لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > القصص القصيرة من وحي قلم الأعضاء , قصص من وحي قلم الأعضاء
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

القصص القصيرة من وحي قلم الأعضاء , قصص من وحي قلم الأعضاء القصص القصيرة من وحي قلم الأعضاء , قصص من وحي قلم الأعضاء


من حكايات زورك نيميسيس .. حكاية صرخة الرعب

ليس مهما أن أرحب بكم .. وليس ضروريا أن تستقبلوني بترحاب .. دعونا نتفق على ما سيحدث .. أنا هنا لأكتب .. وأنتم هنا للقراءة .. ليس من الضروري أن

إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 16-09-10, 01:34 AM   المشاركة رقم: 1
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Mar 2010
العضوية: 157769
المشاركات: 61
الجنس ذكر
معدل التقييم: Zork Nemesis عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
Zork Nemesis غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

المنتدى : القصص القصيرة من وحي قلم الأعضاء , قصص من وحي قلم الأعضاء
افتراضي من حكايات زورك نيميسيس .. حكاية صرخة الرعب

 

ليس مهما أن أرحب بكم .. وليس ضروريا أن تستقبلوني بترحاب .. دعونا نتفق على ما سيحدث .. أنا هنا لأكتب .. وأنتم هنا للقراءة .. ليس من الضروري أن يعجبكم ما سأقول .. وليس من الضروري أن أصدع رأسي بتحملكم .. لذا لنبتعد عن المجاملات .. أنا شيخ مسن من النوع الذي لا يروق لأحد .. وأنتم مجموعة شباب فضوليين من النوع الذي لا يروق لي .. هكذا نكون قد ابتعدنا عن الرسميات البغيضة التي يصر البشر على استخدامها فيما بينهم .. اسمي ليس مهما .. لكني سأدعكم تنادونني باسم زورك .. ولا أود سماع كلمة واحدة عن معنى هذا الاسم .

أنتم هنا للبحث عن متعة الرعب .. فإني أرى للأسف أنه قد أصبح موضة ممتعة في هذا الزمن .. في زماننا كانت أبداننا تقشعر إذا أتى أحدهم على ذكر السحرة أو السحر الأسود أو الشياطين ونبسمل و نحوقل ، بينما أرى اليوم قوما يخصصون أياما من السنة للاحتفال بالجن و السحرة ويقلدون طقوسهم .. وهم يفعلون هذا في استمتاع يثير الغيظ .. ماذا يعرف هؤلاء عن السحر وعن العوالم الأخرى التي يمتليء بها كوكبنا حتى أصيب بالتخمة ... هل يعرفون كيف بدأ السحر في الدنيا و من هو أول ساحر؟ لو علموا نصف ما علمت في حياتي لتعاملوا مع الموضوع بتهذيب أكثر .. أنا لست هنا لتقديم تلك المتعة الزائفة لكم .. أنا هنا لأخبركم أن القبور تكتظ بأمثالكم من الذين ظنوا أن الرعب متعة جميلة .. ثم ماتوا وفي أعينهم نظرة ملتاعة عندما عرفوا الحقيقة ..


سأتيح لكم الفرصة لمعرفة أكثر .. لكن ليس مني فأنا مصاب بداء الملل السريع .. ستسمعون كل شيء منهم .. بألسنتهم ... إذا كان لهم ألسنة ....هم يعرفون كل شيء .. لأنهم رأوه رأي العين .. لا تسألوني من أنا .. ولا تسألوني عن علاقتي بهم ولا كيف يحدثونكم .....لن تحتاجون أن تسألوا من هم ... لأنهم سيتحدثون عن أنفسهم بأنفسهم ...تذكروا أنكم هنا لتسمعوا .. لا لتسألوا ... وإن لم يعجبكم ما سمعتموه فاذهبوا وفجروا رؤوسكم .. لن يحدث فارقا عندي .. تماما كما أنه لو انتزعت روحي مني في أحد نوبات الصرع الذي ابتليت به فلن يحدث فارقا لديكم ... هكذا اتفقنا ..


بينما أبحث بين أرشيفات ذاكرتي .. حضرتني حكاية دون سواها .. وكلما أحاول إبعادها عن الطريق لأرى سواها تحضرني بإصرار ..لا مفر .. سأحكيها .. وبلسان بطلتها .. زهرة .



حكاية صرخة الرعب


" هناك فرق .. بين الفتاة تصرخ لما ترى صرصارا .. وبين الفتاة تصرخ لما ترى شيطانا "


كان يا مكان .. فيما انقضى من الزمان .. كان هناك حي حديث بالقاهرة .... حديث جدا .. و هاديء جدا .. اقتربت الكاميرا ببطء لتصور لك مشهد عمارة حديثة في هذا الحي ... متوسطة الطول.. عالية المستوى جدا .. ودارت الكاميرا يمينا ثم شمالا بحركات سينيمائية .. حي مصري حديث عادي جدا .. عواميد نور.. اسفلت من المستوى الأول .. شاب و فتاة يمشيانن و يتحدثان في أمور لا أهمية لها .. حارس العمارة يجلس على كرسي خشبي بجلبابه الرمادي و يدخن .. حي راق كما يصفه الناس .. تعود الكاميرا لتركز على العمارة .. و تقترب من شرفة مضيئة في الدور الأول . اقتربت أكثر .. هناك جلسة نسائية عائلية فيما يبدو .. آنسات يثرثرن في أمر ما .. و بدأت الكاميرا تركز على فتاة واحدة .. وعلى طريقة الأنمي الياباني .. ظهر اسمها بخط أبيض على الشاشة .. كان اسمها زهرة شرف الدين.. بفتح الزال .. لها ملامح الحور العين بالضبط لو كنت تعرف أوصافهن .. كانت تتحدث و تبتسم ثم تتحدث .. هذا طراز الجلسات العائلية دائما .. أطنان من الابتسامات و المجاملات .

مرحبا .. أدعى زهرة .. في السابعة عشرة من عمري .. إن خالتي إكرام تملك عمارة كاملة في التجمع الخامس بالقاهرة .. تلك العمارة أكرهها رغم جمالها ... حكايتي معها لن تمحى من ذاكرتي ولو فقدتها .. حكاية شيطانية .. دعوني أبدأ مباشرة .. تبدأ حكايتي عندما كنت جالسة في الشرفة في بيت خالتي في الدور الأول من تلك العمارة ... كانت معي أختى الكبرى أسماء .. و ابنة خالتي مي .. نتحدث كلنا في أمر ما .. وللحظة خيل إلي أنني سمعت صوت ساحرة تحترق .. بل جنية تذبح .. بل طفلة تتمزق .. كانت صرخة .. صرخة سمعتها في قلبي وارتجفت .. صرخة أنثى .

انتفضت أنا و أختي من مكانينا .. لكن مي بقيت كما هي و رسمت على وجهها تعبير( أوه - ليس - مرة - أخرى ) وبادرتنا قائلة بسرعة : هذه هي الفتاة التي أخبرتكما عنها من قبل .. كانت مي قد حكت لنا السنة الماضية عن وجود فتاة مريضة نفسيا في العمارة المجاورة لهم ... وهذه الفتاة المريضة تصرخ كل يوم صراخا مريعا حتى أصبح الأمر عاديا عند أهل الحي ..أذكر من حكايتها أن أهلها كانوا يحبسونها في قبو العمارة ويغلقون بابه بالمفتاح ... لكن هيهات .. الأمر يختلف تماما عندما تسمع عنه و عندما تعيشه بنفسك ... كيف أصف الأمر لمخيلتك ... إنها بدت لي وكأنها صرخة أنثى لدغها ألف ثعبان .

استأذنتنا مي وذهبت لفعل شيء ما .. بقيت أنا و أسماء مرتعبتين جدا .. كنا نرتجف .. وجدنا نفسينا نقرأ المعوذتين و آية الكرسي معا بصوت عال حتى تطمئن قلوبنا ... وحتى أفيق من أثرتلك الصرخة أترك خالتي إكرام تحكي لك ما حكته لنا لما جلسنا معها في جلسة الشاي بالداخل... تفضلي يا خالتي ..

لقد قررت أنا وزوجي بعد سنين من العناء أن نبني عمارة في حي من الأحياء الحديثة بالقاهرة تكون سكنا لنا و لأولادنا .. يتزوجون فيها و نكون فيها كلنا معا .. وبدأنا فعلا في أمر البناء الذي استغرق وقتا لا بأس به .. وكنا نتابعه كل سنة حتى اكتمل .. ثم بدأ العمل على تجهيز الحوائط و الأرضيات من الداخل .. ثم بدأ العمل في تجهيز الشقق نفسها ... ثم بدأنا في فرشها ... كان الأمر مكلفا جدا .. نقود و ديون و عناء نفسي حتى شارفنا على الانتهاء منها .

وذات مرة ذهبت مع زوجي للعمارة لأضع بعض الأشياء في الشقة بالدور الأول و المفترض أنها ستكون شقتي أنا و هو .. وبينما أنا أرتب الأغراض هنا وهناك سألته عن الجيران .. قال أنهم كلهم طيبون ومسالمون ... لكن جارتنا في العمارة المجاورة لديها ابنة مريضة ... ظننت أنه يعني أنها معوقة مثلا أو شيء من هذ القبيل .. دعوت الله أن يشفيها ... ويصبر أهلها .

ثم توضأت و بدأت أصلي الظهر .. وفجأة انتفضت .. سمعت صرخة عالية جدا و أليمة جدا تأتي من مكان قريب جدا ... خرجت من الصلاة مفزوعة و نظرت إلى الشارع .. لا شيء .. كل شيء هاديء .. حتى الناس يمشون ويضحكون بشكل طبيعي جدا .. وكأن الصرخة جاءت إلى أذني انا وحدي ... هرعت إلى زوجي الذي بدا طبيعيا هو الآخر ... قال لي : لا تقلقي .. إنها الفتاة المريضة التي أخبرتك عنها .. إنها مريضة بالتوحد .. كما أن لديها ضمور في المخ .. لكنني لم أسمع باقي الكلام .. قلت له بحزم ... اسمع يا عزيزي .. لا يمكنني أن أعيش هنا .

بعد أيام أتت أختى و زوجها لزيارتي... كنت أبكي بحرقة .. للأسف لا يمكننا الانتقال من هنا ، لقد بذلنا كل ما لدينا في أمر هذه العمارة ... ولكن لا يمكنني العيش هنا وسماع هذه الصرخة الرهيبة كل يوم .. إن الصرخة تؤلم .. وكأنها تجرح روحك ذاتها بخنجر ملتهب .. كان رأي زوج أختي أن أهدأ تماما و أن أحمد الله أنه لم يكن في أحد أولادي ... وأن أدعو لها بالشفاء ... ثم قال لي أنه يجب أن أكلم والدة الفتاة و أتعرف عليها لأعرف منها الحكاية كلها .

وجدت نفسي ذات يوم أطرق باب الدور الأرضي في العمارة التي تجاورنا .. فتحت لي الباب سيدة في الثلاثينات نظرت لي بتساؤل .. بعد مرور ساعة من هذا المشهد خرجت من ذلك البيت مندهشة و أضرب كفا في كف .. و أسأل نفسي بصوت عال عن العالم الذي فقد معنى الإحساس .

لما جلست مع المرأة وفاتحتها في أمر تلك الصرخة الرهيبة ... قالت لي بدهشة :
- ماهذا ؟ أيصلكم الصوت حقا ؟
يبدو أن هذه السيدة تهذي ... إن كل من في الشارع يسمعه ... قالت السيدة :
- لقد أتيت من مدينة نصر خصيصا إلى هنا بسبب هذه البنت ... صوتها كان يصم آذان الجيران ... قلت أنني سأنتقل لحي واسع في الصحراء حتى لا يؤذي الناس صوت ابنتي المريضة .
قالت هذا ثم قامت لتحضر كوبين من الشاي ...

بصراحة أصبح قلبي أقوى من ناحية الفتاة لما جالست هذه المرأة .... كانت تتحدث و تسخر و تضحك بين الكلمة و الكلمة و حتى أنها تسخر على ابنتها نفسها ... كنت مندهشة جدا لكنني سألتها :
- لماذا لم تذهبي بها إلى مستشفى ؟
ردت بسرعة :
- تعرفين ما تفعله المستشفيات في المساكين أمثالنا .. تحاليل و استغلال .. والنهاية مخيبة للآمال و مضيعة للنقود
قلت لها بإصرار:
- ولماذا لم تحضروا لها طبيبا في البيت؟
قالت بلهجة عتاب :
- من قال أننا لم نحضر لها طبيبا ؟ لقد أحضرنا لها طبيبا و أعطاها علاجا منوما ... وقال لي أن الجلوس معها لا يفيدها ولا يضرها ... لأنه مثلها مثل هذا الكرسي لن يفرق معها .

كرسي ؟ هذه المرأة تستخدم مصطلحات قاسية نوعا ما على ابنتها ... أكملت المرأة قائلة :
- لكنني لا أعطيها الدواء
سألتها باندهاش جزع :
- لماذا ؟ لماذا لا تعطينها العلاج ؟
قالت بهدوء :
- لأنني أريد أن أتركها تلعب و تعيش حياتها طبيعية .. لا أريدها أن تقضي بقية حياتها في النوم
قلت لها باستنكار :
- أنت يجب عليك الالتزام بتعاليم الطبيب .. هذا يمكن أن يؤذيها .. كيف تتجاهلين تعليماته هكذا لآراء شخصية قد تكون خاطئة .
قالت بلهجة غير محببة :
-أنت تقولين هذا لأن صوتها يضايقك .. لكن لا تقلقي .. سأعطيها الدواء المنوم بانتظام .. أعدك .
شعرت بالغضب و قلت :
- لا تفهميني بالعكس من فضلك .. إني مشفقة عليها جدا .
ثم قلت و كأنني تذكرت شيئا :
- ثم إن هذا سيكون أفضل مثلا لو أتى عريس لأخواتها ... سيخاف ويقلق جدا لو سمع هذا الصراخ
قالت المرأة باندفاع :
- فليذهب في ستين داهية .. يأتي غيره ألف عريس... ولو أتى عريس أصلا سأجعلها هي أول من يسلم عليه .

شعرت أنني ضايقتها ..ربما لمست وترا حساسا ... سألتها محاولة تغيير مجرى الحديث :
- لماذا لا تشغلين عليها القرآن ؟ ربما تهدأ
قالت المرأة باستنكار :
- قرآن ؟ ولماذا ؟ تريدينني أن أؤذيها ؟ لماذا ؟ ماذا عملت لك هذه المسكينة ؟
قلت باندهاش غاضب :
- ماذا تقصدين ... كل الناس تحتاج لسماع القرآن ... كل الناس الصحيح منهم و السقيم
شعرت أن المرأة ليست مرتاحة من وجودي في الكون .. قالت لي :
- دعك من هذا الأمر ... أخبريني كيف كان شعورك لما سمعت الصرخة لأول مرة ؟
إن هذه المرأة مختلة ... هذا مؤكد .. قلت لها :
- ماذا تعني بهذا السؤال ؟ طبعا شعرت بالذعر الشديد لما سمعتها لأول مرة .. وكأن هناك فتاة تحترق ...تتعذب ... كنت أريد أن أطلب الشرطة لولا أن زوجي أخبرني بحقيقة الأمر .

هكذا انتهت كلمات خالتي .. كانت حكاية عجيبة جدا ... وبات واضحا أن هناك شيئا ليس على ما يرام في الموضوع .. لا أدري أين .. لكن هناك شيء غريب .. قررت أنا و أسماء أن نذهب من هنا ... استأذنا خالتي و قمنا .. نزلنا إلى الشارع وفي ذهنينا مئات الأفكار ... وفجأة انطلقت الصرخة للمرة الثانية ... وياللألم الروحي الذي يصاحب سماعها .

غبت أسبوعا انشغلت فيه بأمور حياتي ... ثم صدف أن زرنا خالتي مرة ثانية .. كنا جلوس لديها في غرفة المعيشة ... وبين أطراف الحديث سألتها عن الفتاة التي تصرخ .. قالت أنها سمعت أنها تأخذ دواءها بانتظام ثم إنها كـ .... جاءها التكذيب في صورة حية تذبح بخنجر قديم ... صرخة هزت أرجاء الوجود حتى جعلنا أصابعنا في آذاننا جميعا .. إن الصرخة ليس صاخبة لكنها تخترق روحك فتشعر أنك أنت الذي تصرخ .. مرت دقائق من الصمت حتى قالت مي :
- هذه أول مرة أسمعها تصرخ منذ فترة طويلة .. هذا حظكما

دقائق أخرى و سمعنا صوت ضربات يبدو من صوتها أنها تضرب على سطح معدني سميك ... سألت مي فقالت لي أن الفتاة اعتادت أن ترمي بالحجارة على باب القبو ... لم أجد وقتا للاستغراب حيث شقت الهواء فجأة صرخة مكتومة .. صرخة تصرخها و شفتاك مغلقتان ... وهذه ذات تأثير روحي جارح جدا لو سمعتها .. قلت لمي :
- هي الفتاة أيضا ؟
أومأت برأسها أن نعم .. ثم قالت:
- أقترح أن نقوم كلنا الآن و ونذهب من هنا .. حتى يمكننا النوم على الأقل .

إن التأثير المرعب لهذه الصرخة يمتد معك لساعات طويلة ... وقصة الفتاة ووالدتها غريبة الأطوار يجعلاني أفكرفي احتمالات شريرة كثيرة .. فكرت مثلا أن هذه ليست أمها ... أمها الحقيقية ماتت منذ زمن وما هذه إلا واحدة من عبدة الشيطان تحاول تقديم البنت قربانا له ... ولهذا ترفض القرآن و تقول أنه ربما يؤذيها .. فكرت أيضا في احتمالات أن تكون الأم ساحرة فودو .. لكن لا أظن .. إن هذا البيت تعيش فيه الأم و ابنتها و أخوات البنت .. عائلة عادية فيها عضو مريض نفسيا ... ضمور في المخ .. توحد ... هذه الأمور تحدث .. أنا أهول الأمور ليس إلا .

مرت الأيام و الليالي وانشغل كل ذي شغل بشغله و كل ذي لهو بلهوه .. كنا في إجازة آخر العام ... سافرنا إلى الإسكندرية و عدنا .. و أخذت أيامي الأنثوية العادية تنقضي بين تسوق و تلفاز و ثرثرة و Facebook .... لا أدري من قال أن الدراسة مملة و الإجازة ليست كذلك ؟... كلاهما له روتين ممل خاص به ...وكانت هذه الإجازة رتيبة حتى أتت أسماء و قالت لي :
- زهرة .. نحن مدعوون لعيد ميلاد نسرين .
- وما نسرين ؟
- هي تلك الفتاة التي تصرخ ليل نهار بجوار بيت خالتي .

عمارة حديثة في التجمع الخامس .. الكاميرا تقترب منها في هدوء مقلق .. ثم تلتفت الكاميرا و تحيد عن تلك العمارة و تقترب مسرعة من عمارة مجاورة .. ليست أقل حداثة .. لكن يبدو أن فيها احتفال ما .. يمكنك أن ترى باب العمارة و أبواب الشقق مفتوحة و الأنوار مضاءة و كذلك النوافذ ... تتوقع أن تدخل بك الكاميرا إلى ذلك الحفل لكنها تحيد مرة أخرى فجأة و تتجه مسرعة إلى القبو .. كان بابه مفتوح على مصراعيه .. ثم تدخل بك لترى المشهد بالداخل .

كأن إعصارا كان ينام في هذا المكان .. كل قطعة تدخل تحت بند الأثاث تراها مقلوبة .. أو محطمة .. وهناك كثير من العرائس مخلوعة الرأس أو اليدين ترتمي هنا و هناك ... ألعاب محطمة ... دماء .. مياه .. فرش مبعثرة على سرير حديدي .. الصورة التي تتكون في ذهنك فورا هي أن هذه زنزانة .. ليست أي زنزانة.. إنها زنزانة شيطان ... شيطان طفل .

نعم وافقت على الذهاب إلى حفل عيد الميلاد ... قالت لي أختي أسماء أنهم أعطوها كمية لا بأس بها من العقاقير المهدئة .. حتى أنها ستبدو كالهرة الوليدة طوال الحفل .. وأنه لا خوف مطلقا .. وأن الحفل سيكون فيه حضور كثير منهم رجال .. فلا داعي للخوف ... فلسنا نحضرعيد ميلاد المينوطور هنا .. ما هي إلا ابنة ما يزيد قليلا عن العشر سنوات .

ازدحام من ذوي الطبقة المتوسطة الأقرب للعلو .. أكواب كركديه .. الكثير من النساء .. يمكنك أن تعد خمسة أو ستة منهن مألوفات ... هناك رجلين أو ثلاثة ينظرون إلى ساعاتهم كل ثلاث دقائق .. تدور بك الكاميرا حول كل تلك الوجوه ثم تمر من بين الأجساد لتركز معك على فتاة واحدة صغيرة تعطيك ظهرها .. شعر أسود ناعم .. فستان أبيض و أحمر .. جسم هزيل .. تقرر الفتاة فجأة أن تستدير إليك .. نعم إنها هي .. نسرين ... صاحبة الصرخة .

شقت الأجواء أسهم من نار استقرت في قلوب كل الحضور فأسقطتها عند أقدامهم .. بل هي صرخة واحدة اعتلت الأجواء فتهدمت لها كل الأفئدة .. والتفت الكل بأعين متسعة إلى المصدر ... وليتها اكتفت بصرخة واحدة .. بل ليتها اكتفت بالصراخ وحده .

كانت ستبدو للخبراء وكأنها نوبة صرع عادية من طراز Grand mal Epilepsy و لغير الخبراء ستبدو وكأنها شيطان مجنون تهيأ على هيئة فتاة في العاشرة .. لم تكتف نسرين بالصراخ .. بل إنها تحركت ناحية المائدة و هي تصنع تلك الصرخة المكتومة .. ثم أخذت كوبين من الكركديه و ألقتهما بقوة رهيبة ناحية أحدى النساء .. اصطدم أحد الأكواب بكتف المرأة وسقط الكوبان و انكسرا على الأرض ... واستمر الصراخ المؤلم .

ومثل ذئبة صغيرة تحركت إلى الباب الرئيسي و وأوصدته بسرعة ... ونظرت إلى الكل بغل واضح .. هذا ليس صرعا .. هذا عفريت من الجن يبدو كطفلة .. إن من أكثر المناظر رعبا لما ترى ملامح الطفل البريئة تتوحش كالشياطين .. إن حالنا لا يخفى عليك يا عزيزي .. بعضنا سقط مغشيا عليه و ارتاح .. و بعضنا الثاني احتضن بعضنا الآخر في جزع .. لم يكن هذا كل شيء ... فقد قررت تلك الذئبة أن تطفيء الأنوار .. و بضغطة من يدها الصغيرة أظلمت الأجواء ... و أظلمت قلوبنا من الرعب .

وهنا أفاق رجلين من غيبوبتهما و تحركا بعنف .. كانا يمضيان في الظلام بغير هدى .. سمعت فحيحها الصارخ مرة أخرى .. ثم سمعت صوت رجل يطلق سبة بذيئة .. دقائق و ضغط أحد الرجلين زر النور فعادت الرؤية تتضح .. كانت الفتاة تتصارع مع الرجل الآخر .. نظرت إلى حجم المتصارعين و رأيت أن الطفلة قد أنشبت أسنانها في يده .. ثم إنها تلقت صفعتين رهيبتين من يد متورمة غاضبة فسقطت على الأرض وهي تزوم .

أطلقت تلك الصرخة المكتومة التي تحمل الكثير من معاني الغيظ و البغض ثم قامت .. تبدو و كأنها ميدوسا بهذا الشعر الثائر .. كانت تضغط على أسنانها و تهمهم بكلمات ما .... أيما كان ما تقوله فقد كان مرعبا جدا .. إن حالنا لا يخفى عليك يا عزيزي .

ثم تحركت بسرعة خارقة ناحية كعكة عيد الميلاد .. و أخذت السكين الذي كان يفترض أن نقطع به الكعكة .. لكن يبدو أنها قررت أن تقطع به أشياء أخرى .. أشياء بشرية .. صرخت صرخة أخرى .. يبدو أن حديثها الصراخ .. إنها لا تصرخ صرخات ألم .. بل صرخات حديث .. كل صرخة لها مغزى معين و طريقة معينة .. صرخة تهديد .. أو صرخة غيظ .. أو صرخة غضب .. أيا كان نوع صرختها هذه المرة فقد أمسكت بالسكين و ركضت بسرعة ناحية خالتي .

يستحيل أن تجاري سرعتها .. ورغم أنها طفلة إلا أنه من الصعب أن تجد في نفسك الشجاعة للوقوف أمامها و هي بهذه الحالة .. تراجعت خالتي في رعب و كعادة الذين يتراجعون في رعب تعثرت في شيء ما ووقعت على ظهرها ... وبدا أنها النهاية في أبشع صورها .

وفجأة نظرت الشيطانة للأعلى و اتسعت عيناها بشكل مرعب جدا و بدا على وجهها علامات ألم قاس .. ثم تحولت نظرة الألم إلى نظرة ذهول بذات العين المتسعة ... فتحول الذهول إلى دموع ... و الدموع إلى بكاء ... بكاء طفلة .. أخذت الفتاة تبكي و تبكي ثم سقطت على الأرض ... وذهل الحضور .. وهنا تحركت أمها .. و تحرك من وراءها عدة نسوة في حذر .. دفنت الأم الفتاة في صدرها و احتضنتها .. و أخذت تميل للأمام و تعود و تربت على رأس الفتاة .. ثم فجأة علا صوت الحضور و كأنك كنت ضاغطا زر الـ Mute .. احتجاج .. مواساة ... حوقلة .. بكاء .. كانت لوحة جديرة بدافينشي أشد تأثيرا من لوحة العشاء الأخير .

لم أفهم شيئا .. ولم يفهم أحد شيئا .. ولم تفهم الأم شيئا .. لكني فهمت بعد حين .. و بعد استشارات عديدة ... طبعا وبلا شك كان ما يحدث لهذه الفتاة أمر شيطاني بحت ... لكن لغز ليلة عيد الميلاد يكمن حله في توقيت الاحتفال الذي وافق آخر يوم في شعبان .. حيث بدأ الحفل قبل المغرب بقليل .. واستمر ما يقرب من الساعة عانينا فيها أقسى مشاعر الخوف ثم غربت شمس ذلك اليوم ودخل الليل .. وفور حدوث هذا ..

" هذا شهر رمضان قد جاءكم ، تفتح فيه أبواب الجنة ، و تغلق فيه أبواب النار و تسلسل فيه الشياطين " صحيح الجامع

 
 

 

عرض البوم صور Zork Nemesis   رد مع اقتباس

قديم 17-09-10, 01:23 AM   المشاركة رقم: 2
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Oct 2007
العضوية: 50998
المشاركات: 150
الجنس أنثى
معدل التقييم: kirara عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 19

االدولة
البلدKuwait
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
kirara غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : Zork Nemesis المنتدى : القصص القصيرة من وحي قلم الأعضاء , قصص من وحي قلم الأعضاء
افتراضي

 

بارك الله فيك ابداع متواصل كما هي العاده

بانتظار جديدك اخي الكريم

 
 

 

عرض البوم صور kirara   رد مع اقتباس
قديم 17-09-10, 05:07 AM   المشاركة رقم: 3
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Mar 2010
العضوية: 157769
المشاركات: 61
الجنس ذكر
معدل التقييم: Zork Nemesis عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
Zork Nemesis غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : Zork Nemesis المنتدى : القصص القصيرة من وحي قلم الأعضاء , قصص من وحي قلم الأعضاء
افتراضي

 

شكرا لك كيرا .. أعدك بجديد قريب إن شاء الله

 
 

 

عرض البوم صور Zork Nemesis   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
حكايات زورك نيميسيس, صرخة رعب, قصة قصيرة
facebook




جديد مواضيع قسم القصص القصيرة من وحي قلم الأعضاء , قصص من وحي قلم الأعضاء
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 09:40 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية