لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > ارشيف خاص بالقصص غير المكتمله
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية


موضوع مغلق
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (1) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 18-07-12, 10:47 AM   المشاركة رقم: 26
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jun 2011
العضوية: 225481
المشاركات: 466
الجنس أنثى
معدل التقييم: سميتكم غلآي عضو على طريق الابداعسميتكم غلآي عضو على طريق الابداعسميتكم غلآي عضو على طريق الابداعسميتكم غلآي عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 371

االدولة
البلدUnited Arab Emirates
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
سميتكم غلآي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : سميتكم غلآي المنتدى : ارشيف خاص بالقصص غير المكتمله
افتراضي

 

المعانقة الرابعة

" أنت قاتل أبي "

جفل فؤادي وأرتعدت أوصالي
أنحبست أنفاسي بداخل صدري وأنا أحدق بها
بت غير قادراً على الحراك , وأكاد أسقط
في شفيرة هاوية مظلمة موحشة ليس لها قاع
دموعها , أنينها , نحيبها , أختناق أنفاسها
جمد الدم في أوردتي
وأفقَدَ جسدي إتزانه
هويتُ أرضاً
من هول المفاجأة
ومن هول الحقيقة
بُهِتُ وصُعِقتُ وقيدتْ الحقيقة قلبي بسلاسل من لهب
صمتت,محدقةً بي وأجفانها مكتنفة بغلافٍ من الدموع
وهي تراني جاثماً بجانبها أحاول حبس دموعي المراقه
عضت شفتها السفلية حتى تمزقت ونزفت بالدماء
قفصها الصدري يتصاعد ومن ثم يهبط سريعاً
لا يسمع منه الا هدير أنفاسها المتلاطمةِ
رفعت كفيها هائجةً لتهبط بهما على الأرض مزلزلةً ماتحتها
صارخةً , ناحبةً
هزت الآوجاع جسدي حتى بات يرتعش بغصاتٍ موجعه
تركزت عيناي عليها بضباب يكسوها وبمرور تموجاتٍ هوائية منقبضةٍ من رئتي
صمت
حتى بات الصمت أصعب من الكلام
عتَقَ لساني فتكلمت :
" إنــــي"
" أســــف"
تحشرجت أنفاسي بجوفي حتى بت أختنق بها
أرتفعت أناملي إلى خصلات شعري وبحت لها بصوتٍ مبحوح
" تَــرفه "
" سامحيني أرجوكِ"
" لقد كان خطأً غير مقصود , لم أكن لأقتله إن أتبع أوامري "
أبتلعتُ أنفاسي المرتعشة مضيفاً :" كان من الممكن أن أُقتل "
أمام سكوتها المفاجئ وإتساع حدقي عينيها اللتان تفيضان بالدموع
نظرت إليها بعيون تقطر حزناً , ألماً , مرارة
أضفتُ فيما حركت كفيّ إلى الأعلى
" سأفعل أي شيء تريدينهُ "
أهتز صوتي بموجاتٍ عنيفة
فيما طعنات الخناجر المسمومة تكاد تخترق صدري
" أعرف أن الذي فعلته لا يغتفر "
" ولكنني أسف"
" أسف , أسف "
"أرجوكِ أغفري لي "
همست بهمساتٍ أخترقت طبلة أذني وأوجعت روحي
" لماذا!!"
" لماذا!! "
وضعت كفيها على أذنيها وباتت تصرخ
" كــذب, كــــــذب"
أهتز جسدها الصغير مع نزول كفيها إلى الأرض
وكأنها تحاول التشبث بالأرض التي تقطن تحتها ملتجأةً إليها
وعينيها تجرف دمعة تلو الأخرى
تابعت تمتماتها بأنفاسٍ مختنقةٍ وكفيها ترتطمان بقبضة على الأرض
" لماذا!! لماذاا"
صارخةً تارةً , بايكةً أخرى
ملتقطةً لأنفاسها الهاربة المتبخرة
حتى إستحال وجهها زرقةً قامته
أنهارت أرضاً مختقنةً ودموعها تبصم وجهها بخطوطٍ قانيةٍ متعوجة
أنقطعت أنفاسي من شدة الرعب فهويتُ بجانبها صارخاً بجنون
ممسكاً بجسدها النحيل الخامد وكأن روحها إتنزعت منه هاربةً من الأوجاع
" ترفه , مابكِ ؟ ترفه أستيقظي أرجوكِ"
أستحال الكون أسوداً من حولي
أنجرفت دمعةً تجر ورائها سيلاً من الدموع
حارقةٍ لقلبي , لاكمةً لوجهي
غطت عيني ستائر الظلام وانقطعت التيارات الهوائية عن الوصل إلى أوردة فؤادي
فأصبحت خالي الجوف منزوع الروح
وياليتني أكون مدفوناً تحت أطباق الثرى
صحتُ حتى تقطعت حنجرتي, مناجياً بأسمها
وكفاي ترتطمان بوجنتيها بصفعاتٍ متتاليةٍ
لماذا !!
لماذا , علمت بالحقيقة المدفونة
لماذا يحدث هذا !!
يا إلهي أرجوك أرحمني
أنتشلني صوتٍ خافت مرتعب من عالمٍ تكاد فيه الأرض تتشقق مبتلعةً إياي
ترآت صورة أمي أمام أشعة ضوء المصباح المنبعث من باب الغرفة المفتوح
بتجاعيد تشق وجهها بإنحائات متعوجةٍ منثنيةٍ
صاحت أمي " مابها الفتاة؟ "
بكيتُ مذعوراً " لا أعرف يا أمي "
" لا أعرف"
صرخت ودموعي تتساقط إلى وجهها الخالي من الحياة
"تـرفه أستيقطي أرجوكِ , لا تذهبي عني "


***

جو من الكآبة يحل على ذلك المكان العفن والمتراكم بالغبار
صورة ذياب المبتسم الناظر إليه وهو يقف أمام الباب متكىء عليه
أبي المرتعش والدماء تقطر منه
والذي يهمس بفحيحاً حاراً حارق : "أنه هو !!"
" القاتل"
هززت رأسي , في محاولة لتكذيب مايقوله أبي
محدقةً في ذياب
أنحفر الذعر على وجهي وأنا أراه يصوب بالمسدس نحوي
أزدادت ضربات قلبي جرياً ,حتى بت أرتعش فزعةً , مرتعبةً
لم يكن ذياب إنما شخص أخر مكشر عن إبتسامة مرعبةٍ , سوداء , مظلمة تحاول أفتراسي
هويتُ أرضًا وصحتُ حتى تقطعت أحبالي الصوتية
فصوتي أبى أن يخرج
وكأنني أصبحت خرساء, بكماء , صماء
بات السكون أشبه بصراخ القبور
أهتزت أوتار حنجرتي من شدة الصراخ الصامت
أستيقظت مذعورة , مرتجفةً وزخات العرق تبلل جسدي
أرتفعت كفاي لتحطان على وجهي ماسحة إياه
لأجهش ببكاءٍ مرير
أنه مجرد كابوس , ما بي!!
ولكن !!
" علي"
يا إلهي أرجوك
صوتُ أنفاسٍ خافتةٍ متراكضةٍ وصلت إلى مسامعي
رفعت بصري إلى أرجاء الغرفة
كانت الغرفة شبه ما تكون غارقة في الظلام والسكون
همست :" أمــي "
كانت أم ذياب مضطجعةً على المقعد القاطن بجانب سريري
ورآسها يتأرجح كأرجوحةٍ تحركها الرياح بكل أريحيه
أصواتُ أنفاسها تزداد ثم تنخفض بنخيراً صامت
أتسعتا حدقتا عيني هولاً
لتذكري " تلك الفاجعة "
أنطلقت من جوفي صرخة مخنوقة , وغزت الدموع جفني
رفعت كفي إلى شفتي في محاولة لكتم صيحات حنجرتي وضجيج روحي
" لا أريد التصديق ولا الإستيعاب "
لماذا , يكون هو
ما الذي سأفعلة الآن

صوت أمي الخافت المنادي لي , زاد من أنحدار وفيضان وشق دموعي لوجنتي وإنحباس شهقاتي التي تأبى إلا أن تخنق رئتيّ وتقتل روحي
جاني صوتها الخائف المهتز بتردادت تكاد تخترق طبلة أذني مفجرةً إياها
" أبنتي أأنتِ بخير "
هززت رأسي ململةً رماد روحي المحروقة
أختنقت أنفاسي وتقلص جوفي مع خروجها من غرفتي
أنهرت على فراشي صائحةٍ , باكيةٍ
حتى كادت تتشقق وتتقطع عيني وتنزف قطرات الدم وتنجرف إلى قعر بحيرة دموية موحلة
" لماذا يكون هو "
يالتني مت قبل أن أعرف هذا
يايلتني لم أكتشف هذه الحقيقة ولم ألتقي بعلي
غطت أجفاني مقلتاي وطيف ذكرياتٍ ضبابية أجتاحت خلايا العصبية مرسلة تذبذات كهربائية إلى عقلي
أقسمت إلى أبي طوال سنيني الماضية أن أقتل قاتله أو أن أنتقم منه
أن أثأر لهُ بأية طريقة
أرتفعت كفاي لتحتضن جسدي وكلمات علي تتشاجر في ذهني بضجيج يكاد يرمني أرضاً
" أقتليه , أنتقمي لأبي منه "
زحفت كفي إلى مايقع في خزانة سريري , ففتحتها مخرجة
ذلك الخنجر الذي أعطاني إياه علي قبل أن يوصلني إلى المنزل
يريدني أن أطعن ذياب به وأرديه صريعاً , وأهرب فيما بعد إليه لنعيش بسعادة
ولكن كيف لي أن أقتل ذياب! من أين لي بالسعادة ! لو كان غيره لما ترددت لثانية واحدة
ولكنه ذياب " ذياب الذي أحبه "
نعم أحبه " لأنه حياتي , لأنها لاتوجد حياة من دونه "
أرتفعت أصابعي إلى خصلات شعري وأنا أهزه رأسي بحركةٍ متواصلةٍ , لا!!
أنه قاتل أبي , ولقد أستغلني, يجب عليه قتله مثلما قال علي
لآنه عدونا وقاتل أبي
قاتل أبي
أرتفع هدير أنفاسي مع أختناقها بداخل صدري
تدفقت دموعي ممطرةٍ على وجنتي شلالاً من الدموع المتمردة
هوى رأسي على وسادتي لأبكي بتهيج , بكآبةٍ , بتعاسة
****
مرت الأيام طامسة بأقدامها رسوم تلك الأعوام , ناثرةً رماد أغصان تلك الذكريات
أرتفع رآسي عن الوسادة بعد نومي المتقطع الذي بت أعيش عليه
جلست على سريري محتضنة جسدي وعيني تتجولان في الغرفة العابسة ,المظلمة ,الكئيبة
أستحالت الحياة كحبس في زنزانة ضيقةٍ تكسوها خيوط العناكب ولا يسمع من جوانبها إلا دبيب الحشرات
وكأن هذه الزنزانة مع مرور الأيام تزداد ضيقاً وتنكمش على بعضها , مشققةً جدرانها المتصدية حابسةً أنفاس حياة القاطنين ..
أصبحت غير قادرة على بلع لقمةٍ واحدة لأيامٍ عديدة, حتى أستحال وجهي أصفراً وتهالك جسدي بعظام تكاد تشقق مايغطي سطحها ..
تحركتُ بخطواتٍ تكاد ترميني أرضاً, وخرجت من غرفتي ومن المنزل في ليل يغطيه ضوء القمر
متخطيةٍ ذلك الحاجز الذي يفصلني عن الأسطبل ... أرتميت إليها بايكةً ودموعي تفيض بحرقة جارفةٍ أفراحي وأمالي الزائفة , وإبتسامتي التي طمرت بين الأقدام ... تشبثتُ بها مناديه :" دانه أني متعبة,
دانه أني خائفة , أكاد أموت , أكاد أدهس بين العجلات, لماذا يكون ذياب!! .. أتمنى أن يكون مجرد حلم أستيقظ منه الأن , إن كانت حقيقة فأنا لا أريد أن أعيشها, دانه... أرجوكِ أسعفيني "
أحاطت ذراعي برقبتها حتى بت أعتصرها آملة أن أدخلها إلى جسدي , أن أشعر بالحنان ,أن أروي عطش روحي المراقة , بحنجرةٍ تنتحب وتكادُ تتشقق من شح المياة ...
رميت جسدي بجانب المهرة الصغيرة النائمة وأخرجت الخنجر من بين ملابسي نظرت إليه بعينين تجرفان الدموع ... أأقتله... لكي أريح أبي في قبره ... وأزهق روح قلبي ...
أسندت جسدي على الجدار الخشبي ودموعي تنحدر من مقلتي مبللةً كتفي بحرارة لاسعةٍ
لا أستطيع........ كيف لي أن أقتله !!!
همست نفسي " أقتليه أنه قاتل والدك , مزهق روحه بدون ذنب, أنه مجرم , قاتل , لايحمل ضميراً "
أرتفعت كفي إلى وجهي ماسحة دموعي الساخنة البذخة ... تقوست شفتي إلى الأسفل وأنا أحدق بدانه هامسة : قلبي يؤلمني !!
أنحبست أنفاسي بداخل صدري عند رؤيته يقف أمام الباب, فعانقة عيني عينيه غامرة قلبي بأوجاعاً وبغصاتٍ تعلقت في حنجرتي ..
حركت جسدي إلى الخلف إلى أن إلتصقتُ بالجدار , أرتعشت شفتي المقوستان إلى الأسفل بدموع تكاد تفيض من مقلتي ... لمعت عيناه متشحةً بضباب الزوال وظلمة الليل ... وقد أصطبغ الجلد الذي يقع تحت عينيه بلونٍ داكن .. ذلك الوجه الوسيم الحنون بدا شاحباً متألماً..
نطق بإسمي بسكينة الدجى وصفائح الغم والهم تكسوى وجهه:" تـرفه "
أغمضت عيني بتصادم أنفاسي الأهثة بجوفي الزوال
وصرخت : " لااا "
رفعت وجهي إليه بعينين دامعتان وأنطلقت من جوفي سيول من الكلمات المخنوقة : " أرجوك أصمت لا أريد سماع المزيد ... أجل أنت قاتل أبي لقد قلتها لي "... أزدادت حدة صوتي : "ولا أريد سماعها لمرة أخرى أبدا "
أنحفر الذعر على وجهه وهو يحدق بي بعيون متلألأة
أبتلعت أنفاسي صارخة بشدة حتى تقطعت أحبالي الصوتية : " أيها القاتل لا أريد رؤية وجهك أبداً "
أخفضت رأسي إلى الأسفل لتفيض الدموع من مقلتي ثم تنحدر غامرة وجنتي بسيولٍ من الدموع الساخنة .
جائتني همساته الحانية , المتعبة والمتألمة : " تـرفه , ما الذي يجب عليه فعله ؟! أعرف أنه ليس هنالك حل ولكن أرجوكِ لاتفعلي بنفسكِ هاكذا , لا تزهقي روحكِ , لا تؤلمي قلبكِ, لا تتعبي جسدكِ , أرجوكِ لاتعذبني بتعذيب روحك , سأفعل كل الذي تريدنه ولكن كفي عن هذا !!"
أرتفعت كفاي إلى شعر رأسي المكشوف والمنتشر حول وجهي , إني متعبة , وأكاد أموت من الطعنات التي تخترق صدري ...أمسكت بالخنجر ونهضت رافعةً إياهُ أمام وجهي ...
أتسعت حدقتا عيني وتطاير الغضب منهما
صرخت بجنون " سأقتلك نعم سأقتلك أنتقاماً لأبي "


نهاية المعانقة الرابعة

 
 

 

عرض البوم صور سميتكم غلآي  
قديم 19-07-12, 11:49 AM   المشاركة رقم: 27
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jun 2011
العضوية: 225481
المشاركات: 466
الجنس أنثى
معدل التقييم: سميتكم غلآي عضو على طريق الابداعسميتكم غلآي عضو على طريق الابداعسميتكم غلآي عضو على طريق الابداعسميتكم غلآي عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 371

االدولة
البلدUnited Arab Emirates
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
سميتكم غلآي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : سميتكم غلآي المنتدى : ارشيف خاص بالقصص غير المكتمله
افتراضي

 

أتمنــى رؤية ردودكم !!!

 
 

 

عرض البوم صور سميتكم غلآي  
قديم 22-07-12, 02:29 AM   المشاركة رقم: 28
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jun 2011
العضوية: 225481
المشاركات: 466
الجنس أنثى
معدل التقييم: سميتكم غلآي عضو على طريق الابداعسميتكم غلآي عضو على طريق الابداعسميتكم غلآي عضو على طريق الابداعسميتكم غلآي عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 371

االدولة
البلدUnited Arab Emirates
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
سميتكم غلآي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : سميتكم غلآي المنتدى : ارشيف خاص بالقصص غير المكتمله
افتراضي

 

المعانقة الخامسة


أعتصر قلبي مرارة , لرؤيتها تقترب مني ودموعها تترقرق في مقليها
وكفها ممسكةٌ بالخنجر الحاد رافعةً إياه أمام وجهها
لم أبرح مكاني , تشبثت قدماي بالأرض منتظرة مصير روحي
أقتربت منى حتى توقفت قبالتي , بخيال إبتسامة وروح موجعة
أرتعشت شفتيها المتشقّتان بشدة وفاضة الدموع منزلقة على وجنتيها المتوردتين
وتراخت كفها بالخنجر إلى أن بدأت ذراعها ترتجف
تنحى الخنجر عن كفها ليقع على الأرض مرتجاً مصدراً ضوضاء ً
سقطت ذراعيها بجانبها محملقة بي بتعاسةٍ تكسوى وجهها
زفرت نفساً عابقاً بحرارة أنفاسي المتلهبة بداخل صدري
أنسكبت الدموع من مقليها وهي تقترب مني لترتمي في أحضاني ناحبة متشبثةً بي
بإرتجاف جسدها وعويل حنجرتها .. لترتفع كفيها نحو صدري ضاربة إياه
بقيت ذراعي بجانبي .. أستمع إلي صيحاتها وزفراتها المنطلقة من قعر صدرها
إلى أن هدأت
رفعت وجهها عن صدري محدقة بي
بدموعاً تترقرق في عينيها كقطرات الندى المتشبثة على أسطح أورق الريحان
أزدرت ريقها مبتعدة عني مستنشقة عبير أنفاسها اللاهثة
عانقت ذراعيها جسدها وهمست بصوتاً تلاطم مع أنفاسها المرهقة : " أرجوك دعني وحدي لا أريد رؤيتك"
عيناي تحدقان بها , وليست لدي المقدرة على إحتوائها
تخفيف ألمها ... ترجي قلبها على مسامحتي
لم يكن مني الا أن أعطيتها ظهري خارجاً , مشيتُ وأنا أجر قدميّ جراً
أنظر أمامي بحاجبين منعقدين وعينين تغطيهما الحمره
تصادمت أسناني بداخل فمي
ليس هنالك أي حل!! أنا أعرف هذا !! كنتُ أعرف أنها إذا علمت بالحقيقة فسوف تنهار
وستصبح هكذا !
يا إلهي ,أرجوك أنني لا أقوى على رؤيتها بهذا الحال !!
دخلت إلى غرفة مكتبي والضيق يكاد يخنق ذراة الهواء حولي
رميت بجسدي المرهق على المعقد
أنحشرت أناملي بين خصلات شعري حتى بت أعتصرها بتوترٍ هز جسدي
أشعر بأن روحي قد فاضت بإنسحاق قلبي
وبرغبةِ في الحياة قد أنمحت
عينيّ تحدقان في جدران غرفة المكتب المتجهمةِ بوجه أريقت دمائه
تحركت كفيّ لتلامس الطاولة القابعةَ أمامي بأنامل تضغط عليها
خطر ببالي " مروان " ذلك القريب والصديق الحنون المقرب من القلب
الذي يطبطب على كتفي متى حزنت
ملجئي عند المصائب
مسكني عند الضياع
يداوي القلب من الجروح
أخرجت الهاتف النقال من جيبي باحثاً عن أسمه ضاغطاً على زر الأتصال به
مجرد ثواني قليله
لأسمع بعدها ذلك الصوت المرح المعانق للروح وهو يهتف " مرحبا "
زفرتُ نفساً متزاحماً بذرات ثاني أكسيد الكربون
تجعد جبيني فهمست بعينين حبستا الدموع " مـروان "
أكتست نبرة صوت مروان الخوف وهو يقول " ذياب ما بك!! "
تنهدت وأنا أشعر بالأختناق وهدير أنفاسي المتعبة تخيط على صدري أنوالاً متشابكةِ
أرتفعت كفي اليسرى إلى أزرار ثوبي محررت عنقي
خرج صوتي مبحوحاً تحيطهُ موجات ألالأم " لقد علمت بالحقيقة "
أبتعلت ذراة الهواء " مروان أكاد أهلك "
حركت جسدي إلى الخلف مرتطماً بالمقعد فيما أنغرزت أظفاري في جلده فصحت بصوت متألم : " أكاد أفقد عقلي , لا أستطيع العيش بعد اليوم ورؤيتها هكذا , إن كان غليل روحها هو موتي "

ألتهمتُ ذرات الهواء بصعوبة فيما زادة نبرة صوتي شدة " إن كان هو سأموت من أجلها , لستُ أبالي بنفسي إن كانت ستعيش بسعادة فأنا سأموت من أجلها "


***
عقد ذراعيه أمام صدره ناظراً إلى الحاسوب بعينين تلتهما تلك الأحراف
تجعد جبينه وتورمت أوردته بإنعقاد حاجباه الطويلان
وبمرور شبه إبتسامة على شفتيه الرفيعتين
تجهم ذلك الوجه الوسيم خاطف الأنفاس
بعينين متسعتين صافيتين كلالؤلؤ بسواد ليل حاك يغطي وسطها
صاح بصوت أهتزت بها أجساد طلاب الطب الذين يقعون تحت أمرته : ما هذاااا!!!!
قاسي , متقلب المزاج , مغرور , متعجرف
وقف " عامر " يحدق بالطلاب بعينين تقدحان شراً
رافعاً كفيه إلى الأعلى صافقاً الطاولة بكل عنف مزمجراً بغضباً شديد: " نيام , مهملين , إعطاء جرعات زائده, غباء لا نهائي"

تحرك بجسد رشيق متنقلاً من بين المقاعد التي يجلس عليها ستة طلاب ذو وجوه هلعه وجله

****

بشرة قمحية اللون ووجهه مستدير يحمل ملامح أنوثيه ناضجة
تستند على أذنيها نظارة طيبة خرقاء مغطيه عينين بلون البندق
يقع تحتها أنف صغير حاد ويليه شفتين ممتلئتين عابستين
جفل فؤادها عند مروره بجانبها صافقاً طاولتها بكل عنف ملتقطاً كومة الأوراق التي تقطن عليها
أستند بذراعه على طاولتها محدقاً إلى كومة الأوراق التي تقع بين يديه
أرتفع أحدى طرفي شفتيه إلى الاعلى محدقاً بــ " أمل" القاضمة لشفتيها
رفع حاجبيه بإستخفاف
هو يقوم بعصر كتلة الأوراق الواقعةِ بين يديه بكل عنفاً
وبسرعة رفع يده إلى الأعلى رامياً إياهن إلى الأعلى لتتناثر الأوراق على الأرض
صاحت بصوتٍ مذعور وأرتفعت أناملها إلى شفتيها بشهقة أنبثقت من أعماق صدرها

تبا لهُ !!
اللعنة عليه
حثالة المجتمع
سال جسدي على المقعد حتى كدت أغوص إلى أعماق محيطه , بحثي الذي تعبت عليه !! والذي قضيت عليه أيام عديدة.. يقوم برميه بكل سهولة .. وكأنه مجرد قمامه
تصاعد الغضب إلى حنجرتي حتى أشتعل في جوفي
حدقت بذلك الوجه الوسيم المتعجرف بوجه يملئهُ العبوس والأشمئزاز
قفزت من على مقعدي
ووقفت بجانبه وكتفي تقارب كتفة في الطول والغضب يتطاير من عيني
حملق بي من وراء تلك الأهداب الطويلة والجميلة , بعينين لم أرى لهما مثيلاً من قبل
أندفع جسدي إلى الخلف بتسارع أنفاسي حتى كاد قلبي يهبط أرضاً
يا إلهي !!
أنه وسيم جداً , ويكاد يفقدني صوابي ..
تبا له !!
حركت بؤبؤ عيني إلى جهة اليمين في محاولة لضبط ذلك الأضطراب الذي بدأ يرسله لي النظر إلى المخلوقات الجميلة ..
يجب علي أن أتمالك نفسي !! وإلا وقعتُ في فخٍ تبتلعني شباكه ..
إحتلت وجهه إبتسامة مقيته , مغرورة
نظر إلي من أعلى رأسي حتى أخمص قدامي بإستنكار
أبتلعت أنفاسي بتشتت بصري عليه حتى تلاشت الكلمات التي كانت تريد الخروج من حنجرتي وكأنها لم تكن !
غبيه , حمقاء , ضعيفة .. هذا الذي أخذت بترددة على نفسي المتخاذلة , لا لن يقوم بالتغلب علي ذلك " عامر " القصير الوسيم , لن يقوم بالأستهزاء بي أبداً, لن أسمح له !!

***

صدمت رأسي بطاولة الطعام التي تقع أمامي
عاودت الكرة لمرة ومرتين وعشرةٍ ," تباً له!!"
لقد خرجت من القاعة مهزومة, وكدت أحصل على لكمةٍ
الجنون أخذني إلى مأزق جعل عامر يضعني في رأسه ويلقنّي درساً
بعد أن نطقتُ بعدة أحرف أنتابتني موجةً من ضحك !!
بسبب الحلوى التي أكلتها قبل دخولي للقاعة
أكلت الكثير مع تلك المعتوهات اللتي لا يكفن عن الثرثرة و ألتهام الحلويات وأحضار الطعام إلى المشفى
لم يكن من عامر الإ أن قام برميّ سيلاً من الكلمات على وجهي وطردي من القاعة
وها أنا الأن أجر خلفي أذيال العار والخيبةِ
صدمت رأسي بالطاولة للمرة المئة مقهقةٍ بصوتٍ خافت
أكاد أصاب بالجنون لحالة الهسترية التي بدأت تسيطر علي بشكلاً كامل
حركت رأسي إلى الأعلى محدقة إلى تلك الفتاة البيضاء ذات القوام النحيل و القصير ساندت أصابعها النحيلة على طرف وجهها بعينين تحملقان بي بمتململ
أغمضت عيني كاتمةٍ قهقات حنجرتي , وضجيج صوتي
فتحت مقلتي وتصاعد الغضب إلى صدري فصحت : " تبا له , ذلك القصير الذي لا يتجاوز كتفي ,من يظن نفسه لكي يستهزأ بي , عامر القصير الغبي ذا اللسان السليط وكأنه لسان ضفدع "

" يصيد الحشرات المؤذيه والغير مرغوبة "

هتفتُ مقهقةً : " نعم هذا هو الضفدع الإخضر, النتن, المقزز , كم أبغضه !! كم أتمنى لو أقوم بوضعه تحت عجلات سيارتي ودهسه إلي أن يصبح إلى قطع حقيرة ثم أقوم بشويه وأكله "

رفعت كفيّ إلي الإعلى مبتسمة متخيلة ذلك الأنجاز العظيم الذي سأقوم به

أسندتُ ظهري إلى المقعد ورفعت رجلاي إلى حد الطاولة واضعة أصابع قدمي المكشوفة عليهن

أرتفعت أرجل المقعد الأمامية عن الأرض
جاني صوتً صارم غاضب " أصبح الأحترام في هذا الزمان شحيحاً, يتكلمون من وراء ظهورننا ويشتموننا بلا أخلاق , أين ذهبت التربية , أين ذهب الأحترام , الجيل الحالي حقاً مهمل لا يحمل أي أدب أو أخلاق , يريدون التربية من أول وجديد "

شهقتُ شهقةٍ وراء الأخرى لصوته الذي أبتلعتهُ أذني كالسم
أرتفعت أرجل المقعد بعدم أتزان ضاربة ظهره بذراة الهواء المتزاحمة حولي
أتسعت مقلتاي فصرخت بشدة وأنا أهوي بجسد أرتطم بالأرض
أرتفع هدير أنفاسي بخروجها من جوفي وسالت الدموع من عيني متألمة من أوجاعِ جسدي
هويت برأسي إلى الخلف أحاول ألتقاط أنفاسي
بات الذين من حولي محدقين بي
تحركت صديقتي سلوى نحوي بسرعة منحنيةً بعينين خائفتان " أمل هل أنتِ بخير!! "
رفعت جسدي متستندة بذراعي
عضتُّ شفتي لألام جسدي الموجعةً
رفعت عيني نحوه بوجهٍ متألم عابس
إبتسامة جانبية كانت مرتسمه على شفتيه الجذابتين وحاجباه مرتفعان إلى الأعلى
تأوهت بصدراً تلقى الطعنات
تأوهت بمشاعر أجتاحت قلبي وكأنه أرسل إليه مشاعر قلبتني رأساً على عقب .

***

اضطجعتُ على الكنبةٍ المقابلة للتلفاز
أنتقل من محطة إلى أخرى بعقل مشتت
بقوة ضغطتُ على زر الأغلاق ونهضت شابكةِ أصابعي ببعضها
حررت أصابعي ضاربةٍ كفاي ببعضهما إلى أن رفعتهما إلى رأسي ممسكةٍ بشعري المتناثر حول وجهي
شدّتهُ بشدة وأنا أهرولُ في غرفتي كالمجنونة

تباً لي !!

ما الذي جعلني أتفوه بتلك السخافات والتحدث عن عامر
سحقاً لي , يالي من غبية!!
عامر مخيف متوحش
لا يحمل ضميراً غير محبوب من قبل الأطباء والأخصائين والمقيمين في المشفى

مع أنه قاسي ومتقلب المزاج
ولكن كل نساء المشفى واقعات في حبه حتى الثمالة بسبب جماله الخارق

تهالكتُ على المقعد بأسى
دائماً ما أوقع نفسي في حفرةٍ عميقةٍ لا أستطيع الخروج منها بسهولة

****

بكيتُ وبكيت إلى أن جفت الدموع وأحمرت المقل
لقد خدعت من قبلهُ !!
لماذا عشت في تلك الدوامة الكاذبة ومع قاتل أبي , سافك دمائه هادر روحه
ذيــاب !!
مال تلك الروح الحنونه التي ظننتها ملجئي تخدعني طوال تلك الأيام والأعوام

كنتُ أعيش في سراب وأحلام مع مربي روحي وحامي جسدي
والأن قد فاضت الروح من جسدي بلا وداع .
يأتني في كل يوماً طارقاً لبابي هامساً بكلماتٍ حنونة, حزينة , تخالجها تمتمات وأهات فترتطم بطبلة أذني مرتدة إلي قلبي
أتمالك نفسي بقسوة لكي لا يرق قلبي
كيف لي أن أسامح من سعيت للأنتقام منه فهو قد أدمى قلبي وأنزف روحي
تمنيتُ أن يكون حلم ولكنها حقيقية تأبى الرحيل عني
علي
يتصلُ بي في كل يوماً منذ ذلك الوقت يتسائل عن حالي وعن ذياب
وفي كل مرةٍ يحثني على سفك دمه
يسقي روحي بكلماتٍ بذيئة ولعناتِ خادشة
وكأنه يروي روحي الضمئة ولكنهُ يعطشها أكثر في كل مرة يحاول فيها سقيها
عانقت ذراعاي جسدي وعيناي تتأملان جدران غرفتي ذات اللون الباهت
صوتُ رنين خافت طرق طبلة أذني فتحركت كفي نحو الهاتف النقال الذي يسكن بجواري
إلتقطته بمقلتين مرهقتين أحدق به
أنه " علي "
يا إلهي لست أريد محادثةُ الأن
ضغط أصبعي على رز الإغلاق وأنا أرمي بالهاتف بعيداً عني
تبا له, وتبا لذياب, وتبا لكل العالم !!
لم يتوقف إنما أخذ يتصل مراراً وتكراراً بلا هواد
رفعت كفاي إلى أذنيّ ضاغطة عليهن بشدة بصرخاتٍ أنبثقت من أعماق قلبي
كفى فأنا لا أريد التحدث مع أيً كان أو رؤية أحداً ما.
بعد برهة من الزمن
دخلت الخادمة إلى غرفتي بعد طرقاً خفيفاً على الباب
كنتُ مضطجعةً على المقعد الذي يقطن تحت النافذة أحدقُ بالسقف الأبيض
تحركت أهدابي بتحركِ أجفاني إلى الأسفل وأنحرف بؤبؤي إلى الخادمة بعينين متعبتان
كانت تقفُ على مرقبةٍ مني ,تحركت شفتيها بصوتٍ أنثوي منخفض :" أنستي , هنالك رجلاً يدعى علي يريدك في الخارج !!!"
دقت نواقيس الخوف في قلبي فأتسعت مقلتي وأنا أهب جالسة
صارخةٍ بصوتٍ مرتعد: "علـي !!! "
أنحشرت التيارات الهوائية في جوفي
وأنا أحدق بها بعينين ابتلعً الدموع
أرتعشت شفتي وأنا أصيح بصوتٍ مزق حنجرتي :" ما الذي أحضره إلى هنا!!"
حركت الخادمة رأسها بعدم معرفة
توجس قلبي خفيةً وكفاي تنتقلا إلى شفتي , لا!!
أيمكن أنه قد جاء لكي يقتل ذياب بدلاً عني
لأنني لم أقتله بيدي جاء ليقتله هو بنفسه
أو أنه قد.. قد جاء للإطمئانّ علي !!
أنغرزت أظافري في المقعد فيما ضربات قلبي ترتطم بصدري
هببتُ واقفة بينما أنتقلت كفاي إلى أطراف جسدي غارزة أصابعي به
محدقةً في باب الغرفة المفتوح
وقد شحب وجهي بهروب الدم منه
أنطلقتُ مهرولة إلى الخارج أِصارعُ أنفاسي المرهقة أِحاربُ قدامي المتخاذلتان
بدموعً تهطل من مقليّ
ركضت على السلالم وقدامي ترتطما بالأرض بشدة
ألتو كاحلي الأيمن عند عتبات السلم
فوقعت ساقطة بقسوة على وجهي وجسدي يتدحرج على الأرض
خرج أنين متألم من جوفي, فاضت الدموع من عيني لالآم جسدي المبرحه
أستندتُ على ذراعي بطاقة مبعثرة لأقف
وقفت وقدميّ تكادان تطرحنّي أرضاً
هرعت إلى الباب الرئيسي لأفتحه بأنفاساً تستعر في صدري
ركضت بقدميّن حافيتين تنزلقان على الأرض بشدة مختلطتين بذراة الغبار
وقفتُ بجسد أرتد إلى الخلف بعدم إتزان
بوجه خطف لونه حدقتُ بعلي الواقف بسيجارةٍ ملتهبةٍ مضغوطةٍ بين شفيته
نظر إلي والدخان يتصاعد من أنفه
صرختُ بشعر قفر إلى الأمام من شدة الرعب مناديتةً بأسمه : " عــلي "
ألتقطتُ أنفاسي فيما خرج صوتي مهتزاً : " ما الذي جاء بك إلى هـنا! "
حدقت بي عينين بلون العسل تحيط بهما هالةُ من السواد
تحركت أصابعهُ ضاغظة على السيجارة حتى كادت تهشمها ومن ثم رطم بها الجدار بكل قوته
إرتفع ذقنه إلى الأعلى بإرتفاع وجهه وعلو إبتسامه على شفتيه.
أحتلت قلبي أشباح الخوف عند رؤيته يقترب مني بوجهاً أختفت ملامحه وراء رداءِ السواد
فألتفت الدموع حول الأجفان وتشبثت بين الأهداب
أمسكني من ياقتي ثوبي وهزني حتى كاد جسدي ينطرحُ أرضاً
بتصارع أنفاسي بداخل صدري
تساقطت دموعي منحدرة على وجنتي وخيوط الأمل التي خالجت روحي قد تبدّت
كنتُ أآمل أن يكون ما أفكر به خاطىء
وأن يكون قد جاء للأطمأنّ عليه
ولكن كانت تلك مجرد أوهام !!
أكفهر وجهه بإنحفار التجاعيد حول عينيه
أنحبست الدماء في وجهه وهو يصيح بي : " لماذا, لا تردين على الهاتف "
لم يكف عن هز جسدي إنما قام بلطم وجهي بشدة
حتى شعرت وكأنه تمزق وسالت الدماء منهُ
ألصقني على الجدار بلطمةٍ خدشت ظهري وهو يقسم :" أقسم بالله أنني سأقتلك أنتِ وهو !!"
أسود وجه بإرتجاف شفتيه الداكنتان وهو يقترب من وجهي الملطخِ بالدموع بفحيح رائحة السجائر القابعة في رئيته : " تغلقين الهاتف في وجهي "
أرتفع أنفه الصغير إلى الأعلى هو يحدق بوجهي المتكنف بالكدمات : " تخلفين بوعدكِ , تسكنين بين جدارن قاتل والدك"
أحتلت شفتيه إبتسامة مرعبة:" أتحسبين أنني سأغفر لك , أنتِ مجرد فرد لا قيمة له أردت أن أجعلك إنسانة حية , لها مشاعر حب ووفاء , أردكِ أن تنتقمي لقاتل والدكِ ولكن لم تفعلي أي شي, أنتِ مجرد جبانه, أبنة لا تحمل أي أخلاص "
جرني بكل عنفاً لاطماً وجهي بيديه غير أبه بي
تقسى ذراعاه على جسدي الناحب المتألم المتمسك به الذي يحاول إنقاذ نفسه من الضربات الموجهة بإتجاهه
أنحشرت ذرات الهواء في صدري بأنات متلاحقة وبدموعاً تفيض من مقلي
أمسكني بقسوةٍ وهو يزجى بي في السيارة
أنطرحتُ بداخلها بإنفاساً لأهثةٍ مرهقةٍ متصادمة ببعضها
جلستُ بشهقاتً لم تتوقف وبدموع تستقطر من ملقيّ حرارة ومرارة
أحتضنت جسدي وأنا أشعر به يجلس بجانبي صادماً الباب بكل قوته ضغطاً على الفرامل بشدةٍ منطلقاً بكل سرعته
أرتفعت أناملي إلى شفتي كاتمةٍ شهقات روحي
وأنا أحدق بوجه المتجهم الذي تلتف حوله ندبُ الإثام
أشحت بوجهي عنه أحدق بكفيّ المتعانقتين بحضني بدموع تتســاقط عليهما راسمةٍ بقعً شفافةً تتسع وتتسع بلا توقف .



****
تنتشر كومة من الأوراق على مكتبي
العمل على هذه الأوراق وطلاسم القضايا بغيضةٍ وتكادُ تقتلُ عقلي
أزحم نفسي بالعمل في محاولة لنسيان الحياة بدفن نفسي في أحشاء العمل
وبإرهاق جسدي حتى النهم بالتحقيق في الجرائم ونبش أوحالها
حطت أنامي على صدغي في محاولة لفك شفرة إحدى قضايا القتل
رنين الهاتف النقال الخاص بي لم يتوقف بل بات يزعجني فلقد مرت خمسة عشر دقيقة
وهو لايكف عن الرنين
نزعت النظارة الطيبة المختبئة وراء أذنيّ , ملتقطاً الهاتف الذي سكن منذ ثواني من أحد جيوب الجاكيت المرمي على أحدى الأرائك
جلست بوجهاً أحتقنت الدماء فيه وتبلل بزخاتِ العرق
نظرت بدقة نحوه كان رقماً غير معروف يحتل الشاشة وقد أتصل بحاولي الستة مرات
أنعقد حاجبيّ وكفيّ تمسح ذراة العرق المتكتلةِ على جبيني برنين الهاتف لمرة أخرى
ضغط على زر الرد بإنفاساً ضيقةٍ وبصوتٍ تكسوه عدم المبلاه قلت: " مرحبا "
فأضفت مسرعاً : " نعم ! من المتصل "
تطاير الأجهاد الساكنُ في جسدي
بإرتعد روحي وإجفال فؤادي رعباً عند سماعِ ذلك الصوت الخشن المداعب لأوتار طبلتي : " إنها لدي "
إبتلعتُ ريقي وهببتُ واقفاً وكأن صاعقة من السيالات الكهربائية صعقتني
تنفستُ بنبضات قلب تسارعت بعنف
كفي تنتقل إلى خصلات شعري فرددتُ عليه بصوتٍ يكاد يتهالك : " من أنت !! ومن هي التي لديك "
قهقات مجلجلة كريهة
أنبثقت منه وترددت على مسامعي ليقول بعدها بصوتٍ غمره الخبث والحقد وإلأستخفاف وكستهُ الدعابةُ : " تـَرفه , الفتاة التي أخذتها برعيتك عندما كانت صغيره "
علا صوته وهو يصرخ : " أختــي تـَرفه يا قاتل "



نهاية المعانقة الخامسة

 
 

 

عرض البوم صور سميتكم غلآي  
قديم 23-08-12, 09:29 PM   المشاركة رقم: 29
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jun 2011
العضوية: 225481
المشاركات: 466
الجنس أنثى
معدل التقييم: سميتكم غلآي عضو على طريق الابداعسميتكم غلآي عضو على طريق الابداعسميتكم غلآي عضو على طريق الابداعسميتكم غلآي عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 371

االدولة
البلدUnited Arab Emirates
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
سميتكم غلآي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : سميتكم غلآي المنتدى : ارشيف خاص بالقصص غير المكتمله
افتراضي

 

المعانقة السـادسة

ضغطُ على الفرامل بكل قوة مسرعاً من بين الحشد من السيارت منحرفاً في مسارات ضيقة تمتلئ بها الطرقات
عيني تحدقان إلى الأمام بعقلاً قد فقد رشده ويكاد يصل إلى حافة الجنون
أشتدت قبضتي على المقود الذي يكاد ينفلتُ من بين يدي من شدة السرعة
ويتصدم بالسيارات المنطلقة من حولي
جسدي يرتعش , يتصببُ منه العرق كالسيل ويختفي في ثواني ليعيد الكرة لمرة أخرى
أنفاسي تتلاطم في جوفي خانقةٍ تنفسي بصوتٍ علا في صدري
أوقفتُ السيارة بكل ما أوتيتُ من قوة وعنف في منتصف الطريق ليرتد جسدي إلى الخلف بروحاً تكادُ تقتل أنصب نظري نحو مبنى قديم متصدع البناء تملئهُ العتمة والسكينةُ
قفزت من السيارة مهرولاً غير قادر على إلتقاط أنفاسي المتصارعة في جوفي
ركضتُ بأقصى سرعتي كالهارب من الموت والملاحق للحياة
أنعقد حاجبيّ وأنا أنظر إلى المبنى المتهالك القاطن أمامي
اكفهر وجهي وبدأت أوصالي ترتعدُ رهبةً
فهذا المبنى ..الذي شهد حادثة القتل التي حدثت منذ أكثر من عشر سنوات
وها أنا أقف الأن أمام ذلك المكان المفعم بالذكريات المطلخة بالأوساخ والعقد
تكورت كفي بقضبة أشعلت الحرارة بصدري وخطواتي تتسع في كل خطوة
"علي" الحقير !!
سأقتله أن أذاها.. أن لمس منها شعره.. فسوف أجعلهُ جسد بلا روح
سأقتله حتى لو زججت في السجن وتعفنت فيه وشنقت
ركضتُ بأنفاساً تكاد تلتهم بعضها وأنا أقوم بفتح غرفة غرفه
وأهرع من طابقاً إلى أخر بنبضات قلب تكاد تتلاشى
فلم يكن هنالك إلا العفن والغبار المتراكم
بحثتُ في كل شبر من هذا المبنى حتى كدت أنطرحُ على الأرض من شدة الأعياء
أثنيتُ جذعي إلى الأسفل في محاولة لإلتقاط أنفاسي المستعرة في جوفي
بمقلين تحدقان في جدارن المبنى المتصدية
فلقد أستحال وجهي أبيضا
وتأكلا قلبي من شدة الخوف والرعب بجسداً يرتعش بإرهاق
صرختُ بصوتٍ أهتزت به أوتار حنجرتي
صحتُ بإسمها وبإسمه بفزع أحتل وجهي وحفر عليه إيماءات الرعب
وأنا أتفوه بالشتائم والتهديدات أن حاول لمس شعرة واحدة منها
أن حاول إيذاء روح قلبي ترفه
حبيبتي ترفه
طفلتي ترفه التي أعشقها ولا أستطيع العيش بدونها
ركعتُ على الأرض صادماً بركبتاي عليها وكفاي تحطان بجانبي
رفعت كفاي إلى الأعلى ومن ثم ضربة بهما الأرض بكل قوتي فتطايرات ذرات الغبار من حولي
حبستُ دموعي لأنني لا أريد لأي دمعة أن تراق
لا أريد فقدان ذلك الأمل بإيجادها على قيد الحياة
لا أستطيع تخيل أنه قد أصابها مكروه !!
تجمعت الدموع في العينين وأنسكبت على الخدين متساقطة إلى الأرض بملوحة راسمة بقعً على الأتربة المتكومة على السطح
بكيتُ بذعراً
بألم يخالج صدري
صوتُ طلقة نارية شقت سكون الليل المعتم وجففت الدموع من عيني
تصلب جسدي وأنا أقفز واقفاً أنقل بصري بين حجيرات المبنى السفلية
تحركتُ بخطواتٍ تلتهم المسافة الفاصلة بيني وبين البوابة التي تؤدي إلى الطرف الخارجي الخلفي من المبنى
صوت الطلقة النارية قد جاءت من الخارج ومن المستحيل أن تكون من الداخل !
أسرعتُ الخطئ إلى أن وصلتُ للباب وفتحتهُ على مصرعيه
قهقهات صاخبة ممزوجة بأصوات عالية تتفاقم في الأجواء
جعلتني أركض بقدمين تتسابقان إلى مصدر الصوت
وقفتُ لاهثاً وأكاد أفقد أنفاسي المنحبسة في صدري
أتسعت حدقتي وأنا أحدق بالرجال المنتشرين في المنطقة
إلتفتوا إلي بنظراتٍ أرتدت الأقنعة وتغطت بالسواد
أكتست الوجوه الخبث وتقلبت المقل بالحقد وتلثمة الشفاه بالشر
أصبحت خطواتهم تقترب مني حتى توقفوا بجانبي
صلبتُ جذعي بمقلتين محترستين غاضبتين وأنا أنقل بصري فيما بينهم بتوجس
أقتربوا منى حتى طوقوني بدائرة بوجوهن بشعة تمتلىء بالأثام وعيونّ تحتلها الرذائل
أنبثقت يد أحدهم من الأسفل بلكمة لطمتني على بطني
حتى كادت تهشم أحشائي
قوستُ ظهري إلى الأسفل ضاغطاً على أسناني لموجة الألم التي أجتاحتني
تحملت الأوجاع وذراعي تشتد بإنغراز أظافري في راحتي
ورجوعها إلى الخلف متأهبةِ لخوض المعركة
أخذت ألطم هذا وذاك بذراعاً وقدم
أشتدت الضربات والصراعات حتى سقطُ أرضاً
هذا يركلني وذاك يلطمني والأخر يخطو على جسدي ووجهي بقدمه النجسة
حتى شعرت بإن روحي قد فاضت وانسحقت عظامي تحت وطئت أقدامهم
ونزف جسدي حتى أخر رمق
أبتعدوا عني يتضاحكون ويتهامسون
حركت ذراعي ضاغطاً على الأرض في محاولة لرفع جسدي
أنقاذ نفسي من قسوة هؤلاء المتجبرين المجرمين
رفعت جسدي على ذراعاً واحدة وأنا أكادُ أنطرح على الأرض من شدة الأعياء وألآلام
تطايرت الأذرع وأشتد الخناق ولطمت الوجوه وأريقت الدماء حتى سقطُ على الأرض برأساً هوى عليها وتلطخ بالدماء
دوت صرخة مجلجلة شديدة الغلض جعلتهم يسكنون
حاولتُ رفع رأسي الهالك عن الأرض
أمسكوني من ذراعيّ وأخذوا يجرونني على الآرض وجسدي يرتطم بالأرضية الخشنة المليئة بالأحجار
أردت رأسي إلى الخلف بأنفاس منزوعة القوى
أحاول إلتقاطها وكأنها الأخيرة
وكأنني أسحب بها إلى حبل المشنقة
رموني أرضاً ..أنطرحتُ تحت الأقدام
ضغطت قدماً على رأسي ووجهي إلى الأسفل حتى أنخدش بالأحجار المتناثرة من حوله
أتسعت أجفاني بجحوظ مقلي
لم أقوى على الصراخ من شدة الألم
أكاد أهلك لا أستطيع التنفس وكأن أحداً يعصر رئتي
يخنق روحي
رفسني بقوةٍ على رأسي
ومن ثم بصق على وجهي وهو يبتعد عني رامياً إياي بوابلاً من الشتائم
رفعتُ رأسي الخائر بوجهٍ توشح بالكدمات وتغطى بالدماء
بعينين لاتقويان على رفع الأجفان وشفتين تنزفان الدماء
أتسعت حدقتي وارتفعت أجفاني رعباً عند رؤية علي الواقف بمسافة عشر خطوات منى
وتبتعد عنه بمسافة ليست بقصيرة ترفه متورمة الأجفان وتتكتل الدماء على شفتيها المجروحتين
حدقت بي بعيوناً تتقاطر منها الدموع وشفتيها مقوستان إلى الأسفل
أِمسكت ذراعاي بشدة من قبل رجلان ضخمان الجثة
ورفاعني إلى الأعلى بأذرع تكاد تمزق مفاصلي
حدقت بها وقد هرب الدم من وجهي وتلاطمت أنفاسي بجوفي
صحت بها بصوتٍ شحن بألألام وخدش بالرماح :" تـَــرفه ! "
فاضت الدموع من عينيها وارتجفت شفتيها
وهي ترفع ذراعيها المرتعشتين إلى الأعلى حاملة المسدس بكلاتا يديها صارخة بأعلى صوتها :" لا تقل شيئاً !"
هزت رأسها بقوة حتى كاد ينخلع .. وهي تصيح بصوتاً أمتلىء بالبكاء : " سأقتلك , نعم سأقتلك ! لأنك خدعتني "
أرتعش صوتها الحزين بإنهمار قطرات الدموع الماطرة على وجنتيها كالشلال
وأخترق قلبي بنصولاً حادة : "أنت جعلتني أعيش معك دوامة من الأكاذيب "
نزف أنفها وأحمرت وجنتيها الصغيرتين وهي تضيف:" لماذا فعلت بي هذا , لماذا قتلت قلبي ! لماذا أفقدتني كل شيء أولاً أبي والأن أنت! "
أنجرفت الدموع على خداي وأنا أحدق بوجهها الباكي الهزيل
وبشهقاتها التي لم تتوقف من شدة البكاء
أحتل وجهها الغضب.. وهي تصرخ بصوتٍ هز الأرض من تحتها : " سأقتلك !!! "
أغمضت عينيها فأغمضت عيني
ألتقطُ أنفاسي وكأنني أشعر بأنفاسها اللاهثة المرهقة تلفح بشرة وجهي وقطرات دموعها تلطخُ وجهي , صرخة قوية إنبثقت وشقت السكون : " أقتليه !! "
رفعت أجفاني بقوةٍ أنظر إلى جسدها الواقف بمسافة قصيرة مني
وهو يرتجف برجلان تكادان تسقطان أرضاً
دوت صرخة أخرى أمتزج بها الغضب :" أرميه بالرصاصة , هيـا أقتليه ! "
أرتعشت شفتيها وهي تهتف بصوتٍ متهالكاً يكاد ينهار: " لااا !! "
أرتخت كفيها إلى أن توقفت قبالتي بطنها وهي تحدق إليه بروحاً يكاد يغشى عليها
تصاعدت غصاتٍ أليمة إلى صدري بدموعاً أحاول حبسها
قيدت عينيها عيني بأوجاعاً أحتلت وجهينا
صوت طلقةٍ نارية أنطلقت في حين غرة مني وأرتطمت بجسدي ممزقة أحشاء صدري
***
جحضت عينيه وانفتح فمه بخروج الدم منه
وهو يحاول ألتقاط أنفاسه المتزاحمة والتي تحاول الفرار منه بصعوبة
سقط بإنفلات الأيادي عنه وجسده يهوي على الأرض بقسوة
صرخة مدوية خرجت من حنجرتها ورأسها يرتدوا إلى الخلف بإتساع مقليها المفزوعة
عند رؤيته يسقط على الأرض بأجتياح رصاصة "علي" صدره
تدلت دموعها على وجنتيها بسخونة وهي تضغط بكل قوتها على الزناد
لتنطلق رصاصة أستعر الهواء بتردداتها
أنبثقت بسرعة هائلة لتصطدم بالواقف بجانبي "علي"
تعرث علي وسقط أرضاً بقدمين مرتعشتين وعينين متسعتين وهو يحملق بها بذهول
أما الأخر فخر صريعاً على الأرض
أستحال وجهها أبيضاً وهي تتهالكُ أرضاً بنحيباً أخترق الأذان
رفع ذياب رأسه لصوت نحيبها الذي أرتطم بطبلة أذنه بعرقاً يتصببُ من على جبينه
وقد أختلطت به قطرات الدماء المبللةٍ لوجهه
رمت المسدس لاطمة أردافها بقبضتيها وهي ترتجفُ بقسوة
تصاعدت صرخاتٍ عنيفة من جوفها
وهي ترفع كفيها ممسكة بخصلات شعرها المنتشرة حول وجهها ممزقة إياها
تصرخ وتصرخ بنواحاً حاد ووجهها ينخفض إلى الأسفل بعينين تكادان تخرجان من محجرهما
تشبثت ذراعيها بالأرض بصيحاتٍ لم تتوقف إنما أخذت بالأزياد
أسترد أنفاسه وهو ينظر إلى فرد عصابته المضطجع بدمائه النازفة من ذراعه
أنحرف نظره إلى ترفه المنهاره بهلع
أرتعش جسده من الغضب
كادت أن تقتله لولا رؤيته لها , كيف لها أن تتجرأ !!
حاول الوقوف ولكن قدميه أبت ذلك
حاول لمرة ومرتين وهو يصرخ ويشتم
أخيراً وقف بغضباً أشتعل في جوفه
ترددت أصوات رنين أنذار أجهزة سيارات الشرطة في الأنحاء
أحتل الرعب وجهه وهو يحدق حوله بوجل
رفع ذراعه إلى الأعلى وهو يصرخ : " هـــــيا أهربوا قبل أن يلقى القبض علينا ونرمى بالزنزانة "
وأشار بيده على ترفه وهو يصيح بغضب :" أحملوها "
أنتشرت الأجساد تهرول متشتته وتكاد تتلاطم ببعضها
أثنان منهم حملوا ترفه المتهالكة على الأرض بموجات بكاءً عنيفة
حتى تلاشو من حول المكان بسرعة البرق ليصعدوا سيارة ضخمة
رفع وجهه الملطخ بالدماء عن الأرض ساحباً أنفاسه المختنقة من صدره والتي تكاد تهرب منه
وذراعه ترتفع إلى الأعلى بأناملاً تناجيهم
وكأنه يريد منهم التوقف ,عدم أخذها , عدم إيذائها , أرجاعها له !!
تحررت زخات العرق المتصفده من على جبينه
وشقت طريقها على وجهه بسيلان
وبجفنين غطيان عينيه خر رأسه على الأرض

***
: أمــي, لاااا !
طق طق , حدقت بالهاتف النقال القاطن بكفي بوجهٍ يملئهُ العبوس
لا يمكن أن يحصل هذا!!
للمرة المليون والتسعة مئة تقوم أمي بإغلاق الهاتف على وجهي وشتمي
أبنة عاقة !
لا تمتلك أية ذرة من التعقل !
عانس, عانس !!
يا إلهي أنني الأن في الخامسة والعشرون
و منذ أن كنت في العشرين من عمري وهي تقول عني عانس وأنني لن أتزوج ابداً
بسبب مهنتي هذه إلى جانب أنها ذات مرة قد أختارت لي عريساً وتريد تزوجي به بالرغم مني
ولكنني رفضته بسبب أنه لايحمل إلا الشهادة الثانوية فكيف لي أن أتزوج ممن هو أقل مني
والأن أمي في طريقها إلي وقد أحضرت معها " الخبيص , وحساء العدس بالأضافة إلى الهريس "
أنني لا أحب هذه الأصناف من الطعام بالأضافة إلى أنني لا أعرف ماذا أفعل بهن هذه المرة
بعدما كانت خادمة السكن تقوم بأخذهن واليوم هي قد رحلت لزيارة عائلتها
حسناً !
ليس لي إلا أن قوم برميهن من النافذة والتخلص من كل شي عندما تذهب
نظرتُ حولي وكفي تحلُ على خدي الأيمن
يا إلهي!!
أن الفوضة تعوم بالشقة فمنذُ أسبوعين أو أكثر لم أقم بتنظيفها
حسرت عن ساعدي أجول ببصري حولي يجب عليه أن أقوم بتنظيف كل هذه الفوضى في أقل من خمسة عشر دقيقة
وإلا أصبحت وجبة دسمة لأبقار أمي
لم يكن مني إلا أن وضعت كومة الملابس المتكدسة في غرفتي في أحدى الخزانات الفارغة
صفقت كفاي ببعضهما سروراً
أنني عبقرية جداً , يا إلهي !!
رفعت ذراعيّ عالياً ورؤس أصابع قدمي تتحرك برشاقه برقصة تناغمت مع أنغام أغنية أدندن بها
تبا!!
هبطت ذراعيّ إلى الأسفل وتوقفت عن الرقص
وأنا أعاود النظر حولي يوجد من الأوساخ ما يخدر عقلي إلى جانب الفوضة العارمة التي تجتاح المطبخ الوحل
أنني أحقد على تلك الأوساخ المتراكمة حولي ! لماذا تتراكم هنا ! من سمح لها !
بنشاطاً لا أعرف من أين جاء أخذتُ بجمع الأوساخ وترتيب الشقة
مجرد رمي النفايات في سلة المهملات وجمع الأوساخ الأخرى تحت الأرائك
وبهذا أنتهيتُ بسرعة فائقة وفي أقل من خمسة عشر دقيقة
بخطوات متكاسلة خطيتُ على رخام المطبخ البارد
أنني أكره المطبخ العفن هذا ولن أقوم بتنظيفه مع أنه العنصر الأساسي الذي ستتوجه أمي إليه
وكأنه هنالك يوجد سرها الذي رمته والدتها منذ الأزل
أرخيتُ جسدي على أحد المقاعد وأنا أضع كفي على وجنتي في مقاومة لموجة النعاس التي أجتاحتني
لم يكن هنالك أي طرق على الباب أو حتى أنذار
فقط مجرد أعصار اكتسح شقتي حتى كاد يحطمها
أرتعشتُ برعباً وقد رحل النعاس عني
أنفتح الباب بكل شدة
حتى الأبواب لا ترحم أمام أمي
ووقعُ صدى خطوات حذائها كادت تزلزل الأرض من تحتي
صرخاتها وصيحاتها ماهي إلا للترحيب بها
وقفت في محاولة لرسم إبتسامة مغتصبة على شفتي وموجات البكاء تكاد تتصارع بداخلي
أمي أرجوكِ حتى الجيران قد سمعوكِ
أظن أنهم قد أصبحوا يحقدون عليه وكم يتمنون قتلي بالشنق أو بالذبح !!!
ركضت إليها معانقة
ولكن ما زاد ذلك إلا مصيبة
كادت تحطمني بين شحومها المتراكمة
وهي تطبطب على كتفي بموجاتٍ صوتية كادت تفجر طبلة أذني: " عزيزتي البائسة , أأنتِ بخير !! كيف لكِ أن تعيشي في هذا الشقة وحيدة أما آن لكِ أن تعودي إلينا إيتها العاقه "
أعرف جيداً أن أمي تحبني ولهذا تقوم بشتمي في كل حين وأخر
وتنعتني بأشنع الأوصاف القبيحة
قوست شفتي وأنا أحتضنها بشدة
أبتعدت عني بقسوة حتى كدت أقعُ أرضاً من جرائي تركها لي
وضعت مابيدها أرضاً وهي تقول : " لأول مرة أرى شقتك الوسخة على مايرام "
أستنشقت بعضاً من الهواء بصعوبة وعيني تنحرفان إلى جهة اليمين, يا إلهي!
لو أنها تعرف مايوجد تحت الأرائك وما يغوص به المطبخ
لكنتُ الأن أمام حبل المشنقة
سأحاول أشغالها حتى لا تقوم بمناوراتها الشهرية
أحتلت وجهي إبتسامة تحمل بين طياتها الكذب والخبث تلك الأبتسامة التي تعرفها أمي جيداً
فأنا فاشلة في الكذب لآقصى درجة
وقفت أمام أمي التي تصل إلى كتفي في الطول أحدق بعينيها الصغيرتين اللتان تحملان لوناً كالعسل وأنفاً صغيراً حاد يقع تحتهُ شفتين صغيرتين متكورتين أمام وجنتيها المتنفخة
شبكت أصابعي ببعضهما بأهداباً تتحركُ بعذوبة
وبإبتسامة حلوه تكسوى شفتي قلت :" أمي ما رأيك بالجلوس على هذا المقعد "
أشرت على زواية قريبة مني وأنا أحاول استدراجها إلى غرفة المعيشة : " سوف أحضر لكِ يا أمي الحبيبة بعضاً من القهوة المره وكعك الشكولاته الذي تحبينهُ جداً , حقاً سيكون لذيذاً "
كل محاولاتي ذهبت هباءً منثورا
فكف أمي لطمة كتفي بقوة وهي تكمل خطواتها الصاخبة في أرجاء شقتي البائسة
رفعت ذراعيّ إلى الأعلى مدخلة أناملي في ظفائري المجعده بأسناناً تتصادم ببعضها وبصرخات أنطلقت من حنجرتي وأنا أقفز إلى الأعلى
لولا أنها أمي لكنتُ قد قتلتها منذُ زمن سحيق
صرخاتٍ فصيحاتٍ تداخلت ببعضها وصدمة جسدي
ليس لي إلا بالهروب الأن والفرار بجلدي قبل أن يسلخ
قبل أن تقودني قدماي إلى مفر هربي
أشتد ذراعين قاسيتين حول خصلات شعري حتى كادت تمزقه
والشتائم تقذف من حولي كرصاصة تخترق أذنيّ قبل جسدي
***
بعيون تشبث بين أهدابها الدموع وركبتين تنزلقان على أرضية شقتي
وكفين ممسكتان منشفة بيضاء تنتشر بها بقع بنية اللون
ساعتين من العمل الشاق المتواصل في المطبخ بتساقط قطرات العرق المبللة لجسدي
ولم ننتهي إلى الأن !!
تهالكتُ على الأرض بأنفاساً متحشرجة مختنقة
ضربت كفاي بالأرض وأنا أصرخ : " أمي لقد أنتهينا أرجوكِ "
ركلتني أمي بقدمها وهي تقول : " أصمتِ لا أريد سماع المزيد, وأعملي في صمت وإلا جعلتكِ تنسين الحليب الذي شربته "
التهديد إلى جانب الأبتزاز هذه أمي !
خررت على الأرض صادمة جسدي بالأرضية الصلبة الباردة والتعب قد أهلك جسدي
حملقتُ إلى الساعة القاطنة على الجدار أمامي بأنين مكبوت في صدري
الساعة تشير إلى التاسعة مساءً وقد أنتهيتُ أخيراً من العمل
رفعت كفي إلى الأعلى أنظر إلى أصابعي المنفصلة عن بعضها
سحقاً!!
لقد عملت لمدة خمس ساعات متواصلة وكأنها سنين لا تكاد تنقضي
أحتلت شفتي إبتسامة كادت تحلق عالياً
وأنا أحدق بأمي الحاملة لحقيبتها , أمي سوف تذهب أخيراً!!
همتتُ واقفة بجانبها فأنطلقت من حنجرتها شتائم أخرى
وككل مرة تدخل من أذن وتخرج من الأخرى
خرجنا إلى خارج السكن في خطواتٍ سريعة وثرثرة لا تكاد تنتهي
فأمي تحاول أعطائي النصائح بقولها : " أمل يجب عليك أن تعملي على تنظيم حياتكِ فأنتِ لست صغيرة لتبقي على هذا الحال , ففي القريب العاجل سيكون هنالك لكِ منزل يضمكِ وزوج وأطفال يحتاجون لراعيتك وأحتوائكِ لهم ,يا أبنتي يجب عليك من الأن أن تحسني من حياتك وأن تجعليها أفضل "
أرخيتُ أجفاني أحدق بأمي الواقفة قبالتي
ذلك الوجة الحنون في آن والقاسي في آن أخر
أمي ذات الطباع الصارم التي تأبى ترك اطفالها يتيهون في دوامة الحياة
ومنذ صغري وهي تحاول تهذيبي ولكن بدون فائدة ترجى
صحيح أنه في وقتً مضى كانت حياتي جميلة منظمة
ولكن منذ أن انتقلتُ إلى السكن القريب من المشفى انقلبت حياتي رأساً على عقب وتبعثر وقتي
شقت شفتي إبتسامة تسكنها المحبة , وأنا أرفع كفي إلى الأعلى مودعة أمي التي صعدت إلى سيارتها منطلقة مخلفة ورائها كومة من أتربة الغبار .. بدون أن تنظر خلفها
يا إلهي, فحقاً هذه أمي التي أعرفها !
أرتفعت كفي إلى فمي المفتوح الذي صدرت منهُ موجات النعاس والتعب
وقفتُ متصلبة وقد توقفت رئتي عن ألتقاط الأكسجين وتمريره إلى أوردتي
وذراعي تحطان إلى جانبي
أتسعت مقليّ لصوت الأنين المكبوت المنبعث من الجسد الملقى على حافة الطريق
لم أستطع الحراك .. فقط وقفت انظر إليه بفزع أحتل وجهي
أرتجف الجسد وهو يتقلب ويعتصر جسده ببكاء متألم يخترق سكون الليل
صوت أنينها وتمتماتها وصلت إلي , أنها فتاة !!
وكأن شيئاَ انتشلني من الرعب الملتف حولي
أسرعتُ الخطئ نحوها جاثية على ركبتاي بجانبها
وجهٍ صغير دائري ملطخ بكدماتٍ زرقاء اللون إلى جانب الجروح المغطية لوجهها
والدماء المتخثره حول شفتيها الصغيرتين الباكيتين
أمسكتها بسرعة ووضعتها في حجري
ودموعها تنكسب على وجنتيها المتوردتين وأنفها الصغير يرشح من طول البكاء
فتحت عينيها الداميتين ذوات الأهداب الكثيفه تنظر إليه بروحاً تكاد تزهق
تشبثت في ملابسي ممكسة بي بقوة وهي تتمتم بصوتاً أكتساهُ الألم :" قتلوه قتلووووووه !!"
أمسكتها من ذراعيها برعباً سكن قلبي وبألمً لمنظرها الذي مزق صدري
لم أستطع منع دموعي من الأنحدار على خداي وأنا أصيح بها : " من الذي قتل!! "
أشارت لقلبها بأعياء وهي تضربه بقبضة وبصوت خافت همست :" هو! "
غطت أجفانها مقليها وسقط رأسها على ذراعي
صحتُ بخوفاً وأنا اقوم بضرب وجهها بكفي : " ما بكِ!!! أستيقظي!!"
طرحتها أرضاً بذراعان ترتجفان لأقوم بفحص نبضها وتنفسها
تنفست بعمق وأنا أقوم بفتح عينيها
الحمدالله, أنه مجرد اغماء !!
أدخلت ذراعي اليمنى تحت ذراعيها متعلقة بجسدها المتهالك بكل قوتي
وأوقفتها محركة جسدها بحث قدميها المتخدرتا على المشي بصعوبة
وهي مستندة على كتفي إلى أن وصلت لداخل السكن
ضغطتُ على المصعد وأنتظرته إلى وصل وصعدت إليه ساندة الفتاة إلى جسدي
فتحت باب شقتي التي لم أقفلها وطرحتها على أحد المقاعد




أقتربت منها ولمست جبينها فلسعتني الحرارة المنبعثة من جسدها

هرعت إلى عدتي الطبية حاملة إياها لأخرج منها مقياس الحرارة الترمومتر

واضعة إياه تحت لسان الفتاة

ممسكة بجسدها المتعب على كتفي بأنين مبكوت خرج من بين شفيتها المتشققتين
كتمتُ أنفاسي بعد ظهور النتيجة

حرارتها مرتفعة جداً إلى جانب احمرار وجهها

أزحتها عن كتفي بحذر وأنا أمد يدي نحو حقيبتي مخرجة

محلولاً خاصا بالحمى مع الحقنة

حقنة وريدها بالمصل ساندةٍ جسدي بجانبها مغمضة عيني من الأرهاق الذي أمتص كل طاقتي . "





أستيقظت بجسداً تشنجت عضلاته
مددت ذراعي نحو الأعلى بأوجاعاً تجمعت فيهن
حركت رقبتي وأنا أقف بصعوبة , ويدي تدلكان أكتافي
سقط بصري على الفتاة ذات الثوب الأصفر الملطخ بالدماء والممزق النائمة على الأريكة
تحركت يدي نحوها وحطت على جبينها , حرارتها أنخفضت !! الحمدالله
نظرت إلى نفسي يا إلهي!!
لم أنزع العباة عني
انفتح فمي بموجاتٍ من الهواء خرجت من رئتي وأنصب نظري بإتجاه الساعة المعلقة على الجدار
ها ها التاسعة إلا عشر دقائق
لالالالا ستأخر عن العمل
نزعت العباة رامية إياها على الأرضية راكضة نحو غرفتي
أستحمّتُ في ثواني معدودة
لأرتدي بعدها ملابسي وعباءتي إلى جانب اللباس الخاص بالمشفى
إلتقطتُ أحد الأثواب المعلقة في خزانتي وبعضاً من الملابس النظيفه
وعدت أدراجي إلى غرفة المعيشة واضعة إياهن على الأريكه
رافعة قدمي إلى الأعلى في محاولة لأنتعال حذائي
أدرتُ جسدي نحو الأريكه المحتضنة للفتاة رأيتها مستيقظه تجلس بعينين متسعتين تحدقان بي
رفعت كفي إلى الأعلى قائلة : " يافتاة أني مستعجلة جداً جداً , لاتخافي أستريحي هنا أو في غرفتي وارتدي هذه الملابس "
رفعت أصبعي السبابة بإتجاة غرفتي وإلى الملابس
وأنا أضع قدمي أسفلاً ناقلة أصبعي الممتد نحو المطبخ المقابل لي : " هنالك حساء محضر إلى جانب البراد فهو مليئ بالطعام إذا شعرتِ بالجوع كلي ولا تخجلي "
ركضت نحو الباب لأفتحه خارجة مهرولة من على السلالم ..
***
دقيقتين
دقيقة
تشبثت أصابعي في الأوراق التي تقبع تحت ذراعي اليمنى وانا أركض نحو القاعة
سأقتل !! سأدفن حية !
فتحت الباب حتى أهتز خشبه
ترفرفت أهدابي برهبة ملئت قلبي
تعلقت المقل بي وانفتحت الأفواه مصعوقة
تلون وجهي لرؤية عامر المبهوت والذي أنتكس وجهه بغضبا تطاير من عينيه
يال العار !! يال الخزي , عضّتُ شفتي بعينين تلألأتا بالدموع ..
كالعادة أحتقار عامر لي إلى جانب تهديداته التي لا تجدي نفعاً معي
عقدت جبيني بدماء أحتقنت في وجهي وشفاه تكورت بحقد
بت أكرهه هذا القصير أكثر عن ذي قبل وأحقد عليه ..أريد قتله ..
وإلتهام عينيه الجميلاتين
عقد حاجباه محدقاً بي هو يكمل إلقاء المحاضرة
مما جعلني أزيد من تقطيب جبيني والعبوس بعينين ترسلان عبارات الشتم
تشابكت نظراتي بنظراته وما زاد ذلك وجهي إلا عبوساً وكأنني أنوي خدش وجهه بأظافري !!
أرتفع حاجباه إلى الأعلى بوجهٍ متسائلاً تغطى بالبراءة
لااا!! ما هذه الإيماءات
وكأنني سكبت وانزلقتُ في الهواء مرتطمة بالكرسي ساقطة على الأرض كقطرات الماء
وضعت يدي على قلبي!!
أنه لأحساساً يشابه الجنون !!
هززت رأسي في محاولة لمنع تلك المشاعر من أجتياح روحي والوصول إلى نقطة ضيقة تسكن قلبي
***
عدتُ إلى الشقة بعد يوماً شاق فلقد عملتُ على عمليتين جراحيتين متتاليتين
ضغطتُ على الأرقام السرية لفتح باب شقتي
وكأن ذاكرتي أسترجعت ذكريات الليلة الماضية فصحت بصوت هامس "الفتاة لقد نسيتها تماماً"
بخطواتٍ تسابق الأخرى رمية الحقيبة من ذراعي وأنا أغلق الباب ورائي
رأيتها مستلقية على الأريكة كما كانت وبنفس ملابسها المتسخة بالدماء
كانت تحتضن جسدها المرتجف
أحتل الرعب وجهي وأنا أقترب منها حتى توقفت قبالتها
أزدريتُ ريقي جاثية على ركبتاي بجانبها
أنفتح فمي بإرتفاع أناملي إلى شفتي بشهقة قوية أنبثقت من صدري
لصوت بكائها المهتز بإرتعاش جسدها
أستعدتُ أنفاسي بتقوس شفتي إلى الأسفل وتغلف وجهي بالحزن
تحركت ذراعي بإتجاهها مطوقةٍ جسدها من الخلف بهمساً أشتعل فيه الخوف : " مابكِ لماذا تبكين هاكذا! "
تشنج جسدها الصغير وهي تحاول ادخال جسدها بالأريكة
محاولة إزاحة ذراعيّ عنها , أشتد بكائها وهي تهم بالجلوس
حدقت بي بعينين تقطر دمعً حارقٍ وشفتين مرتجفتين
تشتت بصري عليها
يا إلهي أن حالتها مزرية جداً
ولكن ما الذي حدث معها !!
هززت رأسي في محاولة أن أجعلها تشعر بالأمان
برسم إبتسامة حنونة على ثغري وأنا أهمس : " أقسم بالله أنني لن أؤذيكِ.. ولن أخبر أحداً عنكِ .. ولكن أخبرني من فعل بكِ هذا!! وما الذي حصل لكِ !! "
طأطأت رأسها بشهقات إبتلعتها بصعوبة ورى الأخرى وبدموع تهطل بغزارة من مقليها
تجمعت الدموع في عيني وأنا لا أعرف ماذا أفعل !!
أو كيف أزيح بعضاً مما يعتريها
لم يكن الصمت إلا الحل الأنسب




نهاية المعانقة السادسة






 
 

 

عرض البوم صور سميتكم غلآي  
قديم 24-08-12, 12:49 AM   المشاركة رقم: 30
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jun 2011
العضوية: 225481
المشاركات: 466
الجنس أنثى
معدل التقييم: سميتكم غلآي عضو على طريق الابداعسميتكم غلآي عضو على طريق الابداعسميتكم غلآي عضو على طريق الابداعسميتكم غلآي عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 371

االدولة
البلدUnited Arab Emirates
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
سميتكم غلآي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : سميتكم غلآي المنتدى : ارشيف خاص بالقصص غير المكتمله
افتراضي

 

المعانقة السابعة


بعد مرور شهرين



أغلقت باب الفرن بعدما قمت بإخراج الكعك الذي صنعتهُ
حقاً أنه بغاية القبح , قبيح جداً
لا يهم! فالمحتوى يغني عن الشكل
بطبع سيكون لذيذاً فأنا هي من صنعتهُ
وضعت أصابعي على شفتي بضحكة مصطنعة مجنونة
ومددت أصابعي نحو قطعة منه وقضمة واحدة
لا أعرف كيف بلعتُ القطعة
أرتعش جسدي وأنا أشعر بالغثيان
أنه محروق إلى جانب طعمه الحلو جداً
أخذت بتقليب الأخريات فبعضهن محروق قليلاً والبعض الأخر على مايرام
يا إلهي لا أعرف لما فشلت !! حسناً .. لا يهم فهو على الأقل جيد للأكل ..
وضعت الكعك في وعاء من الألمنيوم وسكبتُ عليه خليطاً من الشوكولاته من صنع يدي
وأغلقتهُ لأحمله معي إلى المشفى وأبقيتُ القليل لترفه
لقد أكملت الشهرين وهي معي في الشقة
لا أعرف حقاً من أين جاءت أو ما الذي حدث معها
بالرغم من أنني أحاول في كل يوم التحدث إليها
ولكنها إلى الأن في طي الكتمانّ وتحمل الكثير من الغموض
ولكن هنالك تحسن فلقد بدأت بالتحدث معي ومساعدتي في الشقة حتى أنها أصبحت تبتسم قليلاً
ولكنها كثيرة البكاء فعندما أعود للشقة أراها تلملم شتات نفسها وتحاول منع دموعها من الفيضان من مقليها المرهقتين
أرتديتُ عباءتي على عجل حاملة حقيبتي على كتفي مسرعة إلى الكيس المحتضن لقطع الكعك المحروقة نعم محترقة , محروقة !!
لا يهم سيتذوقنهُ اليوم ومن ثم فليحمدن الله على جلبي أحدى أبداعات يدي
لم يكن المشفى ببعيد إنما بقريباً جداً من مقر سكني
أسرعتُ الخطى نحوه وأنا أنظر إلى ساعة معصمي
****
أرخيتُ جسدي على الجدار القابع خلفي وأنا أقهقهُ بشدة وذراعيّ ممسكةٍ ببطني
فلقد ذهب عقلي بإلتهامي الشرس للحلويات
إلى أن بدأت أتفوهه بالحماقات وأثرثر بما لا يفقهُ عقلي
صحت بهن : " كفى أصمتاً "
وقفت وأنا أترنح كالمجنونة وصعدت أزحف متعلقة بالطاولة إلى أن وقفتُ فوقها
ورأسي يتوهه يميناً وشمالاً بعينين شبه ماتكونان مغلقتين
جاءني صوت أحداهن وهي تقول : " أمل قلدي نفسكِ عندما سقطتي تلك المره وأنتِ تشتمين الطبيب عامر "
ضربت رأسي بكفي وأنا أحملق برفيقاتي الخمس الجالسات على الأرضية الملتهمات للطعام
هتفت سلوى : " لا يضحكني إلا وجهها عندما قال لها تلك الكلمات, الغبية لا تعرف أنهُ كان يجاريها عندما كانت تشتمه "
عبستُ وأنا أنظر إليهن بحقد دُفن في أعماق قلبي
ضربت الطاولة بقدمي وصحت : " تباً لكن أيتها المشعوذات , سوف أقتلكن واحدة تلوى الأخرى واقطعكن إلى قطع صغيرة ثم أقوم بقليكن وأكلكن "
رفعت أحداهن ذراعيها إلى الأعلى قائلة : " لقد أصبحت هذه التهديدات القديمة غير مجدية"
أرتفع أحدى حاجبي إلى الأعلى وأنا أنخفض إلى الأسفل جالسة على الطاولة زافرة نفساً حاراً أنطلق من قعر صدري
أحتلت شفتي إبتسامة حمقاء وأنا أحدقُ بهن ببريقاً لمع في عيني
تحركت شفتي وكفاي تصفقان الطاولة : " سوف أعطيه القليل من الكعك الذي صنعته وسأقضي عليه الليلة"
قهقهات صاخبة أنطلقت من أفواههن
فهتفت احداهن : "بل هو الذي سيصنعك الليلة للعشاء "
حركت رأسي وذراعيّ تطوقان جسدي : " لن يحدث ذلك !"
****
أدخلتُ كفي تحت الحجاب الملتف حول شعري غارسة أظافري في فروة رأسي
أرتعش جسدي وأنا أحاول أستعادة وعيّ فتأثير "سكر" الحلويات لم يخبو
توقفت قدماي عن المسير لرؤية عامر الواقف بأذرع تعانق بعضها
وهو يتحدث إلى الطبيب البيطري مروان ذا الطول الفارع والتقاسيم الساحره " مروان الوسيم الودود " فمروان صديق الطبيب عامر ويحضر في زيارات دورية إلى المشفى
مروان شخصية مناقضه لعامر القصير الشرير
روحه مرحه, معاملته حسنه, خدوم, طيب ففي ذات مرة قام بتقديم مساعدة لي عندما وقعتُ أرضاً لقد كان موقفاً محرجاً جداً لا أحسد عليه ,ولكنه رجلاً رائع بعكس "عامر الحثاله"
حدقتُ بهم بشفاه رسم عليها الخبث , وأعين تلألأت بالمرح
أقتربت منهم بخطواتٍ سريعة إلى وقفت قبالتهم
أرتفعت المقل نحوي وتغلفت بالأستغراب
مددت كفيّ الحاملة لطبق الكعك نحو عامر
أتسعت مقليه وهو يمقل إليه
أحتلت شفتي ابتسامة مصطنعة وأنا أضعهُ في كفه الممتدة نحوي بتردد
حاولت مقاومة موجة الضحك التي كادت تفر من حنجرتي بشدة
وقلتُ بصوتٍ اكتستهُ البرودة : " الكل تذوق كعكي اللذيذ ولم يبقى إلا أنت , أرجوا أن يعجبك "
وأخفضت صوتي : " جعلُ سمً في معدتك "
أعطيتهم ظهري مسرعة بخطواتي
لا أستطيع التحمل أكثر
دخلت إلى دورة المياة بسرعة مغلقة الباب خلفي مقهقة بصوتٍ أخترق الجدران
سحقا!!
يالي من مجنونة
لطمةُ الجدار الساكن أمامي بقبضة في محاولة لكتم ضحكاتي المخبوله
سوف يموت!!
ستألمه معدته طوال الليل
فهو غير قادر على إحتمال أصناف الطعام الغريبة
فهذا ما قاله لي الشيف الخاص بلأطباء
أخيراً يا أمل سوف تحققين أحدى انتصاراتك التاريخية وستقضين على عامر
أنطلقت شهقة قوية من جوفي بهروب الدم من وجهي
فصرختُ ضاربة جبيني بكل ما أوتية من قوة
كيف لي أن أتجرأ وأفعل هذا !!
أعطاء عامر طبق الكعك بدون أي رادع , بدون خجل !
ما الذي سيحصل لي بعد هذا
أقل شيئاً هو الربط على أحد أعمدة المشفى أو القتل !!
***
حدق بها وهي تبتعد ليختفي ظل جسدها الطويل بين ممرات المشفى
أعاد بصره إلى مروان وهو يزم شفتيه ضاغطاً على أسنانه بتوتر: " للأسف لم تصل لنا هذه الحالة " أضاق عينيه وهو يضيف : " ولكنني سأبحث عنها جيداً في سجلات الطواري لعلي أجدُ شيئاً "
حملت وعاء الكعك المغلف بعد توديعي لمروان متحركاً نحو مكتبي
عقدت جبيني وأنا أنظر إلى قطع الكعك المغطاه بالشوكولاته بشفاه رسمت عليها نصف إبتسامة
كيف لها أن تعرف !! هل يعقل أن تكون مجرد صدفة !!
دخلتُ المكتب واضعاً الوعاء على الطاولة مرخياً جسدي على المقعد المقابل لجهاز الحاسوب المحمول القابع على الطاولة أمامي
أرتطمت أصابعي بلوحة المفاتيح
وأنا أطبع الأحرف لأكمل بحثي الذي أقوم عليه منذ أشهر طويلة بتركيزاً شديد
بعد برهة من الزمن رفعت كفاي عن لوحة المفاتيح شابكاً أصابعي المرهقة ببعضهما بأرتفاع حاجبيّ
فكّتُ أصابعي عن بعضها لترتفع يدي نحو ذقني المتعبثرة عليه بضعُ شعيرات صغيرة بحكة أجتاحتني
طرقاً على الباب أيقظ عقلي الذي تلوح فيه الأفكار وحواسي المثبتة على شاشة الحاسوب
زفرتُ نفساً ملئ بالغضب
وأنا أصوب نظري نحو الباب قائلاً : " تفضل"
أنفتح الباب لتدخل أحدى موظفات المشفى مخاطبة لي : " مرحباً, أستاذ عامر هنالك ضيف يريدك في الأستقبال "
وقفتُ بجسداً أرتعشت أطرافه
وعيني تنتقلان بين المرأة والطفلة بتفاصيل وجهها الأبيض الصغير الدائري ذو العينين المتسعتين اللتان تغلب فيهما السواد على البياض
ووجنتين زهريتين بأحتلال منتصف وجهها أنف حاد
وشعر أسود استرسل على كتفها بفستان أبيض غطى جسدها الصغير ودمية عانقة صدرها
" أنها تشبهها كثيراً وتشبهني !!"
سلطتُ بصري نحو المرأة القصيرة ذات الجسد الضئيل
والوجه الشاحب الجميل
التي حدقت بي بتلك المقل التي رسم عليها الزمن خطوطاً رفيعة بتساقط أمطاراً من الدموع سُقيت بالشوق
وأتسعت الشفاه المغموسة بإبتسامة نقش عليها الفرح ألوانه
غص صدري بألالام وإتشحت عيني بالغضب
وأنا انظر إليهما بصدمة أزهقت روحي
حاولت أستعادة رابطة جأشي والوقوف بقسوة أمامهما
تنفستُ بعمقاً وأنا أشيح بوجهي مولياً ظهري عنهما
توقفتُ عن المسير بعد سماعي لصوتها
الذي هيج مسرح النفس وأعاد سنيور الأيام القديمة : " عــامر عزيزي "
أهتز صوتها الأنثوي الرقيق وهي تردف : " كيف حالك يا بني؟ "
رصّتُ على قبضتي بألم طوق روحي وأبكى قلبي وأنا أكمل خطواتِ المتسابقة بدون أن ألقي لهم بال
صعدتُ إلى سيارتي ضارباً الباب بكل قوتي
واضعاً كفاي على المقود لاطماً رأسي به
لماذا عادت بعد كل تلك السنّين تبحث عني !!
ما الذي تريدهُ مني!!
إلا يكفي الذي مضى
لقد أنتهى ما كان بيننا
لقد أنهيتُ علاقتي بها بعد تركها لي وهجرها لأبي
وزواجها من رجلاً أخر بعد وفاته !!
لن أغفر لها أبداً , فلقد تركتني صغيراً وأنا في حالة يرثى لها !!
لن أبكي من أجلها .. فأنا قد نسيتها كما نسيتني منذُ سبعة عشر سنه
تصادم فكاي ببعضهما وأنا أبتعدُ عن المقود ضاغطاً على زر التشغيل منطلقاً بأقصى سرعتي
لم أعرف كيف وصلتُ إلى البحر فألم صدري قد تفاقم
أشعر وكأن أحداً ما يخنقني
يمنع تنفسي يطعن صدري بأشواكاً حادة
ترجلتُ من سيارتي ساقطاً على الرمال المتناثرة من حولي
أحتقنت الدماء في وجهي وأنا أحاولُ ألتقاط أنفاسي المسروقة
لا أستطيع التنفس فصدري يوجعني
فلقد مرة على هذه الحالة المرضية أكثر عن نصف سنه وأنا غير مبالي بها و مهملاً لنفسي
قد تكون مجرد حموضة في المعدة تضغط على صدري أو شداً في عضلات صدري
لم يهمني الأمر مادامت بخير
ارتفعت كفي نحو قارورة المياة مرتشفاً بضع قطرات منها
محاولاً أعادة أنفاسي المراقة إلى صدري
بعد فترة وجيزة بتساقط قطرات المياة المعدنية المنبعثة من القارورة على وجهي
هممت جالساً على الرمال محدقاً إلى البحر الساطع بأشعة الشمس الزاغتِ المتكاسله
أفكاري تتصارع بين أشباح ذكرى أمي التي أحاول طمسها وسحقها من عقلي
ومابين عملي الذي بات يشغل تفكيري في الأونة الأخيرة
فأنا أريد الأرتقاء والوصل إلى مرحلة أكبر بعد حصولي على الزماله والبورد
ولآنه لم يبقى لي إلا القليل لكي أصبح بروفيسور في جراحة القلب
ولكنهُ صعب قليلاً
بأن أصبح بروفيسور في هذا العام
لوجود منافسين أقوياء
وأقوام ذو طبقات راقية يقفون في وجهي ولكن هنالك طريقة .
فالبحث الذي أقوم عليه بالقليل من التطوير قد ينجح
أرتفع طرف شفتي بغرور وتعلقت عيني بالبحر
فتحطيم كل من يقف في طريقي "بالتحايل والخدع "
وأغراء الأغبياء بما في يدي
هو الحل الأنسب لسحقي الحمقى
***
أضطجع على أحد الأرائك أشاهد التلفاز بذهن شارد
تقوست شفتي في محاولة لكتم غصات روحي المتعبة بدموعاً تأبى التوقف عن الجريان
لقد مر شهر على مكوثي عند أمل بعد رمي علي لي في الشارع ومحاولته للتخلص مني
أشعر وكأنني بت حملاً ثقيلاً على أمل فهي تقوم بالصرف عليه وإيوائي في شقتها الصغيرة
إلى جانب أنني بت أكرهه العيش هاكذا وكأنني عاله
أمل طيبة ودائماً ما تحذرني في التفكير بهذا الأمر فهي مرحبة بي كرفيقة سكن لها وأخت
حركت جسدي إلى أن نمت على جنبي الأيمن
وأرتفعت أناملي إلى شفتي فعضّتها بقسوة ودموعي تتساقط على خداي
" ذياب "
هل حقا مت !!
هل حقاً تركتني وحيدة في هذا العالم !
هل فقدتك إلى الأبد !
أرتفعت صرخات حنجرتي بنحيباً حاد , وبشهقاتٍ شقت صدري
الحياة تبدلت وباتت مختلفة
لأنني فقدت ذياب إلى الأبد
يجب عليه أن أحاول العيش بدون أعانة أحداً لي
سأحصل على عمل وسأعيش وحدي
فلقد فقدت أبي من قبل والأن ذياب فهو كان كل عائلتي
فمن لي الأن إلا الله ونفسي فــ علي مجرد شخص منزوع الأنسانية وسافك للدماء
أنا وهو وذياب أصبحنا متعادلين فنحن مجرد قتله !!
مسحت الدموع التي بللت وجهي وحركت جسدي عن الأريكة
وهمّت واقفة متوجهة إلى غرفة أمل
ملتقطة العباة المخصصة لي مرتدية إياها
خطوتُ بخطوات متثاقلة خارجة من باب الشقة نزولاً بالسلالم المؤدية إلى خارج السكن
مشيت نحو المقهى الذي لا يبعد عنا إلا بمسافة بسيطة
جلستُ على أحد المقاعد ساندة جسدي عليه محدقةٍ نحو خارج النافذة المطلة على الشارع القابع أمامي بدهاليز أفكار لا نهاية لها
لا أعرف متى جاءت ولكن جلست قبالتي فتاة بشعر أشقر باهت مصبوغ
ووجه مستدير أبيض تكسوه الحمره بشفاه زهرية ممتلة بارزه
تحركت تلك الشفاه :" مرحباً ياجميلة "
أعتدلت في جلستِ بإنزعاج وكأنها أيقظتني من غفوة لذيذة
لم أحب أزعاجها لي إلى جانب أنني لا أهوى التحدث مع الغرباء
امتعص وجهي وتورمت أوردتي غضباً
نظرت نحو النافذة منهية أي حديث قد يبدأ بيننا
صوبت نظري لنعكاس زجاج النافذة لجسدها النحيل ووجهها الشاحب رأيتها ترفع كفها مشيرة للنادل بصوتا تغنى بالغنج : " لو سمحت أريد موكا حاره "
ووضعت كفيها على وجنتيها وهي تنظر نحوي , شعرت بالإرتباك فزاغ بصري لخارج النافذة
جاءني صوتها الرقيق وهي تقول :" يا أنسه "
أغمضت عيني بتوتر وفتحتهما وقد حركت رأسي موجهة نظري نحوها
وبصوتا لا يكاد يسمع قلت " نعم "
تحركت يديها لتعبث بمحتويات حقيبتها مخرجة ورقة منها
عقدت حاجبي وأنا أراها تضع ورقة على الطاولة أمامها بأصابع تحركها نحوي
وتقول بإبتسامة متغنجة يزينها المرح : " أنا أعمل في مقهى كبير وجديد ونحن نحتاج لعاملات من النساء هنالك براتب مغري جداً في اليوم الواحد "
بللتُ شفتي والأفكار تتشابك في رأسي , عمل هو ما أحتاجه الأن !!
ولكن توجس قلبي خفية فأنا لا أعرفها جيداً!!
ولا أستطيع الوثوق بها
حركتُ شفتي هامسة : " وكم الراتب! "
إبتسمت وأصابعها تعانق بعضها وعينيها تبرق بوميضاً من المكر : " في اليوم الواحد300 درهم "
فغرت فاهي أنه لراتباً جيداً جداً .. بل غير معقولاً أبداً.. لليوم الواحد أحصل على ثلاثمائة درهم
كيف لي أن أفوت مثل هذه الفرصة
لم أفكر ولن أفكر فانا أحتاج للعمل..
ولا أستطيع الأعتماد على أمل طوال الوقت أو إلى مدة أطول من هذه
أعطيتها الموقفة بسرعة مسجلة رقم هاتفها النقال على ورقة
أنها لطيفه وودوده ولكن هنالك شعوراً بالحذر يراودني إلى الجانب الخوف
وقفت وهي تقول : " إذن لنلتقي يوم الخميس بعد أربعة أيام لاتنسي , بما أنه ليس لديك هاتف نقال فإرجوا أن تتصلي بي لأنني أتعب كثيراً في العثور على عاملات وأنتي سوف تخسرين وظيفة الحصول عليها في هذا الزمن بات صعباً "
هززت رأسي مؤكدة لها: " أعدك أن أتصل "
رفعت كفها إلى الأعلى مودعة وهي تقول: " حسنا أذن إلى اللقاء "
تسارعت خطواتها بين صفوف الطاولات بجسداً رشيق ..فاتن.. طويل.. يكادُ يتعرى من الملابس
طوقت جسدي بذراعي أفكر , هل الذي فعلتهُ صحيح !!
ولكن أنا من لي لكي أخاطب نفسي وأسألها عن الصحيح والخاطئ ... هذه حياتي التي يجب عليه خوضها لوحدي بدون مساندة أحد
ها قد وجدتُ عملاً بكل سهولة أأتركه هاكذا !!.... لا وأبداً ....
عدت إلى الشقة بعد وقتٍ طويل من الجلوس في المقهى وقد شارفت الشمس على الغوص إلى وجهتها الأخرى
فتحت باب الشقة بأصواتٍ ملئتها على غير العادة
تقدمتُ أحث الخطى لداخل لأقف مندهشة لرؤية أمرأة قصيرة القامة وبدينه تمسك بأذن أمل الصارخة
تصادمت كفيّ أمل مترجية المرأة وهي تقول : " أمي, أمي أرجوكِ "
اتسعت أجفان أمل وهي تراني بإنفتاح فمها صرخاً : " تــرفه "
أفلتت والدة أمل أذن ابنتها محدقة بي بحاجبان رُسم بينما التجاعيد
أسرعت أمل لتقف روائي ممسكة بكتفي
تجعد جبيني وأنا أحملق بها برأساً أرتفع إلى الأعلى لتبتسم هي قائلة : " أمي هذه صديقتي تــرفه التي حدثتك عنها والتي تعمل معي في المشفى مع أنها بنفس سني ولكن "
صمتت وهي تنظر إلي رافعة ذراعيها إلى الأعلى مفخمة صوتها : " ولكن من ينظر إليه يظنها في الرابعة عشر من عمرها "
أنفتح فاي فحركت هي كفيها مستهزئة : " إلى جانب طولها المخجل جداً "
ووضعت كفها على صدغها ممثلة الأشمئزاز
يا إلهي !! أنها تسخر من طولي وأيضاً تكذب !!
تحرك جسد والدتها بسرعة ليصل إليها ضارباً كتفها
تحركت شفاة والدتها الغاضبة : " وأظن أنها ليست مثلك "الطول طول نخله والعقل عقل صخله"
أتسعت مقلي أمل بشهقة أطلقتها بصرخةٍ وهي تضع كفيها على شفتيها قائلة: " أمــي يا إلهي ماهذه الأهانة "
أمسكت المرأة بكتفي وهي تقودني إلى غرفة المعيشة
وأمل تصرخ من خلفنا : " من قال أن عقلي مثل عقل الماعز إذن كيف لي أن أدخل المجال الطبي في تخصص جارحة القلب وايضاً لماذا أعمل في المشفى الأن لو كان عقلي مثل حبة الفول لكنت فضحتك يا أمي لكنتُ الأن أمسح بلاط عش أبقارك "
خلعتُ العباة عن جسدي جالسة على الأريكة بجانب والدة أمل
نظرت إليه عن كثب مدققة في تفاصيل وجهي وجسدي
أخيراً إبتسمت وهي تقول : "من أي مدينة أنتِ ؟ "
حدقتُ إلى الأرض وألتحف وجهي بالخجل
وأنا أخبرها عن مكان سكني في الماضي بتردداً وبخوفاً أحتل قلبي
لتزيد من جرعة اسإلتها : " ومن أمك وأبيك ومن أي قبيلة أنتِ ؟"
تقوست شفتي بدموعاً حبست في مقلي وبأجفان نعست بألم إستكانها
فأسإلتها تعيد شريط الذكريات الذي طلي بطبقة من الغشاء مغطية بالأوجاع
أزدريتُ ريقي لأقول : "أنا يتيمة "
أتسعت عينيها بأسف وهي تقول : " يا إلهي صبرك الله يا صغيرتي, ولكن عند من تقيمين ؟"
طأطأت رأسي مفكرة وخائفة من قول الحقيقة
من المستحيل أن أقولها... فلقد أستحالت ماضياً يجب الكتمان عليه
ولن أخبر أحد به ..
حاولت إبتسامة حزينة أعتلاء شفتي بشقف وأنا أقول : " عند خالتي "
فأم ذياب خالتي كأي أمرأة كبيرة يجب أحترامها ومنادتها, ولكن كنتُ اناديها بأمي
ترجيتُ قلبي أن لا ينزف فتدمع عيني للذكرى التي طوقت روحي
لم أستطع إلا الأنصات لأسئلتها التي لم تنتهي أبداً
بعد فترة من الزمن قامت والدة أمل بالطوفان في الشقة فتحركت نحو أمل التي تقوم بصنع القهوة
أقتربت بإتجاهها إلى أن توقفت قبالتها... حركت حاجباها وهي تهمس لي : " أسفة فأمي شديدة الفضول , تسأل وكأنها تنوي خطبتك"
قهقهة بصوتٍ خافت وهي تضيف : " احتمليها قليلاً "
علت شفتيها إبتسامة حلوه وهي تردف : شكراً لكِ يا تـرفه فبفضلك باتت شقتي مرتبة "
بادلتها الأبتسامة, أمل دائما ما تبعثر أغراضها وتعوث في الشقة فساداً
ولكنني لا أستطيع رؤية كومة الجنون الذي تخلفهُ ورائها وأجلسُ صامتة
على الأقل هذا أقل ما أفعله جراء مكوثي لديها وأحتوائها لي
****
حل الخميس.. لأتصل بوداد التي تعرفت على أسمها من خلال مكالمتنا الأولى
الحديث معها شيق إلى جانب تحدثها النهم عن العمل بحلاوة أمتعت فضولي وبثت الشوق إلى نفسي
بصدق أشعر بالراحة القليلة معها فهي ودوده واجتماعية تجعلك مستمتع بالتحدث معها
فمنذُ ذلك اليوم الذي ألتقيت بها أتصلت بها عبر نقال أمل التي لم تمانع أبداً
حقيقة أشعر بالقليل من تأنيب الضمير لأنني لم أخبر أمل عن العمل الذي حصلت عليه
لأنني خائفة من رفضها وجرح مشاعرها
فقط أخبرتها أنني صادقتُ فتاة ألتقيتُ بها في المقهى
فقضمتُ شفتي عند رؤية الدهشة التي أعتلت وجهها
أعرف أنني كنتُ منطوية منذ فترة طويلة ولكنني الأن وضعتُ أهدافاً في طريقي
وأسعى إلى تحقيقها بعزم وبنزع قناع الأحزان الماضية وبركل ودعس الماضي وطويه إلى أن يتكدس بيدي ثم أقوم بتمزيقه ورميه في محيط من الذكريات المنسية
أغلقت الهاتف بعد مكالمة قصيرة مع وداد بعد مواعدتها على أن نلتقي في السادسة مساءً
صحيح أن الوقت متأخر, ولكن هي قالت أنها فقط مجرد مقابلة إلى جانب التعريف على مكان العمل وكيف هي ساعات العمل
لم أمانع ولكن انتابني القليل من تأنيب الضمير بالأضافة إلى الخوف من الخروج في الليل
لأنني لم أفعله من قبل!
أرتديتُ عباءتي خارجة من غرفة أمل إلى غرفة المعيشة
أضقتُ أجفاني عند رؤية أمل الجالسة على الأريكة ببجامة وردية وبشعر تغطي جسدها به
وهي تلتهم قطع البطاطس الهشه مشاهدة أحد الأفلام
أحتلت شفتيها إبتسامة كبيرة لتختفي في ثواني بظهور علامات الأستفهام على وجهها
تقدمت نحوها وشعور بالخجل طوق نفسي وأثقل لساني عن البوح بالحقيقة
هوت نظراتي أرضاً وأنا أحاول النطق بالعبارات المحشوة في جوفي
فكذبت بكل بساطة قائلة : " أمل أني ذاهبة لرؤية صديقتي وداد في المقهى المجاور هل يمكنني ذلك! "
نظرت أمل إلى الساعة القاطنة على الجدار وقد قطبت جبينها ومن ثم صوبت أنظارها بإتجاهي بمقلتين أحتوتا نزاعاً سطع فيهما وهي تزم شفتيها قائلة : " الوقت ليس بمتأخر إلا قليلاً ولكن أذهبي "
ثم رسمت إبتسامة تنم على عدم الأقتناع
زفرتُ نفساً سجن بداخلي وأنا أعبر بوابة العمارة
أعرف أنني مخطئة وأشعر بالخجل من أمل فأنا أحبها وأحترمها كثيراً
ولكن هذا من أجل مصلحتي أنا !!
أنتظرت وداد لدقائق قليلة لتأتي في الموعد المحدد
طافت بشفتي إبتسامة تلوحت بالخوف وعانقة الوجس
لما أشعر بهذه الأحاسيس المرعبة !!
فعقلي يزجرني يمنعني من السير إلى طريق مجهول مع غرباء أجهلهم
أما نفسي فتقودني بلا رادعاً نحوهم
لما الخوف فأنا قد تعرفت عليها جيداً ..وللولهة الأولى كانت تبدو طيبة وخلوقة معي
لما تخاذل العزيمة فأنا لست بالمترددة ولا الخائفة
ولكنني الأن أصبحت حذرةٍ عن ذي قبل وبعد كل الذي حدث معي .
قوية من عزيمتي بتبادل الأحاديث مع وداد
إلى أن وصلنا إلى مبنى فخم راقي من الخارج تسكنه مصبايح تشع كألعاب نارية تلألأت في السماء
أمسكت وداد بكفي تقودني إلى الأمام , فدخلنا إلى الداخل
أتسعت حدقتي بإنبهار بالبذخ والترف الذي من حولي
أزدريتُ ريقي وأنا أتقدم بخطواتٍ بطيئة مع وداد بتشتت بصري حولي
وإنعقاد حاجبيّ لرؤية قاعة خافتة الأضواء في وسطها توجد طاولة طويلة مائلة تحمل على أطرافها صفوفاً من المقاعد يلتف حوالها بضع أشخاص إلى جانب النُدُلٌ من الجهة الأخرى
دقت نواقيس الخوف في قلبي برأساً ألتفت إلى وداد بعينين أرتدت الأستغراب
فتسألت بوجل : " أين نحن !"
نظرت إليه بشفاه حملت إبتسامة توحشت بضباب الرياء وهي تقول : " لا تقلقي العمل ليس هنا "
تنفست بخنق أيمكن أنني أتخيل أم ماذا!! لا يمكن أن يكون مقهى !!
حاولت طرد مايجول برأسي وأنا أتتبعُ وداد التي تشبثتُ بها أكثر
أرتعش جسدي رعباً .. بأعين تغطت بالذهول
ملابس فاصخة متعرية تكاد تتمزق من شدة ألتصاقها بالأجساد
إلى جانب حزمة الأجساد المقززة التي تكاد تلتصق ببعضها وتفوح بروائح العطر الممزوجة برئحةٍ نتنةٍ
يا إلهي !!
شهقت بشهقة كادت تقتلع روحي معها... بعينين جحضتا بهلع
.. خــمر ...
مسكر يترنحُ في الكؤؤس ويتساقط متبعثراً على الأرض
ماهذا المكان !!
ولما أحضرتني إلى هنا, وهي تقول مقهى!!
صعدنا على السلالم متجهين إلى الأعلى
وبكل خطوة أخطيها صعوداً تتهالك قدماي وأكاد أهوي أرضاً من الرهبةٍ
يحاول عقلي إعادة ما رآى.. محاولاً استواعبه..
وقفت أحدق حولي بشفتين مرتعشتين وجسد مرتعب
إلتحمت قدميّ بالأرض بإرتفاع رأسي إلى وداد الواقفة أمامي بدرجة واحدة مكورة قبضتي الملتصقة بها
شدّة ذراعي بقوة عنها نازعةٍ أناملي المتشابكة بكفها بغضباً إشتعل في صدري
مما جعلها تفقد توازنها متشبثة بسور السلم.. بوجهٍ أتسعت مقليه
أحتقنت الدماء في وجهي فصحتُ بدموعاً جفت من مقليّ : " إلى أين تأخذنني !! ولماذا أحضرتني إلى هنا!!"
نزلتُ درجة واحدة من السلم وأنا أحدق بها بأسناناً تلاطمت وأعتصرت ببعضها
أبتعلتُ أنفاسي الغاضبة وأنا أضيف: " أنه ليس بمقهى , من المستحيل أن يكون مقهى مثل الذي في حيّ!!"
تهيج صوتي لأردف: " سأعود إلى المنزل فلست راغبة بالعمل في مكاناً كهذا"
تلثمة عينيها بالقسوة وهي تلتهم المسافة الفاصلة بيننا بثانية حافرة أظافرها في رسغي
ساحبة ذراعي بشدة تجرني إلى الأعلى
ترسخت قدميّ على الأرض في محاولة لمقاومة سحبها لي
حدقت بها بمقل غاضبة وصرخت عليها بصوتٍ شق صدري:" دعيني !!!!!!
" لن أتحرك , قلت لكِ أنني سأعود إلى المنزل"
أقتربت مني أكثر ممسكة بي بأصابعاً حطت على أكتافي وبصوتٍ نسج بالبراءة قالت : " ما الذي حل بكِ , لما تصرخين !!"
أرتفعت كفيّ بشراسة نحو ذراعيها في محاولة لنزعها عني وأنا أقول : " دعيني !! "
غمرة روحي موجاتٍ من الرعب.. وبهت من تبدل ملامح وجهها الذي أصبح يسبح ببحراً من السواد بعينين خبيثتين ماكرتين
جرتني بشدة وهي تصرخ لتلتف حولي أربعة فتيات بوجوهٍ أحتست بلأثام
قرعت نبضاتُ قلبي صدري بفزع
وأنا أحاولُ إفلات ذراعيّ منهن
طوقن جسدي بأصابع اخترقت طبقة جلدي
وسحبنّي حتى زجّنّي بداخل غرفة مظلمة إوصدت أبوابها
لطمتُ الباب بقبضتي وأنا أصرخ بسحابة من الدموع غشيت عيني
وهطلت بالأمطار بصدراً يكاد يضيق بذرات الهواء
لماذا صدقتها بهذه السهولة !!
لما أذعنتُ لنفسي وغفلتُ عن توجس عقلي !
لن يفيدني شيئاً الأن... فلقد وقع الفأس بالرأس وأنتهيتُ
فالقادم مجهول ولا أعرف ما الذي سوف يفعلونه بي !!
تهالكتُ على الأرض لأجهش ببكاءً مرير
أرتعد فؤادي وأنا أرى الباب يفتح أمامي لتظهر منه وداد بذراعين تطوقان جسدها
وعينين تكادان تفترساني
تحركت شفتيها المطلية بالحمرة:" لو بقيتِ صامتة لما إستخدمنا العنف معكِ"
إرتجفت شفتي وأنا أحدق بها بدموعاً تعلقت بين الأهداب وفاضت من العينين
أبتلعتُ أنفاسي قائلة بشفتين لا تكفان عن الأرتعاش : " كيف لكِ أن تخدعني بقولك أنه مقهى "
حركت وداد شعرها إلى الوراء بإبتسامة تلونة بالشر
علا صوتي بسقوط وشاح رأسي أرضاً وتناثر ظفائري على وجهي:" أنها حانه أنني أعرف ذلك "
صمت لدقائق مضيفة بعدها بصوتٍ خافت :" أعرف, أعرف أنــ هـ ا ا.. أنها مستنقع للرذائل "
أحتلت وجهها تقطيبة حملت الأحتقار
انفرجت شفتي هامسة بأنفاساً تتعارك فيما بينها وأنا أهز رأسي بعينين متسعتين :" تباً لكِ من كاذبة "
تجهم وجهها الجميل بعينين سطع بهما الحقد وهي تقول : " دعيني أخبرك إياهُ بلطف فأنتِ الغبية الساذجة التي تصدق الغرباء وتثق بهم بكل بلاهة "
أرتفع طرف شفتها العلويه بإشمئزاز لتضيف:" أما أن تطاوعني وتحصلين من جراءِ ذلك على راتب رائع بالأضافة إلى أخلاء سبيلك وجعلكِ تتمتعين بملاذات الحياة.. أ أ أما إذا رفضتِ فستحبسين كالسبيه في هذه الغرفة إلى أن تموتين وتتعفنين, وبدون مقابل نأخذ منكِ ما نريد "
أنحفر الذعر على وجهي لأطلق شهقة قوية تتلوها صيحة مرتعبة
أرتجف جسدي لأقف بقدميّن لا تكادان تحملانني
بدموعاً تجمعت في مقلي هتفت : " لن تفعلي هذا بي!! لأنكِ ستخلين من سبيلي حالاً "
تقدمت نحوي حتى توقفت قبالتي بإرتفع كفها صافقة وجهي حتى أنحفرت أصابعها على خدي وتلونت وجنتي بالحمرة
أتسعت حدقتي بدموعاً أنجرفت ببذاخة على وجهي
صرخت في وجهي بوجهٍ أستّر بالظلام :" أصمتِ يا ***** ولا ترسمي الأحلام فأنت بتِ عبدة لنا ولا يحق لكِ التحدث "
أرتفعت كفي إلى وجهي لامسة بصمة أصابعها الحارقة الملتهبة
جررت قدماً إلى الخلف وتتلوها الأخرى حتى هويتُ أرضاً بدموعاً تتدلى من مقلي
كيف بتُ عبدة لهم !!
كيف للحرة أن أتصبح عبدة لشياطين الأنس !!
ماذنبي لتصديق الناس بكل سهولة
ماذنب نفسي البريئة وقلبي العفيف الذي لم يجرب قسوة الحياة
هل سوف أسلب , هل سوف أُلطخ بالأوساخ !!
أتنتهي حياتي إلى هذا القاع الوحل !
حل الصمت بصفق وداد للباب
تقوست شفتي وأنا أضم جسدي المرتعش بذراعيّ وأبكي بصراخ روحي ونزف قلبي
أبكى بضعف جسدي وصغري !
تلطخ وجهي بالدموع المالحة بسقوط روحي في قعر التعاسة والوحشة الخرساء وقد تكنفت بزوال الأحلام
نهضةُ متقدمة إلى الباب صارخة بكل قوتي في محاولة لتحطيمهُ وفتحه بقبضتي
لكن لم يجدي ذلك نفعاً !
جن جنوني فهرعت إلى النافذة القابعة في زاوية من الغرفة وفتحتها
أرتعشت شفتي بترقرق الدموع في عيني وسقوطها بشهقاتٍ حبست أنفاسي
..حدقتُ إلى الأسفل ..
تبحر حفرة من السواد في الفضاء بسقوطها إلى الأسفل بهبوب نسماتٍ باردة من الهواء ولوحان أناراةٍ خافتة لسيارات وكشكات قادمة من الأسفل
أرتد جسدي إلى الخلف برعباً ألتصق به
صدر صوت تمزق لأسقط على الأرض وعباءتي تكشف عن ساقيّ الملتحفة بالجينز
تقوست شفتي وأنا أهم جالسة محاولة تغطيت الشق الذي رسم على أسفل عباءتي وأمتد إلى ركبتاي
صوت إدخال المفتاح وانفتاح مقبض الباب وصل إلى مسامعي
التفت إلى جهة الباب بوجهٍ إستحال أبيضاً بهروب الدم منه
صدرت مني أهات تتلوها شهقة انبثقت من جوفي
بإرتفاع أصابعي إلى شفتي عند رؤية وداد ومعها رجلاً ما
رشقتني وداد بأعين سكنها التهديد
لتعوم على شفتيها إبتسامة حيكة بالخبث : " جميلة , وصغيره, وخجولة إلى جانب أنهُ ليس لديها خبرات سابقة , تحتاج فقد للقليل من المهارات في التعامل معها... فهي شرسة جداً "
جفل فؤادي و إنحشرت أنفاسي بصدري وتقاتلة مريقةٍ أخر رمق منها
حدق بي حتى عـراني من الملابس
بأعين خدشت روحي بالنصول وهتكت عفاف جسدي
سحبت رجلاي المرتجفتين حتى أثنيتهما تحت جسدي بملقتين جفتا من الدموع
جاء صوته اللعوب يترنحُ بسكراً : " فريسة لذيذة يا وداد , لاتقلقي فأنا قادر على ترويض اللبوة الشرسة بطريقة تجعلها تسقط بين ذراعيّ مخمورة "
أرتعدت أوصالي لأهب واقفة وقد سكن الهلعُ جسدي
وقدماي تتحركان إلى الخلف وكأنني أسحب ورائي سلاسل من حديد إلى أن ألتصق ظهري بالنافذة القابعة خلفي
أصطبغت مقليّ بالذعر
وأنا أرى وداد تنسحبُ مغلقة الباب ورائها
والرجل يقترب مني بوجهٍ كسته الرغبة الأثيمة
أرتجف جسدي برعب وأنا أجر قدمي إلى الخلف
تعلقت كفيّ في مقدمة النافذة لأجلس رافعة جسدي إلى الأعلى
وقد سقط حذائي عن قدمي وأنا أقف عليها
حدقتُ بوجههِ الذي تكنف بالفزع وهو يصرخ : " أأنت مجنونة !! ما الذي تفعلينه !"
هززت رأسي بأعين رسم بهما التحدي
وشفتين مقوستين إلى الأسفل بدموعاً تسيلُ على خداي
أدرتُ رأسي إلى خارج النافذة المفتوحة مستنشقة ذرات الهواء الممزوجة بالغبار
و بعزيمة تكاد تخر
بدموعاً تحرق وجنتي
نظرت إلى الأسفل وأصابع قدمي تلامس الهواء

الموت

ولااا " العار !! "



نهاية المعانقة السابعة

 
 

 

عرض البوم صور سميتكم غلآي  
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
للكاتبة سميتكم غلاي, متعانقه, ليلاس, منتدى قصص من وحي قلم الأعضاء, ارواح, ذياب, جريمه, روايات اماراتيه, روايات خليجيه, رواية أرواح متعانقه, سميتكم, شرطه, علاج
facebook




جديد مواضيع قسم ارشيف خاص بالقصص غير المكتمله
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t174693.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
ط±ظˆط§ظٹط© ط§ط±ظˆط§ط­ ظ…طھط¹ط§ظ†ظ‚ط© This thread Refback 07-08-16 04:39 PM


الساعة الآن 06:25 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية