لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > المنتدى العام للقصص والروايات > القصص المهجورة والغير مكتملة
التسجيل مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

القصص المهجورة والغير مكتملة القصص المهجورة والغير مكتملة


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (4) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 03-05-14, 03:37 PM   المشاركة رقم: 141
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: May 2011
العضوية: 224710
المشاركات: 3,261
الجنس أنثى
معدل التقييم: اسطورة ! عضو جوهرة التقييماسطورة ! عضو جوهرة التقييماسطورة ! عضو جوهرة التقييماسطورة ! عضو جوهرة التقييماسطورة ! عضو جوهرة التقييماسطورة ! عضو جوهرة التقييماسطورة ! عضو جوهرة التقييماسطورة ! عضو جوهرة التقييماسطورة ! عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 1223

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
اسطورة ! غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : اسطورة ! المنتدى : القصص المهجورة والغير مكتملة
افتراضي رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل

 

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته..



كيفكم يا حلوين؟.. إن شاء الله الكل مبسوط و مرتاح..
أنون طلبت مني أبلغكم أنه هالفترة ما عندها نت.. و إن شاء الله أول ما يرجع بترجع
هي للزفرات و تطمنكم عليها.. إصبروا عليها شوي و إعذروها.. و إن شاء الله بترجع لنا قريب..





دمتم بخير
رساله من انآت وحده من العضوات نقلتها

 
 

 

عرض البوم صور اسطورة !   رد مع اقتباس
قديم 06-05-14, 05:18 AM   المشاركة رقم: 142
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: May 2011
العضوية: 224710
المشاركات: 3,261
الجنس أنثى
معدل التقييم: اسطورة ! عضو جوهرة التقييماسطورة ! عضو جوهرة التقييماسطورة ! عضو جوهرة التقييماسطورة ! عضو جوهرة التقييماسطورة ! عضو جوهرة التقييماسطورة ! عضو جوهرة التقييماسطورة ! عضو جوهرة التقييماسطورة ! عضو جوهرة التقييماسطورة ! عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 1223

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
اسطورة ! غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : اسطورة ! المنتدى : القصص المهجورة والغير مكتملة
افتراضي رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل

 





,,


حين تحيى بين جدران تألفها كأنفاسك ونبضات قلبك .. وتشعر بها دوما كما لو إنها تخبرك بوجودها .. لن تقوى يوما على مغادرتها .. أن تخونها وتبتعد .. هذا كان شعورها بعد أن غاصت في موضوع زواجها أكثر .. هُنا تعلم خطواتها .. ومسار قدميها .. هُنا لا تعثر ولا خوف من المشي .. كيف لها أن تترك ما تعرفه لشيء لا تعرفه .



أرجفها الخوف وهي بين والديها .. والدها عن يسارها ووالدتها عن يمينها .. لتقف فجأة .. وبنبرة رعب من القادم نطقت كلماتها .. تطرح الرفض بعد الموافقة .. ولم تسمح لهما بالحديث أكثر .. مشت خطوتان للامام وبعدها اتخذت الطريق على يمينها .. تبتعد حتى ما دنت من الباب مدت كفها تتلمسه وتختفي بعدها ..




تحوقل والدها .. و بشيء من الخوف نطقت زوجته : خايفة عليها .. هني كل حياتها .. انا وانت كل حياتها .. يبناها لهالدنيا متاخر .. وعابوني الناس وكن الحمال كان بايدي .. ولاموني لانها طاحت ما تشوف زين .. والحين يانا اللوم منها .. البنت خايفة يابو عايشه ..




مسح بكفه على وجهه .. حتى قبض لحيته الطويلة .. وتنهد بعدها : خوفها بيروح يوم تعاشره .. يا "رويه" اخوانها ما بيفيدوها .. همهم حريمهم .. وخواتها لهن رياييلهن .. مالها حد من عقبنا .. وفارس ريال والنعم فيه .. ومب ندمان اني طلبته ياخذ بنتي .. روحيلها وعقليها .. هوني عليها ..




" يا الله " .. نطقتها وهي ترتفع واقفة .. حتى ما طرقت الباب على عائشة ولجت .. تراها جالسة على الارض .. مستندة على السرير .. وتشد بذراعيها على ساقيها .. وحركة خفيفة لجسدها تطوحه للخلف و للامام .. تنطق : اميه خلاص ما اريد اسمع شيء .. خلوني بروحي .. ليش مستعيلين وكنكم بتموتون باكر .. الله يعطيكم طولة العمر ..




لم تلبي لها طلبها .. فاتخذت من طرف السرير لها مقعدا .. حتى ما جلست وضعت كفها على رأس أبنتها .. تشده قليلا لتضعه على جانب فخذها : ليش مكبره السالفة .. سمعيني .. ما بقى شيء من العمر .. وما اظن قصرنا وياج فشيء .. دراسة وتربية ومداراه .. خليناج بنت نقدر نفتخر فيها ونرفع راسنا فوق اذا يابوا طاريها قدامنا .. وابوج لو مب عارف هالريال زين كان ما طلبه ياخذج .. ولا تكدر يوم انه تاخر فالرد عليه .. ابوج يشتري ريال اذا ربج خذ امانته فيوم ما بيكون خايف عليج .. لا من اخو ولا من اخت .. تشوفينهم.. فالشهر ياللا ياللا مرة نشوفهم .. لاهيين وييا حريمهم .. وخواتج وييا ريايلهن وعيالهن ..




أحتظنت ساقي والدتها وهي تستمع .. وكأنه الفراق .. تشد وجدا وبصمت لسان واحاديث عقل لا منتظمة .. وتلك تتابع باسلوبها الحنون : ادري انج خايفة .. خايفه تخلين هالمكان اللي حافظتنه .. تفكرين بحياتج كيف بتكون .. بس سمعيني فديتج .. كل شيء فالبداية صعب .. بس ربج بيهون عليج .. وصعب واحنا عايشين احسن عن صعب يوصلج من عقب ما نموت ..




شدت ذراعيها بقوة : الله يعطيكم طولة العمر .. بس يمكن هو ما يفهمني .. والاشياء اللي تعودت اسويها يمكن ما تعيبه .. بيضحك علي ..





ابتسمت والدتها لتفكيرها : انزين ما سألتي نفسج .. الشيء اللي تسوينه صح او غلط ؟ لو انه غلط لا تسوينه .. وقلتلج فارس ابوج عارفنه زين ما زين .. لا تفكرين بهالسوالف بس عشان تخوفين عمرج منه . وين عواش العاقلة .. اللي تعرف الصح من الغلط .. واللي تحط عقلها قبل قلبها .. فارس من يوم ما سكنا هني واحنا ما سمعنا عنه الا كل خير ..




قاطعهما صوت الجرس .. لتنتفض عائشة في مكانها .. وتقف والدتها بخوف من السقوط .. فتلك لا تعتق ساقيها .. تعود لتجلس وتقبل رأسها : فديتج العرب شكلهم وصلوا .. خليني اقوم .. ام فارس بتي تشوفج وتيلس وياي ..




ارخت ذراعيها : لازم اطلع وايلس وياكم ؟



-
هيه




وقفت من جديد لتنحني تمسك عائشة من ذراعها لتوقفها معها : تيهزي .. ولا تطلعين شعرج .




لتقبل جبينها وتبتعد .. تحث الخطى للخارج واذا بصوت ام فارس : يا ام عبد الرحمن وينج ؟



لاحت لها من الباب : يا هلا والله .. حيالله ام فارس – تحييها – قربي قربي (تفضلي ) .




السؤال عن الحال اخذ جُل الحديث .. وتلك تضيفها القهوة والتمر وما جادت به الاطباق الموضوعة .. بين الحين والحين تتبعثر من ثغرها كلمات الترحيب .. ليأتيها صوت أم فارس : عيل وين بنتج ؟ والا ما تبانا نشوفها ؟



ابتسمت لها : الحين بتيي .. بروح اشوفها .. سمحيلي .



وقبل أن تقف جاءهما صوتها الرقيق : السلام عليكم .



تلقفت والدتها كفها لتوصلها لام فارس التي لم تنبس الا برد التحية وصمت .. لتمد لها عائشة يدها .. تمر الثواني مثقلة بوجع لا يعلمه الا هي .. تشعر بالنبذ منذ الان .. امسكت بكفها اخيرا فابتسمت لها .. تتحرك قليلا الى الامام بحذر .. وكفها الاخرى تقترب من رأس ام فارس رويدا .. حتى ما لامسته ارتفعت على اصابع قدميها تطبع قبلة على أعلى جبينها ..وتبعد كفها تبحث من جديد عن كف والدتها .. لتجلسها بجانبها .. وتجلس تلك ولا تزال تحدق في وجه عائشة .. حتى أربكت والدتها بتلك النظرات .. أما هي فشعرت بالاختناق بسبب الصمت .. لتبتسم بهدوء حين سمعت والدتها تسأل : عيل وين البنات ما يبتيهن وياج ؟



لتضع ام فارس فنجانها .. وتسألها تلك : اصبلج ؟



-
لا .. بسني الحمد لله .. والبنات ان شاء الله بيين بس غير يوم ..



لتوجه الحديث بعدها لِـ عائشة : كم عمرج ؟




وجهها الطفولي وعينيها اللتان اغدقتا بجمال لا يضاهى .. ورموشها الكثيفة وكأنها قد اكتحلت دون كحل .. كُل ذاك جعل من ام فارس لا تبعد النظر إليها .. وكأنها لاول مرة تراها .. او لعلها لم تكن تكترث لنظر والتدقيق من قبل .. يأتيها صوتها الناعم مجيبة على ذاك السؤال : سبعطعش (17 ) .. بعدني ما كملتهن باقي اربع شهور وشوي ..



زمت شفتيها : صغيرة .. كيف عيل مخلصة ثانوية هالسنة .. والا بعدج تدرسين ؟




ضاقت ذرعا بتلك الاسئلة التي تشتم فيها رائحة عدم الاعجاب .. تبتسم : ابوي الله يطول بعمره دخلني المدرسة صغيرة .. كان عمري خمس سنين ويمكن اقل .. شاف اني اقدر اتعلم بسرعه .. والحمد لله ما خاب ضنه .



" هيييه " .. مدتها واردفت : مدرسة عميان ؟




الحديث مؤذي.. وبقدر إذائه لها كان يمدها بقوة غريبة .. والابتسامة لا تفارق شفتيها : هيه .. مدرسة العميان والصمان والبكمان ..



لتردف وكأنها ترغب باخبار تلك ما تجهله : بس هذيلا عندهم عقل يعرفون الصح والغلط .. ويعرفون كيف يعيشون حياتهم .. ويقدرون الغير .. وآخر همهم الناس شو يقولون عنهم .. فيهم رضا وفيهم اشياء واايد عمر الصاحي واللي الله معافيه ما بيحس فيهن ..



بعدم مبالاة لتلك الكلمات : وناوية تكملين ؟



لعله السؤال الوحيد الذي اشعرها بشيء من الراحة .. لتبتسم ابتسامة مختلفة .. يشوبها فرح بسيط : إن شاء الله .. بس قلت ارتاح سنة وبعدين اقدم اوراقي فالجامعة .



-
بس فارس ما اظن يخلييج تكملين .. قبلج كنه طلعت من الجامعة ويلست فالبيت .



-
اذا عنده سبب مقنع .. يقنعني فيه ..



تشدقت : أنزين ما تشوفين انه كبير عليج .. وانتي وايد صغيرة .. عمرج من عمر هند بنتي ؟



صمتت وكأنها ترغب من والدتها الحديث .. أو لعلها كانت تبحث عن إجابة ما .. تعلم أن صمت والدتها بداعي الثقة فيها .. وتدرك إن تلك الثقة غالية .. لتجيب بكلمات تعلمتها من والديها .. تشربتها من أكفهما : الكبير كبير عقل يا خالتي .. والريال العود هيبة وحنان وعطف ودروس .. والبنت الصغيرة دلع وفرح واحترام .



لتقف بعدها : سمحيلي خالتي .. صلاة المغرب ما باقي عليها شيء .. وهالوقت لربي .




وابتعدت .. وتلك كبلها السكوت .. والاخرى كانت تهمس في ذاتها بدعوات خافتة .. ترتلها لحفظ صغيرتها .. أما الرجال فقد أجتمعوا لوقت قصير .. واتفقوا فيما بينهم .. وانتشروا عند دخول وقت صلاة المغرب .. انفض المنزل من زواره في الساعة الماضية ..





ما الأمر ؟ لما أشعر بغربة تلتهمني .. وبضجيج لا ينفك عن العبث في أرجائي .. هل باتت بصيرتي عمياء كما عينيّ ؟ أم إن قلبي به داء لا اعرف له دواء .. هل لي بطوق نجاة من أعصار مفاجيء أطاح بيّ .. فأحال الغد كشبح مخيف سيلتهمني ويطويني بكفيه الكبيرين ..





تنهدت وهي جالسة على طرف سجادة الصلاة .. تحرك اصابعها مسبحة .. وشفتيها تتحركان بخفوت .. وهناك شرود يعتريها .. تُعيد ما تفوهت به آنفا على مسامع أم فارس .. هل أخطأت ؟ .. هل حديثها ذاك يوحي برغبتها في الارتباط بالنسبة لهم ؟ .. هي لم تقصد شيء .. سوى الرد على تفاهات استترت خلف اسئلة متلاعبة .. لا ترغب بها .. هذا ما كان يجول في فكرها بصورة أكبر ..




,,


في الخارج .. ولج بمعية فارس الى ساحة المنزل .. أخبره بخوف صغيرته من تغير الحياة .. وأخبره بشرطها الذي طرحته .. أخبره بكُل ذلك من بعد صلاة المغرب .. وعادا ارتجالا إلى منزل الامام .. باتت الشروط تُطرح كَـ لعبة فر وكر .. وكأنها معركة ترتجي هدنة ..




دعاه لمجلس الرجال وحث الخطى لداخل منزله .. لتتلقفه زوجته بهلع : يا ابو عايشة خلاص قول لهم ما نبي العرس .. خبرهم البنت صغيرة ..



نظر إليها بغضب : نلعب أحنا .. والرياييل اللي تعنوا يطلبون بنتج .. وفارس اللي ربطته فيها فوقت ضعف مني وخوف عليها .. ارد فكلمتي الحين ..




" أمه قويه " .. قالتها وهي تتبعه متوجها لغرفة عائشة .. ليتوقف ملتفتا لها حين اردفت : والله لو سمعت اسئلتها لها .. كانها تقول لها ما نبييج .. رفضي ولدنا ..




" وعايشه شو ردت عليها ؟ " .. سؤال طرحه لتتنهد زوجته بعنف : ردت عليها وكنها خلاص صارت له .. ادري ببنتي ما قصدها هالمعنى .. وردها عادي بس هي بتظن انها خلاص موافقة .. خايفه ع بنتي ..



ربت على كتفها بحنو : بنتج بخير دامها بتكون فيدين فارس ..




ثقة عمياء اعطاها لذاك الشاب .. ولم تنبع إلا من مخافة فارس من رب العباد .. ومن خاف الله يؤتمن .. طرق الباب الموارب ودخل .. متبسما .. ناظرا لها لا تزال على سجادتها .. اليوم لم يعطها من ساعات العصر شيء ليجلس معها يسمع منها آيات القرآن .. نطقت : هلا ابويه .. حياك يالغالي ؟



هل يعقل أن طفلته الصغيرة التي جاءت إلى الدنيا متأخرة ستفارقه .. سيحتضنها رجل آخر ؟ .. حين الصمت وقفت تتقدم بخطواتها حتى وصلته .. تحرك أناملها على وجهه .. لتقابلها دمعة أدمت روحها البريئة : أفا .. دمعتك غاليه يا ابو عبد..



ليضع أنامله على شفتيها وتبتسم .. تعلم أن أحب إليه أن ينادى باسمها هي لا اسم اخيها الاكبر : أمي خوفتك من خوفها .. سمعتها تكلمك ..



" فارس فالميلس يبي يشوفج مثل ما طلبتي " .. تحجر لسانها .. بل أنها تكاد تجزم إن قلبها توقف عن النبض .. وأنفاسها سد مجرى الهواء فيها .. ليردف هو : خبرته بكل شيء .. مثل ما هو وامه حطوا شروط انتي بعد من حقج تحطين شروطج ..



قطبت جبينها .. تستغرب الحديث .. هي لا تعلم باي شرط وضع من قبل : شروط شو ؟ وليش ما خبرتوني عنها ..



ليأتيها صوت والدتها التي اتخذت مكانها بجانب بعلها : امه شارطه عليه ما تكونين وياها فالبيت .. وشارطين علينا انه اذا بيعرس عليج مالنا حق نعترض ..




لأول مرة تشعر بأن فقدان البصر مكروه .. وأن الاعمى مذلول .. أيحق لهم ذلك ؟ أن يدوسوا عليها بمثل هذه الشروط .. سقطت دموعها لا شعوريا .. وابتسمت بوجع .. لتفاجأ بوالدها يسحبها إليه يدسها بين جناحيه : فارس ما بيضيمج وانا ابوج .. وبنتي واثق فيها .. اللي يعرفها بيحبها ولا عمره بيخليها .




ابتعدت عن حضنه .. تمسح دموعها .. وتتتلقف رأسه تقبله : وعواش واثقه فابوها .. وفاختيار ابوها ..



يمسك بكفها : ياللا الريال من صبح يتريا ..




هناك كان يجلس وحيدا .. يتذكر حديث اكبر اعمامه حين طلب له عائشة . ويتذكر ابتسامة ذاك الرجل العجوز .. وتهلل وجهه بعد أن كان مسودا كظيم .. وهناك بين اضلعه يشعر بقفزات فرح .. وضحكات صغيرة .. ونبضات قلبه كَـ وقع اقدام صغار على مياه المطر .. راحة تتسلل إليه دون إرادة منه .. منذ أيام وهي تقتحم اسوار روحه .. فتنشر بهجة توصله إلى قمة النشوة .. سمع صوت والدها وهو يقترب من الباب : يا الله ..



ليقف مسرعا بالكلام : خلك عندك يا عمي .



أهتزت اوصالها لصوته .. وانقبض صدرها ..وتتشبث بذراع والدها بكلتا قبضتيها .. لتسمع والدها يحادثه من خلف دفة الباب المغلقة : خير يا ولدي .. قلت تبي تشوف البنت .. والبنت وياي ..



شعر بشيء من خشية في نبرة صوته .. فابتسم : ما قلت بشوفها يا عمي .. بسمعها وبتسمعني .. ما بخذ حق فوق حقها ..



لتنطق برجفة وبنبرة خافتة : من حقك تشوف اللي بترتبط فيها .



ليأتيها صوته : السموحة .. علي صوتج ما سمعتج ..



لتزيد من قبضتها وكأنها ترغب العون من والدها .. ليأتيها صوته وهو يربت على كفها بيمينه : تكلمي لا تستحين ..




زاد صمتها وزاد تعب ساقيه : تعبت من الوقفة وانا عمك .. ندخل وتشوفها .. تقولك هذا حق من حقوقك .. الشرع عطاك هالحق .



سحب انفاسه واخرج ضحكة قصيرة خافتة .. وتنهد مرة اخرى .. هو لا يرغب بان يشعرها بالنقص .. وافق على دخولهما وتحركت اقدامه ليوليهما ظهره .. حتى ما دخلا .. قطب والدها حاجبيه من تصرفه .. وفضل الصمت والمضي بها حتى النمارق .. ليجلسها ويجلس بجانبها ..



حين ولجت داعبت رائحة عطره أنفها .. شعرت بِـ دفئها .. هادئة تثير فالنفس الهدوء .. لعل بها شيء من مسك .. اكتستها حمرة خجل جميل .. فبحثت عن كف والدها من جديد لتعانقها وجدا .. وياتيها صوته : شحالج يا عايشة ؟



ابتسمت : بخير ..



واردفت بخفوت : ليش واقف .. وصوتك بعيد ؟



" ما شاء الله عليج " .. قالها لتغرق في حياء عظيم .. واردف : بسمعج مثل ما تسمعيني .. وما بشوفج الا يوم تكونين ع ذمتي .. وصوتي بعيد لاني معطيج ظهري .. واذا كان الحق اللي تطالبين فيه لي متعبنج .. فاقولج ان هالحق خذته من وصفهم لج ..



-
الوصف ما يسد عن الشوف.



-
هذا اللي عندي .. والوصف سدني وزود .. وانا لو طلبت بطلب الاخلاق قبل كل شيء ..




كان صامتا .. يسمع حديثهما القصير .. فاذا بها تنشج ببكاء خافت .. تشد على يد والدها اكثر .. حتى انحنى هامسا في أذنها : ليش تصيحين ؟




لم تكن الكلمات بذاك الخفوت حتى لا تصل الى اذنيه .. عقد حاجبيه حين ادرك بكاءها .. وظل على صمته يستمع لها تجيب والدها : مستنقصني ؟



-
شو هالرمسه ..



لينطق بحزم : مب فارس اللي يستنقص الناس .. واذا الشوفه اللي بتخليج تقولين كلام من راسج .. الحين بلتفت وبشوفج .



" لا " .. ردت عليه بسرعة .. واردفت : السموحه بس تعبانه شوي ..



ليبتسم على مضض : اسمحلي عمي لازم اروح .



ليشد خطاه خارجا .. ويتبعه والدها ليجده قد وقف عند الباب الخارجي ينتظره .. حتى ما دنى منه قال : يا عمي البنت صغيرة واايد .. هذا اللي سمعته .. ما اعرف اذا هي حمل زوج وبيت وعيال ان الله راد هالشيء .. وانت تريد العرس يتم بسرعه .. ونملك فالبيت .. يا عمي انت فيك شيء .. حاس بشي .. مريض لا سمح الله .




مسح بيمينه وجهه .. وسحب انفاسه وزفرهن : العمر ما ينظمن .. وخوفي ان الله ياخذ امانته ولا امنت لها حياتها .. وعايشه مربينها وعارف انها قد الحمل يا ولدي .. ما عليك من اللي صار من شوي .. هي متخوفه وتعق الرمسة بدون ما تثمنها ... اذا ربك رادكم لبعض محد راد هالشيء .




-
والنعم بالله .



,,


لا شيء سوى الحنين .. لا شيء سوى فراغ مميت .. ينهش افكاره .. عُلقت مهامه في ذاك المستشفى منذ ساعات .. أحيل إلى التحقيق وكأنهم ينتظرون هفوة منه .. اتهام بالاخفاق في ممارسة مهنته .. والسبب جرعة زائدة من الدواء لمريض في قلبه .. أقسم بان لا دخل له فيما حدث .. وليس بذاك الغباء ليزيد جرعة دواء وهو يعلم مضارها على مريضه .. هو المشرف عليه منذُ دخوله إلى المستشفى في أزمة قلبية تعرض لها ..



تنهد وقد أنتهى من جمع حاجاته .. سيغادر المكان .. لم يعد له مكان هُنا .. دراسته عُلقت .. ومُنع من مزاولة عمله في ذاك المشفى .. ربض على سريره .. وحادثة وليدة أيام عادت تقرع ابواب ذاكرته .. كان قد أنهى مناوبته وحث الخطى خارجا .. ليسمع صوتها مناديا له من بعيد .. يلتفت واذا بها تهرول حتى وصلت إليه لاهثة ..



-
هل تستطيع مرافقتي إلى منزلي .. هناك بعض الشباب انتقلوا لشارعنا وكلما مررت ضايقوني بحديثهم .


-
لا بأس .. هيا بنا .



زمت شفتيها بنصر .. ومشت بجواره .. تثرثر عليه ببعض الاحاديث : ألا تشتاق لبلدك ؟



ابتسم دون أن يلتفت لها : بالطبع اشتاق ..



جُمل مختصرة كان يبعثرها على اسماعها .. حتى ما وصلا المبنى المقيمة فيه .. تلفت في المكان : أين هم الشباب ؟



بمكر أنثوي أدعت الدوار .. لتقع عليه وبلكنة مُتعبة : لا اشعر بخير ..




كطبيب اسرع يجس نبضها .. يمسك رسغها .. يقطب جبينه بخوف : استندي علي ..سأوصلكِ إلى شقتك .. يبدو أنكِ أرهقتي نفسكِ بالعمل هذا اليوم .




تقع عليه بثقلها .. يسندها ويصعد الدرجات معها .. حتى ما وصلا للباب .. طلبها المفتاح .. وبتعب مصطنع : في حقيبتي .




يشد بذراعه على وسطها .. ويحاول فتح الحقيبة بيده الاخرى وقد أمسكها عند خاصرتها .. حتى ما أخرجه وفتح الباب وولجا .. اذا بها تفيق من اعياءها فجأة مما جعله يتسمر في مكانه .. تغلق الباب بظهرها .. وتنظر إليه .. تتبسم : أحبك .




قالتها دون حياء .. وأردفت : لن تخرج من هنا هذه الليلة ..



تراوده عن نفسه .. وهو فقط ينظر إليها في صمت .. تثرثر بالحب والعشق والهيام .. توهمه بالخجل .. وتكمل الحديث وهي تمد يدها : اعطني المفتاح .. سأغلق الباب وسنأوي الى الفراش معا .. أني احبك .




ابتسم بهدوء وهو يربع ذراعيه على صدره .. متنهدا : ما الذي تفعلينه هانا ؟ أتسمين ما انتِ فيه حب ..




بغضب وهي تشد ربطة شعرها المطاطية .. لتتناثر خصلها الصهباء على كتفيها : اذا ماذا تسميه .. الجميع لاحظ اني احبك .. لاحظ نظراتي لك .. وانت .. لما لم تلاحظ ؟..



وبعد صمت ثوان : لان لديك حبيبة .. لا تريد ان ترى سواها ؟ .. حسنا لن تعلم هي بالامر .. نبقى انا وانت حبيبان هنا .



-
ماذا بكِ ؟ .. هل فقدتِ عقلكِ .. أخبرتك من قبل لن احب احدا غير حبيبتي .. ولن المس أمرأة غيرها ..


-
لن يعلم أحد .


زفر أنفاسه موقعا ذراعيه بجانبه : لا استطيع .



" وما الذي يمنعك ؟ " صرخت بتلك الجملة .. ليبتسم وبنبرة جازمة : ديني يمنعني .



لم تشعر إلا بيده تلتقف رسغها ويسحبها عن الباب .. ليخرج تاركا خلفه إمرأة اصابها الاعجاب بالجنون ..




أسقط ظهره على فراشه .. ناظرا للاعلى .. يُغمض عينيه بهدوء .. هي من فعل ذاك انتقاما لا محالة .. ولكن لا دليل عنده ليقدمه .. تشوهت سمعته بين الاطباء .. وقد يصل الامر لرفع قضية عليه من قبل اهل المريض .. نام على يساره وقد اردف ساقه اليمنى على الاخرى .. وتنهد من جديد .. الهروب ليس حلا في هذه الحالة ..




نهض على صوت جرس الباب .. ليخرج وقد عانقت أنامله شعره .. يسحبه للخلف .. حتى ما فتح الباب لاحت له بوجهها الماكر .. سد مدخل الباب بذراعه .. ممسكا اياه بيساره : ما الذي جاء بكِ ؟


تنهدت وهي تشد على شفتيها .. تشتت انظارها لتستقر على وجهه أخيرا : لو اطعتني .. لما حدث ما حدث ..


-
لو اطعتكِ ربي سيعاقبني .. ما فعلته لا ينم عن حب .. الحب تضحية لا مكر ودهاء .. واخذ القلوب بالقوة .. لن ابقى هُنا .. ساعود ..



" ماذا ؟" .. نطقتها بخوف .. ثم اردفت وهي تحاول ان تقترب منه فيصدها بابعاد جسده قليلا : ستسافر ؟ لكن لماذا ؟ نستطيع حل الموضوع بسهوله .. ساخبرهم اني من اعطيته الدواء تلك الليلة .. ولم انتبه للكمية المحددة .. سيتغاضون عن الامر بسرعة لانهم يعرفون والدي .. لن يتخذوا معي اي اجراء قاسي .. لكن انت لا تذهب ..




لتطوق عنقه بذراعيها : احبك يا حارب ..



امسك رسغيها وانزل ذراعيها .. وبحقد : أتأمرك أمانتك ان تؤذي الناس في سبيل تحقيق ما تريدين ؟ .. ماذا لو حدثت مضاعفات له .. ماذا لو مات ؟ .. بتُ أمقتكِ بقدر ما كنتُ مُعجب بتفانيكِ في عملك ودراستكِ .. تظنين بوالدكِ تستطيعين فعل ما تريدين دون ان تحاسبي ؟ .. ساخبرك أمرا .. لا اريد منكِ شيئا .. وأن كان لي حق فسياخذه لي ربي .




أغلق الباب في وجهها بقوة .. وعاد يلملم أوراقه .. مشاعره المسكوبة .. وحقه المهدور في بلد الغربة .. نظر إلى شاشة هاتفه يتبين الوقت .. لم يبقى الا ساعة عن الاقلاع .. سيترك كُل شيء وسيعود .. وأن عاد حقه إليه سيعود لاتمام دراسته .. كانوا سيمنعوه من المغادرة .. وادرك الآن لماذا لم يفعلوا .. هي ووالدها خلف انهاء القضية بتعليق دراسته ووقفه عن العمل حتى اشعار آخر ..




أخيرا يشعر بأن المكان له .. والوقت له .. حتى أنفاسه اضحت تتسارع شوقا .. هل سيتفاجأون بعودته ؟ .. زواج صاحبه بعد ايام فقط .. أسند برأسه على مقعد الدرجة الاولى .. وتخالجه ابتسامة .. تتطفل فتضحك روحه معها .. يذكر رسالته لها .. حديثه عن الكثير .. عن ايامه ولياليه .. وعن عشقه وقلبه العليل .. نام دون أن يشعر .. وكم تمنى ان تزوره وتؤنس وحدته .. حتى وان كان في حلم دقائق ..




هل الوقت مُسرع الخطى ؟ .. أم ان الحنين يشده بقوة إلى وطنه .. لم يشعر إلا وطائرته تحط على ارض مطار دبي .. ويجد نفسه بعد مضي الدقائق يقف عند بوابة المطار .. بيده حقيبته وعلى كتفه أخرى .. وهواء ليل حار يعبث بخصلات شعره الاسود .. تحرك ليستوقف سيارة أجرة .. ومنها سيتوجه إلى ابوظبي .. وبعدها إلى منزله ..




ينظر إلى الطرقات .. والمباني واضواء الطريق .. وكأن به المرة الاولى التي يراها .. حتى ذاك السائق تعجب من فعله : واجد في تغير .. دبي في واجد بنيان جديد .




ابتسم على حديث ذاك الهندي .. وفضل أن يجاريه في الحديث : هيه .. وايد تغيرت عن قبل .



-
انت كم سنه برا ؟




كأنه عمر كامل تلك الاشهر التي قضيتها هناك .. شهر يتلوه آخر .. وكأن بها دهور متلاحقة .. حتى إني أرى بيّ عجوز أهلكه التمني .. حتى دُفنت أمنيته وهو ينتظر ميلادها .. كيف لي أن اخبرك بعدد الغياب .. وحتى روحي المبلولة من دمع الحزن لا تذكر إن جفت يوما ام لا .. وقلبي الممطور بزخات حبي لا يذكر أنه افاق وارتشف حلو المصاب لا مُره .





أنبلج الصبح وأزدحم الطريق بالسيارات .. يوم عمل .. ووجوه ناعسة متضجرة عند اشارة مرور .. وايدي تدعك العيون تجبر النعاس ان يطير .. وافواه تتثاءب .. وهو فقط يرقبهم من خلف الزجاج الملطخ بقليل من الاتربة .. لما الxxxxب لم تعد تمضي كما قبل ساعات ؟ هل تعبت الجري فقررت المكوث قليلا ؟ ..




لا يعلم لماذا الاجفان تستسلم للغفوات المتقطعة .. لينهض على صوت السائق يسأله أين طريق منزله .. ليدله ويدعك وجهه بكفيه .. يرغب بذاك الخمول الذي تملكه أن يعتقه .. حتى ما استقرت العجلات امام باب منزله ترجل .. وانحنى يعطي السائق أجرته بعد أن أنزل حقيبته من الخلف .. ليرقب أنطلاق سيارة الاجرة مبتعدة .


سحب انفاسه بنهم جم .. ورن الجرس .. ليضحك بخفوت على صوت عبد الغفور المنادي بالمجيء .. تخيله يقبض ثوبه الواسع بيده ويجري وقد اتضح بنطاله الابيض من اسفله .. ليفتح البوابة مع خيوط الصباح الاولى .. ويراه واقفا أمامه .. وبحب : الحمد لله ع السلامة يا دكتور ..



واغدقه بالترحاب وهو يحمل الحقيبة الكبيرة ويحث المسير أمامه .. وذاك لا يجد فرصة لينطق بكلمة .. ليتوقف في ساحة منزله .. وذاك لا يزال يثرثر .. حتى ما التفت ورأى ذاك يقف يتجول ببصره في المكان .. ترك الحقيبة وعاد إليه : كُل حاجه عال العال .. بس شجرة المانجا اللي ورى البيت اتكسرت .. من شهر كدا .. جتنا ريح قويه وكسرتها ..




" شخبارك عبد الغفور ؟ " قالها بهدوء .. وكأن الشخص الماثل ها هُنا ليس بحارب القديم .. ليحمد ذاك ربه شاكرا .. ويردف هو سائلا حين لاحظ اختفاء سيارته الجيب البيضاء من المكان : وين سيارتي يا عبد الغفور ..




ضرب جبهته بكفه : يوووه نسيت اقولك .. الاستاز فارس اخدها من يومين .. بيقول سيارته متعطله .. هو كان كُل اسبوع يجي ياخُدها يحركها ويرجعها .. بيقول لو بقيت مكانها حتخرب .




عصافير الصباح في قمم اشجار منزله أجبرته يرفع نظره .. يسحب ذرات الاكسجين الى رئتيه : أنزين انا بدخل ارتاح .. وما اريد حد يدري اني رديت .

,,



قبل ساعات وعلى بعد كيلومترات من المكان .. عاد من عمله .. يذكر وجه أخيه المتعب جراء البحث في تلك القضايا لمدة يومان متواليان .. يتذكر انزعاجه منذ ساعه وهو ينطق بتعب : ما لقيت شيء .. لا اسم ولا اي شيء ..


ليضرب بجبهته على طاولة مكتبه .. وجابر ينظر إليه مندهشا ومستغربا : بس لو تقولي عن شو ادور ..



ليقاطعهما دخول شرطي .. يضرب لهما التحية وينطق : وصلنا لريال اللي اخذ التوكيل من عيد وباع المحل .



دعك عينيه بتعب : زين .. اريدكم اطرشون وراه يكون حاضر هني عقب باكر ..



أنصرف وجابر لازال ينظر الى وجه شبيب المرهق : الحين عرسك باقي له كم يوم .. وانت ملاحقلي عيد ولالاته ( اعوانه )



ليضحك : والله هذا شغلنا .. عرسان مب عرسان ما بنخليه وبنروح نشوف اعمارنا ..



ليصمت فجأة .. ويعود ينادي الشرطي .. حتى ما امتثل أمامه : اسمع روح للملازم خليفه وخبره يدورلي عن اي قضية مرتبطة باسم عيسى سالم محمد الـ...... .. اريد اي اسم انطرح في اقسام الشرطة وله صلة بهالاسم .. كل اقسام الشرطة القريبة ..




" ادور ورى ابو حرمتك ؟ " ليضرب شبيب بكفيه على الطاولة واقفا .. ويردف جابر : شبيب تراك مصختها .. من متى تغبي عليّ .. ومخليني فالسالفة مثل الاطرش فالزفة ..




زفر الهواء بعنف .. والتقط قبعته العسكرية : جابر السالفة بيني و ....



صمت لبرهة واردف وهو يولي جابر ظهره : وبيني ..



ليقف الاخر يلحق به .. يبعثر الكلمات من خلفه : انت شفت شكلك كيف صاير .. من يومين وانت مغرق نفسك فهالقضايا .. وبعد رحت يبت قضايا اقدم من اللي عطيتك اياها .. شو اللي مستوي ؟ .. متناسي ان عرسك يباله تيهيز وانت بكبرك لازم تتيهز ..



بسخرية قال وقد وصل لسيارته ودس يده في جيب بنطاله يخرج مفتاحها : ليش يبالي فستان وحنا وصالون ..



وضحك مقهقا .. ليثور جابر ضاربا بكفه على مقدمة السيارة .. مستوقفا ذاك عن الصعود إليها .. ينظر إلى عيني شبيب المتعبتان .. وشبيب يبادله النظرات .. ثانية .. اثنتان .. ثلاث .. وانفجر جابر ضاحكا .. واتبعه شبيب بمثل فعله .. ومن بين ضحكاته : شعليك لاقيلك حد يهتم بكل شيء .. اراكضلك فبيتك إلين خلصته ..





أغمض عينيه يشد الاكسجين إلى صدره .. وتبتعد تلك الذكرى ..الساعة قبل الفجر بقليل .. اوقف سيارته في موقفها وترجل .. تنهد ليستقبل نظره القسم الذي يحوي شقيقه .. ذاك البطي يتحاشاه بشدة .. منذُ ما حدث وهو لم يره الا على عجالة .. يهرب منه .. ابتسم ومشى نحو المكان .. حتى ما مر قريبا من دورة المياه ( اكرمكم الله ) سمع لِـ بطي سُعال اصابه بقشعريرة .. اسرع الخطى إلى الباب ليطرقه بعنف .. مناديا اسمه : افتح الباب ..




ذاك ومن بعد السعال المرير نضح بالماء على وجهه .. ينظر إلى شحوب ألمّ بملامحه .. يحاول فتح عينيه .. يشعر ان بهما ثقل غريب .. ما ان سمع الطرقات وصوت الخوف من خلف الباب .. حتى تحرك بملابسه الداخلية .. ادار المفتاح وسحب الباب : هلا جابر ..مستوي شيء ؟



ينظر إلى وجه شقيقه المنهك : مريض ؟ .. سمعتك تكح .. والكحه قوية ..



ترك الباب وعاد ادراجه إلى غرفته .. لم يستطع الوقوف أكثر ..ليرمي بجسده على السرير .. يردف ذراعه على وجهه .. والاخر لحق به حتى ما وقف بجانبه انحنى يبعد ذراعه ويحتضن جبينه بكفه : محموم ؟




ابعدها واستلقى على جانبه موليا جابر ظهره : بصير بخير .. حمى خفيفة .. والكحه لاني شفت حلم وقمت مثل المخنوق .. لا تحاتي ..



عانق وسطه بكفيه متنهدا : ليش تشرد مني ؟



تمتم : انت اللي شردت مب انا ..



انحنى مديرا اياه ناحيته بشيء من عنف : انا يوم شردت شردت من نفسي مب منك .. يوم اني حسيت اني اخو فاشل وظنيت باخوي مثل اي واحد غريب ..



تشدق مبتسما : انزين .. روح صل الفير وادعيلي بالهداية ..



بغيض : انت سمعتني شو قلت ؟



ضحك وهو يعود ليستلقي على جانبه : سمعتك سمعتك .. بس اداري برستيجك عن يطيح ..




لتأتيه لكمة من جابر على كتفه : الشرهه علي .. اسمع لا تسكر الباب بخطف عليك الصبح اذا الحمى ما خازت بشلك العيادة ..



بصوت مكتوم : بصير بخير .. روح غير دريساتك ( لباسه العسكري ) وتيهز لصلاة .. ولا تنسى تقومني اصلي .




ظل ينظر إليه لدقيقة .. ضعيف هو .. ولم يعهده بهذا الضعف .. ابتسم وانحنى يسحب الغطاء عليه .. ليبتسم بهدوء وصوت حذاء جابر يصل إلى مسامعه .. ومن ثم اغلاق الباب .. جر ذاك خطاه الى المنزل .. ليقطب حاجبيه حين لاح له نور الغرفة من اسفل الباب الخشبي .. فتح الباب واذا بها جالسة على الكنب الطويل تشاهد احد الافلام المصرية القديمة ..



رفعت نظرها وبابتسامة متعبة : الحمد لله ع السلامة .



تقدم وقبع بجانبها .. ينظر إلى تعابير وجهها : شو موعينج ؟ تعبانه فيج شيء ؟ ليكون بتولدين فالسابع ..



ضحكت على خوفه : فال الله ولا فالك .. ما اريده يطيح ناقص .. بس ما قدرت ارقد .. رقدت شوي عقب ما طلعت لشغلك .. وصرت اهوجس ..



يبعد خصلات تمردت على جانب وجهها ماسحا بكفه على رأسها : شكله خلود متعبنج .. ياللا هانت شهرين وبتخطف وبيشرفنا ولي العهد .



يدها تقع على يده الرابضة على بطنها المنتفخة : قوم تسبح .. ملابسك ياهزة .. ما باقي شيء ويأذن الفير ..



وقف لتستوقفه عن المسير : جبور .




" عيونه " .. قالها لتبتسم بخجل : تسلملي عيونك .. ع الساعه تسع ان شاء الله بروح وييا خواتك السوق .. يمكن نتاخر كل النهار .. تدري ما عندنا وقت نيهز لعرس اخوك .. صربعونا ..



عاد بخطواته لينحني يقبل جبينها : اوكي .. انا بصلي الفير وبرقد .. بحطلج فلوس ع التسريحة ..



ابتعد واذا به يلتفت : منو بيشلكم ؟




-
مها .


,,



الاخر دخل منزله وبالكاد يستطيع الوقوف .. يشعر بان رأسه ثقيل .. وأن ساقيه لا تقويان على حمله .. منذُ ايام وهو منكب على ذاك البحث الذي اسفر بلا أي فائدة .. هو يذكر كلام ذاك العجوز جيدا .. اذا فهناك قضية حدثت ولم تدون .. ستر عليهم .. هذا ما توصل له اخيرا .. ولكن ما الذي حدث ليصل الامر لوالده ؟



يسحب قدميه نحو قسمه ليفتح الباب وتلفح انفاسه رائحة الاصباغ ورائحة الاثاث الجديد .. ضحك على ذاكرته في هذه الساعة المتأخرة .. ليغلق الباب ويتوجه لغرفة هاشل .. هُناك وضعت ملابسه وحاجياته .. والبعض منها استقر عند جدته ووالدته .. فتح الباب بهدوء .. ومشى بخفة حتى لا يوقظ النائم المتدثر بغطاءه .. الضوء خافت يثير الاحمرار في الغرفة .. انتزع له ملابسه .. وخرج كما دخل .. سيستحم في دورة المياه لمجلس الرجال .. وسيستلقي هناك بعد أن يؤدي صلاة الفجر .. اليوم لا يقوى على الذهاب الى المسجد ..




يوم ثلاثاء .. يفصله يوم عن زواجه وقدوم تلك المتسربلة بالغموض بين تهمة وبراءة .. ووالدته لا تزال في نفسها خيفة وجزع .. ورفض يقابله هو بحنان وابتسام .. ويحاول اقناعها بانه لن ياخذ عائلتها بل هي .. ولا تهمه تلك الاحاديث التي وصلت لوالدته عنها .. سألت فجاءها الجواب بان تلك لا تحسب حساب لاحد .. وانها سبب انفصال عائلتها منذ سنوات خلت ..




ثارت بالامس والدته على تلك الاحاديث التي جمعتها من بعد السؤال .. ليقع على رأسها مقبلا .. يمتص غضبها بكلماته ويرجو من جدته ان تقف معه كما عادتها .. فرضيت على مضض بعد زجر وتوبيخ من جدته .. هو لا يرغب سوى بان يتركوه يكمل ما بدأه .. لعل الله يحدث أمر مغايرا ..




استيقظ على صداع اطاح بجانب رأسه .. ليغتسل ويخرج بعد ان ارتدى ثوبه .. يسمع ضجة في المنزل .. اصوات متداخلة .. وصوت كنة : وين نشلها ويانا .. احنا بنلتهي من مكان لمكان ..



ويأتيه صوت صغيرته .. يبدو انها غاضبة : اريد اروح .. والله ما اسوي شيء .. ببقى وييا شامة .. دخيلج خالوووه .




ضحك على نبرتها المترجية .. ليطل برأسه عليهن في غرفة كنة .. تلوح له وهي ترتدي عباءتها .. وشامة تقف وقد ارتدت عباءتها هي الاخرى .. وكلثم متشبثة بكفها : صباح الخير ..



ليلتفتن : صباح النور ..



وتردف كنة : هلا بالمعرس اللي ما صرنا نشوفه .. اذا بعدك ما دخلت القفص وغايب عيل اذا دخلته بتختفي ..



ابتسم بتعب ونظر لتلك التي تجره من يده : شبشب قول لها تاخذني وياهم .. بشتري فستان مثلهن .



شد رأسها لجانبه .. يداعب جانب وجهها بانامله .. ينظر إلى شقيقتيه تباعا : بتروحن السوق ؟



لتنطق شامة : خبرنا خالي .. انت ما ترد ع فونك .. ولا قمنا نشوفك .. واذا شفناك لقيناك طايح ناقر ونقير وييا امي .



بحنانها المعهود اقتربت بوجل منه .. ترفع كفها تمسح به جانب رأسه : تعبان ؟



" مصدع " .. واردف : خذوها وياكم .. لا تكسرون بخاطرها .. شبشبها مب دوم بيعرس ..




لتضحكا ويضحك معهما .. وتنظر تلك رافعة وجهها لهم : بروح ؟



ليجلس القرفصاء أمامها .. يعانق كتفيها بكفيه : هيه .. بس تبقين ويياهن .. ما تروحين عنهن ..



" اوكي " .. قالتها وقبلته بسرعة .. وخرجت تسبقهن للصالة .. ليأتيه صوت كنة : اسويلك شيء ..



نهض : لا فديتج .. بتقهوي وبشرب شاهي وبصير احسن .. عندكن فلوس ..



وقبل أن تُجيبا صرخ مناديا كلثم .. لتأتي مسرعة : حبيبتي روحي الميلس بتحصلين بوكي هناك وييبيه .



" عندنا فلوس .. خالي عطانا وبعد امي ..ويدوتي بعد ما قصرت " .. نطقت شامة بتلك الجملة .. ليجيبها : يزيدن ولا ينقصن .. خذن كل اللي تحتاينه .. ما عندكن الا اليوم وباكر ..



واردف : من وياه بتروحن ؟



يأتيه الجواب من كنة .. واذا بتلك الصغيرة تقتحم المكان وبيدها محفظته .. ينظر إليها وهي تمد يدها وأنفاسها تتشاجر لتخرج.. خصلات شعرها الاجعد متطايرة .. طفلته أثارت فيه رغبة بالضحك .. يفتح المحفظة .. يقاوم ما يعتلج في داخله .. واذا بها تصرخ به وقد عانقت وسطها بكفيها .. تنظر إليه عاقدة الحاجبين : أنا بعد أبا فلوس .. كلكم تعطون شمووه وخالوه كنه ..



-
اصغر عيالج تقوليلي شموه .. خلاص ما شي سيره .. روحي عند هاشل والا عند يدوه تسحي (تمشط ) شعرج هذا .. تقول شعر ياعدة ..


تلتفت لِـ شامة ضاربة بقدمها الارض : ما يخصج .. شبشب قال تاخذوني وياكم يعني تاخذوني .. والا بقوله ما يخليكم تروحون .. ولا تشترون فستان ..



تلك كانت تضع النقود في حقيبتها بعد ان اخذتها من شبيب .. وتتبين ما فيها لعلها نست شيء ما .. لتغلقها وترمي بها على السرير : هيييه شو صارلكن ؟ اعوذ بالله .. صدق الفلوس تغير النفوس ..




بلغ السيل الزُبى كما يُقال .. ليصل الكتمان في نفسه إلى حدود الانفجار .. لتعلو ضحكته من بين حديثهن .. شكل الصغيرة .. وغضب شامة .. وقول كنة .. لينظرن إليه .. تلك الضحكة كانت مريضة في هذا المنزل .. واليوم عادت .. أحمر وجهه ودمعت عيناه .. ليمسح جانب عينيه بابهامه ووسطاه : استغفر الله العظيم ..



ويعاود قذف الضحكات القصيرة .. ويأتيه صوتها الغاضب : خلصت .. ياللا عطني فلوس ..



تمد يدها الصغيرة ناحيته .. كامشة ملامح وجهها الصغير .. وهو يكتم ثغره بكفه .. لا يعلم لما ذاك الوجه يضحكه .. لينزل كفه اخيرا يخرج لها ما ترغب .. ليأتيه صوت كنه وهي مارة بجانبه : لا تدلعها وايد .. بتركب ع راسك بعدين ..




صرخت : انتوا تقولون دامه بعده ما عرس ناخذ منه اللي نباه ..



لتكتم شامه ثغر كلثم بكفها تنظر إلى شبيب وقد شدت على شفتيها : ياهل .. ما عليك منها ..




تصرخ .. وتهز كفها في الهواء .. وتضرب كلثم على كتفها بعد ان غرزت اسنانها في باطن كفها .. تنظر إلى شبيب الواقف وقد ارتفع احد حاجبيه استنكارا .. يربع ذراعيه على صدره .. ينظر لِـ شامة المحرجة .. وتنطق وهي تبتعد مختبئة خلفه : والله هن يقولن .. ويقولون ان حرمتك بعدين بتاخذك منا .. ويقولن ..




" بس " .. صرخت بها شامة .. لتسحبها من يدها من خلفه : حشا بالعه رادوا .. روحي حجرتي عشان ايهزج .. اذا بتروحين ويانا ..



تدفعها امامها .. واذا بها تقف حين عانقت كف شبيب ذراعها .. تلتفت إليه : سوالف والله .. بس هالملعونة صايرة مثل هاشل نقالة كلام ..




يبث في نفسها الخوف بملامحه الجادة .. وحديثه المشرئب بالسخط : تظنن بالتهي بحرمتي وبخليكن ؟ بصير سكانها اللي تباه اسويه ؟ .. ظنكن باخوكن ضعيف تسيره حرمه ؟



دمعت عينيها .. وتهدج صوتها : مب قصدنا .. والله كانت سوالف وغشمره .. كنت اتغشمر وييا كنه ونضحك .. بس السوسة كلثوم ما...



انقطع صوتها حين شدها الى صدره ضاحكا : اتغشمر وياج ..



لينفجر مقهقها وتدفعه هي بكفيها .. صارخة به : خايس ..




وتتركه مهرولة .. ويعاود الكركرة .. يطوح برأسه متبسما .. وتقع يمينه خلف رقبته .. يشد عليها محركا رأسه .. ذاك الصداع لا يعتقه .. مشى مبتعدا عن المكان .. تحويه الصالة بعد دقيقة .. يسمع صوت كنة على الهاتف لعلها تحادث مها .. ليلمح الجسد الضئيل بملابس رياضية زرقاء .. وكرة تحت ذراعه يعبر الممر .. يصرخ به : هاشل ..




يعود ادراجه بخطوات للوراء يقف على عتبة الصالة .. يسمع سؤال شبيب : وين رايح هالحزة ؟



" العب " .. قالها وولاه ظهره ليخرج .. ويعود يقف على صوت شقيقه : تعال .



زفر أنفاسه مطلقا للكرة العنان لتقع وتتدحرج حتى الزاوية .. يمشي بلا مبالاة حتى وقف قريبا منه .. تفصل بينهم الصينية المحتوية على أواني القهوة والشاي والتمر .. يرمقه : انت ما تشبع من لعب الكورة .. صبح ومسى .. اركد فالبيت ..



تنهد : السوني خربانه وقلت لخالي يصلحها قال بعدين .. وانا ما بيلس فالبيت العب العاب بنات وييا شامة وكلثوم .. وانت ما تنشاف صاير حمارة القايلة الظهر وام الدويس فالليل ..




تغير وجهه ينبأ عن ضحكة جديدة .. ليكتمها : بعد حتى انت طلعلك اللسان .. كلها كم يوم انشغلت فيهن وطلعلكم لسان اطول منكم ... مب ناقص الا تحاسبوني وتضربوني بعد ..



ليقول بثقة : والله اذا تستاهل الضرب بتنضرب .. يدوتي ما بتقصر فيك ..



" بعد " .. مدها شبيب وهو يقطب حاجبيه .. ويتابع ذاك : وبعدين ليش تخافون علي .. تراني اخو شبيب ..



وبفخر قال : والنعم ..



مردفا : بس كثر اللعب برع البيت مب زين .. تخلي امك وخواتك بروحهن .. تشوفنا انا وخالك اشغالنا ما تخلص .. وانت فغيابنا ريال البيت ..



بتفكير صمت .. ونطق بعد برهة : اممممم انزين .. انت وخالي هني الحين .. يعني اروح العب كورة ..




وجرى يختطف كرته .. ليختفي عن انظار شبيب الذي طوح برأسه زافرا انفاسه ومتحوقل .. تأتيه ثرثرة خافتة بين والدته وجدته .. حتى ما ظهرتا عند الباب .. لكزت العجوز ابنتها لتصمتها عن الحديث .. تستند بكف ابنتها اليمين .. وبيمينها عصاها الغليظة .. تبسم واقفا .. يقع على رأسيهما مقابلا ويأخذ بيد جدته .. يمشي معها ويهمس :للحين مب راضية ..



اجلس جدته لتزفر أنفاسها .. وتجلس على مقربة منها شمسة .. تلحظ وجه شبيب المتعب ليأتيه صوتها قبل أن يتخذ مقعده بجوار والدتها : مريض ؟



قام قبل أن يقعد ليدنو منها وينحني يقبل رأسها من جديد : والله ما يهون علي تزعلين مني .. ولا يهون علي اشوفج راضية غصب عنج ..




" الوالد شاقي " .. قالتها ليلتقف يدها يقبلها وقد جثى امامها على ركبتيه .. تتابع : ودي لك بالبنت الزينة .. اللي تهنيك .. اللي اذا انذكر اسمها قالوا والنعم ..




يتهدج صوتها .. وهناك على بعد خطوات وقفتا متوشحتان بالسواد .. ينظرن لما يحدث ويسمعن الحديث .. لتهمس شامة : والله ريا ما في منها .. طيبة وحنونه .. بس امي مادري شو بلاها .



تلكزها بمرفقها لتصمت .. ويسمعن تحوقل جدتهم .. وصوته هو ولا تزال اكفه تحتضن يمينها : ياميه كلام الناس واايد .. وترا ما في اخير من اللي يختاره ربج ..



تهدج صوتها : بس اريد افرح فيك .. اشوفك متهني .. وانت من يوم ما خطبت وانت شايل هموم الدنيا ع راسك .. انت اول فرحتي .. ما تباني احاتيك .. ما تباني اتمنالك الزين ..



انسحبن من المكان مع كلثم الصغيرة التي اقتحمت الجلسة فجأة .. ليتركن الحديث لهما .. ربما لا بد من وضع النقاط على حروفها .. يتنهد .. يعود يحني رأسها يقبله : لو بأيدي يالغالية ما كسرتلج كلمة .. خلاص ما باقي شيء .. فرحيلي ياميه .. وادعيلي .. والله اني محتاي رضاج ودعاج ..




قاطعهما صوت رنين الجرس .. ليقف وينتظر لبرهة لربما تخبره بموافقتها من قلبها .. لكنها صمتت .. فقط الصمت وحركة كفها تحمل طرف " شيلتها " لتمسح دمعة سقطت .. ابتعد بخطواته ليرى الضيف القادم .. ما إن خرج حتى تكلمت تلك العجوز : لا تزيدينها عليه يا شميس .. الولد تعبان وانتي زودتيها .. اذا ع كلام الناس ما بيخلص .. بنموت والناس ما بيشبعون من كلامهم .. واذا ع البنت سمعتي كلام شامة عنها .. تعرفها زين ..



بغضب مكتوم : من وين تعرفها .. كلها كم شهر .. وياما ناس قدامك غير ومن وراك غير .. لا تقولولي تعرفها ومادري شو .. هذاك شغلها وقامت فيه .. وشامة ما عاشرتها وعرفت طبايعها ..



لتتحرك قليلا .. تمسك بكف والدتها راجية : ياميه شبيب معزته فقلبي غير .. اريدله الاحسن .. اريد اشوفه متهني واشوف عياله احسن العيال .. قوليله يخليها ..



لتنفض تلك يدها : شميس .. شو هالرمسة اللي طالعتبها اليوم .. خلاص الريال قال كلمته والا تبينه يصغر قدام الناس وفعيون اهل البنت .. قولي ان شاء الله .. وربج ما بيخيب دعاج .. خلي هالولد يرتاح ..



لتصرخ وهي تصد عن والدتها بجسدها : يعني انا اللي متعبتنه ..



" هيه انتي " .. واردفت : محد غيرج مقوم الدنيا .. البنت فيها وفيها .. كلنا موافقين وداعيله بالخير .. وانتي ما وراج الا تسمعين لفلانه وعلانه .. حره فصدورهن .. لانج بتناسبين ناس لهم سمعتهم ومعروفين .. وبعدين ما ينفع يرد فكلامه الحين .. خليه .. وربي ييسر اموره ..





,,

في الخارج .. يقف بجانب الباب وذاك الهندي النحيل يضع الصندوق الثالث على الارض بجوار البوابة من الداخل .. ليخرج من جديد يحضر صندوقا رابعا .. حين خرج شبيب وحث الخطى إليه .. يصافحه .. وبتعالي : اسمحلي لقيت الباب مفتوح وقلت للهندي ينزل الكراتين .. هذيلا خمس كراتين كل كرتون فيه ميتين بطاقة ..


ينظر ذاك الى الصناديق الموضوعة .. ويرفع نظره لفهد : ما تقصرون ..



-
شنسوي هذي أوامر ابويه العود .. من قدك قايميلك بكل شيء .


ناطقا وقد كللته ابتسامة : دقيتوا الصدر وحلفتوا وما قدرنا نقول لا ..



بمكر وهو ينزع عن عينيه تلك النظارة السوداء .. ويطويها في يده : والله انك طحت طيحة .. ومثل ما يقولون .. محد سمى عليك ..



ابتسامة جانبية منه : حياك ما بتدخل .. اول مرة تزورنا ..



بعثر بصره على المكان .. البيت " الشعبي " القديم .. الذي يبدو على جدرانه آثار السنين حتى وإن كان طلاءه جديد .. يردف نظارته على وجهه : لا ما في .. ورايي شغل .. لازم اوصل البطايق لمعارفنا ..



بلؤم : والله انك كاسر خاطري ..



تنفرج شفتيه عن صف اسنانه .. يشعر بان ذاك الفهد كأسد جريح .. لا يخفى عليه ما يدور في خلده .. وكيف لا وهو من قابل الكثيرين في حياته المهنية .. يستشف من خلف نبراتهم الكثير .. نطق : كلام الناس ما يخلص يا فهد .. والزين يبقى زين ..



تشدق : الباز لو نفسه نجيبه .. يشين لارابع الغربان .




طرح ذاك المثل قاصدا به ابنة عمه .. ليأتيه من شبيب مثلا آخر : يا فهد .. أتيك التهايم وانت نايم .. والبنت لو غلطت انتوا سندها .. وياها ع الغريب .. مب تمشون وييا الغريب عليها .. ولو انك مثل ما اشوف كنت ما خليتها .. لا اتيي الحين تعق رمستك علي .. تراني عارف شو اسوي .. ومب محتاي كم كلمة عشان اهد كل شيء سعيتله .. وما بكون ولد ناصر الـ ..... اذا رديت فكلمة عطيتها ..




" اللي ما يقيس قبل يغوص .. ما ينفعه الغوص عقب الغرق " .. قالها ليولي شبيب ظهره .. وينطق : بتقول فهد قال ..



-
قولها لنفسك يا فهد ..


يلتفت وكأن به تذكر شيء : نسيت اقولك باكر العصر بيي المليج عندنا ..



" بس " .. قالها شبيب ليقاطعه فهد : أوآمر ابو محمد .. مع السلامة .


,,

يُــتــبــع |~



....

تراني تعبت خخخ
وباقي وايد .. شويات اخذ استراحة واردلكم
استراحة محارب
لا تردون .. اوكي ^^


 
 

 

عرض البوم صور اسطورة !   رد مع اقتباس
قديم 06-05-14, 05:20 AM   المشاركة رقم: 143
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: May 2011
العضوية: 224710
المشاركات: 3,261
الجنس أنثى
معدل التقييم: اسطورة ! عضو جوهرة التقييماسطورة ! عضو جوهرة التقييماسطورة ! عضو جوهرة التقييماسطورة ! عضو جوهرة التقييماسطورة ! عضو جوهرة التقييماسطورة ! عضو جوهرة التقييماسطورة ! عضو جوهرة التقييماسطورة ! عضو جوهرة التقييماسطورة ! عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 1223

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
اسطورة ! غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : اسطورة ! المنتدى : القصص المهجورة والغير مكتملة
افتراضي رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل

 




,‘,
على بعد امتار توقفت سيارتها البيضاء .. ترقب السيارة السوداء الفارهة المتوقفة عند المنزل .. يأتيها صوت ليلى الجالسة بجوارها : اتصلي ع كنه يطلعن .. هذا شكله ما بيروح ..

نظرت إليها : وليش ما تتصلين انتي .. تراج صايرة وايد كسوله .. حتى الفون مب رايمه اطلعينه من الشنطة .. عيل شو بتسوين فالسوق .. عز الله ما تسوقنا ..

تضربها بغيض على كتفها : مهوي تراج زودتيها .. بتطلع فراسي وبنزل فبيت عمي ولا بروح وياكن ..

لتصد عنها .. وتضحك تلك : خلاص يالزعوله .. بسكت ..

تنظر امامها واذا بذاك يتحرك صاعدا لسيارته .. وينطلق .. لتنطلق هي تقف حيثُ كان متوقف .. وتزمر .. لتلتفت تلك : دخليها داخل .. ليش واقفه هني ؟

- بيطلعن الحين .. ما في ادخلها واطلعها .. يركبن وبنروح ..

لم تعلم بأن ما فعلته سيخرج شبيب من منزله .. يقترب من سيارتها .. ويأشر لها بأن تدخل .. لتدخل على مضض تحت اصرار ليلى .. وبأنها ستدخل تلقي التحية على شمسة ووالدتها .. أما هي فثارت في داخلها كلمات سلطان لها .. وشروطه بان لا تدخل منزل خطيبها القديم .. نزلت مع ليلى .. وخرجن بعد دقائق بصحبة كنة وشامة وكلثم .. ليبدأن التجول من سوق لآخر .. يمر بهن الوقت يتحركن معا في احد " المولات " .. لتشعر ليلى بالتعب .. وتقف ويقفن هن ناظرات إليها : تعبت .. حشا ياذوقكن .. يعني كل هالفساتين وما عيبنكن ..

بافتخار نطقت كنة : ليلوه هذا عرس شبيب ..

تمد اسم شقيقها .. وتردف : نبي نكشخ .. نبي نكون غير .. كم شبيب عندنا .. تراه الا واحد ..

تزفر : ما اروم امشي .. بيلس فالكوفي هذاك – تشير ببصرها إليه – روحن انتن .. الحمد لله فستاني وشريته ..

" بيلس وياها " .. قالتها شامة .. وهي تمسك بكف كلثم .. متابعة الحديث : ريولي عورني من الدوارة .. اذا لقيتن شيء حلو اتصلن علي ..

تصرخ الصغيرة : بروح وياكن ..

بحزم وبصوت خافت قليلا : خلج وييا شامة .. بروح وييا مها .. وعسى نحصل اللي نباه ..

أبتعدن .. وكنة لا تجيب على الاسئلة التي طرحتها مها عليها عن المحلات .. لتتفاجأ بكف كنة يمسك معصمها وتجرها معها إلى دورة المياه ( اكرمكم الله ) .. حتى ما دخلتا وجدن أمرأتين .. لتقفان بهدوء .. وتهمس مها : ليش ساكتة .. لهالدرجة يعني ..

وتكتم ضحكتها .. ليأتيها همس كنة : ريلج ليش يلاحقج ؟

بلعت ريقها .. تتصنع ابتسامة : سلطان ؟ .. اكيد مغلطة ..


تبا لك .. تقتلني بشكك .. تذبحني بما تفعل .. وليتك تنطق وتعتق عقلي من تساؤلاته .. بدأت اكرهك .. تشعرني بالنقص بنظراتك .. وبها تشعرني بانك متيم بيّ .. أهكذا يفعل الحب ؟

تشد على ذراعها .. والعيون تنظر إليهما .. وبنفس الهمس : لا مب غلطانة .. أنتي شفتي ويهج كيف صاير .. أنتي مب مها اللي اعرفها .. حشا شوي وبتختفين ..

" خليها ع ربج يا كنه " .. قالتها وهي تغالب حزن كاد ان يتشكل على دمع يفضحها .. تنهي الامر بانها ليست على استعداد للحديث .. لتخرج من المكان وتلك تتبعها : مها رقمي عندج .. متى ما احتيتيني بتلاقيني .. ترا الكتمان مب زين ..

التفتت لها ترسم ابتسامة فارغة : لا تحاتين كنون .. يمكن لاني للحين ما عرفته .. ويمكن صدفه وجوده هني ..

تداري اوجاعها .. وكم هي تعلم بأن حالها بات واضحا للعيان .. الاجوبة التي كانت تسدلها على ما تعانيه اضحت مهترئة لا تغطي شيء .. وهل تغطى الشمس بمنخل ؟ ..
تتناهشها الافكار كُل حين .. تتسربل الآهات على روحها حتى باتت تخنقها بالأنين .. عادت من بعد العشاء بساعة .. يوم طويل وجميل قضته معهن .. لم يعكره الا صوت هاتفها المتكرر .. يعلن عن اتصالات ..وتارة اخرى عن رسائل نصية تحمل نفس الجملة " أنتي وين ؟ " ..

بيدها مفتاح الباب .. وموقنه انه سيغادر اناملها ولن يعود .. تلج وتلك الاكياس اتعبتها .. حتى ما اغلقت الباب من خلفها مشت لترميهن على سريرها الصغيرة .. وتلحقهن بعباءتها و " شيلتها " .. تحرك ساقيها تنزع الحذاء من قدميها .. وتسرع الخطى لدورة المياه ( اكرمكم الله ) .. سيأتي بعد دقائق .. سيعنفها كطفلة صغيرة لم تتقيد بالتوصيات .. نضحت الماء على وجهها .. وخرجت .. ستستقبله في الصالة .. ستتحدث معه عن كُل شيء .. لا بد أن يخبرها بما فيه .. مرض كان .. او وساوس شيطان ..

أبتلعت ريقها حين وصل لاسماعها فتح الباب .. لتجفل على اغلاقه بعنف .. تشد انفاسها تتصنع القوة .. لتنهش انامله ذراعها يوقفها بعنف .. ويلفح وجهها بأنفاسه الحارة : مب قلتلج لا تدخلين بيته .. شو اللي دخلج ؟ والا لان حبيب القلب قالج تدخلين ..

تصد بوجهها عنه .. ليهزها : ردي .. والا طاح لسانج فالسوق ؟

يدفعها لتقبع جالسة مكانها .. يهددها بسبابته : والله ان كسرتي كلامي مرة ثانية الشارع ما بتشوفينه ..

يتحرك بغيض .. لتقف تسرع خلفه .. تمسكه من رسغه : سلطان تعال نتكلم ..

كهرباء لذيذة سرت في اوصاله من لمستها .. وسهام باردة ترسلها نظراتها فتتطعنه بحب غريب .. تسمر في مكانه .. وكأنه يحتاج لتلك اللمسة .. ولتلك النظرات .. وتلك الانفاس المتسارعة .. تحركت وهو من خلفها وكأنه غُيب عن الوعي .. تترك رسغه حين اوصلته للكرسي الجلدي المنفرد : ايلس .. خلنا نتكلم ..

زم شفتيه .. وجلس بعنف يرمي بقبعته على الطاولة الصغيرة بجانبه .. ليظهر شعره الاجعد .. ينظر إليها لا تزال واقفة .. فتتعثر وقفتها بتوتر .. وتتحرك تجلس على الكنب الطويل .. تضم كفيها وتحركهما عشوائيا .. وهو قد ربع ذراعيه على صدره .. واردف يسراه على يمناه .. ينظر إليها منتظرا الحديث .. بلعت جفاف ريقها : ما بحاسبك ع الاحراج اللي سببته لي اليوم .. ولا بحاسبك على شكك ..

تنهدت تحاول ان تجد بداية أخرى تبتدأها معه : أريد اعرف ليش تعاملني بهالشكل ؟ .. خبرني .. أوكي قلنا علي ديون لازم ادفعها .. بس شو هي هالديون ؟ .. بشو انا مديونه لك ؟ وانا آخر مرة يلست فيها وياك كان عمري ثمان سنين يمكن .. متى صارت هالديون ؟ ومتى صار ولد العم سكين مثلمة تنحر بنت عمه ولا تموت .. دايم يقولون ولد العم ستر وسند لبنت عمه .. وانا ما شفت هالشيء ..

يخيفها هدوءه .. نظرة عينيه لها تربكها .. تعريها من ذاتها .. أنفاسه الخافتة كحمم بركان تطويها فتبيدها .. شتتت نظرها على ما امامها .. لتستقر على علبة المناديل ذات الرداء المزخرف .. واكملت بنبرة موجعة : حلمت بحياة غير وياك .. مع كل الخوف اللي كنت احس فيه الا اني كل ليلة كنت احلم بحياتنا وييا بعض .. رسمت اول ليلة لنا .. وثاني يوم وثاني اسبوع .. واول شهر ..

يجتاحها سكون تلتقط معه ذكرى قديمة .. فتبتسم : يوم كنا صغار كنت اكرهك .. لانك قاسي وياي .. انت وسلطان اخوي الله يرحمه ..

نظرت إليه لتراه ينظر أمامه في شرود .. وساقه تركت ظهر اختها لتجلس بجوارها .. بتردد مدت كفها لتقع على كفه الشادة على عضد يمينه : خبرني .. شو السالفة ؟ .. تعبت .. والله العظيم تعبت وانا احاول احط مبررات .. وانا اعاندك .. وانا اداري هالعيشة اللي عايشينها ..

أرجفه صوتها المتهدج .. ليغمض عينيه .. وفجأة ينظر إليها .. فتبعد كفها خوفا .. تلتقط انفاسها بصعوبة .. قد يضربها الآن .. نطق : مب عايبتنج العيشة هني ؟ .. نروح بيتنا .. بيت اهلي ..

زمت شفتيها بقهر .. ولوحت برأسها .. لتقف : مب قصدي البيت .. قصدي حياتنا .. قصدي عايشين فكذبه اسمها زواج ..

ليقف هو يشدها من ذراعها يجرها خلفه .. يثرثر بغضب : تبين نكون زوجين .. تعالي ..

سحبت يدها صارخة : بس .. اكرهك ..

كفكفت دمعها بغضب .. ليأتيها صوته المليء بالحسرة : وانا اكره اكون مع وحده مستعمله ..

ما الذي تسمعه ؟ أي صاعقة هراء اصابتها الآن ؟ .. تجمدت الدماء في عروقها .. وعقلها ينبض بحديث قديم له عن السيارت .. وشراء سيارة .. ومال ينقصه .. أكان يعنيها ؟ ..اكرمتها عينيها بالدموع .. لم تدرك متى اختفى من امامها .. ومتى خرج من الشقة .. شفتيها ترتجفان ... وشهقات خافتة تزورها .. تحركت بهدوء كجثة ميتة .. لتلج الى غرفتها .. يحتضنها سريرها .. وتحتضن هي جسدها .. تعاتب روحها لما لم تنطق ؟ .. لما لم ترد ذاك الاتهام الظالم ؟ .. أيقنت بأن جملته تلك قتلتها .. هشمتها فلم تجد الحروف مخرج من بين الركام .
,‘,

الاربعاء يوم يحمل له الكثير .. حياة أخرى .. يسحب من خلفه يوم آخر ستعانق حياته فيه إمرأة .. يرتدي هندامة بلذة يتيمة .. قلبه يشكي شيء ما لا يستطيع ادراكه .. روائح العطور والبخور تجتاحه من كل صوب .. وكأن اليوم خميسه المنشود .. خرج من قسمه تتلقفه والدته بالبخور .. تبتسم في وجهه .. تحاول ان ترضى وتفرح بقدر ما تستطيع .. هو بكرها .. يقبلها ثلاثا على رأسها .. ويمشي بمعيتها إلى الخارج .. تلف به التهاني من كُل صوب .. ويبتعد عنهم يدخل على جدته .. يقبلها هي الاخرى وجدا .. وكأن به يستجدي الدعاء ..

" مبرووووك .. مبرووك " .. نطقها منذر المقتحم المكان .. ويتظاهر بعدها بالسعال : خنقتونا .. تراكم غلطانين باكر العرس مب اليوم ..

تضج الضحكات فالمكان ..ويخلو الا من جسده وجسد جدته ومنذر .. ليسأله بعد أن جلس : بتروح ؟

- لا وين .. ورايي دوام عقب ساعه .. سامحني ما كنت بخليك .. بس اضطريت ابدل عشان باكر اكون وياك فالعرس ..

- وشو كالفنك ع المطار والشفتات .. وراتب عشرين وانت تقدر تشتغل فمكان احسن وبراتب يوصل الاربعين ..

أتكأ بظهره على النمرقة : والله ابوك ما قصر فيّ .. يوم اني بغيت تقدم وضيع علي ..

- خل عنك ابوي الله يرحمه .. انت الحين تقدر تسوي اللي تباه .. لا تتحيي ببوي .. وباللي سواه ابوي ..

بدون مبالاة : ابوك كان حاسد وحاقد .. وبقولها قدامك ومب من وراك .. وهذي يدتك تدري .. من يوم ما مات ابوي ووصاها هي وبنتها علي ويابوني هني وهو كانه شايف عفريت فالبيت .. يتصيد علي الزلات ..

يرن هاتفه مقاطع الحديث الدائر .. يرد بجمل مبتورة : هلا فارس .. حياك فالميلس الحين بيي .. حد وياك .. البيت بيتكم .. ادخل وياه دقايق وبكون عندكم ..

ليقف : فارس وصل .. كأنه هو اخوي واهلي .. كل ما عزيته لبى ..

ليرمقه منذر بنظرته : روح روح .. الله اييسر عليك .. وقلتلك عندي شغل والا ما بخليك .. وسلملي ع العزوة ..

لينفجر ضاحكا .. وما ان ابتعد شبيب حتى نادى على شمسة .. لتنطق والدتها : كدرت خاطر ولدي بكلامك ..

تنهد وهو يعتدل : ما كان فبالي بس هو حدني .. وبعدين شبيب ما يزعل .. وهو داري بسوايا ابوه .. يوم انه اتصل على الشركة وتوسط انهم ما يقبلوني فيها .. شفتي لعانة اكثر من جذي ؟ .. بس الحمد لله راضي بشغلي وبالثانوية العامة اللي اشتغل فيها ..

لتنطق : يوم انك راضي .. ليش تغربت ودرست .. ويبت الشهادة العودة ..

تبسم على مضض : خالتي يوم النفس تعاف الشيء ما تردله ..

" شو بلاك تصارخ ؟ " قالتها شمسة وهي تتقدم منهما وتجلس .. ليتحدث هو : اريد ابلغكن بشيء .. بيت ابوي الله يرحمه ..

لتقاطعه شمسة : شو بلاه بيت ابوي ؟ .. يوه مستاجرين ؟

هز رأسه : لا .. تدرن انه انصان .. وتعدل .. وادري ان لكن نصيب فيه .. فحبيت اخبركن اني بسكنه .. واذا تبن علي اجار تامرن امر من عيوني الثنتين ..

نطقت العجوز بشيء من الاستغراب : وعيشتك هني ؟

ضحك ضحكة خفيفة : خالتي ما هقيتج تسألين هالسؤال .. انتن شايفات حجرتي فنص البيت .. وشبيب باكر عرسه .. والبنت محتايه تاخذ حريتها وياكم .. وفوق هذا انا من زمان ناوي اطلع واعيش حياتي ..

" ناوي تعرس ؟ " .. قالتها شمسة بفرح .. لتقطب حاجبيها على جوابه : لا .. بس اريد استقل ..

أي هراء تنطقه يا منذر ؟ .. أوليس ابتعادك بدواعي أخرى لا ترغب بالبوح بها .. آه كم أشعر بالنقص حين أمر بمنزلها .. واطفالها الصغار يعكرون صفو الشارع بصراخهم ولعبهم .. كم تمنيت لو أن طريق منزلنا لا يمر بمنزلهم ابدا .. أحكم علي العذاب مؤبد ؟ .. أم إن الراحة باتت بخيلة .. شحيحة لا ترتجي وصلي ؟ ..
,‘,



,,






في الخارج قبل دقائق من تلقي شبيب لذاك الاتصال .. يجلس بجانبه في سيارته .. لا يعلم لماذا يشعر بالخوف من المواجهة هذه المرة .. زفر أنفاسه : مستصعبنها ؟





ينظر إليه فارس : انت زعلان وشبيب زعلان .. خلها اتيي منك .. وزين والله اللي سوته فيك هانا ..







ليقهقه حتى ملأ المكان بالضحكات .. وذاك تلبسه السخط : الحق علي قايلك اللي صار وياي .. لو دريت انك نذل ما تكلمت ..







ليترجل ضاربا باب السيارة بعنف .. ويترجل الاخر صارخا : شوي شوي ع السيارة .. مب سيارتك ذي .. وبعدين شفيك صاير ملبق ( كبريت ) .. اعوذ بالله .. ترانا نمزح ..







ويكتم ضحكته على انفاس حارب الهائجة .. ليخرج هاتفه يطلب شبيب .. وبعدها يتحرك ليدخل .. يلتفت لذاك القابع في مكانه .. يقطب حاجبيه : ياللا ..






تحرك ليشده من يده ويدخل معه عنوة .. ويحتويهم مجلس الرجال .. ينظر اليه فارس : يالله بالستر .. شو بلاك مدوده ( متوتر )







لتحملق الاعين نحو الباب .. حين اتاهما صوته ملقيا بالسلام .. ويقف مكانه ينظر إلى ذاك النحيل بثوبه الرمادي .. و " شماغه " القطني بنفس لون ثوبه .. مرت الدقائق والسكون يطبق على الانفاس حتى كاد ان يخنقها .. يأتيهما صوت فارس الناظر إليهما تباعا : ما بتسلمون ع بعض ؟







بتهكم نطق : الحمد لله ع السلامة .. ما بغيت اتي .. ما بغينا نشوفك .. ليش ياي ؟ اصلا انت من متى واصل ؟ .. من امس واليوم تفكر اتيني ..






ليقاطع التهكم : اصلا ما قدرت ايي .. مب قادر...







ليخرسه بعتب : لانك ضعيف .. المرة الاولى شردت وقلت يحقله لاني ظلمته .. والمرة الثانية اكتشفت اني ما اعرفك ..







بعتب مفرط : لول يوم كان خالد بينا الله يرحمه كنا اذا اشتكينا .. اذا قلنا بس " أخ " .. نتيمع كلنا .. نكون وييا بعض ايد وحدة .. واليوم ادوركم ما احصلكم .. قلت الآآآخ الف مرة ولا لقيتك يمي .. شهور .. شهر ورى شهر ما رفعت السماعة تسأل علي حي والا ميت .. الحين ياي .. كثر الله خيرك يا حارب .. زين انك ياي تحضر عرسي ..







تحرك ليوليهم ظهره : مشينا يا فارس .. العرب يتريونا ..






ليخطو ذاك بسرعة .. يعترض طريقه .. ينظر إليه بعيون تقدح غضبا : سمعتك الين خلصت .. لازم تسمعني ..







" ما عندي وقت " .. قالها وهو يحاول التقدم وذاك يعترضه .. يدفعه بيده من صدره .. حتى توقف : لك الحق .. وما الومك اذا زعلت .. بس حط نفسك مكاني .. قدامك نار ووراك نار .. ان خطيت لورى احترقت وان خطيت لقدام بعد احترقت .. بتقولي العقل زينه .. بقولك العقل ضاع يوم ان الخسارة بتكون خسارة اخوان ..







يستمع لصوته الغاضب ويستشعر وجعه الراكد بين اضلعه .. يثور أمامه من مرقده .. يستصرخ إن اعتقوه .. فلم يعد قادر على التحمل .. يراه يحاول ان يقبل راس شبيب وذاك يتمنع يبعده عنه .. والاخر يقسم ان يفعل .. ليضحك على الجدل المحبب .. يسمع شبيب صارخا : ااوووف ... قلت لك ما اريد محبة راس .. ما تفهم ..







وذاك يعاود الاقتراب منه : لا ما افهم .. وحلفت اني احبك يعني بحبك ..






ليدفعه شبيب عنه : خوز يالثْوَل ..






ويحث الخطى مبتعدا صارخا بفارس ان يتبعه .. والاخر يتبعهما صارخا عليه : ما بخليك يا شبيب .. والمحبة بتوصلك رضيت والا ما رضيت ..







وفجأة تذكر إنه قد أتى مع فارس .. فكيف سيعود .. ترك مكانه بعد ان توقف ينظر إليهما يخرجان من البوابة .. ليهرول بسرعة .. يفتح الباب ويركب خلف فارس .. يلهث : يا توصلوني البيت يا اروح وياكم ..







" وصله البيت " .. قالها شبيب والتفت نحو النافذة .. وفجأة يشده ذاك من خلفه يقبل رأسه عنوة .. فيتعكر ترتيب " غترته " و " العقال " .. ويصرخ بغيض : غربلاتك يا حارب .. ضيعت الكشخة ..







ليقهقه من خلفه .. ويقهقه فارس بمعيته .. وينطق وهو يستند بظهره : محد قالك ما اطيعني .. وتاخذها بالرضا .. تستاهل يالمعرس ..







,,

بعد ساعات كانت تجلس بخوف في غرفتها ..اليوم يسوده الرعب ..بين دقائقه سياط جالدة .. وبين ثوانيه جمرات حارقة.. اليوم ستوقع عقد على عقد .. كفيها المخضبان بنقوش الحناء تشعر بأن بهما لهيب لا تطيقه .. لا تقوى على تحمله .. يجبرونها على الحنث بوعودها .. يصنعون منها عاصية تبيح المحرمات والعياذ بالله .. تنسكب دموعها دون هوادة .. تشعر بان ريّا التي تعرفها لم تعد تعرفها .. يقيدونها بقسوة .. يسلسلونها بآهات روحها المتعبة .. تنتظر طرق الباب وكأن مطرقة ستهشم رأسها .. ترتجف اوصالها دون رحمة .. أخبروها أنه هُنا .. وأنه سيوقع العقد قبلها وعليها ان تتبعه بتوقيعها .. ألا يحق لها ان تقول لا .. أن تصرخ .. ما تقومون به حرام لا يرضي الله ..






قرع الباب فارتجفت بخوف .. يُفتح بهدوء .. فتشد الغطاء على شعرها .. يلج أصغر اعمامها .. يكبرها ببضع سنوات .. هاديء هو .. لا يكترث بما يدور من حوله .. دائما على الحياد .. يدنو منها ويقف قبالتها .. وبيده الدفتر و قلم حبر .. تنظر إليه : ما بوقع .. اريد اكلم المليج .. لازم اكلمه ..






زفر أنفاسه : ريا اللي تسوينه ما بيضر حد الا انتي .. وقعي ..







بعثوه لها لكي تهدأ نفسها .. لا يعلمون بان روحها بركان ثائر لم يهدأ .. رفضت وتشبثت بطلبها .. ليتركها ويهاتف احد اخوته .. ويأتون إليها تباعا .. ثلاثة منهم جاءوا من بعد الاول .. وجميعهم عادوا بخفي حنين .. لينطق ذاك الشيخ متسائلا : في شيء ؟






ويأتيه صوت الجد : البنت تعبانه شوي .. الحين بتوقع ..






ليوميء برأسه لفهد الجالس قبالته .. يقف بهدوء ويخرج .. وانظار شبيب تلاحقه .. ليهمس لذاك العجوز : شو مستوي ؟ وليش تأخرت ؟ ليكون تعبانه وايد ؟







" دلع بنات " .. قالها وصمت .. ويعود يتبادل اطراف الحديث مع الحضور .. ابناءه وبعض من اقاربهم .. ذاك صعد للاعلى .. يفتح الباب بعنف .. لتهب واقفة .. يدنو منها وتبتعد هي للوراء .. بيده ذاك الدفتر اللعين .. قد اغلق وفي جوفه القلم .. رص على اسنانه : ع شو ناوية يا بنت عمي ؟ ..






تبتعد اكثر حتى لا مفر .. الجدار من خلفها وفهد من امامها .. تبلع ريقها .. وبانامل يمينها ترتب الغطاء حتى لا ينكشف شعرها .. وبنبرة مرتعشة : انا معرسة ليش ما تفهمون ..







ضرب بفبضة يده على الجدار يسار رأسها .. لتغمض عينيها بخوف .. وينطق هو بنشوة ارعبتها .. يذكر لها اسم بعلها .. واسم اخوته .. واحد تلو الاخر .. وعمله .. ومن ثم : دوامه من بعد العشا الين الفير .. يرد البيت الفير تعترضله شاحنة يموت والا يتشوه .. والا الاحسن يحترق فسيارته .. ويقولون انه غلطان ما كان منتبه .. نعسان .. هو اللي يصرف ع اهله .. خواته مالهم حد .. يمكن يصير عليهن شيء .. كم واحد يهجمون ع البيت ع اساس انه عدوهم ويبون ينتقمون .. و ...






ارتجفت صارخة .. بعد ان اغرقتها دموعها : خلاص .. خلاص ..






واردفت : وين اوقع ؟






يفتح الدفتر بنصر .. فتختطف هي القلم .. تضع توقيعها حيث اشار ويغلقه بعنف .. ساحبا الاخر من بين أناملها : شاطرة .. سمعي الكلام .. ترى كلامي بيتم الين ما توصلين بيته .. اذا سويتي شيء ما يرضينا بنسوي اللي فراسنا .. باكر تكونين فالعرس مثل اي عروس – وبعنف – فاهمة ..







لتهز رأسها .. وما ان ابتعد وقعت على الارض منتحبة .. روحها عليلة لا تجد دواء .. أخبرتها زوجة عمها محمد إن زوجها رجل رائع .. وإن عمها يمتدحه كثيرا .. تتمسك بذاك الحديث وجدا .. ربما إن اخبرته حين تكون معه في الغد سيعتقها .. ربما يكون هو خلاصها ..







تمر الساعات منهكة لها .. منذ الامس والنوم لا يزورها الا دقائق .. تهزها الكوابيس بعنف وتوقظها بقسوة .. الليل طويل وجدا .. صلت العشاء منذ أمد .. هذا ما تشعر به .. وهناك وجع في كتفها الايسر لم يعتقها منذ اسبوع .. تحتضن ساقيها على سريرها .. واذا بطرقات خفيفة على الباب .. لترتعب وتلتفت بهدوء .. تسمع حركة خفيفة اسفله .. لتدس ورقة مطوية من تحته .. تتبعها ثلاث صور مقلوبة .. ترجلت لتأخذ الورقة التي كانت على يمينها .. وتلك الصور امتدن على عرض الباب من بعدها .. جثت على ركبتيها لتفتحها .. وخط اسود بان لها : خلج عاقلة .. والا مع الكلام اللي صار اليوم بيصير شيء ثاني .. لا انتي ولا احنا ولا هو يريده ..







بخوف ادارت بصرها الى تلك الصور .. تقلب الاولى .. هي بفستان قصير لا يستر شيء من ساقيها .. وظهر عاري وصدر واضح .. وشعرها المموج يداعب رقبتها .. وبيدها كأس نبيذ .. وبجانبها رجال يتضاحكون معها .. ويد أحدهم تطوق خصرها النحيل ..







رمتها وكأنها نجاسة تدنسها .. لتلتقط الثانية .. نفس العري .. جالسة بعكس الاولى .. ورجل يطبع قبلة على خدها المتورد .. وضحكاتها واضحة .. لا اراديا مسحت خدها بيدها .. انتحبت بصمت .. دموعها اغرقتها .. لتتناول الثالثة .. عري من نوع آخر .. واحتضان رقصة .. وأيدي عانقت الافخاذ ..







اطلقت آه مكتومة .. تبعها نحيب مرير .. واذا بها تعمد إليهن تمزقهن إربا إربا .. قطع صغيرة وجدا .. تعود تمزق القطع الى قطع اخرى .. ونشيج بكاء جاف يصدر من جوفها : والله ريا ماتت .. والله اللي فالصورة ماتت ..







كانت تأن .. أنين يقطع نياط القلوب .. وتتابع ثرثرتها المتقطعة بشهقاتها : والله ماتت .. ليش ما ترحمون .. ليش ما ترحمون ..







وخارج البكاء يد كتمت الشفاه .. وجسد وقف يستمع للأنين .. وقلب يتعذب .. ينتحر ألف مرة .. ويحيا الآف المرات .. وروح تتمنى أن تأخذها معها .. تدسها بين جنباتها .. لكن هيهات لها ان تكون .. فروحه جُبلت على القسوة .. ليتشربها من قسوة جده .. رباه على خصاله .. على إن الرجل لا يتخلى عن كرامته ..








,,

منزله في هذا اليوم كان يضج بالحركة .. يضج بالاصوات .. يعبق بالروائح الاخاذة .. وهو بعيدا خلف كرسي مكتبه .. ينتظر الرجل أن يمتثل أمامه .. يمر الوقت ويزداد توتره .. اليوم حفلة زواجه .. لا يوجد امامه الا ساعات ليتجهز فيها .. نفث انفاسه المتعبة .. يُقسم إن التفكير أخذ منه كُل مأخذ في الايام الماضية .. ينام بتعب ويصحو على تعب أقوى منه .. يأتيه الخبر من الشرطي إن ذاك الرجل بالخارج ..





يدخل ملقي السلام .. مادا يده لشبيب يصافحه .. رجل في أواخر الثلاثينات على ما يبدو .. يثرثر : خير .. ييتوني للبيت طالبيني .. عسى ما شر ؟







" حياك .. ايلس " .. قالها شبيب ليجلس هو ايضا .. ليطرح اول اسئلته : تعرف عيد الـ....






بجزع اجاب : هيه .. شو بلاه ؟ ترا بلاويه ما تخلص ..






تلك الجملة استنكرها : كيف يعني بلاويه ما تخلص ..






تنهد : من كم شهر يوني ناس يسألون عنه .. يقولون انه مديون لهم .. والحين انتوا تسألون .. تراني ما اعرفه الا من بعيد ..






-
انت بعتله الصالون اللي كان باسمه واسم حرمته .. صح والا لا ؟





-
هيه .. اتصلبي وقالي اروحله المحكمة فالعين( اكبر مدن ابوظبي ) بيسويلي توكيل ..ورحت ووكلني وقالي ابيع الصالون واحط الفلوس فحسابه .. ومن يومها لا شفته ولا اتصل علي .. غير مره يصارخ علي ويقولي اني كلت فلوسه .. بس والله الصالون خسران ما ياب الا الفلوس اللي طرشتها له .






بعد ذاك اللقاء لم يشعر الا بمن اقتحم المكتب صارخا : خبل انت ؟ .. اليوم عرسك وياي الشغل .. ما كانا عاطينك اجازة من امس .. شو اللي يايبنك ؟






وقف يشد قبعته إليه .. ينظر ألى جابر الحاسر الرأس مرتديا ثوب ابيض : والله اظن انك سمعتني اول امس وانا اقول بقابل الريال اليوم .. وبعدين شبلاك تصارخ .. وهاد علي .. توها ما صارت عشر ..







نفث غضبه مع انفاسه : امش .. نروح الحلاق شوف لحيتك كيف صايرة .. تراني ما بخليك الين ازفك لبيتك .. وشغل ما شيء شغل .. عندك شهر كامل اجازة ..








يثرثر بغضب وذاك يضحك .. والاخر يزداد على غضبه غضب .. كَـ عمه حمد الذي ازعجه مطر بحديثه .. يجلس وهو بكامل اناقته ينتظر والده الذي لا يقل عنه في الاناقة .. يرتشف فنجان قهوة .. ليأتيه صوت مطر : ابويه شرايك اخطب من عندهم .. تراهم بيتكفلون بالعرس ..






-
بعدك صغير ع العرس .





يداري ضحكته ويتابع استفزاز والده : يعني تشوف ما شاء الله العرس وين مسواي .. فاكبر قاعة عندنا .. هذا وبعدنا ما شفنا شيء .. والله شبيب عرف من أين تؤكل الكتف ..







ليضحك .. ويزحف مقتربا من والده .. يهمس : قول لاميه تدورلي حرمة اليوم ..






ليتحوقل حمد .. رافعا الفنجان الفارغ : ان ما سكتت بهالفنيان ع راسك .. بعدك ما طلعت من البيضة وادور العرس ..







لينفجر ضاحكا .. مبتعدا عن والده : والله مادري شبلاكم متوترين .. من الساعة ثنتين تقولي تيهز .. وهكيه امي للحين ما يهزت .. ومبارك مل ورد يلعب سوني .. هذا وهو عرس شبيب .. عيل لو عرسي شو بتسون ..






ليجري مبتعدا من المكان .. يصادف والدته : مطر يوز عن ابوك ..






يبتسم لها : اميه شو رايج ادوريلي حرمة اليوم ؟






ليأتيه صوت والده : مطير بتيوز والا اعلمك السنع بهالعقال اللي ع راسي ..







" خلاص .. خلاص .. سكتت " .. وادبر يكمل حديثه : اترياكم فالسيارة لا تتأخرون ..





,,

يُتــبع |~


....
باقي آخر جزئية وفيها انكشاف المستور ..
بس سمحولي اطلع اصلي ركعتين قبل الفير .. واللي صاحي يقوم يصلي ركعتين ويدعي ربه ^^


,,

هي كانت في معركة شنعاء مع ذاتها الخائفة .. ذاتها الخائنة .. تُزيَن وهي في عالم آخر .. لا ملامح تستشف من وجهها .. سوى الجمود .. وكأن به الموت تربص بها .. ما حدث بالامس .. وما حدث ليلا هشمها .. حتى باتت موقنة بان نفخة هواء ستذروها بعيدا .. انتهت اخر اللمسات على شعرها المتدرج بخصلات ذهبية تجتاح لونه البُني القاتم .. مرفوعا ومتدلي بتموجات رائعة .. وخصلة كالموج تداعب وجنتها ..



تجلس بسكون على ذاك الكرسي .. اليوم ستنقض وعدها مع ربها .. اليوم سيلمسها رجل لا يحل لها .. وستكشف عليه .. سيقبلها .. انطلقت آه عميقه في روحها .. اغمضت معها اجفانها .. لتفتحهن على صوت خالتها : بعدج ما لبستي فستانج ؟ قومي اساعدج ..



ترفعه .. ثقيل هو .. وتساعدها في ارتدائه .. تخبرها ان تدخل ذراعها اليسرى .. فتتأوه بوجع .. وترتعب الاخرى ناطقة : شو بلاه كتفج ؟


بابتسامة جوفاء نطقت : البركة فعمي غانم ..



وبغضب : وليش ما تكلمتي .. من ذاك اليوم وانتي ساكته ع الويع ..




وماذا هو أمام وجعي الاخر يا خالة ؟ إني احترق اليوم دون نار .. ودون دُخان يُشم .. جسدي يحرقني .. كسيل لافا يجتاح عروقي .. خائنة أنا اليوم خيانة عُظمى .. وهل من بعد خيانة الرب من خيانة .





يمر الوقت باهزيج الفرح .. لا تسمعها هي .. لا تسمع الا صوت داخلها يستغفر .. ملايين المرات .. استغفار يتلوه آخر .. تجلس وحيدة في تلك الغرفة .. لا اخت .. لا ام .. ولا بنات اعمام .. ولا حتى صديقة تؤنسها وتبعد عنها توجس نفسها .. لم تشعر الا بقبلة على وجنتها .. فتلتفت : شامة ؟



" مبروك " .. نطقتها بفرح .. واردفت : تستاهلين كل خير .. وسامحيني ع الكلام اللي قلته ذاك اليوم ع الفون ..



تنظر للخلف حين جاءها صوت احداهن تناديها .. واذا بتلك تمسكها من ذراعها : شامة لـ....



لتقاطعها وهي تقف : بروح اكيد اليهالوه عفسوا الكوشة .. الايام يايه وبنيلس وييا بعض .. مبروك ..



وتنحني تقبلها .. وتلك في شرودها .. تتساءل عما يجري .. عن تعب ساقيها .. عن وجع قبلها .. عن عقلها الساكن والشارد إلى حيث لا تعلم .. لم يوقظها هذه المرة الا صوته يقتحم المكان مع تلك المصورة المصرية .. فتتعارك انفاسها .. تنطق : ما اريد اتصور .. لا تقرب ..



ويأتيها صوت تلك المصورة .. وهي تهم بمد يد العون لمساعدتها في تركيب الكاميرا : ليه يا عروسه .. دا الاستاز فهد موصيني عليكي ..



هالة استغراب احاطت به .. استشف خوفها .. توترها .. هلعها الشديد حين ذُكر أبن عمها .. ليدنو منها .. ينحني يقبل جبينها .. فتصعقه رجفتها الواضحة .. يبتسم : مبروك ..



تتذكر كلمات التهديد السامة .. فتصمت .. تحاول ان تكون عروس كما طُلب منها .. ولا تقوى .. تتحرك مع تعليمات تلك .. لمساته كنار تكويها .. وانفاسه تقتلها .. هي لا تقوى على الحرام .. هي طلقته منذُ أمد طويل .. وبصمت على عقود ومواثيق مع ربها أن لا عودة لطريق السيئات .. واليوم مجبرة لتخطو في ذاك السبيل .. خوفا يخنقها .. باتت تخاف البشر اكثر من خوفها من خالقها .. ارتجفت اكثر بين ذراعيه حين طوق خصرها .. مميلا رأسه لرأسها .. تعانق وجنته الشائكة وجنتها الناعمة المتجمدة ..



يهمس لها بخفوت : ليش كل هالتوتر .. وكني واحد غريب .. مب ريلج وحلالج ..



ابتسمت على مضض .. فتلك تجبرها .. تلك جاسوسة لذاك الفهد .. وهذا الذي معها لا يعلم من الامر شيء .. الوقت امسى بطيء .. وxxxxب الساعة كأنها في سبات .. أو كأنها تناست المسير خلف همهمات النساء .. واغاني الشيطان .. وضحكات الصغار .. وضوء تلك الآلة التي كرهتها وجدا .. لا تسمع شيء .. ولا ترى .. حتى احساسها تبلد .. ترقب ساعة الصفر .. ساعة الحرام الكبرى .. يزلزلها ما يعتلج في عقلها من افكار ..



هو كان يتصنع الابتسام .. يتصنع الفرح بجانبها .. يشعر بها .. يشعر برعشة كُل خلية من خلاياها .. ينظر إليها مرارا .. قابعة بجانبه على ذاك الكرسي .. تهز رأسها لهمساته ويقسم بأنها لا تعي مما يقول شيء .. وكأنها دمية تحركها خيوط لا يراها .. حتى حين امسك بكفها ليسير معها .. تزفهم الزغاريد وكلمات الغناء الممزوجة بالعشق والفرح .. احس بقشعريرة تعتريها .. اخافته .. كأنها شبح او جسد سيقع صريعا في لحظة شرود منه ..



ضمت صدرها بذراعيها حين قبعت على الكرسي بجواره .. اصر ان يقود هو سيارته بنفسه .. لا يرغب باي شخص معهما .. يحدثها : تعبانة ؟




لتصله اهتزازة من رأسها .. وشهقة خافتة .. أي رعب تحياه في هذه الساعات .. لم تشعر الا بتوقف العجلات .. ومباركات كثيرة تنهال عليهما .. من عائلته .. وهي مطأطأة الرأس .. تغطيها العباءة البيضاء .. تستر نصف وجهها مع انحناءة عنقها .. تصلها الضحكات .. صوته يثير في قلبها اعصار من الخوف .. تمشي معه .. لا يزال يمسك بكفها المتجمد .. يوصلها إلى الغرفة من بعد أن مرا بالصالة .. وهنا شعرت بخذلان ساقيها لها .. لتخر على السرير جالسة .. ويجلس هو القرفصاء امامها .. يمسك كفيها .. فتشدهما بعيدا عنه : لا تصكني .. مالك اي حق تلمسني ..




قطب حاجبيه لما يسمع .. ويعود يحاول كشف القبعة المغطية لرأسها واغلب وجهها .. لتدفع يده بعيدا .. تصرخ مع بكاء ونشيج خافت : قلتلك لا تلمسني .. يكفيني ذنوب .. والله العظيم تكفيني هالذنوب اللي حملتها الليلة .. والله لو في ادعي ربي يعطيني عمر فوق عمري بس عشان استغفر عن هالليلة ..



" تعوذي من بليس يا بنت الناس " .. نطقها وهو يعتدل في وقفته .. ينظر إلى جسها المتدثر من علو .. ويردف : انتي مب طبيعية .. ما اظن ان هذي رهبة العرس .. شو مستوي .. تكلمي .. مستعد اسمعج ..



بلعت ريقها .. وبخفوت : الله يخليك لا تقرب مني .. الله يخليك انا ما احل لك .. لو يصير بينا شيء بيكون زنا والعياذ بالله ..



اكفهر وجهه واضطربت انفاسه من حديثها .. استعاذ بالله من الشيطان .. واستغفر ربه .. فاي بلاء وقع فيه .. واي اتهام تنسجه عليه .. هي حلاله .. فكيف سيكون زاني ان عاشرها ..



سحب انفاسه وهو يسمع بكاءها وشهقاتها المتلاحقة .. ليزفر بقسوة .. يبتعد يسحب كرسي التسريحة ويقبع جالسا عليه أمامها : هاتي اللي عندج ..



تسللت اليها بعض من راحة .. لتبلع ريقها وتنطق : انا معرسة ..



لتراود شفتيه ابتسامة .. ينظر إليها بذهول .. يستحثها : انزين ..



صوتها المتقطع يحاول ان يربط الجمل ببعضها : ابوي زوجني قبل لا يموت .. قلت لهم حرام اللي يسونه بس ما سمعوا كلامي .. هددوني بيقتلونه اذا ما وافقت عليك .. هو ماله ذنب .. كل ذنبه ان ابوي يعرفه ..


" شو اسم ريلج ؟ " جاءها سؤاله هادئا .. ليبث فيها هدوء خفيف .. وتنطق برجفة : شبيب ناصر الـ......




,,

هُنا أقف وموعدنا يتجدد الاسبوع القادم باذن الله ..


 
 

 

عرض البوم صور اسطورة !   رد مع اقتباس
قديم 09-05-14, 09:34 PM   المشاركة رقم: 144
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: May 2011
العضوية: 224710
المشاركات: 3,261
الجنس أنثى
معدل التقييم: اسطورة ! عضو جوهرة التقييماسطورة ! عضو جوهرة التقييماسطورة ! عضو جوهرة التقييماسطورة ! عضو جوهرة التقييماسطورة ! عضو جوهرة التقييماسطورة ! عضو جوهرة التقييماسطورة ! عضو جوهرة التقييماسطورة ! عضو جوهرة التقييماسطورة ! عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 1223

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
اسطورة ! غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : اسطورة ! المنتدى : القصص المهجورة والغير مكتملة
افتراضي رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

حبايبي اللي ينتظرون البارت ان شاء الله ما بتأخر عليكم ..
خلال هاليومين بيكون موجود ^^

///////

بالنسبة لاعمار ابطال روايتي اللي طلبته سارونه ..
الصراحة ما احب احط الاعمار صريحة .. يعني من بين الاحداث تقدرون تعرفوهن ..
بس ولا يهمكم .. بحط لكم اعمار البعض منهم ..

شبيب و خالد وحارب و جابر .. في نفس العمر تقريبا ..
تطرقت لعمرهم في حديث لجابر مع ليلى .. لما قال لها ان الشيب طلع فراسه وهو بعده ما صار في الـ 27

منذر .. ذكرت انه اكبر من شبيب باربع سنوات وهذا كان في الجزء الاول من الرواية او يمكن فالمقدمة
والله مب متذكرة ^^

فارس ذكرت سنة الميلاد لما كانت ام عبدالله تعطي شبيب جوازات اولادها فيصل وعبدالله لما صار اللي صار وانكشفت الحقيقة .. بس ناسية السنة بالضبط .. ورجع وانذكر بشكل عارض مع حديثة عن عايشه لكنة ..
اللي قالت ان الفرق بينهم اكثر من 10 سنوات ..
يعني فينا نقول ان فارس في أواخر العشرينات ^^

كنه انذكر ع كلام حارب ان الفرق بينهم خمس سنوات تقريبا .. لما كان يكتب رسالته لها
يعني فيكم تقولون انها في بداية العشرينات ..

شامة ذكرت مرة لما صارت بينها وبين حارب المشكلة انها على اعتاب العشرين
مها تخرجت من كم شهر بس يعني فيكم تتوقعون عمرها .. و ليلى في نفس عمرها ..

الصغار اللي في الرواية ..
مبارك وهاشل ذكرت انهم في الـ 11 .. كلثم ذكرت كذا عمر لها .. اولا لما ظنوا انها صغيرة وعطوها 5
وبعدين اتضح انها تدرس فالمدرسة .. وذكرت انهم غلطوا فعمرها يعني فينا نقول 6 سنوات ..
اختها مريم .. قالت عمرها بدرية لعوض لما اخذها بيته .. وكان 10 سنوات ..
اما بدرية فهي اكبر من خالد .. بمعنى انها الحين في بداية الثلاثينات
^^

والباقي خمنوهم ههههههههههههه
لي عودة بالرد ع باقي الردود
احبكم |~

 
 

 

عرض البوم صور اسطورة !   رد مع اقتباس
قديم 26-05-14, 05:52 PM   المشاركة رقم: 145
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: May 2011
العضوية: 224710
المشاركات: 3,261
الجنس أنثى
معدل التقييم: اسطورة ! عضو جوهرة التقييماسطورة ! عضو جوهرة التقييماسطورة ! عضو جوهرة التقييماسطورة ! عضو جوهرة التقييماسطورة ! عضو جوهرة التقييماسطورة ! عضو جوهرة التقييماسطورة ! عضو جوهرة التقييماسطورة ! عضو جوهرة التقييماسطورة ! عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 1223

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
اسطورة ! غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : اسطورة ! المنتدى : القصص المهجورة والغير مكتملة
افتراضي رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل

 





,,



ترتجف كورقة خريفية آيلة للسقوط .. عقلها متجمد حد التشقق .. أو لعله ثائر حد الانصهار .. أيام لم تذق النوم ملئ أجفانها .. تهب من مرقدها على وجه فهد مهددا .. أو على تمزق جسدها في الحرام المنتظر .. ينظر إليها أمامه .. لا يظهر منها الا كفيها وجزء من ذراعيها تتراقص عليهما نقوش الحناء المائلة للسواد .. تشد على البياض مرارا باناملها .. وتارة تتلاعب بهن دون تركيز .. وصلت إلى حدود الهذيان .. يحاول أن يستفسر منها سائلا بعد أن ألقت على مسامعه باسمه .. اسم بعلها المجهول بالنسبة لها : أنا منو ؟ .. شو اسمي ؟



تهز رأسها برجفة اتضحت له : ما اعرف .. ما اعرفك ..


ترفع يمينها وكأنها تريد ان تسكت تلك الاهتزازات في خلايا وجهها .. جسدها بالكامل ينتفض ..يقطب حاجبيه يحاول معها طرح الاستفسارات : ما خبروج اسمي ؟ الحريم اللي زارنكن ما قالن اسمي قدامج ؟



تهز رأسها .. يرى قطرات دمعها تسقط على أكفها : لا .. ما اذكر ..ما اعرف .. كنت بس اريد اوصلك .. اخبرك اني معرسة .. بس ما قدرت .. محد خبرني .. ما سألت .. اصلا .. اصلا ..



كان حديثها متقطعا .. وملامحه تكفهر أكثر مع احرفها الساقطة من ثغرها .. أي جنون عاشته ؟ وأي عذابات روح كابدتها .. يستمع لها وهي تردف : اصلا .. ما يهمني .. ما تهمني .. قالوا بيقتلوه ..




لاول مرة من بعد المغادرة من تلك القاعة ترفع رأسها .. يظهر له وجهها .. مشوها .. غارقا في المساحيق المبتلة .. أحمرار مقلتيها .. ارتجاف شفتيها .. وارنبة انفها باتت توازي لون العيون الدامعة دما : كلمت أخته .. بس ما صدقتني ..




كانت شهقاتها متعبة له .. يكره أن يرى بكاء إمرأة .. انكسارها بهذا الشكل اثار في نفسه السخط .. لربما هو ايضا مُلام .. تستطرد وهي تعود لخفض وجهها .. تتلاعب باصابعها .. وذاك الخاتم بدا ينزلق من تعرق كفيها او ربما هو نضح عينيها : قالت عني كذابة .. اخوها ما يعرس من وراهم .. بس كنت اريده ياخذني من الغربة .. من الخوف .. ان شاء الله اعيش عنده خدامة بس ما اكون بين ايدين اعمامي .. باعوني ..




شد على قبضتيه .. لا يستطيع ان يقترب منها .. وهي في حالة تخبط بين العقل والجنون .. لن تستمع له وإن شرح لها ما حدث .. ومن يكون هو .. هناك في عقلها أمر واحد فقط .. هو لا يحل لها .. وفي نفس الوقت هو زوج لها تجهله .. تنهد لتعود به الذكرى ليوم جمعة ماض .. يسمعها تثرثر وتعود الاحداث كشريط سينمائي ممنتج ...




يجلس على طرف سرير شامة .. وهي هناك تقف متكأة على حافة التسريحة .. متغيرة وجدا .. يشعر بانها تمقته .. ليطرح عليها طلبه بان تسمعه .. وتستهجن الامر متبرمة .. فيربت على جانبه بكفه يدعوها للجلوس .. وتدنو منه على مضض .. تبعثر الكلمات عليه دون اي مقدمات : كيف قدرت تتزوج من ورانا .. وماخذ منو ؟ الدكتورة اللي اتعالج عندها ..




غصة استوقفتها عن المضي في الكلام ... وبعد صمت : متصلة تقولي تبي رقمك .. تباك انت ضروري .. ويوم رفضت قالت انك ريلها ..




تلتفت له بغضب .. ماسحة دموعها باناملها المرتجفة .. لا تحب ان تواجهه والامر يوترها وجدا : ليش ؟.. امي شو ذنبها .. احنا شو ذنبنا تخدعنا .. وكل ما امي تييب سيرة العرس تتحجج .. وانت مسوينها ومخلص ..




هو كان الصمت يلفه .. يرغب منها ان تسكب جميع ما في جعبتها وبعدها سيخبرها بكُل شيء .. لتردف وهي تحاول ان تركز نظرها على وجهه ولو لدقيقة واحدة : من متى ؟؟



وتجيب عن سؤالها باتهام : اكيد من زمان .. عشان جذي قلتلي اروح اتعالج عندها .. وقصة ان حارب هو اللي رشحها كذب .. صح .. صح والا لا ؟




يهز رأسه نافيا .. لتتسربل الى شفتيها ابتسامة تمسح معها دموعها : يعني انت مب معرس .. يعني هي كذابه ..




ابعدت وجهها الى كفيها اللذان تعانقا في حجرها .. فقط الصمت اخذ يطوق المكان .. ليأتيها صوته : كل شيء صار فاخر رمضان .. فالعشر الاواخر .. ما كنت مخطط اعرس .. حتى اني ما كنت حاسب حساب اني ارتبط فهالعمر .. يمكن سنة او سنتين قدام .. لا شغلي كان مساعدني ولا اللي صار فبيتنا ساعدني ..




تنهد زافرا انفاسا ثقيلة .. محملة بالكثير .. وهي فضلت ان تاخذ دوره في السكون .. فقط تستمع .. يثرثر احداث ماضية : يوم انغدر مطر من ربيعه فالمدرسة .. عمي كان دوم عنده .. وهناك تلاقى وييا ابوها .. اللي عرفت بعدين انهم يعرفون بعض من سنين وتفرقوا .. يعرف ابوي الله يرحمه ..





,,

قديما على الارض الملساء كان يتحرك يحمل بيده كيس احتوى شيء من الطعام .. يقطع الممر الاول متوجها للمصعد .. يختفي وسرعان ما عاد نازلا .. متذكرا ان هاتفه يقبع في سيارته .. وتلك زوجته قد تموت خوفا ان اتصلت ولم يجبها .. ويعود ادراجه من جديد في نفس الطريق .. يخرج من المصعد في الطابق الثاني .. لينظر لرجل القابع على كرسي مدولب .. الوجه مألوف .. يقترب رويدا ملقيا السلام .. ليرفع رأسه بثقل تعانق شفتيه ابتسامة .. يرد السلام بغلظة وثقل حرف : وعليكم السلام ..




" عيسى ؟ " قالها وهو يقطب جبينه استنكارا .. فهذا الذي امامه لا حول له ولا قوة .. وعيسى القديم رجل قوي لطالما كان يقارن بينه وبين شقيقه ناصر في قوة الجسد .. ليجلس على الكراسي الحديدية القريبة وجدا من كرسيه .. يعانق يده اليمنى بشدة : وينك يا ريال .. اختفيت ولا قمت اشوفك .. اتلاقى وييا اخوك محمد مرات .. يا بسوق والا فوحدة من هالدواير .. شو اللي استوالك ؟




" الحمد لله " .. قالها برضى .. وبصعوبة بالغة في النطق ..ليأتيه صوت الاخر : بروحك هني ؟



ابتسم : بنتي .. راحت تييب ماي ..



وفجأة اذا به يشد على كف حمد .. ناطقا بضعف حال .. وبقسوة زمان : طالبك ..




هي كانت تقترب على حياء حين رأت رجل غريب بجوار والدها .. تحمل قنينتي ماء بيدها .. تدنو ببطء .. حتى ما اقتربت تسمع الحديث المسترسل من والدها بتعب : بنتي مالها حد .. من بعدي .. ودي استر عليها قبل اموت ..




تسقط من يدها وتلفت الانظار لها .. متوشحة السواد .. لا شيء يُرى الا عينيها اللتان غرقتا بالدمع .. تقترب تقع امام والدها تشد على كفيه : ابويه لا تقول هالرمسة .. بنتك قوية .. وانت الله يعطيك طولة العمر ..




بعد ثلاثة ايام فقط في تلك الغرفة البيضاء التي احتوت عيسى لاسبوع كامل قبل ان يودعها ليذهب الى منزله .. ومن بعدها الى بارئه .. تحولق الرجال عليه .. شبيب وجابر وعمهما ورجل سيكتب ان هي له وهو لها .. وشاهد آخر ايضا .. خمسة من الرجال حوله .. وهي تقف في الزاوية .. نظرها لوالدها المسجى على ذاك السرير .. طلب منها الموافقة .. ولانه اخر طلب سيطلبه كما قال لها وافقت ..

تتقاذفها الحياة بقسوة .. يُغطَى وجه والدها عنها بجسد عريض ينحني للامام .. كان جسد شبيب .. وذاك يتمتم عليه بخفوت بعد ان كُتب العقد وشهد الشهود .. بصوته المتعب : بنتي فرقبتك ..






,,

سحب انفاسه من جديد .. ينظر امامه .. وتلك لا تزال في قوقعة الاستماع له : ما كان قدام عمي غيري .. مطر صغير وجابر معرس .. ويوم طلبني قلت له تم .. وما قدرت اكسر كلمته وهو فمقام ابوي .. يومها ما حسيت بشيء .. تمنيت هذيك الساعة فذاك المستشفى تنتهي بسرعه ..




نظر إليها لتلتقي عينيه بعينيها : عرفتي كل شيء الحين .. وكان المفروض اتين تسألين .. مب طايحة تعصيب ع الكل .. وخلي كل كلمة قلتها لج بيني وبينج .. البنت ما اريدها تكون ناقصة عن اي بنت .. ولا اريد الناس تقول يابها بدون عرس وكنها مسويه غلط ..





الآن وفي هذه الساعة ينظر لتلك القابعة امامه .. يعود يسألها : ما تعرفين شكل ريلج ؟




كانت تشهق وكأنها تكابد ضيق صدرها .. ليعود مردفا على سؤاله : ريا طالعيني ..




حُرقة قاتلة تستشعرها في مقلتيها .. ترفع بصرها له لبرهة فقط .. ترمش فيها تباعا .. لتهز رأسها نافية .. تنفجر بعدها بالبكاء .. تقاوم حشرجة صدرها المتعب : كل شيء صار بسرعة .. تزوجت .. ومات ابوي .. وسافرت ..




تنخرط بالترهات في الحديث : مات وخلاني .. مات .. ابوي مات ..




رفع بصره للسقف زافرا .. متحوقلا .. يقف : ريا .. قومي غسلي ويهج .. وعقي هالفستان شكله مضايقنج .. وصلي ركعتين.. الفير ما باقي عنه شيء ..




هل تعي كلامه ؟ جُمله الملقاه على اسماعها ؟ .. كانت تساؤلات تتقاذف إليه بعد سكونها .. ويزفر من جديد يعانق وسطه بأكفه : ريا .. قومي .. تبيني اقول حق اختي تساعدج ..




هُنا هزت رأسها متمتمة : لا .. بروحي اقدر ..




ظل ينظر إليها .. قد تقع إن نهضت .. سيمد لها يد العون إن احتاجت حتى وإن صرخت بأن لا يمسها .. يراها تقف بهدوء .. تحاول المشي بذاك الفستان الثقيل .. جسدها وكأنه ضاع في داخله .. توليه ظهرها رافعة ما تقوى على رفعه من ذاك القماش .. تنهد زاما شفتيه .. ليخرج من المكان .. يجر الباب خلفه ليتوقف عن اغلاقه .. سيتركه مواربا ليستمع لما قد يحدث .. فهو يُقسم أنها ليست على ما يرام ..




الصوت يسري إليه حيث جلس بهدوء بجانب الباب المفتوح قليلا .. يسند ظهره بالجدار .. وقد اثنى ساق وارسل الاخرى .. ليقع عليها ساعده مستندا .. يقطب حاجبيه بتفكير .. يُرجع الاحداث الماضية في عقله .. إحتجاج جدها بالامس حين اصر أن يُكتب العقد من جديد بوجود اهلها واقاربها .. لا يثق بالعقد القديم لانه غير موثق .. الا يكفيه الشاهدان ليوثق؟ .. تزوجها مرتان .. رباه ماذا صنعت يداه دون ان يعلم ..




التفت يُرهف السمع .. لعله سمع آه خافتة .. كانت هُناك جالسة على الارض لا يظهر من ذاك الرداء المنفوش الا جزء من اعلى جسدها .. تحاول ان تسقطه عنها فتوجعت لألم في كتفها لا يرغب بان يعتقها .. لتجر الثوب الواسع الذي اخرجته من بين ملابسها المعلقة بترتيب في ذاك الدولاب العظيم .. ترتديه بصعوبة بالغة في تحريك ذراعها اليسرى للاعلى .. لتقف بعدها تشده للاسفل حتى عانق الجزء المطاطي منه صدرها .. يشد عليه ويتسع من الاسفل .. لم تلحظ انه ناقص الاكمام الا بعد ان ارتدته .. زفرت بتعب وإجهاد .. تتحرك تدوس على الابيض المستحل المكان .. وتشد لها " شيلة " كبيرة ستغطي بها رأسها وذراعيها ..




يصله صوت اغلاق باب دورة المياه ( اكرمكم الله ) فيقف متمتما بالحمد .. يمشي ويقبع على الكنب في تلك الصالة .. سينتظر خروجها ويطمئن عليها ويتوضأ ..مرت ربع من الساعة .. ليصدح صوت اذان الفجر مخترق الجدران الهادئة .. يتمتم يردف من بعد المؤذن .. ويقف يشد خُطاه للغرفة .. سحب انفاسه بهدوء .. ويفتح الباب بنفس الهدوء .. ليراها تقف وبيدها اليمنى سجادة الصلاة .. تنظر بارتباك ومشتتة انظارها في المكان .. لا تزال متدثرة بلباسها .. ابتسم ودخل يمر قريبا منها متوجها للدولاب يستل له ثوب وملابس داخلية ناويا الاستحمام قبل ان يصلي .. لياتيها صوته : القبلة ع يسارج ..




بلعت ريقها لتهز رأسها موافقة لجملته .. تشعر به يمر قريبا منها وجدا .. فتزيح جسدها بعيدا دون ان تحرك قدميها من مكانهما .. خوفا من ان يمسها .. عقلها يحثها على ما تفعل .. بات يتحكم بها واصبح يطبق عليها بقوة .. لتفرش السجادة وتقف ترفع كفيها لتكبيرة الاحرام .. انهارت قواها فجأة ليهتزا ساقيها .. فتقع على ركبتيها تغرقها دموعها .. لتكمل الصلاة جالسة ..




يا الله .. مدها في داخله .. يغدق الماء على وجهه .. يرغب بان يغتسل من تلك المفاجآت التي قرعت روحه فادمتها .. وخيالها المرتجف لا يفارقه .. شرودها .. دموعها .. حتى نبرة صوتها الخانقة .. هل هم بشر ؟ كان يردد السؤال على نفسه مرارا .. خرج من تحت الماء .. يجفف نفسه ويرتدي ملابسه .. لن يخرج نصف عاري امامها فيكفيها ما فيها .. شد انفاسه وفي داخله دُعاء بان تكون نامت .. ليخرج ويجدها ساجدة .. يقطب جبينه مستنكرا .. تُصلي بعكس القبلة ! ..أي ضياع يسكنك وتسكنينه يا ريّا ؟




طال سجودها فاضطر ان يمر من خلفها من تلك المسافة الضيقة بينها وبين الجدار .. يختطف السجادة الاخرى من مكانها .. ويعود ادراجه وبعدها يخرج ..






منذُ ساعات كان الخوف ينهشها على ابنتها ليلى .. لم تكن على سجيتها في الحفل .. بها شيء اشعر حفصة بالهلع .. لتبث بما يعتريها لبعلها .. ويطمئنها هو بان ما فيها ليس سوى وسوسة شيطان .. لتنام بجانبه على السرير في وجل .. تغفو وتعود تستيقظ متمتمة بالدعاء ليحفظ لها ابنتها وجنينها ..



ليقظ مضجعها المتوتر صوت هاتف بعلها عند تباشير الفجر .. تهزه من ظهره : حمد قوم رد ..



وبخوف يستيقظ .. يمد يده وهو يردد العياذ بالله من الشيطان الرجيم .. ويتأمل خير .. تتغير ملامحه فذاك لا يدع له فرصة ليتحدث .. وهي تسمرت انظارها عليه : شو صاير يا حمد ؟


يغلق الهاتف : لبسي عباتج .. ليلى محتايتنج فالدختر ..



قبل نصف ساعة من ذاك الاتصال .. و ساعة من بعد مغادرة الحفل وولوجهما الى منزلهما .. شعرت كطعنة في خاصرتها .. وانقباض قاسي اسفلها ..لتشد على شفتها السفلى حتى كادت ان تطعم دماءها .. تأن دون صوت .. تنظر إليه نائما على يمينها .. جالسة تقاوم أوجاعها .. لتُسقط ساقيها عن السرير وتستند عليه بكفيها لتقف ..

تختفي خلف دورة المياه ( اكرمكم الله ) لدقائق .. واذا بها تخرج بالكاد تستطيع الوقوف .. تستند على جانب الباب .. تنظر إلى ذاك المتعب .. تشعر بالحزن عليه فهو لم يذق النوم منذ ايام كما يجب .. شدت على شفتها .. مع أنين موجع .. ويدها عانقت اسفل بطنها ... تحاول المشي وهي تكابد الوجع في ساقيها .. تشعر بانه يرتفع رويدا رويدا حتى يطال جسمها بالكامل .. حتى ما وصلت إلى السرير استندت بالجدار ويدها اليمنى تهزه من كتفه : جابر ..



" امممم " .. قالها بنعاس اطبق عليه .. لتعاود مناداته مردفة : قوم .. تعبانة ..


يرمي الغطاء بخوف ملتفتا لها : شو بلاج ؟


-
تعبانة عندي نزيف ..



يزحف بمساعدة ساقيه لينزل من جانبها .. متذمرا ومعاتبا : لانج ما تحاسبين ع عمرج .. ولا على اللي فبطنج ..


وبخوف عاد ينظر إليها بعد ان تحرك بتوتر : شو اسوي ؟


لتجلس بتعب : ييب عباتي .. مب قادرة والله ..



يعج المكان بحركته وبصوته المؤنب لها .. يرمي بثوب النوم عن جسده ليرتدي ثوب آخر .. يتحرك يساعدها في ان ترتدي عباءتها بعد ان لاحظ عدم مقدرتها .. ليستحثها على الوقوف .. وما ان وقفت حتى صرخت به : مب قادرة ..



وتنتحب بالبكاء .. اهو الخوف من الفقد الذي اقعدها ؟ ام ان الملام حمل على اكتافها الذنب حتى أوهنها .. لم تشعر الا به يرفعها على ذراعيه .. تتشبث به وتدفن وجهها في رقبته .. تبكي وجعا .. وتبكي خوفا .. لتتمتم له حين اقعدها في سيارته : اريد امي .. جابر اريد امي ..



بعد نصف من الساعة كان هاتفه قد اردفه على أذنه وهي تدفعها احدى الممرضات على الكرسي المدولب .. تمسك بيده ويجاريها بالمشي .. يختلط صوتها الخائف مع صوته : عمي اسمحلي اوعيك فهالساعة .. بس والله مب عارف شو اسوي .. ليلى تعبت واحنا الحين فالمستشفى .. وطالبه امها تكون وياها .. الله يخليكم اتونا بسرعة ..


لتشده بسرعة صارخة : جابر لا تخليني ..


يسقط يده مع الهاتف يطمأنها عند باب غرفة الكشف : لا تخافين ما بروح مكان ..



تختفي هُناك .. ويشد هو بيده على وجهه ماسحا اياه .. ينظر على وقع الخطوات المتسارعة لدكتورة النساء المناوبة .. وتلج دون ان تكترث له تتبعها ممرضتان .. التحركات ارهقته .. ليتحرك يتمتم بالدعاء ان يحفظهما له ... يقف وتارة يمشي وتارة أخرى يجلس القرفصاء مستندا بظهره على جدار الغرفة .. هدوء في الممرات .. وفجأة صوت من بعيد يبعثره الخوف وترتيل الدعوات .. ليرفع بصره ويقف .. يتقدم نحوهما .. تمسكه من ذراعه على صوت بعلها السائل : طمنا يا ولدي ..


وتردف هي : وين بنتي .. شو قالولك ؟


يشير لها بمكان ابنتها فتهرول مبتعدة .. وتلج لتراها غارقة بدموعها واحدى الممرضات تطمأنها ان لا تخف .. وبطنها العارية اعترتها الكثير من المجسات لمعرفة حالة الجنين .. تقترب منها وتبتعد تلك .. لتشد بكفها على كف والدتها : اميه .. ما اريده يموت .. خبريهم اريد ولدي ..



تمر الدقائق ثقيلة .. تأن هي فيها بخفوت .. والاطمئنان يُبث إليها مع حديث الدكتورة ومن ثم الممرضات واخيرا من والدتها التي اخذت تمسح على رأسها متمتمة بايآت القرآن وشيء من دُعاء .. خلت الغرفة الا من جسدها المسجى على السرير وجسد والدتها القابع على الكرسي بجانبها ..




ترمي تلك الطبيبة ببعض القلق على جابر وعمه .. تخبره بانهم سيخرجون الطفل بعملية قيصرية بعد ساعتان او ثلاث ساعات من الآن .. فتلك الـ ليلى ضعيفة وجدا .. والنزيف الذي تعاني منه قد يسبب خطرا على الجنين إن بقي في أحشاءها .. تنهد متحوقل .. ليربت حمد على كتفه : ادعي ربك يقومها بالسلامة هي وولدها .. شده وبتزول وانا عمك ..



ليتركه واقفا في مكانه .. ويدخل هو يقترب من ابنته .. يقبل جبينها المتناثرة على جوانبه بعض قطرات من عرق .. ويوجه حديثه لزوجته : حفصة خلج عندها .. برد البيت الولاد بروحهم هناك .. من تطلع الشمس بتلقوني هني ان شاء الله ..



هزت برأسها توافقه .. وتبعته بنظراتها حتى اختفى .. الاخر ساقته قدماه الى المصلى في ذاك المشفى .. سيسجد لله يطلبه الرأفة بحالهم .. خالي هو في ساعة الفجر .. وكأن لا احد في ذاك المشفى بعرضه وطوله الا هو .. يستقبل القبلة بعد ان توضأ .. يُصلي ركعتي السنة ومن بعدها الفرض .. يُفرط في التسبيح والدعاء .. يقتحم خلوته بضع رجال .. ربما هم هُنا مع مريض لهم .. أنتهى وخرج .. حيثُ غرفة المعاينة في الطواريء .. اخبروه بانهم سينقلونها منها الى العمليات مباشرة .. وان تلك الابرة التي غُرزت في ظهرها ستساعدها على التغلب على آلاماها الى حين ..



يفتح الباب رويدا لتلوح له حفصة غافية وقد اسندت رأسها بكفها جالسة .. ليبتسم ويتقدم .. يقف ناظرا اليها .. هادئة .. بل انها نائمة ووجها متعب بحق .. ينحني يقبل جبينها .. لتستفيق الاخرى ترمش بعينيها مرارا .. وتراه يضع يده على بطنها وما لبث حتى انحنى يقبله .. لتنطق : ما عليهم الا العافية ان شاء الله ..


تقف من مكانها : خلك عندها يا جابر .. بقوم اصلي ..



يهز رأسه لها دون ان ينبس ببنت شفة .. يداعب شعرها بأنامله لتفتح عينيها بوهن .. تبلل شفتيها المتشققتان جفافا : لا تخليني ..


" اششش " نطقها وهو يهمس لها من انحناءه : ارتاحي .. وخلود بخير لا تحاتين .. بيي ان شاء الله وبتربينه وبتشوفينه معرس بعد ..



ضحكت بصعوبة .. متمتمة : ان شاء الله ..





,
,

هُناك حيثُ بات الاكسجين مثقلا بالهموم .. تصعب على الرئتين احتوائه .. انهى صلاته .. ربما كانت اطول صلاة فجر يؤديها .. جلس طويلا على تلك السجادة الزرقاء الموشومة بالكعبة الشريفة .. اخذته افكاره بعيدا .. الكثير منها يحوم عليه .. كيف سيتعامل معها .. وكيف يتعامل معهم ؟ .. طوى سجادته ليرميها على الكنب .. يجر خطاه ليفتح باب الغرفة .. يراها متكومة على سجادتها .. منطوية على ذاتها احتضانا .. تدس قدميها في ثوبها الواسع .. وكفها اليمنى اسفل رأسها.. اخرج زفرة خافتة .. كم هو ضئيل جسمها وهي على هذا الوضع .. تحرك .. من مكانه فاحست به .. لتنكمش على ذاتها اكثر ..


خطواته .. وفتح ادراج .. ورائحته .. حتى جسده احست به يقترب منها .. يطيل الوقوف .. وفجأة يبتعد .. لتفتح عينيها بضعف .. وقلبها يقرع طبول لا تخفت ابدا .. ارتفعت بجذعها عن الارض .. لترى ورقتان وبطاقة هوية .. ترمش بثقل تحاول ابعاد التعب عن عينيها .. لتعتدل جالسة وقد طوت ساقيها اسفلها .. تشد إليها بالبطاقة .. تقربها من نظرها .. وتدعك عينيها تحاول ان تبعد الضباب المغشي عليهما .. لترى صورته .. اسمه .. فتقطب جبينها .. وبسرعة تشد الورقتان .. الاولى عقد قرآن واسمها واسمه هناك .. وتاريخ الامس رُصد فيها .. والاخرى نفس الاولى الا من اختلاف في اسم الكاتب وتاريخ الحدث واسماء الشهود ..



داهمتها شهقة .. فدموع باذخة على وجنتيها .. وابتلاع لريقها الجاف .. ما الذي يحدث ؟ كيف ؟ لا تعلم كم ظلت قابعة يحتويها وجع قلبها .. انهاك جسدها .. أنين رئتيها .. لتقف تحمل بين اناملها الورقتان .. وفي اليسرى بطاقته الشخصية .. ببطء خطت .. تفتح الباب بوجوم استحل اوصالها وملامحها .. تبعثر انظارها لتراه على الكنب .. حاسر الرأس .. مردف ذراعه على وجهه .. مستلقي وقد ارتفعت ركبته اليمنى في زاوية حادة .. وساقه اليسرى سقطت عن الكنب تعانق الارض ..



شعر بفتح الباب .. فابتسم .. ظن بانها ستتأخر في الظهور .. يوتره صمتها .. تصنمها في مكانها .. لينطق ولا يزال على هيئته : بغيتي شيء ؟


بللت شفتيها بلسانها وزمتهما .. نطقت بخفوت : ليش ؟



ليتحرك جالسا .. ترى جانبه الايسر .. لحيته المشذبة بعناية .. رمش عينه الكثيف .. تتابع السؤال : باي حق تسون في جذي ؟



-
يعرفون .. يدج وفهد يعرفون .. وعبالي تعرفين .. يلست وياهم خبرتهم اني ريلج واني متقدملج عشان الناس ما يقولون شيء ولا يعقون رمسات مالها داعي .. وسمعوني كلام وايد عنج ..



سقطت الاوراق من بين اناملها .. هو يعرف اذا ؟ فهد وجدها ذبحاها دون ان تُذبح .. نفذا فيها الحد الذي رغباه دوما .. ارتفعت يدها تشد على فيها .. تمنع شهقات اصبحت تتعبها ..




لما يا عينيّ لا تكفين البكاء ؟ كفي فلقد اهلكتني .. دمرتني واضعفتني .. أوآه كم أن القلوب قاسية كحجر صوان .. كفي انهمارا .. كفى ارتجافا .. وكفى اختناقا .. ارغب بالصراخ .. حتى تتقطع حبال صوتي .. وتتجد دموع عيني .. ارغب بالسقوط وعدم النهوض .. اني مبعثرة ..





هو وقف بعد الصمت يراها متسمرة في مكانها .. فيقترب منها .. الآن يستطيع ان يلمسها دون ان تشعر بالعار والحرام .. يعانق رسغ يسارها يشدها معه : تعالي .. لازم ترتاحين ..



لتأتيه صرختها .. آه مكتومة .. وكفها تعانق كتفها المصاب .. ليتجهم وجهه تاركا رسغها ومقتربا منها .. يغطيها بطوله .. لم تشعر الا بيده تزيح غطاء رأسها .. يتناثر شعرها القصير على كتفيها .. فتنظر إليه .. ترا في عينيه نظرة قسوة .. لم تشعر به يزيح الثوب عن مصابها .. حتى نطق : شو هذا ؟


لتعود الى واقعها .. تدثر كتفها : ولا شيء ..


امسك بيمينها .. يدعوها الى الغرفة التي ستضمهما اياما وربما اشهر وسنوات .. يجلسها على السرير .. ومن ثم يبتعد يفتح احد ادراج الدولاب .. ويتحرك مبتعدا الى دورة المياه ( اكرمكم الله ) وبيده منشفة صغيرة .. ويعود مسرعا .. وقد طواها بترتيب .. ترى البخار يتصاعد منها .. ليضعها على الكومدينة بجانبها .. يمسكها من كتفيها : رقدي ..



-
ماله داعي .. بكون بخير ..


قالتها بخوف .. وهيهات ان يسمع لها .. وتستلقي مرغمة .. يعود يزيح ثوبها عن كتفها حتى اتضح له خيط لباسها الداخلي .. فقطب حاجبيه : زار( شاد او ضاغط ) عليج



خالجه ارتباك فاخذ المنشفة بتوتر .. يضعها على كتفها ويضغط عليها لبرهة : فكيه بعدين .. الضربة عودة .. ما رحتي المستشفى ؟



هزت رأسها بلا .. وأي حال هي فيه الان .. خجل وتوتر وارتباك .. وانفاسا حارة .. وقلب لا يهدأ .. تصد بوجهها على يمينها .. تتمنى ان ذاك الذي يداعب جفنيها يبتعد .. لما الآن يزورها ؟ .. حالتها لا تسمح لها بالنوم .. وذاك ما يلبث يختفي حتى يعود بنشفة حارة .. اشعرها بحنان فقدته .. فنزلت مياه عينيها مختلفة هذه المرة ..



ترتجف يده الضاغطة على المنشفة بخفة .. وقلبه هو الاخر لا يهدأ وكأنه يساند قلبها في ذاك العزف الغريب .. لم ينظر إليها .. يخشى على نفسه منها .. لتثيره انفاسها التي شدتها بعنف .. فيلتفت يرى وجهها .. عيونها المغمضة .. ودمعها المتعدي انفها الغارق في خصلات شعرها ..



يتركها تغط في نومها .. هو ايضا متعب ويحتاج لقسط من الراحة .. لنوم يريح فيه عقله من التفكير .. خرج ليعود حيث كان آنفا .. يستلقي هُناك تاركا الغرفة لها بعد ان اغلق الباب .. يمضي الوقت بهما .. والساعة بدأت تقارب العاشرة والنصف .. ليتحرك من مرقده بتعب .. وصداعه المعتاد عاد يزوره بقسوة .. فيشدد على مؤخرة رقبته وهو يعتدل جالسا .. اختفى من المكان بهدوء وعاد بهدوء وهي لا تزال في عالم آخر .. يضغط زر الاتصال .. وفي نفسه غضب متأجج .. يرن ولا من مُجيب .. ليعاود الكرة من جديد .. ويأتيه الصوت الناعس : الو ..


وبغضب نطق : صح النوم ..


ليفز فهد من سريره .. يستشف نبرة الغضب .. فيقهقه عاليا : انلسعت ..



وانفجر ضاحكا .. ليشتاط الاخر غضبا لم يعرفه يوما : انتوا من اي طينه مخلوقين .. ضاحكين عليها ومعذبينها .. والله ان العذاب الجسدي ارحم من اللي سويتوه فيها .. تبون توصلونها للينون هذا وانا مخبرنكم بكل شيء ..



بلع ريقه : اوف اوف .. شكلها ما خلت شيء ما قالته .. بس تستاهل .. وتستاهل الموت بعد .. ولو انت مكانا سويت اكثر من اللي سويناه يا شبيب ..


يشد بقوة على الهاتف حتى كاد ان يتحطم بين انامله : ما بكون ريال .. اذا ضربتها .. وحبستها .. ورويتها العين الحمرة .. واصبحها بطراق وامسيها بطراق ..



وصلها صراخه .. وصلتها آخر جُمله .. لتترجل تدنو من الباب .. تسمعه يطلقها بعنف .. فتنكمش تهتز اناملها برعشة على ثغرها .. ظنت به انه سيفعل ذاك بها حتى ما وصلها قوله : هذي مب من شيم الرياييل يا فهد ..



حتى شدت على شفتيها .. وابتعد بخطواتها للوراء .. ترغب بالعودة تحت الغطاء .. ترغب بالارتحال الى عالم النوم حتى حين لا تعلم متى سيكون ..



وذاك في الخارج وقف يتملكه السخط ..وبسخرية ممزوجة بالمكر جاءه صوت فهد : ها شو لقيتها..



لينفجر بفحيح : ما اسمحلك يا فهد .. وهالشيء ما يخصك .. دامها صارت حرمتي مالك حق تيب طاريها على لسانك ..


تشدق وهو ينزل ساقيه عن السرير : ما نبي طاريها .. ومن اليوم لا نعرفكم ولا تعرفونا يا ولد ناصر ..



ليغلق الهاتف في وجه شبيب .. تسود ملامحه .. يضغط على هاتفه واذا به يرميه حتى تشظى متبعثرا ..




,
,

منذُ الاعلان الرهيب الذي حطمها اشلاء وهي صامتة .. لا تحادثه .. لا تنظر إليه .. يزمجر على رأسها مرارا فتصمت .. يحاول ان يثير سخطها لترفع نظرها الى وجهه ولا يفلح .. يعلم بان حديثه كان قاسيا .. ولكنها تستحقه في نظره .. منعها من الذهاب لحفل الزفاف فصمتت .. هي ايضا لم تكن راغبة بالظهور بتلك الملامح الخالية من كُل شيء .. تجلس وحيدة في هذا اليوم في تلك الصالة .. ترتشف قهوتها من قدحها الذي تعشقه .. هدوء الا من صوت ينبعث من غرفته .. لعله يهم بالخروج ..



وبالفعل خرج .. ليقف ينظر إليها جالسة بصمت اضحى يخيفه .. تقدم منها حتى ما ظهر له جانب وجهها .. شاحبة هي شحوب الميتين . بلع ريقه وحرك مفاتيحه بين انامله وكأنه ينبأها بانه خلفها .. لم تكترث .. ليتحرك يقبع على ذاك الكرسي القريب منها : الين متى ؟ .. تبين تحسسيني اني غلطان .. انج بريئة وشريفة ؟ ..



فقط السكوت يقابله .. ليزم شفتيه ينحني لعله يوصل الحديث لها بشكل اوضح : يوم اني ما خليتج تاخذين شبيب مب حب فيج .. ولا كره له .. شبيب ريال والنعم فيه .. بس ما بغيت الناس تتكلم عقب ما يردج لبيت خالتج من عقب ما يلقاج مخربة .. الا الفضيحة يا مها ما بتحملها .. ما بتحمل يقولون بنت عمي ردها ريلها بيت اهلها وما كملت نص يوم ..



تنغرز في جسدها تلك الكلمات كمسامير صدِئة .. تنثر السم فيها رويدا .. ترغب بالصراخ في وجهه أن كفى هراء .. ولكن ليس اجمل من ان يكتوي هو بصمتها حد الاختناق .. يرتفع صارخا بها : ليش ما تتكلمين .. والا خلاص من بانت الحقيقة ما عندج كلام تقولينه ..



ارتفعت هي الاخرى توليه ظهرها .. تبتعد الى المطبخ الصغير .. متجلدة بالصمت .. بالهدوء الذي يثير فيه زوبعة الغضب .. لتسمعه يلعن الحال .. وبعدها يخرج ضاربا الباب بعنف .. لم تسمع صوت المفاتيح المعتاد .. فالتفتت .. هل نسي اقفاله ؟



تحركت بعد ان غسلت كوبها .. تمسح كفيها بجانبي ثوبها .. حتى ما وصلت الباب وضعت يدها على المقبض .. لتتنهد واذا به يُفتح .. بلعت ريقها .. تغلقه وتجري تنظر من النافذة .. تراه يبتعد بسيارته .. حتى سيارته لم يرحمها من غضبه .. تحركت بسرعة .. ستبتعد عن هذا السجن القاسي .. ترمي ملابسها في حقيبتها .. لن تاخذ كُل شيء .. بل ستكتفي بالقليل .. بسرعة سحبت مفتاح سيارتها وحقيبتها بعد ان ارتدت عباءتها و " شيلتها " .. ستنهي ألمها .. ستعلمه بان هي ليست وحيدة .. ليست ملك يمينه فيجرحها كيف يشاء ..



جرت حقيبتها وابتعدت عن المكان .. لن تعود الا وقد علمته درسا لن ينساه يوما .. لن ترضى بان يقذف شرفها وتصمت .. هي ليست مستعملة كما يعتقد .. وهو ليس الشخص الذي يجبرها على العيش دون كرامة ..


,
,

هُنا أقف .. وموعدنا مع الجزء الثاني قريب ان شاء الله




 
 

 

عرض البوم صور اسطورة !   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
أنآت, الرحيم, الكاتبة, اغتصاب, شفرات
facebook



جديد مواضيع قسم القصص المهجورة والغير مكتملة
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t183200.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
Untitled document This thread Refback 10-03-17 02:15 PM
Untitled document This thread Refback 07-08-14 03:21 PM
Untitled document This thread Refback 14-07-14 02:11 AM
Untitled document This thread Refback 13-07-14 07:19 PM


الساعة الآن 01:02 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية