المنتدى :
القصص القصيرة من وحي قلم الأعضاء , قصص من وحي قلم الأعضاء
ميلاد في حافلة
عدت مجدد الى قسم من وحي الاعضاء الذي قضيت فيها شهور ممتعة
ويبدوا اني ادمنت المكوث فيه
عدت سريعا لان الشوق له كان يثقل قلبي العاشق له
فكانت تلك العودة بقصة قصيرة
احبب ان اضع هنا لثقتي باحتواء ليلاس واعضاءه لي
كتبت هذه القصة منذ مدة ولكن اضفت لها بعض الزيادات والاحداث
قصتي هذه المرة مختلفة عن نمطي في روايتي الاولى فرح من رحم الالم
لانها اولا باللغة الفصحى
كما انني فضلت ان لا تحمل اسماءا
او مكان محدد الا تلك الحافلة
قد يتسال البعض لماذا
لان الميلاد في القصة هو الاهم
وقد يحدث مع اي احد معك انت او هي او انا او تلك
وفي اي مكان
لذلك تركت البطلة تتحدث دون ان اذكر اسماء معينة
اتمنى منكم الا تبخلو على بنقدمك للاسلوب والقصة معا فبكم يبقى القلم ينبض
البنـــ ام ــــات
حركة غير اعتيادية وأشياء مبعثرة وكمية كبيرة من الغبار
وصراخ أختي كلما لامست ذلك البيت العنكبوتي الذي يحيط بكل أركان المكان وشعاع الشمس التي
تعانق كبد سماء مدينتي لتبعث أشعة تزيد من مقتي لنفسي وأنا في هذه الحالة وللمكان الذي يحت
ويني وللعمل الذي أنا مجبرة على إتمامه في وقت قياسي
صندوق عتيق لاح بين كومات الأشياء المبعثرة
ملت قليلا بجسدي كي أحمله
آووووه انه ثقيل
جلست نصف جلسة وأنا افتحه
تناثرت حبيبات الغبار كأنه كان تحت الأنقاض
أوراق كثيرة تغير لونها ليصبح اصفر قديم
حملتها وأنا أتفحصها ربما لا نحتاجها لعلي استفرد بأخذ الصندوق العتيق الجميل المزين أطرافه بزخارف
ارابسك جميلة
أخذت اصدر تمتمات عدم الرضي مصحوبة بكحة وقرف من تلك الزوبعة التي استقرت في خياشيمي
لتدغدغها
فتستجيب أخيرا لعطسات متتالية
كدت أن أغلق الصندوق وأنا عازمة على التخلي عن فكرة آخذه
لكن استوقفني ذلك اللون الأخضر
عدلت من جلستي متناسية قرف أرضية الغرفة المغبر
وبعدها
:
:
:
استيقظت على غير العادة مبكرة اليوم
لم تكن أبدا تلك عادتي في العطلة الصيفية
ففيها يعكس كل شيء فالليل سهر والنهار نوم حتى قرابة صلاة الظهر
فاليوم يوم مميز بالنسبة لي سنتجه إلى مدينة أبي بالشرق أين يتواجد عائلتي الكبيرة
والمدينة التي عشت فيها قرابة الاربعة عشر سنة
وبعدها انتقلنا إلى مدينة أمي
صحيح إنها مسقط راسي لكن أكن لمدينة أبي الشرقية الكثير من الأحاسيس
فهي من احتوت طفولتي وشقاوتي وبداية تفجر أزهار الشباب في
سنذهب لقضاء ا أيام من ا لعطلة الصيفية هناك
وأيضا لتسوق
فبعد أن خطبة أختي التي تفوقني بسنة ونصف
كان إقتراح أمي أن نذهب لشراء الذهب والمجوهرات فالأثمان هناك أفضل كما أن عائلة أبي متخصصة
في بيع الذهب
هاهي تناديني
إنها أختي التوأم اقصد توأمي الذي سبقتني بسنة ونصف
فنحن صديقتين وأختين متفاهمتين كتوأم رغم بعض الزوابع المارة سريعا
لكنها ليس بتلك الأهمية الكبيرة فخسائرها ليست بالكبيرة
هل اكملتي تجهيز حقيبتك ؟
قالتها أختي وهي تعقد حاجبيها فتزيدهما عقدة وتظهر أكثر الشعيرات التي خلقها الله بين حاجبيها
لتزيدها جمالها
رمقتها بنظرة مفعمة بالتوسل
وخرج صوتي بنبرة خاصة
هلا اكملتي عني فأنت تعلمين أنني لاأجيد ترتيبها
ابتسمت بهدوئها المعهود
هل أخبرتك قبلا انك استغلالية
اووووه كثييير لكن لا يهمني ما دمتي تقومين بهذا عني فلك أن تقولي ما تريدين
واتجهت إلي باب الغرفة كي اذهب لتسريح شعري
سمعتها تقول
اكل هذه البناطيل ستأخذينها ا؟؟؟؟؟
التفتت إليها متسائلة
كثيييرة صح ,,,وأردفت قائلة خذي لي ما تريدين لكن احرصي أن أكون مميزة
هل اخذ لك تنانير كانت أختي تسأل وهي تفتح باب خزانتي
ممممم خذي ما تريدين المهم أن البس اليوم على مزاجي
طبعا لأني اعتقد دوما أن الصورة الأولى التي يراك الناس بها هي التي ترسخ في الذهن
لذلك حرصت أن تكون ملابسي اليوم من اختياري رغم إنني أثق في اختيار أختي المحتشم الأنيق
لكن أنا اليوم لن أكون كذلك بل سأكون أنيقة بإتباع الموضة وحسب
اتجهت إلي غرفة أمي وأنا احمل مجفف الشعر كي اسرح شعري
الذي لا يحتاج إلي مجفف شعر فهو حريري منذ صغري ومع هذا ارتدت أن يبدو مختلفا
اعلم أن السفر بالحافلة ولساعات لن يتركه كذلك لكن ستبقى القليل من الترتيب على الأقل
في أخر لحظة غيرت رأي وأخذت اخلط جميع أنواع الكريمات و عصير الليمون واضعهم على شعري
نعم لقد قررت أن اجعله مجعدا ااااااااه كم أحب ذلك لكن مع هذا الشعر الأملس كان ذلك ضربا من
المستحيلات لكن مع تلك الخلطات أكيد لن يقاوم حتى يصبح أشعثا مجعدا
رأيت أختي تخرج
من الغرفة المشتركة بيننا وهي تتجه إلى الهاتف الذي كان يعلن أن احد المتطفلين يتصل ليقطع على
أختي ترتيب حقيبتي
كم كرهت ذلك المتصل
وكم كرهته أكثر حينما نظرت إلى وجه اختي الأبيض يتحول إلى اللون الأحمر القاني
اوووف انه ذلك الزوج الذي قرر أن يأخذ أختي عني قريبا
حملت نفسي وأنا اجر خطواتي اليائسة إلى غرفتي كي أكمل ترتيب حقيبتي فهو لن يتركها قبل أن
يستنزف كل أوقات فراغها
ألقيت نظرة سريعة على ما رتبته أختي ابتسمت برضي وأخذت أكمل جمع حاجياتي الشخصية من فرشاة
أسنان ومعجون, مشطي الخاص ومجفف الشعر ذو الصوت المزعج لكن كان علي آخذه لأنه صغير الحجم
أخذت حذائي الرياضي وصندلي المرتفع جدا فقد كنت أحب التناقض والتغير من استيلي كل حين
أكملت أخيرا
دخلت اختي ولازال الاحمرار يكسو وجهها الجميل
وبصوت رجاء قالت لي
هلا حضرتي بعض العصير والكيك
ابتسمت بخبث متعمدة أن اظهر غمازتي اليتيمة وأنا أقول
هل أخبرتك انك استغلالية
لوحت بيدها بلا مبالاة وهي تتجه إلى المرآة الكبيرة في طرف الغرفة
سيأتي الآن يريد أن يعطيني شيء
ذلك الأحمق ألا يكفيه نصف ساعة معك بالهاتف كان ذلك ما تفوهت به في سري
وأكملت بصوت مرتفع قليلا
اها اظنه يتلكك كي يقابلك فقط
نظرت في صورتي المنعكسة في المرآة دون أن تلتفت
هل تحضري العصير أم لا؟
وقفت بسرعة وأنا أأكد
أكيد سأحضره له
وأكملت في سري ليتني اعرف أن تضع أمي سم الفأران كي أضع القليل منه عل حياتنا تعود كما كانت
دون وجود ذلك الدخيل الذي يسرق لحظاتي معك دوما
اتجهت إلى المطبخ وأخذت اختار أفضل الأطقم لأضع بها العصير
دخلت أمي وهي تبتسم لي
اعلم تلك الابتسامة فهي ابتسامة اندهاش
فانا لا ادخل المطبخ عادة إلا للضرورة القصوى
ليس ذنبي طبعا فأنا الصغرى والكل يدللني ... أو ربما أنا افرض عليهم تدليلي
جاء ذلك المقيت وأخذت أمي له العصير وتبعتها أختي بطبق الحلي الذي أخذت قطعة لي طبعا
لم أتناوله رغبة به
بل أخذته حتى لا يكون له شرف الأكل منه هو فقط....
لم يطل البقاء عشر دقائق بالضبط واستأذن
الله يكملك بعقلك وتبقى زيارتك خفيفة ظريفة
دخلت أختي وهي تحمل كيسا صغير
وضعته أمامي
لقد جاء ليعطيني هذا
حركت راسي دونما كلمة وأنا اتساءل عن ماهيته
لم تبقني أختي في حيرتي طويلا
فقد أخرجت مسجلة صغيرة تعمل بالبطاريات ومجموعة بطاريات وشريطي كاست وسماعات صغيرة
قالت وهي تفتح البطاريات لتدخلها المسجلة
أراد أن نتسلى في الطريق بالاستماع إلى هذه المحاضرات
أوووه نسيت أن أقول لكم أن زوج أختي المقيت ملتزم ومتدين بلحية خفيفة وثوب يصل لنصف ساقه
رغم أن أختي لم تكن متدينة مثله إلا أنها ترتدي حجابا منذ أن تخرجت من الابتدائي وهي فتاة حيية
خجولة وهو لا يكل أن يعلمها أشياء كثيرة عن الدين بإهداءها كتيبات وأشرطة
أما أنا فلازلت أتباهى بتبرجي رغم أنني ابلغ من العمر السابع عشر
لم يبقى الكثيير من الوقت خاصة بعد أن استغل منه زوج أختي المقيت ساعات منه بين مهاتفة وزيارة ..
طبعا هي لم تتعدى الساعة لكن أحب أن ابلغ حتى تعرفوا كم كان مقيتا
اتجه كلا منا لتجهيز نفسه ولبس ثيابه لان الوقت قد حان للمغادرة
لبست بنطالا ضيق الرجلين باللون البني الفاتح وعليه تلك البلوزة الكاروهات الأحمر والأبيض المفتوحة
للنصف ليظهر منها ذلك
التي شارت بالون البني وخطوط حمراء وأكمام البلوزة المطوية بعناية لتبدو أيضا أكمام التي شارت الضيقة
كانت البلوزة طويلة تتجاوز الأرداف قليلا
وضعت بعض الكحل داخل عيني وزدت بعض الماسكرا لتجعل رموشي فراشة تحيط بعيني واقي واكتفيت فانا لا احب البهرجة كثير في السفر
أكملنا ترتيب حاجياتنا وأمتعتنا وركبنا سيارة الأجرة التي احضرها اخي كي تنقلنا إلى محطة المسافرين
أما أخي فعاد أدراجه بعد أن ارتاح منا ومن لزوم المكوث معنا كرجل البيت كي يتجهز هو الآخر للذهاب غدا إلي العاصمة مع اصدقاءله إلى البحر
ركبنا الحافلة المتوجة إلى الشرق
فضلت امي الجلوس مع عجوز تحتل الكراسي الأمامية
أما أنا وأختي فظللنا نتعمق داخل الحافلة حتى انتهى بنا المطاف إلى كرسيين شاغرين قريبا من نهاية الحافلة
أين يمكننا أن نفتح النافذة فليست كل النوافذ تفتح في هذه الحافلة فمقاعد بها نوافذ تفتح والأخرى زجاج محكم الإغلاق
لم يطل بنا البقاء حتى تراجعت الحافلة للخلف لتستعد للخروج من المحطة وتتجه إلى طريق الشرق الطويل
أخذت أنا وأختي نتجاذب أطراف الحديث أو دعونا نقول أخذت أنا بالتحدث والتعليقات المضحكة وأختي
تضحك على كلماتي فانا أجيد الثرثرة وإضحاك من حولي دون أن يظهر على علامات الضحك
أما أختي فتجيد الضحك على ترهاتي لا أدرى أكان ذلك مجاملة منها أم أنها فعلا تستمتع بثرثرة أختها
الصغرى
أظن أن الاحتمال الثاني أرجح ..... على الأقل لي
بعد مدة قرض الصمت أركان الحافلة ما أن بدء القرص الأصفر يتحول إلى اللون البرتقالي ويتعلق بين الجبال
مودعا
أما أنا فقد التفتت ارمقه وأنا أحاول جمع بعض الكلمات من خاطرتي وليدة لحظة إبداعية كنت أتمنى أنني
استطيع أن اكتب تلك الكلمات لكن للأسف لا استطيع لأني اشعر بالدوار ما أن أحرك راسي كثييير
وها أنا اسمر رقبتي ناظرتا عبر النافذة علا ذلك الدوار لا يتمادى كي يصبح شيء مخجلا فانا أصبحت
كبيرة على حشوي راسي في كيس اسود للاستفراغ
يا الهي كيف يكون شكلي وأنا التي جلبت أنظار الشباب ما أن دخلت وأنا أرى نظرات الإعجاب تترجمها
أعينهم الخبيثة
فلا أريد لفت الانتباه مرة أخرى وأنا..... استفرغ بصوت مجهض
لم تلبث الجبال أن ابتلعت القرص ليظهر بعده شفق احمر واكتست أركان الحافلة السواد فأشعلت تلك
الأنوار الخافتة بداخلها
استدرت إلى أختي وأنا اطلب منها أن أضع راسي الذي يفتك به الدوار قبل أن ينتقل إلى معدتي
المسكينة
أخذت شيء من الجرائد باللغة الفرنسة متواجدة في شبكة مثبت في ظهر الكرسي الذي يسبقنا وافترشته على فخذيها وقالت بجدية لم تراعي فيها أحاسيسي
لا أريد أن يتسخ حجابي بلعابك وأنت نائمة
لم يهمني أن أنام على الجرائد ما كان يشغلني هو وضع راسي قبل أن تهيج معدتي
أغلقت عيني بإحكام وكأنني مجبرة على ذلك وبقيت لمدة حتى استسلمت بعدها للنوم مجبرة لا مخيرة
أما أختي فجعلت من ظهري وسادتها الوثيرة
سرنا لساعات فالمسافة التي سنقطعها ليست بالقليلة فهي 600 كيلو مترا تمتد لساعات طويلة من الليل
رفعت راسي من على حجرها فاضطرت هي أيضا لرفع رأسها سألتها بارتباك
متى سيتوقف للعشاء ؟؟
ردت بصوت ناعس أظن بعد قليل
تكلمت مجددا وأنا أجذب الحروف جذبا
أريد أن اذهب إلى الحمام (أكرمكم الله)
قالت وأنا أيضا لكن ماذا عسانا نفعل
قلت لها لكنني سأنفجر
لوحت بيدها مشيرة إلى النافذة وقالت
أظن انه سيتوقف الآن في هذا المطعم
ااااااف وأخيرا كان ذلك ما قلته والابتسامة تشق وجهي
المرهق نزلت أخيرا تتبعني أختي
لم القي اهتماما لنسمة الليل التي حركت شعري الغجري ولم انتبه لتلك السحابة من الدخان أمام باب
المطعم كنت ابحث فقط عن كتابة معينة مراحيض النساء ما أن استقرت عيني على الكتابة حتى
أسرعت إلى هناك لم انتبه للطابور من النسوة الواقف أمام الباب ينتظر دوره حتى وصلت إلى هناك
لاااااااا ياللإحراج أيعقل أن كل هؤلاء لم يذهبن إلى الحمام قبل مغادرة بيوتهن
فقد كانت تلك نصيحة أمي الدائمة عند كل سفر والتي أنسى أن اخذ بها دوما
اذهبي أخر شيء للحمام حتى لا تضطري لتوقيف الحافلة
لكنى اليوم لم أوقفها بل صبرت حتى توقفت وحدها مع ثلاث حفلات أخرى لتجعل المكان مكتظا
بالمسافرين خاصة المسافرات اللتي يردن الحمام
تمتمات وهمهمات ساخطة وتأفف كان هذا ما يسمع مني حتى جاء دوري
كان هناك ثلاث حمامات استعجبت من أن النساء لا يستعملن واحدا منهم
فكل من فتحته رجعت لتغلقه وتدخل الأخر
وما أن جاء دوري حتى فعلت مثلهن قبل أن تخرج الاثنتين التي بالداخل
وأيضا أغلقته وأنا أطلق أنواع من الشتائم كان متسخا جدا أيعقل أن هذا حمام نساء كيف هن تلك النسوة
القذرات في بيوتهن حتى يفعلن هذا هنا ويلقين باشيائهن النسوية الخاصة دون حياء أو حشمة
لا زلت أتوعد من فعلت ذلك بان لو التقيت بها لأعطيتها محاضرة في النظافة والمحافظة على الأملاك
العامة حتى سمعت صرير باب الحمام يفتح وتخرج منه امرأة بدينة تلبس تنوره قصير ليبدو منها قدماها الممتلئة
مقززة تلك الخطوط البيضاء والتمزقات الجلدية التي تشوه ساقيها من الخلف
الم يكن الأحرى بك أن تستري ذلك قلتها في نفسي متناسية أنني متبرجة مثلها
لكن عزاءي في ذلك أن لي جسم يضاهي عارضات الأزياء الأوربيات مع مراعاة اختلاف قاماتنا فقط
دخلت أخيرا
لم يخطئ من اسماك بيت الراحة
فأي راحة شعرت بها بالداخل
خرجت لتدخل أختي بعدي أما أنا فأخذت ابحث في حقيبتي عن صابونه معطرة ومنشفة صغيرة كنت
احرص دوما أن أخذهما في سفري لأني اعلم أن بعض المراحيض العمومية لا يوجد بها ذلك بل أحيانا اخذ
معي علبة ماء معدني حرصا مني لو لم أجد ماء داخل الحمام
غسلت يدي ووجهي ورقبتي بالماء البارد الذي أنعشني
نظرت الى نفسي في المرآة
لازال منظري مرتب
بعد خروج أختي فعلت مثلي لكنها اضطرت أن تعدل من خمارها
خرجنا أخيرا من دورة المياه
لألمح تلك السحابة التي تحجب باب المطعم الصادرة عن الشواء ورائحته تداعب انفي لتهيج معدتي التي
كان يقضمها الجوع كفأر يتسلى بكيس متهرئ
وأحس بأمعائي تهضم بعضها
لم انتبه لهذا كله إلا بعد أن أفرغت مابجعبتي للتو في الحمام
فالموقف كان اكبر من اهتم لغيره
لمحت أمي تقف قريبا من المطعم
اتجهنا إليها
ما إن لمحنا النادل حتى أشار إلى مكان خلفه وهو يتكلم بكلمات سريعة
هذة القاعة للعائلات
أومأت أمي برأسها كشكر له واتجه ثلاثتنا إلى هناك
جلسنا على أخر طاولة وتعمدت أن يكون مقعدي يلتفت إلى الجدار
جاء النادل مرة أخرى وهو يملي علينا قائمة العشاء التي لم افهم منها شيئا فقد كان يسرع في الكلام وكأنه مقدم النشرة الجوية
طلبت أسياخ شواء وسلطة وطلبت أمي وأختي مثلي وزادت أمي بطبق منوع من القائمة
ذهب ليحظر ما طلبنا
بينما بقيت أنا أتسلى بقطع الخبز المتواجدة على الطاولة
أكلنا وشربنا عصائر مع توصيات أمي أن لا نكثر منها فالطريق طويل والحافلة لن تتوقف مرة أخرى
خرجنا من المطعم وأشارت أختي إلي المصلى
وقالت تعالي نلحق أمي كي نصلي المغرب والعشاء قصرا وجمعا
قلت لها آوه لم أتوضأ هل فعلت أنت؟؟؟
أكيد فعلت وأنت لما لم تفعلي؟
سأصلى عندما نصل فالأكيد أننا سنصل قبل دخول صلاة الفجر
تكلمت بغضب وربما نصل بعده لا تؤجلي صلاتك
آوه لا تبدئي الآن بتكرار مواعظ خطيبك لك
وهل يزعجك أن يوصيني بان لا أضيع صلاتي ؟؟
لا يزعجني ذلك بل يزعجني هو ككل والمهم لا تنسي أن الله غفور رحيم
امتصت شفتيها باستياء وتكلمت وهي تهم بالمغادرة
تأخير الصلاة ذنب كبير
أجبتها وأنا اعبث بخصلات شعري الذي تداعبه نسمات الصيف الخجلة
سأستغفر سبعين مرة
واتجهت إلى محل للمواد الغذائية بينما هي لحقت أمي
رجعت بعد أن اشتريت أنواع من الشوكلاطات والشيبسات وركبنا مرة اخرى الحافلة التي امتلأت مرة أخرى بركابها
كان كهل أربعيني يجلس في المقاعد خلفي يشعل سيجارة ما أن شممت رائحتها حتى رجع الدوار لي
هذا ما ينقصني رائحة السجائر مع معدة ممتلئة
التفتت إليه وطلبت منه أن يطفئها أو أن يخرج للخارج ويمارس عادته البغيضة في الهواء الطلق
ابتسم ابتسامة أظهرت نتوءات بنية بين أسنانه المتهالكة وهو يلقى بها تحت قدميه بعد أن اخذ نفسا عميقا منها
اعرف انه كان يتمنى أن يطفئها بوجهي
لأني طلبت ذلك ولم تكن تلك الابتسامة إلا كبت لما يشعر به نحوي من استياء
أخذت أختي حقيبتها وأخرجت هدية ذلك المقيت وهي تدس بعناية احد الشريطين
عدلت من وضع السماعات داخل أذنيها
وبدأت بالاستماع
تقربت منها وأنا أشير إلى إحدى السماعات
فلم أرد أن أتكلم وأنا اعرف سلفا أنها لن تسمعني وهي تحشر تلك السماعات في أذنيها تحت خمارها
نظرت باستفهام
هل تريدين أن تسمعي معي
أشرت براسي نعم
فلم تكن لدى رغبة بالكلام الكثير والهدوء يفرض نفسه في المكان المظلم بعد أن أطفأت الأنوار كي يخلد المسافرون للنوم
حشرت السماعة في أذني وأسندت راسي على كتف أختي وأخذت بالاستماع معها
ما إن فعلت حتى رأيت احد الشباب من الخلف يمد جسده إلينا ليظهر رأسه وتلك الابتسامة ترتسم على وجهه
كان يحمل مسجلة شبيهة بالتي مع أختي
لا اعلم ما بها لم اعد اسمع شيئا رغم إنها تعمل ربما الخلل بالسماعات هلا أعطيتني سماعاتك كي أجربها
قال ذلك وهو بنظر الي رغم أن المسجلة بين يدي أختي إذا هي لها
نزعت السماعات من أذني وفعلت أختي نفس الشيء كي يتسنى لهذا المتطفل أن يجرب مسجلته
اعلم انه كان يريد التودد إلينا وبداية للتعارف
كم اكره هذا النوع من التودد الذي يجبرني على تقديم المساعدة له
بل أفضل الذي يقدم المساعدة لي وهو يتفانى في إظهار رجولته...الم اقل لكم أنني أحب تدليل نفسي
ارجع السماعات لنا بعد مدة قصيرة وهو يرسم ابتسامة معجون أسنان
أظن أن الخلل من البطاريات
ومد يده بالسماعات
نظرت إليه نظرات تعالي وأنا التفت إلى النافذة فالأخ يبدو انه مستمتع يريد مواصلة الحديث
ما إن فعلت ذلك حتى شكر أختي ورجع بجسده إلى مقعده في الخلف
رجعنا لما كنا عليه وبدأت المحاضرة
اخذ الشيخ بكلماته المسترسلة يتكلم عن التوبة والخطأ والعودة والرجوع إلى الله وبسلاسة انتقل إلى
قصة المرأة الزانية على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وكيف أنها ألحت أن تتطهر من ذنبها ولم يثنها
تأخير الأمر ومرور السنوات أن تعود إلى النبي صلى الله وعليه وسلم حتى يطهرها بإقامة الحد عليها
ووصف توبتها بأنها لو قسمت على أهل المدينة لكفتهم
معقول أنها لم تهتم لا بالفضيحة أو بان تتخلص من ابن الزني وكان همها الوحيد أن تقابل الله وهي طاهرة عفيفة
معقول أنها لم تضعف عزيمتها بعد تلك السنوات
انتقل الشيخ إلى قصة الشاب الذي غادر الرياض للاستمتاع واللهو ولم يكن في نيته أبدا فعل الحرام لكن
رفقة السوء ومصاحبة النساء جعلته يزني وكم كانت حرارة المعصية تحرق قلبه ليعود وهو يتعذب منها
كيف فكر انه حرم من الجنة بفعلته وكيف زاد رفيق السوء عليه بان اخبره أن ينسي همه بكاس خمر لكنه
رفض حتى لا يحرم نفسي من خمر الجنة
فقال له إن الله غفور رحيم
قال الاخر لكنه شديد العقب ولجهنم
سبعون ألف زمام
كيف كان بكاءه وندمه
كيف كان ندمه شديد إلى أن اخذته شؤم المعصية إلى الصلاح والهداية
حتى توفي على توبته
وانتقل إلى قصة الربيع الشاب العابد الصالح الذي أراد جمع من الفجار أن يفتنوه فارسلوا له امرأة جميلة
علها تفتنه فأول ما رآها بجسمها الفاتن
صرخ بها كيف لو جاءك ملك الموت وأنت سافرة ماذا لو أتتك حمى غيرت من معالمك
يا الله كيف لي وأنا السافرة لو أتى ملك الموت وأنا هكذا و في سفر قد لا أصل منه بخير
ماذا أقول لربي كيف ابرر نفسي أي موقف اقفه بين يديه كل هذا كان يجول في خاطري
اخذ الشيخ بسرد عدة قصص
دمعة أحسست بلسعتها....بحرقتها تبعتها غصة ..فدمعة أخرى فسيل منها
وتلك الشهقات المكتومة تأبى إلا أن تغادر صدري الذي ينزل ويصعد
بسرعة
يجاري نزول تلك الدموع
ازيز وحشرجة تتعالى
توقف أيها الشيخ ارحم حالي أردت أن اصرخ أن انزع تلك السماعات لكن شي يكبل يدي يجبرني أن استمع
ربي كيف كنت أجاهر بسفوري
لاآآآآآآ..... تذكرت صلاتي التي أخرتها
وكلماتي دون أن اوقنها بان الله غفور رحيم
اجل قلتها وأنا أريد التملص من واجباتي
قلت إني سأستغفر
كيف وقلبي مصر على ما أنا عليه
زادت شهقتي وبكائي حتى لم اعد اهتم إن سمعني من حولي
نظرت إلى اختي خلسة فوجدتها تذرف الدمع بصمت
قال الشيخ
البدار البدار فلموت لا يمهل
قلت نعم البدار بعد أن انتهت المحاضرة
التفتت إلى اختي وانفجرت
بكلامى الباكي
هل جلبتي حجاب وخمار زيادة
مسحت اختي دموعها ثم قالت
أكيد ...لماذا
هلا أعرتني واحد حتى يتسنى لي الشراء
هل نويتي أن ترتدي الحجاب؟
اقشعر بدني ما إن نظرت إلى ملابسي التي اعتنيت في اختيارها
وأنا أتخيلها ثعبان يلتف حول جسدي
أغمضت عيني بخوف وبلعت ريقي أكثر من مرة وقلت
اجل أريد أن البسه والآن
ارتسمت علامات الدهشة على وجه أختي الذي عكسها أضواء المدينة التي دخلنا مركزها للتوى
هل أنت جادة هل سترتديه الآن انتظري حتى نصل إلى بيت جدي
قلت بعزم
وهل ضمنتي أن اصل لعلي
أموت الآن
وضعت يدها على يدي
وبعثت فيا القليل من الدفء
بعد البرودة التي تسري في جسدي في عز الصيف
ما أن اذكر ما سمعت وهول ما ينتظرني إن أنا مت على معصيتي وتهاوني
وقالت بابتسامة رايتها رغم الظلام الذي بدأ يغزو المكان مجددا
لكن الحجاب والخمار في الحقيبة تحت في أسفل الحافلة
نامي الآن حتى نصل
توسدت اختي فخذي وأنا توسدت ظهرها عكس المرة الأولى
لكن لم انم بل كنت استغفر ربي وبخلاف أي مرة....فقد عزمت أن أغير من حياتي
بعد ساعة وصلنا لمدينة أبي
وقبل بزوغ الفجر
نزل الجميع
فطلبت من أمي حقيبة اختي
وأخرجت حجاب وخمار ساعدتني هي على وضعه لبست الحجاب فوق ملابسي ولم اعبأ للجو الحار
تيممت لانه تعذر علي الوضوء
وصليت ما فأتني قبل دخول وقت الفجر
ونزلنا أخيرا من الحافلة حين تنفس الصباح بين الندى والنور
وبدء ميلاد جديد في حافلة الشرق
::
:
أييييي أنت هل اعمل بينما تستمتعين بالقراءة
كان هذا صوت اختي الصارخ
الذي انتشلني من بين أوراق مذكرتي القديمة الخضراء التي وجدتها في الصندوق
وجدت مذكرتي القديمة قلتها وانا اغلق المذكرة
قالت في تعجب منذ متى تكتبين مذكراتك؟؟
أجبت على الفور ليست مذكرات بالمعنى الحقيقي إنما أشياء مهمة حدثت مع
أحببت أحيانا تدوينها
هل لي بقراءتها؟؟
تذكرت شعوري الذي دونته عن زوجها فحركت راسي بلا وأردفت
لا ...تبقى أسراري الخاصة
مالت شفتيها إلي جانب واحد وهي تقول إذا يا أم الأسرار
هلا أكملنا عملنا في تنظيف المستودع
فلازال أمامنا الكثير من الترتيبات لعرس أخاك
وقفت وأنا انفض عن ملابسي الغبار العالق
بها
سآخذها معي وناديت ابني وأنا أوصيه أن يضعها في حقيبتي
واتجهت أكمل هذا العمل المقرف الشاق
التفتت إلى اختي وقلت
أتذكرين أخر رحلة لنا معا قبل زواجك؟
هههههههه وهل مثلها تنسى يوم أعرتك حجابي الذي لم تعيديه
حتى بعد أن اشتريت الكثير
نظرت إليها وابتسمت
احببت أن احتفظ بأول حجاب لبسته وهو للان في خزانتي في بيتي
حتى إن زوجي كلما رآه قال لي لماذا تحتفظين بهذا.
افعلا سألك عنه ؟؟كانت أختي تسال
قلت لها
نعم وكنت أجيبه أن لي معه ذكريات جميلة
التفتت لي وقالت
هل تعلمين أن زوجي لحد الآن يعتقد أننا سافرنا مع أخي
آوه لا.... لا تقولي انه لا يعلم أننا كنا بمفردنا
ههه وهل تريدين أن يلقي على محاضرة عن السفر من غير محرم أنا اعرفها الآن
نسال الله أن يتوب علينا قلت بملامح ثابتة
آمين هيا نكمل عملنا ردت بسرعة
وهكذا استأنفنا عملنا قبل أن تغيب الشمس وقبل أن ينتبه
أولادنا إلى ما تحمله هذه الغرفة من العاب قديمة كانت لي ولاختي
جف القلم ليغمس مرة اأآآخرى بمداد آأآخر
البنــ ام ـــــــــات
|