لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء


حبيب تحملت منه الأذى

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته إلى أعضاء ليلاس الأعزاء على قلبي إليكم أهدي أولى رواياتي "حبيب تحملت منه الأذى" فمنكم تعلمت ... وإليكم أهدي ماتعلمت .. لم

مشاهدة نتائج الإستطلاع: إذا كنت قد انتهيت من قرائة الرواية .. فما تقييمك لها ؟
رائعة وأعجبتني وسأضعها من ضمن رواياتي المفضلة 33 70.21%
ليست رائعة ولكنها تستحق القراءة 10 21.28%
لا تستحق القراءة 4 8.51%
المصوتون: 47. أنت لم تصوت في هذا الإستطلاع

إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (1) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 09-09-13, 06:35 PM   1 links from elsewhere to this Post. Click to view. المشاركة رقم: 1
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Aug 2013
العضوية: 257572
المشاركات: 62
الجنس أنثى
معدل التقييم: طمووح عضو على طريق الابداعطمووح عضو على طريق الابداعطمووح عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 209

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
طمووح غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي حبيب تحملت منه الأذى

 


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إلى أعضاء ليلاس الأعزاء على قلبي
إليكم أهدي أولى رواياتي "حبيب تحملت منه الأذى"
فمنكم تعلمت ... وإليكم أهدي ماتعلمت ..

لم أخصص للرواية أي زمان أو مكان لأحداثها
إلا أنه قد يغلب عليها عادات وتقاليد المجتمع الذي انتمي له
ولكني برغم ذلك حاولت جاهدة أن لا اخصص لها أي زمان أو مكان .. ليسرح كل منكم فيها بخياله ..دون أي قيود ..

لم أستطع أن اكتب حوارات الرواية بغير اللغة العربية الفصحى .. لعشقي وولعي الشديد بهذه اللغة .. ولشعوري أن الحوارات ستفقد قيمتها بغير الفصحى .. فيها أجد الكلمات التي تعبر عن المشاعر والأحاسيس بكل دقة .. في حين إني لا أجد البديل لتلك الكلمات في لهجتنا العامية ..
فإن كنتن ممن لم يعتاد على القراءة بها ..
فإني أرجو أن استطع اجتذابكم لها بتلك الرواية ...

والآن اعيروني قليلا من انتباهكم .. وانطلقوا معي بخيالكم في رواية
" حبيبٌ تحملتُ منهُ الأذى "




(1)

كانت تتأمل المكان من حولها .. الأضواء خافتة جدا في هذه المقهى .. والموسيقى الهادئة تنساب من حولها .. يبدو مكانا مناسبا جدا لكل العاشقين .. ولكنها كانت قد اعتادت أن تقابل محاميها هنا .. هذا أسهل من أن تذهب بنفسها إلى مكتبه .. فالمواصلات لا تطاق هذه الأيام .. بل طوال العام .. لذلك كانت تختار أقرب مكان لسكنها الجامعي يمكن أن يتقابلا فيه .. وهو هذه المقهى ..
لاحظت المحامي من بعيد وقد أتى أخيرا .. فأشارت له بيديها كي يراها .. وما إن لاحظها حتى اتجه نحوها .. فقامت من مكانها لتحييه :
ـ مرحبا أستاذ مجيد
-ـ مرحبا يا انسة سارة .. أنا أعتذر عن التأخير .. تعرفين مدى ازدحام الطرق
ابتسمت له وهي تقول :
ـ لا عليك لم تتأخر كثيرا على أية حال

أشار أستاذ مجيد بيديه للنادل وطلب قهوة لنفسه وعصير البرتقال لها كما اعتادت أن تطلب وهي معه ..
أخذت تفكر في السبب الذي جعل المحامي يطلب مقابلتها اليوم .. لا بد من أن هناك تطورا جديدا بشأن ميراثها .. وسرعان ما سألها المحامي :
ـ كيف حالك في الدراسة ؟ لقد بدأ العام الدراسي منذ أسبوع على ما أعتقد !
ـ بخير .. مازلت لم أتمكن من شراء الكتب بعد ..
ـ هل مازلتي تبحثين عن عمل ؟
ـ لقد أرتأيت إنها فكرة فاشلة .. من الصعب أن أدرس وأعمل في نفس الوقت .. وخصوصا أن اخر سنة في كلية الطب تتطلب الكثير من المذاكرة
ـ أنا أقدر حالتك جيدا يا سارة .. وأبذل كل مافي وسعي لتحصلي على حصتك في الميرات .. ولكن يبدو أن الأزمة التي تمر بها الشركة ستطول أكثر مما كنا نتصور .
ـ هل يمكنني بيع حصتي في البيت ؟
ـ إذا بعتي حصتك في البيت فينبغي أن يقوم ولاد عمك هم بشرائها .. ولكنهم الآن كما أخبرتك .. يمرون بأزمة مالية وغير مستعدين للشراء .

تنهدت سارة وهي تشعر باليأس الذي سيطر عليها منذ أن مات عمها من ثلاثة أشهر .. لقد كان عمها هو العائلة بالنسبة لها .. احتضنها وتكفل بمصاريف دراستها طوال الخمس سنين الماضية ..على الرغم من كل القطيعة التي كانت بينه وبين والدها .. لقد عاملها عمها وكأنه أب لها .. حتى أكثر من أبيها نفسه .. الذي ذاقت معه ومع زوجته ألوان العذاب والاضطهاد وتفضيل أولاد زوجته عليها هي .. ولكن ما إن توفي والدها لم تعد مضطرة للعيش مع زوجته أكثر من ذلك .. فلم يمضي عام على وفاته حتى قبلت في كلية الطب التي في مدينة عمها .. فانتقلت للعيش في السكن الجامعي وتكفل عمها بكل مصاريفها .. ومن هذا اليوم لم ترى زوجة أبيها أبدا ..
أراد عمها أن يعوضها عن كل ماعانته .. فلم ينساها حتى بعد وفاته .. حيث أوصى لها بثلث تركته !
ولكن هذا الميراث لم تستطع إلى الآن الاستفادة به .. فقد مرت شركة عمها بأزمة مالية شديدة قبيل وفاته .. وهي لم تتعافى إلى الآن .. ويبدو أنها لن تتعافى في الوقت القريب .
جاء النادل وهو يحمل صينية رفع من عليها فنجان القهوة ووضعها أمام أستاذ مجيد .. ثم رفع عصير البرتقال ووضعه أمامها .. فأخذت ترتشف العصير وهي تحاول أن تريح أعصابها قليلا ..

راح المحامي يداعب لحيته البيضاء قليلا قبل أن يتحدث :
ـ في الحقيقة لم آتي اليوم لأحدثك عن الميراث .. هناك أمرا هاما آخر

نظرت إليه بحيرة وهي تتسائل عن الأمر الذي سيكون هاما بالنسبة لها غير الميراث !
تابع المحامي كلامه قائلا :
ـ تعلمين أن عمك كتب وصية قبل وفاته وتركها معي .. وهي التي نصت على أن ترثي ثلث أملاكه .. لقد نصت تلك الوصية على شئ آخر .. ولكني لم أخبرك به وقتها ..
ـ وما هو هذا الشئ ؟؟ ولماذا لم تخبرني به ؟؟
ـ كانت الوصية موجهة إلى ابن عمك .. ولكنها تتعلق بكي أيضا .. لقد أوصى عمك ابنه بأن ...

سكت أستاذ مجيد وكأنه لا يعرف كيف يصيغ مايقوله .. مما اضطرها إلى أن تتكلم وتسأله :
ـ بأن ماذا ؟!!
ـ بأن يتزوج منك ....

ولوهلة شعرت بأنها لم تفهم ماسمعته جيدا .. فسألت لتتأكد من صحة مافهمته :
ـ أوصى عمي بأن يتزوج ابنه بي ؟!
ـ نعم .. بالظبط ..

ظلت سارة صامتة وهي لا تعرف ماذا تقول أو كيف تعلق على هذا الأمر .. فتابع المحامي كلامه :
ـ أنا لم أخبرك بتلك الوصية من قبل لأني فكرت أن ابنه قد لا يأبه بتنفيذها .. فلم أرد أن اشغلك بأمور لن تحدث .. وطوال الثلاثة شهور تلك لم يتكلم معي ابنه بأي شئ يتعلق بهذه الوصية .. ولكني فوجئت به بالأمس يطلب مني أن أجهز له لقاء معكي !

تكلمت سارة أخيرا ولكن بتلعثم :
ـ أنا .. ولكن .. زواااج .. هو ؟؟ ... أنا لا أعرفه.. أنا حتى لا أذكر اسمه !
ـ الوليد ..
ـ نعم تذكرت الوليد .. ولكني لم أره في حياتي .. كل ما أخبرني عمي به هو أن ابنه الوليد وابنته .... ماذا كان اسمها ؟
ـ لمياء !
ـ نعم وابنته لمياء يدرسون في كندا ..
ـ هذا صحيح .. لقد سافر الوليد إلى كندا منذ ثمانية أعوام .. ولحقته لمياء بعدها بعامين .. كان يدرس إدارة أعمال وقد تخرج منذ ثلاثة أعوام .. وعلى الرغم من أن عمك ألح عليه كثيرا في أن يعود إلى هنا ويساعده في شركته إلا أنه كان يرفض .. وفضل العمل هناك .. ولم يكن يأتي إلا أسبوعا من كل عام لكي يرى والده .. ولكنه لايبدو مستعدا للعودة إلى كندا على الأقل في هذه الفترة ..هو يشعر بمسؤولية تجاه شركة والده ..

كانت تستمع باهتمام لكلام أستاذ مجيد .. أرادت أن تعرف تفاصيل الرجل الذي أوصى له عمه بها ! .. وبعد أن أنهى كلامه سألته :
ـ قلت أنه يريد أن يقابلني ؟
ـ نعم هو يريد مقابلتك .. ولا أحد سيضغط عليكي يا سارة .. لكي كل الحق في الرفض .. ولكن حتى إذا كنتي سترفضين فعليكي أن تقابليه وتخبريه بذلك ..
ـ ومتى يريد مقابلتي ؟ وأين سيقابلني ؟
ـ ستقابلينه في بيت عمك .. أما عن الوقت فما رأيك بغدا في الساعة الثامنة مساء ؟
ـ إذا كان هذا يناسبك فلا مانع لدي ..
ـ لا أفهمك !
ـ أقصد أني لن أقابله بمفردي .. وأريدك أن تكون معي في هذا اللقاء

بدا المحامي مندهشا من طلبها هذا .. ولكنه لم يبدي اعتراضا .. واكتفى بقول :
ـ هذا يناسبني .. وأرجوكي أن تفكري بالأمر جيدا يا سارة .. عليكي أن تكوني واثقة من أن عمك كان يبحث عن مصلحتك حينما أوصى بذلك ..

ولم تقل سارة شيئا .. يبدو الأمر غريبا جدا بالنسبة لها .. وهي لا تعرف مالذي يجب فعله في حالتها هذه !
رفع أستاذ مجيد يده ليرى الساعة .. ثم قال لها :
ـ علي أن أستأذن الآن.. أراكي غدا .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــ
ـ ساااااارة
صرخ المعيد باسمها فانتفضت سارة من مكانها .. كم كرهت اسمها من تلك الطريقة التي ناداها بها !
دفعتها صديقتها سمر لتقوم من مكانها .. فوقفت وهي لا تعرف السبب !!
فوجه المعيد لها السؤال قائلا :
ـ لماذا في رأيك ؟

ماهو الذي لماذا ؟؟ لماذا أوقفها ؟؟ .. أم أن الأمر يتعلق بالمحاضرة ؟!!! .. شعرت بأنها في ورطة كبيرة .. ولكنها مالبثت حتى رأت سمر تدفع بورقة صغيرة أمامها .. فاختلست النظر بسرعة لتقرأها .. وبصعوبة كبيرة استطاعت أن تتهجى حروفها .. فجاوبت على المعيد بهذه الكلمة .. وهي لا تعرف حتى ما الذي تعنيه ! .. ولكن هذا ليس مهما .. المهم أن تكون إجابتها صحيحة ..
وأخيرا قال المعيد لها وصوته لايخلو من الحنق عليها وكأنه منزعجا لأنه لم يستطع أن يثبت أنها كانت شاردة :
ـ إجابتك صحيحة .. تفضلي بالجلوس .

أخذت تلتقط أنفاسها وكأنها قد نجت من الموت .. وهمست لسمر :
ـ شكرا لكي .. لقد أنقذتني .
ـ لا شكر على واجب .

بعد لحظات كانت المحاضرة قد انتهت .. فخرجت هي وسمر وهي تنظر في ساعتها التي كانت تشير إلى السادسة .. بعد ساعتين فقط .. ستلتقي بابن عمها ..
ودون أي مقدمات تحدثت إليها سمر قائلة :
ـ عليكي أن تجدي حلا .. لقد أصبحتي كثيرة الشرود في المحاظرات .
ـ وكأن الأمر بيدي !
ـ هل مازلتي تفكرين بالأمر ؟ ألم يكفيكي أنكي أسهرتني معكي بالأمس طوال الليل وانتي تفكرين معي ..
ـ تعرفين أن الأمر ليس سهلا .
ـ بل انتي من تحبين تعقيد الأمور على نفسك .. لقد طلبك ابن عمك للزواج .. فماالمشكلة في ذلك ؟! .. لقد جاء طلبه في الوقت المناسب .. انتي بحاجة إلى من يقف بجانبك ويساندك وخاصة في مصاريف الدراسة .
ـ لم يطلبني للزواج بعد !
ـ ولماذا يريد مقابلتك اليوم إذا ؟؟ .. بالتأكيد لأنه سيعرض عليكي الزواج .
ـ الأمر ليس بتلك البساطة كما تتصورين .. واضح جدا أنه سيطلبني للزواج من أجل تنفيذ وصية والده .. وأنا إذا وافقت فهذا لأن وضعي المادي لا أحسد عليه وأنا مصممة على أن أكمل دراستي .. فأي زواج هذا الذي سيقوم بناء على المصالح ؟!!
ـ وما هو الزواج الذي لا يقوم على المصالح ؟؟ .. أغلب العائلات يزوجن أبنائهم لبعض من أجل مصلحة تحسين العلاقات ! .. لا تحلمي بأن تتزوجي بناء على الحب .. ولكن عليكي أن تأملي بأن يأتي الحب بعد الزواج !
ـ لو كنتي مكاني ماذا كنتي لتفعلي ؟
ـ لو كنت مكانك وكان ابن عمي بنفس المواصفات التي قلتها تلك .. كنت سأوافق .. لأني في وضع لا أحسد عليه .

لم تنطق سارة بكلمة أخرى .. وأخذت تفكر .. هل يكون الزواج من ابن عمها هو فعلا المخرج الوحيد لها مما هي فيه الآن ؟! .. لا تفصلها سوى ساعات عن المقابلة ولازالت لا تعرف قرارها بعد .. لقد أدت صلاة الاستخارة في ليلة أمس .. وفكرت أن تدع قرارها يخرج في وقته ..بمعنى أن ترى ابن عمها أولا .. ثم تقرر ما إذا كانت ستقبل به أم لا !!
لاحظت سمر مابدا عليها من توتر .. فربتت على كتفها وقالت :
ـ لا تقلقي .. أشعر بأن الأمور ستتجه إلى الأفضل
ـ أتمنى ذلك .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

نظرت إلى ساعتها مرة أخيرة .. كانت تشير إلى الثامنة إلا ربع .. لماذا يزحف الوقت بهذا البطأ كله ؟!! .. كانت تقف مترددة أمام منزل عمها .. تفكر هل تدخل الآن أم تنظر الربع ساعة تلك .. لم تكن ترى أي ضوء يخرج من المنزل .. حتى الحديقة التي تحيط بالمنزل لم تكن مضاءة .. بدا المنزل وكأنه خاليا من السكان !!

ـ من هناك ؟؟
كان هذا صوت الحارس الذي كان ممسكا بمشعل ويوجهه نحوها ..
فأجابت بارتباك :
ـ أنا .. أنا سارة يا عم سلطان
ـ اها .. دكتورة سارة .. آسف لم أتعرف عليكي من الظلام .
قام الحارس بفتح البوابة على الفور .. هو يعرفها جيدا منذ أن كانت تقوم بزيارة عمها .. دخلت سارة عبر البوابة وراحت تسأله :
ـ لماذا لا توجد أي إضاءة ؟؟ ألا يوجد أحد بالمنزل ؟؟
ـ لا يا آنسة .. هناك عطل في الكهرباء .. وانقطع الضوء منذ قليل فقط .. وقد ذهب سيد وليد مع بعض العمال ليصلحوا هذا العطل .

قال لها ذلك ثم قام برفع سماعة الهاتف التي بداخل غرفة الحراسة وسمعته يطلب من خيرية أن تفتح الباب ..
اتجهت سارة ناحية الباب حينما رأته يفتح ويشع منه ضوء المشعل .. وحينما دخلت قامت خيرية بالسلام عليها بحرارة وهي تقول لها :
ـ أنا سعيدة جدا لرؤيتك مجددا ..
ـ وأنا أيضا يا خيرية .. لقد اشتقت إليكي كثيرا .

كانت خيرية هي الخادمة في هذا المنزل .. ولكنها تعتبرها أهم من مجرد خادمة .. لقد كانت تدير كل شؤون المنزل .. يمكن أن ينطبق عليها لقب مديرة البيت !.. وكانت تربطها بها علاقة حميمة ..
قادتها خيرية إلى الداخل .. كان أول شئ تراه حينما تدخل من الباب هو صالة كبيرة .. وضعت في منتصفها طاولة دائرية صغيرة فوقها مزهرية .. وعلى يسار هذه الصالة توجد سلالم تقود إلى الدور العلوي .. أما ما على يمينها فقد وضع مكان للصالون .. ومكان لغرفة المعيشة .. كان كلاهما مفتوح على الصالة .. ولا توجد أية أبواب بينهم ولا حتى جدران .. أما إذا اتجهت إلى الأمام فستجد في الطرف الاخر من الصالة باب يدخلك على ممر طويل .. يقودك إلى المطبخ وإلى غرفة الطعام ..
كان هذا هو الدور الأول باختصار .. أما الدور الثاني فلا تذكر أنها صعدته في يوم من الأيام .. لذا فهي تعتقد أنه لا يحتوي إلا على غرف النوم ..
كان كل شئ في منزل عمها يشعرك من فخامته بأنك قد دخلت قصرا وليس فيلا !.. وعلى الرغم من أنها لم تأتي إلى هنا منذ وفاة عمها إلا أن كل شئ يبدو كما هو ولم يتغير ..لم تكن ترى الأشياء بوضوح نظرا لانقطاع الضوء .. ولكن الضوء الذي كان ينبعث من المشعل الذي بيد خيرية كان يفي بالغرض ..

أوصلتها خيرية إلى أحد الكنبات لتجلس عليها .. ثم قامة بإضاءة الشموع التي كانت موجودة على المنضدة المقابلة لها .. وقالت لها خيرية :
ـ أنا أعتذر عن هذا العطل المفاجئ .. هذه هي المرة الثالثة على التوالي التي ينقطع فيها الضوء خلال هذا الأسبوع ..
ـ هل ينقطع لمدة طويلة ؟
ـ لا بعض الدقائق لا أكثر ..لا تقلقي .. كما أن السيد وليد لن يغيب وسيعود بعد قليل .
كانت تشعر بقلبها يخفق بسرعة حينما تسمع اسم الوليد .. تشعر بالتوتر مما ستكون عليه الأمور في الساعة القادمة ..
ـ ماذا تشربين ؟؟
سألتها خيرية هذا السؤال فردت تقول :
ـ أريد أي شئ يكون باردا

لقد جف حلقها تماما .. وشعرت بالظمأ الشديد .. استأذنت خيرية واتجهت نحو المطبخ وهي تحمل المشعل معها .. فخف الضوء كثيرا .. حيث أن الشمع لم يكن يفعل الكثير بالمقارنة بضوء المشعل ..
كانت تتمنى لو تطلب من خيرية البقاء معها .. فهي لا تكره شيئا في حياتها بقدر كرهها للظلام .. ولكنها خجلت من فعل ذلك .. ستبدو كالطفلة أمامها .. ولكن ماهذا الحظ ؟!! .. ألا ينقطع الضوء إلا حينما تأتي هي !!.. وتمنت لو أنها أخرت نفسها قليلا حتى كانت تتحاشى هذا الوضع الذي هي فيه الآن .. ولكن من أين لها أتعرف أن هذا سيحصل ؟!!...

كانت على وضوء فقررت أن تقوم لتصلي العشاء حيث كانت لم تصليه بعد .. وهي تأمل أن يخفف ذلك من خوفها وتوترها قليلا .. وبعد أن صلت العشاء أعقبته بصلاة استخارة .. كانت تلك المرة الثالثة التي تصلي فيها صلاة استخارة خلال 24 ساعة .. وحينما انتهت من الصلاة ظلت جالسة على الأرض .. وقد شردت بذهنها في طريقة الحوار الذي سيدور بينها وبين ابن عمها الوليد .. لقد طلبت من المحامي أن يحضر المقابلة لكي يساعدها بدوره في الحديث .. ولكن لابد أن تعرف جيدا ماستقوله فربما تأخر .. وحينها لن يكون من الظريف أن تبقى صامتة أمام الوليد حتى يأتي هو .. هي لا تتمنى أن يـ .........

توقفت أفكارها فجأة حينما سمعت صوت أقدام تأتي من خلفها .. بدأ قلبها يخفق بقوة وكأنه سينتزع من مكانه .. هذه ليست صوت أقدام خيرية .. لأن الصوت يأتي من الخلف أما خيرية فقد دخلت إلى المطبخ من الممر الذي أمامها .. بدأت قدماها ترتجف وشعرت بأنها لا تستطيع أن تقوم وتقف عليهما .. ماذا تفعل ؟؟ .. دارت الأفكار السوداء في رأسها .. هل يمكن أن يكون لصا قد تسلل إلى المنزل واستغل انقطاع الضوء .. ولكن كيف يتسلل وهي متأكدة أنه لا يوجد نوافذ في الصالة ..
( الباااااااب لم تقفله خيرية بالمفتاح ) .. جائت في بالها هذه الفكرة سريعا .. وهنا استجمعت كل قواها ووقفت على رجليها وما إن التفتت ورائها حتى رأت شخصا ما ملاصقا لها تماما .. كان يحمل شئ ما في يده يبعث منه ضوءا أبيض .. كان الضوء أمام عينيها تماما مما عسر عليها أن ترى ملامح من أمامها .. وبحركة لا إرادية منها وجدت نفسها تدفع بيدها مصدر الضوء .. فوقع من يده محدثا صوتا عاليا .. وهكذا صار كل منهما لا يستطيع رؤية الاخر جيدا .. ومن دون تفكير منها هجمت على الشخص الذي أمامها فصارت تخدش وجهه بكل ما أوتيت من قوة .. ولكنه كان أقوى منها فأمسك بيدها بقوة وصرخ فيها :
ـ أيتها المجنونة !!

وهنا بدأت في الصراخ والبكاء لعل أحدهم يسمعها .. وتمنت لو تنقذها خيرية أوأن يأتي ابن عمها في هذه اللحظة .. وراحت تتوسله وهي تشهق من البكاء :
ـ لا تؤذني أرجووووك .. خذ ماشئت من المنزل ولكن اتركني ... أرجووك اتركني .. أرجوووووك

كانت تحاول أن تفلت نفسها من بين يديه ولكنه كان ممسكا بها بقوة .. وبينما هي على هذه الحال .. وفجأة .. عاد الضوء .. وأصبح المكان يعم به .. فتوقفت عن الحركة .. ومن بين دموعها استطاعت أن ترى الشخص الذي يمسك بها .. كان رجلا طويلا .. يرتدي بذلة سوداء .. أما وجهه فكان مليئا بالخدوش التي أحدثتها هي به .. وبعضها كان ينزف .. أيا كان من يقف أمامها .. ولكنه لا يمكن أن يكون لصا على الإطلاق .. لا ملامحه ولا بذلته الأنيقة توحيان بذلك !! .. وهنا أدركت سارة أنها ارتكبت أفضع حماقة في حياتها كلها ..

جاء صوت خيرية من بعيد وهي تسأل في فزع :
ـ ماذا يحدث .. آنسة هل انتي بخير ؟؟

وحينما دخلت عليهم ورأت من يقف أمام سارة .. أطلقت شهقة اندهاش وقالت :
ـ يا إلهي .. سيد وليد ماذا حدث لوجهك ؟؟

وهنا أفلت الرجل يديها أخيرا .. فتوجهت إلى أقرب كنبة لها وارتمت عليها .. فراح يصرخ فيها :
ـ يالك من فتاة مجنونة ..انظري ماذا فعلتي بوجهي ؟!!

كانت مازالت ترتجف من الخوف وذهنها مشوش تماما ويتردد فيه كلمة خيرية له ( سيد وليد ) ..هل يعني ذلك أن هذا الرجل هو ابن عمهااااا ؟!! .. ركضت خيرية بسرعة إلى الداخل وعادت بعد لحظات وهي تحمل معها علبة صغيرة عرفت أنها علبة اسعافات أولية ..أخذ منها العلبة وراح يعقم الخدوش وهو واقف أمام المرآة الصغيرة التي علقت فوق المنضدة .. كان يبدو غاضبا جدا .. وشعرت أنه قد ينفجرعليها في أية لحظة ..
وراح يسأل خيرية بغضب :
ـ من هذه الفتاة ؟!!

فأجابته خيرية بصوت مرتبك :
ـ سيدي إنها .. آنسة سارة ..
ـ هكذا إذا .. ماذا فعل بي أبي؟ وأي ورطة أوقعني فيها ؟؟ هل أراد أن يعاقبني ؟!!

بدأت مشاعر الخوف التي تملكتها تتلاشى تدريجيا ليحل محلها الخجل الشديد .. غاصت في مقعدها وتمنت لو أن الأرض تبتلعها في هذه اللحظة لتختفي من هذا المكان .. هل يعقل أن يكون أول لقاء لها مع ابن عمها الذي قد يكون زوجها في المستقبل هكذا ؟!! .. كيف لها أن تنظر إليه بعد حماقتها تلك ؟!! .. أخرجها صوته الغاضب من أفكارها حينما قال وهو يسخر منها :
ـ كانت تظنني لصا !! .. منذ متى واللصوص تتسلل عبر الباب ؟!!

سكت قليلا ثم تابع بنفس نبرة السخرية :
ـ أنا أشفق حقا على اللص الذي قد يفكر في أن يسرقك .. لا بد وأنه سيعتزل المهنة أو ينتحر !!

لا تستطيع السكوت أكثر من ذلك عليها أن تحافظ على ماتبقى لها من كرامة .. وأخيرا وجدت صوتها وقالت :
ـ ولكنك أنت من دخلت المنزل كاللصوص .. كان عليك أن تسلم أو حتى حينما رأيتني أظن أنك لصا كان عليك أن تخبرني بأنك الوليد !!

شعرت ببعض الرضا عن دفاعها عن نفسها ولكن ذلك الشعور لم يلبث أن اختفى حينما رد عليها قائلا :
ـ وهل يجب علي أن أستأذن حينما أدخل بيتي ؟!! وهل كنت أعلم أنكي موجودة لكي أسلم ؟!! .. كنت أظن أن موعدنا في الساعة الثامنة وليس قبلها !! .. ثم كيف لي أن أخبرك بأني الوليد وانتي حتى لم تتركي لي فرصة لقد هجمتي علي كالقطة المفترسة !!

ازداد شعورها بالخجل وهي تتذكر شكلها وهي تصرخ وتخدش وجهه وتترجاه بأن يفلتها .. وخجلت أكثر لقدومها مبكرا فقد بدت وكأنها متلهفة للقائه .. حاولت أن تستجمع جرأتها من جديد وقالت :
ـ لقد أتيت مبكرا لأنني كنت في الجامعة وهي قريبة من هنا .. وفضلت أن آتي منها إلى هنا على العودة إلى السكن الجامعي .. حيث ستكون المسافة أبعد ..

سكتت قليلا لترى ما إن كان سيعلق على كلامها .. وحينما رأته سيتكلم قاطعته بسرعة قائلة :
ـ ثم إنه كان من الممكن أن يدخل لصا وحينها لما كنت ستلوني على مافعلته !!
ـ ولكنه لم يكن لصا .. بل كان أناااااا

رن الجرس ليقطع عليهم شجارهم .. وذهبت خيرية على الفور لتفتح الباب حيث كانت مرتبكة هي الأخرى ..
لابد وأنه أستاذ مجيد .. نظرت في ساعة يدها فرأتها تشير إلى الثامنة .. هل كل تلك الأحداث وقعت في ربع ساعة فقط ؟!! .. شعرت وكأن دهرا قد مضى ..
دخل أستاذ مجيد وألقى عليهم التحية .. ولكنه توقف فجأة حينما رأى منظرهم .. كانت آثار البكاء بادية عليها وعيناها منتفختان .. أما هو فكانت الخدوش واضحة في وجهه ..بدت الحيرة على وجه أستاذ مجيد فسأل بقلق:
ـ ماذا جرى هنا ؟!!!!

حكى له الوليد ماحدث وصوته لا يكاد يخلو من الغضب والحنق :
ـ دخلت بيتي كالعادة وكانت الكهرباء منقطعة حينها فلم يكن هناك ضوء .. ولسوء حظي كانت هذه الفتاة هنا فاصطدمت بها في الظلام .. يمكنك أن ترى جيدا ما حل بي وقتها .. لقد ظنتني لصا !!!

ما إن أنهى الوليد كلامه حتى أخذ أستاذ مجيد وقتا ليستوعب ماقاله .. ثم .. فجأة انفجر من الضحك !! .. أخذ يضحك بقوة ويرتنح إلى أن وصل إلى الكنبة التي أمامها ثم ارتمى عليها .. وأخذ يمسك ببطنه وكأنه سيموت من الضحك !! .. اعتقدت أن أستاذ مجيد سيخفف عنها قليلا حدة ما حصل ولكنه لم يزدها إلا حرجا ! .. لم تتخيل أبدا أن هذا المحامي العجوز قد يضحكه شئ إلى هذه الدرجة !! .. شعرت بأن الغضب الذي كان يسيطر على ابن عمها قد خف قليلا حينما قال لأستاذ مجيد :
ـ نعم أضحك .. فلست أنت من تشوه وجهك .

وبصعوبة كبيرة استطاع المحامي أن يتوقف عن الضحك ليرد عليه قائلا :
ـ أعذرني يا وليد ولكنه حقا أمر مثير للـ ....

انفجر من الضحك مرة أخرى ولم يستطع أن يكمل جملته .. ولكن ليس طويلا هذه المرة .. فقد أخذ يحاول أن يتماسك من الضحك وعدل من جلسته ثم أخذ نفس عميق وقال :
ـ أعذروني ولكن حـ .. ههههه ... حقا .. لم استطع أن اتماسك .. إن هذا أطرف ماسمعته على الإطلاق .

أتبع قوله هذا بعض الصمت حيث كان الجميع يحاول أن يحاول أن يعود إلى طبيعته بعد كل ماحدث .. وأخذت تفكر في نفسها .. ترى هل غير ابن عمها رأيه بعد ما حدث ؟؟ .. هل سيتراجع عن تنفيذ وصية والده ؟؟ .. ولكنه يبدو من الرجال الذين لا يتراجعون عن قراراتهم والذين اذا اتخذوا قرارا كانوا واثقين من صحته مهما حدث معهم .. قطع هذا الصمت ابن عمها حينما تكلم أخيرا :
ـ سأحاول أن انسى كل ماحدث وأبدأ في الدخول في الموضوع الذي طلبت مقابلتك من أجله .

إذا هو مازال مصمما على طلب الزواج منها .. لا تدري لماذا جعلها ذلك تشعر ببعض الارتياح !! ..
تابع الوليد كلامه حيث بدأت الجدية تظهر في عينيه .. وقال :
ـ بالتأكيد أخبرك أستاذ مجيد لماذا طلبت أن أقابلك .. من أجل وصية أبي الذي أوصى فيها بزواجنا .. وفي الحقيقة أنا أشعر بأن هذه الوصية دين في رقبتي وعلي تنفيذها .

دين !! هل أصبح زواجهما دين !! .. هكذا فكرت قبل أن يتابع قائلا :
ـ آنسة سارة .. أنا أطلب منكي أن تقبلي الزواج مني ..

شعرت بغرابة الموقف كله .. منذ قليل كانا يتشجاران وكأنهما ألد الأعداء خصوما .. والآن يطلب منها الزواج .. هل لهذه الدرجة هو مهتما بتنفيذ وصية والده ؟!! ..
لم تنطق بكلمة .. ظلت صامتة وهي لا تعرف ماذا تقول .. فتابع هو كلامه قائلا :
ـ أنا أعلم أن والدي هو من كان يصرف عليكي .. والآن بعد وفاته أظن أنكي تحتاجين لمن يعيلك .. فحتى ثلث تركته التي سترثينها لن تستطيعي الاستفادة منها الآن .. نظرا للظروف الصعبة التي تمر بها الشركة والتي يبدو لي أنها ستطول .

سكت قليلا وكأنه ينتظر أن تعلق بشئ ولكنها استمرت في الصمت وهي لا تعرف ماتقوله .. فتابع هو يقول :
ـ سأدفع لك مقدم ماتريدين .. وستسكنين معي هنا في هذا البيت .. ولا داعي لأن نقيم عرسا .. فأبي مازال حديث الوفاة وأنا ليس لدي أي رغبة في إقامة حفل زفاف ..أما عن موعد زواجنا فأتمنى أن يكون في أسرع وقت .. مارأيك بالغد ؟ .. سيكون لديكي الوقت طوال اليوم لتجهزي نفسك وفي المساء ستأتين إلى هنا و ...

قاطعته سارة بحدة وقد اشتعلت غضبا من كل تخطيطاته تلك دون حتى أن يسمع رأيها وكأنه ليس مهما :
ـ سيد وليد .. أنا لم أوافق بعد !!

بدأ الوليد يشتعل غضبا هو الاخر بعد كل الهدوء الذي حاول أن يكون عليه .. وقال لها :
ـ ولماذا لا تتكلمي إذا ؟!! .. ظننت أن صمتك دلالة على موافقتك !

وهنا تدخل أستاذ مجيد ليهدأ الموقف وقال :
ـ ابنتي سارة .. ظننتك قد وافقتي .. هل معنى هذا أنكي ترفضين الزواج منه ؟؟؟

فردت عليه بحزم :
ـ أوافق ولكن بشروط .

نعم عليها الآن أن تثبت لابن عمها حظورها .. كان يتحدث من دون حتى أن ينظر إليها وكأنها دمية أمامه وكأنها لا تستطيع أن ترفضه ..نظرت إليه فوجدته يمسح وجهه بيده في علامة على نفاذ صبره .. وسألها وهو يكز على أسنانه :
ـ وماهي تلك الشروط ؟؟؟

وضعت رجل على رجل وقالت بثقة :
ـ لدي شرط واحد فقط .. وهو أننا لو قررنا الطلاق فلن يكون هذا إلا بعد أن أنهي دراستي .. أنت تريد الزواج مني من أجل تنفيذ وصية والدك .. وأنا أيضا سأوافق على الزواج لأني بحاجة لمن يصرف على دراستي .. وقد تبقى لي عام لأتخرج من الجامعة .. فما الذي يضمن لي بأنك لن تطلقني بعد أسبوع من زواجنا وبهذا تكون قد نفذت وصية والدك ؟!!!

أطلق الوليد تنهيدة طويلة وقال لها :
ـ حسنا أنا أوافق على شرطك .. إذا أردنا الطلاق فلن يكون هذا قبل أن تنهي دراستك الجامعية .

وهنا تحدث أستاذ مجيد قائلا :
ـ حسنا .. لقد اتفقتما أخيرا

ولكن الوليد قاطعه بسرعة وقال موجها كلامه لها :
ـ لا .. ليس بعد .. فأنا أيضا لدي شرط .. لا أريد أي طفل منكي في هذه الفترة ..عليكي أن تعلمي هذا جيدا .. لا أريد أن يتشتت هذا الطفل ونحن لا ندري إن كنا سنستمر أم لا ..لذا لا تفكري حتى في ذلك .. وإلا ستندمين أشد الندم ..

شعرت من نبرة صوته بأن هذا تهديد لها ..ولكنها حاولت أن تبدو غير مبالية وقالت في برود :
ـ لا تقلق .. فأنا أيضا لا أريد ذلك أكثر منك .
ـ هل انتي جاهزة لنعقد زواجنا في الغد ؟
ـ نعم .. أظن ذلك

ردت عليه وقد شعرت بأنها أرضت كبرياؤها بعد أن أهتم أخيرا وسألها عن موعد زواجهما .. حملت حقيبة يدها ثم نهضت من مكانها وهي تقول :
ـ إذا لم يكن هناك شئ اخر لنناقشه فسأستأذن الآن .. لقد تأخر الوقت

فقام أستاذ مجيد أيضا من مكانه وقال :
ـ أنا سعيد لأنكم قد اتفقتم ..

ثم ألتفت إليها قائلا :
ـ انتظري سأوصلك في طريقي

فقام الوليد بدوره ليسلم عليه وهو يقول :
ـ إلى اللقاء ..سأقابلك غدا أيضا لابد وأن تحضر عقد القران ..و سأتصل بك لأبحث معك بعض الأمور الخاصة بالشركة

ثم نظر إليها الوليد بلامبالاة وقال :
ـ إلى اللقاء آنسة سارة .. ألقاك غدا في نفس الوقت .

ثم ابتسم وتابع كلامه بسخرية :
ـ ولكن أرجوكي أن لا تأتي قبل الموعد .. أخشى أن يتكرر العطل في الكهرباء مثل اليوم .. وأنا لم يبقى في وجهي مكانا لأي خدوش أخرى !

أحمر وجهها خجلا من سخريته تلك .. ولم تعلق بشئ .. ولكن هناك أمرا اخر قد لفت انتباهها .. حينما ابتسم الوليد .. لاحظت تلك الغمازات التي ظهرت بجانب فمه .. ولأول مرة منذ أن قابلته .. اكتشفت بأنه وسيما جدا !

 
 

 

عرض البوم صور طمووح   رد مع اقتباس

قديم 12-09-13, 02:11 AM   المشاركة رقم: 2
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Aug 2013
العضوية: 257572
المشاركات: 62
الجنس أنثى
معدل التقييم: طمووح عضو على طريق الابداعطمووح عضو على طريق الابداعطمووح عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 209

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
طمووح غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : طمووح المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: حبيب تحملت منه الأذى

 

(2)

ـ هيا استيقظي يا سارة .. لدي فضول أن أعرف ماذا حدث معكي ليلة أمس

كانت سمر توقظها بصوتها المزعج .. فلم تجد بدا من أن تقول لها :
ـ انتي مزعجة ياسمر .. أتركيني أريد أن أناااام
ـ لقد تركتك بمافيه الكفاية .. ثم في جميع الحالات عليكي أن تستيقظي .. لدينا محاضرة بعد ساعة من الآن

رفعت سارة أخيرا رأسها من فوق الوسادة لتنظر في الساعة التي بجانبها .. كانت تشير إلى السابعة صباحا .. لقد انتابها الأرق طوال الليل ولم تستطع أن تنام إلا بعد الفجر .. فقالت لسمر :
ـ أنا أفكرفي أن أتغيب عن المحاضرات اليوم
ـ ولكن لماذا ؟؟ لا تقولي لي أنكي تريدين أن تتغيبي لكي تكملي نومك !
ـ نعم أنا متعبة كثيرا ولم أستطع النوم طوال الليل .. كما أن علي أن أحضر متاعي وأجمع كل أغراضي التي بالغرفة .

نظرت إليها سمر بحيرة وسألتها مستفسرة :
ـ ماذا تعنين ؟؟ لماذا ستحضرين متاعك ؟؟
ـ سمر .. أنا سأتزوج الليلة !

أطلقت سمر صرخة دهشة وراحت تتحدث بسرعة :
ـ أوه .. لا .. لا لا لا .. أنا لا أصدق .. لقد وافقتي إذا .. وستتزوجين الليلة .. هل بهذه السرعة تسيرالأمور !!..هل حقا سيقام حفل زفافك الليلة ؟؟
ـ لا .. لن يقام أي حفل .. قال أنه لا يرغب في ذلك لأن والده مازال حديث الوفاة .. وأنا اقتنعت بذلك
ـ لا عليكي .. لا بد وأنه سيقيم لكي حفلا في وقت لاحق .. تكون وقتها الأمور قد تحسنت قليلا

قالت ذلك وراحت تسحب الغطاء من فوقها وتشد ذراعها لكي تجبرها على النهوض .. وتابعت تقول :
ـ ستتزوجين الليلة ومازلتي نائمة .. هيا قومي لديكي الكثير لتفعليه !
ـ سمر أرجوكي دعيني وشأني .
ـ لماذا ؟ ألستي سعيدة ؟ هل هذا بسبب حفل الزفاف ؟؟؟
ـ انتي تعلمين أني مضطرة لهذا الزواج .. وأن الأمر ليس باختياري

نظرت إليها سمر وقد تبدلت ملامحها من الفرح إلى القلق .. وسألتها :
ـ أولم يكن وسيما ؟
ـ الأمر لا يتعلق بذلك
ـ إذا .. هل هو شخص شرير مثلا ؟؟
ـ لا بالعكس ..هو لطيف جدا ولكن ليس معي !
ـ لماذا ؟؟

نهضت سارة من السرير وقد يأست تماما من أن تتركها سمر تكمل نومها.. وحكت لها ماوقع بينها وبين ابن عمها الوليد حينما ظنته لصا .. وكانت سمر تنظر لها بذهول وهي تحاول أن تتخيل ماتسمعه.. وبعد أن انتهت من الحديث .. انفجرت سمر من الضحك :
ـ هههههههههههههههههههههههه .. لا أصدق .. لا أستطيع أن أتخيل كيف كان شكلك حينما اكتشفتي أنه ابن عمك وليس لصا
ـ أرجوكي توقفي عن الضحك.. أنت تزيدين من شعوري بالخجل

توقفت سمر بصعوبة عن الضحك بعد أن لاحظت إنزعاجها .. وقالت لها :
ـ لا تنزعجي كثيرا .. لو كان ماحدث ضايقه حقا لما كان صمم على طلب الزواج منك
ـ هو يشعر بأن وصية والده عبء عليه .. لذلك فهو يريد أن نتزوج بسرعة ليستريح من هذا العبء !

سألتها سمر بقلق :
ـ هل يبدو لكي أنه قد يفكر في طلاقك في أي وقت مادام قد نفذ الوصية وانتهى ؟!!
ـ لقد وضعت هذا في اعتباري .. لهذا اشترطت عليه أن لا يكون هناك احتمال لأي طلاق إلا بعد أن انهي دراستي .. وهو لم يعترض .. واشترط هو الآخر أن لا ننجب أي طفل طوال هذه الفترة !
ـ إنني في حياتي لم أسمع بزواج قام بهذه الطريقة !!

شردت سارة بذهنها قليلا قبل أن ترد عليها وتقول :
ـ لو لم أكن مضطرة لما وافقت ..

حاولت سمر أن ترفه عنها قليلا .. فغمزت لها وهي تسألها :
ـ هل كان وسيما ؟

فتنهدت بشاعرية وراحت تقول لها :
ـ إن كلمة وسيما قليلة على وصفه .. لم أكن أعتقد أبدا أن لدي ابن عم بهذه الجاذبية كلها
ـ ما لون عيونه ؟؟
ـ لونها بني على لون شعره .. ولديه لحية خفيفة على ذقنه تزيده وسامة .. وأكثر ما جذبني فيه هو تلك الغمازات التي تظهر بجانب فمه حينما يبتسم

وضعت سمر يديها على خدها وسألتها وقد تأثرت بكلامها :
ـ وماذا أيضا ؟؟ كلميني عن شخصيته
ـ لا تقل جاذبية عن شكله .. بالرغم من الشجار الذي وقع بيننا ولكن طريقته في الكلام كانت تدل على رجلا واثق من نفسه .. جدي إلى حد لا يوصف .. لا يبدو من نوعية الشباب الطائش الذين نشاهدهم في الجامعة هذه الأيام .. ما جذبني فيه أيضا أنه طويل جدا .. تقريبا أطول مني بخمسة سنتيمترات

ظلت سمر تنظر إليها تنتظرها أن تصفه أكثر .. فتابعت تقول :
ـ قد يبدو الأمر غريبا .. ولكن كل الصفات التي كنت أتمناها في فارس أحلامي موجودة فيه
ـ أراكي بدأتي تقعين في حبه
ـ لا بالطبع لا .. أنا لا أعرفه جيدا كي أحبه ولكني لا أنكر أني قد أعجبت به

ضحكت سمر فجأة لتفسد الجو الرومانسي الذي كانت قد دخلت فيه وقالت وهي تضحك :
ـ كلما أتخيل شكلك وانتي تهجمين عليه لا أتمالك نفسي من الضحك
ـ كفي عن تذكيري بذلك .. أنا أحاول أن أنسى هذا الموقف
ـ ولكنك لن تستطيعي ذلك مادمتي ستصبحين زوجته ..على الأقل حتى تختفي الخدوش من وجهه .. وإن نسيتي انتي فهو بالتأكيد لن ينسى ...

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ

لم تستغرق وقتا في جمع أغراضها كلها ووضعها في حقيبة سفرها .. لقد كانت أغراضها قليلة .. لا شئ مهم فيها سوى كتبها وملابسها ..حزمت جميع ملابسها ولم تترك سوى ماسترتديه في عقد قرانها .. وكان عبارة عن دريل طويل بني اللون .. وجاكيتا قصيرا ترتديه فوقه لأن الدريل من غير أكمام ..
حرصت أن ترتدي أنسب وأجمل مالديها في نفس الوقت .. أرادت أن تبدو جميلة .. كان هناك شعورا ما بداخلها يدفعها إلى أن تلفت انتباهه .. وكأنها تريد أن تنتقم لكبرياؤها بسبب لا مبالاته بها ليلة أمس ..

بعد أن انتهت من حزم أمتعتها أخذت حماما ساخنا .. وحينما انتهت كانت الساعة تشير إلى السادسة .. كان أمامها ساعتان كي تجهز فيهما .. فبدأت ترتدي ملابسها .. ولم تضع أي مساحيق على وجهها فلم يكن ذلك من عادتها .. كما أنها كانت تخشى أن تبدو وكأنها سعيدة بهذا الزواج ! ..

بعد نصف ساعة كانت جاهزة تماما .. ووقفت تتأمل نفسها أمام المرآة .. كانت مرتبكة جدا .. فمهما كانت الظروف فهي ستتزوج اليوم بغض النظر عن سبب زواجها .. ولم تستطع أن تفسر كل هذا الاهتمام التي تبديه بابن عمها الوليد .. لم تكن تشعربذلك قبل أن تقابله .. ربما لأنها لم تكن تعرفه بعد ..ولكن بعد أن رأته وتكون لديها انطباع عن شخصيته لا تنكر أبدا أنها أعجبت به ..

خرجت من أفكارها حينما سمعت صوت مفاتيح بباب الغرفة .. لابد وأنها سمر .. وما إن دخلت سمر إلى الغرفة ورأتها حتى أطلقت تصفيرة اعجاب .. وقالت :
ـ يا إلهي يا سارة .. كم تبدين جميلة في هذه الملابس

شعرت بالسعادة لهذا الإطراء وسألتها :
ـ حقا ؟؟ ولكني أشعر أن ربطة الطرحة ليست مضبوطة تماما
ـ أنتي لم تضبطي ربطة الطرحة في حياتك مثل اليوم !
ـ لا تعرفي كيف أن مجاملتك هذه تعطيني الثقة في النفس
ـ ليست مجاملة .. إنها الحقيقة تبدين في غاية الجمال

سارت سمر ناحية السرير وارتمت عليه فقالت لها سارة :
ـ هل كانت المحاضرات صعبة اليوم ؟؟
ـ هي دائما صعبة لا شئ جديد .. ولكن لا تقلقي سأساعدك في فهمها

ظلت سمر ترمق سقف الغرفة وقد شردت بأفكارها .. فسألتها :
ـ هل انتي بخير ؟؟ .. تبدين متعبة !

ردت سمر ولكن نبرة الحماس كانت قد اختفت من صوتها :
ـ لا أستطيع أن أتخيل السكن من دونك
ـ ألن تنتقلي للسكن مع إحدى زميلاتنا ؟؟
ـ لا أعرف بعد .. ولكني أفضل أن أبقى في هذه الغرفة حتى لو كنت بمفردي
ـ إذا اطلبي من إحدى الزميلات أن تنتقل هي إلى غرفتك .. هذا أفضل من أن تظلي بمفردك حتى لا تشعري بالوحدة

ساد الصمت بعض الوقت حيث أن سمر لم تعلق بكلمة .. وأشفقت عليها سارة كثيرا .. لقد أمضت معها خمسة سنوات من حياتها .. ويعز عليها أن تتركها وتسكن في مكان اخر بعد كل تلك السنين .. وتمنت لو أن تأخذها معها ! .. ولكن هذا مستحيل بالطبع

تكلمت سمر أخيرا قائلة :
ـ كنت أتمنى أن أحضر زواجك
ـ أنا أتمنى ذلك أكثر منكي .. ولكنه لم يخبرني بأن بإمكاني أن أدعو أحدا .. ولا أريد أن أضعك في موقف محرج
ـ إنني أتفهم ذلك .. ربما تعوض في يوم آخر .. لا أعتقد بأنه سيستطيع أن ياقوم كل هذا الجمال ولا يقيم لك حفل زفاف

لم تعلق على قولها بشئ .. فهي ترى فكرة أن يقيم الوليد في يوم ما حفل زفاف أشبه بالمستحيل ..
تحدثت سمر من جديد وقالت :
ـ نسيت تماما أن أسألك .. من سيكون وليك ؟؟ .. ومن هم الشهود ؟؟
ـ لقد تحدثنا أنا والمحامي في ذلك بالأمس حينما كان يوصلني .. مافهمته منه هو أنني بما أنه ليس لدي أي أقارب من جهة والدي سوى ابن عمي .. فإن وليي هو ابن عمي !! .. وحينما يتزوج الرجل من امرأة هو وليها .. فإنه يوكل رجلا يزوجه إياها بإذنها .. وهذا الرجل سيكون المحامي
ـ ماهذا التعقيد كله !!
ـ نعم .. حتى أنا لم أفهم الأمر كثيرا !! .. ولكن هذا ليس مهما .. المهم أنهم هم يفهمون الأمر .. أما عن الشهود فلا أعرف من هم .. أعتقد أن ابن عمي هو من سيتولى تجهيز كل هذه التفاصيل
ـ وكم سيكون مهرك ؟
ـ لقد أخبرت المحامي بأن مايهمني هو أن يتولى الوليد جميع مصاريف دراستي .. ولم أحدد مبلغا محددا

لاحظت أن الساعة تشير إلى السابعة والربع .. فتمددت على سريرها قليلا .. هي لا تريد أن تذهب مبكرا كما حدث بالأمس .. وحتى لا يظن أنها متلهفة للزواج ..ظلت هكذا بعض الوقت وهي شاردة .. ثم قامت أخيرا وبدأت بارتداء حذائها .. وحينما انتهت كانت سمر بداخل الحمام .. فقررت أن تنتظرها حتى تخرج لكي تودعها ..
وحينما خرجت سمر ورأتها واقفة قالت لها بدهشة :
ـ أمازلتي هنا !! إنها الثامنة إلا ربع .. ألم تقولي بأن موعدكم في الثامنة ؟!!
ـ بلى ولكني أردت أن أسلم عليكي قبل أن أرحل

قامت سمر بسحبها من يديها نحو الباب وهي تقول :
ـ هيا بسرعة ..ستتزوجين بعد قليل ..انتي لستي مهاجرة .. ستنتقلين للعيش في مكان اخر ولكن مازلنا في نفس البلد وسنتقابل يوميا في الجامعة !! ..

أعطتها سمر حقائبها .. كانت عبارة عن حقيبة يد .. وحقيبة سفر تجر على الأرض .. ثم فتحت لها الباب وسلمت عليها بسرعة وهي تدفعها للخارج .. فودعتها سارة وذهبت ....

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــ

حينما وصلت كانت الساعة قد اقتربت من الثامنة والنصف.. لم تكن تعتقد أن الطرق ستكون مزدحمة لهذه الدرجة .. كان عليها أن تأخذ في اعتبارها أن المسافة من السكن الجامعي لبيت عمها أطول من المسافة بين الجامعة والبيت .. أخذت نفسا عميقا ثم وضعت يديها على الجرس .. ولم تمضي سوى ثوان حتى فتحت لها خيرية وقالت لها :
ـ إنهم ينتظرونك في الصالون

وحينما دخلت وتوجهت إلى الصالون رأت هناك أستاذ مجيد والوليد .. وبجانبه رجلان من نفس عمر الوليد تقريبا يبدو أنهم أصدقائه .. ورأت أيضا المأذون وفتاة لا تعرفها غير محجبة و تبدو أنها أصغر من سارة ببعض الأعوام .. كان يبدو على الوليد وتلك الفتاة أنهم قد سئموا انتظارها .. وما إن رأوها حتى قال لها أستاذ مجيد :
ـ ابنتي سارة .. أين كنتي ؟ لقد قلقت عليكي .. ولماذا لا تجيبين على هاتفك ؟؟

شعرت بأن وجنتاها احمرتا من الخجل .. وخاصة بسبب نظرات الوليد المشتعلة غضبا لها .. فردت على أستاذ مجيد بتلعثم :
ـ آسفة على التأخر لقد كان المرور مزدحم .. أما هاتفي فلم أسمعه وهو يرن .. أعتذر عن ذلك

وهنا تكلم الوليد بصوت غاضب وقال لها :
ـ لقد جعلتينا ننتظرك نصف ساعة .. هل تظنين بأنه ليس لدى كل منا مشاغل آخرى غيرك ؟!!
ـ لقد أعتذرت عن تأخري .. وبالطبع أنا لم أتعمد أن أجعلكم تنتظروني ..ولكن الطريق كما قلت كان مزدحما

تقدمت في السير وجلست بجانب أستاذ مجيد وهي تشعر بالانزعاج .. لم تكن تريد إعطائه أي فرصة لينتقدها فهي ليست من النوع الغير منتظم في مواعيده .. ولكنها لا تعرف لماذا يحدث ذلك معه بالذات !!

سألها الوليد وقد تبدلت نبرة صوته من الغضب إلى السخرية :
ـ آنسة سارة .. مامشكلتك مع المواعيد ؟؟.. هل لديكي عقدة القدوم في الموعد ؟؟

همت لترد عليه وتدافع عن نفسها ولكن تلك الفتاة الموجودة معهم سبقتها بالحديث قائلة :
ـ لماذا لا ننتهي من عقد القران الآن .. أنا لم أرتاح بعد منذ قدومي من المطار .. وكل ذلك بسبب تأخرها

قالت الكلمة الأخيرة تلك وهي تشير إليها بازدراء !!
من هذه الفتااااة ؟!!! .. ولماذا تتحدث بهذا الغرور كله ؟!! .. هل يعقل أن تكون ابنة عمها لمياء ؟!!

تحدث أستاذ مجيد ليؤكد لها شكوكها حينما قال :
ـ حسنا يا لمياء .. سنبدأ في المراسم الآن والأمر لن يستغرق وقتا

بدأ المأذون أخيرا بالمراسم .. كان يعظها هي والوليد ويوصيهما بأن يحفظ كل منهم حق الآخر ويصونه .. ونصائح أخرى كثيرة .. ثم بدأ يقول كلاما ويطلب من أستاذ مجيد ترديده .. ونفس الأمر فعله مع الوليد ومعها ..

يالا غرابة الدنيا .. منذ يومين فقط لم يكن ليخطر على بالها بأنها ستتزوج .. ومن من ؟ .. من رجل لم تراه في حياتها بالرغم من أنه ابن عمها !!

بعد أن انتهى عقد القران راح كلا من أستاذ مجيد و الرجلان الذين شهدوا على زواجهما يسلمان على الوليد ويباركان لها .. وقد بدوا جميعا أنهم أكثر سعادة من الوليد نفسه !! .. وبالطبع لم تتوقف خيرية عن الدعاء لهم واحتضنتها بسعادة غامرة .. ووزعت عليهم شربات احتفالا بهذا الزواج .. أما لمياء فقد اكتفت بأن تبارك لأخيها ببرود ولم تذكرها هي بشئ !

رحل المأذون وأصدقاء وليد أولا .. حيث على مايبدو كانوا هم من أحضروا المأذون وهم من سيوصلونه إلى بيته .. ثم تبعهم أستاذ مجيد بعد أن طلب منه الوليد أن يقابله في الشركة غدا لمناقشة بعض أمور العمل .. أما هي فقد أصرت أن ترافق أستاذ مجيد إلى الباب .. أرادت بذلك أن تبتعد قليلا عن الوليد ولمياء .. كانت مشاعرها عبارة عن مزيج من التوتر والخجل والخوف من الحاضر ومن المستقبل في نفس الوقت
..
قال لها المحامي حينما وصلا عند الباب :
ـ انتي كابنتي يا سارة .. لقد كانت تربطني بعمك علاقة صداقة قوية .. وقد أوصاني عليكي كثيرا .. أرجو أن تعتبريني كوالدك وإذا احتجتي أي شئ فلا تترددي في أن تطلبيه مني ..

يبدو أنه قد أحس بتوترها فحاول أن يطمئنها قليلا بهذا الكلام .. وتمنت لو أن تطلب منه أن يبقى معهم اليوم !! .. فوجوده سيشعرها ببعض الألفة في هذا المكان .. ولكن هذا مستحيلا بالطبع .. ورحل أستاذ مجيد ..
وبقيت هي بجانب الباب لفترة ..لا تريد العودة إلى الصالون .. فقد تملكتها رغبة شديدة في البكاء .. شعرت وكأنها كالطفلة التي وضعها والدها في المدرسة في أول يوم لها ثم تركها ورحل .. تاركا إياها في مكان غريب عليها !

ظلت على هذه الحالة من الكآبة بضعت دقائق .. ثم قررت أخيرا أن تسيطر على مشاعرها وأن تواجه واقعها الجديد بقوة وشجاعة .. فأخذت نفسا عميقا وتوجهت نحو الصالون حيث الوليد وأخته لمياء ..
ولكنها حينما وصلت توقفت متعجبة .. لم يكن هناك أي أثر لهم .. ولا حتى لخيرية .. فقد حقيبتها هي التي كانت لاتزال في مكانها ..
لابد وأن كلا منهم قد صعد إلى غرفته .. ولكن كيف لهم أن يذهبوا ويتركوها بهذه الطريقة ؟!! على الأقل كان على الوليد أن ينتظرها أو يحمل الحقيبة عنها ويدلها على غرفتها !!.. هل هكذا يتصرف الزوج مع زوجته في أول يوم زواجهما ؟!! ..حتى إن كان لا يحبها على الأقل يجب أن يبدي لها اعتبارا ..

ماذا ستفعل هي الآن .. كيف ستصعد السلم بهذه الحقيبة الثقيلة ؟!! .. لم تجد حلا سوى أن تعتمد على نفسها وتقوم هي بهذه المهمة .. فعلقت حقيبة يدها على كتفها وحملت الأخرى بيدها وأخذت تصعد بها السلم .. وقد كادت أن تتعثر أكثر من مرة .. وتوقفت عدة مرات على السلم لتستريح قليلا وتلتقط أنفاسها ..
وتسائلت ما إذا كان الوليد يريد أن يعاقبها لموافقتها على الزواج منه ؟!! ..أو لأنه يحقد عليها لأن والده أوصى له بها !!.. ولكنها حاولت أن تطرد هذه الأفكار من رأسها ..

وبعد عناء كبيير .. تمكنت أخيرا من صعود السلم بحقيبتها .. كانت تلهث وكأنها كانت في سباق جري .. نظرت أمامها فوجدت مدخل يقود إلى ممر .. وحينما أصبحت في الممر كان أمامها ستة غرف !! .. تملكتها الحيرة ولم تعرف ماذا تفعل ..هذه هي أول مرة تصعد فيها هذا الطابق رغم زياراتها المتكررة لعمها ..

راحت تمسح العرق من على جبينها نتيجة المجهود الذي قامت به .. وحاولت أن تخفف توترها وهي تقول لنفسها أن كل شئ سيكون بخير .. واستجمعت شجاعتها متجهة إلى أول غرفة أمامها وطرقت بابها .. وحينما لم تتلقى ردا طرقته مرة أخرة .. ولكن لا جدوى .. جربت أن تحرك المقبض فوجدته يتحرك في يدها .. ففتحت الباب ببطأ خشية أن يكون هناك أحد بالداخل .. ولكنه لم يكن بداخلها أحد .. فدخلت إليها ..

كانت غرفة نوم كبيرة مجهزة بالكامل .. أما أثاثها فكان جميلا جدا ومن الطراز الحديث .. ويغلب عليه اللون الوردي ..
أعجبتها الغرفة كثيرا .. وتمنت لو أن تكون هذه غرفتها بالفعل .. تقدمت نحو السرير وجلست عليه ..
وفكرت هل ستكون هي والوليد في غرفة واحدة أم أنه لن يرغب في أن يشاركها نفس الغرفة ؟!! .. تمنت لو أن كل منهما يكون في غرفة بمفرده على الأقل حتى تعتاد على وجوده ..

ألتفتت إلى الباب الذي يقع بجوار الخزانة وفكرت في أنه لابد وأن يكون باب الحمام .. وانتابها الفضول لتشاهد شكله ..فتوجهت نحوه وحاولت أن تفتح الباب ولكنه كان مغلقا ..

راح القلق يساورها من جديد ..هي لم تتأكد بعد من أن هذه هي غرفتها .. ولكن ماذا إذا كانت هي بالفعل والوليد هو من بداخل الحمام ..بدأت تشعر بالغضب من كل هذا .. وتسائلت كم من الوقت سيمضي حتى تكتشف غرفتها ؟!! ..

وفجأة رأت الباب الذي كانت تحاول فتحه يفتح أمامها ليخرج منه ....
لمياااااء !! ... يا إلهي !
كانت ترتدي روب الاستحمام .. وبدت الدهشة علىها وكذلك على سارة .. ولامت سارة نفسها أنه لم يخطر ببالها أن تكون هذه هي غرفة لمياء .. أخذت كل منهما تحملق في الأخرى لفترة .. حتى صرخت فيها لمياء أخيرا :
ـ كيف تجرؤين على دخول غرفتي ؟!

ارتبكت سارة وعقد لسانها فلم تستطع أن تقول شيئا .. فتابعت لمياء صراخها :
ـ هل تظنين أنه يمكنك التصرف في هذا المنزل كما يحلو لك ؟؟ .. هل اعتدتي أن تتصرفي بهذه الطريقة في المكان الذي جئت منه ؟؟ .. أنا آسفة ولكن هذا ليس سكنا للطالبات !!

كان واضحا أنها تهينها .. واشتاطت سارة غضبا .. ولكنها تمالكت أعصابها حتى لا يتطور الأمر وقالت لها ببرود :
ـ لم أكن أعرف أن هذه غرفتك .. وكيف لي أن أعرف وهذه أول مرة أصعد فيها إلى هنا ولم يخبرني أحد حتى بمكان غرفتي ؟!!
ـ لا تحاولي إقناعي بأنك لا تعرفين أين هي غرفتك .. أنا متأكدة أن أخي قد دلك عليها .. ثم لنفترض أنك صادقة فيما تقولين ..ألم تلاحظي ألوان الغرفة التي توحي بأنها غرفة فتاة ولا تصلح لأن تكون لزوجين ؟!! .. ولنفترض أيضا أنكي لا تفهمين في هذه الأمور .. ألم تلاحظي وجود حقيبتي ؟!!

نظرت سارة إلى حيث تشير لمياء .. فرأت حقيبقة قد وضعت بجانب السرير وهي تلمحها لأول مرة منذ دخولها إلى الغرفة ..

شعرت بالخجل الشديد ..وتمنت لو أنها لم ترتكب هذا الخطأ .. حتى لا تترك لهذه الفتاة المغرورة الفرصة لتهينها بهذه الطريقة ..
أخذت حقيبتها واتجهت نحو الباب .. فخرجت من الغرفة وصفعت الباب ورائها وهي تكاد تنفجر من شدة الغضب ..
وتمنت لو أن ترى الوليد أمامها في هذه اللحظة حتى تحاسبه على إهماله لها ووضعها في هذا الموقف ..

لاحظت أن الغرفة التي بجانب غرفة لمياء ينبعث الضوء من تحت بابها .. فعرفت أن بداخلها أحدا .. إما خيرية وإما الوليد .. وتمنت لو أن يكون الآخر .. واندفعت تفتح الباب دون حتى أن تطرقه .. فرأت ما كانت تتمناه .. كان الوليد يجلس أمامها متمدد على السرير وفي يديه كتابا يقرأه .. وحينما رآها نظر إليها ببرود..

فقالت له بغضب :
ـ هل أنت معتاد على التخلي عن مسؤولياتك ؟ .. أليس من مسؤوليتك أن تساعدني في حمل هذه الحقيبة إلى هنا .. وأن تدلني على مكان غرفتي ؟!!
ـ الأمر لا يستدعي كل ذلك الغضب .. لقد كنت منشغلا بلمياء ولم أنتبه حتى لحقيبتك .. ولكن كان يمكنك أن تطلبي من خيرية أن تساعدك في حملها وأن تدلك على الغرفة !!

قال ذلك ببرود مما جعلها تزداد غضبا ..
ـ حقا !! .. وأين هي خيرية كي أسألها ؟؟ .. أنا حتى لا أعرف أين هي غرفتها ..ثم حتى لو كانت موجودة ..تريدني أن أسألها عن مكان الغرفة ؟!! .. وماذا ستقول عنا حينما ترى أنك قد تركتني وحدي أبحث عن مكان الغرفة ونحن في أول ليلة من زواجنا !!
ـ عاجلا أم آجلا ستكتشف بأنني لم أتزوجك حبا فيكي .. وإنما تنفيذا لوصية والدي .. لذا لا داعي للتمثيل .
ـ وهل أنا التي تزوجتك حبا فيك .. أنا أيضا اضطررت للقبول بالزواج منك
ـ نعم بالطبع .. اضطررتي من أجل المال أليس كذلك ؟؟
ـ بل من أجل أن أكمل دراستي ..

ابتسم لها بسخرية وقال :
ـ أيا كان المسمى .. ولكن الهدف واحد في النهاية .. وهو المال ..

سكتت ولم تعلق على كلامه .. لا يهمها أن يصدقها .. فليظن فيها ما يشاء ..لا يهمها ..

وفي نفس اللحظة أغلق الوليد الكتاب الذي بيده .. وبدا أنه يستعد للنوم .. وحينما رآها واقفة لا تتحرك قال لها :
ـ يمكنك أن تعتبري أن هذه هي غرفتك ..

شعرت بالانزعاج الشديد .. فسألته بتوتر :
ـ ألا توجد غرف أخرى في هذا المنزل ؟!!
ـ بلى يوجد .. ولكني لا أعتقد أنك ستحبين النوم في غرفة مليئة بالغبار.. خيرية لم تجهز سوى غرفتين فقط .. هذه الغرفة وغرفة اختي .. وأنا لم أطلب منها أن تجهز غرفة أخرى لأني لا أريد أن تشعر لمياء بشئ ..

انتابها الغضب من جديد حينما تذكرت لمياء ..
تأملت الغرفة من حولها فلاحظت أنها أكبر حجما من غرفة لمياء .. ومجهزة لتكون لشخصين .. وكان يوجد في ركن منها كنبة كبيرة .. فسألته بارتباك :
ـ ألا يمكنك النوم على الكنبة ؟؟

ضحك من سؤالها وأجابها :
ـ أنا لا أفكر بأن أترك السرير وأنام على الكنبة .. ولكن إن استهوتك انتي هذه الفكرة فيمكنك أن تنامي عليها .. لن أمنعك ..

ازدادت ارتباكا من رده .. كيف لها أن تنام معه في نفس الغرفة أو حتى كيف ستتركه يراها بملابس النوم وهي من دون حجاب .. إنها لم تستوعب بعد فكرة أنه زوجها ..
حينما لاحظ الوليد ارتباكها الشديد قال لها بسخريته :
ـ لا تخافي أنا لن آكلك ..

لم تعيره اهتماما .. وراحت تخرج ماسترتديه للنوم من حقيبتها .. فأخرجت بيجامة ذات أكمام طويلة .. واتجهت نحو الحمام الذي كان في ركن من الغرفة ..
وما إن دخلته حتى أجهشت في البكاء .. وفتحت صنبور المياه حتى تغطي على صوت بكائها .. أي زوج هذا الذي لا يحبها ولا يطيقها .. هي ليست خائفة منه لأنها متأكدة أنه لا يرغب فيها .. ولكنها مع ذلك تشعر بالكآبة

كلاهما كان مضطرا لهذا الزواج .. ولكنها لا تكرهه بقدر كرهه هو لها .. إن كل شئ فيه كانت تتمناه في فارس أحلامها .. كل شئ ماعدا كرهه لها ..

بدلت ملابسها وأخذت تجفف دموعها .. لن تدع نفسها تفكر في هذه الأمور .. ستركز في دراستها وحسب .. عليها أن تجتاز هذه السنة بتقدير امتياز حتى تتمكن من الحصول على البعثة التي تحلم بها .. ووقتها لن تكون بحاجة إلى مال أحد ..

غسلت وجهها بالماء .. وحاولت أن تخفي آثار البكاء من وجهها .. وبعد أن شعرت أنها استعادت ثقتها في نفسها فتحت الباب .. وأحست بالارتياح لأن الظلام كان يعم الغرفة .. فاطمأنت من أنه لن يستطيع أن يراها .. أخذت تمشي بخفة إلى الجهة الأخرى من الغرفة وهي تفكر هل تنام على السرير أم على الكنبة .. إن نامت على الكنبة فستبدو وكأنها خائفة منه .. وسيستغل هذا لكي يسخر منها ..

وأخيرا قررت أن تنام على السرير .. فصعدت عليه بخفة حتى لايشعر بها .. وتمددت على جانبها على حافة السرير .. حتى أنها لو أرادت أن تتقلب فستقع من على السرير ..إلى هذه الدرجة حاولت أن تكون بعيدة عنه ..

كانت تسمع صوت أنفاسه .. وأدركت بغريزتها أنه نائم .. فأغمضت عينيها .. ومن شدة التعب .. لم تستغرق وقتا حتى غرقت في نوم عميق .....


 
 

 

عرض البوم صور طمووح   رد مع اقتباس
قديم 14-09-13, 10:06 PM   المشاركة رقم: 3
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Aug 2013
العضوية: 257572
المشاركات: 62
الجنس أنثى
معدل التقييم: طمووح عضو على طريق الابداعطمووح عضو على طريق الابداعطمووح عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 209

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
طمووح غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : طمووح المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: حبيب تحملت منه الأذى

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــ


كانت غارقة في النوم حينما سمعت من ينادي باسمها بنفاذ صبر .. ويأمرها بأن تغلق منبه هاتفها الذي يرن .. راحت تمد يدها إلى جانبها لتوقف صوت هذا المنبه المزعج .. ولكن يدها كانت تلوح في الهواء .. أخدت تمد يدها أكثر حتى ....
طراااااااااااااااااااااااااااااااااااااخ

فتحت عينيها وقد أفاقتها الصدمة التي اصطدمتها بالأرض نتيجة سقوطها من فوق السرير ..
رفعت رأسها من على الأرض وأخدت تحكه .. وهي تحاول أن تتذكر أين هي .. وأن تسترجع أحداث الأمس ..
جالت بنظرها في الغرفة وكأنها طفلة ضائعة حتى وقع نظرها على الوليد الذي كان يقف أمام المرآة يربط ربطة عنقه وهو ينظر إليها ويتأملها ..

ـ هل كان يجب أن تتلقي ضربة على رأسك حتى تستفيقي ؟!! .. لقد ظننتك لن تستيقظي أبدا ..

تجاهلت كلامه وسألته :
ـ كم الساعة الآن ؟؟

ناولها هاتفها لترى الساعة بنفسها فرأتها تشير إلى التاسعة ..
يا إلهي .. لديها محاضرة بعد نصف ساعة من الآن .. نهضت بسرعة من على الأرض وهي تشعر ببعض الدوار في رأسها .. وراحت تقول له :
ـ لماذا لم توقظني حينما بدأ المنبه في الرن ؟؟

كانت تذكر جيدا أنها ضبطت هاتفها ليرن على الثامنة والنصف .. ورد الوليد عليها قائلا :
ـ لم أوقظك ؟!! .. أنا أنادي عليكي منذ زمن ولم تحركي ساكنا !!

لم يكن لديها وقت حتى تتجادل معه أكثر .. أخذت بسرعة ملابسها التي كانت ترتديها بالأمس وتوجهت إلى الحمام .. ولكنه قال لها بسخرية :
ـ لا داعي لأن تأخذي ملابسك معكي ..

ثم تناول سترته وتوجه إلى باب الغرفة وتابع يقول :
ـ إن كنتي تريديني أن أوصلك في طريقي إلى الجامعة فعليكي أن تكوني جاهزة في غضون ربع ساعة من الآن ..

راحت تجهز نفسها بسرعة .. وفي غضون عشرة دقائق كانت جاهزة .. فنزلت إلى الأسفل .. كان الوليد منحنيا جانب الباب يربط حذائه .. أخذت تتأمله وهو يلف الرباط بخفة وسرعة .. بدا لها ماهرا جدا في ذلك !

نظر إليها وقد انتبه إلى تمعنها في النظر إلى حذائه .. فأخرجها من أفكارها حينما سألها :
-ـ هل لديكي مشكلة ما مع حذائي ؟!!

تجاهلت سؤاله .. وقالت له ببرود :
ـ أنا جاهزة

كانت لا تزال واقفة بجانب السلم .. فتوجهت نحوه لترتدي حذائها هي الأخرى ..أما هو فقد أمسك بحقيبة سوداء تشبه تلك التي يحملونها رجال الأعمال .. وقام بفتح باب المنزل .. وحينها .. لاحظت أن ضوء الشمس الذي في الخارج قد تسلط عليه.. ليمتد من ورائه ظله الطويـــــــــل ..تركت حذائها من يدها وراحت تتأمل هذا المنظر ..شعرت بسعادة غامرة .. هذا يذكرها تماما بكرتونها المفضل ( صاحب الظل الطويــــــــل) .. وتمنت لو أنها تستطع أن تخرج هاتفها لتصور هذا المنظر الذي بدا شاعريا بالنسبة لها ..

ـ أنا لن أنتظرك كثيرا بالخارج .. أسرعي ..

قال لها ذلك ثم خرج من الباب .. أما هي فقد ظل اهتمامها منصبا على ظله الطويل الذي راح يخف شيئا فشيئا حتى اختفى تماما بعد ابتعاده ...

ـ سيدتي .. سيدتي ..

أفاقت من ذهولها وألتفتت لترى خيرية تقف خلفها .. التي سألتها :
ـ هل ستخرجين دون أن تتناولي شيئا ؟؟
ـ شكرا يا خيرية .. ولكنني مستعجلة .. سأتناول فطوري في الجامعة

أكملت لبس حذائها بسرعة وخرجت من البيت متجهة نحو سيارة الوليد .. وما إن صعدت في السيارة حتى انطلق على الفور .. كانت متأكدة من أنها لو كانت تأخرت بعض الوقت فلم يكن الوليد ليهتم بانتظارها ..

ساد بعض الصمت بينهما قبل أن يبدأ الوليد بالحديث حينما سألها :
ـ أعتقد أنكي في كلية الطب ؟

شعرت بالصدمة من سؤاله هذا .. هل يعقل أن يتجوزها دون أن يعرف حتى في أي كلية هي !!
ـ نعم هذا صحيح

أخذ يستفسر منها عن مكان كليتها .. فشرحته له .. بدا أنه يعرف المكان ولكنه يحاول أن يتذكره ..
إن أمرهم حقا غريب .. لقد تزوجا وهما لا يعرفان الكثير عن بعضهما وهاهو لأول مرة يعرف في أي كلية هي !!

ساد الصمت بينهم مرة أخرى .. ولم تشأ هي أن تتحدث .. وأخذت تتأمل ملامحه الجادة وهو يركز في الطريق أمامه ..

تكلم الوليد أخيرا ليقطع الصمت الذي خيم عليهم قائلا :
ـ إن هذه البلد أجدها كل عام أكثر ازدحاما من العام الذي قبله !!

بدا أنه قد نفذ صبره بسبب بطأ السير نتيجة ازدحام المرور ..

قالت له معلقة على كلامه :
ـ بل يبدو أنك كنت تأتي في العطلة الصيفية فقط .. والفرق كبير جدا بين المرور أيام العطل .. وأيام الدراسة حيث يكون أكثر ازدحاما ..

ألتفتت إلى النافذة وأخذت تتثائب حيث كانت لاتزال تشعر برغبة في النوم .. مع أنها كانت قد أخذت كفايتها في النوم .. بالرغم من كل مشاعر التوتر والخوف اللذان كانت تشعر بهما نحو الوليد .. إلا أنها ما إن وضعت رأسها على الوسادة حتى غرقت في النوم دون أن تفكر في أي شئ من مخاوفها ..

ـ في أي ساعة سنتهي دوامك ؟
سألها الوليد ذلك وهما يقتربان من مبنى الكلية بعد أن رأته أمامها أخيرا

ـ سأنتهي تقريبا في الساعة الخامسة

أجابته وهي تشعر بالسعادة حينما راودتها فكرة أنه قد يأتي هو ليصطحبها بنفسه ..
ولكنه قال مخيبا أمالها :
ـ سيأتي سائق جديد اليوم .. سأتصل به وأخبره أن ينتظرك عند البوابة الرئيسية في هذا الوقت

كانا قد وصلا فأوقف سيارته أمام البوابة وأخرج هاتفه وطلب منها أن تعطيه رقمها .. ثم اتصل بها لتسجل رقمه هي الأخرى .. وقال لها :
ـ اتصلي بي إن حدث أي تغيير في مواعيدك ..
ـ حسنا .. أشكرك على توصيلي

وقبل أن تنزل من السيارة قال لها :
ـ انتظري

وأدخل يده في جيب سترته فأخرج منها علبة صغيرة .. وتابع يقول :
ـ لقد نسيت أن أعطيكي هذا

فتح العلبة وأخرج منها خاتمين .. أعطاها أحدهما وارتدى هو الآخر .. وأمرها بأن تلبسه هي الأخرى .. ففعلت ذلك دون أن تعترض ..

ـ إنها مجرد شكليات .. حتى يبدو زواجنا طبيعيا

أخبرها بذلك وقبل أن تفكر في كلامه ودعته على مضض .. ونزلت من السيارة وحينما همت بالذهاب استوقفها مرة أخرى ..
فنظرت إليه من النافذة وسألته بسخرية :
ـ ماذا ؟؟ هل ستطلب مني أن أشير لك بيدي مودعة حتى لا يشك أحد بأن زواجنا طبيعيا ؟!!!
ـ لا .. أردت فقط أن أخبرك بأنه بما أننا سنظطر للعيش مع بعضنا لفترة لا نعلمها .. فعليكي أن تجدي حلا في كلامك أثناء النوم ...

ظل واقفا بسيارته ينظر إليها ويتأمل ردة فعلها ..أما هي فقد انتصبت واقفة وقالت بتلعثم :
ـ أنا .. غير صحيح .. لا ...

كان وجهها قد اكتسى باللون الأحمر من شدة الخجل الذي شعرت به .. واستمر هو في النظر إليها وكأنه يستمتع بإحراجها .. شعرت بأنه يخفي ضحكة وراء ملامحه التي يتصنع فيها الجدية ..

وأخيرا تحرك بسيارته بينما ظلت هي مسمرة في مكانها إلى أن ابتعدت سيارته ..
راحت تسير بسرعة إلى المدرج .. ليس رغبة منها في عدم التأخر عن المحاضرة .. بل رغبة منها في أن ترى سمر بأسرع وقت .. كانت لا تزال تشعر بحرارة وجهها من الخجل .. لم تخبرها سمر من قبل بأنها تتحدث وهي نائمة .. وأخذت تشكك في أن هذه كذبة منه لمجرد إحراجها ..

دخلت إلى المدرج بعد التاسعة والنصف ببعض الدقائق .. ولكن الدكتور لم يكن قد أتى بعد .. فتوجهت بسرعة إلى حيث تجلس سمر .. حيث كانت تحتجز لها مقعدا بجانبها .. فجلست عليه وحينما انتبهت سمر لقدومها هتفت بحماس :
ـ عروستنا سااااااارة !!
بدا عليها السعادة لرؤيتها ولكنها لاحظت احمرار وجنتيها .. فسألتها مداعبة:
ـ تبدين وكأن أحدهم قد صفعك على خدك !
ـ نعم إن هذا صحيح .. لقد صفعني الوليد بكلامه .. هل تصدقين ذلك ؟!! .. لقد قال لي بأني كنت أتحدث وأنا نائمة !!.. لا يمكن أن يكون هذا صحيحا .. أخبريني بسرعة ..هل كنت أتحدث وأنا نائمة حينما كنت معك في السكن ؟؟؟

عقدت سمر حواجبها محاولة استيعاب كلامها .. ثم فجأة انفجرت في الضحك ..

ـ سمر أرجوكي ليس هذا وقتا للضحك
ـ ههههههههههههههه .. لا يعقل .. ههههه هل حقا أخبركي بأنكي كنتي تتحدثين أثناء نومك ؟؟

لم تجاوبها سارة .. ظلت صامتة بعصبية تنتظر أن تجاوبها هي على سؤالها .. فردت سمر أخيرا :
ـ حسنا .. أنتي لا تتحدثين وانتي نائمة

تنهدت سارة بارتياح .. وقد خف خجلها قليلا وهي تشعر بأنه كان يمازحها فقط ..

ـ ولكن ..

قالت سمر ذلك فقاطعتها :
ـ ولكن ماذا ؟؟؟؟
ـ ولكنك كنتي أحيانا حينما تكوني مريضة أو مرهقة تتحدثين ..

سكتت قليلا ثم تابعت وهي تضحك :
ـ لا بد وأنك كنتي مرهقة جدا ليلة أمس .. ولكن لا تقلقي .. لم أكن أفهم منك شيئا حينما كنتي تتحدثين أثناء نومك !

لم تستطع أن تتابع الحديث معها .. فقد دخل الدكتور .. ولكنها ظلت تفكر في كلامها .. إنها حقا كانت متعبة كثيرا في ليلة أمس .. هل يعني هذا أنها قد تحدثت وهي نائمة بالفعل ؟!!

طردت الفكرة من رأسها .. لا يجب أن تحقق له هدفه في إحراجها .. ولكنه قد حققه بالفعل ! ..حاولت أن تتناسى الموضوع وركزت في المحاضرة ..

أخبرهم الدكتور عن اسم الكتاب الذي عليهم شراءه فتذكرت أمر المال .. كيف نسيت أن تطلب منه مصروفها ؟!!.. تذكرت اتهامه لها ليلة أمس بأنها لم تتزوجه إلا من أجل المال .. إذا طلبت منه هي المال ولم تنتظر أن يعطيها هو من نفسه فستؤكد له أنه كان على حق ....

تحاول أن لا تعطي أي أهتمام لكلامه وظنونه بها .. ولكنها لم تنجح في ذلك حتى اللحظة ..

ـ هل مازلتي تفكرين بالأمر ؟

همست لها سمر بذلك وهي تكتم ضحكتها .. ثم أمسكت بيديها وقد لاحظت الخاتم التي ترتديه ..
فعلقت عليه قائله :
ـ إنه رائعا جدا .. يبدو أنه يهتم لأمرك كثيرا ليشتري لكي دبلة كهذه !
ـ يهتم لأمري ؟! .. لقد أعطاني هذا الخاتم للشكليات فقط لا غير .. قال لي ذلك وهو يعطيني إياه ..

رفعت سمر حاجبيها غير مصدقة ثم سألتها عن ماحدث معها بالأمس منذ أن تركتها .. كان الدكتور قد أنهى محاضرته .. فحكت لها باختصار كل ماحدث بينها وبين الوليد أثناء انتظارهما للمحاضرة التالية .. وبعد أن انتهت من الحديث علقت سمر :
ـ لا بد من أن هناك سبب يجعل الوليد يعاديكي بهذه الطريقة !
ـ ربما توقع مني أن لا أوافق على الزواج منه .. فيكون بذلك قد أراح ضميره من ناحية الوصية
ـ وما الذي يجعله يتمنى عدم موافقتك ؟.. ما الذي سيخسره من هذا الزواج ؟ .. إلا إذا كانت هناك امرأة اخرى في حياته
ـ الوليد ؟!! .. امرأة ؟!! .. لا أعتقد .. بدا لي أنه يكره جميع النساء .. باستنثاء اخته بالطبع
ـ اخته .. لمياء تلك .. لا تبدو لي لطيفة

وافقتها سارة وهي تشعر بالانزعاج .. فهي لا تتحمل الوليد حتى تتحمل أخته أيضا ..

أكملت سمر كلامها قائلة :
ـ ولكني ظننت أنك ستتغيبين اليوم أيضا ..
ـ يكفي أنني تغيبت بالأمس .. لا أريد أن تضيع عليا محاضرات أكثر من ذلك .. كما أن الوليد لم يتغيب عن عمله .. فلماذا أفعل أنا ذلك ؟!!

حينما انتهت من آخر محاضرة لها .. كانت الساعة تتجاوز الخامسة عصرا بقليل .. وتسائلت إن كان عليها أن تنتظر السائق الذي أخبرها الوليد عنه أم تستخدم المواصلات كعادتها ..

وقطع هذه الحيرة اتصال رقم غريب بها .. اكتشفت حينما ردت أنه السائق .. وصف لها سيارته .. فتمكنت من التعرف عليه بسهولة .. كان يبدو في الخمسينات من عمره .. وهناك بعض الخصل البيضاء تظهر في شعر رأسه .. تعرفت عليه .. وطلب منها أن تناديه بعم سليم .. كان لطيفا جدا .. كخيرية تماما .. أما سيارته فكانت أكبر من سيارة الوليد من نوع الجيب ..

حينما وصلت إلى المنزل .. حاولت أن تفتح الباب ولكنه كان مغلقا .. فرنت على الجرس وهي تفكر أنه يجب أن تمتلك نسخة من مفتاح المنزل .. ولم تمضي ثوان حتى فتحت خيرية لها الباب على الفور .. فابتسمت لها سارة وقالت :
ـ مرحبا
ـ مرحبا بالعروسة .. كيف تشعرين ؟
ـ أكاد أموت جوعا .. هل أعددتي شيئا على الغداء ؟
ـ نعم بالطبع .. لحظات ويكون الطعام جاهزا

انطلقت خيرية إلى المطبخ .. أما هي فقد اتجهت نحو غرفتها .. وهي تفكر .. لا بد وأن خيرية تشعر ببعض الغرابة .. فهي والوليد خرجا من البيت في أول يوم لزواجهما .. وهاهي تعود الآن ولا تنتظره حتى يأتي على الغداء ..

ولكن مايميز خيرية أنه ليس من عادتها أن تتدخل في الشؤون الخاصة لأهل البيت .. إلا حينما يطلب منها ذلك ..

انتهت من ارتداء بيجامتها ذات الأكوام الطويلة ثم وقفت أمام المرآة تتأمل شكلها .. شعرت بالحر من هذه البيجامة ولكنها مع ذلك صممت على ارتدائها .. على الأقل حتى تعتاد هي على وجود الوليد معها في منزل واحد ..
أخذت تتأمل جسمها الممشوق .. وشعرها الذي يصل طوله إلى تحت أكتافها بقليل ..
ولا تدري لماذا أخذت تقارن نفسها بلمياء ؟!! ..

كانت لمياء في نظرها فاتنة الجمال .. شعرها الذهبي الذي لا تعرف هل هذا هو لونه الحقيقي أم أنها تصبغه .. بينما شعرها هي بني غامق ولا يبدو بنفس نعومة شعر لمياء ..

ملامحها الجميلة والجذابة التي تجعلها تبدو كالأجانب .. وعلى الرغم من أنها تشعر أن ملامحها هي أيضا تبدو جميلة .. ولكنها ليست فاتنة كلمياء ..
شفتا لمياء ممتلئتين .. بعكس تماما شفتاها التي تظهر كخط رفيع صغير..

لمياء أيضا تبدو أكثر نحافة منها .. ولكنها لم تشعر بالاستياء من ذلك .. فالنحف الشديد أمثال جسم لمياء لا يعجبها .. تحب أن تبقى نحيفة كما هي .. وأن تحافظ على جسمها كما هو .. لا أن تنحف أكثر .. ولا أن يزداد وزنها عن ذلك ..
وشعرت بأن هذا هو الشئ الوحيد الذي تغلبت فيه على لمياء ..

أخذت تصف نفسها بالحمقاء لإجراء مقارنة كهذه .. لماذا تهتم بشكلها إلى هذا الحد ؟!! ..ولماذا تقارن نفسها بلمياء ؟!!

نظرت إلى حقيبتها التي كانت لا تزال على الأرض .. وقررت أن تفرغ مابداخلها بعد أن تأكل .. وتمنت أن يتأخر الوليد إلى أن تنتهي هي من ترتيب أغراضها بالغرفة ..

خرجت من غرفتها وراحت تقفز السلالم بمرح .. شعور جميل أن تعيش في بيت مكون من طابقين .. وأن تجد سائقا يقلك من الجامعة بدلا من أن تتبهدل في المواصلات .. وأن يكون هناك من يعمل على ترتيب البيت وتنظيفه دون أن تبذل جهدا في ذلك ..لم يكن من طموحها أن تحيا بترف .. ولكنها بلا شك سعيدة من نظام حياتها الجديد ..

توجهت نحو غرفة الطعام التي كانت تعرفها جيدا .. لقد دعاها عمها مرات كثيرة للغداء معه .. وحينما دخلت الغرفة توقفت للحظة وقد تفاجئت .. كانت لمياء تجلس على الطاولة وقد توقفت عن الأكل حينما رأتها ..

ألقت عليها سارة التحية واتخذت مكانا للجلوس وهي تشعر بالارتباك .. لقد ظنت أنها ليست بالمنزل .. انزعجت لأنها لن تستطيع أن تأخذ راحتها في الأكل .. ولكنها كانت جائعة لدرجة أنها تغلبت على ارتباكها وراحت تأكل بشراهة .. هي تعرف أكل خيرية جيدا .. إنها طباخة ماهرة ..

لم يكن الأكل بالشوكة والسكينة من الأمور الغريبة عليها .. بل هي معتادة على الأكل بهما .. ولا شئ جديد عليها .. سوى وجود لمياء معها التي أخذت تتأملها بكبرياء .. وحينما وجدتها لا تعطي لها أي اهتمام تكلمت أخيرا قائلة :
ـ من الغريب أن تخرج المرأة من بيتها .. في أول أيام زواجها !
ـ لم أشأ أن تفوتني محاضرت في الجامعة
ـ و ماذا عن أخي ؟ .. لماذا برأيك يذهب إلى العمل في أول يوم لزواجه منك ؟؟؟
ـ أعتقد أن هذا السؤال من المفترض أن توجهيه له هو وليس لي

لم تفهم إلى ماذا تريد لمياء أن تلمح .. ولكنها متأكدة أنها تحاول إهانتها .. ثم سمعتها تقول بمكر :
ـ أظن أن أخي قد مل بسرعة ..

حدقت بها وقد بدا عليها الاستياء من كلامها .. فضحكت لمياء بخبث وقالت:
ـ إنني أمزح فقط ..

كانت لا تزال تشعر بالغضب منها .. ولكنها لن تسمح لها بأن تعكر صفو مزاجها .. فسألتها بسخرية :
ـ وانتي أليس لديكي أي شئ تفعليه سوى الجلوس في البيت ؟؟
ـ بالتأكيد لدي .. سأبدأ دراستي من الغد

قالت ذلك ثم تابعت بغرور :
ـ كنت أدرس الهندسة في كندا وسأتابع دراستي هنا .. أنا متأكدة أن الدراسة هنا لن تكون متقدمة ككندا .. ولكني أمل أن تكون الجامعة الأمريكية التي سجلت فيها جيدة نوعا ما ..

ترى مالذي جعلها تترك كندا وتأتي مع الوليد إلى هنا ؟!! .. لماذا لم تبقى هي هناك ؟؟ .. أم أنه ربما أجبرها على القدوم إلى هنا لتكون معه ؟!!

لقد انفصل عمها عن زوجته منذ زمن .. هذا ما قاله لها عمها بنفسه .. وبقي الوليد ولمياء يعيشان معه .. إلى أن سافرا للدراسة بكندا .. حيث كانت والدتهم المطلقة تعيش هناك .. فأقاموا معها .. ولكنها توفيت منذ خمسة سنوات على ماتتذكر .. أي بعد وفاة والدها ببضعة شهور ..

عادت سارة لتسألها :
ـ في أي سنة انتي ؟؟
ـ أنا في السنة الرابعة

إذا هي تصغرها بعامين .. كانت واثقة أنها أصغر منها ولكنها لم تستطع أن تخمن بكم عام ..

ـ وانتي .. سمعت أنك تدرسين الطب

قالت لمياء ذلك وهي تنطق كلمة ( الطب ) بقرف واضح .. فأجابتها :
ـ هذا صحيح .. وهذه هي آخر سنة لي في الدراسة

لم تكن تتحدث بغرور مثلها .. بل تحدثت بلطف .. وهي تحاول أن تتحسن علاقتهما .. فمهما يكن ستظل هي أخت زوجها .. وقد تضطر للعيش معها لفترة طويلة ..

ـ أنا لا أعرف كيف تتحملون تشريح الجثث والحشرات .. هذا مقرف
ـ إننا لا نقوم بالتشريح إلا في أول سنة .. ثم لو أن جميع الناس سيمتنعون عن دخول كلية الطب لمجرد أن فيها تشريح فمن سيتبقى ليكون طبيبا ويعالج المرضى ؟!!

نظرت إليها لمياء وهي لم يعجبها كلامها .. ثم وأخيرا قامت بعد أن كانت قد أنهت طعامها .. واستأذنت بالانصراف .. بطريقة لا تخلو من الكبرياء ..

وشعرت هي بأريحية أكثر بعد انصرافها .. فتابعت الأكل وهي تستمتع أكثر بمذاق الطعام ..
وبعد أن انتهت .. صعدت إلى غرفتها وبدأت في إخراج ملابسها من الحقيبة وترتيبها في الخزانة .. حيث كان الوليد ايضا يضع ملابسه ..

كان شعورا غريبا أن يشاركها رجل غرفتها .. وهي لا تستوعب بعد أن هذا الرجل يكون زوجها ومن الطبيعي أن يشاركها في خزانة الملابس وفي السرير أيضا !!..
يبدو أنها ستحتاج إلى الكثير من الوقت حتى تعتاد عليه ..

حينما انتهت من ترتيب ملابسها راحت تذاكر بعض الوقت .. وفي الساعة الثامنة بالضبط .. نزلت بسرعة إلى الصالة التي يوجد بها التلفزيون .. وتمنت أن لا تكون لمياء فيها .. ولحسن حظها لم تكن فيها .. ففتحت التلفزيون وأخذت تبحث عن المحطة التي تريدها .. حتى وجدتها أخيرا .. كرتونها المفضل .. شاهدته عشرات المرات ولم تمل منه بعد .. كان لايزال في أغنية البداية

حلمت بالسعادة .. حلمت بالحياة
وسكت الدروب .. واشتدت الخطوب .. فجئت من سراب
فتحت لي الأبواب ... حملت ليا العطايا ...
لتزهر الأحلام .. وتضحك الأيام ...
يااااااااااااااااااااا... يا صاحب الظل الطويل

كانت تستمع إلى تلك الكلمات وهي تتذكر ظل الوليد الطويـــــــــــــــــــل .. الذي شاهدته في الصباح ..
تمددت على الكنبة وقد اندمجت في متابعة الحلقة .. كانت تنفجر من الضحك على تصرفات جودي آبوت المضحكة ..رغم أنها شاهدت تلك الحلقة مرات عديدة .. وحفظتها أيضا ..

وفي مرة من المرات التي كانت تضحك فيها .. خيل إليها أن أحدهم قد دخل .. فألتفتت لترى من وهي تتمنى أن لا تكون لمياء .. ولكنها اعتدلت في جلستها بسرعة .. حيث كان الوليد هو من يقف أمامها ..

كان يبدو مرهقا .. فسلم بفتور ثم سألها :
ـ أين لمياء ؟
ـ أعتقد أنها بغرفتها ..

وفي نفس اللحظة التي كانت تنطق فيها هذه الجملة سمعا صوت لمياء وهي تقفز من فوق السلم .. يبدو أنها قد انتبهت لقدومه .. ركظت نحوه واحتضنته وراحت تقول بدلال :
ـ وأخيرا جئت .. لقد افتقدتك كثيرا
ـ وأن أيضا افتقدتك

قبلها الوليد من رأسها ثم ابتعد عنها وراح يمسح على رأسها بحنان لم تكن تتخيل سارة أنه يمتلكه ! .. وسألها :
ـ هل ارتحتي من السفر ؟
ـ نعم لقد ارتحت .. ولكن البيت مملا جدا من دونك

شعرت بأنها تلمح أن لا قيمة لوجودها ..

ـ انتي تعرفين أنني مشغول جدا في الشركة هذه الأيام .. ولولا ذلك لقضيت معك اليوم كله

قال ذلك ثم بدأ بالسير معها وهو يحيط بكتفها .. ثم ابتعدا عنها وراح كلامهما يتلاشى عن سمعها .. ولم تعد تسمع بقية حديثهما ..

لا تدري لماذا شعرت بكل هذا الانزعاج حينما شاهدت لمياء تحتضنه ؟!!.. وحينما رأته هو يعاملها بحنان .. ربما لأنه لا يعاملها بنفس الأسلوب .. أو لأنه لم يلقي لها بالا وكأنها ليست موجودة في هذا البيت ..

حاولت من جديد أن تطرد تلك الأفكار من رأسها .. فإذا كان الوليد و لمياء لا يهتمان بوجودها .. فعليها أن لا تهتم بهم هي أيضا .. وأن لا تترك لهم حيزا من أفكارها ..

صعدت إلى غرفتها وقبل أن تقرر النوم تذكرت بأنها لم تفاتح الوليد بعد في موضوع المال .. وفكرت في أن تذهب إليه الآن وتحدثه .. ولكنها تراجعت .. من الأفضل أن تنتظره حتى يأتي هو إلى الغرفة ..

مسكت أحد كتبها وراحت تذاكر فيه وهي تنتظره أن يأتي .. ومرت ساعة كاملة وهو لم يأتي بعد .. نظرت إلى الساعة فرأتها تشير إلى الحادية عشر .. أخذت تتثائب وهي تحاول أن تتغلب على النعاس .. وتسائلت ماذا يفعل الوليد كل هذا الوقت ؟! هل مازال يتحدث مع لمياء ؟!! أم إنه ينجز بعض الأعمال المتعلقة بالشركة ؟!..

تركت الكتاب مفتوحا بين يديها على الرغم من أنها لم تعد تستطع التركيز في أي مما تقرأه .. وأخذت تنتظر .. وتنتظر .. وتنتظر .. حتى غلبها النوم ...

سمعت الباب وهو يفتح ويغلق فاستفاقت بسرعة وأمسكت بالكتاب لتتظاهر بالمذاكرة .. كان لم يبدل ملابسه بعد .. غير أنه قد فك ربطة عنقه .. نظر إليها وسألها باستغراب :
ـ لماذا مازلتي مستيقظة إلى الآن ؟َ!!

لم يبدو أنه مهتما لمعرفة السبب .. ولكنها أجابته قائلة :
ـ كنت أذاكر ..
ـ وهل هذه طريقة جديدة للمذاكرة ؟!.. أن تمسكي الكتاب بالمقلوب ؟!!

نظرت إلى الكتاب الذي في يدها فوجدت أنه بالفعل بالمقلوب .. انتابها الخجل .. وقالت تدافع عن نفسها :
ـ لقد انتهيت من المذاكرة للتو ..

أمسك ببيجامته وتوجه إلى الحمام .. ولكنها استوقفته بسرعة وهي لا تطيق الانتظار أكثر من ذلك :
ـ هناك أمرا هاما أريد أن أحدثك فيه

نظر إليها باستغراب وسألها :
ـ وما هو ؟؟

أدركت وقتها أنها قد تعجلت .. ولو أنها انتظرت حتى يبدل ملابسه لكان أفضل .. فقالت بارتباك :
ـ الأمر ليس مهما للدرجة .. حينما يكون لديك الوقت سأتحدث معك عنه

كانت على وشك أن تخبره وينتهي الأمر .. ولكنها تراجعت على آخر لحظة .. وهي تشعر أنها لا تمتلك الشجاعة الكافية في تلك اللحظة ..

استرخت على السرير وأغمضت عينيها .. ولكنها شعرت به حينما خرج من الحمام ..

ـ هل انتي مستيقظة ؟

فتحت عينيها ببطأ وقد تفاجئت من سؤاله .. فأجابته :
ـ كدت أن أنام ..
ـ أردت فقط أن أنبهك انني تركت لك مبلغا من المال فوق التسريحة .. توقعت أن تأخذيه بمفردك ولكنني تفاجأت الآن من أنه مازال في مكانه ..

نظرت إلى التسريحة فوجدت بالفعل مبلغا من المال فوقها .. ولكنه لم يخطر في بالها أن يكون هذا المال لها ..

تابع الوليد يقول :
ـ هذا مصروفك لهذا الشهر .. أنا واثق من أنه سيكفيكي ..

كان يتحدث بثقة .. وكأنه ليس أمامها مجالا للاعتراض .. ولكنها رغم ذلك شعرت بأنه أزاح حملا ثقيلا من فوقها ..
وفجأة سمعته يسألها :
ـ والآن .. ماهو هذا الأمر الهام الذي تريدين الحديث عنه معي ؟!
ـ من ؟ .. أنا ؟؟ .. أمر هام ؟!!!
ـ لقد أخبرتني بذلك منذ دقائق .. لا يعقل أن تكون قد نسيتي !

ابتلعت ريقها وقالت بتلعثم :
ـ اها .. نعم .. الأمر المهم .. الأمر المهم .. صحيح الأمر المهم هو .. الـ..... الـ ....... المفتاااح
ـ مفتاح ؟!!
ـ نعم مفتاح البيت .. أريد أن تكون معي نسخة منه حتى لا انتظر خيرية كل يوم لتفتح لي بنفسها ..

أخذ يتأملها لفترة قبل أن يجيبها أخيرا :
ـ حسنا .. سأبحث لكي عن نسخة زائدة وأعطيها لكي

شعرت بأنه يظنها غبية لأن أمرا تافها كهذا مهدت له بتلك الطريقة !!

أطفأ ضوء الغرفة وتمدد على السرير بجانبها .. فابتعدت إلى أقصى مكان في السرير حتى تبقى بعيدة عنه قدر الإمكان .. ولكنه قال لها وقد عادت نبرة السخرية في كلامه :
ـ لا داعي لأن تبتعدي عني كل ذلك.. فأنت آخر امرأة في هذا الكون قد أرغب فيها

ونام تاركا إياها تتألم من جرح كلماته ...

 
 

 

عرض البوم صور طمووح   رد مع اقتباس
قديم 16-09-13, 10:46 PM   المشاركة رقم: 4
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Aug 2013
العضوية: 257572
المشاركات: 62
الجنس أنثى
معدل التقييم: طمووح عضو على طريق الابداعطمووح عضو على طريق الابداعطمووح عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 209

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
طمووح غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : طمووح المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: حبيب تحملت منه الأذى

 


الغيرة هي اعتراف غير مباشر بالحب !

(3)



مرت بقية الأيام على نفس النظام ..محاضرات في الجامعة وتدريب في المستشفى ومذاكرة في البيت .. وبالطبع بعض المشاحنات بينها وبين لمياء ..

أما الوليد فهي لم تكن تراه سوى في وقت النوم حيث كان يقضي معظم يومه في الشركة .. وفي الأيام التي يكون لديها فيها دوام في وقت مبكر كان هو من يوصلها في طريقه بدلا من الذهاب مع السائق ..وهو الشئ الوحيد الذي كان يجعل يومها مميزا ..
إلا أن أغلب تلك المرات تكون لمياء أيضا معهم التي لا تكف عن الحديث مع الوليد طوال الوقت ..فتسرق منها متعة هذه اللحظة ..

وأحلى اللحظات التي كانت تعيشها طوال اليوم هي تلك اللحظة التي يفتح فيها الوليد الباب للخروج في الصباح فتشاهد ظله الطويـــــــــــــل الممتد من ورائه ..

استطاعت أيضا أن تشتري كل كتبها وأدواتها التي تحتاجها في الجامعة .. وسددت مصاريفها المتراكمة عليها التي لم تكن قد دفعتها بعد ..
وبالفعل كان المبلغ الذي يصرفه لها الوليد كل شهر يغطي كل احتياجاتها ويفيض منه ..

في صباح ذلك اليوم استيقطت وهي في غاية نشاطها .. ولم يكن الوليد موجود في الغرفة .. فعرفت أنه سبقها في الاستيقاظ .. وتسائلت ما إذا كان قد ذهب إلى عمله باكرا اليوم .. ففي هذه الحالة سيوصلها السائق ولن تذهب معه ..

تناولت هاتفها من جانبها فوجدت رسالة من سمر .. مفادها أن محاضرة اليوم قد ألغيت ..جلست على السرير غير مصدقة .. إذا اليوم هو عطلة بالنسبة لها .. لأنه لم يكن لديها سوى تلك المحاضرة وقد ألغيت ..

قررت الاتصال بسمر للتأكد منها .. ردت عليها سمر بصوت ناعس :
ـ صباح الخير
ـ صباح الخير .. لقد قرأت رسالتك للتو .. هل حقا قد ألغيت محاضرتنا
ـ نعم لقد ألغيت
ـ وكيف عرفتي ؟؟
ـ كتبوا ذلك على موقع الجامعة .. قرأتها بالأمس .. أعتذر دكتور المادة عن إعطاء محاضرة اليوم لظروف طارئة ..
ـ هذا رااااائع .. أنا سعيدة جدا لهذا الخبر
ـ وأنا أيضا ولكن اتركيني أكمل نومي الآن ..

أعتذرت لها عن إيقاظها مخصوص للتأكد منها ..ثم أقفلت معها الخط ووضعت رأسها على الوسادة للتابع النوم .. ولكنها لم تكن تشعر بأي رغبة في ذلك ..

وخطر على بالها بأن تنزل للتناول فطورها مع الوليد ثم تعاود النوم بعد أن يذهب إلى العمل ..
فقامت وأبدلت بيجامتها بتنورة قصيرة ومن فوقها بلوزة بنصف كم ..كانت ترتدي تلك الملابس فقط حينما تقوم احدى صديقاتها بزيارتها في السكن ..
وتركت شعرها ينسدل على كتفها واكتفت بوضع شبكة شعر صغيرة لجمعه..

أخذت تنزل السلم بحماس كعادتها وتوجهت إلى غرفة الطعام .. وتمنت أن يكون الوليد مازال موجودا ..
حينما دخلت لم يكن هناك سوى لمياء .. فألقت عليها التحية وأتخذت مكانها المعتاد للجلوس ..

دخلت خيرية لتضع بعض الفطائر على المائدة وتمنت أن تسألها هي أو لمياء عن الوليد ولكنها لم تمتلك الجرأة لذلك .. وكادت أن تصاب بالإحباط ولكنها لم تلبث حتى سمعت صوته يأتي عاليا من الصالة وهو يتحدث في هاتفه ..بدا أنه يناقش شيئا يتعلق بالعمل .. و كان يتحدث بحدة وهو يقول :
ـ لقد أخبرتك مرارا أن تنهي العقد مع هذه الشركة ............. لا يهم أدفع لهم مايريدونه ولكننا لن نستمر في العمل معهم

أنهى المكالمة بهذه الجملة .. ولم تمضي لحظات حتى لحق بهم في غرفة الطعام وملامح الغضب تظهر عليه .. ألقى عليهم التحية بهدوء وأتخذ مكانه على رأس المائدة .. فبادرته لمياء بالقول :
ـ أخي لما لا تدع الأمر للمحامي؟ .. لم تحب أن تدير بنفسك كل كبيرة وصغيرة ؟!!

أجابها وقد عاد صوته إلى طبيعته :
ـ حبيبتي إن لم تحلي كل مشاكلك بنفسك أو بمراقبتك فلن تحل ..

لم تقل سارة شيئا وهي لا تحب أن تتدخل فيما لا يعنيها .. ولكنه ألتفت إليها فجأة وكأنه قد لاحظ وجودها للتو .. وقال لها بحدة أخافتها :
ـ ألم تجهزي بعد ؟؟ أنا لن أنتظرك !

أجابته وهي تحاول أن يكون صوتها هادئا :
ـ أنا اجازة اليوم

شعرت بأنه يتسائل عن سبب استيقاظها في هذا الوقت مادامت اجازة .. فتابعت تقول :
ـ لقد أخبرتني صديقتي للتو بأن المحاضرة قد ألغيت

لم يجلس الوليد كثيرا .. فما هي إلا دقائق حتى قام وأرتشف قهوته على عجل .. وقال موجها كلامه للمياء :
ـ أنا انتظرك في الخارج .. لا تتأخري

لحقت به لمياء على الفور .. وتنبهت سارة لملابسها لأول مرة .. حيث كانت ترتدي بنطلون جينز ضيقا .. وبلوزة من غير أكمام .. تمنت مرات عديدة لو أن تنصحها بالحجاب .. أو على الأقل بعدم ارتداء الملابس الضيقة والقصيرة .. ولكنها تعرف جيدا أن لمياء من المستحيل أن تسمع لها هي بالذات ..

بعد أن تركتها لمياء قامت هي الأخرى بسرعة .. واتجهت نحو الصالة حتى لا تفوت مشهدها المفضل .. وماهي إلا ثواني حتى فتح الوليد الباب ليظهر من خلفه ظل الطويـــــــل .. لقد شاهدت هذا المنظر مرات عديدة وفي كل مرة يخفق قلبها كما لو كانت تشاهده لأول مرة ..
كان المنظر لا يستمر سوى للحظات قليلة .. ولكن تلك اللحظات تكون كافية لأن تشغلها اليوم بكامله !

قالت لنفسها بأنها في المرة القادمة ستقف لتراقب ظله من فوق السلم .. حتى تكون قد شاهدته من جميع الزوايا !!.. وتقارن أي زاوية كانت أفضل في الرؤيا فتستقر عليها !!

عادت إلى غرفة الطعام وقررت أن تساعد خيرية في جمع الأطباق ..فرفعت بعض الأطباق في يدها ... ولكنها تركتهم مرة أخرى حينما رأت فنجان قهوة الوليد موجودا في مكانه ..

أقتربت منه وأمسكت به .. فوجدت فيه القليل من القهوة المتبقية .. فابتسمت لنفسها ورفعته إلى فمها وارتشفت ماتبقى من القهوة ..
إنها لا تحب القهوة التركية .. ولا تستطعم مذاقها المر .. ولكن كان لهذه القهوة طعم فريد .. أو ربما هي تتخيل ذلك .. إذ لاشئ مميز في هذه القهوة سوى أن الوليد قد شرب منها !

شهقت فجأة ووقع الفنجان من يدها حينما ألتفتت ورأت خيرية تقف خلفها التي ما إن رأتها هي الأخرى حتى صرخت .. ولكنها توقفت على الفور بعد أن استوعبت الأمر .. ظل كل منهما ينظر للاخر في فزع ويضع يديه على قلبه .. ثم انفجرا في الضحك معا ..

ـ أنا آسفة .. لم أتوقع أن تكوني هنا .. ظننتك قد خرجتي معهم

قالت لها خيرية ذلك معتذرة .. فردت عليها بضحك :
ـ لا عليكي .. لقد فزعت أنا أيضا ..

ثم انثنت على ركبتيها لتلم الفنجان الذي كان قد تكسر إلى أجزاء صغيرة .. فسمعت خيرية تقول لها :
ـ سيدة سارة أرجوكي اتركيه .. قد تجرحين نفسك .. سآتي بالمكنسة وألمه فورا ..

تركته وهي تفكر في أن حتى الفنجان الذي شربا منه كلاهما قد تحطم .. ولم يكتب له أن يبقى .. فهل يلاقي زواجهما نفس هذا المصير ؟!!

أمضت بقية اليوم في المذاكرة والحديث مع سمر عبر النت .. ولم تخرج من غرفتها سوى في وقت الغداء .. ولكنها لم تقابل لمياء ككل يوم حيث كانت قد تغدت مع صديقاتها في الجامعة..الأمر الذي زادها سعادة..

والمرة الثانية التي خرجت فيها من غرفتها كان في الساعة الثامنة مساء .. توجهت إلى صالة التلفزيون كعادتها في كل يوم من هذا الوقت .. وشردت قليلا بعد أن أنتهت من متابعة كرتونها المفضل .. وما إن همت بالقيام لتعود إلى غرفتها وجدت لمياء قادمة نحوها .. وجلست على الكنبة المجاورة لها .. فتراجعت عن النهوض .. لأنها خافت أن تظن لمياء بأنها لا تود الجلوس معها .. وعلاقتهم لا تحتاج إلى مزيد من التوتر ..

ولكن لمياء لم ترفع نظرها من عليها منذ أن أتت .. كانت تنظر إليها بحقد لا يخطأه أحد !!
راحت هي تقلب في قنوات التلفزيون وهي تحاول تجاهل نظراتها تلك ولكنها لم تتحمل أكثر .. فاستأذنت منها وقامت لتعود إلى غرفتها غير آبهة بما قد تظنه لمياء ..

توقفت عن السير حينما سمعت لمياء تقول لها :
ـ هل تعلمين من كان يحدثني في الهاتف منذ قليل ؟

ألتفتت إليها وردت بلا مبالاة :
ـ لست مهتمة لأن أعرف

واستدارت لتكمل سيرها فتكلمت لمياء مرة أخرى قائلة :
ـ إنها خطيبة أخي

تسمرت سارة في مكانها وألتفتت إليها تسألها وهي غير مصدقة :
ـ خطيبته ؟!!!
ـ أقصد من كانت خطيبته .. وكانت ستصبح زوجته لو لم تأتي انتي وتفسدي كل شئ

كانت لمياء تقول كلماتها تلك بحقد واضح .. وأكملت تقول :
ـ المسكينة نورهان .. لم تستطع أن تنسى أخي حتى الآن .. لقد طلب منها أن تتزوجه .. وأن تقبل بأن ينفذ وصية والدي ويتزوجك انتي أيضا .. ولكنها بالطبع رفضت .. فكرامتها لا تسمح لها بأن يشاركها أحد في زوجها ..ومع ذلك فهي مازالت مكتئبة ولم تتمكن من نسيانه .. وأنا واثقة من أن أخي لم يتمكن من نسيانها هو أيضا .. أتمنى أن تفهمي هذا .. وهو أن أخي لن يقضي بقية حياته من دونها .. إنه لم ولن يحب غيرها ..

سكتت لمياء قليلا وأخذت تنظر إليها بحدة تنتظرها أن تقول شيئا .. ولكنها اكتفت بالصمت .. الآن فقد فهمت سبب معادات الوليد لها .. هو يراها السبب الذي فرق بينه وبين من يحب .. لابد وأنه كان يتمنى أن ترفض عرضه بالزواج .. فيكون قد فعل ما عليه تجاه وصية والده .. ويتزوج من خطيبته وهو مرتاح البال .. ولكن موافقتها أفسدت عليه كل أحلامه ..

لم تجرؤ سارة على الالتفات ومواجهة لمياء .. كانت تحشى أن ترى الدموع التي تجمعت في عينيها .. فتابعت السير .. ولكنها شعرت بيد لمياء وهي تمسك بذراعها بقوة لتجبرها على النظر إليها .. وانطلقت تقول في غضب :
ـ حينما أكون أتحدث إليكي فعليكي أن تقفي وتسمعيني حتى أنهي كلامي ..

سحبت سارة ذراعها وهي غير مصدقة تمادي لمياء في الوقاحة معها ..
تابعت لمياء تسألها :
ـ لما لا تقولي شيئا ؟.. هيا تكلمي .. قولي لي بأنك راضية بما تسببت به لأخي ..

وهنا تكلمت أخيرا وقد نفذ صبرها .. فقالت لها بحدة :
ـ تسببت به ؟!! .. اذكر بأن الوليد قد طلبني للزواج دون أن أجبره على ذلك .. أم أنكي لا تعلمين ؟!! .. ثم إنني لا أسمح لكي بالتدخل في أمورنا الخاصة .. إن تلك الأمور فقد الوليد هو الذي يناقشني فيها .. وليس انتي

قالت آخر كلمة تلك وهي تشير بإصبعها إلى لمياء باحتقار .. مما زاد لمياء غضبا .. فدفعتها إلى الخلف وصرخت فيها تقول :
ـ هيا اعترفي بأنكي سعيدة بما أنتي فيه الآن من النعيم .. اعترفي بأنكي لم تقبلي بهذا الزواج إلا من أجل المال .. هل تظنين أنك قد تستطيعين أن تخدعي أخي بادعاء البراءة ؟!! .. هه .. انتي مخطأة .. إن أخي يفهمك جيدا كما أفهمكي أنا جيدا ..

شعرت سارة بأن لمياء تريد أن تستفزها بأي طريقة .. وقد نجحت في ذلك .. ولكنها حاولت الحفاظ على هدوئها وعدم الانجرار في الحديث معها .. فأبعدتها عن طريقها للتتابع السير وتصعد إلى غرفتها ..

ـ لا تستطيعين أن تقولي شيئا .. فماذا ستقولين وكلامي كله صحيحا .. كنتي فقيرة ومشردة فأواكي أبي ووفر لكي كل ماتحتاجين له .. فاستغليتي طيبته الزائدة .. واستطعتي أن تقنعيه بكتابة تلك الوصية حتى تضمني أنكي ستتمتعين بماله حتى بعد وفاته .. يبدو أنك قد ورثت اللئم من أبيكي !

لم تستطع سارة أن تتمالك أعصابها أكثر .. فرفعت أصبعها وقالت لها بنبرة تهديد :
ـ لا تذكري أبي على لسانك

وهنا ابتسمت لمياء بخبث وقالت :
ـ لماذا ؟.. ألا تحبين أن تتذكريه بعد كل ما أذاقك إياه من حرمان وفقر ؟!! تريدين أن تعوضي نفسك عن كل ذلك الآن ؟!!.. أنا آسفة .. ولكن ليس هذا هو المكان المناسب لذلك .. اذهبي وأخرجي عقدك النفسية في مكان آخر ..

وماكادت لمياء تنتهي من نطق آخر كلمة حتى ... طرااااااااااخ

صفعتها سارة على وجهها وقد طفح بها الكيل ..
وضعت لمياء يدها على خدها ثم صرخت تقول قبل أن تنقض عليها وتطرحها أرضا :
ـ أيتها الحقيرة .. كيف تجرؤين ؟!!

أخذت لمياء تصفعها وهي فوقها على الآرض .. فحاولت أن تبعدها من فوقها ولكن دون جدوى .. كانت تشعر بأنها لا تستطيع ألتقاط أنفاسها وبأنها ستختنق .. فراحت تخربش لمياء في وجهها لتدفعها على الابتعاد من فوقها ..

ونجحت في ذلك أخيرا .. ولكنها كانت لا تزال ممدة على الأرض ..
وحينما همت بالقيام سحبتها لمياء من شعرها لتوقعها من جديد .. فراحت بدورها تشدها هي الأخرى من شعرها ولكنها كانت هي التي فوقها هذه المرة .. لا تدري كم مضى من الوقت وهما يتضاربان فقد توقف الزمن بالنسبة لها ..

وفجأة .. شعرت بذراعين قويتين تحتويها لترفعها من فوق لمياء .. عرفت على الفور بأنه الوليد .. لقد كان كلا منهما غاضبا للغاية حتى أنهما لم يسمعا صوته حينما دخل البيت وحينما أمرهما بالتوقف .. كان الوليد لايزال ممسكا بها وهي ترفس برجلها وتصرخ في لمياء قائلة :
ـ تبا لكي ..

فردت عليها لمياء بنفس الصراخ وهي تقول :
ـ أيتها المجنونة والغبية

تركها الوليد أخيرا .. فدفعتها لمياء من كتفها .. فقامت بدفعها هي الأخرى .. وهنا صرخ الوليد بغضب أفزعهما كلاهما :
ـ توقفا !

كانت تشعر بألم في كل مكان في جسمها .. حتى بطنها كانت تألمها من قوة ذراعين الوليد التي أحاطت بها ..
نظرت إلى لمياء فرأت شعرها الذي كان في غاية الجمال قبل المعركة .. قد نكش بالكامل الآن .. كما رأت بعض الخدوش في وجهها .. وأدركت أن شكلها ليس بأفضل حالا منها .. بل قد يكون أفضع ..

كان الوليد يتأملهما بغضب ثم صرخ فيهما :
ـ هل جننتما ؟!! .. أنظرا ماذا فعلتم بنفسيكم ؟!! .. ماذا تركتم للأطفااااال ؟!!!!

وهنا انفجرت لمياء في البكاء وأرتمت في حضنه وهي تقول :
ـ ولييد .. انظر ماذا فعلت بي تلك المتوحشة .. أنا لن أبقى في هذا البيت لحظة أخرى مادامت هي فيه

أخذ الوليد يربت على كتفها وقال والغضب لايزال في صوته :
ـ ليخبرني أحدكم ماذا حدث هنا ؟!!

كانت سارة تنتفض من شدة الغضب .. وشعرت أن لسانها قد عقد فلم تستطع أن تنطق بكلمة .. إنها عادة فيها منذ الصغر .. ما إن تغضب حتى لا تستطيع أن تتكلم ولا أن تحكي عن السبب الذي يغضبها ..

وبالطبع لمياء لم تترك لها أي وقت .. فقد ابتعدت أخيرا عن الوليد وقالت وهي تجهش بالبكاء :
ـ أنا لم أفعل شيئا .. هي التي بدأت وصفعتني على وجهي

نظر الوليد إليها وسألها بحدة :
ـ هل هذا صحيح ؟؟

فعرفت أن عليها أن تتكلم وإلا ستحكي لمياء شيئا آخر غير الذي حدث .. فقالت وهي تنطق الكلمات بصعوبة :
ـ لـ..قد...أها...نتني ..

انطلقت لمياء بسرعة تدافع عن نفسها قائلة :
ـ لا تصدقها يا وليد .. لقد قلت لها فقط أنها تزوجتك من أجل المال فغضبت .. هل أنا مخطئة في ذلك ؟!!.. وحتى لو كنت مخطئة.. لماذا تصفعني؟!! ..هذا ليس من حقها ..

اتسعت عينا سارة وهي تنظر إلى لمياء التي تتظاهر بالبراءة أمام الوليد وبأنها المسكينة المظلومة ..

عادت لمياء إلى البكاء مرة أخرى وقالت:
ـ أنا لن أبقى هنا لحظة أخرى .. سأعود إلى كندا .. لم أكن أعرف أني سأهان بهذه الطريقة في منزل والدي ..

وتظاهرت بأنها ستنصرف ولكن الوليد أمسك بذراها وقال :
ـ لمياء انتظري .. سنحل الأمر

سحبت لمياء ذراعها من يده وقالت بعنف :
ـ أي أمر هذ الذي ستحله ؟!! .. لقد رأيتها بنفسك وهي فوقي على الأرض وتضربني ومع ذلك لا تفعل شيئا وكأن عندك شك في أنني قد أكون أنا المخطئة !

وحاولت الانصراف مرة أخرى ولكن الوليد أمسكها من جديد وقال لها بحدة:
ـ قلت لكي انتظري ..

كانت سارة مذهولة بما تراه أمامها .. وتسائلت كيف تجيد لمياء التمثيل بهذه البراعة؟!! .. هل هذه هي نفسها التي كانت تهينها وتضربها منذ قليل ؟!!.. لقد شكت في نفسها لدرجة أنها راحت تتذكر الكلام الذي قالته معتقدة أنها قد تكون هي التي أخطأت ..

وخرجت من أفكارها حينما سمعت الوليد يقول لها :
ـ سارة انتي من بدأتي بالضرب .. لذلك فأنتي مدينة لها بالاعتذار الآن

كانت لا تزال ترتجف من الغضب فلم يسبق لها وأن أغضبها أحد لهذا الحد .. وتكلمت أخيرا قائلة :
ـ لقد أهانتني ..

جاء رد الوليد سريعا :
ـ حتى لو فعلت .. لم يكن يجدر بك أن تضربيها !
ـ لقد ضربتني هي الأخرى

وهنا قالت لمياء بسرعة :
ـ كنت أدافع عن نفسي يا وليد

كتف الوليد ذراعيه واستمر بالنظر إلى سارة وكأنه ينتظر منها أن تعتذر .. فقالت وقد دمعت عيناها ولكنها لم تسمح لدموعها بالنزول كي لا تضعف أمامهما :
ـ أنا لن أعتذر

ـ انظر .. إنها حتى لا تريد الأعتذار !

قالت لمياء ذلك وهي تشير إليها .. فنظرالوليد إلى سارة من جديد وقال لها بنبرة أخافتها :
ـ بل ستعتذري

وهنا شعرت بقمة الظلم والاهانة .. هل تهينها لمياء وفوق كل ذلك هي التي تعتذر لها ؟!! .. ماذا سيبقى لها من كرامتها إن فعلت ذلك ..

وأخيرا وجدت القوة الكافية للتتكلم وتقول :
ـ ماذا تظن نفسك أنت وأختك ؟!! هل تظناني جارية عندكم اشتريتموها بمالكم ؟!! .. عليكم أن تحترموني كما احترمكم أنا .. هي تأتي وتهين كرامتي وتريدني أن أسكت لها ؟!! ..بالطبع كان علي أن أصفعها .. إذا لم تنجح انت في تربيتها جيدا فسأقوم أنا بهذه المهمة عنك ..

وهنا شعرت بصفعة قوية على خدها.. ولحسن حظها كانت تقف أمام الكنبة .. فوقعت عليها .. وانتشر شعرها فوق وجهها .. وخدها صار مخدرا من شدة الصفعة .. وسمعته يسألها بحدة :
ـ هل ستعتذرين الآن ؟!!

شعرت بدموعها وهي تنهمر بحرارة على خديها .. فقالت بصوت مكتوم من بين دموعها :
ـ آسـ..فة....أنا... آسفة

وراحت تجهش في البكاء .. ولم تستطع أن تمنع نفسها هذه المرة ..
لم تتمكن من أن ترى ردود أفعالهم .. ولكنها سمعت وقع أقدام لمياء وهي تركض على الدرج .. وفي نفس الوقت سمعت باب البيت وهو يغلق بقوة ..

الظلم و القهر و المهانة و الضعف .. هذا ماكانت تشعر به الآن .. ليتها استطاعت أن تدافع عن نفسها أكثر .. أو أن تمنع نفسها من البكاء أمامهم .. لابد وأن لمياء تشعر بالرضى الآن ..

أخذت تبكي بقوة وهي تشعر بأن كل كرامتها قد أهدرت ..
واستمرت على هذا الوضع حتى نامت في مكانها ..

لا تدري كم مضى من الوقت وهي على هذا الوضع .. حتى سمعت صوت يقول لها :
ـ سيدة سارة .. سيدة سارة

رفعت رأسها لترى خيرية تقف أمامها ..التي تابعت تقول لها :
ـ قومي وارتاحي في غرفتك ستـ....

توقفت خيرية عن الكلام حينما رأت وجهها .. وهتفت تسألها بذعر :
ـ يا إلهي .. من فعل هذا بك ؟!!

كانت خيرية نائمة في الوقت الذي تشاجرت فيه مع لمياء .. ويبدو أنها لم تشعر بشئ ..
شعرت بالارتياح لأنها على الأقل لم ترى الوليد وهو يصفعها .. على الأقل لم تفقد كرامتها أمامها هي الأخرى ..

وضعت خيرية يدها على خدها لتتفحصه فتألمت سارة وأبعدت يدها بسرعة .. ثم نهضت لتصعد إلى غرفتها .. ولكنها شعرت بالدوار .. حتى إنها كادت أن تقع ولكن خيرية أمسكت بها

ـ يا إلهي .. دعيني أساعدك .. لا يبدو أنك بخير

ولكنها سحبت يدها بعد أن استعادت توازنها وقالت لها :
ـ أتركيني وحدي ..

ثم صعدت إلى غرفتها .. وحينما فتحت الباب لم يكن الوليد بالغرفة .. فشعرت بالراحة وتمنت أن لا يبات الليلة هنا ..
لم تجد القوة حتى لتنظر إلى الساعة وتعرف الوقت .. ولكنها شعرت بأنهم في منتصف الليل ..

ارتمت على السرير ودفنت وجهها في الوسادة لتكتم صوت بكائها ....

 
 

 

عرض البوم صور طمووح   رد مع اقتباس
قديم 18-09-13, 10:47 PM   المشاركة رقم: 5
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Aug 2013
العضوية: 257572
المشاركات: 62
الجنس أنثى
معدل التقييم: طمووح عضو على طريق الابداعطمووح عضو على طريق الابداعطمووح عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 209

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
طمووح غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : طمووح المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: حبيب تحملت منه الأذى

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

حينما فتحت عينيها أخذت تنظر حولها فلم ترى أحدا معها في الغرفة .. أخذت تستعيد أحداث الأمس .. فراحت دموعها تذرف من جديد ..
تناولت هاتفها لتنظر إلى الساعة .. فوجدتها تشير إلى الثامنة صباحا .. ورغم كل الكآبة التي هي فيها إلا إنها لم تنسى أن لديها محاضرة بعد ساعة من الآن ..
نهضت بتكاسل من فوق السرير فشعرت بدوار شديد .. مما جعلها تجلس على السرير قليلا حتى يخف الدوار .. أثناء جلوسها كانت المرآة أمامها .. فهتفت ما إن رأت شكلها :
ـ يا إلهي ..

قامت من على السرير واقتربت من المرآة لتتفحص وجهها أكثر .. كانت عينيها محمرتين ومنتفختين من كثرة البكاء .. أما خدها الأيمن الذي صفعها فيه الوليد .. فكان مزرقا وتظهر فيه كدمة كبيرة .. ويظهر أيضا جرح صغير بجانب شفتيها يؤلمها ما إن تفتح فمها ..

كيف ستذهب إلى الجامعة الآن ؟!!.. وماذا ستقول لهم ؟!! .. أخذت تفكر في أن تتغيب اليوم .. ولكن هذا لم يبدو لها حلا .. فلو غابت اليوم ستذهب غدا .. وفي كل الأحوال ستكون مضطرة لمواجهتم ..

فتلك الكدمة ستحتاج إلى مالايقل عن أسبوع حتى تختفي تماما .. هي تعرف هذا ليس فقط لأنها تدرس الطب .. بل لأنها أيضا كان يحدث لها ذلك كثيرا وهي صغيرة .. حينما كان والدها أو زوجته يضربانها .. لقد أصبحت خبيرة في تلك الأمور ..

قررت بأنها ستذهب الجامعة وستتحجج بأي حجة لزملائها...

دخلت الحمام وغسلت وجهها جيدا آملة في أن تخفي أثار بكائها .. وخرجت لترتدي ملابسها ..
فكرت في أن تضع بعض كريم الأساس على خدها ليخفي آثار الكدمة قليلا.. ولكنها حينما جربت وجدت أنه لم يحدث فرقا .. فغسلت وجهها من جديد .. وقبل أن تخرج من الغرفة تأكدت من أن عينيها قد عادتا إلى طبيعتهما..

وقفت في أعلى السلم تحاول الاستماع إلى الأصوات التي تأتي من غرفة الطعام .. لم تكن تريد أن ترى أيا من الوليد أو لمياء على الأقل وهي في هذه الحالة .. فانتظرت حتى رحيلهم ..
كانت تسمع لمياء وهي تتحدث بمرح وكأنها لم تفعل شيئا بالأمس !!

وبعد مرور بضعة دقائق سمعت صوت الكراسي حينما قاموا بتحريكها .. فعرفت أنهم سيخرجون من المنزل الآن .. فتوجهت بسرعة إلى غرفتها مرة أخرى حتى لا يروها .. وانتظرت في الغرفة حتى سمعت صوت باب البيت وهو يغلق ..

فكرت في أن تنتظر بعض الدقائق الأخرى قبل أن تخرج من البيت حتى يكونا قد انصرفا ..

كان لا يزال أمامها مايكفي من الوقت .. فقررت النزول إلى غرفة الطعام حتى تتناول شيئا ..كانت تتضور جوعا كعادتها دائما حينما تكون مكتئبة..

دخلت غرفة الطعام وأخذت تأكل بعض الفطائر على عجل دون حتى أن تجلس .. راحت تتناول الفطائر بشراهة .. وفجأة سمعت وقع أقدام من خلفها .. ألتفتت وهي تتوقع أن تكون خيرية هي القادمة ..

ولكنها صدمت حينما رأت الوليد .. كان يبدو مستعجلا ولكنه تسمر في مكانه ما إن رآها .. وأخذ يتأملها بتعمق ..

تسائلت عن السبب الذي جعله يعود مرة أخرى .. ولم تستغرق وقتا حتى عرفت السبب ..حيث رأته يمد يده ليتناول محفظته الموضوعة في مكانه ..

شعرت بالاستياء من نفسها لأنها لم تلاحظ وجودها .. كان بإمكانها أن تتفادى هذه المواجهة ..

بدا الوليد مترددا في الحديث ولكنه تكلم أخيرا قائلا :
ـ صباح الخير

وبالطبع لم ترد عليه ..وأخذت تفكر في مدى جرأته ..فبعد كل ما فعله معها بالأمس يأتي اليوم ويتحدث إليها وكأن شيئا لم يحدث ..
توجهت نحو الباب لتخرج من الغرفة .. ولكنه أمسك بذراعها ليمنعها من الذهاب ..

نظرت إليه بحدة وقالت له بغضب :
ـ أبعد يدك عني

ولكنه لم يتركها .. واستمر ينظر إليها بتفحص .. وهم ليقول شيئا ولكنه تراجع .. ومرت بينهما لحظة صمت .. حتى قال لها:
ـ تعالي لأوصلك

سحبت ذراعها بعنف

ـ لن آتي معك .. إنني أفضل السير على قدمي على أن آتي معك ..

قالت له ذلك ثم انصرفت وتركته ...

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــ


حينما دخلت قاعة المحاضرات حاولت الذهاب إلى آخر مقعد في القاعة لتجلس فيه وتمنت أن لا تلاحظها سمر .. ولكنها سمعتها فجأة وهي تناديها باسمها .. تظاهرت بأنها لم تسمعها واستمرت في السير .. ولكن سمر لم تتركها وتوجهت إليها وهي تقول :
ـ ماذا .. ألم تسمعيني ؟!!
ـ اها سمر .. هل كنتي تناديني ؟؟.. آسفة لم انتبه كنت شاردة ..
ـ تعالي سنجلس هنا .. حجزت لك مكانا

قادتها سمر إلى حيث كانت تجلس هي واحدى صديقاتهم ..
بدت سمر أنها لم تنتبه بعد للكدمة التي في وجهها .. ولكنها عرفت في قرارة نفسها أنها ستلاحظها عاجلا أو آجلا ..

كانت صديقتهم سلوى تجلس بجوارهم وما إن رأتها حتى قامت لتسلم عليها .. ولكنها وضعت يديها على فمها واطلقت شهقة فزع وسألتها بقلق :
ـ ماذا حدث لخدك ؟!!

ألتفتت سمر إليها فاتسعت عيناها وقد بدت أنها لاحظت الكدمة للتو .. وهتفت تقول :
ـ سارة حبيبتي .. سلامتك ..

حاولت أن تطمئنهم فابتسمت لهم رغما عنها وقالت :
ـ لا داعي لقلقكم .. فلا شئ خطير .. كل مافي الأمر انني وقعت من فوق السرير وأنا نائمة بالأمس ..

انطلقت سمر وسلوى في الضحك وأجبرت نفسها على الضحك معهم ..ثم علقت سلوى :
ـ لابد وأنك كنتي تتعاركين مع أحد في منامك

تمنت أن تقول لها أنه لم يكن مناما .. بل كان حقيقة .. ولكنها لم تفعل بالطبع .. فتصديقهم لكذبتها جعلها تشعر ببعض الراحة وأزاح هما عن كاهلها ..

بعد انتهاء المحاضرة تركتهم سلوى وبقيت هي وسمر بمفردهما .. فسألتها سمر على الفور :
ـ ألن تخبريني الحقيقة ؟؟

تفاجئت من سؤالها فقد ظنت أنها صدقتها .. وسألتها بارتباك :
ـ عن أي حقيقة تتحدثين ؟!!
ـ هيا يا سارة .. قد تستطيعين خداع كل الناس ولكنك لن تخدعيني .. أنا صديقتك وأفهمك جيدا .. وأرى الحقيقة في عينيك حتى لو كنتي تتكلمين بغيرها ..
ـ ماذا تريديني أن أقول ؟
ـ الحقيقة .. أنا لم أقتنع بالسبب الذي قلته لنا .. وأعلم أن هذه الكدمة التي على خدك ليست بسبب سقوطك من فوق السرير ..كما أن هذا الخدش الذي عند شفتيك يؤكد على أن هناك سببا آخر ..

تنهدت سارة بعمق وأشاحت وجهها بعيدا عن سمر حتى لا ترى الدموع التي تجمعت في عينيها ..

ـ هل ضربك ؟؟

هكذا سألتها سمر لمحاولة تخفيف مهمة البوح لها ..
أومأت لها بالأيجاب .. فبدا الغضب على سمر وهي تسألها :
ـ كيف يجرؤ على ذلك ؟!!

وهنا عرفت أنها مضطرة لأن تحكي كل شئ .. فبدأت بسرد كل ماحدث معها بالأمس بدئا من كلام لمياء لها .. ومرورا بالشجار الذي وقع بينهم .. وانتهاء بصفع الوليد لها ..

كانت سمر تستمع لها بهدوء دون أن تعلق بأي كلمة .. إلا أن وجهها كان يعبس بشدة تعليقا على بعض الأمور التي تحكيها ..

وبعد أن انتهت هي من الحديث .. ظلت سمر صامتة لفترة .. حتى تكلمت أخيرا :
ـ وماذا ستفعلين الآن ؟؟ .. أقترح بأن تحدثي المحامي حتى يتخذ هو التصرف المناسب مع الوليد ..
ـ لا أريد أن أبدو كالطفلة .. ولا أريد أن أدخل أحدا في هذا الشأن حتى ولو كان أستاذ مجيد الذي اعتبره كوالدي .. ما سأفعله هو أنني سأتحاشى اللقاء معه هو ولمياء .. وسأتجنب أي حديث معهم .. كما فعلت معه في الصباح حينما كلمني وتجاهلته ..
ـ وإلى متى ستعيشين على هذا النحو ؟!!
ـ ليس إلى زمن بعيد .. لقد بت الآن متأكدة من أن زواجي بالوليد لن يستمر .. هو لا يزال يحب خطيبته السابقة .. ولا يزال يتمنى العودة إليها .. أعتقد بأنه سيقدم على الطلاق في نهاية هذا العام ما إن أنهي دراستي ..
ـ أنا لا أصدق كل ما قالته لك لمياء ..قد يكون بالفعل كان خاطبا لفتاة ثم تركها .. ولكن ما أدراها هي إن كان لا يزال يحبها !!
ـ ولكن يبدو هذا أمرا مقنعا بالنسبة لي .. هذا يفسر معاملته الجافة معي ..
ـ دعك من كل هذا .. حتى لو لم يقدم على الطلاق هو فعليك أن تطلبيه انتي .. لا يمكنك العيش مع رجل يتعدى عليك بالضرب !
ـ ولكنه ليس من هذا النوع من الرجال ..
ـ حقا ؟!! ... وبماذا تفسرين مافعله بك بالأمس ؟!!.. لا تقولي لي بأنك تدافعين عنه !!
ـ لا .. أنا لا أدافع عنه .. إنني فقط .. فقط .. أقول لك رأيي فيه..
ـ إذا عليك أن تعيدي النظر في أرائك تلك .. لأنها ليست صحيحة !

كانت سمر تتحدث بغضب كبير .. ولكنها توقفت عن الكلام حتى لا تزيدها غما .. فقد بدا عليها الاستياء .. ولا تدري لماذا أزعجتها فكرة الطلاق لهذه الدرجة ؟!!.. فهي منزعجة جدا من الوليد .. ومع ذلك انزعجت أكثر لفكرة انفصالها عنه !

قاما باستقلال المواصلات للذهاب إلى المستشفى .. حيث كان لديهم اليوم تدريب فيها ..
و حينما وصلا إلى هناك انضما إلى باقي زملائهم الذين سيتلقون التدريب معهم .. وبينما هم كذلك .. إذا بزميلهم "رامي" يقترب منها هي وسمر ويلقي التحية عليهم ثم بادرها بالسؤال :
ـ سلامتك دكتورة سارة ..

وضعت يدها على خدها بسرعة ثم ردت عليه قائلة :
ـ الله يسلمك .. لا شئ خطيركل مافي الأمر أني وقعت ..
ـ اتمنى أن تعتني بنفسك حتى لا يتكرر ذلك معك مرة أخرى
ـ شكرا على اهتمامك

ابتسم لهما ثم انصرف حيث لم يجد شيئا اخر ليقوله ..

ولم تستطع هي أن تخفي دهشتها .. فلم يكن يربطها برامي أي شئ سوى الدراسة .. حيث كانت كثيرا ما تستعير منه ملخصاته في المحاضرات التي تفوتها .. بسبب جمال خطه وتنظيمه .. وترحيبه دائما بالمساعدة ..

وفي كثير من الأحيان كانت تحضر مع بعض الطلبة الذين كان يقوم بالشرح لهم بعض المواد التي يصعب عليهم فهمها من المحاضرة ..

وكزتها سمر على ذراعها وسألتها بمرح :
ـ هل رأيتي ما رأيته ؟
ـ وماذا رأيتي سيادتك ؟؟
ـ رأيت اهتماما منه بك !
ـ هو زميلنا وطبيعي أن يهتم ويسأل .. ولو كنتي انتي المصابة فأنا واثقة من أنه كان سيأتي ويسأل عليك .. الأمر ليس له أي علاقة بي ..

غمزت لها سمر وتابعت تقول :
ـ لا أعتقد .. وحتى لو كان سيفعل فلن يكون بنفس هذه الدرجة من الاهتمام
ـ توقفي عن هذا .. أنا متزوجة وهو يعرف ذلك ..
ـ وهذا مايثير دهشتي .. أنه يهتم لأمرك رغم أنك متزوجة .. لا بد أنه لم ييأس بعد !

تجاهلت كلامها وحاولت أن لا تفكر في الأمر كثيرا .. فهي لا تشعر بأي شئ تجاهه ولا تريد أن تعلقه بآمال فارغة ..

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ


ما إن عادت من الجامعة حتى صعدت إلى غرفتها .. ولم تخرج منها .. حتى جائت إليها خيرية في الغرفة وهي تحمل معها صينية وقالت لها :
ـ لقد أحضرت إليك عصير ليمون حتى يروق دمك ..
ـ شكرا يا خيرية .. أنا ممتنة لك

تناولت منها عصير الليمون وهي تشعر بأنه قد جاء في الوقت المناسب ..
ناولتها خيرية أيضا بعض الثلج الملفوف بقماش وقالت لها :
ـ ضعيه على خدك .. سيساعدك في التحسن
ـ انت لطيفة جدا يا خيرية ..
ـ هذا واجبي يا سيدتي .. والآن عليك أن تأكلي شيئا .. انت لم تتناولي غدائك بعد .. هل تريديني أن أحضره لك هنا في الغرفة ..

كانت تشعر بأنها فكرة جيدة .. حتى تتفادى مقابلة لمياء .. ولكنها أجابتها قائلة :
ـ سأتناول غدائي على سفرة المطبخ

تكلمت خيرية معترضة :
ـ ولكن ..

فقاطعتها قائلة :
ـ ألا تريديني أن أكون مرتاحة ؟!
ـ بلى
ـ إذا نفذي لي ذلك من فضلك
ـ حاضر سيدتي ..

كانت تريد أن تخرج من غرفتها قليلا لتغير الجو .. ومع ذلك لم تكن تريد أن تتقابل مع لمياء على الغداء .. ففضلت أن تأكل في المطبخ ...

وما إن تناولت غدائها حتى صعدت إلى غرفتها مرة أخرى ولم تخرج منها حتى لمتابعة كرتونها المفضل ..
أمضت وقتها في المذاكرة .. ومشاهدة بعض حلقات الكرتون الذي تتابعه من النت ...
ظلت على هذا الوضع حتى سمعت فجأة صوت أقدام على الدرج .. فنظرت إلى الساعة بجانبها فرأتها تشير إلى التاسعة مساء ..
وشكت في أن الوليد قد عاد إلى البيت حيث كان هذا هو وقت عودته في الغالب ..

فقامت بسرعة بغلق حاسبها الشخصي وجمعت كل كتبها المبعثرة ووضعتهم بجانبها .. ثم تمددت على السرير وتظاهرت بالنوم .. ولكنها انتبهت إلى أنها لم تغلق ضوء الغرفة ..
فنهضت على عجل لتغلقه .. وركضت عائدة إلى السرير .. ومن شدة ارتباكها اصطدمت رجلها بالسرير.. فتأوهت بصوت منخفض من شدة الألم الذي شعرت به .. واستمرت بالسير برجل واحدة حتى جلست على السرير أخيرا ..

وقبل أن تتمكن من أن تتمدد عليه .. رأت باب الغرفة وهو يفتح ليدخل الوليد الذي قام بإضائة النور على الفور ..
لقد فشلت مرة أخرى في تجنب مواجهته ..

راح الوليد يتأملها قليلا قبل أن يسألها :
ـ ماتلك الضجة كلها ؟!! .. هل كنت تتعاركين مع أحد في الظلام ؟!!

شعرت بالخجل الشديد لأنها أحدثت كل تلك الضجة حينما صدمت رجلها بالسرير .. وتجاهلت سؤاله ولم تعيره انتباها ..

فدخل إلى الغرفة وقام بخلع سترته .. وارتمى على الكنبة التي بجوار السرير ومد رجله على الطاولة التي أمامه ..وقد بدا عليه الإرهاق ..

تكلمت بحدة وهي تقول له :
ـ إذا لم تكن تمانع أريد أن أنام .. لذا أنتظر منك أن تغلق النور الذي أشعلته ..

وهنا رأته يقوم من مكانه ويتوجه نحوها ..و لم تستطع أن تفسر تعابير وجهه .. جلس بجانبها على السرير وأدار وجهها ليجبرها على النظر إليه .. وأخذ قلبها يخفق بشدة .. راح يلامس خدها المتورم بخفة ولكنها شعرت بالألم فأبعدت يديه ..فسألها بصوت هادئ :
ـ هل يؤلمك ؟؟

لم تفهم معنى نظراته .. ولا الغرض من سؤاله .. ولكنها كانت واثقة من أنه لا يسخر منها في هذه اللحظة .. فأجابته بغضب :
ـ وهل هذا يهمك ؟؟.. أم أنك تريد أن تتأكد من قوة يديك ؟!!
ـ أنا لم أقصد أن أفعل ذلك يا سارة .. لقد أخرجتني عن شعوري وقتها ..

رغم لطفه في الحديث إلا أنها ظلت عابسة في وجهه .. وسألته :
ـ وهل هذا سيغير شيئا ؟؟
ـ لا لن يغير ماحدث .. ولكنني أعدك بأن هذا لن يتكرر

قام من جانبها ليتناول بيجامته وتوجه إلى الحمام ليبدل ملابسه بعد أن أغلق الضوء ..

أما هي فقد ظلت متحيرة مماحدث معها منذ قليل .. وتسائلت هل كان ذلك اعتذار غير مباشر من الوليد ؟!! .. هل كانت محقة حينما فسرت نظراته لها بأنها توحي بالندم ؟!!

ولكنها على أية حال لم تستطع أن تكن له أي مشاعر كره حتى قبل أن تراه نادما ..
تجاهلت مافعله معها بالأمس .. وراحت تتلمس مكان أصابعه على خدها .. وهي تشعر رغما عنها بسعادة غامرة !!

 
 

 

عرض البوم صور طمووح   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
اللذي, تحملت, خبيث
facebook




جديد مواضيع قسم القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t189840.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
(ط±ظˆط§ظٹط©) ط­ط¨ظٹط¨ طھط­ظ…ظ„طھ ظ…ظ†ظ‡ ط§ظ„ط£ط°ظ‰ | Bloggy This thread Refback 25-05-15 01:36 PM


الساعة الآن 07:19 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية