لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (4) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 08-09-13, 09:59 PM   المشاركة رقم: 1226
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو مبدع
كونتيسة الأدب النتي


البيانات
التسجيل: Mar 2012
العضوية: 240233
المشاركات: 841
الجنس أنثى
معدل التقييم: حلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالق
نقاط التقييم: 3128

االدولة
البلدIraq
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
حلمْ يُعآنقْ السمَآء غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : حلمْ يُعآنقْ السمَآء المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي

 





بسمْ الله وعلى بركَتهِ




الجلسَةْ

(4)


و الأخيرة



ووَقفْتُ ضِدَّ مَشاعِرِكْ

ووَقَفْتِ ضِدِّي

وقَبِلْتُ مِن بابِ التَّحَدَّي

لكنَّني في أَوْجِ عِندي

عِندي ..

سُؤالٌ حائِرٌ

مَنْ أنتِ ..

بَعدي ؟!





عبد العزيز جويدة



؛




لم يتزحزح عن موضعه من امام باب المنزل الخارجي ، منذ أن أبصر تلك السيارة المتوقفة على بعد اربعة منازل عنهم ، نظرته الثاقبة ظلت تحدج الرجلين بـ شراسة ، لم يحتاج لنباهة قصوى لمعرفة انهم من تباع قاسم ، الكلب !
تواردت لذهنه الكثير من الافكار ، تأجج بصدره غضب الامس ، لتأتيه اليوم فرصة من قطمير ، فيفرغ بـ فكها لكماته !
لوهلة سمح لشيطانه ان يهب ، فيقوده حيث هما ، دون التفكر بعواقب قد تتعاظم بعد ان تغيب سكرة الثورة الغاضبة ، و تحل الفكرة المنطقية ، بخطى تعرج بـ خفة ترجل من سيارته متوجها ناحيتهما ، حاجباه يلتصقان ، و ملامحه تتصلب بوجوم مرعب ،
يلمح الاستنفار الذي طفى على سطح وجهيهما قبيل ان يصل ، الاقرب نحوه فتح الباب بنية الترجل ، ليقف قربه ، و بيمينه يدفع بـ قمة الباب حتى اغلق متمتما بخشونة ' إستريح ' ، إنحنى قليلا ، محدثا إياهما من النافذة المفتوحة ، و الشر ينعكس بالمقلتين

: خير اخوان ؟ خوما محتاجين شي ؟

رجال قاسم ، عصاه التي لا تعصاه ، تربية سواعده .. اللزجة بدماء من قتل بغير ذي ذنب ، الاقرب له اول من تحدث ، برتابة .. متماسكة : خير ان شاء الله ، دننتظر صاحبنا ، إنتة خير اخوية .. خوما مضوجيك بوقفتنا

اضافته الاخيرة تقلدت الهزل ، ليأتيه رد الاخر حازما ، مستشاطا بقهره العاري ، قبضتاه على طرف النافذة تشتدان حتى شعر بألم مفاصلهما
: روحوا بابا لعبوا بعيد ، و قولوا للي دزكم الي يمي ' مالتي' ، فليحااول يتعدى على املاكي بعد ، يدري بية سااكت ، بس اذا هجت اشوفه نجوم الظهر

لم يهتم لمقدار الجمود الذي حط على نظراتهم ، و حركات العضلات ، بل اكمل بذات السخرية مستقيما بجسده ، ليضرب سقف السيارة ، بحنق نجح في تكميم فاه الهذر
: يللا يابة .. توكلوا

البعيد ترجل جزئيا من محله ، ليظل ممسكا ببابه المفتوح ، فيحاكيه بنبرة جامدة ، لا تشوبها من التوتر نصف شائبة

: اخوية فهمني شنو قصتك ؟ هذا البيت الواقفين يمه بيتك ؟ انتة شدخلك بوقفتنا

: أقلك يابة ، مو غشيم واقف قدامك ، ترة انتة واقف بمنطقتي ، تليفون واحد ينلمون عليكم شباب الفرع كله ، و ليش شباب الفرع ، الحرس موجودين براس الشارع ، ندز عليهم يفتهمون منكم قصة هالوقفة ، و قصة الي دازكم

ليترجل الاخر ، قائلا بملل : يااابة شجلللبت ' ألححت ' دازكم و دازكم ، محد دازنا ، قلناالك جايين على صاحبنا ، شبيك صدق كذب ما عندك شغل و عمل جاي براسنا تضيع وكت

: إحترررم نفسك جللللب قااسم

: هي هي هي انتة الي احترم نفسك ، صدق مـ

ليبتر فتيل الإشتعال الأخر ، البعيد نسبيا عنهما : نااااار ، البيييت ديطلع نااار هاي شكوو


إلتفت تلقائيا حيث صوبت نظرات احدهما ، و كأن ظهره صعق بـ ممسك كهربائي بث فيه رجفة هزت كيانه ، شتت روحه ، تفجير عظيم مزق خلايا الوعي به ، ليظل ساكنا متسمرا ، مبحلق البصر بـ تلك السحابة الدخانية التي لم يكن لها اصل سوى منزله ، و قليل من لهب راح يتراقص بـ حركات افعى هندية ، متمرسة على عزف الشياطين !
لا يدري هل مر من الوقت اطوله و هو جامد محله ، يكاد يختنق بصدمته ، و غصة الرعب به .. هوى قلبه في جرف من يحموم ، ليستفيق فجأة ، و كأن هنالك من ضرب مؤخرة رأسه ، بـ قضيب من نار !!

إنحنى رعبا ليلتقط قلبه الهاوي ، فيقبض عليه بكلتا يديه ، متحركا بـ جنون خطوات يسوقها الرعب الاعظم متوجها حيث منزله ، ليجد انه يتسابق مع الرجلين ، فيستحق الميدالية الذهبية ، رغم مابه من اعاقة !! ، لهاثه علا و صدره اخذ بالانقباض قاذفا ما يحويه بغير ذي شعور ، اخفق بحبس سعاله ، فموقع الحدث لم يكن سوى بؤرة للسموم الدخانية ، صار يعافر كـ قطة سلبوا صغارها ، ليكاد يغرس انيابه بجسده ، و يمزق بـ مخالبه الخنجرية جلده ، و يل لقلبه كيف تركها
ماذا لو اصابها مكروه ؟ أ سيتمكن من لفظ أنفاس الحياة كـ ما اضطر رفيقه ، و اصطبر ؟!

أصابه رعبا غطى على كل مشاعره ما بدى منها و ما بطن ، فصار يقوده بـ سرعة اكبر ، حاشرا انفاسه في جوف القلق ، المنتحب ، لحظات هي مرت ليكتشف ان المطبخ هو أصل ما اضرم من نيران ، و ما سيكون غيره !
بـ ارتعادة نبض اضحت يداه تقلب الجيوب بحثا عن مفتاح اضافي لباب الصالة الخارجية ، رغم علمه بإستحالة وجوده ، فكل مفاتيح المنزل بسلسلة واحدة ، ظلت معلقة في باب المطبخ من الداخل .. ارتعشت روحه تبكي خوفها من حلول مصيبة ، ليترك ما دونه و ما به ، لا تسكنه سوى صوره واحدة ، تتدلى ببروازها بعد ان خلع مسمارا يثبت اياها فوق جدار الفؤاد ، تلك التي كان له معها جلسات سمر لا تنتهي حتى اطراف الغسق .. بل و ما بعدها

انقض على الباب الزجاجي للمطبخ ، ضاربا اياه بجنبه و اليدين ، محاولا بفشل أن يحطم التكوين الحديدي له ، صائحا بهادر الصوت ، و النبض ' جلنااااااار ، جلنااااار وييييينج ' و لكن لا من مجيب ، تفنن الشيطان برسم ابشع الصور ، و اكثرها صفعا للذهن ، تاركا للهذيان دوره الاعظم هنا

صوت الرجلين من حوله آرق رعبه اكثر و همهماتهما المرتعدة مزقت وشائج صبره ، حاولا ان يتناوبا معه تمزيق اذرعهم لفك الباب دون ادنى نفع !
و بلحظة وعي انتبه لقنينة الغاز المملوءة ، بسرعة البرق تحرك نحوها احد الغريبين ليفصلها ، فينقذ الجمع من انفجار محتم كان سيطير اجزاءهم على اسطح الحي .. رماها بأبعد نقطة في الحديقة ، ليزأر الهائج بدمه و نيران منزله المتغذية على روحه المحبوسة في الداخل ، صائحا بكل ما له من حنجرة !


: لك جيبهاااا ، خلي نكسر بيها البااااااب ، تحركوووووا سووووا شيييي ، جيبووووا القنييييينة

لم ينصت له احدهما ، بل تحركا و كل له نية صائبة ، أما هو فظل يحتضر بـ رعبه ، ضاربا الباب بجنون ، تاركا فؤاده يقع من بين يديه ليدهسه بقدماه ، مناديا إياها بـ كل خلجة شعور ، و إحساس بعظيم مصاب قد يدركه دونها

لا يا الله ، أتوسلك ، لا تريني بها مكروها كهذا ، لا تريني بها اي مكروه ، أعترف بأن لي عضلة قلب مترهلة عندما يعنيها الامر ، ترهلت لـ شدة ما قاسته و انت اعلم بها ، فـ لا تفجعني هذه المرة بما ترهل ، ليس لي يد في انفصالي عن واقعي إن فقدت خيط الوصل ، يا رب .. لا تذبحني بها ، و تنتقم لها مني ، بها
فـ هي أهم ما في عمري و أنت تعلم يا علام الغيوب ، هي اصطباري على كل وجع ذقته بسببها ، فلا تختم اوجاعها بـ إغماد سيف بخاصرتي ، و حشره حتى يلاقي له مخرجا من الجسد المثقل بالطعون

لم تدم وحدته مع ارهاب الموت سوى لحظات ، ليظهر الرجلان مرة اخرى ، و كل منهما يحمل ' مطفأة الحريق ' الخاصة بالسيارات ، لينشرح وجه رعبه لوهلة ، فينقض بوحشية على احداهما ، مستخدما إياها لضرب زجاج الباب ، و لم يكد ينوي ان يعيد الكرة حتى رآى الهشيم يتناثر ، ليرمي بما في يده ، فيتلقفها من اتى بها ، و بعجل مد ذراعه من الفتحة المسننة الأطراف ، بسرعة مجنونة ثائرة ، مزقت جلد ساعده شر تمزيق ، تأوه أولا بتلقائية ، ليكمم بعدها اي صوت اخر سوى صوت النبض الصارخ بـ ' جلنااااااار '

لم يهنئ بـ إجابة ، تحركت يده بتمرس منتزعا السلسلة المعلقة في قفل الباب من الداخل ، ليديرها مرة و اثنتين حتى شرع امامه ، فترحب به و من خلفه الكومة الدخانية ، ليدبر الثلاثة خطوة مختنقة ، بقيادة السعال

: رضوااان إنطيني المفتاااح نفتح الباب الثاانية
دا اسمممع صوتهاا هناااكة دتصييح

صرخة احد العقلاء ادركته ، و لكنه لم يسمعها بذهنه المذهول ، كل اعصابه طالتها السنة اللهب و خنقتها الابخرة المحترقة ، فما عاد به شئ يفكر ، شعر بسواعد قوية تنهيه عن الغوص في بحر الجحيم ، فتنحشر خطواته عند العتبة ، تلك الفاصلة بين ' نار و نار ' ، ليقترب احدهما و المسمى بـ ' رضوان '
ليفعلها و ينتشل المفتاح من محله ، تشيعه نظرات الاخر ، القابض بقوة على ذراعي ' المخبول ' ، الذي هدأ لبرهة فترتخي قبضته لا اردايا ، فينفلت الاخر منه بـ سرعة ، صارخا بموت هب ريحه

: لج جلناااااااار

اخترق المحظور من الأرض ، لم تكن الالسنة قد التهمت الكثير ، و هو لم يكن سوى وجبة دسمة لها ، لتشمر على سواعدها ، فيندلق لعابها بإشتهاء للوليمة الحمقاء !
تخبط هنا و هناك ، فتارة يرتطم بقدم مقعد ، و اخرى بـ الثلاجة حتى انتهى به الامر يبحث عن شيئا مفقودا ، صوته بح لشدة الصراخ ، و ابتلاعه كما عظيما من الابخرة ، دارت به دنياه ، و نهب الدخان صدره المتعب بسبب ما اعتاده من تبغ .. لم يتوقف عن السعال ، و لم يهتدي لنتيجة ، حتى انتهى به الامر عند الباب الاخر للمطبخ و المؤدي لداخل المنزل ، متصلا بالرواق ، لقد كان مغلقا

بجنون تمكن منه صار يتدافع بالمكان مع الهلع و الرعب ، يقلب انظاره من حوله ، رافعا قميصه ليكمم به فمه ، و معه صوته المردد اسمها دون كلل او ملل ، توسعت احداقه فجأة ، ما ان لمح بقايا شئ طرفه السليم اخبره بأنه حتى دقائق مضت كان لها خمارا !

دون وعي منه راح يقترب من اللهب المتغذي على الستارة ، و المتطاول على ما حوله دون جدوى ، فـ لم يجد من الاجساد الصلدة ما يشبع جوعه ، لكن الوجبة الفاخرة ذات العقل الصدئ هي من قررت أن تدنو منه ، صارخة بـ : جلناااااار

: عليييييييييييييي












ان يعصف صوتها ' حيا ' اسماع الفؤاد جل ما انتظره بهذه الدقائق ، صار يلتفت بإنهاك بحثا عن طيفها ، ليعتصره ، تمكن الدخان منه ، و راح يترنح بـ دواره و هو يستمر بتنقيبه عن اللا موجود ، فيشهق انفاسا ملوثة ، لم يتمالك قوته ، و كاد ان يخر أرضا لولا أن لمحها خلف عتبة المطبخ ، من حيث اتى ، يربطها ارضا ذلك الـ ' رضوان ' ماسكا ذراعيها بقوة من دبر ، تشوشت رؤيته لـ ملامحها ، فلم يعلم إن أخرجت سليمة ام مصابة ، و لو كانت سليمة لم لم تتوقف صرخاتها المنادية إياه ؟

عكف على سعاله الحاد ، شاهقا بين فينة و اخرى كتلة من تلوث ، ليتحرك هذه المرة مدبرا من حيث جاء ، بخطى بطيئة ، حذرة قدر استطاعتها ، فالنوافذ تكاد تنفجر لشدة الحرارة التي تشويها ، تلك الحرارة المتناولة للستارة ، بنهم !
ما ان بات مترا هو الفاصل بينه و اياهم ، حتى تقدمت له يد العون من ' رفيق رضوان ' ، من عاركه منذ دقائق ليست إلا ، من همزه بـ كلب قاسم

إنطلقت قدماه به مبتعدا بخطوات عن الجمع ، ليسعل بقوة اكبر ، شاهقا هواء بتلويث اقل هذه المرة ، قاذفا بقايا اسوداد بـ ما احتقن بـ قصيباته لـ فترة ، مميلا بجسده قليلا ، ليستند بكفه على ركبته اليسار ، و اليمين ' بدماءها المنهمرة ' تدلك صدره خشية أملاق انفاس .. ثم إختناق ، فـ موت ، لأجل غبية ، تافهة ، ضعيفة شخصية ، و الآن إيمان !

: علييي ،، علييي تسمعني ؟ الله يخليك بس جاوبني شوية ، تقدر تتنفس ؟ و الله اسفة بس ..... بس ما ادري شصار بية ، كله من ورة ابوية ... كله من ورة الحجي الحجاه خبلني ، بدون وعي سويت السويته ، بس والله بسرعة عرفت غلطتي ، ركضت ......


جمد الكون ، و معه الذهن .. ظل راكعا ، مصدوما ، شهقة النار التي صارعها ، بفكيه و المخالب ، اضرمت بيديها ، مع سبق إصرار .... و جنون !
أرادت إحراق نفسها ، ارادت الجحيم الدنيوي و ..... يا إلهي ... أرادت الإنتحار

صفعة آلمت يده قبل خدها ، يده الممزقة بسببها ، بسبب ضعفها للشيطان هذه المرة ، و كأن ضعفا بات رفيقها مع البشر لم تكتف به رفيقا !


شهقتها المرتاعة ، و صراخ الرجلين ، المنهمكين بـ إطفاء ' شبه الحريق ذاك ' تداخل معا ، ليترك رجلا قاسم عملهما ، فيقفان كسد منيع بوجه إنهمار ثورته أحدهما دفعه بقبضتين ليوشك على تهشيم اضلاعه ، و الأخر تقدمها بهيئته الضخمة ، و بـ ملامح مكفهرة ، مرعبة

: امشي فوووتي جوووووة ، يلللااااا

: وييين تفوت جوة تخبببلت ؟؟

: محد منكم يتدخل
ليكرر فحيحه المتواري خلف جلد ثعبان ، تنتظر اللحظة المناسبة للدغ ، من محجر المقل !
: إمشي جوة بسرعة

هذه المرة عارضه من يقف امامه ، يوازيه طولا ، و يتفوق عليه ضخامة ، ليهدد بـ صريح العبارة : احتررم نفسك و اعرف وية منو تحجي ، تدري ابوها مستعد يسوييك فحمة ، مثل مجاان لازم نبقيك جوة ، و نخلص

: أكل *** ، و وخر من قدامي
ليرتفع صوته دون ادنى اهتمام بإمكانية تسلل صراخه لأذان الحيطان ، و من ثم تتناقلها السنة الجيران : جلناااار فوتي جووة لا و الله العلي العظيم هسة افوتج للمطبخ و اخليج تذوقيين طعم الحرررق الي عجبج تجربيه ، بسرررعة

سكن الرجلان بصدمة اعترتهما سويا ، ليتبادلا نظرات الذهول ، بركازة ، لمحا تقهقرها بـ خطوات باكية ، مشيعة بالعويل لتعود من حيث اخرجاها ، فتنزوي مرعوبة في صالة المنزل

بهدوء ، و بما املاه عليهما الضمير ، إنحسر وجودهما على اطفاء النار ، بـ المياه .. فالحريق لم يصل الاسلاك الكهربائية و يمسسها ، تركاه بمفرده ، يعافر و يصارع رغبة سكنته ليتبع حذو خطواتها ، فيتخلص من كومة مصائبها بـ خنقها باليدين ؛ لن يكون الامر عسيرا ، و طويلا
فهي بضعف تبناها و اتخذته خليلا ستنهار منذ البداية ، و تريحه ، حتى هذه اللحظة لم يستوعب ما حدث ، و كيفية خروجها سالمة إن كانت قد قررت الموت مضرمة نيران عيون الموقد ، و مقدمة له طرف الستارة ليبتلعها ، لربما هالها المنظر ، و هوى عقلها في بقيع الرعب صريعا ، لتهرب كأرنبة جبانة ، فتطلب العون من ' نفسها ' هناك

يمشط الارض ذهابا و نصف اياب ، بخطى ثقيلة ، غاضبة ، بل و مشتعلة .. تكاد شماله تقتلع شعره من بويصلاته ، تجاوزت كل الخطوط ، و حطمت جدران الحدود ، راهنت بـ دينها و جسدها فـ أهلها ،
بلحظة استسلمت لتنسى ابنتها ، ما الذي وقع به ؟ ألم يجد غيرها ليبيع لها القلب بذلك الثمن البخس ؟ تبت يدا باعت ، و اخرى اشترت ، تعسا له و لها ، من استحلت صفة الغباء و اتقنت التفنن بـ أوجهه البشعة

ابصر ، من لم يعرف عنه الا انه ' رفيق رضوان ' كلب حراسة لقاسم ، و أهله ، المجانين ، يتقدم نحوه برتابة ، مثبتا هاتفه على صيوانه ، و نظراته يشوبها التوتر ، و صوته الوجل !

ما ان دنى حتى لم يعد بإمكانه ان يدنو اكثر توقف ، ' حاضر سيدي ' ، نطق بها ، ليمد بعد ذلك المحمول نحوه ، بصمت اخرس متوتر ، لم يحرك شماله مباشرة ، ظل متسمر النظرات على الجهاز الحديث ، و باله شرد مع ما صرحت به ، من يتصل الان ، ليطمئن على خراب مالطة ، هو من اشعل فتيلها منذ دقائق !

: يريـد يحجي وية ... بتـ ـ

لم يدعه يكمل ، بل رفع الهاتف فثبته بشماله ، ليصرخ بعالي الصوت ، و النبض دون ان يسمع من الاخر لحظة همس !

: لك قااااسم الكلللب ، بتتتك الي ذااابح رووحك علمودها و خبلتهاااا من ضييمك انتحررت ، حرررقت نفسهاا من ورااك تعرف شنو يعني من وراااك ؟ مااتت هاهييية ، و بعد ما الك شي عندي
عووفنا بحالنا دخيل رببك الي رايح لبيته دتحج ، لا قسما بالله العظييم و هاي اخرر مرة احلفلك بيها رح اني بيدي احرقها هالمرة ، إتقي ربببك و خليهاا تربي بتهاا ، إتقي ربــك و عوفهااا بحالهاا ، تبقى على رااس بتها الي حرمتها منها سنين
قااسم نصيحة عدوو ، إسجد لربك و توسله يساامحك ، سواياتك مو قليلة ، و مثل مقتلك ، إعتبرها ماتت ... حرقت نفسهااا ، من الله يااااااخذك و يخلصناااا منك و من شرررك

ليدوي صوت ارتطام الهاتف بأحد الجدران ، فيرتد اشلاءا متهشمة ، تحت انظار مالكه ، المذهول !













هذه المرة خطاه كانت كـ حاف فوق جمر ، يبتلع الجمر ، و يحمل بيديه دلو جمر ، بـ جدية صارمة علق ، متوجها ناحية المطبخ : يللا طلعوا ، و بعد ريحة قاسم الزفرة ما اريد اشتمها

و كأنه لم يبقي بين يديه من تملك ريحته ، و دمه !
بقوة ، عنيفة أغلق الباب الممرغ بكتل دموية خفيفة ، و المتلون بإسوداد الفحم ، ذو الزجاج المهشم .. لينقل بصره حيث من يقفان كأبلهين ، بل العكس .. كـ ناصحين يعلمان ما ينتظر إبنة رئيسهما .. يلصقان اقدامهما ارضا ، دون النبس بما يشعل مرجل غضبه اكثر
وقف هذه المرة مقابلا اياهما ، لينطق بـ صرير : أكو شي بعد ؟ شمنتظرييين ؟ يللا ولووا منااا

: منطلع بدون جلنـ ـ ـ

: مووو هوة بكييف الخلفووك ، هاية مرتي ، و إن شاء الله احرقها محد بيكم يقدر يحجي حجاية .. يللا برة لا والله العلي العظيم هسة اسويلكم مصيبة و اقول انتو الي حرقتوا البيت ، و بيه أني و مرتي .. الي طبعاا رح تشهد وياية .. و غصبا ما عليها ، والجوارين هم الحمدلله محد شاف شي لحد الآن

لحظ توتر نظرات تبادلاها ، ليصرخ ببحة لم تفارقه منذ ان تناولت رئتاه الكومة الدخانية التي ستغنيه لعام عن استنشاق عبق سيجارة !
: يللااا عاااد ، و خابرووا الجلب ابن الجلب و احجوله الي صار ، حتى يعرف لوين وصل بته

ظل واقفا محله ، حتى ابتعدا ، و احدهما يلملم بقايا هاتفه ، ما إن اغلقا الباب دونه ، حتى عاد مدبرا لداخل المنزل ، ليدلف من باب الصالة ، دون ان يستدير دفع به بعنف جلجل اطرافه ، و قلب تلك المعتكفة على الاريكة ، متكورة على نفسها ، هازة جسدها ذي الامام و ذي الخلف ، و همهمات تنطلق منها كـ ' مريض نفسي ' !

لم يترك للرأفة محلا في قلبه ، تحرك صوبها يواري فضيحة ستر فؤاده الذي لطخ بـ فحم اشعلته اناملها ، المخدشة .. بعنف ' انب ذاته عليه لاحقا ' جرها من زندها ، لتفز بإنتصاب جسدها فتكاد تقع لولا أن امسكها بقسوة كادت معها ان تحفر اثرها على عظام زنديها هذه المرة ، و كأن الفكين و العنق الطويل لم يكفوه !

: آآه عليـ ـ

إبتلعت حروفها ، و ما تبقى من انفاسها لتركض خلف خطواته ، لاهثة ، مرتعبة من العقاب .. عقاب زوجها ، فكيف بالرب العظيم الذي تناست اوامره بلحظة ضعف حقيرة ؟
لم يهتم لـ تعثرها ، و لا لـ صوت انينها ، فلم يعد يجدي شئ ، لا شئ بعد الآن سيقف بصفها ، فحتى القلب ضاع منه و احترق في ذلك الوكر المشتعل ، إحترق دون ان يجد رماده ، فيكرمه بالدفن !
ظل يجرجرها حتى وصلا الباب المؤدي للمطبخ ، ليفتحه بقوة ، متيقنا بأنها هي الجبانة من فرت من الإحتراق بعد أن شهدته ، مؤصدة الباب على فعلتها ، منتظرة معجزة إلهية تنقذها و بقية المنزل

إرتد خطوة لا تكاد ترى اثر الاعصار الدخاني الراكد الذي هاجمهما ، ليكح بعنف ، و هي كادت أن تختنق بـ سعالها و العطاس ، فالدموع لم تترك لها مجالا لتتنفس منه ، صارت تستقتل لتفك قيد قبضته الشديدة ، و كأنها علمت بأن القادم سيدون ضمن ذكريات السوء

شحب وجهها ' الملطخ بدمه و دمعها ' فـ خفق القلب مرعوبا ، لترى ما حل بالمطبخ الذي لـ دقائق سلفت كان ينضج بـ الرقي ، أبيض يتبادل مع الأسود مربعاته .. كل ما تراه هو بقايا غبار فحمي ، أكل ' الابيض قبل الاسود ' ، إختنقت انفاسها و ظلت تعافر من اجل الأوكسجين ، رفعت كفا " تشتعل " فقط لكونها حرة ، فالأخرى تكاد تصير هلاما من المرفق ، حيث فك التمساح تغرس فوق جلدها فتصل اللحم

هب قلبها قافزا ، منتفضا ، مرتعدا لتقذف بكفها بعيدا عن وجهها ، نافخة على بشرتها بسرعة ، و الوجع ادرك كل اعصابها لتستنفر
: آيييي

قاوم رغبة الالتفات حدو تأوهها ، ببسالة ، و لكن بعد حين شعر بلهاثها يزيد ، و شهيقها يعلو ، ليستدير مقابلا اياها ، تكاد تندمج معه ، احداقه تسمرت على ما حل بكفها من تشوه ، غيم البصر بـ ماء حار ، قهر قهر قهر يأكله ، ان يراها بأتعس حالة من يأس قد تتمكن من قلب مؤمن لهو امر جلل ، موجع بحق !
لا يدري أ وجوده هنا قرب رماد ما احترق ، و إستنشاقه للبقايا قد انبت بداخله بذرة الأصل ، لينمو زرعه سريعا ، فيعود الاخرق متعافيا متكاملا يطالب بحقه في الدفاع عن موكلته .. ذات العقل المشوش ، متخذا من حالتها النفسية الحرجة سببا لإبعادها عن العقاب الدستوري ، فاتحا لها ملفا في المصحة ... النفسية !

حرر مرفقها على حين غفلة ، ليقول بنبرة تحشرجت بأنفاس الدخان ، مشيرا بـ بصره لإحدى النواحي : ما اقلج غير ... إنتقمتي لنفسج و لأهلج كلهم من شفت ربطتج ' خمارك ' ...

جرت نظرها المنصب على يده الجريحة ، لتحط على بقايا خمار ، فترفع يدها السليمة بلا وعي حيث رأسها ، فتكتشف أنها خرجت امام الرجلين هكذا ، احتقن فؤادها بدمه ، و هي تستشعر خطواته المدبرة حيث اتى بها ، لتتوسع احداقها فجأة مستوعبة ما يفعله
جرت خلفه متعثرة بالفزع ، صرخت بصوت لا يكاد يسمع لـ شدة الاختناق : علي لااا ، حختنق ما اقدررر اتنفس

: مو ردتي تنتحرين ؟ إنتحري على راحتج هنا ، و روحي لربج عود و هوة يجازيج

و عند عتبة الباب وقف ، موليا إياها ظهره ، ليشد على اسنانه بقهر ، فينطلق اللسان فيسكب فولاذه المنصهر على طبلتيها

: سمعيني ، إذا طلعتي من المطبخ بدون ما اني اطلعج إعتبري نفسج طااااالق ، إبقي هنا ... و راجعي نفسج ، لإن اني و بتي بغنى عن وحدة مثلج ... ما اريد بتي تتعقد وهية تشووف امها بهالوضع ،
أحمدي ربج هية مو هنا ، و لا والله العظيم يا جلنار جان مردني عن طلاقج غير الموت




.
.
.













نصبت لهم كمينا ، ليقعوا لها عاشقين !
تجلس على الأريكة ملصقة ساقيها سويا ، اليدان تحتضنان الكائن الهلامي الضئيل بجهد جهيد ، و بمساعدة تامة من والده ، تميل نحوه لتقبل خديه ذات اليمين و ذات الشمال ، و بقوة يعبس لها الوجه الصغير ، مهمهمة بكلمات إعجاب لذيذ ، و الملامح البشوشة تكاد تماثل فاكهة صيف طرية
ترفع رأسها لتقابل الاعين المتابعة حركاتها الشقية بإهتمام ، تستنطق قلوبهم حبا وهي تردد كل ذي حين : هازااا إبن عمتي ؟
هازاا الطفل إسمه نوور ؟
إسمه جميييل
ما زال صغيرا جدا
و لا تنسى السؤال الأكثر ترديدا على فمها حبة الفراولة الناضجة : هل هو يحبني ؟

ليسخر عمر بـ ضحكات صاخبة ، مؤكدا أن الصغيرة لا تملك بذرة من الثقة بالذات الأثيرة الخاصة بآل صفاء ، فتعترض زوجته مهددة إياه ، و متوعدة بأن هذا التردد سيتغير تحت اشرافها بإذن الله ، و بعد وقت قصير

: عمر ، مخابرك علي ؟؟

قبيل أن يرد على والدته شمخت ببصرها نحو " العم عومار " ، لتقول بتكشيرة مفكرة : عليي ابي ألييس كزااالك ؟؟

كبت ضحكته محاولا الإكتفاء ببسمة ضيقة ، ليجيبها بـ تودد : إي حبيبتي علي أبوج ، زين امج منو ؟

فتنحني بظهرها مقبلة الصغيرة للمرة المائة بعد الألف ، ثم ترفع بذقنها نحو عمر ، فتحاكيه بطريقتها المميزة بإظهار انغماسها في التفكير : أمي اسمها سوسن ، و لكن بابا علي يقول أن جوج هي امي ، لست متأكدة

اتساع حدقتيه اخافها للحظات ، قبل أن ترتاح لسماع الضحكة الصاخبة التي انطلقت من حنجرته الخشنة ، و هو يعتدل قليلا ليضمن سلامة طفله من يد المحتلة الشقراء ، و كومتها الصوفية !

: ســدكة لله شقد تخبببل بت اخويييية
جوودة حيااتي ، تعاالي يم عمة دا اقلج فد شي

: مازاا تريدين عمتي ؟ انا مشغولة في تنويم الطفل

امتزجت ضحكاتهم ، لتضيف الحنون على جملتها بـ جدية مفتعلة : صدق لين ماما شتريدين من البنية ، دتنيم الولد و تعباانة

و كأن " الولد " قد سمع سخريتهم ، و ظن اثما انه المقصود ، ليستفرغ ما في معدته العصفورية من حليب ، على حضن الجود ، عقابا !!
إنصعقت لمرآى السائل و رائحته ، لتصرخ باكية بجبن لا يليق بسلاطة لسانها الذي لم يفتأ أن يذهلهم

بعجل تحرك كل من عمر و اللين ، إذ رفع عمر الصغير بسرعة حفاظا على سلامته قبل أن تركله المشاكسة ، لتصل اللين حيث هما ، فترفع ابنة اخيها مسرعة مهدهدة إياها بهلع

: إششش حبيبتي ليش هالفززة ، ماكوو شي والله ماكو شي امشي نغسل حبييبتي انتي
لتضيف محدثة عمر : حبيبي فدوة لعمرك جيب نور وراية خلي اغسله

: لين يوم على كيفج ، لتستعجلين لتوقعيين امي

كانت الكفاح من أنب بها العجلة المتوترة ، لتحاول طمئنتها بـ : إن شاء الله ماما ، هاي على كيفي دا امشي لتخافين

فتحركت بعدها بالمنتحبة نحو الحمام ، أنزلتها ارضا مجعدة الملامح لما هاجمها من الم ، حاولت بجهد ان تواريه عن انظار المحب ، فنجحت .. ببطئ و اهتمام خلعت من على الصغيرة تنورتها القصيرة و البلوزة عديمة الاكمام ، لتغسل لها يدها و من ثم تحاكي عمر : عمورتي حبااب انتة غسل لنور ، بت علي افندي لازم ابدللها الحفاضة ، شورطني و جبتها !

لم يكن بإنتظار طلبها الروتيني ، فكان قد فعل بإستخدام حنفية المغطس ، معلقا بسخرية : و منين تجيبين حفاضة ؟ لتقولييلي اروح للأسواق ، معلييية

: لا حبيبي منريييد ، ملك ناسية يمنة جنطة بتها و بيها كلشي حفاضات و هدوم ، رح نحتلها احتلال

تحرك بصغيره ليجد الحنون تقف خارجا ، تنتظر قدومه و نبضها فتستلمه منه بـ ترحيب مزين بالمحبة ،
اما من " تورطت " بإبنة أبيها ، فـ قررت الخوض بحوار مهم مع الفرد الصفائي الجديد ،

: إي جوودة حبيبتي خلي نسولف شوية ، بالبيت منو يغسلج ؟

: جوج

: و منو يوكلج ؟

: أيزااا جووج

: و وين تنامين ؟

: بالكرب من جووج

: شووفي حبيبتي ، يعني جوج امج ، مامااا ، لأن بس الماما تغسل الطفل و توكله ، و تنيمه يمها

: إنتي ماماة نور ؟

: اي حبيبتي

: وووع نوور ، قززر و وغــد

لتصلهما نبرة متذمرة لمن ارتدى زي الدفاع في القضية : لج ابوج الووغد ، لتحجيين على ابني



.
.
.



الحب يشفي كل جرح عاصف ، فالجذر يحمل اثقل الاغصان
اغصاننا كم قطعت و تكسرت ، لكنها عادت بزهر ثاني
فأنا و أنت كـ بلبلين تآلفا ، و تحالفا في السعد و الاحزان
انا بيت قلبك في الفصول جميعها ، يا منزلي و وسادتي و اماني
فعلى يدي أعدت روحك طفلة ، و على يديك قد إنتهى حرماني
أنا لم اصادف توأمين كـ قلوبنا ، من حضرموت الى ربا لبنان



كريم العراقي





على درجات السلم يجلس ، ظهره يستند على الجدار المحاذي للدرجات المتصلة ببعضها البعض ، و ساقاه تنفرجان ، فـ أحداهما تظل قابعة بالقرب ، بينما الأخرى تهبط درجتين ، مرفق يساره يستند على الدرجة الاعلى ، و اصابعه الخشنة تنفرد لتغطي الوجه المحمر ، قلبه يرتج بين ما يجاوره من الاعضاء ، ذات اليمين و ذات الشمال ، و فوقا فـ تحت ، لا يكاد يهدأ رغم ترهله ، و كأنه لـ صبي في السادسة عشر .. أيقن بأن رهبة الموت ، تميت هلعا .. بسالف السنين عكف واثقا بأن إبنة قاسم عبثت بـ أزرار القلب حتى برمجته على ما تشتهيه ، و ترغبه ، و علم بأنه إرتضى ما فعلت ، مؤمنا بقضاء ربه .. لكن اليوم و لدقائق مضت إكتشف عظمة تلك البرمجة ، و العظيم الله

كاد أن يفقد صوابه ، إن لم يكن قد فقده كليا و إنتهى ، ثوان هي اقحمته في دهاليز الرعب ، الغبية عاقبت فؤاده شر عقاب ، ألا تعلم بأنها اكتسبت وزرا عظيما بفعلتها ؟ فهـي نقبت في اعماق صدر ملكوم ، فاقد للكثير .. هددته بـ فقدان نبضه الأول ،
أوجعته ... و ربكم اوجعته و إنتقمت لنفسها منه ، تبت يدها التي تفننت بـ التحديث ، و تب عقلا اتقن اختيار رمزا محكم السرية لبرنامجه ، إذ مرت من الاعوام ستا و حتى الآن لم يتمكن من تغيير النظام ، حسب ما يشتهيه الواقع !

يصله من وراء باب يحجبها عنه صوت سعالها ، و الشهقات تحذره بألا يغوص أكثر في يم السخط ، كان التماسك ذا عسرة و مشقة ، فحتى هذه اللحظة لم يكف الفؤاد عن الهلع ، شاخ قلبه .. شاخ دون موت عن عمر يناهز المائة نبضة ، يشعر بـ عقله يعتكف بـ محراب الوجل ، ما زالت الصدمة تغشيه بجلبابها الساتر ، تخفي ما تعرى من جنون !
لا يدري كم من وقت مر و هو رابض بذات البقعة ، متناسيا امر عقابها ، بل كان ضمورا في قوة عضلاته من اجبره على التخاذل محله ، دفعه لأن يلتزم السكون حيثما يكون بالرغم من ان فخذه تشنجت لأكثر من مرة متوسلة إياه الرفق و العدول عن تعذيب من لا ذنب لها لتتوجع .. رغم شروده الذهني كان القلب واعيا ، ينصت بشغافه لكل صوت بخس يأتيه بخبر يقين ، بأنها لم تمت بعد .. كمن يجلس خلف باب عمليات الولادة ، ينتظر ' نحيب صغيره ' ، يتضرع الرحمن ليكون ' ولـدا ' بعد دستة البنات اللاتي يملكهن !
بعد وهله أدرك بأن صمتها طال ، فلم يعد يطرق اسماع القلب لاهثا ، باكيا .. تغضن جبينه بـ كسل ، و شئ من قلق ، كـ ناقوس راح يضرب قرب وعي ذهنه الراكد في غياهب السكون ، فيوقظه من سباته ، طنت أذناه منزعجتان و السبب ذلك القلب الاخرق ، صارت نبضاته تتسارع ذاتيا متزامنة مع زيادة الكثافة لغيمة الافكار الناشئة في سماء عقله

بجمود مبتذل راحت قدماه تتحركان ، فيتبعهما الجسد كاملا ، ظل لثوان واقفا خلف الباب ، معاتبا وهن الفؤاد ، منذ متى و هو هكذا ؟ منذ أن احتل كوكبها الصغير مجرته ، كوكب أنار له حلكة فلكه المهيبة ، فدب باجزاءه رغبة بالدوران حول نفسها ، و من حولها












أدار إكرة الباب بـ بطئ ، ليتهادى له الصرير المزعج لإحتكاك الاجزاء الصغيرة بأطرافه ، ما إن شرع امامه كاملا ، تحرك خطواته ليدلف ، مطرقا الرأس ليسعل بقوة ، و فخامة !
دون أن يدير وجهه حيث لمحها توجه حدو الثلاجة ، ليفتح بابها المشوه بالسخام ، كشر غضبه عن انيابه ، ليسفر عنه " تأتأة " غيظ ، منزل والده ، تشوه .. و السبب حقارة قاسم ، و ضغطه على من تحاذي عتبات الجنون
التزم بعدها بـ صمت بغيض ، غالقا الباب بقوة ، ليستدير بكامله حيث تجلس .. على احد الكراسي ، التي لبعدها عن موقع الحريق لم تتلوث كثيرا ، كانت ساهمة النظرات باللا شئ ، تجعدت ملامحه بـ قهر ، ليتحرك حيث تكون ، و دون ان يهمل رسم امارات الحنق على وجهه ، مد ساعده الايسر تجاه زندها ليرفعها بقوة دافعا اياها امامه و الشياطين من حولهما ، لم يخفي على ذاته مقدار المفاجئة التي ادركته و هو يرى انسياقها الجامد ، احتار في امره ، و نبضه .. بشق الانفس قاوم اغراء ضربها على ظهرها لتتساقط فقراتها عل نيران تأججت بصدره تخمد
إكفهراره لم يزل كـ من انصهرت سبيكة فوق ملامحه ، لتحرقه بإشتعالها ، دون صوت ظلا يتحركان ، امامه كانت .. بخطوات رتيبة تتبع تعليماته الموجهة ، بإيماءات جسدية فقط !

حتى مد ساعده من جنبها يلامس خدها إلا شعرة فاصلة ، يشير بها الى الحمام ، لمح نظرتها الجانبية للدماء المتكتلة بـ خثرات تشمئز لها الانفس على طول ساعده ، و بعض من الأصابع .. المتسخة بلون الفحم !
قبض على قفل الاضلع لئلا تسمح للقلب بالهروب مللا ، ليتبعها ببصره فيراها هذه المرة هاربة من امامه ، كأرنب مذعور من مكر ثعلب .. أرنب عديم المخ ، أحمق .. غبي .. ويل له من بلاهة تسكنه

لما خرجت كانت بحال افضل قليلا ، نظافة الوجه مما كان يلتصق به عرى و بوقاحة اثار يديه على كافة زواياه ، إنشق ثغر الصدر بـ توبيخ ، ليضيق عليه خناق الضمير المؤنب ، لا يعلم متى سيتعلم أن يتحضر مع حواء .. هن قوارير ، و هو و رجال جنسه قوامون عليهم بـ كل شئ ، كالقوة الجسمانية .. لم يصيره الغضب اكمها ؟ فلا يرى رقة قارورته .. و دون تفكير بعواقب " خنق الانفاس " تراه يحطمها كـ بقايا هشيم

لاحظ ما تفعله من اشاحة بصرها عنه ، و كأنها خجلة مما اجرمته بحق ربها ، ثم ذاتها .. فـ هو !!
تركها تتقلب على سعير الندم ، ليدلف هو الاخر الحمام ، لما توجه للمغسلة ، مد يمينه بشرود قاصدا الصنبور ، لتتسمر نظراته على ما حل بها ، و بلحظة ادراك قصيرة مرت بباله الحمقاء ، و يدها ذات الحرق !!!
عبس بحنق لما شعر بهيجان عاصف هز الاضلع ، و كأن بقفلها طوح بذل لشدة انفجار ما بداخله ، ليشعر بـ امتلاء حلقه بأمنيات خرقاء ، إزدرد نبضته الثائرة بغيظ من الذات ، ليهمل صراخا متوسلا ظل القلب عاكفا على ترديده ، اذ مال نحو الصنبور بعد أن ادار اكرته بيسراه ، بملامح واجمة تخلص من الخثر الدموية ، ليكافئ بسيول حمراء جديدة ، و كان الماء مزق الصفيحات التي ارهقت لبناء سد حصين ، جر كومة من المناديل الورقية من لفافتها المدورة ، ليحاول بضجر ان يهدأ من روع الاحداق التي ظلت تتابع انهمار دم صاحبها دون رفة جفن يحيط بها

خرج بعد حين من الوقت ، ليتوجه بخطى ثابتة ، راكزة نحو غرفة المعيشة فيجدها هناك ، تجلس على اريكة منفردة ، ساهمة الفكر ، متقمصة دور الصمت .. بصره شحذ الهمة ليغير وجهته من اماكن اللطمات على البشرة ، للكف المفرودة فوق مسند المقعد

بوجومه ذاته اقترب منها ليربض على الطاولة المسكينة التي لا ذنب لها سوى إنها تجاور مقعد تلك الصامتة ، و بجهة يدها المصابة ، يجلس مقابل لجانب جسدها ، و بعين طبيب متفحصة رفعت يساره معصمها بهدوء ، ظل يقلب كفها و عبوسه يتفاقم ، ليقف فجأة فيصير كـ عملاق قرب السبعة اقزام ، و اميرتهم !
كانت مشيحة بوجهها عنه ، حتى شعرت بدفئ ظل حط على اوجاعها العارية فسترها ، اهتز كتفاها بوضوح ما إن نطق بـ خشونة

: قومي دنروح للصيدلية نجيبلج دهن

ليمتد الاهتزاز فيشمل الحلق فالشفتين ، لتخرج منهما الحروف ملتاعة .. و لعجيب الحال ، راكزة .. و كأن حنجرة اخرى من نطقتها !

: رح تاخذ مني جود صح ؟ مـ تأمن عليها يمي ؟

: لأ
انتي متعرفين تأذين غير نفسج ، فـ ما رح اخاف على " بتج "
قومي يللا

بنظرة خاوية همست ، و كل ما بها يعيش حالة من الذهول : سويت مصيبة ، لو ..... ميتة ، جان رحت للنار !!!!

موصل من تيار كهربائي صار يعصف بكلا صدغيه حتى إنتفخا بصداع لحظي : إستغفري ربج ، و حمديه

و كأنها صمت ، لتجيبه ساهمة البصر في الفراغ : مدام رايح للصيدلية ، اريد دوة الدبرشن ' الكآبة ' مالتي ، مدا اقدر اتنفس من الكتمة الي بصدري

صمته طال ، لتقطعه زفره تشتعل ، و من ثم نبرة اشد اشتعالا : قومي يللا

: ما اريد ، روح وحدك

: قتلج متعرفين تأذين غير نفسج
و اني .... ممستعد اعيش الـ عشته مرة لخ !






.
.
.






منذ شهر مضى ، ظلت عاكفة على " الزعل " ، إختارت أن تعاقب ' فلذة القلب ' بجفاء يضني الروح ، و ها هو العيد يحل ببهجة ناقصة ، بل بلا بهجة ، فـ سبب سعدها هو الاخر يجفو ، و كأنها تنتظر منه ان يتنازل من علوه و يرضيها دون قناعة !
ما زال مصرا على أنه لم يخطئ ، و لا تذكر إنه فعلها سلفا و اعترف بذنبه ، لتراه هي مخطئا بحق نفسه دون الغير ، فهي الاخرى انانية ، و لكن انانيتها تتمحور حول عالمه ، تحمل بقلبها عتابا بطول المسافة الفاصلة بينهما ، دون ان يترك لها خبرا يطمئن به قلبها الناشئ في بيئة شعارها الاول قلق ، و الثاني فقد ، و الثالث .. صبر من بعد فقد !

حتى الاتصال شح به ذو القلب العتيد ، الثابت على القسوة دون تقلب ، كم من مرة في الايام الماضية كانت قد رفعت هاتفها بنية الاتصال ، لتتقهقر بـ غضبها ، و عجرفة المسنين تتمكن من مشاعرها ، فتنهيها عن المضي قدما

كانت في حجرة المعيشة تربض على الأريكة الطويلة ، حاملة بيدها مسبحتها الطويلة ، تتابع النشرة الاخبارية لإحدى القنوات المنحازة لفئة دون اخرى ، فـ تتذمر بإنزعاج ، لترفع جهاز التحكم من جانبها ، مغيرة القناة لأخرى ، لم تكن افضل من سابقتها بإنتماءها لزمرة محددة هي ايضا .. بشكوى من وضاعة الحال تركت قائمة القنوات الإخبارية ، لتتجه نحو المسلية ، فلم يتبق على مسلسلها ' التركي ' المفضل غير دقائق قليلة
فكرها يشرد دون الإهتمام بنوع الفواصل الاعلانية التي دفع اصحابها الذهب المذهب لكي تتربع على عرش الشاشة الصغيرة

بنظرة جانبية راقبت مرور ' سبب الخصام ' بينها و حفيدها من امام التلفاز ، لتتوجه حيث باب الشقة فتقف امامه ، مستندة بكفيها على سطحه الاملس ، و عيناها تضيقان سويا ثم تفترقا ، فإحداهما تتوسع و الأخرى تغلق ، تاركة مهمة ' المراقبة من العين السحرية ' لشقيقتها !
من مكانها تحدثت ، و بملامح واجمة : هاي شدتسويين ؟؟ سعااد رجعت من السووق ؟

لتمد الشابة باحدى يديها بإتجاهها ، مجمعة رؤوس الأصابع بلقاء حميم ، هدفه إسكات المسنة ، و لكن هيهات

: علييمن دتباوعيين ولج ؟

إستدارت لحظة و العبوس بان على وجهها الفاتن بـ حدة ملامحه ، و الذي لم تزده اجواء الشمال النقية إلا بهاءا و حسنا

: علي رجع ، شفت سيارته من الشباك جوة العمارة

شهقت بـ مفاجئة ، إبتلعت غيظها منه لثوان ، لتهمهم بلا وعي : يا عمرري ، شوكت رجع ؟ و لييش لهسة مـ إجى

بحكاوي العيون شكتها قسوة ولدهم ، فهم لم يفتأوا أن يعتادوا عليه ، و على جلافة اساليبه

: و انتي شعندج واااقفة هنا ؟ شعلييج بيه ؟ مو تطلقتوا ؟ لو لعب جهال هوة !

قالتها العجوز بـ صرامة ، لتعض شفتيها بقسوة ذات القد المنحوت بـ إبداع رباني ، و من ثم عناية خاصة .. و لكن كما عادتها لم تستسلم لموجة الغضب التي جرتها حتى عمق البحر بل ظلت تعافر بـ سباحة ماهرة : اتوقع هالشي خاص بية ، أباوعه ما اباوعه بكيفي ، و اذا عالحلال و الحرام فـ ترة لحد الآن بعدني بالعدة

: إنتي شقد لساانج طويل

: تربية بتج و ابنها

قالتها لتستدير مرة اخرى ، فتعود مستطردة عملها ، لتفلت منها " خررب " غاضبة ما إن قوبلت بالباب الذي اغلق ، مخفيا خلفه ذلك الـ علي دون أن تكتحل برؤيته !!
شتمت بغيظ لتترك المكان ، و بخطوات حانقة راحت تبتعد حيث الغرفة التي سكنتها منذ خمسا و ثلاثين يوما ، تذمر العجوز من " قلة ادبها " لم يهمها بشئ ، فـ على حد فكرها ' لا ينقصها من الهم قنطارا '
المسنة ظلت تحدق في الباب للحظات طالت ، ودت لو يرأف بـ ضعف قلبها فيأتيها مهرعا لها الشوق ، و إن لم يفعل سيفيض بها كيل القهر ، و الغبن .. منذ أن نضج و هو يتحلى بالصرامة اللائقة بالرجال ، و لكن جمود الموتى اصابه منذ اعوام اربع ، و بعد إختطافه !!

بعد أن عاد ليشعل اسماعها بقول " صدري حيل يوجعني " ، و منذ ذلك الحين لم تكتشف عقارا لتطبيب وجعه ، و كيف تفعل و هو بذاته لا يعرف لسقمه دواءا ، بل يعرف ، و يتجاهل ، فدواءه ذاته الداء !

لا تعلم كيف صار " الداء " يجوب في افكارها بـ سكينة ، يا ترى لو كانت هنا ، هل سيشفى حفيدها الحبيب ؟ و ما هي احوالها ؟ أ هي الاخرى تآكلها الشوق المضني لـ من عاشت معه مغامرة خطيرة ، مغامرة يتكنفها الغموض للبقية
ليتها لم تظهر بحياة إبنها ، و لم تمزق شغاف قلبه لتنفذ الى ما تحتها ، يا ليت .. بإستغفار متكرر حاولت فك عقدة الإثم التي خنقتها بعد القول المعترض على ارادة القدير
تجهم وجهها بالضيق لما مرت من الدقائق ثلاثون وهو لم يظهر ، نفذ دلو صبرها ، لتقف مهملة مسلسلها الحبيب ، و متوجهة بهدوء نسبي نحو جلباب صلاتها الموضوع على احدى الأرائك
ارتدته كيفما شاء ، لتتحرك هذه المرة بـ غيظ كبتته طويلا لأجل الغبي المسمى بـ القلب !






؛



















غرامك كان محراب المصلى ، كأني قد بلغت بك السماء
خلعت الآدمية فيه عني ، و لكن ما خلعت به الإباء
فلم أركع بساحته رياءا ، و لا كالعبد ذلا و إنحناء
و لكني احببتك حب حر ، يموت متى أراد و كيف شاء


ابراهيم ناجي



تتبع الاوامر حتى ادق الحذافير ، بصمت و سكون رافقاها منذ ايام ، سكون لم يخيفه بالعكس ، عليها ان تشذب صفاتها ، و هذه المرة بوجوده قربها ، و إن قسى فـ هو لن يكون حينها جائرا ، بقدر ما هو محبا لرؤيتها كما تستحق ان تكون ، والدة طفلته .. الجميلة
كان قد ادخل الاخيرة ، النائمة كـ ملاك يناقض العفريت الذي تشبهت به طيلة الـ " خمس ساعات " الواصلة بين بغداد و اربيل ، لا زالت نشوة وجودهما قربه تسرق من قلبه نبضات ، ظلتا تجلسان تحتضن احداهما الاخرى على المقعد المجاور له ، و لأول مرة منذ ان انتقل لهذه المدينة ود لو أن الطريق يطول ، لا أروع من شعوره بأمان وجودهما !!
طيلة الايام السابقة و القلق يغزو شيبه البادي ، يدرك بأن قاسم لن يصمت ، و هو الاخر لن يتنازل و لو كان بالأمر سفك لدماه ، و هذه المرة تصميمه شمل به الجلنار ، لن يتركها لتشوهها قذارات قاسم اكثر ، لن يتخلى عن رغبته بإمتلاكها و الصغيرة
و لحسن الحظ بل بلطف القدير ، قاسم تركهما يتجولان بحرية ، بل حتى سمح لبقية افراد عائلتها أن يقابلوها مودعين !!

بسمة عطوف حطت على النظرة المنصبة على الجسد المنتفخ لـ سلطانة آل صفاء الحديثة ، تتخذ من مخدعه سكنى لها ، مرت بباله ذكرى غضبها الاخير منه ، تعاركه بشأن من ابعدها عنه ، " ليوسي "
أفسدوا له قلب فتاته ، و اخلاقها ، فصارت بكل وقاحة تقف امامه معلنة مشاعرها نحو احد ابناءهم .. و كأنه سيسمح لأحد بالإقتراب من حدودها يوما ، تلهف قلبه لرؤيتها تكبر امامه ، فيملأ الشيب رأسه و امها ، تشاكسهما بـ دلال ، و تتغنج بطلبات لا تنتهي ،
ليعبس فجأة بقلب ينقبض ، أ سيكون محل قاسم ؟ ليراها تنسل من حضنه لأخر ، إختارته دون رغبته ؟ ، هل سيسمح لها بفطر قلبه و شطر روحه ؟ و هي .. أ سيرتضي لها قلبها ، و مشاعرها على المضي دونه و والدتها ؟ كما فعلت الاخيرة .. لتكون معهما ؟!


جر من افكاره المنعكسة على الوجه المكفهر ، اثر ذات نبضة خطفت من طابور رفيقاتها ، إحتدم الصراع الاعتيادي بنفسه و هو يلتفت حدوها منصتا لما تقول ، و مبصرا روعة ان تتخلى عن قيود بينها و الاخرين معه !: وين الحمام ؟













جر من افكاره المنعكسة على الوجه المكفهر ، اثر ذات نبضة خطفت من طابور رفيقاتها ، إحتدم الصراع الاعتيادي بنفسه و هو يلتفت حدوها منصتا لما تقول ، و مبصرا روعة ان تتخلى عن قيود بينها و الاخرين معه !
ازدرد ريقه خفية و هو يرى الحسن بأبدع صوره ، ملامح مجهدة من طول الطريق ، عنق طويل مزين بحبات عرق اثارت جنونه ، و ليكتمل بهاء الصورة ،
حررت شعرها من قيده .. فتراها شقت جلباب تماسكه فتقطعت ازراره ، واحدا تلو الاخر !

رغم انهما تشاركا منزله في بغداد إلا إنها دقيقة لم تتخلى عن الكعكة الضخمة الراسخة فوق رأسها و هي واعية ، ليكتفى حينها بأستراق لحظات استمتاع ' من حقه ' فيراقبها و هي تغفو على سرير الجدة ، و الكومة الكثيفة الحالكة كـ ليل مسهاد تضطجع قربها ، محل ما يجب ان يكون هو !
ظل لليال عاكفا على التردد بين غرفة المعيشة حيث ينام ، و غرفة جدته ، بفؤاد دائم السهاد رغم وسن الجسد

تحرك خطواته بإتجاهها ليرى إنكماشها مفضوحا رغم محاولتها لمواراته خلف اصطناع العفوية بحركاتها المدبرة خارجا ، تبعها ليقف عند العتبة ، حيث كانت منذ ثوان ، لتسخر نظراته و هو يلمحها تجلس القرفصاء قرب إحدى الحقائب " الضخمة " التي جاؤوا بها ، تلون بصره بالمتعة و هو يلمح ما عزلته جانبا ، الثوب الصيفي القصير لـ سلطانته الصغيرة ، و الاهم منه .. ذلك اللباس الداخلي المضحك بحجمه الصغير ، و الذي كإخوته دوما ما كان مفضوحا ، فـ الأنيقة لم تزل تتسربل الخطى بـ اثواب و تنانير لا تغطي الكثير من افخاذها المكتنزة .. و ليزداد الامر روعة ، ابصر اختيارها البطئ للحفاض ، و من بعده بودرة الاطفال ، و سائل الشعر ، ذا الملصق الطفولي
الشقة المحتضرة هذه ، سـ تتلون ببهجة عيد ، أخيرا .. لما لمح ترددها و هي تبحث عن اشياء اخر ، فهم إنه بدأ يتطفل على خصوصياتها ، فـ علق بـ هدوء لم يزل خشنا

: المي باارد هنا ، و السخان هسة فتحته ... إنتظري شوية يللا تفوتين تغسلين

دون ان ترفع رأسها اجابته متظاهرة بالانغماس في البحث ، و كأنها تنقب عن كنز ! : عادي اني احب المي البارد ، و جود من يحمى اغسللها مو مشكلة

: ما بية حيل تتمرضين علية ، دوامي عقب باجر حيبدي و يبقى البيت عليج

بسخرية اضاف قوله الأخير و هو يتحرك بـ بطئ متوجها و من جديد نحو الداخل ، دنى من دولابه ، و احداقه تتلصص على ما خلف الباب المفتوح ، و لكن دون جدوى ، لم ينجح بلمح ظلها .. اخرج لنفسه قطع بيتية كيفما شاء ، و قبل ان يعود ادراجه تأكد من استكانة الشجيرة القصيرة تحت اللحاف الخفيف ، فـ حال الانتقالية المناخية قد تصيبها بالتوعك ، و هو لم يكتفي من جنونها بعد

ما إن خرج وصله على خلاف السنين السالفة صوتا إنثويا لطالما طارده ليال سهد فيها قلبه ، طارده هنا بين هذه الجدران ، كم و كم تمنـى أن يصير سرابها يوما حقيقة فيرتشف من عذب زلالها و لو لمرة ، فالجفاف دونها اصاب صمامات قلبه بـ تيبس عكف على إيلاجه في دهاليز الشوق الحار ، و ها هي امامه ، بـ فستان طويل ملطخ بمزيج ألوان غامقة ، تعلوه سترة قصيرة من ' الجينز '

أنيقة !
هذا ما لحظه عن ' زوجة ' تظللت بإسمه لأربعة أعوام دون أن يكون ما بينهما حقا .. لا يكادان يعرفان بعضهما البعض ، ما ان يتقابلا يكتفيان بشجار الألسن و عناق الأفئدة ، كم ود لو يقترب ليمزجها به ، و الله ودها كما لم يفعل من قبل .. و لكن ما زال ما بينهما بقايا من سد بنته سواعد الاشداء ، لم يحطم تماما

عجبي على قلب يرقص طربا بين الرئتين ، يحاول جرهما هما الاخرتين لذلك العرس المبجل ، ليس عرسا بقدر ما هو احتفالا مزين بأهازيج السعادة لكون ' الحق عاد لأصحابه ' ، و حقي يجلس امامي ، يحدجني بنظرات حانقة ، تكاد تفلت عقال سيطرتي ، حقي المستباح .. كم أشتهيته لما ابتعد فـ تاه القلب دونه ، و كم حقدت عليه ؛
هذه البقعة التي تستضيفنا فوقها بجود .. كل شبر بها يشهد ما عنته ، و ما ذرفته من دماء الشوق ، بعد أن كنت أسكر حنينا غير محرم ، و يمزق صدري صوت أنين مضى ، و طيف صاحبته لم يمض !
طيفها ... الماثل امامي ، بهيئة ، تكاد تقتلني ، برغبة لـ لمس خصلات و رب الكعبة إشتقتها ..













أضنته المقاومة ، لإستباحة " حقه " ، فـ التفت بنية تبريد رأسه المنتفخ بالترهات التي اشعلت به مراجل الوله لكل ما يخص من كانت مجرد وهم يتمسك بتلابيبه كل ليلة ، يتمرغ بين اغطيته .. و ينقر فوق جدران قلبه ، و على شفا غفوة منه ، يعاقبه بغرس مخالبه المقلمة في لحمه ، ليستيقظ فزعا .. و دون ان يرتق ما شرخ ، يحتضن وهمه .. فيسهد !

: هااي شنو لعد انتة ليش حتسبح ؟

قالتها بحنق مسلي فـ أهمل الالتفات نحوها مكملا طريقه صوب الحمام ، تشيعه نظرات ' رغم حدتها ' بفحواها لمحة فضول لإستكشاف " عز الزوجية !! "

: أني متعود على هالجو ، إنتو لأ .. اذا جوعانة شوفي الثلاجة شبيها ، و اذا تريدين تنامين روحي يم بتج




؛





بعينين تبرقان كانت تتبعه حتى اذ توارى بضخامته خلف باب الحمام !! .. انفاسها التي حبست طيلة الساعات السالفة افرجت عن سراحها بزفرة طويلة ، هدلت كتفيها ، و سقط ما بيدها من كومة الثياب لداخل الحقيبة مجددا ، دون ادنى تأجيل استقامت و قلبها يتقلص لتشعر بجحمه صار كحبة بازلاء ، تاركا مكانه اجوفا ، إبتلعت ريقها بصمت ، لتتحرك و الفضول " الخائف " يزودها بالعزم ، لن تحتمل أن يذبحها بـ أخرى
و على ما تذكر في احدى مكالمات السنين الماضية اخبرها بأن هنالك من تشاركه الشقة ، زوجته ! .. قضمت شفتها السفلى و نبضها يتخلخل ، هو لم يفصح عن طبيعة علاقته بتلك ، و هي بإعتزالها عنه بعد شناعة مصيبتها الاخيرة لم تستفسر منه عن شئ ، تركت له القيادة ، دون حتى استفهاما تعلم به أين ستقطن مع صغيرتها

في أول الأمر راحت تتجول في الصالة الواسعة التي تضم جدرانها الجانبية ابوابا تتوزع بعشوائية ، عيناها تحدجان كل ما تلقاه ؛ فتظنه لأنثى ! .. جبينها يتغضن بقلق لم يفتأ أن يحفر بصدرها خندقا خاوي .. إن فعلها و أتى بها بشقة غريمتها ستقتله .. كـ فراشة تشتعل الجناحين راحت ترفرف بين ازهار حديقة لا تدري من ملكتها من قبلها ، ابتدأت بالغرفة التي وضع بها ابنتهما ، بعجل صارت تنقب عن اي أثر لـ أنثى
عطر أنثى
رداء أنثى
احمر شفاه .. لأنثى
لتذهل لما لم تجد ما تدسه الشياطين برأسها ، تمنت لو الوقت يسعفها لتقلب الدولاب رأسا على عقب ، و لكن لا بأس .. ستتفرغ لهذه المهمة بعد ان يغيب للعمل بالتأكيد
انتهت من اول حجرة بنجاح ، و خف ضخ الدماء لاجزاءها قليلا ، لتتوجه حيث الغرفة الاخرى ، و بداخلها توجس جعل لأنفاسها هسيسا مسموعا ، ما إن دلفت حتى فرت من شفتيها شهقة فزعة
غرفة نسائية بحتة !!
إختض قلبها بين الاضلع لتتخدش حيطانه بدما اهله ، أوجعها نبضا ، ليرتج رأسها معلنا عن صداع حاد .. قبضتها المصابة حطت فوق القلب ، تعصره و ذاتها ، المقل فاضت بقهرها ، و الروح غصت بنحيبها ، كانت هنا
و لربما ما زالت ، و ستظهر حالا من خلف احد الابواب ، تعاركها لخطف ' رجلها ' ، إنحنى ظهرها بؤسا و نشيج اخرس راح يشق طبال الجدران التي قررت هي الاخرى ان تضيق حول الضيف الكئيب ، صار الفؤاد يذرع الحشا قافزا بكل النواحي ، معاتبا اياها فهي المخطئة الأولى ، هي من تركته ، و لكن أوكان الامر بيدها ؟

ذات خيبة جعلت وشائج التحلي بالـ " عقل " ممزقة ، كـ خرقة بالية لم يعد لها اهمية ، و ما نفع العقل و هي من اتبعته بسبات ذهن ليجيئ بها حتى هنا ، حيث عشه مع غريمتها ؟ .. لم لا تتعلم من مصائبها ؟ أ نسيت من هو علي ؟ أ ستظن بأنه سيتفهم وجع نهش الروح قبل الجسد و هي تتنفس هواءا بين جدران شهدت صولاته مع زوجته ؟ يا الله .. لن تحتمل

جثى الهم فوق انفاسها فصار تماسكها عسيرا ، أضحت مشتتة الذهن و القلب ، شعرت بالعجز ، بالاذلال ، كيف ستصطبر على علقم علي دون ان تثور شياطينها ، فيعاقبها بـ مد اليدين إن تطلب الامر !! .. علي بدا متوحشا اكثر عن ذي قبل ، و كأن شيبا راح يغزو شعره و لحيته لم يخفف من غضب عاش و تربى على تعاليمه .. لاكت الوجع بفكيها ليبتلعه الحلق بخنوع ، بقلب مفطور إستدارت لتلج خارجا مسرعة و كأن عفريتا يلاحق طيفها ، و ما ان فرت من ارض لأخرى حتى اتجهت و بسرعة حيث الحقائب الضخمة الراسخة ارضا ، بلا هدوء صارت ترمي بداخلها الملابس التي جهزتها مسبقا لها و للصغيرة ، تعروج الجبين الرقيق تعاظم لما سمعت قرع طبول الفؤاد الواقفة على جانبي قلاع الملك ، بـ تحية ملكية صارت ترحب بـ عودته ، قاسيا !

: هاي شبيج ؟

سمعته ينطقها ليشتعل حطب الموقد في صدرها ، و هو ببرود لا يليق به صار يقلب اسياخ الاضلع كي تشوى جيدا ، فيراقبها بعين المتعة
استقامت بعد انحناء ، لترتفع الكتلة الليلية فتحط بتشعث ذات يمين الوجه البدري و ذات يساره ، بتلقائية فردت انامل الشمال لتمشط بها مقدمته ، حتى قضت على ذلك السبيل الرفيع بين المنتصفين ، و بها ذاتها حاولت لملمت شمل اطرافه الثقيلة على كتفها الشمال ، غيظها و نفورها ممن يستقيم خلفها دون ان تبصره فعليا راحت تفصح عنه بـ لي شعرها بـقوة جعلت منه قضيبا حلزونيا ، دون ان تلتفت كزت على اسنانها ليغادر صوتها الحنجرة محملا بالبغض

: بهاي الشقة منقعد لا اني و لا بتي ، اني منااقصة هم جايبني يم مرتك

صمت ران من قبله جعلها تشك في ذاتها و قولها ، أ تراها قالت امرا محظورا في حق البشرية ؟! .. بعد وهلة جاءها صوته كسولا ، متمللا بحق
: جلناار ، تعباان من السياقة و اريد اذب روحي و انااام ، خبالاتج هاي عوفيها لغير وكت
و ترة المي حمى ، اذا تريدين فوتي سبحي
بس دخييلج لتقعدين بتج ، هاي اذا قعدت بعد متنام و اني تعبان

شدت على يمينها لتتأوه دون شعور ، فتطرق لحظة بمقل دامعة لتلمح الشاش الابيض الذي يغطي كفها ، كم ودت لو تحشره في فمه ، عله يصل لـ مركز تدفق الوقاحة و غلق ثقبه ، فلا ينساب من ثغره الا زخرف القول الجميل
استدارت بسرعة نحوه و الشمال بلا شعور رفعت كومة الثراء الرباني الذي تملكه لتلقي به بهيجان ، فيرتطم بالكتف و يتطاير من حولها مشكلا هيئة ، شرسة .. مجنونة !

















صرختها الحانقة خرجت كـ زئير لبوة في خضم عراك مع الليث المستهتر بنظراته ، رغم اتقاد نبضه و انتفاخ القلب ، لوحة متكاملة تستحق ان تبصر ، بـ هيام ، كانت كذلك و هي تقف امامه بعيون تتوهج شرا ، و تنوي عراكا .. بلحظة بل اجزاءها انطفئ البريق و تأتأ نبض القلب متقهقرا ، ارتدت خطوة للخلف بأنفاس مخطوفة و هي لا تستطيع ان تحيد ببصرها عن هيئته المتفردة ، أول مرة تلمحه بـ هذا الحال العفوي
يرتدي بنطالا قصيرا من الكتان الخفيف نيلي اللون ، يعلوه قميص قطني بلون الصحراء ، و التمساح الصغير المطبوع على جانب صدره رفع من قيمته الجمالية اضعافا ، بـ غباء !

غصت بغضبها و باءت ثورتها بالذبول لما لمحت تلك الفطنة المشتعلة بنظراته ، و هو يدرك تماما بأنه و دون اي جهد يذكر ، أسكتها حد الخرس ، ارتعش فمها و نظراتها تتوشح بالذل العاطفي لتهرب من قيده غير مدركة لسبب اتقاده الحقيقي ، غير مبصرة لما تقع عليه نظراته بـ تيه رجل ، يقسم من حوله بأنهم لم يظنوه يوما سيشتعل رغبة في مراقبة شئ ما ، شئ كان له ماض غير مشرف ، كم من مرة ترك له هذا الشئ المغري تذكارت هائجة ، لا يذكر .. و لكنه متيقن بأن جل ما تمنته يداه منذ ليال هو أن تتخلل أصابعها الخشنة هذه الكومة الرائعة الفتنة ، اللامعة كـ ليلة ظلماء تترصع بالنجمات الرقيقة ، و يزين بهاء الصورة القمر المنير

إستجدت ذاتها لتلقي إعتراضها بتوتر : علي ما ابقى بهالمكان ، ألقيلك حل ، اني معليية شتسوي ، ودينا فندق

دنى منها بحركات تتظاهر بالكسل ، كسل يعمل كجلباب يستر به عري لهفته ، و الشوق .. ترنح الفؤاد مخمور البصر لما تهادت له أنتها القصيرة ، المتعجبة حاله ، و المهتزة لقربه ،
خطوات ثلاث صارت فارقا بينهما ، قبض على يده مفرغا بعض شحنات التماس العاطفي الذي افلح بشل عقله عن التفكير ، بـ نبرة فاترة تحدث ، محاولا ان يلتقط نظراتها و لو بالخطأ

: و اعوف اهلي ؟ تعقليها انتي ؟ اصلا وين اخذكم هنا الشقق غاالية صاحب العمارة مسويلي خصم لإن ابنه صاحبي و لان اني مأجر شقتين
وين القي عمارة لخ بيها شقتين فارغات و قريبات ؟ لتبهذلين احوالنا و تكبرين الموضوع

ما ان بدأ الحديث حولت بصرها نحوه ، تنصت له بإمعان ، و النبض يهيج ثائرا مبتهجا بتلك الهيئة الوسيمة ، ثلاثة اعوام مضت بينه و تلك ، بالتأكيد ابصرته هكذا ، و لربما بحال اجمل ، و اكثر عفوية ، يا الله ... يا الله
ابتئست بهجتها و حل العبوس على الوجه الحسن ، لتهمس منفعلة ، ممتلئة بقهر الإناث : حرااام عليييك تريدني اعييش وياااهة ؟ أعييش بمكاان هية عايشة بيه ... و الله ما اقدر ، ما اتحممل ، ما اعرف اذا متقدر تلقي شقة لخ اني عندي حسااب بالمصرف اسحبه و اشتـ ـ ـ

: ليش متنجبـ ـ ـ ، أستغفرك يا رب
جلناار تدرين مرح اقبل هيج حجاية فليش تجيبين الحجي لنفسج !

تلونت نبرتها بالتعاسة ، لتهمس بائسة تبصر ساعده المصاب ، فعند الاستحمام كان قد ازال لواصق الجروح من عليها ، لتبقى عارية تؤلم الناظر : يعني شنو ؟

فحاكاها بـ خفوت دغدغ جدران القلب ، ليلتوي منتشيا : يعني تبقين هنا ، و اذا تريدين اغيرلج الاثاث ، و نصبغ الشقة .. غيريها مثل متريدين انتي ، بس طلعة منها ماكوو

تشجعت لترفع نظرها نحوه ، فتنساب كلماتها بصدق لا تيه فيه : ما اقــدر والله

: لا تقدرين ، يوم يومين و تتعودين

ليتغضن الجبين ، و تتوحش النبرة : زين و هيــة ؟ وين تقعد ؟ لتقوول ويانة ؟ و الله العظيم اخذ بتي و متعررف وين طريقي ، و الله اخليك تفر راسك فر و متلقينا

لاح لها طيف بسمة غزت الاحداق و من ثم الفم ، ليغص فؤادها بصدمته ، و شوقه .. منذ ايام لم يتبادلا حديثا ، و ها هي الآن تقف امامه بشموخ زيف ليبدو على ماهو عليه ، تحاول التشبث بقشة كي تنجو من غرق محتم ، و لكن هيهات !

: علي مدا اتشاااقـ ـ آآه

ليفاجئها برد لم تكن به حالمة ، إذ رفع كفها المصاب .. ليفرده و وجهه ينضح بأسى غير مستور ، ابهامه ظلت تدلك باطنها من فوق الضماد ، حتى إذ همس بتأثر ، دوخها !

: راح أفتح الشاش و لمن تفوتين للحمام قوليلي دا انطيج جفوف لبسيها ، و ديري بالج تأذيها ، ترة جلدها بدا يطيب شوية

تأوهت بـ وجع عاطفتها الأنثوية الناعمة ، تهدل كتفاها و معهم القلب ، أخرست افواه المحتجين من خلاياها العصبية و رئيسهم الدماغ ، صمت اسماعها عن كل شئ دون نبضها و الانفاس !
لم ينتظر منها ردا ، ليبدأ بفتح مقدمة الضماد ، و لكن لم يلبث أن ينهي عمله " الذابح لحبل سيطرتها على الذات " حتى علت زقزقة العصفور ، معلنة عن حضور زائر

حشرت انفاسها شهقة عالية الصوت ، ارتدت للخلف خطوة متوترة لتسحب بيدها منه دون شعور ، راقبت نظراته المتساءلة و الممتعضة لتتمتم بـ رجفة : هاي هية مو ؟
و الله العظيم ما ابقى وياك لحظة اذا تجي هنا ، و الله العظيم

امتقعت ملامحه بضجر ، ليثبت نظرات عينيه على كفها ناطقا بعناية : لتخافين ، مو هية .. بس فوتي للغرفة يم جود ، إحتمال بيبيتي هاي

عضت شفتها السفلى لتهمس بذات خيبة : شنو مرح تقلها جبتنا ؟
فتتلون نبرتها بآسى اعظم مسترسلة : حتى لو تقلها ، هية بيبيتك من زماان تعتبرني عدوة و تكرهني ، عااد هسة ورة الي صار

تقدم منها لتنكمش على ذاتها ، ابتلعت ريقها بصعوبة و هي تشعر بذراعه الشمال تحط فوق منتصف ظهرها ، ليدفعها للامام على حين غفلة منها ، تعثرت بشهقة عنيفة ، لتتماسك بعد عسر دون ان يمد لها يدا للعون ، عاد ليقول بلطف اكثر : جلنار ، أعرف بيبيتي فاريد احجي وياهه وحدي ، ما اريدها تفوت و تشوفج ، تفز

: تفز !!!!!

ليفاجئها بذات بسمة شقت ورقة عقدها مع الزعل لنصفين ، " خصوصا انتي و هالكفشة "

: كفشششة !!!!

ارتفع صوت الجرس مجددا ، ليرفع حاجبه بسرعة ، فتتحرك بإمتعاض نحو الحقائب ، بمحاولة لجر اثنتين منهما ناطقة بـ خفوت : تعال دخل الثالثة

: عوفييهم و فوتي هسة

بمنتصف الطريق تركتهما ، لتتوجه حيث صغيرتها ، بخطوات تجرجر اذيال خيبتها خلفها


؛




؛





دون عتاب ، تبادلا تحايا بسيطة ، ليزين جبينها بـ " كل عام و انتي بخير ، و اياامج سعيدة خاتونة "

: بعد وكت افندي

قالتها ساخرة و اكتفت بذلك لتلج داخلا ، مقلبة نظراتها في المكان بملل ، استوقفتها الحقائب لتلتفت نحوه بـ سؤال صريح

: هاي جنطمن ؟

أشار لها نحو الارائك ، ليقول بـ إسلوب هادئ ، يغيظ من لم يعتاد منه الامر : دقعدي حجية ، قعدي و خلينا نتفاهم .. بس قوليلي قبلها ، ماخذة دواج ؟

لم تكلف نفسها عناء الاجابة ، فقط توجهت حيث اشار ، لتتخذ من المقعد الطويل سكنى لجسدها المنحني بعد ان تشبعت من اعوام عمر نصف العقدين السابع و الثامن ، ليتبع خطوتها فيجلس على المقعد القريب

: شلونج ؟

: تحت رحمة الرحمن ، شعدنا غيره ، هوة بس فدوة لإسمه يرحم عبده و مينسااه

كتم التسلي مكتفيا ببسمة خفيفة حطت على ثغره ، نحنحة قصيرة ندت من حنجرته ، ابعد بها ما علق من تردد ، ليستطرق بعد وهلة : بعدين نتعاتب ، هسة جايبلج خبر حلو

: خبر حلوو ؟؟ منك انتة ؟ و تريدني اصدق !

: ههه سويتيني مزق ، بس ميخالف ، تمون الحجية ، زعلانة و تتدلل

: فضهاا شعندك ؟

: بالبداية جاوبيني ، أخذتي دواج ؟

: إي اخذته

: كذااابة

: أياا ادبسزز يا ابن الادبسز ، انتة ولك شوكت يصير عندك احترام ؟ دكتور و دكتور و الله الله يرحم والد كلمن يصير جوة ايدك

: لج سمعيني و كاافي رزايل

: لجلاااجة بقلبـ ـ العدو ، استغفرك الهي ، إحجي يللا

: ضغطج شقد ؟

: و لك علي يمة بديت اخاف شكوو ؟
قست ضغطي زين ، بس مرتك ام لسان رجعت رفعتلياه

: بيبي ساارة مو مرتي ، و شسوتلج ؟؟ لعد بتج وين ؟

: امك رايحة للسوق ، معليك بذيج القرج " الوقحة " ، فهمني شصاير

: سمعيني للاخير بدون متقاطعيني
تدرين بية لهسة ممطلق بت قاسم ، بس متدرين غير شي ، شي جنت ضامة عليج لإن ادري مرح تسكتين

: شييش ولك وقفت قلبي ؟ " شي إيش ^^ " ، و شجاااب هالموضوع ببالك ، مخلصنا من ضيم ذيج الـ ـ

: بييبي سمعيني زين قلت ، باعي ، جلنار من راحت لاهلها جانت حامل

شهقـة مصدومة رافقتها ضربة قوية على صدرها المريض ، لتتبعهما صرخة لم تعتب بيبان الوعي : ولك شلووون ؟؟ من رااحت لابوها ؟؟ قبل خمممس سنيين ؟؟

: أربعة ، قبل اربع سنين

: و انتتة ؟؟ جنت تدرري و خليتهااا ؟

لـ وهلة ، عاتبه الشيطان على ضعف الفؤاد ، حاول أن يثير نفسا امارة بالسوء ، لتسئ .. و لكن بـ " لا إله إلا الله " صامتة نجح ذو النظرات الهادئة في التشبث بـ صفة حميدة ، بغاية تسمو رغم سبيلها المتعروج : طبعا

تنهيدة قصيرة هربت من صدره ليسترسل بعدها بجمود ، فبدا غير موقن لـ فقه احرفه ، و كأن به طفلا يلقي نشيدا في احد الصفوف الابتدائية ! : جان لازم ترجع لأهلها على الاقل ميصير بيها لو بالجاهل شي من القهر
بس قبل لتقولين شي ، إتفقت وياهم اشوف بتي ، و جنت كل فترة اروحلهم ، مراات همة يجون لاربيل و اروح اشوفها

بذات حرقة ارتفع صوتها و الضغط ، لتلطم على فخذيها و ثياب الخيبة غطت قدها الواهن : عززة العزاااني ، صخااام الصخمممني ، كل هذااا و مقاايلي ؟ و لك لييش ؟ شلوون ؟ شووكت رحتلهم شوكت سافرت ؟ مو جنت تقول هية بالاردن ؟؟

: لا جانت ببغداد

: نعلعلااا قلب قلبك ، و لك اربع سنيين حارمني من بتك ؟؟؟ و لك شقول عليك شدعي عليييك ، تدرري انتة شنو معزتك بقلبي ؟ و لك تدري جنت كل ليلة اصلي و ادعي الله يفرحني بشوفة ضنااك ، ليييش تحرمني من شووفتها ؟ ليش مـ بردت قلبي بيها ؟

: لو قايللج جان شيبتي راسي و فوق امراضج جان صار بيج مية مرض ، جان خبلتيني يومية تقولين روح جيبها و وين بتك و مدري شنوو ، و اني منااقص هم

: هم ؟
و لك ضناااك ، حرمتنييي من شووفة ضناك .. حررقت قلبي علاوي ، حرررقت قلب بيبيتك والله

يكفيك أماه ، فأنتي و ربك تتقنين شق جيب الصدر و رش ادمعك المالحة حيث الجروح الغائرة ، ليستحيل التئامها و لو رتقتها عشرا





؛

لا تتعبي جفنيك
غلف ' يأسه ' جفنيه !
هو لن يراك و إن تكن عيناه في عينيك




منذ أن غادرت جدته و هي تقف هنا ، بـ بقايا أنثى تستجدي طيفا لم يكن لها يوما ، لم تكن بحساباته و هي تشاركه المسكن ، فكيف الآن و بعد أن غطى ستر الفضيحة ، و تخلص منها !
لطالما فيما يخصه كانت بلهاءا ، مثيرة للشفقة ، ممرغة انف الشموخ الواهي في وحل من شغف ، جلد صبرها يحمل اثار سياط الشوق ، و الرغبة للحصول على ما كان امنية الصبا ، المشكلة تكمن في كونها تمتلك قلبا لا يعرف الاذلال ، و لا الخسارة ، فـ تراها تمني النفس بأنها رغم كل شئ الاحق به ، و هو ملزوما بها و لو غزا الشيب ما بقي من شعره ، عليه أن يردها لعصمته .. لما طالبته بالفراق ، و اصرت .. تمنت صدقا أن يكون شحيحا في تلبية المطالب ، مهما حاول ستر عورة راحته لدى طلبها ، سيفشل

فصار الامر بعد ذلك مفروغا منه ، ستتطلق ، و ستنتظر منه وعيا ! ، فـ لم تتجاوز بأمانيها تعتيب بيبان تعود لغير العقل ، فذاك المسمى قلبا مشكوكا في امر سكناه الصدر ، بيقين ادركها منذ ارذل الحزن ، و أكده هو بلحظة اعتراف غاضبة .. مر دهر على فؤاده و هو غائب ، بدون ان يحزم بقاياه رحل ، لم يرحل مودعا و لا واعدا بلقاء ، بل غادر راكضا لاهثا ، في سبيل حالك الظلمة لم يترك منه سوى عطرا سلف ، و أثار دماء ! متمزق الاطراف كـ حاف فوق شوك ، و باهت اللون لخواءه من دمه ، ظل يعافر خلف تلك ، من لا تستحقه

بينما هي ، فـ بكل حق بخس كانت و لا تزال طرفا ثالثا ، لا يرى ، و إن رأي ، سيهمش كما لو إنه لم يرى !!
بزفرة قهر شتمت ، و هناك في يسار الصدر قلب يحتضر ، سقيم على شفا الموت ..
ينتظر املا وعده بعشبة سحرية
موجودة في غابة ملكية
تحرسها كل افاعي البرية
و حولها خنادق رملية
تبتلع من يدوسها برغبة عتية
أفبعد كل تلك الحراسة القوية
يكون منطقيا أن تنتظر عشبتها الوهمية ؟

بغفلة من حاضرها كانت ، لنتتفض بالصدر الأضلع ما ان وصلها صوت غلق الباب المقابل لـ شقتهم ، و دون تأخير كانت قد التصقت كليا ببابها ، عينها تثبت على عدسة الباب السحرية ، لتشهق الروح فرحا ، و تتراقص الأماني امام احداقها بـ مهارة ، ودت لو عاد بها الدهر شهرا و ايام ، ما كانت حينها ستصر على وأد روحها الفتية ، و ذبح عنق حلمها الملكوم
رجفة اعترت داخلها و ما ظهر و هي تراه يتقدم نحوها بخطواته العرجاء ، اغلاقه الباب دون ان تظهر من خلفه العجوز هزها حنينا ، و املا بإمكانية الوصول لـ موطن العشب المسلح بالثعابين السامة ، إزدرت ريقا جف ما ان وصل ، و دون تأخير ضرب الباب بقبضة شديدة ، محل قلبها ، لتجفل بإرتياع متقهقرة خطوة ذات دبر ، و كأن ابخرة حريق راحت تغزو الشقة من شقوق لا ترى تحيط بخشب الباب المؤصد ، فـ تخنقها
توجست خيفة من قدومه و شراسة تنبيهها بوجوده ، أليس هنالك جرس ؟ لم لم يستخدمه ؟ أم إن هنالك غضب مكبوت بصدره لم يقاوم اغراء تنفيسه ؟ فتسائلت ما فعلتها كي يغضب الآن ؟

سحبت نفسا طويلا ، و هذه المرة لم تجفلها الضربة ذات القوة الاعظم ، و التي رغم البعد بينها و الباب هزت قلبها ، شمخت برأسها عاليا ، و رفعت حاجبا متقنة ارتداء زي الفتور ، ما ان ادارت اكرة الباب حتى امتدت قبضة من حديد لتلكم كتفها فـ تتقهقر خطوات سريعة مدبرة ، اجفلها لتتزامن شهقاتها المصدومة مع صوت انغلاق الباب بعنف !!
لولا الطاولة القريبة ، لكانت فريسة الوقوع ارضا ، أمامه .. تماسكت بـ صلابة ، لترفع وجهها نحوه ، و قبل أن تأتيه مستفسرة ، جاءها هو ، بصلادة نطق و يمينه تتكور بقبضة ذات شكل مهيب فكيف بالقوة !!

: جنتي تدرين بحمل جلنااار ؟

لم تدرك مدى الشحوب الذي صعد للملامح من القلب ، عيناها توسعتا بصدمة تسربلت برعب باد ، و شفتاها انفرجتا متلونتان بأبهت الألوان ، فجيعتها بالخبر لم تكن شيئا امام رعبها من نظراته المهددة بـ عري مفتضح ، لم تفلح بإبتلاع ريقها و شحذ همة حبالها الصوتية ، فـ قد تهرئ كل شئ كما حبال القلب ، و الروح !
شعرت بإهتزاز أسنانها ، و لولا رحمة الله لكانت اندلقت كحبات لؤلؤ من محار الفك المتشنج ، إثر صفعة رجل ثائر ، متوشح عباءة الغضب الأحمر !

" آآآآه " مرتفعة صرخت بها ، لتصمها مع سماعها طقطقة عنقها الذي ادير بعنف ذات الشمال حتى قارب ان يدق إثر صفعة !

: ليش مقلتيلي ؟؟

نطقها بهدوء ميت ، كمن يجاهد في سبيل التعقل ، و الاستعفاف عن صفعات اخرى ، لم تجبه ، ظلت مشيحة بوجهها " غير مطرقة به " ، يمينها ترتكز على خدها اليسار ، كأنها شردت في عالم أخر انساها ضعف حجتها ، و ثبات ادانتها بالجرم المكشوف .. ظنت انها لن تلاقي مصيرا تمنته لتلك القذرة ، وجه المصائب ، لكن ظنها تغطى بملاءة الإثم ، لتتزحلق بحفرة اماني حقيرة تمنتها لغريمتها

: جاوبيني بسرعة

و لإنه يعلم من هي ، لم يتعجب من قولها الساخر ، الحانق ، و حتى الآن لم تبدل من وضعها ، مستندة على الطاولة المرتفعة خلفها ، و كفها تحط على مكان الصفعة التي لم تنفس عن بركان الغضب المكبوت بصدره منذ ايام !

: هه ، حبيت اخلي مرتك تقلك الخبر ، تعرف ، الفرحة تصير غير شكـ ـ

: سارة و الي خلق سبع سمااواات اذا منجبيتي و حجيتي عدل لا هسة ادمييج و اخليج تعرفين الله حق

بذات نقمة رفعت عينيها بإتجاهه لتبصر سبابته الضخمة الموجهة نحوها ، رجفة قصيرة سرت على شفتيها لكنها قضمتها بسرعة لتخفيها تحت قول لاذع : أهاا ، تضربني ، و تتوقع رح اسكتلك ؟؟

: إنتي شنو فهميني ؟ لا أخلاق و لا خوف ؟ زين مفكرتي بمرة من المرات اني شتحملت من ورااج و من ورة ابوج و مصايبه ؟ مقلتي يستاااهل الكذب هالرجال لو لأ !!

: دتعيرني بالستر ؟ هه والله رجاااا...

: سااااارة و سسسسم و زقنبوووت

عادت لتهرب بـ نظرها و الجسد هذه المرة ، اذ ولت بإدبار حاولت اخفاء جبنه ، و الرعب ، كرر بـ ذي حقد غلف بضحكة فاترة ، صادرة من جسد صلبوه بـ كل انواع قهر الرجال ، حتى قهر

: تدرين ، شقد ما احااول احسن صورتج تبقين مثل مـ إنتي ، بت واحد ..... أستغفر الله العظيم

تجلدت بالبرود رغم غليان مرجل الصدر بدماه ، ربعت ذراعيها فوق مخدع صدرها و شمخت بأنفها بتعال ، لتنطق موارية نحيب نبضها : ممكن افتهم هسة ليش جاي علية ؟ ليش متروح على مرتك العزيزة الغالية تقلها ليش مـ قلتلك ؟ إسألها ، أني شكووو ؟
لو هذيج شتسوي حلااال ، ما اعرف شمسوييتلك حتى هيج تصير يمها ، لو مو مبين عليها ثووولة جان قلت ساحرتك

بضحكة ساخرة اتاها رده ، ليتذيل ببهرج الإيلام : هذيج الثولة على قولتج ، تسوااج و تسوى راسج ، على الاقل عمرها مـ طعنتني بظهري ، و جنت ادري بيها حامل ، بس الي مجنت ادري بيه انتي تعرفين و مقلتيلي .. كذبتي علية طول هالسنين و انتي قااعدة ببيتي ، شلون توقفين قدامي يومية و تحطين عينج بعيني و انتي تجذبين ؟ فهميني ، خل اعرف رااسي من رجلية

: إنتة ليش مـ تطلعها غلطانة ؟
ليش بس سارة تتمنى تلقى عليها زلة ؟ معقولة الحب هيجي يسوي ؟ يخليك تشوفها ملاااك و غيرها شياطين ؟

و بنظرات تضيق اضافت ، مموجة النبرة بالهزء الفطن : و بعدين شنو الفرق اذا قتلك او لا مداام انتة ' حسب متقول ' جنت تعرف ، و انو بت قاااسم قااايلتلك

ذكاءها يؤهلها لأن تكون تحفة نادرة ، لكنها شوهت جمال التحفة بذات قول و فعل ، بإبتسامة محترقة همس ، فنبرته ظهرت كفحيح ملكة لثعابين تلك الغابة ، لتدلغها حيث ما تتوجع .. بمنتصف القلب !

: هية ملاك ، بعيني و ..... بقلبي ، و انتي تدرين .. فليش دتجيبين القهر لنفسج ؟

: لو ملاااك جااان معاافتك طول هالسنين متدري عن ابنك لو بتك ، جاان مغمضت عيونها بعيد عنك
انتتتة شنوو ، إششفت بيها حتى تحبهاا بس لو افتهم ؟
و الله مشفت غييير المصاايب ، هية وجه فقررر ، و هسة تشووف شلون ترجع المصايب عليك تهل ، معقولة متخاف على نفسك ؟ زين متخااف علينا ؟ رجعت لسيرتها و تدري برجعتها دم لاااخ رح ينهدر ، شلوون قلبك ينطيك تنسى كل الي صاار و تفكر بيها ، فهمني شلوون ؟!
توقعت عمرك مرح تخليها تمر على بالك و ابن عمهـ ـ ـ

: سااارة لتستغلين غيرتي و رجولتي الي احترقت هناك ، عوفي الي رااح و لترجعين تشبين النار بضلوعنا

: و هيية ؟ شوفتها مرح تشب بضلوعك ناار ؟ من تحضنهاا متحس بنفسك خااين لرجولتك ؟ قلي شنووو هالحب الي يخليك تنسى اهم شي بالنسبة الك ، علي ... ليش تحبها

: أوجعي قلبج اكثر ، تستاهلين الوجع
صمت بعد سماعه صوت تمزيق وشائج التماسك ، و إبصاره تلك الدموع المهطلة من سحابات داكنة السواد ، معتمة !
بعد وهلة اختار أن يبتعد ، فـ بطبعه لا يحتمل رؤية ادمعها ، لكونها تشابهه التشبث بالتصبر ، و التحلي بالقوة ، فأن وجع رؤية انكسارها الخنوع يماثل وجع قهره

ادبر موليها شحة عطفه ، لتستقر كفه فوق عتلة الباب ، فينطق محذرا بصدق : جلنار جتي وياية ، و بتي وياهة ، سارة و الي خلقني و خلقج اذا سمعتيها حجاااية وحدة زايدة ابدي صدق اووجعج ، فاحترمي على الاقل العشرة الي بيناتنا

هكذا فقط .. ثم ، رحيل !
كم قرعت فوق بابه كـ متوسل يرتدي الخرق من الملبس و يمتطي الممزق من النعلين ، في ليلة ظلماء يعصف بها البرق ، و يهز اركانها رعد ، بطريق باهت اللون من كل إنس ، على قارعة الوحدة ، و الضعف ، توسلت مالك القصر أن يتفضل بفتات مشاعر ، لن يفقر فحشاءه ، لكنه سيغني فقرها ، إلا إنه بخل ، بخل فأوجعها ، ويل لكل من يشابهه بـ عنت القلوب ، و شحة العطاء ، أوصد بابه دونها ، ليتركها بذات خيبة ، و ذات وحدة و قهر !

تجرجر اذيال نكبتها و الذل يندلق مع ادمع المقل الغائمة بـ عتمة الليل و الوحشة ، لتجد حنوا تحتاجه بـ قطة قذرة ، وحيدة ، كـ هي ، و تتبدد ظلمة عمرها بـ عمود إنارة وحيد ، كـ هما !


علموه كيف يجفو فجفا
ظالم لاقيت منه ما كفى
مسرف في هجره ما ينتهي
أتراهم علموه السرفا ؟
جعلوا ذنبي لديه سهري
ليت بدري إذ درى الذنب عفى
أنا سهران على عهد الهوى
لم أنم و هو لعهدي ما وفا
صح لي في العمر منه موعد
ثم ما صدقت حتى اخلفا


أحمد شوقي






؛






تجلس على المقعد الذي تحمل بنية زوجها الضخمة منذ قليل ، ليأخذ فترة راحة بـ وزنها مع ابنتها ، تستند الصغيرة على صدرها و سبابتها تقف على اعتاب الشفتين المحمرتين إثر بكاء ما بعد اليقضة !
بنبرة تتحشرج خجلا حركت فتاتها و نظراتها تشيح عن احداق المسنة حياءا ، وصلها حديث دار بينها و حفيدها ، و خدش لها جلد التحمل ، إلا إنه لم يمزقه تماما
: جودة حبيبتي روحي يم بيبي ، باعيها شلون تحبج

لترفع رأسها قليلا محدثة المسنة ذات القلب المتقافز كـ طفل في ريعان مشاكسته : تحبيها مو بيبي ؟

إن كانت ترتدي ثوبا للتوتر ، فـ بعد " لا مبالاة الجدة " بوجودها كان لزاما عليها خلعه ، اذ راحت اليدين تفكك ازراره ببطئ ، منصته لما تقوله العجوز بـ وجهها المجعد ، و تعروجات زمن علم على الجلود أثاره أرهبتها من ارذل العمر الخفي !

: إي احبها شلون ما احبها ، تعالي بيبي يمي ، حتى اطلعج اشتريلج مووطة

كفها امتدت لتلامس اصابع القدمين المشابهة لحبات لؤلؤ بأحجام تختلف ، فما كان من جلنار سوى ان تميل بجسدها اكثر لتيسر على المسنة التقرب من هذه المزعجة ،
لم تكن تنوي الحديث و هذا ما بدا واضحا على تغنجها في حضن امها ، إلا إن للـ " موطة " سحر خاص ، و كأن العجوز اقتحمت بكلمة سر مغارة علي بابا بـ اغراءها ذاك ، لتعتدل الصغيرة ، فتتحدث اخيرا بنبرة ملؤها النوم

: تكصدين آيس كريم ؟

ترقيقها لحرف الراء تلقائيا هز جسد والدتها بضحكة قصيرة ، لكنها طالت لما لمحت الفزع يتجلى بنظرات جدة زوجها و هي تسمع ما لم تسمعه من قبل ، و بإسلوب متفرد خاص بعفاريت الاجيال الحديثة !
تبنت الإجابة عن سؤال صغيرتها بلطف ، متزامنة القول مع حملها إياها لتنزلها ارضا ، فتدفع ظهرها برقة تتواءم مع الهمس اللطيف : إي آيس كريم ، يللا ماماتي روحي يم بيبي ، سمعتيها قالت تحبج

تلونت النظرات بالحياء اللذيذ ، و صارت تحاول الالتصاق بوالدتها بدلال سافر برى الجدة بوجدها ، و ما ان بلغ سيل صبرها زباه جرتها بشئ من قوة لتحشرها بين صدرها و الذراعين ، مقبلة خدها المواجه لها بـ دفء محبب ، نظراتها العطوف ، و الحاملة بطياتها حقد على والد الفتاة و زوجته اوجعت قلب الاخيرة فكادت تبكي قلة حيلتها التي أدت لتمزيق شغاف قلوب محبة
إكتفت بمراقبة حوار دار بجلسة تعارف ، تجملت بالبسمات ، و تلألئ النظرات
: حبيبتي شسمج انتي ؟

لم تجبها مباشرة ، بل مطت شفتيها تحاول الخلاص منها و لكن لا مفر ، استجدت والدتها فخذلتها ، لتستجدي لسانها الطويل فكما العادة ، أبهرها بمعونته ، إذ نطق بما تتمناه نفسها المشاكسة
: اسمي جود و لكني لا أعرفكييي فعليكي ان تعرفيني بنفسكي انتي ايزاااا

بهتت الجدة بلقطة كوميدية ، لتلتقط انفاس وعيها بعد حين ، فتعرف عن نفسها بـ بسمة ودودة : اني بيبي

رفعت رأسها نحو زوجة الاحمق ، المدلل ، لتراها تهمس لها بشئ ما ، إلتقطته اسماعها لتعيد قوله للطفلة ذات كومة الصوف الاشقر ، و عيني القطة .. المستذئبة
:حبيبتي جوودة ، شقد حلووة ، شقد حبااابة

: سحييح جدتي ؟ أنا حلووووة ؟

: هههه صحيح حبيبتي كللش حلوة انتي ، حتى احلى من امج

: جيد
همم طيب من احلى انا ام العمة لينا ؟؟ العم عمر السرير يكول بأن عمتي احلى

الاستمتاع ولى فارا مما رآه ، إذ الجم القهر لسانها ، فتراها همست بـ حقد و نظراتها تحط على الام : حتى لينا و رجلها يدرون بيها ؟ و اني طرطووور ، خرااعة خضرة " فزاعة " محد يقلي

بهت لونها و تلعثمت الحروف قيد الاعتذار ، و قبل ان تهم بقول شئ تتمنى لو يخفف من وطأة الصدمة قطعت عليها المسنة الطريق ، بقولها المستنفر : إنتي و رجلج قهرتووني
حييل قهرتوني ، الله يساامحكم ، شدعي عليكم و الي يصيبكم يصيبني !

إختنقت بغصة تود الإفلات منها ، فتكومت كـ كتلة من جماد على مقعدها ، تضم ذراعيها لصدرها ، و تستمع للمحاورة المستئنفة بين جيلين بعيدين ، تراقبهما بعينين تفيضان اعتذارا و ندم ، عينين قليلي الحيلة

: إي بت علي الكللللب ، شلونها عمتج لينا ؟

: لا تكوولي على ابي هكزاا ، أنا لاا اسمح لكي ، أفهمتي ؟؟؟

تهديدها اقترن بالفعل و هي تكشر على انيابها و ترفع سبابتها بوجه الجدة ، نظراتها تتقد شررا و صوتها يأتي مصرورا شهيا ، افلتت الجدة ضحكة قصيرة ، ختمتها بتنهيدة متحسرة على الحال ، لتتمتم شاردة : و اخيرا لقى وحدة غيري تدافع عليه ، و تحبه

لم تدري بأي نصل اصابت القلب المرتق بـ سبعين خيط و آه ، ذاك الذي شاخ من جور ما ابصره ، و عاشه .. فـ عشقه !

: شعندج هنا ، قومي روحي ورة رجلج ، لتروح تذب عليه سمومها و مثل مـ خلته يتزوجها اول مرة تخليه يرجعها هسة

اجفلت كـ من لدغ ما ان حاكتها الجدة دون ان تترفع بالنظر نحوها ، تلاعب الصغيرة و تناغشها ، لدرجة اصابتها بشك بأن ما سمعته كان صوتا من وحي القلق !
و لكن تبدد الشك باليقين و هي تلمح باب المدخل يفتح ، ليدلف الطبيب ، بهيئته الشبابية اللذيذة ، و نظرته الحانقة الراكدة على اللا شئ ، نقل بصره نحو مجلسهم دون ان يدنو ، كانت الصغيرة تجلس مولية الباب ظهرها فلم تره و إلا ما كان سيتخلص من ثرثرتها التي باتت له عقارا مزمنا ، لداء عضال .. بريق سطع على سطح المقل اختفى بعد حين و هو يكمل طريقه اماما ، حيث حجرته

: شعنددج قاعدة ، قومي وراه شوفيه ، من نعلعلااا قلب قلبه ، شقد يسوي مصاايب ما اقدر اعوفه يلوب من القهر


استقامت منصته للرأي الحكيم ، و قبل ان تبتعد تحدثت بذات صدق لم يتوارى خلف ستارة الخجل : بيبي ، سامحينا .. و الله العظيم كلشيي صار غصبا علينا ، و الله لو بيدي جان عمري مطخيتكم بـ أي شي مو زين ، والله

: ربج رايدها النا و الج ، و ان شاء الله يجازي صبرنا

: زين لتحقدين على علي ، و الله مـ ـو بيده

: لو احقد عليه مجان هذا حالي ، تعرفين رجلج يدووس ببطني و اقله خوش ، قلبي يحبه و يخاف عليه من الهوا الطاير

: زين لعد خلي ابوسج بوسة رضا





؛

أتبقين فوق ذراعي حمامة ؟
تغمس منقارها في فمي
و كفك فوق جبيني شامة
تخلد وعد الهوى في دمي
أتبقين فوق ذراعي حمامة
تجنحي ... كي أطير
تهدهدني ... كي أنام
و تجعل لأسمي نبض العبير ؟
و تجعل بيتي برج حمام ؟



محمود درويش



بجسد متعملق بمصائب أودت بـ ذبح ما كان به طفلا ، يقف منحنيا مستندا على سور الشرفة بـ ساعديه ، شابكا اصابعه و من بين بعضهما يدس إصبعا حادي عشر ، لا يشابههم الهيئة ، لكنه يرافقهم دوما !
عيناه تتجولان على احدى اجمل صور إبداعات الرحمن ، فـ شقته تقع في " شقلاوة " ، لقربها من مقر عمله ، بعث الله لساكني شمال العراق أرضا تحمل من الحسن أجمله ، تلك الجبال الشاهقات بـ إخضرار عشب و اشجار اكتسحتها ، سماء صافية ببريق أزرق ، و شعاع أحمر يشق اطراف النهار
سبحانك الهي ، كيف تكون جنتك و هذه دنياك ؟

لم يشأ أن تبتر لحظات خلوته النفسية ، و صفوة ذهنه ، إلا إن أمنياته لم تعد مباحة بوجود من تشاركننه المنزل ، و القلب !
خطوات هادئة راحت تدنو بتردد من موضعه ، فتذمر بصمت منزعج
: علي

دون ان يلتفت تحدث بصرامة : لتجين ، تبينين

قالها ليعتدل فيرفع يمينه القابضة على الرفيقة المكملة العدد ستا ، فيجر نفسا طويلا ، و من ثم يدهس العقب في المنفضة الموضوعة على الطاولة الصغيرة المحشورة في المكان
إستدار بعدها لينبهر الفؤاد بحسناء الوجه ، من لا يكتفي من التمتع بـ جمالها الذي قد يكون لغيره اعتياديا ، إلا هو .. فلا ينبض بـ صدق إلا حين لمحه طيف زهرته ، و سماع ذكراها ، فأنى له النبض حين ابصارها كاملة و دغدغته بـ صوتها العذب
تعلق بصره لثوان بـ مقدمة ذيل الحصان المعروضة من فوق رأسها ، و تمنى بحق أن تمتلأ فراغات يده بـ خصلاتها المغرية ، بتعنت من طبعه إستخدم الانامل بـ تعبير أخر على مشاعره ، ألا و هو الغيظ ، ليهز بها اماما قليلا و كأنه يدفعها لتلج داخلا

اوهمته تفاصيل الغضب على ملامحها بالرضا ، لينفرد اكفهرار الوجه قليلا ، و ترتسم إبتسامة مشبعة بالوقاحة بنظراته المستلقية على القد الرفيع ، و الذي كان يوما ممتلئا بإغراء ، يوما فقد به صوابه و إجتاحها به دون ابصار دلائل خيانتها لميثاق لم يكتباه !
تقلب ببصره هنا و هناك ، مستمتعا بحلاوة وجودها قربه ، رغم كل شئ هي هنا ، في غرفة تكاد تقسم جدرانها بأنها تعرفها من قبل ، بل و قد رحبت بها مرارا ، و كل ليلة ، لترتحل مع اول خيوط الغسق ، عندما يسفك دم العتمة ، في معترك دائم ، متناوب النهايات بين رابح و خاسر !
إنبلاج صبحه غدا سيكون مختلف ، فها قد أتت لتشاركه الحلم .. و ما أبعده من حلم ، و ما اضناه من إنتظار صبح

تنهد بحسرة شوق فلتت منه دون ادراك ، ليحاول لملمة شتات قد تلتقطه الاعين الماكرة ، و بالطبع هي لا تملك منها ، لكن الحذر واجب فقد يبصره المجانين و الذين بالتأكيد تعتلي مقاعدهم العليا مع إبنتها : لتطلعين للبالكون بلا حجاب ترة تبينين

: وين جنت ؟

سؤال صريح منقطع الإستجواب ، رفع حاجبه منبها ، لتتكتف متحدية ، بملل اجاب متحركا ذات اليمين ، متوجها نحو باب الحجرة : من هسة دا اقلج سوالف وين جنت و منين جاي و شعندك طالع ما اريدهاااا ، اني دم سنوني سوالف النسوان هاي

سبقته بخطى رشيقة و دون ان تدرك عظيم خطأها اغلقت الباب لتستند عليه رافعة بذقنها نحوه و صدرها يرتفع فينخفض بصورة مبهرة ، يختض القلب بقفصه مقهورا يتملكه من الغيظ سلطانا : و اني من هسة اقلك مجاايبني طرطور ، سكتتلك عالشقة لإن حقك ، بس مااال كل شوية تروح لشقة بيبيتك و انتتتة مطلق سارة ما اقبلها

كان قد وصلها ، اذ يكاد يلامسها إلا تعقلا ، يديه تنحشران في جيوب بنطاله القصير ، صدره منتفخ بخيلاء ، و رأسه يملأه غرور اعتداده بذاته ، و بقلبها المنتفض كـ أرنب مذعور
تبا لها كم تبدو شهية ، تبا لها و لغيرتها !
يا الله ، تكاد الاحداق تندلق من محلها لشدة تورمها المحتقن بالغضب ، يالها من جميلة ذات عقل صدئ

لم يعلق إلا بما وجده مهما : ماكو داعي اقول بيبيتي مقصرت ، رأسا قلتلج عالطلاق و الله العالم بعد شقالت
و بعدين إنتي شعليج ؟؟ جلناار لتحسسيني انتي الزوجة الصالحة و احنة الناس الطبيعين ، لإن هالشغلة تلعب النفس ، ماشي ؟

: إنت شقد ما عندك احساس
تزامن القول مع قبضة سددتها لمنتصف صدره ، لم تحيد يمينا او شمالا ، لينتهي بها الامر شاهقة بوجع شق هدوءها ، لترتد بخطوة مدبرة فيرتطم ظهرها بالباب المغلق ، رفعت يمينها تهزها بقوة و سرعة لتغدق عليها بكومات من النفخات التي زفرتها بلهاث يلتهب
تأوهاتها علت بلا وعي ، لينطفئ بريق متعته و يحل اخر قلقا متوترا ، جر يدها من المعصم لتنكمش ملامحه بعد أن لمح ما حل بقشرتها الملتهبة إثر الحرق الحديث ، الغبية هاج بها الغضب لينتهي بإيلام ذاتها
وجد نفسه هو الأخر ينفخ عليها بـ رقة ، محاولا قدر ما يكون تمسيد المناطق السليمة كـ طريقة مخدرة ، شهقاتها و دمعة مرت من الاحداق غازلت رأفته لتخجل ، و لتختفي تحت نقاب المزاح
: أم دميعة كافي ، شدعوة هالرقة يابة

: ووووخررر اييدك دتأذيني اكثرر ، عصرتني

فعل و لكن قبلها اهدى رسغها " عصرة " لتكون صادقة القول كما يحب أن يراها ، تأوهت بـ نظرات دامعة و جبينها يتجعد بحنق ، حاولت دفع صدره بيسارها و اليمين تستند على صدرها المهتاج
ترنح خطوته ، مكنها من جر انفاس تتعطر بـ رائحة غسول الشعر الممتزجة بـ أحد أفخم العطور ، و أخرى تعيسة ، خنقتها !

: ريحة جكااايرك تكتممم

تمكن منه القهر لوهلة ، كان على وشك شهر سيفه ذا الحدين ، لكنه تعقل تاركا إياه بغمده محذراا إياها بأن التعقل لا يعرف له سبيلا ، و أحيانا كهذه يخطئ السبيل فيصله ، و عليها ان تكون ممتنة !

: روحي حطي الدهن لإيدج

: هسة افوت اسبح ماكو داعي

بإمتقاع اجابته ، و رأسها مطرق و انامل اليسار تداعب اليمين بنعومة مدغدغة لجدران قلبه ، إنبسطت ملامحه ، و افتر عن ثغره طيف بسمة تحمل تحت طياتها لا استيعاب لكون أول الحلم هنا امام ناظريه ، و بقيته في الخارج ، حيث احب الناس لقلبه !

: ليش رحتلها ؟

همست بها لترفع رأسها ببطئ ، تراقب تقاسيمه التي وجمت ، نازعت خوفها لتدق بكعبيها أرض الضعف ، و دون تردد كررت : علي ، شعندك رحتلها ؟؟

: إنتي شعلييج

قالها ليستدير موليها جنبه قاصدا الشرفة ، لتركض مجددا بقدمين حافيتين فتسد طريقه ، على عتبة الباب ذي الزجاج العاكس ، بحركة سريعة جذبها من كتفيها ليبادلها الموضع ، فيصير هو بجسده الضخم سادا فتحة الباب المشرع ، و بحاجبين ارتفعا علق : مو قلت لتطلعين تبينين ؟

نظراتها صوبت على حدقتيه بجرأة لا تناسبها ، أنساها غيظها منه ما كانت عليه ، لترتدي زي التمرد : قلي شعندك رحتلهاا ؟

إزدرد شوقه ريقا ممتلئا بلعاب الحنين لما لمح خصلاتها الطويلة تتفرق لتتوسد بعضها مخدع كتفها بتموج مذهل و تتغنج قرب اصابعه الخشنة بتمايل مثير ، بإمتناع راغب ! و البعض الاخر شق صدره ليتوسد الكبد ، و يتزحلق فوق سطوحه الملساء ، راسما علاماته المميزة ، ناحتا حروف إسمها و لون المقل !

رف جفنه بـ معترك ' نزلاءه شوق و قهر يجلد ذات متمردة ' ، بتحشرج اذهلها علق و ما زال كفيه يتوسدان كتفيها ' كافي خبال ' ، لتتحرك شمالها خطوة ، فتتلمس بعضا من بعض ما اغراه ، ارتج قلبه بعظيم انفجار هز اركانه الساكنة ، ليدوخ بنظرة دامعة ، فصار بحارا غرق في دمعة أنثاه ، لا محيط سفينته .. رفت اجفانها لتتطاير اللألئ من محاراتها ، لتكون يمينه بالمرصاد فتلتقط ما قذف بـ أنامل حاولت تخفيف وطإة خشونتها ، همس بـ صدق : جلنار الله يخليج ، و الله لعبت نفسي من البجي ، كافي

اشاحت ببصرها و الخجل تسربل برمشيها المهتزان ، لتصيبها عدوى الصدق ، فـ تعترف بيأس
: كل اهلك يكرهوني ، يحسسوني اني وجه مصايب و بس جيت يعني الله يستر ، صححح اني وياهم و حجيهم كله صدق ، بس هالشعور يوجع علي ، و الله يوجع
حاولت اكون طبيعية وية بيبيتك و يمكن لإن ...... هية معصبة عليك شوية سمعتني ، بس والله خايفة من امك ... و سـ ـارة ، ادري بيها مرح تسكت ، علي لترجعها ، إذا رجعتها ما ابقى هنا ، و ترة مستعدة اعوف بتي و اروح و لا اتحمـ ـ

حرر كتفها لتتذيل احرفه بالسخرية : لهالدرجة بتج رخيصة ؟

ذبلت مقلتاها و نشيج مبتور بشهقات علا من مكامن الروح دون الجسد الصامد : لتشكك بحبي الها ، لو مو احبها بخبال مجان ذبحت نفسي و ذبحت ضميري كل هالسنين

بذات النبرة الهازئة اضاف : و ذبحتيني
تنهيدة فرت من قبضة تماسكه ، ليكمل بصرامة هذه المرة : جلنار باوعيني
هنا ... إنتي مرتي ، غصبا ما على اليقبل و الميقبل ، مررتي و ام بتي و هذا البيت بيتج ، محـــد يقدر يسمعج حجاية و اذا خايفة من مواجهة امي و سارة اقلج امي معليها بيج ، " و بسخرية " هه أصلا هية شوكت احترق قلبها على ابنها حتى تحس وجودج خطر علية

بللت شفتيها لتهمس برجفة : وجودي خطر !!!!

ضاقت عيناه ليقول دون مواربة : إنتي شتقولين ؟
و لما لم تجيبه سوى بإشاحة ملامح حسنها عنه زفر ثم اضاف : رحت لسارة دا اعرف منها ليش مقلتلي على بتي و هية تدري ، و على فكرة ترة هية ذكية و الكذبة الي مشت على بيبيتي معبرت عليها
بس مو مشكلة ، مـ رح تأذيج بحرف ، بس بنفس الووقت ، " رفع سبابته بتهديد صريح " كلممة زايدة منج بحقها ما رح ارحمج ، مو اخر عمري اقعد افاكك بعركات نسوان

قضمت شفتها السفلى لتحبس صريخ سعادة هتف بها قلبها ، زجت بنظراته خلف قضبان فلكها الواسع ، لتتدلل بـ ضحكة : هه علي .... قلي انتة تحجي وية البيشنتية " المرضى " هيج ؟

رفع حاجبه ليتكتف مميلا برأسه ذات اليمين ، برم شفتيه مدعيا التفهم ، لينطق بعدها : رجعنا لإسلوبي المعااجبج ؟

تداعى الخجل ، فأفصحت عما يشدها و يزعجها فعلا : مو معاجبني ، بس انتة طبييب ، المفروض تتعامل بذوق اكثر ، شنو هالالفاظ

هذه المرة إحتدت نبرته و شع الغضب بالاحداق ، بصوت مصرور و كأن رفيقنا بات يبصق كلماته : لا و الله تعالي اخذيلج راجدي " صفعة " ربيني بيه و خليني اتعلم احجي عدل ، الظاهر عاجبج تسويها

ليصيب القلب و الروح مساس كهربائي ترتج له العمارة و لربما المدينة ، جسده تصلب على حاله ، شامخا بأنف الرجولة ، متزمتا بعنت افكاره المخضرمة ، متكتفا و كأن به يحفظ قبضتاه من أن تفر من سجن زجها به بعنوة ، بلا شعور اطبق جفنيه فلا حاجة لبصر الاعين و القلب يقف كأبله ، متوسع المقل و منفرج الفاه صدمة !

ذراعاه المشدودتان بعضلاتهما ذوات الاوردة البارزة اصابهما تشنج فصارتا كقضيب من حديد ، ينقل الصدمات الكهربائية بعنف قاتل ، و كأن صورتها التصقت بـ عدستيه ، فرغم اغماضه العينين ظل يبصرها ، تتقدم خطوتين تفصلهما ، لتستند بيسارها على ذراعيه المستلقيين فوق مخدع صدره الواسع ، الوثير لدرجة أشقتها .. تقف على اطراف اصابعها كي تصله ، كي تصله ... أتصدقون ؟ أ مسكم ريب من كونها ستهديني " صفعة " تؤدبني بها ؟ تحسن الفاظ لساني ، لم تفعل ، بل اعادت برمجة القلب ، و نبضه .. من جديد ، بثغر رقيق حط على اسفل الخد ، بقبلة أطالت عمر عشقه ، نعم .. بات صريحا مع ذاته ، إبنة أبيها إنتشلت صفائيته من وحل الانتقام ، شذبت اطرافه النافرة ، و برت حدة نباله التي اصاب بكثير منها كبدها ،

: عاجبني أقلك .... إنتة عمري ، و عمري كله فدوة لكلشي بيك ، علي هواية احبـ ـ ـك ، فـ ـوق متتخيـ ـ ـل و مدا اقـدر اصدق اني هنا .... ويـ ـاك ، و بتنا ويااانة

لتبتعد ، هكذا .. زرعت بقلبه وتدها ، و اعادت تربية قلبه ، لتغادره ، عطرها الرقيق جدا لازال يغازل حواسه اجمع ، فتتقلص تلقائيا ، ما ان فتح عينيه و ابصر ذاته وحيدا ، حتى رفع يمينه لتحط حيث كانت .. زهرته !
كم كانت ايامه جافة متيبسة الاغصان دونها ، و ها هي تعود لتبللها بريق العشق ، و ندى حب نبت بين قلبيهما منذ الأزل ، ستسقي جرداء ارضه بـ وافر السقيا ، فتخضر و تزهر صحراءه ، و يصيرها القرب سهولا بربيع دائم



و عذلت أهل العشق حتى ذقته
و عجبت كيف يموت من لا يعشق
و عذرتهم و عرفت ذنبي إنني
عيرتهم فلقيت منهم ما لقوا



ابو الطيب المتنبي




.
.
.

يستلقي على السرير بإعياء ، جسدي يصاحبه ذهني إذ اضحى مضطرا لمجالسة المزعج طيلة فترة تواجده في البيت ، فالجدة الحنون ترافق إبنتها في رحلة الى عيادة احدى الطبيبات ، بهدف إطمئنانهم على صحة الحفيد القادم ، بينما الأم و كأنها بحرب طاحنة مع الأوساخ الغير مرئية من سواها ! ، تنهك قواها بالتنظيف كما لو أنها لم تكن يوما من سلالة السلاطين !
لذا لم يتبق غيره ليرموا على كاهله هذا الأحمق .. بصراحة ، لم يكن احمقا فعلا ، بل على العكس كم من مرة فاجئهم بـ فطنته ، و كأن بعمره دق ابواب العام و اكثر

بصدر عار مهدود القوى ، يكاد الوسن يتغلب على وعيه ، و يرديه غافيا لكن المنبه الدائم العمل على الازعاج لم ينفك أن يصيح ليفز من قيلولة ذهنه المرهق ، مفلتا سبابا مضحكا بحق من يشاركه السرير ، لا يرتدي سوى حفاضا مضحكا
رأسه يميل نحو شريكه في المسكن و السرير و الأنثى التي يعشق ، فهذا القزم إستحل جزءا من روح السلطانة ، فصارت تدلله بطريقة مغيظة ، و كإنها ليست ذاتها اللين التي قضت ليال بقلب مسهاد و لسان يتذمر من عدم احتفاءها بمشاعر الأمومة ، التي ما إن شعرت بها حتى تقازمت الاشياء بعينها ، بل الاشخاص كلهم اختزلت مناصبهم ، ليحتل ذو الذوق المنعدم المساحة الكبرى
بإنزعاج ابعد وجهه عن مرمى اليدين الصغيرتين ، تلكما اللتان لم تبرحا أن تشاكسا ملامح العملاق القريب ، ذاك الذي زفر بـ صبر نافذ ، ليضرب بسبابته ظهر اليد الشهية بطراوتها

: نور بابا شوكت ناوي ترحم ابوك و تنام ؟؟ ترة لعبت نفسي ، راح اطلق أمك و اخلص منكم اثنينكم
اي اطلقهااا شحصلت منك و منها ، لتباوعني هيج ، رأسا خفت على امك ، شدعوة يابة

ملامحه المنكمشة بتواءم مع اسهابه في الشكوى ، خدشت مشاعر الصغير ، ليعلو صوته محتجا ، شاهرا سلاحه الوحيد بوجه من يتطاول على والدته ، غاضبا ، حانقا تكاد شفته السفلى لشدة التبرم ان تلامس ذقنه المزين بغمازة جميلة
صوته الصارخ ، و دموع احداقه جعلت من الوالد يتملل أكثر ، ليميل نحوه فيرفعه بشئ من كسل من منتصفه ، و بيد واحدة ، و كاد أن ينسكب كـ كوب حليب لولا ان تلقفته يده الاخرى ، ليحط به على صدره ، فيتقابل الرجلان ، الصدر بالجسد !!

ظل محتضنا اياه باليمين بينما الشمال قررت مداعبته بإستمتاع لحظي ، ما إن توقف مدلل أمه عن النحيب ، حتى ثرثر الاب ذو القلب الحانق
: انجب لتدافع عليها ، لك قامت تحبك اكثر مني !!!
أني التعبت و ركضت و طلعت روحي لحدما حصلتها ، تجي انتة " أبوو بولة " عالحاضر و تاخذها ، يا كلب

لم يجيبه الصغير ، بل أرخى جانب وجهه على كتفه ، ليحتضن بيمينه الصغيرة السبابة الضخمة ، محاولا إيلاجها بفمه ، فيرفع العملاق جذعه قليلا ليجر اصبعه دون التحرش بعفاريت صغيره الوفية ، فنجح ليفشل .. إذ ما ان ضاعت من صغيره الرضاعة الضخمة ، حتى عاد ليكتفي بحشر إبهامه الصغير بثغره الاحمر ، و الوسن صار يغازل جفنيه الحالكي الاهداب ، فصار يمسح على ظهره برقة متناهية ، و بعادة إعتادها ، صار يهمس بـ سورة الفاتحة و من بعدها المعوذتين ، يتبعهم بـ الإخلاص




؛

أنت يومي و غدي أنت و ما - من زمان مر بي لم تك همي
آه كم أغدو صغيرا ، حاجتي - لك كالطفل إلى رحمة أم
و لكم أكبر بالحب إلى أن - أغتدي مستشرقا آفاق نجم
أي سر فيك ، إني لست أدري - كل مافيك من الأسرار يغري





إبراهيم ناجي





بملامح باهتة ، يتجلى الشحوب بوضوح على تقاسيمها راحت تجوب الرواق جيئة و ذهابا متوترة الجسد مشدودة الاعصاب ، بثوبها البيتي القصير الذي لم يكد أن يلامس الركبتين ، ذي الاكمام الهاربة من الكتفين ، و شعرها المرفوع بكتلة كروية مهملة ، بعض منه يداعب العنق الطويل المغتسل بحبات عرق ، و اخر يستلقي بدلال فوق الجبين المحمر ، يدها تدلك مكان الفؤاد الهلع ، لم تتقبل ما حصل ، ليس الآن ، تكاد تبكي قهرا !

حاولت تكميم فاه الضيق المؤنب لها ، و غباءها ، لتجر اذيال ضيقها فتتوجه نحو شريكها في الجريمة ، لم ترفع " شعرة " عن موضعها الخاطئ ، لن يراها بعد الآن سوى بمظهر مبتذل ، يستحق العقاب
باب حجرة النوم الموارب كان اول من عوقب ، ليشرع بقوة هزته دون ان تمسس من كانا سابحين في اعماق الحلم ، و كإن ما سكنها من قهر قد تبخر بعد إبصارها تلك الصورة الرائعة ، فليثها يستلقي عاري الصدر ، و فوقه شبله يشابهه في العري ، ارتج قلبها و طنت اذناها ، لتمتلئ الاحداق بماها ، إزدردت ريق شوق للتقدم منهما و حشر نفسها بين جسديهما الملتحمين ، و لكنها تعقلت فـ إن إستيقظ المجنون لن يردعه شئ عن الصراخ كمن أختطف من حضن امه !

ببطئ خلعت صندلها البيتي ، لتتحرك بقدمين حافيتين حيث السرير ، رفعت من تحت الوسادة هاتف زوجها ، و بـ حركات سريعة راحت تدور حول السرير ملتقطة اكبر عدد ممكن من الصور و من زوايا تعددت لهذه اللقطة الفريدة ، يا الله ، و كأن اللين ضاعت في يوم ما و إستبدلت بذات القوام المطاطي هذه ، إذ صارت تتشكل كطين لزج كيفما يمليه عليه محيطها !

انفض القهر لـ حيث لا تعلم بعد إبصارها روعة المنظر ، فتربعت على السرير قربهما ، تراقب و تطمئن قلبها كل ذي نبضة بأن صدريهما لا زالا يعملان ، لا تعلم كم مر من وقت و هي على حالها و لكنه لم يكن بطول مأساوي لتدرك بأن زوجها المسكين المبتلى بزوجة كهي ينام بعضلات متقلصة ، خوفا من أن يسقط الثقل من على منكبيه ، دون ان يدرك حقا ما كان كنهه

ببطئ رقيق مالت لترفع صغيرها و مقلتاها تسافران منه لأبيه برحلات ذهاب و اياب خوفا من أن يفقد احدهما حلاوة راحته ، ليفعلها الاكبر ، بـ كسل صار يباعد بين جفنيه ، شاعرا بفك أسره مما كتم انفاسه لفترة ، مدد ذراعيه و زئيره علا ليجفل من اولته ظهرها متحركة بالصغير نحو سريره القريب
إلتفتت نحو طفلها الكبير بعد أن تأكدت من هناء نوم الصغير ، و غطته خشية نزلات البرد الكريهة ، ما إن قابلته حتى تذكرت ما تراه مصيبة ، لتتورم حنجرتها بالكلام و يغص به الحلق خجلا ، إبتسامته الناعسة و جفناه المسدلان كل ذي لحظة تفننوا بـ دغدغة اطراف قلبها ، ليفتر منها شبه بسمة قلقة

: ها حبي ؟ شبيج ؟

صوته المتحشرج بنومه ادركها لتتحرك نحوه بـ توتر بدى على ملامحها .. لينعكس بحدقتيه ، حاول ان يعتدل جالسا فرفضت بحركة من يدها ، حتى وصلته فإفترشت الارض قرب وجهه ، اذ كان مستلقيا على بطنه و رأسه موجه نحو مهجة الروح ، مدت يدها على استحياء ، لتضعها على مرأى منه ، و دون ادنى جهد التقطت السمكة الطعم ، بل صار هو الصياد ليأسر ساعدها المستلقي قربه بـ ذراعه كاملة ، بعفوية قبل طرف سبابتها ليعود فيستفسر بهمس خشن و لم يكف الوسن عن مغازلة وعيه : حبيبي شبيه ؟ ليش ضايج ؟

: بس متضحك علية ؟

باءت محاولات الجدية بفشل محقق ، ليجلي حنجرته بـ كسل مخفيا ضحكته بصعوبة ، مصطنعا التفهم : لا ما اضحك ، تفضلي

لتحاول جر ذراعها منه بشئ من دلال حانق : عمرررر

اغمض عينيه مستسلما لدغدغة أعصابه بتلك النبرة المغنجة التي صارت له حياة ظل لأعوام يحلم بأن تداعبه : هههههه ، عيونه خلص أسف .. شبيه القلب مالتي ؟

كم ودت لو قبلت جفنيه ! يا الله كم صارت تعشق تفاصيل هذا العمر ، و ليس السبب ضعف منها ، بل هو من يعشق بكل ما فيه ، و يستحق أن تسحق النسوة أفئدتهن بحبه ، أمه و شقيقته و هي ، أما غير ذلك ، فهي من تسحقهن إن مر كـ خاطر مثير في افكارهن
منذ أن ملك قلبها ، إمتلكت تفاصيله ، بنت لها قلعة طابوقها خلايا الفؤاد ، لتجعله سلطانها الازلي ، متربعا على عرش مشاعرها ، و روحها
دون شعور رفعت يدها الاخرى فوق الوسادة و رأسه ذي الشعر الخفيف ، لتداعبه برقة شهية جعدت نهايتي جفنيه بإبتسامة ، بهمس داخ له نبضه نطقت : بس الله عليك لتضحك علية

هذه المرة فتح عينيه ليتابع تخلجاتها المتقلصة و نظراتها الهاربة بإستحياء ، صوته صار اكثر تفهما ، ليجد جلباب الجدية معلقا خلف باب متعته ، فإرتداه ليصير به ، رائعا : لين عمري شبيج ؟ دقولي يا عيوني .. و ما رح اضحك لتخافين

جرت نفسا طويلا يضاهي ازدياد حاجتها للاوكسجين ، فيمدها بطاقة لتنطق بحروف متعثرة ، يكسوها رداء الخجل : أنـ ـ ـي ، همممم ., يعني ،، .... احم ... يمممكن حامـ ـ ـل

رف جفناه بلا إستيعاب ، سعل ببطئ و للحظة او اقل ظل فاه فاغرا ، ليهمس بعد حين و احداقه تثبت على نظراتها الدامعة : اي حبيبي ، مبرووك .. زين ليش هالرجفة ؟؟ شبيج ؟

لم تكن هذه ردة الفعل التي كانت تخشاها ، و أيضا ليست ما انتظرت ، تغضن جبينها لتقول منزعجة و أناملها كفت عن مغازلة شعره : عمررر شنو شبيية ؟ بعدنيييي شفتهمت من نور ، و هم تعاالي اتحملي العملية و اللعبان النفس ، حتى النااس هسة شتقول علية ، و الله اصير نصبة " محط سخرية "

بقي متسمر الاحداق على هيئتها الفوضوية ، و منصت القلب لـ حديثها الأبله دون أن يفقه سببا يقنعه بما تعيشه من بؤس ، جر نفسا طويلا ، ليحاول ان يتشبث بأي خيط يصله باللطافة ، رغم حنقه الداخلي

: لين حبيبتي العالم تتمنى هالنعمة و يومية رايحة لطبيب و عمليات و ادوية و خبصة و إنتي ربج ناعم عليج و جاية تحجين هالحجي ؟

بضيق بترت تأنيبه الذي هز اوتار عودها : عمررر لتقول هيجي قابل اني مدا احمد ربي و اشكره مليون مرة ، أصلا اني هم تلث سنين انتظرت يللا الحمد لله صار عندي نور ، بس دا اقلك اكو مشكلة بالتوقيت
لتسترسل هي كمن يناقش بقضية هائلة الأهمية
: يعني خابرت رنا قبل شوية خبلتني لإن هية عدها توأم و تعرف التعب ، تقول حتى هسة نور يبدي يغاار من عنده ، بعده صغير خطية اجيبله اخو !! و اذا يغار رح يبدي يسويلنا مشااكل و يومية يتمرض ووو

يريها السها ، و تريه القمر !
أي غيرة تلك يا سلطانة ، بربك ، إكتفي من تقليب قلبي بين يديك و على ما تشتهي نفسك ، إكتفي

: لينا قومي

قال قوله بتزامن مع تحرير ذراعها ، و إستدارته السريعة اذ صارت مؤخرة رأسه مقابلة لها ، بغيظ حريمي قبضت كفها لتضرب كتفه ، و نبرتها تسربلت بالحنق : عمرر شنوو هااي ، حسستني ما ادري شقلت ، اندااار " إلتفت " ، عمرر مو دا احجي وياااك لتخليني اكرهك اني صدق مقهورة


بنبرة مثقلة بالنوم ، و الكسل علق : لينا من تعقلين قعديني ، هسة نعسان اريد اكمل نومتي ،

: شنوو تكمل نومتك و ترتاح ، ناقشنيي ، أقلك ما ارييد جاهل هسة اني نور و قوة دا افتهم شلون اتعامل وياه ، و لو مو ماما وياية جان هسة خبلتك ، هالمرة يجيني واحد لاخ
عمر جاوبني
عمررررر

: قلت من تعقلين تعالي ، هسة روحي ليقعد ابنـ ـ


ليستحق منها لكمة اخرى على كتفه ، تتلوها قرصة و من ثم خرمشة ، تأوه بغيظ ليفر مبتعدا عنها مديرا جسده ليصير على جنبه مقابلا اياها ، جبينه مجعد بالغضب ، و اوداجه تنتفخ غيظا ، هددها بنظرة فلم تهتم ، بل استجمعت قوتها مع القهر و النفور ليسفر عن خلطتها قبضة قوية سددتها لمعدته و أخرى لذهنه بقولها المجنون " قوووم شوفلي حل للمصيبة " ، تلوى بتلقائية ليصرخ دون شعور : لج ليييين مخبببلة

و بلحظة خاطفة كان قد احكم القبض على ذراعها الجانية ، ليجرها فيرتطم جسدها على المخدع الوثير قربه ، و هو جالسا متمكنا من فريسته المذعورة ، بـ فزع مضحك رفعت كفيها لتصيح عجلة : لالالا عمررر حااامل حاااامل لتتهور

بنرفزة عصر معصمها ، مرددا : هسة صرتي حاامل ؟؟ و صارلج ساعة مو تشكين و تبجين منه و ما اريده و نور يغار و مصيييبة !!

كادت ان تنزع عن وجهه ذاك القناع ، بدلالها المتقن و هي تتلوى للنفاذ من العقاب : لا عيني ابني هذا و ابن حبيبي ، طبعا اخاف عليه

: تخافين عليه ؟ زين بربج مستحيتي و انتي تقولين مصيبة ، إلي يسمعج شيقول !!!

ضحكت بـ لا شعور ، لتبعد وجهها عن مرمى يديه ، وهو لم يبارح موضعه قربها ، مسيطرا عليها من علو ، حاولت تحرير يدها المأسورة بأختها الحرة ، ليعود فيثبت الاثنتين بقيد واحد ، و يرميهما خلف قضبان واحد

بعتابه اللذيذ راح ينكأ خلايا الخجل بها ، فصاح الضمير مؤنبا صافعا خديها بتزامن مع شدة حروف حبيبها الهادئ : يعني الله عليج هاي عدالة ؟ جاي تعبان و متكسررر و تحملت خبال ابنج و نيمته و شوية اخذتلي غفوة تجين تقعديني علمود هيج شغلة ؟







؛


 
 

 

عرض البوم صور حلمْ يُعآنقْ السمَآء   رد مع اقتباس
قديم 08-09-13, 11:01 PM   المشاركة رقم: 1227
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو مبدع
كونتيسة الأدب النتي


البيانات
التسجيل: Mar 2012
العضوية: 240233
المشاركات: 841
الجنس أنثى
معدل التقييم: حلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالق
نقاط التقييم: 3128

االدولة
البلدIraq
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
حلمْ يُعآنقْ السمَآء غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : حلمْ يُعآنقْ السمَآء المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي

 

فَرَضَ الحبيب ُ دَلالَهُ وتَمَنَّعَا وَأَبَى بغيرِ عذابِنَا أَنْ يَقْنعا
ما حيلتي وأنا المكبّلُ بالهوى ناديته فأصَرَّ ألاّ يسمعا
وعجبتُ من قلبٍ يرقُّ لظالمٍ ويُطيقُ رغمَ إبائِهِ أنْ يَخْضَعَا
فأجابَ قلبي لا تَلُمني فالهوى قَدَرٌ وليس بأمرِنَا أَنْ يُرْفَعَا
والظلمُ في شَرْعِ الحبيبِ عدالةٌ مهما جَفَا كنتَ المُحِبَّ المُُولَعَا
ولقد طربتُ لصوتِه ودلالِهِ واحتلّتْ اللفتاتُ فيّ الأضلُعَا
البدرُ من وجهِ الحبيبِ ضياؤه والعطرُ من وردِ الخدودِ تضوَّعَا
والفجرُ يبزغُ من بهاءِ جَبينِهِ والشمسُ ذابَتْ في العيونِ لتسطعَا
يا ربّ هذا الكون أنتَ خلقتَهُ وكسوتَهُ حُسْنَاً فكنتَ المُبْدِعَا
وجعلته ملكاً لقلبي سيّداً لمّا على عرشِ الجمالِ تربَّعَا
سارتْ سفينةُ حبِّنَا في بحرِهِ والقلبُ كانَ شراعها فتلوَّعَا
لعبتْ بها ريحُ الهوى فتمايلتْ ميناؤها المنشودُ باتَ مُضّيَّعَا


مانع سعيد عتيبة








: عمورتي حبيبي على كيفك ، تدري ببشرتي تبقي أثر لتأذيني

الخبيثة ، الماكرة ، و المنطربة بما تقرعه طبول الفؤاد من اهازيج تحتفي بقربها ، و غنجها ، ويلات لها ما هي فاعلة به ، و بعقله !
يده الحرة تخلت عنه ، و عن نيته بالإنتقام ، ساخرة منه و متيقنة بأن كل ما يشتهيه و يعاكس رغبة الحبيبة ليس سوى عبثا .. صار يزيح بباطن كفه قطرات العرق الندية الملتصقة على الجبين و تحت فتحتي الأنف ، لتظل مستسلمة له ، مغمضة حدقتيها ، متلذذة بقدر ما يمكنها بما يفعله ، لفتاته الهائمة بتفاصيلها توشك أن تخلع الأضلع المترابطة ، حماك الله لي يا عمر ، حماك لقلبي .. فـ إني دونك حطام !

: يللا اختاري شلون ا ع ا ق ب ج ؟

قالها بعد ان أضحى قابضا على ساعديها بكفيه ، لتهمهم دون ان تشرع اصفاد الاهداب ، و كأنها غفت ! ، داعبت البسمة أطراف ثغره ، و إكتفى لدقائق بمراقبة رفة الاهداب ، و منتشيا بـ عطر الحب المحتبس بين اضلعه ، و كفيه .. على حين غفلة منها زأر بخشونة فـ أفزعها ، بدت شاحبة مرتعدة الفرائص كعصفور مذعور ، لم يعتقد بأنها ستصأب بذلك الهلع ، صرخة بريئة كانت ، ليس من شيمها أن تؤد وجهها صريع الشحوب ، لم يكد أن ينهي زئيره حتى بتره لما سرت رجفتها لساعديه فالجسد بأكمله
عنف نفسه و هو يراقب توسع مقلتيها و انفراج الثغر بذهول مرتاع ، لم يطل الامر طويلا ، فسرعان ما إستوعبت فعلته ، لتهيج فجأة ، فتجر يدها من أسره الرقيق ، لتغدق عليه بلكمات متتالية عشوائية ، تخلل عملها الكثير من الصرخات المقهورة
: أكرررههههك ، أكررهك أكرهــك أكرررهههك ، ارااويييك يا عمررر اذا مخبلللتك انتظرر انتظررر ، شوف شووف شقد أكرررهك

: هذااا الحجي بعد ميمشي علية

: لاااا يمشييي لإن صدق صررت اكررهك صدق صدق صـــدق

علت ضحكاته لتمطر سحابة تواقة لمرحه على غيظها فترديه غارقا بـ عشقه ، أسرفت بضرباتها ، و كل ما يفعله هو الصد المستمتع ، و بعض الجمل المهدئة من " إششش كافي هههههه لج فضحتينا لين كاافي ، الجواريين " الجيران " رح يجون يقولون شكوو "
ليختم سلسلته بـ " نور حيقعد "

لتصعقه بمدى التهور و هي تصيح من مكانها ، بعناد لذيذ طاب به القلب : نووور مامااااتي نووور أقعـــد حبيبي أقعد و ضووج بابااا

لترفق جنون القول بالفعل ، و هي تنسل من قبضتيه المذهولتين ، لتتحرك بسرعة نحو سرير الصغير ، حدجت زوجها بنظرة شرسة ، لتنحني بجذعها المياس فتقرص خد المسكين تارة ، و تقبله بعنف أخرى حتى علا صراخه الباكي ، حينها فقط رفعت كفه الصغير بسبباتها لتقبلها برقة ، معلقة بـ نعومة تخالف ما كانت عليه منذ لحظات : حبيبي أسفة بس إنت مو قلتلي رح تساعدني حتى نعاقب بابا ؟ و هسة بابا صاير وكييييح يفززني ، يستاهل العقاب

ظل محله متابعا لتصرفاتها المغموسة بـ زلال الغنج ، بل هي منبعه ، لم يدرك بأن لها قدرة على شهر أعتى أسلحتها في حرب منافسيها عاشقين ! كتلك التي بينهما .. هز رأسه ممتعضا ، ليرفع صوته قائلا بجزع : لا وصلتي مرحلة من الخبال !

لتتخصر بـ دلال ، مشيرة له بذقنها نحو الطفل الباكي ، فتحاكيه بنبرة لا تخلو من النعومة الهادفة لـ إغاظة غريمها ، ذاك الذي تهيم به عشقا : قوم بابا يللا ، إبنك حبيبك ديبجي ، و أني بعدني ممكملة شغل

عاندها بأن رمى جسده على المخدع ليستلقي معلقا ببرود ، يشتعل : معلية بيه ، نيمته و انتي قعدتيه فأنتي ترجعين تنيميه

لم يهز لها نبضا ، فهي أولى بفهم قلبه منه ، أضافت بمشاغبة حلوة ، زلزلت ثبات وتيرة أنفاسه : لا عمري اني حروح ، و انتتة يا شرير رح تبقى هنا و ابنك يبجيييي ؟!! لا يا ربي ، توقعتك حنووون

لتتركهما فتغادر ، كإعصار هب و هيج الأرض الساكنة ، ليرتحل بعدها بذات قوته تاركا ركام ما كانت أرضا .. لم يستنزف القلب سوى نبضتين مؤنبتين ، ليستقيم بقهر صارخا بـ خشونة مغتاظة ، رافعا وسادته معه كي يعود فيرميها أرضا ، و لم ينس أن يميل ليسحب اللحاف حتى يجاور ما ألقاه ،
رفع من نبرته لتعبر الباب المشرع و يخترق بعض منها الجدران فتصلها : الله يبلي اخووج الي بلااااني بيييج بنفس هالبلوووة

ليأتيه ردها على نبرة من تهديد دون ان يدري بأي موقع تكون : دا أسمعععععك

تحرك حيث لعبتها المفضلة ، الطفل البرئ ، كـ أبيه ألقي بيدين ناعمتين لـ أنثى ، صيرها الدهر مجنونة !
هلم لمن شابهته يا صغير ، و تلمني لما أشكوها عندك ، !

رفعه بعجل مهدهدا اياه بالشمال ، بينما اليمين فأقبلت على دفع كل محتويات السرير من اغطية بغيظ حانق ، و لكن باللحظة الأخيرة نبت بقلبه ذكرى عرقها المجهد لكأنه لما مسح جبينها سقى عشقها ليزهر هياما ، شتم نبضه الاحمق بنفور ، و تحرك بفتاه حيث ما رماه قبل ثوان ، ليرفعه فيعيده على السرير ، محدثا رفيق أرذل عمره بجدية تدغدغ الأنفاس لتلتهب : شوف بابا ، إذا حبيتلك وحدة اكتلك ، تعرف شنو يعني اكتلك ؟ الموت أحسنلك
استرسل بثرثرته الودودة و هو يتحرك في الحجرة جيئة و ذهابا ، مستمعا لشهقات البكاء الخافتة المنفلتة من قلب ابنه الحبيب ، المنصت لكل ما يقوله بإهتمام : ذولا النسوان مخابيل ، باوع ابوك شلون متعذب وية امك ؟؟
صير مثل خالك ، عذب النسوان وياك بس لتتعذب إنتة ، سمعت حبيبي ؟ لتصير مثلي ... لتحب وحدة مخبلة مثل امك تشوفك نجوم الليل بعز الظهر

كان الصغير خير جليس ، و مستمع ، يرخي رأسه على كتف والده حتى إلتصق جلديهما ، أنينه الخافت جعل الناصح يتوقف فجأة و كأنه أدرك بأن ما يقال سيعلق في ذهن طفله المنتظر أخا ، بتنهيدة أذابها الوجد إستطرد حديثه ، مرهقا من اللا حيلة امام الفؤاد و أوامره : او تدري حب وحدة مثل امك ، حب بابا حب ، أصلا وين نلقالك وحدة مثلها ، مخبلة ، و تخبلك وياها
بس من هسة اقلك ، رح تتعب تعب و تشيب شيييب لحدمااا تحصرها بظلوعك ، الله يسااااعدك والله
أني نصحتك ، بس إنتة كااتل روحك على امك ، إشبع لعد




.
.
.

يا ساقي الصبر ، هل لي منكم صبر ؟، امسى الفؤاد قتيلا ماله قبر
ضمآن و البحر مأسور بقافيتي ، سكران في دنيا ما زارها الخمر
يا ساقي الصبر ما احكيك مال بها ، صبري بذي القوم شمسا مالها سر
عقدت في خافقي حبي لها و بدت ، كجمرة البيد لي لسعاتها كثر
من قلبي بغداد ، من حي غدا و بدا ، سجني مدينتي قيد فيضه قطر
إني سجين ، قتيل ، مبعد قلق ، و قاتلي مترف في ما جنى حر
يا ليل بغداد إرفق قد جننت بها ، من قال نجم العلا قتلاه بدر
الكرخ و الزوراء و الامواج شاحبة ، و الياسمين يتيم ماله عطر





حينما تعثرت بواقعي ، سقط حلمي من على كتفي القلب لينكسر ، حلمي تهشم لفتات ، يا إله الكون كم أشتاق لقياه ، و التشبث بتلابيب جلبابه الطويل ، ببياضه الناصع ، و نقاوة طبعه ، ضحكة شفتيه ، و بريق المقل .. الفقد يذبح !
يبيت الفؤاد مسهادا كل ليلة ، حتى صارت له فوق الملامح أنواطا من بؤس تعسة المظهر ، فـ ظل إلتصق بالاجفان ، و بروز وجنتين افتقدتا الكثير إلا القشرة المتجلدة ، و بؤبؤين يسبحان في بحر من تيه
لا يلقى له راحة سوى خمسا من الأوقات ، يتشرب بها طاقة تحمله على إكمال المسير حيث نهاية اقداره ، و عمره .. ممنيا النفس بأن النبض الجديد ذا القرع العنيف على ابواب دنياه سيعلمه يوما بعد اخر كيف يكون فك اقفال الابواب و تشريعها امام الحياة

في المقعد الأمامي ، يشارك صاحب سيارة الاجرة طريقا يبعد عن مراكز المدينة الكثير ، المدينة التي احرقت روحه ، و بترت قلبه .. و الله بترته ، كل يوم كان يقف امام المرآة صامتا ، مناشدا اعصابه لتبحث بذهن واع عما قطع منه ، فيصير دونه تاءها كرضيع فقد أمه ، ليظل يحبو بعويل ، مرتضعا إبهامه ، غارقا بأدمعه ، مفطورا قلبه !
لا لم يكن فطرا ، بل بتر ، هذا ما توصل اليه اخيرا ، جزء من قلبه مزق ، ليضطر لقطعه كاملا ذلك اليوم ، فيظل امام الجميع و المرآة المخادعة كامل الهيئة ، بأعضاء لم تتقطع كما اعضاءها ، يا الله
ليته لم يأت !
هاج الوجع بداخله بفوران ، شعر و كأن كرة بلورية ضخمة وقعت فوق رأسه لتفقده ذاكرته المؤقتة لثلاث اعوام حلت ، فيستفيق بوعي لا يتذكر من عمره سوى عشقا شق كبده شطرين ، بل ثلاثا ، واحد يعاني لفرق دين
و أخر لـ خيانة رفيق ' و لو بباطن العشق '
و ثالث ... لموت روح !
ها هو ذا يشعر بطعم العلقم الملوك بفمه ، ليلتصق بسقف حلقه و القعر ، فلا قذفه يصبح ممكنا و لا الابتلاع ، و كأنه وجد ظالته بإبتزاز صبر من فقد عمرا لأجل هذه الارض ، فقد حياته دون مقابل !
عابر حب فاشل كان ، إذ إلتصقت اقدامه في طرقاته الملتوية ، دون إيجاد بدا من الهرب ، ليعبره الحب بنفسه ، و يفوته القطار بعد إذ دهسه ، ليظل ببقاياه مرميا على قارعة الطريق ، يتزود بزاد الصبر ، و يرتشف من بحر المثوبة ، و لكن ذلك العلقم الملتصق بحلقه كلبان يأبى إلا أن يترك بصمته على كل ما تهضمه الروح

كم لوعه الشوق لمن غابت ، فعاد للمدينة دون انتظار لقياها ، بل بإحتضار ، لو كان فيلا ، لمات بحزنه !
لم يفتأ أن يظل حزينا ، و لربما غربته خففت من حدة وجع شطر الروح ذاك ، ليخدر تماما منذ شهور قليلة ، و لكن البنج العظيم لم ينفعه هنا ، و هو يتجول بين شوارع ارضه المزدحمة ، أرض غادرها و كان الدم لا يزال يتقاطر من جرحه ، و ريح الإشتعال تصير حوله افلاكا من وجع ، يا الله يا بغداد .. كم إشتقتك ، رغم كل شئ ، ذبحني الشوق للقياك ، و من كانت تزينك .. تلك التي اختزلت ضحكتها ، و احتكرت بريقها لنفسك ، تلك التي صارت لك كبش فداء .. فداء يا بغداد

أريد لومك قليلا ، أفتسمحين ؟
متى ستكتفين ؟ أنى لك أن تشبعي ؟
ألا ترين بإن ما بلعته فاضت به تربتك ؟ فاضت بعد أن صارت المقابر منتزهاتنا عند الأعياد ؟! لم تتركي عائلة و شأنها ، يكفيك يا سيدتي التي كنت بهية الطلة ، تغرين الاعين بـ أساورك و السلاسل المبهجة ، فـ طمعوا بك ذوو الدناءة ، طمعوا ليشقوا ثوب سترك ، و يغتصبوا أرضك ، و ما إن أشبعوا غرائزهم التي اكرم منها الحيوان ، شوهوا لك بقايا حسنك ، و احرقوا كل ما يطالوه من جسدك ، فتركوك مهملة ، مركونة بإبتذال على قارعة الوجع ، و الفقد
أخبريني يا من سميت بدار السلام ، أين السلام و أينك ؟

أنى لي أن ألومك و لا ملام غيري و من معي ، خذلناك ، فـ فقدتي بنا أملا !
إني لأستحي منك يا حبيبة ، و من رؤيتي كل تلك الجراح المخضبة بدماء لا زال عطرها يملأ صدري ، يبعث لي برسائل طيبة ، مدهونة الوجه بدجلة ، و القفا بالفرات ، معنونة الى الأفئدة .. حيث النبض ، و أنتي !
آه يا بغداد ،يا إبنة العراق ، العظيم و العظمة لله الواحد القهار ، أرض عطر ثراها دم الشهداء ، منذ ارذل العصور و منا من تتصدر قلبه رصاصة عدو ، فتردي دمه مستباحا ، كزجاجة عطر إنكسرت ، لينتشر طيبها ، أما في احدث السنين ، صارت الرصاصة تطلقها ضغطة زناد اخ ، أخ .. تعسا لكم يا إخوة صرتم تتغذون على دماء أشقاء !
تعسا لكم و للقهر ، صرتم أشد ظلما و بهتانا من إخوة يوسف ، فـ هم إستغفروا لذنبهم و إعترفوا بخطأهم ، و أنتم تزدادون اثما و طغيانا ، تتشربون بدموع الارامل و الثكالى مع الزاد و السقيا ، و لكن لا تشبعون ، و لا يقل ضمآكم !
أوتعلمون ما معنى أن تقذف بكم " حسبنا الله و نعم الوكيل " ؟ أو تدركون عظيم الحسيب ، و قوة الوكيل ؟ إنتظروا يا من كنتم إخوتي فإني معكم منتظر

أتاه صوت الرجل الغريب ليجر لواقعه الممرغ بالحصا التي لا عمل لديها سوى التلذذ برؤية الحالمون ، يتعثرون .. فيسقطون .. صار يرشده حيث منزل اهله ، أولئك الذين إختاروا هجر العراق ، و أعزة ابناءه الذين أذلوا .. حتى الآن لا يعلمون شيئا عن إنشقاقه عنهم ، يحتاج برهة من وقت ، كي يعود فـ يخبرهم .. و يقف بأوجه من يعاديه ، ليس الآن فلازال مرهقا ، غائر الجرح ، و لا زال الخدر طفيفا ، دون شعور راحت سبابته تضغط على الزر القابع قربه ، على سطح الباب الداخلي ، لتهبط النافذة من علوها ، و تهاجم نسمات مشتعلة بحرارتها جسده ، فتردي هواء التكييف البارد ، كأنه لم يكن .. يتلذذ بها رغم الاحتراق ، هذا حبك يا ارض الرافدين ، يذبحنا .. فنحتضنه و الدما تغطي الافئدة ، و تفرغ الاوردة ! تنفس بعمق و عيناه تمشطان المنازل ، محلات الاسواق ، افران المعجنات ، المخبز .. الصيدلية ، المولدة الضخمة المزودة حيهم بـ الكهرباء البديلة ، كل شئ كماهو بالأمس ، إلا أهمهم .. فقد ضاع منه ، تاركا إياه بلا أمس و لا همس !
أين المبتور من قلبي يا منزل ، أينه و أيني ؟!
جئتك بعودة تحمد ، نعم تحمـد و ها أنا ذا سأخطو بك أولى خطواتي ، و أنا لست بـ صغيرك ذاته ، أوتستضيفني بكرمك ؟
كنت دوما ما يخفف علي وطإة الوجع !
وجع عشق محرم ، و فقد مثقل ، و الآن .. ضيف يقتله الحنين .. فأين ترحابك ؟ مالي لا أبصر ذراعيك ، و لا حجرك ، أ أنت الأخر تخليت !!
هيت لك ، و لحلمي بالعودة لـ كنفك ، عجبي على بخل لم تتصف به يوما ، فمالك لا تراني اليوم رفيقك
أ زعلانة جدرانك من غيابي ؟ أ أرادت ان ترديني صريع الذكرى ، منهوش البدن وجعا و شوقا لتلعق جراحي بتفضل ، و تمنن ؟ .. لا تكن كما حلمي الذي نازعت شمسه كي لا تغيب و غابت و صارعت نجمه ألا يأفل و أفل
لا تكن شحيحا بوصلك كـ هو ، فأنت ما تبقى لي في أرض ليست بأرضي ، إبق معي .. امدد لي يد الترحاب لأجالسك فأحادثك عن عمر جديد يناهز الستة أشهر ، عمر لذيذ ، ما زلت به صغيرا ، أحبو في جنة اراضيه ، فإستمع لي ، و شاركني الدرب يامن فعلتها دوما





.
.
.

إن قضية الموت ليست على الإطلاق قضية الميت
إنها قضية الباقين

غسان كنفاني





: هااي شملبستته ؟!!!!!

صرخة فزعة ، مدغدغة لـ خلايا العقل ، و عضلة القلب ادركتها اسماعها لتحاول التشبث بـ الثقة و يداها تستمران بعملهما ، مغلقة أخر ازرار البنطال الصغير ، ذاك الذي بالتأكيد إستعارته من لعبة !!
قميص " جينز " ، مع بنطال " أوفوايت " ، لا تتجاوز طول قطعتيهما عن الربع متر ! بل أقصر ، كتلة جسمانية ناعمة تغمر فيهما اجبارا ، و رأس لم ينمو به الشعر بعد قد غطي بـ ' قبعة ' لا محالة هي لـ دمية ، و إن أقسمت بالعكس لن يصدقها !!

كرر قوله متقدما من الأريكة التي تربض عليها ، مقابلة صغيرها المستلقي امامها ، و المتقبل كافة تصرفاتها " المريعة " بعين دائخة ، و جسد مرتخي
: لج ليييينااااا شمسووية بالولد ؟؟؟ هاي تريييدين تاخذيه هيجي ؟؟

تغاضت عن صوته الهلع ، لتتمسك بالبلاهة الغير لائقة وهي تميل لترفع الرضيع ببطئ مهتم ، فيتكور على نفسه كـ كائن هلامي ، فعظامه لم تشتد و والدته الحنون قررت أن " تأنقه !! " ، أسندته على صدرها مقدمة جسدها للامام عارضة 'بإنشراح ' الدمية البشرية الصغيرة على الوالد المصدوم : الله عليك عمورتي شوف الأنييق ، مو يخبببل فدواات لعمره ، باوع باااوع شقد لايقتله الهدووم

وقف امامهما ، ليعلق و الذهول لم يبارح موقعه ، طافحا بنظراته و منسابا من بين الكلمات : الله عليج انتي !! شلوون تريدين تطلعيه هيج ... ؟ ليناا بعده اربعينه مطالع خطية عوفيه بحاله

بضجر عبرت عنه بتأفف اجابته و هي تستعد لأن تستقيم ، فيكون ساعداه منبع الطاقة و القوة ، إذ رفعها بعناية لئلا يلامس بطنها و الفتق اللا ملتحم حتى الآن ، ما إن ركزت بمكانها مقابلة اياه تحدثت بـ رقة متغنجة : و الله ابني رجاال من اول يوم اجة للدنيا ، لتقول عليه خطية !! شووف تكشيرته عينن علي ' عينن : بالضبط '

: تكشيرته من سواالفج ، بربج من كل عقلج ملبسته هدوم اللعابة ؟

تحركت خطواتها ببطئ متعمد ، مبتعدة ، لتعلق بشفافية : والله مو هدوم لعاابة ، هاي اني و اية اشتريناها من رحنا للمول ذيج المرة ، راويتكياااهه بس انتة بالك مدري وين هالايام


ظل واقفا محله ، في غرفة معيشة الطابق العلوي ، يبصر حركاتها المغيظة و هي تتوجه بالصغير " الهادئ " نحو المرآة الجدارية ، تقلبه بحرص ذات اليمين و الشمال ، مغرقة إياه بالغزل المبالغ به ، زفر بحنق ليستطرق من موقعه : و امي شاافته ؟ ترة اذا تشوفه تقلب الدنيا على راسنا يمعودة ، مسويته فلم !!

راقبت انعكاس صورته الممتقعة الملامح ، لتجيب بـ جذل : هئ بيبي الحلووة مشافته ، هسة نرووحلهاا خلي تنطينا عيدية ^^

رفع حاجبه ليرمي بنفسه على المقعد المغري لمن يحب الكسل ، كحالته الآن !
: عيدية هسة ؟ ليش شوكت عيدتو ؟

لتأتيه بصغيرها ، و بخطوات متأنية ، أجبرت نظراته ان تحرسها بعد الله حتى وصلته بـ سلامة ، لم يكتم تنهيدته القصيرة ، منصتا لقولها المدلل : إحنة كل جمعة نلم عيدية من بيبي

إبتسم لـ يرتخي بجلسته اكثر معلقا : يعني خلصتوا فلوس امي .. !!!

انحنت بقدها " المتناسق لولا إنتفاخ البطن قليلا " لتمد بالصغير نحوه ، متمتمة بإنزعاج مستنكر : لا بللا ؟ دتلاحظ نفسك شقد صاير مكروه ؟

ضحك ليعتدل بجلسته مستقبلا منها الصغير بـ إهتمام ، ليفزع فجأة حال أن مسكه ناطقا بسرعة معبرا عن قلقه : لالالا شيليه لين ، أخذيه لامي ما اقدر اشيله هيج ليروح ينملص ، ينجعص

لترتفع ضحكتها هي الأخرى ، فتشهق كما من الهواء دفعها لأن تبتعد عنهما خطوات فتسعل بـ عالي الصوت ، محركة يديها طالبة من زوجها الهدوء ، فلا شئ يستدعي نظرة الهلع التي طلت من احداقه ، لما إستعادت تماسكها إلتفتت نحوه لتقول و الإبتسامة لم تبارح الشفتين : الله علييك شلون تجعصه ؟ لو انتة علي جان قلت يسويها ، بس عمورتي حنييين رح يلزمه ' يمسكه ' عدل لحدما اروح ابدل دقيقتين و اجي

بـ سخرية واجهها : دقيقتين ؟

قلبت نظراتها بـ بشاشة لتخرج لسانها نحوه بحماس : تؤ ، يعني انتة ترضااهاا اروح اشوف مرة اخوية و بته و خالااتها و اني مو حلوة ؟ لازززم اتأنق احللى اناقة ، فشوية انتة لازم تصبر

إستقام ليتبع خطواتها و هو الأخر لم تغادره النبرة المرتاحة : اخووج و مرته يخبلون الواحد ، يعني شلوون شغلة مال تلتقي بخواتها بس بمكان محايد حتى لتتحارش بأبوها ، خو يروحون للبيت و يفضوها

ترافقا بالمسير لتجيبه بلمحة حنو تليق بها : يمعوود عمر زين من ابوها قبل تشوف خواتها ، صارلها تلث اشهر من جتي و لحد هسة مشايفتهم ، خلي يلتقون ان شاء الله بالشارع

كان يتابعها بعين عطوف ، كم تغيرتي يا أميرة الحسن الشفاف ، صيرك القرب أفخم ودا ، و أطيب نبضا ، يا حسنائي ذات الزمردتين

دنى منها و بحركة لذيذة مال برأسه ليهدي الخد الوضاء قبلة شغوفة ، و لسان حاله يود ماهو اكثر ، بضحكة مغناجة كافئته ، و " حبيبي إنتة " صرح بها الفؤاد فتكفيه من الدنيا هذه اللحظات ، البراقة

نطق اخيرا متقدما إياها بخطوة : راح اودي نور لامي ، هسة اذا زوع ' تقيأ ' علية شأحصل منكم

لـ تعترض بـ عجل موسعة لأحداقها الزمردية ، فـ نحت القمر قليلا عن موضعه ، متخليا لها عن عرش الجمال .. الرباني

: لالا عمر والله خطية ماما ماتت تعب من وراك انتة و ابنك ، اني عود شوية دا احاول اسيطر عليه و انتة تريد ترجع تذبه ' ترميه ' براسها ، ترة مابيهااا حيله ، و هسة فد شوية يجون اية و محمد ، خلص رح تبقى هنا لإن بهاليومين حتجيب ان شاء الله ، فلااازم اخلي هالمفعوص يتعود علية ، خوما ماما ابتلت بينا و بجهالنا

رفع كتفيه بلا اهتمام للمعلقة التي القتها ، مجيبا بـ نبرة تخللتها رشفة من مرارة : أعرفها لكفوحة تلقيها هسة جوة دتاكل بنفسها ، فخلينا نلهيها بـ نور احسن ، و من تجي اية عود نريحها منه مو مشكلة

برمت شفتيها بـ تفهم ، لتعبس فجأة ملامحها لـ إدراكها تلك الدمعات التي ملئت احداقه دون ان يحطم السد بوجهها لتهبط من علو ، و ذلك الحزن الذي ضيق الخناق حول عنقه لينتفخ وجهه بإحمرار قان ، عضت على شفتها العليا ، لتتمتم بروية و نبرتها تحشرجت : ماشي عمري ، انتة ادرى

إلتفت عنها مواريا سوءة حزنه ، خانقا رغبته الملحة لإغراق رأسه في جحرها ،

: حضريلي القميص الأخضـ ـ

لم يكد يخطو خطوتين حتى سمعها تقول بنبرة ذات حماس مفتعل : حبيبي هدومك موجودة ، انتة نزل نوور لماما و تعال حتى تبدل

: ليين مو مثل ذاك اليوم تخلينا نلبس نفس الهدوم ، عيب هالمرة رايحين للنادي و هناكة الن و عبد الله ، لتخزينا " تفضحينا "

: هههههه لا والله مو نفس الهدوم ، بس محضرتلك و ضاربتلك اوتي " كويت لك " على ذوقي

اكمل طريقه متحدثا بـ نزق ، مضحك : شنوو هالخبصة المخبوصتها انتي ، عبالك اليوم العيد !!!

: طبعااا شووفة علييي و بته اكيييد نفس فرحة العييد ، و الله مشتااقتلها من تقول عمتيييي

ما إن إرتفع صوتها بـ الصيحة التي إخترقت سمع " الهادئ " ، حتى تحول بـ لمحة خاطفة الى آلة إزعاج حية !






؛

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (83) وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ (84) قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ (85) قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (86) يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ (87) فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ (88) قَالَ هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ (89) قَالُوا أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (90) قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ (91) قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (92) اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ (93) وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ (94) قَالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلَالِكَ الْقَدِيمِ (95) فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (96) قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ (97) قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (98) فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ (99) وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (100) رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (101)



' صدق الله العظيم '

أغلقت الكتاب الكريم ، بعد أن تذللت بـ تلاوته المباركة ، لتشهق روحها بطهارة الإيمان ، فتشعر و كأن الله سبحانه يسمعها ، ينصت لنجواها ، فيهون عليها مصائبها بـ آياته الكرام ، ينزل على قلبها السكينة ، يعدها أن تنام يوما قريرة عين ، بعد إذ غادرها النور و ظلت كما ظل يعقوب عليه السلام بعد يوسف ، كظيم !

لا وجع أشد وقعا على النفس البشرية من وجع الوالد الفاقد ، يحيق بكونه الضيق ، و تتوشح ايامه سوادا ، يلازم الهم ما تبقى له من حياته ، مهما تشبث بـ رب البرية ، و مهما تحلى بالصبر ، تؤاتيه لحظات تشطر روحه نصفين ، تقلب أحدهما فوق جمر ، فتشوي الأخر بـ شقه بسياخ الشوق !
يا جبار القلوب أجبر قلوبا إنفطرت ، بل تهشمت ، ثبت قلوبا أدركها اليأس لتصطبر ، داوي الجروح يا مداوي ، إكتب لنا في مشقة الحزن مثوبة يا رحمن

من بين لجج الشوق ، و آهات البؤس فرت شهقات ' ثكلى ' ، إنحنى ظهرها ، و تكوم الحزن في طيات الفؤاد ، تركت قرآنها على السرير قربها ، لترفع كفيها عاليا ، تناجي مالك السموات و الأرض ، تجهش بالحاجة للراحة ، للسكينة ، للسلوى

يا مغيث ، أغثني .. يا الله
ادمعها تهل من الاحداق كأنهار جارية ، تنزف المقل بمالح الماء و القلب بـ أحمره .. تتلاطم الاعضاء الداخلية بمعركة يهيمن بها الجموح الشجي ، الشوق لإحتضان قطعة من القلب ، قطعة انخلعت دون رجعة
يا رب ، مكانها الخاوي يدق في الصدر اوتادا ، هب لي من لدنك صبرا يا عزيز ، إرحم عزيز قوم ذله فقد الضنى ، يارب اجبرني و أجبر من تشاركنني الإحتضار الحي ، آجرنا في مصائبا يا رب الكون و اخلف لنا خيرا منها

إشتعل القلب شيبا ، و أظلمت الأحداق ، فإنتفخ الصدر شوقا .. املاق رؤية الوجه الضاحك كل حين تهز بالروح اركانها ، تتصبر بـ سلوان من الرحمن ، لتسكين ، فتعود لتبتئس
فـ ثبت قلبها على صبر ، يا مثبت القلوب يا الله

مسحت بكفيها وجهها ، اختنق صوتها بالعبرات و هي تسمع ازيز الباب الذي شرع ، فـ ظهر من كان متواريا خلفه ، لم ترفع رأسها نحوه .. و لم تجازف بـ طعن صدره بسيف الحزن ، فـ رغم تظاهره بالتماسك .. أكيدة هي بأن فلذة القلب له من لحظات الإنهيار عدد لا يعلمه الا الرحيم
حاولت بجهد اختزال النحيب ، و نبذ العويل ، فـ إبنها لا يحتمل بها وجعا متوشجا بالشجن ، و لا تريد تحميله فوق طاقته ، التي خذلته توا ، فسمعت منه أنين أسد ذبيح ، مكتوم مهموم !

دون ان تبصر قامته المديدة ، ' الأحب للقلب من دمه '، حركت يدها صوب الطاولة الصغيرة قربها ، لترفع من على سطحها علبة المناديل ، فتتخذ لنفسها كومة تستر بها عري شوقها ، ظلت تواري الوجه الشاحب المبتئس لتستقيم هذه المرة ، فتجر من حبيبها صغيره الباكي ، ارتخاء ذراعيه و ذبولهما ساعداها على تسهيل المهمة ، ظلت تهدهد ذا الصوت العالي ، متحركة ذي الذهاب و الإياب في الحجرة المتوسطة المساحة ، المخادع .. لا يكف عن النواح الا إذا تحرك حامله به ، اعتاد الدلال إبن اللين !

تدرك جيدا مراقبة اسدها الحنون لها ، فتحاول ان تجابه اعصار البؤس الذي هز اوصالها ، لتملأ فجوة القهر الثاقبة صدرها بإحتضان هذه الكتلة النقية في مكان الوجع ، علها تهادنه قليلا ، ليكف عن طلب المستحيل !
و هي مستمرة بحركتها ، تسمرت مكانها لدى الإحتضان المفاجئ الذي ادركها من دبر ، ذراعاه الحبيبتان تلتفان عليها و الصغير ، رأسه منحني ، ليزين خمار يلف شعرها الأشيب بـ بقبلة طويلة ، مزدانة بالادمع التي لسعتها دون ملامسة ، انفاسه الحارة و نشيجه الساكن ذبح اوردتها و هو يهمس دون ان يبتعد قيد إنملة

: أروووحلج فدوة كفاح بلاا بجي ، ارووحلج فـ ـ ـد ـ ـ وة كافـ ـ ـي

شهقت كأنه طالبها بالعكس ، لتجهش بـ عويل عال الصوت ، فتستدير نحوه رامية بثقل كربها على صدره ، فيتلقفها هو بـ ترحيب باك ، أحرق لهب دمعه ما بقي من فؤادها ، لكن لا طاقة لها لتتوشج بالعقل ، فـ طيف الصغيرة لم يبرح ان يلاحقها ما إن تظل وحيدة ، فتود صدرا تتوكئ عليه
فالسجادة فاضت بالأدمع ؛ و رغم فيضها ظلت تخبرها ألا من حزن مزيد ؟ لتفرغه فوق وبر قماشها ، بحال لا يشكى الا لرب العباد

: كااافي عيوني ، أرووحلج فدوة اني و ابني ، يووم والله لو بيدي اذبحه قدامج بس لتبجين ؛ قلب عمر كاافي بجي

بـ عنف دوى وقع حديثه على احد الاوتاد ليحشرها بين الرئتين اكثر ، بفزع ابتعدت صارخة بنبرة علت على صوت نحيب الصغير : لا امي اسم الله الرحمن عليك و على طوولك ، الله يحرررسك عيون امك ، ليش تحرق قلبي
شعندي بعد الله غيرك و غير ابنك فهمني .. الله يخليكم خيييمة فوق راسي انتة و خواتك ، بـ ـ ـس اعذرني ، مشتاقـ ـ ـ

بتر رمح الشوق من منتصفه ، فـ زفر لتردية طعنه ، بإخفاق حاول أن يبتلع وجعها دون أن يبقي لها قضمات ، مموجة بالمرح الباهت جاءت كلماته : اششش يللا كفوحة عيوني كاافي ، إششش كافي منريد ولا دمعة بعد ، ' ليضيف بذات ضحكة قد ماتت دون برزخ ' عود جبتلج هذا اللوقي حبيبج قلت تسكتيه طلعتي انتي الي لازم احد يسكتج
ما إن لمح تلك البسمة تداعب اطراف الحزن ، بشئ من خجل حتى استحثها بـ زخرف القول : هه اي ضحكي اروح فدوة لهالضحكة الحلوة

إبتعدت ببطئ مهدهدة الصغير ، لتنهيه عن قول يرعبها بنبرة صارمة مبللة بالدمع : كااافي تقول اروح فدوة تدري بية اكره هالحجاية ، أسم الله عليك يا قلب اممك ، ' ليأتيها بحفنة من المناديل ، فتحذف بها بقايا البلل ، ناطقة بصوت متهدج ، منحني ظهر تماسكه ' يممممة عمررر الله يرضى عليييك دنيا و اخرة مثل م إنتة مرضيني و مبرد قلبي

بصدق أردف متخذا مخدعها سكنى لجسده ، إذ استلقى بنصفه العلوي مراقبا مظهرها الحنون مع الصغير بقلب يخفق : تدرين خاتونة الخاتونات عندي هالدعوووة تسوى الدنيا و مابيها ، لج عندج ولـــد يموووت عليييج

توقفت حركتها لبرهة لتحاكيه بـ كسل و نبرتها تعدلت قليلا : لج !!!!!

بـ هدوء سافر ردد : العفووو يابة ، صايرتلي مثل لينا ، واقفتلي عالحجاية ، ' بعد أن فض من على تجاعيد الزمان دمعه ، ليتذكر اخيرا ' صـدق شوفي هذا ابو دميعة شلابس

للتو ابصرت ما ادمعت له عيناها ، فرحا ، لتشهق غير مصدقة : هـــئ ، و لك هااي شملبسيييه ؟ يممممممة ترووحله عشر فدوات بيبيته ، يمممة صدقة لهالطوول الحلو ، ههههه هاي الهدوم الي اشترتهه لينا و اية ؟ هههههه ولك يخببببل فدوة للانيق

لتهزه فوق ذراعيها بإنفعال ' حاني ' ، مرددة غنوات الجدات المتوارثة بشكل تلقائي ، برنة من العصر الجميل : يممة يممة يممة ، نوور الحلو وين اضمه
اضمه بالبستووقة ، ييجي حراامي يبووقة

بشئ من عجب علق ، بعد أن إنتهت المقطوعة الخاصة بإحتفالية الجدة بشبلها الأول من بعد أبيه : هااي شنوو ؟ أني قلت هسة تحجين على لينا ، غير لازم تمقطه !!

انفاسها لهثت بعد شوط المهرجان ذاك ، فتوجهت نحو السرير لتقف بعد أن وصلتها جملة ابنها ، فتشق ثوب شجنها ضحكة صادقة نبتت في علقمية الحال : هههههههههه شتسوويله ؟؟

علم خطأه ، لكنه على إستعداد أن يتم دور الأبله على أحسنه ، فقط لتثقب طبلته هذه الضحكة : تمقطه غييير ؟

كحت و لا تزال هنالك اطياف من بسمة تحتل البؤس ، لتتقدم خطوتيها حتى جاورته لتهمس : تقمطه أمي تقممطه ' تلفه بالفوطة البيضاء الخاصة بالرضع ' ، اي والله لازم تقمطه ، بس يللا خلينا نتونس بشوفة هالإيدين و الرجلين الحلوااات

: ههههه فدوة لهالضحكة
بتلقائية ضربت يده القريبة ، رافعة سبابتها امام فمها معلقة بـ ' أششش صوتك بدا ينام ' ، جفل بعفوية ، ليكشر بعدها بضجر ، متمتما بـ : بس يوم دخيلج شوفيها تريد تطلعه هيجي ، ليروح يصير بيه شي

بيمينها دفعته دون ان يتحرك فعليا ، لينقلب كما تطالبه ، مستلقيا ذات الشمال ، مراقبا الحنون تضع صغيره الغافي بملائكية قربه ، أسند نفسه على مرفقه ، بينما الرأس يسنده الكف بكسل ، منصتا لصوتها المتلون بالبحة : لا أمي ليش هالوسواس شيصير بيه قابل ، الله يحفظه ان شاء الله

حول بصره نحوها ليعلق مدعيا الجدية : ينمتن !! " تنخلع ذراعه عند الكتف "

بإبتسامة ابرزت اسنانها تحدثت : لا بالله دكتور عمر صرت خبير ، ليش متحول دراسة الاختصاص على طب الاطفال ، أحسنلك اقلها الخبرة موجودة

ليتغضن جبينه مصطنعا الضيق ، ليردف محافظا على نبرته دون المستوى الطبيعي : يووم اريدج عون مو فرعون ، هسة فهميها لمرتي خلي تعوف الولد بحاله

كـ قطة ، نطت بينهم على ذكرها !
عند عتبة الباب تقف ، ترتدي بنطالا فضفاضا بلون صحراوي " باهت " ، يعلوه قميص أخضر ، خمارها الصحراوي بتموجاته الزيتونية ما زادها إلا فتنة ، إذ شاكس صفاء بشرتها بلونه و زمردية المقل ، ليخسر و بجدارة ، رغم الامتار الفاصلة بينهما لمح تلك الدموع المبجلة السجينة بين الأصفاد السوداء ، إذن كانت هنا .. فدق الشوق بابها هي الأخرى
بتزمت علقت من مكانها ، محاولة ' كعادتها بمواقف كهذه ' أن تظهر شغب لم تتقمصه إلا هنا : لا والله ؟؟؟
معلية والله ماما ماااا ابدلله ، مصـدقت لبسته و طلع حلوو بيهم

: معليج بيه امي هوة عمر صاير يغااار هالايام ، و الله تخبلون انتي ويااه على عناد عموري ، هوة متغيير من عرف بيج حامل بدا يخااف على مكانه بقلبج

بعد جملة والدته ارتطم ظهره بالسرير ، برمية كسولة من قبله ، ليضيف على حديثهما بهزل : ايي هوة انتو من تتقابلون علية ، بعد ما اقدر احجي حجاية !!

ذات الوجه الحسن ، بهية الطلعة ، و خرافية الفتنة .. حاكته من محلها بنبرة محببة ، ملائمة للهفة وجيب قلبه عند إبصارها بالقرب : لا ماما هوة من ناحية مكانه بالقلب فيعرف محد ينافسه بيه

لم تنجح بإشاحة بصرها الخجل عن فلكه ، لتسعل بذي ضحكة ما إن علت دعوات الحنون لتطرب اسماعهما ، سعلت برقة لتضيف متقمصة الشدة : ديللا ابوو نور الحلوو ، عوفنا متقابلين و حبايب و انتة روح بدل

هذه المرة اعتدل جالسا ليعلق مدعيا الضجر : لا ما اجي ، انتظري اية و محمد من يجون خلي يوصلوج لبيتكم و روحي وية علي

زمت شفتيها بإنزعاج حاولت إخفاءه قدر ما تستطيع ، لتصلها نبرة حماتها مؤنبة إياه بصرامة : عمر ، قوم رووح وية مرتك بسرعة ، كلكم متواعدين عيب تخلوون بيهم

هذه المرة حول نظراته لتصب على الكفاح فيردف بجدية : و الله ما اروح و اعوفج وحدج ، و هاي حلفت .. و اذا تريدين فـ بقي هذا المرعوص يمج ، بكيفج شتريدين يمج ؟ اني لو المخبل ابني ؟؟

بـ حنو رفضت ، مستقيمة بجسدها لتخلع رداء صلاتها : لا ماما وين ابقيه ، اخذوه خل خاله يشوفه ، صار هواية مشايفه ، اصلا راسي يوجعني ما اقدر اسكته ، و هسة اختك و رجلها بالطريق يعني مو وحدي

بعناد رفع ذقنه ليصر بهزة رأس خفيفة : ما اعوفج هسة لو ما اعرف شتقولين

تدخلت كنتها بـ حماس من وجد الكنز الذي تاه فـ خسروا حتى أثره : زين ماما تعاااالي ويانة حبابة ، و الله حتى جلنار تحبج و اصلا رح تلتهي وية خواتها و ابقى وحدي عالاقل انتي تونسيني

ليرفع عمر حاجبيه بـ إعجاب صريح ، فيضيف على قولها بعجل : إيي والله جبتيها ،
ديللا كفاح ركض بدلي يللا يللاااا

لينزل من على السرير متحركا بوالدته بقبضة خفيفة على ساعدها نحو دولاب الملابس ، فتحاول الاعتراض قولا و فعلا : وين وين بلا خبصة ، روحوا الله وياكم عيوني لتخافون علية قابل جاهلة اني و بعدين كلكم قعدة شبااب ماخذيني وياكم شنووو

: لتحاوليين ماكو قعدة وحدج

: اختك و رجلها بالطريق عيب منهم و الله

: نخاابرهم خلي يرجعون لبيتهم

: امي انتوو والله ما بية حيل ، ماكو علية شي شبيكم إنتو ؟

لتلحن اللين بسرعة فيشاركها متيمها ، الذي علمها ابجديات الوله فـ هامت به عشقا ، و كما اعتادا منذ اشهر علا انشادهما المشاكس : منعوووفج ؛ منعوووفج ؛ منعوووفج

لتبتر ضحكتها قبل أن تتكون إثر الصراخ العاتي القادم من حنجرة صغيرة عمرا و حجما ، و عظيمة خبرة !
فـ تلومهم بـ جدية مشيرة بكلتا يديها على من نهض و معه ازعاجه : سمعوا ، زين هسة قعدتوه و اني قوة نيمته ، صايرين جهااال فد مرة

لتسرع اللين بقول : إحنااا هسسة ننيمه بس الله يخليج لتغيرين رأييج بسرررعة يللا بدلي

و قبل أن تعترض ، انقذها من الوقوع تحت قبضتهم صوت الجرس ، لتشاغبهم بنظرة حلوة : هاا شقلنا ؟ هاي أية و محمد جوي ، يللا إنتو توكلوا


.
.
.

بـ إحدى التجمعات الراقية ، في قلب بغداد ، حيث و كأن من هنا لا يمتون بصلة لمن في الخارج ، لطالما كان " نادي الصيد " ملتقى لمن ينتمي الى الطبقات الميسورة ، و ما فوقها بكثير ، فهو قد ظل لأعوام طوال محتكرا من قبل مخمليي الشعب ، بل ما فوق الشعب ، كل من ينتمي للدولة و استخباراتها ، و من هم ذوي الأصول الأرستقراطية

في أحد مقاهي المكان ، تضج الطاولات بالزحام ، و الاجواء بـ دخان الـ " أراكيل " الخانق ، و في احدى زواياه ، عدد غفير من الرجال و النسوة و معهم الأطفال ، يجتمعون بـ ود غير زائف ، يتناقش الرجال عن كل ما بالساحة ، وجع سوريا الشبيه بـ شقيقها العراق ، حالة الإستنفار المرهبة لرجال مصر ، دم فلسطين المستباح دون ان تجد من يرتق الجرح

اما الاناث فإعتكفن على تناقل الاخبار " شوقا " ، سواها ، فـ كانت هادئة ، مجاملة قرب الثلاث شقيقات اللاتي تجمعن هنا ، لتلتقين بمكان محايد لا يعود لأي من الحزبين المتضادين !

صغيرها " المنفصم " يتوسد صدرها بـ سلام و هدوء غريبين ، فهو حين الضجة تراه عاقلا مسالما ، و ما إن يحاط بالسكون تدخل عفاريته بـ معترك راقص ، تتأكد كل ذي برهة من إستلقاءه بالشكل الصحيح ، ساهمة ببصرها من حولهم ، علها تلمح ' رنا ' التي اتفقت معها مسبقا بالمجئ ، فهي هنا تجلس بإنزواء مزعج ، شقيقتا زوجة أخيها تقابلان اختهما من بعد فراق و قدره أشهر ! ، لذا لم تستحب التطفل على احاديثهم و إكتفت بـ مبادلتهن المجاملات البسيطة و الرد على ما يوجه إليها من تساؤلات

بسمة خفيفة تزين الوجه الجميل بينما المقل تنتقل بين الحاضرين ، فتتوقف عند أخيها غير الشقيق ، تكاد تضحك و هي تراه مشغولا بإبنته العفريتة أيما إنشغال ، فتارة يحمل لها كأس العصير ، و أخرى يمسح لها بقاياه من على محيط الثغر ، اصابعه تبعد شعرها المنفجر كل ذي تشعث ، و ها هو الآن يجلسها على الطاولة امامه متورطا بـ ربط شريط حذائها الرياضي الضخم ، و المضحك !
كم تشعر بالإمتنان لرب من عليهم بهذا الحال بعد طول اختبارات عذبت كليهما ، منذ تلك الليلة قبل أعوام ، حيث أنقلبت حياتها ، أما هو .. فـ لربما فلم يستلذ بما يسمى حياة إلإ حينما بعثت له أمواج قاسم حورية جميلة ، محبة ذات قلب يفوق النقاوة بكثير

نقلت بصرها للجهة الأخرى ، حيث تجلس تلك الصفائية النبضات ، القاسمية النسب ، توسعت بسمتها بغير ذي شعور و هي تلمح استراقها النظرات لزوجها بكل رفة جفن ، تضحك مع شقيقتيها بـ أريحية ' لم تعهدها بها من قبل ' و الاحداق لم تفارق قيد الـ علي ، تبدو حالمة ، غارقة في بحر الهوى ، غارقة مع بحارها الشهم .. ذاك الذي من اجله تخلت عن ذنبها ، و صوتها ، فالقلب .. فقط لتتحلى بقدمين تمكناها من مرافقة سارق قلبها ، غادرت بحر قاسم كي تشاركه فخامة الرحلة ، إسطورية تلك الحكاية ، و لكن نتاجها تجلى أمامها بـ خيلاء الجود

أطرقت بخفة ، تراقب العائد من " أوربا " بتلصص ، دون خجل تعلنها ، إشتاقت أن تراه مكملا لـ زوجها و أخيها ، لطالما كان للثلاثة صولات و جولات هددت راحة سكان حييهم في سالف الاعوام ، حيث لم يكن هنالك بكل أرض شهيد ، اودى بعمرهم و ليس فقط براحتهم !

أيام الفتوة الشقية ، تكاد تراهم الثلاثة يتشاجرون بعراك مرعب مع مسكين ذنبه التحرش بأحدهم ، تعلوا اصواتهم المعتبة ابواب الخشونة بشتائم صبيانية لم يشترك بقذفها احدهم ، و بالتأكيد كان الـ عمر هو ذلك الراقي اللسان

و ها هو والدها يخرج و الغضب يسبقه حيث يقفون ، يشتت شملهم الشراني ، بـ تأنيب هادئ ، لا تذكر أنها سمعته يوما يصرخ بهم ، إلا إن تلك النظرة التي لم تزل ان تزلزل قلبها ، كانت كافية لهد قواهم ، و إخراسهم عنوة !

لتستلم بعدها ضربة على الرأس الشامخ منذ صباه ، فمن غيرها ركض يحمل فتنته بيديه ، مناديا الرجل المهاب ، فينشأ حينها عراك اخر ، محلي الأعداء ، فيتهشم الشمل ذاك بين مدافع و مهاجم ، دون الألن الذي يظل مكتفيا بتهدئة كلاهما ، فـ إن ضرب أخ أخته ، ما دخل الرفيق ليحشر ... قلبه ؟

إزدردت ريقا مملوءا بلعاب الحنين ، لتجر ببصر يترقرق بمائه ، حيث هاتفها المزعج ، الذي بتر خلوتها مع ' الماضي الجميل ' ، رفعته لتفتح الخط فتجيب على رفيقتها ، تلك التي سألتها للمرة الثالثة عن مكانها ، فـ كما تقول إنها و عائلتها الصغيرة قد وصلوا !

عائلتها التي أسستها مع ' دكتور منذر ' من احبته دوما ، و رضيت بكل ' عيب ' له ، فصار عليها لزاما تحمل عواقب قراراتها ، إلتفتت ذات اليمين ، لتجد ' روشن ' تحاكيها بلطفها الأنيق : شنوو وصلت صديقتج ؟

بـ بسمة هادئة اجابتها موافقة ، لتضيف : صارلها ساعة تقول وصلنا ، كذابة

بضحكة رقيقة جاء رد الـ " أنيقة " ، لتلتفت هذه المرة ذات الشمال ، حيث يجلس عمر ، و لكن قبل الإستدارة الكاملة لعنقها الطويل لمحت إحدى حسنوات الطاولة القريبة تمتع بصرها بنظرات متلصصة تهدف الى أهم ممتلكاتها ، راحت الاعين تقدح شررا يحدج تلك الوقحة ، لكن لا فائدة ، فيبدو أن من لم تعرف شيئا عن " غض البصر " ، لم يدركها إهتماما لأحد رواد الطاولة غير عمر !!!!

دون شعور حركت مرفقها لتدق به خاصرته ، أجفل دون ان يبدو عليه ليلتفت نحوها بأحداق متسعة مستنكرا تلك الفعلة ، فما كان منها سوى أن تبعث له سهاما حادة الرؤوس ، مفادها تهديدا صريحا ، بان التعجب على ملامحه ، فأمال برأسه قليلا حتى غطا وجهها عن مرمى الاعين ، متظاهرا بـ الإطمئنان على الصغير المستكين في حجرها ، ليتسائل بـ هدوء عفوي : لين شبيج ؟؟؟

فتهمس بحرقة اللهب الحار : مو كافي ضحك ؟ شوية نصي صوتك مبقيت وحدة مخليتها تباوع عليك

لم يقاوم إغراء التمتع بـ تلك النظرة التي لثوان ولت كانت مبهمة ، فإعتدل بقوامه ، و الضحكة راحت تفلت من بين فكيه بـ سلاسة ، متلذذا بـ كسر قيودها المحذرة ، ليحاكيها دون أن يرفع من طبقات صوته : ها شفتيهم شلون داخوا ؟

فما كان منها سوى أن تثبت ملكيتها بـ دهاء نسوي ، فترفع الصغير بلطف فائض ، و بنظرة جانبية راحت تراقب من زاغ بصرها رفضا للصورة التي رأتها ، فمالت أكثر لتسلمه طفله ، معلقة بـ حدة شهية : عمررر قووم أقعد يم علي ، و حساابك بالبييت

لم يستطع كبح جماح رغبته بالتسلية ، لكنه افلح في القبض على ضحكته ، و حبسها دون الفرار و إشعال قلبها الحبيب أكثر بغيرة لذيذة من المفترض أن تستحي الدنو منها
إستقبل فتاه بكل طوايعية ، ليهمس لها ببسمة لذيذة ، دغدغت اطراف ثغرها الرقيق ، ليعكس هو الاخر صورة منها

: لك انتة الكل بالكل ، عيب عليج تغارين و الله

لتحاول جاهدة التشبث بالزعل ، إذ صارت الملامح متضادة بلقطة مسلية ، فالحاجبان ينعقدان بينما الثغر يبتسم ، كما القلب
: مو غيرة ، هذا استحواذ عالممتلكات ، و يللا عموورتي قووم روح اقعد بذيج الجهة ، بديت اعصب

: حاضرين للمعصبين

علق بها بود لطيف ، ليستقيم فكادت أن تبتلع لسانها بشهقة فرت من صدرها لدى إبصارها تلك النظرة المشدوهة بإنجذاب المنعكسة من المقل المزودة بـ عدسة ملونة ، لما انحنى قليلا ليسلمها الصغير ، رفضت بحركة من يدها المرتعشة ، و " قل أعوذ برب الفلق من شر ما خلق " راحت تجوب في دهاليزه السمعية برقة حانية

لم يزيد من وطإة قهرها ، بل تحرك بصغيره حيث أمرت " ست الحسن و الدلال " ، فجاور علي الذي سرعان ما إلتفت نحوه ، بنظرة متسائلة ، فمال نحوه ليشبع فضوله بـ " أختك تخبلت رسمي "
لم يكد يبتعد لينتشي و لو لبرهة بضحكة ذلك المتثلج ، كما هي أجواء بلدة سكن بها من الاعوام ثلاثا ، حتى الضحكة ، كانت جافة لدرجة الوجع ، ألن .. رؤياك تذكرني بـ فقدي ، فما عسى رؤياي فاعلة بك ؟
تقتله دون علمك ، يا رفيق !
لمحه يرفع هاتفه ، فيبتاع لنفسه لقطة فريدة لن تتكرر على مر الازمان ، فرفيقاه الضخمان ، يجلسان متجاورين و كل منهما يحمل طفله ، بإستسلام يثير الضحك و الشفقة ، بالتأكيد لن تتكرر

: شوف نهاية الزواج ... ورطة !!!

التعليق التهكمي خرج منه دون علي ' للعجب ' ، و هو يرى اثار البسمة الخفيفة على ثغر ثالثهم ، الهدوء النسبي تلاشى ، لما تقدم طفل يعتب باب المراهقة من " عبد الله " ، يطالبه بشئ
، ثم يبتعد .. فيوجه الاخر حديثه لمن يجاوره ، بشئ من لطف لا حذر فيه : يمعود علي دخلي الطفلة تروح تلعب ، شكو هيج خايف عليها

ليجيبه المتلقي بـ بساطة : من ننزل للحديقة خلي تلعب ، هسة هية حبابة و رح تسمع كلام بابا

: شوف مو انتة اذا مخليتها تروح بإرادتك رح تنهزم منك ، مفد يوم طلعنا لمكان اذا منهزمت و فضحتنا

بدا الضيق واضحا على ملامح علي ، ليضيف عبد الله بعد ضحكة متفهمة : فـ دير بالك ، دا احط قدامك نهاية محتومة

ليهز رأسه دون حديث ، فما كان من شياطين الصغيرة سوى ان تتحرش بها ، لتلتفت بسرعة نحو والدها ، و تقرر تسلق فخذيه ، فيصل تأوهه المكتوم رفيقيه ، الجالسين على جانبيه ، بإهتمام رفعها ليوقفها على فخذه الايسر ، معاتبا اياها بلطف " ليش هيج بابا أذيتيني "
لم تجبه ، بل ساعدته كي تقف مواجهة اياه ، ببنطالها الـ " جينز " و الـ " تي شيرت " الملون ، عاري الاكمام ، يكاد ينفجر لما حملوه من كتلة لحمية لم يزيدها العيش بأجواء الشمال سوى إنتفاخا ، تدوس بحذاءها الرياضي على الارض البشرية بـ استهتار ، لتحتضن كفاها المكتنزتين وجه والدها ، ذاك المستجيب لحراكاتها لتهدي خده قبلة طويلة ، و لمكرها لم تشتك من نغزات شعر ذقنه ، بل تدللت بصوت رقيق : أبي الحبيب ارجووك ، دعني ازهب مع ليوووسي ، أوعدك بأنني لن أتأخر سوى كليلااا ، كليلا جداا

" مو هسة بابا "

فتعود لتقبل الخد الاخر ، مكثفة من جرعة الغنج ، إذ لفت ذراعيها حول عنقه ، تكاد تخنقه الا قليلا : أرجووك ايها الاب الحنون ارجووو. . .

إنقطع رجاءها مع النفس ، لتستعض عنه بصرخة عالية تفيض حماسا ، و هي تصير رهن اعتقال " العم " ، الذي رفعها بحركة سريعة لأعلى امتداد لجسده دون ان يقذفها ، فلربما سترتطم بالسقف و يطالب رفيقه بفدية لها ، من اين سيأتيهم بتعويض لو اصاب لسانها مكروها ، لا تعويض يكفي لإستبدالها

مرحها لون وجهه ببهجة خفيفة ، يحاول بها بث روح الحياة بذاته ، و مصارعة نهش الوجع الذي كان لزاما عليه اخفاءه ، بالذات امام رفيقه .. الساهم بنظراته الصامتة نحوه !
احتضنها اخيرا ، ليسألها بوضوح دون مواربة : تريدين تلعبين ؟

: نعـــم اريد زااالك و بشدددة

من لا يبتهج و مهرج حقيقي يتوسد صدره !!
نقل بصره حيث والدها المراقب إياه بـ سكون ، و نظرة قلقة تكاد تندلق من الاعين الراكزة ، فحادثه بـ لؤم : صارلها ساعة تتوسلك و متخليها تروح ، يا كلب يا علي

و قبل أن يأتيه رد فعل ، أتاه فعل " مرتب " ، صفعة هوت على خده و صرخة ثقبت اذنه من الـ " جنية " المهرجة : لا تكــل عن ابي كلب لا اسمح لك ايها العــم

ضحكات كثر تعالت ، بعضها ممن يشاركونهم الطاولة ، و أخرى من متابعي المشهد المسلي من جالسي الطاولات القريبة ، ليشق فكاهة الموقف تعنيف والدة ، غاضبة ، اذ على صوت إبنة قاسم قليلا حتى وصل فتاتها ، فأخافها : جووود ، لج عييييب اعتذري من عمو بسررعة ، بســـرعة

بلحظة فقط تاه بـ زمن مضى ، رافق به هذه " السيدة " و جدة رفيقه ، و كأنما لم يمض على الموقف غير يومين ،!
بل اكثر ، فهاهي نتاج ذلك التهور تقدم اعتذارا معنويا و ماديا و هي تحتضنه برجفة احسها ، فما كان منه سوى ان يشد من أزرها بنبل " خبيث " : حبيبتي جوودة ، عادي سامحتج لتخافين ، و راح اخذج هسة للالعاب و للاسواق شتريدين اشتريلج ،، حبيبتي

: أنتة حبيبي ايهاا العم الجميل

لربما للمرة الأولى منذ .. عمر .. ميت ، شعر بقطرة بلل على قلبه الجاف ، المتيبس حد التقرح ، قبل خدها بود ، ليبدأ بـ مهمة الإبتزاز : يللا حبيبتي الحلوة ، تفلي على بابا حتى اخذج

: جووود اموووتج والله

يبدو أن الجلنار لا تنوي أن تتركه ليبلل شيئا من زوايا القلب ، لم تبخسينه الشحة يا زوجة الرفيق ، بل الأخ ؟ !
هذه المرة احتضانه من قبل المشاكسة صار اقوى ، اذ دفنت رأسها بكتفه متمتمة بـ هلع يخر له العقلاء .. بلا عقل

: يا الهي ، ستكتلني ، امي ستكتلنييي بالتأكييييد ، إنكزززني ايهااا العم

أول الحياة ، ضحكة !
تحتمي به كتلة منتفخة بلون القشطة ، تغطي وجهها بكفين تكنزان الشحم و اللحم ، تدفن ما تستطيع دفنه ، بصدره .. و ترمي عليه احلى كلمات الفزع ، ببعض من ألن قديم ، ضحك .. محتضنا إياها بقوة اكبر ، متحركا بها بعيدا عن جمعهم ، و بلحظة صار متبوعا بـ ابن خالتها ، ' ليوسي '

بطئت خطواته حتى نفذت ، ليقف ، فيحرر احدى يديه الآسرة للجميلة ، كي يخرج هاتفه من جيبه ، كان اتصالا من رقم مجهول ، لم يطل النظر ليكتشف بأنه محلي ! ، إكتفى بفتح الخط للتعرف على هوية المتصل ، و بعد ثوان راح يتبادل معه تحية هادئة ، فيمتعض حينها من اسلوبه الجاف ، الحانق : شبيك ؟ و شنو هذا الرقم ، إنتة وين ؟

: إنتة الي وين ؟ تعاال لي اني بالمطار

رفع حاجبه ليتمتم بشئ من تعجب بدأ يخطو به نحو الإستيعاب : يا مطار " يسار " ، شبيك ؟؟

: مطار بغداد ، الن دخيل الله تعااال كلشي مدا افتهم هنا

دون تردد انحنى نحو المراهق ليسلمه ذات الشعر الاشعث ، و نبرته تزداد توجسا : شجاابك ؟؟ الاهل بيهم شي ؟؟ جهاالك ؟؟

: لا ما بيهم .. بس رح يصير بيهم لتخاف

نبرة التهديد تلك لم تعجبه البتة ، ليكز على اسنانه ناطقا بإصرار : شكوو ؟ شصاير ؟

: تجي لو لأ ؟

ادرك بأن صاحبه ينوي بمجيئه شرا ، فإتخذ لنفسه مكانا قصيا عنه ، مردفا بسخرية : خابر " عراق " ، خليه يجييك

: قول ما اجي و فضها

وجد نفسه بإنشراح صدر يشاغبه و بنبرته تتكاسل : ليش خابرته و رزلك ؟ و الله تستاهل يكسر راسك ، شعندك راجع ؟ لا و هاايج مثل الثور ، شكوو !

: مجااي لبيتك ، و يللا ولي الله ليعوزني عليكم ، جتي " الدكتورة " الله ليحرمني منها




؛




حيث كان عمر ،
ببطئ نقل بصره نحو علي ، ليستفسر بهدوء ، خافت : شبيك ؟

غرائب شتى صارت تحتدم برأسه بغير ذي وعي منه ، لم يشأ أن تتجه افكاره لهذه السبل ، ظل منتظرا من علي اجابة ، لتأتيه باهتة ، بشئ من ألم : ما بية ، بس مشتاقله الكلب

أعاد بصره حيث يقف الـ " كلب " ، و بتوجس ظل يرقب اي حركة منه ، هنالك شئ ما ، لم يدركه منذ اعوام ، منذ أن غادر من يكمل تركيبهم الهرمي و هاجر مرتحلا ، لم يفتأ أن يكون فريسة للهجوم الشرس ذاك الذي شنته ذكريات ' توفت ' و دفنت على جدران القلوب قبل الاذهان ، علي ، يعلم كل شئ ، فـ هو من جاءه بتهمة ملفقة لأحد عاملي تلك الشركة ، ' برغبة كانت حينها مبهمة ' ، كي يبعد الزيت عن نار تشتهيه !!!

: تنزلون للحدايق ؟

اقتراح رماه عديل رفيقه ، و جاء بوقته ، ليقف مباشرة ، فيتحرك خطواته الثابتة حيث زوجته ، مال ليسلمها " الأمير النائم " ، لتستشف من غياب ذهنه ، حيرته .. فسألته بـ قلق : خير عمري ؟ شبيك

بهزة خفيفة من رأسه نفى وجود شئ ، ليسألها بعد ان استقام : شو مـ جتي رنا ؟

لم تتزحزح نظراتها المتوجسة منه خيفة عن احداقه ، لتجيبه بـ هدوء : تقول وصلوا قريبين

بإيماءة تفهم ، ليتحرك قبل الرجلين خارج المكان ، أما من تبقى من ذلك الهرم ؛ فـ تحرك حيث مقعد زوجته ، التي ما ان لمحته يدنو حتى إهتز بدنها برجفة لم تستطع سترها ، رجفة حب !
لما صار جنبها ، استخدمت كل ما تمتلك من طاقة كامنة لتحولها لاخرى حركية ، و حرارية .. اذ ظل عنقها ممدودا نحوه ، تتابع دقة تفاصيله و هو ينحني ليحشرها بين ذراعيه ، إذ إستند بيساره على ظهر مقعدها ، و اليمين توسدت الطاولة امامها ، بحركة .. صهرتها حتى لم تبقي بها شيئا يقاوم الذوبان !
كادت ان تفقد فقراتها العنقية و هي ترفع برأسها نحوه ، فيوشك رأسها ان يستسلم لإغراء صدره القريب ، فيتوسده .. لمعتها الشغوفة انعكست بشبه بسمة ، متعالية على فمه المتبرم ، لتدوخ أكثر .. حرك ذقنه بخفة ، مشيرا لما تحت يده ، معلقا بـ نبرة معتدلة : هاي الحساب اذا اجة البوي ' النادل ' ، إدفعي
احنة نازلين بالحدايق .. و انتو بكيفكم اخذوا راحتكم

دون ان تشيح ببصرها عنه ، همهمت مأخوذة الأنفاس بـ حركته ، يا الله ، كم تعشقه و شخصية جديدة ، ناضجة ، راح يتفرد بها .. فيردي صدرها مخلوع القلب : اوكـ ـي

ببسمة صادقة غازل عينيها ، ليضيف هامسا متحشرج المشاعر : بتج فضحتنا

بالفعل أوشكت أن ترتمي على صدره فتجعله " مفضوحا بحق " ، تمتمت برجفة لم تحاول سترها بأي جلباب : علي رزلها عيب من الن شنو هالوكااحة

شخص بصره لصدره وهلة ، ليعود فيراقب تخلجاتها ، زافرا بلهيب ذكرى الالن ، ليقول بنبرة لم تخلو من التيه : خليه ، متونس عليها ، مصدقت شوية طلعته من حالته
ليتنهد بعدها فيكمل بهدوء متغاضيا عن نظرتها المتساءلة بتوهان : محتاجة شي ؟

كادت أن تشرق بالنفس ، نبضاتها علت دون هوادة ، لتضغط على اعصابها و تهم بالتعقل ، فيأتيه قولها بـ رقة لذيذة : سلامتك ... عمري
بس ..... لتدخن هواية

: أبو جود

عينه اليسار ضاقت ببسمة حلوة ، و كيف لا يفعل و من امامه تتفنن بـ رسم الهوى المفتون على وجهها الحسن ، جاء نداء شقيقتها الكبرى ، كـ قارب انقاذ من الغرق المحتم في عتمة بحريها ، الواسعين ، الرائعين .. ماهر بالغرق صيرته ، لا بالسباحة .. و كم يشتهي ان ينفض الجميع ليجيئها ، بشوق لذلك الغرق !

دون ان يعتدل بجسده ، رفع رأسه حيث مصدر النبرة ، المختلطة بمزيج حنان و جدية : اختي خوش بنية ، عدها قلب مال اطفاال ، ماكو بطيبته والله
تستاهل واحد مثلك ، تدري بينا جيتنا لهنا صعبة ، و إنتة هم متقدر كل يوم تجيبهم من اربيل لهنا ، علمود نتشاوف ، هالشي والله جان مخوفنا احنة و امي ، بس مو قدامك والله من شفت تعاملك وية جودة ، بقلبي حمدت الله و شكرته انو عوض اختي خير
دير بالك عليها ، الله يخليك

بإيماءة صغيرة ، لا تكاد تلمح اجابها ، ليظل عاكفا على الصمت لوهلة ، حتى اعتقدن بأنه سيغادر ، إلا إنه اذهلهم لما اعتدل بإستقامة ، و بحركة محسوبة نقل يساره من ظهر المقعد ؛ لظهر " ذات القلب الطيب " ، و منه الى كتفها ليشد عليه بلطف ، معلقا بـ هدوء : لتوصين حريص
محد يتوصى على نفسه

ليستدير مغادرا ، منتشيا بذات شهقة مصدومة ، افلتها قلب ابله .. لا يحتمل مساسه بسوء رغم تسربله بالحماقة



؛

: شقد تريد و تنطينياها

: مو للبيع حبيبي

: تصير للبيع اذا تعرف شقد ادفع بيها

: لتلح ياابة قلنالك مـ نبيع

: بيع و انتة الربحاان ، ترة جايك شرااي " يرغب بالشراء بشدة "

: ألن بلا خبال ، عوف بتي بحالها

: يابة و الله ادفع ' عمري ' و اخذها ، مخبلة رسمي .. ترجعلي روحي

: الله يرجعلك روحك

: ليش وين روحك ؟!

جاء تساؤل " أبي نور " ، كـ سوط متجلد ، اصاب كلاهما .. ليكتفي الألن من الزلات ، فيشيح ببصره نحو من يحاوطونهم من بني البشر ، منصتا للضجة العظيمة ، فـ أطفال يتراكضون بلعب مجنون ، رجال يتناقشون .. و نسوة ، تتسابقن بمضامير الحوارات ، من تنجح بـ إنهاء موضوعها قبيل الاخرى

ضرب فخذيه بحركة مجهدة ليستقيم مباشرة من على المقعد الخشبي ناطقا بـ " يا الله عليك توكلت " ، ما إن وقف حتى شعر برأسه يكاد يثقب من حدة النظرة المتشككة التي كان مصدرها عمر ؛ نفخ صدره ليحرك عنقه هنا و هناك متابعا مصادر الضجيج ، ليعود فينظر نحوهما اخيرا ، ناطقا بنبرة متحكمة ، متجاهلا اهمية الرد على رفيقه : أكو شغلة كلللش ضرورية ، باجر الفجر ان شاء الله اجيكم و اقلكم عليها و اخذكم بطريقي لمكان اول مرة افوت له هنا

: شغلتييش ؟
: شنييية ؟

تسائلا بـ قلق يتكافئ عند كليهما ، ليقول قاطعا عليهم درب الفزع : قلناا بااااجر و لتخافون ، شغلة تفرحكم

ليضيف بـ مرح كذب ولو كان صادقا : يللا رااايح و ماخذ بت الكلب وياية

لم تتغير نظرة الـ عمر ، بينما عكف علي مراقبا إياه مع الإبتسامة المنقبضة القلب ، فيستوقفه مقدما جسده حتى إستند بأحد مرفقيه على الطاولة : وين رايح ؟

: أخطب

قالها بـ ضحكة تسربلت نكهتها المرة ، حتى استطعم بها الرفيقين ، أحدهما حزنا لحال من لن يعود أبدا ، و الأخر رهبة من تلك الافكار المتوحشة التي راحت تذرع دهاليز عقلة مجيئا و ذهابا ، راقباه بصمت يتحرك مبتعدا ، حيث الالعاب الموزعة على طرف الحديقة ، يتوجه حيث صاحبة التاج اللولبي فيرفعها على غفلة منها ، و رغم الضجة ظن والدها أنها شقت طبلة قلبه بصرختها المرحة و هي تتعلق بـ " العم " ، فيقذفها الاخير في الهواء ليعود متلقفا اياها محاطا بعدد من الاطفال المتقافزين حماسا و رغبة في ان يبادلون المدللة مكانها

: ألن ورة ميس ، إنتهى ... و إنتة تدري ليش !!!

جملة جزمت بالوجع ، و علامة جزمها النبرة الكئيبة المتحشرجة بشئ خفي ، حاله بات يشابه من إبتلع رزمة من الامواس الحادة ، شققت له حنجرته ، فسال الحديث مرصعا بالدم !






.
.
.




ضاقت علي كأنها تابوت
لكنما يأبى الرجاء يموت
يا صاحبي إن رحت عنك مودعا
بعد الوداع أينفع الياقوت ؟!
أنا أكره الشكوى و أكره ضعفها
و الله يشهد إنني لصمـوت
لكنما طوى الزمان مشاعري
و طوى يدي بسحره هاروت
أ رأيت حيا ميتا متماسكا متفائلا
و له الاماني قوت !
هذا انا سرقت شبابي غربتي
و تنكرت لي أعين و بيوت
يا صاحبي أنا كالعراق ممزق
انا كالعراق بلا معين ، غدوت
عجل فإن الصمت اخرس ضحكتي
واضيعتاه اذا الرجاء يموت




كريم العراقي




دوار ، و ضيق في التنفس ، يصحبهما إرتفاع حاد بدرجة الحرارة ، فخفقان شديد لازمه علو في ضغط الدم ، الرجفة لم تبارح الجسد الهزيل ، كمن يقف بـ احد اركان الارضية ، يتسول من الهواء حفنة ترديه حيا ، سيموت بلا شك !
كل هذا و هو لم يبصر سوى المنزل ، فكيف إن وقعت عيناه على من تسكنه ، و تشاطره الوجع بإنتصاف غير متكافئ .. يزدرد ريق الحنين كل ذي نبضة ، يشعر بالشيب يغزو رأسه و القلب و هو على قارعة الانتظار واقفا ، منتظرا موعد الذبح .. الموجع !

زاغ بصره لمن شرعت الباب ، لتشهق بـ عنف أودى بتماسكه رهينة للقاع الخشنة فتتقاذفه الركلات ، دون اي اعتبار ، بـ ذهولها و ألمها إرتدت خطوة بل خطوات ، لترتفع اليدين حتى تغطي الوجه الحنون ، و القلب يأن بإختناق ، اطرق رأسه و كتفيه تهدلا مستسلما لعظيم اللقاء المهضوم حقه ، المستباح بدمه ، و المسلوب قلبه ، الغصة عقدت حنجرته فصار لزاما عليه الصمت ، إذ لم يفلح بإبتلاعها و لا تقيؤها ، نبضه إرتفع حتى شعر بالدوخة تلازمه ، و غثيان عنيف صار يتأنق بخيلاء مسير في رأسه

جر قدمه جرا ، ليتقدم خطوة واحدة لا أكثر ، فرفع إحدى يديه و لف باصابعها عنقه ، و كإنه يضغط عليه مستجديه النطق ، كرر فعلته حتى ندت منه حشرجة ميتة ، لا تشابه تلك التي يستنطقها من كان حيا

: شلونج خالة ؟

نشيجها إرتفعت وتيرته ، و ألمها عظم عن كل مرة ، و كأنها للتو أبصرته ممرغا بالدما ، لم تستطع مواجهته ، كونها تعلم و لو ' شكا ' ، ما يذبحه فلا تستطيع ممارسة التعقل الدائم ، إكتفت بالأنين الممزق لوشائج الصبر ، لتذبح به الثبات اكثر ، فينطق معزيا اياها و ذاته

: خالة الله يخليج ، مجيت حتى ابجييج ، بس و الله .... مشتاقلج ....... و مشتاقلهـ ـ ـا

هذه المرة شخص بصرها نحوه ، وجهها يغرق بالدمع المالح ، غصاتها تتكاثر بإنقسام مضاعف ذي سرعة قصوى ، لم تستطع التعليق ، إذ تلوت اوتارها الصوتية بـ عقدة خنقتها ، ليضيف بكآبة حاول تزيين ملامحها بشئ من مرح ، لم يليق بحزنهم المفجع ، السرمدي

: اخذيني على قد عقلي ، و بردي قلبي
اني جاي اخطب
أريد رأييج بزواجي من بتج ... بالجنة ان شاء الله

لا تدري أي قوة تمكنت منها لتصيح به بنشيج صارخ : ألــــن

: محمـــد ، أني محمـــد







.
.
.





النهاية ، ليست سوى بداية جديدة !


و لم يستوقف الـ حُلمْ عناقه مع السماء


صافحت الاحبة " بخجل ضيف " بعد توفيق من الرحمن يوم 31/3/2012
لأحتضنهم ، بحب من لقت من اصحاب الدار كرما معطاءا و بعد رحمة من الرحيم يوم 9/9/2013

كنتم خير رفيقة يا أحبة الحلم ، لن تبارحوا مواضعكم في حجر القلب ، أسعدتموني بـ جود ضيافة لم اتوقعها في اولى خطواتي ،
فـ شكرا من القلب يا أحبة ... و الله هنالك غصة الم لفراق ابطالي و فراقكم
فهنا قابلت اطيب القلوب و اروعهم ، و تضاعف عدد شقيقاتي مرارا ، بارك الله لي و لكم و جعلنا من صالحين عباده ، و جمعنا في جناته ، يارب يا كريم
ادعو الله لي و لكل من قرأ لي حرفا ، هداية و مغفرة و عفو ابدي يا الله

احبتي ، أسئلكم الدعاء لي و لأهل بيتي و بلدي العراق ،
و الاحبة سوريا و فلسطين و مصر و اليمن و ليبيا و بورما
إن مر ببالكم الحلم ، إهدوها دعاءا من قلوبكم النقية علها تصادف ساعة استجابة فتسعد قلبي و تشرح صدري و اهلي

أخيرا ، لست سوى مبتدئة ، تعلمت أساليب الحروف بين اياديكم الكريمة ، و بعد توفيق من الله الواحد القهار نجحت في مساس القلوب ، لذا ، إغفروا لي اي زلة ، و تغاضوا عن اي فعل قد يكيلني اثما ، فلم أكتب كي أؤثم .. أرجوكم ، إستروا ما قد يؤلم اختكم
و اعتذر عن كل " تأخير " اجبرتني عليه ظروفي ، و إن كنت يوما دون قصد ألمت قلبا فأنا أسفة ، جدا ، و الله لم انوي ان اكون مصدر زعل او الم لأي كان ، فكيف بأحبتي

و في الختام ،
لا تنسوا وتر هذه الليلة ، و واضبوا على الإذكار ، و كهف الجمعة
وعسى ان يكتب الله لي و لكم بها حسنات نحتاجها بحق
و صلى الله و سلم و بارك على اشرف المرسلين سيدنا محمد و على اله و صحبه أجمعين


.

رب إغفر للمؤمنين و لي الذنوب ، و وفقنا لما هو خير لنا في الاخرة قبل الدنيا
و إبعدنا عن كل ما يسوءنا و يؤثمنا يا الله
يا حبيبي يا الله ، إغفر لي و لأحبتي و لكل من مر هنا و عطر متصفحي
إجتمعنا و أحببنا بعضنا البعض بك يا رحمن ، فأحبنا يا رب


حلم

 
 

 

عرض البوم صور حلمْ يُعآنقْ السمَآء   رد مع اقتباس
قديم 09-09-13, 01:24 AM   المشاركة رقم: 1228
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Feb 2013
العضوية: 250850
المشاركات: 10
الجنس أنثى
معدل التقييم: ساره النصار عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 25

االدولة
البلدIraq
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
ساره النصار غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : حلمْ يُعآنقْ السمَآء المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: أبرياء حتى تثبت إدانتهم

 

حلووووومه حروفج ذهبيييييييييه بكل معنى الكلمة
يااختي وربي مااكدر اسيطر علٌـِـٌِۓ دموعي
تنزل مـטּ وحدها..تعودت ع دموع جلنار وعشقها
وتعودت ع قسوة علي ٱلليے يغلف بيها طيبة قلبه
تعودت ع شموخ وكبرياء لينا ووكاحتها
تعودت ع حناااان عمر افندي
والن اااااااخ ياالن ..ياريت نكدر نخلي كلل مسيحي يصير مسلم (مع احترامي لكل الاديان)
بِـسّ مع الاسف ٱلليے ديصير بالوطن العربي سبب كبير بنفور الاجانب مـטּ الاسلام..


اووووويلي شكد رِٓآحِْ اشتاقلج
وشكد رِٓآحِْ اشتاق لعائله صفائيه تخبل

اهنيج علٌـِـٌِۓ النجاح الباهر لاول رواية
واتمنى مـטּ كللللللل قِلَبـُي تستمرين بالكتابة
رِٓآحِْ نكون بشوق دائم لحروفج الحلوه

اتمنالج كلل التوفيق بحياتج
واكو شغلات بالرواية عجبوني بشكل مستحيل تتخيلينه
بحيث سولفت لكل ٱلليے اعرفهم هاي الشغلات
وهم اولاً :الواقع ٱلليے نعيشه والي وصفتيه بدقة كبييييييره جدا بداية بقتل الاطباء والشرفاء سنه 2008 وبعدها العصابات والخطف الي راحوا ضحاياه هواي واهمهم البنات الي تلطخت سمعتهم بدون ايّــے ذنب ..ًوانتهاءاً بالانفجارات ٱلليے صارت تهز العراق كلل يووووم ..



ثانيا:اللهجه العراقيه ٱلليے اعشق كلل كلماتها خاصة كلمه(لج ،يابه،ادبسز،زقنبوت.....)وهواي كلمات اتونس واني اقرا الكلمات العراقيه وفرحت ..اشكرج جدا لان وصلتي لهجتنا الحلوه لكل العرب وخاصة الخليجيين..



ثالثا: اختيارج العظيم للاسماء(علي،عمر،آلن)
صدقيني فرحتي ماتنوصف باخيتارج للاسماء الحلوه
وماتدل غَيـْررٓ علٌـِـٌِۓ ذكاءج و حرصج علٌـِـٌِۓ وحدة شعبنا..




ملاحظه صغيره جدا جدا..احس شووووي قصرتي بالنهاية مثلا ماشفنا رد فعل عمر وعلي مـטּ يعرفوون باسلام آلن ..وماشفنا جلنار وعلي وهمه يعيشون حياة سعيده كعائلة ..

وبالاخير أًگـوَلُـچٓـْ رِٓآحِْ نشتاقلج هوااااااااااااااااااي
الوداع موحلوووو بِـسّ اتمنى تنطينا وسيلة نتواصل وياج بيها
اختي الغاليع ​احّ ـّـٌٍـٍّبّچ مّوٍوَوٍوَوٍتَ
وموفقه ان شاءاللـّہ

 
 

 

عرض البوم صور ساره النصار   رد مع اقتباس
قديم 09-09-13, 02:11 AM   المشاركة رقم: 1229
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Aug 2011
العضوية: 228292
المشاركات: 13
الجنس أنثى
معدل التقييم: جنى الجنة عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 38

االدولة
البلدAlgeria
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
جنى الجنة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : حلمْ يُعآنقْ السمَآء المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: أبرياء حتى تثبت إدانتهم

 

السلام عليكم

أولا بكيتيني يا شريرة
أجمل نهاية، على كثر ما أوجعتني أحداث الرواية على كثر ما أسعدتني نهايتها

و أكثر ما أسعدني :

"النهاية ، ليست سوى بداية جديدة !

و لم يستوقف الـ حُلمْ عناقه مع السماء"


يعني أحم أحم أنا و بكل وقاحة أنتظر الجزء الثاني

و يعني يعني تكون بطلتها "جود" الي أموت عليها و "ليوسي"

أخيرا طرق الأمن باب علي و جلنار

أما عمر فأنت ناوية تعنسينا به، يعني أنا خلاص أريد زوج مثله
و بما أنه سلعة نادرة أو منقرضة فراح أعنس بانتظاره

ألن أو محمد أهم شيء أنه أسلم

أخيرا أريد أن أقول أني رغم قلة تعليقاتي التي لا أفلح التعبير فيها
إلا أني و بحق، عشت الأحداث و كأني أشاهدها و هذا ما أسميه نجاحا

الله يحرم يديك و كلك من النار
الله يفرج عن بلاد المسلمين

في انتظارك بمولودة جديدة ان شاء الله

أحبك في الله

 
 

 

عرض البوم صور جنى الجنة   رد مع اقتباس
قديم 09-09-13, 06:30 AM   المشاركة رقم: 1230
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فخري
محرر مجلة ليلاس

البيانات
التسجيل: Sep 2010
العضوية: 190966
المشاركات: 20,103
الجنس أنثى
معدل التقييم: تفاحة فواحة عضو مشهور للجميعتفاحة فواحة عضو مشهور للجميعتفاحة فواحة عضو مشهور للجميعتفاحة فواحة عضو مشهور للجميعتفاحة فواحة عضو مشهور للجميعتفاحة فواحة عضو مشهور للجميعتفاحة فواحة عضو مشهور للجميعتفاحة فواحة عضو مشهور للجميعتفاحة فواحة عضو مشهور للجميعتفاحة فواحة عضو مشهور للجميعتفاحة فواحة عضو مشهور للجميع
نقاط التقييم: 11911

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
تفاحة فواحة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : حلمْ يُعآنقْ السمَآء المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: أبرياء حتى تثبت إدانتهم

 

مبروك حلومه ختام الروايه
حبيت علي وجلنار وحبهم وبنتهم الجميله جود
عمر واللين وعلاقتهم واسرتهم وام عمر الست الفاضله
حبيت بيبية علي ومواقفها حبها لعلي
تسلم ايدك وان شاء الله نشوف لك روايه ثانيه
والله يوفقك ياقلبي

 
 

 

عرض البوم صور تفاحة فواحة   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
أبرياء حتى تثبت إدانتهم . للكاتبة حلم يعانق السماء, لحنا, منتدى قصص من وحي قلم الأعضاء, اأبرياء, الشلام, العراق, تثبت, حلم, روايه عراقيه ., عمر, إدانتهم, قصص و روايات
facebook




جديد مواضيع قسم القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t174653.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
‫ط´ط¨ظƒط© ظ„ظٹظ„ط§ط³ ط§ظ„ط«ظ‚ط§ظپظٹط© - ط£ط¨ط±ظٹط§ط، ط­طھظ‰ طھط«ط¨طھ ط§ط¯ط§ظ†طھظ‡ظ… ..‬‎ - YouTube This thread Refback 14-09-14 01:34 AM
ط±ظˆط§ظٹط© ط£ط¨ط±ظٹط§ ط­طھظ‰ طھط«ط¨طھ ط¥ط¯ط§ظ†طھظ‡ظ… ط§ظ„ظ‚طµطµ ط§ظ„ظ…ظƒطھظ…ظ„ظ‡ ظ…ظ† ظˆط­ظٹ ظ‚ظ„ظ… ط§ظ„ط§ط¹ط¶ط§ This thread Refback 17-08-14 02:24 AM
ط±ظˆط§ظٹط© ط£ط¨ط±ظٹط§ ط­طھظ‰ طھط«ط¨طھ ط¥ط¯ط§ظ†طھظ‡ظ… ط§ظ„طµظپط­ط© ط§ظ„ظ‚طµطµ ط§ظ„ظ…ظƒطھظ…ظ„ظ‡ ظ…ظ† This thread Refback 10-08-14 11:27 AM
ط±ظˆط§ظٹط© ط£ط¨ط±ظٹط§ ط­طھظ‰ طھط«ط¨طھ ط¥ط¯ط§ظ†طھظ‡ظ… ط§ظ„طµظپط­ط© ط§ظ„ظ‚طµطµ ط§ظ„ظ…ظƒطھظ…ظ„ظ‡ ظ…ظ† This thread Refback 03-08-14 11:52 AM


الساعة الآن 10:44 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية