12- سأرحل


ماالذي فعله بحق المساء؟
كان لازراو يزرع أرض البهو جئية وذهاباً , ويده على فمه بينما الموظفون يراقبونه باستغراب , استجمع غلين شجاعته واقترب منه سائلاً:
- هل أنت بخير سيدي؟
لم يجب عن سؤاله او حتى يسمعه ..فذهنه مشغول بكاتلين وما اصابها بعد مافعله بها.. وتراءت له صورتها وهي مسمرة في مكانها , بعد ان أهانها والحق بها الخزي... لكن ماالخطأ الذي ارتكبته؟
ألا انها تمنت ان يقع في حبها؟
ألا أنها كانت تحبه طوال هذا الوقت؟
كم كره نفسه عندما تذكر الليلة الأولى التي التقاها فيها .. تباً ...لو احتفظ بصورة لها .. لو كانت صورتها تظهر في المجلات...
منتديات ليلاس
كانت روكسان اشبه بأفعى سامة, تحوّر الوقائع وتغشي الحقائق.. مايجعلها مختلفة تماماً عن كاتلين .منتديات ليلاس
تماماً كما كان لازراو مختلفاً عن لوكا...فكاتلين رقيقة وجديرة بالثقة ! إنها كذلك فعلاً!
حتى انه وضع ثقته فيها ..إنها المرة الأولى منذ سنين طويلة التي يضع فيها ثقته في احدهم .. ويؤمن به .. ماأثار رعبه ...
- سيدي؟؟ هل أحضر لك شيئاً؟
لاحظ هذه المرة إمارات القلق البادية على وجه المدير.منتديات ليلاس
- كان مالفوليو يبحث عنه ..فقلت له إنك في المكتب.. هل ترغب في أتصل به..
- مالفوليو؟
وهرع نحو المصعد وراح يضغط على الأزرار بحدة .. كانت كاتلين تقول الحقيقة منذ البداية مايعني انه تركها وحدها برفقته.منتديات ليلاس
لم يشعر يوماً بأن المصعد بطيء الى هذا الحد إذا احس بكل دقيقة وكأنها دهر .. فتح الباب بيديه وقد تملكه الإحباط , وهرع ليجدها مرمية على الارض ومالفوليو فوقها فأبعده عنها بقوة ودفعه الى الجهة الأخرى من الغرفة... كان يدرك ان احدهم يسهر عليه في السماء لأن كل شبر من جسده طالبه بضرب مالفوليو ودق عنقه .. لكنه لم يفعل حتى لا يقتله...
ضغط بأصابعه على الزر الخاص بجهاز الأمن, واستغل تلك اللحظات القليلة ليستجمع افكاره, ويتأكد ما إذا كانت كاتلين بخير.منتديات ليلاس
منتديات ليلاس
وعندما رآها تجلس على الأرض وتضم ركبتيها الى صدرها , ادرك انه وصل في اللحظة المناسبة, التفت نحو السافل لمواجهته وتفاجأ كثيراً عندما تبين له ان الحقد لايملأ قلبه وحده فقد كان لمالفوليو حصة كبيرة ايضاً.
وراح هذا الأخير يصرخ والسخط ينبعث من عينيه:
- تظن نفسك الأفضل ..لكنكم مجرد أناس استغلاليين...
- اصمت.منتديات ليلاس
- تتخبتر في المكان أنت الآمر والناهي .. فتدين هذا.. وتشتم ذاك .. لا عجب في ان لوكا لم يحبك يوماً.

وصل رجال الأمن وعمّت الفوضى المكان لبعض الوقت قبل ان يطلب لازراو من الجميع الخروج على الفور, شعرت كاتلين بالامتنان الشديد لأنها لم تكن ترغب في رؤية مالفوليو ثانية.. يمكنها ان تدلي بأقوالها في وقت لاحق , لكن ليس الآن.
جلست على حافة الأريكة تمسح الدماء عن شفتيها , وراحت تراقبه وهو يقفل الباب ويتوجه نحوها.. فأوقفته بنظراتها قائلة:
- إنه محق.ريحانة
- كاتلين!
- كان مالفوليو محقاً في ماقاله.
- لا تفعلي..
- فالخطأ الوحيد الذي ارتكبته هو انني وقعت في هواك, وإذا بك تحول ذلك الحساس الطاهر الى شيء مثير للخزي!.
- دعينا لا نتحدث في هذا الموضوع الآن! أريد التأكد من أنك بخير... هل ألحق بك باستثناء الجروح في شفتيك؟
صرخت كاتلين قائلة:
- لم يلحق بي الأذى .. أو اقله ليس بقدر الأذى الذي سبته لي.. جعلتني اشعر بأنني رخيصة وخسيسة اكثر مما فعل مالفوليو.ريحانة
- آسف!
حاول ان يمسك بيدها لكنها ابعدتها...
- كنت عائداً لأقول لك إنني آسف!
- عدت بعد فوات الأوان!
ووقفت مضيفة :
- سامحتك مرات عدة لازراو..لكنني اقسم بألا افعل ثانية.. أقسم بأن أكرهك طوال حياتي.منتديات ليلاس
الأصدقاء كنز لا يفنى..
منتديات ليلاس
فعلى الرغم من انه كان مجرد زميل لها في العمل, اثبت لها غلين انه صديق وفي إذ حضر فور اتصالها به, ووضع ذراعه حول خصرها واخرجها من الغرفة , قادها بسيارته الى منزلها ثم استدعى الزمرة.. او مجموعة الاصدقاء الذين تجمهروا حولها كالفراشات , وشدوا على يدها مراراً وتكراراً مرددين لها ان لا ذنب لها في ماحصل وان حياتها ستكون أفضل من دونه....

نهاية الفصل الثاني عشر

13- مفاتيح اللغز


اسألي ابنة خالتك!
خلال الفترة المريعة التي تلي انقطاع اي علاقة ...حين يحاسب المرء نفسه, وينتقد ذاته بقسوة بسبب الخطاء التي ارتكبها , وإن لم تكن اخطاء بكل ماللكلمة من معنى بل مجرد تصرفات عفوية.. وفي الليالي التي يجافي فيها النوم عينيك, وتتصل بمجيبه الصوتي لتسمع صوته , وتعيد في ذاكرتك الاحاديث التي جرت بينكما في محاولة يائسة للعثور على مفتاح للغز, تمكنت كاتلين اخيراً من العثور على واحد , فقد سمعت للمرة الاولى في صوته , ليس تلك النبرة النابعة من صميم عذابة بل شيئاً من الاشمئزاز وهو يبعدها برقة قائلاً:
- اسألي ابنة خالتك.ريحانة
وهذا ماستفعله.
منتديات ليلاس
فارتدت ملابسها على عجل ووضعت لمسة من الزينة على وجهها وخرجت الى العالم الذي بدا لها مشرقاً وصاخباً اكثر من ذي قبل لتطرح بشجاعة السؤال الذي كان عليها ان تطرحه.
كانت قد اقسمت على ألا تعود اليه ثانية... اقسمت على ألا تطأ قدماها ذلك الفندق ثانية , وألا تتواجد في الغرفة نفسها مع لازارو رينالدي طالما ان قلبها ينبض بالحياة.منتديات ليلاس
كانت قد خرجت برفقة الاصدقاء وبكت وقرأت كتباً وأقرت على مضض بأنه لا يعني لها شيئاً ..فعلت الامور التي يمكن ان تفعلها اي فتاة حطم الحب قلبها: فكانت تتصل بأصدقائها بدلاً من ان تتصل به, ومحت رقمه عن هاتفها الخليوي , ولم تراودها نفسها ان ترسل له رسالة عند منتصف الليل... ومحت اسمه من صندوق الرسائل الواردة وانتظرت ان يتحسن حالها.منتديات ليلاس
انتظرت ان يشفى الزمن جراحها , فهذا الرجل لا يناسبها .. وستقابل حتماً الكثيرين سواء.. الملايين والملايين من الرجال الذين ينتقلون في العالم في هذه اللحظة بالذات.
ولكن لا احد الوحيد القادر عى جعل قلبها يتوقف عن الخفقان ما إن وقعت عيناها عليه وهو يجلس في بهو الفندق.منتديات ليلاس
منتديات ليلاس
إنه الرجل الوحيد القادر على جعلها تقدم على هذه الخطوة.. سواء أكانت خطوة تنم عن شجاعة ام غباء, لكنها لم تتردد لحظة واحدة عندما اتصل بها وطلب ان يقابلها.
- شكرا لك.
لم تتمكن من النظر في عينيه وهو يرحب بها خشية ان تجهش بالبكاء...
- اشكرك على حضورك.
- لا عليك.ريحانة
اصرت على ان يلتقيا في المطعم لأنها لم تقو على دخول مكتبه..
- آسفة لأنني اخترت ان نلتقي في مكان عام لكني لست قادرة على..

ماتت الكلمات على شفتيها .. لم تكن قادرة على دخول المكتب حيث وقعت الحادثة..
- لا عليك.. أقدر ماتشعرين به.منتديات ليلاس
- إنني واثقة من ذلك.
ارتسمت على شفتيها ابتسامة متحفظة .. لطالما تساءلت في سرها كيف يمكنه ان يجلس بل بسبب الشجار الذي وقع بينه وبين شقيقه ايضاً.
وعلى الرغم من أنها لم تنظر في عينيه إلا انها لاحظت امارات الألم البادية على وجهه , فتلك الندبة التي تعلو خده بدت اليوم حمراء وكأن الشياطين الكامنة فيها تتذمر غاضبة تريد الظهور الى العلن , لم تكن مغرورة بما يكفي لتتصور انها السبب في هذا .
- كيف حال انتونيا؟
لم تحضر كاتلين الى هنا لتسأله عن انتونيا لكنها ارادت ان تعرف , كان تهتم لأمر تلك المرأة التي انقلبت حياتها رأساً على عقب.منتديات ليلاس
- إنها بخير.
منتديات ليلاس
ونجح لازارو في رسم ابتسامة على ثغره امام تعابير الاستغراب التي بدت على وجهها.
- اقسم لك, يبدو ان زواجها لم يكن ناجحاً لكنها لم تكن على علم بأمر علاقاته الغرامية ...
- علاقاته الغرامية؟
أومأ لازارو برأسه قائلاً:
- عندما تتعثرين بالحقيقة تتكشف لك الكثير من الاكاذيب.منتديات ليلاس
قطبت كاتلين وسألته:
- من قال هذه العبارة؟
- أنا... بعد تأمل عميق وملي.
رباه! كيف استطاع ان يجعلها تضحك بعد كل ماحصل؟ كيف نجح في هذا اليوم المظلم ان ينتزع منها ضحكة؟
- إنها بخير حقاً, يبدو انها كانت ترغب في إنهاء زواجها منذ فترة طويلة لكنها لم تجد سبيلاً.. لم تعرف ان لديها اسباب وجيهة لتطلب الطلاق.
- بات لديها الان سبب وجيه.
- إنها آسفة لماحصل وقلقة جداً عليك.منتديات ليلاس
- ألم تلمني على ماحصل؟
منتديات ليلاس
لم تتمكن من السيطرة على نفسها فراحت الدموع تسيل غزيرة على خديها.. سارعت كاتلين الى مسحها لكن من دون جدوى, فعندما تحدث اليها ذلك الرجل البارد المشاعر برقة وحنان, شعرت بكلماته تمزق فؤادها...
- لا داعي للإحساس بالذنب ياكاتلين..لم ترتكبي اي خطأ , وانتونيا واثقة من ذلك..عليك ان تخففي عن نفسك.منتديات ليلاس
- معك حق.
تنفست كاتلين الصعداء لأن كلماته أكدت لها ان لا احد يلومها على ماحصل ..
- كان علي! ان أخذ شكواك الاولى على محمل الجد..
- لا ...
هزت كاتلين رأسها وقد ادركت ان مامن فائدة ترجى من هذا الكلام..
- انتهى الموضوع .. ويسرني ان انتونيا بخير.منتديات ليلاس
- نعم .. قالت لي..
وتوقف لازارو عن الكلام وقد بدا متردداً ...
- ماالذي قالته؟
- لايهم..
لكن كاتلين ارادت ان تعرف ... هز رأسه معلناً انتهاء الحديث عند هذا الحد ماقادهما الى الموضوع التالي.. فأخذ نفساً عميقاً قبل ان يقول لها :
- إني ادين لك بتفسير.منتديات ليلاس

- حقاً؟
كانت قسمات وجهه متوترة, والعرق بتصبب من جبينه , ومد لسانه ليرطب شفتيه الجافتين..غير ان ذلك لم يجد نفعاً فحمل كأس الماء وافرغ محتواها بمغضة عين, لم تغب عنها محاولاته لمقاومة الجواب او التملص منه , وادركت انه قد يعمد الى مغادرة المكان في أي لحظة فهذا ماتشعر به هي ايضاً.منتديات ليلاس
إلا أنت لازارو لم ينهض من مكانه , واستعد لمواجهة الموقف فما كان منها إلا ان حذت حذوه ولازمت مكانها.
- بعد ان عرضت عليك الوظيفة اكتشفت ام روكسان هي ابنة خالتك .. ومنذ تلك اللحظة...
- وأنت تنتظر ان اكشف عن وجهي الحقيقي؟
أومأ برأسه بندم ومرارة...
- لم أشأ ان اعجب بك.. وحذرت نفسي من الوثوق فيك.. إنما لم يكن باليد حيلة.. وعندما جاءت روكسان في ذلك اليوم المشؤوم وحدثتني عن معركتك القانونية التي لم أكن على علم بها..
- ماذا كنت لتفعل يا لازارو؟
- كان بإمكاني مساعدتك...
- كلا..
هزت كاتلين رأسها وأضافت :
- لو فعلت لظن الناس انني استغلك .. ترعرعت والدتي في ذلك المنزل وأمضت معظم حياتها فيه. فأعادت ترميمه, وزخرفته وهندسته..
- لا داعي لأن تقدمي لي الأعذار...
- أظنك تطرقت الى الموضوع لتسمع ماسأقوله .. لم تكن المسألة تتعلق بالبناء او المال .. بل بالمنزل الذي عاشت فيه طفولتها , ومراهقتها وشبابها .. عرضت امي على شريل ان تترك المنزل في وصيتها مناصفة بيني وبين روكسان...
- أسأت الحكم عليك!
- هذا صحيح!
- أسأت الحكم على امور كثيرة ... فأنا وروكسان ..
منتديات ليلاس
تمنت لو تستطيع ان تمد يدها وتمسك بيده , وتواسيه وتخفف عنه عذاب الماضي.. لكن مكانها لم يعد بجانبه ..
ولم يكن كذلك يوماً .. لأن لازارو يحرص على ألا يسمح لأحد بدخول حياته..
- وقعت حادثة ... حادثة لم تبلغ مسامع وسائل الإعلام .. عندما جاء الى مكتبي , اخبرت لوكا انني اتخذت الإجراءات اللازمة ليشارك في برنامج لإعادة التأهيل , وأكدت له انني سأقف الى جانبه شرط ان يبذل القليل من الجهد ليصلح نفسه غير انه رفض المشاركة فيه.منتديات ليلاس
كان صوته هادئاً على غير عادة..
- رفض الاعتراف بوجود مشكلة , مع ان الجميع يدركون ذلك إذ كان يفرط في شرب الكحول, ويلعب القمار, ويراكم الديون , كنت احرص على إزالة الفوضى التي يخلفها لكنني لم اكن قادراً على القيام بذلك الى مالا نهاية ..
- هذا صحيح ..
- كان عليه يدرك بأنهما لم يلتقيا اليوم للبحث في هذه المسألة ..
- وصلت روكسان اثناء خروجه من المكتب فاصطدم بها وأوقعها ارضاً مااثار سخطها .. ساعدتها على النهوض وقد بدأت بالبكاء وحاولت ان اخفف عنها..
بدا الأمر وكأنه يدلي بإفادته في مركز الشرطة , كانت نبرة صوته هادئة الى حد يثير القلق وهو يسرد الأحداث المروعة , ويتفوه بالكلمات القاسية بصوت خال من أي انفعال .منتديات ليلاس
- قلت لها إنني آسف لما فعله بها لوكا..