لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
التسجيل مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (4) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 13-02-13, 02:23 PM   المشاركة رقم: 931
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فخري

البيانات
التسجيل: Mar 2012
العضوية: 237614
المشاركات: 8,068
الجنس أنثى
معدل التقييم: نجلاء الريم عضو مشهور للجميعنجلاء الريم عضو مشهور للجميعنجلاء الريم عضو مشهور للجميعنجلاء الريم عضو مشهور للجميعنجلاء الريم عضو مشهور للجميعنجلاء الريم عضو مشهور للجميعنجلاء الريم عضو مشهور للجميعنجلاء الريم عضو مشهور للجميعنجلاء الريم عضو مشهور للجميعنجلاء الريم عضو مشهور للجميعنجلاء الريم عضو مشهور للجميع
نقاط التقييم: 11015

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
نجلاء الريم غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : حلمْ يُعآنقْ السمَآء المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: أبرياء حتى تثبت إدانتهم

 

اقتباس :-   المشاركة الأصلية كتبت بواسطة غريبة في عز وطن مشاهدة المشاركة
   أخواتي الكريمات الي تع ف شي عالادانه السادسة عشر ارجوووكم تقول لي

ياهلا اختي البارت موجوده صفحه 65


او من الروابط الموجوده في الصفحة الاولى

 
 

 

عرض البوم صور نجلاء الريم   رد مع اقتباس
قديم 13-02-13, 11:26 PM   المشاركة رقم: 932
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو مبدع
كونتيسة الأدب النتي


البيانات
التسجيل: Mar 2012
العضوية: 240233
المشاركات: 841
الجنس أنثى
معدل التقييم: حلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالق
نقاط التقييم: 3128

االدولة
البلدIraq
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
حلمْ يُعآنقْ السمَآء غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : حلمْ يُعآنقْ السمَآء المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: أبرياء حتى تثبت إدانتهم

 

السلآم علييكم حبآيبْ

مسـاااء الوووردْ

عيونآتي ، عذروووني تأخرت بس والله أريد أجمعلكم أطوول و أحلى أحداث و الأهم أجمل إسلوب

حباايبي إنتظآركم على عيني و رآسي و آكييييييد قلبي مَـ ينطيني أزعلكم ،

و لأني ممكملة الإدانة مثل مَ حبيتْ
فـ رح ينزللكم جزء منهـا ،
و إن شااء الله الجزء الثاني باجر الصبح بإذن الله
و إذا لحقت ع الفجر فـ من عيوووني

* ملآحظة .. الصبح بـ توقيت حولم يعني فووق الـ 12

تفضلوآ الجزء الأول عيونـااتي

 
 

 

عرض البوم صور حلمْ يُعآنقْ السمَآء   رد مع اقتباس
قديم 13-02-13, 11:43 PM   المشاركة رقم: 933
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو مبدع
كونتيسة الأدب النتي


البيانات
التسجيل: Mar 2012
العضوية: 240233
المشاركات: 841
الجنس أنثى
معدل التقييم: حلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالق
نقاط التقييم: 3128

االدولة
البلدIraq
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
حلمْ يُعآنقْ السمَآء غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : حلمْ يُعآنقْ السمَآء المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: أبرياء حتى تثبت إدانتهم

 

حبييبتي غُربةْ ،
اذا قصدج البراءة 16 .. فـ قلتلج الغالية نجولة ،
و اذا الأدانة فـ هسة بإذن الله تنزل

 
 

 

عرض البوم صور حلمْ يُعآنقْ السمَآء   رد مع اقتباس
قديم 13-02-13, 11:44 PM   المشاركة رقم: 934
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو مبدع
كونتيسة الأدب النتي


البيانات
التسجيل: Mar 2012
العضوية: 240233
المشاركات: 841
الجنس أنثى
معدل التقييم: حلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالق
نقاط التقييم: 3128

االدولة
البلدIraq
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
حلمْ يُعآنقْ السمَآء غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : حلمْ يُعآنقْ السمَآء المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: أبرياء حتى تثبت إدانتهم

 



بسمْ الله الرحمنْ الرحيمْ ،

حبآيبْ الحُلمْ .. دُمتُمْ بـِ صحة و سلآمةْ و رخاءْ
لآ تأخروآ صلآتكمْ أحبتي لأي سببْ .. رجاءا



الإدانة السَـآدِسَةْ عَشرْ




يا آدم لا تسأل .. حوّاؤك مطويّه

في زاويةِ من قلبكَ حيرى مَنسّيه

ذلك ما شاءتهُ أقدارٌ مقضيّه

آدم مثل الثلج ، وحوّاء ناريّه !

- نازك الملائكة -




*




من أنت كيف طلعت في دنـياي ما أبصرت فيا
فـي مقلتيك أرى الحياة تـفيض يـنبوعا سخيا
وأرى الـوجـود تـلفتا سـمحا وإيـماء شـهيا
ألـممت أحـلام الصبا وخـلعت أكـرمها عليا
مـهلا فـداك الـوهم لا تـرمي بـمئزرك الثريّا
أنا في جديب العمر أنثر مـا تـبقى فـي يـديّا
عودي إلى دنياك واجني زهـرها غـضا زكـيا
يـكفيك مني أن تكوني فـي فـمي لـحنا شجيّا

عمر أبو ريشة





يتصلب الجسد بأكمله و كإن به قد أصيب بـ تيار كهربائي يسري بموصل قطره يفوق قطر الارض ، لأول مرة منذ الأزل يشعر تجاه من يحفر صدره ظهرها بعمق هذا الشعور بالإنتماء ، و الله اضحى يحس بها و كإن منها بضعة من جسده تاهت دهرا لتعود للإمتزاج بـ بقية اجزاءه الآن ! مالذي يحدث معه ؟ يتمنى لو بإمكانه عصرها حتى تذوب و تختفي ، به ! لا يدرك حقيقة رعبها مم ؟ أ يعقل انها عانت من العنف الجسدي بسببه ؟ هل يتجرأ قاسم و يمد يده ليؤذي غاليته بـ صفعات ؟ قطيرات من عرق برزت بـ استهتار على الجبين المثلج ، ليميل برأسه قرب اذنها فـ يهمس مجددا حالما شعر بها تكاد تذوي ارضا من بين يديه لتحيل صلابتها لـ ' سائل ' : قتلج لـ تخافين

ألصقها به اكثر عله يطمئن بها الفزع و يكف عن قلبها هذا الارتياع الذي هز له قلبا بين جوانح الصدر المنتفخ .. ليضيق الباب من المتسع الذي يخبئهما بعد فتحه كاملا فيلامس جسدها الممتلئ و ذراعه الملتفة حول عنقها بـ نية سكنته لـ تبرئتها من تهمة ارتضاء البقاء معه فيما لو كان القادم هو عدوه ، زفر بـ نفس كثيف حالما تبين له الشخص الذي كاد أن يأتي بمصرع عقلها ! ابعد ذراعه ليؤشر بـ سبابته طالبا الصمت ممن اقتحمت عليهم جنون خلوتهم و سرقت منه لقمة الاعتراف الشهية : خاالة إصص بس صوتج ، هاية مرتي ، لتخافين و لتصيحين ' تصرخين '

كانت على ما يبدو إحدى عاملات التنظيف هنا ، مسنة بـدينة ملامحها تبث في النفس راحة غريبة ، اولئك الذين يقال لهم خير سمات تلون اوجههم ، كانت منهم ! رفعت حاجباها بـ شك لتتحدث بنبرة مرتفعة نوعا ما : شتسوون هنا ؟ اذا مرتـ ـ

بترحديثها بـ جملة هامسة : صوووتج خالة صووتج هسة افهمج

نقلت انظارا متفحصة نحو الفتاة المستندة بجسدها كاملا على الجدار البشري الناطق ! لتهمس متهمة : اكو واحد يقعد وية مرته هنااا ؟ بسرررعة احجي لا هسة اعيط ' أصرخ ' و الم الناس عليك واسويك فررجة لأمة محمد

هذه المرة التفت ذراعه حول المنتصف الـ ' متورم ' للكتلة الهلامية التي توشك على الانسكاب ، ليشعر بلزوجة قلبه الـ ' متورم ' بدماه ، تحدث ببطئ وهو يحاول عبثا ان يرد لـ زهرة الرمان ' اليانعة ' قليلا من ادراكها الغائب بتحريك جسدها بذراعيه : صدقيني مرتي ، بس عاقدين يم الشيخ و هسة جايين دنثبت بالمحكمة

لم يتزلزل ثباتها المتفحص ، لتستجوبه بنبرة هادئة كادت تقرص شياطين الغضب به : و شعدكم هنااا ؟ بحمااام النسوان ؟ خلصت الامااكن جايين هناا ؟ مااعدكم بيت تقعدوون بيـ ـ ـ

شعر بغصن ساق الورد يلامس كفيه بمحاولة لفك قيد الريحان ، فطرقت اسماعه حروفها المتعبة : خالة دخيلج ستري علينا ، صدقيني احنا متزوجين ، بس ابوية يريد يطلقنا و اذا عرف هسة بينا هنا رح ....

و كإن بشئ من التصديق قد تسلل خلسة لـ يسيطر على مشاعر العجوز بالاخص بعد ان قطعت الصبية جملتها بـ شهقة تنفث رائحة مرة ، مثيرة لحليمات الوجع ! لتبتعد عن ذلك الجدار خطوة ، ثم تستطرق همسا موليته ظهرها و مقابلة الإمرأة بنظراتها الجامدة : حطلع ، لأن تأخرت

خطوة فقط بينها و الباب ، و اقل منها بينها و بينه ، فإستطاع منعها بقبضة لفها حول زندها محدثا إياها بـ صرامة غير آبه بوجود الغريبة : ورة العقد اخذج وياية .. قولي لابوج لهالحجي .. أو خلي عبد الله يقله مـ يهمني ، تجيـ ـ

أوجعت قلب المسنة و هي تحاول الخلاص منه و بكاءها يعلو متوسلته دون الالتفات : علي عووفني ، قتلك تأخررت ، خللص انسـى ، خلينا نخلص من هالمصيبة الي حطيتنا بيها ، أني هالحاال حيموووتني بعد مابيية اتحممل

لم يحررها ، بل تقدم تلك الـ ' نصف خطوة ' ليلامس ظهرها مجددا و يضرم شعلة من نار فيدخلها بدلا من الحبل الشوكي بين ثقوب الفقرات .. و يهدي جسدها انتفاصة دائمة ، بفحيح افتقدته هو الاخر هدد : ترجعين غصبا ما عليج و على ابوج ، مرتي و محد يقلي لأ ، لتخليني اطلبج لبيت الطاعة !

ببؤس ضحكت ساخرة ، ليحررها بهدوء فتعود و تخفي رجفة جسدها و ' مصيبة يفزعها افتضاح امرها ' بـ تكبيل قدها بالمعطف الكئيب مرة اخرى ، تغاضت عن كذبة كانت قد حضرتها لوالدها بـ أن تأخرها كان بسبب تقيؤها على معطفها ، ستجد سببا أخر ، عليها ان تتناسى هذه الحكاية الملفقة قبل ان يكشفها ذاك الذي يعاني من افاقة ضمير و قلب ، ما يهم الآن هو الهروب قبيل ان تخبو قوتها و تعترف .. يدها التي تحكم اغلاق الازرار ارتعشت بوضوح عندما تحدثت العجوز بـ صوت متزن : عدكم جهال ؟

رفعت رأسها كمن لدغت ، لتحاكيها الاخرى بنظرات مصوبة نحو صدرها تارة و عينيها اختها ، رغم إنها قد اخفت فضيحة ادرارها للحليب إلا إنه من الواضح سرعتها لم تسعفها بالامر ! تقوست شفتاها اسفلا و الرعب بات يستفحل على مشاعرها الانثوية الرقيقة ! فقط لو يفتضح الامر لـ تصير هنا مصيبة جديدة ، كتلك التي لم يمض عليها الا نصف عام ، يا إلهي ، لا .. لن تحتمل إستنشاق دماءا اخرى ، و هذه المرة لن تكون سوى دمى الأحبة ، أحدهما سينتهي إن علم زوجها بـ جريمة والدها ، اما هو ، او ابيها !
بدماء حارة سيغرقهم سيلا من غضب يغلي رأسه إن علم بأن إبنته سميت بـ كنية ابيها ، يا الله ، مالذي سيحدث إن كشف الستار ، سيقتلها ! دمها هي من سيراق حلالا طيبا ، و لن يلام حينئذ وربه ، لقد أوجعته بقدر ما أوجعها ، بمناصفة عادلة كانا يتبادلان الطعنات العمياء ، لتذبح بهما القلوب من كل زواياها ! موتا سيهديها إياه حتى و إن إعترف بـ شوق يعتريه نحوها ، و آه لـ ذاك خوف من القادم حرم عليها التمتع بـ تلكما الاحاسيس الفريدة منه ، سينقلب شوقه لـ شوكة في القلب ، كـ عينيه ! تلك التي تحسها تخترق كـ أشعة ممزقة لطبقات الاوزون ، فـ كيف بظهرها الرفيع !
إنتابتها رعشة غبن و هي ترى بـ مقلتي العجوز نظرة تأمل ، و كأن بها لمحت صغيرتها و حبيبها و هي ! ماذا سيحدث لو كانت عائلتها الصغيرة لها ، لا تخشى بها ظالما ، و لا تخاف قاذفا ! ماذا لو ذيل الجود بالعلي الصفائي ؟ لم ' قسمت ' حياتها لـ نصفين متدحرجين من قمة جبل ، فـ نصفها يمينا و الاخر شمالا ، لتفقد حتما منها المنتصف !! هذا المنتصف الذي إعترف توا بـ أن له رغبة بها في حياته ، و لو غلف رغبته بـ عبوس شرقي ، إنها تظلمه ، أهداها طمأنينة و وشاح من امان يدفي بها رجفة العظام ، لتهديه سما في كأسه الأحمر ، لكنها و الله إرتشفت منه قبلا ، قبلا يا علي !
إن كنت في هذه الجريمة مجني عليك ، فإنني الشيطان الاخرس ، إني أخفي عليك بضعتك ، و ستذبحني يوم تعلم ! و لكن كلي املا مشنوقا بأن تنصفني حينها ، حين تدرك بأن الاعتراف يعني فقدانها و فقدانك ، حين ترى بأن الشهادة بالحق تتركني ' أرملة ثكلى ' على سفح الجبل ! و أنا لا أقدر ، لا أقدر أن أموت بكما فقدا ، سأبقى أنتظر منك العقاب بـ قلب منفطر ، و بضمير يتقلب على جمر من برك جحيمية ، ستظل انت مخدوعا ، و سأظل أنا موجوعة ، سـ أحتضن قطعتك لأخبرها بأنني شقيقتها ، شقيقتها يا علي ، أ لسعك وجعي ؟ أم إنك كما دوما لا تحس إلا بك !
أي جرم إقترفته يداك يا قاسم ، أي ظلم جديد و وحل من قذارة اخرى بت تدوسه بـ قدميك بعد وضوءك ، أين توبتك و أنت تتلاعب بالانساب كمن يتلاعب بـ قطع شطرنج !

