لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > المنتدى العام للقصص والروايات > القصص المكتمله
التسجيل مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

القصص المكتمله خاص بالقصص المنقوله المكتمله


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 29-07-10, 05:01 AM   المشاركة رقم: 16
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فخري
♪ مُخْمَلٍيةُ آلعَطّآءْ ♦


البيانات
التسجيل: Mar 2010
العضوية: 157123
المشاركات: 30,194
الجنس أنثى
معدل التقييم: ♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع
نقاط التقييم: 13523

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
♫ معزوفة حنين ♫ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ابشر ولبيه المنتدى : القصص المكتمله
افتراضي

 





)( 13 )(



نزلت من السيارة وهي ترتجف، وتبعها محمود ثم تجاوزها وقصد حجرته دون أن يتبادل معها كلمة واحدة، فهوت إلى أحد مقاعد الصالة وتركت لدموعها العنان وهي تستعيد كلمات بلاغها.. صدمة محمود وذراعاه يلويان خلف ظهره ورجال الشرطة يدفعونه إلى سيارتهم ونظرات الشماتة في عينيها.. والفقدان الذي سجنه في عينيه حينما سمع بنقله...

بكت بانهيار دون أن تفكر حتى بتمالك دموعها،

أيعقل كل هذا؟!

دمرته بهذه السهولة؟



دمـ.... ـرته؟!



ما أقساه من معنى! بل من طعنة!

كيف ألفت هذه الرواية الطويلة وصدقتها؟ كيف؟

لكم أخبرها أبوها!

لكنها ظنته.. لا يعلم.

ظنت أن عاطفة الأبوة غلبته، وأنه أخطأ الحكم على محمود.

كم قال لها أنه ليس كما تظن.. كم قال!!!

لكنها لم تعلم،

لم تتخيل أن أخاها صالح، وأنه متمسك بها!



أيعقل أنه حقا متمسك بها؟

يريدها معه؟

لكنه تحدث عن نتائج قراراته.. فهل لو خيروه كان غير رأيه؟

إذن هو لم يكن ينشد سوى الانتقام منها وإذلالها لسبب لا تعلمه!

وحدها عرفت حقيقته.. وحدها عرفته!



كفاها خداعا لنفسها.. قد ظلمته.. ظلمته..

أين وكيف رأت فيه كل هذه الخسة والخبث؟

متى لمسها أو حدثها كما لا ينبغي له أن يفعل؟!

بارد لا مبال لكنه ليس..

ليس ولم يكن قط كما ادعت..

كيف خطر ببالها ذلك؟ كيف؟



أفي كل أنثى أفعى؟!

أقادرة حقا على العبث بمن أمامها بالغا ما بلغ ذكاؤه وحذره؟





ضغطت يديها على رأسها وهي تتمنى لو تعود الساعات إلى الوراء..

لو تموت..

لو....



انتهى!!

أخوها انتهى!!

أمجرم؟

بل هي المجرمة الأنانية!

خدعته.. عبثت به..

بينما صَدَقها الأخوة وأحسن الظن بها!

أيعقل أنه منحها ثقته لبضعة أيام اعتنت به فيها،

ثم كان هذا ردها؟



أي جرح يحمل في قلبه الآن!



أمالت رأسها على مسند الأريكة والدمع يعميها وصدرها يؤلمها..



((هزته بخفة: محمود؟!

فتح عينيه وعاد يغمضهما: مممم؟

عادت تهزه: دواؤك.. هيا انهض يجب أن تأكل ثم تتناوله في وقته..

هيا.. محمود انهض.. كفاك تجاهلا!

اعتدل ببطء وعيناه شبه مغمضتين، فجذبته من يده: انهض لتغتسل أولا.

هز رأسه ومد يده يتناول كأس الحليب الذي تحمله ليجرعه جرعة واحدة ويلحق به بعض الحبوب من على المنضدة بجواره ثم يعود فيرتمي على فراشه بتعب. أمسكت يده برفق: أأنت بخير؟!

فتح عينيه وابتسم ابتسامة شاحبة، وأجابها بقبلة طبعها على يدها برقة: أحتاج لساعات أخرى من النوم فحسب.))



((سمعت اسمه، فغلبها فضولها ووقفت تستمع: اطلب منه أن يحجزه قبل ذهابك.

صلاح: لن أحاول مرة أخرى يا مريم، حدثت مشادة بينه وبينهم فحبس!

فاحت رائحة الدمع: غفر الله له.. غفر له.. لا أرى ابني أربع سنين!!!

أريده يا صلاح، ولو رغما عنه.. أريده. هل سأموت قبل أن أراه؟

من أين له هذه القسوة؟ من أين؟ حسبي الله ونعم الوكيل.. حسبي الله.



وكرهته أكثر،

من هو هذا الجاحد ليستحق هذا الحب ويثير هذا الألم؟!

أيعقل أن يقسو من عرف أمها وأباها؟

أيعقل؟))



انهارت تماما، شعرت بجسدها يتهاوى قطعة قطعة، وبألم حاد في رأسها وصدرها..

ثم لا شيء!!!





 
 

 

عرض البوم صور ♫ معزوفة حنين ♫   رد مع اقتباس
قديم 29-07-10, 05:01 AM   المشاركة رقم: 17
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فخري
♪ مُخْمَلٍيةُ آلعَطّآءْ ♦


البيانات
التسجيل: Mar 2010
العضوية: 157123
المشاركات: 30,194
الجنس أنثى
معدل التقييم: ♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع
نقاط التقييم: 13523

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
♫ معزوفة حنين ♫ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ابشر ولبيه المنتدى : القصص المكتمله
افتراضي

 






)( 14 )(



أفاقت قبل ذلك، أم أفاقت على رنين الهاتف؟

لا يهم، فالألم الفظيع الذي استعر برأسها أعادها إلى الواقع بكل عذابه،

محمود!!!

تأملت الهاتف الذي ظل يرن بإصرار دون أن يظهر لأخيها أثر..

أخوها؟

تشتهي لو لم تلوث هذه الكلمة بجنونها!! هل سيغفر لها؟!



تذكرت الهاتف،

فعادت تتأمله وهي تحاول أن تميز فيما إذا كان ما يزال يرن حقا أم أنها تتوهم.

بل ما يزال.

جرجرت جسدها إليه بوهن، ورفعت السماعة مجبرة: نعم؟

:....

شوق: نعم؟ من المتصل؟

: أهذا منزل محمود صلاح؟!!

شوق: أجل، لكنه نائم

: هلا أيقظته لو سمحت؟

رددت بشرود: أوقظه؟؟؟

: لو سمحت!

أنزلت السماعة ببطء والتفتت إلى مدخل جناحه برهبة،

ثم عادت ترفع السماعة بحذر: هل الأمر ضروري؟! أ.. أقصد فيم تريده؟

جاوبها صمت طويل، ثم: من أنت؟!

شوق: ها؟

: المعذرة، هلا أغلقت السماعة وسأعاود الاتصال لعله يفيق على هاتف حجرته؟!!

أغلقت السماعة بسرعة وهي تتنهد بارتياح دون أن تجيب المتصل: ويعلمون أن في حجرته هاتفا!!!!



وعاد الهاتف يرن ويرن!!!

يا رب!

تنفست بعمق ودخلت جناحه وألصقت أذنها بباب حجرته فلم تسمع رنينا..!

فركت جبهتها بألم والخوف يعبث بقلبها: لعله معطل عنده!! ماذا أفعل؟!

ولو كان الأمر خطيرا وعلم أنني تجاهلت ولم أوقظه؟

يكفي ما سببته له من مصائب.. يارب ألهمني.

انقطع الرنين فتنهدت بارتياح،

لكنه عاود الرنين!!!!



ضمت كفيها إلى صدرها وأغمضت عينيها تستجمع شجاعتها..

فتحت الباب ببطء وأطلت بحذر وخوف كأنما تنتظر أن ينفجر بركان أو يثب عليها ضبع!! ومدت يدها بحذر إلى المصباح الصغير بجوار الباب تضيئه..



ثم تقدمت خطوة: مـ.. محمود..

لم يتحرك، فاقتربت أكثر: محمود.. استيقظ.

ولاجواب!!

حدقت بجسده المرمي على الفراش فلم تستطع أن تلحظ إذا ما كان يتنفس أم لا،

فاندفعت نحوه وهزته برفق ثم بشدة: محموووود!!



جست نبض معصمه،

ثم رفعت عينيها لتلتقيا بعينين باردتين وسط العتمة فتراجعت برعب وتعثر لكن الرنين أعاد إليها رشدها: ثـ.. ثمن.. من.. أأ.. ثمة من .. يصر على التحدث معك!

عقد حاجبيه وتناول هاتفه الخاص من على المنضدة بجواره، فاندفعت تجري إلى الخارج كما لو يطاردها شيطان!

ولم يلبث أن مر بها في الصالة واتجه إلى باب المنزل مغادرا ووجهه شاحب كالميت..



راقبته من النافذة يخطو متمهلا في الحديقة حتى ظهرت سيارة رياضية صغيرة يقودها أحدهم، فركبها وانطلقا من فورهما.







زفرت

وجلست على إحدى الأرائك هامسة لنفسها بأنه متعب للغاية، أو لعله ازداد مرضا!!

ووسيم للغاية أيضا!

تبسمت بحنان حزين..

صورة أبيها الذي كان يدير الرؤوس حيثما مر،

خاصة بعدما زادت وفاة والدتها وجهه حزنا!!



لا ينضج ملامح هذه العائلة إلا الحزن..



وطاف بها وجه شاحب معذب..

لكم عذبها الداء قبل رحيلها!

ولكم أسف الأطباء لهزيمة جسدها السريعة أمامه!!

ولكم كرهته وهي تستيقظ على صوتها المتألم يهذي باسمه!!!



فلماذا؟!!

أثمة حقا ظالم ومظلوم؟!!

لكنها تعرف حنان أمها وقلبها الكبير..

فلماذا هجرهم؟

لماذا قسا عليهم كل هذه القسوة؟

ولماذا عاد الآن ليتمسك بها؟!

لماذا؟

غرقت بين دموعها وعلامات الاستفهام!!



(( يصمتان كلما دنت منهما،

وكلما سألت عنه تعثرت إجابتهما، مسافر، ثم سيعود قريبا إن شاء الله،

ثم لم تعد تسأل،

ثم قالت لها ابنة خالها: أخوك دمر أمك وقتل أبي،

كان ذا قدرات مميزة، وأبي من دربه، لكنه تشاجر مع زميل له فآذاه،

ومنذ سجن رفض أن يقابل أبويك لأنهما في نظره لم يدافعا عنه،

ولوحق أبي حتى كره الحياة هنا فسافر ومات في سفره!))


 
 

 

عرض البوم صور ♫ معزوفة حنين ♫   رد مع اقتباس
قديم 29-07-10, 05:02 AM   المشاركة رقم: 18
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فخري
♪ مُخْمَلٍيةُ آلعَطّآءْ ♦


البيانات
التسجيل: Mar 2010
العضوية: 157123
المشاركات: 30,194
الجنس أنثى
معدل التقييم: ♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع
نقاط التقييم: 13523

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
♫ معزوفة حنين ♫ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ابشر ولبيه المنتدى : القصص المكتمله
افتراضي

 





....




أسند رأسه إلى زجاج النافذة شاردا، أيدخل هو قسم الشرطة ببلاغ ضده؟

شعر كأنما نظراتها طعنة في قلبه والقيود تغل يديه وراء ظهره..

خانته، غدرت به.. أم هم من غدروا به؟

أو لعله كان ينبغي أن يتريث قبل أن يعيد إليها هاتفها!

غبي..

من يصدق أنه ضابط مميز عملياته ناجحة، والطفلة بكلمات ونظرات ولطف مصطنع جعلته يضع عقله جانبا ولا يستوثق منها؟

غبي.. غبي!!

فرك كفيه بانزعاج وحاول أن يحصي الأشجار التي تصطف على الرصيف يمينه رغم سرعة حسن الكبيرة.







(( بدا عليه التخبط،

صبر قليلا..

لكن الحيرة والارتباك على وجهه لم يدعاه يتردد طويلا: أأنت طالب مستجد؟!

رفع بصره إليه بسرعة، لتبدو خيبة الأمل واضحة على وجهه، وغمغم: أجل.

ثم عاد يدفن عينيه في أوراق المراجع أمامه، لكن الصوت الهادئ عاد يسأله: عم تبحث بالضبط؟

أخبره مترددا، لكن هدوءه وثقته ومعهما شرح واف دقيق جعله ينساق معه وينسى هوية محدثه والوقت أيضا! عندما رنت الساعة الثانية، نهض الشاب بسرعة: آمل أنني أفدتك، لكن لدي تدريب الآن فمعذرة.

فتح شفتيه ثم أطبقهما، ثم تمالك دهشته وشكره على المعونة

وتأمله وهو يمضي بخطوات واسعة هادئة واثقة بمنتهى الدهشة والامتنان!))



لم يجرؤ على فتح فمه..

اعترف لنفسه بأن الإنسان حقا شديد الرهبة لما يجهل،

وهو الآن يجهل ردة فعل محمود لو تكلم!



بحث لنفسه عن عذر منطقي لإخماد قلقه ودهشته،

من غير اللائق أن يقحم نفسه في خصوصيات صاحبه،

لكنهم لطالما لعبوا لعبة الجراح والورم فيما بينهم،

أو لطالما لعبها محمود!!!



لم يغضب يوما من ملاحظات محمود،

ولا شك في حسن نيته تجاهه في أشد لحظات خلافهم،

كان دائما ينوي الخير، وإن اختلفت وجهات النظر،

لم يدفعه ذلك ليصبح رجلا آليا يحتاج توجيهات صاحبه، لكنه رغم اختلافهما يقدر له وده وحرصه.

على أية حال، ورغم أنهم لم يستخدموا لغة الأيدي قط، يشعر أنه لو سأل فلن يلقى خيرا.



للحظة خيل إليه أنه سمع صوته: استقلت.



التفت إليه بطرف عينه، لكنه كان لا يزال متكئا إلى النافذة بجبينه.. بصمت!!

انفرجت شفتاه ثم عاد فأطبقهما وهو يتساءل بدهشة فيما إذا كان يتخيل فعلا،

لكن: من طلب منك أن تقلني؟



إن كان استقال فلماذا يطلبونه؟!

ماذا حدث ليفعلها؟: عبر الإرسال كالعادة، لم؟



لم يسمع جوابا..

حتى أنفاسهما لم تكسر الصمت الذي بسط جناحيه عليهما..

وبدا الطريق أطول مما كان يوما.



(( حسن: مغروران متحاسدان منافقان!!

ضحك محمود باستخفاف: ونستمتع بإظهار معرفتنا على الصغار؟

قال حسن مستنكرا: صغار!! يا كبير.

وأردف مستعجلا بلهجة اعتذار: أنا أخبرك بسر دهشتي فحسب،

أنتما مشهوران

ومنذ أسبوعي الأول عرفت اسميكما وإشاعات عدة عن صداقتكما..

بل حتى إن هنالك من يحفظ علاماتكما وتقييماتكما في كل المواد والتدريبات في كل السنوات!!

ولم أتصور قط أن يساعدني أحدكما.. أو أن يساعد أيا كان.. هكذا بلا مقابل..

خلتكما.. هممممم..

قاطعه محمود: الكلام إدمان كالمخدرات..

عندما منع الحطيئة من الهجاء هجا نفسه..

تذكر أن الفضول في أي شأن ليس لصالح صاحبه،

وأننا لا نحاسب الناس على ضمائرهم ولا على الإشاعات.

حسن: حسنا حسنا.. سأذهب إلى التدريب.. سلام

تنهد وهو يرمقه بشفقة،

لا يزال غضا سهل الخداع..

ولا يزال بعيدا عن حقيقة الحياة!!

من قال أن النجاح يفرض علينا أن نغدو كتابا مفتوحا ووقتا مستقطعا للجميع؟!))







فتح العلبة أمامه وقلب الأقراص حتى وجد ضالته، فدفعه في القارئ وخفض الصوت قليلا، ثم عاد يتكئ إلى الزجاج لترتسم بسمة صغيرة في عيني حسن وهو ينصت إلى صوت عبد الرحمن الشجي يرتل سورة هود، غمغم في أعماقه: رحمك الله!



لا يكاد يصدق أن الأسطورة.. الأول في كل شيء.. ارتحل.

كم من الأجر حمل معه؟



كلما تذكره شعر أنه أنقى بكثير من الطين الذي جبل منه كل البشر،

أولعله نور المصحف الذي حمله في قلبه!

عاشق القرآن.



انعقد حاجباه وهو يحسب ما فاته من المراجعة خلال الأسبوع المنصرم.

هذا العمل لا يترك له فرصة للمراجعة والتثبيت.

وتبسم صوت عبد الرحمن ساخرا،

فالفرق شاسع بين من يجهد ليعثر على الوقت وبين من لا يأبه إن وجده أما لا!!!

تنهد وهو يتساءل كيف استطاع ذاك العاشق أن يجد في قلبه وحياته مكانا لكل شيء!



وإن لم تجد الفرصة فاصنعها أنت!



ارتحل شهيدا وهو يدافع عن بطل كان قد خاض رحلة طويلة لتحريره..

فعاد البطل ورحل عبد الرحمن!

لكنه رحل بعد أن حملت كريات دمه المصحف بدلا من الأكسجين وتصدر اسمه قوائم الناجحين حيثما خاض، مصرا دائما على أن الإحسان مقرون بالإيمان.. وأنه إن كان لا يدري متى سيغادر الدنيا، فهو سيعيش ما كتب له من عمر والملائكة تحبه وتعرف أنه ممن يحبهم الله ويحبونه!







كيف أحبوه، كيف عرفوه.. وكيف حل عليهم رحيله وهو على بعد خطوات من التخرج،

ليس يدري!!

الذي يعلمه علم اليقين أنه يحبه..

يحبه.

أي قلب لن يحب قلبا يجد منه في كل حين عبق الجنة؟!!



وكانت أجمل هدية هذا القرص الذي أعطاه إياه عادل ذات عيد قائلا: تعال نفاجئه.

واستمتعا معا بالدهشة والشوق اللذين طفحت بهما ملامح محمود الهادئة دائما!



التفت إلى محمود لحظة ليباغته نفير عال وراءه،

فعاد يركز على مقوده ويعيد لعربته اعتدالها...

عرفه منذ أيام سامر، وعرفه بعدها

لكن إنسانا آخر!!

رغم ذلك ظل يحمل قلبا صافيا يعنى بخير من حوله ونفعهم.



ماذا كانت تلك القضية بالضبط؟

من كان وراء ما أصابه؟؟

من أعاد محمود ليغدو في ذات سنة حسن الدراسية؟

وكيف غدا الباسم غصنا شاتيا مجردا من أية ابتسامة؟!







((كان القلق يعبث به،

لكنه اتفاقهم، ومر دورهما، وهما غائبان منذ.. منذ متى؟!

لماذا يشم رائحة عملية؟

صحيح أن أيا من الشبان لن يكتشف غياب رفاقه إن غابوا،

فلطالما تنقلوا بين أرجاء مدينة الأبحاث دون وسيلة للاتصالات الشخصية،

لكن حينما تكون صفحاتهما في المصحف لم تقلب فهما لم يصليا!!



زفر بضيق،

وربما كل ما في الأمر أنهما اضطرا للمبيت في مكان عملهما،

لا داعي للوساوس!



لكن.. حدس الجندي في أعماقه يتحدث عن.. عملية.







توضأ تاركا الماء يتقاطر من لحيته الخفيفة وذراعيه متمنيا على الله أن تنساب مع الماء بعض ذنوبه وبعض ظلام قلبه، وتوجه إلى ركنهم محاذرا أن يشعر به أحد من النائمين في المهجع.



ألقى نظرة ثانية على ساعته، وغلبته بسمة باهتة.

كان من المحال أن يتيقظ أو يرتاح ما لم ينم ست ساعات على الأقل،

لكنه مع القيام اعتاد الاكتفاء بثلاثة!!

كيف؟

ليس يدري،

لكنه ما اكتسب ذلك إلا بعد القيام.. بعد عبد الرحمن..

بعد..

القيد!

مذ ذاك الحين وعيناه ترفضان الغمض،

ألأنه نام طويلا متوسدا النوايا الحسنة؟



أغمض عينيه والمرارة تملأ قلبه.

اليوم فحسب اجتمعت في قلبه الأوجاع،

واليوم فحسب داس على روحه بكل ما ملأ قلبه من قسوة لكيلا يراه،

فلو رآه لاندفع إلى ذراعيه ضعيفا هشا.. وربما باكيا،



سينال عقابه فيما بعد، لا يهم،

المهم ألا....!!



لكنه اليوم يحب أيضا..

يحب رفاقه؟! يحبهم بتعقل.. يدرك أنهم يخطئون..

يدرك أنهم لا يحملون قلب الأب أو الأم الذي ينصت لقلب الابن فيفهمه،

دون أن تنطق الألسنة!



أحق ذاك أم هوكلام الأدب والخيال فحسب؟

أم أنه ينتظرمنهما أن يكونا من الملائكة؟

أم هو من خذلهما؟!







كبّر محاولا تجاوزه همومه لكنها حرمته لذة القيام وظلت تتناور وتتحاور في عقله وقلبه وهو يبذل جهده ليركز دون فائدة!



سلم وحدق بالعتمة أمامه والدمع قد غلب قلبه وتحدر في أعماقه حارقا لاذعا،

وبكى ما شاء الله أن يبكي دون دمع والعتمة تلفه..

ثم جذب قلبه وسجد هامسا وقد أثقل الهم لسانه: رب لا تتركني،

رحمتك أرجو.. رحمتك ربي..

فأصلح لي نفسي وشأني كله، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين،

اجعل يارب عاقبة أمري كله رشدا.



وسالت عيناه رغم أنفه،

فتمتم وقد عجز عن كتم صوته ودمعه: اللهم إليك أشكو ضعف قوتي، وقلة حيلتي..



آلدعاء أم الدمع من خفف عن روحه أثقالها؟



تاق إلى الاغتسال بالنور فنهض وكبر،

ورويدا رويدا نسي الدنيا وهمها وقلبه يملي على لسانه معاني القرآن.))




 
 

 

عرض البوم صور ♫ معزوفة حنين ♫   رد مع اقتباس
قديم 29-07-10, 05:03 AM   المشاركة رقم: 19
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فخري
♪ مُخْمَلٍيةُ آلعَطّآءْ ♦


البيانات
التسجيل: Mar 2010
العضوية: 157123
المشاركات: 30,194
الجنس أنثى
معدل التقييم: ♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع
نقاط التقييم: 13523

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
♫ معزوفة حنين ♫ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ابشر ولبيه المنتدى : القصص المكتمله
افتراضي

 






)( 15 )(



جمعت ما أتت به فحسب على فراشها،

وتأملت الحجرة الأنيقة بحيرة شاعرة أن ثمة ما قد نسيته!

الخزانة المليئة بما أعده،

المكتبة الصغيرة الفارغة،

ثمة ما نسيته بالتأكيد!



شعرت بالضيق والرغبة في نفض يديها من كل ذلك،

لكنه قد يخبرها في أية لحظة بأن طائرتها بعد ساعات.. أو حتى ساعة.

ففتحت حقيبتها وبدأت بترتيب الثياب فيها ببطء واللامبالاة تجتاحها.



ألم يخبروه أمس أن القرار كان ينتظر التوقيع؟

ألم يحضرها رغم أنفها ويحرمها من أي توضيح ويعاملها بكل ما يملك من جفاء؟

أي شخص كان ليفكر بأسوأ الاحتمالات.

ثم هاهي قضت فترة كافية بعيدا عن دراستها،

وحيدة.. مجفوة.. قلقة متوترة،

من حقها أن ترتاح،

وليكمل كل منهما حياته بعيدا عن الآخر كما يشاء.

لينسيا أنهما التقيا وليعداه حلما تعسا،

خسرت والديها وحياتها وخسر وظيفة لم تعد عليه سوى بالخطر والألم والمرض.

ألمجرد أنه غضب اتهمت نفسها وحملتها مسؤولية كل شيء؟!

أي غباء؟!!

ثم ها قد عاد سيادة الضابط للغياب دون سابق إنذار،

ألم يستقل؟!



زفرت بملل وأغلقت الحقيبة

ثم اتجهت بخفة إلى المطبخ وهي تفكر بكل الإيجابيات التي أعماها عنها انفعال الأمس،

ستعود إلى حياتها،

ولعل كل الذي فعله هو أنه لم يترك لها الفرصة لتعيش مأساة يتمها

بل خاض بها سلسة من الدوامات التي جعلتها تدرك أن يتمها أهون وقعا من حياتها معه

وتقدر قيمة الحياة في كنف خالتها الحنون مقابل الحياة في صحرائه.

أعدت فنجانا من الحليب الدافئ وعادت إلى الصالة لتدير التلفاز على إحدى القنوات العلمية..

وتنسى محمود قدر الإمكان.



((تبسمت ولمع ضوء آلة التصوير لتلتقط آخر صورة لمريم قبل انتكاستها الحادة الأخيرة والسرور يطفح من عينيها.

ثلاثتهم معا متلاصقون،

وبيد شوق إكليل من الورد الأبيض وعلى صدرها يقبع مائلا وشاح تخرجها.

انتهت أيام المدرسة، وحازت شهادتها الثانوية مبكرا.



يومها دللها أبواها قدر ما تمنت وأكثر،

كانا سعيدين بتفوقها، بفرحها، باعتزاز معلماتها بها،

وكانا يتناسيان محمود، وفرحتهم به منذ سنوات.



انشغلت شوق بفرحتها،

لكنها شعرت أنها مرت بذات الرحلة التي تمر بها اليوم ذات يوم ماض!

فشلت في تذكر ملامح محمود يومها،

لكنما تذكرت جيدا كم كانوا جميعا سعداء،

وكم كانت تحبه!



ظلت تختلس النظر لوجهي والديها، لتطمئن إلى سعادتهما،

وأن الطيف ذاته لا يستعمر أعينهما من جديد.



بعد أن أووا إلى أسرتهم ليلا استيقظت شوق قرب الفجر على أصوات كثيرة في بيتهم،

ونهضت لتجد المسعفين ينقلون والدتها إلى المشفى

والاختناق يحول ملامحها الحبيبة إلى ملامح لم تعرفها شوق من قبل.



لماذا لحظتها كانت واثقة أن الطيف كان هو السبب؟))



زفرت بضيق ورفعت عينيها إلى باب جناحه ثم غلبتها نفسها فنهضت إليه،

دفعت الباب بهدوء وتوجهت إلى غرفته فدخلتها بمنتهى الثقة،



ماذا سيفعل أكثر مما فعل؟



تأملت الأوراق المتناثرة على الأرض..

كان غاضبا؟

لوح الجليد غضب؟



تبسمت بسخرية متسائلة عن السبب الحقيقي وراء غضبه..!



تجاوزت الأوراق إلى الأرفف التي تشغل إحدى الزوايا تتأمل ما وضع عليها،

وبلا سبب تناولت كتابا مرميا بإهمال على رف سفلي،

أمالته لتقلب صفحاته فسالت منه بضعة صور،

وكانت صورتها مع والديها يوم حازت الثانوية تعلو تلك الصور!



 
 

 

عرض البوم صور ♫ معزوفة حنين ♫   رد مع اقتباس
قديم 29-07-10, 05:03 AM   المشاركة رقم: 20
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فخري
♪ مُخْمَلٍيةُ آلعَطّآءْ ♦


البيانات
التسجيل: Mar 2010
العضوية: 157123
المشاركات: 30,194
الجنس أنثى
معدل التقييم: ♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع
نقاط التقييم: 13523

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
♫ معزوفة حنين ♫ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ابشر ولبيه المنتدى : القصص المكتمله
افتراضي

 






)( 16 )(



خرج الثلاثة ما بين صدمة وغضب، ليجدوا رجال الأمن بانتظارهم!

واجتاحتهم الدهشة،



استدار محمود سريعا وعاد إلى مكتب قائده: من حقي وفق كل اللوائح أن أستقيل..

أجابه دون أن يرفع عينيه عن الأوراق أمامه: ووفق اللوائح يصدر القرار بشأن الاستقالة بعد أسبوعين.

كان الرجال قد أحاطوه ولووا ذراعيه وراء ظهره: وأقضي الأسبوعين محتجزا؟ وفق ماذا؟



رفع إليه عينين غاضبتين قاسيتين: دعوه وانصرفوا.

انتظر ريثما غادروا ثم قال بذات اللهجة: وفق أنك لم تعتبر مستقيلا بعد، وقد سببت بإهمالك وعنادك عدة مشاكل وستعاقب، تذكر أن الاستقالة لا تلغي عقابك حتى لو قبلت.

أهنالك أسئلة أخرى؟

هتف: لكنني لم أطلب..



وصمت،

كأنما كاد يطعن ظهري رفيقيه؟



لم يطلب منهما أن يتفقدا أخته..

لكنهما فعلاها مراعاة منهما للقلق الذي كان يملؤه.



ومن كان يتوقع أن تتضخم المشكلة وصولا للشرطة؟

كأنما هي الأحق بفورة غضبه؟

وكأنما هو من لم يحدث قيادته بما طرأ على حياته!

وكأنما تجاوز كل الحدود مع قائده؟

كأنما نسي أنه عسكري؟

تبا لها وله، ماذا أصابه!!!



اعتدل بحزم وأدى التحية العسكرية باحترام: معذرة سيدي.

فأجابه:انصرف.

وعاد يهتم بما بين يديه من أوراق،

بينما تأمله محمود للمرة الأخيرة ربما،

واستدار على عقبيه مغادرا والندم يملأ نفسه..

ختم ملفه المميز بكوم من التجاوزات والعقوبات والتصرفات الصبيانية!



في الخارج كان رفيقاه قد سلما سلاحيهما واستسلما تماما لكل الإجراءات الأمنية وما لبث أن غادر الثلاثة وأكف حراسهم تشد أذرعهم، والأفكار تعتصر عقولهم.







((: أين كنت؟

محمود: في المعسكر سيدي

وعقد القائد حاجبيه: يقبح من ضابط أن يكذب..

يا ضباط المستقبل.



تنفس عادل بصعوبة والقلق يعصف به، أما كفاه؟

لم يتصور قط أن هذا هو أسلوبه!

بينما احتفظ محمود بصمته والاستنكار يلوح في عينيه.



القائد: ألم تسمع النداء؟

محمود: بلى

القائد: فلماذا لم تجبه؟

عاد إلى صمته وأطرق،

بينما تخلى عادل عن وقفته العسكرية والتفت إليه بدهشة..

فلا ريب أن صاحبه قد جن!

كم فعلها! أيعقل أنه لم يبرر ذاك قط؟

ثم لماذا لا يبوح بما يبرر فعلته إن كان ثمة ما يبررها؟: عادل..

التفت إلى قائده واستعاد وقفته الممشوقة: انصرف.



لوهلة لم يفهم تلك الكلمة،

ينصرف؟

ومحمود؟

حدق بالقائد والدهشة لا تزال تشله..

كل هذا لم يمر عليه يوما لا في معسكر ولا في سواه!!

ما الذي يجري بالضبط؟؟

لكن نظرات قائده دفعته سريعا ليتمالك نفسه ويؤدى التحية ثم يستدير منصرفا..

بصمت.



وبينما يعيد محمود حساباته بقلق.. لمحه يقترب منه،

لكنه لم يستطع أن يرفع عينيه إليه،

ماذا عساه يقول؟



لا أريد أن أراه؟

أفر من زياراته..

من الذكرى..

من ضعفي وعجزي عن الاعتراف بخطئي..

من حيرتي بين أن ظُلمت، أم ظَلمت!!: ارفع رأسك.



ابتلع زفرة ضيق وأجبر عضلات عنقه على التقلص ليرتفع رأسه ويبصر عيني قائده الهادئتين، تشنجت عضلاته وهو يبصر من وراء الهدوء غضبا حقيقيا وازدرد لعابه وحاول أن ينسى أن عنق الكائن البشري يستطيع الانعطاف إلى الأمام بينما قال قائده: استدعيت عدة مرات عبر جهاز النداء..

وخرج الحرس ومعهم عادل للبحث عنك فلم يجدوك في أي مكان.

هذا يعني أنك كنت خارج المعسكر، أو كنت مختبئا.

لستم هنا لفعل ما تريدون بل لفعل ما تؤمرون به.

أتعلم ذلك؟



كم تكرر هذا!

ولا زال يبحث عن صوته كل مرة: نعم سيدي.



أردف: وتعرف عقوبة الاحتمالين اللذين ذكرتهما؟

غمغم: نعم.

رفع حاجبيه بصمت، فعاد يكرر بصوت واضح: نعم سيدي.

وبذات الهدوء: فأي العقابين يفترض أن تناله؟!



هذه المرة التقط نفسا عميقا: من حقي أن أرفض استقبال الزيارات الخاصة سيدي.

أجابه: لم تستدع لزيارة، استدعيت إلى مكتبي.

تردد لحظة ثم غاد يغمغم: كان الاستدعاء لأجل زيارة.



تأمله القائد مليا،

لم يكن راضيا عن حاله، ولا عما فعله، ولا حتى عن عناده،

لكن العقاب الجسدي لن يجدي معه إن كان عقابا تقليديا،

وإن عاقبه بما يليق بقدرته على الاحتمال سيحطمه!

والحبس لن يجدي..!

ورغم أنه في قرارة نفسه غدا يميل إلى تركه وشأنه وتجاهل الأمر برمته لكن تركه سيزيده عصيانا وظنا بأن من حقه دائما فعل ما يشاء ومن واجبهم دائما التغاضي عما يفعل..

ليس من صالح ضابط مميز أن يعيش العسكرية كما يحلو له فذلك لا ريب سيضيعه يوما ما..

حسنا إذاً..

وأشار بيده: انصرف أيها الملازم.



فتح محمود شفتيه تلقائيا ليصحح اللفظ لكنه فهم فعاد يطبق شفتيه والمرارة تملأ فمه.

هي الرتبة الثانية التي يخسرها في غضون أشهر،

وها قد عاد إلى البداية وخسر حتى الاستثناء الذي عوِّض به!!

أطرق وأدى التحية بألم ثم غادر بخطوات شاب محطم..

محطم تماما.

وللحظة تمنى القائد لو يتراجع عن العقاب الذي اختاره له،

لكنه ضغط أحد أزرار مكتبه مستدعيا مساعده ليعد أوراق القرار.))







ترجلوا من السيارة فأغشت الشمس أعينهم للحظة لتتسع بعدها بدهشة.

لم يحتجزوا،

بل اعتقلوا!

وكان محمود أكثرهم هدوءا لأنه توقع ذلك لكنه لم يتوقع أن يعتقل صاحباه أيضا.



خفض عينيه ولم يتلفت إليهما مرة طوال عبورهم لساحة السجن العسكري ثم الممرات الطويلة إلى غرفة المدير..

وأثقله الذنب.

لماذا؟

هما لم يخطئا..

حتى أنهما لم يساعداه مرة على المخالفة، بل لطالما وقفا ضده في ذلك.



أغمض عينيه فتعثر،

وفتحهما في اللحظة المناسبة قبل أن يصطدم بالباب الذي بلغوه مدركا أنهم لن يتركوا له الفرصة ليعيد ترتيب أفكاره أو يستعيد هدوءه.. ومدركا أكثر أن قائدهم الذي لطالما عدهم من أهم ضباطه، لن يمرر مخالفاتهم مهما صغرت بسهولة..

وللتميز ثمنه..

وللصداقة ثمنها أيضا!

وازداد ثقل الذنب على كتفيه رغم إدراكه أنه لا يملك ما يفعله سوى الاستسلام.



ودون أن يجدوا فرصة لاستيعاب ما يمر بهم،

كانوا قد استبدلوا ثيابهم

واقتيد كل منهم إلى زنزانة منفردة وإلى أجل غير معروف

والصدمة تتمطى في أعماقهم أكثر وأكثر.







بعد ساعات كان عادل وحسن واقفين في ساحة المركز العلمي بجوار سيارة حسن بثيابهما المدنية مذهولين عاجزين عن إيجاد تبرير لكل ما حدث.



عادل: أ.. ليتصور طوال الوقت أننا معتقلان مثله؟؟! لماذا؟

شعر برأسه يدور وتمنى لو يتفوه حسن بإحدى عباراته اللامبالية لعلها تخفف بعض توتره،

أو توجد له مبررا ليفرغ هذا التوتر،

لكن حسن ظل صامتا مطرقا وفي عينيه نظرة غريبة..!!

فتح فمه ليقول شيئا ما يدفع رفيقه للكلام،

ثم عاد فأطبقه عندما لم يجد ما يقوله.



وقفا لدقائق وما تبقى من أشعة الشمس يحيطهما بأشباح من الظلال والنور المعتم.

ثم أخرج حسن مفتاحه وتعب هائل يجتاحه كأنما كان يومه بشهر،

وناول المفتاح لعادل

ودار حول السيارة ليجلس في المقعد المجاور للسائق صامتا،

وعادل يتأمله بقلق..

لحظات..

وعقد حاجبيه وركب وانطلق بالسيارة إلى منزل حسن وفكرة ما تلح عليه







(( استوقفه قائلا: لن تجد الوقت للندم، أعدك بذلك.

تأمل الغدر والخبث في عينيه

ثم دفعه جانبا واستمر في طريقه إلى أحد مكاتب المركز بدلا من الذهاب إلى بيته..

عندما غادره كانت روحه قد استردت بعض هدوئها.

فكر في والديه، في شقيقته،

لكنه لم يفكر للحظة في سامر!



وفي العام التالي كان يسمع الحكم بحقه،

في ذات الشهر..

في ذات القاعة،

بلا فرصة -أدنى فرصة- للنجاة.

وأجبر شفتيه على الابتسام بكل ما بقي له من شجاعة وبرود.))







(( سجد،

وملأت صدره رائحة الدمع!!



تنفس بعمق وهو يتجاهل شعورا عميقا بأن ثمة من يقف خلفه،

ونهض يتم صلاته محاولا التغلب على هواجسه وقلقه.

لكنه ما إن سلم حتى التفت إلى الخلف بأجمعه فإذا هنالك ظل يستند إلى جدار المهجع بضعف.. تعب.. أم انهيار؟! ميز رائحة الدم وصوت تنفسه العالي قبل أن يميز ملامحه فهتف: عادل؟

ونهض إليه لكن عادل احتفظ بصمته وبدا التردد في عينيه

ثم قبض على ذراعه وانطلق بخطوات منهكة دون أن ينطق ومحمود يتبعه بدهشة وقلق.



وأمام فراشه تبخر كل القلق ليغدو ذعرا،

كذاك الذعر الذي خنقه يوم سمع

بالـ.. ـحكم!



أعبد الرحمن ملطخا بالدم،

أم دم يرسم صورة عبد الرحمن؟!



جر قدميه نحوه وكل الذي يريده أن يمد كفه إليه فيتلاشى كما تتلاشى ملامح والديه في أحلامه لكنه.. لم يتلاش.. لا! فهوى على ركبتيه بجوار فراشه والدمع يعميه..

وكأنما ليس حوله أطباء يجاهدون للحفاظ على بقية رمق الحياة فيه ضم كفه بين كفيه،

فقبض عبد الرحمن على يده بضعف دون أن يفتح عينيه،

وظلت شفتاه تمتمان بخفوت.

انحنى عليه ليفهم الكلمات المتحشرجة: أولئك المقربون.. في جنات النعيم.



هزه الصوت الخافت،

هزته النبرة التي لم يسمعها إلا عازمة قريرة عابقة بالمحبة،

هزته هيئة رفيقه التي لم يتمن ولم يتخيل قط أن يراه عليها..!



أهكذا بدا سامر؟



ولم يتمالك ضعفه فأسند جبهته إلى كتف الجريح،

وأطلق لعينيه العنان..

بكى بقدر صدمته وعجزه عن تجاوزها..

بقدر اللوم والاتهام والاستنكار الذي أبصره لأشهر في عيون أقرب الناس منه

وعيون أجهل الناس به...

كلهم كان قاضيا وجلادا..

كلهم لذ له أن يصدق تهمته!!!



أهكذا بدا سامر؟



طافت به عينا أبيه المتسائلتين

ولأول مرة كان عاجزا عن لومه مثقال ذرة

لأنه للمرة الأولى يدرك بشاعة ما حاسبوه عليه

وعظم الصدمة التي أشاعها صمته هو في قلوب أهله!!



أنَّ قلبه..

غدر وغدر..

كلا الغدرين شطر بعضا من ذاته حتى غدا يجهلها..

ولاموه لأنه حين خرج خرج غير الذي يعرفون

وعجز عن أن يعود لحياته التي كانت من قبل،

لكن أحدا لم يشعر بالغربة التي قضى قرابة العام يتجرعها كل ليلة وحده..

لا يبصر سوى الجدران والجدران والجدران..

غريب غريب..

لم يلمس أحد –أو لعله هو لم يترك الفرصة لأحد ليفعل- تلك الغربة التي احتلت روحه فلم تترك له منها شبرا سوى عبد الرحمن.. فظل يدافع عنه تلك الغربة بإصرار حتى بعث في قلبه بعض من النور القديم، وبعثر عنه بعض ظلمات طوقته..



عبد الرحمن؟!

أيعقل أن عبد الرحمن قد.. رحل؟!!



ازداد تشبثا بكف صاحبه وهو يكاد لا يعي.. كف سامر أم كف عبد الرحمن!

وبكى ملء قلبه دون أن يشعر بعادل الذي هوى وراءه

ولا بنظرات الغضب والاستنكار.. والألم في عيني قائده.



خفت الصوت حتى صمت

فرفع محمود رأسه بتردد

لكن الدمع المتدفق من عينيه أسدل بينه وبين الدنيا ستارا

فمسح دمعه بيده الملطخة بدم صاحبه

ليبصر النظرة الساهمة في عينيه المفتوحتين،

وسبابته المفرودة كأنما ترسم لهم الطريق إلى السماء..

إلى جنات النعيم والمقربين..



أتراه يبتسم الآن في جنات النعيم؟!!



تمالك الأنين الذي كاد يغلب شفتيه،

وأمرّ على عيني عبد الرحمن كفا مرتجفة

ثم نهض ليبصرهم من وراء غلالة الدمع يلطمون صدر عادل العاري بقبضتي الصادم الكهربائي

بينما لا تحمل الشاشة سوى خط مستو...))







(( لم يعاقب أي منهما،

لا لأن الأول غادر مكان احتجازه بلا مبالاة أولا ولم يسلم نفسه عندما طلب ثانيا،

ولا لأن الثاني جلب رفيقه إلى حيث يرقد رفيقهما بعد مهمة خاصة جدا

رغم أن الأمر من المفترض أن يظل طي الكتمان لحين تعلنه الإدارة.



وكان التجاهل أقسى عليهما من أشد عقاب،

بل لعل عقابا قاسيا كان ليشغلهما على الأقل عن التفكير بعبد الرحمن..

بالدم والعينين مطفأتي البريق..

بالجنات والمقربين.



هدوء لم يعهده من قبل يغمر روحه..

كأنما لم يره بعينيه..

كأنما لم يرحل..

وكأنه بعد دقائق سيراه يسير ما بين الصفوف!!



كلا، لم يكن ذاك حلما،

لا الدم ولا الصوت الخافت ولا الدمع الذي تحدر على وجهه ولا زال يتحدر على قلبه.



زفر في ذات اللحظة التي هوت قبضة ثقيلة على كتفه بقسوة

فالتفت منزعجا ليجد أمير فرقته عابسا أمامه،

ويجد أنه يقف وقفة مائلة ساهمة في الصف!!

فاعتدل سريعا ورفع رأسه راسما في عينيه النظرة الباردة ذاتها وكأنما لم يحدث أي شيء،



أمامه كان مكان عادل من الصف مشغولا بسواه بعد أن أبقته جراحه في المشفى.



وتماسك قدر ما استطاع وهو يتمنى لو تم احتجازه في غرفة ضيقة معتمة ليتمالك نفسه ويداوي جروح روحه كما يشاء..

لكن!!))






،


 
 

 

عرض البوم صور ♫ معزوفة حنين ♫   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)
facebook



جديد مواضيع قسم القصص المكتمله
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 07:55 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية