لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > المنتدى العام للقصص والروايات > القصص المكتمله
التسجيل مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

القصص المكتمله خاص بالقصص المنقوله المكتمله


الأثر !!

إلى ليبيا ، بلادي .  

إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (1) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 03-12-10, 10:22 PM   1 links from elsewhere to this Post. Click to view. المشاركة رقم: 1
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Nov 2010
العضوية: 205116
المشاركات: 9
الجنس ذكر
معدل التقييم: بركاى عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدLibya
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
بركاى غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

المنتدى : القصص المكتمله
افتراضي الأثر !!

 



إلى ليبيا ، بلادي .








الأثر .



" ثمة أثر صغير ، لا يتغير في طبيعة البشر ، أثر صغير أنت تعرفه جيداً " – شيخي ايميري .



القسم الأول :
الزعيم الجديد .

كلمة الشيوخ في الصفحات التالية تحمل كل الدلالات الدينية المعروفة ، أما كلمة الزعيم و الزعماء فهي نفسها التي قد تخطر لكل من يقرأ الرواية فهي تناقش المشاعر و القليل من الأفكار و الرموز و جزء يسير من بهجة الفن ، أشياء نعاني منها يوميا .
1
كل شيء ميت ، الدنيا كالحلم ، كنت وحيداً و أنا أرى الدخان الأسود ينتشر عبر الأفق ، قلت في نفسي : كل شيء انتهى أخيراً ، إنها اللحظة التي رأيتها دائماً . كنت أذكر تلك الكلمات : " فقط أهرب ، أهرب فقط " . و لكن لم ؟ و إلى أين ؟ لم أركض ، جلست أراقب الدخان و هو يتكاثف بعيداً فوق جبلي المفضل ، ثمة نيران لامعة هناك ، البارحة رأيت انعكاس النيران على السحب العابرة ، تحول برد الليلي للصحراء إلى دفء غريب ، جلست هناك منهكاً حتى غبت عن الوعي ، الشمس الآن تحرق الرمال ، هل كان على أن أركض ، فأنا أشعر بالعطش الشديد ، حتى لو حاولت فلن أنجو ، قبل أيام أو ربما أسابيع هرب كل الرجال ، قتلوا النساء و الأطفال في حفلة جنونية و هربوا . صديقي قال لي أمراً ، حكاية صغيرة عن الكون : أنت لا تريد أن تصدقني و لكن كل شيء يزول هذه الأيام ، أنظر منذ ثلاث سنين لم نرى شجرة واحدة ، و لا حتى ورقة جافة . قلت له : و أنت تريد ورقة واحدة لكي لا تصدق . نظر إلى وقال بابتسامة : قرر الرجال أن يحتفلوا الليلة . و ماذا إذن ؟ . عليك أن تهيأ نفسك ، أنت تعرف ما سيحدث . كان قرار الرجال بالاحتفال ينبع من مكمن الألم و الرعب نفسه ، جلست على الرمال الباردة و قلت لصديقي و أنا أغرف الرمال بين أصابعي :
- صديقي أنا لدي ما أفعله .
كنت جالساً و لكني شعرت بارتعاش في ركبتي ، تمددت حتى أخفي ارتعاشي ، و بهدوء غمست رجلي في الرمال الباردة . و بدأت أحدق في الأفق الصافي . و لكني اليوم و تحت هذا الحر العاصف أرى إلى الدخان يتصاعد رويداً . " أنت تقصد بأنك لن تهرب ؟ " ، " نعم ، لن أهرب " و لكن ... ، كنت أعرف ما أريده بحثت عبر الراقصين عن جسد واحد ، عن فتاة واحدة ، الرقص كان ينزع الخوف من الأرواح ، إنه ليس أمراً جسدياً خالصاً ، إنه موازاة حقيقية لغرائز الروح ، كانوا منتشين ، الانحناءات الهادئة و الملامسات البطيئة الخجلة ، ثم إلى العنف المتفجر ، الصراخ و البكاء ، كنت أعبر كل مشاعر البشرية بحثاً عنها ، " هل حقاً سينتهي كل هذا ؟ لم أكن أجد في ذهني فكرة واحدة تؤكد لي قدرة رجل ما ، أي رجل أن يسفك هذه المشاعر على الأرض ، وقفت في وسط حلقة محمومة و صرخت بأعلى صوتي ، كانت روحي تتصاعد ، لم أكن أموت ، بل بدأت للتو أعيش معنى الوجود ، موسيقى عظيمة ، و انكسارات مؤلمة لأحلام فتيات صغيرات ، ألم و ركض ، موسيقى بإيقاع واحد ، وسط الحلقة ، محموماً ، قفزت حتى وضعت نفسي أمام الزمن المتوقف و رأيت بعيني معنى مشاعري ، لم كنت خائفاً ؟ ، في ذلك الزمن عندما تجري خائفاً من شيء ما ، مما كنت أجري خوفاً ، خلفي تماماً لمحت عبر الضوء الباهر جسداً يتبخر عرقاً ، رفعت وجهي و أنا أعود إلى الوراء ، صورة رهيبة للعري . " أنت ترى ، نهاية الوجود ليس بعيداً " . " الرقص ، هكذا نقابل نهايتنا " . " التحرر ، مشاعرنا ، أنت تشعر بأنك وحيد ، أرقص بكل وحدتك " . " أنت لا تفهم ما أود أخبارك به ، الرقص ليس للموت " .
- أنت لا تفهم ، أليس كذلك ؟
الليل يطوي تلك المشاعر ، عنف صغير كانحناءة نحو الظهر ، الدورة القصيرة وخصلات الشعر تلامس الرمال . كنت أركض مبتعداً عن الإيقاع الواحد ، لابد أن يكون هناك انسجام عدة أصوات ، أنت لا ترقص على صوت واحد ، البصر و السمع ، ثمة ارتباطات كثيرة لخلق مشهد راقص ، الرقصة الكاملة في فيديو كليب مثير ، هل أقول ذا فكرة ؟ أنا رسمت تلك الصورة ، الرقصة الأخيرة قبل نهاية كل شيء ، حبنا و رؤيتنا و مشاعرنا المنهكة ، السر الغريب المشاع بلا هدف . إنه تماماً الأمر الذي جعلني أبتعد ، أنا أموت بلا هدف ، و لكنهم يقتلون . الروح تكون ضعيفة ، هذا ما يقوله الأقدم ، روح ضعيفة ، جسد في أقصى طاقاته ، وضعت قدمي على الجبل ، كانت الصخور لامعة ، تعكس أضواء الساحة البعيدة ، و الرياح المنعشة ، وقفت و نظرت عبر السفح ، بقعة ضوئية و أجساد مرتعشة تصنع الظلال الكثيفة التي تصل الجبل ، و تزحف عند قدمي . تركت كل الأحلام و صعدت إلى الأعلى ، هل كنت أجرح نفسي ؟ أي ألم يصنعه موت شيء ما في المشاعر ، الفقدان جزء من التجربة ، الاحتفالات الباهرة لسيدات العصور الوثنية ، عندما ترتفع تلك الروح و تعلن بأنها بحاجة إلى المزيد ، ماذا يبقى بعد ؟ لا أحد يفهم سر تلك الروح ، كانوا يتحدثون عن كل الأفكار ، استطعنا في مجتمعنا الصغير أن نضع نهايات لامعة لمشاكلنا كلها ، و في اللحظة التي استلقى فيها الجميع ظهرت تلك الروح ، المعضلة الأكثر رهبة من كل المعضلات ، وقفنا مبهورين ، لا فكرة ناجحة تجاه الأمر ، كنا يائسين ، بدأ الشيخ ، الشيخ الثالث من حلقة الشيوخ بالبكاء ، انهمرت تلك الدموع الغريبة متدحرجة على خديه المجعدتين، و خضبت لحيته البيضاء ، كنا مبهورين ، الشيخ الأكبر ، أكبر رجال الحلقة قبع صامتاً ، لم ينهر ، لم يشر بشيء ، ظل صامتاً و بقينا غارقين في صمت رهيب ، أنا أشعر بالجوع و الغرابة عندما أتذكر هذا ، حدث الأمر منذ أسابيع و لكنه ما يزال يلفحني في عمق صدري ، نار مؤلمة ، رأيت بعيني الشيخ الأكبر يموء بالبكاء الذي لم يعد يستطيع كبحه . في تلك اللحظة أشهر الرجال خناجرهم ، لمعت عالياً فوق الرؤوس ، كانوا مستعدين للقتل ، الغضب العنيف . و لكن الشيخ منعهم بيده ، ثم قال بعد دقائق :
- أنتم لا تفهمون ، سيكون ثمة أمر أخير علينا القيام به ، سيكون الشيء الأخير .
كنت أعرف الأمر ، قليل من المجموعة عرفوا بما سيجري ، النسوة واقفات هناك بكل صمت ، ثمة مشاعر خوف في أرواحهن ، و لكنهن كن مثل الجميع لا يفهمون ما يحصل .
2
طريقي ، لست مثلهم ، لا أموت هكذا ، لن اقتل أحداً . قلت هذا لصديقي ، ستكون الليلة قاسية على الجميع ، و لكني سآخذ ما يخصني و أرحل .
- إلى أين .
- لن يكون مهماً ، إلى أي مكان .
- و لكنهم لن يتركوك تفعل .
- لذا سأهرب بما يخصني .
- سيعرفون ، أنت تراهم سيعرفون .
- ليعرفوا ، لا يهمني ، أنا أموت و أنا أفعل شيئاً ، خير لي من أن أقتل الأبرياء .
- و لكن لا أحد بريء ، إنهن ....
- لا أحد بريء ؟ أتظن ذلك و لكن كيف نحكم بهكذا حكم إذن ، كيف نقتل ؟
دمي على الصخور ، و أنا وحيد ، سمعت الصرخة الأولى و أنا قريب من القمة ، كانت دمائي تقطر من ركبتي ، و الألم في كل أنحاء جسدي . كنت أريد أن أعتمد عليه في قتال من يضع حد خنجره على رقبتها، ضحكت من أعماق روحي ، كيف يعقل أن أفكر في هذا ؟ أنا لا أحمل سلاحاً حتى ، أنا من مجموعة الكتبة ، مهمتي تتمحور في وضع الخطط و رسمها ، رفاقي و أنا دربنا لكي نكون بحق لسان الزعامة ، طبقة الزعماء العظام ، البشر الذين عقدوا ذلك العقد المهيب مع المخلوق القديم ، أن يمكنهم من السيطرة ، على أن يكونوا حقاً من التابعين الدائمين ، المخلوق لديه مشاريع كونية أخرى غير مفهومة لنا ، الظلمة الحالكة ، رسائل صغيرة ، بعض الكشوفات الأرقام ، و لأني كنت من نابغين القلائل في مجالي استطعت أن أفهم بعض السطور ، كانت لغة مقدسة من ملايين الظلال ، جلست على حافة صخرة لامعة و أنا أحاول تذكر سطر واحد ، شيء مثل بقايا الحديث ، طريق صغيرة مليئة بالأرواح . و في أخر لحظة كشفت معنى كلمة زلزلت روحي من الداخل : الدم ، دماء ، احتفالات ، قمر مغطى بالدم ، كنت بدأت أكتشف المعاني الخفية التي يعمل طبقة الزعماء من أجل الاحتفاظ بها سراً حتى عنا نحن ، نحن : الأكثر ولاء . كان الخوف أكبر منا ، ما تحمله تلك الرسائل كانت اكبر من الولاء ، كان هو الخوف ، الأكثر رعباً ، الموت بدماء الأقارب . و لكن لم بدأ الشيوخ بالبكاء ؟ حتى الشيوخ ، الواحد منهم قادر على تحمل قطع جسده لمئات القطع ، حتى هؤلاء يخافون الزعماء . مرة حدث أن قابلت زعيمنا المباشر ، كان مثل هالة خفية من كل الأسرار التي اكتشفها البشر ، كنت قد صنفت رسائل المخلوق القديم بعناية بحيث لم يعد الفوضى التي تحدث دوماً عند بزوغ القمر المدمى – تلك الفوضى لم تعد موجودة ، العصور السابقة كانوا يحفرون الرسائل المهمة على الجلود ، و كانت طبقة أخرى من الكتبة تعنى بذلك الأمر ، الحفر الدامي ، تدعى طبقة الكتبة الدمويين و أمام الشيوخ و الزعماء ، يسمون بالتبشيريين الحملة . لأنهم يحملون الأسرار الزمنية الطويلة بصبر و حكمة ليبشروا بها ، كل عشر سنين تحفر الرسائل على المجمعات التي يشرف ولاة الزعماء بهدف الحفاظ على الكلمات ، فظاهرة الموت كانت علاجاً و مصيبة في آن معاً ، الكتبة كانوا يعيشون على الأغلب لأربعين عاماً ، يبدؤون حمل السر من العمر الواحد و العشرين ، لا يمنحون وقتاً للفهم ، يعيشون حياة الشيوخ و يمنحون كل ملذات الحياة ، يكون التبشيري الحامل قادراً على اختيار نساءه بنفسه ، و له حق الليلة الأولى كلما شعر بوجوب ذلك ، و عندما يبلغ التاسعة و الثلاثين تبدأ الاحتفالات الكمال ، رقص و انتشاء لأقصى الحدود . هل هذه الاحتفالات كمالنا كلنا ، من نوع ما نحن أيضاً تبشيريين ، الكتبة العاملون في مكتبات الزعماء و حلقة الوصل بينهم و بين الشيوخ لنقل الرسائل ، و ترجمتها عند السفح الغربي للجبل المقدس ، حيث تحدث الرب ذات مرة . أذكر جيداً بأن شيخي قال لي : " نحن نخدم الزعماء ، و هؤلاء يتأرجحون بين الإيمان و الضياع " شيخي عرف بأننا نخدم عدونا ، و أنا فهمته و لكني لم أكن أثق بشيخي ، لم أكن أثق حتى بنفسي ، فقد تعلمت التفكير السري ، حيث تفصل نفسك على ثلاث دفعات من التدرب العميق لأفكار صوفية تبدو في البدء سخيفة و لكنها تمنح العقل قدرة نسيان الوجود للحظات ، في تلك اللحظات الصغيرة يكون بوسعي أن أفكر في كل ما يعترضني من أحلام أو كشف للرسائل ، هذا الأمر يأخذ أحياناً التفاصيل الدقيقة ، لأن العبور إليها و الخروج منها يبدو أمراً لا إرادياً . ربما نسيت أمورا . و لكن شيخي يعرف بعض الأشياء .
- سيكون علينا أن نعرف ، القتل و الرقص و الجسد ، الكتبة و بعض الأرقام المتتابعة ، و لكن رؤيتي ليست كاملة ، نحن الشيوخ نملك قدرة التحمل و لكننا لا نملك سواها .
هل كان يعترف أمامي ؟ بضعفه ، عدم قدرته على المقاومة ، بضعفنا كلنا ؟ كانت أصوات القتل تصلني من مكاني على الجبل ، كانت حزينة و متألمة ، الأضواء و الأشباح التي تكسر الأضواء ، رفعت بصري إلى السماء ، كانت النجوم قد اختفت ، الصحراء كلها تتجاوب مع ما يحدث ، السكون و الترقي ، قمت و الرياح الباردة تجفف تعبي ، صعدت الجبل بصمت ، حتى لو ماتت ، سأهدم نظام الزعماء ، بلا زعماء لا قدرة لمخلوق قديم علينا ، أذكر شيء من هذا الأمر :
- سيأتي وقت يكون على كل شخص فيه الهرب ، زعماءنا لا يعرفون سوى لغة الدم ، الأجساد ، أتذكر الدرس السبعين للكتبة ، أرجو أن تتذكره جيداً ، إنه من المادة السرية التي تم إلغاءها منذ عهد الزعيم الأسبق ، منذ ما يزيد على ثلاثمائة عام : المادية السرية محفوظة في القصر ، الأرشيف المختوم ، هل سمعت عنه يوماً ؟
الأرشيف المختوم ، كنت على دراية به ، و لكن الأحاديث عنها كانت مجرد أساطير تتحدث عن الوصفات السرية ، الوصفات التي وضعها زعيم صغير السن مات في ظروف غامضة ، يقال بأنه كان يعد لقلب نظام الزعامات فور تمسكه بالزعامة ، يقال أيضاً بأنه كان في الخامسة و العشرين من عمره عندما اختفى ، سمعت بنفسي زعيمنا المباشر يتحدث وهو في حالة سكر عن طموحات ذلك اللعين كما وصفه ، ليلتها كان يحتضن فتاة روسية في الثامنة عشرة و من غضبه ذبحها من بطنها حتى رقبتها ، كانت تصرخ و هو يطلب مني أن أسمعه نشيد الذي كتبه الشيخ الكبير ، وقتها لم أكن قد عرفت جيداً أمر الأرشيف و لكنه كان يحتضن مجلداً ضخماً أيضا لطخ بدم روسية بيضاء ، ربما كان هو .
كانت رغبتي واضحة ، انتهى الآن كل شيء ، لم يعد أمامي سوى البحث عن ذلك الأرشيف . واصلت صعود الجبل ، وصلت للقمة و هناك وجدت شيخنا : ايميري . كان جاثياً على ركبتيه و هو ينظر باتجاهي ، عندما رآني أشار بيده لأقترب منه ، لم يكن يتحدث كثيراً ، في الحقيقة طوال دراستنا على يديه لم نكن نسمع منه سوى الكلمات الضرورية لبدء الموضوع ، جلست بجواره حيث ربت بكفه ، حدثني ، رسم على رمال الجبل عدة رسوم ، وسقط أرضاً . مات .

3
- أنت ؟
- نعم يا شيخي ، شيخي إنهم يذبحون الأطفال في الأسفل .
- أجلس بجواري ثمة حكاية سأحكيها لك .
- شيخي لم نقتل الأطفال .
- أجلس يا بني ، فأنت نهايتنا كلنا .
- أنا ؟
- نعم منذ ولدت و نحن نحاول إخفاء الأمر ، منذ ولدت و الزعماء يبحثون عنك ، لم يكونوا يعرفون بأنك في قصورهم .
- أنا لا أفهمك يا شيخي .
- أجلس و أقترب من حلقة النور ، أريد أن أرى وجهك . أوه كم تبدو جميلاً ، أنت حفيدي ، حفيدي ، لا تكن واهناً أبداً ، أرأيت القتل ؟
- لا يا شيخي ، سمعت صرختهم ، كانوا يتألمون يا شيخي .
- أوه كلنا نتألم ، كلنا نفعل ، انسي الألم و فكر في التحرر ، نحن لم نعد قادرين على احتمال تقاليد الزعماء ، زعيمنا يهيننا ، قلوب الشيوخ تموت و تتألم كل يوم ، الشيوخ ماتوا بأفظع طريقة يمكنك تخيلها ، هل رأيت شيخاً في الاحتفال ؟
- لا .
- هل رأيت مدرساً أو مختصاً بدور الكتبة المباشرة ؟
- لا يا شيخي .
- هل رأيت أحد من المراكز الثقافية العليا في الاحتفال ؟
- لا يا شيخي .
- كما قلت لك لقد ماتوا بأفظع طريقة ، بيدي قتلتهم ، الواحد تلو الأخر ، أتريد أن ترى شريطاً لمقتلهم ، أتريد أن ترى وجوههم و هم يقتلون ؟ الألم لم يكن عادياً أبداً ، إنه مضاعف مئات المرات و الزمن متوقف حتى الدرجة السابعة ، إنه موت الأنبياء ، عنيف و قاسي . أتريد أن ترى ؟ ، حسنا شاهد .
- يا الهي . آوه ، و لكن لم ، لأجل من ؟
- الحقيقة يا بني ، ألا تتذكر دروسك ؟
- ....
- المجموعة الخامسة من مادة الوجود ، إنها جزء من الأرشيف المختوم ، جزء جامع لروح النصوص ، تشرح طبيعة حياتنا و ما سبب وجودنا ، يجب أن تتذكر كل شيء ، أنت بحاجة لهذا .
- شيخي ، دروس الزعماء تساعدني لتدمير الزعماء ، كيف ؟
- أنت تعرف ، أنسيت قصة الزعيم الشاب و كتابته لسقوط الزعماء خلق في نفوس اللاحقين مرضاً روحياً مثيراً لأول مرة يعرفون بأن ثمة نهاية للزعماء ، نهاية حتمية .
- و لكن شيخي لم يكتب زعيم ما نهاية الزعماء ؟
- لأنه عرف بأنه ليس زعيما أية لحظة ، في نفسه تحول إلى شخص عادي مثلنا ، تؤذيه مشاعر التأليه التافهة و السخيفة ، التبرج و خلق الصورة الضوئية المقدسة ، هل تعرف يا بني بأن تكوين تلك الصورة المقدسة تأتي عن طريق أمور تافهة أقرب إلى التبرجات النسائية ، الزعيم الشاب درس على يدي شيخي قديم عرف الحقائق الكثيرة و حاول أن يخلق خفية عن الشيوخ و الزعماء معاً جيلا جديد من الزعماء ، جيلا يخلو من التفاهة . و لكنه كشف و لاقى غضب المخلوق القديم شخصياً ، رأينا صور تعذيبه ، إن موتنا القاسي يشابه موت ذلك الزعيم .
- شيخي و لكني لا أؤمن بكل هذا الدم ، لم نقتل الأطفال و النساء ، لم نفعل ما يدمرنا ، لم لا تقتل أنفسنا فقط .
- بني كنت أود أن أحدثك بقصة الأرشيف و لكنك جعلتني أنهي جملي القليلة التي حفظتها طوال عمري ، بني ، عليك أن تعرف بعض الأمور بنفسك ، و بعض الأمور لا أعرفها ، أنا أموت الآن ، أنظر لجرحي ، يا ربي ، دعني أموت ببطء ، لا تنهي ألمي ، ...
كانت ابتسامته الغريبة على وجهه . شعرت بأن شعور الانفصال تراودني .

4
كانت الدماء تغطي الرمال ، الأجساد الميتة الحارة ما تزال على الرمال ، ممدة بعناية ، بألم ، نظرت إلى الوجوه اقتربت من بعض الأطفال و بعض الفتيات اللائي كنت أعرفهن و أرقص معهن ، أيديهن بلا فائدة ، أرجلهن صارت مجرد هباء . حفرت حفر كثيرة لوحدي ، ليل نهار ، لأسابيع و أنا أدفن الجثث ، دفنتها كلها و وقفت أراقب العراء ، لم يعد ثمة ما أخاف منه أو عليه . و في ليل سرت لمسافة طويلة ، لم أكن أفكر إلا في شيئين : الأرشيف و فتاتي .

سنوات مضت كنت أرقص مثل النسر الجريح ، قلبي كان مفعماً أما جسدي فقد كان حزيناً ، الزعيم قال لي :
- أنت لست شخصاً عادياً .
قلت له كما اقتضت الضرورة أن أقول :
- سيدي ، أنا أحب الرقص .
- إذا أرينا عرضاً ، أنت تعرف حبي العميق للرقص .
كانت الفتاة التي اختارها صغيرة ، في الثامنة عشرة ، روسية أيضاً بجسد متناسق و رائع ، نظرت إلي بتحدي غامر ، قلت لها :
- أية رقصة تحبين ؟
- كلها ، لنرقص بأفكارنا ، أتستطيع ؟
- أحب أن أخبركِ بأفكاري .
تراجعت إلى الوراء و مدت ذراعيها غامرة الضوء ، كنت أسير في الاتجاه الأخر مستعداً لتلقي و للسماع ، أخبرتني عن أمر دفع النار إلى أوصالي ، استدرت و وقفت على أصابعي قلت لها مجيباً ، أستطيع فعل الكثير ، كانت تحلق في الجهة الأخرى ، فستانها الدمشقي المشجر بخصرها الدقيق يتطاير في تحليقاتها ، تبعتها مستديراً حول نفسي ، حاولت الإمساك بها ، فلتت بسرعة ، استدرت و أولتني وجها بارعاً بابتسامة هادئة ، كان شعرها الأحمر يغمر وجهها، في تلك اللحظة سمعت الإيقاع الواحد ، يا إلهي و كأننا على وشك الموت ، لم يحبون الإيقاع الواحد ، حاولت أن أنسى الإيقاع و اتبع نبض قلبي ، في تعثري أحسست بها متعثرة أيضاً ، هدئت من سرعتي و لذهولي وجدتها تجاريني ، هدئنا قليلاً اقتربت منها في وجد شبه صوفي أمسكت بيدها و همست : لم تخففين الرقص ؟ شددتها من خصرها ، رفعتها رغم جسدي الضعيف إلى الأعلى و تحركت بها كعروسة حورية ، قالت : قلبي ينبض أكثر من الإيقاع ، قلبي ضعيف . عندها رأيت قطرات العرق على وجهها الصغير ، فعرفت بأني أحب هذه الروسية ، ما اسمك ؟ استدرنا بانتعاش ، كنت رفعتها وضعتها على جسدي ، قدميها على قدمي ، أشعر بنبضها الضعيف يكسر روحي ، يدك بعنف عظام صدري ، أنفاسها كانت لذيذة و زكية ، وضعت أنفي بفرح على رقبتها و أنا أرجعها إلى الوراء و اسمع تأوهات صغيرة ، كالاستسلام ، كالحلم ، قلبي كان فرحاً لم أنتبه حتى لتوقف ذلك الإيقاع اللعين ، و لم أفق ، لم نفق كلينا حتى دق الجنود على الطبول الضخمة ، توقفنا فجأة و كنا نلهث ، أنا و فتاتي ، كان صدرها يكاد ينفجر ، و العرق الخفيف متجمع على أنحاء جسدها ، سمعت صوت الزعيم و هو يقول :
- أي أحمق ، كدت تقتلها ، أي أحمق ، أدخلي .
رأيتها تنسحب مع الوصيفات ، كانت رائعة متكئة على إحدى الوصيفات و تسير بإنهاك . أسفت لأني لم أعرف اسمها . أمسك الزعيم بكتفي :
- أنت راقص بارع كما قلت ، لم أرى أحداً يرقص هكذا . ألست من الكتبة و لكن لا أحد من الكتب يرقص ، أظن أنه عار على الكتبة أن يرقصوا .
- أنا أحب الرقص يا سيدي ، أنا راقص قبل أن أكون من الكتبة .
كان الزعيم يجفف دموعه حين قال :
- أنت لست عادياً ، و بهدوئه الغريب أضاف مشيراً بأصبعه : أريدك أن تسهر عندي الليلة ،
في الليل كان جناح الزعيم مغطى بأكمله بجو من الاحتفالات الهادئة ، الموسيقى الهادئة ذا الإيقاع الواحد ، نقرة هادئة و كأنها تتلاشى حولك ثم نقرة أخرى هادئة و كأنها تتلاشى حولك ، دخلت رواق الزعيم ، عشرات الفتيات الجميلات بين الثامنة عشرة و العشرين وافقات بملابس شفافة ، كنت أستطيع أن أرى تلك النهود الصغيرة البارزة بعنف و وحشية ، كن ينظرن إلي و على وجوههن ابتسامة لذيذة لم أحاول تذوقها ، بحثت بسرعة عن رفيقتي في الرقص و كانت واقفة في نهاية الرواق ، جميلة و منكسة الرأس ، و عندما دققت بخطوتي نظرت إلى ، كان شعرها الأحمر المبلل يسدل كتفيها و نهديها ، هبطت ببصري على بطنها و إلى الأسفل ، كانت دموعي تكاد تطفر من عيني ، ورأيتها تدمع ، لم؟ ، لا أعرف ، ناداني الزعيم عندما رآني أتفحص الفتاة ، جلست بجواره و قبلت يده ، كان عاريا , متمددا على سريره قال لي :
- احكي لي عن قصص العشق .
و حكيت له قصة قديمة فأعجبته و نادى على كبيرة الوصيفات ، أحضري" الوصيفة تاج " شعرت بغصة في روحي أرجو ألا تكون هي . و لم تكن هي ، كانت روسية أخرى بقامة الطويلة وقفت عند الباب و خرجت الوصيفة الكبيرة :
- تاج . قال الزعيم بحزن . و لم تجب الوصيفة رغم إنها انتبهت . فأضاف الزعيم : حكى لي كاتبي قصة عشق بديعة أريدك أن تريه قصة أروع يا وصيفتي .
تقدمت بهدوء و صعدت على السرير ، كانت على ركبتيها ، نزعت فستانها الشفاف ، فظهرت شفافية جسدها ، في أعمق أعماقي ، في قلبي كنت أفكر في أمر أخر ، عرفت مغازي الأمور التي يقدم عليها الزعيم ، إنه يجربني ، تمسكت بوقاري ، فكرت في أمور أخرى لم أنظر إلى فعلتهما رغم إنهما كان أمامي ، فصلت روحي عن جسدي ، كانت مغامرة من قبلي أن افعل فعل الانفصال الروحي أمام الزعيم ، تأوهات الفتاة و قوة الزعيم كانا أخر ما شاهدت ، كان يمكن أن أدمر كل طبقة الكتبة لو كشف سر الانفصال ، و لكن لم يكشف شيء ، استغرق الزعيم نصف ساعة كاملة لينهي ما بدأه ، هكذا تقول الساعة الموجودة على سقف السرير ، لاحقاً عرفت بأن الزعيم يحب أن يحطم أرقامه القياسية لأطول مدة بهجة ، رفعت بصري ، كانت الفتاة الروسية ملتوية حولها نفسها تغالب متعة رهيبة ، كان جسدها مغطى بحمرة غريبة ، جسدها لن أنساه قط ، ثمة شيء عظيم حدث أمامي و لم أراقبه ، الشيوخ يقولون بأن مراقبة الأحداث فريدة من صميم المعارف . كان الزعيم غاضباً و هو يتصفح كتاب بعينيه فيما قبض على رقبة الفتاة بيديه ، الفتاة ما تزال في غيبوبة بعيدة ، أتعرف ؟ هكذا سألني ، كنت في لحظة انفصالي قلت أشياء عن البهجة ، تذكرت بأني فكرت في عظمة الجسد ، الرقص . سألني عن رأي في الحب الجسدي الخالص . قلت له : إنه الحب الوحيد المتاح للبشرية ، الجسدي أقوى من الروح يا سيدي . كيف ذلك سألني إن كنت أقول هكذا لأنه قام بفعل الحب الجسدي ، قلت له :
- أنا شخص يحب الرقص ، أحب أن أشاهد الجسد يتقلص و ينتعش و يتحرر أمامي .
و قال لي :
- أتريد أن يتحرر الجسد ؟
و قبل أن أجيب جذب الفتاة الروسي التي تمددت مسترخية و ضعها على فخذيه و قال :
- أنظر ، إنها متحررة من جسدها ، أتظن بأن هذا أمر رائع ؟
نظرت إلى الفتاة ، لم أشاهد في حياتي مثل تلك النظرة ، هدوء و رغبة جامحة ، هدوء و عنف ، لم أرى في حياتي مثل هكذا أمر ، كانت مشتعلة من الداخل . انحنى الزعيم و ظننت بأنه سيبدأ حبه من جديد و قلت : سيدي و لكنها ما تزال غائبة . ابتسم و أخرج مدية حادة و قال :
- أنظر لهذا العرض ، هذا فن لن تراه في أي مكان إلا عندي .
طعن الفتاة في بطنها ، تأوهت بألم خفيف ، نظر إلى ، كنت مرتعباً و أنا أرى دماء الفتاة تلطخ فخذي الزعيم و السرير ، رفعت الفتاة ذراعيها و حضنت الزعيم و قامت نازفة ، بدت و كأنها استعادت وعيها ، و أخرجت لسانها و بدأت تلعق أنف الزعيم ، نزلت ببصري ، الفتاة أولتني ظهرها و هي جالسة على فخذي الزعيم ، كان ظهرها متقلصاً بعنف ، أخذت تحرك وسطها . وقعت عيناي على عضلات ظهرها المشدودة ، قال الزعيم :
- إنها تظن بأني أعاشرها ، أنظر أني أشق بطنها . كان يلهث ببطء .
ترك الزعيم الخنجر و شد الفتاة من ظهرها قبض على عضلاتها الهشة المشدودة ، رفعها إليه ، و هو يبدو منهكاً لأول مرة ، احمرار ضعيف غزى وجهه ، حركها إلى الأعلى و الأسفل و لم يكن يقترب منها قط ، بل كانت بعيدة عنه ، رغم ذلك بدأ يتأوه بلذة ، رأيت العرق يتفجر بعمق ، أرخاها منهكاً ، مددها بين فخذيه و رأسها على قدمي ، كانت تلحس بطرف لسانها شفتيها ، نظرت إلى وجهها مذهولاً ، كانت تبدو مسترخية تماماً ، أمسك بالخنجر ، و رأيت بأن زعيمنا قذف بالفعل ، كنت مندهشا ، شق بطن الفتاة ، و لكنها لم تصرخ قط ، كانت تشعر بلذة رهيبة و دمها يلطخ الزعيم و كتابه ، و عندما انتهى ، قال لي منهكاً و كانت الفتاة سكنت :
- إنه الرقص ، هذا رقصي ، أتريد أن ترقص شيئاً مثله ؟
ضحك بأعلى صوته .
5
سارت بهدوء خلفي ، كانت صغيرة و خائفة و لكن رقصها كان بارعاً ، وقفت و كانت الساعة تشير لحادية عشرة ، القمر الهادئ و الطير الصغير فوق عمود النور ، الساحة خالية تماماً ، سألتها إن كانت تحب الليل فلم تجب ، تحدثت عن أحلامي القديمة ، شرحت لها كيف إن الشيوخ أخذوني من واحتي تيزر حينما بلغت التاسعة ، و كيف إني رأيت فرقة الراقصين ، كانوا يحركوا أجسادهم بشكل رائع ، كنت كل صباح بعد الدروس أخرج إلى ساحات الرقص ، و بدأت أتابع الأفلام القصيرة عن الراقصين ، ثمة ألم غريب شدني إليهم ، كانت تستمع إلى بصمت ، عينيها مشدوهتان بروعة مذهلة ، سألتها مرة أخرى و أنا أسحبها ناحية المقعد :
- هل أنت حزينة لأنك معي ؟
- لا .
كان صوتها هادئاً ، بدت لي هادئة أكثر مما تخيلت .
- لست حزينة ، و لكنك لا تتكلمين .
وضعت يدي فوق يدها فشعرت بارتعاش جسدها ، أردت أن أفهمها ما في ذهني و لكني قلت :
- أنت جميلة .
عندها التفت إلى و قالت بشيء من الغضب :
- قل لي ماذا كان يعني الزعيم حينما قال بأنك ضيفه ؟
6
حدثني الزعيم عن عالمه الخاص . شرح لي ما جال في ذهن والده الزعيم و جده أيام كان طفلاً ، سحب كم قميصه و أراني علامة الزعامة – وضعها له جده حين بلغ عامه الأول – لأول مرة عرفت بأن الإنسان لا يولد زعيماً ، و إزاء دهشتي أخبرني كم المعلومات التي يتلقاها الكتبة و قال لي بالرغم من ذلك فأن علمهم ليس كاملاً حتى معلومة صغيرة كهذه لا يرونها . و نظر إلى جثة الروسية المسجاة بعناية الشهداء و المقدسين ، قال : " العالم محدد على نطاق واسع ، أنت مثلاً لن تكون زعيماً و لو في الحلم " فكرت في الأمر و نظرت إليه بحرية – هذه المرة – قلت له : سيدي و لكنك أنت أيضاً لم تولد زعيماً . أخطأت بشدة ، نكست رأسي و سحب مديته ، شهرها في وجهي و أنا أحس بأن نهايتي حانت ، و ضع المدية على رقبتي و وقف على ركبتيه ، كان عارياً و قال لي ، قم قمت ، تمدد و تمددت ، بهدوء ، قال لي بصوت هادئ لم يتأثر بنفحة غضب : خذ هذه المدية , أخذتها و عيني على الأرض ، أمسكتها بين أصابعي قبضتها بقوة ، فكرت في هدفي ، قبل قليل أخبرني بأن الزعامة أمر يأتي مصادفة ، هو ليس زعيماً إذن ، فكرت في الحقيقة الصغيرة ، " هو ليس بزعيم ، ليس مقدساً ، لا أحد مقدس " . انحر نفسك . قالها بهدوء و ثقة ، لم يخلقني هو لكي يأمرني بقتل نفسي ، هكذا فكرت ، يستطيع قتلي و لكنه لن يستطيع أن يأمرني بقتل نفسي ، إنه يملك جسدي يملك روحي و لكنه لن يملك مشاعري ، لن يأمرني بشيء كهذا ، لا حق له . حقي أن أقول هذا ، حقي أن أدافع عن مشاعري ، ليقتلني و لكن لن يجعلني أقتل نفسي ، قبضت على المدية بقوة ، سأقتله ، قبل أن يعرف شيئاً سأقتله ، قمت ، نظرت إليه كان متحفزاً ، ليس غاضباً ، هيا انحر نفسك . وضعت المدية على عنقي ، و بدأت بسحبها عندما شعرت بالسائل الأحمر يتساقط على ركبتي ، لم يكن دماً ، أبعدت المدية و لمست عنقي لم يكن مجروحا ، و سقط الزعيم إلى الوراء كان يلهث و يضغط فخذيه و انطلق يرتعش و قذف أمامي ، سحب الملاءة و قال : بصوت لاهث : أنت كاتبي لا تغضب كان الأمر متعتي ، لأجلي ، أنا أعشق الألم و الخوف و الأفكار المضادة ، لا تنكر بأنك فكرت في قتلي ، لا تنكر ، و إلا لما شعرت بهذه المتعة ، يا ربي كم أمتعتني شجاعتك . نظرت إليه و تساءلت هل عرف بانفصالي قبل ساعة ، و لكنه قام و دخل ليغتسل ، سمعت صوت المياه أنا أنظر إلى الجثة المسجاة ، كان وجه الفتاة مكشوفاً ، أثناء انفصالي سمعت جزء من أفكارها ، لم تكن مستمتعة على الإطلاق ، جسدها كان في لذته القصوى و لكن روحها ، مشاعرها كانت مهانة ، وجهها الصغير الساكن بدأ يزرق بألمه المكتوم ، عروق رقبتها مشدودة ، سحبت الملاءة عنها ، كان جسدها بديعا ، لم أعرف لم فعلت هذا و لكني مررت بأصابعي على كتفها الأيمن ، و مررت على صدرها و نهدها النابت بقسوة و قوة ، كان صلباً ، على بطنها المشدود و المتوتر ، جزء ملطخ بدمها الممسوح ، كفلها الصافي ، و فخذها المشدود أيضاً ، كانت متوترة من أعلى رأسها حتى قدميها . أية تجـربة لعـينة تشهدها الوصيفات هنا ؟ عندها سمعت صوت الزعيم : يبدو بأن فني أعجبك ، أنظر جيداً لهذه لتقلصات ، تبدو و كأنها في لحظة رقص جامدة ، هنا يتوقف الزمن بالنشوة البالغة . قلت له بعدم وقار : و لكن ألا تظن بأن الأمر كله مجرد لحظة ألم طويلة ؟ نظر إلى بإمعان ، كنت قد كففت عن الخوف منه قال : لا ، لا أعتقد ، و لكن حتى لو كان ما تقوله صحيحاً ، ألا يقال بأن الألم قرين اللذة ؟ لم أجبه ، كنا في فرقتنا العاشرة تحدثنا عن قدرة اللذة و الألم ، لم تكن أحاسيس مجتمعة على إطلاق ، إن الأمر مجرد انحراف ، الزعيم لا يعرف كل شيء . و لم أرد أن أناقشه غطيت الفتاة و قال لي : سأمنحك هدية رائعة نادى الوصيفة الكبيرة و قال لها : أحضري كل الوصيفات في الصالة الغربية . خرجت الوصيفة الكبيرة ، لم تلقي و لا حتى نظرة صغيرة تجاه الجثة ، كان يبدو الأمر عادياً بالنسبة لها ، لم استغرب سيدة مثلها لا بد أن تكون بهذه الصفات ، لكي تشغل المنصب وراثة عن والدتها التي كانت من وصيفات القصر الأب ، رغم وصفها بالكبيرة فإنها لم تكن تتجاوز الثامنة و العشرين ، و حسب ما تعلمناه فأنها لا بد أن تكون متحدثة بعشر لغات و عالمة في ثلاث أمور أساسية و عند الضرورة تظهر بارعة منقطعة النظير في القتال حماية لسيدها ، كل الوصيفات يتمعن بقدرات قتالية فائقة .
في الصالة كانت الوصيفات في أبهى حللهن ، ملابس شفافة بيضاء مطرزة الأكمام و الأطراف السفلية مزينة على هيئة زهور حمراء لامعة ، كلهن ، كنت خلف الزعيم ، سرت لخطوات ناحية الجدار و وقفت هناك ، دخل الزعيم بين الفتيات ، لمس بيده إحداهن ، فانحنت ثم خرجت عن المجموعة إلى جهة لوحدها ، سار بهدوء كان رداءه الأحمر يتماوج بثقل كانسكاب الدماء ، لمس فتاة أخرى ، و ثالثة ، الرابعة كانت فتاتي الصغيرة لم يلمسها ، نظر إلى مبتسماً . قال و هو بين الفتيات :
- كنت ضيفي الليلة سأمنحك وصيفة من هؤلاء . أمر لم يحدث طوال تاريخ الزعماء . أنت كاتبي المفضل ، أختر من واحدة من الثلاثة .
نظرت إلى الفتاة ، ثم إلى الأخريات ، و سمعته يقول : هيا اختر ، أم إنك محتار ؟ ضحك بأعلى صوته ، فكرت بأنه يتوجب على أن أختار ، و لكني لم أشاء أن أهين تلك الصغيرة ، كان شعرها الأحمر فريداً و جسدها البض لقد لمسته بيدي ، لأول مرة ألمس فتاة ، و لم اشعر بأنها غريبة عني ، لن أهينها ، لن افعل . رفعت بصري و نظرت إلى الزعيم في عينيه ، كان العرق ينزف من جبينه ، عرفت السبب ، فكففت تفكيري ، تنفس قليلاً و لمس فتاتي من كتفها و قال لها : سأختار أنا له ، اذهبي إليه ، شعرت برغبة عميقة بالبكاء كان الغضب يسيطر على و لكنه انكسر فجأة . جاءت الفتاة إلى و وقفت بجانبي . و أمرني الزعيم بالرحيل ، و عند البوابة قال لي : لا تنسى ما حدث الليلة ، أنا لست زعيماً فحسب . لم أتكلم و لكنه أضاف مبتسماً هذه المرة : كن رحيماً بها إنها لا تتحمل رقصك الجامح .
خرجت إلى الساحة و انصب الهواء البارد المنعش على وجهي فأحسست بحريتي ، قلت لفتاتي : لنسر لنسرع .

7
لم اعد قادراً على كسر رغبتي بالتحرر ، الشيوخ أرادوا أن يوقفوني ، لم يكن بوسعهم شيء ، حبسني الشيخ لشهور ، كنت قد أساءت كثيراً لأحلامي ، ثمة كوابيس تطاردني ، حكيت للشيخ ما أحلم به ، " أصمت ، أنت لا تفهم الكثير " لا افهم الكثير ، و لكن ما الذي يعنيه هذا الهراء ؟
- أحلامك ليست سوى رؤى لعينة .
- ...
- الزمن يقول ذلك ، أنت تحلم بنهاية الزعامات ، يا إلهي شيوخنا لا يخطئون ، أنت مدمر الزعامات ، و لكنهم يعرفون ، لابد أن يعرفوا .
- أنا مدمر؟ .
- لابد و أن تكون أنت ، غضبك و رغبتك ، يا إلهي ، الشيخ قال بأنهم يعرفون ، ثمة نشوة رهيبة تجتاحهم ، نشوة رهيبة و آثمة .
- ماذا تعني ؟
- أنت لن تفهم ، أمر واحد عليك معرفته ، إنهم يعرفون و سيحاولون بكل شراسة أن يدمروك .
- يدمرونني ؟.
***
هربت تلك الليلة و في بيتي حكيت لزوجتي الجديدة كل شيء ، نظرت إلى بصمت و قالت و هي تخرج صرة صغيرة :
- إنهم يعرفون .
- ماذا ؟
- طلب مني الزعيم قتلك فور تصريحك بالأمر . إنهم يعرفون بأنك المدمر .
- قتلي ؟
- نعم .
- أنت؟
- نعم .
- و الآن ، هل ستقتلينني ؟
انحنت بهدوء و قبلت قدمي ، و قالت ، قلبي ضعيف ، قلت لك هذا ، قلبي اللعين أحبك ، أنا ضعيفة ، كـان على قـتلك و لكني ضعيفة ، نظراتك تجعلني أبكي ، أنظر إلى ، تلك النظرة تبكيني فرحاً ، لم أظن يوماً ، أنت تملكني من مشاعري ، أحبك ، ربي لا أعرف ما سأفعل ، و لكني أحبك . كانت دموعها تنساب على خديها ، لمست خديها و مسحت الدموع :
- أنت تعرفين معاً سندمر ما وجدنا لتدميره . أنت تعرفين ما يفعله الزعماء بالآخرين ، أنت رأيت فتيات مشقوقات من بطونهن ، لمجرد المتعة الكاذبة ، أنت تعرفين بأنهم يجب أن يموتوا . نظرت إليها ، كانت تبدو لي نهايتي الكاملة ، لم أكن خائفاً ، أنا لم أثق بأحد في حياتي و لكني كنت مستعداً للموت ، لم أكن املك ما أخسره ، فقد خسرت نفسي منذ اللحظة التي شعرت فيها بدقات قلبها تكسر صدري ، حزني كان كبيراً ، " لن يوقفني شيء ، لن يوقفني شيء "
- أرجوك ، أنت لا تعرفهم ، أنا رأيت الزعيم يحطم شعبي ، قتل الرجال وحده ، كان يتمتع بجنون ، إنه الموت بعينه ، رفقة المخلوق القديم جعلت منه موتاً لا يهزم ، أرجوك أركض من هنا ، فقط ابتعد ، أركض .
- لن أفعل .
كان قلبي قاسياً ، انهارت على الأرض أمامي ، و قالت بيأس و غياب : " ستموت ، سأموت معك ، لن تموت وحيداً ، لنمت معاً " .
كانت صدمتي كبيرة باعترافها ، لم أشعر بأني أخاف منها قط ، كان حبي يعميني ، لم أخف منها على الاطلاق ، و لكني خرجت دون كلمة ، كنت اسمع نشيجها و أنا أبتعد . كنت أفكر في الزعيم ، هل عرف من أنا لكن تفكيري الداخلي لم يشر لي بشيء من الخطر ، كنت حراً في تفكيري . سمعتها تقول لي : لا تحاول النيل منه ، إنه روح حزينة ، زعيمنا روح حزينة .

 
 

 

عرض البوم صور بركاى   رد مع اقتباس

قديم 03-12-10, 10:28 PM   المشاركة رقم: 2
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Nov 2010
العضوية: 205116
المشاركات: 9
الجنس ذكر
معدل التقييم: بركاى عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدLibya
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
بركاى غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : بركاى المنتدى : القصص المكتمله
افتراضي

 

انتظرووووووووووووا بقيى الرواية .
أحداث مثيرة ستحدث .

 
 

 

عرض البوم صور بركاى   رد مع اقتباس
قديم 25-04-11, 01:31 PM   المشاركة رقم: 3
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فخري
♪ مُخْمَلٍيةُ آلعَطّآءْ ♦


البيانات
التسجيل: Mar 2010
العضوية: 157123
المشاركات: 30,194
الجنس أنثى
معدل التقييم: ♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع
نقاط التقييم: 13523

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
♫ معزوفة حنين ♫ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : بركاى المنتدى : القصص المكتمله
افتراضي

 

8
شخص من الكتبة يغدو عدواً لزعيم ، فكرة لم تكن واردة على الإطلاق . قلت للشيخ :
إن القتال أيضاً منحة عقلية ، عقولنا ، نحن الكتبة ، أليست ملكنا ؟ . شيخي كان يتكلم بحزن :
لا شيء في أجسادنا ليس ملكنا ، أما العقول فملك من يكتشفها .
هل الزعماء يملكون عقولاً ؟
أعتقد ذلك .
لم نحن هنا إذن ، مجتمعنا يعتمد على الزعيم حتى في الدعاء ، شيخي لم نحن هنا إذن ؟ .
ربما لأن الزعماء يريدون ذلك .
و ماذا نريد نحن يا شيخي ؟
ماذا تريد أنت ؟
أن أفهم لم علينا أن نخضع لزعيم ما ، لم علينا أن نجعله إلهاً ؟ ألسنا نملك حق التغير و حرية أن نكون كما نريد .
الحرية . بني ، هل تعرف كم قتلت هذه الكلمة من البشر ؟
شيخي ، أخبرتنا بأن العبودية قتلت أكثر ، دمرتنا من الداخل ، أغلب أهلنا يائسون ، يائسون حتى من الرب ، بلا حرية نحن في طريقنا إلى الإلحاد .
الإلحاد ؟
شيخي ، أنظر إلى التاريخ ، الزعماء هم من يخلق الإلحاد ، فكرة صغيرة عن اليأس تقود أكثر القلوب المؤمنة إلى الكفر و الإلحاد ، مجتمعنا لن يحتمل فكرة الإلحاد ، إننا ننتحر يا شيخي ، ننتحر .
ننتحر ؟
بالأمس قتل أب أبناءه ، جن كما قالوا و لكني رأيته ، لم يكن مجنوناً ، الجنون ليس في عينيه ، رأيته بنفسي و هو يضع سلاحه على صدغه ، كان يائساً ، كفر بقيمة جسده .
أنت ترى بأن اليأس أمر يقصده الزعماء .
بل أظن بأن وجودهم سبب له ، ألم يقولوا لنا بأن الدين وجد لتدمير السياسة ؟ ألم نسمع بقصص الأنبياء زمن أن كانوا يدمرون السياسة و الاقتصاد ، رجلي المخلوق القديم ؟ شيخي ، الزعماء عملهم خلق اليأس ، مهمة مستحيلة و لكن بوجود أشخاص مثلنا صارت شبه بسيطة ، شيخي نحن مبعث اليأس ، الطرق المشروعة وضعنا لها سدوداً منيعة ، شيخي نحن منعنا ملكية الجسد لكي نضعه بين أيدي الزعماء ، شيخي إن كنا نحن لا يحق لنا أن نفعل بها ما نشاء فكيف بالزعماء يحركوننا كما نشاء ، شيخي أليس هذا تناقضاً في أصل شريعتنا ، أنت تتحدث عن الحرية ، راجعت كل دروسك ، أنت تعتقد بأن الحرية لا يجب أن تفضي إلى الموت ، أنت تقول هذا و تنسى بأن الموت نفسه حرية كاملة ، الموت و ليس الانتحار يا شيخي ، الانتحار ، اليأس هدف موضوعاتنا . نحن خدم الزعماء .
بني ، أنت ستعاني بهذه الأفكار .
لن أكون خادماً ، عقلي أمر يخصني ، كتابة التقارير و وضع المقالات و رسم الطرق الحقيقية أمر يخصني ، أنا لن أكون خادم زعيم لعين يظن نفسه إلهاً ، لن أنظر إلى نفسي من هذه الزاوية ، لن أبشر بعصر لعين من الإلحاد و اليأس ، تقارير لعينة عن قدرة زعيمنا على ولوج نفوسنا و رسم المستقبل لنا ، سخف عشناه طويلاً ، حان الوقت لكي يعرف الجميع بأن سبب ضعفهم و يأسهم و بعدهم عن الرب هو وجود زعيم يبعث الكفر فيهم ، شيخي ثمة تقرير تعتمد على أفكار سخيفة في شريعتنا ، يقول أحدها : كما تكونون يولى عليكم . أليس هذا سخفاً يا شيخي ؟ نحن نستنزف من الداخل . ثمة تقرير أخر يتحدث عن عدم جواز استخدم العقل ، هذا السخف الذي جعلنا يائسين ، شيخي أنا أحب أن أرسم طريقي بنفسي ، سأضع غداً مشروعاً صغيراً يعيدني إلى الحقيقة ، تعاليمكم الفاسدة دمرتني من الداخل ، الفضائل اللعينة دمرتني من الداخل ، أنا الآن ضعيف ، مشاعري ليست ملكي ، أريد أن أملك مشاعري .
تملك مشاعرك و لكن كيف ستفعل ذلك ؟ ، هذا هو السخف الذي تتحدث عنه .
سأملك مشاعري ، سأتعلم الفن ، الرقص ، سأبدأ بوضع أفلام عن الرقص ، سأري الناس إمكانيات هذا الجسد الذي يحتقروه الشيوخ ، شيخي لم نحتقر الجسد ، الرقص ، سأجمع أفضل الراقصين و الراقصات و أجعل الجسد يعمل في أقصى طاقاته و سترى ، كلهم .
كان شيخي يدمع ، قمت أمامه ، وقفت متحفزاً ، كانت النشوة تسيطر على ، النشوة و الحزن ، يا الهي كم يبدو العالم كئيباً ، رفعت رجلي إلى الأعلى و درت حول نفسي ، أريته أفضل رقصاتي ، رقصت بكل ما أملك من عنف ، أنت تستطيع دوماً أن تكتشف نفسك ، عقلي ، جسدي ، روحي ، شيخي أنظر كيف أتحرر ، كنت اشعر بالرياح العميقة حولي ، شيخي أشعر بالرياح ، ربي أنظر إلى أنا حر ، مثل الطير ، لا ، أنا أكثر حرية من الطير ، ليمت كل الزعماء ، هذا هو مجالي ، أنا وحدي ، سأكون مع الكل ، الكل سيشاركني الرقص ، كان شيخي قد بدأ يبكي ، سمعت صوته ينشج ، لم نحن كاذبون ، شيخي لم نحن كاذبون ، رقصت بأعلى ما أقدر عليه ، الدماء أسفل قدمي ، جرحت نفسي ، دست على زجاج الإبريق الذي تكسر ، لم أبه ، اندفعت إلى أعلى ، تموجت في مكاني ، و انحنيت تخيلت عالماً كاملا من النساء و الأطفال ، ثمة ألوان ، ثمة بهجة ، الرب ينظر إلينا ، ربي يبتسم ، هل تقولون بأنه لا يبتسم ، اللعنة عليكم ، إنه ربي . ربي ، ليس زعيما قذراً ، ليس شخصاً يدفعني إلى الانتحار ، رقصت يا شيخي حتى تفصد العرق أطراف شعري . و سقطت مغمى على . العالم مغمى عليه . شيخي ، شيخي : لم لا تريد أن تكون حراً ؟
9
حبسني شيخي ، و لكني لم أحبس ، جلست أتذكر كل الموسيقى التي سمعتها في حياتي ، درست القليل و لكني سمعت الكثير ، تباً لذلك الإيقاع الواحد ، سأخلق عالمي ، نغمات بعدد البشر ، كل الموسيقى التي عرفها البشر ، سنعزف أعظم السيمفونيات ، لن نكون لوحدنا ،الموت لا يهم ، و لكننا سنضع في أذهننا ، سأضع في ذهني أمراً ، سأصور أعظم فيديو رقص في التاريخ . الأفلام و القصص و حتى الإعلانات الراقصة ، تذكرت أجساد نساء من عالم أخر ، صرخت منتشياً باكتشافي ، لست مغلقاً في بقعة مظلمة ، لست ممن يصدقون تلك الفضائل الكاذبة ، عرفت أخيراً بأنه يجب أن اكتشف الحقيقة ، أوراقي كثيرة ، رسمت الوضعيات الممتازة ، الإنارة من هذه الجهة ، إنارة برتقالية تتحول تدريجياً إلى مشعة ، بضبط على الراقص و الراقصة ، رمال الصحراء ، رمز وحدتنا ، من هناك يركض كثر للهرب ، البقع الحمراء و الخناجر التي تطعن ظهور النساء ، يحيطون بالراقصين ، ثمة من يشرف على العملية كلها يشارك فيها و لا يظهر ، الزعيم ، هناك يرقص محركاً المشهد كله ، بيديه و بصوته ، برجليه ، رشيق و قوي ، على ذراعه علامة الزعامة تظهر لامعة ، يتسلق عنفه الضوء ، يتساقط النساء ، الأطفال ينحنون خوفاً ، الألم لا يرحمهم ، يتلون من الألم ، الراقص الرئيسي في دهشة عظيمة ، يدور في الساحة وحيداً ، هو في جهة و الراقصة في جهة أخرى ، و كأنهما من المخلوقات الغير المرئية ، يتألمان ، يركضان ، و يتلقيان الضربات ، هباء ، الكل يموت ، يدفنان الموتى بألم ، و يبدأن الرقصة الأخير . الأثر النهائي لفكرة الزعماء ، الرقصة التي تدفع الزعيم لظهور ، ثلاثة على المسرح ، موسيقى متعددة الأصوات ، نواحات و تألم ، مشهد مؤلم يعذب الزعيم ، و لكنه لا ينتشي ، صراع على المسرح ، المخلوق القديم ينظر بصمت ، وقار رهيب ، موسيقاه هادئة و ملعونة ، صفير ثقيل ، يصم الأذان رغم خفوته . الأجساد تملئ الساحة . يركض الزعيم منهزماً . سأصور أعظم موسيقى ، أنا اشعر بالعظمة ، لأني سأقول الحقيقة .

 
 

 

عرض البوم صور ♫ معزوفة حنين ♫   رد مع اقتباس
قديم 25-04-11, 01:32 PM   المشاركة رقم: 4
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فخري
♪ مُخْمَلٍيةُ آلعَطّآءْ ♦


البيانات
التسجيل: Mar 2010
العضوية: 157123
المشاركات: 30,194
الجنس أنثى
معدل التقييم: ♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع
نقاط التقييم: 13523

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
♫ معزوفة حنين ♫ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : بركاى المنتدى : القصص المكتمله
افتراضي

 

10
قالت لي بحزن قبل أن نفترق :
زعيمنا روح حزينة .
كنت صامتاً ، جسدي لم يعد محموماً ، أنظر إلى ظهرها العاري ، الرشيق ، ثمة أفكار صغيرة عن لوحات قديمة رأيتها عبر مواقع النت ، لطالما سحرت بروعة الجسد .
لا تهمني روح زعيمنا . هكذا قلت و طبعت قبلة على ظهرها بإيمان غريب .


التفتت إلى و غزا شعرها وجهي ، قالت لي و هي تنظر في عيني بدهشة :
ما الذي تعنيه بكلامك ؟
لا يهمني الزعيم مطلقاً ، رقصتنا كانت بديعة ، ربي كم كنتِ رائعة ، أين تعلمت الرقص بهذه الروعة .
نحن الوصيفات نملك أفضل معلمات الرقص .
من أفضل من المرأة تعلم احدهم الرقص .
ضحكت و قالت :
معلمتي كانت تقول بان التعلم على أيدي الرجال متعة عظيمة .
حقاً ؟
هكذا كانت تقول ، أنا لا أعرف .
لا تعرفين ، لا تعرفين ، قومي لأريك .
وقفت منتصباً بإصرار ، و سحبتها من يدها كنا عاريين ، طفت بها بهدوء ، لم تكن ثمة موسيقى :
أنرقص بلا موسيقى ؟
أتظنين بأننا نمتلك موسيقى ، لنرقص على إيقاع أفكارنا ، أفكارنا هي موسيقانا .
كنا فراشتين ، نورنا الضعيف ، مساحتنا صغيرة ، و لكن أحلامنا أضاءت غرفتنا ، وضعت رأسها على كتفي ، كنت قد رفعتها من وسطها ، ألصقتها على جسدي ، هشة و عظيمة ، لا شك إنها تعاني من قلبها ، جسد ضعيف لا يحتمل ثقل أفكارها ، سمعتها تقول ما أحبه ، درنا عبر طرقنا الضيقة ، أقمشة ناعمة ، كتبي التي بقيت في الظلمة ، بعض الصفحات التي تتحدث عن الرقص ، أرخيتها فنزلت بهدوء على قدميها ، مغمضة العينين ، فكرت بأنها تبحث عن لحن في عقلها ، أعطيتها لمحة بسيطة عن تحركاتي ، كنت أسمع الموسيقى البعيدة ، ثورة صغيرة على الأبواب ، هندية بسيطة أحلامها أن تحب ، خطيبها البارع في الرقص مفعم بحب الانتقام ، نيران في مشهد ، " أتحبين أن نهبط " ، " لنفعل " ملت بها إلى بعيد ، كنت أقبل عنقها ، رائحة تسحرني ، الليلة ساكنة ، بجواري ، لابد بأن شيخي غارق في كتاباته ، غارق في معرفة ما يؤذينا ، سيدتي لأكن معك ، ماذا ؟ رفعتها و رأيت قدميها على مستوى بصري ، ارتعشت عضلات يدي ، أملتها على جانبي ، جسد صغير غض ، رفعتها فأحاطت رجليها حول خصري ، موسيقانا متوحدة ، درت بها ، كانت تدمع ، وضعتها بهدوء على سريري ، كانت شبه لامعة ، عقلي أصبح لمحة حب ، دمعتان هبطتا ، لابد بأنها مثل حبتي سكر ، رأيت لسانها الشهي يخرج ليمسح دمعتي ، و لكني أخذت أقبلها بهدوء ، بانغماس ، هل كنت أغزوها ، أنهل منها كل شيء ، ابتعدت قليلاً ، بدأت تتنفس ، كنت أدور على مهلي يدي تبحثان عن شيء أخر ، شيء أكثر روعة ، هدوئها بدأ يتلاشى ، أهات صغيرة قصيرة ، " قومي ، هيا " رفعتها ، موسيقانا رائعة ، حزنها يتلاشى . " هل تعرفين ما أحلم به ؟ " آهة صغيرة " قلب صغير ، خوف و فتاة ذات قلب صغير " ، قلبي ضعيف " هكذا قالت . مسحت شعرها عن وجهها و رأيت اللامعان الخاطف في عينيها ، قليل من حبات العرق ، مسحتها بعناية ، " قلبك الضعيف ، مشاعرك القوية ، أنت هي فتاتي " كانت دموعي القاسية تتمازج مع أحلامها الندية و التي سالت بهدوء عبر عينيها ، لمعانها الرهيب سال على وجهي . قمت و بدأت أدور بها و رجليها حول خصري ، كانت أخف ما حملت في حياتي ، احتضنتني ، يديها تطوقان عنقي ، كنت أعود إلى الوراء فيما أكتشف بهدوء تفاصيل ظهرها الحريري الهش ، جلست على سريري ، و إليتيها على فخذي ، عندها شعرت بنبضها القوي ، فعرفت مدى قوتها , تراجعت إلى الوراء برأسها و قالت " أحبك " أمسكت بوجهي و يدي تعبران صدرها ببروزاتها الصغيرة التي بدأت بالحياة ، فتاة تعلمت الرقص طوال حياتها ، فتاة علموها كل أنواع الحب ، كل الشغف ، لكي تمارسها مع زعيم ظلامي ، قطفتها ، ثمرة لا يعرف الزعيم قيمتها ، أبداً لا يعرف ، لا يعرف قيمة شيء ، و إلا ما ترك بلاده نهباً ، أنا أعرف قيمتها ، أعرف ما يكمن بداخلها ، كانت تبني أسواراً عظيمة حولي ، كنت اعرف ما سأشهده من حصار كبير ، حصار مفتوح كالصحراء عامرة بالواحات ، نحن في واحة سحرية ، " أتعرف ما الذي أحبه " قالت في أذني ، كانت تحرك وسطها في رقصة صغيرة و محمومة ، ماذا ؟ سألت و أنا أنزلها إلى السرير ، أبحث عن السند لم أواجهه ." أريدك أنت ، أتريدني " و مرة أخرى اجتاحتني بعناية غريبة و طافت في وهج غريب من الأحلام ، موسيقى هادئة بدأت تصخب ، ركزتها على السرير ، لحظة نظرت إلى وجهي و نظرت إلى عينيها ثم أنهلت عليها .
انتهت رقصتنا بصرخة رهيبة ، كنت أفقد أخر اتصالاتي بالعالم ، ضحكت بعمق ، بعمق من يشرب من مياه قدسية .
لا أحد يرقص مثلنا نحن الاثنين .
في أخر الليل تذكرت الزعيم ، متعته اللعينة ، تذكرت الفتاة الروسية بجسدها المشقوق حتى العنق ، الدماء و الألم الرهيب ، انتشاء الزعيم و كلماته الغامضة ، كنت أحس بالشفقة في البدء و لكني بغتة أحسست برعدة هائلة تجتاحني ، جسدي انتفض بعنف ، جلدي كان يغمره إحساس عظيم بلذة ، أحسست بالصفاء و الضياع معاً حتى أعماق عظامي ، رحلة موت و اتصال بكل البشر ، رأيت الوجوه و ارتشفت أروع المشروبات ، كنت في حقل كامل من الزهور الحمراء و العشب الأخضر الممتد عبر البصر حتى الأفق ، فتحت عيني و أنا أدمع ، أحاول جاهداً أن أمنع فمي من الصراخ ، وعيت لذاتي من رغبتي الهائلة و أنا أحمل خنجري بيدي واقفاً على راسي فتاتي التي انحنت مستسلمة بدموعها اليائسة . ألقيت بالخنجر و ركضت إلى زاوية الغرفة . أمسكت براسي من النشوة ، و جسدي يرتفع إلى الأعلى من اللذة أو هكذا تصورت ، و مع حبسي لنشوتي قذفت بعنف ، و سقطت مغشياً . حينما قمت على فراشي كانت فتاتي قد غسلتني و اعتنت بي ، رأيت حزناً في عينيها ، لم اعتقد بأن ما حدث حقيقة ، سألتها : ما الذي حدث لي ؟ لا شيء أجابتني ، كنت رائعاً . لم أفهم الأمر ، نظرت إليها ، كانت حزينة . ما بك ؟ سألتها و لكنها انحنت على ركبتي و انفجرت باكية .


11
نوري ، طريقي ، أنا تائه . أحلامي ، ذاكرتي ، جثث دفنتها بيدي . أجساد حارة و ترتعش حتى اللحظة الأخيرة ، أعينهم غير مصدقة لم يحدث ، فتاة تموت على يد أبيها ، و طفل صغير على يد أمه ، تسقيه بهدوء و حزن السم ، أو تقتلع رأسه بلا عقل ، شيخي أشرف على كل هذا ، أهذا ما يتحدث عنه الأرشيف القديم ؟ ، لأيام سرت عبر الليل ، الحرارة اجتاحت الصحراء ، كنت أشاهد الغيمة السوداء تطال السماء ، سرت ليلاً و أنا أتتبع نيران الجبل ، أدور حوله ، ثمة قلعة خفية ، القلعة الطينية القديمة ، لا تكنولوجيا ، لا أفكار حديثة ، الإنسان بكل نظارته العقلية في زمن متوقف منذ أيام الزعيم الشاب . الأرشيف المختوم . الخوف الأعظم للزعماء ، لا داعي لكل هذه الأفكار ، صورتها الباهتة ، هل أنا أفقدها ؟ فقدت الكثير ، لم لا تكون هي أيضاً جزء من مفقوداتي الكثيرة . الجبل و النيران ، قبل أيام رأيت فرقة تخرج مسلحة ، سبعة رجال يسيرون بهدوء ، العالم لا يعلم ما يجري هنا ، حتى و إن عرفوا ماذا يمكن أن يحدث ؟ اللعنة ، الاقتصاد قتل البشر منذ ألفي عام أو أكثر ، قتل المسيح بسبب الربا ، مات موسى بسبب الجشع المالي ، حتى تلك الروسية الصغيرة بجسدها اللعين قتلت بسبب الجشع . زعيمنا جزء من تلك الرسالة المبهمة في الأرض ، أحلام سوداء قاتلة لرجل وحيد ، عاش وحيداً ، امتلئ بالحقد وحيداً ، كون معارفه بهدوء في وحدة قاسية ، يقال بأنه تعرف على المخلوق القديم حين كان في العاشرة . المخلوق اللعين يختار أزمنة مقابلاته مع خدمه ، الزعماء و إن كانوا جبارين بأرواح تعرف الغيب إلا إنهم خدم للمخلوق القديم و هم لا يخشون من الاعتراف بهذا ، النتائج عرفت منذ أقدم الزعماء . غالباً ما كان المخلوق يقابل الزعيم المستقبلي بنظرة بعيدة و لكن الشيوخ يتحدثون عن مقابلة طويلة بين زعيمنا الحالي و المخلوق القديم ، منحه قدرات أكثر ، جسداً بديعاً قادراً على احتمال أكثر حتى من الشيوخ المعروفين بنظرية الانفصال ، جسد كافر مجبول بلمسات ملحدة محددة بضبط على مقاس البشر الصغار ، إنه قادر حتى على فتك بأرواحنا ، خوفنا ليس من طبيعتنا ، إنه جزء من رسالة قدرية ، رسالة تافهة من تلك الرسائل التي تكتب لفتيات بلهاوات لكي تقنعهن بأنك لم تفكر قط في أجسادهن ، و إنك تظنهن رفيعات مثل الملائكة . رسالة صغيرة بلا نهاية ، بلا كلمات ، رسالة في عالم الأرواح كتبت بضبط منذ أكثر من ألف عام ، واضحة المعالم وضعت في أصل الشريعة ، شريعتنا المحكمة ، كنا نقول للأمم الحرة بأننا نملك أعظم شريعة ، شريعة لعينة لا تضمن حق طعام أطفال يموتون جوعاً ، شريعة قذرة تبيح الدعارة و الربا و القتل بلا سبب . شريعتنا التي نصها الشيوخ على مدى ألف عام بنصوص مزيفة و أحكام قاسية و تفاسير و شروحات دينية فذة و رجال و أفعال ، يتحدث عنها حتى الآن الصغار في المدارس المنتشرة عبر القرى و الضيع و الزوايا اللعينة ، شريعتنا القذرة نقول في وجه أعظم العقول بأنها شريعة كاملة ، اللعنة علينا ، لم لا نحترق بالنار كلنا ، نحن من ندافع عن هكذا قذارة ، أحياناً أتساءل كيف استطاع الشيوخ خلق مثل هذه أفكار : أنت تقنع طفلاً بأنه ليس جائعاً رغم أنه يشعر بأمعائه تتقاتل في بطنه ، أنت تقنع أماً على قتل أبنائها ، غيرنا الواقع تماماً ، سحرنا الناس ، إنهم لا يرون إلا ما نريد ، نريدهم أن يخافوا من زعيمنا ، زعيمنا لا يهتم البتة بشريعتنا ، إنه يقول بأنه أعظم من شرائع تافهة ولدت منذ ألف عام ، ينظر في وجوهنا نحن الكتبة و الشيوخ و أخر جيل من الكتبة حاملي التباشير ويقول : أنا أعظم من الشرائع ، أنا حسنة من الأقدمين إليكم ، أنظروا إلى داخل أنفسكم ماذا تجدون ؟ ننظر بهدوء ، ننظر و نجد أعظم فكرة توصلنا إليها : زعيمنا ، أعظم خوف خلقناه بعقولنا . اليوم ، اتفو ، اتفو أنا لا أرى سوى الجثث ، جثث كل من أعرفهم ، كانت ضربته قاسية ، نظرية الانفصال انتشرت بين أروقة القصر فور خروجي ، الكاميرات الحساسة التقطت فعلتي ، الزعيم كان يستمتع برؤية خوفي و غضبي ، كان يعاشر مشاعري ، عندما أعاد شريط وجوده مع الفتاة الروسية ، وصل إلى قمة البهجة قبل أن يرى أمراً أخر ، أمراً نزع كل بهجته : شاب من الكتبة ، يمارس أمراً غريباً . في البدء ظنه استمتاع و شبق ، نادى أحد مستشاريه ، كان عارياً واقفاً أمام شاشة تلفازه : أنظر ما هذا ، ماذا يفعل ؟ المستشار سمع بأنباء أسطورة الانفصال . نظر إلى الشاشة بعمق ، صقع للحظات :
سيدي ، سيدي ، يا الهي ، إنه الانفصال – تعلق المستشار بالشاشة – إنه الانفصال .
الانفصال ، ماذا تعني ؟
إنه نظام متطور من التفكير الداخلي الذي يمارسه الشيوخ ، سمعت بأنه يتيح لهم الولوج في عوالم أخرى تمنحهم قدرة احتمال غريبة و فهم أسرار غيبية غاية في السرية ، الانفصال يا سيدي يقال بأنه يمنع الحواجز بين الأشياء .
يمنع الحواجز ، يمنع كيف ، اللعنة ماذا تعني ؟
إنه يمنح المرء سلطة على من حوله ، يلج في أفكارهم كما يشاء .
اللعنة ، اللعنة ، اقتلوا كل الشيوخ ، أقتلوهم ، أحضروا ذلك الكاتب اللعين أحضروه إلى ، أقتلوه في أرضه ، أحضروه جثة .
سمعت بأن الزعيم بدأ يصرخ بهستيريا بحثاً عني . ليفعل ، ليقتل كل الشيوخ . أنا الوحيد من يعرف لم انتفض الزعيم بتلك الطريقة ، الآن أنا أعرف أموراً كثيرة : الأرشيف المختوم أعرف عنه كل شيء .


 
 

 

عرض البوم صور ♫ معزوفة حنين ♫   رد مع اقتباس
قديم 25-04-11, 01:33 PM   المشاركة رقم: 5
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فخري
♪ مُخْمَلٍيةُ آلعَطّآءْ ♦


البيانات
التسجيل: Mar 2010
العضوية: 157123
المشاركات: 30,194
الجنس أنثى
معدل التقييم: ♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع
نقاط التقييم: 13523

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
♫ معزوفة حنين ♫ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : بركاى المنتدى : القصص المكتمله
افتراضي

 



12
قال لي شيخي :
نحن أنقذناك من الزعيم بعد أيام أذهب إلى الشيخ ايميري ، هو سيريك ما تحتاجه .
الشيخ ايميري كان قد جرح نفسه بعنف غريب ، قلبه كان صغيراً رغم سنوات المائة ، لم أره إلا مرات قليلة أثناء دروسه عن الصمت و الانفصال ، الصمت شعاره الحقيقي . الصمت الأشبه بالموت ، الدراسات العميقة عن قدرة تصفية الذهن من المشاعر الكريهة الصعود بها بهدوء إلى ملكوت الرحمن ، تصورات صغيرة عن الأرض الأولى ، كنت الأول في فصله ، نجلس من الرابعة فجراً حتى الثامنة ليلاً مرتين في الشهر ، شرائعنا الجديدة تبيح فكرة الحرية الكاملة ، بقية الطلبة لم يكونوا مهتمين إلا برسومات الجديدة ، أنا الوحيد الذي نبغ في دراسة الانفصال ، قال لي شيخي :
طوال تاريخ الشيوخ ، عشرة نبغوا في هذا الفن ، أنت الرقم الحادي عشر .
نظرت إليه بصمت مندهشاً ، كان يرسم على الرمال علامات صغيرة و غير مفهومة ، حركاته العصبية أثناء الرسم تجعلني أستغرب هذا العنف ، لم ؟ شيخي ، نظرت إلى ما يرسم ، خطوط متشابكة ، و كأنها خرائط لعالم قديم ، درسنا خرائط عن تحركات الروح في أزمنة القديمة و مدى قدرتها على تفسير عدة ظواهر غير مفهومة مثل القدر , قلت :
الحادي عشر خلال مئة سنة .
نعم ، أتعرف ؟
ماذا يا شيخي ؟
ثمة أثر صغير ، لا يتغير في طبيعة البشر ، أثر صغير أنت تعرفه جيداً .
شيخي ، ما هو ؟
إنه الروح ، روح التاريخ ، دائما معنا . لا تنسى أن تبحث عن الأرشيف القديم .خذ هذه الورقة قدمها لي أحد الذين مروا من هنا منذ خمسين عاماً ، قال لي بأن قصة الأرشيف صحيحة فعلاً خذ أنظر لهذه الورقة .
كانت ورقة صفراء قديمة ، أخذتها كانت ناعمة فخفت تفتتها مددتها أمام عيني و بدأت أقرأ ما جاء فيها :
الفقرة العاشرة من الكتاب الثالث ، جاءت في الصفحة " 531 " لتعلن :
(( إن طبقة الكتبة مدعومة من الشيوخ . الكاتب الذي يعرف الكثير سيتحرر ، الشيوخ يضعون الحقائق دون أن يعرفوا الحقائق ، زعماء يرسمون الطريق ، الكتبة يعرفون الطريق و خطط الشيوخ و يصلون إلى مخادع الزعماء ، الطموح يعمي الفكر الحر ، شخص من الكتبة ، لكي يكون زعيماً ، عليه أن يكتشف جسده أولاً ، بعيداً عن سلطة الروح ، أعتقد بأن معضلة أجدادي كان الشيوخ ، و لكن معضلة من بعدي يكمن في الكتبة الشبان ، الشيوخ أرواح منهكة .ضربة النهاية تأتي من الكتبة )) .
كان كلاماً حقيقياً ، شعرت بالقوة من الداخل .
شيخي ؟
إنها النبوءة يا بني ، أنت تعرف معنى ما كتب هنا .
ماذا ؟
أنت يا " ألي " ، أنت زعيم العالم الجديد .
قمت من مكاني ، الظل و الضوء في عيني ، شعرت بجسدي ، كانت كلمة مرعبة ، و لكنها أرعشت فؤادي ، ماذا قلت يا شيخي ؟
لست مضطراً لأن تشعر حيالي بالاحترام ، أنت لم تطعني طوال حياتك ، كنت دوماً مختلفاً ، حرمتك عن اللعب بفكرة الجسد و لكن قمت بما منعتك عنه ، أنت يا ألي ، زعيمنا القادم ، أنت يا من عشت وسط الزعماء ، لابد بأنك تعرف هذا في نفسك . ثمة أثر صغير لا يتغير يا بني ، أنت من سلالة الزعماء ، روحك الطامحة ، شعورك الذي لا يمت لأحد بصلة ، أنت عكس زعيمنا الشاب الذي قتل على يدي المخلوق القديم ، كان أنت من عليه توجد في ذلك العصر .
شيخي . قلت و أنا أنظر في وجه الظل و الضوء ، كنت أحسب قوتي و عقلي ينمو بسرعة رهيبة ، أشياء لم يكن شيخي يلاحظها قط .
إنها خطة جديدة للمخلوق القديم ، كتابة ذلك الشاب للكتاب لم يكن مجرد تنبؤ ، بل حقيقة محسوبة ، ألم تقل بأنك تحلم بالقتل ، بالموتى من كل الطبقات ، أنت زعيمنا الجديد .
ماذا ؟
المخلوق القديم رسم خطته بهدوء ، مقابلاته معك تمت عن طريق الأحلام ، نحن طورنا فكرة الانفصال لحماية زعيمنا ، فقط لكي لا يتصل بذلك المخلوق ، الانفصال خطة دفاعية فكرية لم تقدم لنا الكثير ، استطعنا قتل عشرة من الكتبة و لكننا لم ننجح في قتلك ، نجحت يا ألي ، أنت الزعيم الوارد ذكره في الأرشيف المختوم ، أنت لن تموت إلا وحيداً . خطتنا في قتل الجميع بدأت الآن أنت رأيت الشيوخ يموتون بيدي ، و الآن الكتبة قتلوا كل النساء و الأطفال ، و ربما فجروا أنفسهم في هذه اللحظات ، القلعة الطينية دمرت تماماً .
القلعة الطينية ؟
نعم مكان وجود النسخة الوحيدة من الأرشيف . نحن لا نعرف مكانه بضبط و لكننا نعرف بأنه في ذلك المبنى القديم أنت من دونه لا تساوي إلا ما أنت عليه ، ستكون محكوماً بالمشاعر مثلنا ،
كنت أنظر إليه مذهولا : شيخي . أنا ؟ شعرت بالأرض تدور أسفل قدمي ، نظرت بعيداً رأيت السحابة السوداء ، نظرت إلى الشيخ ، الضوء و الظل :
لم ؟ لماذا ؟
إنه قدرك يا بني . لا أحد يغلب قدره ، حتى الزعماء .
13
كل شيء ميت ، الدنيا كالحلم ، كنت وحيداً و أنا أرى الدخان الأسود ينتشر عبر الأفق ، قلت في نفسي : على أن أواصل البحث ، الأرشيف ، فتاتي . سرت ، كانت ليلة حنونة ، بكيت عدة مرات وحيداً و قلت في نفسي : على البحث عن الحقيقة ، اللعنة على الشيوخ ، اللعنة على الشيوخ ، إنهم لا يفهمون . على أن أواصل البحث ، أنا لست قاتلاً . . على مواصلة البحث : فتاتي و الأرشيف . لا يجب أن أتوقف ، إنه قدري . كل شيء ميت ، الدنيا كالحلم ، كنت وحيداً و أنا أرى الدخان الأسود ينتشر عبر الأفق .


القسم الثاني :
الطريق إلى الزعامة .


14
رؤيتي جديدة : التكون . الطريق طويلة و مظلمة ، سيرنا كان منهكاً و غير واثق . شرعنا في الانقسام ، الكتبة و الشيوخ أنهوا عملهم على أسوء ما يكون ، سيرتي بدأت تعرف ببطء ، من مناطق قريبة هبطت عوالم لم تكن تظهر نفسها على الملأ . مدوا أسلحتهم في وجهي و قال شيخهم : " نحن معك ، كتاباتنا تتحدث عن قدراتك " لم أكن أعلم قدراتي ، كنت قد رأيت شيخي الأكبر يموت أمامي ، سألته بحزن عن كلامه الغريب و لكنني لم أكن أجد شيئاً عن قدراتي ، العالم المحيط بي يبدو لي مزعجاً ، كنت في السابق أبحث عن متعة الجسد ، الآن أفكاري تبحث عن شيء أخر ، أفكاري تبحث بجنون عن إجابة مقنعة ، عما يوجد في الأرشيف . جسدي لم يعد يحلم بالرقص ، البهجة بل يحلم بحرارة رؤية فتاة ضاعت بين أروقة زمن لعين . منذ متى أنا ضائع ؟ ست سنين ، مئة . لأجل من ، و كيف حدث الأمر ؟ هل أنا زعيم ، لم لست مثل الزعماء الآخرين ؟ . مجموعتي أصبحت قرابة العشرين رجلاً ، إنهم أشبه بالخدم ، بعض من الكتبة الذين هربوا من نظام الشيوخ حاولوا الالتحاق بي ، إنهم لا يرون أنفسهم ضد أفكار الزعامة إذا ما غدت الزعامة نفسها ضمن الكتبة ، خططي لم تتغير بعد معرفتي بالحقيقة ، وجدتني أتساءل : هل سأدمر الزعامة ؟ أم أصلحها ؟ سؤالي الأول الآن : أين تكمن المشكلة في الزعامة أم في أفكار الزعماء ؟ رفاقي قالوا بوضوح :
كنا دائماً نعلم بأن الزعيم شخص مدمر ؟
كنتم تعرفون ؟
نعم .
و لكنكم سكتم و عاونتموه .
لم أرى في ذاتي المخلص الحقيقي لهذا الزمن ، الرقص يشعلني من عدة نواحي و لكنه يضعفني ، يمنحني شعوراً بالوحدة ، و أنا لست بحاجة لهكذا شعور أية لحظة أخرى ، سأضطر للقتل ، سأضطر للقتل ، الكتبة لا يعرفون من يعاونون ، لست مثل كل الكتبة ، لست من الكتبة على الاطلاق ، أنا عدو الجميع ، المدمر الأخير لأرواح الأحياء .
مملكتي : أنا أنهار ، لن أكون وحيداً ، لن أهزم بهذا السخف ، بفعل شيوخ لعناء من رعيتي ، لن أموت . لم يمت قط زعيم قتلا من قبل شعبه ، لن أكون الأول . سأدمر كل شيء . سأفعل ما يرضي زعيمي الأبدي " زعيمي ، سيدي : أنا هنا على أعتاب مملكتك ، أنا ابنك الأرضي ، زعيمي ، زعيمي ، لست لوحدي ، أتيتك بعدونا معاً ، عدونا من صلبنا ، أتذكر يا زعيمي حديثك القديم ، أتذكر طلبك القديم ، النبوءة اللعينة تحققت ، أنت أخبرتني بأني لن أموت كما يتوقع الجميع ، أنت قلت باني رجل حقيقي و أنت القديم بكل بهائك المشتعل ستمدني بالعون ، جعلتني أقوى الرجال ، و لكنك . اللعين ، أحد خدمي يقال بأنه من سلالة الزعماء ، سخف يا مولاي " لن أموت ، لن أنهار . سأقف مجددا ، يا الهي كيف دمروني بهذه السرعة ، شيوخي اللقطاء ، سلاحي يصيبني . مملكتي لن تهدم على أيدي شيوخ لقطاء .
تائه :صفحة ، جزء من صفحة ظللت أقرؤه منذ أن وجدته ، بعض الكلمات اختفت و لكني أحفظ النص عن ظهر قلب . أحفظ كل تعاليم الشيوخ ، أردد أحلامي و أنظر إلى السماء ، أنا لا أطلب العون ، في داخلي أعرف مدى قذارة المهمة التي أنا بصدد تأديتها . جزء من الصفحة كل ما أملك ، على أن أضع خطط بحث حقيقية ، الجبل ، لم يعد هدفي . بحثت هناك لسنوات ، نحلت أكثر ، و بدأت اشعر بظهري ينوء من الحمل ، كل صباح نخرج قبل شروق الشمس و نبدأ في الحفر ، جبلين من الأربعة غدتا هباء ، نحن الآن نهد الجبل الثالث ، أرشف الزعماء لا يمكن أن يكون هنا ، فكرت في مدن الشمال و لكني سمعت مرة من شيخي عن أساطير الجنوب ، أحلام رجال كثر ماتوا و هم في سبيل البحث عن ذلك الأرشيف . رجالي منهكون ، إنهم يموتون على الدوام بالأمس دفنا خمساً ، أنا لا أجبرهم على العمل ، ففي تلك الأعين اليائسة طموح غريب فيما يخصني ، إنهم منهكون منذ أمد بعيد ، فأنا نهاية آمالهم الطافحة ، أتذكر قول شيخي ايميري : أنت نهايتنا ، النهاية الحقيقية الأخيرة . و لكنهم هم ، هم من قتل الأطفال و النساء ، و لست أنا . أنا أبني عالمي الجديد . موت خمسة من الرجال في يوم واحد ، أمر محزن . كانوا ينطقون بالكاد ، ثمة أمر غريب فيهم ، أنظر إليهم يموتون ، يدمعون ، يشعرون بالقهر ، صامتين ، أنا أبني عالمي ، و لكنهم يموتون ، لا أشعر حيالهم سوى بالسطوة ، لم أحرمهم من الابتعاد عني ، دائماً ما أخبرتهم بعدم جدوى ما نفعله . العالم الجديد شيء و حياتهم هم أمر أخر .لست زعيماً ، أنا لا أبالي بهم ، مهمتي صغيرة و محددة ، القضاء على قصر الزعيم , و هذا الأخير دمر تماماً ، لا أعرف لم أنا موجود الآن ؟ "ضربة النهاية تأتي من الكتبة " ضربة النهاية أتت من الشيوخ . كيف أصدق إذن ذلك الأرشيف ؟
حدائق مخلوق بعمر الجميع : ممر طويل ، روائح ناعمة و حقيقية ، منذ عشر سنين لم أرى الأزهار سوى في حديقتي الخلفية ، سرت ببطء ، كنت أحفظ كل شيء ، و كأني أرى الأمور لأول مرة ، حاولت أن أوقف اندفاعي ، حب البهجة كان أكبر مني ، نفسي استعادت الجمال ، موسيقى بإيقاع واحد ، قلبي حي الآن ، قلبي حي ، الممر من العشب الأحمر ،العشب الأخضر على مد البصر ، تعلمنا في صغرنا بأن هذين اللونين لا يختلفان كثيراً ، أفكار تنمو موازية مثل هذين اللونين ، المخلوق القديم بنفسه شرح لي ميزة الأحمر و الأخضر ، رؤية غريبة لأبناء الزعماء . مخلوقات صغيرة هادئة ، و أمامي ظهرت فتاة في الثامنة عشرة رائعة و بديعة ، كانت بملابس شفافة كما أحب تماماً ، تسير و كأنها ترقص ، جسدها الفتي ملكي وقفت أمامي و قالت : سيدي ، أنا خادمتك . أمسكتها من عنقها ، مالت ناحيتي ، فتاة سلافية في قوام بديع ، شعرها الأشقر بدرجة مستحيلة ، في عينيها شيء من الضياع ، لا شك بأنها شربت لكي تلاقيني . السلافيات يكن عظيمات في سن الثامنة عشر حين يكن ثملات قليلاً ، قلت لها : سيدك يريد أن يستحم . ، قبلتني و قادتني إلى بحيرة قريبة ، نزعت ثيابي و دخلت في المياه . لساعتين استحممت ثم خرجت ، عادت نضارتي القديمة ، رأيت نفسي في المرأة ، لبست ثيابا رائعة . و أصبحت مستعداً لمقابلة زعيمي : المخلوق القديم
المطر الأسود : أنا عدو الجميع . ما لا أفهمه هو إنني أرغب في القضاء على الزعامة ، و عندما أظن بأني في الخطوة الصحيحة أجدني أدمر ذاتي ، الذات اللعينة ، هل كنت أحمل أثراً في صدري ؟ أي أثر هذا الذي يجري في دمائي ، أحلامي ، شهوتي التي أعمتني حتى كدت أقتل فتاتي الصغيرة ، كدت أذبحها كما ذبحت السلافية الصغيرة . كم أشعر بالعار و أنا أرى إلى رجالي يموتون مثل الذباب ، إنهم يتساقطون أثناء الحفر أجسادهم لا تحتمل ، و لكني أنا لا اشعر بذلك النوع من التعب ، أعمل لساعات طويلة ، من الصباح حتى الصباح التالي دون أن أشعر بقطرة عرق على جبهتي . هل هي تعاليم الانفصال ؟ أم قدرة الشيوخ على الاحتمال ، فكرت منذ أيام أن أقدم على خطوة جريئة ، سأعلم الجميع أسلوب الانفصال ، سأخسر سنوات أخرى و لكن لا مشكلة ، أنا لا أعرف هدفي بعد ، سنواتي تمر بلا هدف ، تعليم الشعب أسلوب الانفصال يمنحهم قدرة المقاومة ، الاحتمال و الصبر ، كلمات صغيرة بتفاسير قذرة . الانفصال و معرفة أساليب الزعماء القتالية سيمنح شعبي نوعاً من القوة . قبل أيام قررت أن أبدأ ، هيئنا الساحة و بسطنها لكي تناسب التمارين القاسية ، أول فوج دخل الساحة ، كانوا يشعرون بالفخر ، قدمت لهم الدروس بتكثيف بديع ، كنت قد قدرت تلك الأساليب في ليلتين ، قدرت إمكانيات شعبي و روح القتالية لديهم ، جزء كبير من العنف كان يجثم في أرواحهم ، ذلك العنف الأعمى يحتاج إلى جزء يسير من البصيرة ، منحت دروسي بصيرة قصيرة جعلتهم يتقنون الجزء الأول من التمارين ، الجزء الذي يمنحهم السرعة و القدرة على التحرك الموازي للضوء في محيطهم . كانوا منتبهين تماماً : الانفصال ، نظام حركة و التذكر ، نحن بحاجة لأمرين " التفكير و الفعل " التفكير عبر سنوات العمر بشكل أنيق و دقيق و مواصلة البحث عن المحرك الخفي لمشاعرنا الداخلية – كان المحرك لديهم هو الغضب ، غضب رهيب فعل كل خلاياهم الدماغية الخلفية ، صاروا مدركين تماماً هدفهم – إنهم جزء قديم من آلة قتل فعالة . أردت أن أشرح لهم في اليوم ما قدرات التحكم بتلك القوة التي حازوا عليها ، لم يكونوا قد جربوا بعد قوتهم الجديدة . أثناء تعلم و التجريب حدثت الكارثة ، الغيوم الكثيفة تجمعت فوق منطقتنا ، كنا في قلب الصحراء المنبسطة ، تجمعت بهدوء ، تحركت الرياح بلطف ، جلسنا و أخذ الشباب بالبكاء ، منذ سنين لم تتحرك نسمات باردة بهذا الشكل ، هيج المشاعر و تذكر الجميع الحدائق و رائحة المياه المفتوحة ، كانوا يبكون ، فيما وقفت في العراء أنظر إليهم ، دموعي لم تنزل أبداً منذ فقدت فتاتي ، لم اشعر بالبهجة قط ، بهجتي ماتت منذ سنين ، ربما كانوا قد فقدوا بهجتهم أيضاً ، إنهم سعداء ، هكذا فكرت في نفسي و رأيت في الأعلى البروق و سمعت الرعود ، تمنوا الكثير في اللحظة التي بدأت تمطر فيها ، الظلمة الكثيفة لم تمنعنا من أن نرى المطر ، و نعرف بأنه مطر أسود ، سقط على جلود رفاقي ، كانوا ثلاثمائة شاب ، أحرقوا بالمطر الأسود كلهم ، لم أنجح في التحرك ، لم افهم ما يمكنني أن أفعله ، وقفت هناك بلا حول و لا قوة . رأيتهم يتألمون و يحترقون . كان أمراً مريعاً .
****
جيوشي ، حرسي ، وصيفاتي : كان على أن أفهم حقيقتي الجديدة ، الرسائل التي تلقيتها من المخلوق القديم واضحة تماماً : أنت ستجمع جيوشاً جديدة ، حرساً جديداً . تحرك كل مواهبك لإعادة النظام إلى البلاد ، منحني قدرات أخرى كثيرة ، صار بوسعي أن أحرك بعض العناصر ، الكثير من العناصر القتالية . الشيوخ ماتوا ، الكاتب لم يعد له وجود ، قبل سنوات تمت عملية حرقه ، إني أضحك على الشائعات التي صدقتها في الأيام الأخيرة قبل المعركة الكبيرة ، من أنه الزعيم الجديد ، زعيم جديد و أنا حي ، ما كان على أن اصدق ذلك الهراء . ليتني حافظت على وصيفتي سيلينا ، ما كان على أن أمنحها لذلك الكاتب اللعين ، سلينا ليست سلافية و لكنها تحمل روحاً غريبة ، قلبها الضعيف و رقصها الجامح ، ليتني لم أقدمها لذلك الدعي ، اللعين كان على قتله بدل منحه هدية عظيمة كسيلينا . كنت جالساً على أريكتي و أنا أختار وصيفاتي الجدد ، هذه المرة كن من كل الأعراق : سلافيات فارعات و آريات رشيقات بشعور مظلمة كليلة شتوية و أنجلو سكسونيات مرحات يسرن عاريات بنهودهن الرجراجة الصافية و الأثيوبيات ذوات البشرة الخمرية الأنيقة ، بعضهن ببشرة عسلية شهية ، لم أعتقد بأن فتيات من عالم غير سلافي بوسعهن تحريك شهوتي العميقة . كان العالم أمامي . و جيوشي متحضرة حرسي القوي مثل ليلة مظلم ينتظر تعاليمي ، أنا الآن قوي ، لطالما كنت قوياً و لكني الآن قوي بكل الأعراق .
طريق النيران : لم تكن كل القصص صحيحة إذن . الشيوخ كانوا يرونني عدوهم ، كانوا يتعاملون معي كعدو ، هم يقولون بأن السياسة ليست من قضايا الدين ، في دروسهم كانوا يتحدثون عن عدو الديانات القديمة ، عدو الأنبياء و المصلحين العظام . السياسي . كانوا يكذبون ، ليست سوى عدو لهم ، أنا الذي كنت أعد خططي للقضاء على السياسة ، على نظام الزعامات . كل حياتي كانت وفق هدفي ، كل أفكاري طموحاتي الكبيرة و الصغيرة ، اختصرت كل آمالي لهذا الأمر ، القضاء على الزعيم و تتبع أثر الأرشيف . جعلوني هدفهم : هل أنا هو السياسي الأخير الذي أرادوا هدمه و إنهاء الملكية العريقة للأسر الزعماء الأربعة . ما الذي أرادوه مني ، من أين أتيت ؟ من أنا ؟ لن أفكر في هذا الآن ، على أن أضع نقطة في نهاية تفكيري ، أنا هنا لأجل إيجاد الأرشيف ، لفهم ما فيه . لست سوى عدو للكل ، إن أرادوا عدواً ، فأنا هنا . كنت قد قرأت قصة عن شخصية تحاول التحرر من ذاتها ، تحاول صنع واقعها التي حلمت به ذات ليلة ، كان الواقع أصعب من الحلم ، الشخصية قتلت كل من حولها و في نهاية وضعت فوهة المسدس و انتحرت . غاصوا جميعاً في عالم الحلم . أنا مثلها تماماً ، تلك الشخصية البسيطة و الرومانسية ، سأدمر الكل . هم صنعوا من عدواً ، سأدمر الزعماء و الآخرين ، إنهم سواء . فوق الجبل تركت جثة شيخي ، كان يعاني ألماً رهيباً شيخي رجل حكيم رغم أخطائه ، أكنه له الاحترام ، قتل نفسه فوق الجبل ، الجبل الذي درت حوله لسنتين ، دون أن أمس الجثة ، حفرته بدأب ، الطيور ، النسور و الودان ، كل المخلوقات كانت تنظر إلى بتوحش ، كنت الرجل المدمر لأول مرة ، مشاعري توقفت تماماً ، العالم لم يعد مكاناً للحياة ، كنت اختصرت كل التفاهات في هدف واحد ، لم أعرق حتى الشهر الثالث ، كنت بكامل قوتي ، أحفر بيدي ، بأصابعي ، كنت في قمة قوتي ، أطحن الصخور كوحش حقيقي ، بأصابعي شققت الجبل ، حتى سقطت عظام شيخي على رأسي . دفنته تحت الجبل . و لكن لم يعد ثمة أي جبل . بعيداً عبر الأفق الوردي ، كنت أرى ما يثيرني ، الشمس الواهنة ، الصافية تغرب بهدوء ، أقف كل غروب ، أحدق في نهايتي لذلك اليوم ، لم أكن تعباً ، رغم جمال الغروب و الوحدة ، لم أكن أدع دمعة واحدة تفلت من حدقتي ، كنت أنا عدو الجميع . الجميع بلا أحد .
شهادة صغيرة : أنت تركض ، دع الخوف ، فأنت تركض . الموسيقى ، الخوف ، كم أشعر حيالك بالحزن ، كم أنت محزن . أنظر إليك ، أنظر إلى المرأة ، أنت محزن . بائس . كانت الورود الصغيرة جافة قدمها باهتمام ، مع مزهرية مملوءة بالماء الأحمر " ما هذا ؟ " ماء أحمر . " إنه يشبه الدم " أنت تعرفين إنه ليس دماً ، الدم لزج و يتخثر ، هذا ماء أحمر ، ظننت بأني أضفي على الورود نوعاً من السحر ، أقصد الشعر . " شعر ؟ " نعم شعر ، ألا تحبين الشعر ، أنت تحبينه . لا تقولي غير ذلك ، الشعر روعة مثل الرقص ، أنت تحبين الرقص أليس كذلك ؟ جسدك البارع ينم عن ليونة رهيبة ، أنت راقصة . " نعم ، راقصة و لكني أحب الشعر أيضاً " لا يهم ، المهم بأنك تحبين الرقص ، إنه شعر أيضاً لطالما أحببت الراقصات ، العروض التي تقام في ليالي الصيف ، يا إلهي كنت مرة في بيروت ، كانت ثمة راقصة مذهلة أتت من الجنوب ، بشرتها عسلية مثلكِ ، كانت روعة مبهجة ، في تلك الليلة رأينا أجمل عرض رقص في حياتنا ، أعني أنا و بعض رفاقي . " رفاق ؟ " نعم رفاقي ، كنا خمسة سعينا لإنشاء مجموعة جديدة لعالم الأفلام ، كنا نريد أن نصور أفلاماً عن الرقص . و لكن بما أنك راقصة فأنت تعرفين الكثير ، دمرت مهنتنا ، بموت الملوك يموت الفن . أتعرفين ثمة من يقول بأن المخلوق القديم نفسه وضع تلك اللمسة لكي يغوي العقل ، صنع أمراً يوازي صنعة التي كرهها ، الفن . الرقص آتانا مباشرة من أفكار المخلوق القديم نفسه . و لكن لا تكوني خائفة ، يا إلهي ، الخوف ، نحن نركض منذ الأمد ، أنا كنت أمتهن الركض ، الخوف ، قتلوا كل رفاقي ، ميتة شنيعة ، أنت لم تريهم ، كانوا يصرخون بشكل مريع ، رفاقي من الكتبة ، إنهم من الكتبة ، أنت تعرفين لم يعد ثمة كتبة . " حقاً ؟ ، ماذا تعني ؟ " قتلوا كلهم ، الكتبة ماتوا بشكل فظيع ، عجوز صارم أمرني أن أصور مقتلهم ، لقاء تركي أعيش ، أنزلوا عليهم أفظع ميتة ، أفظع ميتة شهدتها في حياتي . المخلوق القديم جعل من الشيوخ مصابين بلوثة . " الشيوخ ، قلت الشيوخ ، ماذا تعرف عنهم؟ " يا إلهي أنت تحبين أن تعرفي ، لا ، أنا لا أحب الحديث ، قولي من أنت ؟ " أنا أدعى سيلينا ، راقصة من القصر ؟ " ماذا ؟ القصر ، القصر . " لا تخف أرجوك لا تخف ، أنا لن أوذيك ، زوجي من الكتبة أرجوك احكي لي ، احكي لي ماذا حدث لزوجي " حسناً ، حسناً أنت زوجة كاتب ، سأحكي لك ، أنت زوجة كاتب ، إذن فلابد بأنك خائنة . لن أخاف منك أنت لا تخشين الملك ، و إلا ماذا تفعل وصيفة من القصر في الصحراء ، كنت مثل المجنونة . احمدي الرب لأنك وجدت و ليس جاري اللعين . كنت الآن عارية في فراشه . أنت تشبعين ... " أرجوك أخبرني " حسنا ، حسنا . كنت مع رفاقي ، رفاقي من الكتبة ، شباب مثل النار ، يعشقون حب القهوة ، كنا نحتسي أكواب الكبيرة من القهوة المحلاة بالعسل ، كنا نجرب كل شيء ، لسنا مجانين ، كنا نحب أن نجرب المشروبات ، مرة شربنا ثلاثة دنان كاملة من النبيذ ، جلبها أحدهم من التشاد ، نبيذ من العنب الجيد ، كنا نجرب المشروبات جميعاً ، نحن لسنا مجرد هواة ، لا أحيانا نكون محترفين في كل شيء و لكن حبنا الأعظم هو التصوير ، تصوير الأفلام القصيرة و شرب لقهوة . الشيوخ منعوا القهوة ، لأن تجمعاتنا تسبب بمشاكل في الأحياء ، كنا مؤتمراً منحلا من شاربي القهوة بكل أنواعها , أمر دفع الشيوخ لمنعنا ، في تلك الليلة كنا جالسين نشرب كالعادة ، أحياناً نقف و أحياناً نجلس ، كنا نخشى سطوة الشيوخ ، أردنا أن نحتال عليهم و لكنهم كانوا أكثر فطنة ، ظهروا هكذا بلا صوت ، كالقدر المستعجل ، أحاطوا بنا ، و أخرجني الشيخ ايميري بنفسه قال لي بصوته المرعب : أنت لست كاتباً ماذا تفعل هنا ؟ لم أرد ، وضع سلاحه على رأسي و أمرني أن أصور ما سيجري بدقة و إلا فإني لاحق بالجميع . رفعت كاميرتي ، آلة تصوير صغيرة و جيدة و بدؤوا بأصدقائي ، مئات الكتبة جمعوا في الساحة الكبيرة ، كان مشهداً عظيماً و مروعاً ، بدؤوا بالقتل ، يا إلهي لولا السلاح الذي في وجهي لكنت مت من الرعب . صورت كل شيء ،وجوههم ، و أعينهم و جروحهم ، كانوا يتحدثون عن الدرجة السابعة و ألم الأنبياء ، يا إلهي هؤلاء الشيوخ مجانين ، عذبوا الشباب أفظع تعذيب ، هتلر لن يفعل مثل هذا الأمر . " أرجوك ، أرجوك دع عنك كل هذا ، أتعرف – ألي – أتعرفه ؟ " أجل أعرفه جيداً الكل يعرفه ، إنه أمل الجميع ، أقصد هذا ما كان رفاقي يقولونه ، أنا لا أعرف . أمل من ؟ و لكنه أمل على كل حال ، أمل ربما لأنه لم يكن هناك ، أمل ربما لأنه يحب الرقص أيضاً أمل لأنه يقابل الزعيم ، ربما ..... يا إلهي قلت بأن زوجك من الكتبة ، هل أنت زوجة " ألي " زوجة الأمل ، أعني .... يا إلهي : أنت الوصيفة سيلينا الراقصة العظيمة . سيلينا . أوه ، سيلينا .
بهجتي : أنا على سريري ، أسفل قدمي فتاتين أثيوبيتين ، مظفرات الشعر بطريقة رائعة ، شعرهن هش و طويل ، كلمسات حريرية تلامس وجهي . عصفوري الصغير لم يطلق صوتاً منذ الصباح ، قمت من مكاني و سرت على سجادي الناعم ، بسنوات افتقدته ، حمامي كان مضاء بالشموع ، نوافذي في السقف ، زجاج ثقيل معتم ، أحياناً أثناء الأمطار في السابق أجلس على المقعد لكي أتمتع بتساقط المطر من الحمام . استحممت بهدوء ، غسلت كل أطرافي ، المياه الباردة المنعشة . لبست الروب القطني . و عدت إلى غرفتي ، الفتيات جهزن الإفطار ، جلست و أنا أستمع إلى أغنية بلا موسيقى ، هادئة و تتحدث عن الألم الداخلي عندما يكون المرء محطماً و بلا أمل بعد . عند العاشرة خرجت إلى قادة جيشي الجديد ، كانوا أكثر شباباً مني و من قادتي القدماء ، أنا في الأربعين الآن ، و لكن من يراني يظن بأني في الثالثة و العشرين ، قادتي الصغار أكثر كبراً مني ، سألت أحدهم عن تحضيراته ، تكلم عن تمكن من أسر الكثير من المتمردين ، كنت أعرف أشياء قليلة من هؤلاء القتلة ، لم أكن سعيداً في السابق ، و لكني الآن أشعر بسعادة بالغة ، لا أريد أن أنقل لأحد مدى رغبتي في التدمير ، رغبتي العميقة بالشعور بالقوة ، قالوا لي بأن ثمة من يحفر في الجهة الجنوبية ، يحفر الجبال ، سألت عنه و لكنهم لم يعرفوه ، حسنا دعوه ، في نهاية فإنه لا يحفر في مملكتنا ، الجبال لا تسقط بأيدي الصغار . قمت من مجلسي مع القادة عند الواحد ظهراً ، سرت بهدوء إلى الشيوخ الجدد النظام الأمني في المملكة ، كانوا متحمسين لتغير الأوضاع ، فما حدث في المدة الأخيرة ليس سوى خطأ قدري يمكن تلافيه في المرة المقبلة ، هكذا قالوا ، كنت أعرف بأنه ليس مجرد خطأ قدري ، كان الخلل يكمن في أساسات المملكة ، الدولة التي أقامها الزعيم الأول على نظام السرية البالغة ، من الآن ليس ثمة سرية ، ليس ثمة طبقات متحكمة سوى الزعيم نفسه ، لا أفراد العائلة و لا شيوخ و لا طقوس ، السرية أساس نهاية الإمبراطوريات ، إمبراطوريتي الأولى سقطت بهذه البساطة . منذ هذه اللحظة ، الشعب هو أساس الحكم ، هو أساس التشريع ، ليقرروا الميزانيات ، ليلهو بالأموال القليلة ، أنا لست سوى ملك يوجههم في حالات الخطأ الشنيعة ، ليقتلوا أنفسهم ، ليعرفوا مقدار صعوبة الأمر . أنا ، سأكون في قصري متفرغاً بالكامل لبهجتي الخاصة ، الفن الخالص .
العمر الجديد : كل شيء غدا أشبه بكذبة سخيفة . لنرى ، ثمة فكرة في المملكة بأن الزعيم الجديد ليس هو القديم ، و إن الزعيم الجديد يعرف مصائبهم الكثيرة ، نحن لا نعرف حتى الآن الحقيقة ، في الجامعات القديمة نسعى لوضع بحوث قصيرة عن الأوضاع لكي نملأ أرشيفاً جديداً على غرار الفكرة الأسطورية لأرشيف القديم ، في أبحاثنا لا نركز على تقدم الدولة ، و لا مؤسساتها النخرة ، بل نركز كتاباتنا على القصص و الحكايات الحقيقية التي تجري في المنازل العادية ، الأحداث و المشاكل و الطفرات و الأمور الغريبة التي توجه شعبنا العظيم إلى الهاوية . نحن لسنا كتبة ، لسنا شيوخاً على الاطلاق ، نحن مجرد شهود صدف أن وجدوا هنا . نعمل 24 ساعة طوال الأسبوع ، نملأ البيانات و ننشر عبر المدونات ، الحقيقة ، لأجل من ؟ لا أحد . فقط حب الحقيقة . فنحن الآن نعيش الكذبة ، الكذبة الكاملة . يقال بأن النبوءات القديمة عن اليأس الملحدين ينتشر بيننا ، نحن لم نعد نثق حتى في الرب . المال ، الاقتصاد ، أشياء كثيرة تبقينا في حالة ركض دائم ، المرض و الجوع و الخوف ، الضعف المهين ، الاهانة في أرواحنا . مهمتنا أكبر من القادة و من الأفكار ، أن نقدم على أبسط أفكار البشرية على مدى التاريخ ، نحن شهود نعيد الحقيقة إلى التاريخ ، نعيد الرب إلى بشر منطقتنا .
كلمات مضيئة :
سيدي ، نحن ، هنا .
لم ؟
ألا تقوم معنا ، سيدي ؟
رشيد ، أنت تعرف ما الذي حدث ، أنا نهاية هذه الأزمان ، كل من يتبعني يموت ، لست أملك هدفاً و لا خطة ، رشيد ، دع الثقة بعيداً عني .
سيدي ، نحن نموت منذ ألف عام ، أن كنا تعلمنا شيئاً فأنه الموت ليس أمراً يمكن تأجيله و منعه . كل من مات فقد حان أجله .
إنهم يموتون بسببي .
لا يا سيدي ، كنا نموت قبل أن تأتي . قبل أن يأتي زعيمنا هذا كنا نموت . زعيمنا لم يمنع الموت و لن يستطيع أن يمنعه .
و أنا ، أتظن بأني قادر على إيقاف الموت ؟
أنت قادر على منع الظلم يا سيدي .
منع الظلم و أنت تناديني بسيدي . عن أي ظلم تتحدث يا رشيد ، أنت لا ترى شيئاً .
أنا أرى ما يحدث لأهلي ، إنهم يقتلون يومياً ، أرواحهم غدت جافة ، إنهم يتألمون ، أنا أفهم شعبي يا سيدي ، أ،ت بمقدورك أن تمنع الزعيم ، لقد رأيتك طوال سنوات تحفر في الجبل أنت لست رجلاً عادياً ، في روحك تلك القوة ، قوتنا كلنا ، سيدي منذ عرفتك شعرت بالأمان .
آوه يا رشيد ، كم أشعر بالغضب على نفسي ، كم أتمنى لو مت مع الشيوخ في ذلك اليوم ، دمرت البلاد .
سيدي ، أنا لم أقابل الشيوخ ، لم أرهم يوماً ، سمعت منهم عبر الأثير ، و رأيت صورهم الجامدة ، تلك الوجوه وكأنها من عصور غابرة ، سيدي ، الشيوخ تركوك لأنهم يعرفون بأن أوانهم ولى ، عرفوا بأنه لم يعد لهم وجود . أتعرف تلك التعاليم التي تدفع المغاوير في أحضان الموت .
أية تعاليم ؟
الشرف ، شرف الحياة يا سيدي ، الشيوخ دفعوا بأرواحهم في ذلك الآتون .
أتظن بأنهم ماتوا لأنهم لم يستطيعوا القتال ؟
هذا رأيي الصغير .
إذن اسمع ، كنت مع شيخي ايميري ، أنت تعرفه ، أخبرني بنفسه ما أعجز عن فهمه .
ماذا أخبرك يا سيدي ؟
أخبرني بأني الزعيم المذكور في الأرشيف القديم ، و إنني أنا مدمر الزعماء ، و العصر كله ، أخبرني ما أعجز عن فهمه ، رشيد ، شيخي قتلني ، قتل روحي ، أخبرني بأني لست سوى خطة قديمة للمخلوق القديم ، أتعرف ما يعني هذا ؟
ماذا يا سيدي ؟
آوه يا رشيد ، آوه ، تعبت لم أعد قادراً على الاستمرار . فأنا طريقكم للموت الأكيد .
وصيفتي سيلينا :
من أنت ؟
بدا لي مجنوناً ، عندما قالوا لي صاحب أفلام جيدة في الرقص أردت أن أقابله . في مملكتي القديمة كل الناس يعرفون عن حبي لأجساد اللدنة و الرقصات العنيفة . اسمه : مشيردي ابيه . في السابق كانت له رقصة بارعة جمع في تقنيات كثيرة ، يقال بأنه درب راقصيه سنتين لكي تعتاد أجسادهم على حركاته العنيفة ، كان يود لو يستطيع أن يقدم عرضه أمامي ، تمنيت أن أقابله في رحلتي الطويلة في العراء ، اسمه من الأسماء التي ظلت تدور في رأسي . نظرت إليه ، كان نحيلاً و أنفه المدببة يبين شيئاً لم أرتح له ، اشمئززت قليلاً و لكني ابتسمت له :
نعم خادمي ، أنت مشيردي ابيه .
رأيت الفرح في عينيه ، الحقير كان فرحاً لأني عرفته .
سيدي ، سيدي أنت تعرفني .
سمعت عنك قبل سنوات ، أنا لا أنسى شخصاً في رعايتي . قل لي ماذا تريد ؟
لست أنا من يريد يا مولاي .
إذن من الذي يريد يا ابيه ؟
أنت يا مولاي .
أحسست بالغضب يفور في صدري ، لثواني أردت أن أقطع عنقه ، حارسي الجديد كان أسبق مني ، جرد سيفه و لمع فوق رقبة اللعين ، لولا إني أوقفته لكنا الوغد ميتاً الآن .
تحدث و لا تقلل أدبك .
سيدي ، سيدي يا مولاي ، أنا أملك شيئاً اعتقدت بأن تريده .
ما هو هذا الشيء .
بل من هي يا سيدي .
أيها اللعين القميء ،
سيدي أنا أتحدث عن سيلينا ، وصيفتكم سيلينا .
ما الذي حدث لي عندما سمعت اسمها ، تحرك جسدي ، بعنف ، أحسست بأن جزءاً من روحي عاد إلى : " ما ، ماذا قلت ؟ "
سيلينا يا سيدي . إنها معي في البيت ، لم أعرفها من قبل و لو عرفت لكنت أحضرتها منذ الوهلة الأولى ، بالأمس أخبرتني ، أنا الآن هنا يا مولاي .
كنت قد قمت و جلست على عرشي عدة مرات ، سألته و أجابني ، سيلينا ، ناديت حارسي الخاص بالمهمات ، أرسلته مع مصمم الرقصات و انتظرته . عدة ساعات و حضروا ، دخلوا القاعة ، ديواني الشاسع ، في أخر الديوان ، هناك عند المدخل رأيتها واقفة ، بكل جسدها العظيم ، حزنها ، مسافة هائلة ، ظننتها تتلاشى و أنا أراها منعكسة على كل الرخام و المرايا ، قمت من مكاني و لم أتحرك خطوة ، ذهلت تماماً عرفتها ، سمعت دقات قلبها الضعيف ، كيف نجت ، ضحكت بأعلى صوتي ، ضحكتي كادت تطيح بالقصر العظيم ، كانت حرة و خالية من الكره ، تمتعت بها و أنا أعود إلى هدوئي و أمرها بالتقدم . تقدمت بخطواتها الباهرة ، ملابسها مناسبة تماماً ، حتى و هي ترتدي كل هذا الدانتيل الكثيف إلا أني كنت قادراً على التخيل كل جسدها ، منذ ثلاث سنوات لم أحظى بمثل هذه الأصالة ، يا إلهي ، إنها منهكة ، منهكة رغم سيرها الواثق ، بشرتها لوحته الشمس ، زادتها رونقاً و حنية ، شعرها لم يعد أحمراً ، لقد قصرته ، نظراتها مشتعلة كما هي ، لا بد بأنها عرفت السعادة من دوني ، عرفت ذلك الدعي . وقفت أمامي محنية الرأس أرادت أن تنحني لتقبل رجلي و لكني رفعتها لم أعد أحتمل أن ينكس الجمال ، عشت طويلا بعيداً عن جمال كجمالها ، لن تنكسي يا عزيزتي .
أين كنت ؟
لم تجبني .
سيلينا ، قلبي حزين .
كان الحرس بعيداً عند المدخل . لم يكونوا يسمعونني ، لم يرى أحد هذا الجانب مني ، حتى والدي المتوفى .
سيلينا ، كنت وحيداً من دونك .
سحبتها بهدوء إلى حضني ، كان قلبها يدق بانتباه . آوه .
آوه يا وصيفتي سيلينا . لم أعد وحيداً . زال حزني .

 
 

 

عرض البوم صور ♫ معزوفة حنين ♫   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الابر, الاثر للكاتب شكري عبد القادر ميدي أجي, القسم العام للروايات, شبكة ليلاس الثقافية, شكري عبد القادر ميدي أجي
facebook



جديد مواضيع قسم القصص المكتمله
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t152148.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
Untitled document This thread Refback 03-02-11 11:11 PM


الساعة الآن 06:00 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية