كاتب الموضوع :
أم طيبة
المنتدى :
مدونتي
رد: صدى أيامي
ليلة كتلك الليالي
الأرق اللعين يطارده ويترك الليل يحاصره بالظلمة والقلق. لم يعد قادراً على المواصلة. لابد لهذه المهزلة أن تنتهي لينام وينسى ويغمض جفنيه ...
ويتمرد ذهنه وتندلع الصور تتلاحق بجنون ، وعيناها قاسم مشترك .. ودموعها .. تلك الدموع اللعينة تنهش صدره، وينهض كذئب جريح.. دخله يعوي وعيناه منهكتان، وصوتها يدغدغ ذكرياته.. صوتها الذي تاق إليه!
يقف أمام النافذة، يتنفس الغضب.. يلعن ضعفها، هشاشتها، سذاجتها، وتلك البراءة التي كانت تستفزه أكثر مما ترضيه.
في أي عصر نحن؟ كان عليها أن تفهم حقائق هذا الزمن وأن تحمي نفسها بنفسها..
أنا رجل.. لن يحاسبني أحد، لكنها عود كبريت.. مرآة.. هراء، مالذي أقول؟
جلس على حافة الفراش، حاول أن يتمالك نفسه ويجمع أفكاره ويرتبها.. لم يكن يوماً ليعجب بإمرأة ضعيفة، دائما كانت النساء الجريئات محط أنظاره، إنهن يعرفن خطواتهم أو يتظاهرن بذلك، لكن هذه الفتاة في الثلاثين، بل تجاوزتها. كيف يمكن الا تفهم معنى الذي حدث؟ كيف لها أن تسأله كلل هذه الاسئلة الساذجة؟
وشعر بالقرف وتمنى لو يبتلع حبة منومة، عسى أن تداهمه الغفوة وينساها لسويعات معدودة.. وإستلقى وعيناه معلقتان بالسقف، لكنه شعر فجأة بالذنب يغرق روحه في ظلمة الالم من جديد. شعر بنفسه عاجزاً عن مقاومة الأرق، وبحاجة لحنانها، لأمومتها. لقد كانت على إستعداد للتضحية، دائما وأبداً. لم يعرف إمرأة أحبته بمثل هذا الجنون، لكنه لم يصدق أنها على هذا القدر من البراءة، ولا يستطيع أن يصدق أنها لم تفهم مقاصده منذ البدء.
كل كلماته كانت منتقاة، كل عباراته أراد بها تأكيد رغبته في علاقة عابرة، لكنها لم تبصر سوى أحلامها، صورتها منه. وفي النهاية إستسلمت لقياده دون أن تسأل، ألم يعلموها الشك والريبة، الم تعرف أن من طبع بعض الرجال المواربة والمراوغة ثم الهرب.
وتذكر جسدها الضئيل، قامتها القصيرة، ملامحها الطفولية واناملها الرقيقة، وتمنى لو لمس تلك الأنامل....
كانت هناك لحظات قرّبت بينهما، وكشفت عن براءتها التي دائما كان يشك في حقيقتها، لحظات تحول فيها الى ذئب إستقبلت طعناته برحابة صدر.. لحظات تمرد فيها على كل ماعرفه عنها من صدق، وإتهمها.. وظل يتهمها، حتى غادرها وغادره النوم.. تذكر فجأة أن الحبة المنومة بإنتظاره....
وماهي سوى ليلة كتلك الليالي ......!!
الكاتب مجهول
مما ضمه دفتري القديم
|