الفصل الخامس

اختارت بيبا ثوبها بدقة متناهية فهي تريد ان تظهر بكامل اناقتها وتلفت انتباه شوان مورغن الى اقصى حد, كان ثوبها من الحرير الخالص زخرفت عليه ورود زهرية وبيضاء, ووضعت بيبا حول عنقها عقداً ذهبياً به حبة الماس.
وعندما سمعت صوت سيارة في الخارج , نظرت بيبا من خلال الستائر لترى شوان في سيارة فخمة وجديدة بدلاً من تلك السيارة المستأجرة التي كان يستعملها ففكرت انه لابد بدأ ينعم بثروة جورج , فلو كان والدها مكانه لأضاع امواله على اشياء لاقيمة لها في لأدبروك غروف.منتديات ليلاس
ولما نزل شوان من سيارته , ابتعدت بيبا عن النافذة بسرعة وجلست على فراشها حتى لايشعر انها كانت تنتظر قدومه وعزمت ان تتأخر في النزول مع انها كانت مستعدة كل الاستعداد.
وحين قررت ان تنزل بدا عليها الاضطراب وتساءلت ما اذا كانت من الأفضل ان ترفع شعرها ولكن الوقت قد تأخر وعليها ان تنزل.ريحانة
انها لم تخطئ باظهار اناقتها , ولكن مابدأ يخونها في اللحظات الأخيرة , هو ثقتها بنفسها , فلم يسبق لها ان قابلت رجلاً في حياتها لم يعجب بها ولكن الأمر مختلف مع شوان.

وحان وقت نزولها الى غرفة الاستقبال , فأخذت نفساً عميقاً و فتحت الباب وخرجت لتسمع صوت والدها يتساءل عن سبب تأخرها .
التفت اليها حين رآها تدخل وابتسم قائلاً:
- آه .. ها قد أتت عزيزتي, ألا تستحق الانتظار ياشوان؟
التقت نظراتها بنظرات شوان فابتسمت ابتسامة باردة وقالت :
- مساء الخير ياسيد شوان, سررت لرؤيتك مرة ثانية.
نظر اليها مطولاً وابتسامته الساخرة تعلو وجهه وقال:
- أهلاً بك, فأنا من هو المسرور بلقائك, فكل مرة أراك فيها أتذكر لقاؤنا الأول يا آنسة كوربت.
نظر اليها وقال :
- دعونا من الرسميات , بامكاننا استعمال اسماءنا الصغيرة فنحن عائلة واحدة.
فقال شوان وهو يبتسم بجفاء:
- طبعاً نحن عائلة, انت اسمك فيليبا اليس كذلك؟ أو استطيع مناداتك بيبا؟
اجابته بهدوء:
- هذا مايدعوني به اصدقائي.
- اذاً ماذا تودين ان تشربي ياابنتي قبل العشاء, اتفضلين عصير التفاح او البرتقال؟
- سأعده بنفسي , فلا عليك ياوالدي.
منتديات ليلاس
ذهبت بيبا الى المطبخ لتجد والدتها تجلس على كرسي وعلامات الشحوب تسيطر على وجهها , فقررت ان لا تكلمها , لذا ملأت كوبها بعصير البرتقال وخرجت .منتديات ليلاس
- اذا قل لي , أعجبتك انكلترا ياسيد شوان؟ سأل والدها محاولاً ان يكون لائقاً.
- طبعا, فمن الجميل ان يعود المرء الى وطنه.
وافقه تشارلز قائلاً:
- نعم .. نعم , لقد زرت مرة كندا مع اصدقائي فتضايقنا من كثرة البعوض كما لسع واحد منا والتهب جرحه حتى اصبح الورم بحجم قبضتي.
وافقه شوان:
- معك حق فقد تكون مميتة في بعض الأحيان.
- اتذكر ان صديقاً اسمه كاتيرينغ نقل الى المستشفى حيث بقي حوالي اسبوع, حسناً , لكني لن أضجرك بأحاديث ايام الجندية الماضية , ولكن قل لي ماذا كنت تفعل في كندا فلا أتذكر انك اخبرتني.
اجابه شوان :
- لا, لم اخبرك , اني اعمل في الشرطة الملكية في كندا.
دخلت السيدة كوربت في تلك الاثناء وتعثرت بشيء ما, هذا ماجعلها ترتبك قائلة:
- آه.. لا اعرف كيف تعثرت ووقع الكوب من يدي ياتشارلز ولكن سأحاول تنظيف مكانه بسرعة.
قالت بيبا لها:
- لا عليك يا أماه ولا تقلقي بشأن ذلك . فالسيدة ميلر ستزيلها حالاً.
- نعم يابيبا معك حق.
لكن السيدة كوربت كانت خائفة الى حد كبير , وهذا ماظهر في نظرات عينيها , فكأن مجرد ذكر كلمة الشرطة جعلتها تشعر انها وزوجها سوف يدخلان السجن.
- سأملأ لك كوباً آخر يا والدتي.
في هذه الأثناء خرج الطباخ هارفي وابلغهم ان العشاء جاهز.

فقال السيد تشارلز:
- آه.. طبعاً العشاء , من الأفضل ان نسرع قبل ان يبرد الطعام.
همست زوجته في اذنه:
- انه بارد يا تشارلز؟
اخذ تشارلز ينظر حوله بارتباك وقال :
- ماذا, ماذا قلت؟
كررت زوجته كلامها :
- قلت انه بارد , فالطبق هو دجاج بارد.
- آه..لماذا لم تعلميني بالأمر مسبقاً.
- انني أعلمك الآن.
لم يغفل شوان هذا الموضوع بل نظر الى بيبا فرمقته بنظرة باردة واتجهت امام الجميع نحو غرفة الطعام.
ذهلت بيبا لمظهر الغرفة اللائق فقد فرشت كل الاواني الفضية والكريستالية ووضعت الستائر المخملية على النوافذ, كما أضيئت الشموع مضيفة الجو الكلاسيكي على الغرفة.ريحانة
فقال السيد تشارلز:
- اجلس ياشوان مقابل بيبا , أليس الجو حميماً؟
منتديات ليلاس
فكرت بيبا بشيء من الاشمئزاز, فالطاولة تتسع لعشرين شخص بينما جلس والديها كل منهما في طرفي الطاولة , وهي وشوان متقابلين في وسطها وسيتطلب الأمر ساعة حتى يسكب الطعام , ولكن أيقصد اهلها التاثير على شوان من خلال هذه الفخامة , طبعاً لن يتأثر فهو يملكها الآن.
أخذ السيد تشارلز يروي القصص العديدة حول حياته التي مضاها في الجيش, فتجاوب شوان لقصصه هذه بتهذيب مستمر مضيفاً ضحكته الساخرة التي لم يلحظها احد سوى بيبا.
لم تكثر بيبا لا من الطعام ولا الكلام بل حافظت على برودتها ولا مبالاتها تجاه شوان واظهرت لطافتها تجاه والديها اللذين بدوا مندهشين.
بينما حضر هارفي لتنظيف الطاولة انتقل الجميع الى غرفة الجلوس :
- بما انك تجد الأمر صعباً ان تترك عملك في كندا وتعود الى انكلترا .
اجاب شوان وهو ينظر الى تشارلز وقد فهم مايلمح اليه:
- كلا, فهذا اجمل ماقمت به من عمل طوال الستة اشهر الماضية.منتديات ليلاس
- آه .. اذاً انت تعمل في حقل الشرطة .
- هذا ماكنت عليه سابقاً , فقد تمت ترقيتي .
قال تشارلز :
- اذا انت تعمل في مكتب , لقد حصل لي ذلك في الماضي ولكنني سرعات ماتوقفت عن مثل هذا النوع من العمل.
رشف القليل من قهوته وهو ينظر اليهم بنظرة باردة:
- كنت انوي ذلك بغية التغيير , وعندما قررت وجدت ان كل شيء جاهز امامي.
فسأله السيد تشارلز بقلق:
- اذا انت عازم على البقاء هنا.

نظر شوان الى بيبا واجاب:
- نعم بالطبع , فكما اخبرت بيبا آخر مرة رأيتها فيها, أود ان أدير شركة والدي بطريقة صحيحة.
فوجئت بيبا بكلامه وتذكرت ماحصل لها في آخر لقاء معه, كيف قبلها وهو يسخر منها ومن ثم طردها من سيارته غير آبه بها.
اضاف تشارلز:
- اذا انت مستعد لهذا الأمر ياشوان.
اجاب شوان :
-نعم ياسيدي وعند ذلك استطيع مقاومة أي تحد.
احمرت وجنتاها وشعرت انها متهمة هي ببدء هذا التحدي فلم تستطع ابعاد عينيها عنه, لكنه سرعان ما استدار نحو والدها ليتابع حديثه معه.منتديات ليلاس
- لا انكر ان حديثك ممتع ياسيد تشارلز ولكن كنت أتساءل متى ستصل الى موضوعك.
تردد السيد تشارلز قائلاً:
- موضوعي؟
- نعم, فكما تعلم اصبحت مالك هذا المنزل وانتظر رحيلكم.
اجاب السيد تشارلز وقد عاد الى حالته العدوانية :
- ليس بعد ياشوان, فلم تحصل على وثيقة الاستلام حتى الآن.
- كلا, ولكن تأكد تم الأمر لن يطول.
منتديات ليلاس
- اعتقد انك تفضل ان لا نتطرق الى المحاكم وننهي الأمر بهدوء.
- من الطبيعي ان أفضل ذلك.
شع وجه السيد تشارلز بسعادة وقال:
- معك حق, فليس من الجميل ان تهان العائلة امام الجميع.
ارتجفت بيبا خوفاً عندما رأت نظرات الغضب في عيني شوان وتساءلت ما اذا كان والدها مدركاً خطورة وعدوان خصمه.
اجاب شوان بهدوء لكن خطر :
- اعتقد اني اخبرتك ياسيد تشارلز عن عدم استعدادي لأسمع أي إهانة توجه الى أمي.
- بالطبع لن يحصل , كنت افكر في ان تصل الى حل وسطي فيما بيننا.
تراجع شوان في جلسته الى الوراء ونظر الى تشارلز باهتمام وسأله:
- نعم, ولكن ماذا تقترح ان نفعل؟
ادركت بيبا ان والدها اعتقد ان كل شيء يسير على مايرام لذا طلب من زوجته وابنته الخروج من قاعة الجلوس ليتكلم مع شوان على انفراد.منتديات ليلاس
نفي شوان ذلك بحركة من رأسه وقال:
- لا, أفضل ان تبقيا هنا فالأمر يتعلق بهما على السواء ياسيد تشارلز.
قالت السيدة كوربت عن ذلك:
- اعتقد انه ليس من شأني كل هذا وانا افضل ان اترك هذا الامر لزوجي , فماذا عنك بيبا.؟
انتظر شوان جواب بيبا فبقيت جالسة مكانها وكان هذا بمثابة جواب , فاضطرت السيدة كوربت لأن تلازم الغرفة هي الاخرى.
تحول شوان الى السيد تشارلز وقال :
- الآن , أودان اعرف ماهو اقتراحك ياسيد كوربت .

- اقتراحي لا بأس به, فمارأيك ان أتنازل عن رفع أي قضية ضدك ونتقاسم التركة فيما بيننا , اعتقد ان هذا الحل عادل.
- حقاً؟ فأنا لا اعتقد ذلك, ففي الوقت الحاضر , كل هذه الاملاك ستكون لي, ولست مضطراً لذلك حين استطيع الحصول على كل شيء.منتديات ليلاس
- هذا اذا برهنت انك على صواب ياسيد مورغن.
- اريدك ان تتأكد بأنني لن اواجه اية صعوبة في ذلك , وحتى لو كان هناك فانك لن ترث شيئاً, ولكن عرضي مضمون والنصف الذي نتحدث عنه ليس بقليل.. فقد ترك جورج الكثير من الأموال , ماقولك بهذا؟
انتظرت بيبا رد شوان بخوف وقلق شديدين, ولكنه اخذ يضحك بصوت عال وكأنه سمع نكتة, فاندهش الجميع منه.
ثم قال :
- انتم جميعاً لا شيء , هل تعتقد حقاً انه باستطاعتكم تنفيذ هذا الأمر؟
- ماذا تقصد بكلمة تنفيذ؟
بد شوان فجأة اكثر جدية عندما قال :
- ألا تفهم قصدي ؟ هناك كلمة واحدة تفسر ذلك وهي الاحتيال , اقول لك كلمة واحدة احتيال , احتيالك على جماعة من المسنين الذين يستثمرون اموالهم عندك , لقد أسأت التخطيط ياسيد تشارلز.منتديات ليلاس
منتديات ليلاس
اعترض السيد تشارلز :
- لا أفهم ماتقوله , فلم أسمع بهذا في حياتي من قبل.
رد شوان بنبرة قاسية :
- ليس ماقالته هراء بالنسبة للمستثمرين, فلم يأخذني الأمر وقتاً طويلاً حتى جمعت المعلومات عنك , كما اني لا اعتقد ان أعين الشرطة ستغفو عن الأمر اذا اطلعت على دفاترك , اعتقد انك ستزج في السجن.
صدر عن السيدة كوربت صوتاً عبرت فيه عن خوفها فوضعت يدها على فمها بسرعة , اما بيبا فحاولت ان تبقى باردة كان الأمر لا يتعلق بها .منتديات ليلاس
عندها قال شوان باعتدال :
- لقد جاء دوري وسأعرض عليك صفقة , سآخذ العقود والاسثمارات لحسابي وأهبك بيتاً من البيوت التي تركها لي والدي في القرية مقابل استقالتك من شركة مورغن , كما اني سأؤمن لك مدخولاًُ صغيراً على أن لا تتدخل في عملي بعد اليوم , هل هذا واضح؟
نظر اليه الجميع بدهشة فتساءلت بيبا عن سبب تركه لوالدها ان ينجو بفعلته بعد ان كان مصمماً على جعله يدفع الثمن .
اضاف شوان مبتسماً :
- كما ان هناك شرطاً آخر ..
نظر الى بيبا وتابع كلامه وهو مازال يبتسم :
- وهو اريد الزواج من ابنتك.
- ماذا؟
قفزت بيبا من مقعدها وقد شعرت بالصدمة ثم قالت:
- هل جننت , لن أتزوج منك ولو بعد مئة سنة .
حرك كتفيه دون مبالاة وقال :
- حسناً , من دون زواج لن يكون هناك صفقة بيننا.