ازدردت ريقا جافا شق حنجرتها عندما اعادت المسنة سؤالها بـ جزم واضح ، و لكن اعمي عنه أسدها لحسن حظهما : إنتو عدكم جهاال و يريد يطلقكم ؟ زيين لييش ؟ و شلون عدكم جاهل و انتو لحد هسة ممثبتين زواجكم وين جنتوا لعـ ـ

و كإن بـ خمارها قد تحرك إثر زفرة حارة صفعت بها من الخلف ، ليأتيها صوته متنهدا : ما عدنا جهال
ثم إستطرد قاصدا الـ جلنار : و هسة ؟

بحركة بطيئة إستدارت نحوه ، لترفع بصرها صوب عينيه ، ثم تزيغ بنظراتها ضعفا ، بظهر ابهام اليمين مسحت عددا من الدمعات ، لتهمس بحشرجة مؤلمة : لازم اطلع ، تأخـ ـرت

حبست نفسا كادت تتقيئه عندما خرق بحدة صوته الخافت جدار المكان : مـ رح اطلــق

كـ طفلة مطيعة هزت برأسها مرتين ، و بالاهتزاز تم انهمار بضع من قطرات .. لتكفكفهم قبل أن تخطو خطوتها نحوه لـ ترى بـ مقلتيه صدمة منها ، ما إن وقفت قبالته ، وضعت يسارها فوق يمينه المستندة على العكاز ، لتشدها بخفة ، ثم رفعت برأسها حتى وصلت ذقنه ، لتتجرأ بـ ترك توقيعها على ورقته البيضاء المطوية بعناية ، شعرت بتصلب فكه و تنافر شعيرات ذقنه لتـنغز بها حويصلات الآه المالئة لـ قرمزية الشفتين ، فتتأوه فراقا أضحى يلوح أمامها مستنكرا وقح فعلتها ! جفلت لـ صوت الباب الذي طرق بـ حدة أكبر باترا عليها حق التأمل في من لن تراه دهرا لا يعلمه إلا الله تعالى ، بأنفاس اصبحت على شفير الإنقطاع همست يمين ثغره المزموم بـ غيظ عار : ديـ ـر بالك على نفسـ ـك ، و سامحني

أكدت شامخة برأسها نحوه لتتلاقى نظراتهما صمتا ، و لكل من العينين حكاية بوح تأبى أن تبتدأ فصولها ، : أي شي سويته مو بيدي ، فـ سامحني

و قبل أن يعترض ، أو حتى يتفقه بـ طلاسم نطقتها كانت قد إختفت كما السراب في أرض قاحلة ! أيعقل إن جريه السابق حتى لهثت انفاسه كان يطارد به سرابا ؟ أ لم تكن هي ؟ أ هو نوع من هذيان بات يرافقه ليجعل منه مثالا للضعف المقيت ، ليس ضعفا ، بل كان عطشا ، و الله عطش ! و تهئ له بأنه و بعد إحتراق الجلد بـ شمس الصحاري قد وجد ظالته بـ واحة كمن خليج من مرمر لبريق يتناثر حوله ، فيفقده صوابه ، أو المتبقي منه ! و تلك النخلة المثمرة بـ قدها المائل ، تذوق تمراتها هو جل ما تحتاجه معدته لأسكات عصافير الجوع بها .. و لكن ما حدث سرابا ، كان سرابا يا أنت !
و لكن لطفا ، أسألك إن كنت تسمح ، هل للسراب ان يترك أثرا ناعما في اراضيه الجافة ؟ لم إذن يشعر بـ قرصات متتالية في خده ؟ يا إلهي ، إنه يفقد ذاته ، صارت تلك هاجسه المجنون ، فقط لو يفهم سببا عقلانيا منها يدعوها لرفض مرافقته ، فقـط لو تخبره منطقا قد يرضيه و يصمت به الحاجة ، و لكنها تأبى إلا أن تتركه يصارع التخبط في الأسئلة ، وكإن بها تنتقم لـ نفسها منه حين كان هو الرائد في مركبتهما ، هناك .. حيث ارضا شهدت لهما قصـة مثيرة ، قصة اسفر عنها موتا جنونيا و عرضا مستباحا ، قصة أبت إلا و أن تترك خلفها عميقا من الأثر !

: يمة شبيك ؟ رووح الحقهااا ، روح وراها و انعل ابوها اذا قلك لأ ، الدنيا مووو فوضى ، إذا تريد مرتك اخذهااا ، إنتة بمحكمة ، محد منهم يقدر يعلي حكمه على القاضي

رفع حاجبيه كمن عاد توا لأرض الواقع بعد رحلة دامت ساعات طوال في الأجواء ، ليهز برأسه خفيفا ثم يهمس بحشرجة فلتت منه بلا ادراك : إي يوم طالع ، بس شوفيلي الطريق إذا متصير عليج زحمة

لانت ملامح المسنة لـ تكرر فوق اسماعه اصرار الأقدمين بالتملك الطاهر : إسمك علي مو يوم ؟ ' و بعد أن رمش لها موافقا اردفت بـ شبه إبتسامة ' : إبني همين علي .. بس ولده بطوله فدوة لعينه ، همين اهل مرته مية مشكلة سوولهم بس هوة اصر ياخذها و معليه بأحد ، و هسة عنده تلث جهال
ثم استطرقت مجددا بحيرة : إنتو شقد عدكم جهال يخليهم اللـ ـ

لم تكمل لإدراكها المكان الذي يقفان به ، ليجيب متمللا و يساره تفرك وجهه ببعثرة : ما عدنة
يعلم جيدا حكايات المسنات الخيالية ، تلك اللاتي يختلقنها عند وجود الحاجة لإيصال رسالة ما ! ، فهو خبير بـ إحداهن ، يا ليتها كانت معه الآن ، يا ليت !

ضيقت نظراتها .. و قبل أن تضغط على اطراف اعصابه بـ وزنها الثقيل همس بـ غيظ مكتوم قهرا : يوم فدووة لعينج شوفيلي الطريق دا اطلـ ـ

ليرن هاتفه بجيب سترته الـ رمادية الرسمية ، و لم يكن سوى عبد الله يطلبه الإسراع ، فـ ما كان من المسنة سوى أن تساعده بالخروج الناجح ، و قبل أن يبتعد وقف امامها بتوازي لجانبي الاجساد ، ثم طلبها بـ غرابة : إدعيلي يوم ، إدعيلي ربج يفرجها

لـ تضع الأخرى يدها على صدرها من تحت العباءة الواسعة ، ثم تتحدث صادقة : يا بعد ابوية و امي ، إن شاء الله يفرجها عليك ربك و يرجعلك مرتك بحظنك و تشوف كل الخير يا ادمي ، لـ تخاف يمة ما راح انساك من دعائي ، بس إنتة لـ تخلي البنية ، البنية ضعيفة و مضيوومة و مكسورة و محتاجة وقفتك وياهة يوم ، لـ تطلقها

رده اقتصر على نصف هزة رأس ، ليكون على وشك المغادرة إلا إن شئ ما قد دفعه للتقدم نحوها ، فـ مال على رأسها احتراما ليودعها بـ قبلة صادقة همس بعدها : ياللا فيمان الله

وصلته من الخلف نبرة تهدج صوتها بضعف : الله وياك يممة ، الله يفتحها بووجهك يا يمة ، و يرزقك كل خير دنيا و اخرة !

دلفت لـ دورة المياه بعد اختفاءه من مدى نظرها الضعيف ، لـ تنتزع جسدها من العباءة ، فتلفها واضعة إياها في كيس محلي اكل عليه الزمان و شرب ، و تبتدأ عملها بـ ثوب عريض و محتشم ، توسعت عيناها فجأة لما لمحت الأربع اوراق من فئة الـ خمسة و عشرين الف دينار ، على طرف المغلسة موضوعة بعناية !
لقد أكرمها الشاب بـ نصف راتبها الشهري ، شعرت بفتيل الراحة يشتعل بها وهي تدعو صادقة لأن يجزاه الله خيرا و يسدد خطاه ، و يبارك له و زوجته في حياتهما ، و أطفالهما اللذين ينكرانهم !





؛




لنفترق الآن ما دام في مقلتينا بريق

وما دام في قعر كأسي وكأسك بعض الرحيق

فعمّا قليل يطلّ الصباح ويخبو القمر

ونلمح في الضوء ما رسمته أكفّ الضجر

على جبهتينا

وفي شفتينا

وندرك أن الشعور الرقيق

مضى ساخرا وطواه القدر

***

لنفترق الآن , ما زال في شفتينا نغم

تكّبر أن يكشف السر فاختار صمت العدم

وما زال في قطرات الندى شفة تتغنّى

وما زال وجهك مثل الظلام له ألف معنى

***

لنفترق الآن , أسمع صوتا وراء النخيل

رهيبا أجشّ الرنين يذكّرني بالرحيل

وأشعر كفّيك ترتعشان كأنّك تخفي

شعورك مثلي وتحبس صرخة حزن وخوف .

لم الإرتجاف ؟

وفيم نخاف ؟

ألسنا سندرك عمّا قليل

بأن الغرام غمامة صيف

***

لنفترق الآن , كالغرباء , وننسى الشّعور

وفي الغد يشرق دهر جديد وتمضي عصور

وفيم التذكّر ؟ هل كان غير رؤى عابره

أطافت هنا برفيقين في ساعة غابره ؟

وغير مساء

طواه الفناء

وأبقى صداه وبعض سطور

من الشعر في شفتي شاعره ؟

***

لنفترق الآن , أشعر بالبرد والخوف , دعنا

نغادر هذا المكان ونرجع من حيث جئنا

غريبين نسحب عبء ادّكاراتنا الباهته

وحيدين نحمل أصداء قصتنا المائته

لبعض القبور

وراء العصور

هنالك لا يعرف الدهر عنّا

سوى لون أعيننا الصامته


نازك الملائكة




ما إن وصلهم ، صار يدنو بـ خطى بطيئة متعمدة ، و ضغط قبضة يمينه على العكاز يزداد ، كان يشعر بـ خمسة أزواج من الاعين تراقب خطاه ، ليتضائلوا الى الاربع ، و علم بدواخل نفسه من ذو جبن ليهرب منه ، و من غيرها هي الارنبة المرتعدة الفرائص !
على بعد متر و نصفه توقف ، ليميل رأسا محيي عديله الـ ' وفي ' و الخارج عن القواعد النارية المسنة من قبل حماهما .. ليفاجئه الاخر بتقدم يخطوه نحوه ، تبادلا التحايا بالاكفف ، و من ثم إبتعد الاخر ليترك له مجال البدء بالمبارزة !
يشعر بنظرات شرسة ، حاقدة تأتيه من قاسم ، الكلب ! سحب لصدره نفسا طويلا و من ثم قابل عيناه بـ صرامة ، و فجأة خلا الكون إلا منهما ، و مناطحة ثوران في حلبة الاقتتال الاسباني حدثت صمتا و بسكون ، و كإن عراكا ادى لتفتق لباسهما لشدته ، يلهثان تعبا ، ليتطايرا اخيرا من مضمار المعركة ، كلاهما خاسرا ! حربهما كانت مزحة ساخرة ، و صراع النسور قد شهدته الانثى الوحيدة بين الحضور ، لم ينبس احدهما بحرف ، و كل عين تود اثبات قوتها و وقاحة اصرارها ، لا يعلم احد كم من الدقائق مرت بإنتظار اعتلاء الراية البيضاء ؛ حتى قرر النسر الشاب زحزحة انظاره بخيلاء ، ليس احتراما ، فـ جل ما يشعره نحو قاسم هو الإشمئزاز و القرف من رجولته الكاذبة ، و لكن ترآى له شخصا قد افتقد وجوده منذ اعوام ، يخبره بهمس إن لـ قاسم جانبا من حق قد هضم ، فهو قد سرق منه فتاته ، و للحقير شيئا من رد الدين قد احاق به

رفع حاجبه عندما اعاد سير نظره نحو الحقير ، ليجد نظرة ساخرة تغشي مقلتيه ، حاول الحفاظ على غرور حضوره ، و إلتفت نحو الـ زهرة المستنفرة بـ تخشب لمحه بإحساس فقط ، ليبتسم لها بحاجب مرتفع ، ثم يحييها بـ رقة بها ينوي دهس الخرقة البشرية المسماة بـ والدها ، و فعل : شلونها مرتي ؟

و لعجبه ، لم يتدخل قاسم سوى بـ ضحكة هازئة ، لم يعطيه بالا ؛ و ظل منتظرا منها جوابا ، لتهز برأسها متوسلته الرأفة ، و الإبتعاد عن حقل الغامها الخطر ، تخاف عليه حتى الخنق ، لم لا يكف عن التلاعب بالألسنة المتطايرة ؟ ويح له من رجل عجن الإباء بـه كما الماء و الطين ، يود المحاربة حتى الرمق الاخير و عث الدمار في جسده لا يهمه بقدر حصوله شرف المقاومة !
هذه المرة نقل نظراته نحو عديله الذي تحدث قاطعا حربا قد تندلع نيرانها بولاعته المستفزة لفتيل قاسم الكلب : دياللا خلي نفوت نعقد ، صار هواية ينتظـرون

كل شئ حدث بـ روية ، و حسب تعاليم القانون ، و ود حينها قاسم لو قدم بلاغا رسميا لدق عنق هذا الجرذ لئلا يتجرأ و يقضم جبنة نظيفة صالحة للتناول البشري فقط ، و لكنه تحامل على غيظه ، و تماسك فقط من أجل خنق عنق الفضيحة التي ظلت تؤرق مضجعه شهورا ، و أي فضيحة تلك التي جاءته بها إبنته ، أتراها شعرت بـ كفها التي غرست بصدره و إجتثت منه القلب و الرئتين ، ؟ هل التصقت اناملها بلزوجة دمه الأسود بعد إحتراقه منها ؟ أ تساءلت ما سبب ريحة العفن من رئتيه و تفحم قلبه ؟ أم تراها لا تهتم سوى لـ هذا الاخرق ، الجرذ الحيوان ؟! كور قبضته بـ رغبة جامحة تسكنه لـ إسكات ثرثرة الحقير ، ذاك الذي استسهل وجوده ، و نسي ماقدمت يداه بطشا بحق الفتاة ، ليطالب بها الآن بكل وقاحة العالمين !

: جايبة هواية ملابس وياج ؟ ترة اربيل باردة !

كان تعليقه المتحدي اول ما نطقه بعد خروجهم من نطاق دار القضاء ، لـ يتبع حديثه صوتا عنيفا ارتعش له جسدها ، رعد فـ برق و من ثم فجأة هطلت الامطار بـ كثافة ، ليعيد الجميع خطواته .. حيث سقفا من البنيان حماهم من ضربات تسددها السماء لهم بـ شفرات مطرية ! كان يقف على جهة ، و هي و والدها و عبد الله على جهة اخرى ، يترأسهم الكلب ، المقابل بجسده الشارع يتابع رجليه و هما يركضان نحو مركبة يقودانها ، ليأتي احدهما لهم بـ ثلاث مظلات سـوداء ، و قبل الحراك عاد هو ليتحدى بهم الاعتراض ، مادا بذراعه و العكاز امام الكلب مانعا اياه من مواصلة الطريق ، ليلتفت نحوه الاخير بذات النظرة الساخرة ، غير آبه بـ بالبرق الصادر من نظراته و لا رعده المكبوت بفخامة رغم ميلانه في وقفته الغير معتدلة : مرتي ، تجي .... وياية !

صر على أسنانه لـ يكرر بحدة لما صفعه قاسم ببرودة النظرة الهازئة ، و كإن به يتلذذ بذلك الرقص على الاوتار العصبية : ما رح تاخذها وياك ، بتتتك هيـة مرررتي ، و ماخذها اني ماخذها

بسمة ملتوية داعبت فمه القذر ، ليهمس ضاحكا فخرجت حروفه كمن يتحدث و فمه مملوء بالطعام ، و لم يدرك حينها هو مالذي كان ينفخ خديه بهذا الشكل المستفز : أخذها

تباعد حاجباه صدمة و تراخت ذراعه ، ليعود فينزلها سريعا و يستند على عكازه بصمت ، لم يشأ أن يبدو بتلك الدرجة من الإستغراب ، و لكنه بدا ، ليتحرك قاسم بعد أن نطق جملته بجدية صارمة : إسألها .. و إذا تريد تجي وياك أخذها ، واذا قلتلك لأ ، فـ عندك شهر و تدز ورقتها لعمان ، أتوقع مو صعب تعرف عنواننا

اضاف تعليقه الاخير ساخرا و نظراته تنسحب نحو عبد الله ، ليشيح الاخير نظره حرجا ، و من ثم اختفى قاسم بـ حركات ثقيلة الخطى ، متبوعا بـ احد كلابه المطيعة ذاك الذي يحمل له مظلته و كإن به سلطان عصره !
لم يتبق سواهما و عبد الله ، لينسحب الاخير بـعد قوله : علي اعذرنا ، و الله العظيم مـ جنا نريد نأذيك ، اعذرناااا

مالهم يطلبون منه سماحا و عذرا ، أ فعلوا به جرما بالخفاء ؟ أوصلت اياديهم لـ بقعة في الجسد لم يطأها الوجع حتى الآن و جاؤا بـ معولهم لحرثها ؟ أصابه القليل من الشك مما قد يكون ينتظره منهم ، فـ قرر بلا شعور أن يتصل فورا بـ أخته و جدته ، لن يفعلها قاسم و يعيد تشغيل لعبة الانتقامات المتتالية ، لن يفعلها !

و لكن قبلها عليه أن ينهي هذه المسرحية المعلنة امام الجميع ، فـ هو على يقين بأن قاسم يراقبهما و جنديه المتطفلين ايضا ، بالإضافة لـ عبد الله ، و قد يكون الاخير هو المشجع الوحيد للنهاية السعيدة ' السخيفة ' ، سبقته بالحديث و هي تتحرك خطوة واحدة للامام ، فجعلت منها كـ حمامة بيضاء مبللة الريش بالمطر : أحب المطر

حذرها من المضي قدما في اللا اهتمام وهو يتابع إلتفاتها نحـوه و تلألئ الدمعات في مقلتيها : فتحي الشمسية ' المظلة ' ، رح تتمرضين هيج ، و يللا امشي نروح

بـ بسمة ميتة قابلت به اصراره متحركة خطوة خلفية ثانية : وين نروح ؟ أني راجعة وية ابوية ، ما ارجعـ ـ

صدر منه صوتا خشنا مهددا ، و نظراته مصوبة نحو وجهها البدري بـ ملامحه المتوردة بردا ، و قطرات من ندى الامطار تتكاثف فوق ارنبة الانف و الشفتين : لـ تعااااندين ، ابووج و قلج رووحي ، فهميني شنوو قصتج انتي تخبلتتتي ؟

إزدردت ريقها و ارتعشت شفتها السفلى ، فـ عضت طرفها لتتذوق طعم الغيث ، شعرت بـ عيناه تراقبها بـ شئ من شغف لامس بها خلايا الخجل ، بغير ميعاد فـ تحدثت بـ جدية لـ تبتعد عن هذا الخطر : ما عندي قصة ، غير انو لاااازم ارجع لاهلي

بتحفز للقتال نطق و نظراته مصوبة نحو عينيها تارة ، و الثغر المنتفخ دما اخرى : هوة مهددج بشي ؟ مهددج بية ؟ لتخافين ميقدر يسويلي شي ، إحجي بشنوو هددج

بـ تماسك على وشك الانصهار اجابته مشتتة بنظراتها رعبا من خجلها و وقاحته : مهددني

توجس شرا و هو يستفسر بـ حدة و ما زال يراقب مواضع البقع المحمرة بها إثر البرد و البكاء ، و لـ ربما الخجل ! : لعد ليش تريدين ترجعين للجيفة مالته

صرخت بغير ذي وعي و انفاسها تعلو غيظا منه : هذولااا اهلي ، اهلـــي

فاجأها بـ استقامة جسده ، و همسه المترقب : زين منو الشخص الاهم ؟

صدمت بسؤاله ، ليجف حلقها رعبا ، شتت نظراتها عبثا ، لتعقد جبينها اللجين أخيرا ، و من ثم تردف بـ خفوت : أمي مريضة حيل ، قلبها مو زين ، مـ تتحمل مني ضربة لخ ' أخرى ' ، الطبيب موصينا منعرضها لأي صدمة ، و اني ممستعدة أخسرها ، هية أهم شي عندي ، أهم شي

زفر بـ هم ، ثم مد يساره أمامه مشيرا لها بالـ ذهاب : يللا لعد ، روحي لأهلج ، بس قولي لابوج الكلب مـ رح اطلق لو يموت
: فتحيي الشمسية قلت

إستطرق امرا حالما خطت خطوة اخرى في العراء لتضرب بها الامطار الشديدة ، بحدة مخيفة فيلتصق حجابها بوجهها و تفلت من جانبيه خصلا رفيعة ، إمتدت إحداها بوقاحة حتى استلقت على مخدع الشفتين المبللتين ، فـ نبض قلبه إثر إغراء وجهها الحسن ، لم تنفذ طلبه ، بل مالت نحوه قليلا ، لتترك له المظلة ارضا ثم توليه ظهرها متحركة بـ خطى راكضة نحو السيارة ، ليتلقاها احد الرجلين بـ مظلة تحمي جسدها من الاغتسال بماء الطهر اكثر ، وقفت قبل ان تركب في المركبة خلف والدها ، لـ تستدير نحوه و تبتسم له بضعف يلوك ملامحها المتوجعة !
لتغيب !
فقط هكذا ، إرتقت في قطار الفراق و غادرت ، مرارا تنازل و طالبها بالمجئ ، لـ تكرر حديثا ملته اسماعه ، رحلت و ظل هو على استقامته يتابع طيفي السيارتين يبتعدان عن مدى نظره ، انفاسه اضحت خجلى منه و من ضعفا سكن به نحوها ، أدرك توا إنه يريدها ، يريد الاحتفاظ بها كما لم يرغب بشئ قبلها و لا يظن بأنه سيود بعدها أحدا بهذه الرغبة المجنونة !

و كإن بـ نبضه عاد ليثور و هو يراها امامه مجددا ، بـ ندى يقبل شفتيها بـ لذة ، فيشتهيها هو غيرة ! مالذي فعلته تلك الأدمية ؟ أو لنقل الـ ' حوائية ' ، فـ هي أنثى متكاملة حد الوجع ، لم يظن يوما بأنه سيراها بعين الرجل المستذئبة ، يا رباه ! يكاد يهبط حتى حضيض قاسم لينتشلها منه مجددا و ليسخر الاخير كيفما يشاء ، فـ هي حمامته ، لطالما كانت كذلك .. فـ لتحتمي بهم دهرا ، سيأتيها اليوم الذي تطالب به ان تعود عشها ، و يأمل أن لا تكون مكسورة الجناحين ، يأمل أن تقبل عليه فرحة و مرفرفة سعادة لـ يحتضنها عشه بـ إزدواجية مشاعر تكاد تفتت عقله ، إنه يتصرف بـ جنون ؛ بل يحس الجنون يأكل معه بذات الملعقة و يشرب بكأسه ، إنها إبنة قاسم يا بشر ، إبنة عم الـ **** عديم الشرف و الدين ، هم من شقوا ثوب اهله الطاهر بعد تلطيخه بدم طفلتين ، هي إبنة الأعداء ، أليس كذلك ؟ لم إذن لا يشعر بها سوى إمرأته ، و كإنه بتلك الليلة قـد سلخها من قبيلة إنتمائها لـ ينسبها لنفسه ، لـ علوه و شمخه ، لـ آل صفاء ليتها إنتمت منذ الأزل ، ليتها كانت إبنة لـ عمه ، ليتها كانت انثاه منذ أن خط شاربه الأول ! أ وتراها ادركت عظيم فعلتها به ؟ لا يظن ، فهي ليست من فصيلة المغترات بـ ذيول طاووسية ، هي تتلصص و تسرق بـ نية حسنة ، تسرق لتقتات لنفسها حياة ، لا لـ تترفها ظلما بـ قلوب الرجال !
هي بريئة من تهمة إختطافه من عقله ، هنا ، يتنازل عن حقه في جريمتها ، لأنه أكثر من يدرك بأن بيضاء اليدين لا تمد اناملها لتتلوث جورا ، غجرية الشعر ، و ريانة العود انقى من ان تكون مدانة بالسرقة ، لكنها قد تدان بالحيلة البريئة ، بالعشق الجنوني ، بالتكتم الذي يكاد يؤتي بعقله !
لا تريد أن يطلقها ، و لا توافقه العودة ، ترتحل و تترك له بصمة في القلب ، و عطرا يشق الصدر ، تذهب ، و تبقى لتسكن به ! تناقض يسكن افعالها و الاقوال سيصرعه ، و لكنه سـ يكون لها شبيها ، لن يطلق و لن يعود ليسأل ، سيحررها ، و لكن يحتفظ بقيد واحد حول جيدها يشده اليه عند رغبته ، يرتضي البعد ، و يطارد خيالاتها عنوة !

عقد حاجبيه عندما شعر بـ أن دهرا مر به وهو واقف هنا كـ شجرة عريت من وريقاتها ، لتغادر طيورها الأعشاش ، كئيبة خاوية من معاني الحياة ، جاء بغداد و بـ رأسه بصيص من شعاع بأن يغادرها ممتلئ الحضن بـ إمرأته ، و لكنه هزم بـ رفضها ، و كإنها من دون ان تقصد او تنوي تقتات لنفسها ثأرا ، ثأر أشهر مضت حيث أوهمها بـ زواج أخر ، و حواء أخرى تتقلب بين ذراعيه ، ظن بأنه سيستدرج عقله بتلك الكذبة حتى تغادره منكسة قلبها وجعا ، و لكنها ظلت متمسكة بـ لعبتها المتلصصة تلك ، بين دهاليز المخ المشقى ، و الآن فقط إنتقمت ، كسـرت زجاجات عطورها الفخمة ، و حطمت كؤوسهما الفارغة في انحاءه حتى خدشت به الجدران و هشمت المرايا ، قلبت طاولات و مقاعد كانت تحتضن جسدها الندي عند إجتماعات تعقدها مع اعضاءه المطيعة ، فتحت مضخات الدماء و اغرقته .. ثم ببساطة ، إنسحبت رافعة بـ كعبها العالي بيمينها و متمايلة بمشية متغنجة بـ إغراء غير متعمد !

إبتسم على حين غرة من سرحانه الهاذي ، ليميل قليلا و بصعوبة حتى رفع المظلة المبللة برذاذ بارد ، و تحـرك بها ' من دون إستخدامها ' نحو سيارته ، حركة نزول الغيث العجلة اجبرته على جر خطاه بإسراع .. حتى ركب مكانه ، و من ثم نفض من على شعره القصير ما تجمع من برك مائية ، و شغل المدفأة بـ حركة تلقائية ، فـ سكن لفترة ، حتى تذكر شكه بـ ضربة اخرى في الظهر قد تفقده بقيته ، ليخرج هاتفه من جيب بنطاله عجلا ، لـ يهاتف اخته بـ أعصاب مستنفرة ، نصف رنة فقط و جاءه ردها ، حتى شعر بـ خوف يغزوه ، فتكلم مترقبا و متأهبا لـ مصاب : ها لينا شلونج ؟

بـ توتر وصله تحدثت : الحمد لله حبيبي زينة ، و إنتة شلونك ؟

تنهد لترتسم شبه بسمة هازئة على ثغره ، و شئ من راحة سكنته بعد الـ ' زينة الحمد لله ' التي نطقتها : الحمد لله
بيج شي ؟ شبيه صوتج ؟

ظهر القلق واضحا له لـ تجيبه بحيرة : ما اعرف والله علي ، عمر تأخر علية ، المفروض قبل ساعة يجي و لهسة ماكو ، و موبايله مديرد عليه خبلني

إعتدل بجلسته لـ يستفسر مسرعا : إنتي بالمستشفى ؟

: إي

: ديللا هسة جاييج ، من اوصل ادقلج و طلعي

: ماشي إن شاء الله أنتظرك

إبتسم صدقا ، فـ الـ ' ماشي ' هذه من حكاوي عمر ، و يبدو إنها انتقلت بعدوى جميلة للسان اخته !
شغل المحرك ثم وجه سير عجلاته نحو طريق المشفى ، و بـ أحدى إشارات المرور لمح منظرا هزه حتى بويصلات الشعر لـ طفل لا يتجاوز الستة أعوام يجلس على احد الارصفة ، يغتسل مطرا و يرتجف بردا ، يده تحمل أحد الصفائح الحديدية يغطي بها بضاعته الصغيرة المكونة من علب مناديل ورقية يبيعها لأصحاب المركبات المارة !
شد بخده احد العروق ، و تمتم حمدا للرحمن ، فـ أدار المقود حيث هو ، انزل زجاج النافذة ليطلب من الصبي علبتين ، و بإهتمام بالغ اعطاه الاخير ، فـ قدم له نقدا اعلى مما يستحق ليرفضها الصغير بـ كرامة من ذهب ، أغمض عينيه لوهلة ، ثم نطق بـ لمحة لطف لا يمتاز بها : إعتبرني اخوك الجبير ، أخذها و اسكت ، أصلا اني بعمرك جنت مثلك و شوفني وين وصلت ، ياللا سبع اخذها

قبلها الطفل بخجل و أمل بمستقبل قد يسمح له بقيادة مركبة كهذه ، و التأنق كـ صاحبها ! ، فـ انتشل ' الأنيق ' المظلة من على المقعد المجاور له ، و مدها له مضيفا بجدية : أخذها ، و لـ تبقى هنا ، روح بمكان بعيد عالمطر لا تمرض ، يللا بسرعة






.
.
.



لـ يُتبَعْ !

 
 

 

عرض البوم صور حلمْ يُعآنقْ السمَآء   رد مع اقتباس
قديم 14-02-13, 12:17 PM   المشاركة رقم: 935
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو مبدع
كونتيسة الأدب النتي


البيانات
التسجيل: Mar 2012
العضوية: 240233
المشاركات: 841
الجنس أنثى
معدل التقييم: حلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالق
نقاط التقييم: 3128

االدولة
البلدIraq
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
حلمْ يُعآنقْ السمَآء غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : حلمْ يُعآنقْ السمَآء المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: أبرياء حتى تثبت إدانتهم

 





تآبعْ




لآ يزآل " إسمكَ "

الإسمُ الوحيد الممنوع من الصرف في حيآتيِ


غادة السمّان







أغلب المنتسبين قد غادروا ، و لم يتبق سوى اصحاب الدوام الليلي ، و ما زالت المشفى تعج بالمراجعين ، كعادتها !
من الجيد أن جدول زميلتها يحتم عليها البقاء من اجل مواصلة العمل ، فـ بقيت معها في طابقها و كرة القلق الثلجية امست تتوسع ، لا تدري سبب تأخره و الأدهى و الأمر لم لا يرد على مكالماتها ؟ هو ليس بـ مهمل ! لم يكن كذلك يوما ، مالذي حل به ؟

اعتدنا و منذ عشرة أعوام أن نتراقص رعبا على من يتأخر عن موعده من الدقائق خمسا ، فإن تناسينا خطورة الحوادث المرورية ، تجدنا نرتعد من الإنفجارات ، أو الإختطافات !
أو حتى القتل المتعمد و غيره عن طريق الخطأ بسبب اللا إنضباط في العاصمة ، ينتشرون بأسلحتهم ، و صار الأمر طبيعيا ، و الخوف هو ما يتعدى حدود الطبيعة ، من الجدير بالذكر إن الحال قد تحسن في السنين الأخيرة ، و لكن رهابا عشنا به لن يتركنا و شأننا يوما ، فوبيا الخوف من الاقدار أصبحت ملازمة لكل قلب و فكر عراقي ! و الكم الهائل من الفقد سيبقى دوما وشما على جلود الذاكرة ، وشما لن يبرأ حتى يحين موعد الأجل ليقدم لنا من الاسباب افخمها فنكون على اهبة الاستعداد للمصائب الدنيوية !

الف سيناريو قد شغل في ذهنها طيلة الدقائق المنصرمة ، إتصلت والدته تطمئن عليهما فـ أوهمتها بأنها اتصلت به و اخبرها بـ أنه عالق بـ إزدحام ما ، يكفيها قلقها و لا تود لـ حماتها ان تذوب خوفا على وحيدها ! مضى الآن بعد الساعة نصف اخر و ما زالت على قيد الإنتظار ، تشوى على جمرات متقدة .. صداع هاجمها منذ مدة قد تفاقم ، فـ أعزت سببه لإرتفاع ضغطها خوفا على ذلك الغائب ، جرت من مجرة التوتر تلبية لـ صوت رفيقتها الحاد : لينااا يمعودة كافي تهزين رجلج ، وترتيييني ، قولي يا الله صدقيني ماكو شي

بـ عبوس اجابتها و ما زال فخذها الايسر يهتز كـ إن سلكا يصل به لـمصدر طاقة كهربائية بتيار مستمر : رنا دخيل الله سكتي ، هوة مو لا ابالي ، يعني اكييد صاير وياه شي خلاه يتأخر و ميجاااوب على موبايله ، الله يستر

حاولت الاخرى ان تقلل من حدة توترها بـ شقاوة خفيفة : لج اخاف تزوج عليج وهسة هوة ببيت الثانية و مغلس ' مطنش ' على مخابراتج

لم تجبها بل اكتفت بإطراق رأسها و العبث بالهاتف مجددا بمحاولة جديدة للاتصال به ، فـ ادركت رنا حينها بأن رفيقتها على شفير الإنهيار ، يبدو ذلك جليا بملامحها الصفراء المتعبة و شحوبها المريع .. حاكتها بإهتمام بالغ : زين يا قلبي شربي هذا العصير ، ترة والله العظيم مو زين عليج ، بس شووفي وجهج شلون اصفر كركم ، لـ تروحين تتخربطين ' تفقدين الوعي ' يمعودة
كركم ' نوع من البهارات اصفر اللون '

حولت قوتها لهز رجلها الى المنتصف الايمن ، و مدت بيسارها نحو علبة العصير لتنصت لتعاليم رنا بـ عقلانية ، إن كانت تود البقاء بـ وعيها لابد من أن تزود جسمها بقليل من الطاقة ! تركت العلبة بعد ارتشافها حتى المنتصف ، لتهمس بلا وعي : ياااارب دخيييلك تحفظه الهي ، الهي احفظه يا حبيبي يا رب ليصير له شي والله اتخبل !

: لينااا !!!!

رفعت برأسها نحو رنا لتستطرق الاخيرة متعجبة : لج والله مدا اعرفج .. مستحييل انتي لينا القديمة ، شسوى بيج عمر !
لتستطرد لما تبين لها امتعاض ملامح اللين : لا جديات حبي والله ان شاء الله خير لتخافييين و تأذين نفسج

زفرت بضيق لتستقيم واقفة بمنتصف الصيدلية ، ثم نطقت بإستسلام : الله كريم ، إن شاء الله هاي بس وسوسة

جفل جسدها بإنتفاضة مرعبة عندما رن الهاتف بيدها ، رفعته بـ امل يرتعش ، ليذوب فجأة حينما تبين لها اسم اخيها ، اجابته ليخبرها بأن تخرج له بعد ان سألها إن كانت قد تواصلت مع عمر ولو بـ رسالة !

غادرت المشفى بعد ان طلبت منها رنا أن تطمئنها خيرا حالما تراه ، إحساس مخيف يراودها ، لا تستطيع التنبؤ فعليا بما سيحدث لها لو أن مكروها ما اصابه ، عمر إعتلى منابر المعابد بداخلها ، عمر صار بها كـ عضو متجدد يسكن صدرها ، هو المنبه للخير ، هو الصواب ، هو كل شئ ، لن تستطيع المواصلة من دونه .. إلهي اتوسلك أن لا تذيقني من كأس الفقد مجددا ، لقد إمتلئت يا رب ، أعرف يا رب بـ أنك تعلم ما لا نعلمه ، اتيقن بأنك تضمر لنا خيرا من عندك ، شيئا تخبئه لترزقنا اياه في جنتك إن شاء الله ، و لكنني من البشر يا حبيبي يا الله ، أحد عبادك الضعفاء انا ، تيتمت مرتين فـ إحفظني من الثالثة التي ستحيل قلبي رفاتا ، يا رب .. إحفظه لي و لـ والدته ، فـ كلانا لا نطيق به وجعا !

في الشارع تقف باحثة عن سيارة اخيها ، و في الواقع إن عينيها كانتا تجولان بحثا عن مركبة واحدة لا غير تنتظرها هنا دوما ، و لكن لا جدوى ، قرر ان يكرمها بالقلق هذا النهار ، و كأنه يود الكشف عما تخفيه ملاءتها البيضاء التي تحتضن بها القلب بخجل !
وجدت سيارة علي ، و فوجئت بأنها كانت قريبة و لم تنتبه لها قبلا ، فـ توجعت بحق ، لا يحق له أن يسرقها من وعيها هكذا ، لا يحق له أن يسلبها التوازن فتصير متدلية على جرف بحر من يحموم نهايته إنحدار نحو هاوية القاع !

ما ان استوت جالسة قرب اخيها إلتفتت نحوه بتحية هامسة اعقبته بـ قلق : مـ رد عليك مو ؟

بذات القلق اجابها و عيناه تنتقل بين ملامحها الغائرة بالمرض : لا والله
ثم استطرد : شبيه وجهج ؟ ليش هيج اصفر ؟

بتنهيدة ردت و نظراتها تهرب لمسح الشارع امامهما علها تجد ظالتها الغالية ! : والله شمدريني ، ما اعرف شبية هالايام

: أخاف حامل ؟

إلتفتت نحوه لتبتسم بـ رقة خجولة ، ثم تجيب : لأ ، بس ابد مالي خلق

أكد وبخبرة اعوام مسك ذقنها بيده ليدقق بـ امارات التعب : متأكدة ؟

حرجت لتبعد نفسها عنه و تردف : إي
ثم اكملت بـ رتابة : هسسسة شوف عمر وين ، علي والله ممسويها قبل ، هوة اذا يروح يجيب صمون ياخذ موبايله و يهتم انو بيه شحن ، شلون عاد طالع و مندري وينه
صمون ' معجنات شبيهه بالخبز '

اعتدل بمقعده و حرك سيارته مجيبا : لتخافين ماكو شي ان شاء الله
ثم اردف بجدية لا تقبل النقاش : واليووم تروحين تسويين تحاليل ، دنشوف شنو قصة هالصفار هذا
أكملا طريقهما صمتا ، لا يتخلله سوى حركاتها المتوترة و هي تكرر إتصالاتها بذلك الغائب ، كانت كمن تتقلب على جمرات إلتصقت بجلدها ، يا الله ، إنها خائفة .. والله خائفة ! وصلا المنزل وعيناها ما زالت تبحث عن مركبته ، و لا نتيجة ترجى حصلت عليها .. ترجلت لتلتفت نحوه بإستفهام : مـ تنزل ؟

إستنكر بهدوء : لا طبعا ، و لتخافين قتلج هسة اروح اشوفه وين بس العصر ترووحين تسويين تحاليل لينا

جملته الامرة كانت صارمة ، فـ خبت لها قابليتها على الاعتراض ، فقط هزت برأسها بإستسلام ، لتدلف المنزل بمراقبته ، ما إن ولجت الحديقة إستقبلتها حبيبتها الـ ' شابة ' ، متغنجة بذيلها الطويل الأشقر ، لتلتصق بـ قدميها مرحبة ، بشرود مالت نحوها تلامس شعرها الناعم و نبرتها خرجت يتخللها القلق : سووكي حبيبي ادعي لعمر يرجع ، أني خااايفة عليه ، سووكي بااعيني شوو ' بسبابتها داعبت جبين القطة لترفع الصغيرة رأسها بـ إنزعاج ، و أكملت هي ' قولي يااارب يرجع عمر الخبييث

أرسلت لها قبلة هوائية رقيقة ، ثم إبتعـدت عنها و المزعجة ترافق خطواتها بدلال ، أوجعها قلبها أن تظل هنا في هذا الجو الماطر ، هدأ نزول الغيث و لكن الغيوم ما زالت مليئة بماء ينتظر الفرج ، لو كان الامر يعود لها لأدخلتها المنزل ، و لكن ميس تعاني من حساسية مرضية نحوها .. كان عمر قد رتب احدى الزوايا للصغيرة تقيها الامطار ، و المدللة تفقهت الامر و صارت تأمن به ، دلفت المطبخ بهدوء بعكس ما يضطرم بها من اعاصير مرهبة ، قوبلت بـ حماتها مرحبة بها بحنية : هلاو امي ها وصلتوا .. لعد عموري فدوة تروحله امه وينه ؟

تنحنحت بـ خفة واضعة بحقيبتها على احد مقاعد الطاولة : هلاو خالة عيوني
انتزعت وشاحها ببطئ ، لتجيب سؤال والدة عن شبلها : علي وصلني خالة ، عمر ما اعرف وييينه

تلك كانت تقلب الرز بـ وعاءه لتثبت يدها عن الحركة ملتفتة نحو كنتها بـ إستفسار : متعرفين وينه ؟ ليش امي مخابرتيه ؟

هزت برأسها رفضا و اتخذت احد المقاعد لها ملاذا من السقوط بعد ان شعرت بـ دمها يهبط قاع القدمين فيخلو الرأس من وقود تشغيله للمراكز الادراكية و الحسية ، همست بارهاق مميلة برأسها نحو زجاج الطاولة : خالة مدا احصله

لتقترب تلك منها متوجسة رعبا : يوم شبيج ؟ متعاركين ؟ زين انتي مو قلتيلي خابرتيه

بلا قدرة على الغوص في بحر الرعب منفردة اجابت مغمضة العينين : لا خالة ممتعاركين ، بس مااااا اعرف ويييينه ، و خابرته خمسين مرة مديجاوب والله ما اعرف وينه حتخبل

فوجئت بأن حماتها صارت تتصرف و كإنما هي الاهم ، حيث مسحت الحنون على شعرها المرفوع بـ كعكة مرتخية ، لتتحدث مهتمة : امي شبييج ؟ ليش وجهج اصفر ؟ شدتحسيين ؟

كم من مرة سمعت هذا السؤال اليوم ، و بالفعل صار الامر يؤرقها ، لن تتجنب الاطباء اكثر ، ستذهب عصرا كما امرها علي إن شاء الرحمن ، فقط حينما يطمئن قلبها على العمر !
إتكئ رأسها هذه المرة على كفها المستندة بالمرفق على الطاولة ، و عنقها يميل تعبا ، أجابت بهمهمة خافتة : ما ادري خالة حيل دايخـ ـة ، مدا اركـ ـز بشي

ابتعدت الحنون خطوتين لتأتيها بـ كوب من الماء ، فتتحدث قلقة : يوم إنتي جتج مو ؟ يعني مو حامل !

هزت برأسها موافقة لترفض الماء برفعة حاجبيها لتستطرد حماتها : لعد شبيج امي ؟ ترة مو زين ساكتة ، صارلها شقد هالدوخة وياج ؟

لم تستطع الحديث ، فقط أغمضت عينيها ، و فجأة فلت رأسها المتكئ على الذراع بعد ان ازيحت الاخيرة بـ إرهاق ، ليرتطم في زجاج الطاولة و تتأوه وجعا برد فعل تلقائي ، بينما ام عمر فإرتعبت صارخة : يمممة اسم الله الرحمن عليج ، يوووم شبييج ؟

رفعت رأسها لتتأكد من سلامته ، و اللين بـ إنهاك مالت بعنقها نحو الحنون ، لتحتضن الاخيرة رأس كنتها متمتمة بـ ' بردا و سلااما يووم ، إسم الله عليج حبيبتي ، شجاج امي ' ما بك ' ، شصايرلج ؟ بس لو اعرف شبيج '

ثم علا صوتها منادية لـ إبنتها الواصلة سلفا و لكن تأخر عمر و لينه دعاها لأخذ قيلولتها قبل الغداء : ميييييس ، مييييس مااماا وييينج شوو تعااالي

لم تتعب كثيرا ، حتى سمعت صوت ميس يأتيها ملولا متكاسلا من الطابق العلوي : هاا ماما ؟

: شوو تعالي هاي مرة اخوج سودة علية تعبانة و اخوج ماكوو ، تعااالي نززلي شوو

لم يطل انتظارها حتى دلفت ميس المطبخ لتتفاجأ من منظر والدتها تستقيم قرب لينا و تحتضن رأسها و ملامح الفزع مرتسمة بدقة على وجهها ، تحدثت بـ حاجبين متقاربين : هاي شنو ماما ؟ شبيها لينا ؟

: ما ادري و الله يا امي هالبنية هاملة نفسها كوولش ، صارلي شقد اقلها روحي للطبيب دوختج مو طبيعية و تعاند هية ، بس مو صوجها صوجي اني ساكتتلها جان المفروض اقول لعمر و ناخذها غصبا ما عليها

بـ إستنتاج باسم نطقت ميس : مااام لتخافين مبروووك رح تصيرين بيبي من جديد ، و هالمـ ـ

: لا ماما مو حمل ، جتها .. بس هسة اني حايرة شسوي اريد اخذها للطبيب و اخوج ماكو ، ندق عليه من الصبح ماكو

بـ قلق شحب لونها لتهمس متوجسة : ماكو ؟ ليش وينه ؟ و لعد منو جاب لينا من الدوام ؟

: علي بعده ببغداد فـ هوة راح عليها ، هسة تعالي ساعديني نوديها لغرفتي خلي تنام ، و دقيلي على علي خلي يجي ناخذها للطبيب

تقدمت منها ميس و حاولتا تحريك لينا ، و لكن يبدو إن الاخيرة لا تساعدهما البتة ، فـ انسحبت ميس متحدثة بـ قلق : ماما عوفيها منقدر نحركها شوفيها فد مرة مدتقدر تشيل نفسها ، خلي اخابر علي

لتظل الحنون بحالها ذاته ، تقف محتضنة رأس اليتيمة ، متمتمة بأذنها ما يحضرها من الأيات القصيرة و الادعية ، و يدها تمسح على شعرها لتحادث ابنتها وهي ترى انشغالها بالاتصال بـ شقيق هذه الغائبة بوعيها : ميس ماما جيبي الصوبة هنا يم رجلها ، الدنيا باردة ، و هية العنودية ' العنيدة ' مـ لابسة شي

تحركت الاخرى بعد ان وضعت الهاتف على الطاولة ، لترفع المدفأة النفطية ثم تضعها قرب اللين فتقول بتفكير : يمكن مستبردة ماما ؟ الجو بارد و يمرض

: لا لا صارلها هواية على هالحالة وهية هاملة نفسها

: خرببليسك عمر ويينك ، والله لو يشوفها هيجي يتخبل

اضافت امتعاضها وهي تتصل بـ علي ، و ما إن وصلها الرنين مدت بالهاتف نحو والدتها لتستلمه الاخيرة و ما زالت يمينها تحتضن اللين بحذر ، قليلا و وصلها هدوء علي قائلا ' ها لينا ؟ '

فـ بادرت هي بالتحية : هلاو علي امي اني ام عمر

: ها هلاو خالة شلونج ؟

: بخير حبيبي الله يخليك ، علاوي امي وينك إنتة ؟

: و الله خالة رحت دا اشوف عمر وين ، الصبح تخابرنا و قلي رايح لـ ألن و هسة مدا احصله لاهوة و لا ألن

قلقت ، ثم تحدثت متوجسة : وين صار ! زين امي تقدر تجي لبيتنا ؟ هاي لينا كولش مالها خلق

التمست اهتمامه بحروفه الجدية : طبعا جان مبين عليها رح تتخربط ، قلتلها تروح للطبيب اليوم

: دياللا امي تعال خل ناخذها اخاف عمر يطول ، بس ناخذها للمستشفى خلي يشدولها مغذي لإن ماكو رايحة فد مرة

: زين زين ربع ساعة واني يمكم

: إن شاء الله امي محرووس

تناهى لها صمته و زفرة غريبة هربت من بين سلسلة الانفاس المنتظمة ثم نطق بـ ' مع السلامة ' و أغلق الخط من دون ان ينتظر لـ تجيبه .. مدت الهاتف لإبنتها المتابعة للمكالمة لتستفسر تلك سريعا : مـ يعرف وينه عمر ؟

تنهدت بحيرة : لا والله ، يقول هوة الصبح جان ناوي يروح لـ ألن
لتستطرق مستفسرة : ألن اليوم مداوم ؟ شفتيه ؟

: إي شفته الصبح ، بس مـ شفت عمر ، اصلا عمر شعنده بشركتنا ؟

هزت برأسها بـ شرود ثم قالت : د خابري الن ، دنشوف بلكت تحصليه لإن علي يقول هوة هم مديشيله

تحلطمت ميس بقهر و اناملها تضغط على شاشة هاتفها بوحشية : يا الله شقد مبهذلين ، يعني ميعرفووون انو اكو ناس تتراجف عليهم شنو هالوضع ، عمر من شوكت هيجي مهمل !

عند انتهاء جملتها كان قد وصلها صوت الرنين المتواصل ، مدت الهاتف مرة اخرى نحو امها لـ تقول الاخرى بـ هدوء مغيرة من وضعية وقوفها فـ ظهرها صار يؤلمها : إحجي وياه انتي ماما و قوليله وين عمر اذا يعرف عنه شي

اعادت الهاتف لإذنها لتعلق : هاي اذا شاله مو علي يقـ ـ

: نعــم

رفعت حاجبيها متفاجأة لتتلعثم احرفها بلا وعي : أ أ ألن ؟؟

صمت طال ثم تنهد بصوت مسموع و كسول ليجيب : ها ميس خير ؟

اغتاظت و جدا ، و عاد غضبها نحوه يزداد ، فمنذ ايام و هذا الرجل إنقلب اسفله اعلاه ، فـ صار بمزاج اسود ، منذ ذلك اليوم الذي منعها من الخروج رغم إنها هي من يتوجب عليها ان تنفر من تواجده و حديثه ، نطقت بـ صوت منزعج مستنده على باب الثلاجة بكفها : هلو الن ، أقلك متعرف وين عمر ؟

خفت صوته بملل : هياتة يمي ' هذا هو '

ليعلو صوتها متفاجئة : يمممك ؟

رد بـ ذات الكسل : إي

ودت لو تصرخ به ، مالها تجر من فمه الكلام جرا ؟! و كإنه ينطق دررا ثمينة ! تبا له ، اعتدلت بقدها لتتكلم عجلة : زين انطينياه ، إذا متصير زحمة

بـ سخرية وصلتها علق : لا عيني رحمة !

رفعت حاجبيها صدمة من اسلوبه الوقح ، ليعقب بلا اهتمام : بس مو هسة فد دقيقتين و اخليه يخابركم

فقط ، قال جملته و اغلق الخط ، وسعت مقلتاها غير مستوعبة ، ليصلها تساؤل والدتها بجزم مرتاح : ها ماما عمر يمه ؟

هزت برأسها موافقة لـ تغص بـ سباب كادت تنطقه بحق ذلك المسيحي غريب الاطوار ، تعسا له قد ازعج مزاجها ، عقدت حاجبيها لتتكلم مقتربة من والدتها بعد ان وضعت الهاتف على الطاولة : يقول شوية و هوة يخابرنا
ماما تكسر ظهرج ، خلي نحط راسها على الميز ' الطاولة '
بس اريد افتهم هية ليش هيج متقدر تتحرك !

همهمت اللين بـ هذيان مشتت ، لتبتعد قليلا عن بطن حماتها ، و فجأة و كأنما عاد لها وعيها فـ شهقـت هواءا لداخل صدرها ثم سعلت بـ تكرار ، لما لاحظت الحنون بأنها استيقظت و امسى جسدها متماسكا حررتها لتحادثها مهتمة : ماما قومي غسلي وجهج و اكليلج لقمة رح يجي علي ياخذنا للطبيب

لم تتحدث ، بل شردت نظراتها في الفراغ و بدون سابق انذار هطلت من مقلتيها الادمع ، فـ هبط قلب حماتها قاع الارض ، حاولت الاستفهام عن سبب هذا البكاء المرهب بحنيتها المعهودة : إسم الله الرحمن عليج امي شبيج انتي اليووم ؟ فهميني شبيج

جرت نظراتها عنوة لتهمس بـ حلق متوجع : عمـ ـ ـر

جلست ام عمر بـ احد المقاعد قبالتها ، و أتتها ميس بعلبة المناديل متحدثة بـ توتر : لينا شبيج يمعوودة عمرر مابيه شي هسة خابرت الن و طلع يمه والله لتخافين

تغاضت عن المناديل و استخدمت اناملها لتكف دموعها متمتمة بـ رجفة : كذاب ، ألن كذاب ، عمر موو زين اني شفته !

لتمد ام عمر يدها نحو العلبة و تسحب ورقتين من المحارم و تقوم هي بمهمة دفع البلل من على الوجنتين ، لتصر بصوتها قلقة : لينا يوووم لتسوين هيجي بنفسج و تخرعين امج ، امي ما اتحمل هالبجي منج فهميني شنو قصتج ؟

ظلت تنهمر دموعها لتهمس : خالة هسة حلمـ ـت حلـ ـم مو زيـ ـن ، عمـ ـ ـر مو زيـ ـ ـن ، شفتـ ـه يكسر بييض و يبجييي دم ، و اني لابسـ ـة اصفـ ـر و اضحـ ـك ، خالـ ـة اخاف يصيـ ـ ـر بيه شـ ـ ـي
والله ما اتحمـ ـ ـل بعد ، اخااااااف عليييه ، ما اقـ ـدر اعيـ ـش اذا صـ ـارله شي واللـ ـه

وجدت ميس دموعها تنساب بـ غزارة اثر كلام لينا ، و قلبها ينقبض لا اراديا ، لا يعقل أن يكون الن كاذبا ! يستحيل ذلك ، يا إلهي !
بلا شعور رفعت الهاتف مجددا لتأخذه بسرعة مغادرة المطبخ لتتوجه نحو الرواق بخطى متعثرة ،
ما إن عاودت الاتصال بذلك المزعج ، حتى جاءها الرفض بـ إسلوب وقح ! ودت لو كان امامها لتقتلع عينيه غضبا ، إنهم يشتعلون قلقا و هو يتكرم عليها بـ سخافة افعاله ، كررت المكالمة ليرد هذه المرة ، و لم ينتظر منها حديثا بل بادر هو بقول مكلل بالضيق : قتلج شوية و يخابركم هوة ، الاثوول نازل من السيارة و ناسي السويج ' المفتاح ' والتليفون بيها و هسة هوة يم الرجال ديشوفلهياه و تأخروا لأن شكلت ' علقت ' مدتنفتح

لم تحتمل ان تكتم ما بها من رعب ، فـ تحدثت باكية : الله عليييك قول الصدق ألن .. عممر شبيه ؟

شعرت بـ أن الصدمة الجمته ، فلم يتوقع ان تبكي اخيها قلقا ، و تغير إسلوبه البارد ليحاكيها بـ روية وهدوء و لكن ليس كما السابق : و الله مابيه شي ، ميس شبيج ؟ مو دزيت رسالة للينا و قلتلها ترجع لإن عمر ميروحلها مقلتلكم ؟

همهمت بذات النبرة : لأ .. مـ وصللها شي

صمت قليلا ثم همس بـ نبرة غريبة دغدغت شيئا ما بها : زين لـ تبجين

لم تستطع النطق بشئ ، و هو ايضا ، إحتاج دهرا على ما يبدو حتى اردف : اذا ممصدقتني هسة اصيحه ' أناديه ' ، انتظري !


؛

اما في المطبخ فحالهما ما زال متأرجحا ، تنهدت الحنون بـ تفكير قلق ، هذا الحلم يحمل تبعات مخيفة ! يبدو والله اعلم ان اللين تعاني من مرض ما ، و عساه ان يكون شيئا بسيطا يا رب ، لن يحتمل ولدها أن تصاب حبيبة عمره بـ وخزة إبرة ، لن يبكيك دما يا صغيرة بل سيبكيك عينيه فـ قلبه و ربك الاعظم ، سيفقد نظره لو أصابك مكروه !
كان واضحا لها رهاب الفقد الذي تعانيه كنتها ، فمن مثلها قد اعتادت على الاوجاع الغائرة بـ قلبها بسبب غياب الرجال ، فـ والدها و شقيقها ومن ثم علي و الآن صارت اعصابها على شفا الانهيار عند ابسط موقف ، لذا كانت هي الاكثر توترا و رعبا منها و ميس ، لأن ما بها من خوف قد عجن مع خلطة الاحاسيس !

حاولت التخفيف عنها بجمل رتيبة مجهدة : ماما كافي بجي والله مابيه شي ، هسة الن خابر

لتفاجئ ام عمر بإستقامة الشابة بعجل : ألللن كذااا .. آآآآه

فقدت توازنها لتخر ارضا على ركبتيها و لم تستطع حماتها اللحاق بها ، مالت نحوها بسرعة لتحتضنها كي لا تميل يمينا حيث المدفئة و صارت تنادي ابنتها بفجيعة و هول الموقف يبس الدماء برأسها : مييييس ، وج ميييس تعااالي لحقييني بسرررعة ، ميييس

حضرت الاخيرة راكضة و الهاتف يتوسد أذنها لتصرخ مرتعبة من الحال : هاااي شنوو ، عزززة ماما شبيهاا لينا

ليصلها زئير حاد من عمر عبر الهاتف : لينااا ؟ مييييس شبيهاا لينااا فهميني ؟

بتوتر نطقت سريعا : ما اعرف عمر ما اعرف ، تخربطت مية مرة تعال بسرعة عوف السيارة طبهااا مرض

رمت بالهاتف بلا ادراك على الطاولة لتأتي فترفع بالمدفئة ثم تبعدها عن الانحاء ، فـ تأتي والدتها لتتعاونا على جسد لينا الهزيل ، مددتاها ارضا على السجادة العريضة ، ثم اتبعت تعليمات أمها بإحضار كأس الماء لـ رش وجه هذه الشبه ميتة ! إنتفضت لـ شعورها ببرودة السائل و عاد لها القليل من وعيها الغائب ، فـ صدمتهم بـ شهقة عالية اعقبتها بـ صرخة مرعوبة : عمممممر ، عمممممماااررر

تلقتها والدته بسرعة في احضانها لتصرخ هي الاخرى بميس : خابررري اخووج خلي يجي بسرررعة البنييية رح تتخبببل اذا متشووفه هسة ، بسرررعة خلييي يجي دقييقة ليتأخر

نفذت ميس امر والدتها ، ليخبرها شقيقها بأنه آت ، ثم يستفسر عن تفاصيل حال حبيبته وهو يكاد يفقد صوابه لشدة توتره !






؛





لا يعلم ما سر هذا النهار ، حدث به كل اللا متوقع ،
يخاف جدا أن يكون قلقه على صحة أخته بمحله ، برغم إن والدة عمر كانت هادئة بمكالمتها إلا إنه لا يشعر بالإطمئنان حتى الآن ، هنالك غرابة ما ! فكيف بالاحمق عمر ألا ينتبه لتردي حال زوجته ؟ كيف لم يهتم بـ تقلباتها التي ادركها هو حالما رآها ؟! تبا له الغبي ،

كان الطريق عسرا قليلا حتى عاد لمنزل صديقه ، فإتصل على هاتف اخته لتجيبه ميس ، فـ أخبرها ان تخرج والدتها و اخته و لكنها طلبت منه الولوج فـ لينا فاقدة لوعيها تماما ! إرتعب ، ليترجل من سيارته مسرعا و يكاد قلبه يهوي قبل قدميه ارضا ، يا الهي ، إنهم ينهارون ! شجرة عائلته تساقطت بأوراقها ، لا يحتمل فقدان أخر ، اخذ عكازه و كانت حركته بطيئة بسبب الارضية المليئة بالمياه ، فـ كان من الصعب عليه الإسراع لئلا ينزلق بعكازه ، فتح الباب الخارجي بنفسه ليدلف متوترا ، و ازداد توتره بعد أن فوجئ بوجود قطة مزعجة تقترب منه لتلتف حول قدميه ، و كادت ان تسقطه حينما دفعت بجسدها العكاز ، شتمها بغيظ ، ليستغفر ربه جهرا و يحاول ان يتلافى دهسها بطريقه ، قبل أن يصل باب المطبخ رفع صوته معلنا وجوده : عممممر .. عممممممممر

فتح الباب لتظهر من خلفه ميس بحجابها فتشير له ليلج قائلة برعشة صوت : تفضل علي تفضل ، هياتهة بالمطبخ

تمتم بـ غيظ و حركته مازالت مقيدة بسبب القطة : شنو هااي البزوونة منيلكم ' من اين لكم ' ؟ تعاالي وخريها رح اجعصها ' أدهسها '

لـ ترتعب تلك بعفوية فتصرخ عائدة الى المطبخ : ماا معلييية عندي حساسية منها والله

شتم مجددا ، ليعود فيستغفر ، و هي طريقة جديدة يحاول بها السيطرة على ' وقاحة لسانه ' ، دلف المطبخ بعد عناء ، لتحرره المزعجة ، و بدلا منه تتوجه راكضة نحو الجسد المستلقي ارضا فترتمي على بطن اخته و تلاصق وجهها بمحاولة لـ إيقاضها ، جمد الدم بـ عينيه ، لم يعد يرى ، ما بها احيلت لجثة هامدة ؟ أتود أن تفقده عقله ؟ أ تظن بإهماله لها أنها لم تعد من اهم اولوياته ؟ غبية ، هذه الفتاة غبية ، لم اوصلت نفسها لهذا الحال ؟ لم لا يهمها امرها ؟ إلهي ، لا تفجع قلوبنا ، أتوسلك !

استوعب حاله الابله بمناداة والدة رفيقه له : علي يووم تعااال ساعدني خلي نشيلها
و مييس جيبي ربطتها ' خمارها ' عالميز يمج ، و تعاالي وخري البزوونة .. هاي وكتهاا

: ماا اقدر ماما انتي وخريها اخاف والله

تدخل هو بعد ان وصلهم و ركن عكازه جانبا : خالة وخريها إنتي .. بس خلي اشوف شبيها اول شي ، بس فهميني شصارلها فجأة وقعت ؟ شنوو مماكلة صار جم يوم لو شنوو ؟

بـ صعوبة ابعدت القطة عن لينا و ظلت تحملها رغم إنها لا تطيق هذا و لكن إن افلتتها ستعود لأحضان النائمة بهدوء الأموات ! : لا والله امي تاكل ، صدق قليل بس تاكل .. بس هية صارلها فترة تدوخ و راسها يأذيها و مرات تستفرغ ! حتى عبالنا حامل بس طلع لأ

همهم بـ شئ من قلق : زين ليش مـ راحت طبيب من وكت ؟ زماالة هية

: أمي اختك عنودية .. متعرفها قابل إنتة ، والله صارلي كوومة اقوللها روحي و تقول ما بيها شي

جلس على ركبتيه عند اخته و صار يتفحص مقلتيها و حركة بؤبؤيها ليتأكد بعدها من مواضع النبض بها ، لتجذبه رجفة يدها من المعصم ، فتحدث مقهورا منها و عليها ! : هااي الكالسيوم هابط لازم مغذي سرييع

بصعوبة فائقة إستطاع حملها ، ذراع تحت ظهرها و أخرى اسفل ركبتيها ، ليحادث ميس بشفتين مزمومتين : ميس تعالي لبسيها الربطة و روحي فتحيلي البيباان بسرعة

و إثر صوت عطاس ميس المستمر قرب اذنيها إنتفض جسدها بين ذراعي اخيها ، لتتمتم بـ هذيان : عممـ ـممـ ـر !











.
.
.







نامت على أجفاني الغافيه

تذيع بين الصمت أحزانيه
ذوبتها

من مهجة ذوبت في لجة من نار آلاميه

عصرتها من أمل خائب

كزهرة ديست بأقداميه

…… حتى التي سقيتها

مهجتي

غمامة

باحت بأسراريه

*

يا دمعتي الليل قد خيمت أشباحه

في غرفتي الباليه

لله

خليني إلى وحدتي

أبث للشمعة أشجانيه

فشمعتي شاعرة طالما

غنت لي النور بأجوائيه

تشكو لي النار

وأشكو لها

نارا

من الحب بخفاقيه

تصارع الليل فما ينتهي

كأنما الظلام

أيامه

صفراء في اللون كطيف التي

وهبتها العمر

وأحلاميه

يا شمعتي …

أمسّك الضر .. أم ..

سرت بأحشائك أدوائيه .. ؟

أم هذه الصفرة

من وجهها تذكرة

تلهب أشواقيه … ؟

يا شمعتي …

ماتت عهود الهوى

دفنتها في ليل اوهاميه

لم يبقى من حبّي

إلا الصدق

مشوش

يرثي

لآماليه


بُلند الحيدري












عداد القلب إقترب من الإنفجار ، يتحرك راكضا بين اروقة المشفى ، يكاد عقله يزيغ لما وصله ، ما بها تلك الحبيبة ؟ بئسا لتلك السيارة التي سببت بتأخره و وجعها بعيدا عنه ، يا رب ما بالها ! لا يحتمل بها فجيع قلب ، لن يحتمل .. يعلم هو بأنه أخطأ بـ إهماله لها ، و لكن ما يفعل لو كانت هي ممن يكابرون بألمهم ؟ تبا ، لعنة الله على الشيطان ، ما حدث قدر قد كتب على جبينهما ، و لكن عسى أن يتوقف الامر ها هنا ، بلا مضاعفات ممزقة للروح

لمح من بعيد علي واقفا يحادث أحد الاطباء ، فـ حث خطاه نحوهما و قلبه يقطن بـ وسط الحنجرة ، حالما وصلهما تبين ملامح رفيقه الصلبة تعبس بـ غيظ ، قطع حديثهما بتحية سريعة ، ليسأل علي عجلا : ويين لينا ؟

فـ رفع علي حاجبه كمن يلمه صامتا ، و ادار وجهه بعيدا ، ليسأله الطبيب بـ إستغراب : انتة زوجها ؟

ابتلع ريقه بـ جفاف و بهزة رأس خفيفة اجابه ، ومن ثم تحدث هامسا و نظراته مصوبة نحو علي بجدية : عليييي وييين مرتي ؟

عقد الاخر حاجبيه ثم اشار بذقنه نحو احد الغرف ، ليتحرك عمر بـ خطى متزنة ، غير موزونة نحو ما أشار ، ليرى بأن الغرفة تحوي أكثر من سرير ، و بها مريضتين ، و لا أثر لمحبوبته ! إلتفت نحو الصوت المنادي له ليجدها ميس ، و تفاجئ من عمل عينيه المتدهور ، كيف لم يراهم ؟!
حث خطاه حيث هم ، لتفسح له والدته و ميس المكان فيجلس على طرف السرير محدثا والدته بـ قلب ملتوي وجعا : شصار يوم ؟

إصفرار وجهه دعى الحنون لتشد على كتفه و نظراتها مصوبة على كنتها الغافية : وقعت علينا لاحس ولا نفس ، يوم انتة شلون متنطينا خبر رادت تتخبل من تأخرت ، حلمانة بيك حلم مو زين و قلبت الدنيا بجي و خوف عليك ، إنتة مو تعرف بالبنية تخاف شلووون متطمنها ؟

نعم أعلم ، و الله اعلم بأنها تتمزق رهبة من الفقد ، و لم اتوقع أن افتق جراحاتها بنفسي ، تبا .. و لكن يا اماه ، أنصفي تأنيب قلبي لي بربك ، هل جنت بغيابي لـ كابوسا رأته ؟ أ كرر على حبيبتي الخوف كما حدث عند غياب اخيها و رعبها من حلم إحتراقه ! تلك الليلة ، آه عليها ، كم تدللت و تملكت و تجبرت ! محبوبة فؤاده تعتاد الكتمان و تهواه ، و إنفجاراتها العاطفية لا تأتي سـوى عند ارتفاع صافرات الانذار بقلبها الحبيب متوجسة حرب ضد النفس ، و كإنما هي تقتات على الصبار لتتشبه بالجمل ! فيقال بأنه بـ فقدانه المرارة يزداد صبره .. و لكن لينه لها مرارة تؤلمها إن طال الكبت ، تؤلمها حد البكاء ، ليتها تفصح قبل أن يفوت الاوان على قلبها الرقيق ، ليتها تتنازل درجة واحدة عن صبرها

زفر بـ تعب ثم أمال برأسه قليلا نحو والدته ليجيب هادئا : قلت لـ ألن يخابركم بس هوة اثول
شقال الطبيب ؟

هذه المرة تحدثت ميس الواقفة على الجانب الاخر من السرير : إاسأل علي ، همة بس حطولها مغذي و هسة راحوا برة ، مندري شكوو

هز رأسه بتفهم ، ثم لامس كف الحبيبة ، ليميل نحو أذنها فيهمس بخفوت و قلبها يتهادى بين الانين و الوجع : حبيبي ؟ لين .. حبيب عمر اقعد

شعر بأنفاسها المنتظمة تتعالى بتبعثر ، طبع بسمة خفيفة على ثغره ليقبل جانب خدها برقة ، فوصله صوت ميس بمناكشة لطيفة : عمرر عييب الناس دتباوع علينا

إعتدل جالسا ليعلق بذات البسمة : مرتي و حبيبتي شعلية بالعالم ؟
ليعيد تركيزه نحو الجميلة فيحدثها بهمس خافت و انامله تداعب اناملها الرقيقة : ي حلووو أقعد ، لين قوومي هيااته عمر يمج

همهمت بحاجبين مرتعشين و مقلتاها تنكشفان من تحت الجفون : عمـ ـر ؟

حبست انفاسه بتلقائية ، لينطق بعد تنهيدة : عيون عمر الإثنين

مال نحوها مجددا ليقبل جبينها بقبلة طويلة ، و يده تضغط لا شعوريا على كفها و كأن به يعاقبها على خوف كاد يفتت به الاضلع ، ود لو يختفيان ليعصرها به ، و الله شعر بقلبه يختفي من الصدر كما طائرة تمر فوق مثلث برمودا ، يختفي من دون اثر و لا منطقية ، فتلك ظاهرة طبيعية إحتار العلماء في الكشف عن مسبباتها و عن تفسير منطقيتها اللا منطقية ! و هو ايضا لا يزال حائرا بوصف جنونه الازلي بهذه السلطانة ، و يا لـ وجع قلبه في ألمها ، يالـ جحود اعضاءه ، و يالـ سقم اعتراضاته عن ذاته
هكذا هو حال فؤاده الملكوم في الهوى بدونها ، لـ كم اشقته هذه الشقية ظلما و طغيانا ، لم يرتح حتى الآن و لن يهدأ بال قلبه حتى تعود لتتوسد مخدع قلبه بـ صحة و عافية ، ما زال الخطر يفوح برائحة نتنة فيزعج حاسته الشمية ليستنفر قهرا ، يا رب إلاها ، يارب لا ترد وجع من ظلمتها بـ هذه الحبيبة ، يا إله السماوات خذ مني عمري و لا تمس اميرتي بسوء ، إقتص من عمري سنوات و لا تغيبها عني للحظات ، أعلم بأن هنالك من ادين له بـ ثقب في القلب ، ثقب لابد أن احصل عليه عاجلا ام اجلا ، و لكن مساس اللين بـ مكروه لن يبقي من القلب شيئا ، سينهيه محله ، ليأكل نفسه حسرات و يضرب اضلعه بـ أعمدة ضخمة حتى يفتتها و يدهس ماخلفها من سجناء طلقاء !

علقت ميس ضاحكة لـ تبتر الاجواء الرومانسية بغير ذي وقتها : عممممر لوو تشووف شصاار بيهاا من ورااك والله تتخبل ، مية مرة تخربطت و كلما تقعد تبجي وتصييح عمممر

اعقبت جملتها بضحكة قصيرة ، و والدته ابتسمت بحنية ، لتميل هي الأخرى نحو كنتها فتهمس قاصدة ولدها : والله ميس اول مرة تسوي شي صح ، قلتلك شصار بهالمسكينة من ورة اهمالك

غص بقلبه في الحنجرة مرة اخرى ، جاهد ليحافظ على إبتسامته و ما زال القلق يداهمه بجيوشه المستعمرة ، يغتصب اراضيه و يعتدي على حرمات قلبه المتعب ، زفر هما ليعلق بـ ضيق استفحل على بقية المشاعر ، ما عدا القلق ! : يوم والله مو مال لوم هسة ، بس أريد أفتهم شصار بالضبط ؟

تكلمت ميس بحماس صبياني مستكينة على الجانب الاخر من السرير : أني اني اني احجيييلك بالتفصيييل

زجرتها والدتها بهدوء : مييس مو هنا يووم انتظري نرجع للبيت و اخذي راحتج احجي مثل مـ تريدين

انزعجت لـ تردف مستميلة قلب شقيقها : عمممر شووف ماما ، ترزلني لإن افرح قلبك بـ أخبااار خرااافية

بضحكة باردة اجابها ، ليقرص أناملها الحبيبة بـ خفة ، ثم حدث ميس بـ شقاوة خفيفة : احجيلي بللا ،

لتتحدث الشقية بـ فرح باسم : شوووف عيني ، أوول مجتي من الدوام اني جنت نايمة فووق ما اعرف ، بس نزلت من ماما صاحتني و جااان اشووفلكياهة قاعدة عالكرسي بس متخربطة وماما حاضنتها حتى لتووقع ' تسقط ' !

هرب النبض منه ، ليدير رأسه حيث والدته تقف يمينه ، لتبتسم الحنون معلقة : أمي صارت زينة هسة الف الحمد لله و الشكر ، شوفها

بصمت اعاد نظره لـ شقيقته حينما إسترسلت : و بعديين فجأة قعدت ، تبجي و تقوول عمر ويينه .. نقوللها والله يم الن تقول الن كذااب مو يمه ، وهوة مو زين اني حلمت بيه ، و عمررر لو ساامع الحجي الي قالته ، كللله اني ما اقدر اعيش بدوونه و اموت اذا صاارله شي و بجـــي !! يعني والله مـ تصدق هاي لينا

بل يصدق فـ إنهيار سابق لـ حصون التماسك قد حدث مسبقا بسبب كابوس أخر يخص اخيها ، و لكن يومها كان معها ، إحتضنها و امتص منها بوادر الرعب ، اما الآن فـ رعبها تكتل به ؛ و تكاثف فوق سقف غيابه ، ليمطر على قلبها الحبيب بـ شراسته ، فيفيض بها الوجع .. و هو غائب !

إستقام من مكانه ، ليقول مقاطعا ما تنويه شقيقته من بتر نياط القلب بغير نية : ارووح أشوف شقال الدكتـور

و قبيل أن يحرر أناملها نطقت هي بـ إرتجاف ، و هدبيها ينفرجان ببرك دمعية : لأ ، لـ تروح

شد على يدها ليميل فيلثم جبينها مجددا و فؤاده يقرع بـ طبال كليلة عرس شرقي ، و لكن عرس الافئدة بائس و متزلزل القوى ، همس قرب أذنها و أنفاسه تضطرب بلهاث و كإن بـ أحد مجرمي المافيا يلاحقه : حبيبي هسة راجع ، بس اشوف الطبيب ، و نطلع لبيتنا .. مـ رح اتأخر والله ، ماشي ؟

: لأ ، لأ

اغمض عينيه غاضا ببصره بـ صبر تجاوز الصبر بعد أن لمح إرتجافة ثغرها الباهت ، يود الإختلاء بها بشدة ، يعلم بأنها تحتاج أن تجاور الاضلع به ، و لكن لا حيلة له و هم يضعونها في سرير بـ ردهة مشتركة ، آه و ويل و الف ويل لـ فؤاد يتلكأ بهواه و صدمته ، ليتني لم أبصر فيك هذا الضعف يا أميرتي ، ليتني لم أتغلغل بك و أنفذ الى أبهرك فالقلب بخط سير يعاكس الدماء فـ أسقطك عند أول رحلة من القلب بعيدا ، يتآكلني المرض بك و أنا آرى جسدك هنا ، اللين ، لن أحتمل بك ضعفا و لا ألما ، لن أحتمل بك هذا الشحوب فـ تماسكي بحق ربنا العظيم ، تماسكي من أجل حياة يطمح لها قلبينا ، يحلمانها ليلة ، أنا بائس ، آراك و أشعر بدبيب ارجل غزاة القلق فـ أبتئس ! أدرك بـ أن هنالك شئ يتجاوز على صحة جسدك الحبيب ، أدرك بأنني أحمق لإهمالي إياك ، و الإنصات لـ نفيك المستمر أن تكوني تعاني من شئ ما ! محبوبتي ، ثمرة سنين الحرمان و الفقر ، فلاح الصبر ، و غنيمة الحروب ، سألتك بالله لا تذبحيني بك ، فـ مالذي سيحدث لـ عمر إن أصابك مكروه لا سامح الله !
لست اتشاءم الآن ، و لكني أخاف عليك بقدر خوفي عليك ! أتفقهين قولي ؟ أتدركين ان لا مهم يعتلي عليك ، أتعلمين بـ أنك قاربتي من مساس عشقي لسلسلة الكفاح ، قرة عيني حنان الكون و جنة الله بأرضه ، بعد أن إخترقتني كمن سائل له قدرة على النفاذ بمسامات الجلد و الوصول عجلا للدورة الدموية و منها الى الدم تودين تعذيبي ، ظلي بي و سـ أشتري صحتك بـ نظري ، فقط تماسكي يا سلطانة الدهر ؛ أرجوك !

إبتعد عنها بـ حشرجة انفاس ، و بـ عينين متلهفتين صار يراقبها و كفه تجر بالستارة المثبتة حول السرير الكريه ، ليخلق له و عائلته وضعا خصوصيا ، و حالما انهى عمله ، مال عليها مجددا ليقترب من جانب عينيها هذه المرة فيقبلها برقة و حنان ، و اعقب حركته بـ همس متوجع : ياريتني بمكانج ، لج قومي ترة ما اتحمل

لم تجبه ، فيبدو إنها عادت لتغرق بـ سلطان اخر ، إبتعد ليفرك جبينه بغضب ذاتي ، و يكاد يصلب جلده عقابا ، شعر بـ يد والدته تتوسد ظهره ليلتفت نحوها بـ نظرات غائمة بالهم ، ظلا يتحادثان صمتا و كلاهما يدرك بأن الـ نار إقتربت ، و صار قوتها اجسادهم ، لتقاطع حوارهم البائس ميس متعجبة : إنتوو شبيكم ؟ عمرر ترة ما بيها شي والله ، هواية ناس يتخربطون من ورة السكر لو الضغط لو اي شي و عادي يقوموون ، إنتو ليش مكبرين الموضوع عبالك البنية مدري شبيها !

كان قد ادار رأسه مع والدته ينصتان لها ، و ما إن اكملت موشحها هذه المرة تحدثت الحنون و هي تضغط على كتفه : إن شاااء الله يوووم إن شااء الله ماكو شي و حجي اختتك صدق
عمر ، امي و ابوية انتة لتخااف ، أبقى إدعيلها و ان شاء الله الله يقوملكياهه بالسلاامة

عادت الصغيرة لتتدخل وهذه المرة بـ صدمة : يمعودييين صدق كذب ؟ قولوا يا الله ، شبييكم و الله خوفتووني حسستوني اكو شي تعرفوه !

لم يجيبها احدهما ، و تحرك هو مغادرا تلك الخلوة المؤقتة ، ليترك الردهة و بداخله يشعر بأنظار النسوة تراقب ' زوجا يعشق زوجته !!!! إذن لابد إنها سحرته بشئ ما ! ' فهذا منطق الحب في شرقيتنا ، هم يرونه ضعفا رغم إن أطهر الخلق و أكرمهم عليه الصلاة و السلام كان من أكثر الرجال رفقا بـ نساءه و حبا ، !

قابل علي في الرواق ، يقف من دون عكازه ، و رأسه مطرق يتابع شاشة هاتفه و الغضب ينفخ رأسه و ينتشر حوله كـ هالة من نار ، إقترب منه بـ فتور اعصاب ، و رفع الاخر رأسه حالما شعر به ، و إزداد تجهمه عندما رآه ، فـ بادر هو بالحديث : شقال الدكتور ؟

عاد ليعبث بهاتفه مجيبا بـ شرود : بعد مـ يدري ، لازم تحاليل و اني اريدها تسوي ..... مفراس !

أغمض عينيه مستقبلا لكمة على خد قلبه ، لكمة عصرته و اسالت به الدما ، لكمة أوجعته حد الصراخ صمتا ، هذا ما كان يخشاه و ترتعد له فرائصه ، أن يكون لأعراضها مسبب خبيث ! لا سامح الله ، تبا لم لا ينفك ان يفكر بهذه السوداوية ، عليه التفاءل بالخير لعله يجده بإذن الرحمن ، يكفيه غرسا لـ بذور اليأس و الإبتئاس به ، يكفيك يا عمر !
إستطرد علي بـ زفرة غيظ تخفي خلف جمودها كتلة من قلق محترق : هية مـ قعدت ؟

بـ حلق جاف اجابه و عيناه شاردة و ذهنه مرتحل حيث كوكب البؤس مجددا : بس رجعت نامت

و كإن بالاخر قد شعر بـ رحيله ذاك و مغادرته لعالمهم الواقعي ، فـ وجه اهتمامه له ، ليكمل : مـ خلص المغذي ؟

: بعد

: زين خلي ناخذها لـ .... أكو طبيب كولش زين اعرفه هناكة ، حتى رأسا يكتبلها تحاليل و مفراس ، لازم نفتهم القصة بسرررعة ، هنا الشغلة تطوول

هز رأسه بضياع و بـ قلبه نبضات تضيع و تفتقد بين اكوام مهولة من الفزع اللا ارادي ، إن كان ما يخافانه هو و اخوها صحيحا ، ستصير حياته جحيما دنيوي ! سيصير قلبه موقد ملئ بالحطب المظلع ، سيصير جسده خواء ، سيموت حيا ، سيموت حيا يا لينه !


ما حيلة القلب ان كان حزنه قدرا
ما زاره الفرح يومين الا غادرا




؛



لم يُنْجِ مِن قََدَرِ الهوَى

إلا الذي قد أرسَلَهْ

يا مَعشرَ العُشَّاقِ

أفتوني بهِ

نُعطي القتيلَ ملامَةً

أم قاتلَهْ ؟

قالوا : بَحثْنا المسألَةْ

يَبقَى على الاثنينِ حُكمٌ واحدٌ

فكلاهُما قد كانَ يَحرصُ

أنْ يُعانِقَ قاتِلَهْ




عبد العزيز جُويدة





غادر اخوها موصلا معه والدة رفيقه و شقيقته ، و تاركا العروسين بمفردهما ، عروسين !
نعم ما زالا عروسان ، و جاءهما عقاب لفعلة فعلاها بحق أنثى غبنت ، يبدو إنها أحتسبت لـ وجعها كثيرا عند ربهم العادل ، أوجعه قلبه لذكرى تلك المنكوبة ، و مزقه لـ رؤية هذه الحبيبة تستكين فوق الأبيض بـ سكون المرضى ! جلس على طرف السرير مداعبا لـ أناملها بشرود ، و كل ذي لحظة يسرق منها قبلات متفاوتة المواقع ، يناكشها علها تستيقظ و توقض به القلب المتردي حاله ، و لما فرغ دورق الصبر لديه مال عليها بنية رؤية عينيها ، قرص خدها بخفة متمتما : لينااا ، حبيبي قعدي كاافي نوم .. تنبل ' تقال لمن ينام كثيرا ' ، دقعدي عاد رح ابسطج ' أضربج '

تمللت و بسمة صغيرة رسمت على ثغرها المتيبس ، فـ بادرها بـ تبليله حتى شعر بـ نبض فؤادها ينتقل له عبر أوردة الثغر فيبتلعه ، لتباعد بين جفنيها بإبتسامة حلوة و حاجباها يتعشقان حرجا : عمـ ـر وخـ ـر

إبتعد لإنشات فقط ، و ظل يحاورها بأنفاس لاهثة ، ليقبل اسفل خدها ثم يهمس فيدغدغ بشرتها الباهتة : عمري شسويتي بية ؟ هسة تقدرين تقومين نروح للطبيب ؟

: هممم ؟

داعب خدها ثم ادخل خصلة شعرها المتمردة من تحت الخمار ، ليهمس : تدرين إنتي رح تخبليني ؟

غصت بخجلها لتحاول إسكاته خوفا من ان يفتضحا بين الملأ : عمـ ـر كافـ ـي هسة يفوت علينا احـد

قبل ارنبة الأنف الشامخ بعزة و إباء ، ثم عضه بخفة ليردف : ليش انتي بقيتيلي عقل ، لينا لخاطر الله ديري بالج على نفسج

بغنج رمشت فـ ناكشته مجددا : إنتة دير بالك علية و بعد لتخوفني هيجي

ابتلع لعابه ليبتعد عنها قليلا ، هذه القطة المدللة تقدم له نفسها على طبق في نهار صيامه و تتحداه ان يتذوقها ليفطر !
زفرت فإستنشق بـ هيام ، لتبتسم بخجل من حالهما المجنون ، ثم تستعيد ذاكرتها كاملة ، ليتغضن جبينها و تنوي العراك وهي تدفع صدره بأطراف اناملها : إنتة عوود لييش تأخرت ؟ لييش مـ خابرتني ؟ وقفت قلببي

لثم فيها مجددا بغير ذي صبر ، ليهمس هادئا مثبتا يدها على موضع قلبه و تكاد اناملها تحيل لسائل لزج : قتله لألن الاثول ينطيج خبر ،
أردف مقبلا باطن الاصابع ليعيد كفها حيث مركز النبض فيه : سلامة قلبج الي وقعته يا روح عمر ، بس ترة اني من عرفت بوقعتج قلبي ضيعته ما ادري وين ، تدرين إنتي ؟

رمشت بإرهاق و ابتسامة رقيقة تلوك بفمها : إي ادري ، هياتة ' هذا هو ' ، بس ما انطيكيااه ، صاار مالتي خلص

و بنظراتها اشارت لـ صدرها حيث القلب ، فإزدرد ريقه خوفا من ان يفقد قلبيهما معا ، ليتحدث همسا جديا وهو يعتدل جالسا : لينا ، قومي كافي خلي نروح للطبيب بعد ما اتحمل

بـ شقاوة و دلال معشوقة نطقت لـ تمسح من على وجهه تلك الجدية المزعجة : ما اقــدر ، ساعدني

علم ما بها ، و لكن مجرد التفكير بفقدها يصيبه بالفزع ، فينسى نفسه ، استقام واقفا و بحركة سريعة حملها ليضع اقدامها الحافية ارضا ، و هي متمسكة بـ عنقه و ملاصقة له ، ودت لو يغرسها به كما العادة و لكنه فاجئها بـ أن تركها ليقول صارما : عدلي ربطتج ياللا خلي نروح

: عمر شبيـ ـ ـ

فرك رأسه بكلتا يديه ليعلو صوته بلا شعور : بعد ما اصبر ، إمشي خلي نشوف شبيج حجي المستشفيااات مـ يوكل خبز





.
.
.



نهاية الإدانة الـ سآدِسةْ عَشرْ

حُلمْ









 
 

 

عرض البوم صور حلمْ يُعآنقْ السمَآء   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
أبرياء حتى تثبت إدانتهم . للكاتبة حلم يعانق السماء, لحنا, منتدى قصص من وحي قلم الأعضاء, اأبرياء, الشلام, العراق, تثبت, حلم, روايه عراقيه ., عمر, إدانتهم, قصص و روايات
facebook



جديد مواضيع قسم القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t174653.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
‫ط´ط¨ظƒط© ظ„ظٹظ„ط§ط³ ط§ظ„ط«ظ‚ط§ظپظٹط© - ط£ط¨ط±ظٹط§ط، ط­طھظ‰ طھط«ط¨طھ ط§ط¯ط§ظ†طھظ‡ظ… ..‬‎ - YouTube This thread Refback 14-09-14 01:34 AM
ط±ظˆط§ظٹط© ط£ط¨ط±ظٹط§ ط­طھظ‰ طھط«ط¨طھ ط¥ط¯ط§ظ†طھظ‡ظ… ط§ظ„ظ‚طµطµ ط§ظ„ظ…ظƒطھظ…ظ„ظ‡ ظ…ظ† ظˆط­ظٹ ظ‚ظ„ظ… ط§ظ„ط§ط¹ط¶ط§ This thread Refback 17-08-14 02:24 AM
ط±ظˆط§ظٹط© ط£ط¨ط±ظٹط§ ط­طھظ‰ طھط«ط¨طھ ط¥ط¯ط§ظ†طھظ‡ظ… ط§ظ„طµظپط­ط© ط§ظ„ظ‚طµطµ ط§ظ„ظ…ظƒطھظ…ظ„ظ‡ ظ…ظ† This thread Refback 10-08-14 11:27 AM
ط±ظˆط§ظٹط© ط£ط¨ط±ظٹط§ ط­طھظ‰ طھط«ط¨طھ ط¥ط¯ط§ظ†طھظ‡ظ… ط§ظ„طµظپط­ط© ط§ظ„ظ‚طµطµ ط§ظ„ظ…ظƒطھظ…ظ„ظ‡ ظ…ظ† This thread Refback 03-08-14 11:52 AM


الساعة الآن 04:23 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية