لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > القصص المكتملة (بدون ردود)
التسجيل مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة

بحث بشبكة ليلاس الثقافية


موضوع مغلق
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 11-05-11, 05:12 PM   المشاركة رقم: 46
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
اميرة الكلام العذب


البيانات
التسجيل: Jun 2010
العضوية: 172238
المشاركات: 902
الجنس أنثى
معدل التقييم: كبرياء الج ــرح عضو على طريق الابداعكبرياء الج ــرح عضو على طريق الابداعكبرياء الج ــرح عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 233

االدولة
البلدUnited_States
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
كبرياء الج ــرح غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كبرياء الج ــرح المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي

 





البارت الخامس والاربعون :




ودعته بتحيه بارده .. وعلى عجل .. وذلك لم يرضيها ..
كل تلك السذاجات التي تفوهوا بها لم تقنع بها ..
وان كانت بسلام .. فما كانت ترجوه لم تصل إليه بعد ..
استرقت بعض من ملامحه الباحثه خلفها ..
لكنها اختبأت بعيدآ عنه .. خشيه ان تفضحها دموعها ..
او تبدو صغيره على تلك اللحظات التي يجب ان تعتادها ..
رحله من رحلات عمله المستمره والتي شهدت اولها .. والباقي في انتظارها ..

كل ماقاله لها : اهتمي بنفسك . ..ورحل بعدها ..

فودعته بإبتسامه تشوبها حزن بليغ عن تلك الحال التي تعلو في مستويات السوء ...
وتقارن مابين الامس واليوم ولم تجد الفرق الا في المكان والزمان..

استلقت على سريرها في ساعه مبكره ..
وتستدير ناحيه مكانه ... لتتلمسه بشوق ... و تأمل في عودته مبكرآ ..

دخلت سمر بإبتسامتها الدائمه .. وبزيها المدرسي ..
: صباحك عسل يا عسل ؟
ليلى بهدوء عدلت من وضعيتها ..
: صباح النور ..
اقتربت منها وقالت ..
: شكلك تعبانه .. ؟
مسحت عيونها وقالت بتعب ...
: مانمت الا متأخره ... كنت انتظر اتصال من مطلق . ..
ابتسمت سمر وقالت ..
: صح النوم ياحلوه ... الحبيب وصل من زمان وشبع نوم حتى.. وانتي نايمه في العسل ..

انتفضت عند ذكره .. وقامت على عجل دون انتباه منها لبيجامتها ..
: سمر انتي صادقه ؟ ليش ماكلمني طيب .. انا انتظرت لكن ماكلمني لايكون صاير عليه شيء ..

توترت سمر على ملامحها الضائعه وقالت لتهدئتها ..
: يابنت الحلال .. اذكري الله .. يمكن ماحب يزعجك .. او ...

كانت تلف وتدور في الحجره بدون معنى ..
قاطعتها بعصبيه : معقوله ما كلف نفسه يكلمني ويطمني عليه ....

حاولت سمر تهدأتها بإبتبسامتها ...
: ليلى .. وشفيك ؟ مطلق بخير .. حتى كلم اريام وقال نقولك انه وصل بالسلامه ..

تناثر شعرها وهي تحاول عبثآ ان تجمعه وترتبه بطريقه صحيحه ..
هدأت من انفاسها المتصاعده ..
وقالت بتوتر : يمكن كان مشغول .. او تعبان صح ..

اقتربت منها سمر ..
: لا تتعبين نفسك .. اكيد مطلق بيكلمك اذا لقى نفسه فاضي ..

ابتسمت بتوتر وجاوبتها ..
: اكيد هذي عادته .. على العموم لا تتأخرين على المدرسه ..

ضمتها سمر وقالت بحب ..
: الحين عرفت انك تحبين مطلق لحد الجنون ..
ابتسمت فدفعتها ليلى بلطف ..
: والله انك فاضيه .. يالله امشي من قدامي ..

ضحكت سمر بغيه ابهاجها ..
وعلقت بمرح : انا اللي فاضيه .. هذا وزوجك مو موجود يا ليلو ... لمن لابسه هاللبس الحلو ..

اكتست ملامحها بخجل ..و دفعتها قدامها ..
:والله انك ملقوفه .. اخرجي بسرعه من حجرتي ..


خرجت سمر ومازالت الابتسامه المحرجه عليها..
لكنها تذكرت مطلق .. فركضت لجوالها ..
تأففت بيأس .. لا اتصال ولا رساله
ترددت في الاتصال فيه .. لكن في الاخير حزمت امرها و اتصلت ..
لتتفاجئ ان جهازه مغلق .

سحبت نفسها من كآبتها .. وتطلعت الى شكلها في المرآه ..
اقتربت اكثر مستجيه لرغباتها ... لمخاوفها لشبح امرأه كانت هي عليها ..

استفاقت روحها من غيبوبه الاوهام ..
أليست الحياة التي تعيشها كفيله بأن توقظها بفزع دون رويه منها ؟
شبح ليلى ...شبح لطفله خائفه ترتعد من ادنى صوت قربها ...
اصبحت تلك التعاسات متكدسه في زوايا حياتها ... ولم تفرغ في ازالتها بعد
بل زادت الكومات وتعددت الاساليب في الاهمال ...
حياتها مع مطلق ومعترك كان الحب طرف فيه .. وهي في الجهه الاخرى من تلك المعركه ..
طرف مهزوم .. يطفو على وجه الحياة ولابد من انقاذه قبل غرقه ..

أين تلك التي تصنع من البؤس ..فانوسآ من الامل والضياء ..
اين تلك التي لاتنصب من نفسها ضحيه .. لترتد لها شفقه الناس و تعاطفهم معها ..
لقد اصبحت مجهده .. مجرده اوشحه متطايره من بقايا نفس و همم و رغبه في الحياة ..

مسحت المرآه بيدها ... وكأنها تمسح ضبابيه قد تجمعت في ملامحها الباهته...
ملأت صدرها بأنفاس كبيره و نفثتها براحه ..
تاركه الفراغات القصيره ... تشغل حيزآ من حياتها ..
متشاغله بتكوين الذات التي ضاعت في متاهات السنين ...
فالوقت مازال مبكرآ .. ولم يفت بعد .



****************************


غسل وجهه مرارا وتكرآرا وكأنه بالاجبار يجب ان يمحي تلك الاتعاب التي رافقت ليلته الماضيه ..
خرج من بيت جده .. متبع اثار خيبه من قبله .. لم يلتفتت الى الخلف ولم ينظر الى عيني الاخرين
لكي لاتنكسر همته وتختفي بقايا عزمه في النهوض بنفسه من جديد ..
اعاد ارتداء قميصه المجعد .. ولم يهتم ..
دخل الحارس العجوز بأقداح من الشاي المتصاعد بخاره ... و بعض من الخبز المعد في البيت
ابتسم سعود وقد انتهى من تجهيز نفسه ...
: تسلم يابو حاتم ليش تعبت نفسك ؟
جلس العجوز النحيل و قال بطيبه ..
: لا تعب ولا حاجه ياولدي .. البيت شوفه خطوتين مني ... الا اجلس و كل مع عمك ابو حاتم ..
تربع سعود في جلسته وتنهد ..
ابو حاتم : ادري ان فطوري ما هو بمقامك ...السموحه منك ياولدي ..
تجهم سعود .. لتصور ابو حاتم و ربت على ركبته نافيآ .
: النعمه الموجوده خير و زياده ... اللهم لك الحمد والشكر .. وانت فيك الخير والبركه ياعمي ..
ابتسم سعود وعلق على نفسه بمرح ..
: تبيني اتشرط باقي .. بصير على قولتهم طرار ويتشرط ..
ابتسم ابو حاتم .وقال . : شده وتزول ...

شده وتزول .. اختفت تلك الابتسامه تدريجيآ من وجهه ..
وتهدل في جلسته مطيع تلك الهاله السمحه من عجوز قال حكمته الاخيره دون ان يعرف الاسباب ..

شده وتزول .. الا تعرف الحكايه من البدايه ..
ألا تعرف قصتي ...
لقد تهت في الظلام ابحث عن مأوى ..
عن ملجآ يضم معاناتي ...
يحتضن احزاني في ليله بارده كئيبه ... انا وحقيبتي الممتلأه بترهاتي ..
عدت من ارضي الاصيله .. لاجد بعض مني رمته السنين على طرقاتي الضائعه ..

وها هنا انا الان ..
بين جدران عاريه اربع .. خاليه الا من بساط قديم .. وسجاده صلاه ممزقه
ومروحه تدور بصرير مزعج .. يأخذنا الى عالم من التقشف الزهيد ..

ورجل .. يحمل في تقاسيم وجهه .. طيبه كبيره و خلق عظيم ..
حارس للمدرسه التي يعمل فيها .. وحارس على حياة تضمه مع عجوز هي له في داره ...

تنهد سعود مجدد لتلك التي اعتلت فؤاده ..
وقال بهدوء : تحملني يابو حاتم ... تحملني لايام وبعدها الله يعين ..
ربت على فخذ سعود .. وشد من ازره قائلا بدون تعليق في الامور الخاصه ..
: الله يعين الجميع ياولدي ... الله يعين الجميع ..


********************************


خرج مسرعآ من الفندق الذي حجز لنفسه فيه ... والذي يراه ينكر ان مطلق هو امامه ..
ليلته كانت عصيبه .. فقد حقيبه سفره وفقد اغراضه ... هاتفه و بعض من ملابسه المهمه الرسميه ..
والذي يرتديه الان ليس بأقل منها ...
قيمص رمادي مفتوح الياقه و بنطلون اسود بخطوط طوليه رفيعه بلون رمادي .. و شعره الكث رغم
عشوائيته الاإن يعطي شكلآ ساحرآ لرجولته ...

الشركه التي يريدها ... تلك التي عرضت مبلغآ هائلا في مشاركته مشروعه الخاص ..
وهو ليس بأقل منها .. اللقاء كان مرتقبآ هناك في مدينته ... لكن لنيه لديه في معرفه كل شيء
سافر بنفسه ... ولن يخفي على نفسه بأنه هرب من مواجهه الارق و التعب الذي تصاعد
في الاونه الاخيره .. و هبت كالعاصفه ترميه من مكان لاخر وهو بداخلها .

تأمل المدينه الدوله .. تلك الابراج التي توحي لنفسك فيها بأن قزم تعيش في قصه خياليه ..
استقطبت كل اهتمامه ونظر لها بإعجاب كبير ... ترتفع بفخر و ليس هناك من يقف في وجهها ..

وما إن وصل .. ارتفع ناظريه امام المكان المطلوب ..
ودخل بقامته المديده .. يمشي بثقه وكبرياء ..سأل عن المدير الذي يبتغيه .. و توجه الى المصعد ..
وما إن دخل المصعد .. لحقت به امرأه تمشى على عجل .. بالكاد تلقط انفاسها اوقفه لحين دخولها ...
ابتسمت له بإمتنان واكتفى بهز رأسه ردآ لها ...
انتظر.. حتى توقف المصعد فخرج منه ... وتلك الانثى ترمقه بإستحسان ..
لكنها استدارت لمكتبها متناسيه ملامحه الوسيمه ..


طال الوقت ومعه النقاش و تبادل الاحاديث ...
المدير العام للشركه الاماراتيه ... بشخصيه عميقه .. هيبه ووقار وتواضع
و روح لطيفه متعاونه ...
: وين جالس يا مطلق ؟
ابتسم مطلق واجاب : صراحه في فندق .. قريب من هنا ..
وقف المدير الاخر ..: خلاص .. ضيافتك عندنا .. وبتقول بعدها تم ...
وقف معه مطلق وبإبتسامه صغيره ..
: تسلم .. ما احب ازعج اي احد ..شكرا للدعوه استاذ جابر ..
ابتسم الاخر وقال بود ..
: اولا انا ناديتك بإسمك رغبه مني في كسر الحواجز بيننا سواء كان بيننا اتفاق على العمل مع بعض
او لا لاني اعجبت بشخصيتك ..فلا بد انك تعاملني بالمثل بدون رسميات ..
وثانيا .. انت في دارك وبين اهلك ..
مطلق : ماحسيت بغير هذا الاحساس ..ماتقصر .. يكفي كرمك وحسن استقبالك لي ..

فتح الباب ليقطع الحديث وبدون استئذان بالدخول ..
دخلت تلك الشاهقه بعباءتها المزينه .. و قالت بدون ان تهتم بالمتواجدين في المكتب ..
: مرحبا ابويه .. كيف حالك ؟
قبلت رأسه واتكأت على المكتب واعقبت ..
: اميه قالت لي انك نشيت من بدري .. عسى ماشر ابو هنادي .. ؟
ابتسم بإحراج وقال برسميه ..
:هنادي في وقت ثاني اتكلم معك ماتشوفين عندي ضيوف ..
استدارت للخلف مباشره .. لتقع عينها على ذلك الذي شعرت بالذهول معه ..
اكتفت بالابتسامه و التحديق في وجهه ... قبل قليل كانت في سحر تلك الايماءه القصيره في المصعد ..

فقال والدها ..: اعرفك على مهندستنا المدلـله .. هنادي..
قاطعت والدها .. وقالت بفخر : هنادي بنت جابر ..
اكمل والدها بإبتسامه .. يعرف طبع ابنته المتفاخره بإعتزاز بوالدها ...
: اعرفك هذا مطلق الغانم .. صاحب شركه ..
قاطعت والدها مره اخرى...
: صاحب شركات مطلق الغانم .. واخيرا التقينا ...
نظرت لابوها وقالت : اسمح لي ابويه .. بعد اذنك اجتماع الشركه بخصوص العقد لازم اكون متواجده فيه ..
قاطعها والدها بحزم وبنظره هادئه ناحيه مطلق : لكن مطلق مااعلن موافقته على شروطنا بعد ...

للمره الثانيه تحدق في مجرد اعين لاترتفع لها بمعنى الاصح.. لم يكن ينظر لها
بل لمكان اخر خلفها ..
نظرت خلفها تساير شكها .. كانت تريد ان تقول ما بك ؟
اتجرؤ على الرفض ..
ام هناك مشكله في النظر الى عيناي مباشره ..

قفزت جفلآ عندما سمعت صوته الرخيم ..
: شكرآ جزيلا على حسن استقبالك ابو... استاذ جابر...
ان شاء الله أبلغك ردي في اسرع وقت ..

جابر : خذ وقتك .. واسمح لي اتصل عليك وادعوك على وجبه الغداء او العشاء ..
اومأ مطلق بإبتسامه مع مصافحه شديده الحراره له ..

رفعت حاجب متعالي .. وتساؤلت لما لم ينطق اسمها ..
مغرور في حله بهيه .. اي رجل عليه انت ؟
حتى كلمه ترحيب بها لم ينطق بها ..
مالجمود المحطم الذي انت عليه ...
عقدت ذراعيها خلف كرسي والدها وظلت تراقبه..

واستدار خارجآ لتزيد من تأملها له .. ولم يغفل عن تلك الحسناء المشعه .. ودخولها العلني الملفت للانظار ..
أليس من الخطر ان تعلن عن جمالها هكذا امام الناس ..

تخيل لبرهه ليلى.. فاشتدت قبضه يده على جانبه ... امعقول ان يراها الجميع .. ويتشاركون النظر إليها ..
لكنه ابتسم لمجرد تصورها امامه .. وهي بجمال تلك .. لا ..ابدا فلتسمح لي الانثى الاخرى التي
تقف امامي وهي بنصف ابتسامه .. فحسناءي تفوقها جمالآ وضياء ... هي اجمل من كل حواء
صادفتها .. وان اقنعوني بأنها لاتمتلك تلك المقاييس بالجميلات ..
فأنا اراها بأنها تفوق الجميع و تزيد عليها بجمالها الهادئ الذي يكتسحني كمحيط ..


خرج بهدوء مثلما دخل ... متجاهل نظرات لم يعتدها من اي انثى اخرى ..
يحتاج للوقت للتفكير .. كما يحتاج الان وفورا محادثه تلك التي تصورت له في جميع النساء ...
واصبح لايطق صبرآ في سماع صوتها الرقيق ...


**************************


كانت تبتسم .. ولما لاتعلم ؟
تزيد من ابتساماتها بكل عمل تقوم به ...
ليس هناك سبب مقنع لتلك الابتسامات التي توزعها حتى للجماد ..
وتخاطب ابنها .. بصوت عالي وكأنه امامها ينظر اليها ...

لم تغب تلك الروح عن ام مطلق .. التي سألتها ..
: مطلق .. اتصل فيك ؟
للتو رفعت الجوال عن اذنها في محاوله عاشره بعده المائه للاتصال به ..
و قد بدا القلق يتسرب اليها ...
ردت وهي ترسل رساله ...
: لا والله ياخالتي .. مادق علي من وقت ماسافر ... البنات قالوا لي انه كلمهم
ومن البارحه احاول اتصل عليه لكن مغلق ..

غبيه ساعه قررت ان تتعامل ضد الظروف وتتصرف بطريقه ايجابيه
هاهو التوتر والقلق يستبد بها ...
ام مطلق : مطلق اذا لقي له شغله .. مايتركها حتى يخلص منها ..

ابتسمت بتوتر و رجعت تتصل عليه ..
وصلها صوت خديجه لها ...
: مدام .. مستر مطلق ..
ألتفت ليلى بحده ..
: مطلق ؟ وين ؟
ابتسمت خديجه وكأن سيدتها للتو اطلقت دعابه تستدعي الضحك ..
: على التلفون ..

وقفت بسرعه ..رغم نداءات ام مطلق لها بالتمهل ..
التقطت السماعه على عجل ...
: مطلق .. مطلق ..وينك ..
ابتسم على الفور لتلك الانفاس المتصاعده .. غير متجاهل نبض قلبه الذي تصاعد معها ..
: انا في دبي وانتي تعرفين ..

هدأت من انفاسها المتسارعه ..
وقالت بعتب : وينك ؟ ادق على جهازك مغلق من البارحه .. ؟ اليوم نفس الحكايه
وليش ماكلمتني ؟ انتظرت البارحه طول الليل ؟ واليوم سمر قالت لي انك كلمتهم .. ليش ماكلمتني ..
انا ماقلت لك تتصل مجرد ماتوصل ؟ قلت لك صح ؟ نسيت ولا انشغلت .... انا متأكده انك نسيت
الشغل هذا ينسيك حتى نفسك ؟

سند رأسه على الطاوله التي يجلس عليها .. مبتسمآ لتلك العريضه الطويله من العتب
وقال بهدوء بعدما توقفت لتلتقط انفاسها ..
: انتهيتي ولا باقي .. ترى ماعندي مانع اسمع البقيه ...
شدت خصله من شعرها من الخلف واخذت نفس هادئ ...
فسألها : كيف حالكم جميع ؟
ردت عليه بهدوء و كأنها ليست من كانت ثائره قبل قليل ..
: كلنا بخير .. انت طمني عليك .؟
مطلق : انا بخير .. ماقدرت اكلمك البارحه .. لاني ماحبيت ازعجك البنات قالوا انك نايمه ..
قاطعته : لا ماكنت نايمه .. كنت انتظرك ..

اخفى ابتسامته بيده .. وكأنه تريد ان تخنقه في زاويه من العتاب الطويل .

قال برويه : لاتتصلين على جوالي .. لان اغراضي ماوصلت بعد من المطار ..
على العموم انا اللي بتصل عليك برقمي الدولي ..

اختفى صوته وهو يفكر فيها من جديد ويود لو يرى نظره عينيها الان ..
جاءه صوتها متلهفآ : مطلق وين رحت ؟
اجابها ..: انا موجود .. إنتي كيفك ؟
اومأت برأسها بنعم وتجاهلت الرد عليه ..
فأعاد سؤالها ... : ليلى .. انتي بخير ؟

ردت بسرعه بإبتسامه .. تأمل ان تصله ..
: انا بخير .. الحمدلله .. انت ؟!!! توقفت تدفع غصه في الخروج وفضح شوقها إليه ..
اجباها بصوت متحكم وكأنه تنبؤ عن ما تواجهه ..
: انا بخير .. كلها كم يوم و ارجع ......

فأعقبت بعاطفه : ترجع لي بلاسلامه ..

توقف كلاهما عن الحديث ... فأعقب بتوتر وكأنه لم يسمعها ولم يعلق على قولها ..
: اليوم قابلت مدير الشركه .. رغم كل شيء مو مرتاح ..

سمعت صوت امه تناديها .. فأخذت التلفون وقاطعته بهدوء ..
: تكلم مع خالتي ؟ ترى حتى هي قلقانه عليك ؟

بالفعل تكلم مع والدته .. وبعدما انتهى..
اخذت الهاتف منها ...
فقال بعجله : انتبهي لنفسك ياليلى ..بتصل عليك الليله ...
ليلى : بنتظرك ... انتبه لنفسك ..

ظلوا لفتره .. تتخاطب انفاسهم اكثر من ألسنهم ..
تتناثر الكلمات على بساط من الصمت الطويل ..
بوح المشاعر تريد ان تطل من اعينهم .. وتسافر عبر الزمن وتحلق في الامكنه كلها لتصل إليهم ...

همست من اجل ذلك التغيير الذي تريد ان تحدثه في حياتها ..
: اشتقت لك ..فلا تطول الغيبه ..

أغمر قلبه بالكثير من المشاعر .. وزادت اثقالآ شداد عليه ..
ياللسانك الثقيل .. ابتلع كم هائل من التردد التي استبد بمشاعره ..
وهمس هو بالتالي : وانا اشتقت لكم جميع ...

ابتسمت بإحباط .. وهزت رأسها بإقتناع و كأنها قد اقتنعت بما يجود به ..
وانتظرته حتى يغلق الاتصال ...
على الاقل نطق ببعض مما تريد .. دمجها من ضمن الباقين
ليست انانيه منها .. اكثر ما تكون مطلبآ لارضائها ..

لكنه اعقب بصوت اشد انخفاضآ من قبل وكأنه خائف في قولها ..
: لكن شوقي لك انتي اكثر ..

وانتعش الزهر على الطرقات اليابسه ..
وفي جوف التعاسه ..قد تفجرت ينبوع امل ظنت انه قد يبس ماءه ..
ادركت بحق ان ثمار الصبر لذيذه مهما طالت وصعب الوصول إليها ...

و كأنه امامها .. قد شعرت بالخجل وتلون وجهها .. و تلونت ابتسامتها بسعاده ..
فشعر بها و تمنى لو كان يراها بالفعل .. ليرتوي منها ..



آه صوتك صوتك !
_ ويتوقف المساء حابساً أنفاسه _
كيف تستطيع أسلاك الهاتف الرقيقة
أن تحمل كل قوافل الحب ومواكبه وأعياده
الساعية بيني وبينك
مع كل همسة شوق ؟!
كيف تحمل أسلاك الهاتف الدقيقة
هذا الزلزال كله
وطوفان الفرح وارتعاشات اللهفة
ومطر الهمس المضيء
المتساقط في هذه الأمسية النادرة ؟!

آه صوتك صوتك ! >> غاده السمان


فختم اتصاله بها .. متمنيآ العوده لها .. العوده الصحيحه التي لم تحن بعد



***************************



توقف بسيارته مقابل البيت .. بإنتظار بأن يعود .. عندما خابره السائق بتعطل السياره ..
خرج متعجلآ من المستشفى متصورآ اسوء الاحوال .. وكأن الشكوك قد اطبقت عليه بفكين شرسين
تلك الامانه قد ثقلت عليه .. وصيه صاحبه الذي سافر فجأه وضعه قاب قوسين او ادنى من الجنون ..

خرجت بعباءتها المخصره و جوالها على اذنها .. وبعض من لثمه تغطي به طرف انفها ..
وصوتها العالي وكأنها لم تكن مع رجل يتأثر بأي شيء ..
استفزته بتصرفها .. فخرج من السياره لايعلم ماذا يفعل ؟
كل الذي يفكر فيه ... هو ما تخيله ان تفعله مع رجل و تقلل من قيمه نفسها ..
وتضع كرامه اخيها في الطين ... وهذا الذي لايرضاه ابدا ..
كان الغضب من يحث خطاه حيث تمشي خطوات قصيره .. ومازال صوتها يصدح في مساحه خاليه ..

وبدون ادراك منه .. سحب الجوال من يدها .. ليرديه على الارض و ينشطر الى نصفين
و معه بقايا قهره الذي تراكم طيله تلك الايام التي مضت ..
صرخت بإستهجان متراجعه للخلف بخوف ..
: ايش هذا ؟
داس بقايا الجوال المحطم بقدمه .. وقال بإنفعال ..
: هذا .. اللي تشوفينه .. افعالك الشينه اللي تسود الوجه ..

تراجعت بخوف اكثر .. رغم انها تعرف ان هذا الشخص اكثر امانا مما كانت تعتقد ..
صديق اخوها .. ايفعل السوء بها وهو في قعر منزلها ؟

بصوت خائف مرتعش: ناصر انت ايش تسوي ؟

صرخ بغضب ..: اسوي اللي ماسواه اخوك ..
لكن حطي في بالك مااسمح لك تسودين وجهه وترمين بكرامته الارض ..

الجمتها الصدمه وهي تتراجع بخطوات متعثره من كلماته الغريبه ..
زاد انفعاله حده وقال : انا اعرف كل شيء عنك وعن افعالك الوسخه يا .....
شد على فكه و قال بعدها ..
: لكن والله ثم والله يا اريام ما بيحط لك حد غيري فأنتبهي لتصرفاتك ... وقولي ناصر قال ..

وترك المكان لها بعدما استعرت في قلبه الكثير من مشاعر الغضب والعذاب ..
اخيرا وجدها امامه .. تتغنج بأفعالها الزائفه و تخادع الجميع ...
لم يصدق بأنه تخطى حاجز الحذر في تعامله مع شقيقات صديقه وكأن امرآ لم يكن ...

وتلك التي بقيت خلفه... ترتعش لحد الموت من تلك الحادثه الصغيره
والان خرجت من قصرها البارد وامتحنت مشاعرها الخوف والهلع
والاكثر من ذلك الصدمه ..
صدمه لاتعرف ما اسبابها .. كلماته موجعه والاقسى نظره عينيه القاسيه
تلك التي تحمل الكثير من الاشمئزاز والقرف ..

ماذا فعلت ؟ وماسبب قوله البغيض ذاك ؟ اي افعال وسخه اقترفتها ..

ماذا فعلتي يااريام ليفجعك بتصرفه الغير مبرر ..
ماذا فعلت انا لانال هذا الكم من الغموض ؟

ارتعشت بدموع خائفه .. و جلست تلتقط بقايا جوالها ..
والخوف بدأ يتصور لها في تلك التي تصورت من قبل لناصر ..
اهي تلك المحادثات الماسنجريه الخفيه مع اجناس مختلفه ..
لكني لم ارتكب جرمآ مفدحآ .. كانت مجرد تعارف لم تطل حياتي بسوء لا من قريب او بعيد ..

لم افقد قيمي .. ولم افقد اهم ماتملك الفتاه .. رأس مالها وكنزها في الحياة .. سمعتها ..
و قصه اسمها التي ترافقها مدى الحياة..

رفعت رأسها بذهول .. يجب ان تفهم ؟ يجب ان تعرف مغزى كلامه المبهم
لكن كيف ؟ كيف اعرف .. بطريقه لاافقد فيها حق من حقوقي معها ...


***********************



وحل المساء بعدما انتهى من يومه الدراسي وهو الان بداخل سيارته... مسترخي على مقعده ..
يستنجد بعض من البروده لكي تريح جسده المرهق ..
شعر بالخجل بالطلب من بعض اصدقائه من يعملون معه ان يمكث لديهم ..
لك واحد منهم لديه عائله و بيت يسكن اليه دون هموم غيرهم ..

جفل لطرق على نافذه سيارته ... فتح الباب على اثره بسرعه وابتسم
سعود : هلا ابو حاتم ..
ابو حاتم : تعال ياولدي اجلس معي ..
سعود بإحراج : ماودي ازعجك يا عمي ..
سحبه ابو حاتم من ذراعه وقال ..
: لا ازعاج ولا شيء .. انت في حسبه ولدي ... اجلس معنا حتى ربي يفرجها عليك ..
ابتسم سعود وقال بهدوء ..
: خلاص انت تامر .. بقفل السياره ..

مشى معه بهدوء لبيت يبعد مسافه قصيره من المدرسه ...
بيت صغير مكون من حجرتين .. . له حوش قصير ..
قطع ابو حاتم الصمت ..
: لا تستحي وانا عمك .. البيت مافيه الا انا والعجوز وبنتي الصغيره ..
سعود : ما تقصر يا بو حاتم .. معروفك مابنساه طول عمري ..
ابو حاتم : الواحد مايبي من الدنيا الا الاجر .. وانا لو مااعرفك واعرف اخلاقك ما ادخلك بيتي .

تنهد تنهيده مع ابتسامه امتنان باهته .. و تذكر اهله .. وبالاخص جده ..
و شعر بتأنيب الضمير لتركهم ..

دخل مجلس صغير بدون باب في حوش البيت المعزول بالاشجار وحوض الريحان والنعناع ..
مكان هادئ .. يساعد على الاسترخاء ..

ابو حاتم : حياك ياولدي ارتاح هنا .. بدخل اجيب لك الشاي والعشاء ..
سعود : لاتتعب نفسك يابو حاتم ..
ابو حاتم : افا ياولدي .. الواجب اكرام الضيف .. والجود بالموجود ..

جلس و تأمل المكان بعمق .. نقيق الضفادع وحشرات الليل من اعلى الشجره
ومواء قطه قريبه منه لايبدو عليها الفزع منه ... كل ذلك جعله يبتسم ... ويسترخي .

اخرج جواله .. وفتحه بعدما اغلقه يوم كامل ..
تردد في الاتصال بليلى ... بما انها الوحيده التي لا تعلم بالمستجدات ..
اعاده مكانه بيأس لعدم تواجد شبكه في المكان ..

سمع صوت ابو حاتم يطلب عونه فهب واقف لمساعدته ..
وقد زادت عليه الهموم لانه اثقل على شخص بطيبه ابو حاتم ...



*******************************

وجبه عشاء فاخره في اشهر مطاعم المنطقه ..
ابتسم مطلق .. لحديث جابر المشوق عن قصص حياته المشوقه ..
كان يتبادر الى ذهن مطلق بأن الماكث امامه ذو شخصيه مصقوله بالتجارب ..
اعجب فيه وفي ثقته الكبيره بنفسه ..
رمى بنظره ناحيه ساعه يده ... يرقب الوقت كدقيقه من دقائقه ..
ينتظر الوقت ان يسمح له بالاتصال بها .. والوفاء بوعده ..
يخاف عليها ان تشق على نفسها وهي في انتظاره
ويشفق عليها ان تعاني وهو لايعلم ايطول هذا الموعد ام ينتظر ..
كان يجب ان يرسل لها رساله .. ويبلغها بالمتسجدات على ان تنتظره .


ايقظه رنين جوال .. اخرج جواله على الفور لكن للاسف لم يكن له الاتصال
بل برفيقه الذي يجلس امامه ...
جابر : دقيقه لو سمحت يا مطلق .. هذا المحامي برد عليه و ارجع لك ..
مطلق بإبتسامه فرج ..
: تفضل .. خذ وقتك ..

على الفور .. اتصل بـ ليلى مستغلا تلك الاستراحه ليرتاح ذهنيآ ..
اتصل اكثر من مره ... لكنها لاتجيب ..
فأرسل رساله .. " ليلى .. انا مشغول حاليآ .. لاتنتظريني .. "
قبل ان يرى تلك الحسناء تقترب من طاولته بإبتسامه صغيره ..
رغم تلك النظاره الكبيره التي تحجب عيناها عنه .. إلا انه عرفها على الفور ...

انهى الارسال ..وضع جواله على الطاوله واستند على ظهر الكرسي بإستقامه ..
وقد صرف نظره عنها بكوب القهوه البارد .. رغم قرعات كعبها العالي الذي يتصاعد دخل اذنه ..

وقد نبض عرق في صدغه ...عرق غاضب ينبض بوضوح ...
ولايعلم لما الغضب في مثل هذا الوقت ؟

جلست بأريحيه وكأنها ليست مع رجل اخر ..
: السلام عليكم ..
رد عليها وقد شرب بعضآ من القهوه ..
سألته وعيناها على هاتفه الذي يومض برساله ..
: وين ابويه ؟
رد ابوها من خلفها ..
: انا هنا ... كنا نترياك .. وين كنتي ؟
ابتسمت تلك الابتسامه الجميله ..
: كنت ويا رفيجتي .. اعتذر عن التأخير ..

جابر بنبره فخوره..لهنادي ..
: هنادي بنتي الوحيده .. ممكن تستغرب كيف اعاملها بحريه ...
قاطعت والدها ..
: انا اقولك .. ابوي كان وده في ولد لكن ربي ماكتب .. فجيت انا ..
إلا خبرني يا استاذ مطلق انت عندك خوات .. ؟

مطلق بملامح هادئه ..
: ثلاث ..
هتفت بصوت حماسي ..
: واو ماشاء الله ... يالله كنت اتمنى يكون لي اخت او اخ .. انت الكبير صح ..
هز رأسه متقبل كلامها فمال ناحيه الطاوله مستند عليها بمرفقيه ..
: تقدري تقولي كذا ..

ابتسمت له لكنه ارخى نظره ناحيه الجوال ... ليقرأ الرساله ويبتسم ابتسامه عذبه
جعلت تلك تحدق له بجرأه دون وعي منها ..

واصدق هوى يا سيّدي " عشق صامت "
// ما هو هوى كذب .. يومين ويرووح !!
عشق القلوب اللي .. على العين بانت
// تبقى عشانك .. دونها .. هم وجروح
إن جيت هانت ( ضيقتي) .. إيه هانت
// وإن رحت هدّ فداخلي هم .. وصروح

رفع رأسه .. ونظر بشكل عادي .. يتبادل الحديث حتى موعد العشاء المنتظر
و هنادي تتشاغل بكل صغيره وكبيره تمر على ضيفها ..
ابدت اهتمامآ واضحآ بعدما شعرت بتلك الهاله من الجاذبيه والسطوع ...
تخطو خطوه الى الامام .. ولاتعلم انها بدايه التعليق في الفضاء الفارغ .



************************


مضت أيام حتى استقر الاسبوع الى نهايته واشرف الاخر على البدايه .. ولم ينتبه له احد
من يبالي .. فا الايام متشابهه لبعضهم ولم يعد احد يهتم ماليوم وما بعده .....
تمر على الجميع اوقاتآ عصيبه .. ليس احد في مأنى عنها ...
ولا غرابه في ذلك .. الحياه هكذا ..

انطلقت نجمه في عملها الصباحي والذي اصبح شاقآ عليها ..
استهلكت الهموم كل ذره كبرياء وطاقه لديها .. و هزل جسدها على اثر العذاب الذي تعانيه بصمت ..

استجابت مسامعها لطرق معروف ومعتاد لها .. فتجنبته لايام طويله ..
لكن الان لم تعد قادره .. يجب ان يفهم الجميع ان كل شيء قد انتهى ..

من مسافه بعيده .. ردت بصوت مهزوز .. وبالكاد ترى الشخص الماثل خلف نافذه صغيره
: نجمه ..سلام .. وينك يابنت ؟ معقوله كل يوم ادق عليك ولاتردين حتى امك ماترد . وشفيك ؟
تنهدت و في يدها سله من الملابس النظيفه قد وضعتها لتكون حجه واضحه لانشغالها
: مو فاضيه ياسلوى .. عندي اشغال كثيره ..
سلوى بإبتسامه ساخره ..
: ويش الجديد .. كل يوم عندنا اشغال .. انتي تتهربين مني ؟ علشان مااسأل ..
لازم تتكلمين يانجمه... البيت مقلوب .. ومافي احد فاهم شيء .. كلنا ضايعين ..

نجمه بتوتر : سلوى .. ارجوك انتهى كل شيء ..
سلوى : لا مافي شيء انتهى ... صارت امور كثيره .. ايش صار لكم يانجمه ..
الله يخليك فهميني ؟ ايش اللي صار بينكم لدرجه الطلاق ؟

ادارت ظهرها وقالت : خلي سعود يفهمك .. الموضوع انتهى بالنسبه لي .
سلوى بحده : سعود ..ترك البيت ..

سقطت السله من يدها وألتصقت يدها بصدرها
حيث قلبها قفز من مكانه ... يصرخ .. يستنجد به ..


بالكاد حركت نفسها بنصف استداره لكي ترى ان كلمات تلك حقيقه وليس مجرد خداع ..
لكن تعابير سلوى الحزينه كانت خيردليل على صدقها ..
اقتربت دون ان تحسب لخطواتها اي حساب .. كانت اشبه بالهروله ..

التصقت بالجدار وقالت بلهفه ..
: ايش تقولين ياسلوى ؟
هزت رأسها ومسحت دموع تساقطت حزن على حالهم ..
: جدي تهاوش مع سعود علشان انه طلقك... وطرده من البيت .. لانه رفض يرجعك ..
صرخت بإستهجان رغم مساسه بمبنت الالم ..
: ليش طيب ؟ هذا قراره هو .. وحياته الخاصه ؟

سلوى بهدوء بعدما امعنت النظر الى ملامح نجمه ..
: انتي اللي تقولين الكلام هذا ؟ هذا وانتي اللي طلقها ؟ الموضوع ماتقبلناه بسهوله
كيف بك انتي ؟ لا تكذبين على نفسك الامر ماهو سهل ؟

نجمه بضيق : الطلاق مو نهايه العالم ..لا انا اول واحده تتطلق ولا اخرها ممكن خيره لنا .. المهم سعود وين راح ؟
سلوى : هذا اللي محيرنا يا نجمه .. ماكلمنا من وقت ما طلع .. و اجدادي حالتهم حاله ..
وانا خايفه عليه ؟

لم تعد تحتمل فبكت بدون توقف .. ونجمه تدور مكانها مابين خوف و قلق وحزن شديد
عضت طرف اصبعها.. وسحبت نفس طويل رغم ارتجافها الواضح .

تعبت من الصمت ..
تعبت من رمي نفسها الى كومه من النار والحرائق متشعله في داخلها .
تعبت من تذكره بحنين يقطع نياط القلب ..
تعبت من الفدائيات التي ضحت بسعادتها من اجلها ..
يكفي ما هدر حتى الان .. يكفي ..

سألت بحزم : جدك وينه الحين ؟
مسحت انفها وقالت بإستغراب ..
: اظنه في المجلس هالحزه ؟ ليش تسألين ..
لفت شعرها المسدل بطوله على ظهرها بلفه دائره كبيره ..
وقالت بعدها بصوت عالي وقد انسحبت من مكانها ..
: بيصير خير ياسلوى .. اوعدك .. كل شيء بيرجع مثل اول واحسن .

وتركت سلوى تنتحب مكانها وكأن كل مافعلته هو التحدث مع الهواء والرد عليها ..
لم تستفد شيئا سوى مضيعه وقتها ودموعها وبعض من طاقتها التي اوشكت على النفاذ ..



***********************




انتظرها في المجلس وهو يطرق برأسه للارض ..
يعد الدقائق لينتهي من عذابه الذي اوشك على الانتهاء .. كما يريد هو .
وزادته عليه تلك التي لم تعرف الرأفه في حالته ..
غاضب هو منها .. وغاضب من نفسه ..

دخل طلال .. واتخذ مكانه ..
: هلا.. يا لنسيب .. علامك متوتر ؟
ابتسم ناصر : لا متوتر ولا شيء ... إلا كيف الشغل معك ؟
طلال : الحمدلله .. تمام .. ان شاء الله يرجع استاذ مطلق على خير و يهتم بنفسه بالشركه ؟
احس انه طول في سفرته هذي ؟
ناصر : اكيد في ظروف منعته ..
صمتوا للحظه وبعدها قال ناصر بنبره حماسيه ..
: إلا مافكرت تتزوج ياطلال ؟
ابتسم طلال وكأنه شعر بالخجل من سؤال ناصر المفاجئ ..
:مافي شاب في عمري مايفكر بالزواج والاستقرار .. لكن واحد في مثل ظروفي .. صعبه شوي
ناصر : وشفيها ظروفك .. ماشاء الله عليك .. شاب خلوق وعندك شغل و بيت وين الصعوبه فيها ؟

تنهد طلال وقال بصراحه ..
: صراحه ... ماودي اغامر واتزوج وانا بعدي ماكونت نفسي ..
ناصر بإلحاح غريب ..
: تشتغل في شركه مطلق وتقول ماكونت نفسك .. انت انوي وتلقى بنت الحلال ..
سخر من كلام ناصر بقوله ..
: ومن تقبل في واحد .. يعيل اهله و مايقدر يستغني عنهم ؟ تعرف بنات اليومين وشروطهم التعجيزيه ..
اخذ نفس طويل وبعدها قال بإبتسامه عريضه ..
: يارجال خليك مني ؟ المهم طمني عنك انت ؟

اقترب ناصر وقال بجديه ..
: انت اذا نويت .. ابشر ببنت الحلال ... !!
غص بكلماته .. فأبتلعها على الرغم من الالم .. واكمل ..
: ابشر ببنت الحلال اللي تسرك .. ؟

طلال بنبره ضاحكه ..
: اللي اعرفه ان ماعندك خوات ... لايكون اشتغلت خطابه واحنا ماندري ؟

ضحك ناصر وقال : هذا جزاتي اني ادور لك الراحه ..
على العموم اذا كنت ماتبي على راحتك .. اهم شيء انك ترغب في الزواج من نفسك ومافي احد يجبرك ..

تصاعد صوت طلال بإحراج ..
: ومن هي اللي تقصدها ؟

ابتسم ناصر واسترخى وكأنه سنارته غمزت في مكانه الصحيح ..
وقال : اخت مطلق الغانم ..

ارتسمت ملامح الدهشه .. على وجه طلال .. و التزم الصمت يدير الفكره ويدحرجها في رأسه
من كل النواحي .. رغم الخوف الذي استبد به من الفكره ..

اما ناصر فقد تنفس بهدوء .. .. وقد تموضع مكانه بإرتياح ..
سينتظر القادم بصبر و ترقب .. وسيهتم بكل الجوانب ..
تلك الفكره سيحرص على تكوينها .. وتجسيدها بجهوده بصمت ..

يجب ان ينتهي من تلك المعضله الحقيقيه ..
يجب ان ينتهي .. وينتصر .



********************************


اي ازدحام مر في يومها هذا .. تتشاغل بأي شيء لئلا تتذكر ذاك البعيد عنها ..
زياره امها .. اتصال مع اختها .. و مع اخيها الذي اغلق جواله منذ فتره طويله ..
وشعرت بالملل بعد كل هذا .. مطلق وكم اتصال عابر كانت معه فيه .
مشغول بما فيه الكفايه .. عقله ممتلئ بالكثير من الامور ..
ولاحيز لها هناك .. وان كان.. فهو بعدما ينتهي من كل اموره العالقه ..
ابتسمت برضا .. لابأس .. ياليلى ..
اقنعي بالقليل ولاتكوني طماعه في الكثير .. الكثير .. مما لاتستطيعن احتماله ولا هو يسيتطع ان يمنحه لك .

انتبهت لاريام جالسه لحالها .. وتحدق في شاشه الحاسوب بدون ان تمسها ..
طرقت الباب بخفه .. :
مساء الخير ياحلوه ...
ابتسمت اريام .. لتخرج من ذهولها ..
: مساء الخير .. اشوفك صاحيه ؟ غريبه عاده من بعد صلاه العشاء تنامين ؟
دخلت وجلست على الكنبه الطويله ..
: ماجاني نوم ... قلت اجي واسهر معاكم .. إلا وينها سمر ؟
اريام : في المطبخ .. اكيد تخترع لها شي تاكله ..
وعادت الى التحديق .. لتغلق حاسوبها بتأفف ..
رمت ليلى عليها نظره عابره ..
حاولت تتقرب منها لكن خافت ان تصدها بأسلوبها البارد ..
لكنها جازفت بسؤالها ..
: خير يا اريام .. اشوفك متوتره طول الوقت ؟
اريام بإبتسامه بارده ..
: لاحظتي .. ؟!!
تشجعت ليلى بالاقتراب منها وسؤالها مجددا ..
: خير فيه شيء اقدرو اساعدك فيه .. ؟
تطلعت لها بملامح ضائعه لاول مره تكون اريام عليها ..
: لا .. مافي شيء.. يعني في امورمزعجتني في الجامعه علشان كذا متضايقه..
ابتسمت ليلى ..
: الله يهون عليك ان شاء الله ..

استجابت على الفور لنغمه جوالها .. وتفتحه بلهفه
: سعود .. حبيبي وينك ؟
تصاعدت ضحكه من الطرف الاخر ..
: موجود يالغاليه .. لكن لايسمعك مطلق وانتي تقولين حبيبي ..
ابتسمت بخجل .
: وينك ياخوي ..؟ دقيت عليك اكثر من مره لكن مغلق ..
سعود : ماكان فيه شحن .. لكن لما شفت رسالتك قلت لازم اكلمك علشان اطمنك علي ..
ليلى :سويت عين العقل والله مشغوله عليكم .. حتى نجمه ...
توقفت عن الكلام .. لكنه علق ..
: ماعليه ياليلى .. هذي ايام صعبه وتعدي ..
ليلى بحزن : كيف اهلي ؟ كيف تقبلوا الخبر ؟ اكيد انزعجوا ؟
تنهد سعود وقال ..
: جدك مهما سويت وفعلت ماراح يرضى .. يبيني اسوي كل شيء على كيفه ..
قاطعته ليلى : الله يخليك ياسعود لاتزعله ..
انقطع صوته لتعود ترجوه ..
: سعود لايكون زعلته .. جدي ما يتحمل .. انت المفضل عنده لاتوجع قلبه مثلما سوى ابوي ..

صرخ بصوت عصبي .. وخرج من بؤره الضوء ليكون الاخ المثالي ..
: جدك اللي تخافين عليه .. طردني من البيت ولارف لها جفن ..
جدك اللي تقولين انه يعتبرني المفضل عنده .. عاملني مثل البزر ولا حسب لرجولتي اي حساب ..
وابوي للمره الالف ماسوى شيء غلط .. اتبع قلبه و ماغلط غلطه حياته مثلي .

اغلقت فمها بصدمه لم تستطع التعليق عليها ..
اقتربت منها اريام بخوف .. : ليلى .. خير فيه شيء صاير ؟

هدأ الاخر بإنفعالات ساخنه مثل حمم بركانيه تحرق الاخضر واليابس في طريقها
تاركآ تلك المساحه الفسيحه من تأنيب الضمير يأخذ من روحه الكثير ..
استنزاف طويل من المشاعر حتى لم يعد يستطع التحكم بنفسه ..

همست بصوت ضعيف غير مصدق مايحدث ..
: ليش ماخبرتوني ؟ ليش تعاملوني وكأني واحده غريبه بينكم ؟
سعود : ايش نقولك .. الموضوع صار وانتهى ؟ ومثل ماقلت تدخلك مابيغير اي شيء ؟

ولم تعد هناك كلمات تقولها في مثل موقفها هذا ..
انتهت تلك القصه الجميله والاحكوكه المتكامله ..
الحلقه المغلقه في حياتها الماضيه قد انفصلت و تقطعت وصلاتها ..
اصبح الخوف من القادم اكثر استبدادا بها ..

بهتت ملامحها حين قالت بحزم ..
: ارجع لجدي ياسعود .. مالك غيره بعد الله .. ارجع له ياسعود واطلب منه يسامحك ..
ارجع لو تبي تحافظ على عائلتنا .. ولاتنسى فضلهم علينا .. لاتزيد مواجعهم ..
فكر واعرف وين المشكله ... كل شيء بالتفاهم يصير ..

سعود بهدوء : بشوف .. اكيد ما بطول في الغيبه .. لكن قلت اخذا استراحه محارب ..
على العموم اتصل فيك بعدين واقولك .. مع السلامه .

ابتسمت رغم الالم الذي سرى في اوصالها ..
ألم اصبح ادمانآ حتى الهلاك ..
كل يوم بصوره مغايره وشكل مختلف .. من كل النواحي يأتي إليها ..
احباء قلبها يعانون .. يتمزقون وحيدين .. فمانفع الراحه لها وهم في قلب العاصفه ..


ارتعشت شفتيها و انذرت عيناها بدموع قد اعتادت ان تبكيها دائما ..
لكن فجأه هبت واقفه .. تمشي بآليه ناحيه حجرتها تلك ..
التي تستوعب جدرانها كم هائل من الدموع و شهقات الحياة العسيره ..
من تحتضن همومها و تفشي لها بأسرارها ..

اما سعود فقضى اوقاته يتأمل نجوم قد اضيئت في ليلته المظلمه .. وتمنى لو ان واحده هناك بين جوانحه
تضيئ وحشته وتهديه الى الصواب دون ألم او حتى عذاب ..

همس لنفسه بألم وقد بدأ يستشعر بعض المسؤليه التي فلتت من يده ..
: انتهت استراحه المحارب .. انتهت .

شعر برغبه في السفر بعيدا .. بعيدا .. حيث سيكون وحيدا لا احد معه هناك ..
صدرت نغمه رساله من جهازه .. ليهز رأسه رفضآ وكأنه يقول ولا حتى وسيله اتصال
تجبره في العوده الى الواقع حيث المراره هناك .

فتح الرساله بعبثيه .. و فتح عينيه على وسعها .. على تلك الكلمات التي ومضت في وجهه غفله ..
لكنه ابتسم بعدها .. ابتسامه للناظرين هي اشبه بإبتسامه ساخره ..
ابتسامه رجل قد استفز و اعلن التحدي في وجهه على ان يتعارك ويبدأ صراعآ

فهل يقبل التحدي المطلوب بين اسطر الرساله ؟


***********************


تبعثرت الاوراق على صفيح ساخن من الاحداث القادمه ..
وماكان بالامس مضمونآ .. اصبح اليوم مستحيلآ او نادر الوجود ..
لاوجود للمشاعر الان .. فالحسابات قد تبدلت ..
والاحداث قد توالت ..
والقلوب قد ضعف نبضها .. وكأنها تنذر بالتوقف ..
دارت دائره الحياة على الجميع ولااحد مستثنى منها .. واصبحوا الان في مواجهه اقدارها ..

بعضهم يبحث عن نفسه في غمه المجهول .. يطارد طيف في دهاليز الحياة ..
والاخر يثبت نفسه حيث توقف .. ولايريد الحراك بعدها ..
اعتقادات انفسهم بأنهم على حق .. وهم على حق .. يظنون ذلك
لابأس .. كل يمشي في طريقه وكل في معتركه الخاص مع نفسه ومشاعره وحتى قيمه ومبادئه ..

وماكان سهلا يسيرا .. اصبح صعبآ مريرآ .. غايه في الهلاك من اجل الخلاص ..
لن اظلم الجميع .. فالبعض من الكل .. يدعون من اجل الاخرين ..
تتواصل مشاعرهم .. على الرغم من كل شيء ..


دمتم بخير
ألقاكم
كبرياء الج ــرح

 
 

 

عرض البوم صور كبرياء الج ــرح  
قديم 08-06-11, 08:05 AM   المشاركة رقم: 47
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
اميرة الكلام العذب


البيانات
التسجيل: Jun 2010
العضوية: 172238
المشاركات: 902
الجنس أنثى
معدل التقييم: كبرياء الج ــرح عضو على طريق الابداعكبرياء الج ــرح عضو على طريق الابداعكبرياء الج ــرح عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 233

االدولة
البلدUnited_States
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
كبرياء الج ــرح غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كبرياء الج ــرح المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي

 






سلام من الله ورحمته وبركاته ...
تحيه طيبه الى الجميع ... كيف حالكم .. وحشتوني ...
مشكوره اراده يعطيك العافيه يا مشرفتنا الرائعه
وسوري على التأخير ..

** اثرني احبه **
شكرا حبيبتي على السؤال .. الله يعطيك العافيه .. تسلمين لي انتي وكل من سأل عني ..
القاك ..


البارت السادس والاربعون :





وَ علِّق للحبيب أكبر ( أحبَّك ) .. بالسِمَآء .. وَ إصبر ..
يجي يُومَه .. وَ يرفع نآظريه ..
وَ يذكر أحبَآبَه
. ..
.
.-
.

إبتسم .. إبتسامه واسعه لنفسه على نافذه زجاجيه تعكس صوره زاهيه له وهو في ابهى حله ..
يظن المارون به انه مزهو لنفسه لحد الغرور وقد ارتدى ذلك القميص القميص والبنطال الازرق ..
زرقه جعلت سماره الشرقي اكثر وضوحا .. فبدى وكأنه صوره لاحدى الاعلانات التجاريه ...

متردد في الدخول لاحدى المحلات .. و بالخصوص تلك التي كان يقول فيها سابقآ .. قطعآ ومستحيلآ والبته
و خطآ احمر داكن تحتها لدخولها فقط ... محلات نسائيه ..
لكن ذلك الفستان الاحمر بتفاصيله المثيره ... جعله يثبت مكانه دون حراك .. اغراء من نوع اخر ..
كانت ليلى من ترتديه ... هي من تجعله رائع .. هي من جعلته يبدو كتمثال امامه ..

ابتسم مجددا متخيلآ صدى لضحكات ناصر عندما يسمع بمثل هذا الخبر ..

سحب نفسآ عميقآ و خطا خطوه للداخل ... لتلفحه تلك الروائح العطريه الشذيه .. ولتنجذب
إليه اعين النساء كأنه دخل للتو حديقه فراشات وهو الدبور الغيرمرحب به ...

ابتلع غصه كبيره وبعثر شعره محرجآ ... وقد اقتربت منه احداهن ويبدو انها البائعه ...
: اهلا وسهلا ... تفضل ..
اشارت بيدها ناحيه المكان المزدهر بالكثير من الفساتين الملفته للنظر ....
قاطع تخيلاتها التي تجعلها تعتقد انه يدور كمتذوق و هو لايفقه شيئا في عالم النساء البراق ...
: اشكرك ... لكن لو سمحت ..ابغى مثل الفستان المعروض في الواجهه ...
تدخلت بإبتسامه : قصدك الفستان الاحمر ...

اومأ برأسه .. لتسأله اسئله كثيره .. فيما يرغب و مقاس محدد ..
شعر باختناق من تلك الروائح الانثويه والهمسات التي تعالت حتى اصبح يسمع المديح والثناء مباشره ..
انتظر تغليف الفستان ... و هو يخرج بطاقته المصرفيه .. ويترك جواله على الطاوله بعدما ألقى نظره
سريعه على الساعة ...

قبل ان يشعر برعشه تتسلل الى عموده الفقري لسماع صوتها الانثوي الهادئ الذي عرفه بالتأكيد
هنادي ابنه المدير لاغيرها صاحبه مثل هذا الصوت الممتلآ بالدلال ..
: استاذ مطلق ؟
التفت لها بحده كصوتها الذي اخترق مسامعه ... وتأمل ذلك البريق الكريستالي من عباءتها الفاخره ..
اعقبت وهي تتكآ على طاوله المحاسبه وفي يدها الكثير من الفساتين ...
: اخر مكان اتخيلك فيه ... ؟ فاجآتني صراحه ..
ابتسمت تلك الابتسامه الجميله التي يغرق فيها فوج من الرجال ..
ليجب بإبتسامه متوتره : حتى انا .. ؟
رفع رأسه بشموخ وكأنه بتصرفه هذا يتعالى على مشاعره ..
وأكمل : ما اظن المكان محرم على الرجال ...
نظرت حوله وسألت بفضول ..
: لا ابدا ..اكيد جاي تشتري هدايا .. وطبعآ لإخواتك اذا ماكنت غلطانه .. اذا كنت تحتاج مساعده تراني في الخدمه ..
ابتسم للبائعه وهو يناولها البطاقه ..
: اشكرك .. لكني تقريبآ انتهيت .. .. التفت ناحيتها وكمل بثقه ..
: اشتري هديه لزوجتي ...
فتحت فمها الصغير .. و التفت حولها بتوتر .. هل حقآ ماسمعته ؟
لكنها اعادت قوله بذهول : زوجتك ...
اخذ الفستان .. اومأ رأسه بإحترام متجنبآ النظر الى وجهها المتصلب ..
لكن قبل رحيله سألت سؤالها الاخير ..
: متى تسافر يامطلق ؟
رفع حاجبآ متعجبآ لامرها ... مرة تناديه بالالقاب .. والاخرى تجرده من لقبه وتناديه بصفه عاديه ..
مابالها ؟
ابتسم .. لينبض قلبها بين اضلعها بقسوه شعرت بالالم خلالها ..
: ليش تسألين ؟
اجابت بتوتر : نسيت العقد وموافقتك عليه .. احنا مازلنا مصرين على شراكتك ؟
اومأ برأسه بتفهم و اختصر قوله ..
: بكره .. ان شاء الله .. تحياتي لوالدك ..

لوح بيده وبعدها .. خرج من حيث دخل .. وللتو قد استديرت اعين النساء لامورهن وانشغلن بها
بعد ذلك الانقطاع القصير ..
وهي زفرت من داخلها بخارآ حارآ اذاب قلبها مع شرايينه ...
لمست موضع نبضها وسألت نفسها ..
ما بال حالك ياهنادي قد تغير عندما ترين هذا الرجل ...
تجهمت وقد بدت تطرح على نفسها سؤالا مهم ..
قصده بغدآ يسافر ام غدآ يحضر الى الشركه ويوقع العقد ؟!!!

ألقت بالفساتين بإهمال و تركتها .. بعدما فقدت الرغبه في التبضع بعد تلك الصعقه القصيره التي
صدمتها ... وفكرت بالمغادره .. قبل ان تلوح لها البائعه بشيء لفت نظرها واثار اهتمامها ..




************************************



ياليل لاتبكي فؤادي العليل ..
ياليل احجب عني تلك الاحزان المتوشحه في غياهبك ..
فلم اعد اطيق الصبر في انتظار الفرج ان يحل ..
ليس سوء ظني مني في أمل ينيره الله لي من جوف الظلام ..
لكني بت من الضعف ماعدت اقوى فيه على الاستقرار ...

كتبت الرساله بجهد بالغ الصعوبه ..كل حرف بمعنى ألم وكل ألم بمعنى جرح وتنازل وهزيمه
اقتنعت بها مؤخرآ وان كانت مازالت تعتقد انها ليست سببا رئيسيا بل تشاركت معه الاسباب ..
لقد قدمت الاضحيه الكبيره .. هي نفسها .. وكبرياءها الذي تهشم الى ألف قطعه ..
وقفت في وجه كبيرهم .. مالم تتوقعه هي نفسها .. ومالم يتوقعه احد منها.. ماكان يجب منها ان تفعله
منذ زمن طويل ..
صارعت خجل الانثى الذي يمنعها من المصارحه ..
في وجهه وقفت صامده.. تضع لنفسها قيمه .. بين كم هائل من الرجال ..
من اجله هو ... من اجل عودته قاومت كل الصعوبات وتحدت نفسها بينها ..
لم ترضى بأن يدفع الثمن بمفرده ..

وقفت على عتبه بابه .. تقدم قدم وتأخر اخرى ..
حتى شعر بوجودها فرفع رأسه ثم اخفضها بقوله ..
: ادخلي النسوان داخل ..
ابتسمت تحت غطائها وهي تقترب منه قليلآ ولعل ابتسامتها محرجه اكثر من جرأه اعتقدتها ..
فألح عليها بصوت منزعج ..
: اقولك الباب من هنيا ... انتي من تبين ؟
خرج صوتها مضطربآ ...
: انا نجمه ياعمي ...

هدأ العجوز مكانه وارتسمت ملامح السكون عليه .. ولم يعلق على وجودها فأستغلت الفرصه ..
: جيتك ياعمي علشان اقولك .. الذنب ماهو ذنب سعود .. الذنب ذنبي .. اخطيت في حقه ..
لو انت مكانه كنت سويت مثله واكثر ..

تنحنح العجوز وكأن قولها لم يروق له ..
: ماهو عذر يابنتي .. وماله لزوم انك تجين بنفسك و تخبريني بفعله .. الولد راح من شوره .. فارجعي لبيتك الله يستر عليك .
تنهدت بيأس لكن لم تستسلم ..
: عمي .. سعود رجال مافي منه .. والله انااللي .....
قاطعها الجد : وانتي ندمانه ؟
كانت نظراتها مليئه بالتحدي .. كانت مستعده للكذب لتشعر بالانتصار .. لكنها قالت ..
: الندم جاني من صوب اهلي .. لكن انا وسعود اخترنا و نتحمل ما جانا ... لكن اما انك تطرد سعود علشان يرجعني
فهذي عيبه في حقي .. مااقبلها ولو ابوي سواها ...
الجد بحزم : انتم ماتعرفون مصلحتكم ؟
ابتلعت غصه كبيره من التحمل فتراجعت منهزمه ..وقالت ..
: ولا انتم تعرفون .. انا مابي ارجع لسعود .. حتى لو جاء معك يالشيخ .. فالسموحه منك من الحين ؟

تركت المكان بوقاحتها المعتاد .. ضربت بكل شيء عرض الحائط وعادت متعثره ...
تجاور الجدران الصامته لتخزن دموع الخساره و الخذلان ...

اما عن الجد فأبتسم .. والمشكله انه ابتسم ولم يكن شيئا مما قالته اغضبه ..
شيئ من هذه الفتاه يعجبه .. تلك الروح المعانده .. تذكره بنفسه ..
تنهد مستسلمآ ... ولسان حاله يقول ما عاد باليد حيله يا عزيز ...


شعرت بألم يحيط بجسدها بعد تلك الدقائق التي استهلكتها معه ..
لم ينلها بعده سوى توبيخ والدتها على خروجها من غير استئذان و سكوتها الذي طال وصدع جدارن الكلام .. .
فتهالكت على فراشها وكأن الحمى بدأت تزورها و تلطف عنها مامضى ..
وكأنها ستؤجر عما اقترفته في حق نفسها وفي حق سعود ..
الذي مازال ذكراه ينهش قلبها ويدميه ... وهي تتابع بشفافيه تلك الكلمات التي كتبتها له لعله يفهمها




( هذي المره الثانيه اللي تاخذ فيها قرار خطأ في حياتك .. .. لا تتحجج بي كعذر للهروب
واجه الحياه برجوله .... وارجع لاهلك لانه لو فكرت تشوف مافي شخص يقدر يفرقك عن الناس اللي تحبهم
حتى لو كان الشخص هذا انا ) ............................



******************************



تقدمت منه والغضب يملأه على اهماله لها ايام طوال ..
شعرت بغصه كلمات تكدست في فمها .. ولو اتيحت لها الفرصه لن تعرف الصمت بعدها ...
ابتسم لكن لم يجد صدى لابتسامته لديها ..
ناصر بهدوء : يالله هاتي اللي عندك .. انا جيت علشان اسمعك ..
بنبره غيرمباليه ..: ماعندي شيء اقوله ..
تنهد وقال بعدما اقترب منها ..
: ودادي لاتسوي فيني كذا .. والله كنت مشغول ..
وداد : مشغول .. مافي مشكله عندي .. حتى انا كنت مشغوله .
مسح وجهه بيده وقال ..
: وداد .. ماهو معقوله اول مشكله في حياتنا .. مانعرف نحلها .
رفعت نظرها له ... وقالت ..
: قول لنفسك هذا الكلام .. انا ماكان عندي مشكله اتشارك معك اي شيء .. لكن انت من اول مشكله واجهتك
تغيرت معاملتك لي .. و لجأت لنفسك ..
مسك يدها بسرعه وقال ..
: وداد .. كل اللي يواجهني مشاكل المرضى اللي عندي .. وتعرفين السريه بيني وبينهم .
تأملته بنظره غير مباليه .. او بالاحرى غير مصدقه ..
فأعقب ناصر بيأس ..
: ارجوك .. لاتناظريني بالطريقه هذي .. حتى لو عندي ورفضت اقولك ماتصير مشكله بيننا ..

لم تبالي بكلامه .. فإنزعج من برودها تجاهه .. فترك يدها بجفاء
فاعترف بإستسلام : اجلت الزواج لان ماكان عندي الميزانيه الكامله لتغطيته .. تبين اقولك و تصغر صورتي
في عينك ..
اقتنع بأن مايقوله هو جزء من الحقيقه على الاقل ...

حزنت لتلك النبره الاليمه ..
: ناصر .. ليش ماقلت لي ؟ صورتك مابتغير من حبي لك .. على العكس .. كان المفروض تشاركني كل شيء .. .
ولانحط حواجز بيننا ..
ناصر : وداد انا من النوع اللي مااحب اشارك الجميع كل مشاكلي .. لازم تفهمين هالشي .
جاء دورها لتمسك يده بحنان ...
: انا مو اي احد ياناصر .. لاتحط الفروقات بيننا ... انا مستعده احترم خصوصياتك بشرط ماتأثر على علاقتنا مع بعض .
احتضن يدها بدفء و اقترب من وجهها ..
: الله يخليك لي ... و الحمدلله ربي رزقني بواحده عقلها يوزن بلد ..

ابتسمت واجابت بصوت اكتسحه الخجل ..
: عاد لاتصدق انت .. لاتحسب كل مره بمشيها لك ..

ضحك ورفع يدها لفمه .. لتنظر له بإبتسامه وقد اشرقت زاويه من الظلام كانت تجلس فيها لمده
انحجبت عنها شمسه الدافئه .. راقبت حركته التي لم تخطأ هدفها برغبه من ناصر ..
باغتها عندما سحب يدها ليشدها ناحيته و هي مدهوشه غير مدركه لتصرفه من البدايه
فقد غرقت فيه لامحاله ..

ابتسم بإنتصار وقد اقترب من هدفه .. ثغرها الباسم ومنطقها الجميل كانت كل مداركه هناك
مستغلآ جمال اللحظه لاول قبله في حياته لامرأه عشقها حتى بلغ بها مستويات الجنون ...



***************************


رقص على ازف الانتظار..
هلائك نبضيه تتوالى ..
أمل متواتر في الوصول ... لكن الى أين ؟!!!


مساء لا لون له هناك في الرياض .. جاف وحار و بلوغ من الملل حد الانفجار ...
وجو من الصخب حولها ... وهي ليست بوحيده في ذلك الجو المشحون ...
فأ ريام لاتبدو على حالتها المعتادة ... وسمر منغمسه في مغامراتها الشيقه مع التوائم ..
وهي تشعر بالضيق والاختناق .. تود لو تصرخ غضبآ وقهرا .. و مللآ ..
سألتها وفاء مرارآ واعادت والدتها تكرارآ لسوء مزاجها ... لم يكن بيدها حيله
ذلك الشعور لايطاق ... قبض محكمه من الضيق اعتصر قلبها..

مازال أمراخيها يحيرها .. ويزيد عليها مصاعبها .. لكنها وعدت نفسها بعدم التدخل بمشاكله
لكن كيف لها ان تقتنع وهي منفيه عن مسائل عائلتها لكي تناقشها بأريحيه ..
وصديقتها .. قد قاطعتها لتعاملها بالمثل .. فالحدود الان اصبحت شائكه و صعبه الوصول ..
هي تفهم الاسباب لكنها غير مقتنعه وبالتالي فهي مجبره على قبول ذلك ..
وماصعب عليها .. ذلك البعيد الذي من تركها وحيدها والهموم تحاصرها من كل جهه
وتعتصرها حتى اخر قطره من البقاء ... لم تعد ترى في اتصالاته الشحيحه التي يؤدي فيها واجبه
كافيه و راضيه ... كانت ترى فيه فراغ كامل معدوم التواصل ..
انغلقت على نفسها ... لتواجه كل مايصيبها بعزم .. بدون تدخل احد ..
استجمعت كل افكارها وهي تدخل مكتبته الكئيبة .. تحاصرها كم هائل من الكتب ...
حرصت على طلب كل مايلزمها لترمها الدراسي من مناهجها الجامعيه ..
ستكون جديه وتحرص على مستقبلها ولن تكون ضائعه في شتات الحياة والناس حولها يمضون ..
لقد قرأت مقوله ما في احدى الكتب " اذا كنت جادآ في التغيير فكن بطلآ وابدأ الآن "

ابتسمت وقد احتلت مكتب مطلق الكبير .. واستدركت نفسها بوحشه قد غمرتها وقد اصبح المكان مظلما
فجأه وكأنه لايرحب بغير صاحبه ... استرخت في عمق الكرسي الكبير .. و مسحت بطنها بحنان
وخاطبت طفلها بصوت عال : هذا مكتب البابا ياحبيبي .. ...

عدت على اصابعها كم يتبقى لها من فتره حملها .. اربع اشهر بالكثير و سوف يكون لها طفل صغير
يحمل تقاسيم ابيه الرائعه .. ضحكت بنعومه لتلك الافكار المسالمة ... ونقرت بأصابعها على المكتب المرتب ..
كم تحتاج لدفعه للامام لتمضي بطريقه صحيحه ...
وقفت تختار كتاب بين الكتب الكثيره ... ستختار كتبآ تاريخيه او ادبيه بحته يا أما عن الشعر او قصصيه ممتعه .
لتشغل به وقتها .. لكنها لم تستطع ان تركز ..وكأنها بذلك بعثره الاشواق على اعتاب حبيبها البعيد ..
عضت شفتيها وابتسمت بمتعه قد اجتاحتها .. نقرت بجوالها بأسمه المحفوظ لديها ..
واستمعت لخط متواصل للرنين طويل وبعدها ينقطع .. أعادت الاتصال ولا فائده ..
انطفأت تلك الرغبه في محادثته .. و تركت الهاتف .. على الطاوله لتعاود البحث متناسيه ماحدث ..
قبل ان يتصاعده رنينه هو .. ابتسمت تلقائيا لتلك السرعه في معاوده الاتصال بها ..
هتفت بتسرع : يعني ماتترك عادتك .. لازم تشغل بالي قبل ..
تصاعدت انفاسها وهي تسمع تلك النحنحه الناعمه لانثى ... وصوتها المغري يجيب ..
: انا اسفه . ...لكن مطلق نسي جواله في ............
لم تعد تدرك ما تفكر به او تقوله لكنها سألت بكل خوف ...
: وينه مطلق ؟ وينه زوجي لايكون صاير عليه شيء..
جاوبت تلك متداركه خطأها: انا اسفه اختي... زوجك بخير .. لكنه نسي الجوال في المحل ..
وانا ..... ؟
قاطعتها ليلى بفظاظه وقد بدأ يجتاحها كم هائل من المشاعر الجارفة ..
: وانت منو ؟ وليش جواله معك ؟
انتظرت معها لتلك اللحظه الموجزه .. فسألت بضيق :
: مين انتي و ممكن تقولي لي كيف تتصلين من جواله وانتي ماتعرفينه ؟
اجابتها هنادي بثقه : شفتك اتصلتي اكثر من مره فقلت اكيد بينشغل بالكم عليه ...
على العموم كنت بغلق الجوال ..
ليلى : ايه .. قفليه احسن .. ولاتردين على اي احد مادامك ماتعرفين ..
ضحكت هنادي برقه : هدي اعصابك يااختي .. قلت بسوي فيك خير .. صراحه ما اادري بصوتك هذا
كيف متحمل مطلق يسمعك ؟

فتحت فمها بإندهاش لتلك المتسلطه ...
فقالت برعب حقيقي لتلك الوقاحه التي هجمت عليها
:مالك علاقه في صوتي ........تجهمت لفكره شك سامه اصابت افكارها ..
وعادوت الكلام بنبره قويه : اساسآ كيف تعرفين زوجي ؟ والا انتي اللي تبيعين في المحل ؟
لو سمحت لو قدرتي ترجعين الجوال له بأسرع وقت يكون افضل شيء تعملينه ..
.. عضت شفايفها بقهر .. واغلقت الاتصال ..
وقد تغير مزاجها بالكامل .. وكل الايجابيه التي كانت تغمرها .. .تحولت لقوى سلبيه
دمرت كل نقطه تحول كانت تريدها لنفسها ..
من تكون تلك المتبجحه والتي انا متأكده ان صورتها يفوق صوتها دلالا و رقه ...
وكيف ترك مطلق هاتفه معها .. هل اصدقها .. هاتفها والمحل .. اي حجه قديمه تلك ..

هزت رأسها بعنف .. وقد بدأ تورم دموي يجتاحها من غضب كبير تحمله على مطلق ؟
وما ادراك اين مطلق الان ؟



**********************************



استرخى على الكرسي امام نافذه عريضه... وقد جذبته صوره جميله لاضواء حية للمدينه بأكملها
بينما تفكيره يسافر حيث موطنه هناك .. وحيث يريد ان يكون هناك في القريب العاجل ..
ربت على جيوبه يبحث عن هاتفه .. والتفت ناحيه سريره ... فأغمض عيونه بندم ..
وهمس : الله يلعنك يا شيطان ...
اخذ محفظته و طلع بسرعه ... تذكر انه نسي الهاتف في المحل نفسه .. وخوفه ان يقع في ايدي غير امينه ...
هبط للدور الاول .. و مشى على عجل قبل يستدعيه احد موظفين الفندق ..
استدار له .. فاقترب منه الموظف بوجه بشوش ومد له بكيس صغير ..
عقد حواجبه بإستغراب ... و تناول الكيس ... بدون سؤال .. ليتفاجئ بجواله مع بطاقه صغيره ..
اخذ البطاقه وقرأها بتمعن " مساءك خير ... يبدو من استعجالك نسيت الجوال ..
اسمح لي تراني سيفت رقمي عندك للاهميه فقط .... هنادي "

تأفف .. ورمى البطاقه داخل الكيس بإهمال .... وفتح جهازه المغلق وهو في طريقه الى المقهى
بعدما بدأ شيء من التذمر قد تسرب إليه من تلك الفتاة التي يجدها في كل مكان ... وقد بدأت تزعجه .

استرخى على مقعد في زاويه بعيده ... وقد بدأ نبضه يتسارع لاسم ليلى في مكالماته التي لم يرد عليها ..
فضغط على اتصال على الفور .... لتجيبه من اول رنه ..
: من معي ؟
ابتسم متعجبآ من سؤالها .. فرد ساخرآ ...
: اظن معك زوجك ؟
انتظر سماع صوتها .. الذي اختفى ... فعاد يسألها بحذر..
: ليلى فيه شيء صار عندكم ؟
اجابته بتسرع : ولك عين تسأل بعد .... من هذي اللي ردت على الجوال ؟
التقى حاجبيه ليدرك ذلك الفخ الذي وقع فيه ... فأجاب مترددا ..
: استهدي بالله يابنت الحلال .... لايروح فكرك بعيد ....
هدرت بإنفعال : قولي كيف ؟ واحده ترد على جوال زوجي .. كيف تبيني افهمها ؟
لا وترد وعينها قويه .... ؟

كتم غيظه من تلك الفتاة المدللــه التي جعلت الدخان يحوم حول علاقته مع زوجته ..
: ليلى .. إنت تعرفيني ؟
صرخت بغضب : لا ما اعرفك .. من قال .. قلت لي يومين وترجع وهذا انت جلست اسبوع
و اقولك عن واحده ترد على جوالك وتقول لاتفهمين غلط ...
مسد جبينه بحيره وقال بهدوء رغم مايشتعل بداخله ...
: ليلى ... اللي ردت كانت في المحل ..لاني نسيت جهازي فيه ..

قاطعته بأنفاس لاهثه : اللي كلمتني تعرفك بالاسم .... ومو من المعقوله تكون مجرد عامله فيه .
تنهد للورطه التي وقع فيها وقال بهدوء يحاول تهدأتها ..
: حبيبتي .. تبين الصراحه .. البنت بتكون بنت مدير الشركه اللي جاي علشانها .. كانت موجوده بالصدفه هناك
و جوالي تو وصل ...

انتظر يسمع ردها لكن صمتها كان يكفي بأن يشعره بأنها في حالة سيئه ..
برجاء .. : حبيبتي والله مابيني وبينها أي شيء ...

خرج صوتها هادئآ وحزينآ : لاتقول حبيبتي ...لاني متأكده انك ماتعرف معناها ..

وانهت بعدها الاتصال ... طالع الجوال بدون تصديق بأنها أغلقت الاتصال في وجهه ...
وبعد جملتها الاخيره ... شعر بالجرح والخديعه لحظه .. من تلك الغادره التي دخلت في شقوق علاقته الزوجيه
وزادتها نفورآ و تباعدآ ...

أعاد الاتصال به .. ليفاجئ بأنها قطعت الاتصال .. واغلقت جوالها ..
زفر بقهر .. لتردي الاوضاع بينهما .. لم يكن ينقصه سوى انثى دخيله تفسد عليه حياته ..
يكفي بأنه قدم من هناك وفي نيته ان يخمد تلك الثورات القصيره .. ويعيد بناء ماقد انهار ..
ويجد متسعآ من الوقت للاستراحه والعوده بنيه التجديد والبدايه الصحيحه التي تأخرت كثيرآ ...

ترك جواله وقد اشتعلت دواخله انفعالآ من كل امرأه في الكون ..
هل كان يحتاج بأن تهتز ثقتها به ...
ماذا فعلت تلك لتعلن عن تبجحها بكل جراءه ...

اخرجه رنين جواله ... لتكون اسم هنادي النابض على الشاشه .. عذرا له بأن يصب عليه جام غضبها ..
سمع صوتها الذي يكره نغمته من بنات حواء ..
: مساء الخير ..
اجابها بضيق من تلك الوقاحه ..
: ليش متصله ؟ ما اظن اعطيتك رقمي وسمحت لك بالاتصال بي ..
تهدج صوتها وكأنها متفاجآه ...
: انا اسفه .. لكن حبيت اتأكد من ان الجوال وصلك ... على العموم انا اعتذر ان كنت ازعجتك ..
اجابها بتوتر بلغ اشده لديه ..
: اكيد ازعجتني ... بمجرد الرد على اتصالاتي هذا شيء ما اقبله ابدا ..

هدأ صوتها لترد عليه : اكيد هذا بلاغ من المدام ... على العموم حبيت اسوي فيها خير لكن يبدو انه مايثمر فيها ..
صرخ بحده يقطع فيها فظاظتها ناحيه زوجته ..
: اظن مالك علاقه في زوجتي ... اعترفي بغلطك ولو بينك وبين نفسك .. ارجو انك تعلمت درس على الاقل ..
و رجاء يا اختي .. لا تتصلين علي ... احترامآ لما بيننا بيكون افضل لو مسحتي رقمي ...

انتظر ردها قبل ان يغلق هاتفه ويستند على المقعد زافرآ انفاس غاضبه من كل شيء انهال عليه في لحظه واحده ..
فتذكر صديقه .. لمن يبرد حراته ولو قليلآ ويشعر بالامل بأن اللحظه القادمه تكون اجمل ...
سيكون الاتصال بمثابه العون والمساعده .. فهو اقدر منه على حل الاشكاليه الخطيره التي وقع فيها ..



**************************


خط نار ..
قارب متأرجح في الضباب ...
و ارتعاشات نابضه تهدد بالانقراض ..
ها هنا في القلب ...
تندس مذعوره ..



شعرت بالالم يوخز قلبها ... غيره تكاد تكتسحها كلها وتخلع كل عقلانيه تصبو إليها..
حدقت في شاشه جوالها المظلمة ... و هي غير مصدقه ما آلت إليه الامور مؤخرآ ..
قال لها حبيبتي .. لم يفتعل ذلك لمصالحتها وحسب ..
بل كان يعنيها .. لان مطلق لا يخرج من مآزقه بالخداع ..
لكن كيف تهدآ وقد صبت الزيت على النار للتو ..
ماذا تفعل المرأه التي تعشق زوجها بجنون في مثل هذه الحاله ... ؟
كيف تعالج مشكلتها ولا تدعها تتضخم .. و تنفجر في وجهها بدون هوادة ...
كيف تتناسى ان امرأه اخرى في مكان اخر رأت زوجها وجه لوجه وتحدث معها بشكل عادي .. ؟
كيف يمكنها ان تتجاهل ما رأته في زوجها وتبادلته معه ؟

استصرخت بعنفوان .. وقد نهضت تتأمل نفسها في المرآه ..

و دارت نظراتها حول جسدها التي بدت علامات الحمل واضحه عليه ..
و استنكرت بأن تكون خاليه من الجمال بعد حملها ..
ألم يعد يراها جميله .. هل كان ينظر لغيرها بفتن واستحسان ...
هل تلك الفتاة اجمل منها ..
تنهدت .. بضيق كاد يفجرها ..وجلست بيأس .. وهي تحاول ان تتذكر اخر موقف حميمي بينهما
لكن لم تجد ... فكل تلك الاوقات كان مشحونه بالهموم والمشاكل التي تمر كالشوك بينهم ..

منذ حملها قد ابتعد عنها .. عادت تتأمل نفسها مجددا محاولة ان تعود مثلما كانت ؟
وقفت سمرو سألتها بعدما استندت على الباب الشبه مفتوح ..
: ليلى .. ماتبين عشاء ؟
كشرت في وجه سمر وقالت بتكدر واضح ..
: مالي نفس ..
اقتربت سمر وسألت بعدما انتبهت لملامح الانزعاج عليها ..
: خير ياليلى وشفيك ؟
تنهدت ليلى والتفتت ناحيتها ... وسألت بصراحه ..
: سمر ... أنا تغيرت ؟
ابتسمت سمر بتعجب : كيف تغيرت يعني ؟ مافهمت عليك ..
ليلى : يعني .. صرت بشعه بعد الحمل ...
ضحكت سمر وجلست على السرير مستنده بيدها للخلف ..
: بشعه مرة واحده .. مين اوحى لك بالفكره هذي ؟
ليلى : ما ادري .. مجرد احساس ..
سمر: لا ابدا .. ماشاء الله عليك انتي حلوه ...
لكن في الايام الاخيره تعبتي كثير فمن الطبيعي انك مرهقه شوي ..
لكن لو اهتميت بأكلك بترجعين مثل اول وافضل ...

جلست على كرسي التسريحه وقالت :
: واضح علي صح ؟ الله يسهل علي هالحمل .. حاسه بالملل ومزاجي سيء و موقادره اتحمل روحي ..
صرحت اريام : السبب مو الحمل .. السبب هو غياب مطلق ...

حدقت فيها متفاجئه بأن غيابه ترك اطلالآ في روحها تبكي عليه ..
تزيدها تعب و تخنقها العبرات برحيله ..


همست بنبره حزينه ..
: اشتقت له ..
سمر بإبتسامه : طيب كلميه وقولي له ؟
عادت وابتسمت ..ونطقت بعدها ..
: مافي كلمه توفي حق اشتياقي له ...

استسلمت بخذلان كالعاده.. اين لها ان تقولها له وهو لايفهم شيئآ ؟؟

فتحت سمر فمها لتتكلم و عادت واغلقته وقد ذهلت لمشاعر نطقت بها عيناها الوامضه بالكثير دونما اعتراف ..
لم تستغرب انها حادثتها بكل بساطه واعترفت بهدوء دونما كتمان ..
فهي تجهل تلك المشاعر ولاتعرف كيف تتصرف ناحيتها .. لكن يجب ان تحترمها على الاقل ..
بعض المشاعر صعبه ان تشرح .. كما انها صعبه ان تختبأ طويلآ دونما اعتراف..
ابتسمت .. وقد اصبح مكانه ليلى تتسع لديها ..
فعند سمر مقوله تحب ان تعيدها بينها وبين نفسها ..
" من احب اخي .. وكأنما قد احبني فأحببته بالمقابل "



ليلى ... و مشاعرها تنتحب بإشتياق لحبيب قرر الابتعاد ..
هل يفهم ماتعانيه ام ان الزمن امحاه الدليل ..
همست بإسمه بصمت وكأنها تناديه ليدرك لهفتها إليه ...

اناديك
لفني بعباءة حنانك
ولا تعبأ بما اقوله
او لا اقوله
اناديك
لملم اشلائي الممزقه
على طول عام من الحب والكراهية
لملمها من ليالي القلق
والفراق والإنتظار واللقاء
والشوق والشوق .. الشوق




*******************************


خرج من شقته بنشاطه المعهود .. يبتسم بين الحين والاخر .. لمواقف يتذكرها
اوبالاحرى لتلك الراحه التي غمرت قلبه .. لانه اعاد ما سقط سهوا بينه وبين وداد ...
ولن ينسى صاحبه الذي استشاط غضبآ لطلبه النصيحه التي تضاحك فيها عليه ..
وقع في ورطه بدون حساب لها ... ولايعرف كيف يرضي الطرف الاخر ...

انتبه لورقه موجوده على الزجاج الامامي ... فتحها مباشره وقرأ كلمات اذهلته بخط اليد ..
" انتبه لنفسك ولاتمشي في الظلام لوحدك وطالع خلفك دائمآ "

استدار للخلف مباشره كردة فعل .. مذهول من صيغه مبهمه في رساله خفيه ..
وفكر بشك بأن تكون مجرد دعابه من اي احد ...

جعد الورقه في قبضه يده بعصبيه كبيره وقذف بها بعيدآ ..
مهما تكن تلك الصيغه المكتوبه فأن لم يحبذها اطلاقآ...
سيكون عليه الاحتياط .. ففي عالمه اناس لايفهم عقليتهم بالشكل الصحيح
يتراءون لهم بأنه مجرد ان يفهم مافيهم و يكشف مخاوفهم انه يبتزهم و يثير خوفهم بالطريقه العلميه ..
فيثارون عليه بشكل شخصي .. مما يجعله كعدو لهم . ..

تلقى اتصالآ مفاجئآ من طلال ..
مسك المقود بيد و الجوال بيده الاخرى ..
: صباح الخير ...
طلال : هلا ..صباح الخير .. كيف الحال ؟
رفع ناصر حاجبآ مستغربآ وقال ساخرا ,,
: سلامات يابو الشباب .. تراني كنت عندكم البارحه ؟
ضحك طلال بتوتر .. و اجاب
: صدق .. توي دريت ...
ناصر : تستظرف دمك حضرتك .. ايش شارب من على الصبح ؟
طلال : والله كابتشينو ..
ضحك ناصر وسأل بإهتمام
: قول اللي عندك ياطلال .. المشكله اني فاهمك .. يعني خذها من قصيرها و ادخل في الموضوع على طول ..
طلال بتردد ..
: تعجبني والله تفهمني على الطاير... صح في بالي اقولك شيء ... لكن ماينفع بالجوال ..
ابتسم ناصر لانه فهم موضوعه وقال ..
: على راحتك ... طيب ايش رايك نلتقي على الغداء ..
قاطعه طلال : بشرط انا عازمك ...
ناصر : خلاص .. مافي مشكله .. بيننا اتصال اوكي ..
طلال : اوكي .. ياالله اشوفك .. مع السلامه
ناصر : في امان الله ..

ابتسم لانه الطريق لغايته بدأ يقترب رويدآ رويدآ ...
شعر بنشوه الانتصار قد بدأت تغزو افكاره ... مع تصاعد نغمه البدء في اذاعه اف ام الصباحيه ..


*****************************


فتحات للضمير تشق بوابه الالم ..
تداعبها نسمات الحنين ..
وتفتح نافذه لمجرد الرؤيا ..
غدآ .. مطمح للعبور ..
هناك حيث اللقى ..
حيث رشفه الحياة في ارضها الظمأى ...

.
.
.

ابتسم .. بين جموع لبعض طلبته الصغار .. قد داروا حوله مستمتع بأحاديثهم المتقطعه
لايتحدث واحد منهم حتى ينهال الاخرون في قطع كلامه ..
سعود بنبره حازمه رغم ابتسامته ..
: يالله انت وياه قدامي الفصل ..
تململ بعض الطلبه والقى باللوم على الاخرين ..
راقبهم .. رغم انشغاله بجهازه .. او بالاحرى عن بحثه عن رد مناسب يترجمه لتلك التي ادعت مساعدته
وهي التي اوقعته في حبائلها ...
طيله ليله كان يفكر .. متزعزع الرأي مابين الرد او الامتناع ..
يتصنع ثقلآ زائفآ بعدم الرد .. وكل مطمحه الان يبني كبرياءه من جديد ..
لكن شعوره بإستنزافه لاقصى رغبه في محادثتها وسماع صوتها قد سيطرت عليه .....
استند على سيارته يعيد قراءه الرساله للمره العاشره ..
محاولآ ان يجد كلمات تشفي فضوله وتسد حاجته الملحه في الرد عليها على الاقل ..
فكتب بسرعه لكلمات متدافعه تدفقت من عقله ..

" حطيت لنفسك قيمه كبيره لاعتقادك الخاطئ .. لاتشغلين بالك في اموري ..
ما اظن في سبب يخليك تراسليني فالامر انتهى بيننا ... فأرجوك لاتتدخلين في حياتي بعد اليوم "

ارسلها بدون مراجعه حتى .. او قراءتها مجددا او اعاده صياغتها ...
او حتى لتفكيره بأن الوقت غير مناسب لكي يرسلها ..
كان بأمكانه ان يتجاهل تلك الرغبه الملحه في الرد عليها ويمضي متساهلا
فتحسب له نقطه لصالحه في طريقه نحو التغيير الذاتي .
لكنه التزم بها كرد اعتبار عن كرامته او هذا مايعتقده هو ..
كأبسط الامور يهب مدافعا سواء كانت تحد تلك من شخصيته ام لا ..
ام هي صوره يريد ان تعتقد بأنه لم يعد يهتم بها ولو لمجرد الاعتبار بأنها كانت فيما مضى شيئا قيمآ لديه ..
يدعي بذلك عدم اهتمامه .. استداره للخلف يريد بها المضي وهو بالتالي يحن للعوده ..
لكن الامور التي تختلط فيها المشاعر والاحاسيس بالكرامه والكبرياء فيما يجب ان يكون من عدمه
تصبح حرب عشواء لايمكن الحد فيها ويستهان بها ..
ومن يعتقد ان من يقدم التنازلات هو شخص ضعيف .. مهزوز الكرامه فهو اسوآ اعتقاد يمكن ان تكون
مثل الوثبه الفاشله في خطواته لتكوين حياة متكافئه منصفه للجميع ..

لم يعبآ بما فكر فيه وبما اعتقده وبما كان يكون لديه وجهه نظر حاسمه فيما مضى اورأيا شخصيآ لايمكن البت فيه
او التراجع ... كل شيء لم يعد يهم .. هو يريد ان يكون شخصآ ليس من كان مسبقآ ,,
يريد ان يتغير .. يريد ان يصنع من اخطاءه .. وتجاربه شخصآ اخر ..
شخصآ متغيرآ حتى لو انه لم يتعرف عليه .. .


****************************


بهرجه ألوان ..
وبياض ثلجي ..
وصخب يضيق مابين الاضلع متنهدآ ....



كلآ منا يحتاج لشخص يدفن نفسه بداخله .. وينسى احزانه ليس حالهن فقط بل الجميع ...
لن تخفي شوقها عن احبائها ... هو وهي و هما وهؤلاءك ...
جلاده الحياة تحتاج للتفريغ منها ولو قليلآ ...

وقفت تنظر لنفسها برضى في مرآه الصاله .. بفستان الحمل السماوي وشريطه كحليه مزمومه اعلى الصدر ...
وشعرها الذي امتد على ظهرها بظفيره مرتبه طويله ... وقد لمعت شفتاها بلون زهري ... وخطت الكحل الاسود
بداخل عينها ... وذلك الجوال بزينته ينتحب لو استطاع بين اصابعها المشدوده عليه بغلظه ..

كانت تأمل بأن يهاتفها ويعتذر .. يوضح .. يعطها اهتمامآ واضحآ ... يلقي بالآ بأنها تكاد تلعن كل انثى تقابلها عينه
ألا يفهم مافي قلبها ... نيران و همجيه وثوره تكاد تنسى فيها نفسها ..
نار الغيره ستحولها الى هشيم ... يالجوانحه التي لاتستشعرشيئا مما انا فيه

اخذت لها مكان بعيدآ .. و قبضت على جوالها بيديها .. متردده مابين الاتصال به او انتظار اتصاله ..
فكرت بشك .. وسألت نفسها .. هل تجاهلي له وعدم اهتمامي به كزوجه ..جعله ينظر لغيري .. ؟
اجابت نفسها بصوت مسموع ..
: اكيد .. الرجال مالهم آمان ..

بلمسه واحده اصبحت ترى اسمه جاري الاتصال ... حينها شعرت بالتوتر .. لكنه هناك دافع
أجابها بصوت ناعس ..
: هلا .. ليلى ..
شعرت بالنار تتأجج بداخلها .. نائم و غير مبالي بها وهي ما ان أغمضت عينها إلا انتفضت تتذكر ما حدث ..
: صباح الكسلانين .. غريبه هالوقت نايم ..
سمعت ضحكته فإبتسمت رغم ضيقها منه ...
أجابها متكاسلآ : البارحه كنت سهران ..
سألته بفضول : لوحدك ؟
مطلق : لا ..
انتظرت حتى يوضح الشخص الاخر .. فوقفت متوترة ..
: مين كان معك ؟
بنبره بارده : انتي تحققين معي ؟

شهقت لتلك البروده التي احرقتها ...
فأجابته بحزم : اذا كان ودك يكون تحقيق فأنا ماعندي مانع ..
وضح صوته عندما سألها ..
: ليش متصله ياليلى ... البارحه ماكنت طايقه تسمعين صوتي ... وحتى وصلت فيك الجرأه وتقفلين الجوال
في وجهي ولاهمك احد ... ليش متصله علي تبين شيء ...

اضطربت امعاءها وهي تسمع كلماته التي جرحتها .. لم يفهم مابها حتى الان ..
كان كل شيء عادي مثل العاده بالنسبه إليه ..
منعت نفسها من التأثر ... وقالت بصعوبه ..
: وانت تعتقد ان كل شيء عادي بالنسبه لي ... ترد على واحده و تعطيك اعذار ..
تحسب ان الامر سهل ... انا زوجتك من حقي ازعل ..

قاطعها : لازم يكون سهل .. انا مستغرب اهتمامك يازوجتي .. ليش حليت كل المشاكل المتعلقه بأخوك
وتفرغت لي اخيرآ ؟

صعقت لكلماته التي تزيد حده وتتوغل بدون عناء لتجرح قلبها ..
بهمس : مطلق .. انت تعطي نفسك عذر ؟ انا ماقلت شيء يزعلك .. اي واحده مكاني
ممكن تفكر مثلي واكثر حتى ... فلاتنتظر مني اني ابقى ساكته وكأن الاحساس معدوم عندي .

علق بصوت واضح معللآ : انا قلت لك اسبابي .. ويا انك تثقين في كلامي .. او خليك
في اوهامك ... لكن المهم لاتزعجيني ..

اخفت شهقه كادت تسحقها و تقضي عل كل شيء .. لم يعطها فرصه حتى لالتقاط انفاسها ..
يزيد من جراحها .. وهي التي عللت نفسها بألم صنعه هو .. وفي الاخير كان قاسيآ ,,
يجرحها بدون هواده ..

اتسعت عيناها بخوف كاد يوقف قلبها .. للفكره الصحيحه .. بأن هناك امرأه اخرى في حياته ..
هل ذلك مايريد ان يقوله لي .. ويمهده لي بكلماته القاسيه ...

ترنحت .. وشعرت بصعوبه في تنفسها .. انخفاض في معدل ضغطها جعلها لاتريد ان تبقى مستيقظه ..
وتسمع المزيد مما يجرح فؤداها اكثر .. دمعت عيناها لفكره بأن هناك من تتشاركها فيه ..

: يعني شكوكي في محلها ... انفعالك ماله غير مبرر واحد ...
صرخ منفعلآ رافضآ ان تسحبه معها داخل دائره الشك ..
: ليلى .. فكري بعقلانيه .. لاتكبرين السالفه .. انا وضحت لك كل شيء ..

حاولت ان تتكلم ان تقول كلمه .. ان تعزي نفسها على الاقل بأنها قاومت معه ..
لكن اختفت .. شعرت بالخواء .. لانه ليس هناك مايقال بل العكس .. لن يجدي نفعآ ماتقوله له ...

كانت تمشي بتوتر ..غير مسيطره على انفعالاتها .. شارده الذهن حينما علقت قدمها في طرف السجاده
لتطلق صرخه مذعوره ...وصلت لاسماع ذاك الذي انتفض من سريره بعد تأهبه الذي كان مستعدا فيه
بالاعتذار عن ماقاله ...

انشطر جوالها الى نصفين . وقد سقطت على ركبتيها بشكل مؤلم .. تضع يدآ على بطنها وكأنها تحميه ..
هدأت من انفاسها وهي تجلس بشكل مريح بعد الخوف الذي اصابها ..

ادركتها خديجه بخطوات سريعه .. والتي اطلقت شهقه خائفه لمرأى سيدتها ..
اقتربت منها تسألها : سلامات مدام ...
ابتسمت ليلى.. تلك الابتسامه التي تشعرك بأنك كنت على الهاويه للتو .. و بنفخه هواء كدت تسقط فيها
: الله يسلمك .. تأملت نفسها وضحكت .. وبعدها تذكرت جوالها . .. انعقد حاجبيها بأسف على شكل
جوالها ...
رفعت يدها لخديجه لتساعدها .. فقدمت لها العون بسرعه
: مدام ... لازم يروح مشفى ..
ليلى : لا مايحتاج .. الحمدلله جات سليمه ..
مسحت وجهها الرطب .. وصعدت لحجرتها بعدما التقطت بقايا جوالها ..

رغم ألالم في ركبتيها لكن الان تشعر بالهدوء والراحه .. كادت تفقد طفلها للمره الثانيه
والسبب .. هو .. هو .. هو وبرودته و بساطته المتعجرفه تلك التي تجعلها مستغربه اي رجل هو ؟


وشعرت بالدموع تهددها ..
لكن تأبى ذرفها ..
تأبى ان تخضع وتنهار كل مره بسهوله ..
ستقاوم ..
ستقاوم .. و تعتاد الامر بشكل روتيني سهل ..


مُؤلم جداً ..
أن يكُوْن سبب بكَآئكَـ
ـآلشخص نَفسه
ـآلذي قآل لكَـ في يَوم :
لآ تبكِي فـ دموعَكَ غـآلية !!




******************************




انتفض بذعر .. اصابته حاله هستيريه من الذعر وصرختها مازالت في رأسها
لم يفهم نفسه لم تلك القسوه التي كان بها عليها ..
غيره نساء .. او ليس امر عادي من الممكن احتماله ..
نصحه ناصر بالتروي والهدوء .. ومعالجه الامر بالنقاش .
لكن هو لايحبذ ان يكون ضمن محيط مليئ بالتساؤلات والشكوك ..
قالتها ليس امرا سهلا عليها .. ان تشعر بأن هناك امرأه اخرى في حياتك ..
قالتها صريحه لماذا شعرت بالخوف حينها ؟
هل افحمتك بأمور ستجعلك ضعيف في الرد عليها ..
ألم يكن من السهل ان يسايرها وهي في اضعف حالتها ...
هاتفها مغلق ... مالذي حدث .. ماسبب صرختها تلك ..
مالذي حدث لها ؟

اتصل على رقم البيت لكن لاحياة هناك كان يرجوها ...
واستبد به الخوف حتى رأى نفسه يرتجف لاسوا الافكار حدوثآ ...
رمى هاتفه على السرير واسرع ناحيه الحمام وهو ينزل بيجامته ..
لا مكوث هنا .. ولابقاء لي .. وقلبي يتسارع في خطاه نحو الخطر ...
فمنذ مجيئي والصعوبات تتوالى علي غير رأفه بحالي..
لاخير في لو بقيت مكاني .. لاخير ..
اغمض عينيه بأمل .. ليلى كوني بخير من اجلي ..
من اجلي سامحي غلظتي ..
من اجلي تحمليني ..

فحبك لي هشمني وحولني لرجل يخاف حتى الحب ان يجرفه ..
حبي لك ..شفره بقاءي ..
احبك .. انتظري ان تستقر لديك ...
انتظري رحلتها الغامضه لتصل الى مرفأك ...

انتظريني ..



*********************************



خرج مسرعآ .. متأففا من الحراره العاليه التي لفحته ما إن خرج من المستشفى ..
مطمحه الوصول الى سيارته الموجوده ضمن صف طويل من السيارات ..
تنهد و قد غمد مفتاحها في مكانه ..لكن اصوات فرامل السياره القادمه مسرعة نحوه قد جعلته يجفل ..
تدارك نفسه ودخل السيارة بسرعه و قد مرت بقربه كالريح ..
شعر بالخطر فجأه . .. هناك من يريد ايذاءه
لهجه التهديد في رساله قد وجدها صباحآ بدت تعمل بشكل فعلي ... ام هيي مصادفه تلك ؟
شخصآ متخبط في طريقه لايعلم ان من الخطوره ان يسوق بتلك العشوائيه المجنونه ...

هناك من يريد ايذاءه ؟
ادار محرك سيارته منطلق من مكانه بسرعه ...
لابد ان يتوخى الحذر .. فهناك من يرسل له رساله شديده اللهجه بأن كل مطمحه ايقاع الاذى به ..
استجار بربه القوي الجبار ... يحميه من كيد من يريد به شرآ ..
ضغط على زر المسجل ليرتفع صوت سماءي طاهر بكلمات اجل الله شأنها ..
تدخل الى النفس طمأنينه و هدوء .. ليسكن المرء إليها متجاهل كل بواعث الخوف ..

استجاب لاتصال فوري قد ورده ..
ورد على الفور بعدما معرفه المتصل ..
: انا في طريقي يا طلال.. انت وين ؟

وانغمس في التفاصيل .. منصرف الانتباه عن متتبعه ..
يسير خلفه كظله في لحظه انشغال من ناصر الذي قرر فقط توخي الحذر ... ولا يعلم كيف ؟ّّ!!!


*********************************


مازالت ترتعش تحت كومه من البطانيات التي تدثرت بها ..
تبعد فيها اميال عن البرد بمعناه الفعلي .. لكنها الحمى .. تصطك فيها الاسنان بردآ وكأنك في قعر الجليد
مازالت تدمع .. ودموعها لاتجد فرصه حتى لتجف مكانها ...
تحدق للسقف تعد خشباته المهترئه .. ولسان حالها يقول .. كم عدد الخشبات ؟
في كل مره تحصيها .. تضيع في منتصفها او تقطعها عطسه او نحيب او دمعه زائغه تغير طريقها المعتاد ..
لكن ما تخفيه .. ان ماتجعلها تجفل بإرتعاشه تهز اوصالها وتشعر بأنها تصغر حجمآ في كل مرة ..
هو صورته الاخيره المؤلمه .. وذهولها الموجع ..

رسالته الموجعه التي أغلقت الجوال على اثرها ..
تقول انها مجروحه .. بالكاد شعرت بالجرح الان ..
تقول انها مرتاحه بعد الموقف الذي يشهد لها و تشيد به لنفسها فقط .. لكن بئس احساس تشعر به
فما هو الى الخزي والنكران ..
مازالت تتوغل في الكماليه الحمقاء .. والمثاليه التي جعلتها تستنكر شاعريه كانت لها معه ..

تنهدت .. وقد وجدت دمعه تعبر محيط عينها ..


لم يعد الفراق مخيفا
يوم صار اللقاء موجعا هكذا …

وأيضا أتعذب
لما فعلته بك
بعد أن دفعتني إلى أن أفعله بك

لقد مات الأمل
ولذا تساوت الأشياء …
واللقاء والفراق
كلاهما عذاب
و ( امران احلاهما مر ) …

يقولون : في الليل المنخور بالوجع
تنمو بذرة النسيان
وتصير غابة تحجب وجهك عن ذاكرتي …
لكن وجهك
يسكن داخل جفوني
وحين أغمض عيني : أراك !..


** غادة السمان .




***************************



آه كم أكره أن أحبك
و أن يسكنني كل لحظة ذلك الوجع الغامض بك
و التوق اللامحدود لسماع صوتك…

للمره الثالثه يستعلم عن موعد قريب للعوده الى دياره ..
لكن للاسف كل الخطوط مشغوله الان ..
وقبلها لايوجد رحلات قريبآ فكلها مغادره وهو المتأخر الوحيد الذي صرف النظر عن العوده الى وطنه ..

اعاد الاتصال بليلى متأففآ لكن لافائده ..
اتصل على البيت ..
ليشرق وجهه براحه .. عندما انقطع الرنين ..
: ألو .. ليلى ..
خديجه : هلو سير .. انا خديجه ..
قلب عينيه بصبر كاد ينفذ او نفذ وكفى ...
: خديجه .. وين ليلى؟
خديجه بنبره حزينه ..
: سير .. مدام ليلى تعبان شوي ..

أغمض عينيه بضيق اعتراها .. رمى نفسه لباطن الاريكه التي يجلس عليها في بهو الفندق ..
لتكمل له تلك الحادثه الصغيره التي حدثت لزوجته .. وطبعآ كل ذلك من اخراجه ..
قاطع سردها لتلك الحكايه ..
: اعطيها الهاتف .. خليها تكلمني ..
خديجه : حاضر ..

انتظر لدقائق .. لتعود خديجه لاهثه
: سير .. مدام تقول مافي كلام الحين .. يقول تعبان .

انفجر غاضبآ ...
: كيف ماتبي تكلمني الحين ؟
خديجه بخوف : سير انا مافي علاقه .. هي تقول ماتبي كلام .

هدأ ثورته ليقول بهدوء ..
: اوكي .. اوكي .. خليك معها .. واي شيء يصير كلميني مفهوم ياخديجه ..
خديجه : اوكي سير ..

حرك شعره وسأل : أمي وينها ؟
خديجه : ماما في زياره جيران ..

انهى الاتصال بدون كلمه اخرى ..
و استند برأسه بأريحيه .. يفكر بالعدول عن العوده ..
هي الان تعاقبه بعدما كاد يفقد عقله لساعات ...

شعر بوجود احدهم في محيطه الخاص ليرفع ناظريه مباشره ...
لتلك التي تقف امامه وهي تزرع ابتسامه ترتفع فيها زاويه فمها اليسرى ...
اعتدل في جلسته يقبض على يده بالاخرى وكأنها في ساعة انتظار ..
اقتربت بدون انتظار منها لدعوتها ..ووقفت ليس ببعيد عنه ..
: صباح الخير ...
اجاب بهدوء : صباح الخير ..
سألته بتهذيب : ممكن اجلس ؟
قلب عينيه واشار بيده وكأن حركته تلك الغير مباليه تدل على ان المكان ليس له ليرفض ..
جلست على طرفه الايمن ..
وقالت بمثل تهذيبها : جيت اعتذر لك عن اللي صار ..
كان يتأمل تشابك يديه .. غير ابه برفع نظره لها
: ما انتظرت اعتذارك لي ..
اخذ نفس قصير تتحمل فيها غلظته ..وقالت بوضوح ..
: ما ادري تصورت اني يمكن سببت لك مشكله بينك وبين المدام ..
رفع نظره لها بحده لتقع في نفسها رهبه غريبه ..
: الموضوع مايتعلق انك سببت مشكله لي ... لكن بصفه عامه انتي اغلطت لان
اي بنت محترمه ما تدخل في شيء يخص رجل ماتعرفه .. مهما يكن نيتها ..

احمر وجهها بإنفعال من سطوته الرجوليه .. وتحملت اهانته لها ..
: لكن انا كنت بساعدك ليس اكثر .. اختصرت عليك كل المشاكل اذا طاح الجوال في ايدي غير امينه .

اجابها بحزم وقد صرف نظره لاطفال اجتمعوا حول والدتهم ...
: مايهم .. كان بأمكاني حل مشاكلي بنفسي دون تدخلك ...

اتجه اهتمامها لناحيه نظره هو وابتسمت على الفور .. متجاهله تلك القسوه التي تترجمها كلماته
وسألت : عندك اولاد ؟

ابتسم على الفور متجاهل ايضا ذلك النفور الذي شعر به نحوها ..
: في القريب ان شاء الله بيكون عندي ..

ابتسمت بتوتر بعد ابتسامته التي واقعت في قلبها حزنآ عميق
وبعدما قاله اصابها احباط و يأس .. و كأن شيئ اقتلع من جذوره بداخلها .

عم الصمت لفتره طويله .. تململ مطلق حينها .. و وقف على الفور ..
لتقفز تلك من مكانها تتبع تصرفاته ..

راقبها بغرابه وقال بهدوء: اعذريني .. عندي موعد ..

انصرف وتركها ترتجف مكانها تراقب رحيله الذي احزنها كثيرآ .. وخارت قواها بعدما رمت بنفسها
تضع يدآ على موضع قلبها .. ماسبب تلك النبضات المتواليه ..

أغمضت عينيها بتوسل .. تهمس لنفسها ..
غلط ياقلبي غلط ..
غلط .. لاتدق الحين ماهو وقته ..
الرجل هذا ماهو ملكك .. لاتفكرين فيه ..
نهضت من مكانها عائده من حيث قدمت .. وهي تردد .. غلط ياقلبي غلط ...



********************************


فتحت خزانته وبدأت ترمي ملابسه ولاتصيب بعضها في المكان المناسب
غضب مبطن حملها على عدم التسامح والتجاهل هذه المره ..
شيئا ما جعلها تطفئ لهيب مشاعرها على اشياءه الخاصه ..
كيف يتعامل معها ببروده وهي تغلي .. يحسم الامر بعنجهيته المعهوده المبالغه فيها ..
جلست على السرير بتراخي بعدما اجهدت نفسها ..
هذا مايريده .. ان تكون حزينه وخنوعه ومنكسره .. وهي المتبتخر بفخر على جروحها
وكأن لا رجل في العالم غيره ..
صرخت توبخ نفسها ..: غبيه .. غبيه .. غبيه ..

غبيه لماذا ؟ لانك احببته .. ام لانك وهبته كل مشاعرك دون انتقاص منها
لكنه لم يمس مشاعرك بدونيه .. بل هو تعامل معها بطريقه الرجال ..
الا وهي اداره ظهورهم لامور مهمه .. يعتبرونها هم غير جديره للاهتمام ..
يتجنبون طبيعه الانثى تلك .. طبيعتها المتواتره في البحث عن المفقود
و التوغل في المجهول .. حتى الاكتشاف .. وان كان لايرضيها فغريزتها لاتشعر بالراحه
حتى تضع يدها على موضع الجرح .. واما ان تدوايه او تزيده عللآ ...

تأملت شماغه تحت قدميها .. ورفعته لحضنها تترافق مع رائحه عطره حيث يوجد هو ..
ابتسمت على رهافتها تلك ... للتو قاربت ان تدعو عليه بارئه .. وهاهي الان تحن إليه
بمجرد اطياف بعثتها رائحته المعلقه في ملابسه ..


عادت للخلف حيث تعلق ناظريها بسقفها العالي ... مع افكارها التي حلقت بها في عالم ضبابي
حيث تريد ان تكون هي .. تكون في عالمها بلا زيف او اقنعه بلا هموم تجبرها ان تصير شخص اخر
ان تكون شخصآ مغايرآ لما تريده وتطمح الوصول إليه ...
تتوقف عندما تريد ذلك و تنطلق عندما ترغب في ذلك .. ليس لاحد شأنآ لديها ..


لكن مايفعله هو بها غير منوط بتصرفاتها التي تعاني بفرط في حساسيتها تجاهه..
تتوقع منها ان يعاملها بالمثل .. لكن لن تفلح .. لان رده فعله تكون مغايره لما تريده ..
فهو يتفنن في تجريحها بقصد او بدونه... وهي لاتهوى الصبر على ملاعبته لاعصابها ..
يجب ان تتغير .. يجب ان تكون اقوى .. ويجب ان تجد طريقآ ما في الدفاع عن نفسها ..
ليس ضد احد سوى مشاعرها ... مشاعرها فقط .


.... يتبع

 
 

 

عرض البوم صور كبرياء الج ــرح  
قديم 08-06-11, 08:09 AM   المشاركة رقم: 48
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
اميرة الكلام العذب


البيانات
التسجيل: Jun 2010
العضوية: 172238
المشاركات: 902
الجنس أنثى
معدل التقييم: كبرياء الج ــرح عضو على طريق الابداعكبرياء الج ــرح عضو على طريق الابداعكبرياء الج ــرح عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 233

االدولة
البلدUnited_States
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
كبرياء الج ــرح غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كبرياء الج ــرح المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي

 




البارت السابع والاربعون :



فاصله ترقب وانتظار ........ واما بعد ..


كان يراقب .. بصمت ورويه.... ولعل المشهد الاخير ماجعله يرتجف كـ طفل صغير للتو عرف معنى الموت ..
حياة قد انسلت بهدوء خارجه من جسدها ... بدون ازعاج وبدون ضجر قد انتفضت منتقصه الحياة القادمه
لطفله لم تتجاوز ربيعها العاشر ... لم يهم كم بقي وكم من ملذات الحياة لم تعشها .. والتي كانت في انتظارها

سقطت دمعه من عينه وهو الرجل الذي يحاول ان يشد من عزم شيخ كبير جادت الحياة له بطفله صغيره بعد
عمر طويل ... وشباب زاهر .. وصبر كان من ابتلاء نقص في الاموال والانفس ...
وقد سلم مابين الاضلع قريرآ .. راضيآ حكمه من الله جل في علاه .. يحمد الله على ماابتلاه.. وتجف عيناه
قبل ان تنهمر دموعه ... و لايظن ان الدمع يجود الان بعدما شح في الزمن القاصر الذي عاشه طول العناء ..
تهالكت النفس على اطلال ماتبقى .. جلاده عجوز و صبر ايوب
و يا صبر ايوب ...
اسكن قلوبنا الضائعه في لحظات الشتات .. مابين اللقاء ، والفناء فاصله ..
وتهلك النفس حينها ولارثاء يعود بنا لنقطه صواب ...

مسح تلك الدمعه وقد شاح له بين اغطيه الكفن طفله بصفاء الثلج قد استقرت محتضنه نفسها بسلام ابدي ...
و التثم بشماغه وقد حمل نعشها على كتفه متجاور مع والد توسم بالصبر والجلد ... يعلم درسآ لمن خلف ...
ولا احد يخلفه ... هو وعجوزه التي تشاطر معها كل ألوان الحياة .. مابين حلو ومر استساغه وتحمله ..


انتفض سعود لذكر الواحد الاحد وهو يتردد مابين الالسن لاهثه لمستقر قريب .. واجل في علم الرب العظيم
و ياللموت من مهابه حين يأتي .. يحتدم الصراع مابين اريد اولااريد .. و تتجنب الخوض في صراعك مع الحياة
مؤقتآ احترامآ لهيبه الموت حيث يحضر ...
رفع طرف ثوبه لفمه يشد عليه مابين اسنانه ليرتقي للاعلى في تل منخفض ..
حيث مقبره يسكنها الاخرون لحياة الاخره .. وفكر في عجل اين كان واين اصبح الان ...
" وسلام عليكم دار قوم مؤمنين انتم السابقون ونحن اللاحقون "

نام ليله بعدما حدق طويلآ في الليل العشيم ونجومه المبهره .... وقد انقضت ساعاته القصيره متداركه فجرها الندي ..
و لسان ابو حاتم في صباحه المعتاد .. ينشد الرضاء و والخير والتفاءل .. بنشاطه الدائم ..
لم يكن يخطر في ذهنه ولو لحظه ان صباحه سيكون مختلفآ ..

لم يتخيل ولو لمجرد صياغه سوداويه لاسوء الظروف ان يستيقظ على صرخه ام فقدت طفلتها الوحيده
وما جادت به الحياة لتقر عينها اخيرآ نامت وقرت عينها واطبق الجفنين بإنقضاء انفاس الحياة وودعتها
كما يجب .. لا عويل ولا انتحاب ولاشق الانفس .. ماهي الا دموع وداع قد اصمتت لغه الاحزان....
ومابين غمضه عين وانتباهتها فقدتها .. ولم يكن في الحسبان .. ولافائده ترجو بعدها الان ..


توالت ارتجافاته ... ولم يفهم لم كانت كل تلك الكآبه تحوم حوله ..
لم يكن يقتنع حتى يأتي والدها ويخبره بهدوء وكأنه القوى خرجت متلفظه الاستسلام غير عائده ..
لقد ماتت .. ماتت ابنته الوحيده .. اسمها روضه .. للتو قد عرف اسمها .. للتو قد لفظ اسمها ..
وهو الذي يسكن بيتهم ولم يرها حتى .. يالسخريه الحياة عندما يحضر الموت ..
نحترم كل تفاصيل الفقيد الرتيبه و عاديه اموره الروتينيه .. و نقول كان وكنا .. وقد انتهى كل شيء ..

ماتت وسبب موتها مخفي مابين سطور الغيب .. ولايعلمه سوى عالم الغيب والشهاده ..
وبدأت الاقاويل .. وبدأ السرد و الروايات الطويله التي لاتنتهي ..
لدغتها افعى سامه متسلله في ظلمه الليل .. .. ام عين قد اصابت حسنها الفتان .. فتركتها بدون حراك ..
تضخم قلبها الصغير بسبب اللهث و الجري الكثير .. وقوفها الطويل تحت الشمس المومضه
قد اصابتها بحمى ارقدتها للابد ... و ياألسن البشر لاتقر ولاتصمت محترمه وكأنها غير مصدقه ..
وان كان سببآ من الاسباب فالموت لايقدم خياراته الكثيره .. هو يأتي ولايعود إلا بروح صاحبها ..

" انا لله وانا إليه راجعون.. "

هتف بها الكثيرون يزيدون من صلابه رجل يشفقون عليه .. وهم يحتضنون اطفالهم واعينهم تطول النعيم
بولد وتلد .. ويكثرون عليه الحمد والثناء ...
الموت .. درس من دروس الحياة تعلمنا كيف نحترم الحياة والموت بالمثل .. لا لعبه تجار بينهم ولا خدع وخيال
علمي خصب .. فهي حقيقه ايمانيه ثابته .. يامن تقضون بين جنبات الحياة وتنظرون الى الساعه في جدار الزمن
وتقولون .. بقي طويلا .. فأنا صغير والحياة باقيه لي .. ودائمه..
ترهات هي ماتخرج من ألسن الامل الطويل المخادع .. عيش يومك برضى .. وان تعلم ان غدا يمكن ان يكون اخر
يوم تشهده على ارض الدنيا ...

" لله ما اعطى ولله ما اخذ ... "
إلتفت سعود لقائلها .. و تمعن في جودتها .. فلاتحزن ياسعود واخمد ماتشعربه مابين نفسيك ..
لله مااعطى ولله مااخذ ..



****************************

(انهيار .. و هجوم ضبابي كاسح على ملامح الامس البعيد ... )

.
.
.

استيقظت متململه من طرق قد اوقظها بإزعاج لم تعتده ابدآ .. وهي التي لم تغمض عيناها
إلا قرابه الفجر ... قضتها في مشاهده لم ترغبها إلا لتطرد الافكار السوداويه عن عقلها المشغول ...
فتحت الباب لتطل اريام وسمر .. وعليهم نظره تقيميه حذره...
ليلى بنعاس وقد عادت لسريرها ..
لحقتها سمر وسألت :
: وشفيك .. ليش مقفله عليك بالمفتاح .. وليش مانزلتي تفطرين معنا ؟
جاوبت بدون تركيز ..
: فيني نوم ... اخرجي وقفلي الباب وراك ..
تبادلت الاختان النظر لبعضهم ..
لتتكلم اريام بعدما ألقت نظره على جوالها المحطم ...
: مطلق .. كلمني .. كان قلقان عليك .. ؟ يقول انك ماتردين ؟
ردت بسخريه ..
: قولي له اسفه .. كان عقلي مشغول وبالتالي ماقدرت اتواصل معه بالتخاطر الذهني ..
اقتربت اريام لما لاحظت نبره السخريه في صوتها ..
: ليش تتكلمين كذا ياليلى ؟ فيه شيء صاير بينكم ..
أغمضت عينيها بشده حتى ظهرت التجاعيد عليها ..
وقالت بضيق من التحقيق المستمر ..
: لو سمحتم يابنات .. انا تعبانه وودي انام .
تكلمت سمر ببرود ..
: اكيد مطلق مسوي شوي ؟
جلست ليلى وقد بدى على وجهها احتقان مشاعري هائل ..
: انتم ايش تبون بالضبط ؟ اتصال مابي ارد عليه ..واكل مابي اكل ..
اخذت بقايا جوالها ورمتها بدون اهتمام ..
وقفت واكملت بعصبيه ..
: والله تعبت .. تعبت .. احاول ارضي الجميع على حساب راحتي .. تعبت ادور على سعاده من حولي
و الكل مايهتم بوجودي ..

سمر بخوف اقتربت منها ..
: هدي نفسك ياليلى .. والله احنا قلقانين عليك..
تراجعت للخلف وقالت ..
: اذا دق عليكم مطلق .. قولوا له ليلى ماتت .. سافرت .. ماتبي تكلمه .. خلوني ارتاح لو سمحتم
حدي تعبانه ومتضايقه من كل شي حولي ..

اريام بهدوء ..
: هذا واضح ... بنترك ترتاحين .. لكن ودي اقولك شيء ... لاتسوين شيء علشان ترضين غيرك
مافي احد يجبرك على كذا ... فكري بنفسك بعدين فكري بغيرك .. حتى لو كان مطلق ..
ترى مافي احد يستاهل تهدرين صحتك وعافيتك علشانه ..

قاطعتها سمر : اريام وشهو له هالكلام ؟ البنت تبي من يريحها مو يزيد عليها ..
بخطوه اقتربت اريام من الباب ..
: انا قلت الكلام اللي مقتنعه فيه انا ... اذا تبين سوي نفسك وكأنك ماسمعتيه .

خرجت بهدوء وتبعتها سمر التي رمت بنظره شفقه على حالة ليلى ..
وليلى .. باقيه مكانها .. تحدق في اطراف قدميها .. و تتنفس بهدوء تفكر في تلك الانفعاله السريعه
التي ليس لها مبرر غير شبق نفسي قد وصل حدوده معها ..


ثأر عاطفي لم يهلك سوى بصاحبه ..
هذه اول اثار العاصفه .. .وأد سحيق بما تريد تغييره ..
ليست هي من انتفضت مذعنه لرياح التغيير التي ارادتها بكل مافيها ..
احتقن الالم في منابعه و امتص كل مافيها ..

صحيح .. ليس هناك من يستحق ان اهدر شيء مني له وهو لايبالي به ... فالعطاء متبادل لكن في حالة مطلق
فهو فاقده تمامآ وفاقد الشيء لايعطيه ابدا ..
فلا تتأملي وتنزفي المزيد من الوقت ..


مطلق .. وغيره من استبد بعواطفي .. كل استبداد مطلق الحريه ولاحسيب على عبثياته بعاطفتي المشبوبه نحوه
اهلكني جفاءه الطويل حتى عدت غير راغبه في المزيد من حبه ..
حقآ اشعر الان .. بالفراغ ..
مساحه شاسعه قافره لا نماء فيها ..
جلست على طرف السرير ... و قد ارتفع ناظريها للامام بذهول موجع ..
حقآ انه الفراغ .. فضاء شاسع .. لاشيء سوى الهواء العابث فيه .. هواء لايبعث على الحياة ..
بل يفتت كل ذره نماء قد ترسو فيه ..

اتسعت حدقتا عينيها .. هل هي امنيه تمنتها بأن تكون مختلفه .. قد تحققت بأن اصبحت لاتشعر بشيء
يجرفها كالعاده .. شيء بلاقيمه .. لم تعتد عليها ..

خرجت راكضه .. لتقابل اريام على رأس الدرج ..
قالت بطريقه سريعه .. غير متحكمه ..
: انتظريني .. بمشي معك ؟

سألت بتعجب : وين بتمشين معي ؟
ابتسمت .. لتجيب بحماس .. : الجامعه ...


لن تبقى طويلآ تقضم اظافرها حسرة في ظلمه حبيسه داخلها ..
لن تبقى طويلآ تهشم بقايا عزمها و حلمها المارد الذي اختفى في طيات الحزن والحنين .. و نهش الالم .

ولن تبقى طويلآ ترثي نفسها .. وحياتها .. وحتى حبها الذي كان ميتآ منذ البدايه ..
لن تبقى طويلآ .. تتمنى ان تكون شخصآ مختلفآ .. ولاتستطيع ان تفعل ..

الان بدأت انطلاقتها الاولى الان نحو الحياة التي تريدها هي ..



******************************


ماعاد للصبر فيني سبيل ..........
.
.
.

كان من الممكن ان يكون كل شيء عادي وسهل وغايه في البساطه ...
لكن مايشعر به دون ذلك ...
تلك المهاتفه السريعه التي اخبرته فيها اريام بما يستجد .. قد وترته وجعلته لايهدآ في تفكيره ..
هكذا كفرقعه الاصابع تتخذ قرارها ... لاتريد محادثته .. ولاتريد ان تطمأنه على نفسها
اتتخذه عقاب له .. و عقاب مؤلم في ابتعاده عنها ..
ضرب على الطاوله بقبضته بهدوء ... و نظر امامه حيث الارتفاع الشاهق وهو جناحه المتواجد فيه حاليآ ..
اذعن للحظات الاستسلام التي مرت عليه .... الشوق والعتاب و المحاسبه قد اخذت من وقته طويلآ
حتى بات لايطيق ان يبقى منفردآ .. ويحبذ الضخب في حالات اليأس والعتب ...
يناشد ان يكون مرتجلآ في عاداته الطبيعيه وان يظهر بوجهه دون اختفاء ..
او لا يكفي انه اختفى زمنآ غير يسير ..
وانه قاوم رغباته من اجل ان يكون ثابتآ في كل شيء ..

اتصل على من يريد ان ينهي معه كل المسأله ..
فمن البدايه كان قدومه خاطئآ ولايحمل اي صحه له ..
كان يريد الاسترخاء في الحقيقه او بالاحرى الهروب حيث اكتشف انه ضعيف ..
حيث اكتشف ان لديه نقطه ضعف واضحه .. ويخاف فيها ان تنكشف للجميع
وكان هذا اكبر خطأ ارتكبه في النهايه .
الهروب ليس حلآ ومايفعله لايجعل الامور تسير بسلاسه ويسر ... بل تزيد تعقيدا و توترآ
انهى المكالمه بموعد قد حدد في وقته هو ...
ورمى هاتفه على السرير .. مغيرآ افكارها و اتجاهه ناحيه حقيبه سفره التي لم يجلب
معها سوى الشجن والحنين ...


بعد ثلاث ساعات ....
ارتقت بالمصعد حيث يتواجد مكتب والدها وفي يديها تشد على مستند الشراكه الذي حفظت كل كلمه فيه
من شده اهتمامها به .. او بالاصح ماتخفيه عن الجميع اهتمامه بصاحبه ..
ابتسمت وقد شقت طريقها ناحيه مكتبه ... وقد بدى عليها السرور والترحاب للاتصال الذي وردها
من والدها ... كانت في قمه الحماسه ولم تدع يد مخلوق تلمس ما تريد هي ..
اودعت لنفسها كل الاهتمام ... وان بالغت فيه .. ولم تلاحظ ذلك

طرقت الباب لتدخل .. تشق رائحه عطرها النفاذ المكان ليصل الى انوفهم قبل ان تصل هي
ابتسمت وقد رأته جالسآ بحلته الرائعه .. لم تتركه عيناها وقد مرت على ادق التفاصيل فيه ..
بالثوب الابيض والشماغ الاحمر الملكي قد احيط برأسه بصناعه محترفه .. مرت على ازراره الناصعه
وقد كانت تتخطى بمهل على صدره لتصل على اطراف ذراعيه حيث لمع كبك كميه الفضيين بشكل ملفت ..
كانت لاتريد المقاطعه لولا محادثه والدها الغير مجشعه ..
: جيت في وقتك يا هنادي ... الاستاذ مطلق كان على وشك ..........
قاطعت والدها بحماس تعلمه..
: انا اعتذر على التأخير لكن تجهيز الاوراق اخذ مني وقت.. على العموم كل شيء جاهز ..
علق والدها بخيبه امل وقد اومأ برأسه لمطلق قبلها ...
: ما اظن نحتاجها بعد ...
نقلت نظرها بين والدها وبين مطلق .. مستفهمه عن سبب قوله ..
ليعود والدها يتحدث بإبتسامه صغيره ...
: لان الاستاذ مطلق غير رأيه في الشراكه معنا ... لاسباب كثيره اتفهمها واحترمها بعد ..

ركزت نظرها على مطلق وكأنها تلقت ضربه على رأسها او اصصدمت في طريق مسدود فجأه ..
وابتلعت لعابها بصعوبه ورغم هذا لم تستطع ان تتفوه بكلمه واحده تحفظ بها ماء وجهها على الاقل ..
واكتفت بمراقبته وقد اتضحت كل الاجوبه في ملامحه ولم يعد هناك المزيد من التفصيل ..

نهض مصافحآ والدها بود ..
: انا اشكرك على حسن ضيافتك و تفهمك ... وان شاء الله بيكون في المستقبل مشاريع كثيره تجمعنا..

تركت الجمل الباقيه التي هدرت في الهواء ولم تعد تسمع شيئ حولها ... سوى عرض كتفيه الذي رافق
ناظريها حتى اختفه من سدة الباب ..

عادت الى صوابها بجمله قد نطقها والدها بأ هميه وقد لمحت شيء من الاعجاب في عينيه ..
: هالولد اعجبني ماشاء الله عليه .. قلوا امثاله من الناس ..سبحان الله ..
وتشاغل بعدها في الاوراق التي امامه .. غض الطرف عن تلك التي تحدق به وتريد ان تفهم
و تسمع اسبابه هو ..

وقفت وخرجت بدون استئذان والدها .. لتسرع خطواتها حيث تأمل في ان تراه قبل رحيله ..
وهذا مااشعرها بالسعاده عندما رأته قبل ان يغلق باب المصعد الذي اوقفته بيدها ..
لترفع ناظريها حيث شموخه المعتاد .. وتسأله لاهثه ..
: ليش ؟
رفع حاجبه الكثيف لتعيد السؤال بصيغه مفهمومه ..
: ليش رفضت التوقيع رغم انك جيت علشان الشراكه ؟
ابتسم وقال بهدوء : تقدري تسألي مديرك وهو يجاوبك ..
بإصرار : لكن انا ودي اسمعها منك انت ؟

ناظرها مباشره بدون حواجز او تجاهل كان منه اتجاهها كالعاده ..
: ليش مهتمه ؟ انا شخص عادي .. كـان ..

قاطعته بجرأه ..
: لا انت شخص غير عادي لدرجه نتمسك بالشراكه معه .. وانت عارف !!!

رفع رأسه بزهو ليجيب ..
: ماهو ذنبي اذا تخيلتي اشياء ماصارت على ارض الواقع .. عندي اسبابي و راضي عنها ..
واظن في غيري منتظرين فرصه مثل هذي ..


تراجعت يدها بسرعه وهو يقترب من لوح الارقام ... لتكون اخر نظره منه غير مباليه ..
ليطبق الحديد على تصوراتها كلها وهي تعيد صياغه تلك الجمله التي قصد بها امور اخرى كشفت مشاعرها بسرعه ...


********************************

نافذه مضيئه على حياة جديده ...
.
.


كانت مدهوشه من العالم الصغير الفسيح المليء بالاشكال والالوان من طالبات العلم ..
بتخصصات عديده ... تماسكت بصعوبه تمنع نفسها الاعجاب المفرط والدهشه الكبيره ..
لانها كانت متواجده بعيده عن مثل هذه الاجواء ..
اخر عهدها بالعدد الكبير من البنات كانت في ايام الثانويه .. و ان كان العدد قليل وقتها ..

جلست تلتقط انفاسها في كافتيريا الجامعه .. ووضعت امامها عصير فراوله بارد ..
وبدأت بالتدوين على دفتر ملاحظات صغير ..

سمعت صوت اريام تناديا بصوت عالي جذب اهتمام المتواجدين ..
:ليلى .. وينك قلبت عليك الجامعه ؟
ابتسمت ليلى ..
: من حقك تقلبين علي الجامعه .. ماشاء الله كبيره بالمره .. صراحه خفت اضيع فيها ..
ابتسمت اريام براحه واخذت لها مقعد بجانبها ...
: وين كنتي ؟ كل هذا استطلاع ؟
بحماس واضح اجابتها ..
: صراحه استفدت كثير ...رحت المكتبه .. وشفت هناك ملصقات عن معاهد تعليم الحاسب والانجليزي
اخذت هواتفها .. قلت لازم اتعلمها..
اريام بشك : انتي تتكلمين من جد ..
ليلى : اكيد ... عندي رغبه اني اتعلم اي شيء صراحه ..
بهدوء : ومطلق ؟ والحاله اللي انتي فيها ..
ليلى : وشفيه مطلق ؟
اريام : قصدي اخذتي موافقته ..
توترت ملامحها على ذكره لكنها قالت بصلابه ..
: ما بيرفض .. وان رفض راح اقنعه بطريقتي ..

وابتسمت ابتسامه واسعه بعيده كل البعد عن ما يختلجها من مخاوف ...وصد .
على الاقل عندما تنشغل بشيء اخر يكون افضل لها وله ...
لعلها تنسى قليلآ حاجاتها وماتريده منه ..



***************************

توابع متجدده اكتست جسد انسان متعب وروح زاهده ......
.
.




لاتعلم كم مضى من الوقت وهي لم تشعر بالتجدد داخلها ... تظن انها لم تجرب تلك المشاعر من قبل ..
شعرت بأن الدنيا بمسارحها قد فتحت لها .. و هاهي الان تجد نفسها اخيرآ بعد طول البحث والتعب ..
كل شيء كان استكشافآ جميلآ .. صداقات جميله .. مجتمعات تختلط فيها لترى بوضوح كل شخص يصنع
مكانه الخاص بنفسه.. هناك حب واضح للحياة قد رأتها في اعينهم ...
أكلت بشراهه عجيبه ... لاول مره تشعر بالاكتفاء لانها اكلت كثيرآ ..
تجاهلت نظرات الاستغراب من الجميع .. لكن ام مطلق كانت سعيده بالتغير الطارئ غير مهتمه بالتفاصيل
بل النتائج الظاهره عليها ..
تركت كل شيء على حاله .. ستخطو للامام من اجل نفسها ...
استرخت قليلآ على كرسي التسريحه لتعكس المرآه حال هاتفها المهمل خلفها ..
استدارت بسرعه وتنهدت .. تحتاج جهاز جديد ..
: بكره انشاء الله بشتري واحد جديد ....
قاطعتها سمر بدخولها السريع ..
: ايش هو اللي بتشرتينه ..
ابتسمت ليلى وقالت بعدما ضربت كتف سمر بلطف ..
: يقطع شرك .. انتي ما تتركين عنك لقافتك .. شكلي بولد على يدك ..
سمر : صدق .. اجل بدخل الطب .. قسم نساء وولاده بالتحديد .. وكلما شفت واحده حامل بدخل عليها مثل مادخلت عليك
و اخليها تولد بيسر و سهوله ...
ضحكت ليلى ... حتى ظنت انها لن تتوقف عن الضحك ..
سمر بإبتسامه كبيره ..
: اثاري دمي خفيف وانا ماادري ...
مسحت دموع انسابت من عينيها لافراطها في الضحك ..
: الله يسعد قلبك ياسموره ... عليك بعض الاحيان افكار غريبه ..
جلست سمر جنبها وسألت ..
: المهم خبريني .. كيف كان يومك في الجامعه ؟ قالت لي اريام انك بتاخذين دورات حاسب وانجليزي ..
ابتسمت ليلى واجابت بحماس ..
: صحيح .. نويت اتعلم حاسب .. في هالزمن اللي ماعنده اي معلومات حاسب او انجليزي ولو كان ماخذ افضل الشهادات
يعتبر جاهل ..
سمر : صادقه .. علشان كذا انا اؤيد فكرتك والى الامام يازوجه اخي المصونه ..
ليلى : حلوه ذي زوجه اخوك المصونه .. اعجبتني ..
سمر : الله يرجع اخوي سالم غانم بإذن الله .. والله توحشناه .. لاول مره يسافر ويبعد عنا كذا ..
ماادري احس هالسفره وراها شيء ..

تعكر مزاجها بذكره .. فطرأ في بالها بإنزعاج اخر مكالمه كانت بينهم .. وبالاخص على ذكر المرأه الاخرى
التي دخلت حياته .. ارتعشت فجأه و احتضنت اكتافها ...
فسألتها سمر : وشفيك ؟
ليلى : ما ادري حسيت بالبرد فجأه ...
وقفت سمر وقالت بحماس ..
: اسمعي .. شو رايك نروح اليوم السوق .. ونشتري جوال جديد ..
ابتسمت : ياقلبي عليك ياسمر توي كنت افكر اشتري واحد جديد ... والله انك بنت حلال ..
سمر بدهاء : كنتي دقيت على زوجك يجيب لك من دبي ..
ليلى : ما جاء في بالي .. على العموم احتاج اشياء كثيره .. وهي فرصه وجات لعندي ..
اوكي نتفق بعد العصر ..
سمر : وشو بعد العصر يا لبدويه .. مافي احد يروح الا بعد المغرب او العشاء ..
ليلى : حاضر يا انسه سمر .. بتمشيني على كيفك هالمره ..
رفعت سمر حاجبها وقالت : اكيد انا سمر مو حيا الله .. يالله انا بروح اخمد لي شوي ..
وانتي كمان ارتاحي بعد المغامره في الجامعه ...
ليلى بإبتسامه : اكيد ..


اخذت لها دوش بارد .. ريح جسدها المرهق .. ووقفت قدام المرآه تجفف شعرها .. بعدما
لبست بيجاما نوم بيضاء قطنيه قصيره عليها قلوب زرقاء بدون اكمام . ..
انتهت من تجفيف شعرها .. ودخلت فراشها بعدما شعرت بالفعل بالنعاس والتعب ...
وبمجرد ما وضعت رأسهاعلى المخده .. وبدون اي افكار تراجعها غطت في نوم عميق ..



******************************

خطوه عكس التيار .. لمواجهه الرياح القادمه لابد من رفع الاشرعه ....


في حجرتها المظلمه .. والتي اغلقتها بإحكام .. كانت ترتجف خوفآ و ترددآ
وقد اصبحت انفاسها قصيره ومسموعه بوضوح .. لكن ذلك الالحاح كان لابد منه ..
رفعت الجوال الى اذنها وهي مضطربه المشاعر والاعصاب ..
.صعوبه لاقتها من خلال التفكير فكيف بالتطبيق .. لقد شعرت بالضياع و الخوف لايام
ولم تعد تطيق هذا العذاب النفسي الذي يضغط على اعصابها ويفقدها الوقت والراحه ..
مجازفه كانت لابد ان تفعلها لتنقذ نفسها من شيء لاتعرفه لكن تشعر به ان خطر يهددها ..
كتمت شهقتها وقد سمعت صوته يتردد من الجهه الاخرى ..
: ألو .. من معي ؟
ابتلعت مخاوفها و استجمعت قوتها لتنتهي من الامر وكفى هدرآ للوقت ..
: السلام عليكم ..
هدأ صوته : وعليك السلام ورحمه الله .. من معي ؟
لحظه صمت .. بعدها قالت بصوت منفعل . : أنا اريام ..
كان الصمت هو من اجابها فعرفت انه يبحث عن شيء ليباغتها به ..
وبالفعل لم تنتظر طويلآ .. وكأن اسمها طرق في اذنها العديد من التساؤلات ..
: اممم .. اريام .. ولك عين بعد تكلميني ...
شدت على اسنانها بإنفعال .. لكن كل تفكيرها منصب كيف تفهم وترتاح ؟
لاشيء يدعوها للغضب الان .. يجب ان تفهم منه كل شيء .
اجابته بحرص : نعم .. لي عين اكلمك .. مثلما كان لك عين تتهجم علي في بيت صاحبك
وهو اللي مأتمنك على اهله ...
صرخ بإنفعال : انا مااسمح لك تتكلمين عني بالطريقه البشعه هذي ..
ابتسمت بذكاء : لكنك سمحت لنفسك انك تهينني وانا في بيتي ...
اجابها بهدوء و كأنه يحاول مطلقآ ان يتمالك اعصابه ..
: لكن اللي قلته ان اللي جبتيه لنفسك ..
اريام بتعجل : كيف هذا ؟ انت سمحت لنفسك تطلق علي اتهامات رغم انك علاقتك ماتسمح
لك بالتدخل في شؤؤن الغير ...

حاول مقاطعتها فرفعت صوتها تكمل بحده ..
: وعلى الكلام المزعج اللي سمعته انت ماحاولت تفهمني ولاتفهم مني رغم انك مالك حق في الاثنين ..
نجح في مقاطعتها : والحين اختلف الوضع . .. ولا لانك خايفه من رده فعل مطلق ..
ارتجف يدها وصوتها : انا مااخاف من شيء ما عملته ... لكن تعرف يريحني انك تخبر اخوي ..
علشان افهم ولو جزء بسيط .. من الكلام الجارح اللي قلته .. وانا واثقه في نفسي والحمدلله ..

شعرت بالهدوء من ناحيته ... فأرادت ان تنهي المكالمه لنفاذ صبرها ..
قبل ان يقول : و الدليل اللي معي ؟
شدت قبضتها بخوف : اي دليل ؟
: دليل الصوت والصور .....
حينها شهقت بخوف .. انخلع قلبها من محله .. فسقطت على ركبتها من شده الهلع ..
كل مخاوفها اصبحت حقيقه ... الان لاشيء يغطي لا الحقيقه او الكذب المخترع ..
شعرت بغصه الدموع و قد بح صوتها فجأه ...
:اقسم بالله ياناصر مالي علاقه في اي شيء ... ما اعرف عن اي شيء تتكلم ..
ارتجف ناصر على اثر بكاءها المرتفع .. وقد شعر للحظه بفداحه تصرفه ..
اكملت بهلع : الله يرحم والديك ياناصر .. فهمني ايش قصه الصور ..
تلعثم برده : ماادري ماشفتها صراحه .. لكن .. شفت الشاب وتكلمت معه ..
توقف فجأه وكأنه سمع صوت صرخه منها حاولت كبتها ولكن لم تستطع ..
فذهب كل فكره بأنها تخادعه بتمثيليه قصيره ..
فتكلمت بسرعه : والله مااعرف احد والله ... انا خايفه .. خايفه ..
سكتت تحاول ان تتماسك لتقول بعدها بحزم ..
: خليني اشوفها .. ابغى الصور ...
حينها استفاق ناصر من سكره افكاره... ليكشف خدعتها ..
: على مين تلعبينها ؟ تبين الصور علشان مايكون لك اي يد فيها ... تعرفين كم دفعت فيها ؟
علشان احافظ على سمعه اعز اصدقائي الا انتي ماتساوين شيء عندي ...

اريام برجاء : ناصر .. انا الحين اتكلم معك كشخص محتاج .. شخص مظلوم محتاج يثبت حقه ..
لاتحسب خوفي تصور اني اخطأت في حق نفسي .. لا ابدا ... لكن خائفه اني اي شخص ركب لي
صور ماتخصني بقصد يفضحني ويشوه سمعتي ... اذا كنت تبي الضمان ماعندي مشكله
انسخ الصور واحفظها عندك ... لكن لازم اشوف الصور واتأكد بنفسي واقول لاهلي ..

تفاجئ ناصر من كلامها .. فقال مذعنآ لفكرتها ..
: بنشوف .. لكن اعرفي ان اي حركه مخادعه منك بتنقلب ضدك ..
ابتسمت لنفسها براحه ..
: افهم ياناصر ان عمري ماراح اخذل ثقه ربي وثم ثقه اخوي فيني .. ومايهمني في النهايه
رده فعلك او تصورك عني ... انتظر الصور بأسرع وقت لو سمحت ..

قفلت الجوال ورمته بعيد عنها كشيء موبوء .. و خرج كل الضعف الذي بداخلها
بدموع لاول مرت تبكيها بغزاره .. ابتلاء عظيم على الانسان ان يواجهه .. لم تكن اريام تتصوره لنفسها ابدا ..
ولم تكن تعقل لوهله بأن هناك من يترصد لها ويتصيد اخطائها لتقع فيها بكل سهوله ..
سبحان الله عندما يشاء ان يختبر عباده ... فعليها ان تلجآ إليه لاسواه .. فهو قادر على كل شيء ..

و العياذ بالله من بنو البشر اصحاب النفوس الضعيفه و المليئه بالشر والخداع ...
حفظ الله بنات امتنا من كل شر منكر ...


*********************************

امات الحب عشاقآ .... وحبك انت احياني ...


تسلل في ظلمه الليل بهدوء .. وقد حمل حقيبه ملابسه و اودعها على عتبه الباب الذي اغلقه بحرص
لايخفي شوقآ لاهثآ برؤيه الجميع ... ولن يخفي شوقه الملح لها بالتحديد ...
تعثر بأكياس كثيره على عتبه حجرتها ... وهو يدير كرة الباب بهدوء شديد لئلا يوقظها ...
ابتسم كرحالة للتو قد وجد ضالته المنشوده ... كانت نائمه بشكل مريح وقد استولت على نصف السرير ..
و قد خرجت قدمها الاخرى من اللحاف ..
رفع حاجبه تهكمآ على الوضع الذي اتخذته لنفسها وكأن السعه التي وجدتها بدونه قد اراحتها ..
فتح ازراره العلويه .. وهو يتقدم من السرير ببطء ... كانت تغط في نوم عميق ولم تتحرك عندما
اعاد قدمها بداخل اللحاف ... و هبط بجسده في المكان الفارغ الضيق ... ويستند على راحه يده مقابل
وجهها ......

لما يشعر بأن دقات قلبه ستوقظها ؟.. صدره يرتفع بشكل واضح ..
وانفاسه تضيق وتضطرب بقربها ... وقد انعكس ضوء الابجوره بقربه عليها ..
يالشوقه لها ... لم يتوقع بأن ينحصر تفكيره بطوله فيها لاغير ..
كاد يصاب بالجنون لانه افتقدها بإرادته هو وليست ظروفآ من ارغمته ..
يود لو يوقظها ويرى عينيها .. لم يطق صبرآ حتى يلمسها .. كان يقترب من وجهها وغايته واحده ..
لامس شفتها برقه ..بقبله حنونه هادئه .. واعادها بأخرى اكثر شوقآ ... وكل هذا وهي لم تستيقظ
ابتسم بنجاحه في مهمته القصيره ونهض بعدها متجها الى الحمام ...


فتحت عينيها بعد برهه .. تأملت المكان بعينيها ... أكان حلمآ اخر ؟!!
لاجديد فأحلامها تعاد وتتكرر بنفس الهيئه و مثل الشخص الدائم ..
لكن هذه المره مختلفه ... شعرت بوجوده ..
جلست تفكر وعينها تضيق بصعوبه الرؤيا في المكان ...
رائحه عطره تداعب افكارها ... كيف هذا ؟
اسرعت يدها تغطي شفتيها .. تلك الحراره النابضه ليست لمجرد حلم ...
شعرت بالخوف ينتابها .. خوف لذيذ يسري في عروقها ليجعلها تقف ..
ليجعلها تترقب بأن يكون حلمها منذ قليل ماهو الا واقع قريب منها ...

0
تجمدت اطرافها وقد سمعت اصوات بداخل الحمام .. ماهي الا دقائق حتى شعرت بنفسها كتمثال بلا حراك ..
يقف على عتبته يسد الضوء ... ينظر بذهول وكأنه غير مصدق لصحوتها الغير منتظره ...
و الماء يقطر من خصله النائمه على جبهته .. استحم على عجل ليتمكن من النوم بجانبها براحه ..
ابتسم ليقول بنبره هادئه ..
: ازعجتك ؟ !!

في اوقات ماضيه كانت تتصور مشهد اللقاء وكيف سيكون .. بكل الاحوال مثلته في خيالاتها
لكن الا هذا الذي لم تتصوره مطلقآ ... غير قادره على الحركه .. كأن حضوره قضى على كل
خيوط للجرأه و الرزانه ... او حتى العفويه الصريحه ...
لم تتصور بأن شوقها له سيكون ملجمآ لها لهذا الحد ...
مازالت ساخطه عليه لحد الغضب ... و مازالت كلماته المزعجه ترن داخل اذنها
ومازالت تلك الانثى الخفيه بصوتها الناعم يشبك على عقلانيتها ويعمي بصيرتها .. حتى باتت ان خلفه
مسيره من النساء العاشقات ..

تكلم مره اخرى وهذه المره كان صوته اكثر وضوحا ..
: لهذه الدرجه وجودي صدمك ؟ كنت اظن انك بتقابليني بشكل ثاني ..

كانت تريد ان تقول له.. لا لم تصدمني ؟
فلقد كنت دوما بقربي .. ولم تفارقني البته .. بل كنت مدمرآ لي في كل لحظاتي
لم تفارقني للحظه .. تشبثت بذاكرتي ولم تبرحها قط .. حتى بت اهرب من ذكراك بشتى الوسائل ..
فليس الحب بعض الاحيان نعمه .. انما هو سخط ينال من صاحبه بألوان الاذى ...

اقترب منها .. ليقول بصوت بدى منزعجآ للغايه من ذلك اللقاء البارد ...
: بتطولين واقفه كذا ؟ اكمل بسخريه ..
: تقدرين تروحين تنامين .. و اشكرك على مشاعرك المتبادله ...

تأفف و استدار للخروج من الحجره بعد ان اطبق الضيق عليه و من لقاءه الساخط بها ..
مزقه الشوق لكي يلقاها فلم يوخزه بقربها الا الشوك ...لكن يبدو ان تلك المرأه التي تجادل من اجلها تهدد راحتها ..
ولهذا تعاقبه بمثل هذا اللقاء ... ليس وقت الجدال الان .. غدآ سوف يطارحها الكلام ويهدأ من انفعالاتها التي ستنفجر
ان لم يخفف عنها ...

تيبست خطوته وهو يشعر بيديها تتسلل من الخلف لتطوق خصره .. و تلتصق به من الخلف ..
ارتجف من تصرفها .. وبالاخص من بشرتها الناعمه التي لامست ظهره العاري ..
اغمض عينيه بحلم يريده وتعلق به ..
همست بصوتها الناعس الذي بدأ يستفيق .. كما استفاق قلبها من سباته ..
: ما اقدر .. ما اقدر ... ؟!!!!!
كان يريد ان يسألها مستفهما عن عدم قدرتها ...
لكن تسلل صوتها بنعومه إليه كما تسللت موجه من الارتعاشات على طول عموده الفقري ..
: ما اقدر اتجاهلك ..مهما سويت فيني .. مااقدر مااقولك اني اشتقت لك .. وان حياتي من دونك مالها معنى
وان بعدك عني عذاب ما اقدر اتحمله ... .. ما اقدر . .. ما اقدر ...

استجاب لصوتها العذب ولكلماتها الحميمه التي وقعت في قلبه موقعآ شديدآ لم يحتمله
التف جسده نحوها ليحتضنها بشوق .. بألم استباح جسده مثل الحروق التي تكوي قلبه الغليظ ..
يالقسوتها حين تكون رقيقه .. حين تكون صادقه ..
تتصادف ان تكون روقه خريفيه تنقذ غريقآ ..
ان تكون نسمه لتطير منطادآ ضخمآ ...

مازالت ترهقني بمشاعرها الساميه ...تزيد من غضبي من نفسي ..
تعلق بها كما يفعل العطشان بقربه من الماء وجدها في صحراءه العطشى منذ سنين ..
وبصوته الاجش المليء بالعاطفه ..
: انا اسف .. اسف .. ماقصدت ابعد وانتي محتاجه لي .. لكن شوقي هو اللي جابني لك ..
شوقي لك عذبني وتركني بدون عقل ..........
توقف قليلآ ثم سحب نفسآ عاليآ ... من شذاها ....وقال بصوته االمشحون
: سامحيني يا غاليه ..

لم تسمع المزيد يكفيها ماقاله الان .. ألاتنتشي بكلماته وتسكر بعاطفته المشبوبه ..
طوقته بيدين محكمه لن تطيق الانفلات مره اخرى ..
وان شعرت بالاختناق وقد حبسها بين اكتافه القويه واعتصرها كقصبه سكر ..
لكنها مستأنسه بمكانها هناك ... حيث حرارته تترافق الى قلبها في معزوفه طويله مرهفه الالحان..
تكاد تغيب هناك معه .. حيث بؤره من الضوء تسطع في وجهيهما ...
لايهم ماتشعر به لاحقآ ... لكن لن تمر لحظه الان لن تستجيب فيها لمشاعرها ..
لقد عاشت ايام طويله تناولت عذابها بما يكفي .. بما يكفي لتعيشه سنين طويله قادمه ..

لاضير في كلمه احبك في عز الشتاء ..
في زخم رياح خريفيه .. وسقوط الامطار ..
لن تسبب الاسوء مادام متوقعآ .. فهناك حياة ..

بل ستكون الربيع .. لمواسم قادمه ..
فــــــــ زهو الالوان في مشرق الشمس ..
و في مطلع يوم غد .. متجدده بالامل الذي يدعوها للحياة ..

هي تحبه .. لن تنكره ابدآ .. لن تمل سماعه لنفسها ..
ولن تستحيل ان يقولها يومآ ...
فهي تعلم في قراره نفسها بأنها متناقضه .. ستقول اريد ولااريد
ولايهم مااريد .. وبعدها ستقف على ماتريد كما تقف لحظه حياتها ..

لكنها تعترف الان بصدق .. وتقول ,,آآآه مااجمل الحب .. وآآه مااقساه .....



********************************


جلس يتأملها .. ولم يمضي من الوقت الكثير .. بل يعتقد هو بل الكثير .. الذي لم يحسبه
و اصبح محسوبآ الان لو قل الوقت و مر تعداد الزمن ...
ابتسم .. وقد توسد ذراعه بقربها .. وقد بدأت انفاسها الهادئه تداعب صدره ..
اشرقت شمس الصباح وهو مثلما تركها لاداء صلاة الفجر عاد وتموضع مكانه ...
عاد و اعتدل في جلسته محيط بنظره الحجره بعين مستغربه من فوضويتها الغيرمعتاد عليها ..
مشتريات كثيره .. ملابس مبعثره و اوراق متناثره ...
شعربشي من الضيق فجأه من فكره ذهابها الى السوق بدون اذنه ...

إلتفت لخلفه مباشره اذعانآ لمشاعره .. فألتقى بعينيها وبلا تردد

َطــآلعك ~
و ـآتركْنِي .. !
فيَ عِيونكْ [ـأضييييييع ] ..
أصلـآ ضيــآعي في
[ ع ـيييييونك ] ونآآسَه ..

عاد الى مكانه متوسدآ ذراعه وابتسم ابتسامه صافيه خاليه من الهموم ..
: صباح الخير ياكسوله .. في امور كثيره تغيرت في غيابي .. صايره تقومين متأخره ..

شدت اللحاف من تحته لحد ذقنها واجابته بكسل ..
: مافي شيء يبقى على حاله ...

رفع حاجبه وقد رمى بنظره جانبيه على الحجره ... بعدما ألتمس معنى اخر في كلامها ..
و رمى برأسه على مخدته وعقد ذراعيه على صدره وقد حدق في السقف ..
: صحيح .. مافي شيء يبقى على حاله ..

كان يريد ان يقول لها بأنه اختلف عمن كان قبل سنه
مطلق المعروف بجلادته .. لو يعلم احد الان عن رهافه قلبه وعما يحمله ويكتمه عن الاخرون ..


سحبت نفسها من جنبه ... و قد غطت جسدها بغطاء السرير .. وعيناه مازالت تراقبها ..
كانت في طريقها الى الحمام تمشي متعثره بخطواتها العجوله لستر خجلها ..
سأل : الاغراض هذي مين جايبها ؟
اضطرت للالتفات له و الرد عليه بصراحه ...
: أنا ..
أكملت بإستمتاع بعدما رأت تغير لون وجهه ..
: رحنا انا وسمر السوق .. واشتريتها. ..
مطلق بهدوء محكم ..
: ماقدرتي تكلميني وتستأذنين مني او تنتظرين حتى ارجع و اسمح لك ..
ابتسمت بعذوبه ..
: مالها داعي يامطلق كل هالمسرحيه ... انا عارفه وانت عارف ان كل واحد منا ماهو طايق يسمع للثاني ..
فبلاش نضحك على انفسنا ..

رفع حاجبيه هذه المره مستنكرا تلك اللهجه الصريحه التي تتفوه بها ..
فأبتسم متهكمآ وقد رفع رأسه على كلتا يديه ..
: واللي صار البارح افسره بأيش يامدام .. فيلم رومنسي مثلآ ....

احمرت وجنتيها وقد بدأت عيناه الوقحه تجردها من صبرها .. تسمرت على تلك النظرات التي تعريها ..
وقالت بعصبيه : لاتخلط الامور في بعضها .. انت اساسآ مو فاهم شيء ..
وقف ومشى ناحيتها ببطء .. والابتسامه التي تحرق اعصابها مازالت مرسومه على وجهه بإتقان ..
: أنا اسف .. ودي تفهميني الامور بهدوء ...
تراجعت للخلف وقالت : اي امور افهمك فيها ...
تكلم بجديه واضحه : اولا انتي ليش زعلانه ؟ عقد حواجبه بتساؤل وأكمل ..
: اساسآ مين اللي حقه يزعل انا ولا انتي .. ؟
بهدوء اجابت : كانت عندي اسبابي .
عقد ذراعيه على صدره و اومأ برأسه للبدايه ..
: تفضلي انا اسمعك ..
تجهمت وهي ترد ...
:الوقت مايسمح بالنقاش ..
تركته مكانه واوصدت باب الحمام في وجهه بدون كلمه اخرى ..

ابتسمت ابتسامه واسعه .. حتى كادت تضحك ..
ولاتعرف لم بالتحديد .. هل لانها انتقمت منه بطريقه اراحتها ..
او انها تريد اللعب على وتيره هادئه بعد الان ..

تنهدت براحه واندست تحت شلال من المياه الدافئه .. متجاهله غضب الاخر في الجهه الاخرى القريبه منها
يدقق في مشترواتها بشيء من الاستهتار .. حتى وقف مبتسمآ بحذاقه بعدما رأى تلك الملابس الجريئه بملمسها الناعم
الرقيق ... قفز حاجبه معجبآ .. وفكر في الغفران في خطئها الذي في السابق لن يسامح احد عليه ...
اخذ قطعه منها .. واقترب من الحمام .. مبتسمآ ..حتى فتحه عنوه .. لتصرخ من الخوف ..
وقف على عبته الباب الذي مازال ممسكآ به .. وقال ..
: هذا اللي علشانه رحتي السوق من غير اذني...
شعرت بألم في عينيها من بحلقتها الواسعه .. لاتتصور يومآ موقفآ محرجآ اصابها مثل هذا
يقف بكل جرأه ... اسرعت في تغطيه جسدها بستاره شفافه لاتكاد تسترها ..
وصرخت بخجل : كيف تسمح لنفسك وتدخل علي كذا ؟
استند على الباب وقال بهدوء وكأنه لم يفعل شيء ..
: عادي ... مادخلت على احد غريب .. دخلت على زوجتي .
تجمد الدم في وجنتيها ليعطيها لونآ جميلآ ..
: مطلق .. لاتحرجني زياده..
اقترب خطوه و تلك الابتسامه تحولت لضحكه خفيفه ..
: عادي لو تبيني اخذ حمام ثاني ..
صرخت برجاء : لا يا مطلق ... بموت من خجلي لو قربت خطوه واحده ...

ضحك و تراجع للخلف وقد بالفعل يرحمها بعد ما لاحظ ارتعاشاتها الواضحه ..
رفع يديه مستسلم وقال بعدما اغلق الباب لنصفه ..
: ما انتهينا.. للحديث بقيه ياحلوه ..

بمجرد خروجه قفزت للباب وقفلته مرتين .. وانفاسها المحرجه تتصاعد بشكل واضح ..
ضغطت على خدودها المتوهجه .. وكادت تدعو على جرأته لولا لحظه كظمت فيها غيظها الشديد منه ..
لكنها عادت وسألت نفسها .. هناك شيء ما ..
شيء يومض لها وكأن الذي امامها ليس مطلق الذي تعرفه ..
تنهدت بحيره .. وضمت نفسها مرتعشه من موجه هواء ظنت انها دخلت عنوه ....


**************************


مفاجآه لاتسر في جعبه القدر ..........
.
.
خرج مهرولآ من شقته بعدما ورده اتصال من البواب ينبأه عن تحطم زجاج سيارته بالكامل ..
وقف مع بعض ساكني العماره مبحلق في سيارته التي تهشم الزجاج بداخلها واصبحت كومه من الفوضى ..
وبدأ الهمس من حوله وهو يفيض غيظا وحقدا على من فعل بسيارته بمثل هذا الفعل ..
استدار حول سيارته ... غير مصدق حتى الان ..
شخص يدير حوله المشاكل و يزيد من خناقه ..
الان صدق بالفعل ان هناك من يحيك له المصائد ويتربص به ..
الرساله .. ثم السياره .. وغدا سيطبقون عليه الحصار ..
لكن من هم ؟
من له عداء معي و يكيد لي ...
فعلاقتي بالجميع ودوده ولم اتجاذب مع اي احد يومآ نقاشآ حادآ او اتعارك مع احد ما ..

اقترب من احد جيرانه ...
: عيال الحرام كثيرين .. واليوم اللي ماعنده بيت او اهل يدور على الشوراع و يزعج خلق الله ..
تنهد ناصر بحرقه .. فأكمل الجار ..
: كل شيء يتعوض يابن الحلال .. هونها تهون ...

اومأ ناصر رأسه برضى يضرب اخماسآ واسداسآ .. يحمل هم نفسه وهم سيارته الوحيده ..
وترك المكان مفسح المجال للمشاهدين الذين وجدوا عرضآ يتساؤلون فيه عن بشاعه فعل ذلك ...



**************************




ألقاكم مع متغيرات جديده ..
دمتم بخير
كبرياء الج ـرح

 
 

 

عرض البوم صور كبرياء الج ــرح  
قديم 15-06-11, 05:17 AM   المشاركة رقم: 49
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
اميرة الكلام العذب


البيانات
التسجيل: Jun 2010
العضوية: 172238
المشاركات: 902
الجنس أنثى
معدل التقييم: كبرياء الج ــرح عضو على طريق الابداعكبرياء الج ــرح عضو على طريق الابداعكبرياء الج ــرح عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 233

االدولة
البلدUnited_States
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
كبرياء الج ــرح غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كبرياء الج ــرح المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي

 



صباح الاحتيـــــاج .. ل تلكـ الجنان
تلكـ التي تجري من تحتها الانهار .. ولا وداع فيها ولا احزان ..
ولاهم حتى ولا ألم ...

اللهم رضاك والجنه ..........






البارت الثامن والاربعون :






احزان كثيره تأملها في وجوه ساكنيها ... جلبت له الكثير من الكآبه ..
استشعر بالوحده حقآ بمفرده ولااحد هناك يعرفه و يؤنس به..
وان كان فا لكل حوله لكنهم متشاغلون بهمومهم وغصات ايامهم ...
قضى مع ابو حاتم حتى شعر بأن الاخر منفي في عالم اخر من التبصر بأحزانه ..
وجوده لم يعد ينفع ...

استرحل همومه معه .. وخرج من المعقل بحكمه جديده في الحياة ...
صحيح كان لابد من التجربه لتصقل تلك المواعظ التي تعلمها ..
لابد له من صياغه بعض الامور التي مضت في حياته بطريقه صحيحه ..
واعاده النصاب الى مكانه المناسب ..

لم يعد يريد ان يثقل على مضيفه ... فيكفي ضيفه الذي حل ثقيلا على القلب ..
" الحزن " وما اشد وقعه على القلب حينما ينفرد بصاحبه ...
غير قادر على النسيان إلا بالصبر والدعاء ...
موت ابنته افقده قليلآ من وعيه الراشد .. فتحمل سعود همه مثلما فعل هو به ..
استرعى اموره حتى تنقضى ايام العزاء ..
وبعدها سيشد همته للبحث عن ماضاع في غياهب المجهول .. ويتمنى ان يجده .

شعر بالحزن من كل شيء حوله .. البعد والفراق زادته اطنآنآ وهو يعيش في هاله من الاحزان ..
وما ظنه يسيرا بالامس اصبح مريرا اليوم بمراره العلقم ... ولم يعد يطيق طعمه الباقي في فمه ..

تقوس ظهره و قد تأمل التراب تحت قدميه في ساحه خاليه من ضجه الاولاد .. بقي فيها بمفرده
متخلي عن حصصه لاتعابه الذي زادت نفسيته ارهاقآ .......

تباعدت خطواته حيث مشى متهالك ..كئيبآ ... هاربآ .. حيث ابو حاتم يجلس في ظل حجرته
وقد رافقه المصاب المحزن ولم يدع مجالآ فيه للعوده ....
جلس بجانبه صامتآ لا يعرف كلمه تخفف عن مصابه .. إلا بالصمت الذي حل مفردات الكلام ..

: يابوك ياسعود ...
رفع سعود رأسه مذعنآ وكأن الذي سمعه كان صوتآ من السماء يخاطره ..
صوت ابيه يأتيه في نهار كامل الوضوح .. غير معقول .

التفت حوله ليرى نظره ابو حاتم الحزينه وهو يمد يده المجعده له .. معيدآ ..
: يابوك يا سعود .. ساعدني اقوم .. بشوف اهل بيتي .. تركتهم بدون فطور ..
ساعده على الوقوف .. شعر بالحزن يترافق معه في خطواته القصيره المتعثره
سعود بشفقه : توصيني على شيء يابو حاتم ؟
ابتسم ابتسامه صغيره تشيد بعرفان لما فعله معه ..
: تسلم ياولدي .. الله يخليك لاهلك ماقصرت يابوك .. ماعاد في شيء نبيه غير حسن الخاتمه .

قبض على يد سعود بقوه ضئيله وبعدها تركه ..
ياآآآه كم للحزن من اثر على جسده الكهل .. لقد زادت سنونآ قاهره على سنينه التي مضت ..

ارتخى سعود وقد عاد ذكريات غابره مع موجه ريح حاره ..
ذكريات ذاك اليوم الذي قالوا فيه ان والده قد مات ..
ذهب لحياة اخرى .. حيث لا وجود له بينهم ..
كانت صعبه .. صعبه .. صعبه ان يتذكر كل شيء ولا يتأثر ..
تذكر يومها حضن جده له .. ونصحيته له بأن لايبكي فهو رجل ..

اوااه ياجدي .. ألا تعلم ان البكاء راحه لمبتغيه اذا اراد ..
اشعر بالثقل جاثم على صدري .. لا استطيع ان افسر مايعتريني من حزن بغيض .
اشعر بأني الوحيد المتألم في هذه الحياة ومن حولي يعيشون بسعاده ..
واني احمل همومآ تسري في جسدي مسرى السم في العروق ...
ولا اعلم ممن بالتحديد ..
أحزان ابو حاتم اصبحت احزاني الخاصه ..
ام ان الموت بعث في نفسي شجن من الذكريات البائسه ...

دخل سيارته في مقصد منه للهروب .. حيث رغب في البعد عن الحزن ولو قليلآ ..
وحركها مطلب للراحه والهدوء لعله يجدها بعيدا ...


*****************************


ذهلت عندما خرجت من حمامها الطويل ... بأن مطلق قد عاد للنوم بشكل غريب
وكأن الانتظار الطويل قد جلب له النعاس بعيدا عن اليقظه ..
ينام مستحلآ مخدتها .. شعرت ناحيته بعاطفه كبيره حين رأته بالشكل العفوي هذا ..
صلت فرضها و ارتدت ملابسها .. وعندما همت بالخروج ..
سمعت صوته العميق القادم من سباته ..يناديها ..
اقتربت مجيبه وهي تربط حزام فستانها الاخضرمن الخلف ... لكنه مازال غاطآ في نومه ..
ابتسمت اكثر وقد حنت لرؤيته قريب منها .. جلست بجانبه في المكان الفارغ ..
ومدت يدها بدون تردد الى خصلات شعره النافره حيث تلاعبت بها قليلآ ...

كادت تبكي من شده حبها له ..
يا الله .. هون حبه على قلبي .. اجعله خفيفآ .. يسيرآ عليه ..
كم اشعر بالالم لحجمه المتعاظم في قلبي ..
و بأن لاحدود له .. ولا عمق يصل إليه ..
يسرح في نفسي .. ويهوى تعذيبي ..
ارجوك .. ارفق بحالتي ..
حبك أليم .. في كل احوالك يؤرقني ..
في بعده وقربه اجد عالمآ غريبآ من المشاعر ..
من كل بد اقاومه لكني لا استطيع ..
لا استطيع ..
فأنفاسي تترافق معه اينما كان .
ونبض قلبي .. يعشق وجوده لكي ينتظم ..

لاتعلم كم من المده غفلت فيها .. لتستيقظ على لمساته هو ..
حينها قفزت من مكانها ويده لم تتركها ...
سأل بحرص ..
: وشفيك ؟
ابتسمت بتوتر لانه كشفها في اكثر لحظاتها ضعف وهو ان تكون معه ..
: مافيني شيء ... كنت ابي اصحيك .. لكنك صحيت من نفسك ؟

سحبها لتجلس مرغمه .. ليقول بعدما استدار لها بجسده ..
: ليش ماتقولين ايش فيك .. تحسبيني ما افهمك ؟

لاحت ابتسامه سخريه على وجهها ولم تتواني في تجريحه وقالت ..
: توي ادري انك تفهمني ... لا واضح من تصرفاتك انك تفهمني ؟
ضاقت عينيه عليها ..
وقال متجاهل نبره السخريه التي سمعها في جملتها تلك ..
: تعرفين ما اطيق اللف والدوران ..تكلمي معي بصراحه ؟
بهدوء وقفت وناظرته بتفكير وبعدها قالت ..
: لو ابي اقولك بصراحه مافي شيء يمنعني .. إلا اني مابي اتكلم معك اساسآ ...

مطلق بضيق من اسلوبها الجديد ..
: ليش تعامليني بالطريقه هذي .. اسلوبك هذا مااطيقه ... فتكلمي معي بدون ألغاز .

جاوبته بحده ...
: البركه فيك علمتني كل شيء ... لاتلومني .

تأملها بغضب و اخفى ثورته بطريقه تجعلها ترتجف .. منذ فتح عينيه و قد رأى تلك النظره الحزينه
التي تعتليها جعلته يحزن من اجلها .. و يوبخ نفسه على اهماله الشديد لها ..
لكنه لم يقصد .. لم يقصد ان يزعجها او يبعث في قلبها الحزن ..

قال بهدوء وقد نهض من مكانه واتجه الى شماغه ..
: انزلي افطري مع امي ... انا عندي شغل ..

زمجرت غاضبه من نفسها لامن هو ...
من تلك الغبيه التي لاتنتظر لحظه جميله إلا وافسدتها عليها ..
ومنه هو الذي لا يتسنى له منفذ الا وعبره هروبآ منها ..

: هذا اللي تبيه ... ياانك تجرحني اوانك تتروح تتركني ..
ماادري ليش ماتعودت على اسلوبك معي .. وانت في لحظه تتذمر مني ومن اسلوبي ..
ليش تبي كل شيء مثل ماتبي انت واللي حولك مايهمونك .. تراني تعبت منك و من صدك لي ؟

انتظر حتى تصمت ... فراقب صدرها المنتفض بأنفاس مشحونه بالغضب ..
وقال بمثل نبرتها : مين يصد الثاني الحين؟ ماتقولين .. انتي ماتسلهين الامور علي ..
كلما سنحت لي فرصه واقترب منك .. تتهربين مني ..

اقتربت منه وقد ضمت نفسها بإرتعاشات متتاليه .. وقد فقدت رغبتها في النقاش معه
واي نقاش يجمعهما في صباح باكر ..

بهدوء سارت نحو الباب متجاهله رده ذاك .. وعبرت في طريقها وهو يتبعها بنظراته
حتى اختفت من امامه ... وهكذا بسهوله مضت بدون كلمه ..
بدون ان يفهما بعضهما .. وبدون ان يضعا لافته توضيح الطريق قبل مفترق الدروب ..
تنهد بيأس و قد رمى بنفسه على السرير .. يفكر مايريد ان يفعله ؟ وما لايريد .
وما اكثر مالايريد الذي اصبح من ضمن اريد ولكن لا استطيع ...


***********************************



هرولت خارجه بسرعه ..متعثره بعباءتها متداركه الوقت قبل اوانها المعتاد
قابلتها ليلى .. في الطريق متعجبه من الهالات السوادء التي تحيط بعينها .. و بشكلها الغريب
الغير معتاد منها ... فهي تحب الاعتناء بمظهرها قبل خروجها ..
سألت : اريام .. وشفيك متعجله ؟
ابتسمت بتوتر : ماودي اتأخر كل يوم وانطرد ..
مسكتها ليلى من ذراعها ...
: طيب اولا كلي لك شيء.. ماينفع تروحين كذا ..
اريام : لا ماودي .. بفطر في الجامعه ..
مشت كم خطوه وبعدها التفت لها وسألت بإبتسامه ..
: مطلق رجع .. صحيح ؟
ليلى : ايه البارحه رجع ..
غمزت لها اريام وقالت ..
: حمدلله على سلامته ... كان ودي اشوفه قبل مايمشي ..
طالعت ليلى لساعتها وبعدها قالت بإنزعاج مخفي ..
: ماادري عنه اذا كان موجود .. قال انه بيخرج ..
استغربت اريام من جملتها لكن ماعلقت ..
: اوكي .. اشوفه بعد الدوام .. يالله باي

تأملتها وهي تنصرف على عجله من امرها ..
قفلت الباب و دخلت بعدها الصاله حيث خالتها موجوده..
جلست جنبها وقالت ..
: اريام طلعت بدون ماتفطر .. وسمر بعدها ماقامت .. والله البنت اللي عندك ياخالتي مالها مود في الدراسه ..
ام مطلق بإبتسامه ..
: والله هذولا بنات اليوم ... ما يروحون المدارس الا حق اللعب . الله يهديهم بس .
ليلى : ايه والله امين ...

اخذت لها لقمه وبعدها كشرت بألم شعرت به فجأه .. حست عليها ام مطلق ..
: سلامتك يايمه ... ويش تحسين فيه ؟
ابتسمت ليلى لها .. : مغص عادي .. لا تخافين .
ام مطلق بحرص ..
: المغص يصيب الحامل كل فتره .. لكن انتي لاتهملين نفسك .. خذي العلاج دوم يايمه
انتي صحتك عليله ما تتحمل ..
استندت على الكنبه خلفها تريح فيه جسدها .. و قالت وكأنها تفكر ..
: اليوم عندي موعد عند طبيبه النساء.. الله المستعان ..
ردت عليها ام مطلق ..
: قولي لزوجك يمشي معك .. ماهو كل مره تاخذين وفاء معك .. ماهو عيب يمشي معك ..
على الاقل يراعيك .
ليلى : والله انه مايقصر ياخالتي .. ظروفه تكون صعبه بعض الاحيان ..

شعرت بحاجه للدفاع عنه ...لئلا تكتمل عند الاخرين نقطه يعيبون فيها عليها ..
بعض من شعائر الحب التي بدأت في مزاولتها بعدما غرقت في حبه ..

ام مطلق بعتب ..
: يايمه انا اعرف وليدي زين .. ينسى نفسه في الشغل كيف ماينسى غيره .. الله يصلحه ويهديه ..
ابتسمت ابتسامه واسعه وهي تكمل ..
: عساني افديه .. اليوم صحاني لصلاه الفجر .. والله اني يوم شفت وجهه صابتني راحه ..
قلت وليدي ماهو متعود يغيب عنا طويل ... الحمدلله ربي رجعه لي سالم .

ابتسمت ليلى وهي تستند على يدها وتراقب ملامح ام مطلق في محبتها الصادقه التي لايختلف
عليها اثنين ... بينما جوالها يهتز بصمت جانبها .. حين شعرت به ..
ابتسمت بالمثل وهي تقرأ اسم اخيها الذي اشتاقت له كثيرا ..
استشرق وجهها لدى سماع صوته ..
: صباحك خير ونور من الرحمن ..
سعود : صباح الخير ..
انكمش وجهها لسماعه صوته ..
:سلامتك ياخوي .. وشفيك مريض ؟
وصلها صوته من جديد وقد تقلص قلبها بحزن عليه ..
سعود : انا طيب ياختي .. انتي كيفك وكيف حملك ؟
ليلى : انا بخير ... سعود الله يهديك ارجع لاهلي .. والله ان قلبي ماهو مطمن ..
سعود بنبره جليه ..
: قريب ان شاء الله .. حبيت اسمع صوتك .. واطمن على حالك وحال مطلق .. عساكم بخير .. ؟
هتفت بمحبه ..
: الله يخليك لي ياقلبي .. كلنا بخير .. اهم شي انت ؟ دير بالك على نفسك ياخوي ..
سعود :الله المستعان ان شاء الله .. المهم سلمي على مطلق ... و انتبهي لنفسك .. ولا تتعبين حالك في مشاكلي
ليلى بحزن ..
: مالي غيرك اشغل بالي فيه .. ياعسى عمرك طويل .. مايهمني في الدنيا غيرك .. امانه ياسعود انتبه لحالك
و اتصل علي .. ولاتكدر خاطرك بكره يزول الهم وتنفرج .. يارب .
سعود : خليها على ربك يابنت الحلال .. يالله انا بقفل .. بيننا اتصال ان شاء الله .

ليلى :في حفظ الله .. الله معك ..

ترنح قلبها على من تحبهم .. مابين الامنيات تهتز واقعيه الحياة بمرارتها المعتاده ..
وماتريد صعب المنال .. اماني معلقه مابين السماء والارض مابين تحقيقها من عدمه ..
ليس لها امل سوى حسن الظن بالله .. ودعاء في خفاء ..ترجو تحقيقه للجميع ..



**************************


شعر بالوقت يمشي بهدوء ورتابه غيرمعتاده .. ألا انه ليس لديه مايقوم به
سوى زياره الاطلال من الذكريات الماضيه ..
شعر بالحنين قد اتصل بجسده .. ليرميه في بحر عميق من الذكرى والانين..
حتى بعدما اتصل على اخته .. لم يشعر بالشبع .. بل قفر الى مشاعر خاصه ..
قفزت له من بين كل شيء .. كل مايخصه استدار حولها في صوره خياليه يشاهدها امامه بدون عبء ..

" نجمه " ماهو حالك الان ..
هل انت سعيده بفراقي مثلما انا اشعر بالعكس ..
اشعر بالخوف من مشاعري المندسه والتي اخفيها بكبرياء تعلمته منك انتي ...
كنت اريدك .. ارغب بك .. لكنك طردتني من حياتك بدون رأفه بحالي المعكوس ..
اي تمرد استحال بقلبك .. واي شفقه انزلتها بقلبي على حال كسير ..

مالي حاجه برفيق الان اكثر مما مضى .. !! ومالي حاجه بذكراك انت بالذات ..
لقد بعثرتي جميع اوراقي و غربلتي دروبي كلها .. ولم اعد افهم ما لها بوصله الزمن لا تساير وحدتي وكفى ..
بعيدون عني بقياسات السنين .. وانا بعيد عن كوني انا ...

هل كان يجب ان ابتعد عن الجميع لاجد الراحه ..
ام الراحه ليس مطلبها الابتعاد والرحيل ..
لم يعد بي عقل صائب يفكر ما الصواب ومالخطآ ..
وما المهم ومالمستحيل ..

اتعبتني ياقلب في دنيا هواك ..
تيهآ ولا ادري متى تلقى مناك ...


رافق اسمها كثيرآ .. و تأمله لمده غير يسيره ..
يعارك اهوائه في التجديف عكس التيار ومواصله المسير مترنحآ في الرغبات ..
ومابين كبرياءه المعتلى هممه كلها ولايهم مايريده قلبه وما يرغبه هو ..

اعاد كل شيء على حاله وهو يستدير للعوده .. مخلفآ كل شيء وراءه
زاد من بعثره الافكار ليس إلا ..
وزادت بالتالي همومه .. و توحشت امنياته في منأى عن الحياة التي يريدها ..



وهناك... في مكان ليس ببعيد .. تنهدت بألم وقد ادارت جنبها بصعوبها
هي الحمى .. تجلدها جلد السوط على الجسد ..
تنسيها كل شيء .. إلا هو ..
وتبكي .. وتعزي بكاءها الا سطوه المرض ..
لكن مازال الندم يجد موقعآ في ج سدها لينهشها ويتعارك مع المرض من اجدى بها ..

قرار أضاع كل شيء .. في طريقه ..
الصحبه الجميله .. والذكريات التي لن تنساها .. والصداقه التي انقطعت خيوطها فجأه ..
و هبه من الرحمن رفضتها بغرور ..
لكني كنت اردد واقول مذعنه لجنوني..
.

سعود ... قلبي ينبض بعدك بوتيره بطيئه ..
وكأنك من كنت تعلمه الانتظام في سبيل الحياة ..
كان ينتظرك طويلآ .. حتى بعث اليأس فيه جرثومه خطيره قتلت كل حياة فيه ..
ومايلبث حتى يتوقف ..
لو استطعت العوده سأقولها لك ..
" سامحني " لو استطعت .
سأسامحك انا ايضآ ... بالمقابل

سامحني لاعيش حياتي بدون كدر على خيارات خاطئه ..
سامحني لاتقبل بأن تكون لغيري .. واكون لغيرك يومآ ...

اطلقت آآآه طويله وامها بجانبها ...
: قومي يابنتي كلي لك لقمه .. لازم تتقاوين على المرض ..
همست بألم ..
: ماعندي شهيه .. ودي انام ..

تركت امها تنصحها و تدعي لها .. وهي تغرق مرة اخرى في غيبوبه المرض الذي يصرعها خائره
مستسلمه .. مذعنه له للنسيان .. و للاحلام .. فقط ..


*******************************



اصيبت بكآبه مفاجئه وانتابتها مشاعر سيئه بعد سماع صوت اخيها ..
جلست تفكر في حل ازمه اخيها المتصاعده ..
لم تعد قادره على التجاهل حتى بعد ان سمعت صوته الحزين .. وهذا الذي لاتطيقه ابدآ ...
سمعت صوته يخرج من المكتب واستعجبت .. قد ظنت بأنه قد تركها بالفعل ..
واستغربت اكثر عن سبب غيابه عنهم ..
وقفت متردده مابين تدخل او لا ..
للتو نشب بينهم نقاش محتد لم يفوز فيه احد ..
كانت تهم في الهروب .. قبل ان يفاجئها بخروجه المباغت ..
ترنحت بعجله .. قبل ان يضبطها من افعالها المتردده ..
كان قد ارتدى ثوب اخر غير الذي ارتداه في الصباح الباكر ..
ففكرت بأنه كان مستعد للخروج .. قبل ان تقاطعه هي ..
سألت ببرودها الجديد ..
:طالع ؟
دخل الحجره قبلها لكن اجابها ..
: ايه .. عندي شغل مثلما قلت لك قبل ...

لوت فمها بطريقه تهكميه .. و اتكأت على باب حجرتها ..
ليرفع ناظريه لها .. فأستفهم من تلك الملامح الجامده على وجهها ..
سأل : تبين شيء قبل ماامشي ؟
عقدت ذراعيها على بطنها البارز .. وبحركتها هذه جعلته ينتبه لها اكثر
حيث اقترب منها ...

كانت متردده تتكلم معه لكن انطلقت فجأه ..
: عندي موعد اليوم في المستشفى .. و عادة وفاء تجي تاخذني ... لكن ابيك اليوم انت تاخذني ..
حدق فيها مطولآ يبحث عن جواب لتغيرها السريع .. فقبل قليل لم ترغب حتى في التحادث معه ..

قلدها في تلك الحركه .. و اقترب برأسه منها .. وسألها ..
: ليش تبيني هالمره اخذك انا ؟ اساسآ كيف متحمله تمشين معي .. مو قبل شوي ماكنتي تبين حتى تكلميني ؟
رفعت حواجبها بقهر من اسلوبه المستفز .. فجاوبته بحده ..
: لانك زوجي .. ومن واجبي عليك الاهتمام فيني ...
مطلق بهدوء : لكن عندي موعد مهم ..
اشارت بأصبعها على صدره بغضب .. وقالت ..
: مايهمني ... موعدي اهم .. اظن الولد اللي في بطني هو ولدك كمان .. وانا مصره انك تاخذني .

ابتسم وهو يمسك بيدها ويرفعها لفمه ويلثمها برقه ..
ارتبكت اكثر من جراء حركته تلك وهي تحاول ان تسحب يدها من بين يديه ..
فقال لها : لو تبين عمري خذيه كله .. يعني جات على موعد .. يرخص لك كل شيء علشان راحتك ..

ارتجفت بخجل وقد باغتها بلطف لم تتوقعه ...
: لا تتمسخر علي ...

اختفت ابتسامته ليحل محلها الجديه .. وهو يسحبها ناحيته ويضمها بصمت ..
لاتسمع فيه سوى انفاسه المتسارعه وكأنه يتعارك مع نفسه ولايجد الحل الامثل ...

وبعد لحظات و بصوت يلاقي صعوبه في اخراجه ..
: المشكله انك ماتعرفين قيمتك عندي ... سبق وقلت لك مااعرف اعبر عن مشاعري .. فساعديني
او تحمليني على الاقل ...

رفع نفسه عن التصاقه بحضنها و وضبط شماغه وعينيها تبحث عن معالم واضحه لتقرآها ...
او حتى عينيه لترى مافيها من معاني .. لكنه احجب عنها الرؤيه بصناعه زائفه لشماغه وبعدها مشى عنها ..
: انتظرك في السياره ...

تركها تحدق في الفراغ وتملأه بالعجب و بمفردات السكون ..
تألق غريب .. وشعور مذهل .. و نبض متواصل جعلها تخاف مع ابتسامه تلتصق بسذاجه على شفتيها,,
شعرت بذلك بوميض يغزوها ويحول ضبابيتها الى نقاء ليس له مثيل ...

شيء مني يريد ان يقفز ان يطير .. ان يضحك بصوت عالي ..
ان يبتسم دونمآ سبب ... هكذا فقط

كتمت فمها وهي تضحك بخفه ..
يكن لي المشاعر لكنه يصعب عليه ان يفسرها ..
على الاقل لم يعترف بطريقه واضحه .. لكن وضع لي حروفه خاليه من النقاط ولن اعجز عن فهمها ..
لايهم متى يقولها .. فأنا وراءك يامطلق حتى تنطقها ويقر فؤادي بعدها ..

تنهدت براحه وقد تملكتها طاقه رهيبه ونشاط فأسرعت تلتقط عباءتها وتهرول
متجاهله انها حامل تخطو في شهرها السادس .. بدون وعي منها ..
فلا لوم عليها .. فما هي الحياة الا شطرنج مشاعر تستبدل فيها خانه لتعوضها بأخرى ...


********************************


ارسلت له اكثر من رساله.. تخابره فيها ان يعجل من ارسال الصور المزعومه ..
وهي مازالت تعاني من انتفاضات خوف وارتعاشات موت في ماتبقى من فراغات الحياة ..

زرعت نفسها في مكان بعيد عن الجميع .. وقاطعت صديقاتها بعدما اكتشفت فجأه ليس هناك شخص
جدير بأن يشاركها مصيبتها تلك ...
كادت تجهش بالبكاء .. وهي وحيده تنازع خوفها .. و تدعو ربها بأن يستر عليها ..
لولا قدوم ريهام في الاونه الاخيره .. وهي ترى انعكاسات لحاله مزريه تعاني منها رفيقتها ..
سألت : سلامتك يااريام .. انتي تعبانه ؟
تنهدت وهي تحتضن جوالها وقالت ..
: مافيني شيء ..
جلست جنبها و قالت ..
:ليش ما حضرت المحاظره ؟
اريام : تعبانه ..
ريهام بإبتسامه ..
: توك تقولين مافيك شيء .. والحين تعبانه ..
احتد صوتها وهي تجيب ..
: ريهام ارجوك اتركيني .. مو طايقه نفسي .. فلاتزيدين علي ؟
ريهام : هدي اعصابك .. شوفي حالتك كيف صايره ؟
التفت اريام حولها وقالت بكآبه ..
: عندي مشاكل ...
الحت ريهام في سؤالها اكثر ..
: طيب .. قولي يمكن اقدر اساعدك ؟
وقفت و حركت شعرها برعشه واضحه لريهام ..
: ما اقدر .. ما اقدر ..
مسكتها ريهام قبل ماتمشي وتتركهاوادارتها ناحيتها ..
: اريام قولي .. والله خوفتيني ..
التفت ناحيتها و بعدها حدقت في ريهام وبالاخص في عينيها ..
وكأنها تبحث عن الثقه والاهم الامان الذي لم تجده في نفسها وتبحث عنه لاهثه
للتدثر قليلآ من خوفها الذي طرق بفولاذيه على حياتها ..

غطت فمها .. وكتمت شهقاتها التي بدأت تظهر جليه واضحه .. والدموع تتجمع في مقلتيها غير قادره على كبحها ..
اتسعت عينا ريهام لتصورات في عقل بشري يطرح الكثير من الخيالات .. حيث ترى اشارات هلع ليس لها تفسير
غير شيء مضمحل يدعو الى النحيب ..

تربص بالواقع حتي يصيده او يصاد هو .... وانتظرت لحظه الاعتراف .. وهي تقود صديقتها
لمكان بعيد حيث لاعين تراهم او اذن تسمعهم غير الباري جل في علاه الذي لاتخفى عليه مثقال ذره
في الارض ولا في السماء ...


*****************************



مازال متجهمآ .. حتى بعدما اخذ اجازه من عمله .. ليقود سيارته لتصليحها كاتمآ غيظه
يساير نفسه بأن من فعل ذلك هو فعل صبياني لايمت بصله بأي علاقه شخصيه .. او احقاد دفينه ..
لكنه كلما فكر بهذا . .. ينقاد عبر سلسله من الاحداث الا ان هناك من يتربص به بالفعل ..
ويقوده الى فقدان اعصابه .. والحرص المبالغ فيه ....

تلقى اتصالين من مطلق .. ولم يستطع ان يجيب لتلك الفوضى الذي خاضها في صباحه الباكر ..
وضع قدمآ على اخرى وهو ينظر الى سيارته التي دخلت في صيانه عاملين محترفين ..
وقد شعر بالملل وهو يحدق .. فطرأ مطلق على باله ... ومباشره اتصل به ..
ليسمع صوته المبهج ...
: هلا والله بالقاطع .. اللي مايتصل ولايرد على اتصالاتي ..
ابتسم ناصر : مشغول يا لحبيب .. الا انت اللي وين ؟ اكيد ماذكرتني حب فيني ..
ضحك مطلق .. ليجيب بثقه ..
: لا ابد وين احبك انت .. صراحه كنت متضايق قلت اكلمك ؟
ناصر : اكيد متضايق لانك ماشفتني ولاسمعت صوتي ..
مطلق : لا في هذا صادق .. المهم طمني عنك ؟
ناصر : ماشي الحال ... وينك انت ماينفع تكلمني كذا لازم اشوفك ؟
مطلق بوتيره منخفضه :في المستشفى ..
اكمل تفاديآ للاحراج ..
: المدام عندها فحص روتيني ... وانا انتظر ..
ضحك ناصر بصوته عالي .. ضحكه شبابيه لها رنه خاص...
: حركاتك يا بو غانم ..قمت تروح عياده النساء ...
اكمل ضحكته الساخره .. ليرد مطلق ...
: اقول ماحلاك وانت ساكت ..
ناصر... : اسكت ..هذا حلمك ياشيخ ... ما كون ناصر اذا سكت صراحه ..
احس جسمي يحكني اذا ما ضحكت عليك .. ونحن في ذيك الساعه لما امسك عليك شيء ..
المهم بتعرفون جنس المولود ولا لأ .. اذا كانت بنت بأسميها انا ...
ضحك مطلق .. ورد ساخرا عليه..
: لا والله .. مو ناقص الا هذي تسمي عيالي ... وبعدين تعال ليش بالتحديد بتسمي البنت ... ؟
ناصر : يااخي احب البنات ... وان شاء الله تكون بنت ماتشبه لك في شيء ...
مطلق بعصبيه مفتعله ..
: باقي .. ماتلاحظ اني اعطيتك وجه قوي .. اشوفك بعدين ..
ناصر بضحكه ..
: مع السلامه .. لا تنسى الوعد ..
مطلق بهدوء اغلق الجوال بعدما لمحها تبحث عنه بنظراتها...
اقترب منها و سأل بعدما مسك يدها ...
: كيف الفحص ؟
جاوبته بهدوء : تمام .. لكن لو يهمك كنت دخلت معي ...

وقف قبالها مباشره مدافعآ عن نفسه ..
: ما قلتي لي كنت دخلت معك .. ؟
همست له بخفاء ... : مو شرط اقول ... يهمني تكون جنبي في اوقات مثل هذي ..

تماسكت وهي ترى انفعالات واضحه عليه .. وكأن المهله التي صمت فيها كان يفكر فيها
ماذا يريد ان يقول لها ؟
قالتها بشيء من المناكده له .. و مبارزته على الدوام وان كانت مسالمه وترغب في راحه البال ..

قبض على يدها .. وسار بها من حيث خرجت .. وهي تحاول عبثآ ان تثنيه عما يريد ان يفعله ..
وفي غفله منها .. طرق الباب ليدخل بثقه ... متجاهل الاحراج الذي يشعر به .. لكن من اجلها
هي سيفعل اي شيء لم يعتده من قبل ...

واول جمله قطعت مفردات الصمت والذهول ..
: السلام عليكم .. انا مطلق زوج ليلى .. حبيت اطمن عليها وعلى حملها لو سمحت ..
اعتذر عن تأخري .. يهمني بصراحه اعرف كل شيء عنها ..

عادت الطبيبه الى مكانها تخفي علامات الذهول التي شعرت بها منذ دخوله العاصف
لن تخفي اعجابها بشخصيته وبثقته المفرطه .. فاستسلمت بإذعان لمطالبه بدون كلمه او اعتراض ...

وراقبت بإعجاب تلك الهاله الحسناء من الخجل التي ومضت في وجه ليلى .. تخفي نظراتها بعيدا
عن الجميع ... لانها اخر ما كانت تتوقع تصرفه هذا .. فجرأته اوقعتها في حبائل مكيده قادتها هي إليه ..


*******************************


قبل المغيب .. صخب و لعب و ضحك .. وليلى غير ليلى ماكانت به من امس انطوى اليوم ..
بما فيه .. لم تدع للخراب عشآ الا وهدمته بتصميم .. ليس هي بمفردها ..
فتلك المقدمات السهله التي يبدأها مطلق .. تجعلها يسيره في خطواتها نحو السعاده ...
سمر بإبتسامه لوفاء ...
: اليوم .. بعض الناس من كثر مايتبسمون بياخذون لهم صوره تذكاريه ..

شعرت بنفسها .. لكن ماحيلتها وتلك الابتسامه تجد طريقها كلما تذكرت مواقفه ..
وبالاخص ذهوله حول كلام الطبيبه الذي اعاده مرارا وتكرآرا عليها ..
وكأنه اخذ دورها وبدأ في نصحها ...

حتى وصلت لتلك النقطه التي اثارت فضولها .. عندما رفض رفضآ قاطعآ في كشف جنس المولود ..
ليجبيها بهدوء وهم في طريقهم بالسياره ..
: ماله داعي نعرف قبل الولاده .. بنت ولا ولد .. كلهم نعمه .. مافي فرق بينهم ..
ومن حينها التزمت الصمت .. او اسكتتها المشاعر التي تزاحمت في قلبها ولم يعد هناك مجالآ لفتح مساحات
اخرى ... فكلها ضاقت .. بل امتلآت بكم هائل من المشاعر التي لم تعد تستطع ان تكبحها ...

وكزتها وفاء لتعود الى واقعها بينهم ...
: بنت .. وين رحتي ؟ لايكون في شيء وانتي ماقلتيه لنا ...
ليلى : لا ياقلبي مافي الا العافيه ...
قاطعتهم سمر : بنات .. ماتلاحظون على اريام شي .. احسها متغيره ..
وفاء : كيف متغيره ... ؟
سمر : صارت ماتجلس معنا مثل اول ... وتجلس بحالها في حجرتها .. ودائما ماسكه جوالها وكأنه بيضيع ..
وفاء بدون اهتمام ..
: من طول عمرها اريام كذا مافي جديد .. حتى لو كانت معك .. هي في عالم واحنا في عالم ..
تدخلت ليلى .. : صادقه سمر .. حسيت عليها .. لكن يمكن عندها مشكله في الجامعه ..

وكان السؤال عن اريام .. جلب لهم اخر من تريد ان تراها ..
شعرت بأن المكان قد اصابته غمامه سوداء حالكه لامطر فيها ولارجاء بل غطتيه عين الشمس
نكايه في اشعتها المرحه ...

القت بتحيتها المعتاده ببرود وهي بكامل زينتها .. وكأنها تريد ان تثبت شيء ببهرجتها الدائمه ...
وقابلت ليلى وجه لوجه ...لترمي نظره الى بطنها البارز .. شيئ ما استدعى ليلى بأن تحتضن بطنها بشكل ظاهر
وكأنه تحميه عنها وعن افكارها السوداء ... و ما ان جلست تلك حتى وقفت ليلى .. تاركه المكان بما رحب لها ..
لكن قبل ان تذهب سمعتها تقول بجرأه ..
: يعني اذا حضرت الشياطين .. فرت الملائكه ياليلى ...
كادت ان تبتسم بل ان تضحك بصوت عالي ... لاول مرة تسمع كلام ينطبق عليها .. لن تدعي بأنها ملاك طاهر
لكن على الاقل تعرف ان نواياها .. بذور شيطانيه .. واسعه الشر ..
اجابتها بهدوء : عندي اشغال اهم من الجلوس معك ...
اطلقت سمر ضحكه مستفزه ... لتلوح لها وفاء بالانصراف بهدوء ..
فابتسمت ليلى بود مبطن بجرأه غير معتاده منها .. وانصرفت عنها شاعره بنظراتها تخترقها بحقد لايخفى على احد ..

انصرفت لشرب الماء ... والصعود لحجرتها التي تركتها مثل ماهي .. غير مرتبه ..
كانت حريصه على ترتبيها بنفسها .. لكن عادت لها توصيات الطبيبه ..يحذرها من الاشغال والمشي الكثير ..
جلست بوهن .. إلا ان الابتسامه وجدت نفسها اخيرا .. بمجرد ما فكرت فيه .. كل تلك التغييرات التي طرأت
عليه .. تريد ان تضحك منه وبالاخص .. توتره الواضح في التعامل معها ..
كان محرجآ وان حاول ان يخفي ذلك بمهاره ... وهي احترمت مشاعره فألتزم كلا منهما الصمت ..

اخرجت من عالمها الصغير على اثر طرقات على الباب ... لتنهض لفتحه ..
لكنه انفتح من تلقاء نفسها .. لكي تكون في مواجهه وجه لوجه مع فاتن .. التي بعثت في نفسها خوفآ مريبآ منها
هل اثارت ذلك المارد بداخلها وجعلته يثور الان في وجهها ...
تحاملت على مشاعر الخوف في وجهها .. وانذرت بحزم ..
: اظنك غلطانه .. حجره اريام في الجهه الثانيه ..
ابتسمت تلك ابتسامه باهته .. وقالت وهي تدخل بجرأتها غير منتظره الترحيب ..
: عارفه .. لكن قصدت ازورك في جنتك الخاصه ..
كادت تفتح باب حجره نومها .. قبل ان تنطلق من ليلى صرخه استهجان على فعلتها ..
: هيه .. انتي وين داخله ؟ مالها داعي تدخلين مكان وانتي غير مرحبه فيه ..
تركت كره الباب .. لتعلق بتبجح ..
: غير مرحبه فيه .. صرتي تعرفين تصفين كلمات .. .. هزت رأسها بتذمر
وتقترب منها بشكل مريب وتكمل ببرود ..
: تعرفين من قبل حسدتك .. على كل شيء .. على جمالك وعلى مطلق وعلى الراحه اللي انتي فيها ...
وحاولت ... بكل الطرق اللي وصلت لها اني اخرب عليكم... لكن في النهايه .. لما افكربيني وبين نفسي
اقول مالها داعي ... مطلق مثل ماقالت امي .. شخص غير مناسب لي ..
ليلى بهدوء .. هدوء مخيف ..
: الكلام هذا مايفيدني .. اخرجي من بيتي ...

ضحكت فاتن بصوت عالي ...
قالت : صراحه احسدك على ثقتك بنفسك .. تعرفين ودي تقولين لي ايش السبب فيه ؟ على الرغم من كل ما صار
الا انكم مازلتم مع بعض ..؟

ليلى : مايهمني كل اللي تقولينه و اللي عملتيه من قبل .. مايخفى علي ان لك يد في كل مشاكلي مع مطلق ..
لكن تبين تعرفين سر .. لاني واثقه في الله عزوجل .. وان كل اللي صار لي ابتلاء و امتحان لصبري ..
فكل اللي تعبت علشانه ماله قيمه عندي ...

بهتت ملامح فاتن وبان الامتعاض عليها ..
: غبيه... تعتقدين ان زوجك راح يثق فيك بشكل عادي .. يشوف صوره عشيقك الاول معاك .. ولايشك فيك ولو شيء بسيط
و لا .. والاكثر من كذا .. ان الحبيب العاشق الولهان .. بمجرد انه يسمع انك معذبه .. يتناسى كل شيء .. و يقف في وجه
زوجك مطالب بحقوقك ...

ابتسمت تلك الابتسامه الصفراء .. وهمست لليلى ..
: لاتحلمين كثير .. ترى الرجال مالهم امان ..

بعد كل ماقالته .. تمنت ان مطلق يكون هنا ليسمع بنفسه بنت خالته الافعى وهي تبعث سمومها في حياتهم
لم تكن جاهله بأفعالها من قبل .. كانت تظن وان اصابها شيء من اليقين ... لكن الان انقطع الشك بخيوط متواصله
من الحقيقه .. هاهي تعترف بنفسها ..

مشت بخطوات وتيده نحو الباب لتفتحه على وسعه ..
: اخر مره اسمح لك تدخلي بيتي ... اقطعي رجلك عن البيت لو عندك ذره كرامه .. و ابتعدي عن اريام لان امثالك
ماله امان .. ..

ابتسمت فاتن .. رغم احتقان وجهها بغضب بارز ... لكنها ماهره في اخفاء مشاعرها التي تغذي الاخرين
و تقوي عزائمهم عليها .. وتمشي بخيلاء .. وكأنها لم تسمع اي كلمه تفوهت بها ..


اغلقت الباب لتهتز اركان المنزل على اثره غضب بالكاد استطاعت ان تتماسك فيه ..
و خوف .. خوف من الايذاء .. وهي بالاخص تعلن عن افعالها النكراء على اسماعها ..
ضمت نفسها بذعر من عاصفه هوجاء حاولت ان تقتلعها من جذورها لكنها صمدت امامها حتى مرورها ..
اصابها الذهول من اشخاص في هذه الحياة هم مثلها ..
امعقوله ان يكون ابليس متلبسآ هيئه انسانيه ... يبعث القشعريره و الهول في نفوس البشر ..

تعوذت من الشيطان الذي حل ذكره في افكارها .. و شمرت عن ساعديها لتصلي ركعتين لله
تجلي فيه مشاعر غريبه سكنتها ... و حمدآ وثناء على ماهي فيه ..


لكن قبل ان تدير قبضه الباب .. عاد الباب المسكين لينفتح من جديد ..
لتطل منه اريام بشحوبها المخيف ..
والتي اثارت الخوف من جديد في نفس ليلى ..لتقول ..
: اريام .. عسى ماشر ؟
اقتربت اريام ببط ء لتهمس بالقرب منها ..
: ليش خبيتي عنا كل اللي صار.
اصاب الذعر قلبها المضطرب ... وفكرت في تلك الافعى
: عن ايش تتكلمين ؟
عادت تهمس من جديد بإنفعال هذه المره ..
: عن كل اللي عملته فاتن فيك انتي ومطلق ...

فتحت فمها بإندهاش ..تحاول ان تتماسك .. فأول مافعلته ان اغلقت الباب بإحكام
وتقترب من اريام لتسألها ..
: مين اللي قال لك؟
اريام : سمعتكم بالصدفه ... مو مصدقه اللي صار ..

ليلى بهدوء : لا تستغربين .. بنت خالتك هذي مجنونه ..

نفت اريام بوضوح ..
: ان ما اتكلم عن فاتن .. بنت خالتي واعرفها انسانه حقوده و ما استغرب تصرفاتها ..
انا اتكلم عنك انتي .. كيف تتهاونين في حق نفسك و حق زوجك و تكتمين امر كان يمكن يسبب
لكم مشاكل كثيره ممكن تصل للطلاق ..................

عادت ليلى وفتحت فمها بغباء .. لم تكن رده فعل اريام بمثل تلك الوضوح ..
كانت تظن انها ستقف بجانب ابنه خالتها .. و عدم تصديقها بشكل مباشر..
لكن الان تغيرت وجهه نظرها في اريام .. فمهما يمكن تخليها تعيش في قصرها الجليدي
الا ان لها قلبآ صادقآ .... وشخصيه صريحه على الرغم من التأثيرات التي حولها ..
في الاخير يمكن الوثوق بها والاعتماد عليها ...




***********************************



خرج من سياره الاجره التي اوصلته الى المنزل على اذان المغرب الذي ارتفع في المكان
فشل في تحقيق مراده وهو ان يعود بسيارته الى المنزل .. فهي تحتاج الى الوقت الكثير ...
تسارعت خطواته لتغييرملابسه .. و حضور الصلاه جماعه في المسجد ..
لكن قبل ان يبصر او يعي تماما ماتلك الخطفه السريعه التي هو فيها ..
شعر بنفسه يختنق .. وقد اطبقت على انفاسه يد غليظه .. قاسيه .. لتبعده عن مرأى الجميع وتحشره
في ملحق المبنى الخالي من السكان ..
حاول ان يرى ذلك الجسد الهائل الذي امامه ... لحظه ليس واحد بل هم ثلاثه ..
انهالوا عليه بالضرب رغم محاولاته المستميته في الدفاع عن نفسه ...
اختنق بالدم الذي تفجر في فمه .. و فتح عينيه التي انذرت بشر على معتديه ..
صرخ بإنفعال : ياكلاب .........

قاوم احدهم فانهالوا عليه جميعهم .. حتى اردوه خائر القوى مليئ بالكدمات الداميه والجراح ..
سقط على الارض .. محاولا ان يبقى متيقظا ولايغيب ..
يريد ان يراهم ويستدل عليهم .. لكنهم لم يسمحوا له حتى..
اقترب منه احدهم وبصوت ثقيل ..
: وسام العالي يسلم عليك .. ويقولك انتظر المفاجآه الكبيره ..

استقر رأسه على الارض .. لايسمع سوى وقع اقدامهم المهروله البعيده ..
بصق الدم من فمه .. واستقرت افكاره بثبات رغم الالم الذي يشعر به ..
والكدمه التي شلت نصف وجهه .. بأنه كان محقآ بأن هناك من يعاديه .. ولكن صرف نظره
او غاب عن فكره مثل ذلك العدو .. كان متربصآ به طيله الوقت ..

حاول الوقوف ... لكن الالم قد اشعره بأنه طحن تمامآ تحت كم هائل من الاطنان
استعان باأنبوبه مياه .. ليقف .. مستندا على الجدار بالكاد يخطو .. ليدخل في بهو المبنى ...
ويشق طريقه بصعوبه متجاهل هاتفه الذي بدأ يزعجه بالرنين ...
وفي نفسه يتساءل بسخريه اين بنو البشر عندما يحتاج لهم ؟
تحامل على نفسه .. متجاهل وخز الالم الذي يشعر به مع كل خطوه ..
ليدخل المصعد متهالك .. يبحث عن مفاتيح شقته .. .
همس : الله لايعطيك العافيه يا وسام ... وقد مسح الدم بشماغه ..

حمد الله على وصوله الى عتبات شقته .. الذي ما إن فتحها حتى رمى بشماغه على الارض
وتوجه الى الحمام ... ليرى ما تركه السافلون على وجهه ..
تراجع بذهول .. من تلك البقع الحمراء والتي بدأت تزرق بعضها بجانب فمه وفي زاويه عينه اليسرى ..
تنهد متألمآ ... واستند على البانيو بتفكير عميق من تربص مخيف .. من انتظار يكره لحد الموت ..
..آ ي مفاجآه سيسحقنا بها هذه المره ؟
ولما تهجم علي ؟ .. هل علم بتلك الاتفاقيه الحمقاء التي قمت بها مع احد من اعوانه ؟ ..

تنهد مره اخرى .. وقد اغفل عن الثمن الذي دفعه .. في المقابل ..
وعن ماكان يريد ان يفعله ... اصابته خيبه امل ...
لم يستفد شيئا ... بل اقتنع انه كان يستحق العقاب لتصرف غير حكيم بدر منه ..


**************************



اعدت نفسها .. وكيف لها الاعداد الذي يليق بها و يستحسنها ؟
تجهمت كثيرآ وهي تختار ماتريد ان تلبسه امامه ...
وضاقت كل الاحتمالات بوجود بطنها البارزه ...لكنها وجدته اخيرآ ..
فستان احمر طويل منقوش بورود صفراء صغيره ...تغطي كتفيها بوشاح شفاف اصفر ...
تربطه اسفل صدرها ... شعرت بالرضا من نفسها .. وهي التي افتقرت بأن تكون متألقه لزوجها على الدوام ..
طلبت ان يحضروا العشاء لها .. بعد استئذان من والدته التي ابدت سعاده في طلبها ..

و ما إن انفردت بجناحها حتى عملت على تنظيفه بمساعده خديجه .. والذي لم ينقصه سوى البخور
والذي لم تسمح به .. لاسباب صحيه .. اكتفت بالشموع المعطره التي وضعت القليل منها ...
و جلست على الكنبه .. تنتظره .. وعينيها لاتفارق الباب .. تنتظره بحراره الشوق الذي اكتسحها ..

سمعت رنين هاتفها في الحجره المجاوره .. لتتسارع و تلتقطه قبل ان يغلق .. كان هو من يتصل بها ..
والتي تجهمت بمجرد سماع صوته ...
مطلق : ليلى .. اسمعي ممكن اتأخر الليله .. لاتنتظريني ..
اصيبت بخيبه واسعه وهي تجلس على الكرسي بتراخي ..
ليخرج صوتها كئيبآ ..
: ليش ؟
تنحنح ليتكلم بجديه اكثر ..
: عندي شغل ضروري ... فيه مشكله لو تأخرت ؟

هزت رأسها بنعم .. ولم يخرج صوتها .. إلا عندما ألح عليها ..
: ليلى .. بحاول اني مااتأخر ؟ نامي انتي ؟
التزمت الصمت .. ليقول بطريقه لينه..
: لايكون زعلت ؟
مسحت جبنيها الذي بدأت تجاعيد الضيق تتجمع فيه ..
: لا ابدآ ليش ازعل .. يالله المهم لاتتأخر على شغلك .. مع السلامه ..

اغلقت جوالها .. وهي تتعارك في رغبتها في البكاء .. بل الصراخ غضبآ ..
كل مافعلته ذهب هكذا ادراج الرياح ..
يالتعب الذي تشعر به والذي لم تحس به من قبل ...
ويالمضيعه الوقت الذي قضته في اهداره لشيء لايستحق ..

ابتسمت سخريه على نفسها ... الآن لا يستحق ..
بل يستحق .. لكن صبرك معه يوشك على النفاذ ...
مازال يسحقك ببروده ولاشيء جديد ..

قفزت روحها بداخلها ... وقد سمعت صوته القريب منها..
: ليش قلت مازعلت .. وكل هذا اللي على ملامحك ايش بيكون ؟

رمشت عينيها لاكثر من مره .. و الجمت بالصمت المطبق ..
ليقول بإبتسامته وهو يستند على الباب بذراعه ..
: ليلى .. تراني موجود قدامك ..اذا كنتي تظنين اني حلم ؟
لاحت ابتسامه و ارخت بصرها غير مصدقه بالانقلاب السريع ..
وهمست : ليش رجعت ؟
قطع المسافه بينهما بسرعه .. ليجلس امامها وقد رفع رأسها بيده ..
: تبين اضيع على نفسي كل هذا ..

رمى بنظره معجبه لها .. فإبتسمت بخجل ..
:يعني كنت تكذب علي ؟
رفع حاجبه محتجآ على الكلمه التي قالها ...
فأردف مبتسم : مو اكذب عليك .. لكن كنت انتظر رده فعلك بصراحه ..
دعكت اصابعها بإحراج ...
: كنت بقولك رأيي بصراحه لان في امور كثيره مضايقتني . .. وكنت اعتقد اني لو قلت لك
بوضح لك الضيق اللي انا فيه .. وهذا اللي نويت اسويه معك .
جلس بجانبها محيط كتفيها بيده ... و كأنه ينتظر المزيد بدون ان يقاطعها ..
فأكملت تلقائيا وعينيها تلتقط اي شيء سواه ..
: اولها.. لاتحسب اني نسيت قصه البنت اللي كلمتني في الامارات ..
قاطعها بجديه .. : ايش تبين تعرفين ؟
ركزت نظرها عليه .. لتلمح التردد او كذبه لكنه كان واضحآ صريح معها ...
: البنت هذي تكون بنت مدير الشركه .. قابلتها صدفه في محل .....
سكت و كأنه تذكر شيء .. وبعدها وقف و مشى ناحيه الباب والابتسامه على وجهه ..
: لحظه نسيت اعطيك الامانه ...
غاب لعده دقائق ليعود بكيس كبير ... ويضعه امام قدميها ..

ليكمل بإبتسامه تتلاعب على شفتيه ..
: وهذا هو البرهان ... تصادفنا في نفس المحل ونسيت جوالي عند المحاسبه وهي اخذتني عني ..
على الرغم من تصرفها الودي الا اني ماحبيته منها وبالاخص لما دريت انها كلمتك ...
انا اعتذر وبشده عن اي ازعاج سببته لك ...

ليلى بهدوء : كنت منزعجه منك ومن تصرفك ... ماقدرت الموقف اللي انا فيه.. و حبيت اسوي اي شيء
يزعجك و يضايقك ..
ضاقت عينيه عليها لتكمل بحذر ..
: مثل تجاهلي لك اذا اتصلت ... و ثانيآ وهذا المهم لي .. وابيك تعرف اني ماسويته علشان هذا السبب طبعآ
واللي يعتبر سبب من الاسباب الهامه .. لكن هذي رغبتي يامطلق .. وانا ابيها ..
مطلق : واللي هي ؟
ليلى بخوف : سجلت في معهد حاسب .. قلت ابي اتعلم شيء وانا ماعندي شيء اعمله طول هذي الفتره ..


جوابه كان الصمت .. فإستهلت كلامها بحماس و قد امسكت بكلتا يديه ..
: مطلق ... ممكن ترفض وممكن توافق .. انت تعرف مااقدر اسوي شيء من غير موافقتك .. لكن ارجوك
احترم رغبتي ...

تنهد .. وهو يجلس بكل اريحيه .. مع ملامح واضحه الجديه اصابت ليلى باليأس ..
لينطق اخيرآ : موافق ... لكن بشرط .
هتفت بفرحه متأبطه ذراعه .. ليكمل بهدوء ..: شرطي .. انك ما تتعبين نفسك .. وبلا كبرياء و عناد ياليلى
اذا حسيت في لحظه انك ماتقدرين تواصلين توقفي ... فهمتي توقفي .

ابتسمت ابتسامه تنم عن سعاده عميقه لايصل اليها احد ... ليس بمجرد موافقته التي كانت تخافها
بل عن كل شي هي فيه الان ... قبلته على خده .. قبله عميقه كمشاعرها.. بدون تفكير وبدون خجل
وبدون مقدمات .. وارتمت على صدره .. تسمع دقات قلبه التي ابتسمت على وقعها في اسماعها ..
والتي اشعرتها بأنها في قمه الحياة ... وقمه السعاده .. وقمه الغرور ..
غرور انثوي ليس له حدود ..بأنها تحب ..
و بأنها من تحبه .. رجل ليس ككل الرجال ...

قنعت نفسها بأنه لاداعي بأن تقول احبك ..
تريد كلمه تبوح بحق عن ماتشعر به الان.
احبك لاتفيه حقها .. فمشاعرها لاتسقط في كلمه واحده ..
ولا معجم للكلمات الشاعريه تكفيها الان ..

ليحتضنها هو بالمقابل .. و كأنها شيء قد يفلت منه في اي لحظه ..
بلا اي كلمه او حروف صاخبه تقطع حبل التواصل الطويل ... كانوا يعبرون عن مشاعرهم بكل بساطه ..
متمنين ان يتوقف الوقت وتجمد الصوره عليهما فقط ...
ابعد كل هذا لاترضيه الافعال لها .. اي كلمه جمدت في الحلق ولايمكنه نطقها ..
ماذا اكثر من ذلك يامطلق ..
احبها .. احبك.. واريدك .. اكل هذا لاتصنعه ملامحك الخشنه لها ..
و بعد كل هذا لاترضى .. ابتسم وهو يدنو ليقبل رأسها العطر .. و يرنو معها في سمو العاطفه
حيث لايغيب سواهما عن مداد البشر و دنو الحياة ..

عدي على أصابع اليدين ، ما يأتي
فأولا : حبيبتي أنت
وثانيا : حبيبتي أنت
وثالثا : حبيبتي أنت
ورابعا وخامسا
وسادسا وسباعا
وثامنا وتاسعا
وعاشرا . . حبيبتي أنت

* نزار قباني .




هناك دقائق تترقب الحسم على اهبه الاستعداد .. تريد الانطلاق بلا رويه
لتصبح من الماضي .. حينها نقول كان ماضيآ بكل مافيه ..

وهناك لحظات دقيقه تتمنى الثبات .. لاتريد ان تكون من الماضي البحت
بل تشرع بابآ واسعآ للمستقبل .. تريد الاستقرار هناك حيث التنعم بدقائقه مجددا وتكرارا بلا ملل او كلل ..

الاعاده تلزم في احياء الثواني الميته ... والفهم الصحيح للامور هو القرار المهم .. .
من كان يعتقد ان النهايه ستكون قاب قوسين او ادنى اذا ومضت فيه اشاره الاعتراف ..
وهاهي على العتبات .. فلا تغفو عندها ...



ألقاكم الاسبوع القادم مع اماني صادقه للجميع بالنجاح
دمتم بخير

كبرياء الج ـــرح

 
 

 

عرض البوم صور كبرياء الج ــرح  
قديم 22-06-11, 06:41 AM   المشاركة رقم: 50
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
اميرة الكلام العذب


البيانات
التسجيل: Jun 2010
العضوية: 172238
المشاركات: 902
الجنس أنثى
معدل التقييم: كبرياء الج ــرح عضو على طريق الابداعكبرياء الج ــرح عضو على طريق الابداعكبرياء الج ــرح عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 233

االدولة
البلدUnited_States
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
كبرياء الج ــرح غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : كبرياء الج ــرح المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي

 





انقش على كفوف الصباح
(التفاؤل )
وارسم على وجه الليالي ...
ابتسامات :)
لان العمر في كل يوم يتضاءل
وان مازرعت الفرح بيموت بسكاآآآآت ....




البارت التاسع والاربعون :

مساء اليقين ...
بأن كــــــل ما نحلم به ...
سيتحقق يومآآآآآ ...........


مد يده لها في ظلمه سحيقه ... وهو يبتسم رغم خوفها الشديد.. يبتسم بإطمئنان لاتجده ..
برد تصطك فكيها فيه .. و تأبى ان تمسك بيده ..فالمكان يخيفها وهي معه ..
بالكاد تلفظ انفاسها وقد ضمت نفسها ... وهي تنظر إليه بغرابه .. بذهول الى ابتسامته الهادئه ..
كيف له ان يجد متعه و ما حوله يثير الخوف والبرد في نفسي ... ؟

مد يده من جديد وهو ينادي اسمها ... تراجعت للخلف وهي تهز رأسها كطفله صغيره تخاف العقاب ..
وهو يبتسم لها ابتسامه .. تكاد تكون ليست له ... وضع يده على جانبه و مازال ابتسامته معلقه فيها ..

فتحولت ارتعاشاتها الى شهقات بكاء .. وهي تنادي بإسمه .. ولكنه لايجيب .

لتنتفض على اثر اسمها الذي لفظ من عالم بعيد عنها .. فتحت عينيها على وجهه القريب منها
مسح جبينها و هو يلثمه برقه .. لتهمس .. : مطلق ...
اقترب اكثر .. مهدئآ لها ..
: انا جنبك لاتخافين...
رفعت اناملها المرتجفه لتلامس ذقنه .. وتسأله بصوت خافت ..
: ليش كنت تبتسم لي في الحلم ؟

ابتسم بإطمئنان وعينيه تلمع بعاطفه نحوها ...
: اكون في حلم معك ولا ابتسم ..

لم يجد صدى لابتسامه على شفتيها ... بل ملامح زائغه خائفه ..
قال مطمئنا : ارتاحي .. كان حلم ....
همست ورائه غير قانعه بما قاله ..
: صحيح كان حلم ... كان حلم ...

عانقته .. تريد ذلك الامان الذي ترتجيه منه دائما .. ويهبه لها وهو في اسؤأ حالاته
احتضنها بلطف وهو يقبل عنقها ...
في ظلمه الليل الذي بدأ ينعس قمره للتدثر بنوم طويل
وعلى وثائر حبه قد وهب مشاعره لها بدون انتقاص .. ربت على ظهرها
وهو يطمأنها .. دائما بقوله .. بكون دائما معك ... دائمآ معك ....



***************************************



صباحكم ارزآآق .. موزعه بين جنبات الارض
صباحكم سعاده... لايعكرها آآآي شيء .....



كالعاده .. هرولت اريام متجاوزه سمر التي بالكاد تخطو لتصل الى طاوله الافطار
لتناديها والدتها .. وتقف لاهثه .. قائله ..
: صباح الخير ياامي ..
اجابتها تلك الرؤؤم : الله يصبحك بالهنا يابنتي .. وين يمه الله يهديك بدري توك مافطرت ..
اريام : اسفه يمه مااقدر عندي محاظرات مهمه ...
سمر بتهكم : الله من زود الشطاره .. بتخرجين قبل ماتفتح العصافير عيونها حتى ..
ابتسمت اريام .. ولم تعط جوابآ لها بل وجهت لامها الكلام ..
: انا طالعه يايمه .. دعواتك ..
خرجت على عجل لامر كالعاده بعد ان اصبح شغلها الشاغل هذه الايام ..
وماان دخلت السياره حتى .. جلست على كتاب لم تنتبه له ..
: اف منك ياسمر.. احد ينسى كتبه في السياره ..

انطلقت السياره .. لترمي بالكتاب بجانبها ... وبعدها تلقي عليه نظره سريعه
كتاب للشيخ محمد العريفي .." استمتع بحياتك "
فتحته بعفويه .. لتقرأ بإعجاب فكره قد كتبت في نهايه الموضوع ..

( انظر للجوانب المشرقه من حياتك ... قبل ان تنظر للمظلمه تكون اسعد )

ابتسمت وهي تفتح الكتاب بعشوائيه .. لتقع عينها فجأه على شريط لاصق كتب عليه " ناصر " ..
شعرت بأنها تختنق .. الذاكره والصور .. و ناصر ...
ارتجفت يدها وهي تزيل الشريط لترى الذاكره الملعونه و تسقطها في راحه يدها بخوف وكأنها قنبله
جف حلقها وقد بدأت تغص بدموع خائفه ..
لتزيد ارتجافآ لنغمه جوالها الناعمه .. ..
" اذا وصلت النسخه الثانيه بأمان .. اعطيني اشاره "

لم تكد ترى الرساله حتى انغشى بصرها بدموع اجتاحت كل لحظه سكون فيها ..
للحظه شعرت بأن حياتها ليست لها قيمه ...

ارسلت له رساله فارغه فلتكون كفيله بأن تكون اشاره واضحه له ...
قبضت على ذاكره .. كأمتلاك الجسد للروح بداخله .. و ما إن توقفت السياره امام الجامعه حتى
انطلقت تسابق خطواتها تبحث عن امان .. ولعلها تمني نفسها وتجده في اي شخص مقرب منها ..


*********************************




وقف على عتبات بيته مترددآ .. و خائف .. يضع سخط حراته على حجاره صغيره
يدوسها بإنفعال تحت قدميه ...
انتظر طويلآ بعد صلاه الفجر ... يقترب من الباب ثم يعود .. لم ينم ليله .. كل الذي توصل
إليه .. بإن حياته ليست لها اي معنى بأن لم يكن مقرب من عائلته ..
استدار عائدآ الى سيارته ..

ليظهر له ذلك العزيز .. بملامح قطعت قلب طفل كاد ان يبكي ويرتمي في احضان جده
كان ضعيفآ و كأن كل منهما كان يعاني على منتهى نقيض .
ارتفعت قامته .. و ضاقت عينيه ضعيفه النظر .. ليرى بوضوح من وقف امامه بهزاله الموقف ..
ليصلب من ظهره وهو يقول موقنا ان لم يخطآ في التعرف عليه ..
: سعود ..
ابتسم سعود .. بشوق لذلك الصوت القوي الذي يصدر من سيد قريته ..
ليجيب في خجل . : هذا انا ياجدي ..

طلعت من جوفه تنهيده بدت كإطمئنان منه .. ليقترب بهدوء وان باعد النظر عنه ..
ليقول بشموخه المعتاد متجاهل عاطفه الموقف ..
: ماعندك دوام اليوم ؟
اجابه : لا .. اخذت اجازه ..

سخط العجوز بعكازه ..
: ليش اخذت اجازه .. لايكون ناوي تتزوج ..

ضاقت عينى سعود على جده الذي لم يبدي كلمه ترحيب حتى ..
وكل هذا يتهكم من حاله ببرود اعصابه .. ليجيب بذات البرود ..
: على راحتك .. اذا كنت ناوي تزوجني انا ماعندي مانع ..

رمى عليه نظره مباشره .. اوقعت في قلب سعود بعض الخوف من مبارزه ذلك العجوز
فإستسلم مذعنآ لهيبه جده ..
الجد : ادخل .. وقر عين عجوزك ..تراها ماذاقت طعم النوم ولا الزاد ..

تهدل حاجبيه بحزن على حاله الجميع .. و اصابه بعض من تأنيب الضمير .. والندم
ليستدير .. يسير خطواته بخجل .. حين ناداه جده ..
: يا ولد .. تبال
وما ان تواصلوا بالنظرات .. حتى زمجر الجد غاضبآ ...
: اعنبوا ابليسك من ولد .. ماعلموك في المدارس .. تسلم على جدك ياقليل الادب ..

كاد يقع على الارض من رغبه في الضحك .. او بالاحرى السعاده بأنه سيكون مرحبآ به من جديد
في احضان جده ..
اقترب من جده ليرتمي في حضنه بدون حواجز .. فعلاقتهما تتجاوز حدود الحفيد والجد .. بل الابن والاب ..
حب عميق صادق .. يكاد يعتصر عظامه النحيله بين يديه .. يلثم كتف جده بأسف شديد مرددآ ..
: السموحه يبه .. سامحني الله يخليك ..

تلعثم الجد بمشاعره التي بدلت صوته بشي من العاطفه ..
: الله يسامحك ياولدي دنيا واخره ...

هاهنا .. يجب ان توضع نقطه .. نقطه تفصلنا عن مساحات شاسعه من مانريد او لانريد ...
هكذا هي الحياة .. هم معطياتها القيمه فكيف استغنى عنها بسهوله ..

رضيت ام ابيت .. هم ليسوا في خانه الاختيار .. لاتردد في وضع اشاره الاختيار عندهم ..
هم جوهر حياتي . .. وتكويني .. المكان الذي اكون انا فيه بلا زيف او خداع .. او حتى ضياع ..

انا سعود احمد عزيز السلطان .. اقف حيث انتمي .. واريد ان اقف للنهايه حيث اكون ...

ما إن دخل حتى استشرق المكان فجأه .. وكأن الشمس طلعت من جوف البيت ..
سعاده لم يعد يريد ان يخفيها عن الجميع ..وحزن لايريد ان يشعر بها مجددا ..
هي تجربه عاشها ليكتشف ان الانتماء .. اصل ونماء .. قرار واستقرار ..
مكان و وطن .. في احضان من يحبهم ويحبونه بصدق هو الموطن.....


*******************************


ابتسمت له وهو يدنو من والدته ويلقي عليها تحيه الصباح المعتاده ...
وتجلس هي بقربه .. تقرب له افطاره .. وشوقآ في قربه هو ...

منذ اشرقت عليهما شمس الصباح .. و ذراعيها تحيطان بجسده و ذراعيه تحيطان بجسدها
ورأسها مدفون في حنايا صدره .. و كأنها روحان في جسد ..

خاطبها من جديد .. بإبتسامه مازحه ..
: الي ماخذ عقلك يتهنى فيه ..

رفعت حاجبها له .. و كأنه يريد ان تغازله علانيه وتكشف مافي قلبها جهرآ ..
لتحبط مزاعمه قائله ..
: كنت افكر بسعود ..
ابتسم و قد تشاغل بلقمته الصغيره .. يعرف عن حواءه وعشقها الجديد في مبارزته ..
تكلمت والدته هذه المره ..
: يمه يامطلق ... طلبتك طلبه ؟
رفع رأسه ليقول بجديه ..
: انا ولد ابوي .. تطلبين .. انتي تأمرين ياغاليه .. والله لوتبين عمري ماارخص لك فيه .
هتفت الام بمحبه ..
: الله يطول في عمرك يايمه .. لكن بالكعبه .. الله لايحرمك الجنه ياوليدي
خلينا نمشي لمكه قريب ..
اقترب منها مقبلآ يدها ..
: على هالخشم .. على امرك .. نهايه الاسبوع بنمشي لها كلنا .. وبالمره نجدد لشهر العسل
انا وليلى ..

طافت موجه خجل وهي تحدق فيه وقد اسقطها في غفله منها ..
كانت منتشيه بذلك الموقف .. مطلق الابن .. والام الحنون .. ويدها تداعب وليدها ..

لتضحك والدته وتدعو بيدين مرفوعتين للاعلى
.. : الله يسعدكم يايمه .. ويحقق كل امانيكم..

نهض بمجرد انتهاء دعوه والدته .. ينسف شماغه ويعيد ترتيبه ..
: تامرون على شيء ... ممكن الليله اتأخر .. لان شغلي واجد هاليومين .. بسبب بعض الناس ..
ورمى بنظره ذات مغزى لليلى ...

عادت وابتسمت لروح مطلق المرحه التي بدأت تنطلق بلا حاجز ..
وقفت معه .. ترافقه حتى يذهب ويذهب قلبها معه حتى يعود به ..
اوقفها بلمسه منه حتى لاتخطو معه للخارج ..
: خلاص .. ماباقي الا تمشي معي الشركه ..

دفعته بلطف .. : طلعت الحين غلطانه .. مايثمر فيك الخير ..
قبل جبينها ليقول آسف ... : غايتي راحتك ..
اجابته بإبتسامه حنونه .
: هذي راحتي .. اني اكون معك وين ماكنت ..

رافق ابتسامتها بصمت .. و خاطبها بعدها بحزم .. متجدد المشاعر
: تبين شيء قبل ماامشي ؟

ليلى .. : سلامتك .. حاول انك ماتتأخر الليله ..
مطلق : بحاول .. ما اقدر اوعدك والله شغلي متراكم علي .. خليك متسامحه معي الليله ..
ضحكت برقه و اقتربت منه منتشيه بمشاعره مسكره من سحره الخاص ..
: الليله وبس .. و رافقت قولها بقبله سريعه على خده ..

رد لها بالفعل بقبله اعمق وهو يودعها...
لتنتظر حتى تسمع محرك السياره وتدخل بعدها .. عائده الى والدته لتقضي معها بقيه وقتها
كالعاده ..

*******************************




كانت ترتجف بهلع .. و ريهام تحاول ان تهدأها .. لكن تهدأها بماذا ؟
فهي اشد خوفآ منها .. .. فمنذ علمت وهي لاتهنأ بنوم هادئ .. بل اسوأ الكوابيس لابشع السيناريوهات
التي يمكن ان تحدث لصديقتها ..
انتفضت بذعر عندما فتحت قبضتها لترى تلك المهلكه بأعين مضطربه لاتكاد ترى فيها شيء . ..
لتقول اريام بصوت مخيف..
: ريهام والله مو قادره اشوف اللي فيها ... ساعديني الله يخليك ..
حاولت ان تبدو قويه حينما قالت لها ..
: خلاص .. مالها لزوم تفتحينها .. الحين وقدامي لازم تتلفينها .. خليها تروح بخيرها وشرها ..
اريام برجفه ..
: ما اقدر .. خايفه والله خايفه .. خذيها وافتحيها انتي يا ريهام ..
تراجعت بخوف .. وهي التي لاتقوى على تمثيل الجلاده وكأن الذي تطلبه منها امرآ هينآ ,,
: اريام .. تجاهلي الموضوع وكأنك ماعرفتي شيء عنه ؟
بيأس انتحبت : وبعدين ايش بيصير .. ؟!!!
ريهام : مابيصير شيء .. لانك واثقه من نفسك ...
اريام : ريهام .. خلينا واقعيين .. انتي تعرفين في تركيب الصور وكل الخدع في الحاسوب .. يعني
ماهي صعبه يجيبوا صورتي .. وينقلوها على غيري ..

تنهدت ريهام .. و اخذت منها الذاكره بصعوبه .. وهي التي بدأت تنتفض من كل شيء بدى جليآ لها ..
وهمست : خليها بعدين .. الحين ماهو وقته !!!
احتجت اريام : وتعتقدين فيني صبر .. يابنت ماعدت اشوف قدامي شيء من الخوف ؟ الله يخليك ياريهام
شوفي .. اكيد جهازك معك ؟ ارجوك ..

رضخت لتوسلاتها .. فإنقادت مسيره تنفيذا لطلبها .. وهي مابين الفينه والاخرى ترمي بنظره أمل
بأن تغير رأيها .. وتحجب عن رؤيه ما تخافه كلتاهما ..

ابتعدت بحكمه منها عن مرأى الجميع ... خائفه من رده الفعل التي لاتتوقعها ولا تجيد التصرف فيها ..
ابطأ عمليه تشغيل قامت بها يومآ وهي تتوسل صديقتها بنظراتها ... لكن في قراره نفسها هي ايضا
تريد الحقيقه ... تريد راحه البال لها .. فحالها قد تبدل منذ ان علمت ..

وقفت اريام امامها وهي تضم نفسها بخوف وتنظر حولها بذعر وكأنها مكشوفه .. لم تتفوه بكلمه ..
اكتفت بالسكوت ذهولآ وخوفآ من صدمه لم تكن تتوقعها ..

اغمضت ريهام عينيها .. واصبعها يقف على زر فيه قد ترى ضوء الحياة او مسيره للموت ..
ضمت قبضه يدها وهي تكاد تتراجع... لولا ارتعاشه فقدت فيها السيطره لتضغط تلك الايقونه
و تتبعثر امامها ... صور ماشاءت منها الاختيار ... بكل الاوضاع قد تاهت في دنيا اخرى

يا رب الكون .. اهذا مايحدث على ارضك ؟
ياربي .. اسألك التقى والعفاف .. فالحال لاتبعث على الامان ..

شعرت بدافع للبحث عنها .. عن ملامحها .. عن شبه يضيع بين مفردات الصور و علامات الحياة
لم تكن هي .. وليست تستحق .. وان كانت المثاليه لا تتوشح صديقتها..
لكن ليست هي من تندرج ضمن هؤلاء .. الذين سفهوا حقوقهم بسهوله .. رخص قد باعوا حياتهم من اجله .
كم الحياة بشعه .. بالفعل ..

مثل المجنونه تندفع فيها الادرينالين حتى قمه رأسها ..
هي الان من تريد ان تعلم بكل اصرار ...

اخطأءنا كثيره وممكن تقييمها ..فهي تتعالى في المستويات حتى تصل الى غير المقبول وغير المنطقي
وليس هذا فقط .. بل الجرم بعينه ان تخطأي في حق نفسك وحق غيرك . والاهم في حق دينك وانتماءك ..
كل مافكرت به ريهام .. هو ماهي الخلاصه التي يجب ان تستفيدها في هذه الحياة ؟
ومن هذه التجربه بالذات ؟ لم تكن سهله لتتجاوزها بلامواعظ
وان خرجت من عنق الزجاجه .. فالله لم يبتلي اقوام واقوام الا لفائده تذكر و عظه تؤخذ منها ..

توقفت يدها .. وهي عاجزه عن التعبير .. عن القول ؟ّ!!
رفعت نظرها لصديقتها التي شحبت ملامحها .. وسقطت دموعآ خانت توقعاتها هي ....
وتوقعات صديقتها ... التي ماإن علمت من تقاسيم الاخرى شعرت بأن وريد الحياة قد قطع للتو
وستنزف حتى الموت بلا رأفه بحالها لم تتدراك الوقت لتعلم مالذي حدث ؟!!
حتى سقطت على الارض تطويها الامنيات وتندب الحياة على ناصيه الامل ...



************************


لم تنم له عين ولم يرتاح له بال .. ولم تهدأ ألامه التي ملأت جسده ..
و هو يأن مع كل حركه ... و مع كل انه تخرج من صدره .. يتذكر عدوه و يدعو عليه بلا رأفه ..

فزع لمنظره وجهه في المرآه .. عيناه غائرتان و الكدمات بدأت تبرز بشكل اوضح ... ؟
لايعلم كيف صمد في فجره وهو بالكاد يتحرك .. لم يقوى على الالم .. حتى جلب له بعض المسكنات
التي تعينه على نسيان المه ...
ولم يكن هذا مطمحه للنهوض من فراشه .. فهو يعلم انه هذه الالام لم تكن لتستمر لايام طويله ..
بل غايته الانتهاء من عذابه الذي اهلك ضميره و اواده الى قعر سحيق من الكآبه الذي لم يعد
يستطيع ان يهنأ الحياة بسببها ....

ادعى بأنه ترك لها النسخه الاخرى .. ولكنه في الحقيقه بعث لها بالاصليه ولم يعبآ ان كانت هي
او لم تكن هي ... ؟ لم يكن يقوى ان يقامر بما يريده .. لايعلم كيف تذللت له الظروف ..
وهو يدخل بيت صديقه بدون علمه ..
جل مايريده وهو ان يبعد تلك الحقائر التي لم يمت لها بصله من منزله .. ومن نفسه .. وعن مرأى
نظره ومتناول يده ..

حتى انه فكر في اطلاق سراح .. اسراره ومشاركتها مع صاحبه .. فهو احق بأن يعلم مايحاك
خلف ظهره .. خشيه ان يقوم ذلك الحقير بإخباره بأي طريقه .. وحينها يخاف عواقب لاتحمد عقباها ..

رفع هاتفه .. ولكنه اصبح الان خائفآ ... خائف من صاحبه الذي يعرف غضبه ..
خائف من شره الذي سينفجر .. خائف من الظروف التي ستضعه مكتوف اليدين ولايعمل فيها شيء
سوى المشاهده ؟ وهذا مالايطيقه ..
يجب على الاقل ان يفهمه بطريقته بأنه حاول ان يعالج الموضوع لكن يبدو ان الامر انقلب عليه ..

تنهد مستسلمآ لمخاوفه ... وجلس مجهدآ وقد اصبح الالم اشد قسوه ووقعآ على جسده ...


************************


تردد بمقربه من باب بيتها .. وكل امل في ان يحقق مايريد ...
طرق الباب مرارآ وتكرارآ حتى شعر باليأس واقتنع بأن لا احد يسكنه ..

اصيب بخيبه امل بعد تسلحه بالحماس و الاصرار من اجل انهاء مسأله عالقه اشغلته
واشغلت محبيه ....
عاد ادراجه خائب الرجاء .. متهاوي في قاع من الاماني .. للتو سمع النصح من عائلته
وهو يكابر بل يدعي المكابره .. في الحقيقه هويريد لكن يخشى من رده فعلها..
لهذه سيأتي بالامور بالفهم الصحيح لها .. رضا الطرف الاخر هو الاهم ..
شعر بأن هناك احد ما يحادثه .. فألتفت للخلف ليجد ام نجمه ويبدو انها في زياره صباحيه معتاده ..
اقتربت منه وقد غطت نصف وجهها ...
: سعود ... علامك ياولدي ما تسمع نداي لك ؟
هتف بإحراج وهويقرب منها ويلقي تحيته عليها ..
: والله ماسمعتك كنت افكر ... السموحه منك ..
علقت بنظراتها المستغربه وجوده بقرب بيتها ..
فقال سعود متجاوزا حد الحرج و الكبرياء ..
: جيت ابي اشور نجمه .
لم يكمل جملته ..لتقاطعه والدتها بوجه متهلل ..
: الله يكملك بعقلك ياولدي .. لاتاخذ على كلامها تراها جاهل بنص عقل ..

ابتسم برضى .. شعر بأن ذلك الوصف يرضيه ويا ليت نجمه تسمعه ..
عاد وانصت لحديثها المتواصل ... وبعض افكاره ليس معها هي بالتحديد بل بالاخرى .
ألم يكن من الاحرى ان يجلب جدته معه او جده على الاقل ..
لا يوجد احد من اخوتها ليتفاهم معه .. لقد تعجل في امره .. كان لابد من التروي ..

لكن لحظه .. ماالذي سمعه ..
عاد وانصت بإهتمام .. لكلمه عابره قد سمعها ..
و قد بدأ صوتها حزينآ ...
: والله ياولدي هي من يومها واللقمه ماتدخل جوفها... احترت فيها ..
سعود بخوف حاول يخفيه مدركآ تلك الشخصيه المتزنه..
: سلامتها .. إن شاء الله ماتشوف شر .. على العموم متى مارجعوا رجال البيت لي كلام معهم ..
ام نجمه : على خير ياوليدي الله يقدم اللي فيه الخير ..

تركها سعود وهو يبتسم رغم انه لايخفي ذعره من ما اصابها .. لكنه في اعتقاده كان الاثنان متعادلان
في تحمل العواقب و تحمل العقاب .. على الاقل لم يكن احد منهم راض عن فعلته ..

زفر وقد تخلص جزء من الهموم و الجزء الاخر عليها هي ان تخلصه منها .. بقرارها الاخير ...



********************************


تبادل الرجلان التحيه بإبتسامه .. وعلق مطلق على طلال مازحآ الذي كان يجلس على كرسي المدير
: ماشاء الله .. تنفع مدير ياطلال ؟
تلعثم طلال الذي شعر بالحرج ..
: اسف .. لكن كنت ادخل المعلومات الجديده في جهازك .. بما أن في امور كثيره متأخره ..
رفع مطلق حاجبآ وهي يبتسم .
: قصدك يعني اني مقصر في شغلي ؟

هتف بإحراج : العفو .. لكن قصدت ...
قاطعه مطلق ..
: لا تعتذر ولا شيء .. انا صراحه فخور بأن عندي موظف بمثل اجتهادك ... على كل حال ماتقصر يا طلال
والحين كفايه كلام .. واعطيني اهم ماصار في الايام الماضيه وخلينا نبدأ شغل ..
ابتسم طلال واكتسب ثقه بنفسه بعد كلام مطلق .. والذي بدأ بالسرد والشرح و مطلق ينصت بإهتمام ..

حتى تنهد مطلق بإبتسامه ..
: يبدو اني بتعاقب اليوم على اهمالي ؟
ضحك طلال .. وزاد على كلامه ..
: بعدك ماشفت البريد .. ؟
استند مطلق على مكتبه .. واشار بيده .. بمعنى اعطني المزيد
كان طلال مازال مبتسم وهو يضع البريد من ملفات ورزم اوراق امامه ..
حتى تأفف مطلق منزعج ليقول ..
: هذا كله يبى له قهوه تعدل المزاج .. لو سمحت ياطلال وصي على اثنين قهوه وتعال بسرعه ..

قلب الملفات بتركيز .. ايهما يبدأ الاول .
حتى لفت نظره .. ملف صغير .. مكتوب عليه بخط غير متزن .. " ضروري وهام يسلم بيد مطلق الغانم .."
التقى حاجبيه وقلب شفاته بشيء من الاستغراب .. لنوعيه البريد الذي وصله .. بمجرد ما فتحه لم يجد
بداخله الا قرص حاسوب .. لايعلم محتواه ولم يجد رساله توضح مابه .. كاد ان يرميه في سله المهملات
خوفآ من فيروس يتلف ملفاته .. لكن فضوله كان اقوى من حرصه ...

لم ينتظر ليسأل طلال عنها ... ادخلها الى حاسوبه . .. وتشاغل بالملفات الاخرى لحين تشغيله
وبينما هو ينتظر .. صدر صوت من الجهاز ..لينبهه فأدار كرسيه ناحيه الحاسوب و تمعن جيدا
بإستغراب لشخصيه كرتونيه تشيرله بضغط ايقونه تلو اخرى وهو يتبعها بصمت .

حتى ظهر ما جعله يقفز من مكانه .. ويتصبب عرقآ .. و يضخ قلبه دمآ لم يفعل هكذا طيله حياته ....
وكأن مطلق لم يكن له وجود من قبل .. لان الذي كان يتلبسه هو شيطان والعياذ بالله
شخص اخر .. وروح اخرى مغايره تجول في جسده .. نار لظى تحرق كل شيء طيب فيه ..

عاد كالمجنون يقلب .. و يسمع .. و يزيد شحوبآ و قسوه ... حتى شعر بقلبه ينفجر بين جوانحه
ذهول مريع حوله الى صريع صدمه لم يتوقعها في يومه الجميل ...
للتو ودعها .. ولتو صدم فيها ... ولتو ارهقته الذكريات واعتصرته الالام حتى اصبح هزيل القوى
وطريح الجراح .. ضربه قويه بيد قدريه هوت عليه وحطمته .. حتى اصبح مجرد بقايا لرجل كان ....

صرخ صرخه جنونيه .. و انهال على مكتبه بجنون تدارك كل لمسه عقل كانت فيه ..
حطم حاسبه وارتفعت شراره كهرباء في المكان .. واندفع بجنون وسط ذهول الموظفين الذين
تجمعوا على مكتبه واولهم طلال الذي وقف مصروعآ مما يراه امامه ..
خرج من المكان رغم كل شيء ... خرج يريد ان يجد حلا لها .. ان ينهي كل شيء سبب له الالم
وحطم كبرياءه وارهقه حتى خرجت من جوفه لعنه حاقده .. لايريد بها السلام بل حرب دوؤب
غير مؤاتيه للريح التي تهب في حياته غالبآ ..

ركب سيارته وطريقه واحد .. إليها ...ليدق عنقها ويحطم جزيئاتها الانثويه المدعيه ..
وهرائها المعتاد .. لم يكن حبآ ذلك لتؤذيه به؟
لم يفعل لها شيئا .. لم يسبب لها الاذى لترديه قتيل الهوى والعذاب ..
ألم ينصفها من عذابه شيء .. ام لم تكن تعلم عنه ..
كيف لها ان تفعل بي ذلك .. كيف لها ان تعتم على حياتي بكل برود ...

ضرب على المقود .. بيده متجاهل الالم .. او لم يعد يشعر به .. لم يعد يشعر بشيء اطلاقآ ..
لم يعد بشيء .. لا بالحذر او الحرص او الهدوء .. اوحتى العقل ليدرك ان مايفعله هو خطأ
وليس الصواب .. وهو يقف في منتصف الطريق متجاوزه به اشاره حمراء قد ومضت في
وجه لتعلن ثورته ليس إلا ..............



******************************



ضربتها على خدها مرارآ وتكرارآ ... بلطف وبشده ولم يعد يهمها
الاهم هي ان تسيقظ وترى بنفسها ... كانت تبكي .. او كانتا تبكي .. تلك في اغمائتها والاخرى
في صحوتها .. وبين كل شهقه بكاء تسطع ابتسامه في وجهه ..
لتقول بصوت شجاع ..
: اريام .. مافي لك شيء .. والله مالقيت ولا صوره تشبه لك حتى ..
بالكاد فتحت عينها التي لم تريد فيها ان تحيا مجددا ..
لتعيد ريهام بصوت اعلى ..
: قومي وشوفي بنفسك والله مالك ولا صوره .. ارتاحي..

لم تشعر بنفسها وهي تعانق صديقتها وتبكي بصوت اعلى جلب الكثير من الانظار لهن ..
همست اريام بصوت خائر ..
: تقولين الصدق ؟
ابتسمت تلك وقد اشرق وجهها ..
: والله اني صادقه .. شوفي انتي .. صحيح في صور كثيره لكن مالك شيء ..
تساءلت..
: متأكده .. ناصرمايقول عني كذا الا فيه شيء ياريهام ..
اعقبت ريهام بثقه ..
: لا ابدا .. صحيح في اسم اريام على الصور .. لكن ابد ماهي صورتك ..
عضت شفاتها بعدم تصديق .. مما اضطر ريهام انها تقرب الحاسوب منها وتضع في حضنها وهن جالسات على الارض ..
و تحرك المؤشر بحماس ..
: شوفي زين وخليك واثقه من نفسك .. هذي مو انتي .. لا هذي ولاهذي ..ولا حتى هذي ..
كانت تقلب الصور بحماس .. حتى شهقت اريام .. و غم وجهها مجددا وقد استولت على الحاسب
وبدأت تمعن في الصور ..
لم تكن تلك رده الفعل التي توقعتها ريهام من صديقتها .. فأرجعت تلك الصوره الباهته لها شفقه منها على صور
اخريات تهالكن على طرق الضياع ..
فعلقت عليها..
: بدل ما تسجدين شكر لله .. تغمين نفسك على بنات ضيعوا انفسهم بأنفسهم .. مايهمك ..
قاطعتها اريام بصدمه ..
: هذي مو انا .. مو انا ...
ابتسمت ريهام وهي تضرب كتفها بلطف ..
: طبعا هذي مو انت .. ليش مو مصدقه ..
ارتفع صوتها و تلك الهيئه قد اصبحت سوادا في سواد مما جعل ريهام تخاف عليها ..
: انا.اقولك هذي مو انا .
ريهام بهدوء .. : هدي اعصابك يا اريام .. انا عارفه مو انتي ..
مسك ريهام من كتوفها وهزتها واعادت بإنفعال ..
: اقولك هذي مو انا .. مو انا ... .ارتفع صوتها ببكاء .. لتكمل وسط ذهول الجميع ..
: هذي مو انا ... هذي فاتن ......................!!!!

ذهول .. ذهول .. ذهول .. وصدمه لم تكن في الحسبان ...
يقال .. مصائب قوم عند قوم فوائد .. واظنها في حاله اريام مصائب قوم عند قوم مصائب ..

عندما ينجو الانسان من اي شيء كان قاب قوسين او ادنى من خسارته ... يرتاح ... ويعتلي القمه
بإنفراد ويرى بنفسه كيف يتعارك الاخرون على النجاه ولايهمه احد ... لان ماشعر به لايريد
تكراره لامع نفسه او غيره .. فلهذا يصيبه شيء من الانانيه وقد نأى بالنجاه متوحدآ ..

فلهذا شعور الخديعه .. ممزوجآ بالخزي والعار ..
حقد متواصل مع تواصلها رؤيتها لاسمها يترافق مع كل صوره ضاحكه لها .. و يتواصل معها عدم الفهم ؟


ولم ينتهي كل شيء ... اصاب الاثنتان نوع من الهوس في رؤيه المزيد
للتو كشفوا امرآ غايه في النكران .. فذعروا اشد الذعر .. فأصبحوا يبحثون في كل شارده ووراده
خوفآ من ان تكون صوره مندسه بين الصور او اسم تحامل على صاحبه بما لايطيق ..
ولا تأمن خيرا كان لابد منه .. ولا تلقي لومآ على مسمى الحياة .. بل هم البشر
وماتحمله نفوسهم ... !!!!




************************


بمجرد ان اخبرتها والدتها برؤيته حتى قفزت من فراشها و كأن المرض لم يكن بها يومآ
اعادت السؤال مرارآ وتكرارآ .. و كأن الذي سمعته اضغاث احلام او يقظه كان يرافقها فيها ..
ام نجمه بفرحه تخفيها ...
: هذا هو ولد الناس جاء ياعندك .. والله ان سمعت حسك لاقطع خبرك ..
عادت تجلس و تغطي نفسها بعدما شعرت بموجه برد حتى هزت جسدها ؟؟
لتقاوم حتى وهي في قمه ضعفها ..
: يعني تبين ارمي نفسي عليه وكأني ما صدقت على الله ..
نشجت بألم وهي تعاود الكلام بخيبه ..
: اصلا مابيه .. من قالك اني برجع له ..
اصابت والدتها بصدمه وهي تنظر لها بدون تصديق ..
: يابنت اعقلي واعرفي مصلحتك .. سعود مافي منه بين الرجال ..
صرخت بغضب وقد انتشرت بها الالام مجددا ..
: لو كان اخر رجال في الدنيا .. مابيه .. لاتجبروني عليه والله لاكون ذابحه نفسي .
والدتها بهدوء ..
: الله يصلحك يابنتي ويهديك .. اذا كان هذا اللي عندك ما عندي كلمه اقولها الا انك بتندمين وانا امك بكثر شعر راسك .

اسندت ذقنها على ركبتها تمنع رغبه جامحه في البكاء .. او ليس البكاء ماتشعر به دائما بعد فقده ..
لماذا عدت يا سعود ؟
هل ستوسع مساحات جراحي وتلقيني فيها بتهلكه لا اطيقها ...
لماذا عدت ؟
لتحمل جميلآ اخر قد ثقل عليك يارجل ..
لم اعد اريد اي شيء .. اتركني لما انا فيه وارحل بعيدآ او جد بديلآ عني لتكرمه بعطاياك ..

استقر بها امل طفيف لتفتح هاتفها ...حاجه لديها لابد ان تمتلآ وترتاح ..
رغبه منها في معرفه ما يريده هو .. وتطلبه بشده في داخلها ...

وضعته امامها لتتأمل مساحاته الفارغه لامن رساله تنقذ لهفتها ولا اتصال يطبب جراحها ..
تنهدت وقد وجدت دمعة منحدرا سهلا .. لتسقط برويه .. دون ان تمسحها ..
لكن بعد ان سمحت لها حتى انذرتها الاخريات بهطول سريع ..
لتسمحها بخشونه وهي تهمس لنفسها ..
: غبيه ... غبيه .. غبيه ...

كادت تغلق جوالها قبل ان تنذرها رساله بقدومها وتحدق فيها بخوف ..
كلها امل ان تكون منه .. وكلها خوف ان تكون منه .. والاثنان يجتمعان في ان تكون ليس منه ..
بخفه قد لامستها لتفتحها امامها وقلبها يهتف معها في حذر ..
" سلامتك .. ماتشوفين شر .. "

ابتسمت برغم عنها عن تلك الرساله القصيره التي ملأت كل ذره فضول لديها ..
لم تكن كفيله في تحريك موقعها من الاعراب سوى انها شعرت بالرضا ..
على الاقل اراد لها السلامه ..

لم تكد تلتقط نفسآ حتى عادت رساله اخرى تهتز امامها
" اذا كنت صاحيه ابغى اكلمك اذا ماعندك مانع طبعا "

حينها ارتعشت مجددا وغطت بدنها بلحاف اخر .. و قبضت على جوالها بيديها الاثنتين ...
لتكتب بسرعه دون تفكير حتى ...
" امي خبرتني عنك .. لا تتعب نفسك يا سعود .. ولاتحمل نفسك عبء جميل ثاني
انا مرتاحه كذا "

عضت شفتيها وقد بدأت تشهق مع كل كلمه كانت تكتبها .. لم ينتهي العذاب صح ؟
لم تخلص مدته ؟ ما زالت تتمطى جوفه راغبه في الهلاك ليس إلا ...
ادركها الصمت الذي جعلها تبكي مجددا ..
لم تكن هذا ماتريده لكن لن تطيق نفسها ان اعادت الكره بدون احساس ..

سقط الجوال من يدها برنه اتصال وقد اومض اسم سعود في الشاشه .. لينتهي ويبدأ اخر
وكأنه معاند في ردها ..
فتحت الاتصال الثالث و كل الطرفين قد بدأ يسرد ماعنده من صمت و سكون حذر ..
تبادلت الانفاس الواصله احادين طويله ولم ينبس احد منهما ببنت شفه ..

ليبدأ هو وانفاسه تحذرها بأنه في اشد غضبه ..
: انتي ماعندك احساس .. حتى في مرضك ما ينهد حيلك و تستسلمين بسهوله .. تعتقدين اني رجعت
لك علشان اوهامك يا مجنونه .. ابي اعرف انتي متى تعقلين .. لان مافي اي مجنوني مثلي بياخذ بنت مثلك ابد "

كظمت غيظها و سحبت نفسآ تطرد شهقاتها الباكيه .. لتقول ..
: قلتها لك من قبل واقولها لك من جديد .. ماابيك يعني ماابيك ..

اجابها و كأنه يريد ان يضحك ..
: احلفي بس .. يعني طلبت رأيك في اني ارجعك .. صراحه كنت افكر قبل لكن الحين لو بقي لي نفس واحد يانجمه
ما استغني عنك ..

نجمه : يعني المسأله عناد ..
هتف بلامبالاه ..
: احسبيها مثل ماتبين .. باخذك غصب عليك .. لا وازيدك من الشعر بيت .. بتزوج عليك واكوي
قلبك مثل ماكويت قلبي ..


ازدادت مرضآ وبؤسآ على قوله ذاك وكأنها وطأت كومه من جمر ملتهب ..
لتصرخ بعنفوان شعرت فيه بأن حبائل صوتها وصبرها قد تقطعت ..
: ما تقدر ... لاكون ذابحتك يا سعود ..واذبح نفسي وراك ..

لم تعد تشعر بشيء سوى انها تبكي .. تبكي بحرقه .. بصوت عالي و مشاعر قد سحبت نفسها متردده
تعاونت عليها الظروف لترميها ضعيفه هزيله القوى .. و مفرطه المشاعر ..
لم يكن لها حيله في تلك المتغيرات الجديده التي أرقت حالها وعذبت صبرها ..

انصت لها وقلب بين ضلوعه مضطرب .. تبكي ويالبكائها من سحر لديه ..
ياله من ألم يقسو على فؤاده به .. يجلده بلا هوان محتسبآ ضرباته ...
تكلم لتهدأه انفعالاتها ...
: نجمه ماتعبتي .. ؟ !! انا عني تعبت و ماعاد فيني للصبر يابنت الناس ..
من بين شهقاتها عادت تقول بصوت متقطع ..
: لاتزيد علينا .. لا ترجعني شفقه منك علي ..

هذه المره دوره ليتكلم بإحساس متدفع قد تفجرت مكنوناته ولم يعد صبرآ في ان يقوله ..
: اي شفقه تتكلمين عنها.. ؟ اذا كان فيه شفقه فهو على حالي .. من عرفتك وانا حالي مقلوب
افهمي يا غبيه ... يا اغبى بنت في العالم .. احبك .. والله احبك ... ...

زاد بكاءها .. وقد شعرت بأن انفاسها سوف تنتهي ويتوقف قلبها متأثرآ بمشاعره ..
ليهدأ غضبه ويقول ..
: لاتبكي .. لاتبكي .. لاتخليني اندم لاني رجعت و كلمتك ..
لم يكن بيدها ان تتوقف.. تشعر بأن شخصآ ما قد ادركها قبل التعثر والسقوط ..
اجابت بتلعثم ..
: لا اندم .. وخليني ابكي .. مالك علاقه فيني .. ؟
كان صوته مرحآ ...
: والله مشتاق لك .. رغم ان صوتك مايشجع اي رجال في العالم ان يكلمك ..
لكن بليه وابتليت فيها ..

احتجت بعدما هدأت مبدئيا ..
:انا بلوى ... ؟!!!

ضحك بصوت عالي ليكرر ..
: والله بلوى كبيره مالها حل ..

تمردت على مشاعرها لتقول متحديه لها وله ..
: اذا كنت بليه على قولك فأنت عقده .. توقفت تبتلع خجلها لتكمل بجرأه قد سحبتها من عمق الواقع ..
: لكن احب عقده على قلبي ....

وحينها .. توقف الاثنان في عالم لايجمع سواهما
متخبطين في دقات قلب تترافق مع كل شيء متحرك في الكون ..
وامطري ياسماء .. وتراقصي ياغيوم ..
وازهري يا ارض و واعزفي ياريح لحن وشجون ..
واهتفي لكل من الاثنين ..

بدايه مختلفه .. وان كانت متعثره غير واثقه .. ولكنها بدايه ..
بدايه تلامس اصابع وقبضه يدين .. و ابتسامات خجوله ..
نحو طريق طويل .. سيكون شاق وصعب و مستحيل ..
لكنهم عازمون على انهائه رغم كل شيء ..



****************************


مرمر الواقع يسرق شجن الذكريات .... وفجأه ..


هناك من بعيد ... سقطت بقايا صور في يدها .. وكانت تبتسم .. تبتسم و هي تبكي ..
تبكي وهي غارفه في شجن الذكريات وحنين الامس ..

تبكي وهي تحتضنه بحب .. و مازال الحب يجد طريقآ لديها ..
لم تكن تعتقد ان النبش عن الماضي يمكن ان يكون جميلآ هكذا ...
وان حكايات الامس تسرد امامها في صورته الصامته ..
لقد كشفها هو .. فلم لم يخبرها بأنه فارسي الصغير .. فارسي الرجل الذي تقاوى على ظروفي
و حلق بي بأمان ..

اهو مطلق هذا الشاب الصغير .. اهو هذا حقآ من انقذني يومآ وانا اصعد في جبل الضباب ..
اتبع هوى طفولي عابث ..

اهو مطلق ذلك الشاب الذي حملني على ظهره .. اهو من لمسني في الحالتين ..
اكان معي على الدوام .. يرافقني ..

ياقلبي لاتفر من صدري ركضآ ورائه.
ياقلبي .. لا تنفطر من حبه الذي فاض منك ..


لم تتوقع وهي تفرغ حقيبتها الصغيره .. التي خبأت فيها ألبوم صوره طيله الوقت ..
كانت معها .. تحمله في ضيقها وفي فرجها .. لم تنسى ذلك اليوم التي اخذتها من والدته ..

بكت بشوق لرؤيته و الاعتراف له .. بل توبيخه .. كيف يفعل بها هذا ؟
كيف يفعل .. ؟ يا له من رجل مكابر ..
كيف تهون عليه وهي تعيد شريط الذكريات و تدعو لصاحب كان معها ..
بل ملاصقآ لها ..

امسكت صورته .. و ركضت لجوالها ..
لاتطيق صبرآ في مكالمته و اخباره بالسر الذي احتفظ به لنفسه ..
ستفضحه .. ستخبر الجميع .. اولهم نجمه .. واخرهم سعود ..
ستعلم الجميع عن منقذها .. الذي كابد ظروف صعبه لانقاذها ..
ستحكي قصتها بنشوه الفخر ..و بلاخوف ..

انتظرت وقد شعرت بحركه طفلها داخل احشائها .. لكنها لم تبالي
شوقها لسماع صوته هو كل مافيها .. لكن الانتظار لم يحل سوى بالصمت من الطرفين ...

تنهدت بخيبه وهي مازالت تضم تلك الصور التي لن تبعدها عنها ماعاشت ..
حتى ينقطع دابر الانغماس في المشاعر .. بصرخه تصاعدت في ارجاء البيت ..
وهزتها هي .. فتراكضت ناحيته بخوف .. واي خوف بعد زهو وصفاء ..
وكأن هزه ارضيه اصابتها هي لاغيرها ..

وقفت اعلى الدرج تنظر الى وفاء الباكيه .. وقد كانت في حاله غير مصدقه ..
وهي تعلو الصوت بالندب والنواح ..
: صار له حادث ... .. دقوا على رياض .. يمه ..
يمه .. الحقيني يا يمه ..

شعرت بالالم ينخر قلبها الذي كان يتراقص قبل قليل ..
نزلت تخطو بحذر .. وودها تغيب .. تختبأ ولاتسمع مكروه حل بأي احد قريب منها ..
مسكينه ياوفاء .. اهو ابنك .. نايف من اصابه المكروه .. من هو ذلك العليل .. ؟!!!

اقتربت منها وهي تحاول الفهم متجاهله النظر الى خالتها التي كانت في حاله صمت ..
و سألت بلهاث : مين اللي صار له حادث ؟
هلعت من منظر وفاء الحازمه ... وهي تبكي لتقول بصوت باكي والدموع تجد منحدرآ على وجنتيها ..
: مطلق ... مطلق .......................

وعتمه كالليل في وضح النهار ..
واخر العمر .. اخر العمر يحل في لحظه ولانعلمها ..
تسقط في قلوبنا ذعر .. ولانقنع الا بعد مضيها ..

لكن اخر العمر .. هل حل بمطلق ..
هل لامسه لتنتهي سنين حياته بسرعه هكذا ؟
اخر العمر الذي كان يبدو لنا منذ بعض ساعات لايزيد عن مجرد كلمات ليس اسهل المرء من ان ينطق بها
دون ان يحاول ان يفهم لها معنى .. فهي ابعد من ان يحاو ل الذهن مجرد تصورها ..
اخر العمر .. البعيد.. .. المجهول .. قد بلغناه في غمضه عين ...

يارب الطف بعبدك .. ويارب الطف بي ..
يارب لاتفجعني به ..
لا تفجعني به ..

تهاوت على الارض وهي تنشج بالبكاء .. وصوره مطلق الضاحكه في حلمها قد مرت عليها فجأه ..
و نظره حولها .. ولاترى سوى اشباح للحزن متوشحين بالسواد . ..

صرخت دواخلها بدون كلام ..
كفاكم شؤمآ .. وتطيرا بحاله ..
هو بخير .. هو بخير ..
للتو قبلني .. للتو لامسني .. للتو ودعني ...
ودعني .. اكان الاخير منه ........

مطلق .. ألم تخبرني بأنك لن تتركني ..
قلتها لي بالامس .. ستكون بجانبي .. ألم توعدني ؟
مالحل .. هل الجلوس والندب سيسكن قلبي ؟!!! ..
لن تسكن نفسي .ولن يهدأ لي يال ... ؟

همست لوفاء ..
: خلينا نروح نشوفه .. خلينا نروح ...
وفاء ومازالت تبكي ..
: رياض بيكلمني .. خلينا نصبر .. ان شاء الله يكون حادث بسيط ..
هزت رأسها وهي تعيد . ..
: ان شا ءالله .. ان شاء الله .

رمت بنظره لام مطلق التي تحولت الى تمثال .. تكثر من الاستغفار وهي تشد على مسبحتها
.. او ليست هذه لمطلق .. لم كل شيء حولي يحعلني اخاف بشده ..

اي صبر سوف يعتريها الان و هي تشعر بأن خليه في جسدها ترتجف .. لا تشعر بشيء حولها
الجميع في ذهول موجع يفطر الافئده ... وانتظار يفجر كل ذره احتمال لدى احد منهم ..


*****************************


تعثر في نزوله السريع من الدرجات متجاهل المصعد .. منذ ذلك الاتصال السريع
من طلال وقلبه مضطرب في نبضاته ... امعقول مايفكر فيه ؟!!!

دخل سيارته و وبيد مرتعشه يفكر في اي مكان يمكن ان يلجأ إليه ..
اجفله رنين جواله .. ليلتقطه بسرعه لاهثه ..
: نعم ..
كان الصمت جوابه .. و كأن طعنه في جوف فمه افقدته لغه الكلام ...
سقط الجوال من يده ليتدحرج اسفل قدميه .. ينظر للامام كالمصروع ..

اكان القدر اسرع مني ..
اهذا ما حدث .. ... ؟!!!
تهدل جسده على المعقد ويده وجدت ارتخاءه بائسه الى حضنه ..
وهو يحدق في الفراغ ... فراغ الكون في جوفه .. ولا شي يبعث الحياة فيه ..
غير مصدق ما سمع .. قاب قوسين قد اطبقت عليه وخنفت الانفاس الاخيره واعلنت النهايه مبكرآ ...

أين يذهب .. وماذا يفعل ؟
" مطلق " اهذه كلمتك الاخيره التي تنهي بها كل شيء ..
هل انا السبب ؟ اخبرني اريح قلبي .. قل لي هل انا السبب في مصابك ؟
هل كان يجب ان اقاوم مخاوفي ... ؟ هل يجب علي الان ان ارتاح ام اشقى طيله حياتي ؟

خرج من ذهوله بطرق مزعج كان على سيارته .. اشارات لم يفهمها .. سوى انه تدارك الوقت
بعاطفه مريعه اصابته ..
صديقه في غياهب المجهول ..
صديقه في امس حاجاته إليه الان ..

لم يعلم ان سرعته تلك هي نفسها تلك التي اودت بصاحبه من قبل ..
فلتكن .. فلتكن .. اذا كان هذا قدري فلتكن اذا ..
ارضى بقاءي بقربه ونحن اجداث ملقاه في القبور ولا انتمي لحياة ليس فيها .. واتوصم بالشقاء كنهايه بائسه ..

يسير كالشبح في اروقه متواصله .. يبحث .. يريد ان يصل .. ان يرى ...
ان يتدارك الوقت قبل ان يدركه صريعآ ...
حتى وقف .. ينظر بوجوم حول تلك الوجوه البائسه وقد اتشحت بحزن مكتوب بندب على وجوههم ..
قدم رياض نحوه و قد تحامل على نفسه الا يبكي ..
: دخلوه العمليات .. حالته ماتسر ياناصر .. ماتسر ..
بلع غصه جلعت فكيه يرتجف ..
وهمس بثقل : شفته ؟
سحبه ناحيه المقاعد القريبه والتي كان يجلس عليها خاله والذي كان يحدق في الفراغ ولايهتم بالقادمين ..
:الله يتلطف فيه ... ؟ الحادث كان صعب ياناصر .. ادعي له ..ادعي له ..
عاد الى صومعه الصمت و التزم كل واحد منهم مكانه و ألجم بالسكوت مجبرآ ليس خيارآ له ..

و بدأ الهرج والمرج من حوله ... وبدأ ضجيج يرتفع .. التفت حوله .. متسائلا
لم هم صامتون ؟الا يسمعون مااسمع ... !!
ام هو ضجيج لدي انا بمفردي ..
وفجأه شعر بأنه لم يعد يسمع شيئآ .. .لكن يرى مطلق من بعيد يتقرب نحوه بتلك الابتسامه
التي لايصنعها على شفتيه دائمآ ... فأ ابتسم .. ابتسامه صغيره يرد عليه بها ويعاتبه
بتخاطب افكارهم ..
: خوفتني عليك ؟
اجابه مطلق و مازال يمشي ناحيته ..
: انت دائما تخاف ماهي اول مره ... ممكن اكثر شيء يعيبك الخوف ياناصر ..
تغيرت ملامح مطلق ليسأل بلوم ..
: ليس ماقلت لي من قبل يا ناصر ؟
هتف ناصر بخوف : كنت بخبرك يا مطلق .. لكني ....
قاطعه : خفت !!! لازم تترك خوفك .. انت الشخص الوحيد اللي اثق فيه واعتمد عليه .
انت اخوي يا ناصر .. والاخ يغطي مكان اخوه في اي وقت ..

تأمله ناصر بأبتسامه هادئه .. وقد بدى المسير نحوه دهرآ .. متسائلا متى يصل .. !!
: متى ترجع ؟
مطلق : ما ادري .. ممكن ماارجع .. لا تخاف انا عارف انك الرجل المناسب في المكان المناسب ..
كان مازال يبتسم والطرقات تطول و تتغربل بأخرى... و هو يراه ولايراه .. شيئ ما اشبه بالضباب
لم يعد يبصر شيئ.. ولايفهم مالمعنى ... لكن يشعر بالحزن قد تسرب داخله .

عندما وقع على الارض متأثرآ بكل مااصابه قبل يومين و ما اصابه اليوم كفيلآ بموراته الثرى..
اصعب شيء الانتظار على عتبات الموت.. توقن ان النهايه ليس لها الاان تطرق بابك ..
ولكنك تتوارى عنها بإرادتك .. و تتجاهلها رغبه منك ..




ودي اشكي ويسمع العالم شكاي
ودي ابكي وانثر دموعي واصيح
مات خلي واصرخ واسمع صداي ..
صرت وحدي وناظري عنه يشيح ..

آآه يالي همسته كانت هواي
وآآه يالي بروحتك امشي واطيح
ابتسم واضحك و يغاليني بكاي
الغلا تحت الثرى ميت طريح
مات خلي زادت الدنيا بجفاي
والعواصف زلزلت قلبي الجريح
اذرف دموعي في صباحي وفي مساي
ما اذوق النوم وماني بمستريح ..


ضاق صدري حيل وضاقت بي قواي
ولا ذكرته اتلعثم ثم اصيح ...


ودي اشكي يسمع العالم شكاي
ودي ابكي وانثر دموعي واصيح ..


في لحظات الحزن لانستطيع ان نحجب انفسنا .. ولو شئنا ..


انتقص عداد الاحتمال وقد ضاقت حناجر الحياة ..
وعبث الحزن بمكنون الدنى .. حتى غاصوا فيه جميعآ ..
حتى اصبحت ارواحهم تنسكب في اجسادهم مكرهه ..
واجسادهم تسير في دجى الليل ضائعه ..
تعب استبد بهم... حتى صاروا يعشقون السبات الطويل ...
وعروقهم لم تجد نبضآ متواترآ فيها لتحيا بإنتظام ..


هزلت قواهم وهم يصمدون بشموخ ..
واي شموخ ينتحب بأنحناءه طويله .. ليذل على عتبات الرضوخ قريرآ ...

ذهول موجع في مساقط الالم ..
وارتباكات صبر نفذت خلاصته ...
وانتظار طويل .. ممل .. وماذا ننتظر ؟
فرجه للامل في ظلمات سحيقه ...
وهدى للطريق الفسيح لنعبره ..
اماني متناثره .. قد تجزأت بعضها والاخرى تحولت لرماد بعثره الهواء ..
ولااخريات ماتت بسهوله .. وبلا ادنى سبب ..

و ماكان سوى نهايه عاديه .. نهايه طبيبعه لمسرى الحياة .. لمجرى الطبيعه ومسار الكون
هكذا هي الحياة ... وقانون الدنى بما فيه .. ليس لنا ان نغيره ولو شئنا ...
لو بيدنا لتركنا بنو ادم يعيشون ابد الدهر ولقرت عيون احبائهم برؤيتهم ..
لكن بمشيئه من الله قد احتكم لنا الحياة التي يجب ان تكون
بحكمه منه .. فالحمدلله على كل حال كان بيد منه ...


**************************


اتعلمون عندما القلوب تنتفض جزعآ .. كطائر جريح يقاوم الالم ويأبى ان يعيش كسيرآ ..
لكنه في النهايه يموت ؟!!! نهايه قدريه محتمه كان لابد منها لتكمل دوره الحياة ..

مالحال عندما تتأهب لسماع كل شيء إلاكلمه واحده تخشى ان تنطقها .. وتبعدها عن افكارك جاهدآ ...
تترقب مابين الشتات والقرار على ارض الثبات ...
بنبض مرهف .. لاتكاد تلقط نفسآ طويلآ حتى يهدره الخوف بأسرع مايمكن ..
تزم شفتيها بتوبيخ .. كيف ستكون رده فعلها اذا رأته ؟
ستوبخه.. ستنهال عليه بالمواعظ والنصح .. لكنها تريد ان تراه فقط ..
تعود وترتعش وهي تخفيها بحرى الاشتياق لرؤيته بخير .. بأن يكون بخير هو فقط مايهمني ..
تقبض على هاتفها .. للحظه تتمناها .. هو ان تسمع صوته يطمأنها على حالته ..
تنهدت .. تنهيده هي مجموعه تناهيد .. صبر اوشك على الانتحار و خوف يتغنى مرحآ بداخلها
وامان خجول يطل و يختفي ...
كل الاعين تهرب من بعضها .. و كل الوجوه تختفي تحت رداء التأمل والانتظار ...

انطلق رنين هاتف وفاء .. لتجيب بدون صبر وقد تعلقت بها الابصار و الامال ..
: طمني .. ؟
:.................

وحينها زاد النحيب .. وانطلق الصراخ ..
وخلعت روح ليلى لمكان حيث يوجد مطلق .. حيث هو مسجى هناك ..
بعيد عن مرأى البصر .. قد شعرت بالعمى فجأه ..
وبأن انفاسها اللاهثه بالدعاء قد توقفت ..

يارب خذ من عمري واعطه اياه .. خذ بيده وألبسه العافيه ..
يارب انتقص من سنيني و زده على عمره سنين ..
يارب .. يارب ... يارب ..


تعلقت بيد القدر متوسله برجاء لايخيب من دعاه .. لكن افكارها البائسه همست ...

مالفائده ... ؟
لقد ذهب .. و رحل للابد .... ......... !!!!!
لقد أخلف وعده معك .. ذهب وتركك دون ان يودعك حتى ..

ألجمت بالصمت و عاندت تلك الرغبه في البقاء .. و جفت مدامعها .. ليحين وقت الرحيل ...

الصمت ... له مفردات كثيره ... ولكنه مايزال صمتآ .. يشقق جدران الكلمات ويعجزها امامه ..
والخوف .. مهما تعددت صوره .. فهو واضح .. مبصر ومتبصر .. سيد الكوابيس .. ينهال على صاحبه
حتى ينجيه الله برحمه منه ..

والباقي لم يعد له قيمه .. مالمشاعر .. عندما تحين لحظه الحسم ..
و مالترقب .. اذا لم يكن هناك شيء يترقبه وقد قطع شريط النهايه للتو ..

على ارصفه الحياة .. يضيع كل شيء في غمضه عين .. وتحين بعدها التفاته النجاه
ولكن لانعلم من ينجو ومن يغرق رويدآ رويدآ حتى يختفي ....

الفقد .. غربه ومواكب رحيل .. تنزع جزء من ارواح البشر و يفقدون فيها حلقات الوصل ..
ترميهم في في دوامه من البحث .. والبحث عن ماذا ؟
عن تلك الحلقه الضائعه ... فبعضهم يجدها والاخر يعجز ويسلم نفسه للقدر مستميتآ بهواه ..

لكن في النهايه لابد من الاقرار .. مالذي يجب ان نصدقه او لا ...
بعض الامور تنهال على عقولنا بما لايتحمل الضغط .. تكاد ادمغتنا ان تتحول الى صخور
من كثره التفكير فيها ..ولكن بسهوله يجب ان تقنع بها بلا ادنى تعب ..
وهكذا تسير الامور .. هكذا تسير؟ ..
خلاصه الحقائق والمفاهيم ..
" الحياة والموت رفيقان لاينفصلان " ..




لاتحزنوا ...

سيفتح الله بابـاً كنت تحسبه من شدة اليـأس لم يخلق بمفتاح .. !

دمتم بود آل ليلاس .. ألقاكم


**********************************

 
 

 

عرض البوم صور كبرياء الج ــرح  
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)
facebook



جديد مواضيع قسم القصص المكتملة (بدون ردود)
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 12:33 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية