لم تحاول فلورا أن تجلس مع إيلين منذ هذه المجاملة التعسة التى صدرت منها ببراءة الشىء الوحيد الذى كان يربطها بالقصر كان هو مايكل الذى أخذت صحته تتحسن يوماً بعد يوم مما دفع فلورا إلى التساؤل : هل كان مرضه راجعاً ببساطة لشعوره بعدم الإهتمام من ناحية والده ؟ لقد توقف السعال تماماً .
شىء آخر شغل فلورا منذ تلك الليلة لم تعد تسمع أى أصوات توقظها سألت نفسها لماذا أرادت أورور ( إذا كانت هى حقاً) أن تظهر لها نفسها ؟ ولماذا منذ تلك المدة لم تعد تظهر هل رأت أن رسالتها مفهومة بالقدر الكافى ؟ أم أن الكونت كان يبحث عن شىء فى غرفة أورور ولكن لماذا فى قلب الليل ؟ كانت فلورا حائرة .
سألت إيلين إذا كان من الممكن زيارة غرفة الكونتيسة .
أبدت إيلين دهشتها سألت جاحظة العينين :
- لكن لماذا إذن ؟
أجابت فلورا :
- لأرى إذا كان كل شىء فى مكانه سأعرف على الاقل إذا كنت أحلم لا يمكن أن يكون كل شىء فى موضعه بعد كل هذه الضوضاء التى سمعتها .
قالت إيلين :
- إن غرفة سيدتى الكونتيسة مغلقة تماماً وليس معى مفتاحها .
صاحت فلورا :
- هذا غير معقول من معه المفتاح إذن ؟
ترددت قبل أن تجيب :
- سيدى الكونت بالتأكيد .
- ومن ؟
زفرت إيلين :
- وجوزيف .
ردت فلورا فى دهشة :
- جوزيف هل تعتقدين أن ........
هزت إيلين رأسها :
- ليس لدى جوزيف فكرة إلا طاعة سيدى الكونت .
- وإذا كان الكونت هو الذى طلب منه ذلك .
رفعت كتفها بدا لها هذا الامر غير محتمل :
- سيدى الكونت لا يحب أن يتدخل أحد فى شؤونة الخاصة لو كان كذلك لفعل بنفسه ولم يطلب من أحد آخر حتى جوزيف .
قالت فلورا مستنتجة :
- كان إذن الكونت موجوداً فى هذه الغرفة فى تلك الليلة .
- ولماذا فى قلب الليل ؟
لم تعرف فلورا بما تجيب بما انها سألت نفسها نفس السؤال إن حديثها مع إيلين لم يرضها تماماً لقد شعرت بأن هناك شيئاً آخر وراء كتمان إيلين انه شىء لا تريد أن تكشف عنه .
سألت :
- من إذن ؟
بقى سؤالها بدون إجابة فكرت فلورا فى أورور التى قد تكون واقفة فى مكان ما بالقرب منها هذا لا معنى له لا وجود للاشباح .
قالت إيلين بعد صمت طويل :
- هناك أحداث تبقى دائماً بدون تفسير .

كان الكونت قد رحل أعلن جوزيف ذلك للسيدتين بعد الغذاء كأنه يخبرهما بسر عظيم شعرت فلورا فجأة بالراحة بدا لها ذلك الشعور غريبا إذ ان فى وجود الكونت أو غيابه فهى لا تراه هذا لا يغير من الأمر شيئاً يجب التصديق بأن رحيله له تأثير فى باقى سكان لويس هام كانت إيلين تدندن ومايكل يسير فى غرفته بدون تعب أصبح الجو أقل توتراً .
فى ذلك اليوم كانت الشمس تشيع بهجة فى الحديقة أذعنت فلورا لرجاء مايكل ووافقت على أن تصحبه فى نزهة قصيرة أسرعت إيلين لتقبل مايكل ورفع جوزيف كتفيه وهو يراهما يمضيان هذه التفاصيل لا تهمه الحدث المهم الوحيد الذى ينتظره هو عودة سيده .
قررت فلورا أن تقوم بجولة فى القصر مع مايكل .
وصلت إلى الواجهة الخلفية للقصر شعرت بشىء يجذبها إلى الحشائش العالية . تذكرت الوعد الذى قطعته على نفسها أمام الكونت فى أول لقاء لهما لكن رجل مثله يفتقد الذوق هل يستحق أن تحفظ وعدها له ؟
قالت فلورا فى نفسها : لا لا بالتأكيد .
لكنها لم تستطع أن تقرر نظرت إلى مايكل الذى بدت سعادته بالهواء والشمس .
سألته فى براءة :
- مايكل ألا ترى انها خسارة كبيرة أن يترك جزء من الحديقة مهجوراً ؟
لم يجب مايكل وبعد صمت قال :
- نعم بدون شك .
حاولت فلورا من جديد :
- الا تتذكر الأيام التى لم تكن موجودة فيها هذه الحشائش الطويلة ؟
قال :
- أعتقد ان أمى كانت تتنزه فى هذا المكان كثيراً به جناح للموسيقى حيث كانت تحب ان تذهب إليه لتعزف قليلا على البيانو .
أهتمت فلورا بحديث الصبى وتمنت أن يستمر إن جناح الموسيقى أيضاً يثير أهتمامها أكثر من الحشائش التى تغطيه .
حاولت فلورا من جديد :
- لكن لابد أن هذا الجناح قد أهمل تماماً وسط هذه الحشائش العالية لا يستطيع أحد أن يدخل هناك .
أضافت فى جرأة :
- يجب المحاولة .
قال الصبى بحكمة :
- دعى الأحجار نائمة لماذا يهمكم هذا الجناح إذن ؟
صمتت فلورا ربما تكون قد أيقظت لدى الصبى ذكريات مؤلمة لامت نفسها لأنها ذكرته بشكل غير مباشر بموت والدته.
فكرت : ها هى مرة أخرى حيثما أذهب تظهر .
فى هذه اللحظة لم تكن لتدهش إذا رأتها تظهر أمامها .
سألها مايكل فجأة :
- هيا لنذهب إلى البركة .
اعترضت فلورا :
- انها بعيدة جداً فى المرة الأولى التى تخرج فيها لا يجب أن أعرضك للتعب
- لكنى أريد أن أرى البركة لم أرها منذ زمن بعيد .
لم تستطع فلورا متأثرة أن ترفض .
همس مايكل فى عرفان :
- انا مدين لك بكل ذلك .
تأثرت فلورا كانت أشعة الشمس تنعكس على وسط البركة متلألئة على الماء تأملت فلورا ومايكل مئات الإنعكاسات الصغيرة كانت هناك بجعة تعوم فى شموخ .

جلس مايكل على شاطىء الماء بقيا صامتين خلال فترة طويلة شعرت فلورا بالإرتياح كأن الماء يطرد عنها كل الأفكار التى تزعجها رأت صورتها منعكسة على صفحة الماء ممسكة بيد مايكل .
عند عودتها كانت كل الأفكار السيئة التى طردتها عند شاطىء البحيرة قد عاودتها بشكل كبير عندما أصبحت بمفردها فى حجرتها أرادت فلورا أن ترتب أفكارها فكتبت :
(أشعر كانهم يخفون عنى شيئاً جوزيف يتصرف كأن الكونت طلب منه ان يراقبنى لا أعتقد أننى بعيدة عن الحقيقة تبدو إيلين دائماً موشكة أن تكشف لى عن شىء ولكنها تتردد وتتراجع فى آخر لحظة هذا حدث عندما حدثتنى عن موت اورور ثم منذ يومين عندما علمت أن حجرة الكونتيسة مغلقة بالمفتاح وأنها لم تخبرنى بذلك عندما حكيت لها عن الاصوات مايكل نفسه فعل نفس الشىء عندما حدثته عن جناح الموسيقى سؤاله يعنى انه لا يريد أن يفتح هذا الموضوع لماذا؟
هل هذا بسبب موت والدته فقط ؟ على أية حال هذا ممكن شىء آخر يدهشنى أيضاً مايكل لا يتحدث أبداً عن ابيه والكونت يثور غضباً عند الإشارة إلى ابنه لماذا ؟
كلما مر الوقت شعرت بأننى غريبة عن قصر لويس هام السكان منغلقون على أسرارهم كلما حاولت الإقتراب هذا التواطؤ الكئيب يحيك بينهم روابط غامضة وغريبة أنا مبعدة عنها تماماً لماذا يطلعوننى إذن على وجود هذه الروابط ؟ هل هى قسوة منهم ؟ على أية حال لقد رأيت فى جوزيف وإيلين ومايكل الصمت نفسه أما جيمس فهو صامت تماماً مثل الآخرين بدون شك انه يحتفظ بمفتاح صمتهم) .
توقفت فلورا لتقرأ ما كتبته عندما رأت الكلمات التى خطتها أدركت بصورة أفضل هذا الإحساس المؤلم بالغربة الذى تشعر به فهمت بشكل أفضل إصرارها على البقاء فى القصر على الرغم من كل شىء هناك غموض يجب تفسيره وكلما صمدت اقتربت من حل اللغز
- أورور صورتها تخيفنى انها جميلة لماذا لا أستطيع أن أحتمل ذلك ؟ لا ليس هذا ما يخيفنى إن نظرتها الحزينة عندما أراها أشعر كأننى اسقط فى بئر بدون قاع لا أريد أن أشبهها إيلين لا تعرف ماذا تقول تسكننى لابد أن أطردها من هى فى الواقع ؟ انا لا أعرف عنها شيئاً هل ما زالت حقاً تسكن قصر لويس هام ؟
ارتعشت فلورا عندما قرأت هذه السطور كانت بمفردها فى غرفتها كان الليل قد أسدل ستائره منذ وقت طويل واخفى الظلام الحديقة .
بقى أسبوع على عودة الكونت وكانت فلورا ترى هذا التاريخ هو الحد لبحثها من هنا حتى عودة الكونت ستعرف ماذا يخفون وسيكشف لها القصر عن سره ربما يحمل إليها الدكتور هنريش عنصراً للإجابة ......

هناك مفاجأة ستظهر فى الفصل القادم ترقبونا
قراءة ممتعة للجميع لا تنسونى بتعليقاتكم و بتشجيعكم لى

هلا يا سوسو الرواية رائعة وأحداثها مشوقة جداً بانتظار القادم

تسلم ايديك ودمتي