"ولكن من دون شرفة ."أجاب سام , غير مدرك رومانسية الموضوع ولكنه مسحور به كمؤرخ .
"حسنا, طالعيها بعناية , أدرسيها , لاحظي أي شيء تستطيعين , قد تجدين المفتاح الذي يساعدنا لمعرفة ما حصل لدنكن ."
كانت مهمة بطيئة , لم يتوقع من كتبها ,أن هذه المذكرات قد تقرأ ,لذا كانت الكتابة غير واضحة ومختصرة بحيث أن هيثر وحدها تستطيع أعادة قراءتها .ومع مرور الوقت أستطاعت جيمسي أن تستدرك ذلك وأخذت تقرأ اليوميات دون صعوبة . تغير لون الاوراق الى البني على مر السنين والمداد الذي عليها جف هو الاخر ,وتلاشت بعض أجزائه .
كان هناك شيئا مؤثر في قصة هيثر المحزنة , لقد كانت مخطوبة لرجل يكبرها بعشرين عاما ولا يعني لها شيئا ,بينما كانت تحب دنكن ماكدونالد , زواج لا توافق عليه العائلتان . أخذا يلتقيان في السر , غير قادرين على البعد , مشدودين بخيط غير مرئي . فهمت جيمسي كيف شعرت هيثر , وأخذا قلبها ينبض بألم في صدرها وهي تقرأ قصة حبهما اليائس الذي كتب له الويل والالم .
"إستمع الى هذا ! "
منتديات ليلاس
صاحت جيمسي بألم . قرأت الملاحظات التي أنهت اليوميات بسرعة . الاسى لدى الكتابة كان واضحا , فهي لم تكن قادرة على مقابلة دنكن تلك الليلة لأنها سمعت صوت والدها عندما أقتربت من مخبأهما , ففرت , ولم يُرا دنكن بعد ذلك ثانية . فقدت الجواهر في الليله نفسها واتهم دنكن بالدليل الذي قدمه فرازر ستيورات . وجمع جميع أفراد عشيرة ماكدونالد وأجبروا على الانتقال الى أوستراليا . الوحيدة التي هربت الى أعالي الجبال كانت بريدي ماكدونالد وكانت حاملا بولد .
"ما هذه القصة المحزنة , لقد أعادت هيثر بريدي وأعتنت بها ."أستنتجت جيمسي .
"أعتقد أنها جدة كاميرون ."
"حسنا ,أفترض أنه ذلك , ولكن لايوجد ذكر لزوج ,اذاً؟"سأل سام ,محاولا جمع شجرة العائلة . هزت جيمسي رأسها نفيا .
"ولكن بالتأكيد علينا العمل لأيجاد هذا المكان الخفي , المكان السري حيث كانا يتقابلان ."
هز سام رأسه موافقا وقد بدأ بحثا سريعا في الصندوق ثانية .
"يوجد عدد من الخرائط القديمة هنا , أننا قريبون من أكتشاف نوع من العلاقة بين المنزلين . إنه لشيء طبيعي . أن يكون المنزلان متصلان بممرات تحت الارض ."
بدأ بحثهما بكثير من الامل والحماس , ولكنه كان عملا مملاً ومضيعاً للوقت , لم ترى جيمسي روس خلال الايام الثلاثة التالية فيما هي تتفحص كل ورقة بعناية الى أن وهنت عيناها . حتى إنها عزفت عن تناول الوجبات , مفضلة تناول السندويشات وهي مستغرقة في قراءة الاوراق القديمة .
البيت موجود هنا منذ منتصف القرن الثالث عشر , وكل جيل أضاف شيئا خاصا به , لذا كان من الصعب معرفة أين وكيف تكون الممرات . سام كان مصمما مثلها , وعملا بتواصل من دون راحة .
على حين غرة , أطلق سام صيحة وهو يلوح بورقة في الهواء ."وجدتها , وجدتها !"صاح والدموع تكاد تسيل من عينيه .

أنزلت جيمسي الاوراق . فقد كانت متلهفة ومستعجلة . وضع سام الخريطة القديمة بعناية محاولا تفحصها بدقة بإصبعه .
"أنظري هناك , إنها باهته ,أنا أعرف ,ولكن هذه الخطوط تجري تحت البيت . وتمتد نحو بيت ماكدونالد ."
وضعت جيمسي يديها حول رقبته معانقة , لقد نجحت مساعيها بعد هذا العمل المضني . مد يديه نحوها وعانقها .
"لم أكن لأستطيع أن افعل ذلك من دونك , أنت رائعة ." قال بحنو .
سمعا خطوات توقفت عند مدخل الباب جعلت جيمسي تجمد في مكانها وشعرت أن سام يبتعد عنها , استدار نحو الباب , ليرى من القادم , المتلهف على مشاركتهما الحدث . بقيت جيمسي في مكانها من دون حراك . انها تعرف تماما من هو القادم , وكيف سيفسر المشهد الذي سيراه أمامه . ثم رفعت رأسها بطيئاً بعد أن أفصح سام عن هوية القادم .
كان روس واقفاً عند المدخل , هيئته متتصلبة , عيناه منكمشتان وغاضبتان .
"أستغرب إلى ماذا توصلتما أنتما الاثنان ."
قال بحدة , وعيناه القاتمتان تنظران اليهما بخيبة , والتفت من دون أن ينتظر أي تفسير , وسار في الممر وهو يخطو بخطوات بطيئة مليئة بتهديد متقطع .
أٌقفلت جيمسي عينيها , غير مصدقة . فقد كان من غير المألوف منه أن يأتي في هذه اللحظات .
كان سام مصمماً على أعلان الخبر وقت العشاء تلك الليلة , جيمسي لا تريده أن يعلن , لأن الاخبار لن تقابل بالحماسة والترحاب اللذين يتوقعهما . حاولت كثيراً أن تقنعه بالعدول عن رأيه لدرجة التعب , لكنه رفض أن يستمع لها , ولا شيء أثبط من عزيمته .
منتديات ليلاس
نظرت جيمسي في خزانتها واختارت تنورة سوداء بسيطة وبلوزة بيضاء مكورة حول الرقبة . لا تستطيع أن تطرد روس من مخيلتها , لا مجال لذلك مهما حاولت , إنه يغزو أحلامها ويروع نومها . لقد كانت مثارة بما وجدت ولكنها لم تتوقع ردة فعل روس.
انتظرت حتى اللحظة الاخيرة ونزلت بعدها السلم , غير راغبة في ان تكون مع الاخرين لشراب ما قبل العشاء . جلست على كرسيها صامتة ونظرت بكراهية نحو سوزان و روس وهما يجلسان على رأس الطاولة , و رأساهما متلامسان وقد أنحنيا نحو بعضهما البعض يتكلمان بمودة . سام أعلن أخباره الان , وكان هناك مناقشة مفعمة بالحيوية , ولكن جيمسي قالت القليل . فأفكارها كانت منشغلة جداً .
أدركت الان أن المناقشة ستنتهي قريبا , الحقيقة كانت تقترب طيلة الوقت , وتعرف أنه قد أقترب وقت المغادرة ولأسباب عدة لا تريد أت تغادر , ولكن البقاء كان مستحيلا .حدقت الى روس و توردت عندما رأت عينيه مثبتتين , تنظران إليها وهما قاتمتان وحنونتان . إنها تعرف أنه مستاء مما عثرا عليه , فلابد أن علمه أن هناك وجها آخر للحقيقة قد زعزع إيمانه بميراثه .
"تبدين هادئة هذا المساء ."سأل ببرود .
" ولست متحمسة , كسام بما اكتشفناه ."قال باستهزاء , مراقبا ردة فعلها باستمتاع .

" نعم , أنا متحمسة , لكن الطريق لا يزال طويلا لأيجاد صلة آل ستيورات باختفاء دنكن والجواهر ."أخبرته بهدوء .
أسودت تعابير روس وحصلت ضجة على الطاولة وهو يقف على قدميه ويرجع كرسيه الى مكانه .
"هل تقترحين ؟"قال بصوت مجلجل , وعدم التصديق ظاهر في نبرته "أن عائلتي مسؤولة بطريقة ما عن اختفاء دنكن وأننا سرقنا الجواهر ؟ إنها لسذاجة , أنا اقترح أنه ينبغي لك إيجاد دليل فعلي قبل أن تنطقي بهذه النظرية السخيفة ثانية ."
عيناه تشعان بالغضب وجيمسي استطاعت الاحساس بحرارتها وهو يحدق بها . دفع شعره من على وجهه بإشارة من الانزعاج وعدل اتجاهه باستياء . أمام ضيوفه . السكون كان صاعقا , ولكن جيمسي لم تجب , على الرغم من ادراكها بأن الامور قد تتعقد أكثر مما تتصور .
لاطفته سوزان بحنان ووضعت يدها عليه .
"أجلس ."
همست بلطف وابتسمت له بعذوبة جعلته يحني رأسه بصمت . حاربت جيمسي شعور الاختناق في حنجرتها لهذه الحركة الحميمة . كل الآمال في علاقة تنمو بينها وبين روس . تبخرت الان وذبلت . لم يعد باستطاعتها تحمل المزيد , إن الايام الاخيرة المشحونة بالعمل , والليالي المليئة بالارق , أضافا شيئاً من الاسى الى حالتها العاطفية .
نظرت الى روس ثانية , فكانت عيناه تنظران مباشرة الى عيني سوزان , فأسرعت جيمسي بمغادرة الغرفة وهي تتمتم بأعتذار . وشعرت كأن رؤوس دبابيس صغيرة خرق عينيها , فيما هي تصعد السلم .
كانت متعبة طوال المساء تذرع الغرفة ذهابا وأياباً , تفكر من الافضل ان تترك , مع إنها تواقة لمعرفة الحقيقة . فاتها العشاء كليا وبدأت تحس بألآم الجوع تزداد . التهمت أصبع الشوكولا الذي كان في حقيبتها , لكنها لا تزال جائعة . أن الجميع قد أخلدوا للنوم , واقتنعت بأن نزولها الان لن يسبب أي مشكلة . فتحت الباب ونزلت الى الطابق السفلي , السلالم تطقطق تحت وقع قدميها بصوت عال . فكرت بمرارة , كل شيء وكل شخص ضد آل ماكدونالد .
منتديات ليلاس
أعدت فنجانا من الحليب الساخن وسندويشا من لحم البقر البارد ,كانت عائدة الى فوق عندما رأت النور ينبعث من تحت باب غرفة المكتبة . قد يكون سام .
فتحت باب المكتبة الذي أحدث صوتا وكأنه يعترض على حركتها . أغمضت عينيها من قوة الضوء وأحست أن فمها سيطلق صرخة عندما رأت الجالس هناك .
رفع روس نظره نحوها ووجه منهمك ومتغير شكله "من هناك ؟"قال بحدة , ثم تلاقت عيناهما .
"روس!"
صرخت جيمسي وهي ترى المنظر . كانت مندهشة . لقد خلع معطفه ووضعه بإهمال على كرسي وقميصه كان مفتوحا الى الاعلى و ربطة عنقه مرمية فوق المعطف . كان غارقا في كرسي , ورجلاه ممدودتان أمامه , ويداه معلقتان على جانبي الكنبة . وزجاجة نصف فارغة من الشراب أمام رجليه وكأس ممتلئة بالشراب , أحتساها دفعة واحدة , تجهم عندما فعل ذلك , متعة الشرب كانت قد فارقته منذ وقت طويل .
"ماذا تريدين بحق الجحيم ؟"صاح وهو يمسك بالزجاجة ثانية ليملأ كأسه .

"لم أستطع النوم , كنت جائعة , رأيت النور مضاء , وأعتقدت أنه سام ."
شرحت له وأحست بالجفاف في حلقها وقد أدركت خطورة الوضع .
"تبحثين عن سام , لا تستطيعين النوم من دونه ,إيه ؟ إني أستطيع تصور ما أنت جائعة له ."قال بصوت مرتفع .
شعرت جيمسي بدمها يتحول الى ثلج , ونظرت اليه باحتقار .
"ألا تعتقد بأنك حصلت على ما فيه الكفاية ؟"سألت ببرود. متجاهلة أحاسيسه كما لو أنها من دون اهمية .
"كلا , لم أحصل ."
هزت جيمسي كتفيها بلا مبالاة , الحديث معه الان غير مجدٍ . التفتت لتذهب .
"أنا عائدة الى السرير ."
قالت وكأنها تحادث نفسها . سمعت تهشيما فيما هي تستدير لتغادر , والتفتت بسرعة . فرأت أن روس كان قد قفز واقفا على رجليه يقرع على جانب الطاولة وتحرك بسرعة مدهشة . وبدا واضحا أنه قد شرب كثيرا وهو يتجه نحوها .
هز روس رأسه ببطء.
"أنظري الان ماذا فعلت ."تذمر."وكل ذلك غلطك ."أضاف , وعيناها تنكمشان وهو يتكلم .
ابتلعت جيمسي الشعور بالاشمئزاز الذي زاد من نبضاتها . نظرت إليه بحذر وانفجرت فجأة :
"ربما عليك أن تشكرني . ربما أنقذتك من صراع رهيب كنت ستتعرض له , فيما بعد ..."
منتديات ليلاس
ابتسم وأحست بدمها يتجمد وتمنت على الفور لو أنها لم تقل أي شيء .
"أي شكر تريدين ؟"
جر نفسه وهو يقترب منها بشكل مهيب . وصلت يده اليها , ولكن جيمسي قفزت الى الوراء وعيناها تشعان .
"لا تتجرأ على لمسي ."
صرخت به وقد أدهشها الغضب الذي يملأ صوتها . رجع الى الوراء , منذهلا بعدائها ورفع حاجبه بمتعة معتدلة .
"ما الخطب , ألا يحب ذلك سام ؟"صاح .
أطلقت جيمسي تنهيدة مسموعة "روس أنت ثمل ."
"إذا ." قال بغباء "لماذا لا تأتين معي لقضاء الليلة ؟ قد تجعلك جيدة ."عرض عليها , غير راغب في ان يراها تذهب .
"كلا , شكراً."أجابته بأختصار .
"إنه لأمر مثير للشفقة ."ابتسم بجفاف .
"قليل من الشراب قد يدفئك ويذيب قلبك البارد ."قال مقترحا وهو يشد بيده على يدها .
"اذا كان الشراب قد يدفىء القلوب فلن أوقفك عن الشرب . عد الى الزجاجة يا روس , فقد تجعلك تشعر بتحسن ."قالت بتجهم .
لم يقل شيئاً, للحظة ,ادركت جيمسي أن شيئا ما يومض في عينيه , الغضب ....الالم ...الاذى ....لم تكن متأكدة . ثم دفعها بعيدا عنه وشق طريقه باتجاه الباب الامامي . نادته جيمسي وهي تركض باتجاه الباب المفتوح الذي احدث صوتا من جراء أرتطامه بالحائط الخشبي .
نظرت في ظلام الليل ولكنها لم تستطع رؤية أي شيء أو سماعه علاوة على صوت الرياح القوية .
وقفت على الباب وتمنت لو أنها تستطيع إعادته , وفجأة تأسفت لأنها لم تقل له ذلك وندمت بمرارة .

نهاية الفصل الثامن...

مشكوره على الرواية الرائعة والمجهود الأروع تحياتي