لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > القصص المكتملة (بدون ردود)
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية


موضوع مغلق
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (3) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 11-01-10, 10:30 PM   المشاركة رقم: 31
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
كاتب مبدع


البيانات
التسجيل: Jun 2009
العضوية: 147004
المشاركات: 5,481
الجنس أنثى
معدل التقييم: Jάωђάrά49 عضو جوهرة التقييمJάωђάrά49 عضو جوهرة التقييمJάωђάrά49 عضو جوهرة التقييمJάωђάrά49 عضو جوهرة التقييمJάωђάrά49 عضو جوهرة التقييمJάωђάrά49 عضو جوهرة التقييمJάωђάrά49 عضو جوهرة التقييمJάωђάrά49 عضو جوهرة التقييمJάωђάrά49 عضو جوهرة التقييمJάωђάrά49 عضو جوهرة التقييمJάωђάrά49 عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 2060

االدولة
البلدMorocco
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
Jάωђάrά49 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : Jάωђάrά49 المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي

 

بسم الله
:
:
:
توكلت على الله
:
:
:
ولاحول ولا قوة إلاَّ بالله
:
:
:
:


الجُــــزْءُ التَّاسِعُ وَالعِشْرُونَ




مرورُ أسبوعين




بعد الحادث الذي بدأ يغير من حياة العائلة
عَبْرَ الجَدِّ
فقد قدرته السابقة علىآ الاشراف على جميع شؤون المزرعة بنفسه
تلىآ ذلك حجم الخسائر المروعة
وإرداد أموال الاحصنة إلى أصحابها
وبعد كل هذا دب التعب في جميع أعضاء جسمه بحكم كبر سنه
وأضنته كل تلك الضغوطات حتىآ ماعاد قادراً
على مغادرة السرير
فقرر أحفاده وأبناءه إبعاده عن تلك المتاعب المرهقة
ومحاولة حلها بتفكير دقيق وبتمهلٍ


والسعادة كانت عندما
استطاعت الشرطة القبض على الجاني
الذي كان رجلا من بين اربعة وهم من رشاهم العجوز الاخر جيدا
حتى يتمكنوا من حرق الاصطبل
بعد ان امسكت الشرطة بالمجرم اعترف بانه هو وحده من نفذ العملية
واحيل الى السجن ليتم محاكمته بجريمته
بعد ذلك
وابعد باقي اصحابه عن الشبهة والعجوز ايضا
وبذلك دفن الموضوع الحقيقي من اساسه




عُثْمَـــآنُ وَ ثُرَيــــَّآ



الوضع المضطرب
الذي هو حآلة لآ راحة فيها ولا استقرار
يسودها القلق والانشغال والإنفعآلآت ودوافع شتىآ
تدفع بهم إلىآ تعميق الضرر
وزرع الأشوآك التي تظفرُ بتوسيع المسافة بينهما

بين هذا التباعد
وبين صحة عثمان
استطاع مأخراً أن يزيل في المستشفى بالقرية
الجبرعن ساقه وتَعَوَّدَ عليها
بحيث اصبح في كامل قواه العضلية


ثُرَيــَّــآ



كانت ترتمي بين أحضان طفلها الصغير
تحضر مع كل التقلبات التي تعاني منها في حملها
وتتضرع لله في ان يجد لها مخرجا
عله بذلك تستعيد شيء من السعادة المنعدمة في حياتها
مهما حاولت البحث عنها
فهي تتمنى الوصول الى المستحيل
الى قلبه الفولاذي


عبير وسعيد


واوضاعهما طبيعية
يعيشان في سعادة وراحة طبيعية
مناوشاتهما المضحكة مع بعض لاتنتهي
وتقبل منهما امور الاخر يساعدهما على حل مشاكلهما البسيطة اليومية

بدآ في التخطيط لإنجاب طفل
وقد أسعد هذا سعيد كثيرا وهو يبني أحلامه على اطفال المستقبل




عبد الصمد وهند


بعد مناقشتهما على الهاتف
استطاع عبدو أن يراضي هند بشخصيته الذكية
وبدآ حياتهما بشكل طبيعي

رغم ان هند لاتستطيع منع نفسها من الشعور بالغيرة
فمن أجل عبدو وحبه
تحملت أن فاطمة رفضت رفضا كليا أن يسافرا بحجة الكارثة التي أفجعتهم
وبسبب الجد
تغار لانه يرى من الافضل تطبيق كلام امه لانه منطقي
ومع هذا وعدها بشهر عسل من الدرجة الاولى عندما تحل مشاكلهم

لكن طبعا أحبطت من الامر لانها ترى ان من المناسب
تذوق شهر العسل في بداية الزواج وليس نهايته
لكنها صبرت وكتمت مافي صدرها من الخروج



عِـــــــــــصآم
والأنسة إلهآم



إلهآم والاحترام المتبادل بينها وبين عصام
يجعلها لاتدري لما تشعر أنها تعيش في برج عالٍ
منه ترى العالم كله بمنظار اللون الزهري الرقيق

شفافة هي مشاعرها
ومرهفة لأبعد حد
فتتشربك كثيرا
عندما يكون لديه حضور بين اسرته
فتحمر خجلا ولاتشعر انها قادرة هي على رفع عيونها

يساعد احراجها ومشاعرها في النمو بابتسامته او صوت ضحكه في الجو
وبالنسبة لها ضحكته تكون خفيفة الرنة لطيفة على الاذن

* أو أنها بوادر الحبــــِّـ في الطريقِ *

حتى انه بذلك تحس وليس بيدها كانه يساعدها
على أن تصبح كما لم تكن في حياتها
حادة الحس الرقيق وسريعة التأثر
ودقيقة الشعور
ولاتعرف البتة كيف توضح ما في نفسها لنفسها


وقد استطاعت أن تتعلق شد التعلق بنسرين
تلك الفتاة المندفعة ذات الفؤاد الناصع البياض
لم تكن قط متكبرة أو عدائية
بل لقد أوضحت أنها رغم رسوبها
أنها تتعلم اللغة العربية بسرعة
رغم غرابتها بالنسبة لها
وصعبها

وكذا تأقلمها مع مريم التي برهنة على انها امرأة ناضجة
من كلامها وهدوءها




أما عِــــــصــــَآم

فقد كان يقدر ويحترم كل يوم إلهام
ويراقب من بعد ليس ببعيد مواقفها وما يحصل من تغييرات جذرية
في
تصرفات أخته عامة
وتغيرات طباع والدته التي لطالما كانت عدوانية
أكتشف انه فضلا عن ان إلهام فتاة مؤدبة
الا انها ذكية وتدخل القلب بسهولة









فـِـ القَصْرِـــــ المَنْصُورِي ـــِـــي




تأزمت حالة الجد المسكين
وكان من العائلة سوى ان يحاولوا معه للدخول الى المستشفى
لكن طبعا رفض فهو يكره المستشفيات بشكل عام
لدى كان يشرف عليه طبيب العائلة



في هذا الصباح
كما تعودت وقبل ان يصبح والدها طريح الفراش
صعدت مليكة الى جناحه بقلب رازح ومرهق
فوالدها الذي لطالما كان الرجل الصلب القوي
أتى الان اليوم الذي تراه فيه ضعيفا
وهذا زاد من بؤسها

فلطالما يعيش الانسان وكانه يتجاهل أمورا كتلك
فيصدمه الواقع بعد ذلك

بما أنها تعلم بوجود سليمان عنده بالغرفة
يساعده على قضاء حوائجه
طرقت الباب فسمعت صوت سليمان يرد

- السلام عليكم

سليمان يسند والده ليعدل له المخدة
اقتربت مليكة لتعدلها له وبعد ذلك
قالت وهي تمرر يدها على راس والدها
وتقبل يده:
- كيف تشعر الان ابي ...بخير؟

رد الوالد بصوت خائر :
- الحمد... لله

شعرت وكأن جزءا يبثر منها ببطئ وبقسوة
بكل الآلام التي تشق وتمزق قلبها من دواخله
وذلك ليثير رغبتها في البكاء
لكن ولانها تعلم ان البكاء يشعرها انها تميته
لاتبكي فقط لتشعر نفسها أنه بخير
لكن رغم ذلك تعاد على مسامعها كلمات الدكتور
أنه ليس بخير البتة
الامر لايتعلق باي مرض لكن يمكن ان يكون في طور احتضاره وعليهم تقبل الامر

لكن كيف لها ان تنسى والدا احبهم
وعمل واجتهد لاجلهم ولاجل اولادهم
كيف وهو الذي اتى بها الى هذا العالم....؟

وبقيت اغلب الاسئلة عالقة في الهواء
لاجواب
سوى انه القدر والقضاء وعيلهم الرضاء
به







فــــِـــ الأَســـْـفــــَـلِ ـــــي




عَــبِـِــيـــرُ


ابتدأت منذ الصباح الباكر بنشاط معتاد
او يدفعها له شعلة قلبها سعيد

لاتدري للسعادة هته نهاية وهي تتكبلها بشقاوة
تمسكها برقة وتنثرها كبتلات ورود
ونداها يملأ الكون بهجة ولذة وطيبة

تبتسم وها هي تحمل الوسائد لتخرجها الى البهو
وفمها يرسم عوالم من الحب الاسير بين جوانحها واضلع سعيد

ترنحت في مكانها وهي تسمع صوت هند:
- صباح الخير يا سعيدة انت ...ههه ...آسفة اخفتك

قالت عبير بنصف ابتسامة:
- لآ ...على العموم صباح الخير ...مادمت قد نهضت فلتأتي لمساعدتي

قالت هند تنظر الى المخدات المفروش لها ايزار ابيض على الارض
ونظرت لعبير باستفسار:
- بكل سرور ...لكن كيف؟

قالت عبير تعود داخلة الى صالة النسوة:
- سنوضب الصالة هته اتفقنا؟.... وعليك مساعدتي في حمل كل هته الاثقال...حسنا؟

تنهدت هند تكتم صرخة اليأس في قلبها:
- لا عليك ..سأفعل ذلك


تقدمت هند في الغرفة
وبدأت في مساعدة عبير بتوضيب الغرفة
ليس نوعا من التكبر في دمها ما دفعها تتنهد بيأس
بل لأسباب عدة

فلو هي زوجة عادية مرت عليها سنة على الاقل
لكانت تقبلت
لكن وهي ترى أن حماتها تتدخل في كل صغيرة وكبيرة في حياتها
لأمر يفوق طاقتها

تجد الوضع غير مريح
تستطيع ان تبتسم وتعاملها بلباقة نوعا ما
لكن
لايمكن ان تنسى انها امرأة انانية
لم تفكر انها تحتاج الى اصلها تحتاجه بشدة
نوع من نداء الدم الدافئ الى
احضان اناس احبوها رغم تلاعب الاب

قدمت تضحية كبيرة لاجل زوجها
بينما لحد الان تضل والدته تتحكم فيهما كأصابع اليد
متحججة بالاوضاع


شهر العسل
خططت له معه وقررا له من قبل الحفل
ليجدا ان والدته تعارض الامر
حتى يشفى الجد

تنهدت مرة اخرى فشعرت بيد على كتفها:
- ماذا؟..

عبير بابتسامة جميلة تعقد حواجبها:
- هههه تبدين غــــــــــآية في البعد عما تقومين به...على اي انها فاطمة من تريدك .

نظرت الى عبير بتساؤل:
- أنا؟...حاضر سأذهب اليها..

عبير تبتسم كالعادة:
- في المساء ما رأيك لو نخرج سوية الى القرية ...ما قولك؟

ابتسمت هند لطيبوبة عبير:
- سأسعد بذلك



خرجت من الصالة التي افرغتها هي وعبير
تترك عبير غارقة في تنضيفها
بينما هي تبحث بعيونها عن حماتها

سمعت صوتها من غرفة الغسيل:
- انا هنا.. تعالي


اقتربت هند من حماتها في غرفة غسيل الملابس
لتقول وهي تقبل راسها وتنفر شيء ما من جديتها:
- صباح الخير امي ..كيف حالك؟


أجابت فاطمة تنظر الى الغسيل الذي حملته من الغرف
امامها على الارض:
- بنيتي فلتقومي بغسل الملابس هته وافصلي الالوان عن بعضها

نظرت هند مكدرة الى الغسيل الكثير:
- حاضر امي سافعل...

قالت فاطمة تتظاهر بأخذ سلة صغيرة من الارض:
-آلة الغسيل معطلة ....إذا فعليك استعمال يديك وارجوا اسراعك فلدينا امور اخرى في المطبخ علينا انجازها اليوم قبل الغذ

لم تستطع كبت الاستفزاز الذي تعاني منه:
- لكن امي ..الغسيل باليد .. لا استطيع غسلها كلها لما لاتساعدينني او شخص اخر...

فاطمة بغضب:
- الكل منشغل.. فلا تتدمري هند

قالت هند بانزعاج:
- آسفة امي.. لكني لن استطيع غسل هذه الكمية فما تعودت على ذلك ...وتبدوا انها ملابس الجميع هنا.. وانا لست آلة كهربائية لكن يمكنني أن...

صعقة هزت جسدها حتى الارتجاف
صفعتها فاطمة بقوة حتى مالة هند على الآلة الكهربائية
ونظرت اليها جزرا لترى فاطمة في قمة ثورتها
وهي تزم شفاهها وتقول:

- هنا أنا أمك أتسمعين...
وإذا كنت ذات تربية تعودتِ فيها التكلم مع امك بتلك الطريقة فأنا لا ...الكلام أصلا ليس معك سأخبر زوجك ليجد الحل لردعك

اغرورقت عيونها بالدمع
حتى البكاء
تسآئلت في نفسها
ما الذي فعلته حتى تضربني فأمي لم تضربني قبلاً؟؟

سمعت حماتها تقول وهي تضم يديها على صدرها:
- هل تريدين غسلها أم غيرت رأيك

نظرت هند اليها بكره وانحنت على الغسيل تأخده قرب المكان الذي ستغسله فيه
راقبت خروج حماتها
وضربت كل الملابس بقدمها وامسكت منها بين قبضتيها لترمي بها على الحائط امامها

إنها تهينها وكأنها خلقت عبدة
أو خادمة


[بعد أزيد من ساعتين]



وبعد أن انتهت من نشر آخر قطعت ملابس كانت قد تعبت في غسلها
مطت ظهرها من شدة إيلامه لها
تحركت تعود الى داخل القصر
كيف يمكن ان يكون الحب هو الظل الناذر القليل والضئيل
الذي تحكمه بضعة ساعات فقط من حقها
والباقي شقاء لم ترى له مثيلا في حياتها


أعادت السلة الكبيرة الى غرفة الغسيل
وهمت في صعود الدرج الى غرفتها
فالتقت بعبير التي بدت منتعشة بعد حمامها الذي خلصها من غبار التوضيب

- اين تصعدين يا هند ..ألن تأتي الى المطبخ معنا ؟

هند بنصف ابتسامة من قهر الاهانة
وتعب الجسد:
- سآخذ حماما وأنزل ..بعد انتهائي شكرا لك عبير

قالت عبير تبتسم:
- لاتشكريني السنا اخوآت ههههه سانزل باي

صعدت هند وهي في قمة انهاكها

ذخلت لغرفتها ببطئ واغلقتها استنشقت عطره الذي يطفو في الغرفة
واغمضت كلتا عينيها
وإذا بها تشعر به قريبا يتغلغل في اعماقها ويرويها سعادة
ابتسمت لأنه حب يستحق الاخلاص والصبر

انتهت من حمامها ولارغبة لها في النزول اليهن
ما لم يجد لها عبدو حلا يريحها من هذا التعب النفسي

بعد ارتداءها لبذلة رياضية سوداء قصيرة
تقفل بسحابة فضية
تتمايل فوق جدعها سلسلة ذهبية تلك التي حملتها عربونا للحب من عبدو بنصف قلبها الرقيق المتلألأ
وهي تخط لها طريقا الى بداية صدرها
ورافقتها بسروالها الاسود المخطط على الجانبين بالابيض يصل الى الركب


جلست على كنبة قرب النافذة تنتظر ظهوره في اية لحظة فتدري ان تهديد حماتها لن تتغافل عنه وستنفذه
وسيتبعه حديث شاق بينها وبين زوجها لذى تنتظر

لن تدع لحماتها الفرص في ادحارها والتنقيص من قيمتهآ
سمعت صوت وقع اقدام وتعرفه من بين الملايين

فتح الباب واقفله ببطئ وراءه
لكي لايظهر شيء من عصبيته
إنه في حرب بين شد وجذب فكيف يوقفها
والواحدة منهما أعند من الاخرى
وهما الاثنتان لديه مهمتان تقدران بالماء والهواء

نهضت هند بعد ان وجهت له نظرة من يتملكه الغضب
وهفهفت في وقفتها
حتى لاحظ جمالها وشعرها المرفوع تنفلت منه خصلات مجنونة
وهو قوي الشُّقرة
وبدت كانها غصن يميد بملاحةٍ

اقترب من مكان وقوفها
بلباسه المتكون من قميص ابيض مرفوع الاكمام
وسروال اسود قاتم
نظر اليها مطولا
يتمتع في جزء منه بجمالها في لحظات غضبها
وجزء آخر الجزء المتعقل
ينبثق غاضبا منها على تلك المعاملة التي وصلته شكايتها من امه

نظرت اليه هند بغضب وقالت ترفع يديها:

- ماذآ؟...آه لا.... أعرف جيدا ما فعلته أمك... قامت بتعبئتك لتقوم بشحني ...أنا لم افعل لها شيء اقسم ...إن دافعتُ فدافعتُ فقط عن نفسي ....آلة الغسيل معطلة فلما لايوجد من يصلحها ما ذنبي انا اغسل ثياب العائلة كلها انظر الى يدي احمرتا من فرط ....من فرط غسلها ..ضربتني لاني طلبت منها ان ترسل لي من يساعدني وانني لست آلة كهربائية .... ما الذي فعلته خطأ...؟؟

طفقت تبكي بصمت وعيونها في غاية الاحمرار المتناقض مع اخضرارهما:
- أنا متعبة عبدو تحملت وصمتت....لأني أحبك لا غير...أن تقوم بضربي شيء لم تقم به امي حتى ...

نظرت اليه وهي في قمة ثورتها :
- ماذا ؟...تكلم لله ...لا تبحلق بهته الطريقة ...

أخرج صدره تنهيدة
لم يشعر من قبل بهذا الوهن
ضغط كبير ورؤية دموعها وشكوى أمه
يجعل من عذابه أكبر فاكبر


عندما نظر خارجا من تلك النافذة التابتة قربه
ولاحظت هند ذلك
شعرت بالجرح يصبح عميقا
تقسوا الغصة في حلقها وتود بذلك ان تبكي


ابتعدت عنه تحرك رأسها بيأس
وجلست على السرير تضم ذراعيها حول ركبها
ودموعها لاول مرة تنزل بصمت
وهنا تلتمس في شخصها شيء يولد وهو التبات
عن عدم الانهيار


مرر يديه على وجهه وتنهد مرة اخرى
يعدل كتفيه ويمرر اصابعه على رقبته
من تعبه
فالنساء في بعض الاحيان لاتدرين عن هموم الرجال شيء
فلا تبخل بان ترمي الحمل وما تبقى على كتفيه


اقترب منها وجلس على السرير ملاصقا كتفه القوية على كتفها
مع هيبة كتفيه العريضين
حملق فيها لمدة وهو يشهد
ارتجاف ثغرها ودموعها التي تشيحها عنه

- اذهب عني يا عبد الصمد... ارجوك..ومن فضلك..دعني وحدي

وضع ذراعه خلف كتفيها
والصق جبهته وانفه قرب اذنها يهمس
وهي في نفس جديتها:
-لست مجنونا لفعل ذلك... أود امتصاص دموعك....لكنها للأسف مالحة وكثيرة ...صعب..أنا لا أُحِطُّ من قيمة دموعك ...لكن قد اصاب بقرحة في معدتي ...ام تريديني ان امتصها...

ابتسمت غصبا عنها
ونظرت اليه من طرف عيونها وهي تقول:
- لا ..لاتفعل...

همس مرة اخرى بخبث يرفع حاجبا
يطل على جذعها التي لمسته يده
حيث يعبث بسلسلتها:
- أظن أن دموعك ستصل الى هنا.. وهنا و...

مدت يدها تضرب يده وهي تغضن جبينها
وترفع سحاب البذلة الى اعلى:
- كفى ...

ضحك يقبل راسها:
- هههه ...حياتي هكذا أفضل لاتظني انني عديم الشعور...هند تدرين أنني لم اصدق كلام امي ...لم أُرد ذلك ..من جهة لايمكنني لومك أعلم أنك كنت مدللة عند والديك و....

قاطعته هند تبتعد عنه لتلاقي نظرته:
- مدللة ؟؟أنا لم أعش مدللة ...ليس كثيرا.. لكن ما دخل الدلال في الامر فلو كنت مدللة لما علمتُ كيفية القيام بأشغال البيت وانت الادرى انني ....

قاطعها ليهدئها و يمسك أصابعها:
- حسنا أفهم لكن لما تعاملت مع أمي بتلك الطريقة

ضمت ذراعيها بعصبية:

- أخبرتك ولست انوي الاعتذار منها لما تضربني... فلتتحدث معي كباقي البشر لست عبدة لديها....آسفة يا عبدو...أنا فعلا آسفة فلقد لقيت مني من التضحيات والتنازلات الكثير...أولا شهر العسل الذي رَفَضَتْ ان نقوم به لان الفترة ليست مؤاتية ..ثانيا أصلي يا عبدو ...لأجل حبك فقط تقبلت الامور هته وهي فوق طاقتي ....فلو سمحت الافضل ان تشتري لنا بيتا في مكان ما لو تفضلت بفعل ذلك سنكون مرتاحان...

نهض عبد الصمد من مكانه يتخبط في هذا الصراع
ففعل ما يمليه عليه صوت الضمير:

- هند أعاني من ضغوطات شتى ...لا استطيع أن انتقل من البيت فكلنا هنا عائلة متعاضدة ...وعليك.. حياتي ان تصبري من اجلي هه ...وبذلك انزل معك الان لتعتذري لأمي...فهي أمي بمثابة امك.


مزقها هذا التحيز للمحافظة على مشاعر الوالدة عنده
بينما الحبيبة عليها المعانات بما قسم
لا والف لا

لكنها وجدت آلاَّ هته تكسر
عندما رفع اصابعها ليساعدها على الوقوف
وينتهي بزرعها بين أعماق أضلعه
فكما لو انه يخيرها بين الارتماء في النار او التلدد بجنة تحت عبودية الشقاء

همست بشجن موجع لكيانه :
- من أجلك سأفعل... تدري أنك تصفدني وتدري لو كان شخصا آخر لما تركته يفعل ذلك بي ...لكن ما باليد حيلة أحبك...


منحها قبلا دافئة على جبهتها المتهللة
وبين خصلاتها الملتفة
قال يقبل اعمق خطوط بيدها:
- أشكرك غاليتي ...إعلمي فقط انني ساعوضك

قالت ببعض من الأمل يغزوا أفقها:
- بمنزل لنا وحدنا....

قال يغلغل اصابعه بين كتفها
و مدخل تذوق الالحان وانسجام الاحرف
أذنها المحرورة من حرارة الوضع
يخترق ثقبها الصغير حلقة زمردية مشعة فاتنة:

- لا استطيع ان اعدك يا مهجتي...أنني قادر على ذلك الان فلو تري حجم الخسائر التي نعاني منها لذهلت ....بالكاد أحاول وأخي ان نعيد لأصحاب الاحصنة الميتة اموالهم...هذا بيتنا فلو صبرت ستتأقلمين بسرعة.. أمي طيبة مع الوقت ستكسبينها....أما ما أعدك به هو فيض لاينتهي من الحب وأصوغك كما لم تشهدي من قبل ...يــــآ أخلص دم يجري بقلبي...و..

مد يده الى سحاب سترتها بخبث
فضربت يده مبتسمة بسعادة رغم تألمها
- لآ....ههه..
ورمت الاهانات والضغوطات في زاوية مظلمة
وضمت زوجها بحب وتركت نفسها تغرق في قوة ضمته
لكنها تتمنى لو تكون له شخصيته المستقلة يوما
بعيدا عن تحكم والدته
ليت امورها هي أيضا تصبح طبيعية ويصبح رؤيتها لأسرتها أمرا عاديا لايشكل اية فوارق
لكنها تخاف فقدان من يمنحها هذه الطاقة الاجابية الكبيرة
وهي الــــحُبــــــُّ





**********************

فــ مدينة ــــ مَدْريد ــــ الحالمةُ ــــــي




للتحضير للغذاء
كانت تلزم عدة أمور على نسرين احضارها
لذا عرضت على أمها وإلهام أن تذهبا معها لكي تحضر ما ينقصها للغذاء

وكانت الجولة طويلة عريضة بسبب كبر السوبر ماركت
وامتلأت العربة الحديدة بالمشتريات
التي تعاونت فيها النسوة بثلاثتهم في حملها

وكان الجو قمة في السرور والصفاء
والنقاء الروحي
فترفر ارواحهم بخفة الجو الى اعلى السموات
بين احاديث عن حوادث تضحك وتبكي


بعد أن ركنت نسرين السيارة في الكراج
تساعدت النسوة في صعود المصعد الى الاعلى
واكملن مشوارهن الى داخل الشقة


استأذنت مريم من البنات
لرغبتها بالتخلص من رائحة العرق بحمام بارد
فبقيت الاثنتان مع بعضهما البعض في المطبخ تخرجان الاشياء من الاكياس البلاستيكية
لوضعها وترتيبها في اماكنها

وهما في حديثهما هائمتان
لم تسمعا وقع الاقدام وراءهما

- احم ...احم...

استدارت كل منهما
واحدة التي هي نسرين ابتسمت بسعادة
لرؤيتها اخيها في البيت في هذا الوقت المبكر

وإلهام صعقها السَّنَىآ الذي هو البرق في داخل قلبها
وشق صدرها نصفين
يا لهذا الاحساس الممزوج بالاحراج
وكيف يجعلها هشة كقشة

كان يقف في باب المطبخ يرتدي ملابس العمل لكن يرتدي فوقهما روبه الازرق المزركش الرجالي

قالت نسرين بلطافة محببة:
- أخي عساك بخير لما انت هنا في هذا الوقت متى اتيت؟

تحدث عصام وهو يحاول ان يجاهد نفسه
حيث تحته على سرق نظرت للواقفة منهمكة في ترتيب الاشياء
فقال لاخته دون النظر لغيرها:
- عدت مبكرا لاكمل عملا هنا المهم ....هلا حضرتي لي فنجان قهوة ...بما انك هنا

حيته بتحية عسكرية:
- حاضر سعادتك سأحضره واجلبه لك

احنى راسه وعاد الى مكتبه
ترك الاثنتان في ما تفعلانه

نسرين بابتسامتها المعهودة:
- اخبريني بالضبط ما هذا الخجل الذي لانفع منه؟


نظرت الهام بصدمة اليها
وتمنت لو تملك جبلين من الثلج لوضعتهما على خديها:
- اي خجل..؟

نسرين بخبث:
- حسنا ساحضر لاخي القهوة وانتي خديها له سانهمك في الطبخ ...اتفقنا ليس هنالك من مانع؟

شعرت إلهام ان نسرين تحاول دفعها من خجلها لكن
ماذا لو اخبرتها ان خجلها سببه شيء يخذر الاطراف

- ليس ...لدي مانع...

التفت نسرين تعد الماء على النار
واستدارت تساعد إلهام في ترتيب الخضار في الثلاجة

فخطرت لإلهام فكرة انه يجب عليها التكلم بما خطر لها من افكار
رغم ان ليس لها دخل بحياتها لكن أمر يدفعها لفعل ذلك

- نسرين...

ابتسمت نسرين لها :
- نعم

إلهام وهي تتخد لها مكانا على كرسي قريب:
- أتمنى ألا تنزعجي من كلامي لكن مجرد فضول...

- تفضلي ..

قالت الهام بتردد:
- لما لم يفكر ...ميغيل بالدخول للإسلام...أقصد ما دام يحبك لما لم يفعل؟

نظرت نسرين بصدمة وارتباك حتى انها لم تجد لسؤال الهام جواب:
- لربما ...لم يقتنع به كليا...ليس إلاَّ لكنه يفكر في الدخول له...

تحدثت الهام مرة أخرى بهدوء:
- وماذا لو أخبرتك ان في الدين... ديننا الاسلام ان زواجك باطل ...اعني لايمكن أن يحسب ...مثلا ان فكرت بالسفر للمغرب لن يعترف بك انك متزوجة ...إذا لم يسلم...

بدأ يزحف ثقل الانزعاج على خيوط اعصاب نسرين:
- لست ادري في هذا الامر... لكننا لسنا مضطران للسفر

قالت الهام بذكاء:
- لست مضطرة لرؤية قبر اختك يوما...

هنا اصابت وترا حساسا بقلبها:
- ساراها طبعا لكن ...

قالت الهام بنفس الذكاء الذي سيخلق نوعا من الهواجس في نفس نسرين:
- اعرف فتاة تزوجت باجنبي وهي مسلمة وهو يخبرها دوما انه يحبها فطلبت منه ان يعتنق الاسلام وفعل وكان هذا مثل هدية سعيدة لزواجهما واقتنع الرجل بالدين بعد ذلك


اخترق السهم الهدف
وبعث بسم ليس بسم مميت في قلب وعقل نسرين فعله
- أنا... ميغيل يحبني...يحتاج فقط أن يقتنع...

قالت الهام بنفس الوتيرة:
- لما لاتجربي مادام يحبك...فلابد سيسلم وستكونين قد ضربت عصفورين بحجر واحد وكسبت الثواب والاجر
والحبيب المحب


نهضت نسرين من مكانها وتغشى عيونها ضبابة الافكار
لاتشعر الهام بمثل هذا السوء نوعا ما وبالخوف من ردة فعل الفتاة
لكنها فرحت لوصولها الى هدفها
اليس عصام يتعذب من اجل اخته ولايرضى خسارتها لذلك يراعي لمشاعرها
مخافة فقدانها
فإذا لما لاتتذخل بطريقة غير مباشرة

بعد أن حضرت نسرين القهوة اعطتها لإلهام وابتسمت
رغم ملاحظة الهام لها مهمومة نوعا ما
وكأنها خلقت في مشاعرها شكا يقتلها
وتتمنى فعلا ان تتصرف بطريقة واعية


حملت الهام القهوة الى مكتب عصام
الذي كان يجلس على كنبته الوتيرة
مسترخيا لكن ما ان رأى محضرة الفنجان
حتى قفز واقفا من نبالته وحسن خلقه

تقدمت الهام تشعر انها تكاد تنهار من خجلها
وحمدت الله في نفسها كثيرا
لانها لم تسكب محتواه في الصحن الصغير

- تفضل سيد عصام..

امسك عصام عنها الفنجان باحترام قال:
- شكرا انسة الهام على تعبك ...

اغرقها كلامه حتى اذنيها خجلا
واجابت بالكاد همسا:
- لاشكر على... واجب حضرتك...

استدارت
ولاتدري انه لِشَيْءٍ فيها سَحَرَهُ
خجلها اشعره انه يغوص في رحِم التقاليد المرهفة
ان تكون الفتاة خجولة شيء يزيد من سحرها
ويعزز قدرها بين الاعين

حرك راسه مبتسما وعاد لمكانه يرتشف قهوته التي كان يتمناها ان تخفف عنه اعصابه المشدودة من العمل
ليجد انها ارتخت بشكل غريب دون ان يعلم
او ان يشرب القهوة

كان يصعب على الهام ان تتحرك اكثر
مسافة كبرى من مكتبه
فقد اكتفت بالوقوف لاسترجاع لونها الطبيعي
كيف لها ان تكني تلك النسرين انها للمماطلة كبيرة
ووضعتها بمهب الرياح



نسرين بالمطبخ كانت حزينة
فهل صحيح انه من يحب يتنازل كليا للحبيب؟؟؟
لكي بالمقابل يحصل على حبه؟؟
وماذا سيحدث لو جربت ان تضعه تحت الاختبار ؟؟
ان تمنعه عنها وترى ان كان مسلوبا بحبها حتى امتدادات العدم؟؟
لو كان كذلك فهي عليها ان تكتشفه
عليها ان تتاكد من حبه فليس كل شيء بالقول
عليه ان يضحي ايضا
وتتمنى لا بل هي فعلا متاكدة من حبه لها
لدرجة اعترافه بالاسلام كدين له




************************

في القصر المنصوري

فـِــــ جَـــنَـــآحُ ــــــي
عُـــــثْــــــمآنْ
وَ
ثُـــــرَيــَّــآ




جذوبة الملل جتث منها أنفاسها
فهاهي تمد يدها لروبها تنفضه لترتديه وتتحرك للباب
فماعادت تكفيها رائحة الاراضي العذبة من الشرفة

وإذا برغبة قوية في الخروج تجتاحها
على عبور نطاقه وتحدي الحاجز بينهما

فكما هو يملك مفاتيح
خروجها من أبوابه الديقة في سيطرته الكاملة عليها

فهي بقدرة القادر تستطيع
أن تتحدى سلطته المتمكنة تلك
الراسخة

فتحت الباب ببطئ
ودفعت الباب خلفها بخفوت
صدمتها رؤية جسده التابث يقف كاملا يوليها ظهره
مرتديا سروالا اسود
وعاري النصف العلوي

كم اوجعتها تلك اللمحة التي استرقتها منه
من هيبته الموجعة حتى اعمق شريان ينبض فيها
تلك العضلات التي تتحرك بطريقة عادية
مع طويه لفراشه فقد بقيا نائمان الى ساعة متاخرة كل منهما
كان في خضم تضاربات مشاعره
وفقدان النوم منها

تراجعت ونفس الضعف يتملكها
ورغبة غبية في استرجاع شيء من حبه المفقود

لكن متى ستقلع عن سداجتها
اكتشفت انها ذرفت بحار من دمع ثقيل ساخن
فمتى عاد عليها بالنفع

اتكأت تضغط على صدرها
علها بضغطتها تلك تفرغ ما يثقله من وجع
لكن وجدت طريقا واحدة مهما تعددت الطرق توصل اليها
الى العيون التي تتفجر من احاسيسها

اِستجمعت من قوتها ما تبقى
واعتدلت تستنشق الهواء الذي هرب من رؤيته
فارتطمت في مكانها وهي تهم بمغادرته الى غرفة الجلوس
بجسده


تفرس في مظهرها بغرابة
وبعدها اصبحت الغرابة كثلة متجسدة من المشاعر
وجد انه يسد عليها الطريق من الهرب من نظرته السوداء
او ايجاد وسيلة في الهروب من امامه

رمقته بحذر لاتريد أن تحيك حول نفسها مصيدة بقربه منها
فاسترخت تقول:

- صباح ..الخير ...

مال أكثر
حتى انصهرت تحت حرارة انفاسه
رغم ابتعاد بؤبؤيها عن عمق عيونه
فلم تبتعد كثيرا بل ظلت حبيسة دفئه

فمما اشتهت نفسه فعله هذا الصباح فضل التعبير عنه
بما سجله عقله
فلربما هو من العشاق المستورين تحت طيات الكبرياء
ويخفي ذلك عن نفسه وعن الآخرين

- المجدُ لثغركِ....يخطفني
مثلُ... العطشان إذا ورَدَ
أسمَعُهُ... بالأُذُنينِ وبِالعَينَيْـــنِ
إذا غنَّىآ ...وشــــــــــــــدآ
مرتعش جسدي بالنَّبرآتِ
كَمآ في الصيف إذآ... ابتردآ
الشفة العليا... زقزقة
والشفة السفلىآ ...رَجْعُ صدىآ
....

نظرت اليه فلاحظت وكأنه يلتهم شفاهها بعينيه من وجعه
والارتباك بذلك يعيد لها صوت الضمير بالا تنجرف
كيف تفهم مايصبوا اليه من كلامه
كانت شعلة صغيرة تتبلور حول نفسها وتكبر في جوفها
لتسعدها وتفرج عن بسمة من ثغرها

قال بنبرة متمللة:
- لابد مِن أن ما ظل في ذاكرتي منذ قرأت شعر ذلك الشاعر... وجدت أنه لربما ضرب من الجنون التفكير بأن معشوقته تلك عادية أو حصل و كانت كثيرة العيوب.....

ابتعد عنها بشيء من الاستهزاء
مما جرح كبرياءها وهزها فعلا
يرسل دوما رسائل تعرف قراءتها وهي مختبأة بين الاسطر
كيف تفهمه وهو أعقد من خيوط الألغاز الغامضة بمئات المرات

نحَّت عن نفسها الإحباط
فلا ينقصها ان تزيد على نفسها وابنها ما لاتتحمله

- عثمان ...
قالت تنظر اليه يجذب له ملابساً من الدولاب

- ماذا ....؟

نظرت اليه بثقة رغم كبر الخوف في صدرها
شيء لاتستطيع عليه امرا
فعوامل شتى ساعدت في خوفها من غضبه
كالحب مثلا وقوة شخصيته الغالبة

ثريا بتردد تخفيه تحت قناع القوة وهي تضع يدها على خصرها :
- أنا سأخرج اليوم ....

قال بهدوء دون صدمة:
- جيد بالمرة تتخلين عن جو الكئابة هذا...لا اريد لابني ان يكبر كئيباً

شُطِرَتْ بين صدمتين الاولى موافقته
والثانية لا اهتمام له بها بل بطفله
وإذا بالصدمة الثانية تمحي الاولىآ:
- إذاً انت... لاتمانع البتة...فقط لاجل ابنك


أكد وهو يأخذ مناشف جديدة ليدخل الحمام اكرمكم الله:
- اطلاقا...وبالطبع سترافقك امي وشخص آخر

قالت ثريا تترنح:
- لايمكنني القَبول ...أريد الخروج.... من دون رفقة احتاج للبقاء وحدي

نظر مباشرة الى عيونها الرمادية من بين رموشه السوداء وبصرامة مطلقة:
- وأنا ارفض... لن تخرجي سوى مع امي..وانتهينا

على كلمته تلك اقفل باب الحمام وراءه
يحاول اجتياز الامور بصبر وتمكن
لكن يكاد يفقد صوابه من مذهلته

ويجيره من لوعته واشتياقه الذي احترق من فرطهآ
غير تفكيره المنطقي ورجاحة عقله
يشعر أنه يفقد روحه شيء فشيء في قربها الذي لايستطيع اختراقه

ليته يتخلص من لهفته ووجعه المضني
فلولا قناع الكبرياء والقسوة لكان انهار كجبل شامخ


دنت ثريآ من الدولاب
مسحت تلك الدمعة الغبية التي تدحرجت بالغصب منها
يهتم بابنه ...
وهي ؟؟؟
لاتهمه في شيء
إذا غريبة هي عن عالمه
بينما من في بطنها يكون من لحمه ودماءه

فتشت بين ملابسها
لتجذب احسن ما لديها من فساتين
فستان يتمايل بين الزهري والرمادي الباهت

وارتدت حجابا ورديا
بعد أن وضعت واقيا من الشمس الحارة على وجهها
مع ملمع للشفاه شفاف
وشيء من المحمرة على خدودها
وبدت طبيعية بشكل ساحر
فكان مقصدها أخفاء شحوبها
ورشت شيء من عطرها لتبهج به انفاسها ومعنوياتها

خرج من الحمام اكرمكم الله
ونظر عثمان اليها باهتمام

- كل هذا من اجل استنشاق الهواء
اقترب يمعن في وجهها
ورفع وجهها بغير لطف

انتثر دقنها من راحة يده بقوة
فقد كرهت لمسته تلك
فليس بها اهتمام سوى سلوك تملكي بحت

- الافضل الا تلمسني عثمان ....فلايهمك أمري ...لايهمك سوى ابنك إذا لاتلمسنــــي أتسمع

نظر اليها والغضب يتملكه:
- أنت زوجتي ارى على وجهك مساحيق اكره بروزها امام احد...وتقولين...أنا هنا تنفذ اوامره فهمت؟
فيكفي انني اتحملك اصلا لولا ابني ..لكنا في عداد المطلقين لاتنسي

أخفضت نظرتها وهي تصر على اسنانها
كمية الحزن التي تخنقها باتت وشيكة على الانفجار في اية ثانية

سمعته يقول بنبرة كريهة:
- امسحي ما على وجهك الان بدون جدال

راقبته يرتدي ملابسه
والحرارة تسجن عيونها كرهت هذا الالم منه كرهته بقدر كرهها لنفسها
لم تتحرك وبقيت في مكانها
تحدي منها أو يأست منه


بِي مِنْ جِرَاحِ الرُّوحِ مَا أَدْرِي
وَبِي أَضْعَافُ مَا أَدْرِي وَمَا أَتَوَهَّمُ
وَكَأَنَّ رُوحِي شُعْلَةٌ مَجْنُوَنةٌ
تَطْغَىآ فَتَضْرِمُنِي بِمَا تَتَضَرَّمُ

تحركت من مكانها الى الخارج
ونصف الدموع على خدودها
نظر اليها
بل كان يراقبها وعلم انها عاندت ولم تمسح ما على وجهها فناداها :
- ثريا .....عودي ...ثريا....

أغلق ازرار قميصه بسرعة
ليلحقها وبه خليط متموج من المشاعر

متألم أنآ,مِمَّآ أنآ مُتَأَلِّمُ؟
حَارَ السُّؤَالَ وأَطْرَقَ المُسْتَفْهِمُُ
مَاذَا أُحِسُ ؟ وآه حُزْنِي بَعْضُهُ
َيشْكُو فَأُفْرِغُهُ وَبَعْضٌ مُبْهَمُ
بِِي مِنَ الأَسَىآ الدَّامِي وَبِي
مِنْ حُرْقَةالأعْمَاقِ مَا لاَ أَعْلَمُ

خرج من الجناح مسرعا
يقفل ازرار كميه ونزل الدرج بخطوات رشيقة
وكان في قمة ما يفعله لدرجة أنه ما لمح الطيف امامه إلاَّ بعد لحظة
تجمد الدم في عروقه حتى ظنه
سيسقط في مكانه
فقد خارت أعصابه من عدم التصديق
عدم الفهم
عدم كل شيء

أكمل الخطوات الفاصلة بينها وبينه
وانحنى عليها
مغشي عليها فقد كانت مستلقات على الارض قرب الدرج

ناداها بصوت متأثر:
- ثريا...
أمسك بوجهها يحاول استعادت الحياة منه ومن ملامحه بكل لهفة وحاجة
فقد تربع الخوف في قلبه بوحشية ينهش فيه
ما الذي حدث بالضبط:
- ثريا ...حياتي ارجوك ثريا استفيقي....امي ....أمي ..فليساعدني احد أرجوكم......




يتبع.................

 
 

 

عرض البوم صور Jάωђάrά49  
قديم 18-01-10, 09:59 PM   المشاركة رقم: 32
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
كاتب مبدع


البيانات
التسجيل: Jun 2009
العضوية: 147004
المشاركات: 5,481
الجنس أنثى
معدل التقييم: Jάωђάrά49 عضو جوهرة التقييمJάωђάrά49 عضو جوهرة التقييمJάωђάrά49 عضو جوهرة التقييمJάωђάrά49 عضو جوهرة التقييمJάωђάrά49 عضو جوهرة التقييمJάωђάrά49 عضو جوهرة التقييمJάωђάrά49 عضو جوهرة التقييمJάωђάrά49 عضو جوهرة التقييمJάωђάrά49 عضو جوهرة التقييمJάωђάrά49 عضو جوهرة التقييمJάωђάrά49 عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 2060

االدولة
البلدMorocco
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
Jάωђάrά49 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : Jάωђάrά49 المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي

 


بسم الله الرحمان الرحيم
:
:
:
:
:
ولاحول ولاقوة إلا بالله
:
:
:
:
:
:
الجُزْءُ الثَّلاَثُونَ
:
:
:
:
:




بَـــعْـــدَ َالْـــحَــآدِثِ

فــِـ مُسْتَشْفَىآـــ القَرْيَةََ ـِـــي




حضر للمستشفى كل من مليكة وفاطمة وعبير
سعيد وعثمان
أما سليمان الذي بقي قرب والده ذو الحالة المتدهورة
وعبد الصمد لم يستطع ترك المزرعة
بينما هند فضلت البقاء لاستقبالهم في البيت
واستغلت الوضع لتخبر امها بما جرى على الهاتف


وهم ذارعون لرواق المستشفىآ
فما كانت ابدا سقطتها تلك سهلة
كان كل منهم متخبطاً
في قلق ...وانقباض شديد في الصدور
يرفقه انزعاج جسماني وارتعاش
فالأم وعبير تكاد تفنى بخوفها على فلدة كبدها
وفاطمة تبتلع حسرتها
فوريث كان سيجيئ ليحظى من نور الوجود بشيء
قدر له الوفاة


القلق يخيم على الجميع
يرخي ظلال الهم على الوجوه


جثمت عبير في مكانها تحرك رجلها بعصبية
متكئة هي على الحائط
ولاتقدر سوى على توجيه نظرات ناقمة لعثمان
القابع معكوف الظهر جالسا لايزيح عيونه من باب غرفة العمليات

فغصبا عنها
تدري انه يسبب لاختها الكثير من الحزن
وانسان في جحوده لايوجد
كانت تقضم اظفر ابهامها من كثرة شكوكها

اقترب منها سعيد يمسك بيديها ويحاول تهدئتها
بوضع راحة يد منه دافئة على شعرها
ليشعرها بالامان والطمئنينة:
- ستكون بخير فلا داعي لعصبيتك إدعي لها ...

ان اعصابها تُدَمَّرُ والحزن كئيب
رصين لايهزل
بل يجتهد الحزن في قلوبهم الى تدييق الامل ونوره

- كيف تريد يا سعيد ان اهدئ انها اختي ..الوحيدة..

وجهت نظرة أخرى لعثمان
واستند سعيد قرب عبير يلاحظ نظراتها

- ألن تصارحيني ..؟..ما الامر؟

التقت بنظرته وملامحهما في قمة الجدية:
- لست ادري ...ما يمكنني قوله .. اني لست مطمئنة للوضع لاغير...

سعيد وما احترفه قلبه من حب في عبيرته
وما نسخه من تعابير ملامحها في جميع الاحيان
يوجعه شيء ما
ان تكون فتاته ولديها اسرار
تكبر على يديه يوما بعد يوم
وتنغرس في جسده كالبياريق المرفرفة
ورغم الامر هذا الا انه يعتبرها كيانه الذي صاغه وكونه
يريدها ان تعترف بالخفايا بين تشعبات عقلها
وان تتحدى الحدود وتعيش معه على صفحة ناصعة البياض

لكن لايوجد في الكون امر مستوٍ تماما
وكامل من جميع الجهات
ولكل انسان اسرار ولو كانت بسيطة فهو يدرك حجمها
الذي قد تصبح عليه ما ان تصبح في مشاركة الاخر

وعبير ووعدها لاختها
وحياة اختها ككل ليس من شانها التدخل فيها





عُثْمَآنُـــــ



تَرَاهُ جَامدَ الملامح لايتكلم مع أحد لايعير لدموع الاخرين اهمية
ليس لانه عديم الشفقة بل لانه
لايوافقهم على تلك الدموع العقيمة
اين مكانه من كل هذا؟

يشعر انه يوشك على نهاية لقصته
ابتدعها بيده ونحتها بكبرياءه
الذي اقتلع طعم وحلاوة الحياة من جسده وروحه
من حياته ككل
فبعد ان وجدها وتاكد انها سقطت على الدرج
وبعد ان لمح نظرتها المتوسلة لأمها
ونفورها منه
ازداد همه ازداد واحتدم عليه قفص العذاب
يهشم أضلعه من الألم ويفتت كلس عظامه

انه محاط بالغم من كل جانب
يستعيد بالله منه
لكن وفي فترة انتظار جواب لسؤاله
يتعايش مع هذه الدماء التي تسري اشواكا في عروقه

أغلب الوقت يرجع بالزمن لبضع الوقت
كيف قمعها وبوحشية لارأفة ولارحمة فيها

كيف فكر انها ستبقى على حالها دائما تحت الضغط
فالضغط ذاك
كان ان يسبب لشخص اخر الموت في حينه
أهلك صبرها وخرب نفسيتها

مهما كانت تبقى بشرا ولديها مشاعر
لما لايرحم نفسه
فهي نفسه
هي وجدانه
هي تقبع في دواخل واعمق قياس في داخله
عمق يشعره بالتعب والارهاق فهي طاقته
هي من ملكته وملكت مَوْرِدَ سَعَادَتِهِ


عصر مجموعة اصابعه بعضها ببعض
كيف استطاع معاقبة يمامته؟؟؟
لانها فقط
تشعل نفسه مشاعر وهاجة
لانها فقط
العذاب والوجدان والنار
وأنه هو السنى العسجدي الذي شق اناملهما
وترك كسرا كبيرا بين جوانحيهما



اقتربت عبير من امها
وجلست قربها تربط ذراعيهما
وهي تشعر بالراحة
لان امها تكتم الحزن وراء ابتسامتها المتعبة:

- ستكون بخير باذن الله يا عبير... اليس كذلك؟

عبير بشجن مغلف بقوة ومزخرفة بابتسامة اخرى
واصابعها تلتف على ذراع امها
لتزرع في صدرها الامان:

- باذن الرحمان يا امي فلا تحملي هما انها قوية ....




دنت فاطمة
من المكان الذي يجلس فيه ابنها عثمان
ونطقت وهي تربت على كتفه:

- يا بني من اين لك هذا الحظ التعس؟؟ آآآآآآآه... لست ادري من اين اصابتك تلك العين ....

نهض عثمان فقد ضاقت به الى اقصى حد
وكأنه يتمنى ان يدفن نفسه
أو أن يرى نفسه أمامه
فيقتلها ويذيقها من القساوة التي يتجرع ندامتها

عندما لاحظ ان الدكتورة تخرج من الغرفة اقترب يسألها:
- كيف هي دكتورة...كيف حالها؟

تحدثت الدكتورة بصوت واثق
وهي تنظر الى البقية الذين انظموا لسماع الاخبار:
- بخير ...الطفل أسقط لكنها بخير والحمد لله انها لاتعاني سوى من بضعة ردود خفيفة على جسدها ..عن اذنكم..

سألها عثمان بلهفة مرة اخرى يتبع ممشاها:
- هل يمكنني ان اعرف متى ستخرج وهل يمكن لنا الدخول اليها؟

الدكتورة وهي تعدل نظارتيها على طول الرجل الضخم:
- ستخرج غذا لكن لا انصحكم بالدخول اليها الان... لانها لاتزال تحت خدر العملية فقد كانت دقيقة...


تحدثت فاطمة تقول:
- والان يمنعوننا من رؤيتها على اي حال ...سعيد بني سخن السيارة علينا العودة..

نظرت عبير ومليكة شزرا اليها فردت مليكة:
- سابقى هنا مع ابنتي اذهبي انت...

ردت فاطمة
كما لو انها تدافع عن نفسها أو تجد المبرر لذلك:

- لما تنظرين الي يا مليكة بتلك الطريقة ...كما لو كنت انا السبب في اجهاض ابنتك.. اليست هي من لم تكن محترسة كفاية على نفسها...؟


نطق عثمان بفظاظة وصوت يكسر الآذان:
- امي... كفاك والله ما نعانيه يكفينا لم يتهمك أحد ...ارجوك سعيد خذها وانا سابقى هنا...

اكفهرت فاطمة وخرجت مسرعة

فتكلم سعيد وهو يتبع امه بنظرته ومن ثم يلتفت الى زوجته :
- عبير ...هل ستاتين؟

حركت عبير راسها :
- لا سابقى معهم هنا اذهب انت ..

انحنى على راسها وعلى راس عمته يلثمهما ويهمس:
- ساذهب اليها اذن وان شاء الله تخرج ثريا بالف خير إذا سُمِحَ لكما بالدخول ابلغا لها سلامي وتمنياتي بالشفاء...




كانت عبير تموت لكي تجعل عثمان يتحدث
فمن ملامحه تستطيع ان تقرأ حزنا وشيء مختلفا كالندم
تريد ان تتأكد ان كان هو من تسبب لها في الحادث
لكنها ستكون فظة معه وليس لها دخل بينهما
رغم كونها أختها

هذا التناقض تركها تبقى بعيدة عن الامر برمته
وتنتظر مع امها علهم يخبرونهم باستفاقتها







*************************



بـــــــَـــعـــــْــــــدَ يَـــــوْمـــــَيــــْنـــــِ




خرجت عبير من السيارة
ومدت يدها لثريا لتخرج وراءها هي الاخرى
فتسندها

وها هي العودة الى قصر السجناء الاغنياء
المترفين في هموم الحب
والمتلفين من وحشة كبره وفراغه

تلقت ثريا يد اختها الباردة نوعا ما
وارتقت معها السلالم
ليس هناك تعب قوي أكثر منه نفسي

وبصدرها عجاج صراخ لايخرس
وكبت يفوق الاحتمال

إذن فهذا هو الحب ليس سوى عذاب لايتجزء
كلمة قوية كالصخر
موردة من كل الجوانب
وملأى بالاشواك السامة المألمة
وكيف ومن سينتشلها من همها؟؟

دعت الله وتوقفت في افكارها على حل وَآحِدْ
وستنتهي القصة الى الابد وتعيش هي على ذكراها
فما نفع الجرح الطري اذا لم يوجد له ترياق


كان سيكون ابنها الترياق
في ايام العذاب معه التي كانت لتصبر عليها
والان انقسمت الاقدار ليسير كل منهما وفق ما حدده


اصعدوها الى غرفتها
وساعدتها عبير على دخولها سريرها

بينما أمها كانت تجلس قربها وتقبل راسها وتقول:
- حبيبتي جعلها الله لكي من مغفرة الذنوب ...آه الحمد لله على كل حال...

ابتسمت ثريا لأمها تعبر بذلك على تجاوبها
لكن في قلبها في اعماقها
تعاني معاناة كبيرة من جراء الفقد بكل انواعه

- لا يا أمي انا ...بخير أحتاج للنوم ..قليلا

ردت الام وكلها اهتمام :
- لا بنيتي...ستأكلين وبعد ذلك تنامين...لكن فقط ارتاحي ساذهب لاحضر لك شيء

عبير التي كانت تتفرغ صبراً
لرؤية امها خارج الغرفة في تلك اللحظة

واندفعت تجلس قرب اختها التي
تحركت بتعب لتريح ظهرها على المخدة:
- ثريا لست بغبية والان بالذات ستخبرين عن سبب سقوطك...هل دفعك ؟

التفت ثريا على عبير بنظرة معاتبة
ولايخلو صدرها من زخات الجمر إيلاما:
- عبير إن بعد الظن إثم ...لم يكن له دخل في سقوطي ....بل اصابتني اغماءة غريبة واستسلمت لها للأسف...لم استطع ان اتشبت بشيء ..أو اجلس حتى...

رمقتها عبير بحسرة وامتدت يدها الى يد اختها
وهمست بحنان:
- هل انت حزينة ....

ارتفعت عيون ثريا اليها والابتسامة على شفاهها:
- لاتدرين كم حزنت لكن.. الحمد لله ...أعلم شيء ان كل شيء سينتهي ....فلن تتحملي همومي بعد اليوم

فغرت عبير بعدم استوعاب:
- هلاَّ جُدْتِ علي بسردٍ سهل لكي افهم ما تعنينه...

اغلقت ثريا عيونها
وخرجت التنهيدة محملة من أوساخ الحياة
بكل الهموم والاحزان:

- ليس الجيد ان اتكلم الان ...اريد الراحة...على فكرة جدي كيف حاله ...احس انني قصرت معه علي زيارته في المساء اليوم حسنا...؟

هزت عبير أكتافها:
- بالطبع ليس هنالك من مانع لكن على الاقل ارتاحي فالإجهاض يسرق من المرأة نصفها.. فحاولي الراحة....


سمعت الاثنتان طرقا وحمحمة خفيفة انثوية بحتة:
- السلام عليكم ...ايمكنني الدخول؟

قالت ثريا تبتسم هي وعبير:
- أهلا وسهلا بالعروس ..اقتربي يا هند...

جلست هند تقبل وجنتها:
- آسفة ان ازعجتكما لكني كنت مصرة على رؤيتك يا ثريا ...الحمد لله على خروجك سالمة..

اومئت ثريا براسها:
- الحمد لله...ياه والله امر منفر ان تكوني عروسا جديدة وترين مشاكلنا هته اتمنى الا يؤثر عليك الوضع....

قالت هند مبتسمة تربت على كتف ثريا:
- لا بالعكس بخير ...والحمد لله على سلامتك...وان شاء الله "ستعوض"


كلمة انغرست في جميع مسام ثريا إبراً
وبألم
تعويض عن الذي راح ليس أمرا جديدا
تقال ككلمة تدل على استمرارية الحياة
لكن للواقعة وقع عميق بكل المقاييس في روحها
وبالخصوص وان ثريا تدري كل الدراية
أنه عوض من نفس الشخص مستحيل
أن يكون...




بعد أن اندمجت الفتيات بالكلام
عن هذا وذاك وأمور غريبة وامور تتعلق بالحياة عامة
وابتعدن كليا عن العلاقات بازواجهن
فكانما كل منهن تعاني نفس التذبذب في حياتها
وتخاف قلب المواجعـــــِ
إلا عبير
التي تدري انها ترفض الكلام عن نجاح علاقتها بزوجها
أمام اختها لكي لاتزيد من تأزيم الأثر في نفسية ثريا





فــــِـــ اَلْــــمَــــســَـــآءِـــــي





للآن لم يصعد الى الجناح
ليس لأنه لم يرد
بل أكثر ما يتمناه في حياته
هو مواساتها ومسح الحزن من عيونها
لكن كيف وهو من تسبب في سقوط الطفل
فلو لم يكن قاسيا
جاحدا
لما حصل ما حصل لكنه يقبل قضاء الله
ما لايقبله أن يذهب ويعتذر كيف ستتقبل ذلك؟؟
قد تعذبه اكثر من عذابه الحالي

ففضل البقاء في صالة الرجال وحيدا يحاكي
الموجات المتتالية من الذكريات
بشكل مد وجزر لاينتهـــيـــــِ


سمع صوت امه في الرواق تحدث الخادمة والتفت
يعلم أن لها دخولا الى الصالة لامحالة
فجأة ظهرت أمامه ونظرت له باستغراب:

- بني يا قرة عيني لما أنت هنا...؟
احساس الام غلب عليها فاقفلت الباب واقتربت من ابنها لتجلس قربه

- ما الامر بني ...هل لاتزال متأثرا ...أعلم الامر صعب لكن ستعوض ..بإذن الله ستعوض...

ابتسم ليلطف الجو:
- محقة امي سنعوض ..هذا ما اتمناه حقا

سألته أمه من اهتمامها :
- لما لاتصعد الى زوجتك لم المح طيفك فوق ؟

تحرك عثمان في مكانه:
- سافعل ان شاء الله فقط بعد أن تكون قد ارتاحت ونامت بشكل جيد...

رفعت أكتافها وربتت على ركبته:
- كما تشاء ساكون في المطبخ وبعد ذلك ساصعد الى جدك ...ولاتنسى زيارته ايضا..مسكين الله الشافي الله العافي

وتركته لتخرج
فيضل هو سجين افكاره ومشاعره
المتضرمة والمحترقة







فــــِــي اَلْـــمـَــسَـــآءِ





استطاعت أن تنهض من سريرها
فهي تعرف انها قوية وتستطيع ذلك

وكم حزنها عميق
بحيث أنه لم يستطع عيادتها أو السؤال عنها
لما سيفعل ذلك ؟؟
فإن فعله سيلومها وليست بحملٍ لإتهاماته


خرجت من الحمام وهي منتعشة ومرتاحة
ارتدت قميصا في اللون الاسود طويل الى الاقدام
مع حجاب ابيض
رغم بياض وجهها فقد عكس المناطق المتعبة فيه
بشكل كبير
وفكرة انها ستعود من عداد المطلقين
تستحوذ افكارهآ




خرجت ثريا من الجناح
واقتربت من الدرابزين تسند نفسها لتصعد الى جدها
ولتراه وتكون بقربه فلا احد يدري متى قد يتوفاه الله

بعد أن وصلت الى الطابق
ارتطمت نظرتها بالخارج من الغرفة
كان زوجها
عُثْمَآنـُ

للحظة ظلت عيونهما متشابكة
كانت في قمة ارتباكها والجرح بسببه يزداد عمقا ووجعا

اما هو وهو يرى وجهها الذي عهده نضراً
يعكس الان ذبولا
فذهبت نداوة ثريا
وانطفئت ثريا وضَمُرَتْ
بحيث اختفى بريق الحياة من عيونها
واستوطنتهما الغربة

اقترب منها وهي تحاول تجاوزه بجمود:
- ثريا لما لست في الفراش ...عليك ان ترتاحي ؟

لم تنظر اليه حتى وأجابت:
- أنا بخير ولست بحاجة.. لسؤالك او اهتمامك
"أمر مناقض لضمئ قلبها"


تجاهل جوابها يقول:
- هل اتيتي لرؤية .. جدنا؟

تجاهلت اجابته والتفتت لتكمل طريقها
لكنها وجدت نفسها بين يديه القاسيتين الدافئتين
والألم يطل من عيونه

- عثمان لسنا اطفالا فلتدعني...

تنهد بياس وهو لايقدر على عبور الغلاف الذي اغتلفت به:
- هل استشعر من برودك انك تلومينني لانني السبب في الحادث؟

انسلت بلطف او تعب من يديه
واغرورقت عيونها دمعا
وهي تريح يدها على ازرار قميصه
ومن ثُمَّ انزلقت اصابعها الى دقنه:
- لست انت السبب بل كلها انا ...(ابتسمت غصبا عن المها)... ماعاد هناك شيء يدعوني للتظاهر ...آسفة أنا لانني كنت سببا في دمار حياتك فلم اتقصد ذلك ...أنا فعلا أحببتك لو تدري...وأحبك... انا لا استحقك
فاتمنى ان تغفرلي عثمان فكونك تحملتني شيء لايطاق أَعْلَمُ ...لكن اتمنى ان تعلم انك ستظل بالنسبة لي دائما شيء كبيرا رغم قسوتك ...

انحنت على يده تقبلها
وابتعدت تتركه في دوامة
يحاول ان يمسك الامور بين يديه بدل انفلاتها هكذا
لم يزحزح نظره منها
وكلماتها تصدح بروحه...وقبلتها تتغلغل بل وتغلغل يده منه
فما عادت ملكه
الى ان دخلت الى غرفة جده
وهو يفكر بان هناك شيء يشير الى......


لكن صوت سعيد من الاسفل
يعلن عن انتظاره مع عبد الصمد
وسليمان للذهاب الى الصلاة
نزل الدرج مسرعا رغم رغبته القوية في البقاء
وانتظار خروجها وفك كل هته العقد
لانه يتمنى ان يجد الخلاص من عقد العادات والتقاليد حلاًّ ومخرجاً





بعد خروج ثريا من عند الجد



وجدت دموعها تزحف على خدودها
ترى جدها الرجل المغوار في العائلة
ينهار وقد انهار
فبالكاد يستعيد الوجود بينهم فنصفه غائب ونصف منه حاضر
فانهت وداعها معه عله يسامحها



بعد نزولها الى جناحها
وجدت عبير هناك تنتظرها
كانت ترتب لها ملابسها في الدولاب

- عبير ...دعك من ذلك سوف ارحل على اية حال...

صدمت عبير والتفتت بسرعة الى اختها:
- ترحلين ولكن...ثريا هل انت بخير؟

قالت ثريا باختصار:
- اتمنى ان تخبري الجميع باني اريد التحدث معهم ...اقصد فاطمة وامي وانت وعثمان...(رفعت ثريا يدها تمنع عبير من الكلام) اسمحي لي يا عبير لاتتدخلي افعلي يا اختي ما اطلبه منك ...


حسنا وهذه هي النهاية
ماعاد هناك مستقبل ولا حلم منه
لم يترك في علاقتها بحبيبها سوى اشلاء من الماضي
انقطعت منها بوجع



نزلت عبير وكلها هائمة على وجهها
استطاعت بالكاد ان تخبر امها وحماتها برغبة ثريا في محادثتهما
وطلبت من الخادمة ان هي رأت عثمان
ان تطلب منه ان يصعد بدوره




فـــــــــــِــــــــي الجَـــــنـَـــآحِ




بقيت تذرع الغرفة رغم تعبها جيئة وذهابا
وتوقفت على الكثير من الافكار التي مرت بعقلها
فمثلا الم تقسم على الانتقام منه
فوجدت ان الانتقام شرس عليها وعليه ففقد ابنهما ليس بالهين
وقد كان قضاء من الله وقدره
والان تحس بان ما سيحافظ لها على بعض الكرامة
هو اخبارهم بالحقيقة
والطلاق أخيراً


سمعت خطواتهن في الجناح
فبقيت واقفة في مكانها الى ان دخلن

قالت امها بتساؤل:

- ثريا ...ما الشيء الذي تريدين ان تخبرينا به بنيتي

وتبعتها فاطمة :
- هل هو بهذه الاهمية ؟

همست ثريا بهدوء لايعكس ما بداخلها
- اجلسا اولا....(جلست امامهما بدورها على احدى الكراسي)
انا اردت ان اعترف لكم بسر...اتمنى ان تسمعانني الى النهاية....زواجي من عثمان سينتهي... اريد الطلاق...ارجوك حماتي دعيني اكمل ...السبب انه تحملني اكثر مما يقدر واحترمني اكثر مما استحق فقط لانني انتمي لعائلته...لايمكنني ان احمله فوق طاقته ...فلو كنت غريبة عن العائلة لكان طلقني منذ زمان ....من هته الناحية نحن متفقان...


قالت فاطمة وهي تنهض من مكانها:
- هل اثرت بك السقطة يا ثريا... ما هذا الحديث يا ربي؟

نطقت عبير الواقفة:
- امي ارجوك اجلسي واستمعي لها فلا اظنها تهذي
نظرت عبير الى اختها وتلقت منها نظرة امتنان

ثريا تحاول باكثر وثوق من نفسها:
- زوجي يا امي لايحبني... السبب انني كنت فاقدة لعذريتي قبل الزواج بسبب حادث....وهذا هو السبب ...عثمان كان انبل رجل وحاول ان يستر على الامر لكني لا اتحمل ان اراه يتعذب معي وهو يُــ...يُرَغِّمُ على نفسه العيش معي كنت ساصمت وكان سيصمت لو عاش الطفل لكن لاشيء يربطنا بعد الان....


سمع كلامها الاخير فقد دخل الغرفة
وكأنه خنجر يغرس بيدها في قلبه بسم دعاف اسود سريع الانتشار

تهدلت نظرته على وجهها عيونها المتعبة العاتبة على الحبيب
شيء يفوق مقدرتها على النسيان ما دفعها الى الاعتراف
تريد التخلص من السجن والسجان

انها الزنبقة الطاهرة وبسببه
ارتخت تويجاتها وبهتت من طراوتها
وارتسمت عليها خطوط عميقة سوداء

الم يكن هو من ذرها كذرات الملح
هي من كانت مجموعة الجسد العقل الروح والقلب
أَصبحت أجزاءً الوانها مُختنقة مِن الأسَىآ


يراها وكانه يراها لاول مرة امرأة
انفرادية في تفكيرها
ونجحت في قطعه من الحلقوم لكن بأرق طريقة
لم يستطع مع هذا الوجع في قلبه
بل في كامل صدره ان يتكلم او ينظر الى الوجوه الاخرى
ولم يستطع حتى ان يبعد نظرته منها
لما لم تخبرهم بانه كان يعذبها؟؟؟؟
سؤاله هذا زاد من عشقه لها




صدمت والدة ثريا مليكة من كلام ابنتها
فوجدت في تلك اللحظة عبير قربها تضمها لكي لاتنهار
فقد عانت وتعاني ماخرا من صدمات متتالية


اما فاطمة
فقد اكفهرت وملامحها
اظلمت ونهضت من مكانها والتقت نظرتها بابنها


- عثمان أحلف لي يا بني أن...أن ما نطقت به تلك المرأة صحيح

لم يستطع ان ينطق يريد ان ينكر
لايرضى لحبيبته ان تهان ولانفسه حتى
لكن صمته اشعل ماتبقى

- عثمان اليوم ستطلقها... فلا يوجد بيننا منافقات خادعات ناكرات للجميل...كيف استطعتَ أن تخفي عني أنا أمك يا عثمان...أمرا كهذا؟؟

نهضت مليكة تصرخ وهي في قمة اضطرابها:
- فاطمة اصمتي والا قطعت لسانك ...إبنتي أشرف من كل البنات فلا يطالها لسانك اتسمعين...

قالت فاطمة بثقة وقبح:
- بعيدا عن ابني اتسمعين ايضا ..لانها لن تبقى دقيقة واحدة في منزل واحد مع ابني ... انظري ثريا من جهة جيد انك اعترفتي لاني لن اترك ابني يتعذب بامر مخجل كهذا حتى لو كان حادث ما حصل فلايمكننا ان ...

لم ترد ان تصل بكلامها الى مس شرف الفتاة
فخرجت تنادي عثمان ليتبعها

نظرت ثريا اليه وهي تقترب من امها
والألم كان يصعر بفؤاديهما وسط هته الدوامة
طئطئ راسه ليخرج وراء امه

واشعر ثريا هذا بخفة لانها ستتحرر
لكنه ادمى قلبها
وشرخ كل ما فيها ليتسرب الالم من كل جسدها

دنت من امها:
- امي ...كل شيء حدث بسرعة... ولا احد اعطاني الوقت ..ظننت انه سيتفهم وضعي لكنه...لكنه بالكاد تحمل وجهي يا امي من شكه...

ركعت قربها تضع راسها على ركبها

- انا حزينة فلا تتخلي عني ...

ربتت مليكة على راس ابنتها
وهي تمسح بيدها الاخرى دموعها
عبير لم تستطع سوى ان تضع راسها على كتف امها
العطوف
لتغرق في بكاء مرير هي الاخرى




فــــــــــــِــــــي الصَّـــالـــَةِ السّــُُفْــــلِـــيـَّـــةِ



وبعد اغلاق فاطمة الباب
لاحظت شرود ابنها فهزته من ذراعه
حتى التقى بنظرتها:

- ما الذي فعلته يا عثمان تدري ان الزواج منها كان حرام...زواج باطل

في أعـــــماق نفسه المعذبة

تنهد مختنقا بالعبر
ليت امه تستوعب ولو القليل لانه بصراحة سيجن مما يحدث
وكيف له ان يكذب كلامها
ما الشيء الذي سيمحي الشكوك التي حاكتها ثريا حولها الان
يشعر ان قلبه ممزق

جلس خائرا
يزرع كم اصابعه في خصلات شعره

اصرت أمه:
- الن تخبرني الان لما اخفيت عني امرا كهذا يا عثمان؟

قال عثمان بصوت هادئ :
- امي ...حصل كل شيء بسرعة وليس هناك ما يشرح...

فاطمة بنفاذ صبر:
- سوف تتصل بالعادل لياتي الى هنا ...سوف تطلقها لترحل في حالها لايمكن ان تبقى...في بيت واحد معك.

نظر الى امه بتعب ودهشة
وكانها تطلب سلخ روحه من جسده
فيبدو له امرا مستحيلا

وفي لحظة فكر انها ثريا
وانها تحبه رغم كل ما ارتكبه في حقها
وتركت لصورته لديهم افضل شكل
بينما هي اعطت نفسها مقدارا ضئيلا
الان يدري انه هو من لايستحقها
لانها اطهر واخلص صفاء في الروح من اي شخص عرفه في حياته


- حسنا امي ....كما تشائين اتصلي انتي او ابي به وارجوك لاتشهري بالامر ليبقى بيننا ...فمهما..كانت هي..من دمنا...

حركت فاطمة راسها لتخرج من الصالة وتتركه
يمسح على وجهه بتنهيدة
متحشرجة
تتعرج وكأنما وضعت في طريقها احجار مألمة ومسننة





فـــِ جَنَاِح سُلَيْمَانُ ـــــي



بعد ان اخبرته فاطمة بكل ما كانت تكبته من كلام قالته ثريا
ومن كلام يصدر عن عصبيتها
وتشنج نفسيتها
كان سليمان هائما يفكر

فاطمة وهي تذرع الغرفة من جانب لاخر:
- لامفر من ذلك سيتطلقان فلا احد منهما متشبة بالاخر

نطق سليمان برزانة:
- ومن اخبرك؟؟ ... لابد من انهما يعزان بعضهما

رفعت فاطمة يدها بعصبية:
- خرافات.. سيتطلقان لا ارضى لابني ان يضل حبيسا للشكوك والاسى معها فليذهب كل منهما لحال سبيله وهذا الافضل

- ساحدثه يا فاطمة واعرف منه ما ....

قالت فاطمة مقاطعة:
- ابدا ابنك تحدثَ مَعِي وهو متاكد ...و بنفسه من طلب حضور العادل فارجوك دع الامور تسري بسهولة

وقف سليمان كالتائه:
- لكنها من دمنا انها ابنة العزيزة اختي كيف....

- لاتدخل الدماء في الموضوع لم يتفاهما ...فلن نجبرهما على البقاء مع بعضهما البعض...واتمنى الا نُعلم الجد بشيء فقد يتأزم

تنهد سليمان :
- طبعا والا زادت حالته سوءا...ساذهب لرؤيته ...لاحول ولاقوة الا بالله...بدل ان تساندينهما وتقفي بجانبهما تايدين الفراق اليس هذا صعبا...

- لا أأيد أحدا انا اجد ان ما توصلا اليه هو الحل الصواب ...ومن قال انها لم تتعمد السقوط حتى تفقد الطفل ...لكي تسهل عليهما الامور

تنهد سليمان فقد تاه في التفكير
واخد يستغفر الله في نفسه
وماداما قد فضلا ان يفترقا وشعرا بالراحة في ذلك فليس عليه ان يجبرهما على العودة لبعضهما




فـــِــ جَـــنَــــآحِ عُــثْـــمَــآنُ وَثُـــرَيـَّــآ ــــــــي




كانت في كامل ملابسها
تتسلل من زجاج الشرفة أواخر خيوط الغروب
وتسدل اهدابها على جسد ثريا الواقف
ملتفا في تنورة من الجينز واسعة مزمومة عند الخصر وطويلة
مع قميص راق صنعه في الزمردي
تتدلى منه احجار راقية جميلة في الاخضر كلون الجاد
واثقنت الحجاب على راسها ملتفا على حناياه

تخلت عن النقاب فلن تلبسه بعد اليوم
لم يعد هنالك من يحكمها في لبسه

رتبت ملابسها في الحقيبة
ومدت لها عبير حقيبة صغيرة تحتوي مجوهراتها
الخاصة بها فأي شيء اشتراه عثمان تنوي تركه

- اختي انت تحبينه ....

اجابت ثريا بتلقائية:
- من..؟

جلست عبير على طرف السرير
- عثمان ...لما تتخلين عنه انا لو خيروني في ترك سعيد او البقاء بقربه لبقيت حتى لو آلمني ذلك فحبه يساعدني على البقاء....

قالت ثريا بشجن:
- تلك انت عصفورتي الصغيرة عبير ...لكن انا يا حياتي أمري مختلف الشك يخرب الحياة....وانت الحمد لله وماشاء الله ليس لديك مشاكل والجيد انك لن تفرطي فيه مهما حدث ...جيد...كيف حال امي ...؟

قضمت عبير اضفرها:
- تناولت مهدئا ونامت ...

قالت ثريا وهي تقفل الحقيبة :

- بعد ان ننتهي من الطلاق
علي السلام عليها فسفري بعيد الى فرنسا
لدي صديقة في باريس ساتصل بكما من عندها...وسابدأ في الكتابة الشيء الوحيد الذي استطيع فعله دون ان يتحكموا في حجابي هناك...

قالت عبير باحساس مرير:
- ساشتاق اليك فلم نفترق قط بعادك سيكون رهيبا على نفسي ...

ردت ثريا تمسك يديها :
- وانا ايضا لكن هناك مسنجر وهناك هاتف...فلا تكبري الامر

- ليتني امتلك مثل برودة اعصابك يا ثريا الصراحة اتمنى من كل قلبي ان تجدي الشخص المناسب في حياتك الذي يعوضك عن ما آلمك


اجابت ثريا في نفسها
لو كان يحمل ملامح عثمان وروحه ودفئه
لو كان هو نفسه مع بعض التعديل ينفي من ترصفاته التوجيع
فلربما قد تقبل به
لكن انه الوحيد من كان سيدها وسيد قلبها وجسدها
وهكذا سيبقىآآ

قالت عبير تنهض من السرير:
- سانزل لأرى ان اتى سعيد ...سادعك ..هل تريدين ان ابقى تبدين مرهقة انك فعلا مجنونة ...كنتِ استطعت الانتظار فوجهك يظهر تعبا شديدا...

قالت ثريا تبتسم فوق المها:
- اذهبي انا بخير... يا الله لاتعاملوني وكانما ساشنق بعد قليل ههه..

- حسنا ..

بعد خروج عبير
مسحت ثريا دمعاتها الفارة
وتنفست بعمق مع الارهاق الذي تشعر به
اقتربت من المنضدة وامسكت هاتفها لتجري الاتصال لتتاكد من حجز مكان لها على الطائرة
وبعدها اقفلت الهاتف تضعه لتجذب من المجر جوازها
وهي تتفحصه بقيت على تلك الوضعية

فخطوات حفظتها عن ظهر قلب بل رشمت
في روحها سعادة في عدة اوقات
تتقدم في الجناح

شعرت به يدخل ويرمي سترته على السرير
ولم ترفع عينها اليه

اقترب عثمان منها من المكان الذي تقف فيه جامدة
- ما الذي جعلك تفعلين ذلك؟

نظرت اليه بالكاد وقالت بهدوء وكلها ارتجاف ونبضها يكاد يثقب صدرها:
- لأجلك...لأنك تعبت مني ومعي ...وانا لست ناقمة عليك فانا بالعكس اشكرك

أمسك كتفها وادارها اليه
ونظر الى وجهها المتعب والمرهق
وانحنى تسبقه انفاسه الدافئة لتلفح جبينها وبعدها تترسى عليه قبلة
وبعدها نظر الى وجهها
الذي لاقاه منه نظرتها الغريبة:

- تدركين انني ..مهما حاولت لن انساك...

ابتسمت بوجع لاعترافه الصادق:
- غريبة ولا انا ...ولاتنسى انه لأمر صعب بما انك ابن خالي ..لايجب ان ننقم على بعضنا...لا انا ولا انت...

غشته غمامة الحزن وهو ينظر اليها:
- هكذا ...أحسن لك...سترتاحين مني...

ارادت ان تتكلم لكنها اختنقت في العبارة
فاطرقت بعيدا عنه براسها
لتتحرك وتضع الجواز على الحقيبة

شعرت بدوخة وجلست ترتاح فقد انهكت جسدها
وهو يحتاج للراحة
لكنها فضلت ان ترتاح روحيا قبلها جسديا

قال وهو يطفئ ضوء الاباجورة ويشعله:
- العادل ...سيصل بعد لحظات ....هل لديك اية شروط اية طلبات...؟

نظرت اليه بابتسامة جميلة
رغم حزنها فما ان تنظر اليه تحس انها تود منحه اجمل ما فيها:
- لا ...ههه..لست استحق اي شيء ..فقد حصلت على اكثر من ذلك لست في محل لفرض اية شروط ..اريد طلاقا سهلا ..اتنازل فيه عن كل الاشياء مهما كانت تافهة...

تحرك ليخرج من الغرفة وهو يقول:
- امرك ...ماتريدينه يا ثريا سيحقق...

خرج من الغرفة
لم يحاول أن يبقيها
بدون اهتمام تركها فلم يستطع ضمها لآخر مرة
ألا توجد في قاموس حياته كلمة شكر واحدة عن الحب العاضف الذي هدرته عليه
شذب منها الشرايين المحيطة بقلبها
بل وفلق قلبها وهاهو يهاجر بأكبر مكان فيه
ذلك القلب الذي وجد فيه الموطن الدافي
بينما هي وجدت في قلبه المنفى





بـــــــــ حضور ـــــــ العادل ــــعد





جلس الطرفان حول المائدة
والعائلة لايخفى عليها هذا الحدث المألم
الذي اخدت تتوزع فيه نظرات الشفقة ومنها نظرات الاحتقار
وقد شعر كل من عثمان وثريا بانهما يقادان الى ساحة الإعدام
مضت هي على الورقة وبيد واثقة
نظرت اليها بغرابة وكانها ليست يدها
وعثمان الذي كاد ينفجر في اخر لحظة
لسبب فقط انه يريدها ان ترتاح منه ومن قهره
الذي بات يكرهه في نفسه
فضل الامضاء دون المحاربة
وان لايكون انانيا
بحيث يحصل عليها ويعبث بمشاعرها وكانها لاتشعر
ظن ان حياتهما مرتبطة الى الابد اللانهاية
لكنه مخطئ
بعد امضاءه خرج من القاعة كليا
وتبعته ثريا بحيث هو خرج من الباب وهي صعدت الى جناحها فتبعتها
عبير لكي تبقى معها تخاف عليها من الانهيار

لكنها صدمت من برودها وجمودها
اخدت حقيبتها وودعت اهل البيت بشيء من التحفظ وخرجت
من القصر
لتصدم بوجوده في احدى السيارات يدخن
ليست في وضع لتحاكمه
التقت بنظرته
نظرته تشكي هموما كبيرة
ينظر اليها الان تحررت منه واصبحت حرة كالحمامة تفرد جناحيها
حتى انها تخلصت من النقاب وكم حرقه هذا في قلبه
خافت ان تخونها دموعها من وقوفها لملاقات نظرته
لذلك جرت حقيبتها التي لم تستطع ان تضعها في خلف السيارة
بسبب تعبها
الى ان حضرت عبير وسعيد
سعيد الذي التزم الصمت بينما الاختان تصعدان الى المقاعد الخلفية
وهو يدخل خلف المقود ليسوق


وقد بقي الزوجين مع ثريا الى ان ركبت طائرتها المتوجهة الى باريس
ولم يستطع سعيد غير ان ينظم الى زوجته المحبطة
يتفهمها وهو ويهدئها

- هيا يا عبير دموعك غالية عندي فاذا تحبيني فعلا... كفاك بكاء

انكمشت على قميصه:
- لا استطيع سوى...سوى ان ابكي ....فلا تطلب مني المستحيل




عــُـــــــثــــْــمــــَــآنُ



يمشي كالتائه في الحقول
فضلَ أن يشعل ناراً قريبة ويجلس قربهآ
ان يبتعد عن البيت فبات يكتم على انفاسه

فك كل ازرار قميصه هو من تعود على النظام
يشعر بصخرة تثقل على صدره بألم
يريد اخراجهآ أن يتنفس لكنه لايستطيع
لآيــَـسْـــتَـــطـِــيــــــعْ





****************************





بــَـــعـْــــدَ يَــــوْمـَــيْــــنِ




وكانت الصدمة الكبرىآ

ففي أولىآ ساعات الفجر توفي الجد رمز العائلة المناضل
أو ظلها الكبير
انتقل الى رحمة ربه

وخلف وراءه تزلزلاً كبيرا في نفوسهم
رغم الصبر ترك بهم اهتزازا قوي واضطراب شديداً
غير ان الحزن كان متأصلا بكل جدوره في قلوبهم
صعب اقتلاعه
هو من كان دو منزلة رفيعة وعالية



وبدأت التحضيرات للجنازة
ومليكة وسليمان إبنا الجد يتحركان بشكل آلي
فالصدمة لم تكن قوية بكثر ما كانت لاتصدق
وكانهما سيستيقظان في يوم ما على وجوده
لكنه ذهب من دون رجعة
وماتركه..... ذكرى عظيمة لاتمحىآ من العقول أبد الأبد


حضروا للجنازة
واستقبلوا العزاء الذي سيدوم لمدة ثلاثة ايام
وفي هته الفترة كانت عبير قمة في الحذر
فوقوف امها بهذا الشكل يشعرها بالريبة
تخطت صدمة ثريا والان فقدانها لابيها
فعبير تشك في ان امها قادرة هي على الصمود طويلا لذلك ترافقها
من خوفها عليها كظل لها




فاطمة ما كان يهمها كثيرا رغم موت الجد
هو ابنها عثمان
فهي اكتشفت مع سليمان ان الطلاق اثر به كثيرا
حتى انها كادت تفنى من خوفها عليه
فلم يعد الى المنزل منذ الطلاق وهو خارج القصر
تائه في كبر الاراضي
وبذلك كلفت سعيد ان يبحث عليه مع عبد الصمد

وجداه بسرعة لكن الاخوان تفهما عزلته وفضلا تركه
ولم يخبرا امهما على مكانه
لكي لاتزعج الهدوء الذي يرغب في الانطمار بعمقه



واليوم طلبت منهما ان يخبراه بموت جده ليحضر الجنازة
بعد خروج الاخوان ووصولهما بالسيارة الى وسط الاراضي توقفت السيارة ليخرج الاخوان

عبد الصمد بتعب :
- سعيد ...اني اراه ...انه هناك..

التفت سعيد الى المكان الذي يجلس فيه عثمان
سارحا في نظره
يداري جراحه ويكبت وجعه
والمساميرة التي تنكس حاله

- لقد رأيته ...حسنا فلنذهب اليه..

باقترابهما من المكان الذي يقبع فيه عثمان متكئا على شجرة
متفرعة الفروع
نظر هذا الاخير الى اخويه القادمين فاعتدل في جلسته

سعيد يلقي التحية:
- السلام عليكم...عثمان عليك ان تاتي معنا..

تأفف عثمان:
- لما ...؟ اخبرتكما اني لا اود الذهاب للقصر الان ....عندما ساكون في مزاج جيد سآتي الى هناك بطيب خاطر

تكلم عبد الصمد وهو يتامل حال اخيه
بلحيته النامية واهماله الواضح:
- عليك ان تاتي فجدي توفي ....لقد مات في الساعة الاولى من الفجر ....

نظر عثمان بصدمة الى اخويه يستجدي تفسيرا اوضح
لكنه فهم :
- مات ...( أظاف بعثرة اخرى لخصلات شعره المشعت ) لاحول ولاقوة الا بالله....إنا لله ...وإنا اليه راجعون

قال سعيد يشرح:
- لقنه والدنا الشهادة والحمد لله مات دون أن يُعذِّب أو يُعَذَّبَ

نهض عثمان يصلح ازراره ويقفلها على بعضها
ويتلفت حوله وبعدها قال يتقدمهما:
- هيا فلنذهب ...

تبعه اخواه وهو يسرع الخطى
لكن عبد الصمد لمح هاتف اخاه في مكان وجوده ملقاً:

- عثمان...هذا لك...كنت ستنساه هنا

قال عثمان باضطراب:
- اجل اشكرك..

ركب عثمان في الخلف بينما قاد سعيد
وعبد الصمد جلس عن يمينه يشغل المذياع على القرآن




*********************




فــــــ باريس ـــــي




بإحدى الدور العالية
تقع شقة صديقة ثريا التي عرضت عليها بنفسها
أن تقيم فيها معها
بما ان صديقتها تلك تدرس الطب
فهي لاتعود سوى متأخرة للبيت
وهذا يترك لها البيت تتعايش مع وحدتها فيه

وبما انها بدأت تفكر جديا بالكتابة
فضلت ان تبحث عن فكرة تمحور حولها القصة

في غرفة نومها حومت حولها الكتب بالترتيب
وحطت مذكرة وقلما مقلما بشكل جيد
وبدأت رحلة استكشافها في المطالعة

إنها بعد أن تركت القصر شعرت بوجع أكبر
يثقب فيها حتى العمق
يبحث فيها على مكان يستوطنه ليخلد الى الابد
ولايزال الاجهاض يعود عليها بالتعب والدوار
لكن ما لايزال رافضا الاندمال هو فراقها الموجع عن عثمان

فهي الان تشتاق اليه الى قسوته حتىآ
لكن الامور صارت على هذا النحو واذا وافق على الطلاق بتلك السرعة
فلأنه تمنى ان لايراها في حياته

رن هاتف الشقة الذي منحته لاختها لتطمئن عليها
ورفعت السماعة تجيب:

- السلام عليكم من معي...؟

ردت عبير بصوت مختنق:
- انها انا عبير ....ثريا ...اتصلت بك لان جدي توفي ...هذا الفجر

بدت الصدمة على ملامح ثريا وتقلص تنفسها:
- يا الله ....اللهم جلل عليه الرحمات...كيف... حال امي ..؟

اجابت عبير تصغي الى الضجيج قربها:
- انها تبدوا بخير لكني لا افقدها من نظري ...كيف حالك انت؟

تنهدت ثريا بتعب وابتسمت من دون سعادة:
- بخير ...الحمد لله على كل حال ...ارجوك اخبري امي انني حزنت فعلا لموت جدي يا الله لا اصدق أنه ... رحل ...إنا لله وإنا اليه راجعون... المهم ...اهتمي بها وابعثي بسلامي لها فساتصل بها في وقت آخر



وعامت ثريا في بحر افكارها المترامية
كيف ياترى يشعر عثمان الان ماهي ردة فعله اتجاه موت الجد؟
لم تبكي عليه لان دموعها جفت
الوجع قابع بين جوانحها ويسري في شرايينها يأذيها
لكنها تصبر على ما قدره ربها لها




******************



بـــــــعــــــد ثلاثة أيـــــــآم

فـــِــــــ مـَــــــــــدْرِيــــــــــدْ ـــــــي
اَلْــــــحَــــــآلِــــــمَــــه






في مطعم مغربي راقٍــ
وضعت فيه زرابي رائعة مزركشة ومخدات قمة في الاناقة مع سدادر
منحدرة
وموائد خشبية انيقة ومزخرفة

الهام كانت خجلى
لان عصام طلب منها ومن امه واخته أن يأخذهم الى هذا المطعم الفاخر
وكانت توشك على الرفض عندما جاء رفض
أخته سابقا
ففضلت ألا ترفض دعوته
فليس جيدا في حقه

كان العشاء عبارة عن لحم في قضبان رقيقة مشوي ومتبل
مع الشاي الذي لايفارق الجلسة ابدا
وقد كانت سعيدة وهي ترى السعادة مطلة من عيون مريم
وابنها هادئ ويبدو عليه الانشراح هو الاخر

لكن لاينفي هذا أنها لاتفكر بنسرين
عهدتها منذ تعرفت اليها انها صاحبة
أكبر قدر وفير من النشاط
والان هي تبدو لها قمة في الشرد والتيه
فأين ياترى اصبحت في افكارها وهي هائمة طيلة الوقت

حتى ان عصام لاحظ ذلك
وإلهام تخشى من ان تكون هي السبب في شرودها
ذآك


أخرجها من أفكارها المتضاربة
عصام بقوله:

- كيف ترين المطعم هنا....؟

سبقتها ابتسامة خجلة
ونبضها تزعزع حتى سكب سائلا يرخوا في ركبها:
- في الواقع ...هنا أجده رائعا ....ولكن..

كان عصام باسطا ذراعيه اليمنى وراء رأس والدته
والاخرى في الجهة اليسرى منه:

- ولكن ماذا..؟

أكملت وهي تتنفس بعمق:
- أجدهم يغالون في الترف ...أجل لايمكنني أن انكر انهم جمعوا الثقافة قدر المستطاع هنا ...لكن...

حرك عصام راسه مبتسما:
- تجدين المكان للمترفين في الغنى فقط اليس كذلك ...هو فعلا التكلفة لعشاء واحد تقدر بالكثير لكنها لاتغلى عليـ...عليكم

غمرها بلطفه وانحنت ترتشف من كأس الشاي

قالت مريم:
- افضل الكسكس ..واو عندما ياتي بي بني في يوم الجمعة الى هنا ...تجدينه مليئاً بالمغاربة عادة رائعة...والطعام لذيذ

أومئت إلهام برأسها

- انت محقة...

ابتسمت ورغم الكلام معهما
والبعثرة التي يعاني منها قلبها في حضور عصام القريب هذا
إلا انها لاتستطيع أن تنسى نسرين من رأسها




[فــــــِ شقة عِصَآمُ ـــــي]




كآنت نسرين رآفضة للخروج مع أخيها إلى العشاء
سبب قوي
أنها فضلت البقاء في البيت وحدهآ تنتظر زوجها

فكرت أن كلام إلهام واقع لآيمكن الفرار منه
ما الضرر الكبير الذي سينجم عن اختبار زوجها
كما يقال الحب يعلو عن جميع الخطايا

ارتدت حجابا برتقاليا
بشكل عشوائي
ورمت على جسدها قميصا طويلا فضفاضا أخضر فاتح
وجلست تنظر لإنعكاسها البائس في المرآة

الخوف موجود هو سبب لهفتها لوقف الموضوع
او وقف سيل الشكوك في قلبها عن تعذيبها

سمعت المفتاح في قفل الشقة
بقيت في مكانها
بل تحركت الى حافة السرير بشكل تهم بالوقوف
لكنها بقيت جالسة
لم تستطع سوى ان تضم اصابعها اليها تسندها على دقنها
وجسدها يميل الى الامام والخلف
باضطراب


سمعت صوت دييغو يناديها في الرواق
- نسرين ...ميا أمور ....

إنه في المطبخ
فلم يجدها
إنه في غرفة الجلوس
فلم يجدها
وهاهو لايفصله سوى بضع خطواتعن الغرفة
فنهضت تتنفس ما استطاعت من الهواء
كما لو انه على وشك النفاذ
وهي تكاد تصبح مريضة بمرض الربو لديق تنفسها

دخل يقول مبتسما يرمي الحقيبة على السرير
ويفك ربطة عنقه
وبعدها يقترب من المنضدة يفك الازرار الجميلة والساعة:

- أنت هنا..؟ ظننتك في المطبخ ....ما بال المنزل فارغاً؟

قالت بابتسامتها المرحة ترفع عن اكتافه العريضة السترة:
- ذهبوا الى المطعم ...ورفضت الذهاب معهم

ابتسم بخبث وضمها من خصرها وقال بتضرم:
- لما ترتدين الحجاب هذا...؟ ليس وقت الصلاة الان الست مصيبا؟

ابتسمت واستدارت اليه تزيل عن عنقه
ربطة العنق:
- كيف ابدوا به....؟

نظر اليها بعدم فهم :
- جميلة هذا دون نقاش ...

قاطعته نسرين بمرح:
- سأقوم بلبس الحجاب دوما....

انتبهت لردة فعله وقد لاحظت الصعقة على وجهه:
- هل ستديمين ارتداءه....أعني حتى في خروجك...؟

قالت تقترب منه وتنظر في عينيه مباشرة:
- طبعا ...أنا أولا وأخيرا مسلمة لما لا أكمل اسلامي بحجابي ....وأشياء أخرى...؟

شهدت تغيرا على وجهه
ظلاما يكتسي ملامحه :
- منذ وصول تلك الفتاة إلهام الى هنا وأنت مختلفة....لايمكنني ان لا اقبل ....فانت حرة حياتي...

مرر اصابعه على ذقنها ووجهها ويشعر بالغرابة وهي تحجب شعرها عنه:
- لكن هل انت متأكدة من قرارك ...ولاتتسرعين ...؟

حركت راسها وابتسامتها لاتفارقها:
- ابدا احببته وسألبسه...انه جميل اليس كذلك...؟

نظرت الى نفسها في المرآة
وهي ترنوا لزوجها من المرآة في صمت تتفحص ردود فعله بدقة

تحدث بشيء كان لخمس ايام او اكثر:
- هلا سألتك عصفورتي ...انت بخير اليس كذلك؟

التفتت اليه :
- أجل لكن لما..؟

اقترب منها يجدبها من خصرها ويقبلها على خدها
لكنها ما ان اراد احتواء شفاهها حتى ابتعدت:
- ههه ما الذي يصيبك...؟

قال ميغيل بصرامة ونفاذ صبر:
- انت ما الذي يجري لك لما لا يسمح لي بتقبيلك الست زوجتي....لا أنسى انك رفضت النوم معي منذ يومين فهلا تفضلت بشرح مفصل للسبب...

ارتعدت من الداخل
ورفعت يدا مرتجفة الى خدودها الحمراء :
- أعلم...

- وما تفسيرك هل مثلا ..ما عدت مهتمة بي او تعانين من امر ما..؟

قالت له بصراحة مطلقة:
- ميغيل ..أتحبني ....؟

نظر اليها باستغراب ومن ثم قال ينصاع لها:
- هه ...حسنا ساجاريك ..أجل سيدتي انا اعشقك ...(اقترب منها يضع جبهته على جبهتها يهمس)...والعشق اعمق من الحب إنه مقام حب متقدم..ويجسد إفراط رهيــــبا في المحبة..إنه يعمي المرأ عن كل شيء ...سوى عن محبوبته (منحها قبلة رقيقة على خدها وغلبتها على اثرها الابتسامة)
وتلك الحقيقة تسري في جميع أجزاء بدني ..وقواي وروحي..وتجري مجرى الدم في عروقي ولحمي..لأزيدك ...يغمر يا معذبتي جميع مفاصلي ومتصل بوجودي...وليس بي متسع لسواه...فهل هذا يكفيك..؟

أصابتها نشوة الحب بالحيرة
كلامه اسكتها واصمت صوت الشك بداخلها
ولم تجد في يوم صنوانا لميغيل في كلامه المعسول

لكن الحيرة اكتسحتها ما الذي تخسره إن اخبرته بما يجول في خاطرها

- أعرف انك تحبني ... لكن يظل هناك امر

تنهد وقال:
- ما هو..؟

قالت مستغلة الوضع وتتكلم بدلال وهي تتعلق بعنقه:
- إن كنت تحبني كما تقول وأكثر ...فأسلم إذاً واتبث لي حبك...

شعرت به يتشنج تحت يدها حتى انه ابتعد عنها شبه ثائر:
- هلا أخبرتني من عرض عليك مثل هذه المقايضة...أنت تشكين بحبي لدرجة أنك تضعيني في فوهة البركان اليس كذلك....؟

زمهرت نسرين واحتقن الدم في وجنتيها وأذنيها
وتلظت بنيران كلامه الغاضب:
- ميغيل ...ماذا ان اختبرتك بهذا...

- اشعر بالاهانة يا نسرين لانني احبك... واتبتث لك هذا مراًراً وتكراًراً ولحد اليوم لاتصدقين....لكن لا أتعجب من ان تكون إلهام هي من أفتى عليك مثل هذا الامر فانت لست نسرين التي اعرفها....

وكأنها لطمة من صفيح محموم نزل على خدها الناعم وقلبها:

- لا دخل لأحد في الامر الذي قلته ...ماذا ان برهنت لي عن حبك بدخولك الاسلام ...شيء سهل للغاية...لاتعقيد ..أم انك فقط تماطل لان لانية لك بدخول ديني ...أعرف اناسا تحب وتفعل المستحيل من اجل من تحب ليس بالكلام فقط...

لمحت النار تصعر من عيونه:
- وأنا أكرر لك انك فعلا خيبت املي لانك تشكين بحبي لك لدرجة كهته فإن اسلمت ليس لانني احبك بل لاني مقتنع وانا لست مقتنعا لحد الان ...


قالت بهدوء مطرقة برأسها:
- ماذا ستفعل الان ...وأنا لازلت مصرة...هل ستبرهن لي عن محبتك أم انك لست مستعدا لدخول دين غير دينك ..وتتبت لي بذلك أنك لاتعشقني سوى بالكلام...واعلم إذا قبلت بي فعليك القبول بديني ايضا...


اقترب منها من دون ان يلمسها:
- آسف لكنك أنت من جنيت علينا هذا ...واعلمي ان عنادك سيؤدي بك للألم فقط لي ولك ...سأذهب الى أن تستعيدي وعيك كليا


نظرت اليه بين رموشها وهي متألمة
تعاني اليوم من طوائح الحياة
رأته يجمع بعض الحاجيات في حقيبة صغيرة

وقالت:
- انت لاتحبني اليس كذلك ؟؟ ...حياتي معك كانت بالنسبة لك ضرب من الحذق حيث كنت تستمتع به فيَّ....إعلم انني في كامل قواي العقلية...ومادمت لاتريد ان تسلم فقط لتبرهن عن حبك الحقيقي لي فهذا برهان كاف لي بقيمتي المتدنية عندك...


كلامها أثر به وأوجعه لكنه تجاهلها واحكم قبضة الحقيبة
ليخرج من الغرفة
لقد شرخ قلبها النقي البريئ الذي لاينطوي
من بساطته
لاعن سوء نية ولا عن اي اذىً

خرجت تنظر اليه حيث خرج مغلقا الباب بقوة وراءه
وتاركا اياها في زوبعتها الغريبة الموجعة
التي سحقتها ولم تستطع تجاوزها
من دون الوقوف عندها
فتسير دموعها دافعة بعضها بعضا ولاتنسى نفسها من الشهقات
العليلة


كان كما لو كان ينتظر الوقت
حيث يَتَبَثَّرُ ومن ثُمَّ يُبْثَقُ بكل ما فيه من قوة لذلكِ

لقد اقتحمها وقلَّبها وبعثر ترتيبها ليخرج تاركا وراءه
انسانة تعاني من الجرح الكثير





بعد أن وصل الثلاثة الى الطابق فوق
وابتساماتهم ونشوتهم من سعادة السهرة تسري في ارواحهم

فتح عصام الباب ودخل ليضيئ النور في المدخل:

- نسرين...ميغيل هل من احد هنا..؟

قالت الهام تبتسم:
- ساذهب الى غرفتي بعد اذنك...

اومئ عصام واخفض نظره منها ليلتفت الى امه:

- اتريدين ان آخدك الى غرفتك يا احلى ام..؟

ضحكت مريم بانفعال:
- لا عزيزي ساذهب وحدي...

بقي عصام وحيدا ينتظر ان يلتم الجميع فقد اعتادوا السهر
الى منتصف الليل
عندما سمع صوت نحيب آتيا من غرفة الجلوس
عندها اضاء النور ورآى اخته تبكي قرب النافذة بشهقات عالية:

- نسرين....
رمى المفاتيح على المائدة وبسرعة الريح اصبح قريبا منها
يتفحصها:
- ما الامر صغيرتي ..هل انت بخير...؟

نظرت اليه اخته والدموع تغشى عيونها وشفاهها كلها ارتجافات كالاطفال :
- تركني ميغيل وذهب ...لايريد.. ان يدخل الاسلام لاجلي ..فهو لايحبني ... اخي..آآآه...


ارتمت في حضنه بقوة
وتقبل ذلك
وفي تلك اللحظة لمح مريم امه ووراءها الهام
فاشار بيده اليهما ان يذهبا وينتظرا

- هيا يا نسرين ...سيعود ...هههه... هذه اول مرة تتخاصمان والخصام يولد الشوق والحب بتجدد لو تعلمين..لاتفقدي الامل ...

ردت تشهق:
- أه ..أنا لم اقل له شيء يأذيه لكنه يرفض ان يبرهن لي عن حبه بإسلامه...هل اخطئت أن طلبت منه ذلك؟

رمقها عصام بفضول وبعدها قال:
- وضعته تحت اختبار اهذا ما فهمته..؟

- اجل...لكنه لايريد ...لايوافق على دخول الاسلام من اجلي إذاً هو يتلاعب بمشاعري ..وفي يوم سيميل لبنات بلده ودينه فيتركني...لا اريد سوى ان يبقى قربي...

قال عصام بجدية:
- انظري يا نسرين...دعيه يفكر أعرف مكانه لن يرحل من البلد ....لكنه يحبك هذا اعلمه ...واتركيه قليلا ليبقى وحيدا مع افكاره واصبري فإذا تغلب عليه الحب سيأتي اليك يا نسرينتي ...حسنا...

مسح باصابعه عيونها
- هيا اذهبي لغسل عيونك المتورمة وضعي عليها بعض الثلج اذا اردت الا تصبحي كالبهلوان غذا...

ضحكت ونهضت بعد ان قبلته على خذه
وذخلت غرفتها لترتاح
فكلام اخيها زرع في جوفها الامل بدل الخوف والمرض


بعد ان اجتمع عصام بعد ذلك مع امه والهام
اخبرهما بالقصة
واحمرت خدود الهام من الحرج
لم ترد التسبب بكل هته الامور
وانتظرت ان يلومها عصام في اية لحظة

لكنها توضح لها ان نسرين كانت متكتمة ولم تخبرهم
استوقفها صوت عصام:

- أنسة إلهام ...أتمنى ان تبقي لتشاركيني في فلم للرسوم المتحركة ...من تلك التي تعشقها نسرين...

حركت راسها ايجابا
وندمت ليتها تفكر قبل ان تجيب

سمعت والدته تقول:
- سأذهب لأنام في غرفة نسرين هته الليلة لكي لا اتركها وحيدة

- حسنا امي وهدئيها من فضلك

بعد خروج مريم من الغرفة تتمنى لهما ليلة سعيدة
انتاب الهام هاجس انه لمن الممكن ان يكون عصام ذكيا
لدرجة ان يعرف افكار اخته عن ظهر قلب
ويعلم ان ما فعلته الليلة لم يكن من وحيها


- آنسة الهام ما الذي تفضلين التفرج عليه ...سندريلا مثلا اوالاميرة النائمة

قالت إلهام بتلعثم:
- ما ..ما تراه مناسبا..

- للعلم فقط سيكون باللغة الاسبانية ...لا عليك ساكون مترجما ناجحا..ان شاء الله

جلس في مكان بعيد عنها
وبدات هي الاخرى تتفرج على الفيلم السينمائي
لكن لسبب ما نهضت ووقفت في محل المتهم
والخوف يكاد يشلها
- سيد عصام...

نظر اليها عصام بطريقة جعلت قلبها يخلع
- نعم هل من أمر...؟

قالت تضم ذراعيها حولها في موضع دفاع:
- أنا من تسبب في فراق نسرين وزوجها...لكن والله ما كان قصدي إلا شريفاً

لم تبدوا على وجهه اية صدمة
بل بالعكس ابتسم وطلب منها:
- اجلسي من فضلك فسأبدوا كما لو كنت القاضي وانت المتهم..

فعلت كما طلب منها
بخجل :
- انا فعلا يا سيدي آسفة فلو علمت ان امرا كهذا سيحصل لكنت ابتلعت لساني...

اجابها دون ان ينظر اليها:
- سلامتك يا انسة...لا تقولي شيء لربما رأيت الامر صحيحا هكذا... فقمت به لا الومك فلقد وصلت لشيء كنت اخاف ان اصله...لكي لا افقد اختي هته ايضا....لكني متاكد من انها لن تقدم على فعل متهور....وهنا ساعرف ان كان ميغيل يعشقها ام لا ....آسف من اللفظ لم اقصد ان احرجك لكن لدينا هنا الكلام عن هته الامور امر عادي....

- ايعني هذا حضرتك لست غاضبا من تصرفي...؟

قال يبتسم دون ان ينظر سوى الى مكان قريب منها
- لست احملك ادنى مسؤولية ...انظري لقد فاتتنا بداية الفيلم...سأعيده من البدأ واشرح لك ...أم تراك نعسانة؟

ضحكت :
- ههه لا ....يمكنني ان ابقى لكن اذا شعرت بالنوم يداهمني فساخبرك

قال وهو يتحكم في الفيلم من آلة التحكم:
- جيد سارجع الفيلم الى بدايته


اخرجت تنهيدة من صدرها تنم عن راحتها المطلقة
فلكم الاعتراف بالخطئ والصراحة امر رائع
ومريح اكثر مما يُتصور
لكنها فعلا تدعوا الله في نفسها ومن أعماق قلبها
أن يفرج كرب نسرين ويعود زوجها اليها



يتبع ...................


 
 

 

عرض البوم صور Jάωђάrά49  
قديم 08-02-10, 05:53 PM   المشاركة رقم: 33
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
كاتب مبدع


البيانات
التسجيل: Jun 2009
العضوية: 147004
المشاركات: 5,481
الجنس أنثى
معدل التقييم: Jάωђάrά49 عضو جوهرة التقييمJάωђάrά49 عضو جوهرة التقييمJάωђάrά49 عضو جوهرة التقييمJάωђάrά49 عضو جوهرة التقييمJάωђάrά49 عضو جوهرة التقييمJάωђάrά49 عضو جوهرة التقييمJάωђάrά49 عضو جوهرة التقييمJάωђάrά49 عضو جوهرة التقييمJάωђάrά49 عضو جوهرة التقييمJάωђάrά49 عضو جوهرة التقييمJάωђάrά49 عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 2060

االدولة
البلدMorocco
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
Jάωђάrά49 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : Jάωђάrά49 المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي

 



بسم الله الرحمـــان الرحيم


:
:
:
:
:
واستغفر الله العلي العظيم وأثوب إليه
:
:
:
:
:
:
الــْــجُــــزْءُ الــــوَآحـِــدُ وَ الــــثَّـــلآثُـــــونَ
منتديات ليلاس
مهدىآ للوشة وحسن الخلق الله لايحرمني منكم ابداً



بعد صلاة الفجر


والتي هي عادة في العائلة
الصلاة بين النساء كجماعة

بعد انتهاء هند وعبير من الصلاة
صعدت كل منهما الى جناحها لتكمل نومها

بينما ظلت فاطمة تكمل تسبيحها
ومئات الافكار تضج في رأسها
بينما مليكة تصلي وتدعوا لبناتها من اعماق قلبها
وبما انها كانت تجلس على سجادة وراء فاطمة
لاحظت ان فاطمة قد انتهت واقتربت من المكان الذي تجلس فيه مليكة
وانحنت تقبل راسها
دهشت مليكة من تصرف فاطمة
فبعد عدوانيتها من يظن انها ستطلب الصفح:

- آسفة يا مليكة على مابدر مني في طلاق الولدين....

عقدت مليكة حواجبها ان تتطلق ابنتها ويتسبب ذلك في بعادها
اقسى ما قد يحصل
وموت والدها قد أكملت ما تبقى التي جرحت فؤادها حتى النزيف:
- على ما اسامحك يا فاطمة ..؟
منتديات ليلاس
تكلمت فاطمة وهي تقلب التسبيح في يدها:
- مما قلته عن ابنتك ..

مليكة بمرارة:
- لو كنت غريبة يا فاطمة لصبرت... لكنك قريبة منا .. وقد صدمني عدم تفهمك ..كما لو كنا نسرق عثمان منك ..هو من قبل الزواج بها ..

فاطمة بتفسير:
- انا تالمت ايضا لكن ما باليد حيلة وهي تخبرنا انها....

قالت مليكة تنهض تطوي سجادتها لتقترب من الكنبة وتجلس عليها:
- افهمك ...لكن عبير شرحت لي ان ثريا عانت.. وماكانت ترضى لي بالمهانة ولا بالحزن ولذلك اخفت الامر رغم انه حادث امر عادي ...وطبعا لو علمتِ قبلا ما كنتِ لتقبلي بتزويجهما


نظرت اليها فاطمة بالكاد :
- حسنا ....انا فعلا متاسفة ما كان لي قصد في اذية مشاعركما والله ...غير انك لو كنت اما لثلاثة اولاد لشعرت بما يستعمر فؤادي...اشعر انهم بعد ان تزوجوا قد نحوني جانبا... وماعدت محط اهتمامهم ..يمكن ان تقولي اعاني من نوع من ..الغيرة ربما...

ذهلت مليكة من صراحة فاطمة
وبدأت تشعر نحوها بنوع من الشفقة
رغم انها لاتفهم لما عليها ان تكون
قاسية مع من حولها :

- عليك ان تتخلصي من هذه المشاعر وتنفضي عليك سحام تلك الافكار

فاطمة مطرقة برأسها:
- انت لديك الحق فيما قلته اتمنى ان تتحسن ..تصرفاتي.. فلقد اصبحت غير قادرة على منع نفسي من ان اكون عدوانية...مليكة هل سامحتني؟

حركت مليكة رأسها بالايجاب

فاعادت فاطمة الوقوف لتقبل راسها من جديد و تقول:
- مستعدة انا ان اعتذر من ثريا.. ان كان ليريحك هذا لكن نحن عائلة ...

فاطمة بتفهم وصبر:
- ونعزك يا فاطمة فقط حاولي لكي لاتفقدي من حولك.. فالعدوانية امر صعب التخلي عنه ..اذا تعودناه..
منتديات ليلاس
- سأفعل باذن الله...لكن ان كنت كذلك فقط من اهتمامي..


قالت مليكة بصوت تشدد فيه:
- وثريا يومَ سأريدُ منها العودة فستاتي الى هنا ...يظل المنزل منزلها كما انا فيه...وعثمان ابن خالها وليس عليها البقاء بعيدة..

قالت فاطمة تخفي نوعا من الانزعاج:
- لا عليك انها ابنتنا..و مهما كان اغفري لي فقط...فقد حصل كل شيء بسرعة وكنت في لحظات غضب واهتياج لا احسد عليهما
لكنها ستأتي والا لن اشعر بالراحة

ابتسمت مليكة تظهر تجاوبها:
- لقد افرحتني ..






في ساعات الصبح الاولى





هند لم تستطع النوم ابدا
كيف لها ذلك وهي لحد الان تعاني من اهانات حماتها
وتلك المشاعر تسحق ذاخلها بقسوة
لاتستطيع حتى ان تستعين بزوجها عله يخفف من وطئت الحال
ولاتستطيع لانها ترى في عيونه غما وحزنا
لاتفلح سوى في امتصاصه بحبها وتفهمها له


لكن والله اعلم بجوفها و بما تعانيه


بعد أن إكتفت العائلة من كثرة الاحزان والهموم
من جهة اخرى تجدها تكبر وتتجدد
فهند رغم صبرها على حالها
وتعودها البطيئ على الحياة معهم
الا انها وجدت ان حماتها تغالي في تصرفها معها
وكأنها تعتبرها عدوا في ساحة صراع طبقي


ولأنها بدات تفيض بها
تلبستها فكرة قوية
أنه فعلا حان الوقت لفعل شيء
يهد من جبروث تلك المراة التي لاتنتهي


أجل يمكن ان تكون قد حارت داخل هند الاسئلة
حول الى ما يمكن ان تصل اليه الامور؟؟
لكنها عليها ان تضع حدا ليعرف كل منهم مكانه الحقيقي
ووجدت الاجابة بأن من حقها أن تعرف اصلها
مهما طال الزمن او قصر



نزلت الدرج بتروٍّ ومن دون حس يذكر
لكن فاجئتها حماتها بظهورها في الاسفل
وتمنت لو تنشق الارض وتبلعها في تلك اللحظة:

- هند ...الى اين تذهبين ...؟

اضطرت ولم تستطع ان تقول الحقيقة كاملة:
- ساخرج قليلا امي ..


نظرت اليها فاطمة بريبة تدل على شكها
لكنها عدلت عن اية مناقشة قد تكون حادة بينها وبين زوجة ابنها:
- اخرجي لكن لاتتأخري كثيرا ...


حسنا امي
مرت من قربها وعبرت المسافة
وهي تشعر انها ستتدحرج في مشيتها
من عيون حماتها المسلطة عليها
اقفلت باب القصر وراءها بتنهيدة حرة
وبسطت وجهها لاشعة الشمس تتلذذها
لكنها فتحت عيونها لتكمل طريقها
مشيا على الاقدام


تحركت بخطوات واسعة تدعوا في سرها الا يرها احد
مثل زوجها او يعترض طريقها

لديها العنوان
غصبا عنها نقش في عقلها كما تنقش الحروف على الخشب
بعد ان اعطاه لها هود لم تستطع نسيانه


اجل راودتها رغبة جامحة في التعديل عن الفكرة والرجوع الى القصر
لكنها تـــُقاد كما يقاد المراُ لقدره
او يمشي اليه بقدميه


تفكر
كيف ياترى ستستقبلني اختي؟؟
كيف هي ؟؟ وهل لها في الشبه من ملامحي شيء؟؟
ابتسمت واكملت مشوارها سعيا في ايجاد شيء من الراحة التي ترغبها بشدة
ترغب في ضحد هذا الجنون القابع في باطن عقلها
الذي يفتك كصداع براسها
انها عليها ان تعرف اصلها مهما كان الامر يشكل خطورة
على علاقتها باهل زوجها
او قد يؤثر سلبا على زواجها ...
نفضت الغبار الخانق لتلك الافكار وتلك المخاوف لتكمل طريقها


وصلت الى المكان الذي سمعت البعض منهم يسميه بالارض المهجورة
او يلقبونه بالارض التي يتنازع من اجلها الاخوة
امر في حد داثه كئيب


انه هناك تراه في الافق البعيد
يلزمها ان تقطع شوطا اضافيا لكنه لايهم التعب
في مثل هته اللحظات
حيث الاثارة تبلغ حدا تنسف كل الالام من حولها
قريبة هي من الشيء الاكثر اثارة وخوفا في حياتها


ووصلت بعد عدة لحظات الى الكوخ
رأت ان بابه مفتوحة وكأَن من يعيش فيه يعلن عن وجوده
من الزربية التي تراها على السور منشورة
والفراش ايضا
وما زاد من الحنين الذي لاتعرف له اساسا
هي رائحة عبقة من الطعام تصعد الى خياشيمها
وتتربع في عقلها
تبعده جزءا من الوقت في عالم حالم مخذر
لكن به سراب تعجز عن ازالته
تفتح عيونها وتتقدم مستعينة بالله


وطئت قدماها الدرجات القليلة
واقتربت من البيت
حيث أَسمعت صوتها الى من في الداخل قبل ان تقترب من الباب حتى:
- السلام عليكم...يا اهل البيت..


في الداخل حيث كانت جميلة تحرك مافي القدر من محتوى
لوجبة الغذاء
وزوجها يأخذ له حماما وراء البيت بحيث لم يسمع شيء

خرجت جميلة الى حيث الزائرة الجديدة
وتوقفت لتسالها:
- وعليكم السلام.. من حضرتك؟

في تلك اللحظة طافت غمامة من الافكار سريعة في عقل
جميلة وشعرت لوهلة بالغيرة
لكن لسبب...

ارتعشت هند من وقوفها امام اختها
نعم اختها دافئة تحمل من عقلها ودمها وجلدها وجمالها الكثير
اخفضت نظرها ومن ثم اعادته الى وجهها:

- هل ..السيد هود هنا؟

وضعت جميلة كلتا قبضتيها على جانبيها:
- هود ..؟؟من حضرتك التي تريدين زوجي...؟..

نظرت جميلة لها تفصل ملامحها وهي تقول:
- لست ادري يبدوا لي انك مألوفة ...تشبهين شخصا...

في تلك اللحظة ارتبكت صورة والدة الفتاتان في راس جميلة
واندمجت في خيالها مع الواقفة امامها
وهنا فقط صعقت ارخت عضلاتها وسقطت الملعقة من يدها
بقيت جامدة
نفس العيون.. عيونها
نفس الانف ..انفها
نفس لون الحواجب...
مازاد من ارتجاف جميلة النمش الذي لاحظته على وجه اختها
انه هكذا كان عندما كانت تحتفظ لها في الذاكرة ..بذكرى

- هند..؟

حركت هند راسها بشجن:
- اه ...

صدم هند السرعة التي احتوتها اختها بها بين ذراعيها
وبادلتها بالعناق
شعور عميق لايوصف
وان وصف تاهت فيه العقول لشدة جماله سحره وحنينه
احتواء شخص من دمك كما لو انه نصف منك
واسترجعته واستنشق قَــــلــــْبـــكَ الــــرُّوحَــانِـــيَــــةَ بكل معانيها
وكأن الروح تخاطب الروح في الاعماق بدون ضجيج


وقف هود يضع المنشفة حول عنقه
الصدمة لفته صمتا قويا
ففضل التراجع ليتركهما في هته اللحظة

غريب ان تاتي هند ...فهذا تمناه فعلا لانه لاحظ شرود زوجته المستمر
وتفكيرها
والان كما لو ان رحمة من الله نزلت على صدورهم لتريحها
من ثقلها...همومها ...وأفكارها...



امسكت انامل جميلة وجه اختها تتامله
تملأ عيونها وتشحن عقلها وروحها من صورتها الحبيبة
وبذلك تطرد التضعضع الذي عانت منه

قبلت جبينها وضمتها مرة اخرى
وزاد من الدفئ المفقود تجاوب هند
التي شعرت لاول مرة بضميرها يعود لاصله من الراحة
ويبتعد عنها العذاب....الى ابعد ما يكون...

قالت هند بابتسامة مشرقة وعيون لامعة وكانها فقدت القوة على الوقوف:
- اختي...هلاَّ جلسنا..

قالت جميلة وكأنها توأمة لها في احاسيسها وتعابيرها
رغم كبرها عنها:
- تعالي عزيزتي ...فلنجلس هنا..

فرشت الزربية الدافئة التي انعشت اطرافهما
بالحرارة المنبعثة منها
بفرط امتصاصها لدفئ الشمس الصيفية


جميلة بفضول:
- انك جميلة ...تشبهيننا كثيرا ..والله...أكاد لا أصدق عيوني...اتمنى من الله ان يسامح ابي ذاك...حرمنا منك صغيرتي...

ابتسمت هند والدموع تتجمع في مآقيها:
- كنت خائفة من الوصول الى هنا و...وعدم تقبلك لي..

جميلة تطمئنها بحرارة:
- لا ابدا ولاتتخيلي ذلك...نحبك اكثر مما تتصورين...

هند وهي تمسح عيونها بمنديل غاية في النقاء:
- وانا ايضا احبكم فعلا وتعلمت هذا حتى من دون رؤيتي لكم
.. هل امي معك ...هل يمكنني رؤيتها...؟

جميلة بابتسامة واهنة ضعيفة تمسك بيديها وتضغط عليهما:
- ليست هنا ...هذا في الحقيقة بيتي انا وزوجي لكن امي ..تسكن في مكان آخر تماما...

قالت هند:
- اريد رؤيتها ...احساس غريب... اعرف انني عشت مع عائلتي الاخرى وكانوا قمة في الحنية علي ...لكن الان اشعر بالوحشة والضياع...انه يا اختي شعور بائس ...

قالت جميلة بابتسامة :
لا تقولي ذلك الحمد لله على كل حال ... اوه انا فعلا متشوقة لاخبر هود سيفرح لحضورك ...ههههه..لوهلة ...ظننتك فتاة تريده لشيء خاص وعمتني الغيرة ...ههههه


كان يسمع هود الكلام من الداخل
وافرجت ثغره عن ابتسامت انتقلت كالعدوا من صوت زوجته
يعرف حبها وحنانها ...لكن ان تغار هذا يثير فيه احساس مرحا..


ضحكت هند وشعرت بانها فعلا تنتمي لاختها بالفطرة
ولا يبدوا هناك تكلف حتى في الكلام
استساغت الكلام والدردشة معها عن اي شيء وكل شيء
وكذا دعتها على الغذاء
وما اعجبها فعلا دفئ هذا البيت الذي تتشاركه مع هود
واتضح لها الامر بعد ذلك
ان هود اراد ان يحرر نفسه من ذلك السر
وان يستأصل شافة الهم من اعماقه ويرميه بعيدا

وحكى لها بطرافة كيف تزوج من جميلة
التي خجلة حتى الاحمرار وضربته وهي تضحك مع اختها
وبخفة دمه التي اضحكت الفتاتين حتى الدموع

شعرت بالغيرة
لو فقط عبد الصمد حبيبها يسكن معها في كوخ كهذا
فلن تحتاج لشيء
فقط لحبه تشعر انها مصفدة اليدين
سجينة هناك
فقط لولم يكن هو محررها بجنونه لكانت هربت\منذ زمـــــــــــــآن






***********************

منتديات ليلاس



أمـــــَـــــــــآمَ القــَصْـــرِ المـَــنْــــصُــــورِي





خرجت عبير من القصر تحمل السلة التي تحمل غذاء زوجها
وسمعت صوت أمها الحبيب يناديها

- خدي نسيتي العصير بنيتي تبدين ساهمة... هههه...

خجلت عبير من تعابير امها وابتعدت ترمي بالسلة وراء السيارة
وتستقل هي السيارة لتقودها
أن يحرر الانسان من تشائمه واختلال الهامه النفسي
فحبها هي
تراه بعيون وردية
تسير بالسيارة ببطئ محافظة على السرعة
يسترعي انتباهها قطعان صغيرة جميلة تتسابق في المرور
امام السيارة الضخمة
وتوقف السيارة هي تتأملها و لتراها تمر بابتسامة حالمة

وبعد استأنافها لطريقها
وبعد ان اوقفت سيارتها تاخذ الغذاء
وكانها تتخيل نفسها في طريقها ترسم لها خريطة نادرة الوجود
وهي تتامل كل شيء بهيام وزهو

عند وصولها الى مكتب زوجها
بين الشجرتين في الهواء الطلق العليل ...وبين زقزقة العاصفير وجو الطبيعة الساحر

وجدته يقف منحنيا عار نصفه العلوي كما هي العادة بسراول جينز
ومنكفيا على روجيستر
لاحظت انه يضرب القلم على كلا الجهتين...مهتما بما اماه من عمل...

لم يشعر بها سعيد لكن عطرها خانها وسبقها
وهكذا تغلغل فيه يذكره باجمل من يدفن همومه في بئر غائر لايسمح برؤيتها
استدار ينظر اليها حتى اجفلت

- انت خبيث يا سعيد...
وضعت الاكل على الطاولة بشكل غاضب


سعيد بابتسامة رائعة:
- غضبت لانك لم تستطيعي يوما ان تخيفيني ...هههه...

نظرت الى طوله امامها بعين نافذة
وابتسامة عذبة وهي تقول:
- في المرة المقبلة عليك ان تجفل ...الا تستطيع اسعادي؟

قال سعيد يبادلها النظرة :
- حسنا ..اذا داومت على ابتسامتك العذبة تلك.. فلن امانع

نظرت بعيدا فلاحظت ان العمال بعيدون منشغلون في عملهم
وهي تكتم ابتسامتها الرقيقة :
- نسيت ..لم اسلم عليك عزيزي ...يا سعودتي...
دنت تحت نظرته المندهلة
وزادت من طولها
على صابع ارجلها وطبعت قبلة بطيئة دافئة قرب زاوية فمه
فشعر بالقبلة تنسل بحنكة الى تحت جلده
تمتصها عروقه كسائل ملتهب يسكب بعنف

نظر اليها وهي تضحك بخفة وتدعي البراءة
فقال بوجه جاد:
- لاتحرقيني عبير ..

قالت عبير تعض على اصبعها وتنظر بين رموشها اليه :
- انا لم افعل سوى تقبيل حبيبي ...ولم افعل شيء سيء سوى ان سلمت عليك

عض على شفته السفلى وقال بخبث:
- لم تفعلي شيء ..لو لم اكن اعرفك ...يا مدللة ...( مد يده يقرصها في بطنها بخفة فانتفضت بضحكة خفيفة) يا مثيرة...

قالت تضحك من قلبها تضربه على كتفه بخفة:
- تأذب سيدي والا ذهبت ...( دفعت صدره بكتفها بغنج) لا تحاول مغازلتي حتى فانا صعبة المنال

تحركت بضحكت مكتومة لغرامها بهته الالعاب الشقية
اقتربت من الاكل تخرجه بدلالها المعتاد
الذي تندهش له في بعض الاحيان
او تضحك من سداجتها قبل الزواج وذلك الخجل المفرط الذي عذبه
شعرت بانفاسه تنفخ قرب خدها وهو يمد يده الى الاكل الذي تمسكه
مرر اصابعه بهدوء على ظاهر يدها
اشعل قلبها نبضا متقطعا
فابعدت يدها عنه
- سعيد.. انا امرأة صعب ان تنالني اتفهم...احضرت لك سيدي طعاما شهيا سيخطف ...لبك..

تنهد بعمق وكانه مسكين معذب:
- ويا ليته يكفيني...فشوقي مضطرم يكويني يا حلوتي...

ابتسمت ونظرت اليه وهي تقول تاركة يدها في قبضته
حيث تعبر عن انتماء قوي يجمعهما
تبادلا النظرات وتنهدت تساله:
- اخبرني ...الا تزال عزيزي مهموما من موت جدنا رحمه الله

قبل يدها:
- لا تقبلنا موته في الاخير فهذه سنة الحياة ...ما يزعجني حاليا هو حال عثمان ...اما عبد الصمد فلقد تدبر الامور جيدا ...

مررت اصابعها على وجهه:
- عثمان هل تضنه يحب ثريا فعلا ؟..وهذا سبب انطفائه هكذا وابتعاده في هته الفترة عن الاجتماع بنا...

قال سعيد ينظر الى المدى البعيد:
- لابد كان يحبها لكنه متكتم بشكل خانق ...لكني ادري انه مهما احبط فسيقوم على قدميه مرة اخرى....حسنا ماذا عنا؟...ماذا الان قلبي الن ترفقي بي ...تدرين الشجرة مكاننا السري..

نظرت اليه تبتسم:
- هههه ادري انك تموت عشقا بي ...بل وشغوف بحبي ..هه...

قال مغضن الجبين بمرح:
- مغرورة وتعرفين ...انك نقطة ضعفي ..لكنك ستندمين ...

قالت بعيون دهشة تمثل الفضول:
- كيف ؟ هل ستعاقبني...؟

نظر اليها بخبث وانحنى يهمس بشيء
جعلها تغطي وجهها بيديها
والضحكة والدهشة تورد وجهها
وابتعدت عنه خجلة منه

اشارت اليه :
- انت ....شرير ...لكنني احبك..

مَــثَّــلَ كما لو كان سهم يخترق قلبه
ووضع يده على صدره ويغمز لها

فضحكت مسرورة

وسالها بصوت مرتفع بما انها ابتعدت الى حيث سيلتقيان:
- ساعطي العمال اجورهم يا عبير وبعد ذلك ...سآتي..

اجابته تضم ذراعيها الى صدرها:
- حسنا سانتظرك...لا تتأخر...

قال يقترب منها مرة اخرى:
- هل تغديت ( فحص بيده خديها المتوردين يقرصهما عمدا بخفة ) يجب عليك ان تاكلي جيدا....يمكنك اخد شيء من الطعام...

ابعدت يديه تبتسم:
- مجنون... انا في افضل حالاتي وآكل اكثر من اللازم ايضا لاتقلق عمري إهتم بأكلك اولا انت ..انا الحمد لله تغذيت...

بقي واقفا ينظر الى عيونها ووجهها بشكل ساهم عاشق
فضحكت لنظرته تساله:
- سعيد؟؟..

قال كمن استفاق اخير:
- احم ...اذهبي هيا ...

راقبها تبتعد فاستدارت تقول بهمس:
- احبك...




تلقاها يضع يده على صدره القوي ويميل بتراخ على الشجرة
وراقبها فاعادت استدارتها مرتين تقول كلمات الحب في الهواء
ويتلقاها كالمعذب في حالاته المجنونة
فتوعدها بالاشارة انه سيتبعها
فلوحت له بانها ذاهبة واكملت طريقها حتى اختفت عن ناظريه
وتنفس سعيد الصعداء بابتسامة هائمة ليكمل ما تبقى لليوم من عمل




**************************



فـــِي اَلْقَـــصْــرِ اَلْمَـــنْـــصُـــورِي




في جنـــــآح

عـــــــــــثــــــــــــمــــــــــآن
و

♥ثــــــــريـــــــــآ ♥





مرور كل هته الايام وتجرع مرارتها
كان شيء قاسيا على روحه

عثمان صاحب الشموخ الذي لايقهر
يجد نفسه الان بعيدا كل البعد
عن شخصيته الاولى


أطنب سهاده بين العذاب والرحيل
وزرع تحت عيونه تعبا وبدىآ الاختلاف جليا واضحا
فقد فُقدت من تقاطيعه الوسيمة القسوة
ومهما طرح السؤال يجد له مئات الطرق ليصل الى نفس المكان


(( أجل انا أعترف بحبها ..
أعشقها..
لكن لما عشقها بهذا الالم..
وبهذا الوجع لما يعذب روحي لما يحرقني ويجردني من نظامي وتعقلي ...لما؟ ..ما الجواب؟))


يجلس منذ ان عاد من الصلاة
منعكفا على حافة السرير
لقد اختلج سحام الليل لديه بعقيق النهار المشع
واختطف التعب منه نضارة الشباب
لحية نمت عن اهمال منه خفيفة
وهذا العشق الملتف حول كريات دماءه
وهذا الوجع الكئيب العتيق يجنح بعنفوانه الى الضياع


كيف تلحقه صورتها الى اعماق اعماقه فتكويه كالنار في الهشيم؟؟

(( صَدِيَ قلبي حتى التيبس ...وآآآآآآه ..
صراخي تداريه مخدتي في شدة غضبي وانفعالي...
واضرب ويعود لي صدىآ مزعجاً ...
أجل أذكر نفسي فتعذبني بكل تصرف خانني من عجرفتي...
اجل...يتضاعف ظلمي لها كذنب كبير وحش يغلفني...
يصبح نوافذ عتمى مظلمة خانقة ..
لاأجيد حتى العبور منها...لطرد اختناقي ..
عيونها تطوف في المكان ....شذاها ..صوتها بأشجانه وآهاته...أكاد أُجَنُّ ..وَأُجَنُّ...وَأُجَنُّ....))


وبصورتها المزروعة قوية الجذور
يعرف انه بحسنها وسحرها
ينتعش خافقه الملهم ..الوله ...المحتضر...


وكم يعيش من واقع حلو في مناماته المتقطعة
ليستفيق ويجد الحال عصيا عن التفسير
فيفهم بُعَادَهَاو مغادرتها ...له..
هو من يذوب ويذوب عذابا في حبها
يصدمه الواقع حقا انه وحيد منفصل عن حبيبته
منشطر منها وشطرت منه بكل قسوة


(( هه..وماذا يا صمت...
يقتلني ابتسامك على حالي...
اسخر مني ..
فقد ذهبت محبوبة قلبي أخيرا لانفرد بوحدتي ..
موجوعا يضنيني غيابها وطيفها اللذيذ كرذاذ حلو لايدوم...
اريد ان اصنعها بين اصابعي ..
فإن استطعت سأكون من أسعد الخلق..ومن اسعد الناس..
ستلقى جراحي عطفا عندها...
وسأكتفي ايها الصمت من ابادتك لي في وحدتي...))



تلك الثريا انثترت على جسده
وخلفت مرارة على شفاهه ووسط دوامة ضياعه
وبعثرت كل ما في روحه وعقله ووجدانه
يتركها تغرس اكثر واكثر سكينا حامية بين اضلعه.. وبإرادته ..واستسلامه..دون محاربة..

ورغم ذلك يُصْرَدُ فهو يبرد في ايامه
ولم تفلح شمس الكون كله
في اختراق ارتعاشاته وإدفاءه


(( ليتني استطيع جرفك من جب عقلي...
وصدري..
وشعري ...
وعيوني ...ورموشي ...ومن بين شفاهي...
ليتني استطيع جرفك كاملة واخرجك من مسام جلدي..
ليتني..
اشعر بانفاسي تضيق..
حتى انني بتُّ اتلفظها..
اتلفظ الشهادة في جميع الاوقات..
فيارب العالمين اعتقني فاني اهوى في غور الهموم...))

منتديات ليلاس
انتهكت حِمـــَـآهُ
وتركزت بأحداقها وتقاسيمها فيه
وصبوًّةُ روحها فيه
ولا اسلحة العالم باسره قادرة على تخليصه منها
من اعماقه فهي باتت راسخة في داخله كطفح ناعم لذيذ موجع ومؤلم
لايهون عليه حتى الشفاء منه وابعاده


قطع عليه خلوته وهيامه صوت طرق على الجناح
نهض بعد ان مسح على وجهه المتعب
وتحرك الى خارج غرفته بقميصه الطويل الابيض المريح
المفتوح الازرار عند العنق باهمال
فتح الباب بعد أن سمع أمه تطلب فتحه للباب
وعاد أدراجه بطوله الفارع امام قصر قامة أمه

- عثمان...؟
قالت وهي تتبع خطواته المتباطئة الى غرفته ليستلقي من جديد مغمض العيون

نظرت اليه واقتربت تجلس على طرف السرير
وضعت يدا على جبينه:

- أنت لست بمريض بني ...لما لا تنزل قليلا ...ألن تأكل والدك يسأل عنك ..؟

قال عثمان بتعب وارهاق:
- ليس الان أمي ...أرجوك..

نطقت امه بشبه صراخ عاتب:
- الى متى وانت في هذا الحال ...لست اول ولا آخر واحد ينفصل عن زوجته ..انت وافقت بنفسك أم تراني اهذي...؟

نظر عثمان الى امه بسواد عيونه
وابعد نظرته امامه:
- وافقت ...(تنهد)ولاعليك فأنا قائم على مسؤولياتي...

فاطمة بيأس:
- وإذا كان كذلك لما انت على هذه الحالة بني...ارجوك من اجلي انزل وكل أي شيء ...رضى الله عنك بني لاتردها في وجهي...لاتردها في وجه امك ...

نظر اليها واستقام يجلس
بكل اوجاعه القائمة فيه كأشواك ضارية
قال ليراضيها:

- حسنا امي كما تشائين ...سانزل لكن بعد نصف ساعة ..بعد ان استحم

ابتسمت والدته ونهضت لكنها انتبهت
الى ما لم تنتبه اليه في البداية
كانت الملابس منها من وضع على اظهر الكراسي وبعضها اهمل على الارض وقالت دون ان تطيل :
- سآخذ هته معي الى الغسيل بني ...لا تتأخر..

أومئ برأسه باجل ..طبعا
وانتظر الى ان خرجت والدته ليتنفس الصعداء بحرية مسجنة
ونهض ليستحم وبعدها ينزل






فـــِـ\ بَـــآرِيـــسْ \ـِـــي







وكذآ ثريا في دجون ليآليهـــــآ الطوالـــِ

تعاني من الفراقـ ـ ـ ـ أكثر وأكثر

وتغشى حواشيهآ الثورة من فقدانه

فكرة انها فقدته إلى الأبد

وانها فقط قد تراه بالصدفة في أحد الايام

فكرة تذبحها ...تشظى بعيونها دمعا منكسرا من الالــــــــــم

لاتريد ان تراه بعيدا عنها وقد نأى بقلبها المسكين
لاتريد ان تراه يوما يعشق غيرها ...
لكن يتضح انه ليس من حقها..
لــــم يـــعـــد مـــلكــهـــآ...
حتى لو لم يحبها...

ما اكتسبته من الماضي الفسيح
من كل شلوٍ
كان مرارة مرة كالعلقم
فقط ذاك ما يساعدها على العيش
منتديات ليلاس

((وكأنك يا حبيبي..
في خيالي انصال سيوف لامعة....
تقضي على ما تبقى مني فيـــــك ...
ونتيجة ذلك دمائي الحمراء القانية يا عثمان...
دمائي ايها الغالي...
منثورة هي ومعصورة من فؤادي على اصابعك المنعدمة الحنان..
والفاقدة للشعور بطبعها...
وكم كان قلبك متقشفا من الامان...
كم كنت جاحداوانت موهوب في قسوتك كمبدع كفنان...))


إنه يعيش فيها كفرع

يتحدر منها ما استطاع

ويربط ليرتبط بقلبها دما ونبضا

كل الارتباط



حتى في خرجاتها
وهي تجلس مع صديقتها
التي تدفعها للخروج من انغلاقها الدائم مع الكتابة وتطوير المآسي
ورغم تواجدها في هذا المقهى الرائع
الذي يجمع شلة من الاصدقاء
تشعر بالغربة ليس منهم ...
لانها ليست كالزوجين الحديثي الزواج قربها
يضمان بعضهما يزيد هذا من ارتعاشها وخروجها من دائرة الحديث
لدائرة الصمت المتمازج بالالم



(( وأنا اعاني ..
رُغم اجتماعي بالأصدقاء
ومن اضطهاداتـــك انا اعانـــي...
لاتــذوقـ طــعم النــوم جفــوني...
الكوابيس المؤلمة بالليل والنهار ترافقني...
إنك في قلبي الذي يرجف كلما مررت ببالي ...
مرأى العشاق المبتسمين هياما حلوا عميقا يقتلني...
فلا أستطيع سوى الانسلاخ ممن حولي في انغلاق عالمي ...
مهما علت الاصوات ومهما حاولت ان تضج في راسي...
تجدني أشتاق اليك ...يا حبيبي..بكل شجوني ....وبكل دموعي...))


طلبت العذر ليسمحوا لها بالخروج من مجمعهم المرح
خرجت تتنفس ما امكنها رغم انها تلتقط الهواء وهو يبعد ويبعد
تتبعه بان تتحرك من مكانها الى اي مكان يمكنها فيه ان ترتاح
جلست على كرسي خشبي تلتف في ملابسها القطنية ...
فهم على ابواب الخريف والبرد يسبق اوانه...


(( لكن لما يا عثمان لما أنت بداخلي هكذا ..
أكاد اشعر بك قريبا تلعب باوتاري بقسوة ....
لكني يا حبيبي ايقنت انك عثماني ...
أنك في قلبي ...
أنك مثواي ومرتعاي..
وبعادك أنكىآ علي من قربك يا حبيبي...
أنت وحدك عثمان الجديد والعتيق بفؤادي...
أنت عثماني ...
تسكن في جفوني بين أهدابي وتحت اهدابي....
أنت حلمي المنمق الذي يكتسحني...
يضربني ويقسمني ومن ثم يعيدني ...
أنت...
روحي نفسي في الدنيا...
وآواخر أنفاسي يوم مماتي...))


مدت لها يدٌ منديلا ابيض رقيق الصنع
ويد اخرى رقيقة على كتفها كانت لاجنبية اشفقت على حالها
وعلى عمق الحال التي هي فيه
شكرتها ثريا بلغتها ورفضته بلطف
لاتريد لدموعها على حبيبها ان تداع بل ان تبقى سجينة لديها
ضمت كلتا يديها الى حضنها
ففاجئتها صديقتها تجلس قربها تدخل كلتا يديها في جيوب معطفها

- حسبتك امام المقهى تستنشقين الهواء ...لم تخبريني انك ذاهبة...

قالت ثريا بارتباك تداري حزنها في الاعماق تلبده
وتشيح قليلا بوجهها عن صديقتها:

- آسفة كان يلزمني ان اخرج شعرت بالاختناق...

ضحكت صديقتها بلطف:
- لاعليك ثريا ...انني افهمك والله لاتشغلي فكرك بشيء وحاولي ان تسترخي غاليتي فالوقت يلملم الجراح ويشفيها...

حركت ثريا راسها :
- ليس جرحي ....ليس هو أعرف ان معاناتي ستدوم و ستطول ...لكني ساحرص على عدم الانهيار

قالت صديقتها تضع يدا على كتفها:
- هل تريدين العودة الان ام البقاء...؟


قالت ثريا تتنهد :
- سأبقى قليلا ...آسفة عندما سأشعر بالراحة سأعود...وإذا لم اجدكم في المقهى سأتبعك للشقة ..فلا تحملي همي ..ارجوك...

انحنت صديقتها تقبلها وتربت على كتفها

- حسنا لا تتاخري احب تواجدك معنا ...

قالت ثريا تبتسم رغم حزنها:
- حسنا لن اتاخر...أعدك...






***********************






~ ســَــــعـِــــيــــدْ ~
~ ~ ~ ~ ~





بعد أن فرغ سعيد مما يشغله من عمل
وبعد ان انهى من اعطاء العمال اجورهم
استطاع ان يبتعد أخيرا تاركا رجلا من رجاله
يوكل له مهمة الاشراف العام على العمل والعمال


استطاع ان يغير ملابسه ويأخذ له حماما قصيرا
بحيث ازال عنه تعب وجهد اليوم
وارتدى قميصه الاسود وهو متحمس كمراهق للقاء زوجته تحت ظل الشجرة
الفواحة ليموناً
يعشق البقاء واياها في عزلة تامة مع سكون الطبيعة
ويحب كثيرا هته اللحظات لانه لايملك للاسف منها الكثير فهي قليلة بسبب تراكم الاعمال
وبسبب تحضرهم لدخول الفصل القادم


يعشق هته الاوقات بالذات
لانه ينطلق في الكلام ويجد حرية في ذلك
وبذلك يحضى بزوجته لبعض الوقت



وجد نفسه في افكاره قد وصل في وقت وجيز الى البستان الراقي
وبدأ يصفر وينحني مطلا عن الاماكن
التي يمكن ان تكون منتظرة اياه فيها أو لربما مختبئة فيها
وبحث بعيونه ...وتعجب لما لم يجدها
وضع يديه حول فمه يناديها:

- عبير....عـــبـــيـــر...

بحث بعيونه مرة اخرى لكن بدون جدوى
مرر يده في شعره
بقلق ولكنه اعاد مناداتها:
منتديات ليلاس
- هيا عبير....عبير لست حملا لمثل هذا المزاح السيء...عـــبـــير...

لكنه فعلا ازداد في اعماقه القلق وتعاظم عندما لم يجدها
تحرك مسرعا يعود ادراجه
وعندما وصل الى مكان العمل والعمال
استفسر من العمال عن مرور زوجته في الانحاء
فاجابوا انهم لم يروها
وتأكد بحيث رأى سيارتها لاتزال في المكان عينه
ولم تتحرك اصلا

فكر بصوت عال:
- ما هذا ياربي ..اين ذهبت هذه المرأة...سأعيد البحث...


وانتهى به الطلب من عاملين لديه ان يبحثوا عن زوجته معه
وإن رأوها ان يخبروها بأنه يريدها
قال يحدث نفسه:

- أتمنى من الله ان تكون بخير ...

وعاد الى الأماكن التي يراها فيها عادة وهي لاتغيرها
بين الحقول والبساتين
لكي لايتوه عنها
لكنه كره هذا القلق الذي يستعر في نفسه
لم يجدها ولا في اي مكان.....


فكر انها ولابد مزحة ما من مزحاتها
وقرر الانتظار عساها تظهر
لدى اعاد القول بصوت مرتفع:

- عبير...هيا ..عبير سابقى هنا الى ان تظهري ..واقسم ان كانت مزحة لأجعلنك تندمين....

تنهد بعنف يسأل نفسه مئة سؤال
..ما هذا الخوف
...ماهذا القلق الغريب

استدار بسرعة عندما سمع صوت احد العمال يناديه بالحاح
ارعب قلبه غصبا عنه:

- سيدي ...اه ...سيدي لقد وجدنى شيء ...لكن سيدي..

قال سعيد بعنف غير مقصود وهو يكتم على اخناق خادمه:
- هيا ...لما انت شاحب ..لا تقل ان مكروها حصل ..اقسم...

قال العامل بخوف ظاهر على وجهه:
- سيدي تعال معي ...وسترى..

عندما تبعه يكاد يسبقه سأله :
- اخبرني ..ماذا هناك ...
رد الخادم والارتباك واضح على ملامحه:
- سيدي وجدنا شخصا تحت ازار ..ملطخ بالدماء... ومنعت احدا من الاقتراب الى ان تاتي..

شعر سعيد بقلبه يخفق بسرعة والالم في صدره يخنقه
عندما اسرعوا الخطى الى حيث الرجال مجتمعين
طلب سعيد منهم ان يبتعدوا وان يبقى عاملان فقط

اقترب ولم يستطع ان يمنع الارتعاش من يده
وهو يزيح الازار الابيض الملطخ حمرة باصابعه
فكانت الصدمة موجعة... مهلكة... قاتلة
جمد وكانه انسان بين عالمين
غير موجود او موجود
بين واقع مر
وكابوس سحيق

خرج من صدمته وهو يمسك وجهها الذي شوه بشيء ما
ترك السائل الحار الاحمر يسيل بعنف قاهر اراد ان يراها تفتح عيونها
ان تخبره ان ما يراه ليس سوى سراب موجع اليم سينهار بسرعة

- عبير...عبير...هيا يا عزيزتي...استفيـــقي....استفـــــيقي....حياتي انت اه اه

اخد يمسح على وجهها والرعب يتملكه مع كل قطرة دم تتعلق باصابعه
ارجع خصلاتها الملتصقة بالدم الى الوراء وكل هذا يذبحه
تحرك بسرعة يقيس نبضها
وبحركاته المضطربة يحاول ان يمنع نفسه من الانهيار

قال لاحد العمال:
- اسرع ..هيا اسرع احضر السيارة ...

سال العامل بتوتر:
- سيدي ...المفاتيح...؟

قال سعيد يصرخ بغضب وعصبية:
- اذهب انها...لابد انها في السيارة اسرع ولا تنظر الي هكذا....

التفت الى العامل الاخر وهو يقترب منه وكان جهنم الحمراء تستوطن عينيه:
- ايها الفاشل ...اخبرني كيف لم تلمحوا شيء ...كيف ..؟

قال العامل يبتعد:
- سيدي كنا نعمل تحت طلبك في الجهة الاخرى ...لم نمر الى هذا الجزء ...انت من طلب بقاءنا هناك
منتديات ليلاس
امسك سعيد براسه يعيد نظرته اليها خائرة القوى وسقط قربها
على ركبه
لفها مانعا رغبة برؤية ماتبقى من جسدها المدمى لكنه اكتفى بان شدها
واخد يدعو من الله ان يعتقها
والثواني التي مرت قبل حضور السيارة بسرعة
كان يضع اصابعه قرب انفها يتاكد من انها تتنفس
شعر بالم ومرارة
من ..من ...من ؟
من فعل هذا بك يا حبيبتي الصغيرة
يــــارب...يارؤوف يارحيم ...ارئف بها وبي...

بعد ان اوقف العامل السيارة قال سعيد:

- دع الباب مفتوحا وافتح الباب الخلفي اسرع... ساخذها الى المشفى وانتم ابحثوا ....عن اي شيء قد يدل على من فعل هذا اسرعوا هيا...

حملها بين ذراعيه وهو متوجع لحالها
وضعها في المقعد الخلفي للسيارة

ودخل الى خلف المقود بسرعة الريح
وقال لاحد عماله:
- انت اريد منك ان تخبر العائلة ....حالا اسرع و اخبرهم...

- حسنا سيدي


بدأ العمال بالتأسف على حال السيدة
وعلى ماحصل لها وعن ما يعانيه الان سعيد
وكأن خنجرا معكوفا بشكل مخيف يعلقه بكل قسوة من نبض قلبه



بعد وصوله الى المستشفى وضعها حيث طلب منه الدكتور
وهو يشعر بها تبتعد وكانه سيموت ويفقد روحه معها
لا والف لا...لا ..ولا ..ولا يحبها ويريدها اكثر من حياته
هي من اعادت لحياته الطعم...

كانت الاصوات مشوشة حوله
لايستطيع ان يرسى على فكرة ويريد ان يطمئن عليها
باقصى سرعة

لم يشعر بعائلته الى ان جلس عبد الصمد قربه
منتديات ليلاس
- اخبرني عنها كيف هي...؟

قال سعيد المنهك والذي لايستطيع ان يركز على امر :
- انتظر الدكتور ...يا اخي لا اريد ان افقدها...

التفت الى حيث نظر الى عمته وامه وابيه
ولاحظ انهيار عمته وبدى له انه سينسف من الاصل ان ظل يراهم على هذا الحال
يتمنى يدا حانية تخفف عنه الالم

جلس قربه عثمان ووضع يدا على كتفه:

- ارجوك اخي ...اصبر ان شاء الله ستكون بخير....

نفض سعيد يد اخيه وصرخ بحدة وهو يقف
حتى التفت اليه كل الحاضرون:
انت لا تشعر بشيء ...ولن تشعر بشيء ..انتم لاتشعرون بالنار التي تصعر في داخلي

بقي عثمان جامدا لكلام اخيه ونطق ببطئ مر:
- يا ليتني لم اشعر... وليتني لا اشعر حقا ...

نهض من مكانه وقال لاخيه الذي اتخد الحائط سندا له:
- اسف اخي اتمنى لها الشفاء...

ضرب على كتفه وخرج من المشفى ككل
نظرت فاطمة الى ابنها واشفقت على حالته
وهي تسند مليكة التي انحنت عليها احدى الممرضات تعطيها مهدئا لتسترخي

- ستكون يا مليكة بخير...

قالت مليكة بحزن :
- ابنتاي ...وابي...هذا كثير ...

طلبت منها فاطمة:
- استغفري ربك يا مليكة....ارجوك ...

تمتمت مليكة الاستغفار في فمها حتى شعرت بثقل لسانها

اقترب سليمان من ابنه سعيد يقول:
- هيا يا بني ...ستكون باذن الرحمان على مايرام وسندعوا لها..وادعوا لها...

حرك سعيد راسه باسى احتراما لابيه
فيفوق قدرة تحمله
لولا صبره لكان دمر كل شيء حوله
لكنه يقسم انه سينتقم لمن ينتقم منه بهته الطريقة ولديه في فكره شخص واحد قادر على عمل خطير كهذا

يشعر بعنف المصيبة كالخنجر... ذوا حد قاطع لاوصاله
طعنه وولج قلبه يتوجفه...بين اشواك الوجل وأمواج التوجس الرعناء المظلمة
يعاني من حرقة لايعلمها غير(الله)
حزن وشدة وجدٍ ...وغلبة حر الجوىآ
الذي يرعشه ويضعفه يخلع عنه الحياة حد الدموع
منتديات ليلاس
كيف امسكها خائرة بين ذراعيه
كيف تسيح دمائها المراقة...لما لما..لـــمـــا؟
يكاد يجن يكاد يثور يحطم ويبكي
يريدها حية ترزق وتعيش في ضحكتها الطيور
وتغرد العصافير على الحان صوتها
أن تتفتح الازهار بين اهدابها الرقيقة

لكن....أكبر هم يصيبه أن يراها معراة من كل قوة ضعيفة مغشي على عيونها
قلبه يتمزق...
نار تقدحه ..تكاد تبجسه...

كانت تضحك فيشع صباحه...
تهمس فتتغلغل بعمق العطور..
حية تحيي معها قلبه الموله...
والان لايرى سوى صورة تمزق الجسد والروح المعذبوة الى نثرات

ظنه بل لايزال يحاول ان يجعل الظن يعيش بالحقيقة
أنه فقط يضغثها في حلم مزيف زائل...في ذلك الوضع...
ينتظرها لتوقظه تذيبه بعذوبة من شفاهها
أن تداعب بانفها الرفيع خدوده الخشنة
ان تدغدغ صدره بشعرها...

لكنه سراب يجعله يختنق من جديد ويفقد تلك اللحظات الثمينة التي لاتعوض...الا بوجودها

بعد ساعتين والنصف ساعة
ترقبوا خروج الدكتور على اعصاب متشنجة تكاد بكلمة واحدة ان تنفجر
وبعد خروج الدكتور طار اليه سعيد مسرعا:

- دكتور ما الذي جرى....؟

قال الدكتور وتبدوا الافكار عميقة على وجهه:
- علي ان اشرح لكم الحال بالضبط هته الفتاة قد تعرضت لشروخ عديدة على مستوى الجسد تجعل جسدها مشوها كليا لكنني قمت بعملي والحمد لله هي الان بخير...لكن علي ان اعلمكم ان ماحصل حصل عن عمد فقد كانت مخدرة تماما ...وهذا يضطرني الى الاتصال بالشرطة للتحقيق بالامر..

كما اراحهم خبر نجاتها
لايزال سعيد متالما للحال حتى انه جلس على بلاط المستشفى
تشوهت ...هل هذا هو الانتقام السحيق ...
ترك لابيه موضوع الاهتمام بالامور في المستشفى وخرج مسرعا دون ان يخبرهم بشيء
تاركا اياهم دون ان يخبرهم شيء عن وجهته

فدعت فاطمة لولدها بهمس:
- يارب اللهم غلب ابني على اعداءه مهما كانوا ...

منتديات ليلاس


يتبع......
منتديات ليلاس

 
 

 

عرض البوم صور Jάωђάrά49  
قديم 15-02-10, 10:18 PM   المشاركة رقم: 34
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
كاتب مبدع


البيانات
التسجيل: Jun 2009
العضوية: 147004
المشاركات: 5,481
الجنس أنثى
معدل التقييم: Jάωђάrά49 عضو جوهرة التقييمJάωђάrά49 عضو جوهرة التقييمJάωђάrά49 عضو جوهرة التقييمJάωђάrά49 عضو جوهرة التقييمJάωђάrά49 عضو جوهرة التقييمJάωђάrά49 عضو جوهرة التقييمJάωђάrά49 عضو جوهرة التقييمJάωђάrά49 عضو جوهرة التقييمJάωђάrά49 عضو جوهرة التقييمJάωђάrά49 عضو جوهرة التقييمJάωђάrά49 عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 2060

االدولة
البلدMorocco
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
Jάωђάrά49 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : Jάωђάrά49 المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي

 

إن شــــَـــــــــــــــاء الله
:
:
:
:
:

الْــجـُـزْءُ الــثَّـــانِــي وَالــثَّــــلاَثـُـونَ
منتديات ليلاس
والاخير
شكر خاااص للجميلتين هوب لايت المبدعة الصديقة
والعزيزة الفذة ايموسا اشكركما جزيل الشكر على المرور اتمنى لكم الاستمتاع بهذا الجزء

كلمة
الجزء الاخير صممته ليكون هكذا يعني حطيت النقط على الحرف واوضحت ان ماعاد في ولامشكال فاتمنى انه ينال رضاكم





حينما تدق الاجراس ...تنشد الاطيار لحن الخلود...
منتديات ليلاس
فتعانق نسمات الصباح ...غروب الشمس..

يتوهج البدر حاملا معه باقات من الزهر..

لينثرها بين اليادي ...معلنة موعد فجر جديد...

يصاحبه نور قلم فريد...نستقبلكم والبشر مبسما...

نصافحكم أكفنا..لنهديكم أجمل معانينا...

ونغرف من همس الكلام أعذبه ...ومن قوافي القصيد أجزله...

ومن جميل النثر ...أروعه..

بين مد وجزر...وفي أمواج البحر..

نخوض غمار الكلمة ...فتجرفنا سفينة الورقة...تجدفنا أقلامنا...

لتحل قواربكم في مراسينا...فنصل معا نحو شواطئ الليل...





بـــ عـــدة ــــعــــ أيـــام ــــد




إنها ايام بلياليها مضت
حطت كالجحيم على قلب عبير
احترقت مع معرفتها لما اصابها
تحطمت وتناثر الحزن ظلالا في عيونها
وبين ثناياها وعلى محياها
لكنها تقبلت الوضع رغم ذلك
وحمد وشكرت ربها على ابتلاءه لها


حضرت الشرطة الى المستشفى
واستقبلت عبير الشرطي الذي اخد افادتها بخجل
لخجلها من ان تري احدهم وجهها المليئ بالكدمات
التي لاتتذكر كيف حصلت لها
فقامت بتغطيته
كان امرا مؤلما لكنها صبرت بقدر لايوصف
وخبأت احاسيسها المريرة بحيث ووريت ولم يصلها احد



مرت تلك اللحظات كثقل جسم من الحجر يزحف على روحها
متخللا كل احاسيسها
منعدم الاحساس في صقعها


بعد أن أخرجوا عبيرمن المستشفى
ساعدت مليكة ابنتها كثيرا في هته الفترة
أتعسها أن تتعرض ابنتها الى هذا العنف الجسدي البغيض الذي القى عدة تشوهات على كامل جسدها
وكأنما الفاعل تعمد ذلك ليحرق قلوبهم


بعد خروجها من المستشفى
ذخلت عبير الى غرفتها وساعدتها امها والممرضة خاصة
على دخولها السرير

كان ما يقسوا على نفسية المسكينة عبير
انها تفعل المستحيل لكي تبعد عنها سعيد
مؤلم وموجع احساسها هذا انها لم تعد كما كان يراها
جسدها الغض الطري
شوه في مناطق عدة رغم العمليات التي لملمت الجراح
لكنها لم تستطع ان تدمل جراح الروح المنسلخة
من كثرة الالم




ســـعـــيـــدُ



يعرف انها تحتاج للوقت لكي تتأقلم
ويفهم المها ويـتالم له أكثر بأضعاف مضاعفة من الوجع
لايستطيع ان يطفئ تباريح جراحه من الصداع
يتمناها ان تسمح له بالاقتراب منها باخد راسها على كتفه
ان يمنحها من الدفئ المتدفق من اعماقه الكثير والكثير
يتمنى ان ترضى
ان تبري هذا الشرخ في قلبه الحزين الكئيب
يريد ان يطرد هذا المستعمر الجديد المقيت علها تريحه من عذابه
يشعر ان الحزن الرخيم هذا يجثوا على جسده وعيونه
وروحه لايتزحزح
ولايملك
سوى تفجير طاقته في العمل
بالاتصالات اللازمة من اصدقاء له
لكي يضبطوا القبضة على المجرمة واتباعها
وطمئنه احد الاصدقاء ذوي المناصب العليا
انه لصداقته الثمينة سيقوم بما يتوجب فعله

لم يتدمر صديقه ابدا من تكرار الاتصال به
لانه يتفهم وضعه ويتفهم حزنه



اليـــوم


استفاق من في القصر وتفرقوا بعد طعام الافطار الى اشغالهم
وبدأ سعيد بتفقد الاتصالات الهامة التي سيقوم بها
وتفقد ما حدث في البحث

لكنه دهش من تلقيه الخبر الذي لطالما تمناه بعد الحادث
انه وأخيرا تم القاء القبض على المجرمين
فقد اتضح ان الرجل الذي قام بالعمل الشنيع
كان خليل سميرة وهته الاخيرة هي من طلبت منه معاونتها في انتقامها
واعترف كل منهما بطرق الشرطة الخاصة بما اقترفاه

اسرع سعيد في اخد سيارته
والذهاب الى المركز حيث القي القبض عليهما
يود ان يقسم لكل منهما عنقه بسيف حاد
يكاد ينفجر غيضا يتمنى أن توضع السلطة بيده ليعذبهما ضعف ما فعلاه بزوجته


عند وصوله الى المركز
تقدم الى مكتب الصديق الذي كان له يد عظيمة في مساعدته
طرق الباب بعد ان اخبر الشرطيين اللذان يقفان عند الباب باسمه
سمع الاذن من الداخل:

- تفضل..

دخل سعيد بخطى تابثة:

- السلام عليكم

استقبله صديقه ذاك قصير الشعر قوي البنية رئيس المباحث:
- وعليكم السلام ...مد يده الى سعيد...كيف حالك صديقي...؟

صافحه سعيد:
- الحمد لله....وانت..؟

اجاب الرئيس وهو يشير لسعيد بالجلوس بينما يعود هو ايضا يعود الى الجلوس:
- بافضل الاحوال...

قال سعيد يسال وهو غير قادر على الصبر :
- اين هما...؟

نادى الرئيس
على الشرطي الذي يقف امام الباب ودخل هذا الاخير بتحيته:
- احضر المتهمين اللذان في الحجز ...

اجاب الشرطي:
- حاضر سيدي أمرك...

بعد خروجه
انفجر سعيد بغضب قائلا:
- اقسم انني اود تحطيمهما الى الابد.. نسفهما من هته الارض...

قال رئيس المباحث:
- هدئ من روعك يا سعيد اهدأ سيلقيان عقابهما فلا تحمل هما ....

بعد لحظات ادخل المتهمان الى الغرفة
قفز سعيد من مكانه ليقابل الداخلين
اللذان وقفا بقرب بعضهما البعض

قالت سميرة وهي تنظر اليه من فوق الى تحت وتلاحظ نظراته الثاقبة كعُقَابٍ:
- ماذا ....هه ...هل ستأكلني بنظراتك....؟

قال رئيس المباحث مشيرا لها باصبعه:
- احترمي حدودك والا فانك تدرين العقاب...

اقترب سعيد منها بنظرة مشمإزة
وصفعها بقوة اطاحت بها ارضا
تركه رئيس المباحث يفرغ غضبه رغم الحذر
قال سعيد وهو يمسك باخناقها:
- ايتها ال*****....ما الذي جنيته الان من اجرامك ايتها السافلة المنحطة ...سأحرص بمحامي الاكفاء ان تتعفني في السجن مدى الحياة... سترين

التفت الى الواقف قربها
ولكمه بقوة فنهض صديقه من وراء مكتبه
يمسك سعيد ويبعده:
- كفى ...سعيد هذا يكفي استمع الي لن ينفع هذا... حقك ستأخذه بالقضاء اتسمع فلا تنجرف وراء الغضب

تنهد سعيد وهو يشعر بانه مكبوت فيه الغضب
ولكنه شعر ببعض الراحة الان وهو يعود للجلوس
نادى الرئيس على الشرطي في الخارج ليأخذ الاثنين

فصرخت سميرة وهي تجر من طرف الشرطي نحو الخارج:
- حرقت قلبك يا سعيد... كما حرقته لي ههههه

ضربها الشرطي حتى استوت في مشيتها
واخرجهما من المكتب

قال سعيد بغضب مكبوت:
- تبا تبا لها ...حقيرة...لكني سادفعها الثمن غاليا جدا...

وضع الرئيس يده على كتفه:
- لا عليك سيأخذ القانون مجراه فلا تغضب بهذا الشكل.. انصحك بتوكيل محام خبير وقوي واضمن لك الفوز بسجنهما لمدة تشفي غليلك...لكن الان كنصيحة من صديق عد الى منزلك وحاول ان ترعى من يحتاجون اليك وبالاخص زوجتك...

تنهد سعيد وهو ينهض مصافحا صديقه:
- شكرا على مساعدتك ...تدين لي بعزومة راقية ان شاء الله..

ابتسم الرئيس:
- شكرا لك... السنا اصدقاء..


بعد خروجه من المركز الامني
استقل سيارته ليصل الى القصر فيزف لهم الخبر
على الاقل لكي يشعرهم بالامان

بعد وصوله الى القصر خرج من سيارته
وصعد الدرجات بسرعة يحرك المفاتيح في يده
التقى والده في صالة الرجال الذي كان يتحدث مع عثمان

- السلام عليكم

صافح كلا منهما وجلس بينهما

قال عثمان وهو يلاحظ سيمات الارتياح على وجهه:
- ماذا ؟تبدو ...وكانك حصلت على شيء اردته...

قال سليمان يسأله:
- هيا بني طمئنا ما الجديد ...؟

قال سعيد يسترجع انفاسه:
- حسنا ...لقد القي القبض عليهما...القي القبض على المجرمين....

قال عثمان وهو يضرب على كتف اخيه:
- انا سعيد لأجلك اخي ...تستحق عبير الانصاف حقا ....والحمد لله الله لايضيع حق احد

اردف سليمان بتنهيدة:
- الحمد لله على كل حال ....المهم الان عليك ان تكون صبورا فما اصاب عبير ليس بالسهل ...سيؤثر في نفسيتها لذى كن متيقظا

قال سعيد بجدية:
- ان شاء الله ابي ..استأذنكما سأصعد لرؤيتها...

قال عثمان يتضامن مع اخيه:
- بالتوفيق...


خرج سعيد من المجلس وتوجه الى الدرج عندما نادته امه من المطبخ استدار لينظر اليهاوهي تساله:
- بني ما الجديد طمئني عزيزي هل ..؟

قال سعيد يبتسم بلطف:
-اجل يا امي ....لقد القت الشرطة القبض عليهم فلاتحملي بعد اليوم هما....

تنفست فاطمة الصعداء
وعيونها مليئة بالحسر:
- الحمد لله ...

- امي ساصعد لأرى كيف اصبحت عبير اتريدين شيء

قالت فاطمة بابتسامة:
- لا حبيبي اريد سلامتك يا عزيزي اذهب ...


عــبـــيــر


في الجناح


كانت قد ساعدتها الممرضة في تغير ملابسها ببيجامة وسوداء
وجالستها امها لمدة لم تذرك كم هي
لكنها شعرت بالارتياح وهي تتحدث مع امها عن عدة امور تساعدها بذلك
على الابتعاد عن الواقع ومرارته
بعد انصراف امها اخذت كتاب القرآن
وغطت رأسها بالحجاب الملقى على أكتافها
وبدأت تتلوا ما تيسر علها تشعر بالأمان والراحة
وان تخفف عنها هذه الكآبة والحزن


بعد خروج أمها لم تشعر بدخول سعيد
ولا بوقوفه ومراقبتها من مكانه
كان يسعى بكل ما اوتي من طاقة لتغطية الألم في صدره لحالها
ويضبرها بقدر لايشعر محبوبته بالتعاسة

- احم...

تحرك راس عبير بسرعة الى ناحية الباب
فلم تسمع اية خطى او حركة
لذى باغتتها المفاجئة
لم تره منذ مدة كم نمت لحيته وكم نمت الوسعة التي تتغلغل باشتياقها له
اشاحت بوجهها عنه
تشعر كما لو انه سيراها بشكل مختلف الان وهي على هذا الحال تتمنى ان يسهل عليها الامر ويختفي من امامها

- الن تطلبي مني الدخول..؟

هزت اكتافها
واقترب من السرير حيث جلس مقابلا لها
واضعا اياها في قفص عيونه
- هيا الان ...لما لاتنظرين الي...

همست بضعف:
- ماذا ..تريد..؟

قال بصراحة تامة وبدون اهتزاز:
- ينقصني قربك...تباعدك هته الفترة لم يكن هينا علي يا عبير ..اعرف لربما انا من تسبب في حدوث هذا من عدم احتراسي ...لكنني احبك وانوي ان اساعدك حتى الشفاء...


رفعت نظرتها له وهي تقول والدموع في مقلتيها تحرقها:
- الا تشمئز من صورتي ...وجهي لم يعد جميلا والكدمات عليه سيئة...؟

اصابته الدهشة من تفكيرها
وهذا ما بطن الوجع في قلبه
ليست هي من تظن به هذا وهو على هذا الحب العميق لها
لم ينم الليالي الماضية بسلام وهو في الغرفة الاخرى ليتركها على راحتها
كيف تظن به ذلك؟

قال وهو يقترب اكثر رافعا دقنها بين اصابعه:
- اهذه هي الصورة التي رسمتها عني في افكارك ..لما يا عبير..الذي يحب لايرى المرأ بعيوبه بل بكل المحاسن فيه...احبك فلاتؤذيني بكلامك...

ادمعت عيونها من القهر
وتحرك ليجلس قربها آخذا من بين يديها القرآن واضعا اياه على المنضدة
ودفنها في صدره حيث املت ان تكون كل هته المدة

- هيا يا حبي ..كفاك بكاء يا عمري فلا احتمل رؤيتك بهذا الحزن...تدرين ان الامور ستتغير ...ما ان تصبحي في وضع جيد حتى اسافر بك لتقومي بعمليات تجميلية ..وهذا ليس محرما مادامت لتحسين جسدك...


ابتعدت عنه تنظر اليه:
- لكن عمليات تجميلية..؟..انا حتى لم افكر في الامر..لكن لما علي فعلها الأنك لن تحب ما انا عليه بعد اليوم...

قست ملامحه وهو ينظر اليها
نظر اليها بنظرة قاتمة وزرع اصبعه بين خصلات شعرها
واذنيها فدنى منها مقبلا شفاهها برقة
اذابتها حتى شعرت بالدوخة تميل راسها
فابتعد
ولم يجبها بل ظل ينظر الى وجهها حتى امتقع وجهها من الخجل
- آسفة...ارجوك لاتغضب مني..

تنهد يضع راسها على كتفه وهو يقول:
- أنا لا يهمني ابدا ان تتغيري..لأني احبك لا انوي التخلي عنك...لكني فكرت انه لأجل نفسيتك ..يمكن ان تقومي بتلك العمليات تحت اشراف اطباء نصحني بهم احد الاصدقاء...فإذا كنت مستعدة سافرنا بعد استعادتك لعافيتك.. اما اذا كنت غير مستعدة او غير موافقة من الاساس ومتقبلة لوضعك فلا امانع البتة

للحظة فكرت
لما لا افعل ؟؟
لن يضيرني ان استعنت بالاسباب وادعوا من الله ان يشفيني
لما لا افعل ذلك على الاقل لأجل زوجي وحبيبي
لا يستحق ان اكون جاحدة معه
اخاف ان افقده....

هزها من عالم الافكار ذاك قائلا:
- والان سأذهب الى الاراضي لتفقد العمل لم امر الى هناك منذ مدة...آه نسيت الخبر المهم...لقد تم القبض على المجرمين حبيبتي فلا خوف بعد الان.. سأوكل محاميا ناجحا يكسب القضية مع اعترافهم سنكون الفائزين باذن الله..

حركت راسها وهي تشعر كلما ذكرت الحادثة او مسببوها
ببطنها تتوجع خوفا ورهبة والحمد لله
ان الله انجاها وبقيت على قيد الحياة
لكنها تؤمن انه ما نجت منه لم يكن ليحصل ابدا فلم يكن مقدرا له ذلك





*********************



فــ الاسفل ــي




وبعد ان نزلت مليكة من غرفة عبير
قررت ان تتصل بثريا في باريس
وتخبرها بكل المستجدات في القصر وايضا لكي تطمئن عليها وعلى احوالها فهي تخاف عليها كثيرا من بلاد الغرب

اقتربت من مكان الهاتف واخدته معها الى غرفة الجلوس
وجلست وهي تعيد الزر اللذي يحمل رقمها في باريس
وضغطت ليتم الاتصال


فــــ باريس ـــي



خرجت ثريا من الحمام اكرمكم الله
وهي مرتدية لبيجامتها الزهرية
وتلف منشفة على شعرها من قطرات المياه

اقتربت من منضدتها وهي قمة الانشغال في افكارها
مهما حاولت تغييرها الى روايتها والااشغال التي يتبعها فعلها
غير انها في قلبها لاتستطيع ان تضحد صاحب الحضور المهيب
افكارها شيء ما تمنحها الحياة تبعد التعاسة ما امكن وتعيش على ذكريات كانت جميلة
رُغم ضآلتها

امسكت الكريم الذي وضعت منه على سحنة وجهها
بتمعن واخلاص
عندما سمعت الهاتف يرن تركت ما بيدها لتقترب من السرير
جلست تجيب:

- السلام عليكم ..من معي..؟

اجابت والدتها بانفعال ظاهر :
- حبيبتي ...يا قلب امك كيف حالك بنيتي...؟

قالت ثريا مبتسمة بدموع:
- بخر يا احلى ام وانت ..كيف احوالك وعبير والكل....؟


قالت مليكة بصوت حزين ومرتعش:
- صغيرتي الكل بخير بما في ذلك عبير...حفظها الله ..اشعر يابنيتي انني على شفير الانهيار ان ظل الوضع هكذا..

قفزت ثريا واقفة وهي تتمنى لو كانت هناك قربها:
- ماذا امي.. ماذا بك حبيبتي وماذا بها عبير...اخبريني ارجوك؟

قالت مليكة وهي تمسح دموعها بمنديلها
لاتستطيع ان تمنعها من النزول:
- لقد تعرضت لهجوم من طرف مجرمين...يا الله اصبحت بنيتي مشوهة يا ثريا ...

سقطت ثريا على السرير وهي في كامل صدمتها لما سمعته:
- امي..امي اين هي اريد مكالمتها...

قالت مليكة:
- انها ترتاح الان...لاتخافي انها الان بخير لكنها فعلا عانت من عنف جسدي خطير كاد ان يوذي بحياتها ...آه بنيتي ...

قالت ثريا وهي تنهض من مكانها:
- امي لاعليك سآتي ...

ذهلت مليكة وعادت الابتسامة الى شفاهها:
- هل حقا ستاتين بنيتي ...لكن الم تقولي انك مشغولة...؟

قالت ثريا وهي تجذب ما في خزانتها نصفه تقريبا...:
- امي البحوث وتلك الاشيء تستطيع ان تنتظر لكن اختي ..ابدا علي رؤيتها علي قبل اي وقت ان اكون معكما انتظريني قد اصل متاخرة بالليل حسنا...


قالت مليكة وهي تدعوا:
- يا بنيتي احذري وانت قادمة ارجوك..رافقك الله في جميع خطواتك وانار طريقك...

ثريا وهي تجذب الحقيبة الكبيرة:
- آمين امي ...ان شاء الله القاك...

عندما اقفلت الهاتف شعرت ان ركبها رخوة وكما انها ستسقط في مكانها
احست بالرجفة تعتليها من الخوف وقلبها يرجف بدون هوادة
تمتمت بعض الادعية في نفسها

دخلت صديقتها الى الغرفة وهي تسالها بحيرة عما تفعله:
- لما تجمعين ملابسك ..هل انت راحلة ام ماذا...؟

قالت ثريا وهي تنزع المنشفة من راسها وترمي بها على السرير:
- ساذهب ...اختي تعرضت لحادثة ساذهب اليها....

قالت صديقتها بتساؤل:
- ومستعدة عاطفيا لملاقات زوجك السابق...؟

توقفت تنظر الى صديقتها
وكانها تراها لأول مرة:
- لست ادري ..الان تهمني اختي وهو لست مهتمة به بقدر عدم اهتمامه بي...

الكلمة رغم انها هي من تفوه بها غير انها اثرت بقلبها
واوجعتها فلكم تمنت لو يكون قربها
الان ويساعدها في كل شيء ان يسندها
غريبة هته الافكار البعيدة المنال







*************************



فــــ الاصطبلات ـــــي



بمكتب عبد الصمد


هذا الاخير
كانت له ايام صعبة حقا
فهو ما بين تنظيم الامور في الصطبلات بعد الحريق
واعادة الصيانة التي شملت الاصطبلات وكذا حلبات التدريب وسياجاتها
ايضا ما اراحه وكأنه جبل ضخم وانزاح عن كتفيه
هو تخلصه من اصحاب الخيول اللذين اخذوا اموالهم ويشكر الله لأن شركة التامين ساهمت بقدر وفير

والان يستعد بجموح الى اعادة هيكلة كل الامور من جديد وينوي هته المرة فعلا ان يصل الى مبتغاه
كما سيكثف الحراسة بشكل جيد
وباسلحة سيطلب لها الترخيصات اللازمة
فبعد ما حدث وزعزع تنظيم العائلة وموت جده
ما عاد يستطيع الشعور بالامن والامان

يعلم جيدا ان الصعوبات القادمة ليست بسهلة

كان يراجع بعض الاوراق المهمة وهو في قمة تركيزه
بقميصه الابيض المفكوك الزرين الاولين عند العنق
ومرفوع الاكمام حتى منتصف الذراع
وكذا الاقلام الملقات في كل مكان

ازعج اندماجه مصطفى الذي دخل وهو يقول:
- سيدي ... هل تريدني اليوم في الاصطبلات ..لأنني بصراحة اود الذهاب لكي احضر ولادة زوجتي ...واظنها قد تلد في اية لحظة لكن ان كنت حضرتك تحتاجني...؟

نظر اليه عبد الصمد والابتسامة تغلف وجهه:
- حسنا لم تخبرني من قبل ان زوجتك حامل...

قال مصطفى بخجل :
- اه ..سيدي الاعمال والاشغال لاتترك لنا الفرصة للحديث عادة...

عبد الصمد وهو يحرك راسه بعدم تصديق:
- هل تدري انني لطالما ظننتك غير متزوج في الحقيقة اجدني مقصرا في حقكم كثيرا.. طبعا يا مصطفى اذهب واخبرني ما ان تلد امراتك لكي اقدم التهاني والهدايا...أه ولاتنسى ان تطلب منها ان تدعو لي بالذرية الصالحة...لا اريد ان اغار منك...

قال مصطفى ضاحكا:
هههه يا سيدي اتمنى من الله ان نرى اولادك هنا في كل مكان ويزيحوا عن كاهلك التعب والشقاء...اشكرك كثيرا سيدي على تفهمك...

قال عبد الصمد وهو يفتح المجر عن يساره:
- خذ هذا ...اشتري ما قد يلزمك من حاجيات الطفل...

نظر مصطفى الى المال الممتد له من يد مخدومه خجلا:
- سيدي انا لا احتاج الان هذا كثير...

ضحك عبد الصمد:
- لا كثير ولا قليل خذ اعتبره هدية الطفل وعسى ان يولد بكامل الصحة والعافية...

اخذ مصطفى المال بتردد:
- اشكرك جزيل الشكر سيدي ...لا ادري كيف اعوض عن كرمك...

قال عبد الصمدوهو يعود الى اوراقه:
- لاتقل شيء وعد الى منزلك ..هيا..

قال مصطفى وهو يتراجع عن خروجه:
- سيدي...؟

رفع عبد الصمد راسه:
- نعم...


قال مصطفى وهو يشير بيده:
- هل تذكر ..هل تذكر تلك الاجنبية ...

قال عبد الصمد بانزعاج:
- اجل ماذا عنها..؟

- على حسب ما سمعته ..وجدت هي والعجوز مقتولين في الفيلا الخاصة به...ويبدوا ان ابنه البكر من قتلهما وسمعت ايضا انه انتقم من خيانة والده لأمه..

رفع عبد الصمد حواجبه بتفكير:
- لاحول ولاقوة الا بالله....لكن فعلا لم يكن انسانا صالحا مئة بالمئة ..استغفر الله لكنه خبر مفجع فعلا....حسنا مصطفى..لاتنسى ان تخبر البيطري عمر ان يمر على مكتبي ....

قال مصطفى يومئ :
- حسنا سيدي عن اذنك...

لم يفكر كثيرا بامر موت العجوز وخليلته
لكن العجوز ذاك ظن انه مفلت بفعلته
بينما هناك من يراقب كل شيء من الاعلى وهو الله سبحانه
لايغفل عن رفة عين

بعد لحظات وبعد ان اوصل مصطفى لعمر ان المدير يريده
شعر هذا الاخير بان ساعته في هته المزرعة الكبيرة قد حانت
لكن من اخبره ان يستبق الاحداث؟؟

عند دخوله قال وهو مضطرب الملامح:
- السلام عليكم سيدي قيل لي انك تريدني...

قال عبد الصمد وهو يضع الاوراق في الملف الخاص بها ويقفله
ليفتح اخر:
- عمر ..ناديتك لأن هناك تغييرات من حيث محل عملك...

قال عمر يساله بتوجس:
- كيف سيدي؟

قال عبد الصمد وهو يتراجع في كرسيه وبين يديه قلم اخضر:
- ساقوم بتحويل مركزك في ناحية الاراضي...هناك ستكون حاليا لكي تهتم بالغنم والابقار...هنا كما تعلم لم يعد هناك احصنة لدى اجريت هذا التعديل...انا ساعطيك راتبك...ومن الان فصاعدا سيتكلف اخي سعيد الذي سيكون مخدومك..باعطاءك اجرتك اتفقنا...

اومئ عمر قائلا:
- اتفقنا سيدي....

بعد ان انهى عبد الصمد حديثه مع عمر واعطاه التعليمات اللازمة
فضل ان يخرج من جو التعب هذا لكي يعود الى البيت
حيث يستحم ويبقى هناك قليلا يريح عظامه المتشنجة



*****************



بعد وصول عبد الصمد الى القصر


دخل القصر وسترته على كتفه مرمية باهمال
صعد الدرج دون النظر الى من ينزل منه
نطقت هند بسعادة:
- عبدو عدت باكرا....
منتديات ليلاس
نظر اليها مبتسما...:
- تعبت من الجلوس على الكرسي في المكتب عدى عن ان عيوني بدأت تتداخل فيها الارقام ففضلت ان اعود ...

قالت هند وهي تلاحظ هالات التعب حول عيونه:
- اتريد مني ان اصعد لأدلك لك قليلا...

قال ملاحظا:
- لكن اما كنت نازلة ؟....

قالت هند وهي تتذكر:
- اجل نادتني والدتك ..اقصد امي وهي تريد مني ان اساعدها في المطبخ ان كنت محتاجا لي فقد اخبرها واعود...

قال وهو يربت على كتفها :
- لاعليك.. حمام ساخن سينفعني اذهبي انت وساعديها فحاجتي للطعام كبيرة ساصعد...

قالت وهي تتبعه بعيونها:
- حسنا ..لكن ارجوك نم قليلا وبعد ذلك ساصعد لك الطعام واذا اردت...

حرك يده:
- سانزل لاعليك اذهبي انت...

بعد ان افترقا نزلت هند الى المطبخ حيث وجدت كلا من مليكة وفاطمة والخادمة تتعاونن على تحضير طعام الغذاء
- حسنا امي ما الذي تريدين ان احضره معك...

اشارت فاطمة الى المائدة
حيث هناك سلة بها طماطم وخيار :
- حضري السلطة فقط...

قالت هند وهي ترفع اكمامها وتجلس:
- حسنا امي ...

سالتها فاطمة وهي تقطع البصل:
- اخبريني سمعت عبد الصمد هل عاد؟

قالت هند بعبوس:
- اجل لكنه في حالة متعبة حقا نصحته بالاستحمام والنوم قليلا ...لكنه يفضل طبعا العمل والتحرك ..اخاف ان ينهار...لكنه اخبرني ان الاصطبلات في طور التجديد وانه وقت يصعب فيه الراحة...

قالت فاطمة بتشدق:
- حسبنا الله ونعم الوكيل في من تسبب في ذلك الحريق ...لن اسامحه والله الى يوم الدين ...يتعب بني بطريقة تخيفني انا ايضا..

قالت مليكة تتدخل:
- الان مهما فعلتن ففي دم هؤلاء الرجال العمل والعمل ..لا اظنه سيوافق على الراحة ..اتمنى من الله ان يوفقه

تحركت مليكة تاخذ صينية ملآى بالطعام لتاخدها الى عبير
وهي تقول للخادمة خارجة:
احملي معي سلة الخبز تلك وتعالي معي...

- حسنا سيدتي..

بقيت هند وفاطمة
ورغم ذلك يظل هناك توتر بينهما وخيط مشدود
فكرت هند في هته المدة انها فعلا بعد تعرفها على اختها انها تتمنى
وبعمق ان تلتقي بامها
وان تعرفها جيدا بحيث تزورها على الاقل ساعة في اليوم
تحتاج لمعرفة اشياء صغيرة تجهلها في نفسها

لكن حماتها الواقفة امام المغسل وراءها تشعرها بالرهبة
وارادت فعلا وضع حد وباندفاع
قررت قول الحقيقة وليحصل ما يحصل لايهمها

نهضت من مكانها
وهي تمسح يديها بارتباك ولاحظت فاطمة ذلك فسالتها بتوجس:
- هند ماذا بك ..هل من خطب تبدين متوترة وكانك ارتكبت جرما...؟

نطقت هند في نفسها
يا رحيم انها حتى لاتعطيني الفرصة للكلام بهجومها هذا
جلست هند على حافة المائدة واطرقت براسها:
- امي..انا آسفة لكن عليك ان تعلمي ان لي رغبة جامحة في التعرف على اهلي الحقيقيين....

قالت فاطمة وهي ترمي السكينة في المغسلة:
- ماذا...انظري ياهند اتفقنا انه لايجب ان تجلبي لنا الشبهة واظن كلامي واضحا بما يكفي...

قالت هند وهي تحاول الهدوء:
- لكن يا امي لقد خرجت وقد التقيت باختي ...انها انسانة رقيقة تشبهني لو ترينها لن تفرقي بيننا لشبهها بي....

صرخت فاطمة بذهول:
- ماذا رايت ..اختك....حقا تبدين لي انك لاتفهمين انه عليك ان تحترميني ..وتحترمي حدودك في هذا البيت...واخبريني هل يعلم زوجك بخروجك وذهابك اليها تعلمين انه عليه ان يوافق اولا ..ولااظن عبد الصمد سيعصاني...

اضطربت هند...:
- امي لاتضخمي الموضوع...انهم عائلتي لا استطيع ان انكر وجودهم وعلي التعرف بهم ..لاتنسي ان من يقطع الرحم كمن يقطع كل صلة له بالله ....

صرخت بها فاطمة وهي تقول:
- هند لاتماطلي ..هل اخبرت زوجك...؟

اطرقت هند براسها:
- آسفة لكن لم اخبره...اردت ان...

سمعت الاثناتان عبد الصمد ويبدو عليه الانتعاش وهو يتوجه الى الثلاجة
لياخذ منها الحليب:
- بماذا تخبرني...؟

قالت فاطمة بنقم:
- عبد الصمد هل اخبرتك زوجتك المصونة انها زارت اختها من دمها ...هل اخدت منك الاذن بني..؟

صمت عبد الصمد وهو ينقل نظره من امه الى زوجته
وقد لاحظت هته الاخير غضبا في عينيه لم يظهره:
- امي ..؟...هند هل زرت اختك حقا ...؟؟

قالت هند وهي تدافع عن نفسها:
- اجل انا اسفة لاني لم اخبرك لكنني كنت مندفعة بحيث لم افكر بما علي فعله...انها اختي عبدو انها لطيفة وحنونة ..لا استطيع ان اخبرك كم شعرت بالسعادة وانا في ضيافتها رغم بساطتها الا انها تبقى اختي ....

تنفس عبد الصمد بعمق وهو يوجه كلامه لأمه:
- امي لم يحصل شيء ان هي ذهبت لرؤية اختها ..فلا ضرر في ذلك...

صرخت فاطمة بحنق:
- الا يجب ان تكون في صفي انا بدل ان تكون معها ..

قال عبد الصمد وهو يشعر بالغضب لكنه التفت ليشرب حليبه ويقول:
- انا مع الحق امي...

دخل سليمان في تلك اللحظة على صراخ زوجته وسال بصوت يكسر الاذان :
- ماذا يجري هنا...

قالت فاطمة وهي ترتعش...:
- ابنك سليمان ..عبد الصمد...يدافع عن زوجته بدل الدفاع عني...

قال سليمان يسأل عبد الصمد:
- ما الذي يجري اشرحلي بني...لما تقول امك ذلك...؟

شرح له عبد الصمد الوضع
وانه فعلا لايستحق كل هذا الغضب والصراخ

تحدث سليمان يقول بهدوء صارم:
- هند اولا انت مخطئة لعدم اخبار زوجك ...يا ابنتي عليك اولا واخيرا استشارته في امورك فهو ولي امرك

تبادل عبد الصمد وهند نظارات
منه تدل على عتابه والغضب تجاهها
وهي تحاول ان تتاسف لكن الوضع يضيق عليها اية حركة

اردف سليمان:
- وانت يا فاطمة ما تفعلينه يتجاوز الحدود منذ الان ومنذ اليوم هته الفتاة ستزور اهلها لن نحرمها من صلة الرحم....وانت عليك تقبل الامر وعدم تضخيمه...

شعرت هند بالانصاف اخيرا
لكن فاطمة بدت مرهقة من كل هذا
رمت بدلة المطبخ وخرجت تصعد الى غرفتها
ابدا لم يكن سليمان يقطع لها كلمة
وهاهي الان تشعر بانه جرحها امام زوجة ابنها


في المطبخ قال سليمان للزوجين:
- انتما الاثنان حاولا فك مشاكلكما بصمت...ولاتقحما فاطمة في هذا...من سيهتم بالطعام الان..؟

همست هند بصوت متحشرج:
- انا سافعل..

- اذا اسرعي بنيتي فلدينا اعمال كثيرة علينا انجازها...

قالت هند وهي تعود الى السلطة على المائدة:
- حاضر ابي..

خرج سليمان وتركهما وحدهما
هند من توترها لم تستطع ان ترفع عيونها لعبد الصمد
وظهر لها من تحركه انه غاضب فعلا لأول مرة تشهد فيه هذا الغضب
حتى طريقته في وضع الكاس كانت كمن يضرب احدهم

همست بخوف:
- آسفة....لم اقصد...

صرخ فيها بصوت منخفض وعصبي:
-آسفة...هند لما لم تخبريني الست شيء في حياتك...تبا لك ودافعت عنك...لكن لو كنت مخطئة لكنت ضربتك بالسُنَّةِ....(هي الضرب على المأخرة)

تحجرت الدموع في عينيها
والغصة في حلقها أبت ان تنزل:
- انا آسفة...

سمع شهقاتها ولايعرف لما اوجعه حالها
لكنه بدل ان يضمها في هذا المكان
خرج تاركا اياها
مسحت دموعها وانكفأت على السلطة لتكملها حتى
انها لم تشعر بدخول الخادمة ومليكة التي بدات تمسح لها عيونها وتترك المنديل بين اصابعها:
- لانريد للسلطة ان تكون مالحة ...

- آسفة...
تكرار الكلمة آلمها لدرجة اجهشت معها في البكاء
واعطتها مليكة كتفها
لتبكي بحرقة...ولم تسألها مليكة عن سبب بكاءها لانها ادركت من خروج عبد الصمد العاصف انهما تشاجرا

قالت بصوت شاهق:
- لقد..لقد انـ...انهيت السلطة ...هلا ذهبت..

اومئت مليكة :
- اجل حبيبتي اذهبي...

خرجت هند من المكان كله
وصعدت الى جناح فاطمة تريد ان تطلب منها السماح
لما لاتستطيع هته المرأة ان تسهل عليها الامور
هي لاتكرهها لكنها تتمنى فعلا لو تحبها كما الباقين
لما هي بالضبط تعاملها بهذا الشكل...؟

طرقت باب الجناح
وعندما سمعت الاذن بالدخول دخلت تغلق الباب وراءها
وهي تكاد تتعثر في خطواتها

نظرت اليها فاطمة وسمات الارهاق بادية على وجهها
- ماذا لما اتيت...؟

اقتربت هند وهي تقول:
- اتوسل اليك امي سامحيني ....لن ...اعيد الكرة مرة اخرى...ان كان هذا ما تريدينه...

لاحظت فاطمة احمرار وجهها والدموع في عينيها
وطريقتها المقطعة للقلوب في الكلام
فشعرت بكبر خطأها انها صغيرة لاتفهم الكثير في الحياة
تبحث عن الحب في اهلها
ولكنها وضعتها في مكان تجبر فيه على التخلي عن اهلها في سبيل زوجها

اكملت هند:
- انا مخطئة ...اخبريني فقط ما قد يشفع لي عندك وانا ساقوم به ...لن اعصاك مرة اخرى...

قالت فاطمة وهي تتنهد باحباط:
- تعالي ...اجلسي ايتها الفتاة...

قالت هند وهي تمسح عيونها :
- حسنا....

قالت فاطمة وهي تمسح ما تبقى من دموع
فاندهشت هند لذلك
- لربما انا المخطئة الوحيدة في كل هذا...يصعب الفهم...انا احب النظام وعصبية..لكنني لا اكره...ولست ادري لربما بدأت احبك...فانا غريبة المراس ..لكن عليك انت ان تتحمليني ...ان تعلمي زوجك وتعلميني بما تريدين فعله ... لن احرمك من اهلك...لكن لو اوصلك زوجك..فلن تطالنا الالسن بنيتي...اتفهمين

حركت هند راسها...:
- اجل كما تامرين ..ولن اعصاك...وسافعل ما تقولين دائما....

قالت فاطمة وهي تخرج من سريرها وتلبس خفها:
- هيا يا هند..هناك طعام غذاء عليه ان يجهز بالتوقيت الدقيق...لست اعهد سليمان بهته الحدة...

تمتمت هند:
- آسفة لم اقصد...

قالت فاطمة وهي تخرج معها من الجناح:
لاعليك....حتى لو كان غاضبا فهو ياتي لمصالحتي ..اعرفه جيدا...لاتخافي...

قالت هند تسال:
- امي ..هل هل من عادة عبد الصمد عندما يغضب ان يطلب السماح...

نظرت فاطمة اليها بريبة
ولاحظت نظرتها المشاحة:
- لما ..هل غضب منك...؟

حركت راسها بالايجاب..

- لاعليك...انتي راضيه بطريقتك وهو دو قلب حنون لن يرضى بالخصام اكثر من ذلك

في المطبخ


بعد ان اشرفوا على انهاء التحضير
لمحت هند عبد الصمد وهو يدخل
والتقت نظراتهما لكنه ابعدها عنها حتى انه تجاهل تماما مراقبتها له
بقلب موجوع

اقترب من امه وقبل راسها
وهو يتهامس معها ويضحك ومنعته من ان يتذوق من الاكل
وطالبته بالخروج
ولصدمة هند انه لم يلتفت لها
او يعرها اي اهتمام

قالت مليكة:
- ساضع الصحون في مجلس الرجال واتبعكم الى مجلسنا...

قالت هند تحبس دموعها وحزنها:
- انا ...لست جائعة امي ساخرج قليلا..الى الحديقة خلف القصر...

نظرت اليها فاطمة مواسية:
- الن تاكلي..؟...حسنا بنيتي لاتتاخري..

بعد خروجها شعرت ببرودة الخريف تخترق عظامها
وتناستها من حزنها
جلست في احدى الكراسي بالحديقة تجمع ساقيها اليها
مراقبة اوراق الاشجار التي تتمايل بها الرياح
مهما تنفست لم تستطع اخراج الالم من صدرها

ظلت هكذا كمن تنتظر شخصا سياتي رغم كل شيء
لو اراد مصالحتها لأتى
لسال عن مكانها واتى
لبحث عنها حتى
لكنه آلمها بتجاهله
لم تتحرك الا بعد ان سمعت اذان صلاة العصر نهضت من مكانها لكي تعود الى جناحها
ودخلته بتان وثقل وجدت ان عبد الصمد يتحضر للذهاب الى المسجد
اوجعها مرآه بهذه الثقة بينما هز فيها جميع الاوتار الما

رغم انه لمحها الا انه يريد ان يحبط قليلا من دلالها
فهو وللمرة الاولى لن يعتذر لانها هي من عليها ذلك

اقتربت منه وساعدته في ارتداء سترته
وقالت:
- عبدو...أنا اسفة...ارجوك سامحني...

نظر اليها بتكبر ملفق
وابتعد نحو الباب لكنها ابت ان تفارقه:
- كفاك كبرا ...ارجوك ما الذي تريده غير الاسف اطلب وانا سانفذ...

جرحتها نظرته القاسية
فابتعدت عن طريقه لكي يخرج
لكنه توقف اولا لأن في نيته التوقف
ومن جهة لأن صوت شهقاتها اوجعه
يا لحمقه كيف يتلاعب بمشاعرها هكذا

اقترب منها ومسح دموعها
ودفن راسها بصدره
- اسجني دموعك الان فانا لا اريدها ان تتبللي قميصي..

وابتعدت عنه قليلا وهي تمسح بلل الدموع
وهمست بصوت عذب موجع:
- آسفة..ههه..هل سامحتني...؟

رفع حاجبه وهو يضحك:
- وهل هذا سؤال...؟عليك اصلا الا تساليه...فانا لا استطيع سوى مسامحة من احب

قبل جبينها وخرج وترك بها سعادة لاتوصف
حررها من قيود الحزن
بل في لحظة واحدة تبخر بسرعة
ذهبت للتوضئ وتصلي وتشكر الله على نعمه






**********************



فـــــ مدريد ــــ الحالمةُ ــــي


في هذا المساء



كان البيت هادئا
فمن كانت تجعله راسا على عقب هي نسرين
ولكن نسرين انطفئت كشمعة
لم يعد بامكانها التغلب على الاحباط في نفسها
ولا ان تطلق العنان لحماستها وقفزاتها
غير ان شيء بها تغير ايمانها بالله اصبح اقوى
والحجاب لآأم وجهها البيضاوي الجميل
وبدات تشعر بالراحة لسترها جسدها
رغم ان من الاصدقاء من اظهر عدم رضاه وسخطه عن الامر غير انها لم تأبه لتفاهتهم كما قالت لالهام في احد الايام



الهام


تشعر بان الايام القليلة المتبقية لها معهم ساعات فقط فالوقت ما يلبت ان يمضي بسرعة لاتشعر بها
والافضع من هذا كله انها ستفارق طيفا عزيزا على قلبها
تربع في عرشه كالملك بعد ان اقتحم حصونه


عصام


لم يكن لديه سوى العمل ورعاية عائلته
ولم يظهر لها يوما ادنى اهتمام من طريقة الاحترام المتبادلة بينهما
لكن هذا الاحترام هو من اوقعها في شرك الحب
منعت نفسها من ذلك لكنها لم تستطع
انه نبيل وشهم وغامض وغموضه يجعل من قصتها مستحيلة

في هذه الساعة

وبعد ان انتهت الاثنتان من تنظيف اواني الطعام
طلبت الهام من نسرين ان تريها الصور الرائعةالتي التقطوها لكي تحتفظ لها من بعضها
وجلست الاثنتان على السرير
تطلعان عن الصور الجميلة
وشعرت الهام انها حسنا فعلت
بان ادخلت نسرين الى هذا الجو فقد شعرت بها تحمست قليلا وهي تتذكر النواذر التي مروا منها
لكن ما ان سقطت عيونها على ميغيل في احدى الصور
حتى ابت ان تزيل عيونها منها ولا اصابعها عنها

- غريبة الحياة يا الهام....اكتشفت ان افضع الاشياء التي قمت فيها بالماضي هي في قلبي اروعها واجملها ...حبه في قلبي لا يكسوني فحسب بل يلبسني ويحرقني جمرا....

نظرت اليها الهام بحنان الاخت المهتمة:
- ليس عليك القلق لكم من مرة اكد لك فيها عصام انه يلتقيه وانه بخير لكن ولابد يفكر بك...

حركت نسرين راسها:
- لا لو كان مهتما بي لما تخلى عني حتى من دون الاهتمام ولا بالاتصال


سمعت الاثنان صوت الجرس في الباب قالت نسرين:
- دعك انت هنا ...وانا سوف افتح...

نهضت وهي تخرج من غرفتها سمعت امها وهي تسال
- من يا نسرين...؟

قالت نسرين بصوت مرتفع:
- لست ادري امي سافتح...

عندما اقتربت من الباب رفعت الغطاء عن العين السحرية
واذا بها تعرف اخاها
فتحت له وهي تستقبله بقبلة على خده:
- كيف حالك جئت مبكرا....اغلق الباب وراءك

ابتعدت عنه مولية له ظهرها
قال وهو يغلق الباب بصوت ملأه الغموض:
جئت في هذا الوقت لأني لدي لك مفاجئة...

استدارت تساله :
- ماهي هته...

توقفت الكلمة في شفاهها
بل توقف الكون والعالم باسره حولها
تمنت ان تمتد كف الى خدها لتقرصها
هل هي في حلم...ام حقيقة....

ايقظها صوت اخيها:
- انه ميغيل الم تعرفيه....

وقف ميغيل بشكل اذهلها
في جلابية مغربية اثارت الدموع في مقلتيها
مع لحية نامية زادت من رجولته

همست :
- لا اصدق ....اخي...

قال عصام بابتسامة مأيدة لميغيل:
- صديقي ...احمد..اتركك مع زوجتك...

ماذا يعني بتسميته احمد
ماذا يعني ذلك...؟
شهدت اقترابه منها وضمها بكل الاشواق
التي عانى من ضنى هجرانها له
كم اشتاق والااشواق كلمات بل الاحساس اعظم
واعظم

همست تساله:
- كيف...لقد تغيرت...مي...

وضع اصبعا على شفتيها:
- الان انا احمد لا ميغيل....لقد اسلمت محبوبتي ...ايقنت بعد تعمقي كل هته المدة انه لايوجد ارقى من ديننا الحنيف دين الاسلام والمسلمين....
منتديات ليلاس
ضحكت والدموع تتدفق بكثرة وفرح:
- انا سعيدة لعودتك ..اشتقت لك اكثر من اشتياق الاراضي القاحلة للامطار...

ضحك مع كلامها وهو يقول:
- اتمنى لو تحضرين لي بعض القهوة وساكون في الغرفة...

قالت وهي تمنعه:
- دقيقة فقط...

ذهبت مسرعة وبنشاط استعادته في هته الثواني الحلوة
واخبرت بفرح غامر الهام وعما حصل
وسعدت الهام كثيرا لسعادتها
طلبت منها ان تأخذ معها الالبوم الى الغرفة الاخرى
وان تعيده متى انتهت من التفرج عليه
فوجدت الهام الامر ممتعا
على الاقل اتيحت لها الفرصة للتجسس على طفولة عصام في بعض الصور
منعت نفسها لكنها لم تقدر على محاربة الرغبة في ذلك




في المساء



بعد ان عاد ميغيل اي احمد
قررت نسرين من سعادتها ان تقيم مأذبة عشاء صغيرة لكن فاخرة ومكلفة ايضا
وهذا ما كان ووجدت الهام ان عصام سعيد ومنشرح في ضحكته من اجل اخته المسكينة
التي عانت الامرين وكان بسببها
لكنهم اناس طيبون حقا

بعد ان انتهى الجميع من طعام العشاء
بقيت الهام ونسرين في المطبخ بينما الام وميغيل في غرفة الجلوس يتبادلان الحديث

قالت نسرين وهي تحضر القهوة وتمد لها زجاجة المربى

_ خذي يا الهام هلا دهنت منها على تلك الشطائر

ردت الهام بابتسامة مشرقة:
- اجل ...تبدين وكان الشمس التي اختفت منذ ساعات قد اختبئت فيك

ضحكت نسرين بصوت مرح:
- ولما لا افرح وانا محبوبي برهن لي انه يحبني انه لم ينساني
..وما زاد سعادتي اعتناقه للإسلام هذا ما اثارني سعادة فعلا

قالت الهام بنفس ابتسامتها:
- على اي حال مبروك يا نسرينة يا حلوة مبروك مبروك ههههه

صفقت نسرين بيديها :
- مبروك علي مبروك مبروك هههههه

سمعت الاثنان جرس الباب يقرع فقالت نسرين:
ساذهب لأفتح

اجابتها الهام ملاحظة بشدة:
- لاتنسي حجابك....

قالت نسرين بثقة:
- انه معلق قرب الباب تحسبا للطوارئ ههههه

انتظرت الهام في المطبخ وسمعت همهمات في الخارج
لكنها لم تهتم سوى بالشطائر في يدها
وعندما عادت نسرين قالت الهام تسالها:
- من يكون...؟

قالت نسرين تتذكر:
- اظنه احد اصدقاء اخي ...لقد انتهيت من تحضير القهوة..اخي استقبل ضيفه في المكتب هلا حملت اليه القهوة الهام لو سمحت غاليتي...

ابتسمت الهام موافقة فهي تحب هذا العمل مهما كان
فان كان يخدم عصام تشعر وكانها فراشة تحلق بخفة

بعد ان طرقت وسمعت الاذن من الداخل
دخلت وهي تشعر بالخجل من الجالسين
لكنها اكدت على حماقتها
لانها في عملها تتعامل مع الرجال فما السبب في خجلها
لعله الحياء

سمعت عصام يقول بصوت بارد:
- شكرا ..لك

همست :
- لاشكر على واجب...

شعرت بذبذبات البرود الغير معتاد في كلامه
وهي تخرج وتغلق الباب
ذهبت الى غرفة الجلوس حيث شربت القهوة والتوست الرائع
وسبحت في احلامها رغم تتبعهم لفيلم بوليسي
كانت تشعر باهتمام مريم بالفيلم
وايضا بهمسات العاشقين بعيدا عنها
لكنها لاتستطيع الا التفكير بعصام وسبب بروده



بعد حوالي الساعة



بعد ان استأذن الزوجان منها لرغبتهما في النوم
بقيت هي ومريم امام التلفاز
لكنها بعد لحظات فقط انتبهت الى ان مريم نامت في مكانها
عندما استقامت تريد ان توقظها سمعت عصام يهمس

- لا دعيها ...ساحملها...الهام هلا انتظرتني في مكتبي قليلا ساعود...

نظرت اليه وهو يحمل امه التي احتجت لكنه ابى ان يتركها تمشي على قدميها
وتسائلت عن سبب طلبه لها
توجهت لتدخل المكتب
ولأول مرة استطاعت ان تتأمله
وترى كم هو جميل وواسع ..وكم الاثاث فيه انيق وراقي
لكن مع ذلك لم تستطع ان تشعر بالراحة


سمحت لنفسها ان تجلس على احدى الكراسي الوتيرة
التى اراحت عمودها الفقري
سمعت خطوات عصام في الرواق وما فتئ ان ظهر امامها قافلا الباب وراءه وعلى ملامحه سمات الجدية

سالته بتوتر:
- سيدي ماذا هناك..؟

جلس وراء مكتبه وهويخوض في اعماقه في تفكير عميق
قبل ان يقول ما يريد:

- آنسة...لقد رايت الرجل الذي كان هنا منذ ساعة اليس كذلك...؟

قالت وهي لاتفهم مايعنيه:
- في الحقيقة ..لم المحه جيدا بل لم انظر اليه حتى ...

قال عصام وقد حطت نظرته عليها:
- ذلك الرجل هو صديق لي..منذ فترة راقب تواجدك ببيتنا ...وهو يتمنى ان يتخدك زوجة له..لكن طبعا بعد موافقتك وشروطك ..

صدمت الهام بشدة من قوله
كيف له ان يقول هذا الكلام بهته السهولة:
- آسفة ..انا لا اعرف الرجل جيدا حتى احكم عليه..ومن ثم والدي غير موجود...لا..لا استطيع...عن اذنك..

لاحظ تغير وجهها الى الشحوب
وبدى التفكير العميق مرة اخرى على ملامحه
وهو يلمح طيفها يختفي خلف الباب من امامه


اسرعت الهام تدخل غرفتها
وهي تكتم الالم في صدرها
هكذا بكل بساطة يطلب رايها في الزواج باخر....
كيف يتكلم بذلك الشكل وكانه انسان رخامي
لكن منذ متى اعطاها اي عهد بانه يحبها او ينوي الزواج بها
هنا عرفت انها المخطئة الوحيدة في هذا كله

(( عتابي على نفس ..على حماقاتي ...وجبن احلامي ...وعواصف غبائي..
كيف امكن لهذا العقل الذي لطالما تحرك بذكاء ..
ان يكون بهذه الرعونة

أُخسفتُ بعيدا عن شمس احاسيسي

لأنزوي بين ظلالها العتمى))



اختلجت بقوة مؤلمة العضلة النابضة بجسدها
وكانها تخرم بحدة موجعة

للحظة انسابت لكل ما وفرته لها تلك المشاعر
من اوهام..وخيالات ..
لم تفكر ان ترمي نفسها منها علها تتحقق من الواقع


(( كيف لا انوح وافرغ جعبة عيوني من ملوحتها
كيف وانا قلبي اليتيم استفاق على وحدته
وليتني أَنْسَحِبُ من كَأْدَتِي الغريبة هذه

لكن ألمي ليس لباس البسه...لكي انزعه...
أو جلدا يعوقني استطيع الانسلاخ منه متى يحلو لي..
او حبة زيتون مرة استطيع ابتلاعها...
ليس المي فقط كلاما اكتبه على ورق...حتى ينفذ رصاصه..ومن ثم ..امسحه...
ليس ينبوعا حارقا بجوفي..موجعا يمكنني افراغه دمعا لينتهي

إنه بعمقي يحاكي نيازك الفضاء الأثيرة
والشهبان المستقيمة
التي تقذفني وتشنو على ما بداخلي


يكتم فمي صرخة مبرحة من الالم
انشدخ قلبي نصفين من حب عاش وتغذى
من ذبذبات الاحلام
فوق الافق وبين شقوق السراب
مكانتي لاتوازي مكانته
فما كان علي ان ابني قصورالرمل
لتذهب بها الامواج
وتقضي على ماتبقى منها نسمات الرياح

لست المذنب ...بل انا هي انا ومن ثم انا
اعاتب نفسي... واحميك من عتابي
سلبت روحي وقلبي... من شعواء برود احاسيسك نحوي
اتمنى لو يعود الزمان كله
ويخنق كل هته التعاسة في رحمه
وان يعتقني مما انا فيه......

وقررت انه حان الوقت لكي تعود الى مدينتها فاس
ولذلك بادرت بالاتصال بوالدها لكي ياتي وياخدها
وتدري ان الفراق لأمر صعب
لكنها ستتحمله مهما كان مالما





******************************





في نفس الليلة
لكن بالقصر المنصوري




كانت الساعة توازي منتصف الليل
عندما اوصلتها سيارة التاكسي التي استقلتها من المطار
وقد تطلب ذلك دفع مبلغا مضاعفا
بسبب الليل
ولكنها تحمد الله انها وصلت سالمة
فعلى طول الطريق كانت ادعية السفر في فمها وادعية الحفظ كذلك

بعد ان اعطت لسائق الاجرة ماله
رفعت نظرها الى هذا البيت الذي هجرته منذ مدة
وانقبض قلبها
انه لحنين فضيع ما يشدها اليه
لكنه تغير فكما لو انه اصبح موحشا
كان لتواجد الجد فيه نعمة حقيقية
رحمه الله

توجهت الى الباب لكن قبل ان تقرع الجرس فتح الباب
وابتسمت للوجه الذي لاقاها في ضوء المنزل
وقد كانت امها

- دعيني اساعدك بنيتي ...

قالت ثريا وهي تحمل الحقيبة الاخرى:
- اكنت في انتظاري...؟

قالت الام لابنتها وهي تقفل الباب..:
- اجل كل من في المنزل نيام ..فضلت ان انتظرك قلب الام حبيبتي لايرتاح الا عندما يكون اولادها بخير

ضمتها ثريا مبتسمة:
- احبك امي واشتقت لحضنك والله...احس بانني من الصعب ان اعود الى الغربة بهته السهولة قد آخدك معي..

ضحكت امها وهي تقول:
- تعالي اتركي هته الحقائب هنا وتعالي لتأكلي شيء الطعام محضر منذ ساعات..

تحركت ثريا مع امها وهي تفحص المنزل بعيونها
- لم يتغير هذا الوحش الكبير...

نظرت اليها مليكة مشدوهة :
- من هو الوحش...؟

ضحكت ثريا وهي تجلس الى المائدة:
- اقصد القصر امي...عظم الله اجرك ماما في جدي اشعر بالتعاسة لانني لم احضر لجنازته....

قالت مليكة تواري حزنها:
- لاتشعري بالذنب رحمه الله كان يذكرك بكل خير...حسنا ساضع الشاي ليسخن هل تريدين شيء خاصا..

ضحكت ثريا :
- الشوكولا امي ..الشوكولا..اذا كان موجودا..

جذبت مليكة الشوكولا وسكبت لها من الشاي وراقبتها وهي تأكل بشهية:
- لم آكل يا امي منذ الصباح...

نظرت اليها امها مغضنة الجبين:
- انك مجنونة...لاتفعلي هذا مرة اخرى اتسمعين...عليك ان تأكلي لتستردي صحتك انظري لوجهك اصبحت اكثر نحافة...

قالت ثريا بدون وعي:
- لم يعد يهم امي...

قالت مليكة لأبنتها وكأنها تخبرها بما تريده دون ان تطلب:
- يا الله يا ثريا لو فقط ترين كيف اصبحت حالة عثمان ...اولا نمت لحيته...لا اظنه ينام كثيرا لأن الهالات مكورة حول عينيه...لقد اصبح بعد الطلاق متعبا بالفعل...

نظرت ثريا اليها واصابتها حالة اشفاق
لكنها ما فتئت ان اهتمت بالشاي امامها
وحولت دفة الكلام:
- هيا يا امي علينا ان نستفيق مبكرا ..اريد ان ارى عبير ...ساصعد الى فوق...

قالت مليكة وهي تتبعها:
- ساحمل معك واحدة فلتنامي في غرفتي بنيتي حسنا...

اومئت ثريا بالايجاب
وهي تصعد تخيلت انه لفي اية لحظة قد تراه
لكنه لم يظهر لدى اكملت الطريق مطرقة الراس
تبعد الاحلام عن راسها المتعب




في صباح اليوم التالي



بعد ان نزلت والدة ثريا الى الاسفل من اجل تحضير الافطار
قررت ثريا ان تستحم جيدا وترتدي لها تنورة مفضفضة جميلة
وفوقها قميصا ابيض حريري مع سترة كحلية رقيقة مع حجابها
وفضلت ان تزور اختها وتقوم بمفاجئتها
وقد علمت ان لراحة عبير زوجها ينام في غرفة اخرى وتمنت الا يكون لديها الان

عندما نزلت طرقت باب الجناح
وسمعت صوت امراة غريب فهمت انه صوت الممرضة
سالت ثريا هل يمكنها الدخول فوافقت الممرضة وخرجت لتتركهما وحدهما


ما ان رات عبير ثريا حتى صرخت فرحة
وتقدمت اليها ثريا تقبل راسها وتضمها بحزن ومحبة
وهي تلمح كيف كان هذا الوجه جميلا حتى اصبح هكذا مدماً

- ثريا...لا اصدق اقرصني ..اوه لا هههه انا جدا سعيدة لوجودك انا لا احلم اليس كذلك ليس بهذه الدقة...

ضحكت ثريا لتشعر اختها بالفرح:
- انها انا اتيت لاجلك عصفورتي...كيف حالك ملكتي..انت بخير ارجوك طمئنيني...؟

قالت عبير تبتسم بعذوبة:
- انا بخير يا اجمل ثريا ..يا اختي اشتقت لك ولتواجدك بالقصر ..الكل مشتاق لك...واراهن على ان عثمان كذلك يموت شوقا فيك...

غضنت ثريا جبينها بمرح:
- ليس بعد الطلاق ههه... هيا الان حديثيني عنك ...وكيف حصل لك هذا

بدأت عبير في سرد الاحداث التي رغم تاقلمها
لم تستطع ان تمنع دموعها من الانسياب

- الحمد لله ان رب العالمين انجاك يا غاليتي لكنت مت من حسرتي الحمد لله..

قالت عبير بابتسامة تغلف بها مشاعرها:
- الحمد لله على كل حال...

قالت ثريا تسال:
- وزوجك ما رايه...؟

قالت عبير وهي تصبح اكثر اشراقا:
- يحبني...وساقوم لأجله بعمليات تجميلية ستأخذ من وقتي الكثير ...ساقوم بها في بلاد المهجر...

اومئت ثريا تبتسم لها:
جيد سعيد رجل طيب الحمد لله انك تحبينه ويحبك...

آلمها فعلا هذا الكلام وحبست دموعها لكي لاتراها اختها عبير
وقالت :
- سأنزل لكي اجلب لنا ما نأكله حسنا
حركت عبير راسها
وهي في قمة السعادة بتواجد اختها بالقرب منها
كما في الايام الخوالي


توجهت ثريا الى الدرج
وقبل ان تضع قدمها على الدرج اصطدمت نظراتها بعيونه
بدى عثمان غير مصدق لما يرى
كما لو انه اصبح يهلوس
اقترب من المكان الذي تقف فيه

- ثريا..؟

حاولت ضبط انفاسها المتهدجة
ونبضات قلبها الهاربة
- صباح الخير...اتيت لأرى عبير...كيف..احوالك؟

نظرتها حطت على لحيته
لكن رغم ذلك يحافظ على سحره المعتاد
فليس بمهمل لهذه الدرجة
كانت لحيته منظمة بشكل...
كانت الافواه تنطق بكلام بينما مشاعرهما وارواحهما تنطق بكلام آخر

''...يا الله
كم كابدت سلاقة لسانك ..عنجهيتك...وعنتريتك...ياعثمان
اين هي هذه الشخصيات التي حطمتنا
من سحر عيونكَ السوداء
اين هو تعنفصك الدائم
لما ارى شيء في نظرتك ارضاني
روى نفسي كأسا من نبع وجودك امامي
اقتحمتني عنوة لتشمخ بي من الظلال المسحمة الى الانوار
والان اشعر وكانك سلطنتني بين الشعوب ملكة وصاحبة نفوذ..."

توقفت عن التفكير بتلك الطريقة
وهي تراه يبتسم ويفرك ليحيته باصابعه:
- انا ..قد اقول بخير..

"...عن نفسه
اعتنق قلبي هواك
وغذا بفؤادي الى خوارق لم اعهد ان لها مدى
يا مجنونة قلبي
لا ..لا ..لاتُسمعيني صوتك مهما تمنيته ..
إنه كاللهيب العذب....كالمر الحلو..اوقف فؤادي في حضرتك
روعة عندليبه الخرافي..."

قالت تسرع في الهروب منه...:
جيد...انك بخير....

اسرع يمنعها من النزول
واقفا امامها بشموخه المهزوز
بعيونه القاتمة هوىً
- لكنني لم اسالك كيف حالك...

".... ايا من القت في روعي معان وافكار وفرشت امامي نهرا من ازهار
ايا من بها تفتقت بصيرتي اخيرا
الى ان حبي لها كمراهق محموم غائب او مسكون باطياف
تغني ليلا نهار
اجمل الالحان باعذب الكلمات
وكان عيوني تلمحها كنور يعتقني من تمحقي المضني
لوجداني والعابث ببساتين اوتاري..."

همست مخنوقة بمشاعرها الموجعة:
- بخير..ايضا..

ارادت المرور لكنه بدى كصخرة يصعب ازاحتها:
- هل يمكنني ان انزل...

قال عثمان بهدوء اذاب عظامها:
- كيف اصبحت بعد ذهابك...سمعت انك تهتمين بكتابة رواية ما...؟؟

".....اندبغت بجلدي...
وشذاك العنبري يخطف روحي من منبثها
ويرفرف بها عاليا يسمو بين بيارق من نصروا...
آمنت وادركت فصيلتك النبقية ..
شجرة مثمرة ...
شائكة وموجعة...
كشجرة العناب تخفق اوراقها بنبضي
وتسفر عن شوق مضطرم يكتسح اعمق مايكون في نفسي...
عنتتُ عندما وافقتك برايك فقد ذبحتني بسيف دو حدين
آلمني بعادك حد الاراقة والحنين ...."

اجابته بصوت مضطرب فنظرته زعزعت ما في قلبها
وما ارادت ان تكون عليه من عدم لامبالات كلية:
- انا ..كنت اجري ابحاثي حولها ....وااااا هذا كل شيء حتى الان...

"... نزيف الاغتراب كان جزائي...
خنقني برودة جوهم وانت بعيد عني
سماءهم نجومها معدودة
قمرهم متوار كل الايام...بعيد عن ناظري وعن كياني
عشقت قربي منك لو تدري
ان اكون في صدرك مندغمة مع انفاسك تخترقها سحابات القرى وعطور التراب
وفوحان السنابل بين الاراضي..."


قالت اخيرا لتكسر هذا الرابط الساحر بينهما:
- سانزل ...اختي تنتظر افطارها...

ابتعد وقد احست بتوتره وغضبه
لكنه لم يظهر شيء

نطق بالم وهو ينظر اليها بكل كيانه
" آه منك يا المي..آه منك يا عالم اوجاعي ..."
جلس على الدرج في مكانه لم يتحرك يريد ان يراها ويراها ويراها
الا تبتعد مهما صار


عندما همت ثريا بصعود الدرج صعقتها نظرته
وحمدت الله انها لم تسكب محتوى ما في يديها
لما ينظر الي هكذا ماذا يريد
ليته يتوقف

شعرت به يتتبع خطاها لكن عندما احست بانها لم تعد تراه
تنفست الصعداء مئات المرات قبل ان تدخل الطعام الى اختها


مرت عدة ايام
لم تغفل ابدا ثريا عن احساسها بانه يراقبها فباتت الصدف كثيرة حتى راودتها الاسئلة عن كيفية بروزه كل الوقت امامها
ومطالعته لها بتلك الطريق
فيكبر الالم في صدرها
ويصعب عليها الامور حتى انها ماباتت تفكر سوى في الرحيل


وجددت ايضا انه ولمن الغريب ان تستقبلها حماتها ..اقصد السابقة بحفواة غريبة
وتخوض معها احاديث شتى وقد كبر التفاهم اكثر من قبل
بينهما
اظهرت تفاهمها وسايرتها
لكنها تستغرب الى هته الطريقة في التعامل وكانها نسيت كيف تصرفت معها عندما طلبت الطلاق


في صباح احدى هذه الايام

منتديات ليلاس

خرجت ثريا من القصر
وهي رغم افكارها التي لاتفارقها
الا انها تستنجد بالرياضة علها تفيدها
ارتدت بذلة رياضية بسروال رمادي تصل الى الركب مع حجابها
ووضعت بعض الامداح في الامبي 4 الخاص بها
وتابعت الركض على خطوات خفيفة

لكنها ذهلت حتى خرجت منها شهقة قوية
تدل على رعبها
وجدت يدي عثمان تقودانها وهي مذهولة لحد الان
ازالت السماعتين من اذنيها وقالت:
- عثمان ارجوك ما اللذي تريده مني ...الا يمكنك تركي بسلام

اسندها عثمان الى الشجرة يتاكد من ان احدا لم يره
واعاد نظرته اليها كالمتيم العاشق الولهان

انت منبع عشقي وهيامي
وتستجيش حياتي لك بكل المعاني
حتى وانت غائبة عني
كان في قلبي اماني اللقاء الداني
لكي ادنوا من شعاع عيونك الفضي
ومن خزينة العسل الملكي
وماعاد بي صبر
فادماني عاد بي كالانتحار

قال اخيرا وهو يمرر اصابعه على رقبته
يركز على كيفية الكلام
لم يدري انه في يوم قد يتلعثم

وقفت ثريا تنظر اليه ويديها مربوطتان على صدرها تنتظر ان يتحدث
فلاتريد من احد ان يحيك حولهما الكلام والشكوك

قال اخير وهو يعود واقفا امامها شيء من التوسل في عينيه:
- ثريا...اعرف انني... كنت انسانا جاحدا وانسانا خسيسا مجحفا ظالما لو اردت ...اي شيء اي كلمة توازي الالم الذي سببته لك...أنا نادم عليه...اشدَّ الندم فهلا جدت علي بمسامحتك..

نظرت اليه مذهولة
ومن ثم انقلب الذهول ابتسامة اغرقت ما فيه في بحر من الضياع:
- لا افهم عثمان...اجل انت فعلا كنت جاحدا ...لكنها طبيعتك لم اكن لأغيرها...

قال بعصبية ظاهرة:
- انها ليست طبيعتي بل ما جعلتني انت عليه...تدرين شيء انا ..انا (وضع ذراعه بياس قرب راسها مستندا على الشجرة)...احبك..بل اكثر من ذلك اتعذب في حبك واعشقك بكل الجنون الذي قد لاتتصورينه...يالله كم عانيت وكانني في صحراء قاحلة ابرد في لياليها
اموت جوعا وتيبست اوردتي من ضمئي فيها...ارجوك عودي الي ان اردت التوسل فــســ....

قاطعته تضع اصابعها امام فمه
وقالت:
- اعتذارك مقبول...انا ايضا احبك تدري ذلك ..لكنك ماتركت لي الفرصة بانتقاداتك الدائمة...آلمتني بشكل لايوصف...

قال وعلى فمه ابتسامة مليئة بالامل
وبعيون قاتمة من الحب:
- هل سامحتني ...؟

حركت راسها والدموع في عيونها من الالم الممزوج بالفرح :
- لما لا فانا احبك...ولطالما علمت ذلك لست شريرة

تحرك مبتسما وبحماسة قال:
- اخبريني ماهي شروطك....؟

نظرت لاتزال غير مصدقة لاقواله...
- ليست لدي شروط...شرطي الوحيد ان اردت ارجاعي ان تعدني امام رب العالمين انك لن تكون قاسيا ولامجحفا في حقي...فانا بريئة من جميع اتهاماتك الموجعة ...

قال وهو يمسك يديها بحب:
- اقسم انني سافعل وساكون لك الرجل المخلص على الدوام لكن من اجل حبي لك لاتتركيني مرة اخرى

سالته مبتسمة بسعادة:
- وامك ماذا...؟

قال عثمان ينظر اليها بعمق:
- امي تعلم والكل يعلم انني انوي ارجاعك ....والرواية ..

قالت ثريا بصدق:
- انوي تكملتها ..وساكون سعيدة لو تاتي معي الى هناك وتترك مكانك كمدرس لشخص ينوب عنك....

اومئ براسه وهو يهمس:
- لا اصدق لا اصدق انك امامي وانك تنقذينني من ضياعي يا ليتك تعلمين كم طال سهادي وكم تعذبت بدونك ...

ابتسمت وتركت يديه مبتعدة
فناداها يسال:
- الى اين...؟

قالت تبتسم:
- اتبعني ..انا لاانوي اكمال اليوم وانا جائعة

حدجها بنظرة لطالما عبتث بقلبها
- حسنا
ومشى بقربها وكانه مراهق لاول مرة تراه يصفر بسعادة
ولاتصدق ان هذا الرجل
هو ذاك اللذي آلمها وعذبها
ابتسمت له وزادت ابتسامتها ضحكت عندما لاحظت سرحانه وهيامه




في مدينة فاس




بعد ان ودعت الهام العائلة بمدريد
وداعا اثر بها كثيرا
صعب عليها ان لاتفكر به
ولم تستطع سوى ان تفكر في انها عليها العودة الى القرية لكي تستأنف
عملها كمدرسة
لكن احساسها ووالدها بالخصوص كان يتمنى بقاءها لمدة اطول مع شقيقاتها
واخيها الصغير
ووجدت راحة كبرى بينهم

وكانت في هذا اليوم بالذات تلقى معاملة خاصة
حتى ان اخواتها البسنها احسن ما يوجد وحضرنها وهي تتسائل لما يفعلن ذلك
ويجبن بضحك للعب واللهو فقط
وهي كاخت لهن تحبهن من كل اعماق قلبها جارتهن في لعبتهن

ولاحظت بعد ذلك ان من في البيت يعملون بجد عن غير عادة
لكنها تقبلت انهم لابد يفعلون هذا كل خميس
عندما رن الجرس في الباب بعد حوالي الساعة
اختفى اخوتها كليا كالبرق بينما امها دفنت نفسها في المطبخ
- الا يوجد منكم احد يفتح الباب هههه اشقياء

عندما فتحت الباب واجهتها باقة ورد كبيرة
واضطرب قلبها وهي ترى الرجل صاحب الطول الفارع وهو يدخل
ناظرا اليها وغمز لها حتى احرجت
همس يقول:
- هل يا انسة الهام مرحب بنا عندكم

قالت بابتسامة فرحة وسعيدة حتى رفة الدموع من عيونها:
- طبعا ..هه اجل...

قال في تلك اللحظة :
- اتدرين ان لك ضحكة جميلة

اصطبغت خدودها باللون الاحمر بينما دفعت نسرين اخاها من خلفه
- هيا انت ادخل ...لم اعهد اخي شقيا لهته الدرجة...تعالي لكي اضم حبيبتي كيف حالك يا الهام اشتقت اليك كثيرا

ضمتها الهام وهي للان مصدومة بسعادة كبيرة


سلمت على ضيوفها بحرارة الاحباب
وجمعتها بهم المودة والحب
وما اثر بها اعتراف عصام انه يحبها ويريدها زوجة له امام والدها
نبض قلبها اختزل كله في كلمة واحدة:
- اقبل...




******************



بعد سنة





في القصر المنصوري



اليوم


تحضر حفلة راقية
لأستقبال كل من سعيد وعبير من سفرهما اللذي طال لمدة خصصوها لشفاءها ..ولكي تصبح بشكل افضل مع العمليات التجميلية التي فعلا كانت قمة في الحنكة والروعة وكانها عادت مخلوقة من جديد

ورجوع عثمان ومحبوبة قلبه ثريا بعد ان نشر كتابها وهي حامل في شهرها السادس
بعنوان الطريق الى المستقبل
ووجد اعجابا من عديد من النقاد
ولقت حياتهما المنفردة في الخارج الكثير من الدفئ والحب المتدفق والذي عوض كلا الاثنين عن الوقت الضائع والذي ضاع في بحر الهموم والحزن


كما وان عبد الصمد
سعيد ويكاد يفنى من السعادة لأنه من ستلد زوجته الاولى في العائلة
وان جميع امور المزرعة اوكلت له
واصبحت المسؤولية ثقيلة على عاتقه
لكنه كرجل عنيد استطاع المضي قدما
وهند وتعارفها باختها ووالدتها التي سعدت بها كما لم تسعد من قبل
كانت حياتها الان تكتمل وتشعر بالحب يغمرها كاملة
قامت هند في هته الحفلة العائلية ورغم حملها من التفرغ الى نقش الحناء كفأل حسن لكل من عبير وثريا اللواتي زينتا نفسيهما بقفطانين راقين وجلستا وسط المجمع

اما سليمان وفاطمة ومليكة فلم يكونوا اسعد من دي قبل
وحياتهم والحمد لله في قمة السعادة والهناء
والاحفاد على الابواب ليملؤو القصر هرجا ومرج
وتكبر عائلة المنصور......

وكما نقول بالمغربية
مشات خبيرتي مع الواد وانا بقيت مع الجواد
ربي يحفظكم ليا


النهاية

اللهم اني استغفرك واثوب اليك
اللهم اني استغفرك واثوب اليك
اللهم اني استغفرك واثوب اليك
اللهم اني استغفرك واثوب اليك
اللهم اني استغفرك واثوب اليك
اللهم اني استغفرك واثوب اليك
اللهم اني استغفرك واثوب اليك
اللهم اني استغفرك واثوب اليك

اتمنى ان اكون قد اوفيت
ففعلا امتصت مني هته الرواية لعدم خبرتي الكبيرة الكثير
من الجهد
لكن في سبيل ارضاءكم كل شيء يهون
والحمد لله بفضلكم استطعت ان اصل بروايتي بر الامان
اتمنى من الله ان نلتقي في مناسبة اخرى ان شاء الله
وتكون اخف واظرف على القلب
مع تحياتي ليناااااااااااااابيع قلبي
منتديات ليلاس
من جوهرة السموووووووووحة بنااااااات عن تقصيييييييييييراتي
وتقبلوا عطائي
بكل الاخــــــــــــلاص والوفـــــــــــــــاءمنتديات ليلاس

 
 

 

عرض البوم صور Jάωђάrά49  
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
جوهرة, رجال في مزرعة العشق والهيام دمر شموخهم الغرام, قصص من وحي الاعضاء
facebook




جديد مواضيع قسم القصص المكتملة (بدون ردود)
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t136361.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
ظƒظ… طھظپط¹ظ„ ظƒط³ط§ط±ط© ط§ظ„ط­ط¬ط± ط§ظ„ط±ظ…ط§ط¯ظٹ - ظƒط³ط§ط±ط© ظ…طھظ†ظ‚ظ„ط© This thread Refback 06-01-15 02:08 AM
ط±ط¬ط§ظ„ ظپظٹ ظ…ط²ط±ط¹ط© ط§ظ„ط¹ط´ظ‚ ظˆط§ظ„ظ‡ظٹط§ظ… ط¯ظ…ط± ط´ظ…ظˆط®ظ‡ظ… ط§ظ„ط؛ط±ط§ظ… ط§ظ„طµظپط­ط© ط§ظ„ظ‚طµطµ This thread Refback 28-08-14 03:58 PM
ط±ط¬ط§ظ„ ظپظٹ ظ…ط²ط±ط¹ط© ط§ظ„ط¹ط´ظ‚ ظˆط§ظ„ظ‡ظٹط§ظ… ط¯ظ…ط± ط´ظ…ظˆط®ظ‡ظ… ط§ظ„ط؛ط±ط§ظ… ط§ظ„طµظپط­ط© ط§ظ„ظ‚طµطµ This thread Refback 08-08-14 06:23 AM


الساعة الآن 06:18 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية