لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > المنتدى العام للقصص والروايات > القصص المكتمله
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

القصص المكتمله خاص بالقصص المنقوله المكتمله


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 10-03-10, 08:26 PM   المشاركة رقم: 36
المعلومات
الكاتب:

البيانات
التسجيل: Sep 2006
العضوية: 13121
المشاركات: 14,020
الجنس ذكر
معدل التقييم: dali2000 عضو ماسيdali2000 عضو ماسيdali2000 عضو ماسيdali2000 عضو ماسيdali2000 عضو ماسيdali2000 عضو ماسيdali2000 عضو ماسيdali2000 عضو ماسيdali2000 عضو ماسيdali2000 عضو ماسيdali2000 عضو ماسي
نقاط التقييم: 4990

االدولة
البلدCuba
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
dali2000 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : راحيـــــل المنتدى : القصص المكتمله
افتراضي

 

الحلقة 31

فقالت ياسمين:ولا يهمك بكره بتتعود علّي.

فقال: الله يخليك تبطلي مزح ولا توخذي الامور باستهزاء...!

فقالت:انا ما بستهتر انا بتصرف على طبيعتي شو عملت اشي غلط...

فقال :طيب هلأ انت حتصيري تستخدمي غرفتي وانا حنام في غرفة علاء وخلينا نرتاح شوي وبعدين نطلع نشتري الاغراض اللي لازمتك .

فقالت:انا مش موافقة ..انا وانت بنام بنفس الغرفة .

فقال لها:بس شرط العجوز اني ما اشوف وجهك لمدة 09 يوم.

فقالت:طيب شو المشكلة ما انت مش راح تشوف وجهي ..!

فقال لها: كيف هاي بدها تصير مش مشكلة ...بدك امي تطربق البيت على رأسي؟

فردت مستفزة:اتطربق البيت هي على راسك احسن ما اطربقو انا على راسك الشرط واضح حتعيش معي ومش رايحين انام كل واحد منا في غرفة ..

استغرب فارس الطريقة التي تحدثت بها ياسمين ...ولكن زامور سيارة بالخارج
دفعه ليقطع الحديث ويخرج ليرى مصدر الصوت..فوجد صديقه يقف على الباب بعد
ان احضر السيارة وأتى ليتأكد ان كان فارس قد عاد بناء على طلب فارس
بالليلة السابقة ...فرح صديق فارس لرؤيته ...

وامطره بعشرات الاسئلة وبطريقة لبقة طلب فارس منه ان يؤجل هذه الاسئلة وان
يحتفظ بكل ما حدث سرا بينهم على ان يشرح له فارس القصة بعد ايام ...
وتحجج فارس بانه متعب ...ليتحاشى دعوة
صديقه للدخول الى البيت حتى لا يزيد الامور تعقيدا وخاصة ان رأى ياسمين ...
غادر صديق فارس دون ان يدخل المنزل ولم يكن راضيا عن استقبال فارس له .....

...عاد فارس الى المطبخ ولم يجد ياسمين هناك ووجدها في الغرفة تقوم بترتيبها ...دخل الغرفة وطلبت منه ياسمين ان يغلق الباب.

فقال لها فارس: بانه لا داعي لذلك فامه لن تتفهم اغلاق الباب وستبدأ بتفسير الامور بطرق مختلفة.

امالت ياسمين برأسها وقالت: انا قلتلك سكر الباب يعني سكر الباب وشوف لا
تجنني بأمك كل شوي امي ..امي ..انا مش متجوزة امك انا متجوزيتك
انت...خنقتني افهم...كل شوي امي مش مستوعبة ..امي مش مستحملة ..امي بتخاف
وبلاش تفسر غلط..

انا شو خصني بأمك لا تنسى انو انا كمان عندي ام مش مستوعبة ومش راضية
وتركتها زعلانة مني علشانك ..امك ححطها بعيوني بس لا تخليني اشعر انها
احسن من امي ..افهم امك مش احسن من امي.

لم يستوعب فارس نوبات الغضب التي تمر بها ياسمين بين الحين والاخر بشكل
مفاجيء ولم يعرف كيف يستطيع ان يحيا بوسط هذه التناقضات ...امه بمفاهيمها
واسلوب حياتها الخاص وياسمين بغموضها ومفاهيمها الخاصة بها.

اقتربت ياسمين من فارس وقالت بلهجة هادئة وكأنها تعتذر عن الاسلوب السابق
..يا فارس انا ما بكره امك بالعكس انا بحبها بس كل ما بتذكر امي واختي
وعتمة القبور ما بتمالك اعصابي.

لم يجب فارس بل بقي صامتا ..فقالت ياسمين:طيب يا فارس ارتاح انت ولما برجع بنحكي ..

فسألها: وعلى وين رايحه...

فقالت:رايحة اجيب اغراضي من بيتنا بتحب تيجي معي تعال..!

فقال: لا شكرا كثير بس كيف حتروحي...؟!

فقالت:بسيطة بوخذ سيارتك...يا بوخذ أي سيارة من الحارة وبروح فيها..

فقال:وحتطلعي قدام كل الجيران هيك..؟!

رمقت ياسمين فارس بنظرة حادة وسحبت مفاتيح السيارة من يده وخرجت مسرعة وما
هي الا ثواني حتى ملأت الحارة بزامور متواصل اخرج الجيران الى الشارع
وركضت ام فارس اليه...متمتمة "شايف المجنونة هاي شو بتعمل ..طالعة بسيارتك
تشحط وتزمر ويلي مش شايف يشوف..انا قلتلك هاي البنت مش طبيعية.

فقال فارس:اسمعي هذا الي كاتبو الله ..هاي البنت بتجيلها حالات جنون ولازم
نتحملها ...انا هلأ بدي انام اذا عرفت انام من اصلو وبعدين بنحكي وترك
فارس امه وذهب للنوم وبينه وبين نفسه لم يكن مستغربا لو افاق ووجد ياسمين
قد احضرت جرافة وبدأت بهدم البيت على رأسه فتصرفات ياسمين لا يمكن لاحد ان
يتنباء بها..

.مرت ساعات وافاق فارس على رائحة باخور غريبة وفتح عينه ووجد ياسمين واقفة في الغرفة تقوم بترتيب مجموعة من الشموع ...

وعباءات وكفوف سوداء منتشرة هنا وهناك ..فرك فارس عينيه ليتأكد مما رآه
فقد رآى عدة جماجم صغيرة كتلك التي رآها مع ياسمين في المرة الاولى
للقائهما لم يتمالك فارس نفسه واخذ يضحك حينما تخيل لو ان امه تدخل الى
الغرفة التي حولتها ياسمين الى مقبرة

وسألها: شو هذا يا ياسمين شو اليّ انت جابيته ...؟!

فقالت:اغراضي.. شو انت شايف اشي غريب ..؟!

فقال:ابدا هو في اشي غريب..ا

قتربت ياسمين من فارس كطفلة صغيرة وقالت له هامسة اطلع شوف شو حطتلك بغرفة الضيوف اشي بجنن وبؤخذ العقل بتعرف غير منظر الصالون كلو.

وما كاد فارس يسمع ما قالته ياسمين حتى تقهقه بأعلى صوته فقد تخايل ان ياسمين احضرت قبرا معها ووضعته في غرفة الضيوف ..

فقالت ياسمين لفارس:شو اليّ بضحكك ..؟!

فقال فارس: ابدا بس انا مبسوط ..

فقالت :طيب اطلع شوف وحكيلي رايك ...

خرج فارس وهو يضحك على المصيبة التي وقع فيها ...توجه فارس الى غرفة الضيوف وحينما دخلها فوجيء بما لم يكن يتوقعه ...
مجموعة من القطع الاثرية النادرة والتي يظهر انها قد صنعت قبل الاف
السنين..وهي روعة بالجمال ..اخذ فارس يتفحصها ويلمسها بيديه وشرد بفكره
:ان القطع التي يراها لا بد انها تساوي ثروة .

.دخلت ياسمين خلفه الى غرفة الضيوف وقالت له: شو رأيك مش قلتلك بو خذوا العقل...
تعال اورجيلك شو جبت لامك...وسحبته من جديد الى الغرفة وارته صندوق حينما
فتحه كان مليئا بقلادات فضية وذهبية متنوعة صنعت بغاية من الدقة ورسوماتها
تدل على امد طويل...واشارت ياسمين الى الطاولة بيدها ..
.لينظر فارس الى سيف من ذهب مرصع بالجواهر وقالت ياسمين لفارس: وهذا هدية
لاخوك علاء انا شفت بغرفته معلق سيوف ..فظليت أدور حتى اخترتلو احلى سيف
من عندنا..

تلعثم فارس ولم يدر ماذا يقول واخذ يتساءل هل تدرك ياسمين قيمة هذه
الاشياء الحقيقية اما انها تجهل؟لا بد انها تدرك والا فكيف ادركت قيمة
القطع الذهبية التي باعها في المرة الاولى...فسألها فارس :من اين احضرت
هذه الاشياء يا ياسمين..؟!.

.فقالت:ببساطة في بيتنا عنا كثير كثير منها لو بدنا نعدهم ما بنقدر..
.بس امي دايما كانت تقول الي ولاختي انو ممكن ييجي يوم ونستفيد من هذه الاشياء ..وما عمرنا استخدمنا الا القطع الذهبية الصغيرة..
كنا لما نطلع من القبور انا او اختي ونصدف حد نشعر انو مليح كنا نعطيه قطعة او ثنتين.
فسأل فارس بطريقة لا شعورية: هو كم قطعة عندكم منها..؟!

فقالت:صناديق كثيرة ما عمرنا فكرنا نعدها...

فقال فارس لياسمين: انت عندك فكرة انك بتحكي عن ثروة ضخمة ؟

فقالت :بنعرف من زمان وانا قلتلك انو عندنا ذهب بشتري كل بلدكم ...بس
بالنسبة النا كل هذا ما الو قيمة عندنا وما يلزمنا ولا عمرو ما راح يلزمنا.

فسأل فارس: طيب امك والعجوز ما عارضو لما انت طلعت الاغراض هاي من المقابر من بيتكم من محل ما جبتيها..؟


فقالت ياسمين:لأ ليش يعارضوا هاي اشياء ما الها قيمة واذا كانت ممكن تفيدني بره القبور ليش ما استخدمها؟

واخذت ياسمين تتحدث مع فارس وتقوم بتعليق وترتيب الاغراض التي احضرتها
معها في الغرفة فتضع جمجمة هنا وجمجمة هناك وتصف الشموع والبخور وبعض
القطع الفريدة التي ملأت بها الغرفة وغيرت شكلها ووضعت على نوافذ الغرفة
ستائر قماشية حتى لا يتسلل النور اليها وفارس تارة يبتسم وتارة يحك رأسه
وهو يراقب ياسمين وما تفعله ولم يكن ليتخيل نفسه انه سيستطيع ان يقضي ليلة
واحدة في وسط هذا الجو الغريب الذي صنعته ياسمين ودعا الله ان لا تقرر
ياسمين تحويل البيت كله بهذه الطريقة وتكتفي فقط بغرفته وتمنى لو انه
يستطيع ان يقنع ياسمين بأخفاء الجماجم الصغيرة عن الانظار حتى لا يراها
احد وبالأخص امه.
فقال لها محاولا ان لا يظهر اهتمامه بوجودها: بتعرفي يا ياسمين كل اشي في
الغرفة هاي صار حلوبس الجماجم مش جاي في محلها ما بعرف يمكن انت شايفتيها
حلوة بس شو رايك لو خبيناها في الخزانة؟

ضحكت ياسمين وقالت:انا عارف انك مش مرتاح لوجودها اول اشي انا قلتلك من
زمان اذا بتذكر هاي مش جماجم هاي حجار وانا بتفاءل فيها وعلى فكرة هاي
اغلى اشي عندي وهاي الوحيدة اللي الها قيمة عندي ليش انت مفكر انها جماجم؟

فقال فارس:علشان هي جماجم شكلها جماجم لونها جماجم بدك اسميها حجار وهي جماجم ؟
امسكت ياسمين بيدها احدى الجماجم وقالت : اتطلع عليها مليح عمرك شفت جمجمة بهالحجم؟

فقال فارس:ممكن تكون جمجمة لواحد راسو صغير كثير او لطفل...

 
 

 

عرض البوم صور dali2000   رد مع اقتباس
قديم 10-03-10, 08:27 PM   المشاركة رقم: 37
المعلومات
الكاتب:

البيانات
التسجيل: Sep 2006
العضوية: 13121
المشاركات: 14,020
الجنس ذكر
معدل التقييم: dali2000 عضو ماسيdali2000 عضو ماسيdali2000 عضو ماسيdali2000 عضو ماسيdali2000 عضو ماسيdali2000 عضو ماسيdali2000 عضو ماسيdali2000 عضو ماسيdali2000 عضو ماسيdali2000 عضو ماسيdali2000 عضو ماسي
نقاط التقييم: 4990

االدولة
البلدCuba
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
dali2000 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : راحيـــــل المنتدى : القصص المكتمله
افتراضي

 

الحلقـــة 32


فقالت: شكلك مش راح تقتنع انا ما بكذب عليك هاي مش جماجم ولو كانت جماجم
كنت حكيتلك واعادت ياسمين الجمجمة الى مكانها واخذت ترتب ملابسها في
الخزانة وفارس يراقب لعله يرى شيئا لونه غير أسود ولكنه يفاجأ بأن ياسمين
تقوم بأخراج عشرات العباءات والكفوف والخمارات ذات اللون الاسود ..
.وتضع كل واحد في مكانه حيث يستحيل التمييز بين الواحد والآخر
.
فيقول لها:ممكن تشرحي لي شو الفرق بين العبايا هاي والعبايا هاي؟

تضحك ياسمين وتقول: الفرق كثير كثير...هاي عباية للمناسبات وهاي للبيت وهاي للنوم وكل واحدة الها استعمالها الخاص.

فقال فارس: بس انا مش شايف أي فرق بين الوحدة والثانية.

فقالت: ممكن انت ما بتقدر تميز بس كل وحده مصنوعة من قماش مميز وعلى فكرة الفرق بين الوحده والثانية كثير كثير.

سمع فارس صوتا خارج الغرفة يناديه فخرج فوجد امه ترمقه بنظرات غريبة وقالت له تفضل انت وشيختك تعالو كلو..)

نادى فارس ياسمين وتوجها الى مائدة الطعام وتناولا الطعام ولاحظ فارس ان
ياسمين تأكل فقط من باب المجاملة لوالدته وبعد الانتهاء قامت ياسمين بحركة
مفاجئة واعدت القهوة بسرعة وعادت بها..
.وكان الجو وديا قليلا بين ام فارس وياسمين فسألتها ام فارس: (من وين انت يا بنتي...ما بدك تحكي لي من وين اصلك ومين اهلك..؟!)

صمتت ياسمين قليلا وقالت بهدوء :انا يا خالتي اصلي من الشام ابوي مات وانا
صغيرة وتنقلنا في اكثر من بلاد وقبل أكم سنة اجينا على فلسطين وبعد ما مات
ابوي امي نذرت اني انا واختي نلبس هيك لحد ما الوحدة منا تتجوز وتخلف
واحنا بنحب امنا كثير وعلشان هيك عنا استعداد نموت وما نخالف نذرها وهذا
السبب اللي بخلينا نلبس هيك.

فقالت ام فارس لياسمين ولكن هذه المرة بلهجة حنونة: بس يا بنتي هذا اشي
مبالغ فيه ومش معقول بتقدري تحطي على راسك منديل وبكفي بس انت مغطية
اصابعك وع****ي قدام الرجال والنسوان كيف بتقدري تعيشي هيك..؟!

تنهدت ياسمين وقالت: النذر نذر يا خاله ولو بأيدي ما لبست هيك..

شعر فارس براحة للتقارب الذي حدث بين والدته وياسمين وان ياسمين قادرة على
الاجابة على كل سؤال تسأله امه بطريقة ذكية ومقنعة تلائم الواقع ودون
استخدامها للكذب حتى ان الحوار استمر بين الاثنتين لساعات دون ان تشعر
الواحدة بملل او هذا ما خيل لفارس الذي كان يخرج ويعود ويجدهما في نفس
الحديث...وما فاجأ فارس ان الحديث بين امه وياسمين لم يقتصر حول شخصية
ياسمين الغامضة بل امتد الى امور شتى بدءا من البيت ووصولا للجيران.

مرت الساعات وحل الليل وكل شيء يسير على ما يرام واكثر من المتوقع ولكن
فارس يعلم ما سيحدث لو ان امه عرفت انه سينام في نفس الغرفة مع ياسمين او
لو ان امه دخلت الى الغرفة ورأت الاجواء الغريبة التي صنعتها ياسمين من
جماجم وشموع...واخذ فارس يدعو الله ان يصيب امه النعاس لتذهب الى النوم
ولكن هذا لم يحدث الا بعد منتصف الليل حيث توجهت امه لتنام بعد ان سألت
ياسمين ان كان ينقصها شيء وبعد ان اخبرت فارس بأنها اعدت له الفراش بغرفة
اخيه علاء..

اخذ فارس يفكر باللحظات القادمة كيف ستنام ياسمين ...وهل ستبقى كما هي
مرتدية الخمار والعباء التي تخفي حتى تقسيمة جسدها..وماذا سيفكر علاء وهو
سيعلم حتما ان فارس امضى الليلة في غرفة ياسمين..

.لم يعد هناك وقت للتفكير فقد اشارت ياسمين لفارس بأن يذهب معها الى
الغرفة ...وحينما دخلا اغلقت ياسمين باب الغرفة...وقالت لفارس انا ما
بتفرق عندي اسهر للصبح بس الك انت مش مليح وهلأ لازم تنام.

واخذت ياسمين تشعل الشموع وعدة اعواد من البخور وفارس يقف مكانه لا يعلم ماذا يفعل ...
وكانه ينتظر اوامرها...التفتت ياسمين اليه وقالت مستغربة...:شو بدك تظل واقف غير اواعيك ونام .

استجاب فارس لطلبها مرتبكا قليلا وهو يخرج بجامته من الخزانة ليرتديها
امامها ..ومن ثم يتوجه الى السرير لتبقى عيناه مفتوحتين تراقبان ما تفعله
ياسمين.

اخرجت ياسمين احدى العباءات وخمارا ...فوجد فارس بانها فرصة ليتلصص بعيونه
لعله يرى شيئا غير السواد..ولكن ياسمين خيبت ظنه وقالت لفارس: يا حبيبي
ممكن تدير ظهرك علشان اعرف البس...!

ادار فارس ظهره وما هي الا ثوان حتى استلقت ياسمين بجانبه وطلبت منه ان
يحتضنها ...طوقها فارس بذراعيه وهو مرتبك ..وقالت له ياسمين: وهلأ تصبح
على خير ونام.

بقي فارس محتضنا ياسمين وعشرات الصور تدور في رأسه وتشده اليها لتدفعه
احيانا ليحضنها بقوة واحيانا برقة ويفكر للحظات ان يمد يده ليرفع القماش
الاسود الذي يلفها بالكامل ولكن خوفه من غضبها يجعله يتردد ويحاول النوم
وطرد الصور الكثيرة ولكنه لا يستطيع..فيفكر بالخروج من الغرفة او الابتعاد
عنها قليلا ولكنه يخاف ان تحرك ان يوقظها ..

.يتمنى لو يستطيع حتى ان يقبلها ولو قبلة صغيرة او ان يده تلمس جزءا من جسدها دون ذلك الساتر الاسود ...

ولكن هيهات فالقماش الاسود لا يترك له ثغرة حتى ولو بالصدفة..

يفتح فارس عينيه ولا يدري كيف غفا ونام..ولكنه لا يجد ياسمين بجانبه ويجول
بعينيه في انحاء الغرفة ولا يراها يخرج من غرفته المعتمة فيرى الشمس قد
تسللت الى البيت منذ وقت ...ويتوجه الى المطبخ ليرى ياسمين تشرب القهوة
وتضحك مع والدته وبنظرة خاطفة يعرف ان الساعة التاسعة صباحا..

.يغسل وجهه ويبدل ملابسه ويتساءل ان كانت امه قد عرفت اين قضى ليلته في
غرفة علاء ام مع ياسمين..ويعود الى المطبخ من جديد فتضع له ياسمين طعام
الافطار وتقول له: بانها افطرت مع والدته قبل ساعات ولم تحب ان توقظه
..ينظر فارس الى عيني امه لعله يعرف ان كانت قد عرفت ام لا فالساعة
التاسعة ولا بد ان امه كعادتها كل صباح تتجول في كل الغرف ...

بعدها لا يدري فارس ماذا يفعل او الى اين يذهب فهو ينتظر اوامر
ياسمين..فتفاجئه ياسمين وتقول له:بفكر انو هلأ لازم ترجع لشغلك ولا بدك
تظل قاعد في البيت ؟يخرج فارس من البيت ويجدها فرصة للتوجه الى نابلس
لرؤية صديقه الذي يدين له بالكثير ..ويصل فارس الى نابلس ويجد صديقه
ويشكره ويعتذر منه عن اليوم السابق ويرجوه فارس بأن يبقي الامر وما حدث في
المقبرة سرا وان يحاول ان يختلق أية قصة لهؤلاء الجبناء الذين هربوا حتى
لا تتحول حكاية المقبرة الى قصة في البلاد..

فطمأنه صديقه وقال له بأنه قد فعل ذلك وقد اخبرهم بأن ما حدث في المقبرة
ما هو الا محاولة لسرقة قبور والمقنعات اللواتي رأونهم وخافوا منهن ما هن
الا اشخاص تخفوا حتى لا يعرف بأمرهم احد ولكن بالرغم من كل ذلك لم يكن
صديق فارس ليقتنع رغم انه اختصر عشرات الاسئلة بان ما رآه ليس من الجن
والعفاريت.

عاد فارس في ساعات المساء الى البيت ووجد ياسمين بانتظاره فسألته: الى اين ذهب فأخبرها.

وسألته:متى سيعود الى عمله ..فقال لها :انه لم يعد لديه عمل يقوم به..

فقالت له:امك حكتلي انك بطلت تشتغل وايام كثيرة ما بتنام في الدار ...فضحك فارس وقال :بس انت عارفه شو السبب .

فقالت:طيب هلأ لازم ترجع على الشغل علشان نبدي نفكر بمستقبلنا.

ضحك فارس لحديث ياسمين فكل الذهب والثروة التي تملكها هذه المخلوقة وتطلب منه العمل من اجل المستقبل؟
وقال: شو ممكن اشتغل ..شغلي سنة بساوي قطعة ذهبية صغيرة من اللي عندك يا ياسمين ...

هزت ياسمين رأسها وقالت:بتعرف يا فارس شو خطر ببالي ؟انا عندي صناديق ذهب
كثيرة واشياء بتتصورهاش ممكن تشتريلك البلد واللي فيها...هذا اللي بملكو
انا واختي وامي بس كمان بعرف عن اشياء تحت الارض مخك مش راح يتصورها
..بالك ايش ممكن نعمل فيها؟

فقال فارس:اشياء كثيرة يا ياسمين ممكن نعيش مثل الملوك واكثر كمان.
واخذ فارس يشرح لياسمين ما يمكن فعله وياسمين تهز رأسها وتصغي لفارس بأهتمام كثير ..

.مرت اكثر من ساعتين وفارس يشرح وياسمين مهتمة بكل كلمة يقولها بدون
مقاطعة او ملل بل احيانا كانت تعطيه افكارا مثل شكل القصر وموقعه ونوع
الحديقة وعدد الخدم والطباخين...الخ

وقفت ياسمين وبفرحة قالت:فارس لازم الليلة نحتفل امشي نطلع وانا ححكي لامك انو راح نتأخر ...


خرجت ياسمين وفارس واستقلا السيارة وسارا في الطريق وطلبت ياسمين من فارس
ان يتوجه الى نابلس ...فقال فارس :ياسمين لا تحكيلي انو رايحة على مقابر
..؟!

ف

قالت له: ابدا يا حبيبي انا حكيتلك حنحتفل بمناسبة مستقبلنا السعيد.

حاول فارس ان يثنيها عن الذهاب الى نابلس متحججا بتأخر الوقت ولكنها أصرت
على ذلك وحينما وصلا الى نابلس طلبت منه ان يتوجه الى صديقه الذي شهد على
زفافهما...

استغرب فارس الامر وعارضه بشدة محاولا ان يستوضح منها عن السبب ..


فقالت له :انها تريد ان تكافئه ...فقال فارس انه فعل ذلك واعطاه الكثير من النقود ..


.فقالت :انها هي ايضا تود ان تقوم بذلك بنفسها ...وامام اصرار ياسمين توجه
فارس وبحث عن صديقه حتى وجده وطلب منه ان يصعد الى السيارة وما ان رأى
صديقه ياسمين تجلس بجانبه حتى تجهم وجهه وخاف وتردد في الصعود الى السيارة
....


في باديء الامر ومن ثم ركب في الكرسي الخلفي يتحدث بسره:>باين هالليلة
سودا من اولها"...ولكن ياسمين اخرجت من تحت عباءتها مجموعة من الدولارات
والشواقل وقالت له:هاي هدية صغيرة من اخوك فارس ..وطلبت منه ان يردد عدة
كلمات رددها وهو سعيد وقالت له مع السلامة.


وطلبت من فارس ان يعود الى الناصرة ...سألها فارس :شو الكلمات الليّ طلبت منه يرددها ..؟


فقالت :شعرت انو صاحبك بحبك كثير وحبيت اساعدو ينسى اللي صار وكمان اللي
اخذو منك مش راح يتذكر انك اعطيته اياه ...صاحبك بستاهل كل خير.


فسأل: والفلوس هاي من وين جبتيها...؟


فقالت:من خزانتك يا حبيبي ولا نسيت ..!


فقال:واعطيتيه كل الفلوس؟


فقالت:لا يا حبيبي اعطيته شوي وخليت معاي شوي علشان نكمل احتفالنا وخليت بالخزانة شوي..


فقال فارس: الحمد لله طيب هلأ على وين..؟!


فقالت: هلأ ادخل الشارع هذا فدخله فارس ...وطلبت منه ياسمين ان يسرع اكثر
ففعل وقامت بفتح الشباك والقاء الدولارات هنا وهناك حتى نفد كل ما تحمله
وفارس لا يدري هل يضحك ام يبكي ولكنه ضحك لانه رآها تفعل هذا بسعادة
بالغة...


وقالت له:بكره الناس لما بتفيق بتلاقيها وراح يكونو مبسوطين، وهلأ خلصنا الاحتفال ارجع على البيت ...


عاد فارس الى البيت وطوال الطريق أخذ يفكر: أي احتفال مجنون هذا ؟وصل فارس
وياسمين البيت ووجدا ان كل من في البيت نيام فتوجها الى الغرفة وحدث ما
حدث في الليلة السابقة وحينما استيقظ فارس في الصباح وجد امه وياسمين في
المطبخ ...


وبعد ان انهى فارس فطوره قالت له ياسمين :فارس تأخرت لازم تطلع على شغلك
وناولته ورقة وقالت له:يا ريت وانت مروح تجيبلنا هالاغراض هاي معك.


هز فارس رأسه واستدار باتجاه الغرفة وفتح الخزانة ليخرج منها بعض النقود
ولكنه فوجيء بانه لم يجد فيها سوى مبلغ مئة دولار ..بحث هنا وهناك ولم يجد
شيئا فخرج من غرفته بعد ان ابتسم الى الجماجم المصفوفة ..وخرج واستقل
سيارته وزار مجموعة من الاصدقاء وقام بشراء الاغراض وعاد الى البيت
واستقبلته ياسمين على الباب


وقالت له:ما رجعت للشغل ؟


فابتسم فارس فقالت صحيح انا انسيت...

فتناولا طعام الغداء وامضيا بقية النهار بالحديث عن مخططات المستقبل.


وفي صباح اليوم التالي افاق فارس مبكرا كعادته وايضا لم يجد ياسمين بجانبه
وكالمعتاد توجه الى المطبخ فوجد امه وياسمين بمنتهى الانسجام يعدان معا
طعام الافطار وشعر ان امه قد تعلقت بياسمين بطريقة غير عادية ولم يعتد
فارس ان يرى امه سعيدة كما رآها باليومين السابقين وتساءل بينه وبين نفسه
هل تعلم امه انه ينام في غرفة ياسمين ولم تهتم ام انها لا تعلم...


ففارس لا يجرؤ ان يسأل ياسمين وفي نفس الوقت لا يدري كيف يعرف ..


جلس وتناول معهما طعام الافطار وبعدها قالت ياسمين له امام


والدته:فارس ما تأخرت عن شغلك ..؟


فرد فارس ساخرا: لا اليوم انا عندي اجازة؟


فردت له ياسمين الابتسامة بابتسامة خبيثة وطلبت منه ان يجلس ويتحدث بما انه لا يعمل...


ضحك فارس وجلس مع ياسمين في برندة البيت فسألته


ياسمين :فارس امك حكتلي عن جارتكم اللي مات جوزها وعن وضعها المادي لازم
انت تساعدها وبعدين الفلوس ما الها قيمة واشي ثاني مهم سيارة المرسيدس هاي
انا مش حابيتها ...


اليوم ما بدي اشوفها هون يالله هلأ روح وما ترجع الا تتلاقيلها حل...


خرج فارس وهو يضحك وارضاء لياسمين توجه الى احد المعارف وقام ببيعها له
باقل من ثمنها بكثير وقام باستئجار سيارة وعاد بعد الظهر الى البيت ..


استقبلته ياسمين وقالت له:رحت على الشغل اليوم!! ..وضربت يدها على رأسها
وقالت:شو مالي انا صرت اتصرف زي امك..انسيت انو اليوم عندك اجازة..


فأخبرها فارس انه قام ببيع السيارة وقبض ثمنها ...ففرحت ياسمين وقبلت فارس
من خلف الخمار وقال لها فارس:هاي بوسة ما بتنفع ..فضحكت ياسمين


وقالت:اصبر ما ظل كثير وهلأ علشان اكون مرتاحة روح اعطي جارتكم فلوس
..حرام عندها ثلاث بنات وظروفها مش ولا بد..فأخرج فارس من المغلف بعض
النقود.


فاستدارت ياسمين الى الغرفة غاضبة ولحق بها فارس لا يعلم سر غضبها فقالت
له:شو انت ما بتفهم بحكيلك جارتكم عندها ثلاثة بنات وانت بتعرف انو احنا
قديش بنحب البنات وكل بنات الدنيا خواتي وانت بخلان عليهم بشوية فلوس ؟ضحك
فارس وقال :حاضر يا حبيبتي اذا بدك بعطيهم كل الفلوس ...


فضحكت ياسمين وقالت بدلال: لا مش كل الفلوس شيل 0051 دولار ورجعهم لاخوك
علاء ولا انت ناسي انك اخذتهم منو زمان؟ فابتسم فارس واخرج من النقود مبلغ
0051 دولار واعاد اغلاق المغلف وهم بالخروج ولكن ياسمين استوقفته وطلبت
منه ان يرسل للجارة النقود بطريقة ذكية ودون ان يشعرها بانها مساعدة ...


خرج فارس واحتار بالطريقة حتى وجدها وعاد بعد ساعتين وطلبت ياسمين ان يعطي
0051 دولار لعلاء ففعل ذلك وامضيا بقية النهار ..وفي صباح اليوم التالي
استيقظت ياسمين باكرا فقام وتناول طعام الافطار


وقالت له :انها تنتظره بعد العودة من العمل ليذهبا ويشتريا بقية الاغراض ...


خرج فارس من المنزل وهو يفكر بتصرفات ياسمين هذه وبما انه لم يعد معه أي
مبلغ من المال فقد توجه الى البنك واستدان مبلغ ثلاثة الاف شيكل وعاد الى
المنزل فاستقبلته ياسمين


وقالت: ...شو اليوم مروح من الشغل بكير كثير ...فضحك فارس وقال لها:وبعدين
يا ياسمين انت انسيت ...فضحكت ياسمين وقالت له:انا بمزح معك


وخرجا معا بسيارة الاجرة الى احد الاسواق وقامت ياسمين بشراء اشياء كثيرة
للبيت لم يكف المبلغ الذي يحمله فارس فاضطر الى الاستدانة من احد المحلات
بناء على معرفة سابقة وعادا الى البيت في ساعات المساء ..


ومرة اكثر من عشرة ايام وياسمين لا تخرج من البيت الا اذا كانت تريد ان
تشتري شيئا ضروريا للبيت وليس لها ..واحبتها ام فارس والجارات والقريبات
حبا لا يوصف وكانت حكاية النذر مقنعة للجميع واعتادوا على ان لا يروا
وجهها بناء على وعدها لهم بانهم سيرونها قريبا بعد ان ينفك النذر وينتهي
وبعد مضي عشرين يوما من مكوث ياسمين في بيت فارس وفي صباح اليوم الحادي
والعشرين افاق فارس كعادته...


وتناول طعام الافطار.. ورفضت ياسمين ان تاكل شيئا وخرج فارس كالمعتاد وهو
يتسائل لماذا تصر ياسمين ان تكلمه بنفس الطريقة في كل صباح لدى خروجه ولدى
عودته ولكنه ظن ان الامر يتعلق بوالدته ..

 
 

 

عرض البوم صور dali2000   رد مع اقتباس
قديم 10-03-10, 08:28 PM   المشاركة رقم: 38
المعلومات
الكاتب:

البيانات
التسجيل: Sep 2006
العضوية: 13121
المشاركات: 14,020
الجنس ذكر
معدل التقييم: dali2000 عضو ماسيdali2000 عضو ماسيdali2000 عضو ماسيdali2000 عضو ماسيdali2000 عضو ماسيdali2000 عضو ماسيdali2000 عضو ماسيdali2000 عضو ماسيdali2000 عضو ماسيdali2000 عضو ماسيdali2000 عضو ماسي
نقاط التقييم: 4990

االدولة
البلدCuba
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
dali2000 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : راحيـــــل المنتدى : القصص المكتمله
افتراضي

 

وحينما عاد فارس استقبلته ياسمين كالعادة وسألته عن عمله فاجابها نفس
الجواب فضحكت وقالت له انا بمزح...فاعدت له طعام الغذاء ورفضت ياسمين
تناول الغداء وكذلك الامر مع طعام العشاء امسكت ام فارس بفارس واخذته
جانبا وسالته:" ما لها ياسمين من الصبح رافضة تحط بفمها اشي..؟


فاجابها فارس انه لا يوجد شيء بل على العكس كل شيء يسير كالمعتاد...وفي
اليوم التالي تكرر الامر فجلس فارس مع ياسمين وسألها:شو القصة يا ياسمين
انت زعلانة من اشي؟

فضحكت ياسمين وقالت: شو يا فارس باين علّي زعلانة من اشي..هو في اشي بزعل..!؟


فقال لها: طيب ليش مش عم توكلي ..


فقالت: ما في اكل في البيت شو اوكل ..!؟


فضحك فارس وقال:اذا الاكل مش عاجبك انا حطلع واجيبلك كل انواع الاكل...؟!


فضحكت ياسمين وخرج فارس وقام باحضار انواع كثيرة من الطعام ..وبالرغم من
كل هذا رفضت ياسمين ان تأكل شيئا..جن جنون ام فارس وصرخت في فارس :بدك هلأ
تحكيلي شو فيه ..البنت صارلها يومين مش عم توكل..


احتار فارس واقنع ياسمين ان يخرجا معا فخرجا في المساء ..توقف فارس بجانب
احد المطاعم وجلسا هناك وياسمين تضحك سعيدة كعادتها ..طلب فارس الطعام
ورفضت ياسمين ان تؤكل شيء فلم يأكل فارس وعاد الى السيارة وقال لياسمين:
شو الموضوع انت ما كنت هيك شو صارلك..؟


فضحكت ياسمين وقالت: ولا شيء يا حبيبي انا قررت اني مش راح اوكل شيء الا اذا انت جبتوا...


فأستغرب فارس وقال: انا جبت اشياء كثيرة بس مش عاجبتك..ممكن تحكيلي اشي واحد عاجبك وانا هلأ بروح اجيبوا..


فقالت:أي اشي بتقدر تجيبوا انا حيكفيني ..


لم يفهم فارس ..ماذا تقصد ياسمين وشعر انها تعمل على استفزازه وقال: ياسمين شو القصة انت بدك ترجعي تجننيني زي اول..





فقالت ساخرة:لا يا حبيبي سلامتك من الجنون انا ما بدي اشي كثير بس بدي
اعيش مثل كل البنات بدي اشعر انو جوزي مسؤول عني وكمان بدي اشعر انو الأكل
الي راح اوكلوا ..


جوزي بيجيبو مش امه ولا اخوه ومش راح يستقرض من حدا فلوس علشان يعزمني على مطعم..


انا يا حبيبي ما بدي مطاعم انا لو بدي مطاعم بشتري كل مطاعم البلد وانت
بتعرف مليح وكمان انا مليت واحنا كل يوم بنحكي عن القصور والسيارات والخدم
وانت يا حبيبي مش عم تقدر تجيب اكل للبيت ..

لما تبطل تحلم بصناديق الذهب والكنوز وتفكر كيف راح تشتغل علشان تقدر تعيش
..ولحد ما تصير تفهم بحب اقولك انا لو بموت من الجوع مش راح اوكل شيء انت
مش قادر تجيبوا..


ذهل فارس من طريقة تفكير ياسمين وشعر ان كل احلامه قد انهارت في لحظات ولم
يفهم لماذا تتصرف ياسمين هكذا ..ولماذا دفعته ليصرف كل ما يملك ويستدين..


وسألها :لماذا يا ياسمين ؟ فقالت له:لاني بدي انسان يحبني واحبوا وبحبوا
الحقيقي حطلع من العتمة للنور وما بدي لا قصور ولا خدام فقال بهدوء :بس يا
حبيبتي المنطق بحكي اذا كانت الفلوس موجودة وكثيرة ، بنقدر نستغلها وممكن
نعمل فيها اشياء كثيرة .


فقالت ياسمين: الفلوس ما الها قيمة عندي واللي عاش حياة مثل حياتنا بعرف معنى كلامي والاحلام والسعادة عمرها ما بتنشرى ..


والقرار هلأ بايدك ويا الله رجعني على البيت عاد فارس وياسمين الى البيت
وكلما حاول ان يقنعها ان تأكل تصدت له ومنعته من الحديث في هذا الموضوع
وفي اليوم التالي وجد فارس نفسه في ورطة كبيرة فهو يعرف انه اذ لم يعمل
بسرعة فلن تأكل ياسمين وهي عنيده ولن تتراجع..


فخرج من البيت وعاد بعد ساعات الظهر سعيدا ...استقبلته ياسمين كعادتها
وسألته فأخبرها انه استطاع عقد صفقة تجارية صغيرة حصل منها على بعض النقود
واحضر معه الطعام ...


فرحت ياسمين وقال لها فارس :والان سنتاول الطعام معا ..اعدت ياسمين الطعام وجلس وبدأ بتناوله وياسمين جالسة تبتسم ولا تأكل...


توقف فارس عن الاكل وسألها :شو القصة فابتسمت وقالت له :كل يا حبيبي
بالهنا والشفا ..علم فارس انه لن يستطيع خداع ياسمين وشعر بتأنيب الضمير
فترك الطعام وخرج من البيت واصر ان يعمل بأي شيء هذه الليلة حتى يحضر
الطعام..


وحالفه الحظ ووجد عملا لعدة ساعات مقابل مبلغ صغير ولم يكن يتخيل فارس
نفسه انه سيقوم بمثل هذه العمل ...وبعد منتصف الليل عاد ومعه الطعام فأكل
هو وياسمين وفي اليوم التالي فعل الشيء نفسه واخذ فارس يصارع الوقت
ويسابقه فهو مجبور على توفير الطعام لعدة ايام بأي ثمن والطريقة الوحيدة
التي ترضى بها ياسمين هي من خلال عمله وفي نفس الوقت يحاول ان يكسب الوقت
للعودة لعمله القديم المريح في عقد الصفقات التجارية التي تحتاج الى وقت
لتثمر ثمارها ..


وهكذا اخذ فارس يعمل بالليل وبالنهار يبذل جهده للعودة الى عمله السابق
وايجاد طريقة للخروج من ديونه التي بدأت تلاحقه حتى وصلت البيت...


وصل فارس الى درجة من الارهاق لم يعهده من قبل وكانت ياسمين تترقبه وهو
عائد الى البيت لا يقوى على الحراك وتلح عليه ان يحدثها عن عمله وتضحك
احيانا بصوت عالي وخاصة حينما يحدثها فارس بانه عمل في احد الاعمال التي
لا تتناسب مع شخصيته وهكذا استمرت ياسمين توقظ فارس في الصباح الباكر
وفارس مجبرا وليس مخيرا في الذهاب الى العمل ويتنقل فارس من عمل الى اخر
وكلما كاد ينجح في عقد صفقة ما..تعب عليها لعدة ايام حتى تغنيه عن الاعمال
الجسدية في المطاعم وغيرها ليتقاضى اجرا يوميا وجد ان الصفقة فشلت وضاع
الامل.


في احد المطاعم بالجليل حيث عمل فارس لثلاثة ايام الاخيرة وفي ساعة متأخرة
من الليل لمح فارس على احدى الطاولات في زاوية المطعم امرأة ترتدي العباءة
والخمار خفق قلب فارس وارتبك وهو يقترب منها ليتأكد ان كانت هذه ياسمين ام
واحدة اخرى.. ومن الطريقة التي تمسك بها السيجارة ادرك فارس انها ياسمين
فلا يمكن لواحدة اخرى ترتدي هذه الملابس ان تحضر الى هذا المكان في الليل
لوحدها اقترب من الطاولة وحرص على ان لا يثير الاهتمام


وقال :ياسمين شو بتسوي هون انت انجنيتي..؟


فقالت بلهجة الامر: اذا سمحت كاس ويسكي مع ثلج.


فقال لها: ياسمين بس مزح..


فقالت: بتحب اطلب من جرسون ثاني..؟!


وتجنبا للأحراج ذهب فارس واحضر كأس الويسكي وهو يعلم انه اذا لم يفعل ذلك
فلن تهتم ياسمين ان طلبت ذلك من أي شخص اخر..وضع فارس كأس الويسكي امامها


وقال:لا تقول لي انك حتشربيه ..فأمسكت ياسمين الكأس بيدها وشربته على دفعة واحدة وقالت:انت مش احسن مني يا حبيبي ..


واخذ فارس يلتفت حوله ورأى ان كل من في المطعم ينظر بأتجاه ياسمين


فقال لها: شايفة الناس كيف بتطلع..


فوقفت ياسمين وقالت له: طيب بلاش احرجك اكثر من هيك امشي نطلع من هون ..


خرج فارس معها دون ان يستأذن احد وسارا لعدة امتار ...

وقالت له ياسمين: تعال اوصلك بسيارتي الحلوة...فوجيء فارس حينما رأى
ياسمين تستقل سيارة المرسيدس التي باعها قبل مدة...وركب بجانبها واخذت
ياسمين تقود السيارة كعادتها..وطلب منها فارس ان تتمهل..

فقالت له: سيارتي وانا حرة كيف اسوقها .

.

فابتسم فارس وقال: بس انت قبل مدة كنت متشائمة منها..!


فقالت:مش صحيح انا كنت مش مرتاحة لوجودها ومش معقول اتشائم منها....وفيها
كان اول لقاء بيني وبينك ولا انسيت انك وصلتني فيها على كفركنا.


فقال فارس:ولو كيف ممكن انا انسى بس ممكن اعرف كيف حضرتك رجعتيها..


فقالت: بسيطة كثير اعرفت المعرض الي انت بعتها فيه بتراب الفلوس واتصلت فيه وشتريتها منو من جديد.


فقال فارس مستاءا:طيب ليش هاللفة والدورة يا ياسمين ..ماكان من الاول ممكن تخلي السيارة وما تخليني ابيعها.


فقالت:انا ما قلتلك تبيعها انت بعتها لوحدك ..


فقال :طب ممكن افهم ليش جايتني بهاليل ...!!


فقالت: اشتقتلك كثير وحبيت اجي اشوفك...وبعدين اجيت اذكرك انو ماظل الا
عشرة ايام على موعد زواجنا وحضرتك بتطلع من الصبح وبترجعلي بنصف الليل
تعبان وقبل ما احكي معك بتكون نايم ايش اعمل انا قررت اني اجيك على شغلك
علشان اذكرك ..


فقال: طيب ممكن حضرتك تحكيلي شو اعمل علشان اعمله..


فقالت: معك حق انا انسيت انو لازم احكيلك احنا بدنا نتجوز بعد عشرة ايام
وانا الي لازم احكيلك شو تسوي..انت حتصير جوزي بقى الامر بأيدك مش بأيدي
الا اذا بتحب تتجوز على طريقتي انا ..ما عندي مشكلة.


فقال فارس: مش مشكلة من هان لعشرة ايام بصير خير .

فقالت ياسمين:طيب بنشوف بس جيت اطمئن انك دبرت حالك علشان مصاريف العرس والبدلة والحفلة ..
ما انت عارف هاي اشياء بتكلف ولا يا حبيبي مركن على امك تجوزك.

استفز فارس
واخذ يضحك ضحكة قهر وهو ينظر الى ياسمين وهو يعلم ان ياسمين ان قالت كلمة
لن تتنازل عنها وان كانت تنوي على ما قالته حول الحفل فهذه ستكون نهايته

وقال:يا
ياسمين يا حبيبتي انت بتستمتعي في اللي بتعمليه في...ّ يا روحي ..انا بني
ادم ممكن اعمل بس الي بقدر عليه حضرتك بدك اياني اشتغل أي شغل وان انا ما
اشتغلت ما بترضي توكلي ...

وانت اكثر
وحده في الدنيا بتعرفي اني على الحديدة وبدك خلال عشرة ايام اشتغل واجيب
فلوس واعمل حفلة وعرس يا حبيبتي ما انت عارفه البير وغطاه وبعدين حفلة شو
هاي الي بتحكي عليها وانت ما بدك حد يشوف وجهك وبدله عرس كمان ..ممكن افهم
انت بتخططي لشو وشو رايك تحكيلي من الاخر علشان انا متأكد انو الي بدك
اياه انت هو الي راح يمشي والله يخليك لا تفكري انك توقفي السيارة بنص
الشارع.

فقالت
ياسمين :اول شيء صحيح انا كنت مفكره اوقف السيارة بنص الشارع لانو كلامك
استفزني بس علشان طلبت مش راح اوقفها..وبعدين ممكن افهم انا شو حكيت اشي
غلط وكيف حضرتك مفكر تتجوزني.

فقال فارس
بهدوء خشية ان تغضب ياسمين:انا يا حبيبتي كيف بدك انت ..انا جاهز.. بدك
حفلة حاضر..بدك بدلة عرس جاهز ..انا ما عندي مشكلة..بس علشان الوضع وشروط
العجوز انو ما حد يشوف وجهك فكرت انو ممكن تعملي حفلة صغيرة في البيت.

فاحتدت
ياسمين وقالت: شو يا فارس وليش هالغلبة ممكن تعمل مثل ما عمل سيدك سالم
الدهري وتكتب ورقة والسلام...ما انا من بنات جورجيت.. كمان والورقة كثيرة
عليّ خليني جارية عندك احسن.

فقال فارس: كلامك مش صحيح يا ياسمين انت احسن من كل بنات الدنيا وايش بدك انا جاهز .

فقالت: بعرف انه انا احسن من كل بنات الدنيا ...انا بدي مثل ما بتتمناه أي بنت لنفسها...
بدي حفلة
كبيرة يحضروها ناس كثير وبدي اغلى واجمل فستان فرح وبدي كل شيء ممكن تحلم
فيه أي عروس يوم فرحها...وكمان يا حبيبي الأهم من كل هذا حنتجوز مرتين مرة
على طريقتك ومرة على طريقتي...

فقال فارس:مش فاهم بس بفكر انو تجوزنا على طريقتك في المقبرة.

فقالت: يا
حبيبي خلي المقابر لاهل المقابر...هلأ احنا برا المقابر حتجوزك على طريقتك
وحتجوزني على طريقتي ولا تنسى اني من بنات جورجيت ..

شعر فارس ان
الامور تتأزم وهو يعرف انه لا يملك أي خيار فالأمور يجب ان تسير كما خططت
لها ياسمين ولن تتنازل ياسمين عن شيء وقال لها:ياسمين اكيد انت فكرت وخططت
وعارفه شو راح يصير...
ممكن اعرف كيف انا بدي ادبر كل هالمصاريف هاي خلال عشرة ايام..

فقالت:اطلب مساعدتي حساعدك.

وشعر فارس بالأنفراج والأمل ..وقال: ساعديني يا حبيبتي.

فقالت: شوف
يا فارس انا فكرت وحسبت كيف انت ممكن تدبر فلوس لكل هالمصاريف وانت
بالعافية مش قادر تصرف على حالك ..وبعد ما فكرت اجتني فكرة انك تبيع بيتكم
ما هو مسجل على اسمك والك حصة كبيرة فيه وبعدين بيتكم كبير بجيب مبلغ مش
بسيط ...

وبعدين انت اكثر من مرة قلت لي انك مستعد تبيع الدنيا واللي فيها علشاني..انا ما بدي تبيع الدنيا علشان هي مش الك بس بيع البيت..!
شبك فارس
اصابعه ببعض وابتسم ابتسامة صفراء وهز راسه واغلق عيونه وشعر وكأنه بسفينة
تغرق به وهو ينظر اليها ولا يستطيع فعل شيء ولم ينطق بكلمة طوال الطريق...


ولم يدري
كيف وصلت السيارة الى البيت وكيف استلقى ونام ..ليحلم تلك الليلة بكوابيس
مزعجة افاق في الصباح يأئسا بائسا يحمل هموم الدنيا على راسه..ولم يتناول
الافطار وشرب القهوة فقط .

وقالت له
ياسمين:ظل تسع ايام يا فارس وقامت وناولته مفاتيح السيارة وقالت ممكن
تستعمل سيارتي اليوم واستغل الوقت علشان نلحق نحضر للحفلة ...

خرج فارس تأئها على وجهه يدور في الشوارع ويفكر بأمه واخوه وكيف سيجرؤ على بيع البيت..
وماذا سيحدث
لو عرف احد بذلك وفكر انه ربما فعلا ياسمين تفكر في تدميره انتقاما او
تواصلا لحمله الانتقامات القديمة بكل ما يخص عائلة الدهري لم يستطيع فارس
اتخاذ أي قرار واخذ يدور ويدور من شارع الى اخر حتى اقتنع انه لا يملك
القرار وان امكانية التراجع مستحيلة فهو يعشق ياسمين ولا يتصور حياته لحظة
واحدة بدونها ..
توجه فارس
الى احد الاقارب الذي يعمل في مجال العقارات وعرض عليه الموضوع ولم يكن
قريبه هذا ليتردد للحظة بشراء بيت عائلة فارس بل عرض عليه ان ينهي الصفقة
فورا وفي نفس الساعة ...
فعاد فارس الى البيت واحضر الاوراق اللازمة لهذه الصفقة وتوجه لقريبه وخلال اقل من خمس ساعات تمت الصفقة

وقبض فارس
المبلغ وعاد في المساء والقى النقود امام ياسمين وقال لها:ما في عندي اغلى
منك فقفزت ياسمين من الفرح وحضنت فارس ونام فارس تلك الليلة وهو يشعر
بتأنيب الضمير لما فعله وفي صباح اليوم التالي خرج هو وياسمين بناءا على
طلبها للبحث عن مكان مناسب لاقامة الحفلة فتجولا في عدة مدن للبحث عن قاعة
مناسبة تتسع لأكثر من الف شخص ولم يكن من السهولة ايجاد المكان المناسب
الذي يرضي ياسمين وكان من المستحيل ان تتوفر القاعة التي تبحث عنها ياسمين
الا في المناطق الاسرائيلية البعيدة عن منطقة الناصرة وامام اصرار ياسمين
استطاعوا الوصول الى احدى القاعات الكبيرة ورفضت ياسمين ان يقوم فارس
لوحده بحجز القاعة فرافقته لرؤية القاعة بنفسها لتثير الفضول والتساؤلات
حول شخصها ولباسها الغريب وقامت ياسمين وفارس ومدير القاعة بالتجول في
انحاء القاعة بعد ان تأكد لهم بانهم يستطيعوا حجزها بالتاريخ الذي حددوه
واخذ مدير القاعة يشرح الامكانيات التي يستطيع ان يوفرها وكان فارس يترجم
لياسمين كل كلمة يقولها مدير القاعة وياسمين تهز راسها..

وبعد ان
انهيا جولتهما توجها الى المكتب للاتفاق على كل الاجراءات واتفق فارس
وصاحب القاعة على كل التفاصيل وحتى المبلغ الذي يجب دفعه بحضور ياسمين
ودون ان تبدي أي معارضة ..تم كل شيء..

ودفع فارس
العربون الى مدير القاعة واستلم وصل بالمبلغ الذي دفعه وتنفس الصعداء
لانتهاء الأمر بسلام وكانت ياسمين تجلس على المقعد لا تكترث بما يحدث ولا
تعارض...
فنظر اليها صاحب القاعة وابتسم وقال بلغة عربية مكسرة وغير صحيحة:ان شاء الله مبسوطة انت واذا بدك اشي كمان احنا جاهزين...!!

فاعتدلت
ياسمين بجلستها ووضعت ساق على ساق وقالت له بلغة عبرية سليمة وبطلاقة:انا
بدي شوية اشياء صغيرة تسويها اذا ممكن..ذهل مدير القاعة لطلاقة اللغة
العبرية التي تحدثت بها ياسمين وخاصة انه قبل ساعة كان فارس يترجم لها..

فساورت الشكوك مدير القاعة حول الشخصية التي يخفيها الخمار فاكد لها انه جاهز لاي شيء تطلبه...؟

فردت عليه ياسمين وقالت :


اول شيء
اريده هو ان تقطع الكهرباء عن القاعة وعن كل شيء له علاقة بمبنى القاعة
بدءا من المطبخ وانتهاءا بالحمام وان يتم ذلك يوم الحفل من لحظة غروب
الشمس حتى نهاية الحفل وخروج اخر شخص من القاعة وهذا يشمل مدخل المبنى
وموقف السيارات ...

وثانيا :ان
يتم استبدال كل الستائر في القاعة بأخرى تكون قادرة على حجب النور من خارج
القاعة الى داخلها أي انه لا يسمح بانعكاس أي ضوء من خارج القاعة حتى ولو
كان مجرد ضوء سيارة قادم من الخارج...
ثالثا:اشعال شموع في كل انحاء القاعة ومرافقها بدءا من مدخل

القاعة ...أي ان الاضاءة التي ستكون في القاعة ومرافقها يجب ان تكون اضاءة الشموع فقط..

رابعا: ان يتم تزيين القاعة بكل مرافقها بالورود مهما تطلب ذلك من كميات.

خامسا:ان لا
يتواجد بالقاعة تلك الليلة أيا كان وحتى على مقربة منها بمسافة عشرة امتار
وهذا يعني ان يتم تحضير الحلوى والمشروبات والطعام بكافة انواعه ليكفي
لألف شخص مسبقا ...

استمرت
ياسمين بطرح الاشياء التي تريدها من مدير القاعة ان يحضرها ..وفارس مبهور
مما يحدث ..اما مدير القاعة فلا يصدق ما يحدث امامه ولم يكن ليراوده شك ان
التي تتحدث معه عاقلة وانما مجنونة ولكن الطريقة التي تتحدث بها ياسمين
جعلته لا يجرؤ على مقاطعتها.

انهت ياسمين
طلباتها ووقفت واقتربت من فارس وتناولت الحقيبة التي حملها فارس بناء على
طلبها وفتحتها واخرجت منها مبلغ 70 الف دولار وضعتهم على الطاولة امام
مدير القاعة ..وقالت له بالعبرية ايضا:بفكر انو المبلغ هذا بغطي المصاريف
وزيادة وعلشان تؤخذ قد المبلغ هذا بعد الحفل لازم تكون حريص على توفير كل
اللي انا طلبته بدون اخطاء وعلى فكرة خطأ واحد وبكون كل شيء ملغي...

واتذكر مليح
ان واحد فكر ان يقترب من القاعة ويتلصص من باب الفضول انت الي حتخسر...
واذا انا اجيت وجربت اضوي ضو واحد وقدرت انت حتخسر... واذا فعلا انت حاب
تربح نفس المبلغ هذا بعد الحفلة ابدا اشتغل من اليوم ومفش داعي تحكي
هالقصة هاي لحدا علشانك انت وعلشان الضرايب وبعدين علشان ما يصير عند حدا
فضول وهلأ احنا رايحين ومش محتاجين وصل ومفش داعي نسجل المبلغ..

وخرجت
ياسمين وفارس يسير خلفها ومدير القاعة لم يستطيع الوقوف او التحدث فما
يحصل امامه شيء اشبه بالقصص الخيالية والمبلغ الكبير جعله يظن انه بحلم او
ان النقود مزورة او ان هناك كاميرا خفية تصوره .
فارس بقي صامتا حتى استقلا السيارة وقال لياسمين:هل تعلمي انك دفعت نصف ثمن البيت فقط من اجل القاعة.

فردت عليه
ساخرة:مش كثير لو بعرف ان ظروفك المالية بتساعدك كنت طلبت منو يضوي الشارع
كلوا بالشمع بس انا مقدرة وضعك المادي..ومش معقول احملك اشي اكثر من قدرتك
وهلأ لازم نروح ندور على احلى فستان فرح واذا ما لقينا لازم نفصل واحد
تفصيل وانت بتعرف ما فيّ وقت...

فقال فارس: فستان فرح ولونه ابيض..

فقالت ياسمين:آه فستان فرح ولونه ابيض ومش اسود هو انا بدي اتجوز ولا بدي احِدْ

فقال فارس واخذ يشير بيديه ليعبر عما يريد قوله: يعني فستان ،فستان زي ...يعني مش عبايا وخمار ابيض...

ضحكت ياسمين
وقالت : ايش يا حبيبي صحيح انت شفتني زمان مرة او مرتين بس مش معقول انك
انسيت قديش انا حلوة وبؤخذ العقل كمان...وما في اشي اللي انا استحي منه
علشان اخبيه ولا انت الك رأي ثاني.

فقال فارس: لا ابدا ..بس انا قصدت شروط العجوز انو ما حد يشوف وجهك ..؟

فقالت: هاي مشكلة صغيرة لا تشغل حالك فيها انت بس فكر انو الفلوس اللي معك ممكن ما يكفوا ...!

فقال: ليش افكر انا ..فكري انت اذا في اشي كمان بقدر ابيعه.
فقالت: ما هاي هي المشكلة ما ظل عندك اشي تبيعه الا اذا في اشي وانت مخبيه عني يا فارس ..

عاد فارس
وياسمين الى البيت وفي اليوم التالي خرجا للبحث عن فستان زفاف وبعد بحث
طويل احتارت ياسمين بنوع الفستان ولحسم الموضوع قامت بشراء عشرة فساتين
لتفكر لاحقا بأختيار احداهن واستمرت ياسمين بجولتها لشراء بقية الاغراض
وكلما كانت تحتار كانت تقوم بشراء عشرة من النوع الواحد بأشكال
مختلفة...ولم تترك ياسمين شيئا يخص الزفاف او له علاقة به من بعيد او قريب
الا وكانت تشتري اضعافه......

وطلبت من
فارس ان يعد قائمة باسماء المدعويين شريطة ان لا تقل عن الف شخص ولا يهم
ان زادوا وشرطها الأهم هو ان تقوم هي بدعوتهم شخصيا وان لا يقوم فارس
بدعوة أي شخص لتتأكد من حضورهم..فارس لم يستوعب كيف يمكن دعوة مثل هذا
العدد وفي هذا الوقت القصير وكيف يمكن لياسمين ان تدعوهم فسألها عن ذلك
فأجابته بأن لديها طرقها الخاصة وان لا يتدخل هو لتسير الامور على ما يرام
وطلبت ان يقوم باعداد القائمة فورا وان عجز عن توفير العدد فستقوم هي
بأنجاز ذلك...بدأ فارس باعداد القائمة بأسماء المدعويين واخذ يسجل اسماء
من يعرف ومن لا يعرف حتى يستطيع ان يصل الى العدد المطلوب ولولا انه بدأ
بدعوات عشوائية لكان استحال تدبير نصف العدد..

ياسمين لم
تكتفي بذلك بل طلبت منه ان يوفر مواصلات لنقل المدعويين الى القاعة وخاصة
انها بعيدة وحتى لا يتقاعسوا وهذا يعني ان فارس يجب ان يحجز مجموعة من
السيارات والباصات ولم يتوقف الامر عند هذا الحد بل اصرت ان يقوم بشراء
هدايا بمناسبة الزفاف لعدد كبير من القريبات بناء على عادات كانت فقط
متداولة منذ عشرات السنين ولم يكن امام فارس الا ان ينفذ اوامر ياسمين
بدقة وحرفية .

ولم يبقى على يوم الزفاف الا يوما واحدا ليجد فارس نفسه قد افلس من جديد وصرف كامل ثمن البيت في ملاحقة طلبات ياسمين اللامتناهية..

وفي ظل جو
الضغوطات المتلاحقة لم يكن لدى فارس الوقت ليفكر بأي شيء مهما كان نوعه
..وكان من المتفق ان يتم عقد القران الرسمي في مساء اليوم وقد احضر فارس
المأذون والشهود وبناءا على طلب ياسمين لن يحضر عقد القران الا من كان
حضوره ضروريا من اجل الاوراق الرسمية..

وقبل عقد
القران بساعة قالت ياسمين لفارس:فارس حبيب قلبي لا تنسي انو بوثيقة الزواج
تسجل اسمك الحقيقي ..اسمك واسم ابوك واسم جدك واسم عيلتك مش الأسم اللي
بالهوية يا روحي.
فقال فارس
محاولا ان يثنيها عن هذا القرار الذي سبب له الكثير من الاحراج..:هذا مش
ممكن ايش بدك احكي قدام الناس وقدام اخوي ...احكيلهم اني انا ابن الدهري
واني انا مش من عيلتهم وابوي اللي مات هذا مش ابوي وابوي الحقيقي اصلو من
الشام ..
ايش بدي اعمل ...فيهم ..انا والهوية والمكتوب فيها وامي اللي ما صدقت انك نسيتيها هاي القصة ..كيف يا ياسمين وبأي منطق..؟

فقالت:
بمنطقي انا وكيف هاي مشكلتك والهوية بتقدر تزورها وامك اذا حاب ترجع
بذكرياتها علشان ما تتفاجيء انها كانت متزوجة من منير الدهري لما
خلفتك...برجعها.

صمت فارس
ولم يدرِ ماذا يفعل فهذا اخر ما توقعه وما كان يريده ولكن ياسمين لم تكتفي
بذلك وقالت: ومش بس هيك يا حبيبي بوثيقة الزواج حيتسجل اسمي ياسمين بنت
لعنة بنت جورجيت ومش حيكون فيه اسم لأي ذكر .

فقال فارس: ولما المأذون يسالك شو اسم ابوك شو حتقولي له...!
فردت :ححكيلو ابوي واهلي كلهم اسمهم جورجيت او مش لازم يسأل.
فقال فارس: طيب شو رايك يا ياسمين تتنازلي عن هالموضوع هذا علشاني انا وعلشان مش راح يدخل عقلهم.

فقالت: لا
يا حبيبي كل شيء الا هذا هاي وثيقة زواج راح تربطنا ببعض الى الابد ولازم
ينكتب فيها الحقيقية وما تكون مزورة ..انت اسمك فارس منير سالم الدهري
وانا اسمي ياسمين لعنة جورجيت ..صحيح انا ما بلومك انك ما بدك تكتب اسم
عيلتك الحقيقة لانها عيلة وسخة كثير بس انا عيلتي بفتخر فيها كثير كثير..

ووثيقة
الزواج لازم تكون حقيقية مية بالمية ومش ممكن يا حبيبي الدنيا تدور وتلف
وفي يوم من الايام يحبوا بناتنا يدورا على وثيقة زواجنا وعيب كثير حيكون
بحقنا لما يكتشفوا انها مزورة ...ضحك فارس ضحكة المغلوب على امره
وقال:قالوا يا قرد بدنا نسخطك قال بعد هالسخط ما فيّ سخط وبعد اللي صار شو
بدو يصير...

وفي ساعات
المساء حضر الماذون وشرب القهوة وتعرف على الحضور...واخرج الاوراق مستعدا
لكتابة المعلومات وبدأ بطلب هويات العريس والعروس والشهود ..اعطى الشهود
هوايتهم الى الماذون ..وارتبك فارس قليلا ..ومن ثم ابتسم وتوجه الى الغرفة
حيث ياسمين وقال لها:ياسمين تفضلي احكيلي شو اعمل ..؟
الماذون بدوا هويتي وهويتك ...

فقالت ياسمين:هاي المشكلة مشكلتك حلها بطريقتك انت...؟!

ارتبك فارس ولم يعد يدري ما يفعله ..وكيف سيطلب من الماذون ان يسجل بوثيقة الزواج المعلومات التي تريدها ياسمين ..

عاد فارس
الى الغرفة وجلس بجوار الماذون وقال له ان العروس ليست من هذه البلاد ولا
تحمل اية وثيقة فقال له الماذون لا بأس ما دام هناك من سيعرف شخصيتها ولكن
لا بد من احضار اية وثيقة حتى يتم تسجيل هذا الزواج في الدوائر الرسمية
والان قل لي ما اسم العروس فقال له فارس مرتبكا اسمها ياسمين ابنة لعنة
ابنة جورجيت فقال....

 
 

 

عرض البوم صور dali2000   رد مع اقتباس
قديم 10-03-10, 08:32 PM   المشاركة رقم: 39
المعلومات
الكاتب:

البيانات
التسجيل: Sep 2006
العضوية: 13121
المشاركات: 14,020
الجنس ذكر
معدل التقييم: dali2000 عضو ماسيdali2000 عضو ماسيdali2000 عضو ماسيdali2000 عضو ماسيdali2000 عضو ماسيdali2000 عضو ماسيdali2000 عضو ماسيdali2000 عضو ماسيdali2000 عضو ماسيdali2000 عضو ماسيdali2000 عضو ماسي
نقاط التقييم: 4990

االدولة
البلدCuba
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
dali2000 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : راحيـــــل المنتدى : القصص المكتمله
افتراضي

 

فقال له الماذون اريد اسم الوالد والعائلة

فقال فارس
هذا هو اسمها بالكامل ولا يوجد اسم اخر لاضيفه ابتسم الماذون ابتسامة
ساخرة وهو ينظر بوجوه الشهود لعله يجد من يعطيه تفسيرا ولكن كان حال
الشهود كحاله فقال فارس بلهجة عدم رضا وما هو اسمك انت ...؟

التفت فارس
باتجاه امه واخوه وبقية الحضور وصمت قليلا ولم يدر ماذا يقول فاعاد
الماذون السؤال عليه مرة اخرى فقال سجل انا اسمي فارس منير سالم الدهري
ذهل الحضور مما يقوله فارس ولم يفهموا لماذا غير فارس اسم عائلته الحقيقية
ومن اين اتى بهذا الاسم ..ولاحظ الماذون الذهول والاستغراب والتساءل
البادىء على وجوه الحضور وشعر بان شيئا ما لا يسير على ما يرام وطلب هوية
فارس فرد فارس عليه بأنه سيحضرها فيما بعد...

توقف المأذون عن الكتابة وقال ساخرا :>وهل هناك عروس اقصد اين ياسمين لعنة جورجيت ..؟"

فقال فار س
انها بالداخل فقال المأذون وهل من الممكن رؤيتها ..فرد فارس بعفوية مستحيل
فرمقه المأذون بنظره ولكن فارس ادرك ما قاله وقال نعم ولم لا سأناديها
بالحال..

توجه فارس الى ياسمين وقال لها: الامور مخربطة وباين على الماذون انو مش حيرضى يكتب الكتاب وهلا تفضلي الماذون حابب يشوفك .

فضحكت ياسمين وقالت بلهجة ساخرة :مالك يا حبيبي مرتبك زي اللي سارق اشي ،شو انت بتعمل اشي غلط والا انت عم تكذب.
فقال
فارس:ياسمين مشان الله خلي اليوم يمشي على خير لا المأذون راح يقتنع في
اللي بصير ولا اهلي ولا الناس اللي بره ..لو انت شفتي وجوههم لما قلت
للمأذون شو اسمي واسمك.

فقاطعته
ياسمين وقالت: انت ما حكيت اشي كذب والناس الي بره ما يهموني وعلى كل حال
اذا مش عارف تمشي الامور اطلب مساعدتي وانا بساعدك...

فابتسم فارس بمرارة وقال : ساعديني يا ست ياسمين ..؟

فقالت :طيب
روح نادي السيد المأذون لهون..خرج فارس وعاد بصحبة المأذون الى الغرفة حيث
تجلس ياسمين وارتبك المأذون حينما رأى ياسمين وارتبك اكثر حينما حدثته
ياسمين بلهجة الامر واخذت تملي عليه ما يفعل ولم تمر دقائق حتى خرج
المأذون وجلس ونادى على الشهود وطلب توقيعهم على الوثيقة وتمت الامور
وصافح الجميع ..وخرج من المنزل وهو يبتسم وكأن شيئا لم يحدث ..

وما ان خرج
المأذون من بوابة البيت حتى انهال الحضور على فارس بالاسئلة واستطاع فارس
ان يقنعهم ان كل ما قاله للمأذون هو مزح بمزح وانه قام بعد ذلك بتصحيح
المعلومات للمأذون واعطائه الوثائق اللازمة ..وفي هذه الاثناء دخلت ياسمين
الى الحضور فقالت لها ام فارس: شايفة يا ياسمين مزح الاستاذ فارس البايخ
واللي عملو بالمأذون..!!؟

فقالت ياسمين: هذا فارس وبحب يمزح بس صعب تميزي مزحه من جده ..ومش بعيد يطلع فعلا اسم ابوه منير الدهري ..
فضحكت ام فارس والحضور ظانين ان ياسمين تسخر من فارس فيما قالته..

انتهي ذلك اليوم الذي لن ينساه فارس ولا الحضور بسلام.
وفي صباح
يوم الزفاف لم تيقظ ياسمين فارس كعادتها كل يوم حتى استيقظ فارس لوحده
وحين علم ان الساعة الحادية عشرة جن جنونه فهو بحاجة لكل دقيقة هذا
اليوم...

فاستغرب ان
ياسمين لم تيقظه وحينما خرج وجد ياسمين وامه يتبادلان الحديث والمزاح مع
احدى قريبات فارس ..نظر فارس اليهن...وقال في سره سبحان الله كيف تحولت
ياسمين الى اغلى واهم شيء في حياة امه فكل ما تفعله ياسمين وتقوله هو
الصحيح ولم تعد امه على استعداد لابداء اية ملاحظة حتى ولو كانت صغيرة ما
دام الأمر يتعلق بياسمين.

رأت ياسمين
فارس واقفا فوقفت واقتربت منه وقالت له: شو يا حبيبي ليش فايق بكير طيب ما
دمت صحيت خليني احضرلك الفطور..توجه فارس الى الحمام وهو يتمتم بصوت يكاد
يكون مسموعا...هاي بدها تجنني ...هاي بدها تطير عقلي اليوم عرسنا ولا مش
اليوم طيب ليش مش مهتمة يمكن بطلت ..يمكن غيرت رأيها ولا يمكن انا بفكر
انو اليوم اليوم ..واليوم هو مبارح وبفكروا اليوم ويمكن الدنيا مش الصبح
وانا بفكر الدنيا الصبح.

وعاد الى
ياسمين وقال لها:ياسمين بدي اسألك سؤال هلأ الدنيا نهار ولا ليل ..فقالت
ياسمين: لا يا حبيبي الدنيا الصبح وانا عم بحضرلك الفطور..!

فقال: طيب شكرا...

وعاد فارس
ليغير ملابسه وهو ما زال يحدث نفسه ومن ثم توجه لتناول الافطار ليس لانه
يريد ان يتناول الافطار بل لان ياسمين تريده ان يتناول الأفطار وبعد ان
انتهت قال لها: احكيلي اليوم عرسنا ولا مش اليوم.
فقالت: شو هالحكي يا فارس في واحد في الدنيا بينسى يوم عرسه اكيد اليوم يا حبيبي ..

فقال: طيب ليش انت مش باين عليك انك مهتمة وليش ما فيقتيني بكير مثل كل يوم..

فقالت بدلع:معقول يا حبيبي ازعجك وعلشان شو ..علشان عرسنا ..ولو انا عندي ذوق ..

فقال: طيب ما ظل وقت وفي مية شغلة لازم نسويها...

فقالت:طيب انا جاهزة يالله نطلع ..

فسالها :على وين..

فقالت:نطلع نتجوز يا حبي ولا انت انسيت..!!

فقال:طيب امبارح احنا اتجوزنا..وكتبنا الكتاب

فقالت :صحيح امبارح كان على طريقتك وهلأ لازم نطلع نتجوز على طريقتي ..امبارح كان مأذون واليوم لازم نروح عند الخوري..

خرجت ياسمين
وفارس وتوجها الى احدى الكنائس ولم يكن فارس يتوقع ان تسير الامور بهذه
البساطة وهو يعلم انها غاية بالتعقيد ومليئة بالشكليات ولكن ياسمين تدبرت
الامور بطريقة لا تصدق او انها اعدتها مسبقا بطرق غامضة وغريبة..

وتم الزواج
..وقاربت الساعة الرابعة بعد الظهر فقالت ياسمين: فارس حبيبي انت عريس
اليوم ولا تزعج نفسك بأي اشي انت روح على الصالون ..

وهيّ ملابسك
بالسيارة ورا وما في داعي ترجع على البيت وانا حرتب كل شيء المواصلات
والسيارات وكيف سيصل المدعوون الى القاعة وكيف اهلك كمان ييجوا بدون غلبة
وحروح كمان اتفقد امور القاعة واستقبل المدعويين مع اني رتبت كل شيء بس
لازم اتأكد مرة ثانية..فقال فارس محتجا: ان هذا الامر لا يجوز فانت العروس
..كيف ستستقبل المدعويين..

ومن العيب
ان تقومي بهذه الاجراءات وخاصة انه لم يتبق على الحفل الا ساعات
قليلة..فارادت ياسمين ان تحسم الموضوع فتحدثت بطريقة حازمة ..

فارس
الموضوع منتهي وما في مجال للنقاش انت بتروح ترتاح وبتغير اواعيك في أي
مكان ولا تروح هون او هون والساعة سبعة بالضبط بتلاقيني على الباب الخلفي
للقاعة اللي اتفقنا ندخل منه مع بعض ولا تخلي حد يشوفك وانت جاي علشان
ندخل مع بعض انا حستناك الساعة سبعة بالضبط ولا تفكر تروح على البيت او
تمر حتى من حارتكم..
وطلبت منه
ياسمين ان يوقف السيارة وان يأخذ شنطة ملابسه التي اعدتها بنفسها ويستقل
أي تكسي لتأخذ هي السيارة للتأكد من ان كافة الاستعدادات تسير كما رتبت
لها..

اوقف فارس المغلوب على امره تاكسي واستقله وذهب ليفعل ما طلبته منه ياسمين ..
اما ياسمين
فقادت السيارة وتوجهت مباشرة الى القاعة لتجد مدير القاعة في انتظارها على
احر من الجمر وما ان رأها حتى هرع لاستقبالها ومجاملتها وكان على استعداد
لان يبذل المستحيل لينال رضاها وبعد جولة تفقدية قام بها معها في انحاء
القاعة لتتأكد ان كل شيء على ما يرام ...

ابدت ياسمين
عدة ملاحظات ووعدها انه سيقوم فورا بتنفيذها واتفقت معه على عدة امور
جديدة ومن ثم رافقها مدير القاعة حتى باب السيارة وبعد ان ودعها وسار عدة
اقدام نادت عليه ياسمين من شباك السيارة ...فأقترب منها مهرولا وقالت له
باللغة العبرية ..

اسمع يا
رافي بكره الصبح لما تطلع الشمس اذا كنت حاب تقدر تشوفها بعينيك طلع
الفكرة الي برأسك ولا تفكر باشي ما بخصك واستقلت ياسمين السيارة ..وبقي
رافي مدير القاعة متجمدا مكانه وقد اصفر وجهه واعتراه خوف شديد نفذ الى
اعماقه واخذ يتلو مجموعة من الصلوات ويدعوا الله ان تمر هذه الليلة على
خير..وخاصة ان ياسمين استطاعت ان تعرف ما يفكر به.

وبعد ساعات
وفي تمام الساعة السابعة مساءا وصل فارس الى الباب الخلفي للقاعة الذي تم
اعداده وتزينه ليمر منه العروسين في طريقهم الى المكان المخصص
بالقاعة..اقترب فارس من الستارة السوداء الاولى التي اعدت لتحجب النور
المنبعث من خارج القاعة ..

فازاحه بيده
ووجد نفسه امام ستارة سوداء اخرى حيث وجد نفسه بين ستارتين وقف هناك بناء
على طلب ياسمين حتى تحضر اليه وما هي الا دقائق حتى سمع صوت ياسمين تناديه
بأن يمر عبر الستارة ..

ازاح فارس
الستارة السوداء لتنبعث عبر الممر روائح عطور وبخور ويرى نور الشموع
المصطفة على جانبي المدخل وما كادت عيون فارس تتأقلم مع نور الشموع الباهت
ويستطيع الرؤيا حتى راى..ياسمين واقفة في نهاية المدخل وقد ارتسمت على
شفتاها ابتسامة ..

وقف فارس
مشدوها بما يرى وكأن عقله قد توقف عن التفكير ولم يعد قادرا على اصدار
الاوامر لقدميه لتسيرا بإتجاه ياسمين التي فتحت ذراعيها لاستقباله ..وما
بهت فارس هو رؤيته لياسمين بثوب الزفاف الابيض...كحورية من حوريات الجنة
..وقد ارتسمت على شفتاهها ابتسامة عريضة ناعمة .....

لم
يتحرك فارس من مكانه خشية ان يرفع بصره عنها او انه يخشى ان يكون بحلم قد
يصحو منه ..اخذ قلب فارس يدق بسرعة ولم يتحرك من مكانه برغم ان ياسمين
اشارت اليه اكثر من مرة ان يتقدم نحوها ..

الا انه لا حياة لمن تنادي فما كان من ياسمين الا ان اقتربت هي منه وهزته من ذراعه..
وقالت له: مالك ..لا تنجن هلأ ولا تسطل
فنظر اليها وقال: ياسمين انا ما بحلم صحيح..

فقالت: لا انت ما بتحلم وهلأ لازم نتحرك ..لا تخربطلي النظام الّي انا "مجهزتو لهليوم ".
فقال: طيب حندخل هلأ الناس كلهم حيشوفوا وجهك والعجوز حذرتك انو ما حد يشوفك الا بعد ما تخلفي بنت..

فقالت :فارس حبيبي هاي مشكلتي مش مشكلتك وهلأ يالله قبل ما الترتيب يخرب.

امسك فارس بذراع ياسمين واستعد للدخول ..فمالت ياسمين برأسها على اذن فارس
وهمست وكأنها لا تريد ان يسمعها احد وقالت :فارس خليك طبيعي ولا تهتم
بوجود حد

اراد فارس التقدم نحو القاعة ولكن ياسمين قالت له: استنى اشوي بعد دقيقة
بندخل.. دقيقة مرت ودقت موسيقى ترحيبية بدخولهم مصاحبة لاغنية بكلمات
جميلة متناسقة بالكاد تكون مفهومة...وسار فارس يتأبط ذراع ياسمين على دقات
الموسيقى حتى وصلا الى المكان المخصص لهما في وسط القاعة المليئة بآلاف
الشموع المضاءة بكل مكان ووسط جو من البخور والعطور والاف الورود التي
ملأت القاعة واصطفت على طريق مرورهم ..وفي هذه الاجواء لم يكن فارس يستطيع
ان يرى الا ياسمين الذي ما زال لا يستطيع ان يبعد عينيه عنها ولو للحظة
مبهورا بجمالها ...تحولت الموسيقى من دقة الزفة الى موسيقى هادئة اعدت
لرقصة العرسان مسبقا ووضع فارس يده على خصر ياسين وامسك بالاخرى وضمها
اليه واخذ يتمايلان على انغام الموسيقى ليشعر فارس كلما دارت ياسمين ان
الدنيا كلها تدور فيه.. همست ياسمين في اذن فارس فقام فارس بتناول كأسين
أعدا على الطاولة امامهم مسبقا فتناولاهما معا ..
وبقي مشدوها مبهورا بياسمين...

وبلفتة عين جاءت عفوية بأتجاه الموائد من فارس تبعتها تحديقات والتفاتات
وبحث في القاعة الواسعة الكبيرة رأى فارس ان كل الموائد مضاءة بشموع
ومليئة بالمشروبات والحلويات والأطعمة ولكنه تفاجىء بعدم وجود اي شخص في
القاعة ، حتى ان فارس ولهول المفاجأة انحنى لينظر تحت الموائد لعل
المدعويين اختبأوا وايقن انه لا يوجد في هذه القاعة الكبيرة الواسعة سوى
هو وياسمين واجهزة موسيقية تعمل اتوماتيكيا ...ضحكت ياسمين وتردد صدى
ضحكتها في انحاء القاعة المغلقة بإحكام والخالية من البشر ووقف فارس ينظر
اليها ولا يدري ايضحك معها ام يبكي..

وقال :شو بصير يا ياسمين شو بصير يا ياسمين ..

فقالت:شو يا حبيبي في اشي مش عاجبك ..!!

فقال: وين الناس وين..?

فقاطعته وقالت: شو يا حبي انت ما بتغار عليّ بدك حد غيرك يشوف وجهي معقول
انت ما عندك دم ولا بدك البس خمار وعباي يوم عرسي علشان الناس يقولوا انه
فارس متجوز قردة علشان هيك مخبيها...فقال فارس: وكل هالمصاريف وهالغلبة مش
على شان يكون في ناس ومدعوين ..واهلي يحتفلوا معنا ..

فقالت ياسمين: فارس اطلع على كل الطاولات وشوف اذا امي موجودة على واحدة
منهن ...اخذ فارس يتلفت ويبحث بعيونه وكأنه يتوقع رؤية ام ياسمين وقال
لها: مش شايف ..

فقالت:طيب اطلع على كل الطاولات وشوف اذا كانت اختي وردة موجودة على واحدة منهن..!؟
فنظر فارس بسرعة وقال: لا مش شايفها .

فقالت:طيب يا حبيبي بتعرف ليش علشان امي واختي ما بقدروا يحضروا عرسي واذا
امي واختي...مش موجودين مين حيهمني يكون موجود اذا كان واحد ولا الف
حيهمني اهلك ولا اصحابك ولا اقاربك كلهم يا حبيبي ما بيسوا عندي بسمة
صغيرة من امي في يوم مثل هذا وامي مش عم تقدر تبتسم .
فقال :طيب ليش كل هذا وليش داعينا الناس ..!؟

فقالت: ما حدا دعا حدا يا حبيبي ولا بتفكرني فاضية اشغل مخي بدعوة الناس ،
واطمئن ما حد بعرف بهالحفلة الا اذا انت داعي حد من وراي فهاي مشكلتك..اما
ليش هالغلبة ...يا حبي علشان اليوم عرسي ولا تقلبلي اياه نكد وخليني
مبسوطة ومن حقي اشعر انك عملت لي اشي على مستوى بتحلم فيه أي بنت بتتجوز
لاول مرة بعمرها وكمان علشان ما اشعر اني ناقصة عن الناس وبدك احلى من هيك
عرس يا فارس والله ما حلمت فيه حتى بأحلامك وعمرك ما راح تنساه الا اذا
قلبك وجعك على اللي دفعته وخسرتوا ..اطلع في حبيبي مليح وشوف اذا انا
بستاهل ولا ما بستاهل..

نظر اليها فارس وابتسم وقال من كل قلبه: مجنونة والله العظيم مجنونة بس بحبك وبموت بجنونك..

اقتربت ياسمين وحضنت فارس وقبلته وهي تضحك سعيدة واستمر العناق لعدة دقائق
وفجأة سالت عدة دمعات من عيني ياسمين وسارت عدة خطوات وحملت احدى الشموع
بكلتا يديها ووضعتها في وسط القاعة وجلست على ركبتيها امام الشمعة واخرجت
وثيقة الزواج ووضعتها بجانب الشمعة وبدا الحزن على وجهها وانهمرت الدموع
من عينيها ..ولا مس شعرها الطويل الارض وكانت تمسح بكفيها الدموع وهي تنظر
باتجاه الاف الشموع المضائة بارجاء القاعة .....وكان ما دفعها للبكاء انها
لمحت عشرات الشموع قد اطفأت ..فقالت بصوت عالي تخاطب الشموع والدموع ما
زالت تسيل من عيونها ..

نورنا وعهدنا وطريقنا انت يا جورجيت
ضويت كل هالشموع لألك
ومش لألي كل شمعة
بتحكيلك انو ما نسينا
ولا راح ننسى عهدك
كل شمعة بتذكرنا
بدمعتك وبندري انو شموع
الدنيا ما بتضوي عتمتك

يا جورجيت وجهك
ما شفناه وآلمك اعرفناه
يا جورجيت انا حفيدتك وهذا حفيد عدوك والزمن رجع والوثيقة انكتبت باسمك
واسم عدوك فيها ....والتاريخ نفس التاريخ واسمك فخر واسم عدوك عار ومشان
اسمك الدهري دفع كل شيء وما عاد من نسلوا حدا بيملك شيء ..
دموعك وحسرتك ذاقوها..واسمك ظل وحيظل ..واسم عدوك ما ظل منو شيء ..عهدك
لبنتي ححفظو..واسمك ححملو لبنتي ..واسمك الاول وعدوك الاخر ..وحفيد عدوك
دخل عتمة القبر..وهرب من القبر لانك سمحتي ..كان بايدك تعتميه العمر كله
..بس انتي اللي تركتيه ..
يا ستي وين ما كنت اذا كنت بتسمعيني ساعديني ..ابن الدهري حبني من غير ما
يشوفني والنذر اكتمل والعهد انصان..واثناء حديث ياسمين بدأت الشموع تنطفىء
الواحدة بعد الاخرى بطريقة غريبة..حتى انطفأت نصف الشموع ..ايقنت ياسمين
ان الشموع تنطفىء واحدة تلو الاخرى ..فأمتقع لونها ووضعت كفيها على وجهها
واجهشت بالبكاء ..وبصوت مسموع وبألم وحسرة وضعت رأسها على الارض ولم تعد
تنطق بكلمة ..
لم يحتمل فارس بكاء ياسمين بهذه الطريقة ولم يتمالك نفسه وأخذ يبكي معها
واقترب منها وحاول ان يرفع رأسها عن الارض الا انها بقيت ملتصقة بالارض
مجهشة بالبكاء بألم وحسرة ..حاول فارس وحاول وشعر ان ما يحدث لياسمين هو
بسبب انطفاء الشموع الذي يشير بأن جورجيت غير راضية وقف فارس والدموع
بعينيه متأثرا بشدة لما ألم بياسمين.
واخذ ينادي باتجاه ما تبقى مشتعلا من الشموع: يا جورجيت انا ما عرفتك
صغيرا ولا عرفتك كبيرا وانا ما عرفت انو انكتب علّي احمل ذنب ابو.. وجد..
وقريب وما صدقت انو دمي من دمهم..ما عرفتك بس بكيتك..وكرهت اصلي وحبيتك
وحبيت بنت بنتك وحبيت اسمك ..الدنيا كلها ..كلها ظلمة ان ما كانت فيها
..حبيتها من غير ما اشوفها ورضيت اظل العمر اشعر فيها وما اشوفها ولو
خيروني معها لاعيش بقبر وبدونها كل حياتي قبر..هي طلعت من العتمة وكانت
الّي النور وان كان حكمت علي اعيش بعتمة وهي معي فأنت حكمت علي اعيش
بالنور ..دموعها نار بتحرقني ..ارحم الي اعيش عمري كلوا في القبور ...وما
اشوف دموعها... يا جورجيت القبور والخوف والألم حتى الموت ما كان ممكن
يعذبني وهلأ بحكيلك ان كنت بتسمعيني وبحكيلها انو فراقها لحظة هو اليّ كان
يحرقني وتفكيري كل لحظة اني ممكن افقدها كان يعذبني..يا جورجيت ان نكتب
علّي احمل ذنب سيدي انا جاهز اعمل الي بدك اياه ..انا جاهز ادفع ثمن ذنب
مجرم ما عرفتو ..كل شيء ممكن احتملو الا الدموع "بعيونها" بشوفها بالليل
والنهار نار بتحرقني...بكل لحظة عرفتها حبيتها...انا حبيتها وهي بتكرهني
...انا حبيتها وهي بتعذبني ..انا حبيتهاوهي بتحبني..يا جورجيت ان كنت
بتسمعيني ...
وتعب فارس من مخاطبة الشموع وجلس بجانب ياسمين محاولا ان يهدئها..واستطاع
ان يرفع رأسها عن الارض ويضمها الى صدره بقوة لتمتزج دموعهما معا وكأنها
دموع شخص واحد...وعيونهما بأتجاه الشموع ...عادت الشموع تشتعل بطريقة
غريبة الواحدة تلو الاخرى وبسرعة كبيرة حتى عادت واشتعلت جيعها...وقفت
ياسمين محدقة بالشموع وما زالت اثار الدموع تملأ عينيها ..ووقف فارس الى
جوارها ومن بعيد ومن خلف الشموع ظهرت فتاة ترتدي الأبيض ويشع من وجهها
النور وشعرها مسترسل على كتفيها..حتى لحظة ظهورها كان فارس يظن ان ياسمين
هي اجمل من خلق الله ولكن ما رآه لا يمكن لعقل وفكر ان يوصفه وما بهر فارس
وحتى ياسمين ان الشبه كبير بينها وبين ياسمين...ياسمين لم تكن اقل مفاجأة
من فارس ..الا ان الفرحة الممزوجة بالخوف قد بدت على وجهها ..لم تتحرك
ياسمين من مكانها الا حينما ارتسمت على شفاه الفتاة ابتسامة كأنها دعوة
لياسمين ان تقترب منها ..سارت ياسمين بسرعة باتجاهها وانحنت ولمست بيدها
قدمها وقبلت يدها حيث لمست ..وهمت ان تحضنها في لحظة الا انها عادت الى
الخلف من جديد وكان احدا طلب منها ذلك او انها فهمت ان ذلك ليس بأمكانها
وشبكت يديها ببعض وضمتهم الى صدرها بقوة وعادت ووقفت بجانب فارس ولم تزح
نظرها ولو للحظة واحدة عنها وقالت ياسمين والدموع تترقرق في عينيها:
ستي جورجيت انا...لم تكمل كلمتها فقد اشارت جورجيت بيدها مع ابتسامة ففهمت
ياسمين انها يجب ان تصمت ...خيم جو من الصمت لعدة دقائق لم يتكلم احد ولكن
الابتسامة الممزوجة بدموع من طرف فارس وياسمين والابتسامة والنور المشع من
وجه جورجيت اضاف الى الجو نوع من الدفيء ..ونظرت اليهم جورجيت نظرة مليئة
بالمحبة والحنان مصحوبة بابتسامة دافئة وقالت لياسمين:
مبروك يا جورجيت
وسمي بنتك ياسمين
والنار انطفت والوثيقة احفظوها
والقديمة مع مولد ياسمين احرقوها
واحكوا للناس انو لعنة المظلوم نار
وقوة البشر ما بتطفيها
وتحرق جيل بعد جيل
لييجي جيل بالحب ينهيها
واستدارت جورجيت الجدة وسارت بخطى واثقة مبتعدة من حيث اتت وبقيت عيون
فارس وياسمين تتبعها حتى توارت عن الانظار..وقفزت ياسمين باتجاه فارس
وتعلقت به وهي تضحك وتبكي في نفس الوقت ..ومدت يدها الى وثيقة الزواج
وحملتها وضمتها الى صدرها ...وامسكت بيد فارس كطفلة صغيرة وركضت باتجاه
مدخل القاعة ثم توقفت للحظة وكأنها تتذكر شيء ثم ركضت باتجاه المدخل
الخلفي وحملت بيدها حقيبة صغيرة وركضت مرة اخرى باتجاه فارس وامسكت بيده
وركضت بسرعة باتجاه المدخل...خرجت منه عدة خطوات ونظرت للخارج فانهمرت
الدموع من عيونها وعانقت فارس بقوة وسحبته بسرعة باتجاه السيارة ...لمحت
بعينها مدير القاعة رافي ..يقف على بعد اكثر من ثلاثين مترا يحدق بها هو
ومن حوله من العاملين في القاعة وكأنها ملاكا بثوب ابيض هبط من السماء
..ضحكت وتركت يد فارس واخرجت من الحقيبة مغلف وركضت باتجاه مدير القاعة
وناولته اياه بسرعة وابتسمت له بخجل حينما شعرت انه يتسأل ...هي او ليست
هي..وركضت وعادت الى فارس ..
صعدا السيارة واوقعت ياسمين المفاتيح على الارض اكثر من مرة من شدة
الارتباك التي هي فيه...واسرعت بالسيارة تنظر الى فارس وهي تضحك وتبكي
وتمسح دموعها فتضحك وتعود الدموع تنهمر من عيناها من جديد.
ساعة وهي مرتبكة والصمت يخيم على الاجواء فلا احد يكلم الاخر واوقفت
السيارة بجانب هضبة وامسكت بيد فارس واخذت تصعده بسرعة وهي تجر فارس خلفها
ووقفت واخذت تنادي بأعلى صوتها وردة ..وردة..وردة..ويتردد صدى صوتها وتنظر
بكل الاتجاهات ...وبعد عشرة دقائق عادت وصعدت الى السيارة وقادتها لمسافة
مئات الامتار واوقفتها وخرجت منها ووقفت بجانبها ...وبعد خمس دقائق ظهرت
امرأة مقنعة بالخمار والعباءة واقتربت من السيارة وركضت باتجاه ياسمين
...وياسمين ركضت بأتجاهها وكل منهما تنادي بأسم الاخرى"ياسمين...وردة".
فقالت ياسمين لوردة: شفت ستي جورجيت يا وردة شفتها..!

واقتربت الام لعنة حيث خرجت من المكان الذي خرجت منه وردة وهي ترتدي الخمار وحضنت ابنتيها ياسمين ووردة ..
وردة التي ما زالت ترتدي الخمار وياسمين بثوب زفافها الابيض..
وبعد دقائق من الدموع والضحك ..
قالت ياسمين مخاطبة امها: ماما احنا هسه حنسكن مع بعض..؟!
ابتسمت لعنة ام ياسمين ووردة
وقالت: انا
واختك حنطلع على الشام نزور قبر ستك جورجيت ولما نرجع ..اختك وردة بتقدر
تخلع الخمار وبتقدروا تكونوا مع بعض على طول وتعيشوا وين ما بدكم ولا
تخافوا من شيء ..
ستك جورجيت
مش راح تنساكم...وانتو عارفين محلي مليح وراح اجي ازوركم كل وقت ومش راح
تقدروا تزوروني وان احتجتوني بتعرفوا كيف تنادوني وانتو بتعرفوا يا بنات
عمر المسافة ما قدرت تبعدنا عن بعض ..وبوصيكميا بناتي ديروا بالكم من عيون
الناس انتن احلى بنات الدنيا وعيون ونفوس الناس ما بترحم الخمار اكثر منوا
نذر كان يحميكن من عيون الناس ولا تنسن انو جمال ستكن جورجيت كان سبب
عذابها وبوصيكن كل وحدة قلادتها معها بترد عنكن كثيرولا تتركنها ليل ولا
نهار وان واحدة ضاعت قلادتها بسرعة تظل مع اختها ولا تبعد عن عينها ..
حبكن لبعض بيحميكن ..وان كانت بعيدة عنها تتخبى عن عيون الناس وان ما قدرت تشوف اختها ترجع بسرعة للخمار..لحد ما توفر قلادة غيرها..
استمرت لعنة ام ياسمين ووردة توصيهن وتحذرهن من عيون الناس ...والتفتت لعنة الى فارس واقتربت منه
وقالت له:
انا لا اكرهك وربما صعب على قلبك ان اتصور ان حفيد سالم الدهري اصبح زوج
ابني وربما انا بحاجة لبعض الوقت لاتقبل هذه الحقيقة ...
ياسمين
واختها لم يعرفن جورجيت ولم يرونها الا هذا اليوماما انا فقد عشت معها
وتجرعت الآمها وانا الوحيدة التي لا اعرف لي ابا وربما كان جدك سالم هو
ابي وربما تكون انت ابن اخي كل ما عرفته يا فارس عن جرائم عائلتك هو
القليل الذي تعرفه ياسمين ولكن هناك جرائم كثيرة ارتكبت بحقنا ...حتى
ياسمين واختها لا يعلمون بها..
لا ادري كيف استطاعت جورجيت ان تسامح ..
لم اكن اظن
انها يمكن ان ننسى ما دام ذكره واحد من عائلة الدهري على وجه الارض
..وربما ان دموع ياسمين ووردة اطفئن النار المشتعلة وربما سامحت من اجلهن
وربما لانك احببت ياسمين فعلا ..ساحتاج الى وقت كثير حتى انسى ..نعم ان
سامحت جورجيت فانا اسامح ولكن الوقت هو الكفيل على ازالة ما في قلبي ..
اليوم انت
زوج ابنتي وانا اتمنى من كل قلبي لكما السعادة والتوفيق يا فارس احرص على
ياسمين ولا تنسى انك زوجها وانه يتوجب عليكحمايتها من كل شيء حتى من نفسها
...
يا فارس
ياسمين برغم عن كل ما عرفته عنها الا انها بحاجة الى من يحبها ويعتني بها
ويحميها واحرص من نار الغضب المدفونة باعماقها والتي ترسبت طوال السنين
الماضية ...
حتى لا تثور
وحتى لا يعمل الوقت على اطفائها ...تعلم كيف تتعامل مع عنادها ...فعنادها
جنون ان وقفت بوجه ثار وان تجاهلته تحول الى اعصار واكثر ما اوصيك به هو
ان تحرق عليها ممن حولها وعلى من حولها منا فهي قادرة على حب الناس بجنون
ولا يمكن ان نبدأ بأذية احد وان قابلها احد بأذي ...
فلن ترتاح حتى تردها عليه..واذيه ياسمين ربما لاتكون بعدها اذيه...والمشكلة انك لن تستطيع ان تعرف ما هو الخطأ الذي (؟؟)
ومدت لعنة
يدها وصافحت فارس مصافحة لم تخلو من الفتور وودعت ياسمين وكذلك فعلت وردة
بعد ان اتفقت معها على الكثير من التفاصيل للمستقبل بعد عودتها من الشام

وعادت لعنه
بصحبة ابنتها ورده من حيث أتت وحينما وصلن جلسن بجانب العجوز البيضاء
واخذت العجوز تداعب بأصبعها شعر ورده وقد ارتسمت على شفاهها ابتسامة ناعمة
وقالت لورده ممازحة اياها : ترى اية اصابع ستداعب هذا الشعر في الغد
القريب ..
فقالت ورده
:اولا تعلمين يا خاله من سيكون ..فردت العجوز : كلا يا ابنتي فلا اعلم
الان ولكن ربما علمت في المستقبل بعد ان تقضي مدة في النور من سيكون زوجا
لك
فقالت ورده
والدموع تترقرق في عيونها : يا خاله لقد قالت امي انه بعد ان اخرج لاعيش
مع اختي ياسمين لن استطيع الحضور الى هنا من جديد فكيف ساراكما يا خاله
انا محتاره ..فلا اريد ان اترك اختي لوحدها ولا اريد ان افقدكما فانتما كل
شيء لنا ..
فقالت بعد ان ضمت ورده اليها : نعم يا ابنتي حياتك اصبحت في الخارج وليست هنا ..
اللعنة
انتهت وبعد مئة عام سامحت جورجيت ..ويجب ان تكوني سعيده لان جورجيت قد
ارتاحت وفي الغد ستكتشفي يا ورده بانك لست بحاجه الى هذا المكان من جديد
وامك لن تترككما وستحضر لزيارتكما بين الحين والاخر ..اما انا فسأكون لكما
ذكرى ليس اكثر..يؤلمني فراقكن ولكن هذه هي الحياة ويجب ان تستمر.
فقالت لعنه
بعد ان مسحت عدة دمعات سقطت على وجنتيها وهي تستمع للحديث الذي يدور بين
ورده والعجوز : متى سنذهب يا خاله لزياره قبر "امي جورجيت" ...
فقالت العجوز : في الغد يا ابنتي سأصحبكن معي الى هناك والان اذهبن للراحة فغدا امامكن رحلة طويلة وشاقة.
وفي صباح
اليوم التالي توجهت لعنة وابنتها ورده بصحبة العجوز الى الشام ومرت ساعات
طويلة وهن يسرن بطرق كانت معظمها تحت الارض .. حتى وصلن في فجر اليوم
التالي الى بقعة جرداء انتشرت فيها مجموعة من القبور القديمة مبعثرة بلا
ترتيب..
ومن بعيد رأن على احد القبور شمعه مضاءة وتجلس بجانبها امرأة تبكي ..
فقالت لعنه
للعجوز ..او ليس هذا قبر امي يا خاله ..فقالت العجوز نعم هو قبر جورجيت
لقد طلبت هي ان يسمى هذا القبر على اسمها فهنا دفنت عائلة الشامي امها
وابيها ولهذا طلبت جورجيت ان يسمى هذا القبر على اسمها.
فقالت ورده : لا افهم يا خاله ماذا تقصدين بأنها طلبت ان يسمى على اسمها او ليست هي من دفن هنا...
قاطعتها
امها لعنه وقالت: لا تقولي ذلك ولا تسألي ..فقالت العجوز بعد ان امسكت بيد
ورده : نعم يا ابنتي من الافضل ان لا تسألي فهناك امور كثيرة لن
تفهميها..فقالت لعنه للعجوز:ومن هي هذه المرأة الجالسه بجانب القبر يا
خاله .
فقالت العجوز : لا اعلم يا ابنتي فربما هي احد زوار هذا القبر ..
مرت نصف ساعه وهن ينتظرن ذهاب المرأة من جانب القبر ولكن هذا لم يحدث ..فتقدمت ورده ولعنه بأتجاهها ..
وسألت الام لعنه المرأة بهدوء:ماذا تفعلي في هذه الساعة المتأخره من الليل بجانب هذا القبر ولماذا تبكي ..
رفعت المرأة
رأسها واثار الدموع ما زالت في عينيها..وبعد ان تفحصت لعنه وورده بعينيها
قالت : جئت ارجو صاحب هذا القبر ان يساعدني في شفاء ابنتي الوحيده ..وانتن
ماذا تفعلن هنا هل جئتن تسألن صاحب القبر شيئا
فقالت لعنه للمرأة بفضول : وهل تعلمين من يكون صاحب هذا القبر ..
فقالت المرأة: نعم انه احد الرجال الصالحين الذي دفن هنا منذ مدة
طويلة وكل من مر رأى الشموع مضاءة على قبره.
فقالت ورده غاضبه: ومن قال لك هذه الاكاذيب .
فردت عليها المرأة بغضب :استغفري الله يا ابنتي ولا تقولي اكاذيب فهذا القبر قد ساعد الكثيرين .
فقالت ورده : يا خاله انت صادقه وما تقولينه صحيح هل ذهبت وتركتينا بجانب هذا القبر قليلا ..
فقالت المرأة :كلا لن اذهب قبل ان يتحقق طلبي ..

فتأففت ورده وقبل ان تنطق بكلمه سحبتها امها لعنه وعادت بها حيث تجلس العجوز بعيدا..
وحينما وصلت لعنه للعجوز قالت لها : ان المرأة ترفض الذهاب من جانب القبر.
فقالت ورده: ويا خاله هذه المجنونه تقول ان هذا القبر لرجل .
فنهرتها العجوز وقالت : لا يا ورده لا تقولي عنها هكذا فهي جاءت تضيء الشموع على قبر جورجيت وتسأل شيئا ولا يهم ما تظنه ..
واناس كثيرون يزورون هذا القبر ولا يعلمون لمن هو ويتداولون القصص حول صاحبه.
فقالت ورده : والان يا خاله الى متى سنبقى ننتظر والشمس ستشرق قريبا والمرأة لا تذهب .
فقالت العجوز: حتى تذهب لوحدها فلا يجوز طرد زائر للقبر.
مرت دقائق
وكأنها ساعات وهن ينتظرن ذهاب المرأة...فتنفست ورده وامها الصعداء حينما
بدأت المرأة بلملمة حالها وتحركت بعيدا عن القبر حتى توارت عن الانظار..
فتوجهت ورده وامها بأتجاه القبر وبقية العجوز مكانها تنتظر ..وحينما وصلت ورده والام أضيئت الشموع ولم تتمالك لعنه الام الا ان
اجهشت بالبكاء وكذلك فعلت ورده ...
وقالت لعنه بكلمات ممزوجة بالدموع تخاطب بها القبر :
انا وبناتي صن عهدك يا جورجيت ..
انا وبناتي صن عهدك يا جورجيت ...الخ.واستمرت لعنه تخاطب القبر لأكثر من ساعه والدموع لا تفارق عينيها وعيني ابنتها ورده ..
اقتربت العجوز بأتجاه لعنه وابنتها ورده ووضعت يدها على كتف لعنه وقالت : هيا يا ابنتي يجب ان نعود ..
فقالت لعنه للعجوز : ولكن امي جورجيت لم تظهر
فقالت
العجوز مخاطبة لعنه وورده:لم نحضر الى هنا لرؤية جورجيت،جئت بكن لزيارة
القبر واضاءة الشموع على قبر جورجيت في الشام، للتأكيد على وفائكن
بالنذر،لا اكثر من ذلك.
وعادت ورده وامها بصحبة العجوز وخيبة امل كبيره علت على وجوههن لعدم ظهور جورجيت..
فقالت العجوز لهن تحثهن على ان يسرعن اكثر:هيا يا بنات يجب ان نعود قبل ان تشرق الشمس .
فقالت ورده للعجوز : ليش ما أجت يا خاله ..انا نفسي اشوفها .
فقالت العجوز: سترينها يا ورده ..والان هيا نعد..
وعادت العجوز بصحبة ورده ولعنه من نفس الطريق حتى وصلن الى حيث كن بالسابق ..وبعد ان ارتحن قليلا..
ذهبت العجوز وعادت تحمل بيدها صندوق..وضعته امام لعنه الام
وقالت للعنه : افتحيه..
ففتحته لعنه
..فلمع نور من داخل الصندوق منبعث من قلادة صنعت من الذهب والفضة ومعادن
اخرى مصنوعه بغاية من الدقة والاتقان وقالت العجوز للعنه : هذه القلاده قد
تركتها لك امك جورجيت فيها سر وقوة العهد ترد عن حاملها الشرور...لا
يملكها اثنان ..
لا تباع ولا تشترى ..
يرثها من
استحقها وحافظ على عهدها..وجدت مع اهل هذا المكان منذ مئات السنين وانتقلت
بينهم وخرجت خارج هذا المكان وعادت اليه...وحينما حضرت الينا جورجيت قبل
عشرات السنين استلمت القلادة واقسمت امام صاحبتها ان تصونها وتحافظ عليها
وان لا تورثها الا لمن يستحقها...
مدت لعنة يدها لتمسك بالقلادة ولكن يد ابنتها ورده سبقتها وامسكت بها واخذت تتفحصها مبهورة بجمالها...
نظرت لعنة
الى ابنتها ورده مستأة من تصرفها واخذت القلادة منها واعادتها الى الصندوق
واغلقته وقالت للعجوز لقد حلمت بهذه القلادة منذ صغري حينما كنت اراهاعلى
عنق امي جورجيت وفي احد المرات بهرتني مثلما بهرت ابنتي ورده وطلبت من امي
جورجيت ان ارتديها ..
فقالت لي اخشى يا ابنتي انه حينما ترتدينها ستخسري احد عيونك ..
فقلت لها :انه لا شيء مهم في حياتي لاخسره .
فقالت لي: وانا يا لعنة الست مهمة...
فخجلت من نفسي واعتذرت منها واقسمت لها اني لا اريد هذه القلادة ولن ارتديها ما حييت..
والان يا
خالة قد مرت السنوات والعنق الذي كان يزين هذه القلادة لم يعد موجود وها
هي تذكرني بان امي جورجيت "نوري الوحيد" لم تعد في عالمي ومع هذه القلادة
يعتريني شعور بالخوف بأن افقد شيء اخر في حياتي ..فأرجوك يا خاله لا تفتحي
هذا الصندوق من جديد...
ابتسمت
العجوز وقالت للعنه: الصندوق وما فيه لك يا لعنة فقد ورثتيه عن امك جورجيت
وواجبي ان اسلمه لك فأن اردتي ان تبقيه مغلقا على القلادة فلا احد يمنعك
وان اردت ان ترتدي القلادة او ان تعطيها لأحدى بناتك فالخيار خيارك..
فقالت لعنة
: خياري ان تبقى هذه القلادة بالصندوق ولا تخرج منه ولا خيار اخر لدي وانت
يا خالتي العجوز طالما كنت وصية علينا وعلى امي جورجيت من قبلنا وعلى اهل
هذا المكان فهذا الصندوق سيبقى كما هو وان رأيت انه قد جاء يوم واستحق هذه
القلادة احد لتساعده فامنحيها له..
اما انا وبناتي فيكفينا شرف العهد وما منحنا من حماية وقوة فلا حاجة لنا بهذه القلادة ..
ردت العجوز
على لعنة وقالت: يا ابنتي انت قررت ان تعيشي هنا معنا فربما يأتي يوم
وتكوني انت الوصية على هذا المكان ..اما ياسمين ولعنه فهن اصبحن بنات
النور ولم تعد تربطهن علاقة بهذا المكان ..والقوة التي امتلكنها ستتلاشى
كلما وصلن الى الاستقرار في حياتهن الجديدة ..
ولكن
القلادة ان منحتيها لأحداهن فهي ستبقى معهن الى الابد لتنتقل من صاحبتها
الى وريثتها ولهذا السبب اطلب منك ان لا تتسرعي بأتخاذ القرار ...
فقالت ورده تأيدا لكلام العجوز: نعم يا ماما فكري ولا تتسرعي.

فقالت لعنه لوردة: افكر وبماذا افكر يا ورده واي قرار يجب ان اتخذ ..اعطيك القلادة ام اعطيها لاختك ياسمين.

فقالت ورده : لا فرق بيني وبين ياسمين يا امي فنحن واحدة ولن نكون اثنتان مهما حدث.

فقالت لعنه: لقد اتخذت قراري لن تخرج هذه القلادة من الصندوق ما دمت حية
والموضوع منتهي ولن اناقش فيه ، والان يا ورده وجب ان تستعدي حتى تنتقلي
للحياة خارج القبور..
سيحزنني فراقك انت الاخرى ولكن سأكون مرتاحة اكثر حينما اعلم انكن معا تحرص الواحدة على الاخرى.

فقالت العجوز : نعم يا ورده لقد حان الوقت فعلا لتستعدي للذهاب للعيش مع اختك ياسمين لتبدئي حياة جديدة.

فقالت ورده :لست على عجلة من امري يا خاله وانا بحاجة للوقت لافكر جيدا
قبل ان اخرج من هنا واحرم من العودة وامي التي لا اعلم ان كنت ساراها ام
لا ..

فقالت لعنه لابنتها : لا تخافي يا ورده لقد وعدتكن ساحضر الى زيارتكن
دائما واستمر النقاش بين ورده وامها والعجوز في تفاصيل المستقبل.

فارس وياسمين

حينما عادت ياسمين مرتديه ثوب الزفاف الابيض مع فارس في طريقهما الى بيته
كانت تضحك تاره وتبكي تارة اخرى وفارس ما زال مذهولا لا يصدق نفسه ان زمن
الخمار الاسود قد ولىّ وان ياسمين قد اصبحت زوجته دون تعقيدات ..

توقفت السيارة بجانب البيت في ساعة متأخرة من الليل ودخل فارس وزوجته
ياسمين البيت وكانت ام فارس واخوه نيام فتعمد فارس ان يحدث ضجيج في البيت
..
فقالت ياسمين لفارس بعد ان تنبهت ان فارس يفعل ذلك الضجيج لايقاضهم حتى يروا ياسمين: دعها نائمة فستراني في الصباح...
ولكن فارس أصر على ايقاظ امه ..
افاقت ام فارس وحينما خرجت من غرفتها لتكشف سر هذا الضجيج الذي دب في بيتها فجأة..
فوجئت بفارس يقف مبتسما وياسمين بجانبه بثوبها الابيض ..وقفت ام فارس
للحظات مشدوهة لا تتكلم وعيونها متسمرة باتجاه ياسمين ..اقترب منها فارس
وهزها من كتفها فنظرت اليه وقالت :انا ..انا بحلم ..مش آه .

فقال لها فارس : لا يا امي انت ما بتحلمي شو اللي بتشوفيه هو الحقيقة .
.ضحكت ام فارس وعادت الى غرفتها دون ان تنطق بكلمة ..ضحك فارس وقال لياسمين مازحا : امي انجنت .

دخل فارس وياسمين لغرفتهما ودقائق مرة وفارس مرتبك متردد في الاقتراب من
ياسمين..ولكن بنظرة واحدة خبيثة من ياسمين جعلته ينسى كل شيء ...الا
ياسمين .

لم يكن ذلك الصباح كأي صباح لاسرة ذلك البيت او للمنطقة كلها فأم فارس
افاقت من نومها فرحة سعيدة تعد الافطار ولا يبارح مخيلتها ذلك الحلم
الجميل لفارس وعروسه واخذت ترويه لابنها علاء وهي تنتظر بشوق ان يستيقظ
فارس الذي علمت بوجوده من خلال رؤيتها للسيارة مركونة خارج البيت لتروي له
عن حلمها الجميل .

ام فارس مشغولة في اعداد الافطار وعلاء يجلس على الطاولة يستمع لحديثها
وهو يبتسم فتوقفت ام فارس دون حراك وقد تغيرت ملامح وجهها وهي تنظر بأتجاه
الباب وعلاء يلتفت الى الخلف ليرى ما صدم امه ليفاجيء بياسمين ترتدي ثوب
زهري وتقترب منهم وعيونهم تتسائل من هذه ومن اين أتت ..

تبتسم ياسمين وتقول :صباح الخير ..مالكم في اشي.

ومن صوتها ادرك علاء وامه ان هذا الملاك الذي ظهر فجاءة ما هو الا ياسمين .

ام فارس وبحركات لا شعورية تدق بيدها على الطاولة
وتقول : بسم الله وما شاء الله ..بسم الله وما شاء الله ..وتكرر كلامها
عشرات المرات ..علاء يفيق من ذهوله ويمازحها قائلا "بتعرفي انت بالقناع
الاسود احلى" تقترب منه ياسمين وتمسك بأذنه وتشدها ويصرخ علاء وهو يضحك
ويقول لها: بتعرفي يا ياسمين انا اول وانت لابسه الخمار ومقنعة ما كان
يهمني اسألك ليش لابسى هيك علشان كنت متأكدة انك مثل القردة بس صوتك حلوا
وما حبيت احرجك ..بس هلا لازم افهم تطلعي على السما تنزلي على الارض بدي
افهم .

فقالت ياسمين :الله يبعثلك يا علاء وحده قردة على قد ذوقك ونيتك.
افاق فارس من نومه سعيدا وكأنه يرى الشمس تشرق لاول مرة في حياته جلس معهم
واخذت امه تروي لهم انها رأتهم بالحلم امس فقال لها فارس: ما رأيته كان
حقيقة وليس حلم ولكنها لم تقتنع وفضلت على ان يكون حلما قد تحقق على كونه
حقيقة.

مرة عدة ايام ومثلما كانت حكاية المقنعة السوداء في بيت فارس حكاية على
لسان كل الناس..اصبحت حكاية ياسمين اجمل الجميلات حكاية الناس في
الحارةوالمنطقة كلها.

طلبت ياسمين من فارس ان يبحث عن بيت ليبدؤا حياتهم بأستقلال وبعيدا عن الماضي ..
فقال لها فارس بعد ان تذكر حكاية البيت الذي قام ببيعه في الماضي ليغطي
نفقات الزفاف : لم يعد هنا بيت قديم ليكون هناك جديد ..فقالت له ياسمين :
لا تخف لقد قمت بأرجاع البيت وهو ما زال على اسمك ولا داعي لان تربط كل
شيء بحياتنا بالماضي ...فقال لها فارس : اذا سأبدأ من اليوم بالبحث عن بيت
..

فقالت ياسمين : ولكنك لم تسألني في اي المناطق اريد ان اسكن..فابتسم فارس وقال : اين؟

فقالت : فقط في مدينة القدس..

استاء فارس وبداخله لا يود ترك الناصرة او الابتعاد عنها لاي سبب كان وقال لها: هل انا مجبر على القبول بهذا الخيار .

فقالت له: كلا لست مجبر ولكن انا سأكون سعيدة ولي اسبابي الخاصة وهذا جزء
من عهد قطعته على نفسي ..لم يكن امام فارس الا ان يصطحب ياسمين ويبدأ
بالبحث عن بيت بمواصفات خاصة طلبتها ياسمين.

لم يكن ايجاد البيت بحاجة الى عناء وخاصة انه كان واضحا ان ياسمين تعلم
مسبقا ما تريده وبسرعة لم يتوقعها فارس تم شراء بيت في احد الاحياء
الهادئة بالقدس وكان ذلك البيت شبه مهجور ..

قاموا فورا بشرائه وترميمه ..لم يكن البيت ذلك البيت الجميل مقارنة
بالبيوت الاخرى ولكنه كان ذوا طابع قديم وكير الحجم ...انتقل فارس وياسمين
للعيش في البيت الجديد الذي لم يرق لفارس وكان يفضل لو انه سكن في بيت اخر
ولكن وجود ياسمين جعله يشعر بأنه يسكن في قصر بعد عدة ايام حضرت ورده في
ساعات المساء الى بيت ياسمين واستقبلتها ياسمين بالضحك والدموع ..
وسألتها ياسمين لماذا تأخرت وانها قد تركت لها رسالة في المكان المتفق عليه بينهما ..
فقالت ورده انها احتاجت لعدة ايام اخرى لتفكر قبل ان تتخذ قرارها فسألتها
ورده عن فارس فقالت ياسمين انه نائم فأمسكت ياسمين بيد ورده وسحبتها وقالت
لها تعالي لاريك غرفتك التي جهزتها لك كما تحبين..

ذهبت معها ورده وكانت ياسمين بغاية السعاده الا انها شعرت بأن ورده لم تكن
متحمسه او سعيدة مثلها فسألتها ياسمين ما الحكاية يا ورده ما بك ..فصمتت
ورده
وقالت : لا ادري يا اختي ولكني محتارة وخائفة واخشى اني لا استطيع الحياة
بعيدا عن اهل المكان حيث تربيت وايضا لا استطيع الحياة بعيدا عنك فقالت
لها ياسمين ورده اختي حبيبتي اليس هذا الحلم الذي عشنا من اجله ها قد تحقق
اخيرا فلماذا الخوف الان.

فقالت ورده: لا تكون الاحلام دائما كاملة يا اختي.

فقالت ياسمين: ورده ارجوك لا تحرميني السعاده التي انتظرتها سنين طويلة ارجوك.

فقالت ورده: دعيني من هذا الحديث انا سأبقى معك عدة ايام وربما الجو قد يعجبني فاغير رأي ولكن لا تحاولي ان تؤثري عليّ بدموعك .
فقالت ياسمين : اتفقنا وسأقنعك بدون دموع ولكن الان اذهبي واستبدلي ملابسك .

فقالت ورده: حاضر ولكن لن اخلع الخمار حتى اقرر لاني ان فعلت فلن استطيع العودة الى المكان من جديد ..

فقالت ياسمين لا تخافي فلن يراك فارس وهو نائم وانا لا اريد ان اتحدث معك من خلف الخمار.

مرت
ثلاثة ايام قضتها ياسمين مع ورده بسعادة بالغة وبذلت جهدها هي وفارس
بأقناع ورده بأن تتخذ قرارها بالبقاء لتبدء حياتها من جديد في عالم النور
ولكن يبدوا ان ورده ومنذ البداية قد اتخذت قرارها في البقاء مع امها واهل
المكان وايقنت ياسمين انه لن تستطيع ان تقنع اختها ورده في البقاء وراود
ياسمين شعور بأن وراء قرار ورده هذا اسباب خاصة لا تعلمها ياسمين..

.وقامت ورده بتوديع ياسمين وهي تضحك وتقنعها ان سعادتها وحياتها هناك مع
اهل المكان وانها ستأتي لتزورها دائما وضحكت ياسمين ايضا وتمنت لها
السعادة وقالت انها ستكون بأنتظارها دائما وغادرت ورده وهي تبتسم وكذلك
اختها ياسمين وكلتاهما تعرف ان الواحدة تكذب على الاخرى فما ان ابتعدت
ورده قليلا حتى بدأت بالبكاء وكذلك فعلت ياسمين .

وبدأت ياسمين ترتيب حياتها من جديد وهي تعلم بأن علاقتها بأمها واختها لن
تكون الا علاقة زيارة بين الحين والاخر يقمن هن بها وان احتاجتهن هي لامر
ضروري جدا فيتوجب عليها ترك رسالة في مكان ما حتى يعلمن بها ويحضر
لزيارتهن وهكذا مرت الأشهر والاشهر وحملت ياسمين من فارس وقبل ان تنجب
بأيام اصر فارس على ان يأخذها الى احدى المستشفيات خوفا على صحتها الا
انها رفضت واصرت ان تنجب طفلها في البيت ...

قرار ياسمين هذا جعل فارس في توتر دائم خوفا على ياسمين وفي منتصف الليل حان موعد ولاده ياسمين واخذت تصرخ ..

وجن جنون فارس وهو يبكي ويرجوها ان يأخذها الى المستشفى او يحضر طبيب
..الا ان ياسمين رفضت بشدة وتعالى صراخها..وانفتح الباب فجأة وظهرت امرأة
مقنعة اشارت لفارس بيدها دون ان تكلمه فخرج فارس من الغرفة واغلق الباب
خلفه وللمرة الاولى يشعر فارس بالراحة والأطمئنانية لرؤيته المقنعة وهو
كان دائم الخوف من رؤيته لهن ...

تعالى صراخ ياسمين لعدة دقائق وبعدها حل الصمت والهدوء لعدة ساعات واعصاب
فارس تكاد تنهار وهو ينتظر ان يفتح الباب ليطمئن على زوجته والمولود ..

ولكن هذا لم يحدث فاقترب فارس من الباب ووضع اذنه لعله يسمع شيئا ولكنه لم
يسمع فاستمر بمحاولتة لساعة اخرى حتى تجرء وشق الباب بهدوء ونظر من خلفه
فوجد ياسمين نائمة كملاك لا تعي شيئا فادار فارس راسه يتلفت في انحاء
الغرفة ولكنه لم يجد احد فدخل الغرفة واخذ يبحث فيها في كل مكان من
الخزانة الى تحت السرير لعله يرى شيئا ولكن عبثا فاحتار فارس لما حدث وجلس
بجانب ياسمين ينظر الى وجهها الملائكي ويود ان يوقظها ليسألها عما حدث
واين المقنعة واين المولود الذي لم يراه واشرقت الشمس واستيقظت ياسمين..

وسألت فارس ماذا حدث فقال لها لا اعلم فسألته ماذا انجبت اذكر ام
انثى..فقال لا اعلم فأخذت ياسمين تبكي وفارس يهدءها حتى هدئت وحكى لها ما
حدث بالضبط فصمتت ياسمين وعادت الى النوم من جديد وتركت فارس بحيرته
وحينما افاقت من جديد سألها فارس ماذا حدث وماذا سيحدث يا ياسمين ..

امسكت ياسمين بيد فارس وقالت له لا تخف سنعلم بعد اسبوع فمر الاسبوع على
فارس وياسمين وكأنه عام ولكن لم يحدث شيء ولم يحضر احد وانتظرت ياسمين
ليوم اخر ولم يحدث شيء فذهبت الى المكان المتفق عليه وتركت العلامة المتفق
عليها وبعد يوم حضرت مقنعة عرفتها ياسمين قبل ان تقترب واسرعت باتجاها
وحضنتها وقالت ورده: اختي لماذا تأخرت ..!!

فقالت ورده : لم اتأخر لقد جئت اليك فور ترك الرسالة ما بك يا ياسمين ومالي اراك مهمومة.
فقالت ياسمين : اين ابنتي يا ورده ماذا انجبت ولد ام بنت "طمئنيني" ...؟
فقالت ورده: لا افهم عما تتحدثين يا ياسمين ..
فقالت ياسمين: ارجوك ورده لا تمزحي ..
فقالت ورده: اقسم لك اني لا اعلم عما تتحدثي اقسم لك يا ياسمين اجلسي
واحكي لي ماذا حدث ..واخذت ياسمين وفارس يروا لورده ما حدث ..فقالت ورده
..لا تخافي يا ياسمين فربما امي اخذت المولود لاسباب لا نعرفها ..
فقالت ياسمين:لقد توقعت ذلك ولكن لمدة اسبوع وبعدها تعيده الي وها قد مر اكثر من اسبوع. اخذت ياسمين تبكي وتبكي فحضنتها ورده
وقالت: ارجوك لا تبكي ساذهب انا الان وسأعود اليك لأطمئنك بسرعة وغادرت ورده وتوجهت الى المكان ووصلت وتوجهت الى امها

 
 

 

عرض البوم صور dali2000   رد مع اقتباس
قديم 10-03-10, 08:33 PM   المشاركة رقم: 40
المعلومات
الكاتب:

البيانات
التسجيل: Sep 2006
العضوية: 13121
المشاركات: 14,020
الجنس ذكر
معدل التقييم: dali2000 عضو ماسيdali2000 عضو ماسيdali2000 عضو ماسيdali2000 عضو ماسيdali2000 عضو ماسيdali2000 عضو ماسيdali2000 عضو ماسيdali2000 عضو ماسيdali2000 عضو ماسيdali2000 عضو ماسيdali2000 عضو ماسي
نقاط التقييم: 4990

االدولة
البلدCuba
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
dali2000 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : راحيـــــل المنتدى : القصص المكتمله
افتراضي

 

وقالت : لماذا يا امي ..اختي ياسمين تكاد تموت من البكاء اين مولودها فصمتت الام لعنة ولم تجب فرجتها ورده ان تخبرها
فقالت لها: اختك ياسمين لم تنجب

وان تكلمت كلمة اخرى فسأمنعك من الخروج من هنا الى الابد ..لم ينفع بكاء
ورده وتوسلاتها ان تعرف شيء عن مولود ياسمين وعادت ورده وجلست مع ياسمين
وقالت لها : يبدوا لي يا ياسمين ان امك تخفي عنا شيئا لم نعرفه بالسابق
ولم نعرفه الان..اختي حبيبتي يجب ان تتقبلي الواقع واعدك اني سابذل
المستحيل لاعرف اين مولودك ..ولا يوجد امامك الا ان تطمئني وتنسيه في
الوقت الحاضر.

فبكت ياسمين واخذت تصرخ وتقول :يجب ان ارى امي لاعرف لماذا تفعل بي هذا .
فقالت ورده: لا اعتقد انها ستحضر لزيارتك قريبا..

امضت ورده عدة ايام بجانب ياسمين تواسيها وتخفف عنها ولم يكن امام ياسمين
الا ان تتقبل الواقع المرير ..اما فارس فحاول ان يخفي احزانه والآمه عن
ياسمين لانه يعلم بأن ياسمين تعاني اكثر منه لما حدث...

ومرة الأشهر وام ياسمين ترفض لقاءها وترفض ان تحكي لورده عما حدث ...وحملت
ياسمين للمرة الثانية وقبل موعد الانجاب قال لها فارس انه خائف بأن يتكرر
ما حدث معها في المرة الاولى واقسم انه لن يسمح بذلك ولكن ياسمين قالت له
بحزن : ان كان القدر قد كتب لنا ان يحدث هذا مرة اخرى فلا انا ولا انت
نستطيع منعه .

وحان موعد الولادة وحضرت المقنعة مرة اخرى واختفت مع المولود وانتظرت
ياسمين وفارس مرور الاسبوع لتعلم ما انجبت ..ومر اسبوع وشهر وكان مصير
المولود الثاني كالاول...وغرقت ياسمين بأحزانها ولم تفارقها الدموع..اما
ورده التي كانت تحضر بين الحين والاخ لتواسيها وتخفف عنها لم تحتمل ما
يحدث لاختها ياسمين وعادت الى امها ترجوها ولكن لا حياة لمن تنادي فلا
يوجد على لسان امها سوى كلمة "اختك لم تنجب..اختك لم تنجب" فتوجهت ورده
للعجوز وقالت لها:
-يا خاله ارجوك لماذا تفعلوا هذا بأختي..

فقالت لها العجوز: لا تسأليني ..واسألي امك ..

لم تتمالك ورده اعصابها واخذت تصرخ بوجه امها والعجوز ..الا يوجد في
قلوبكم رحمه لماذا تفعلوا بها هكذا هل تعاقبوها لانها ارادت الحياة بالنور
ولو انا اخترت الحياة في الخارج ايضا لفعلتم بي نفس الشيء ..هل هذا ما
تريدونه ..هل هذا ما تريده جورجيت ..

هل تستمتع بعذاب حفيداتها..وهل اصبح عذاب من لا يكون منكم هو متعتكم؟!
ارتاحي يا ستي جورجيت..ارتاحي ولا ما راح ترتاحي الا تتموتي ياسمين معك..؟!

لعنة ام ورده لم تتمالك هي الاخرى اعصابها فقامت وصفعت ورده على وجهها
واخذت تشتمها..وتدخلت العجوز لتهدئة الوضع ولكن ورده اخذت تصرخ وتهدد بانه
لو حصل شيء لياسمين فستقتل نفسها.

فقالت لها العجوز : اصبري يا ابنتي ..اصبري يا ابنتي .
فقالت ورده وهي تبكي: وعلى ماذا اصبر وانا ارى اختي تتعذب امامي ..لماذا
ومن اجل من وما ذنبها هي الم تنتهي اللعنة وسمحتم لها بالخروج كما سمحتم
لي لماذا الم تسامح جورجيت وانتهى كل شيء..لماذا تفعلوا بها هذا ..لماذا
..لماذا لا تقولوا لها ما انجبت ..

هل انجبت ذكور ولهذا اخذتموهم..وما ذنبها هي ان حدث فعلا ...فهل هي التي
تقرر ما تنجب ولماذا لم تقولوا لها قبل ان تنجب بان هذا ما ستفعلوه معها
..لماذا كذبتم علينا..ولماذا انت يا امي ..اصبح قلبك كالحجر..ياسمين ابنتك
اشفقي على حالها..

ولم تنبس العجوز ولا ام ياسمين وورده بحرف واحد...اما ياسمين.. فلم تعد
للحياة قيمة لديها ، وكانت تمضي معظم وقتها صامتة حزينة حتى حينما كانت
ورده تقوم بزيارتها بين الحين والاخر تمضي معظم وقتها بالبكاء...
مر اكثر من عام ولم يتغير شيء في حياتهم وكانت ياسمين قد رفضت ان تحمل من
جديد لأنها على يقين بأن الحمل لن يجلب لها الا التعاسة ولكن ورده استطاعت
ان تقنعها ان تعدل عن رأيها ولعل السبب وراء ما يحدث انها لم تنجب بنت..
وحملت ياسمين للمرة الثالثة ...ومرت الاشهر وحان موعد الولادة وتكرر نفس
الشيء للمرة الثالثة واختفى المولود وياسمين لم تبكي هذه المرة ويبدو انها
يأست من البكاء ولم تنتظر او تكترث لان يمر الاسبوع لتعرف ماذا سيحدث
لوليدها ..

ومر عام واشهر وياسمين لا تعرف ماذا حدث لابناءها الثلاثة..هل هم اموات ام
احياء....وحملت ياسمين للمرة الرابعة ويبدوا انه لم يبقى لها شيء تفعله
سوى هذا...اما ورده التي فقدت هي الاخرى طعم السعادة وغرقت بهموم ياسمين
اكثر منها ..توجهت الى غرفة امها وبحثت عن الصندوق وفتحته واخرجت القلادة
واخفتها تحت عباءتها وذهبت الى ياسمين وحينما وصلتها
قالت لها: اختي ياسمين خذي هذه القلادة .

فسألتها ياسمين: وما هذه يا ورده ومن اين احضرتها .
فقالت ورده: انها قلادة ستي جورجيت وقد اخفتها امي ورفضت ان تخرجها وقد
سرقتها واحضرتها اليك وما اعرفه عنها انها ذات قوة خارقة تحمي وتساعد
مالكها ولم يكن امامي طريقة لاساعدك بها الا بأحضار هذه القلادة.

بكت ياسمين وعانقت ورده وبكت معها ورده وقالت ياسمين : كلا يا اختي لن اعيدها فهي ملك امك وليست ملكنا وقدرنا يجب ان نتقبله .

فقالت ورده : امي لم يعد في قلبها رحمة وانا لولا خوفي عليك وحتى لا اقطع
الاتصال مع اهل المكان لعلي يوما اعرف مصير ابناءك ..لما بقيت هناك لحظة
واحدة ولم يعد يهمني ان غضبت امي او غيرها ..هيا يا ياسمين يجب ان نعرف سر
هذه القلادة ..لا يوجد شيء لتخسريه..

ابتسمت ياسمين وقالت : كلا يا ورده اعيدي القلادة الى مكانها ..لا اريد ان اخسرك انت الاخرى لان هذا ما لا استطيع ان احتمله.

خرجت ورده وتركت القلادة ولم تعطي ياسمين فرصة للكلام ..وهي تقول : لن اعيد القلادة انها لك لن اعيدها..
وعادت ورده الي المكان وما ان التقت بأمها حتى بادرتها الاخرى بالكلام قائلة: لماذا فعلت هذا يا ورده ..
لم تتكلم ورده ..فاعادت امها نفس الجملة ..
فقالت ورده: لقد اعطيتها لياسمين لعلها تساعدها ..الم تحتاري انت لمن تعطي
القلادة ولهذا اخفيتها ..فلا داعي للحيرة فقد اعطيتها لياسمين وان كانت
حياتي كلها تعيد البسمة لاختي فانا سأعطيها اياها.

فقالت لعنة الام : لا بأس يا ورده ..
مبروك القلادة على ياسمين ولكن انت لن تخرجي من هنا طالما حييت ولو للحظة واحدة .

اخذت
ياسمين القلادة ووضعتها في الخزانة حتى تعود اختها ورده لتقنعها بأن تعيد
القلادة لامها لعنه ولكن مر اكثر من اسبوع ولم تحضر ورده فذهبت ياسمين
وتركت لها رسالة ..ومر اسبوع اخر واخر وفي كل مرة تترك ياسمين رسالة ولا
احد يجب وبعد مرور شهر جن جنون ياسمين فأخذت تبكي ليل نهار ولم يعد على
لسانها ..



الا اسم ورده واخذت تمضي معظم وقتها بجانب
الشباك على امل ان تلمح ورده قادمة من بعيد ولكن هذا كان بعيد المنال
فورده اختها لا يسمح لها بالخروج وهي الاخرى تمضي معظم وقتها بالبكاء
والصراخ لتخرج لترى اختها ياسمين حتى انها لم تعد تأكل او تشرب لتضغط على
امها ان تسمح لها بالخروج لرؤية ياسمين...



اما ياسمين فقد تدهورت صحتها هي الاخرى وهي
بالشهر الاخيرمن حملها وبرغم استمرار تدهور صحتها الا انها واصلت اضاءة
الشموع كعادتها وكانت تجلس امامها وتخاطب جورجيت قائلة:

يا جورجيت يا ستي حكمت عليّ بالعذاب وانا راضية ..اخذت ولادي وانا راضية ..



ما بدي في الدنيا الا اختي ورده رجعيها الّي وانا بوعدك في كل سنة لحبل واخلف وانذر كل مولود لألك يا جورجيت..بس ارجع واشوف ورده ..



واستمرت ياسمين في كل يوم تخاطب جدتها
جورجيت بهذه الطريقة وترجوها ان تعيد اليها ورده وحان موعد ولادة ياسمين
للمرة الرابعة...وفي الساعة الاخيرة حضرت المقنعة كما فعلت في الاعوام
السابقة واختفت من جديد..اما فارس الذي استسلم للأم الواقع وهو على يقين
بان اولاده سيختفون ولن يستطيع منع ذلك ولا يسعه الا الاطمئنان علي ياسمين
بعد الولادة توجه الى غرفتها كعادته وفتح الباب فرأها نائمة كملاك ولكنه
هذه المرة رأى بجانبها طفلة صغيرة يشع النور من وجهها ..فقفز قلب فارس من
الفرح وجلس بجانب السرير ينظر الى ياسمين والي الطفلة ودموع الفرح تتساقط
من عيناه ويود لو انه يحتضن الطفلة ولكنه يخاف ان تستيقظ وتستيقظ ياسمين
وترى الطفلة بجانبها وتبدء هي الاخرى بالبكاء ...



انشغلت ياسمين لعدة ايام بالطفلة التي
اسمتها "جورجيت" والفرحة لا تسعها ومع نهاية الاسبوع تحملها وتتوجه بها
الى الجبل حيث اعتادت ان تنادي على امها واختها ..بعد ان منعت من الذهاب
الى المكان وتجلس هناك وتضع ابنتها جورجيت على الارض بعد ان لفتها "بحرام"
وتنادي عليهم وتقول : يا اهل هذا المكان ..يا ستي جورجيت..جورجيت ولدت من
جديد ..يا اهل هذا المكان تعالوا خذوها لتعيد لكم النور من جديد...



تعالوا خذوها فأنتم قلتم مع ميلادها سنرى
كلنا النور خذوها انا اهبها لكم راضية ولكن اعيدوا لي نور ..اعيدوا لي
روحي ..اعيدوا لي اختي ورده.



واخذت ياسمين تبكي ومن بعيد ظهرت امرأة
مقنعة بالأسود قبل ان تقترب عرفت ياسمين امها لعنة..اقتربت لعنة من الطفلة
ووقفت امامها ..فبكت ياسمين واخذت تقول : امي ارجوك خذيها ولكن اعيدي لي
ورده ..



ارجوك يا امي لعنه الام لم تتكلم بكلمة
واحدة بل حملت الطفلة وعادت ادراجها من حيث أتت وياسمين وقفت مكانها تبكي
وتنادي على ورده ..حتى يأست وعادت ادراجها الى البيت.



لاقاها فارس واستغرب انها لا تحمل الطفلة ..فسألها اين ابنتنا..؟

فقالت : لقد اخذوها يا فارس ..لقد اخذوها هي الاخرى.

فقال فارس : من هم يا ياسمين ..؟

فقالت : اهل المكان وامي يا فارس ..اخذ فارس يصرخ لماذا تفعل بك امك ذلك...

فقالت ياسمين : لا اعرف واخذت تبكي اريد ورده ..اريد ورده.



واخذ فارس يبكي لبكائها مرت تلك الليلة ككابوس على فارس وياسمين واشرقت الشمس وعيونهما لم تذق طعم النوم او الراحة.



ومن شباك البيت ينظر فارس الى باب الحديقة
الخارجي فيرى ياسمين بأجمل اثوابها تسير باتجاه البيت تضم الى صدرها
طفلتها الرضيعة وشعرها مفرود على كتفيها تعبث بخصلاته نسمات الهواء ..يفرك
عينيه ليتأكد بأن ما يراه حقيقة ..لم تتلاشى تلك الصورة وانما بقيت ياسمين
وطفلتها تتقدم باتجاه البيت ..قفز فارس باتجاه الباب لاستقبالها وقبل ان
يخرج يلمح ياسمين تجلس على احدى الكنبات منهكة القوى واثار الدموع ما زالت
في عيونها..يحتار فارس ويعود راكضا باتجاه الشباك فيرى ياسمين تحمل الطفلة
وتقترب اكثر واكثر من البيت..يحتار فارس ويظن انه قد بدأ يهلوس ..ولحسم
الامر قفز باتجاه الباب فدخلت منه....

 
 

 

عرض البوم صور dali2000   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
أم الجماجم وحب في المقابر, أم الجماجم وحب في المقابر بقلم الحلـ الاسوـد ـم, الحلـ الاسوـد ـم, قصة أم الجماجم وحب في المقابر بقلم الحلـ الاسوـد ـم
facebook




جديد مواضيع قسم القصص المكتمله
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 11:13 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية