها ، تضغط على شفتيها بقوة ذالك المنحط السافل مأواه جهنم و بئس المصير !

ولكنها السبب في قتله !! وان لم يعلم الا يوسف و ياسمين فهي في نظر نفسها قاتلة و مطلوبة !!

تتنهد بشدة مرة اخرى وهي ترفع بصرها لتجده امامها و قد قفزت فورا الى مخيلتها عبارة يوسف ان لا تجلسي امام دانيال !!

حاولت النهوض بسرعة تحت انظاره المصرة ولكنه قد منعها بالقوة وهو يطبق على جانبي الكرسي بيديه محاصراً اياها بين الكرسي و صدره !

تفاجأت من تصرفه وهي تحدق النظر به قائلة بحدة تخالف رقتها التي عهدها : دانيال ابتعد عن طريقي !!

وكأنها في تلك اللحظة تلك الفتاة الغريبة التي يريد اكتشافها وليست ذاتها قريبته محدقاً النظر الى وجهها و عينيها قائلاً بوقاحة : ولما ؟!! انا مسرور هكذا !!

: ارجوك لا تتحامق معي و اتركني ادخل والا صرخت لتحضر خالتي و تعطيك ما فيه النصيب !! وهي تنظر له بحاجب مرفوع

وهذه المرة قد تخطى حدوده فعلاً وهو يجرها الى صدره ليطرق قلبها بعنف و خوف وعينيها المفتوحتين عن اخرهما : اذا اصرخي و سترين بأي طريقة ستخرسين ، كان ينظر الى شفتيها بتهديد !!

تحاول ان تدفعه عن صدرها وعطره قد تخلل خلاياها وهي تتصنع القوة وعدم المبالاة فهو قد جُن لابد انه قد فقد عقله : هل جننت مالذي تفعله انا قريبتك مثل اختك

ليصدر صوتاً معارضاً من بين اسنانه : ليس بعد الآن يا صغيرتي !!

تصرخ فيه بقوة : اتركني الآن قبل ان اصفعك

علمت أنكِ قد ترملتِ لابُد انك تجلسين هنا تتخيلين زوجك يا حرام

اذا كان هناك اي رغبات ، اي رغبات ، يمكنني تلبيتها لكي عزيزتي ؟!! نظرة ماكرة يشملها بها يريد اغوائها

ايها الوقح كيف تتجرأ ؟!!

وبسرعة قد شد الغطاء عن رأسها كاشفاً عن شعرها الأحمر المجعد بطبيعته اللامع لمعة تخطف الانفاس وهو ينظر الى وجهها مخطوفة الانفاس غير مصدقة و محدقة به و شفتاها قد ابيضتا رعباً : ما اجملك !!

كان يقترب اكثر منها وهي تنتحب و تبكي و تدفعه بعيداً كانت كالخرساء فقط تبكي ولا تنطق حتى خارت قواها تماماً من المقاومة العديمة الجدوى

ليفطن لنفسه قبل ان يدنّس انفاسها بقبلته المجنونة يتراجع بسرعة وكأن شيطاناً كان قد ركبه و زين له سوء عمله وهو ينظر لها في رحمة و ندم فيبتعد بخطواته بعيدا وهو يتهرب بنظراته : آسف

تاركاإ اياها منهارة و ضعيفة تئن وتبكي حالها و انتهاك حرمتها !



وهو قد فرّ هارباً من أمامها عاضّاً اصابعه ندماً فماذا فعل ؟!!

احمق يالي من حقير

يركب سيارته و ينطلق بها بغضب مبتعداً عن القصر و اهله حريصاً على ألاَّ يعود طوال فترة اقامتها هنا ، فهل سيفي بالوعد ؟!!





نهاية المشهد السابع و العشرون .


 
 

 

عرض البوم صور اسطورة !   رد مع اقتباس
قديم 14-02-14, 05:09 PM   المشاركة رقم: 40
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: May 2011
العضوية: 224710
المشاركات: 3,261
الجنس أنثى
معدل التقييم: اسطورة ! عضو جوهرة التقييماسطورة ! عضو جوهرة التقييماسطورة ! عضو جوهرة التقييماسطورة ! عضو جوهرة التقييماسطورة ! عضو جوهرة التقييماسطورة ! عضو جوهرة التقييماسطورة ! عضو جوهرة التقييماسطورة ! عضو جوهرة التقييماسطورة ! عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 1223

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
اسطورة ! غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : اسطورة ! المنتدى : القصص المكتمله
افتراضي رد: حارس العذراء الكاتبة / ايفا آدم

 





المشهد

( 28 )



فكلُّ السنوات تبدأ بكِ..

وتنتهي فيكِ..

سأكونُ مُضحِكاً لو فعلتُ ذلك،

لأنكِ تسكنينَ الزمنَ كلَّهْ..

وتسيطرينَ على مداخل الوقتْ..

إنَّ ولائي لكِ لم يتغيَّرْ.

كنتِ سلطانتي في العام الذي مضى..

وستبقين سلطانتي في العام الذي سيأتي..

ولا أفكّرُ في إقصائِكِ عن السُلْطَهْ..

فأنا مقتنعٌ..

بعدالة اللون الأسود في عينيكِ الواسعتينْ..

وبطريقتكِ البَدَويَّةِ في ممارسة الحُبّ..


( مخطط لاختطاف امرأة : نزار قباني )




المـــــواجهة الســـــابعة عشــــــرة



دغدغات مداعبة و محاولات فاشلة لفتح عينيها بأصابع يديه الصغيرتين بالقوة يلصق خده بخدها

كذالك هو الصغير الذي لا يفهم في الحياة شيئاً قد افتقدها

قد شعر ببعدها عنه وانها الآن هنا تدثره بجسدها ضامة اياه بذراعيها بقوة الى صدرها مصدقة انه معها



تفتح عينيها وهي تبتسم و تضمه اكثر حتى تكاد ان تحطم عظامه من شدة قبضتها وهي تتنهد و تتلمس وجهه

قد تغيرت يا حمود

قد كبرت

تعرف الآن كيف تنطق ، حتى اسمي لم تنسه ، وهو يتشبث برقبتها ويعتدل جالساً بعينين مفتوحتين على وسعهما وكأنه لم يستيقظ من النوم تواً فالوقت جداً جداً مبكر و أم وليد لا تزال تشخر في نومها و البيت غارق في الظلام

تحاول ان تسكته وهي تهمس بشفافية : اششش حمود يجب ان تنام لا تزعج جدتك !

ولكنه لم يكف عن الضحك وهو يصيح بصوت عال وهي تحاول ان تكمم له فمه وهي تضحك بسرور و غبطة : ماما هل استيقظتِ !!

يا الهي كل هذا ولم استيقظ بالطبع قد استيقظت وهي توشوش له وهو كما هو كأنهما وحيدان قفز من الفراش ليهرب خارجاً

وهي تنهض بدورها مسرعة خلفه تحاول الإمساك به وهي تهمس و تجري خارجة من الغرفة وهي تنادي بصوت منخفض : حمود ايها الشرير عد الى هنا فالجميع نيام و الوقت مبكر

اوقفتها تلك الشعلة التي انطفأت لتوها على الأرض كي يغمر الظلام المكان وهي تحدق النظر الى الرجل العاري الصدر والذي استكان حمود بين ذراعيه و هو يلاعبه بصوت هامس محذراً اياه من الكلام بصوت مرتفع

صمت و صمتت

يهمس وهو يرى خيالها الأسود : حتى في الظلمة تبدين كخيوط نور يا مريم

كلمة واحدة و همسة واحدة تذيبانها

تسمرت مكانها وكأن الارض قد التصقت بها غير واعية مخدرة تغلق عينيها هائمة

أطلق سراح حمود ليتجه نحوها واقفاً امامها محطماً اسوار العادات و التقاليد أدار رأسها برائحة عطره و سيجاره و همسه و صوته وحرارة انفاسه العذبة القريبة من وجهها اوقعتها في الشرك وهو يمد كفه ليعانق جانب وجهها العذري : هل انام وانت على بعد انشات مني !! هل لرجولتي ان تصمد حتى تشرق شمس الصباح !

مريم

همسة متحشرجة غائبة عن الوعي تخرج من حنجرته بعد ان جرحه قربها : قبّليني !!

دفيء لذيذ وحانٍ وكأنها فوق غيمة قطنية حالمة و ما ان سمعت دعوته حتى استفاقت من حلمها مرعوبة وهي تحدق البصر فيه وقبل ان يمسح وجهها بقبلته وضعت يديها بسرعة



على صدره تبعده عنها وكالقشعريرة التي سرت في بدنه و كهرباء مميتة في جسدها من تلك اللمسة السحرية

فهم مقصدها و ابتعد عنها غائم العينين وهي مكتومة الأنفاس فلو شهقت الآن لخرج كل من في المنزل من غرفهم وهي تغلق فمها بيديها خرساء مشدوهة يجذبها بسرعة من مرفقها قريبة من صدره وهو يخفض رأسه لمستواها ليتبين ملامح الرعب و الخوف و دموع ترقرقت في عينيها ببحة هامساً : سنتزوج .... اليوم !

كان القرار قراره و لن يحيد عنه

فصغيرته جسداً و روحاً عادت فما الذي سينتظره !

يحررها دافعاً اياها في شدة صدمتها و قلبها الذي تخلى عنها ليعلن الولاء و الطاعة وهو يدق في حلقها قارعاً طبول حرب شعواء ناطقاً : ادخلي الآن قبل ان يحصل شيئ ليس في الحسبان !



هل تذكر تلك الملامح الصادمة

لحيته و شانبه و عيني القط تلك و خصلات شعره المبعثرة و جمال جسده !

هل رأت رجلاً قبلاً مكتمل الرجولة و الفحولة مثله ، أبداً ، قد بعثرها ولن تستطيع لملمة اطرافها الموجوعة بلمسته

تكاد تحترق وهي تبتعد و تختفي جالسة في الحجرة متدثرة بقوة بلحافها

اسكرها حتى ما عادت ترى حمود اين هو ؟!!

دوار و حرارة تكاد تشتعل في جسدها وقد اصابتها رجفة السقم !

أحلم أم حقيقة أنت ؟!!



وعاد هو الى جلوسه هناك محتضناً الجسد الصغير الآخر بين ذراعيه فهو سيكون صغيره و سيعلمه الرجولة فكيف به ان يهمل قطعة منها وهي كلها له

يتنهد بحرارة شوقاً الى احضانها

فسيدة حياته تحتاج ان تتعلم الحب !

لن يقبل ان تقف امامه كالصنم فهو سيعطي و يأخذ بالمقابل و ستحبو اليه طالبة .... قُبلة !!




ارتفع آذان الفجر ليوقظ الأنام و يطمئن القلوب و يفتح الأجفان !

يدخل الى الحمام الصغير كي يمسح جُرماً قد أحبه و يتوضأ كي يخرج الى المسجد القريب من الحي للصلاة

وما هي الاّ ثوان حتى استفاق احمد من نومه ليتلاقي الاثنان على عتبات الباب خارجان للصلاة مصبحان على بعضهما البعض وكل منهما قد ارتاح الى الاخر !

من كانت لا تزال مصدومة باهتة الالوان بل ممتقعة فاللون يأتي و يهرب من وجهها مرة تحمر و مرة تبيض ، تنتبه الى العمة عائشة وهي تقول : صباح الخير يا مريم و تنهض من مكانها متوجهة الى الحمام وبعد برهة تقف من مكانها هي الأخرى لتتوجه الى الحمام كي تتوضأ وهي تتسائل بوجل و خوف دمرا قلبها : هل يجوز لها أن تصلي بعد لمسته ؟!!

هل ارتكبت اثما ؟!!

جلست تستغفر ثم اقامت الصلاة .



صباحاً ندياً بهواء نظيف و صوت طيور مغردة و نسائم باردة عليلة ورائحة الشاي بالحليب تعبق في المكان و طعام الإفطار أيضاً قد جهز فرغم ضيق الحال فقد اعدت المرأتين ما تستطيعا من طعام للرجال بينما حمود كان يحوم حولهم ويلعب بالأطباق و كوب الحليب أمامه ونصفه مسكوب على الأرض .

تنظر له مرة اخرى : ها قد رجعنا سوية يا حمود ولن ينتزعنا احد من هنا وهي تبتسم بحبور : إلاّ ذاك الغريب !

وهي تقطب حاجبيها فكيف الى الآن لا تعرف هويته وما اسمه ومن يكون !

استسلمت فقط لمشاعر لم يمنحها لها اي رجل قبله واي رجل هو هذا !



كان كيوم عيد و البسمة تفر من اعين الجميع و الاطفال قد استفاقوا من وقت واول ما فعلوه هو الهروب خارجاً و اللعب في الحي و الصراخ و الجري و تفريغ طاقات صغيرة !



وكتخطيط لهذا اليوم وهو يتحدث الى امه : امي سنزور وداد اولاً في المستشفى ثم سآخذ هدى كي ترى وليد في السجن !









لتعارضه بقولها وهي تنظر الى هدى مستغربة : هدى لن تذهب الى السجن اذا اردت اذهب لوحدك لن تدخل النساء الى السجن !

تنهدت هدى بقلق فرد عمتها هو ما توقعته تماماً لذالك اصرت على الذهاب و زيارة وداد



أما مريم من كانت جالسة وهي متحمسة تريد زيارة وداد و رؤيتها و عناقها حتى تذوبا في بعضهما البعض فطعنتك كانت لأجلي يا وداد هل سأنسى ذالك يوماً !

وقبل ان تنطق تسمع صوت حمحمة رجولية اخافت قلبها لينبض بقوة تكاد توقفه عن عمله وهي توزع نظرها بخوف : هل لاحظ احدهم ما يحصل لي ، هل يسمعون دقات قلبي



بعد قلق و قضم اظافر و رهبة وهي تنظر باتجاه الباب و هدى تغلق ازرار جلبابها و ترتدي حجابها مستعدة للذهاب الى وداد تنظر في وجل الى وجه مريم الممتقع : مريم ما بك ؟! هل اصابك مكروه ؟!!

حركت رأسها بلا ، المكروه هو ما يحدث داخل قلبي وهو يكاد ان يتفجر و خداها يشتعلان نارا وهي تكاد تموت لتسمع ما يقول لأم وليد و أحمد !!

إلاّ أن قالت : كنت اريد زيارة وداد !

بحاجب متسائل ترد الاخرى : إذاً ؟!!

: انتظري قليلاً فقط حتى نرى !!

: نرى ماذا ؟!!



وجه متهلل ومستبشر وهي تكاد تزغرد في المكان لولا ان ابنتها في العناية و موت خالد وهي تقول بصوت مهزوز فرحة لتلك اليتيمة : الرجل قد طلب يدك منا وهو مستعجل وقال ان وافقت الان يريد ان يكون الزواج هذا النهار !!

عينان مفتوحتان عن اخرهما تراقبان نهاية الحديث ولكن لابد وانه انتهى ، وهدى تقول : عمتي لا نعرف اسمه حتى !

من اين هو ومن اي عائلة !! ماذا يعمل ؟!

هل سيطلب يدها و نوافق وفقط دون معرفة شيء عنه




وهل يهم لتلك الصغيرة كل تلك التفاصيل الغبية !

لترد العمة وهي لم تكترث لكل تلك الاسئلة : يقول سيأتي بإحدى قريباته لتخطبك و تجهزك مرة واحدة وهي تعقد حاجبيها من مفاجأتي لم انتبه و لكن اعتقد انه قال ان اسمه يوسف وانه من عائلة معروفة و مهندس يملك الكثير من العقارات والاهم يقول أنه سيهتم لمريم و حمود !

وهي تهمز رجل مريم – من كانت تسبح في الملكوت هائمة - وتقول في حكمة : مريم انتي مثل ابنتي و اخاف عليكي مثلها و انتي تحتاجين رجلاً حقيقياً ليقف بجانبك وهذا الرجل ماشاء الله مال و جمال و اخلاق !

اعرف الناس من وجوههم وهو قد اتى من الباب وليس بطرقٍ أخرى

لا تفوّتي هذه الفرصة

حتى الزواج إن تم اليوم لا تعارضي فنحن لن نقوم بعمل عرس كبير فبالأمس فقط قد جاء الناس لعزاء خالد !



ابتلعت ريقها مراراً و تكراراً وهي تحاول استيعاب ما يحدث

يوسف

يوسف

اسمك يوسف

الله ما اجمل اسمك

تهمس به من بين شفتيها التي قاربت على تقبيله صباحاً فأي جنون يحدث معها اليوم



وهدى قد انفرجت اساريرها أخيراً وهي تضحك و تبارك

فيا لبساطة هؤلاء الناس وجمال روحهم الطيبة !

: يا الهي ماذا سنفعل و كيف ستتزوجين بدون وداد و ما العمل في الزينة و الملابس

كانت تفرك يديها قلقاً وهي تحاول ترتيب افكارها متناسية بتاتاً أن زوجها في السجن حالياً

ولكن الوقت لا زال مبكراً فالساعة لم تتجاوز الثامنة بعد !






وتلك تجلس كالعروس الخجلة الغير مصدقة تهمس من بين شفتين جافتين وعينين اغرورقتا دمعا وهي تحاول مسحهما بطرف فستانها و الاخرتان تنظران اليها في وجل : ليس عندي اي اوراق ثبوتية !

ترتفع ضحكة السيدة عائشة في حب وهي تتجه الى خزانتها لتخرج منها صندوق صغير تعرفه مريم عن ظهر قلب وهي تقول وهي تسمع شهقات بكاء مريم وهي تلم الصندوق الى صدرها و تفتحه لتخرج تلك الأوراق و الصور الصغيرة كلها : حاول الجيران انقاذ ما يستطيعون انقاذه بعد ان ... صمتت لتتجاوز الكلمات ..... المهم انهم قد اخرجوا هذا الصندوق من خزانتك كما اخرجوا لك بعض الثياب .

تتعالى الشهقات وهي تنظر الى صورة جميلة و ضاحكة لحبيب قد غادرها للأبد وهي ترى محياه يملأ الصورة بوجه صبوح جميل تلمه لصدرها بينما لمّتها الحاجة عائشة الى صدرها مواسية لها هي الاخرى .



في الطرف الاخر من المنزل كان في الخارج يجري عدة اتصالات مهمة

اتصال مع مجدي !

اتصال مع هناء التي لم تفهم ما الأمر ولكنها قد قالت السمع و الطاعة لخالها الحبيب وهي تضحك !

و اتصال مع سعد

ونظرة الى المنزل المقابل !

.

.

.

.



قد ضاقت عليه الارض بما رحبت وهو يدور كالمجنون في غرف منزله

لا يريد الصعود ومواجهة الياسمين مرة اخرى فهذه المرة ربما سيتهور و يدفنها في غرفتها ولن يعلم احد

ووجهه مليء بالبقع الزرقاء و شفته متورمه و رقبته وكأن حبل قاتل قد اطبق عليها

هو غاضب حتى الجنون ولم يرى يوسف حتى الان جنونه على اصوله

يرتدي ملابسه سريعا وهو نافر حتى من نفسه فالغاية هي الان ان يحرم يوسف ممن يبحث عنها

سيأخذها من مخبأها الجميل الى مكان آخر اكثر سرية و انفتاحاً !

لن يتغلب عليه يوسف وهو يضرب الباب بقبضته يريد تكسيره و عيناه لو بهما شراراً لكان احرق العالم بما فيه

فكيف به ان ينهزم و يُضرب و يُهان في عُقر داره ؟!!

هو الرجل القوي المقتدر والذي بكلمة منه تعدم الرجال كيف استسلم لتلك الضربات القاتلة الغاضبة فمن حسن حظه انه لا زال على قيد الحياة

يقود سيارته سريعاً وهو يحاول الإتصال على صاحبه من يحتفظ بحبيبة يوسف لتجهيزها و المغادرة سريعا !

ولكنه لم يتلقى اي رد يشفي غليله : ما به هذا الاحمق لا يرد !! وهو يرمي بالهاتف بقوة على المقعد جانبه



وصل ليقتحم المنزل بسرعة و قوة و تصميم فلحظة عقاب يوسف قد اقتربت و بقوة

ولكن قد ابطأ الخطى وهو يشم رائحة كريهة تسد الانوف وهو يرفع كفه الى انفه محدق النظر متقرف ملتوي الوجه ولسان حاله يقول : ما هذا ؟!! ما هذه الرائحة العفنة !

ما كانت الا رائحة الدماء القوية التي عبق بها المنزل ليجد رجل يجلس بجانب جسد صغير مضرجاً بالدماء مرتمياً على الأرض ، للحظة لم يصدق عينيه لينفض رأسه مراراً وهو ينظر الى ذالك المنظر المقزز وعلي يلتصق بأمه و يلمها الى صدره مغمض العينين

يتجه نحوه صارخاً ضاناً انه قد قُتل و عيناه امتلئتا دمعا : علي ، صوته كان عالياً مصدوماً وهو يحاول دفع علي عن ذاك الجسد فلمن هذا الجسد اهو لمريم !

: علي ، ينفضه و يدفعه بقوة وضارباً على وجهه بيده و هو يجس النبض بتوتر يكاد يفقد اعصابه

سيجن ما هذا الجنون

و بقايا الجسد قد التصقت بالجدران

يبحث في خوف و جسده قد تعرق عن اي ضربة تكون قد اصابت الراقد الغائب عن الوعي ولم يجد

يهزه بقوة ممسكا بذراعيه : علي علي هييييييييييييه علي استفق ايها الاحمق ماذا جرى هنا ما هذا ؟!!




يريد ان يفهم يكاد رأسه ان يطير من الصدمة وهو ينظر ببلاهة الى المنظر و الدماء الداكنة المتجمدة

ليستفق الآخر بعينين ناعستين متعبتين وجاف الريق لا يستطيع الكلام يبدو كمن اصابته سُكرة و هو يردد و ابتسامة غبية ترتسم على شفتيه وهو يربت بيده على الجسد الملقى بجانبه : هذه ..... أمي !

ضحكة مجلجلة اصمت اذن الآخر الذي فتح عينيه صدمة وهو يرُجُه : يا الهي ماذا فعلت ايها المجنون قتلتها ، قتلتها

صوتاً معترضاً و اصبعاً مشاركاً في الاعتراض : لا ، لا مخطئ هي قد قتلت نفسها

هي تكرهني و قتلت نفسها بسببي

الصدمة اسكتته و هو ينهض ممسكاً برأسه و عيناه تكادان تتدحرجان ارضا : لماذا ؟ يا الهي ما هذه المصيبة منذ متى ؟!!

: منذ يومين

: ايها المجنون لما لم تخبرني لما لم تتصل

: اتصل ؟!! لما ؟!! امي وقد ماتت بسببي اتصل بك لما ؟!

كي ندفنها بالسر و الخفاء كما فعلنا مع كل من قتلناهم !!

ليصرخ الاخر لبروده : هل جننت ، ماذا اصابك قد قتلت نفسها يعني انها ستدفن مثل غيرها و نقيم لها عزاء

باستفهام وكأنه لا يفهم : عزاء ؟!! لمن ؟!! لن يأتي احد لعزائها انت تعلم وهو يصدر ضحكة استهزاء : فعائلتنا قد تخلت عنا !



يكاد ان يمسك بعلي ليخرج روحه من جسده هو الاخر و يرتاح : لم يتخلى عنكم أحد فأنا هنا ايها المجنون

كان محمر الوجه محتقنا ويكاد ينفجر من الحزن و الهم عليهم !

يتكتف الاخر وهو يلوي ساق على ساق وكأنه في مقابلة عمل و الدماء الجافة تملئه ويقول باستهزاء : نعم انت هنا ، انت هنا فقط من اجلك ، من اجل مصلحتك ، انت لست عائلتي ولم تكن يوما

: علي ما هذا الكلام هل جننت تعلم كم اهتم لك و بخالتي !!

: هممم تهتم لنا ؟!! منذ متى ؟!!



يطرق على صدره طرقا مدمياً متواصلاً وهو يصرخ بجنون و صوته زمجر في المكان غضباً و ارتياعاً : منذ متى ؟!! انتم السبب لما حصل لنا ، منذ ان طردتمونا بعد وفاة ابي لم يعد لنا سند !

اتذكر كيف جررتم امي خارجاً وكأنها قمامة و ضربتني حتى كسرت لي ضلوعي !

اتذكر انني قد جئت لكم زاحفاً راكعاً لاعقاً الايادي ..كالكلب ... حتى ترضون عني !

حتى ان اسمينا لم يعودا موجودان في السجلات لقد محوتومونا !

يضرب على صدر فؤاد المفتوح الفاه بقوة : انتم السبب انتم انتم

اخرج الان من هنا و سأغادر هذا السجن العقيم واغادر قذاراتك ووساختك

يدفع به خارجا بقوة والاخر لا يريد ان يغادر تاركاً اياهما هنا : سأدفن امي و اغادر البلاد للأبد لا اريد رؤيتك اخررررررررررررررررررج

لو كان بيده الان لقتل فؤاد ولكنه لا يريد ان يقتل اخا قد رباه والده الغالي !

اما من خرج من الباب مترنحاً وكأنه قد خسر الدنيا والآخرة و رأسه يدور و يكاد يسقط باكياً

يخطو ببطء تجاه سيارته منبوذاً وحيداً حتى اخاه غير الشقيق والذي احبه دون ان يدري يرمي به خارجاً من حياته

ممتقع اسود الوجه وهو يرفع هاتفه الى اذنه متصلاً بالشرطة و الاسعاف !!

يغادر المكان الى غير رجعة ووجهه تملؤه دموع الخيبة و الحزن موقناً انه الخاسر الاكبر في لعبة اخترعها بيديه !

.

.

.

.



في منزل السيدة عائشة ام وليد وهي تقف في المطبخ تقلب على مهل الوعاء المليء بالسكر و الماء !

فهي قد قررت ان تقوم ببعض عمليات النظافة على جسد مريم ووجهها ستخلصها من كل الشوائب العالقة بها حتى تلمع

وستقوم لاحقا بتنظيف حاجبيها الغليظين !



اما من كانت تجلس في الغرفة الاخرى لا تعلم رأسها من رجليها فهل من الجيد ان تجري الامور بهذه السرعة ؟!!

هل يحق لها ان تفرح و اخاها ميت وغير معروف بعد مكان دفنه ؟!!

كما يدور في خلدها سؤال مهم جدا اقض مضجعها : كيف عرف بمكان حمود ؟!!

على تلك الافكار المقلقة وهي تقبض على شفتيها بأصابع يديها تدخل عليها السيدة عائشة بتلك الطنجرة الكبيرة المليئة بسكر البنات و تأمر مريم ان تخلع ملابسها ، قد تبدأ عملها وتنهيه في ساعة ان استطاعت فمريم ضعيفة و رقيقة و صغيرة الحجم ولن تكلفها وقتا كما عليهما تنظيف المنزل و تجهيزه للضيفة المرتقبة

حاليا قد نسيتا اي مشكلة سوى التجهيز للعرس المفاجيء



بينما كانت تنام على بطنها و الحاجة عائشة تفرد الحلاو على ظهرها ويديها تحت ذقنها : عمتي !!

: هممم ترد الحاجة وهي في اوج تركيزها ويداها تتحركان في سرعة و خبرة حتى ان مريم لم تشعر بألم شديد من خفة يداها !

كذالك وداد يداها خفيفتان كأمها لطالما جلستا سويا كي تقوما بعمليات تنظيف لنفسيهما و جسديهما بأقل الامكانيات الممكنة وممما ساعد ذالك الوقت ان وداد كانت تعمل في المزين فهي خبيرة بالتزيين و التنظيف !

: عمتي ماذا سأرتدي عندما يأتي الضيوف ؟!!

تعرف أنه سؤال سخيف ولكنه ضروري كيف ستقابل هؤلاء الناس من يبدون اعلى مكانة منها هل ستلبس تلك الثياب البالية و تسكت ام ما الحل ؟!! ارقها التفكير في ذالك !!

ولكن طمأنتها الحاجة عائشة وهي تتوقف قليلا و تبتسم في ظهرها وهي تمسح يداها في منشفة جانبها و تقوم من مكانها متجهة الى خزانة وداد و تفتحها لتخرج منها بعض الاغراض

تستقيم مريم في جلستها ناظرة اليها في ود : عمتي ما هاذا ؟!!

بينما الاخرى تناولها الملابس في يدها وفي حبور و فخر تقول : وداد كل فترة كانت تشتري لك الملابس ! ما ان سمعت ذالك حتى اصابتها غصة حارة و عينها تجمعت الدموع بها لتكمل الحاجة : انها كلها جديدة اشترت لكي فستانين للمنزل و اخرى للخروج و صندل ارضي و اخر عال !




تريها الاغراض لتفتح مريم عينيها و فمها ذهولا : وداد لم تفقد الامل في رجوعها بل كانت تُحضّر له !!

يا حبي لكِ يا وداد متى سأراك ؟!!

.

.

.

.

من كانت تستمع في ذهول و تبكي معترضة على بقائها في المستشفى تريد الخروج حالا والان قبل ان تنزع تلك التغذية عنها

فكيف لكل ذالك ان يحصل ولا تعلم

كيف لمريم ان تعود ولم يبلغوها

وهي تصرخ في الدكتور الواقف يريد تهدئتها : آنستي توقفي الآن والا اذيتي نفسك

وهي تصيح في وجهه آمرة : اخرجني الآن الآن لا اريد البقاء هنا هيااااااا

صراخها ازعج الطبيب و احرج هدى و اقلق حازم من كان في الخارج ولم يدخل بعد وهو يجلس مكتف اليدين على صدره وهو يسمع ثورتها الخارجة عن السيطرة ولكنه يسيطر على نفسه بالقوة كي يدخل و يسكتها وفي ذات الوقت لا يريد ان يزيد عليها الوجع بمعرفتها بزواجهم فهو سيؤجل هذا الاعتراف و المفاجأة القاتلة لها لما بعد



وفي الداخل قرر الطبيب ان يطلق سراحها بشرط ان توقع على اوراق تحملها المسؤولية كاملة في حالة اصابها مكروه

وطلب منها الراحة التامة و النوم ومحاولة المشي بعد يوم على الاقل حتى لا يصيبها الدوار

اتسعت شفتيها فرحاً و انتصاراً وهي تنظر الى هدى المحمرة من الخجل !



ينزع الطبيب التغذية من يدها و يخرج ليحدث من يعرف انه زوجها فيدخل الاخر هذه المرة على مهل الى الغرفة محدقا بوجهها البشوش و ابتسامتها الجميلة وهي تزيح الاغطية عنها كي تقوم وقد فاجأها بدخوله لتقول : سيد حازم اما زلت هنا ؟!!




تغضن حاجبيها غير معجبة بالوضع تلوي شفتها امتعاضاً وهي تنظر الى هدى التي خبأت وجهها في تلك الحقيبة التي تلملم بها الاغراض تاركة الامر لهما

فيما اقترب حازم يقف امامها بكل هيبته وطوله وهو يحدق بها في وقار قائلاً : قد صممتي على رأيك و خرجتِ ولكنك لن تمشي على ساقيك !!

لم تفهم وهي تحرك رأسها اعتباطاً ولم تشعر الا وهي بين ذراعيه يحملها وهي تتشبث في رقبته وقلبها اخذ يدق بعنف لم يسبق له مثيل وهي تبلع ريقها وتقول في غضب : ماذا دهاك ؟!اتركني اتريد لأخي الان ان يأتي ليطعنني حتى الموت اتركنيييييي ، اخذت ترفس بين يديه وهي تقول : هدى لقد جُن الرجل قولي له ان يدعني

ولكن هدى من كانت تضحك في سرها وهي تحاول كتم ضحكاتها علناً كي لا تشك وداد في الامر وهي تقول بصوت منخفض رقيق : وداد هو فقط يريد ان يريحك

تنظر لها مصدومة : ماذا يحصل لكما !! اتركني ايها البائس

ينظر اليها بشرر من كلمتها تلك لأول مرة تشتمه وهو يشدد على قدها المياس بين يديه ليقرصها في خصرها بقوة ويهمس في غضب : اصمتي الان و الا غضبت منك !

تتأوه ممتعضة وهي تضرب كتفه غلاًّ

اخرسها بكلامه ولم تجد تفسيراً لما يحصل حولها

فرجوعها اليوم هو من اجل مريم ومريم فقط وعندما ينتهي الامر ستتبين واقعه فهناك شيء ما يجري لا تفهمه !





يضعها برقة في المقعد الخلفي للسيارة هامساً : كفاك تذمراً يا عزيزتي !

كان قريباً منها كثيراً لحد التلاصق و عِرق متمرّد اخذ يضرب عنقها و يدقه دقا وهي مبهورة من قربها له و تبين ملامحه الحادة و تغضن حاجبيه و شفتيه المزمومة و نظارته التي تغطي عينيه التي ولأول مرة ترى لونها عسلية تحيط بها هالة خضراء ، قد ضنت قبلا انها سوداء –الجمها- و هدى تجلس بجانبها وهي مستغربة تصرفات هدى ايضا !!



كانا كالكبريت و البنزين وهما ينظرا الى بعضهما البعض في مرآة السيارة هو يتمنى وبشدة ان تنام هي الاخرى الليلة بين ذراعيه و تقوم وتنام على قبلاته حتى يشفي غليله من نبذها له ، وهي قد تولع خديها بحريق من حرجها وهي تنظر بتحد الى عينيه المعذبتين !!

ولكن لا مريم عادت ولابد لخالد ايضا يكون قد عاد و ستنتهي سنوات الحب العجاف و سيخطبها و يتزوجها



تهمس بكلمات سمعها جيدا : احممم هدى هل عاد خالد ؟!!

تنظر الاخرى نظرتي صدمة في وجه السائق من تغضن جبينه و انتفخت اوداجه و نظرة الى المسكينة التي غُلبت على امرها و تناساها اهلها وهي تقول : عندما نصل ستعلمين !!

تسكت وهي تبتسم ابتسامة شوق و عينيها غائبتين عن الوجود وهو كمن تصنم وهو يقبض على المقود بقوة ونار غريبة تشتعل في صدره !



يصل الجميع الى الحي

هي بحالمية

وهو بغيض و غضب



ولكن من رآه يقف جانب المنزل بطوله و ضخامته وجمال وجهه وحضوره المهيب هو شخص واحد يعرفه بتلك المواصفات

تخرج ركضاً من السيارة غير مكترثة البتة بوجعها و وخز جنبها

اما هو من نظر بذهول الى توقها للدخول ورؤية شخص ما ربما !!

يدير رأسه ليتقابل الرجلان يبتسما في وجه بعضهما البعض بكل فخامة و سعادة ليضرب حازم على ذراع يوسف المغتبط : يا الهي لم ارك منذ زمن ، وهو يشير برأسه الى الدار التي خلفه : ماذا تفعل هنا ؟!! هل تعرف احد هنا !!

ينطق بهدوء و ابتسامة كبيرة : سأتزوج اليوم و زوجتي تقطن هنا ، أنت ماذا تفعل هنا !!

رغم ملامح الصدمة التي غزت محياه الا انه نطق : من خرجت للتو من السيارة كانت زوجتي وهي تقطن هنا

نظر الاثنان الى بعضهما البعض بتساؤل وكل منهما يريد سؤال الاخر الى ان نطق يوسف : لنجلس في السيارة و نتحدث

ما ان دخلا السيارة التي بدت ثقيلة و ممتلئة بهما ليقوم يوسف باشعال سيجارة بين شفتيه ليعترض الاخر : يوسف الم تترك التدخين بعد

يرد بلا مبالاة : بلى !! ولكنه متوتر ويريد ان يفرغ تلك الشحنة الغبية بقبلة سيجارة !

ينظر بحاجب مرفوع الى حازم حسنا اخبرني قصتك : انت متزوج من هنا ؟!! منذ متى ؟!! ومتى عدت ؟!! و عائلتك ؟!!



يبدأ الاثنان في سرد قصتيهما و الاحداث التي حصلت لكل منهما الى ان وصلا هنا



ليفتح حازم عيناه على وسعهما وهو يسمع القصة الغير معقولة من شفتي يوسف الممتعضتين وهو يضرب على مقود السيارة : ذالك البائس الخسيس اذا هو من ادخلنا السجن !!

يا الهي كم اتمنى ان اراه الان سأخنقه حتى الموت الكاذب المنافق

كان يتحدث الي وكأنه بريء لا يعرف شيئاً وهو مسبب كل تلك المصائب

شتائم شتى خرجت من شفتاه متوعداً اياه عقاباً لن يفلت منه او من عائلته !!

ليرد يوسف بوعيد و عيناه تتوعدان شراً : لم ينتهي حسابي معه بعد فهو سيرى ما يسره

يلتفت الاخر له : ماذا ستفعل ؟!!

لقد فعلت و انتهى الامر و فؤاد سيكون محاصراً داخل البلاد و خارجها وهو ميت لا محالة ، ليروي لحازم ما حدث مع البتول و كيف هو سيتصرف الان !!

: يا الهي لا اصدق ما يحصل هنا يوسف كل هذا جنون !

: لا ليس جنونا انما هو العقل بذاته سيندم ولن يجد من يلتقفه بذراعيه بعد كل افعاله لن اسامحه على قتل طفلي او محاولة قتلي او قتل شقيق مريم !

والاهم انه ينتقم لمريم حبيبة قلبه سيتلفت فؤاد حول نفسه كالمجنون !!



في الداخل من اقامتا عزاءاً وهما كأنهما تريا بعضهما البعض لأول مرة وكل منهما تحدق في الاخرى في صمت باكي لتصرخ الاثنتان : وداااااد ، مريم

ترتميا في احضان بعضهما تبكيان بحرارة و فرحة تقبل احداهما الاخرى بقوة و لهفة متمسكتان بثوبي بعضهما البعض

تصرخان تارة و تتحدثان في وقت واحد و تقفزان تارة اخرى فرحاً و ابتهاجاً و تقرص وداد مريم بقوة كي تصدق انها قد عادت لتصرخ الاخرى وجعاً و فرحاً : يا الهي كم افتقدتك يا وداد ، تعلمين في غيبتي تذكرت كل تفاصيل حياتنا معا وهي ما كانت تصبرني على الصمود و الامل في العودة

خفت صوتها و حمود كذالك !

تجلسها وهي تحتضن يدها وهي تبكي و تتلمس وجهها : يا الهي يا مريم لقد تغيرتي !

ماذا الذي حدث قولي لي !!

: سأحكي لكي كل شيء ولكن ليس الان !

تدخل الحاجة عائشة و هدى الى الغرفة وهما تضحكان عليهما من صراخهما الغير معقول وتقول : وداد لا تُبْكي مريم فالليلة هو زواجها ولا نريد لعينيها ان تنتفخا او تحمرا !

تنظر اليها وهي تضغط بيدها على فمها وعيناها تفيضان من الدمع : ستتركيننا يا مريم ؟!! تغمض عينيها متجاوزة لحزنها وهي تقوم ببطء بعد ان اوجعها جسدها من القفز و الحركة وهي تصفق بيديها الاثنتين في حبور : اذا الان سنبدأ العمل وهي تعد على اصابعها : لدينا الثياب و سأتصل بصديقتي كي تزين لك وجهك و تسرح شعرك ، كم اشتقت له اريني اياه لا زال طويلا ام قصصته

: اين سأقصه يا حسرتي !!

لم يتحدثا بعد عن خالد و مكانه او زواجها او وليد من يقبع بالسجن منذ فترة !!



عملن وكأنهن في خلية نحل و الرجال كانوا خارجا يتحاورون و يتناقشون في امر فؤاد وافعاله المشينة التي ستفضح عائلته

ويوسف ينتظر ابنة اخته كي تحضر ومعها كل ما طلبه منها هي وسعد وهو فضل البقاء هنا احترازا على قدوم شخص غير مرغوب و يريد تحطيمه بشدة .



والساعة الرابعة بعد العصر سيكون كتب الكتاب و الزواج معا بهدوء يغمر قلبه و جوانبه و فرح ابى ان يغادر مقلتاه سيحتضن ذالك الجسد الصغير اليوم بين ذراعيه و يفيق وهي بين يديه ، يداعبها و يفرح قلبها و ينسيها كل الامها ان استطاع و سيغير حياتها الى الاحسن ولن يكف عن حملها و تقبيل عينيها لأنهما من اوقعاه في الشرك !



تنظر اليها في ذهول وهي تغلق فمها بيدها وقد علت وجهها الابتسامة الجميلة وهي ترى روعتها و رقتها و تغيرها

نور غريب يغطيها وهي تقف مرتدية ثوبا ازرقا من قطعتين احداهما قصيرة من الداخل و الاخرى تصل للركبة لتكشف عن ساقيها الجميلتين بحذائها الاسود العالي اللامع بفصوص على جوانبه ما اضاف رقة الى ساقيها و شعرها بكرستالات ورد منثورة عليه وطوله الرائع و لمعته و نعومته و غرتها التي على جانب وجهها الذي اضاء بزينة اظهرتها جامحة و شفتيها الحمرواين الممتلئتين و عينيها بظلالها الوردية و الزرقاء و كحلها ورسمة عينيها الكبيرتين السوداوين ، بدت كالملائكة بنعومتها و جمالها الذي اظهره الفستان و الزينة !




: يا الهي ما اجملك يا مريم ،

رغم بساطة الثوب و القدرات الا انها كانت اجمل مما توقعوا بألف مرة فمريم في حياتها لم تجرب وضع زينة على وجهها او ارتداء ملابس ملفتة ، اليوم تبدو مبهرة و متغيرة وكأنها مريم ابنة الاحياء الراقية

حمود من كان يحوم حولها يتلمس ملابسها و يضحك وهو كذالك يرتدي ملابس من ابناء وليد بدا جميلا كثيف الشعر و ممتلئ الوجه وبكامل صحته ترفعه الى صدرها عاليا و تقبله بقوة على خده و تقرصه بمحبة وهو يثرثر بكلمات مفهومة وغير مفهومة في آن ثم تنزله ليجري الى الخارج بساقيه الصغيرتين!

ترد على وداد في خجل ظهر في لمعة عينيها و ارتجاف شفتيها : انا خائفة وهي تضع يدها على قلبها الذي يرفرف بخوف فلحظة الحقيقة قد حانت وستكون لوحدها الليلة مع ذالك الغريب ! يوسف ! تعض شفتيها خجلا و فرحا !

: انتي ايضا تبدين جميلة يا عزيزتي تتقدم ناحيتها كي تقبلها و تشكرها على كل شي فأي بشر سيكون له صديقة مثل وداد ؟!!

وداد كانت متألقة بتنورة قصيرة سوداء من الساتان تضغط على ردفيها و بلوزة من الشيفون الاخضر و قد زينت عيناها بكحل اسود و ظلال خضراء و سوداء و شفاه قانية الاحمرار بعد ان كبرتهما قليلا برسم الشفاه و احمر خديها و جمعت شعرها بعدما كوته في تسريحة بسيطة و نثرت بعض الخصلات على وجهها وعيناها العسليتان تبرقان سعادة

فنعم فوقت الفرح و السعادة و هجر الاحزان قد حان .



بدا الجميع متألقا و في الخارج وصول سعد وهو يحمل اطباق كبيرة من الحلويات و المأكولات و المشروبات و احمد بعد ان رجع من زيارة وليد و طمأنته الى انه سيخرج قريبا قد عاد كي يكون وليّاً لمريم !

طعام كثير و مشروبات و حلويات حتى رائحة الارز بالمكسرات و اللحم قد فاحت في الحي

بعد دقائق وجيزة تصل سيارة اخرى بها هناء ابنة حليمة شقيقة يوسف و الكل في الحي يتسائل ما الموضوع و بعض النسوة قد ارتدين ملابسهن و اتجهن بالفعل الى منزل آل وداد لتبين الامر الجلل

تتقدم تلك الفتاة الطويلة والتي لا يظهر شيئا منها البتة وبالكامل يغطيها السواد تتجه بثقة و بحذائها العالي المفتوح الذي يكشف عن رجلين بيضاوين ليقف الرجلين يتقدما ناحيتها تقبل كل منهما على خده وهي تمزح و تقول : يا الهي خالي و عمي في ذات المكان ؟!! ماذا يحصل لكما ؟!! خالي هل حقا ستتزوج بهذه السرعة ؟!! ولما لم تخبر امي ؟!!





كانت تثرثر وهما يضحكا في وجهها من الجيد فقط ان تكون هناء هنا فهي تتمتع بروح جميلة ولا تتكبر على احد بعكس امها التي ستقوم الدنيا ولن تقعدها وهما لا ينقصهما مشاكل تأتي من تحت رأس حليمة !!فخلقها جداً ضيق رغم طيبتها !



: هل احضرتي كل شيء ؟!!

: نعم ولكن لا ادري ان كان اي من الفساتين سيليق بها فأنت قلت ان مقاسها 36 او 38 على كل سأرى ، ولكن هل حضر المأذون ؟!!

ليرد و ابتسامة تشق وجهه فما اكثر الابتسامات و الضحكات التي ضحكها اليوم : نعم سيصل قريباً عليك فقط تجهيز العروس !

واي عروس هي تلك ، انها الحلم و الواقع ، انها القوة و الضعف ، انها الحنان و الحب ، انها الرقة و العذوبة ، انها مريم !

يوصي حازم بعد ان وثق فيمن سيحمي ظهره هنا : حازم سأذهب لأتجهّز وهو يلقي بنظرة الى المنزل الذي احبه : سنحاول الذهاب و الرجوع بسرعة !

الاخر من كان يهنأه و يبارك له و يدعو له بالذرية الصالحة فهو من اكبر المعجبين بيوسف و يثق برجولته و حميته رغم تربيته الغربية !

و يمني نفسه في ذات الوقت بوصال وداد كما يوسف و مريمه !

الفتاة الطويلة الداخلة توّاً وهي تسلم على اهل البيت ولم تخلع خمارها بعد وهي تمد اصابع يديها بكل مودة الى ام وليد التي استقبلتها امام الباب و الجارات المتهامسات في المطبخ تركنهن وحيدات حتى ترى مريم وهن سعيدات لها ويكدن ان يصفقن و يزغردن و يسمين الله على مريم وعلى ما اعطاها الله رجل مثل يوسف لا يحلمن به ابدا !

تدخل الغرفة الجالسة بها مريم بتوتر و احمرار ووداد ايضا تقف ولكن موجوعة، تسحب الخمار عن وجهها و العباءة الجميلة عن جسدها فيظهر لهن حسنها و جمالها فتاة بيضاء بعيون صغيرة ووجه دائري طفولي و غمازة ضاحكة على خدها وفم كالتوتة ناااااعمة و جميلة كثيرا ذات شعر بني قصير بتسريحة عصرية و زينة وجهها لطيفة تبرز ملامحها الرقيقة

وهي تسأل في فضول وهي ترى الفتاتان و تضحك لهن وهي منبهرة من جمالهن لم تتوقع ان تجد فتيات جميلات في هذه البيئة ولكن خالها يوسف لا يمزح ، ناسية تماماً معرفتها السابقة بوداد فهي جداً متغيرة !

ترد وداد بسرعة بابتسامة تملأ ثغرها و تكشف اسنانها البيضاء وهي تشير بيدها الى مريم الخجولة : هنا .. مريم





كانت منبهرة بذات العينين الكبيرتين الواسعتين برسمهما المحترف و امتلاءة شفتيها و شعرها لوحده قصة لن تنتهي من وصفها وهي تسمي الله عليها وعليه و تغمز لها : لن

تنجي من يدي خالي الليلة وهي تضحك وسط ذهول مريم ، الان اعرف لما هو مستعجل على الزواج لن تصمدي بين يديه لثانية !!

زاد احمرار مريم و ارتباكها و هي تقضم شفتها بتوتر فترفع رأسها مرة اخرى عالياً : احمم شكرا لكي

تجلس الفتيات على الارض بجانب بعضهن البعض لوهلة في صمت يبحثن عن موضوع للحديث ولكن هناء بالفعل كان لديها موضوعاً مهماً وهي تتجه الى الحقيبة الكبيرة التي كانت تجرّها الى الداخل وهي تجرها من جديد الى وسط الغرفة و تفتحها وهي تقول بعفوية : الان سنرى ان كان اي من هذه الاثواب سيناسبك ، خالي قال لي ان مقاسك بين 36 و 38 وهي تتفحص جسد مريم المبهوتة ( فساتين ) ، سنبدأ بقياسها حتى ترتدي احداهن الليلة في الزفاف وهي تضع اصبعا على شفتيها الورديتين سنرى ان كنتي ستحتاجين الى زينة جديدة و تسريحة جديدة فالمزينة ستصل الان قد اتصلت بها ،

وهي تخرج الاثواب واحداً بعد آخر

وداد ومريم كانتا ستشرعا في بكاء بلا نهاية فهن لم يعتقدن انها سترتدي فستان زفاف !!

تضغط مريم بقوة على فخذ وداد تريد ان تطمئن نفسها و تهدأها

حتى رأت ذالك الفستان الذي رفعته هناء عالياً لتتبين تفاصيله الناعمة لفت نظرها وهي تقول : ربما هذا سأراه !

حملته بين يديها لتتلمس قماشه الناعم و تفصيله الراقي و لونه الابيض تمنت في هذه اللحظة ان تدفن نفسها فيه و تبكي حتى تنام لا تعرف لماذا !! فلقد طال لقاء هذا الفستان طويلاً !!

اخذت تقيسه وهي تخلع ملابسها انسدل عليها بنعومة ليس لها مثيل ووداد تغلق السحّاب و تناولُها هناء حذاءاً فخماً مبالغ في عُلوه !

نظرن اليها منبهرات لتهجم عليها الاثنتان في فرح و هن يتضاحكن و يتغامزن و يلقين نكاتا بأن الفستان ايضا لن ينجو هذه الليلة

حضّرتها المزينة بتسريحة جديدة و زينة جديدة و طولها الذي زاده الحذاء جعلت الاعين تبسمل لرؤيتها غاوية و رهيبة بجمالها البارز البدوي !



وصل ونزل من السيارة بكامل اناقته ووسامته وبدلته السوداء التي تبرز جمال جسده وملامحه وقوته و شعره الكثيف الذي تتدلى خصلاته القصيرة على جبهته لتمنحه صورة اكثر حيوية

كان اسطوريا متفجرا و متفردا وقلبه يعجز عن ايقاف ثورانه

ممسكا بعصاه و عرجه الذي جعل منه مهيبا

يتجه الى داخل المنزل الملي بالنساء ولكنه لا يحتاج إلاّ لواحدة منهن فقط هي من ستشفي سقمه و تروي ظمأه و تعذبه ابد الدهر ما عاش معها !

نظرة النساء الى ذالك الرجل المحطم للقلوب و اصوات شهقاتهن و انفراج شفاههن ذهولا ورائحة عطره قد اصابت فيهن مقتلا ، منهن من ابتلعت ريقها غير مصدقة البتة فلقد صبرتي و نلتي يا مريم يا لحظك واي حظ هو ذاك !



وسط ضحكات و فرح و قهوة و حلويات تم عقد القران الذي كاد معه ان يخرج جريا ليسحبها و يطير بها ولن يراها أحد غيره وهو يغمض عينيه في راحة لذيذة ، يشعر أن قلبه قد اصبح خفيفاً خفيفاً جداً يتقبّل التهاني و التباريك من حازم و سعد و أحمد ، غير مصدق بعد ان كل تلك الكوابيس قد انتهت انتهت و قد حقق انتصار حياته ، لمعة عينيه و تقوس حاجبيه وهو يتذكر ذالك البائس ويشعر بغيرة قاتلة قاتلة بمعرفته ان احدهم قد .... ينفض تلك الافكار الخبيثة التي انبثقت الان في رأسه يرفع رأسه عالياً وهو يقرر ان ينهي الامر الآن و يأخذها الى المنزل

يخرج أحمد في سرعة مبًلغاً اياهن عن استعداد مريم للذهاب التي بدت كورقة في مهب الريح ووجهها يشحب و قلبها يدق برهبة و تكاد ان تسقط باكية وهي ترتدي العباءة و الخمار فلا يظهر منها شيئاً و تسلم بحب و هي تحتضن وداد من اخذت تنشج بالبكاء ارجوك لا تبكي يا وداد فقلبي يقرصني ولا احتمل ، سلّمت على الجميع و الفتيات و العمة عائشة التي اخذت بالدعاء لها بقلب صادق كأم تودع ابنتها على باب دارهم و هي تجر حمود خلفها ولكن اوقفتها يد وداد : مريم اتركي حمود هنا الليلة حتى لا يضايقكم لا تقلقي سنعتني به و يلعب مع الاولاد

تمسكت جيدا باليد الصغيرة فكيف بعد ان عاد اليها تتركه وحيداً من جديد مستحييييل : تحرك رأسها بالرفض : لا حمود سيذهب معي اينما اذهب لن اتركه بعد الآن ابداً !

تحتضنها من الخلف بقوة وهي تبكي : انتبهي لنفسك و كوني رقيقة مع زوجك الى اللقاء لا تغيبي عني وهي تودعها عند الباب و هي تراها تركب السيارة السوداء العالية الكبيرة و حمود جانبها و فتحت فمها على مصراعيه حين رأت زوجها !!



لا يدري مالذي يحدث له براكين ثورة لن تخمد تتفجر بين ضلوعه

وهي تنظر الى الكتفين العريضين والشعر الاسود المتفحم شعرت بطرق قلبها في حلقها يا الهي لقد اصبح هذا العملاق رجلها زوجها نصفها الآخر تشعر بفخر يتجذر فيها وبقوة تندفع الى دمائها فلكم حلمت بهذه اللحظات التي هُدمت في ساعة سوداء تتنهد بصوت وصل مسامعه و اذنيه التي ثارت لتلك التنهيدة وهو يضغط بقوة على رأس عكازه

شعر وكأن شعر بدنه قد وقف تبا لها ولتأثيرها علي !



في ذالك المنزل الذي تركوه توا كان يجلس في المجلس الصغير وهو يشرب اخر قطرة من فنجان قهوته ويلتهم معها قطعة حلوى و أحمد الذي بدا غير مرتاح فهو قد اخذ على خاطره من كذبة حازم التي جعلته يزوجه اخته !

اما الاخرى من كانت للتو تتحدث الى هدى وهي تهم بالخروج دون غطاء لجسدها المغري والاخرى تقول : لا تخرجي الان فــ... اممم ... حازم لا زال هنا !!

تفتح الاخرى عينيها على وسعهما مستفسرة : السيد حازم هنا منذ ذالك الوقت ولكن مالذي يفعله هنا ؟!

ترتبك هدى وهي تطلب العون بعينيها ناظرة بجد الى عمتها الجالسة تلاعب الطفلين وهي تنظر اليها وبكل قوة تدفع بالكلمات في وجهها غير مكترثة بصدمتها المحتملة : الرجل اصبح زوجك فلما لا يبقى !

ترنحت في مكانها و الصدمة تغطي عينيها : ماذا ؟!!

: وداد حبيبتي الرجل قد طلب يدك و زوجناك له

لم تعد تصدق اهي في حلم ام كابوس مصدومة : بهذه البساطة طلبني و زوجتموني له

صرخت بكامل قوتها وهي تحرك يديها : لماذا ؟!! لماذا ؟ وانا لم يأخذ احد رأي ، حتى هذا الحق قد سلبتموه مني ، كيف تزوجوني دون موافقتي كيف من اعطاكم الحق

حاولوا تهدئتها ولكن لم تهدأ : هل جننتم مالذي فعلته انا ماذا ، طوال عمري اعمل بشرف كنت اعمل من اجلكم و اذللت نفسي من اجلكم كلكم كلكم –يزداد صراخها و بحة صوتها وهو يعلو منهارة – كيف تزوجوني لرجل كنت اعمل خادمة في منزله كيييييييييييف ؟ ماذا سيقول الناس عني انني اغويته ؟!! هل جننتم ؟ انا لا اريد هذا الزواج لا اريييييييييده طلقوني منه الان الااااااااااااااان اقسم والا تركت البيت و هربت

لم تعد تسيطر على نفسها بعد كل ذالك الاستفزاز، حقها الوحيد في الحياة باختيار شريك حياتها قد سلبوه منها : الذالك قد قام وليد بطعني من اجل ذالك ، وعينيها تتقدان شررا ووعيدا : لن اتنازل عن حقي ولن يخرج من السجن لن يخرج

كانت تندب و تبكي وتصرخ : حقي ان أُحِب و أُحَب لما ، ها امي لما ، مالذي حدث انا لا افهم شيئا – وهي تمسح دموعها و انفها بقسوة على نفسها –وخالد انا احب خالد وهو يحبني و سنتزوج اين هو اين ؟!!

في تلك اللحظة لم تسمع الا صوت تلك الصفعة التي اخرستها وهي تضع يدها على خدها في صدمة وهدى تبكي بحسرة عليها فليس لهم الحق في كل ما فعلوه معها فوداد عاشت حتى توفر لهم لقمة العيش ولم تبخل بأي فلس عليهم بل كانت تمنح بلا شعور فلما يحصل لها ذالك وهي ترى امها التي صفعتها بقوة وهي تقول : خالد انسيه ، خالد ماااات مااات وبالامس فقط كان عزاؤه


لا لا لا لالالالالا لا تكذبين خالد لم يمت لم يمت من قال ذالك مريم لم تقل شيئا

: لم تقل حتى لا تفجعك في ليلة مثل هذه

: كذب كلكم تكذبون قولوا انكم تمثلون علي قولوا لا اصدق ما يحصل خااااااااااااالد يا ربي خاااااااااااالد اخذت تصرخ و تنتحب وكأنها في عزاء و امها تحاول اسكاتها ولكنها لم تسكت

ومن كان في الخارج قد استشاط غضبا و شفقة رغم انه يعرف انه استغلهم لتحقيق مأربه و لكنها الان تنوح على رجل آخر ، آآآآآآآآآآخر ليس هو يقسم انه سيحطم تلك الثقة و ذالك الحب الفارغ فهي زوجته زوجته

وهنا قد قررت هي دون غيرها وهي ترتدي عبائتها و حجابها متحدية : اذا كنتم قد بعتموني فأنسوا تماما ان لكم ابنة تسمى وداد وهي تخرج و تطبق باب الغرفة بقوة لتقع عيناها على تلك العينين الغاضبتين وهو يريد ان يحطم فكها الان لترفع رأسها في تحدٍ قائلة بقوة : حسنا – وهي تفرد يديها على مصراعيهما – انا زوجتك حلالك و سأذهب معك الان

اطبق شفتيه بقوة لا يريد ان يصفعها امام اهلها والا سيخسرها

واحمد من كان جالساً عاجزاً فهو من تسبب بذالك هو دون غيره و من قبله وليد و امها من خلفها التي تبكي وتسألها ان تتوقف عن جنونها وهي كمن اصابها الصمم لا تنظر لهم بل له بالذات في تحد : لنذهب الى بيتك

يقول بقوة وهو يتماسك و مفتاح سيارته بين اصابعه يتلاعب به : هيا اذا

خرجت ولم تكترث لصرخات امها و ترجياتها او بكاء هدى او احمرار وجه احمد فحقا ليس له الحق الان بالتدخل بعد ان فعل فعلته المهينة لشقيقته وهم يستحقون

فكيف تحول هذا اليوم الى كابوس لهم جميعا بعد ان كان من اجمل الايام في حياتهم ؟ !!






.

.






يفتح لها الباب و عيناه تبتسمان بدا مشرقا سعيدا يريد الليلة ان يلمس النجوم وهي لا ترى شيئا من الظلمة الحالكة التي تحيط بها و يرفع حمود بيد واحدة يلقيه عليها وهي تتبعه في

صمت مهيب يكاد ان يغمى عليها من طلته و رائحة رجولته التي تغلغلت في حناياها ، ممتنة و قلبها يرفرف بفراشات صغيرة تداعبه وهي مطمئنة واخيرا قد ارتحت يا مريم

لما ارتاحت له و وثقت به و أحبته !

اما هو من اصبح بين يديه طفل و بجانبه زوجة اخيراً اصبح له عائلة تتسمى باسمه ولن يموت وحيداً و منبوذاً و منفياً !

تسمع طرقات العكاز خلفها و الباب الذي فُتح على مصراعيه للترحيب بالقادمين الجدد

اقشعر جسدها من صوته الهادئ المطمئن الآمر في آن الى الخادمة : خذي الطفل الى غرفته !

حمود الذي كان يتنقل بين الأيادي ولم يستغرب الامر وهو يضرب الخادمة بكفيه على وجهها ضاحكاً و ضاحكة هي الاخرى لشغب الصغير وهي قلبها قد فقدت دقاته وهو يقترب منها حتى كاد يلتصق بها من خلفها هامساً : لنصعد الى غرفتنا وهو يتحرك بجانبها وكأن كل تيار هواء قد عبق برائحته العذبة يا الهي ما اجمله اقسمت بأنها كادت ان ترمي بنفسها بين ذراعيه غير مكترثة لشيء ولكن هي عروس في ليلة زواجها يجب ان تبدو ثقيلة و خجلة ، أما هي فكادت عيناها ان تخرجا من محجريهما عند رؤية وجهه و مداعبة عطره لخياشيمها وهي تلحق به و ترى عرج ساقه مغضنة جبينها ( لم يكن هكذا من قبل ماذا حدث له ) شعرت بالحزن الشديد يغطيها و مشاعر متناقضة داخلها من فرح و حزن وهي لم تنتبه لشيء في ذالك المنزل الكبير جداً كانت مُسيرة تتبعه وقبل ان تدخلها تتفاجأ به يرفعها بين ذراعيه كانت كالريشة بين يديه واخيراً يا مريم لن يمنعني احد عنكي ولو كان طوفانا وهي متشبثة بقوة به و قلبيهما يتسابقان وهي تسمع نبض قلبه القوي تحت لمسة كفها

تعض على شفتيها وهو يضعها ارضاً متمنياً ألاَّ يتركها ولو ترى وجهه الآن على حقيقته لخرت على قدميها من نظرات لهفته

ترددت قبل ان تزيح الخمار و العباءة عن جسدها تريد ان تراه ، ان تتلمس وجهه ولحيته

تريد ان يتناجيا الليل كله ان تدس اصابعها في شعره الغزير و تُقبّل عينيه و شفتيه حتى تنتهي

فيا للحلم

وهو ينظر اليها وهي ليست كمريم التي رآها في كل مرة

فمن تقف امامه وطولها قد وصل قريب منكبيه وعينيها بليلها الليلكي و لمعتها الفتاكة و كتفيها العاريين و جسدها النحيل في فستان خرافي بحزام فضي يلف خصرها و حذاء زجاجي كالسندريلا و شعرها الأخاذ وهو يسترح على قدها بالكامل من رأسها الى قدميها في ظفيرة مليئة بورود بيضاء

وما اجمل شفتيك يا مريم




اقترب اكثر

نزع ربطة عنقه و جاكيته و فتح زر قميصه الابيض العلوي كاد ان يختنق حين رآها فما اجمل رؤياها

ابتلع الكلام و ابتلعت ريقها خجلاً من نظراته التي تكاد تلتهمها

شعرت بأنها صغيرة و مدللة تثق به نعم سيدللها

تمتم بكلمات لم تفهمها ولكن حركت كل خلية فيها وهو يمر بأصابعه على وجهها يتأكد بأنها هنا موجودة و انفاسه الحارة المتلاحقة ، اصبح يلهث وكأنه في سباق

مريم اكبر تحد في حياته و كسبه فلن يثنيه شيء بعدها وهي تشعر بشفتيه الدافئة على نحرها وقبضته التي حاصرت خصرها ليقربها منه بقوة ستكسر لها عظامها كان رقيقا و قويا في آن معا

سيطر عليها و ادخلها في دوار لن تعرف له قرار وهي فقط مستسلمة تشعر بدماء حارة تجري في شفتيها وهي تضع يداها على صدره ترجوه المزيد و المزيد وهو لم يقصر هامسا طلبه منها في الصباح : قبّليني يا مريم !

عيناها النجلاوان غارقتان و ضبابيتان وهو يدفعها اكثر الى صدره مترددة و خائفة و شفتيها ترتعشان و تنبضان وهي تنظر الى عمق عينيه لقد صادها ،هي غزالته و صادها ،وهي تريد تقبيله تريد احتضانه تريد سندها و ظهرها و حب لم تفقد الامل فيه لتندفع واقفة على اطراف اصابعها تلامس شفتيه بكل رقة قد عرفها يوما اغمض عينيه وهو يمرر لسانه بين شفتيه مستطعما تلك القبلة الجبارة التي اطاحت بحصون يوسف

يوسف

يوسف من دافع عن حبه ضد موجة الياسمين الحارة و وقاحة خادمة مغرية و نساء بالغات متفجرات الانوثة يحمن حوله رغبة فقط في لحظات تحطيم !

يوسف قد وقع في شرك لن يخرج منه حيا

انفه يلاصق انفها وهما يتنفسا بقوة و يده تمسك بظفيرتها يلفها حول عنقه حان الوقت للرغبات القهرية ان تنفجر لرجل قد نسي الأنوثة دهرا ، ما كان لرجل ان يلمسك قبلي

قد فقد عقله و افقدها عقلها

لا تجد الا انها قد تنهدت آخر تنهداتها و اغلقت عيناها !

.

.

.



نهاية المشهد الثامن و العشرون .



 
 

 

عرض البوم صور اسطورة !   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
العذراء, الكاتبة, ايفا, حارس
facebook




جديد مواضيع قسم القصص المكتمله
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t193144.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
Untitled document This thread Refback 05-08-14 11:34 PM
Untitled document This thread Refback 31-07-14 09:19 PM


الساعة الآن 09:36 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية