لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > سلاسل روايات مصرية للجيب > روايات أونلاين و مقالات الكتاب
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

روايات أونلاين و مقالات الكتاب روايات أونلاين و مقالات الكتاب


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (1) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 07-01-13, 01:48 PM   المشاركة رقم: 6
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فخري


البيانات
التسجيل: Jul 2007
العضوية: 32680
المشاركات: 18,283
الجنس أنثى
معدل التقييم: عهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسي
نقاط التقييم: 9761

االدولة
البلدYemen
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
عهد Amsdsei غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : عهد Amsdsei المنتدى : روايات أونلاين و مقالات الكتاب
افتراضي رد: أكواريل .. د. أحمد خالد توفيق .. (3)

 
دعوه لزيارة موضوعي

د. أحمد خالد توفيق يكتب.. أكواريل (4)




رأيت الحسناء تمشي في الصالة غافلة (رسوم: فواز)

ـ "باسيونيه!".
هكذا راح يكرر النداء من النافذة.
مع الوقت كان يدرك أكثر فأكثر أنه في مأزق.. هذه الشقة ليست على ما يرام، والأسوأ من الشقة هذه اللوحة المائية التي لا تكف عن التغيّر..

هل اللوحة تتغير فعلا؟ ربما يخيل له ذلك.. ربما كانت اللوحة تعبيرا عن حالته النفسية لا أكثر، هذا وارد..
هناك غرفة الصالون.. كل شيء يقول إن اللوحة تحذّره من دخولها، وهذا سبب كافٍ كي يجرّب حظه، سوف يتوكل على الله ويأخذ نفسا عميقا ويتجه إلى هناك.

لقد رأيت الحسناء تمشي في الصالة غافلة بينما الوحش ينتظرها في الصالون، ماذا لو كنت أنت الفتاة؟ ربما أنت الوحش؟

مد عنقه ليُلقي نظرة داخل الغرفة المضاءة.. تبا لمصابيح الفلورسنت هذه.. الغرفة أمامه بالفعل ورائحتها هي رائحة الموت، رائحة الغبار.. دعك من الأثاث المغطى بالقماش بتلك الطريقة الكئيبة التي تذكرك بشواهد القبور..
لا يوجد شيء.. هناك نافذة موصدة بعناية وعليها ستائر متسخة لا يمكن معرفة لونها القديم..

هذه هي الغرفة التي وجدوها ميتة فيها، كالعادة هناك خادمة ما تأتي ثلاثة أيام في الأسبوع لتنظف الشقة وتبتاع الخضر.. وكالعادة تصل هذه الخادمة فلا يفتح لها أحد الباب، ثم بعد محاولات جهيدة تجد نسخة من المفتاح لدى البواب.. تفتح الشقة.. في غرفة الصالون تجد الخالة على الأرض متخشبة وقد فتحت فاها في صرخة صامتة.. الطبيب الشرعي قال إن الوفاة حدثت منذ زمن، وكان على التصلب أن يزول.. هذا لغز غير مفهوم..

ما الذي وجدته السيدة في غرفة الصالون أو ما الذي حدث لها فجعلها تصرخ؟ لماذا تخشبت؟
تبا! هذه الأفكار سوف تدفعك إلى الجنون فعلا.. قرأ ذات مرة قصة لهـ. ج. ويلز عن الرجل الذي بات ليلة كاملة في الغرفة الحمراء، فكاد خياله يقتله.. وفي الصباح أدرك أن الغرفة مسكونة فعلا.. مسكونة بالخوف ذاته..
هذه الشقة مسكونة بالخوف هي الأخرى في كل ركن..

ما الذي وجدته السيدة؟
أزاح الغطاء قليلا عن قطع الأثاث، لم تكن كلها من طراز الصالون المزدان بالأويما، هناك أريكة عريضة قبيحة الشكل لكنها عملية جدا، لدى محمود أريكة كهذه في بيته ويعرف أنها تستخدم كأريكة وكفراش.. وعندما تفتح فإنها تكون صندوقا للخزين كذلك..

أشياء كهذه قد تفوت رجال الشرطة الذين لم يأتوا ليفتشوا الشقة أو يحققوا في جريمة قتل، لقد كان عملهم روتينيا وأتمّوه بسرعة.
فتح الأريكة بعناية وبالفعل وجد أنها صندوق مفعم بأشياء عديدة.. أشياء تحتاج إلى شهر كامل من الفحص، لو خرج من هنا فسوف يعود مع خمسة أو ستة رجال..
هناك كراسات مغبرة متراصة، وهناك جهاز مذياع قديم، وأعداد من مجلة "هو وهي" التي كانت منتشرة في زمن خالته، الكراسات.. ماذا فيها؟

هناك رسوم.. رسوم بالقلم الرصاص الملون أو الباستيل.. وهناك رسوم بالأكواريل. ليست رائعة لكنها ليست سيئة كذلك، ويمكن القول إنها تخص ذلك الفتى حسام..
فتيات.. خيول.. مناظر طبيعية..

هناك مظروف مغلق عليه اسم الدكتور كمال عطية - دكتوراه في الأمراض العصبية والنفسية.. زميل كلية بباريس.
فتح الخطاب.. كانت بداخله ورقة بالإنجليزية وقد كتبت على عجل تقول:

"تحتاج حالة الشاب حسام عبد العزيز إلى رأي ثانٍ وثالث، على قدر علمي يسهل أن تصنفه كشخصية سايكوباثية، لكن الأمور أعقد من هذا، يعبر عن نفسه بالرسم كثيرا وهذه علامة صحية، وأعتقد أن رسومه جيدة جدا.. لكن قسوته على الحيوانات لا توصف.. كما أنه يتحرش بالفتيات، ولا يكف عن إهانة قريبته التي تقيم معه وترعاه كأم.. وأحيانا يضربها بقسوة، يتكلم كثيرا عن عبادة بعل وعن أنه ابن بعل الأكبر، وأحيانا يزعم أنه شيطان، قريبته متأكدة من أنه جرّب التهام الحشرات وجرّب اللحم النيئ.. تؤكد أن خزانته مليئة بقطط ميتة يقوم بتحنيطها، لا أفهم جذور هذه الحالة ولا كيف بدأت، لكني أحتاج إلى رأي آخر، وإنني لأقترح عرض الحالة على د. عزيز إسكندر لدى عودته من الولايات المتحدة في نوفمبر القادم، إن تشخيص الحالة كمس شيطاني سهل بالنسبة للعامة، لكن الطبيب النفسي يبحث عن أسباب ودوافع وتشخيص صحيح، وأعتقد أن د. عزيز يملك الإجابة عن أسئلة كثيرة، مثل منشأ هذه الشخصية السايكوباثية وجذورها".

كان محمود يحاول أن يفهم، لكنه على يقين من شيء واحد، هو أن خالته لم تفهم حرفا من هذه الرسالة، وهذا لأنها لا تجيد الإنجليزية، وإن أجادتها فسوف يستحيل إقناعها بأن الصبي ليس ممسوسا، لا يمكن أن تكون هذه الرسالة هي سبب موتها ذعرا.

هذا الفتى المريض نفسيا كان مولعا بالرسم.. وتلك اللوحة اللعينة رسمها يوما ما.. لا شك أنها تحمل الكثير من جذور المرض النفسي..
أين اللوحة بالمناسبة؟

خرج إلى الصالة وهو يشعر بإرهاق شديد.. اتجه إلى النافذة وأطلق صيحة "باسيونيه" أخرى على سبيل أداء الواجب، ثم بحث عن الرسم.. لقد تغيرت اللوحة من جديد.. هذا حقيقي.. هذه المرة يرى رجلين يلتحمان وامرأة تصرخ.. رجل قوي ضخم أصلع الرأس له شارب كث، وفتى نحيل ضعيف، لكن الفتى يحمل خنجرا.. ما معنى هذا؟




الخالة أصابها الرعب من ربيبها الشيطاني (رسوم: فواز)

هذا البيت عبارة عن أسئلة بلا أي أجوبة.. لا شك أنه سيدفعه للجنون..
هناك غرفة واحدة باقية.. لا يعرف ما يوجد فيها.. عليه أن يدخل ويفتش وبعد هذا يجد طريقة للفرار، هكذا اتجه ليفتح الباب الأخير، كان الظلام دامسا بالداخل واصطدم بقطعة أثاث.. لما استطاع بلوغ مفتاح النور أدرك أنها أقرب إلى غرفة نوم أخرى.. هناك فراش مغطى، لم يكن يدخل هذه الغرفة لدى زيارته لخالته إلا نادرا جدا، ومن المنطقي أن المدعو حسام كان ينام هنا..

أما ما اصطدم به فهو آلة خياطة مغطاة.. آلة عتيقة تدار بدواسة قدمين.
لقد تحركت قليلا من موضعها فانكشف جزء من خشب الأرضية..
لسبب ما اتجه إلى الصالة وبحث عن اللوحة ثم حملها في يده عائدا للغرفة.. لقد تغيّرت الصورة فعلا.. يمكنه أن يرى الرجل الضخم الأصلع يقف والصبي ميت على الأرض والسيدة تمسك برأسها صارخة على الطريقة الباروكية، صورة بليغة جدا يمكن أن تضع عليها بالونات الحوار: لقد قتلته.. لم أقصد ذلك.. أنت قد جلبت علينا الخراب.. منك لله.. إلخ..

أدرك أن الرجل الضخم يقف في هذا المكان بالذات.. جوار الفراش..
نظر إلى خشب الأرضية المهشم..
رجل أصلع ضخم له شارب كث..
خاله..

خاله الذي ذهب لأوروبا واختفى تماما.. لا أحد يعرف عنه شيئا ولا أحد يذكره..
والفتى الميت على الأرض.. أليس هو حسام؟
اللوحة المائية تحكي قصة رهيبة إذن.. الخالة التي أصابها الرعب من ربيبها الشيطاني.. تتصل بأخيها ليأتي ويساعدها.. مشادة عنيفة بين الفتى والأخ الغاضب.. تهديد بالسكين.. الخال القوي الغاضب يقتل الفتى..

يقتله.. هنا بالذات..
في هذه الغرفة..


يُتبع

 
 

 

عرض البوم صور عهد Amsdsei   رد مع اقتباس
قديم 07-01-13, 01:51 PM   المشاركة رقم: 7
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فخري


البيانات
التسجيل: Jul 2007
العضوية: 32680
المشاركات: 18,283
الجنس أنثى
معدل التقييم: عهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسي
نقاط التقييم: 9761

االدولة
البلدYemen
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
عهد Amsdsei غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : عهد Amsdsei المنتدى : روايات أونلاين و مقالات الكتاب
افتراضي رد: أكواريل .. د. أحمد خالد توفيق .. (3)

 
دعوه لزيارة موضوعي

د. أحمد خالد توفيق يكتب.. أكواريل (الأخيرة)



جثا محمود على ركبتيه وراح يعالج الأرضية (رسوم: فواز)

وقف محمود في الغرفة التي بدأت الظلال تزحف عليها..
كان يفكّر في عمق..

القصة إذن واضحة جدا واللوحة تحاول أن تخبره بكل شيء.. الفتى لم يفر من البيت ولم يختفِ في ظروف غامضة.. الفتى قد قُتِل؛ قتله خال محمود في مشادة عنيفة، والسبب أن الفتى شيطاني غريب الأطوار.. كائن مخيف لا يمكن فهمه.. ربما هو شخصية سايكوباثية فعلا وربما هو ممسوس.. لقد فات أوان معرفة الحقيقة.

لقد مات الفتى.. وما فعلته خالة محمود هو أنها أخفت حاجياته والأوراق في تلك الأريكة وفي الصندرة، لكن اللوحة تحمل طاقة غير عادية.. اللوحة تحاول أن تتكلّم.. اللوحة تحكي قصة.

ماذا يوجد تحت هذه الأرضية الخشبية؟
من الظريف أن تحاول التخمين..
كنز علي بابا؟ حذاء سندريلا؟ حذاء الطنبوري؟ طاقم أسنان هتلر؟ مجوهرات لوكريشيا بورجيا؟

هناك في المطبخ سكين عملاقة؛ رآها عندما كان هناك.. أعتقد أنها تصلح.
هلمّ يا محمود.. إن الليل يتوغّل ولم يعد هناك الكثير من الوقت لتعرف فيه الحقيقة.. إن القصة توشك على الاكتمال؛ على الأرجح سوف ينفتح الباب تلقائيا إذا وجدت الحل.

هكذا جلب السكين ثم عاد.. جثا على ركبتيه وراح يعالج الأرضية.. حاول جاهدا رفع قطعة الخشب.. صبرا.. في مثل هذه المواقف لا بد أن تنكسر السكين ويطير النصل في عينك.. هذا حادث ينتظر أن يحدث.

يجب أن...

هنا وُضعت اليد على كتفه.. يد ثلجية جافة قاسية.. استطاعت برودتها أن تصل لجلده عبر الثياب.. للحظة دارت الدنيا من حوله وظهرت بقعة سوداء في منتصف الكادر، ثم راح يتنفّس بعمق حتى استعاد تنفّسه.. من الغريب أن قلبه ما زال صامدا.

نظر خلفه فلم يرَ أي شيء.. أسلوب الأشباح التي تتحرّك خارج نطاق الرؤية.. أسلوب بريطاني شهير في قصص الرعب.. على كل حال هو يُدرك الآن أن هذه الشقة تعجّ بالأشباح، وأنها تتحرك فيها بحرية تامة.. صار من السخف أن تتكلم عن شيء آخر.

واصل انتزاع خشب الأرضية.. أخيرا بدأ يلين.. قطعة خشب مهشّمة تتزحزح.. استطاع أخيرا أن يرى ثيابا.. ثيابا أتلفها القدم وإن كان قد تم لفها في لفافة صغيرة.. كانت ملوّثة بدم جاف عتيق أسود.. مدّ يده جاهدا حتى أخرج اللفافة كلها.

فردّها في حذر عالما أنه على الأرجح سيجد يدا مبتورة متعفنة، لكنه في الضوء الخافت رأى أنها تحوي خنجرا.. خنجرا شرير الشكل ملوثا بالدم.

كان يلهث بلا توقّف..

هذا سلاح الجريمة طبعا.. بهذا السلاح قتل الفتى في تلك المشادة.. كان في يده وانتزعه الخال منه بسهولة. روح الفتى الشريرة ظلّت تسكن البيت وتسكن اللوحة، ربما هي كذلك في مطاردة أبدية مع روح الخالة.

هذا هو السلاح.. لكن أين الجثة إذن؟

يمكن تصوّر سيناريو ريا وسكينة؛ حيث يتمّ تمزيق الجثة ودفنها تحت أرضية الغرفة ثم وضع الخشب من جديد، لكن هذه الفكرة لا تبدو معقولة لسببين: أولا هو لا يتخيّل خالته متورطة في عمل إجرامي بهذا التعقيد وهذه البشاعة.. إنها مجرد خالة كخالة أي واحد آخر.. خالة ممن يشهقن عند وضع خلطة الملوخية وتجيد عمل محشو الكرنب.. خالة من هذا الطراز لا يمكن أن تقف لتراقب أخاها وهو يمزّق شابا ويدفنه.. أين؟ في بيتها بالذات.

السبب الثاني هو أن هذه شقة سكنية.. سوف تسبّب الرائحة فضيحة لا شك فيها.. حتى في زمن ريا وسينة كانت الرائحة قاتلة، واضطرّ القتلة لإشعال البخور طيلة اليوم.

أين الجثة؟

هناك احتمال آخر هو أنه تمّ تمزيقها ثم نقلت في أكياس على دفعات.. إلى كومة قمامة في شارع بعيد أو تمّ التخلّص منها في مصرف.. فضّل الخال أن يدفن سلاح الجريمة هنا؛ لأن الجثث تظهر دائما في النهاية.. لا تتوقّع أن الخنجر سيبلى، ثم فرّ إلى الخارج وترك أخته في الشقة المرعبة.

مزيد من الاستنتاج يدفعك للاعتقاد أن شبح القتيل جعل حياة المرأة جحيما.. كان يطاردها في كل مكان.. النتيجة أنها سقطت ميتة وعلى وجهها أمارات الهلع.

إذن.. لماذا تحدّث أشياء غريبة هنا؟ ما معنى الساسكواش الذي يتحرّك في كل مكان؟ لماذا تتكلم اللوحة طيلة الوقت؟ لماذا هو حبيس؟

ترى ماذا تقوله اللوحة الآن؟

عاد يتأمّلها شاعرا برهبة حقيقة.. منذ فترة جلس شاب مراهق أمام هذه اللوحة ورسمها، لكنه في الوقت نفسه زرع فيها جزءا من خواطره وروحه الشريرة.. النتيجة أن ألوان الماء تذوب في كل لحظة مثل "الكاليدوسكوب" لترسم شيئا جديدا.

هنا رأى مشهدا لم يره من قبل.. هناك جثة مُلقاة في مكان فسيح، لو أردنا الدقة لقلنا إنها ملقاة في صالة شقة.
ما هذه الجثة الجديدة.. وماذا تحاول اللوحة قوله؟

خرج إلى الصالة من جديد، وقرّر أن يواصل الصراخ من النافذة.. سوف يلقي بأشياء أثقل.. ربما مقعد كامل يسقط في الشارع ويجذب المارة؛ بعضهم سيصعدون للشجار معه لكنهم بذلك ينقذونه.

الضوء خافت فعلا..

هنا رأى في ركن الصالة ذات السيدة.. السيدة التي لا يمكن تبيّن وجهها.. السيدة التي يعتقد أنها خالته.. مرعبة فعلا، لكنه لا يجرؤ على الدنوّ أكثر أو محاولة التفاهم معها.

استدار للخلف، فرأى للمرة الأولى في الضوء الخافت ذلك الفتى النحيل الذي يزحف في الظلال؛ كأنه لا يراه ولا يعبأ به.
يمكن القول بلا جهد إن هذا هو حسام..



وقف محمود يرتجف ويفكّر (رسوم: فواز)


الشقة مزدحمة بالأشباح فعلا كأي حافلة ساعة الذروة.. لا بد من الصراخ.. لا بد من طلب العون.

لكنه إذ توغل في الصالة أكثر رأى القدمين في ركن مظلم.. يسهل ألا تلاحظهما في البداية.. رأى الجسد الممدد على الأرض.. رأى الوجه الذي بدا عليه الهلع.. كل هذا كان في الصورة ولم يميّزه بسبب رداءة الرسم.

ثم إنه عجز عن تخيّل ذلك..

هذه المرة لم يكن هناك مجال للشك أو الحيرة..
هذا محمود.. محمود بالذات دون سواه..
بعبارة أخرى هو يرى جثته على بلاط الصالة.. لقد مات..

وقف محمود يرتجف ويفكّر.. بالفعل لم يعتد أن يصمد قلبه كل هذا الصمود.. قلبه واهن وبالتأكيد تخلّى عنه في وقت مبكر.. على الأرجح عندما رأى شبح خالته جالسا على باب غرفة النوم.

كان عليه أن يشك في هذا منذ البداية..

لماذا عجز عن فتح الباب؟ لماذا لم يسمع أحد صراخه؟ لقد فَقَد الكثير من وجوده المادي، وإن ظلّ قادرا على انتزاع الأرضية وفتح الأريكة وأشياء أخرى، وعلى الأرجح سيفقد هذه القوة عما قريب.

ربما لهذا السبب بالذات كشفت اللوحة أسرارها له؛ لأنه صار شفافا بشكل ما..
لقد صار قادرا على رؤية الشبحين بوضوح تام..

والآن.. هو يعرف ما سيحدث عندما تتصاعد رائحة العفن بعد يومين، ويجد رجال الشرطة جثة شاخصة البصر مذعورة في ذات الشقة اللعينة.. لن يفهم أحد أي شيء.. غالبا لن تقدم لهم اللوحة المائية إجابات.. سوف يجدون الخنجر الدامي وربما يخمّنون ما حدث بالنسبة للشاب حسام.

سوف تنغلق الشقة على ما فيها ويخشاها المستأجرون بتاريخها الملوّث، لكن هناك ثلاثة أشباح سوف تجول فيها للأبد... شاب ممسوس أو سايكوباثي جلبت روحه الشريرة اللعنة على المكان للأبد.. ورجل في منتصف العمر.. وسيدة مسنّة قتلها الرعب.. وكومة من العاديات ولوحات الأكواريل.

إن المستقبل يبدو واعدا بالفعل.



***

تمّت بحمد الله

 
 

 

عرض البوم صور عهد Amsdsei   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
احمد خالد توفيق, اكواريل, قصة
facebook




جديد مواضيع قسم روايات أونلاين و مقالات الكتاب
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t181714.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
Untitled document This thread Refback 30-07-14 07:18 AM


الساعة الآن 05:27 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية