7- مطرودة من الجنة!



لم يتكلم جايمس, ولم يفلت ساندرا من بين يديه الى ان اصبحا في الخارج , في الشارع.
وقال لها اخيراً, وهو ينفض سترة السهرة التي يرتديها بكلتا يديه:
- لديك اصدقاء فاتنين.
وفركت ساندرا ذراعها حيث امسكها بقساوة:
- إنهم ليسوا اصدقائي.. لم ارهم قط في حياتي .
- تبدين لي ودودة جداً.
سيارته كانت مصطفة عند منعطف قريب, والمحرك دائر بنعومة,وامسك بذراعها وقادها الى هناك, وفجأة ثارت ساندرا, فهي بحاجة الى هواء نقي, لا أن تحبس في المقعد الخلفي لسيارة, واحست بالاحراج وهو يجرها في الشارع.. لنفترض بأنها كانت مع جان بيار ودخل جايمس وفعل مافعل , اقتحم المقهى وجرها الى الخارج , وكأنها قاصرة جاهلة؟ وسمعت صوت جايمس يعطي تعليماته للسائق كي يدور حول الساحة ويقترب منهما, ثم طلب منها ان تتحرك من مكانها .ريحانة

والتفتت اليه بحيرة:
- كيف علمت اين انا ؟ ولما لست على العشاء مع برادشو؟ وأين باربرا؟
الاسئلة خرجن منها بسرعة , ولكن دون رد , فالناس على الرصيف كانوا يمرون بهم, مجبرين جايمس ان يبتعد عنها قليلاً, ولحق بها ليمسك بذراعها, واجبرها على قطع الرصيف, ثم الى زواية شارع هادئ.
وسارا عدة خطوات , ثم دفعها نحو مدخل باب مظلم وتعثرت ساندرا بالدرج , فأمسك بها ثم اصبحا بين ذراعي بعضهما, وعانقها جايمس بقوة وقسوة حتى كاد يخنق انفاسها, فشعرت بالدفء والأمان وهو يحيمها , ومع انها كانت محرجة, فقد اخذت تفكر بما كان سيحدث لها لو انه لم ينقذها من ذلك المكان القذر.منتديات ليلاس
ورفعت رأسها اليه لتحدثه , لكن الكلمات لم تخرج منها, واحست بأن قدميها قد ضعفتا من الراحة.. والحب.
ثم ابعدها عنه بجهد كبير, ولكنها استمرت في التعلق به , خائفة من ان تتركه, فخطا خطوة الى الوراء, وامسك يديها بيديه وابتسم لها ابتسامة بالكاد شاهدتها تحت نور معتم منبعث من الشارع.
- انا آسفة, لم أكن ادرك ماافعل ...أنا ..أنا سعيدة لرؤيتك.ريحانة
- ولماذا حاولتي الهرب مني إذاً؟
- كنت خجلة ..محرجة لأنك ضبطتني في ذلك المقهى.
- كنت تنتظرين جان بيار...أليس كذلك؟
ولم تستطع النظر اليه, واخفضت نظرها نحو الأرض, ولم تجب.
- لقد قلت لك ان لاتريه ثانية ياساندرا.. وقد عصيت أوامري.
- كان عليّ ان أراه جايمس.
- وهل لازلت مهتمة به.
ونظرت اليه بحدة, وقد حيرتها لهجته, وقالت ببساطة:
- انه يحتاجني.
- أريد الحقيقة ياساندرا, هل مازلت تحبينه؟
منتديات ليلاس
- لا..لا, لم احبه قط! أعني انني ظننت انني احبه عندما كنا في المدرسة, ولكن هذا لم يكن سوى وهم, وادركت هذا فيما بعد عندما سافر الى فرنسا.
- اذاً, لماذا الآن؟ لماذا هذا الاندفاع لتجديد صداقتكما.
- انظر ..كل ماحصل ليس من صنعي., إنها فكرة سارة..
- لم تكن فكرة سارة لاستقباله في غرفتك, أليس كذلك؟ لقد رغبتي في رؤيته ثانية, ولهذا انت هنا الليلة...
- اجل...لهذا انا هنا الليلة, كان عليّ ان آتي ياجايمس..انه يحتاجني ... انه في مشكلة...
- وظننتي ان حاجته لك أكبر من حاجتي لك؟ ماكان عليّ ان أكون هنا ياساندرا كايسي. لقد تخيلت عن عشاء مع رجل مهم بالنسبة لي هذه الليلة وعرضت مستقبل شركتي للخطر لأنني كنت خائفاً مما قد يحدث لك في هذا المكان, هل تعلمين ان مقهى لاروشل مشهور يترويج المخدرات؟
- بالطيع لا اعرف.
- واعتقد انك لا تعرفين ايضاً ان جان بيار يتعاطى المخدرات..
- طبعاً أعرف! ولهذا وافقت على مقابلته.
- أنت ماذا؟ أنت..أنت .. ماذا؟
كان يهزها بغضب ويداه تشدان بقسوة على ذراعيها , وهرب الدم من وجهها:
- أنت لا تظن ..اوه جايمس , انت لا تظن انني اتعاطى المخدرات أليس كذلك؟

- لا...لا... بالطبع لا, وأنا آسف ياساندرا .. ولكنك صدمتيني عندما قلت انك تعرفين مشكلة جان بيار..فلم أكن اعتقد أنك تعرفين.
- ولكن كيف عرفت.
- لقد اخبرتني سارة عندما أتت لتكلمني عن اللوحات, ولم أفكر بالأمر الى ان شاهدته يخرج من غرفتك.منتديات ليلاس
- لقد ظننت الأسوأ , ظننت انني متورطة بالمخدرات؟
- لا... لم يكن هذا ماأفكر به.
وتكور فم ساندرا من الغضب, فقد خمنت بالضبط ماكان يفكر به.
- لست أدري ماهو الأسوأ , ظنك بي انني اتعاطى المخدرات أم ظنك بأنني داعرة.
وحاولت الخروج من المدخل, لكنه منعها بذراعه.
- لم افكر بكلا الأمرين ياساندرا..كنت قلقاً عليك, وهذا كل شيء.
- هل تعتقد انني لا استطيع العناية بنفسي.
- هذه الليلة مثال واضح عن كيفية العناية بنفسك, أليس كذلك؟
- لم أكن معرضة لأي خطر ياجايمس.. ولا يستطيع أحد إجباري على فعل شيء لا أريده.. وكيف عرفت بأنني هنا؟
- عندما شاهدك ستيفن تغادرين الفندق, لحق بك لأنه علم بأنني سوف اقلق عليك. واتصل بي عندما وصلتي الى المقهى.. وكنت اعرف ان لاروشيل معروف بترويج المخدرات ..
- وهل لحق بي ستيفن الى هنا؟ لقد كان يلحق بي طوال النهار أليس كذلك؟ لم أكن أتخيل إذاً, لقد كان في الساحة, وفي السوق .. هل جعلته يلحق بي؟
منتديات ليلاس
- كنت قلقاً...
- وكيف تجرؤ على هذا؟
- لأجل صالحك ياساندرا!
- صالحي؟ لقد كنت تفكر في نفسك ياجايمس كوريللي؟ أنت لا تثق بي, وكل ماكنت تفكر به هو مؤتمرك اللعين وشركتك , لقد كنت خائفاً من الفضيحة, مساعدة جايمس كوريللي الصغيرة متورطة بالمخدرات...
- لا تكوني سخيفة هكذا...
- ولا تقل لي ان لا أكون سخيفة!
ودفعت ذراعه من طريقها, وخرجت الى انوار الشارع.ريحانة
- ساعود الى المقهى, وسأقابل شخصاً يثق بي, شخص بحاجة اليّ, ولا تحاول اللحاق بي, لا تحاول!
واستدارت وبدأت تجري, ولكنها لم تذهب بعيداً, وامسك بها, وادار لها ذراعها, فاستدارت اليه.
- ماذا استيطع القول او الفعل كي تفهمي ايتها التعسة؟ لن تعودي الى ذلك المقهى, وانسي وجود جان بيار.
- ليس هناك من مجال!
وامسك بيديها ووضعهما خلفها , ولم تعد تستطيع الحراك.
- سأفعل بك هذا مرة بعد مرة الى ان تبدأي بالتصرف بشكل لائق.. والآن سنعود الى الفندق...
- لا!... لا استطيع ياجايمس , ساعود الى المقهى لأنتظره أنت لا تفهم ..انه بحاجة لمساعدتي .. لقد سرقني لأنه..
- ماذا فعل؟

- انه .. ليلة كان في غرفتي .. بعد ان خرج اكتشفت انه سرق المال الذي اعطيتني إياه , انا لم اصرف منه شيئاً, اخذ المال واخذ ساعتي وسواري...
- ياإلهي! ولازلت ترغبين في مساعدته؟
- كان هذا بمثابة صرخة للمساعدة...
وقاوم جايمس كي يمسك بغضبه.
- ساندرا.. لقد سرق ليغذي هوايته, فالرجل مدمن...
وبدت الامسية كلها تطبق على ساندرا بكل الإزعاج الذي حصل لها فيها. لتجعلها غاضبة بعنف, وانفجرت قائلة:
- وهل تدعو نفسك طبيباً . انه بحاجة لمساعدة, وليس الى تصنيف! لقد قلت لك من قبل إن ليس لديك ذرة إنسانية, ولا تهتم بأحد سوى بنفسك, فالأدوية لك أهم كثيراً من الناس.منتديات ليلاس
- اصمتي ياساندرا!
ودوى صوته عالياً في سكون الشارع, واجفلت ساندرا, إنه رجل دون مشاعر, ولم تدر كيف ظنت بأنها تحبه..
- أكرهك ياجايمس كوريللي!
وكأنها طعنت قلبه بسكين, وبدا الألم في عينيه بأكثر مما تستطيع ساندرا تحمله, ورأت كل شيء بوضوح في هذه اللحظات ورأت سبب مواجهتهما المجنونة هنا في هذا الشارع الجانبي من باريس, لا يجب ان يكون هنا, يجب ان يكون الآن مهتماً بشؤون شركته, ولكنه لم يفعل, لقد خاطر بكل شيء لمساعدتها. وفجأة لم تعد قادرة على رؤية المزيد, شحوب وجهه , الاجهاد الذي يجعل الخطوط المتوترة حول عينيه أعمق.
منتديات ليلاس
واستدارت واخذت تجري , الخجل والاذلال يدفعانها ونادى باسمها, وكأن الاسم منتزع من قلبه, واحست بساقيها فجأة لا تستطيعان الحراك, وازلقت قدمها فوق بالوعة الشارع , وتعثرت ووقعت فوق الشارع, واخذت الأضواء تدور من حولها.
واحاطها بذراعيه في المقعد الخلفي للسيارة, وهي تبكي بصوت خافت, جسدها يتألم من التوتر, وقدمها تؤلمها بشدة..وفكرت بباربرا وماحدث لها منذ بضعة ايام .. ولكن باربرا لم يكن معها جايمس ليواسيها, وحاولت ان لا تفكر بشقيقتها, ثم احست بالدوار.
- أنا آسفة على كل ماقلته..
- هس..
وضغط على كتفيها, وفهمت ساندرا الرسالة, وقاد السائق السيارة عبر شوراع باريس باتجاه فندق (كلير مونت)
وساعدها جايمس للوصول الى جناحه, الذي لم يكن فيه احد واستلقت منهكة فوق المقعد, بينما قام بعدة اتصالات هاتفية, ثم عاد ليتفقدها.
- لقد التوت قدمك فقط, ولا اعتقد ان هناك عظام مكسورة.منتديات ليلاس
- جايمس, ارجوك سامحني, لقد قلت لك أشياء قذرة الليلة.. وأنا نادمة كثيراً.
- لقد بدت وكأنها خارجة من قلبك.
- كنت غاضبة منك.. لم يبدو عليك الاهتمام بجان بيار, وأنت لا تعرفه كما اعرفه أنا, اردت مساعدته , انه بحاجة لعلاج, إنه لا يزال حزيناً على شقيقه.. ولا يستطيع مقاومة...
وضرب جايمس بيده فوق الطاولة.