لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > روايات عبير > روايات عبير المكتوبة
التسجيل مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

روايات عبير المكتوبة روايات عبير المكتوبة


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 17-09-09, 11:08 AM   المشاركة رقم: 6
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Nov 2008
العضوية: 103835
المشاركات: 336
الجنس ذكر
معدل التقييم: زونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 502

االدولة
البلدKuwait
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
زونار غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : زونار المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

- أول الحب ..... نزهة
كانت القصة مشوقة فشغلت رأس جاسيكا حتى أنها نسيت موعد الطعام, ولما أحست بالجوع , ألقت المجلة من يديها جانبا , وبدون أن تنتبه الى دقات الساعة , خفت الى المطبخ , كانت قد أحضرت معها من المطعم صحنا من الدجاج , فجلست الى الطاولة لتلتهمه , لكن جرس الباب رن قبل أن تتناول لقمة واحدة , فتساءلت من تراه يكون هذا الزائر المسائي؟ فصديقاتها يتصلن بها عادة قبل قدومهن ! فتحت الباب , فأصيبت بالذهول!
برودي هايس يقف أمامها! تراجعت خطوة الى الوراء , وأعتراها ذاك الشعور الماضي الذي أصابها يوم فوجئت ببرودي وهو يدق باب أهلها ليسأل عن جوردانا.
أبتسم برودي بتردد وكأنه لم يلحظ أضطرابها , كانت ملابسه متناسقة مع لون عينيه الزرقاوين وشعره الحالك , أما بشرته النقية فكانت تعكس معالم الرجولة والثقة بالنفس , فبادرها بدعابة عفوية لا تخلو من بعض السخرية , وقد رآها ترتدي ملابس عادية.
" كيف عرفت أننا سوف نتناول عشاء بسيطا هذا المساء ؟ هل تقرأين الأفكار يا جاسيكا؟".
وأستحالت صدمتها الى دهشة , وكانت تكاد لا تصدق عينيها:
" من أرشدك الى مكان سكني؟".
" أتصلت هاتفيا بمكتبك, وشرحت الوضع لخالك! قلت له أننا أتفقنا على تناول العشاء معا, لكنك نسيت أن تعطيني عنوانك الجديد ... حقا أنه لطيف , فقد وافاني فورا بالعنوان".
كانت كلماته ترتدي طابع الجدية وكأنه مقتنع حقيقة بصدق نوايا جاسيكا , لكن لم يكن كافيا هذا القدر من التوضيح فأضافت:
"ولكن كيف أهتديت الى مركز عملي؟".
" أنه أستنتاج بسيط".
وتعمد برودي التقدم نحو غرفة الجلوس ليتابع حديثه:
" كنت واثقا من أن فتاة من عائلة ثورن لا يمكن أن تعيش وحيدة هنا, لا بد أن لك أقارب يتصلون بك دائما أستطيع بواسطتهم الحصول على عنوانك, لحسن الحظ تذكرت أن خالك يملك هنا شركة أعلانات".
" أجل لحسن الحظ...".
كانت تلهث بشدة, وهي تلفظ كلماتها المتقطعة.
" ولكن... لو لم تتذكر , لكان كل منا تناول عشاءه منفردا هذه الليلة".
" لم يكن يتسنى لأي منا , في مثل هذه الحالة , أن يقضي ليلة سعيدة أوليس كذلك؟".
كانت نبرة صوته عنيفة بالرغم من أن جوابه أتسم بالهدوء , فأدركت أن خدعتها لم تنطل عليه وأنه يعرف أنها تعمدت أغفال الحقيقة.
وأستعادت أنفاسها , لكن قلبها بقي ينبض بسرعة , فأبتعدت عنه قليلا , وعضت على شفتيها وكأنها تدبر أمرا ما في رأسها , ثم قالت:
" في الواقع , لم أدر ما دهاني فنسيت أن أعطيك عنواني".
ضحكت بتصنع , ثم أكملت:
" لم أنتبه للأمر ألا بعد عودتي الى المكتب , أي بعد فوات الأوان , ولم يكن هنالك أية وسيلة للأتصال بك".
وأشارت بيدها الى أنها لم تكن تستطيع أن تفعل أي شيء , أما هو فظل يبتسم بدون أن يعكر صفاء عينيه الزرقاوين أي أنفعال داخلي , فعلق على تبريرها قائلا:
" كان بأمكانك الأستعلام في الفنادق فعددها ليس كبيرا في شانانوغا ... ولكن عفوا نسيت أن فتيات آل ثورن لا يتعقبن الرجال في الفنادق".
وتنفست جاسيكا بعمق لتتابع تبريراتها :
" لم أفطن ألى هذه الوسيلة , في كل حال , لم أكن متأكدة أنك نزيل أحد الفنادق".
فأجابها برودي بلهجة عاتية :
" رغم ذلك لم تتحققي من الأمر".
راحت تشرح موقفها بحزم :
" لا , لم أتحقق ... هل أنت تلومني ؟ أكاد لا أعرفك , أنا لا ألومك على سوء فهمك لي , لو كنت مكانك لظننت أن المقصود هو التهرب مني ولشعرت بالخيبة المريرة".
نظر برودي الى الساعة المعدنية المعلقة على الحائط وقال:
" هل تناولت الطعام؟".
ترى, هل تكذب وتدّعي أنها فعلت؟ لكنها تتضور جوعا , وراح برودي يحدق بوجهها بأنتظار الجواب.
" كنت على وشك البدء بالطعام عندما رن الجرس".
" حسنا سنتناول العشاء معا".
وألقى نظرة سريعة على ملابسها وأردف:
" لا داعي لتبديل ملابسك , فالمكان الذي سنقصده لا يفرض ذلك , لا يمكننا الذهاب فورا أذا لم يكن لديك مانع".
" دقيقتان فقط".
كانت يداها ترتجفان وهي تعيد طعامها الى البراد , ثم تنفست بعمق محاولة أن تهدىء روعها , ستمضي ليلتها الى جانبه مكرهة , بدون أن تجعله يلاحظ أمتعاضها من مرافقته , وما أن رجعت الى غرفة الجلوس حتى دعاها برودي للأنطلاف.
" هل أنت جاهزة؟".
حملت حقيبتها وأحكمت رباطها على كتفها , أقفلت الباب بينما كان برودي ينتظرها في البهو الخارجي , مشيا جنبا الى جنب, ألقى برودي يده على ظهرها , ودفعها بلطف بأتجاه الطريق التي سيسلكانها , كانت لمسته البسيطة هذه كافية لتشنج أعصابها , وأتجه بها نحو سيارة كاديلاك كحلية اللون داكنة , أوقفها قرب الرصيف المواجه , أسندت جاسيكا ذراعها الى المرفق المخملي , السكري اللون , وساد صمت تام , أمام ذاك الصمت وجدت جاسيكا نفسها في مأزق وأحست أن عليها أن تقول شيئا ما:
" سيارتك رائعة".
وأعتلت بسمة على ثغره وأجابها:
" سأبلّغ شركة تأجير السيارات رأيك هذا".
لم تكن جاسيكا تتوقع هذا الجواب فبادرته مستغربة:
" أذن ليست سيارتك ".
وألمح أنه يملك سيارة أخرى بقوله:
" ليست هذه ... لكن كنت دائما أحلم أن أمتلك كاديلاك وعندما توفرت لي الأمكانات المادية , لم أتردد في شراء واحدة , أنها متوقفة في أحد الكاراجات".
كان يبدو أنه غير مهتم لسيارته أطلاقا , فسألته جاسيكا:
" أنت تعلم أين هي متوقفة , أليس كذلك؟".
" في لوريجيل على ما أعتقد".
كان برودي منهمكا في التخلص من الأزدحام ويطلق أجوبته بلا مبالاة , فصدقت جاسيكا أنه لا يعرف مكان سيارته بالضبط , وأنه لا يعنيه هذا الأمر أطلاقا.
رمقها بنظرة خاطفة وتابع كلامه:
" منذ بدأت أسافر كثيرا , وجدت أنه من الأنسب ألا أستخدم سيارتي الشخصية في تنقلاتي , لا أدري أذا كان هذا التصرف منطقيا بالنسبة الى أنسان في مثل ظروفي".
وغيرت جاسيكا الموضوع :
" كيف رجعت الى شاتانوغا بعد طول غياب ... لم تخبرني ذلك في لقائنا عند الظهيرة".
" أنها صدفة أو ملابسات ظروف! لست أدري , أعتقد أنها مجرد رحلة عاطفية الى المكان الذي عشت فيه بداية حياتي".
وتسمرت على وجهها عيناه الزرقاوان.
قد يبدو الأمر غريبا بالنسبة أليك أليس كذلك يا جاسيكا؟".
أحست أنه يجيد قراءة الأفكار وهو يسترسل في كلامه.
" من الصعب أن نحدد موقفنا الحالي أذا تجاهلنا المكان الذي أنطلقنا منه".
" أفهم من حديثك أنك تقوم برحلة عبر الماضي".
كانت تتساءل : أي رجل معقد هذا؟ لكنه يشبه الماس الذي تتماوج ألوانه تحت تأثير نور الشمس , وأجاب بسلاسة :
" بالأحرى , هي رحلة الليلة التي أتت بي الى هذا المكان ".
أدخل سيارته الى موقف المبنى وهو يستفسر :
" هل سبق أن أكلت هنا؟".
كان المطعم عاديا , تشير أحدى اللوحات المعلقة على الواجهة المضاءة , ألى أسم مطعم شعبي , جالت جاسيكا ببصرها على زجاج النوافذ فأجابت قائلة:
" لا أذكر أنني زرت هذا المكان أم لا".
" لا عجب في الأمر أن لم تريه من قبل".
توقف محرك السيارة عن الدوران لكن برودي لم يسرع في النزول بل ظل جالسا يتأمل البناء الصاخب , وكأن له فيه ذكريات عذبة وقال لها بعد برهة:
" عندما كنت صبيا , كان يصحبني والدي معه كل نهار جمعة الى هذا المكان , كان يوم القبض واعدنا أن نتناول العشاء هنا خارج المنزل... وعندما كبرت , بقيت أرتاد هذا المكان مع أصدقائي ... هذا النهار مررت بعد الظهر خصيصا لأرى أذا كان كل شيء باق على سابق عهده , ولكن لم أعد متأكدا من جودة طعامه , هل تريدين أن تجربيه؟".
وتبادر الى ذهن جاسيكا أن برودي يحاول أمتحانها ليعرف ما أذا كانت تتمسك بالمظاهر الأرستقراطية فترفض أن تدخل الى مثل هذا المكان الوضيع , فقالت في نفسها أن كانت له هذه النية , فليفهمني على حقيقتي , فأجابت بصوت حاسم:
" ولم لا ؟ لا يمكن أن يكون جميع هؤلاء الناس على خطأ ".
وأشارت بيدها الى الأعداد المتجمعة حول الطاولات في المطعم .
ترجل برودي وخفّ يفتح لها الباب لكن جاسيكا سبقته , وألتقى الأثنان عند مقدمة السيارة , فأتجها نحو المدخل , قال برودي وهما يقتربان من طاولة شاغرة:
" يجب أن أعترف لك بشيء آخر".
" وما هو هذا الشيء؟".
وجلس الأثنان متقابلين وراح يستكمل ذكرياته:
" ألى هنا كنت أدعو الفتيات خصوصا الحسناوات منهن , كنت أتوخى المكابرة أمام باقي الفتيات".
كانت بسمته تعكس كالعادة سخريته اللاذعة , لكن جاسيكا لم تبادله البسمة بل علقت قائلة:
" لو قبلت جوردانا مرافقتك لكنت أصطحبتها بالطبع الى هنا ... هل تعمدت المجيء بي الى هنا لتعوض عن الخيبة التي منيت بها بسبب شقيقتي؟".
" ربما يكون الأمر كذلك".
كانت جاسيكا واثقة من أن هذا هو الدافع الأساسي لدعوته لها , قدمت لهما الخادمة لائحة الأطعمة , فألقت عليها نظرة سريعة وسط الضجيج المتصاعد من كل أتجاه, وسألها برودي:
" هل قررت ماذا ستطلبين؟".
فأجابته بدون أن ترفع نظرها عن الائحة:
"ليس بعد ... هيا أطلب أنت ما تريد".
" أذكر أن معظم رواد هذا المطعم كانوا يفضلون الهمبرغر والبطاطا المقلية والخضار , سأطلب صحنا مشكلا من هذا النوع مع كوب من عصير الليمون".
ثم نادى الفتاة.
أطلقت جاسيكا اللائحة قائلة للفتاة :
" لا بأس , أنا أريد الصحن نفسه بالأضافة الى كأس من الحليب".
وما أن أبتعدت الفتاة حتى أستدرك برودي قائلا:
" لماذا لم تطلبي أي شيء آخر؟".
" لا عليك , أنا أيضا أحب الهمبرغر والبطاطا المقلية ".
وعادت الذكريات الحلوة والمرة الى برودي فقال:
" ما زلت أذكر عندما كنت أدعو أحدى الفتيات الى هنا , وأنا أفتقر الى المال الكامل , كم مرة وضعت يدي على قلبي وأنا أتساءل ماذا لو طلبت ضيفتي قطعة من اللحم الغالي الثمن ! كيف لي أن أخرج من هذا المأزق ؟".
وأبتسم قليلا , ثم أسترسل:
" حتى السادسة عشرة ما كنت أفهم ما يعني صحن الشاتوبريان ولا كيف يلفظ هذا النوع من الطعام".
وسحب علبة السجائر من جيبه :
" هل تريدين سيكارة؟".
أخذت جاسيكا واحدة فأشعلها لها بقداحته الذهبية , ثم أستقامت على كرسيها وهي تحدق بالقداحة الثمينة , وقالت:
" أنها نسخة طبق الأصل عن واحدة رأيتها في ماتشبوكس".
فعلق برودي ساخرا:
"ماذا تعرفين عن ماتشبوكس؟".
" كثير من الشركات تنشر أعلاناتها في هذا المكتب الأعلامي , أنها مهنتي وأعرف ثمن كل قطعة معلن عنها في الماتشبوكس".
حين ذكرت عملها أراد برودي أستجماع المزيد من المعلومات عن محدثته فسألها:
" أي مركز تشغلين في الشركة؟ لا أشك أنك مميزة؟".
" أن كنت تظن أن خالي أنعم عليّ بالوظيفة لأنني أبنة شقيقته فأنت مخطىء , ثم القرابة شيء والعمل شيء آخر".
وعاد يسأل عن طبيعة عملها ثانية بأعتبار أنها تهربت من الجواب المطلوب:
" ماذا تعملين في الشركة بالضبط ".
" أدقق في الحسابات , وبهذه الطريقة أكتسب الخبرة لكي أستطيع فيما بعد تسلم حسابات كاملة".
كانت تبدي هذه المعلومات وكأنها تدافع عن نفسها.
" خالك متحجر القلب ولا يفي الجمال حقه , صدقيني لو أتيت الى مكتبي وتقدمت بطلب أية وظيفة فلن أتردد لحظة واحدة في الترحيب بالعينين الخضراوين".
أية قوة رجالية يملك برودي فكلماته تخترق الجوارح وتنفذ نظراته الى الأعماق.
حاولت جاسيكا تغيير الحديث لتخفي الرعشة التي أعترتها في تلك اللحظة وقالت له:
"" في أي مجال تعمل أنت, لم تحدثني عن ذلك من قبل؟".
فأجاب وهو ينفض رماد سيكارته:
" الأمر بسيط أجمع الأشياء المتخلخلة والمحطمة وأعيد اللحمة ألى أجزائها ".
" أي نوع من الأشياء؟".
" شركات وفي غالب الأحيان مصانع".
" أذن أنت تملك الآن مجموعة شركات متكاملة".
" لا بل أشتري أسهم شركة على وشك الأفلاس , أعيد تنظيمها لكي تعود اليها مكانتها الأقتصادية , ومن ثم أبيعها وأحقق الأرباح".
" ولماذا لا تعود الى المدرسة وتأخذ دروسا متخصصة في أدارة الأعمال؟".
" لقد تعلمت منذ أمد بعيد أن تسعين بالمئة من المعلومات الضرورية للحياة مشاع ولك للجميع , والعشرة بالمئة المتبقية يمكن شراؤه من ذووي الأختصاص".
كان نظره يسرح عبر دخان سيكارته وهو مسترسل في الحديث:
" " لم أكن أتحمل الحياة المدرسية فهم يدرسوننا عدة مواضيع قلما تفيدنا بشيء على الصعيد العملي".
وأستفسرت جاسيكا :
" لهذا السبب تركت المدرسة؟".
" في بادىء الأمر تركتها لأنني كنت أعتقد أنه لا ينقصني الذكاء في مواجهة أمور الحياة , ولم أعد أليها فيما بعد لأنني تبينت جهلي , كان علي أن أستدرك فأثقف نفسي , لكنني وجدت أن الأمر صعب".
كانت جاسيكا تحدق به ونظرات الأعجاب تملأ وجهها وتشعر أنه لا يفاخر ولا يكابر أنما يشرح بهدوء المسببات التي أبعدته عن المدرسة , وأزدادت قناعتها بأنه كان ظالما أتجاه نفسه بقدر ما كان عنيفا بأتجاه الغير.



وكيف بدأت تجارة الشركات لتمارس بعدها هذه المهنة؟".
فراح يروي قصته بهدوء تام:
" تعرفت الى شاب في كولكفيل , يملك محل لحوم , لكنه لم يكن بأمكانه دفع الأيجار المطلوب , وكان يحتاج للمساعدة , فعرض عليّ فكرة الشراكة , وقبلت العرض , بعد سنة ونصف أشترت شركة لحوم حانوتنا فظل يعمل هو بأمرتهم , أما أنا فأخذت حصتي وأشتريت حانوتا لتصليح المفروشات الخشبية , في المرحلة الثالثة تبينت أنني لست بحاجة لشريك ولا لأن أشتغل بيدي , كان عليّ أن أفتش عن المفروشات القديمة , أبتاعها بأثمان بخسة ثم أستأجر مهنيين يعيدونها الىسابق عهدها , ثم أبيعها بأسعار مرتفعة".
" وبمثل هذه السهولة أنطلقت؟".
" أجل بمثل هذه السهولة ".
توقفت الخادمة لتجمع الصحون الفارغة , لم يبق في صحن جاسيكا سوى قطعة من الهامبرغر وقربها ورقة خس وقطعة من البصل, ترددت , في تناولها وحين لمح باسيكا في سرها : غريب! فتزول الرائحة".
فتساءلت جاسيكا في سرها : غريب! فتزول الرائحة".
فتساءلت جاسيكا في سرها : غريب! ! من أين له هذه القدرة على قراءة الأفكار والنظرات؟ فأومأت برأسها أنها لا تريد تناول البصل ثم أبتلعت آخر قطعة هامبرغر , وهي تدرك معنى نظراته الساخرة لأنه رآها تحرم نفسها من قطعة البصل , فعادت تسأله:
" لقد ذكرت سابقا أنك سوف تسألني عن الأشخاص الذين كنت تعرفهم هنا , من مثلا؟".
وطفق يذكر مجموعة من الناس الذين تعرفهم أو سمعت بأخبارهم وكأنه يتعمد أيهامها أن معظم معارفه القدامى هم من أصدقاء أخيها وشقيقتها.
عندما أنتهيا من الطعام , طلب برودي فنجانا من القهوة فأعتذرت جاسيكا عن أخذ سيكارة ثانية قدمها لها , أحنى رأسه لأشعال سيكارته فتمددت أسارير وجهه بينما راحت جاسيكا تتأمل خيوط شعره الحالك المتناسقة مع زرقة عينيه.
رفع بصره نحوها فوجدها تحدق به بأهتمام وهي ترشف كأس الحليب ببطء, وعندما ألتقت عيناها بعينيه حاولت أن تتحرر من عنف نظراته فقطعت الصمت قائلة:
" هل تغيّر هذا المكان منذ كنت ترتاده أيام زمان؟".
أجاب وهو يلقي نظرة شاملة على المطعم:
" ليس كثيرا : لقد أعيد دهانه وغيّروا مكان علبة الموسيقى , هذا كل ما أذكره".
" لا شك أن هذا المكان يعيد اليك ذكريات جميلة".
" أجل....".
كان برودي يبدو شاردا وهو يسترجع الماضي , ثم قال:
" أنه يذكّرني بأشياء لا أحب أن آتي على ذكرها".
وأرتشف جرعة من القهوة وتابع:
" عندما كنت صبيا كنا دائما في عوز, أثاث بيتنا , سيارتنا , كل ما نملكه أشتريناه مستعملا لا جديدا , لذلك عقدت النية أن أشتري كل شيء من أفضل صنف عندما أكبر".
" وهل أنت تملك الآن أجود الأصناف؟".
" ليس في كل شيء , لكنني أعمل جاهدا في سبيل ذلك".
وأطفأ سيكارته قائلا:
" هل أنت على أستعداد للأنصراف؟".
" أجل".
وضعت كوب الحليب جانبا وغادروا المكان.
سألها برودي وهو يدير محرك سيارته:
" هل تودين الذهاب في نزهة؟".
وأرادت جاسيكا أن تسأل عن الجهة التي سيقصدونها , لكنها عدلت عن هذه الفكرة لأن سؤالا كهذا قد يعني عدم ثقتها به , وهي لا تريد أن توحي بذلك , فوافقت على أقتراحه: " أنها فكرة جيدة".
توقفت السيارة وسط الأزدحام فدفع برودي شريطا الى المسجلة, فتوزعت الأنغام على مكبرات الصوت وأكمل حديثه وهو ينظر اليها بتودد:
" أظنك لا تعترضين على الموسيقى الكلاسيكية , أعجبتني هذه المقطوعة مع أنني لا أحسن تحليل أجزائها".
" حسنا , دعنا نستمع".
لقد مضى زمن طويل ولم تستمع الى سمفونية موسيقية , قد يعودهذا التاريخ الى سن الدراسة , لكنها كانت تطرب مثل برودي للأنغام المعبرة وهي مستلقية على المقعد الوثير , وما هي الا فترة وجيزة حتى أصابتها حالة من الشرود . في البداية كانت تدرك الأتجاه الذي يسيرون فيه , ولكن سرعان ما فقدت هذا الأدراك , ولم تجهد نفسها في تحري الطريق التي يجتازونها , فقد لاحظت أنها مليئة بالناس والسيارات ولا مبرر لخوف , أغمضت عينيها للحظة ثم فتحتهما لتتأمل السقف الداخلي.
فجأة مالت السيارة بأتجاه جديد, مما دل أنهما سيعبران شارعا آخر , لكن جاسيكا لم تنظر خارجا لترى ألى أين هما ذاهبان فقد كان الصوت المنفرد في السمفونية يستأثر بأنتباهها , مالت السيارة لتسير ببطء على أرض كثيرة التعاريج فعاد الى جاسيكا وعيها التام.
أوقف برودي سيارته في باحة خالية , أمام مبنى كبير بدا كأنه أحد المستودعات , كان الليل يسدل وشاحه على المنطقة بكاملها.
ألتفتت جاسيكا الى الوراء فوجدت أن الطريق فارغة من السيارات , وفي الجهة المقابلة أرسل القمر ظلاله الشاحبة على المياه , فألقت نظرة أعتراض أتجاه برودي , لكن الظلمة حجبت معانيها عن عينيه وحالت دون أن تستكشف نواياه , فسألته وهي تحاول أن تبدو محافظة على أتزانها:
" أين نحن الآن.... هل هو المكان الذي أعتدت أن تتوقف فيه مع عشيقاتك؟".
" لا لم أكن أملك ثمن الوقود لكي أقصد مثل هذا المكان البعيد".
كان ضوء القمر يوزع أشعته الخلابة فأضاف بأعجاب:
" كم هو رائع أن نجلس بعيدا عن الضجة والناس ! أنظري كيف أن القمر يرتمي في البحيرة!".
" البحيرة؟ هل هذه بحيرة شيكاموغا أم أنه نهر تانيسي؟".
" أنها بحيرة شيكاموغا".
" ماذا سنفعل هنا؟".
وأحست جاسيكا بأن ضربات قلبها تتزايد تدريجيا وهي تفكر:أن لم ينوي تجديد مغامراته ههنا , فلماذا يصطحبني الى هذا المكان؟
" هناك شيء أريد أن أريك أياه".
فتح باب سيارته وترجل منها بينما ظلت جاسيكا ثابتة في مكانها , لم يكن لديها أي تصور عما يريد أن يريها , هل دقّ ناقوس الخطر؟ لأول مرة أحست بالخوف الحقيقي وهي تفكر أنها الآن غنيمة في يد رجل غريب.
فتح برودي الباب ومد يده ليساعدها على النزول , فأظهرت أنها تتعثر , فقال:
"هيّا ما بك؟".
فهمست:
"ألى أين نحن سائران؟".
لكن ضحكته الهادئة خفّفت من حدة أضطرابها المتصاعد

4- قليل من الخوف يفيد
نظرت جاسيكا اليه بأنفعال وأزدراء وقالت:
" أتظنني سعيدة ؟ أية مهزلة!".
فهز رأسه معلقا:
" لقد سألتني من قبل سبب عودتي الى شاتانوغا , هل ترغبين في معرفة السبب الحقيقي ؟ أنه التحدي".
كانت حواسها تصرخ بالرفض , لكن شجاعتها تخونها في مواجهته , ومدّ يده ليسعفها على النزول فقبلتها متأففة وترجلت بدورها.
سارت بضع خطوات بأتجاه المبنى وأذا بصوت يهتف :
" أن المكان مقفل , عليكم الحضور غدا خلال ساعات العمل العادية".
وسأل برودي:
" أولست آرت مازون , حارس المبنى؟".
" أنا هو".
" أنا برودي هايس ألتقيتك بعد الظهر , نريد القيام بجولة ليلية".
كانت نبرة صوته تنتظر الموافقة , وأتى الجواب المنتظر فورا:
" عذرا سيد هايس, لم أعرفك لقد حجب الظلام وجهك عني!".
ألقى برودي بيده على كتفي رفيقته وأكملا الطريق الى الداخل وهو يقول:
" لا بد أن نزيد الأضواء لتصبح الأنارة شاملة".
ففهمت جاسيكا أنه أشترى المبنى حديثا.
وبزغ من الظلمة رجل ناهز الخمسين بزيه الرسمي , أندفع نحو الباب الأمامي ليفتحه أمامهما , ولفت أنتباه رئيسه وهو ينير أمامه الطريق بضوء يدوي:
" أن زر الأضاءة في القاعة الكبرى مثبت قرب الباب على الحائط الأيسر".
عندما أنتشر النور في الممر الداخلي أنصرف الحارس مضيفا :
" عندما تغادران يكفي أن أسمع الزمور لأنهض فأقفل الباب ".
مشى برودي بضيفته الى الداخل , وهي تجول بطرفها في كل أتجاه علّها تستطيع أن تحدد نوع عمله , ثم سألته:
" هل هذه أحدى الشركات التي تنوي ترميمها؟".
" ستصبح قانونيا هكذا , غذا الساعة التاسعة صباحا , عندما أوقع عقد البيع".
" أعذرني أذا قلت لك لا أعرف أين نحن".
" هل سمعت بمراكب جانسون".
وفتح الباب المؤدي الى الشرفة .
" أمكثي هنا الى أن أعثر على الزر الكهربائي ".
" مراكب جانسون؟".
كانت تحاول أن تتذكر وقد حجبت الظلمة وجهه عن عينيها وأضافت:
" أعتقد أن أحد زبائننا قد حدّثنا عن هذه الشركة , ليس من زمن بعيد , أنهم يصنعون المراكب الصغيرة , أليس كذلك؟".
" أجل مراكب صغيرة".
دخلا غرفة واسعة , ظهرت فيها مجموعة من أشكال المراكب المتنوعة , فراحت جاسيكا تدلي بمعلوماتها حول هذه الشركة :
" أعتقد أن جانسون قد غادر المدينة مع عائلته منذ خمس سنوات بعد أن باع شركته , أحد زبائننا , كان صديقا لهم وعرف بالبيع , أعتبرهم من المحظوظين لأنهم تخلصوا من شركة على وشك الأفلاس".
" على العكس , كانت شركته مزدهرة يوم باعها , المالكون الجدد أستفادوا من شهرته فراحوا يصنعون المراكب المتدنية النوعية , ويطلبون أثمانا باهظة , وهكذا أستنفدوا كل ثروات الشركة , ولما نفد الزبد قرروا تصفيتها ".
كان برودي يتكلم وجاسيكا تشق طريقها وسط الأخشاب متجنبة الأصطدام بالسلالم والألواح المبعثرة , وفجأة توق ليتأمل الهياكل الخشبية فسألته:
" هل تعلم شيئا عن صناعة المراكب؟".
" لا أعلم شيئا مهما , أستطيع تمييز المقدمة عن المؤخرة".
" كيف أذن تبغي أعادة ترميم هذه الشركة المفلسة؟".
" أنها نسبة العشرة بالمئة التي يمكنني شراؤها , سأغدق المال على الرجل الخبير في بناء المراكب".
وبدت غير مقتنعة بوجهة نظره.
" ومن ستستأجر لهذا العمل؟".
" عندما علمت بمشاكل هذه الشركة , رحت أتحرى الملابسات , فعلمت أن جانسون مستاء مما آلت اليه ( مراكب جانسون) حدثته البارحة وعرضت عليه منصب الرئاسة , فقبل العرض".
" لماذا ؟".
" لأنه يريد العمل ويهمه أن يرى شركته تستعيد عافيتها .
وكادت جاسيكا لا تصدق كيف أن رجلا يشغل لمصلحة شركة بأمكانه أمتلاكها , فسألته مستغربة:
" أذا كانت هذه هذه الحقيقة , فلماذا لم يبتع الشركة لنفسه ؟ ألا يملك المال الكافي؟".
فشرح لها برودي الأسباب:
" جانسون يملك المال لشرائها , لكنه تقدم في السن ولم تعد تستهويه المغامرة".
" ولكنك أنت تغامر!".
" أنا لن أخسر شيئا ".
" ومالك؟".
وأجابها بلهجة متواضعة :
" يمكنني تسديد الخسارة".
مشى برودي فلحقت به خوفا من أن تضل طريقها وسط الأخشاب المتراكمة وقالت مستطردة:
" أن الموضوع يستحق منشورة دعائية قيمة عنك".
ألتفت اليها موافقا:
" أجل أن خبر عودة جانسون الى الشركة يشكل دعاية هامة , فهذا الحدث سيضاعف الأنتاج فورا".
فأوضحت جاسيكا قصدها:
" لم أفكر بجانسون بالرغم من أهميته , كنت أشير اليك".
" أنا!".
وألقى نظرة عليها من أعلى رأسها حتى أخمص قدميها وأضاف:
" تريدين القول أن فتى ضل طريقه في المدينة فرجع الى البيت ثريا , أنها قصة سندريللا معكوسة".
" شيء من هذا , أليست هذه الحقيقة؟".
" معك حق , لكنني لا أحب الدعاية لنفسي".
كانت جاسيكا تسير بالقرب من برودي بعد أن أتسع الممر الداخلي بشكل يتيح لهما أن يمشيا جنبا الى جنب , فعارضته قائلة:
" لم لا ؟ بهذه الطريقة تشرّع أمامك أبوابا عديدة".
وكانت تتساءل في سرها: هل تراه ما زال مولعا بطرق الأبواب؟
ولكن برودي علّق بسخرية:
" هل تعنين الأبواب التي كانت موصدة بوجهي ؟ شكرا لنصيحتك أفضّل أن أفتح أبوابي الخاصة بطرقي الخاصة".
وشمّر عن معصمه ليرى كم الساعة , وقال:
" الوقت أصبح متأخرا , غدا ستذهين باكرا الى عملك , هل تريدين أن أعيدك الى البيت الآن؟".
" أجل , تأخرت أكثر مما توقعت , آمل أن لا تضل الممر المؤدي الى الخارج".
وأنتظرته ريثما يطفىء الأضوء ثم أتجها معا نحو الباب الرئيسي . لم يلاحظ الحارس أنصرافهما , لكنه ما أن سمع الزمور حتى لاح مع ضوئه اليدوي يعدو نحو الباب , في الوقت الذي كان فيه برودي يتهيأ للأقلاع.
كانت طريق العودة قصيرة جدا , وكانت جاسيكا تفكر طوال الوقت, كم من المعلومات جمعت عنه في ليلة واحدة! ورغم ذلك لا يزال الغموض يلف حياته , وأمتلكها شعور بالخوف وبضرورة الأبتعاد عن هذا الأنسان الخطير , وحين بات على مقربة من مبنى شقتها أرادت أن تقطع الصمت بأي كلام فسألته:
" هل أن أهلك ما زالوا يسكنون هنا؟".
" مات والدي منذ عشر سنوات".
قبل عشر سنوات ! أذن لم يتسنى لوالده أن يشهد نجاحه , ترى ألا يحزنه أن يقضي أبوه بدون أن يغتبط لنجاحه في الحياة ؟ وقالت بلهجة الأعتذار :
" عفوا , لم أكن أعلم ذلك".
فقال برودي بدون أن تبدو عليه علامات الحيرة:
" ليس هناك من سبب ليصلك خبر وفاته ,فأنت لم تعرفيه".
" كلا لم أعرفه".
" هناك أمر آخر تريدين الأستفسار عنه , أليس كذلك؟"".
وتبادل الأثنان نظرة خاطفة , وبقيت جاسيكا ملتزمة الصمت .
" أنك تتساءلين عن أمي".
حبست أنفاسها مندهشة , كيف تراه عرف خفايا أفكارها ؟ فتابع موضحا:
" لا أعلم أين هي فلقد تم طلاقها من أبي يوم كنت في الثانية من عمري , أحد المقربين حاول البحث عنها بعد موت والدي لكنه لم يعثر لها على أثر".
كان يدلي بهذه المعلومات بصوت لا يعرف الحيرة ولا يشعر بالحنين الى الأم التي أعطته الحياة: فبدى الفارق شاسعا بينه وبينها , فأهلها ما زالوا يملكون جوارحها , وأن كانوا يعيشون بعيدين عنها , أما هو فلا يحن ألى الأم التي لم يرها أبدا!\\حين توقفت السيارة أمام شقتها , أستفاقت جاسيكا من شرودها , ونزل برودي ليفتح لها بابها , ترجلت, فوضع يده على كتفها وكأنه ينبهها الى حلول وقت الوداع , وكنهاية كل لقاء لا بد أن يكون المشهد عاطفيا , تشنجت أعصابها وتضاعفت دقات قلبها , وتظاهرت بالبحث عن المفتاح في حقيبتها علّها تخفي أضطرابها المتصاعد.
" شكرا على العشاء, ولمست أصابعها المفتاح في قعر الحقيبة .
تساءلت : هل تراه ينتظر منها دعوة لشرب القهوة؟ كيف لها أن تتخلص منه في حال أوحى لها بالفكرة؟
أجابها برودي مبتسما:
" كنت سعيدا باللقاء".
وقبل أن تدخل المفتاح في القفل , أنتشله كالساحر من يدها .فتراجعت خطوتين لتتجنب أي أحتكاك به , فتح الباب وقطع عليها الطريق , هل يبيت نية معيّنة؟
مدّت يدها لتتناول المفتاح منه وأذ أعتراها الخوف قالت بصوت مرتعش:
" شكرا من جديد وحظا سعيدا في شركتك الجديدة".
ثم حاولت أن تتسلل نحو الباب ظنا منها أن هذه الحركة تعجل بأنصرافه , لكنه لم يرجع اليها المفتاح بل أطبق يده ورفعها لتلامس وجهها ثم قال:
" أنك تساءلين أن كنت أنوي معانقتك قبل الأنصراف؟".
كان صوته بطيئا فأحست جاسيكا أنها ليست في مأمن , ما تراها تجيب؟ هل تتظاهر بأنها تحسب قوله مزاحا؟ أو تواجهه بالعنف؟ أيّ الموقفين أفضل؟ وبسبب ترددها هذا خسرت الجولة الأولى , وظهر أن برودي هو الأقوى , فراحت أصابعه تداعب وجنتيها , بينما هي ترتجف كورقة النخيل.
" أظنك خائفة مني".
تنهدت بصعوبة وأجابته بصوت متقطع:
" أظنك تحاول أن تخيفني".
ثم أستعادت أنفاسها وكأنها تهنىء نفسها على هذا النصر الهزيل فهي لم تفقد صوابها طليا , وأستطاعت أن تتفوه ببضع عبارات ....
" قد تكونين على حق".
وأبعد يده عن وجهها من دون أن يعيد ذلك اليها التوازن والهدوء بل بقيت أعصابها مشدودة وهي تسمعه يقول:
" قليل من الخوف مفيد , فهو يرهف الحس ويسهل دفقات الدورة الدموية".
كانت كلماته تحدد بالضبط حالتها النفسية , فهي خائفة وليست مرتعبة , لكن برودي لا يزال يسيطر على الموقف وهو يتفحص تقاسيم وجهها بدقة ثم طمأنها قائلا:
" لا عليك , لن أقبلك , تصبحين على خير".
وتراجع الى الوراء دون أن تفارقها عيناه , وقبل أن ينصرف أضاف:
" لا عناق هذه الليلة".
ولم تنتبه جاسيكا الى مغزى ملاحظته حتى أقفلت الباب فعرفت أنه أجّل العناق , لكنه لم يتخل عنه , وأستغربت لماذا لم يسألها عن موعد جديد ؟ ثم لم يشر الى أنه سيتصل بها , ربما بسبب كثرة أعماله, لا يعرف متى يمكنه الأتصال.
كانت تسمع وقع خطاه في الممر الخارجي , وتراهن على أنه سيدعوها من جديد وستكون المغامرة أشد خطرا, لقد رافقته هذه المرة كي لا تنكث بوعدها في قبول دعوته الى العشاء , لكنها في المرة المقبلة سوف تتحاشى الوقوع في الخطأ نفسه فهي تعي قدرته وجاذبيته , لذلك يفترض بها أن تبتعد عنه.
أمضت جاسيكا عدة أيام وهاجسها الوحيد أتصال هاتفي من برودي, وجاءت عطلة نهاية الأسبوع بدون أن تحظى بأي خبر , في بادىء الأمر عزت الأمر الى أنشغاله بالشركة الجديدة , ثم ظنت أن أعمالا أخرى أستدعته خارج المدينة , وفي منتصف الأسبوع التالي , تهيأ لها أنه لم يعد يكترث للقاء بها, وترسخت هذه القناعة في رأسها وهي تفكر أنه كان يبغي التحدي . وأحست أنها طعنت في صميم كرامتها , كان يجدر بها أن تكون أبعد نظرا وتصده منذ البداية .
كانت في مكتبها عندما قرع الباب.
" من؟".
ودخلت السكرتيرة آن مورو قائلة:
" أحد عمال المطبعة ترك لك هذا".
تناولت جاسيكا الظرف الكبير , فأضافت آن:
" المطلوب التدقيق فيه".
فتنهدت جاسيكا معترضة:
" لكن هذا ليس من أختصاصي ".
فبرّرت آن موقفها :
" ما كنت أرغب أن أجلب لك هذا الملف القديم , لكن السيد دان لا يريدك أن تطلعي على الملف الجديد".
ورفعت جاسيكا رأسها مستفسرة:
" ملف جديد؟".
ضحكت آن:
" كم من الملفات تمطرها السماء!".
وقبل أن تعلن جاسيكا أنها لم تفهم شيئا , رنّ الهاتف في غرفة الأستقبال فركضت آن لترفع السماعة , وتبعتها نظرات جاسيكا الفضولية , لقد أعطتها معلومات ناقصة , من تراه يكون الزبون الجديد؟ قد يكون غيرها في الشركة أهتم بفتح هذا الحساب, ولكن لماذا كتم خالها عنها الأمر , فمن عادته أطلاعها على الملفات الجديدة!
أخرجت الأوراق من الظرف وبدأت التدقيق فيها , فأكتشفت عددا كبيرا من الأخطاء كان بالأمكان تلافيها فأتصلت بمؤسسة الطباعة لتعلن لهم رأيها بعملهم , وطلبت منهم أن يحضر أحدهم ليأخذ الأوراق مصححة , ثم نادت آن بعد أن خرجت من مكتبها :
" سيحضر أحدهم ليسترجع هذا الظرف".
" ولكني ذاهبة الى الغداء".
تطلعت جاسيكا الى ساعتها فلاحظت أنها الحادية عشرة والنصف فأعتذرت من آن :
" لم أكن أعلم كم الساعة , يكفي أن تتركيه على مكتبك..".
يا للمفاجأة ! فتح باب مكتب خالها , وخرج منه برودي يرتدي بدلة رسمية وربطة عنق وبانت عليه مظاهر رجل الأعمال الناجح , فتذكرت كلمات آن منذ دقائق , هل كانت تشير الى برودي وهي تتحدث عن الملف الجديد؟ حباها, وقبل أن يفسح لها المجال لرد التحية , سارع الى تقديم الشخص الآخر:
" لا أظنك ألتقيت السيد جانسون من قبل".
كهل ضعيف البنية , كثيف الحاجبين , رمادي الشعر , يبتسم بدون تكلف ويوحي مظهره بالثقة .
ومدّ الرجل الغريب يده للمصافحة قائلا بلباقة:
" يسعدني أن أتعرف عليك يا آنسة ثورن , الآن أدركت مدى قدرتك على الأقناع".
" قدرتي على الأقناع؟".
وأستدرك برودي:
" لا داعي للتواضع يا جاسيكا أن السيد جانسون أقتنع بمقترحاتك ".
" مقترحاتي؟".
وأحست أنها تشارك في حوار الطرشان , فتدخل خالها ليقول:
" أجل كانت فكرة ممتازة , فالأعلان الدعائي الذي أقترحته للسيد هايس سيعيد للشركة أمجادها الماضية".
وردّد جزءا من الأعلان المقترح:
" من جديد جانسون الى القيادة".
كل هذا لم يكن يعني لها أي شيء , ولم تكن تدري عما يتكلمون , فهي لم تقترح أو تنصح برودي باللجوء الى شركة خالها لأعلاناته الخاصة , وقبل أن تزيل سوء التفاهم هذا , أستعجل برودي قائلا:
" سيد جانسون سنتعاون مع هذه الشركة , أنا سعيد بلقائك يا سيد دان , بالمناسبة لا أظن أن في الأمر أي أزعاج فيما لو دعوت أبنة شقيقتك لتناول الغداء معي".
وأبتسم خالها موافقا:
" من الأكيد لا أعتراض لدي".
حاولت جاسيكا الأعتراض لكن برودي سبقها :
"أين معطفك؟".
" في المكتب".
كانت تريد أن تقول كلاما كثيرا , لكن يده أمسكت بساعدها وسار بها نحو الباب

5-تصبحين على خير
أدخل برودي جاسيكا الى مكتبها وأغلق الباب, حدقت به وقالت غاضبة:
" هل تتكرم وتفهمني ماذا تريد؟".
تناول معطفها المعلق على الحائط وتقدم نحوها لألباسها اياه, وعندما لم تعترض , أمسكها برباط حقيبتها , وهمّ ليتجه بها نحو الخارج , لكنها حررت يدها من قبضته سائلة:
" ماذا تريد؟".
فأجاب:
" أنني أصطحبك الى الغداء!".
" لكنني لم أوافق".
أحنى رأسه وسألها:
" هل تلبين دعوتي؟".
" آسفة لا أريد أن أذهب الى أي مكان ".
ثم ألقت بحقيبتها على الكرسي وبدأت تخلع معطفها , فقال لها معاتبا:
" الآن فهمت لماذا لم تعطيني عنوانك...".
وأرتفعت يداه حتى منكبيها وكأنه يتهيأ لمعاونتها على خلع معطفها , كان يتمتم بدون أن يفصح عما يقوله فسألته مستفسرة:
" ماذا تقول؟".
" أتكلم عن المرة السابقة , يوم قبلت دعوتي الى العشاء , كنت متأكدة أنني أجهل عنوانك وتستبعدين أمكانية حصولي عليه".
كانت يداه على كتفيها فسألته مستوضحة:
" لماذا أزعجت نفسك في البحث عن مكان سكني , ما دمت قد أكتشفت نيتي في التهرب من أعطائك عنواني ؟".
وبحركة عصبية رفعت رأسها وكأنها تبعد عن ذهنها عقدة الشعور بالذنب من تصرفها هذا , فقال لها برودي:
" دعوتك للعشاء وقبلت, وأنا دائما أنفذ ما أقرر عمله , وأحيانا أعلم أن الآخرين يتراجعون عن وعودهم لكن أسعى لمساعدتهم على الوفاء بوعدهم".
وتناول المعطف من جديد , وحاول أن يلبسها اياه بدون أدنى أضطراب , فأحست أن الأرض تهتز تحت قدميها , وأدركت أن برودي يحصل بشكل أو بآخر على ما يريده , وأن معاندته لا تجدي , وسألها كأنه يخاطبها للمرة الأولى:
" هل سنتغدى معا؟".
فأدركت أن الأعتراض لا ينفع وأن برودي من النوع الذي يأبى الأستسلام , فسارت أمامه بلا جواب.
تقدم نحو الباب وفتحه وخرجا معا , لكن جاسيكا توقفت عن مكتب السكرتيرة مظهرة عدم أكتراثها بالرجل الذي يمشي الى جانبها , وقالت لها:
" أذا سأل عني أحد قولي له ذهبت الى الغداء وستعود عند الساعة الواحدة".
وأضاف برودي:
" ربما نتأخر عن الساعة الواحدة".
وقبل أن تستطيع جاسيكا معاكسته , أتجه بها نحو الخارج , بينما نظرات السكرتيرة الحسودة تلاحقها , فتأكدت أن برودي قادر أن يغزو القلوب من النظرة الأولى , ولم العجب؟ ألم يستأثر بأنتباهها يوم كان واقفا بمحاذاتها عند أشارة العبور؟ لقد حدّقت به مليا يومها , ولم تستغرب وجهه , وفي النهاية فرض نفسه عليها.
عندما دخلا السيارة المتوقفة عند الرصيف , عرض عليها برودي فكرة تناول الغداء في محطة السكة الحديدية , فلم تعير أي أهتمام للمكان,. ولم يحاول هو الأسترسال في الحديث بل راح يهتم بالقيادة وسط الأزدحام وأتجه نحو محطة شاتانوغا , توقفا في الباحة الخارجية ودخلا المبنى الذي توزعت فيه المطاعم والمحلات.
" أظنك تناولت الطعام أكثر من مرة هنا".
فأجابته بلهجة جافة:
" ليس من زمن قريب".
" لم آت الى هنا من قبل , لم يكن بوسعي تسديد الفاتورة".
وتذكرت جاسيكا حالة برودي التعيسة في الماضي , أنه أنسان عصامي بنى نفسه بنفسه حتى أضحى قادرا على أن يحصل على ما يريد بعد أن شق طريقه , وبات جديرا بالأحترام...
دخلا المطعم فوجدا أن الطاولات مكتملة , فقد توافد السواح بأعاد غفيرة الى المكان , دقائق معدودة وتمكن برودي من أقناع الخادمة بأيجاد طاولة لهما قرب النافذة المطلة على الحديقة.
فتحت جاسيكا لائحة الطعام , وطلب برودي كوبين من العصير بأنتظار أن يتفقا على المآكل التي سيطلبانها.
كانت جاسيكا مستعجلة , وأعترضت وهي ترى بطء برودي في الطلب.
" عليّ أن أرجع قبل الواحدة".
" لا يهم أذا تأخرت عن عملك".
" تظنني قادرة أن أعود الى المكتب ساعة أشاء بأعتبار خالي صاحب الشركة ! الحقيقة هي غير ذلك , عندي مهام يجب أن أتممها في الوقت المطلوب , فأنا لا أتقاضى راتبي بدون عناء".
" لن يغضب خالك أذا تأخرت اليوم بسبب غدائك".
وتوقف قليلا ثم أضاف:
" خاصة أنك تتناولين الطعام معي , على كل حال أنا زبون جديد وحساباتي سوف تدر على شركتكم أرباحا طائلة".
وعلّقت جاسيكا:
" هذا أمر لا يعنيني , ثم ما معنى هذه الرواية التي حيكت حول تدخلي في أقناعك للتعاون مع المؤسسة ولم يكن لي علاقة بهذه القضية؟".
أرتشف جرعة من العصير وقال:
" لا تكوني ساذجة يا جاسيكا , الفضل يعود اليك, أنت الدافع الوحيد , أنا الذي طلبت من جانسون أن يتعامل مع شركة خالك للأعلانات".
وأصفر وجهها أمام التصريح المفاجىء , فقالت من دون أنتباه:
"ولم أنا؟".
لم تدر كيف صدر عنها هذا السؤال , ليتها تستطيع أسترداد كلمتها لتخفيها في قرارة نفسها.
" لأن لك شعرا عسليا وعينين خضراوين , ثم أريد التقرب منك .... بأي ثمن".
وتردد قليلا في لفظ العبارة الأخيرة وكأنه يتوخى أعطاءها الأهمية البالغة , فشعرت بالنار تندفع في شرايينها , ولاح الأضطراب في مقلتيها النضرتين.
فسألها برودي مازحا:
" هل كان لك ماض مع رجل آخر؟".
حاولت أن تتهرب من السؤال وتجيب بأي شيء , لكن الكلمة خانتها فدفعت كوبها لترتشف جرعة من العصير , ثم تعمدت أن تظهر نفسها متعبة , لا قوة لها على الحديث بينما تابع هو حديثه:
" وبعد؟".
" وبعد ماذا؟".
" ما رأيك لو يكون لي دور في حياتك؟".
كانت جميع حواسه مرهفة , تتعطش للحب وتتوق اليه , لكن المكابرة بدت على جاسيكا برغم أن كلماته ونظراته نفذت الى أعماق قلبها , فأجابته:
" عليك أن تنتظر وسترى".
أبتسم وأجاب:
" لن أستعجل عليك؟".
فأعترضت على ملاحظته :
" أفهم من كلامك أنك تنذرني لكي أوافق , لماذ تضيّع الوقت , من الأفضل أن نطلب طعاما".
وراحت تبحث في لائحة الطعام , متأكدة أنها لن تربح في تلك المعركة الكلامية.
" ماذا تريدين أن أطلب".
" بأعتبار أنني لا أعرف ذوقك , لا يمكنني الأيحاء لك بشيء معين".
" تعرفين ذوقي , أريد الأفضل , ولا شيء سوى الأفضل".
ورفع نحوها بصره الثقاب , ففهمت أنه لا يعني المأكولات.
" ولكن الأفضل يختلف بين شخص وآخر , وعليك أن تختار بنفسك , أنا مثلا أفضل السلطة بالبندورة والزيت والحامض".
وطلب برودي من الخادم أن يحضر لهما السلطة المذكورة بالأضافة الى قطعة لحم والبطاطا المقلية.
" ما بك نسيت كوب العصير؟".
أرتشفت جاسيكا جرعة قليلة من كوبها ثم أستطرد برودي قائلا:
" أنا عادة لا أهتم للمرطبات , أما اليوم فأجده لذيذا".
" لماذا ؟".
" لأننا أجتمعنا أنا وأنت".
ثم تناول كأسها وشرب منه جرعة وأضاف:
" كنت أفكر كيف يمكن أن تتكرر لقاءاتنا وأن عليّ أن أفعل شيئا ما لأراك".
همست بصوت خفيض:
"هل أنت جاد في ما تقول؟".
فأستفسر برودي معاتبا:
" هل هذا يعني أنك لم تكوني تنتظرين مني أي أتصال؟".
فتعمدت جاسيكا الكذب وقالت:
" لم يخطر هذا الأمر على بالي".
" مسكينة... هل أعتقدت أنني تخليت عن فكرة العناق , وأنا أقول لك تصبحين على خير؟".
أمام كلماته هذه شعرت جاسيكا بضرورة التهرب من لغة العواطف فقالت:
"أليس هناك موضوع آخر يمكن أن نتحدث به؟".
" شيء تافه , الطقس مثلا".
كانت منفعلة وتريد أن تضع حدا لتجاوزات برودي, وأقبل الخادم في الوقت المناسب ليجمع الصحون الفارغة , فساد صمت كامل , قطعه صوت برودي وهو يسأل عن الفاتورة , بدا في تلك اللحظة معتدلا هادىء الأعصاب وكأن جفاء جاسيكا لم يثر حفيظته , فأدركت كم تنقصها الخبرة للتعامل م هذا الأنسان المتزن , الذي يقوى على الغضب والأنفعال والقادر أن يحافظ على رباطة جأشه ويتحكم بالأحداث ولا تفوته شاردة أو واردة.
بعد الغداء حاولت جاسيكا العودة بسرعة الى المكتب لكن يد برودي خففت من سرعتها وقال معترضا:
" ما زال لديك متسع من الوقت لتعودي , ما رأيك لو نتفرج على واجهات المخازن؟".
ترددت لحظة ثم أدركت أنه على حق فما زال أمامها متسع من الوقت , رغم ذلك حاولت أن تجد مخرجا للتهرب فقالت:
" يبدو أنهم في كافة المخازن منهمكون في عرض الأشياء الجديدة".
فأجابها مازحا:
" منذ متى لا تحب أمرأة التجول في المخازن؟".
دخلا أحد محلات الهدايا فراحت تتأمل السلع المعروضة وكان برودي يتبعها مراقبا كل ما يسترعي أنتباهها , لكنها تظاهرت بأنها لا تعيره أي أنتباه.
من بين الأشياء المعروضة , أعجبها شمعدانان خشبيان تناو لتهما وراحت تدقق في الرسوم المحفورة عليهما , ثم قالت لا شعوريا :
" أنهما رائعان!".
وردد برودي:
" أنهما حقا رائعان!".
ثم وضعتهما في مكانهما وتابعت جولتها تراقب التحف المعروضة على الرفوف , لحظات , وألتفتت الى الوراء فوجدت نفسها وحيدة , نظرت يمنة ويسرة , فرأت برودي عائدا من قرب الآلة الحاسبة وبيده رزمة مغلفة بورقة هدية , فأرتسمت على محياها علامات أستفهام.
لكن برودي أزال الغموض من ذهنها:
ط هذه لك".
وقدم لها الرزمة مضيفا:
" أنهما الشمعدانان اللذان أعجباك".
" لكن لم أكن أقصد أن تشتريهما لي".
" أعلم ذلك".
ودفعها الى يدها فتناولتها بيد مرتجفة , وحاولت أن تفتح حقيبتها باليد الأخرى وقالت:
" سأدفع لك ثمنها".
فرد جازما:
" ألم يعلمك أهلك كيف تتقبلين الهدايا بلطف , والأبتسامة تعلو ثغرك؟".
ولمست يده جسدها بدون تكلف وكأنه أعتاد هذا التصرف معها من قبل, فأعتراها شعور غريب وشعرت بالنار تلتهم عروقها, لكنها أمتلكت مشاعرها وردت بحزم:
"علمني أهلي أن لا أتناول الحلوى من الأغراب".
" ولكن لن نبقى غرباء الى الأبد يا جاسيكا!".
وأمام موقفه هذا أدركت أن الرفض ليس عملية سهلة , فقبلت الهدية شاكرة , وتابع برودي قائلا وهو يلامس عنقها بيده:
" لاتنسي الأبتسامة".
فأبتسمت مرغمة علّها تخلص من هذه الورطة .
خرجا من محل الهدايا فدعاها بلباقة لزيارة معرض الألعاب المتنوعة , فوافقت على الفكرة برغم أن قلبها كان يخفق بسرعة , شعرت وهي تسير بأتجاه المعرض بأن أضطرابها يزول تدريجيا وأنه لا داعي للقلق.
كان المعرض كناية عن قاعة فسيحة , عرضت فيها نماذج من شاتانوغا : الطبيعة الألوان المحلية , وسائا السير , القطارات , العربات , الأنفاق , الجسور , أشجار أصطناعية مستوحاة من مناظر جبلية , بيوت أمامها المناشر وقربها سيدة تنشر غسيلها...
وأكثر ما كان يلفت الأنظار سيارات الركاب وعربات النقل المتوقفة عند المحطات وقرب الأرصفة , بأختصار كان هذا العرض مصمما بشكل يثير الخيال عند الشباب والشيوخ على السواء , وقد أثارت مهارة الترتيب أهتمام جاسيكا , وأرتسم الماضي في مخيلتها وهي تنعم النظر بأحد القطارات الصغيرة فقالت:
" كان جوستان يملك واحدا كهذا وضعه على طاولة غرفته لكنه لم يكن كبيرا بهذا الحجم , كم مرة دعاني لمشاهدته وهو يمشي بسرعة خاطفة! لكنه لم يسمح لي مرة واحدة أن أستعمله ".
في تلك اللحظة أرتفع صوت ولد في القاعة صارخا:
" هل أستطيع أن أشتري هذا يا أبي؟".
وكانت يده تشير الى جميع محتويات المعرض , فأجابه الوالد:
"ليس لدينا غرفة تتسع الى كل هذا ... في كل حال , قد يحمل العيد لك قطارا".
فرد الولد:
" شرط أن يتصاعد منه الدخان مثل هذا".
فطمأن الأب ولده:
" حسنا سيتصاعد منه الدخان".
" أذن أنا بأنتظار العيد والقطار الذي يشبه هذا".
أبتسمت جاسيكا قائلة:
" أنني أراهن , بأن كل ولد يرى هذا المعرض يتمنى قطارا كهدية يوم العيد".
ثم رفعت عيناها نحو برودي لتسأله بشغف:
" هل حمل لك أحد الأعياد قطارا يدخّن كهذا؟".
أطرق برودي رأسه قليلا ثم أجاب:
" كلا , لم أحصل أبدا على قطار ... كم من الأعياد مرت دون أن تدخل الهدايا بيتنا , لا أدري أن كان ذلك بسبب فقرنا , أم لأنني كنت ولدا شريرا , يعاقبونه بالحرمان".
عندها لاحظت حزنه فأرادت جاسيكا أن تغير الموضوع فقالت:
" الله وحده يدين الناس".
وأسند برودي رأسه على الحاجز الحديدي الذي يمنع المتفرجين من لمس الألعاب المعروضة وقال لها وهو يتأمل القطارات:
" كان والدي موظفا في سكة الحديد".
" هل هذا صحيح؟".
أجابها وقد بدا الأرتياح على وجهه:
" أجل, لقد أقعدته عن العمل حادثة قطار مشؤومة , كنت يومها في الخامسة تقريبا , أعفي على أثرها من الخدمة , ولم يعد بأمكانه القيام بأي عمل , وأكتفى بمرتبه التقاعدي الذي كاد لا يفي بنفقات العائلة البسيطة , وأبت عليه كرامته أن يلجأ الى مؤسسة العاجزين عن العمل , لذلك حرمنا من أشياء كثيرة".
" هل تذكر طباع أبيك؟".
كانت جاسيكا تريد أن تجمع المعلومات عن عائلة برودي لتقارن بين الأب والأبن , خصوصا بعد أن علمت بأن هذا الأخير عاش معاقا وأن مثل هذه الصدمة تؤثر على النفسية.
أجابها برودي وهو يستجمع ذكرياته:
" كان أبي عنيدا , عنيفا وحاسما , لا يتراجع أبدا عن قراره ... لقد أقعده العجز عن العمل وتركته زوجته , وأبنه كان يجلب له المتاعب".
" عفوا يا برودي , لو ظل حيا لكان فخورا بك الآ".
رفع نظره عن المعرض ليوافقها الرأي:
"أجل... ولكن الأمور ما كانت سارت بهذا الشكل".
فتعجبت جاسيكا كيف أنه يعبر عن أفكاره بهدوء تام ولا تحزنه ذكرى والده , وبدت وكأنها تتأسف هي عنه , لأن والده مات بدون أن يعرف مقدار النجاح الذي حقّقه أبنه في حياته.
غادرا المعرض وخرجا الى الطريق العام , كانا يسيران في شارع كثرت فيه المطاعم حين قال لها بهدوء:
" كنت أود أن نأكل في أحد هذه المطاعم لكنني لم أحجز مكانا , لا بأس, سنصحح هذا الخطأ , سنحجز لتناول العشاء معا , عندما أعود الى المدينة في المرة المقبلة".
كان يتحدث بلهجة حاذقة وكأنه أعتبرها موافقة على فكرة اللقاء به من جديد, الأمر الذي أثار أعتراضها , فقالت له:
" أذا كنت متفرغة ليلة عودتك".
فردّ برودي بلهجة حميمة:
" ستكونين بالطبع جاهزة".
وتابعا سيرهما , بينما أسند برودي يده الى ظهرها ليسعفها على شق طريقها وسط الجمهور الغفير الذي تجمع في باحة المعرض, فأحدثت لمسته رجفة مثيرة في داخلها , وقال:
" هل تعلمين أنه أصبح بالأمكان أستئجار سيارة مثل شقة صغيرة يمضي فيها العشاق ليلتهم ".
" أجل , لقد رأيت صورا عنها , أنها جميلة ومفروشة على الطراز الحديث".
" عندما أحجز مكانا للعشاء , ربما سأستأجر سيارة من هذا النوع
وألقى نظرة خاطفة عليها ليرى ردة الفعل عندها , فشعرت بمزيد من الحرارة تجري في عروقها , لكنها قالت متأففة:
لا , شكرا".
هل فكرة الحب تزعجك , أم أن النساء لا يحق لهن طرق مثل هذه المواضيع؟".
لم يكن بودها الأجابة على أي سؤال , ووجدت نفسها تتعثر وتمنت لو تقصر الطريق أمامها لتخرج من هذا المأزق , ثم تململت قائلة:
" حان وقت العودة الى المكتب".
فنظر برودي الى ساعته وهز رأسه مؤكدا :
" أجل أنه الوقت, أنت دائما الموظفة المثالية , أليس كذلك؟".
" لاتنس أ،،ي أعمل لقاء أجر".
قطعا نزهتهما ليتجها نحو المكتب , فسألها برودي مستفسرا:
" هل تعملون يوم السبت؟".
" كلا , الشركة تقفل أبوابها السبت".
" كيف تقضين وقت فراغك أذن؟ تلعبين التنس والغولف؟ هل تسبحين؟".
" حسب الظروف".
" ماذا تنوين أن تفعلي هذا السبت؟".
" لم أقرر شيئا حتى الآن".
ولاحظت أنها وقعت في المأزق من جديد.
" أذا بأستطاعتنا أن نقرر شيئا ما سوية".
" شرط أن تتخلى عن فكرة السيارة الليلية".
" الآن لا يخطر على بالي سوى نزهة في الطبيعة للتمتع بجمالات شاتانوغا , أليست رحلة بريئة بالنسبة اليك؟".
" أعتقد ذلك...".
مرة أخرى وجدت نفسها عاجزة عن رفض دعوته.
" حسنا سأحضر لأصطحابك يوم السبت عند الساعة العاشرة صباحا".
http://www.liilas.com

 
 

 

عرض البوم صور زونار   رد مع اقتباس
قديم 17-09-09, 11:09 AM   المشاركة رقم: 7
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Nov 2008
العضوية: 103835
المشاركات: 336
الجنس ذكر
معدل التقييم: زونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 502

االدولة
البلدKuwait
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
زونار غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : زونار المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

- الفريسة والصياد
صبيحة السبت , كانت الشمس تسطع في الأفق , وقد أختفت الغيوم فبدت السماء صافية وزقزقات العصافير تملأ الأرجاء بالنغم الجميل...
جلست جاسيكا على شرفة شقتها تتأمل الطبيعة الساحرة وهي ترتدي بنطلونا بنيا وقميصا حريرية خضراء , كان النهار جميلا مشعا وكأنه يدعو الناس للخروج من سجن البيت المزعج.
حين قرع جرس الباب, نظرت الى ساعة يدها فكانت تشير الى العاشرة الا دقيقة واحدة , فخفق قلبها خفقة قوية لكنها تريثت لحظة حتى تمالكت أنفاسها قبل أن تجيب , فعليها أن تبدو ساكنة وهي تفتح, لكن الجرس قرع ثانية ! وعبثا حاولت السيطرة على أعصابها , فقد ظهر الأضطراب جليا على وجهها..
كان برودي يرتدي قميصا أبيض , كشفت أزرارها المفتوحة سمرة جسده الجذاب , قال لها باسما:
" صباح الخير , هذه وردة لأحلى فاتنة في عائلة ثورن , هل تتكرمين بقبولها".
أبتسمت جاسيكا , للوردة الحمراء التي في يده , وتناولتها بهدوء وقالت:
" أنها جميلة جدا , شكرا".
" هل أنت جاهزة؟".
" أجل لحظة واحدة لأضع الوردة في أناء".
أسرعت الى المطبخ فأخرجت أناء من الخزانة , ملأته بالماء حتى نصفه ووضعت الوردة فيه ثم وضعته في غرفة الجلوس بالقرب من الساعة المعدنية , بينما كان برودي يتأملها واقفا عند الباب فقال:
" لو كنت أعلم أنك تحبين الورود لحملت لك باقة كبيرة".
" لا بأس , هذه تكفي".
سألها وهي تقفل الباب:
" هل تناولت طعام الفطور؟".
" شربت كوبا من الحليب".
أنها تهتم عادة بوجبة الصباح لكنها هذه المرة لم تشعر بالجوع :
" أنا أيضا لم يتسن لي أن أفطر , فعوض الغداء سنتناول فطورا متأخرا".
" فكرة جيدة".
في المطعم الصغير كانت جاسيكا تلتهم الطعام بشهية , وعندما أفرغا صحنيهما سألها برودي:
" هل يكفيك هذا, أم تريدين شيئا آخر؟".
فأجابت بلهجة واثقة:
" هذا أكثر من اللزوم , يلزمني بعض التمارين للهضم".
" لا عليك , سنتدبر الأمر".
أعتلت ثغره بسمة وهو يضع فنجان القهوة جانبا بعد أن أرتشف منه الجرعة الأخيرة.
" هلا نذهب؟".
وافقت بلا تردد فدفع برودي الحساب وأنصرفا.
دخلا السيارة , فأدار المحرك بتأن دون أن تفارق عيناه وجه رفيقته فسألها:
ط من أين تودين أن نبدأ جولتنا؟".
لم يكن هنالك أي فرق لجاسيكا فقالت:
" أنت السائق , وأنت تختار".
فنفذت منه نظرة تغلف رغباته الجامحة , وسألها :
ط ما رأيك لو أستأجر سيارة اليوم من محطة القطار , بذلك تتأمن لك التمارين التي قلت أنك بحاجة اليها".
لم يربكها أقتراحه هذه المرة , فأجابت برباطة جأش:
" لم أقصد هذا النوع من التمارين".
" ماذا عنيت أذا؟ شيئا مألوفا كالمشي مثلا؟".
وراح يحدق بثنايا وجهها عله يعثر فيه على معلم ضعف أنثوي , لكنها كررت قوله بحزم:
" أجل كالمشي مثلا".
" في هذه الحالة , سنبدأ مشوارنا بتسلق الجبل".
أبطأ برودي سرعة سيارته ليستطيع التحدث اليها.
" أنها طريق متعرجة سوف تستمتعين بها كثيرا".
عندما أقترب من مدخل (صخرة المدينة ) ودعاها الى السير نحو المدخل , كان البناء ضخما وشامخا يطل على مشهد رائع.
صخور لا تنحني , وأشجار شامخة ملاصقة للصخور وكأن لا جذور لها.
وقفت جاسيكا تتأمل بصمت هذه الصخور الجبارة .
" منذ زمن بعيد لم أحضر الى هذا المكان الرائع".
نظرت الى برودي مضيفة:
" هل أتيت الى هنا من قبل؟".
" أحضرني أبي الى هنا مرتين عندما كنت صغيرا , آخر مرة أتيت وحدي , فطردوني".
" لماذا ؟ ماذا فعلت؟".
" لم يكن لدي المال الكافي , فتسللت بدون أن أدفع , ولسوء الحظ أو لحسنه- هذا يتعلق برأيك- قبض عليّ".
شبك يده بيدها وتابعا سيرهما بمحاذاة الصخور المتناثرة , وللمرة الأولى شعرت بالأرتياح وهي تستند اليها , وأحست بمتعة داخلية , فغابت عن بالها المحاذير والشكوك السابقة , سار بها برودي بأتجاه القمة غير آبه لخوفها من المرتفعات الشاهقة , قطعا جسرا عاليا أرتفع فوق هوة ساحقة وراحا يستكشفان المكان , ويستمتعان بجمال الطبيعة

شبك يده بيدها وتابعا سيرهما بمحاذاة الصخور المتناثرة , وللمرة الأولى شعرت بالأرتياح وهي تستند اليها, وأحست بمتعة داخلية , فغابت عن بالها المحاذير والشكوك السابقة , سار بها برودي بأتجاه القمة غير آبه لخوفها من المرتفعات الشاهقة , قطعا جسرا عاليا أرتفع فوق هوة ستحقة وراحا يستكشفان المكان , ويستمتعان بجمال الطبيعة.
كان الأفق نقيا لا تعلو صفوه الا غيوم خجولة توزعت هنا وهناك وأنبسطت تحتها الطبيعة الغنية بالألوان , وكانت شاتاناغو تمتد عند قدم الجبل وبقربها ساحة الحرب الأهلية في شيكاموغا , حيث حقق أهل الجنوب أكبر الأنتصارات , أنها منطقة زاخرة بالأمجاد وبالمشاهد الأخاذة , وهذه القمة تشرف على سبع ولايات من الجهة الجنوبية جورجيا وألاباما , من الشمال كارولينا الجنوبية والشمالية , فرجينيا تانيسي وكانتيكي , تسلقت جاسيكا بضع أمتار ولم تنتبه أنها دنت من الشفق , وفجأة نظرت الى أسفل فشعرت بنسمة جليدية تتسرب الى قلبها فتجمد خفقاته لبضع ثوان, لكن ذراعا حنونة أحاطت بها وأبعدتها عن الهوة فعاد قلبها يختلج فرحا ورمقت برودي بلطف وهما يتراجعان الى الوراء , فقال لها:
" جميع هذه المشاهد خلابة , أليس كذلك؟".
ضحكت جاسيكا قليلا وعلّقت:
" خلابة في كل الأتجاهات , ما عدا الأسفل".
وأضافت محاولة أن تبرر ضعفها أمام الأمكنة الشاهقة:
" أي أنسان يشعر بالدوار حين ينظر الى هوة , ألم يكن ذلك شعورك أنت؟".
وتوقف برودي , حدّق بها وقال:
" أنا لا يقتلني الا الشعر العسلي والعينان الخضراوان".
أنتاب جاسيكا شرود وأرسلت تنهيدة من الأعماق وهي تقول:
" هل هذا صحيح؟".
أيقظ موقفها العاطفي حواس برودي فتسمرت عيناه على رفيقته , وكأنه يريد أن يحتلها , وقال:
" قرأت في مكان ما أن الرجل لا يحق له أن يعانق أمرأة قبل اللقاء الثالث , أنها المرة الثالثة التي نلتقي خلالها يا حلوة العينين الخضراوين , ولكن لا أدري متى يحق لي أن أطالب بحقي؟".
ثم ضمّها الى صدره الدافىء , فلم تبدي أي أعتراض , بل تجاوبت مع الدفق العاطفي الذي أنساب بصورة عفوية , وبدون تصنع وجدت نفسها تبادله شعوره , فقد هدأت ثورتها وذاب العنفوان كما تذوب الثلوج عن القمم , حين سمعته يتمتم :
" كم أنتظرت هذه اللحظة؟".
وأحست بشعور غريب وأرادت أن تجيبه بقولها:
"ليتك لم تنتظر".
مشت بأضطراب وكأنها تخاف أن تزحل الأرض من تحت قدميها , وحين شعر برودي بخوفها قال لها:
" لا تنظري الى الأسفل , تمسكي بي جيدا , ومن دون أعتراض أحاطت يدابخصره فلف عنقها بذراعه بحنان ظاهر فشعرت بأنه يحميها , وأنها قد تهوي حتى أسفل الجبل أن تخلت عنه , وما أن زال خطر الأنزلاق حتى أوقفها برودي قليلا وراحت أنامله تداعب شعرها المبعثر , ثم أكملا دورتهما نحو شلالات روبي وساحة الحرب في شيكاموغا.
بعد الظهر , توقفا لشراء الساندويش , وتساءلت جاسيكا كيف تتطور علاقتها ببرودي بهذه السرعة , لم يعد بالأمكان وضع حد لهذه العاطفة , فقد دخل الرجل حياتها وسكنها وشعرت أنها غير نادمة في كل حال.
عند المساء توقفت سيارة برودي أمام شقة جاسيكا فجلس الأثنان يدردشان قليلا , قال برودي:
" لم أتناول القهوة في المطعم, لو حصلت الأن على فنجان لوجدت لذة خارقة في تناوله".
" أذا كنت ترغب في شرب القهوة , فتفضل سوف أصنعها لك بنفسي".
حين دخلا الشقة دعته للجلوس قائلة :
" أسترج ريثما أحضر القهوة".
ودخلت الى المطبخ , وبينما هي تخرج الفناجين التفتت الى الوراء فوجدت برودي واقفا وهو يهمس في أذنها:
" كيف لي أن أستريح وحيدا في الغرفة؟".
فضحكت وردت:
"أنا أشضا شعرت بالشعور نفسه ".
" أنه لأمر مزعج بالنسبة الي أن أتململ على كرسي الأنتظار".
جلس برودي قرب الخزانة وراح يحدق بجاسيكا وهي تحضر القهوة , وبينما هي تدنو لتعيد البن والسكر ,فاجأها قائلا:
" لا داعي للقهوة".
ونظرت اليه جاسيكا مستغربة :
" لكنك أنت طلبت القهوة!".
" لا تتظاهري بالغباء , نحن الأثنين نعلم أنها حجة , حجة لكي تستطيعي دعوتي , وحجة لأستطيع قبول الدعوة".
" في كل حال القهوة جاهزة الآن".
أطفأت النار وجاءت بالفناجين.
" صبي لي فنجانا سأشربه".
وما أن وضعت الفنجان من يدها على الطاولة حتى أجتذبها نحوه قائلا:
"من أجل هذا نحن هنا , لا من أجل القهوة".
حاولت أن تصده بيدها , لكن الحب كان أقوى فألقت رأسها على صدره وشعرت أنها فقدت السيطرة بلا أرادة.
في تلك اللحظة هجمت مئات الأفكار الى رأسها لكن بعد فوات الأوان , فتساءلت كيف يعقل أن تستسلم كليا لرجل لا تعرف حقيقة نواياه , أنه يحاول أغراءها بلمساته الناعمة فأذا أستسلمت له الآن سوف تقع في شركه الى الأبد , تشنجت عضلات جسدها ثم أنتفضت وأفلتت من قبضته.
لم يحاول الأمساك بها , بل ساد صمت تام وشعرت جاسيكا بالحاجة الى قطعه , وأتجهت نحو البراد وهي تقول:
" أشتريت بعض الحلوى , هل تريد قطعة مع القهوة؟".
حاولت أن تفتح البراد فشدها برودي الى الوراء قائلا بصوت حاسم:
" لا أريد أي حلوى".
وحاول أستعادة النشوة التي قطعتها جاسيكا عليه , هذه المرة كان أوفر حظا فأستطاع أن يحرك عاطفة المرأة الواقفة أمامه وهو يدغدغ عنقها بحنان لم تعرفه من قبل ثم أجلسها على ركبتيه وهي ترتعش كالورقة الهزيلة.
" لا تضطربي".
كان صوته ينذر بالخطر أكثر من يديه العابثتين حين قال:
" لا تخافي لن أكمل لعبة الحب معك حتى النهاية , فالأمر يتطلب المزيد من الوقت".
" أعلم أنك لن تفعل".
شعرت بضعفها وبعدم قدرتها على الصمود أمام التجربة لكن أصيبت بشيء من التعجب حين قال لها:
" ليس عندي الوقت الكافي وعليّ الأنصراف".
ثم ضمّها بحنو للحظة , تركها بعدها مضيفا :
" لنشرب القهوة أنني مستعجل".
وساءها هذا التصرف , وهالها أن يدّعي العجلة فجأة , فقالت له غاضبة:
" هل أنت متأكد من أن لديك الكافي لتشرب القهوة؟".
فأجابها بمنتهى البرودة:
" لو لم يكن لديّ الوقت الكافي لرحلت".
" لم يكن بودّي تأخيرك عن موعدك".
أمسك برودي بيدها , أنتزع منها الفنجان , وضعه قرب فنجانه وقبل أن تتمكن من معرفة ما يريد , عانقها ثم قال:
"لقد فات الأوان تأخرت عن موعدي , طائرتي تنتظرني في المطار".
" الى أين أنت ذاهب؟".
" الى ناشفيل , عليّ أن أكون هناك عند السابعة والنصف , كان يفترض أن أصل اليوم لكني أجلت الموعد لأقضي نهاري الى جانبك".
ولم تعرف بأي لسان تجيب".
" لم أكن أعلم ذلك".
" تفهمين الآن كم كنت متمسكا بلقائك".
لم تكن متأكدة من صدق نواياه , فلا شيء يوحي بذلك في نظراته الثابتة , في كل حال ستنتظر , فهذا النوع من الرجال لا تكتشف هويته بسرعة , سألته:
" متى ستعود؟".
" الأسبوع المقبل , لا أدري في أي يوم بالضبط , سأتصل بك".
" لكن رقمي غير مدرج في دليل الهاتف".
" لقد حصلت على رقمك".
" كيف؟".
" نقلته في المرة الماضية عن الهاتف في غرفة الجلوس".
كانت تريد أن تغضب من تجاوزاته , لكن جاذبيته أخرستها كليا, ترى هل أضحت أشبه بفريسة سقطت في شباك الصياد ولم تعد قادرة على الفرار؟".
" لقد أصبحت القهوة باردة , عليّ أن أشربها وأنصرف".
أحست أن القهوة أزدادت حرارة وهي تلامس شفتيها الملتهبتين, وضعت الفنجان جانبا ورافقت برودي حتى البهو الخارجي , فأكّد لها قبل أن يختفي في الظلام:
" سأتصل بك فور عودتي".
http://www.liilas.com

 
 

 

عرض البوم صور زونار   رد مع اقتباس
قديم 17-09-09, 11:10 AM   المشاركة رقم: 8
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Nov 2008
العضوية: 103835
المشاركات: 336
الجنس ذكر
معدل التقييم: زونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 502

االدولة
البلدKuwait
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
زونار غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : زونار المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

زراعة الفرح
مساء السبت , جلست جاسيكا على الأريكة وراحت تفكر ببرودي , كانت تتساءل هل هي مجرد علاقة عابرة بينهما وأن تلك المواقف العاطفية قد تمر في حيتة كل فتاة ؟ ولكن مغامرتها ليست كسائر العرقات , فقلبها يخفق لأسمه بصورة مختلفة! أقفلت الكتاب الذي في يدها فهي لم تقرأ كلمة واحدة خلال ساعة وشعرت بالملل داخل جدران شقتها , وحين أستبدّ بها الضجر خطرت لها فكرة الأتصال بأبنة خالها بربارا دان عّلها تتفق معها على مشروع ما , أو ربما تذهبان الى السينما.
قامت لتتصل بها , لكن ما أن وصلت الى غرفة الجلوس حتى رن الهاتف, تساءلت من تراه يكون؟ هل تراها بربارا تتصل؟ رفعت السماعة , فاجأها صوت موظفة الهاتف يقول:
" أنه أتصال من الخارج للآنسة جاسيكا ثورن".
" من يريدها هي تتكلم".
فوجئت جاسيكا للوهلة الأولى فأهلها لم يعتادوا أن يطلبوها بهذه الطريقة من شخص الى شخص, وقالت في نفسها:
" لعله هو , بعد لحظات سمعت صوتا حنونا يقول لها:
|" ألو , حلوة العيون الخضر1".
أنه صوت برودي ,. قفز قلبها من مكانه , وردّت :
" أعتقدت أنك ستتصل في الأسبوع المقبل".
" قلت أننا سوف نلتقي في الأسبوع المقبل, ولم أقل أنني لن أتصل بك قبل هذا الموعد , في كل حال هل في الأمر أي أحراج؟ هل أتصلت بك في وقت غير مناسب؟ هل أحد المعجبين في ضيافتك؟".
" لا أنني وحيدة".
وجاء صوتها واجما وكأنها تبغي الدفاع عن نفسها.
" وحيدة مساء السبت؟ معقول؟".
" لا يهم , غدا عليّ أن أستيقظ باكرا".
" عفوا ,نسيت أنك موظفة نشيطة , لهذا السبب تقضين سهرتك وحيدة , أليس كذلك؟".
" هل تتصل لتسخر مني؟".
" المسألة أبسط من ذلك , أريد سماع صوتك".
تساءلت هل هو جاد فيما يقول؟ وتنهدت متمنية أن يكون صادقا , وحين سمع تنهدها سألها مستفسرا:
" جاسيكا , ما الأمر؟".
" لا شيء".
فجأة سمعت ضجة , توقف برودي عن الكلام لبرهة ثم تابع:
"هناك شخص في الباب وعليّ أن أودعك".
" حسنا يا برودي ألى اللقاء".
" سأتصل بك".
وأدركت جاسيكا أنزعاجه بسبب قطع المخابرة , فأعادت السماعة الى مكانها بهدوء.
ليتها فهمت ما يريد ! ليتها تعرف أن كان جديرا بالثقة!
مضى الأثنين , الثلاثاء والأربعاء وجاسيكا تنتظر المخابرة التي وعدها بها برودي , كانت تتساءل هل تراه عدل عن الأتصال بها لسبب ما؟ ربما أخطأت في فهم الموعد".
كانت في المكتب عندما جاءتها المخابرة المنتظرة .
" السيد هايس على الخط".
" ألو جاسيكا, أنني ما بين أجتماعين , لديّ فقط دقيقتين من الوقت , سنتناول العشاء معا هذه الليلة".
وساءها ككل مرة أن لا يستشيرها قبل أن يقرر.
" سأمر عليك عند السابعة والنصف".
" تمر عليّ أنا؟".
" عفوا حلوة العينين الخضراوين ,عليّ أن أسرع سأراك الليلة".
وأنتهت المخابرة وأبعدت جاسيكا السماعة عن أذنها وبدا عليها الغضب لأن برودي لم يكترث لموافقتها.
دخل عليها خالها رالف دان قائلا:
" هل برودي هايس على الخط ؟ قولي له أود التحدث اليه لبضع دقائق".
" للأسف أنتهت المخابرة".
بدا عليه التعجب:
" أبهذه السرعة ؟ لماذا أتصل؟".
" ليقول لي أنه سوف يتناول معي العشاء هذه الليلة".
وتنهدت مبدية تذمرها.
حدّق خالها بعينيها وفهم بسرعة سبب غضبها , فهي تشبه أمها الى حد بعيد وهو خبير بطباعها , فحاول أن يلطف خاطرها بقوله:
" قد يكون نسي, ألم يكن صوته لطيفا؟".
" أنني متأكدة من أن برودي هايس يتفرد بقراراته , أنه رجل مغرور لا يكترث لرأي الآخرين".
" ربما تظلميه يا جاسيكا , في كل حال أنه يريد الأجتماع بك ولا بغيرك".
" وهل عليّ أن أوافق بصورة عمياء؟".
وخفّت حدّة غضبها فهي تعرف أنه يهتم لها , ولكن على الأقل ليسألها على سبيل المجاملة , حين أدرك خالها سبب غضبها راح يسدي اليها النصائح فقال:
" عليك أن تفهمي أن رجلا ناجحا كهايس , يسافر في كل الأتجاهات , ليس لديه الوقت للمحافظة على اللياقات".
وتذكرت جاسيكا المخابرة المقطوعة فوافقت خالها على رأيه:
"قد تكون على حق".
" بلغيع عندما تلتقينه هذه الليلة أنني أرغب في التحدث اليه بصدد مشروعين تقدم بهما جانسون, أظن أنه من الأفضل أن يطّلع عليهما قبل أن أباشر التنفيذ".
" سأبلغه ذلك".
عند السابعة والربع كانت تستعد لأستقباله بعد أن قررت ألا تظهر له أستياؤها من طريقة دعوته , لكن من دون أن ترتمي بين ذراعيه أيضا!
حين قرع الباب مشت ببطء لتفتح .
" أنك مبكر لقد قلت السابعة والنصف , الآن أنها السابعة والربع".
كان بريق عينيه يدعوها للعناق لكنها تراجعت رافضة الدعوة المثيرة في نظراته:
أجابها بعنف:
" هل هي جريمة أذا وصلت مبكرا؟".
وردّت متعمّدة الكذب:
" لست جاهزة بعد".
فقد كانت مستعدة منذ عشرين دقيقة وأكثر.
وأمام موقفها المتصلب هذا أراد ترطيب الأجواء فرمقها بنظرة حب, وهمس:
" أنك فتاة رائعة".
فهمت نغمة أطرائه فأنسابت الرقة لاشعوريا من صوتها وقالت:
" بقي عليّ أن أضع الحمرة".
أمسك بيدها وأجتذبها نحوه , عبثا حاولت الأفلات , فقد خانتها أرادتها مرة أخرى.
ضمها الى صدره قائلا:
" هذا أفضل من الحمرة".
ملاحظته هذه عادت بها الى الواقع , فأفلتت من يديه وساورتها رغبة غريبة في أثارة غضبه.
" ماذا كنت تفعل لو قلت لك أن لديّ مشاريع أخرى هذه الليلة؟".
" هل عندك مشاريع خاصة؟".
" الآن تسأل أذا كان لديّ مشاريع؟".
" لو كان عندك أرتباطات أخرى, كنت أعلمتني بالأمر على الهاتف".
" لم تفسح لي المجال".
" كم بقي من الوقت قبل أن يحضر صديقك؟".
فهمت قصده وأدركت أنه يحاول أزعاجها بأدعائه أنها سوف تخرج وع رجل آخر.
" ليس عندي مشروع كهذا , ولكن يفترض بك أن تنتظر موافقتي قبل أتخاذ القرارات , فأنا لست رهن أشارتك".
" أنا لا أفرض عليك الموافقة يا حلوة, وأذا لم أستشرك فأنا لم أقصد ايذا ءك".
كان يسعى الى تلطيف خاطرها وأنهاء المشاجرة بينهما , وأما كلماته اللطيفة , أدركت أنه من الصعب الأستمرار في الغضب فأجابت بهدوء:
" أتمنى... أن يكون الأمر كذلك".
مدّ برودي يده الى جيبه وأخرج علبة صغيرة قدّمها لها وقال:
" أشتريت لك هذا".
تناولت العلبة بتردد وحياء وفتحتها فأبصرت سلسالا ذهبيا علقت فيه قطعة من الماس ... وأظهرت أعجابها على سبيل المجاملة :
" أنها رائعة ".
ثم أعادتها الى العلبة , أحكمت رباطها وأرجعتها اليه قائلة:
" آسفة لا أستطيع قبولها".
ولاحت في عينيه ومضة غضب ثم همس:
" أشتريتها لك".
" ولكنها باهظة الثمن".
" أنت معتادة على الأشياء الثمينة , هل كان عليّ أن أهديك شيئا رديئا فأجرح كبرياءك؟".
" لو فعلت, لوفّرت عليّ الشعور بأنك تحاول شرائي".
ولاح بريق الغبط في عينيه:
" شراؤك !لا أحاول أن أشتري أحدا".
" هل دأبت على أن تشتري الماس لكل فتاة تخرج معها؟".
" أرجوك كفي عن الأهانات ! أنا أشتري الهدايا فقط لمن هم عندي منزلة خاصة , والسبب بسيط: أحب أن أزرع الفرح في قلبك , هذا كل ما أبتغيه".
فتساءلت أن كانت قد ظلمته في أتهامها؟ قد يكون لا يريد أن يؤثر على عاطفتها بالهدايا , وأضافت:
" لا شيء يدعوك لشراء مثل هذه الهدايا الثمينة".
" صدقيني الثمن ليس باهظا بالنسبة لي... عندما كنت في الخامسة عشرة لم يكن بمقدوري أنفاق خمس دولارات على فتاة , أما اليوم فلا يقلقني الثمن".
ثم نظر اليها بحنان طفل مجروح وأضاف:
" أريدك أن تقبلي هذا السلسال يا جاسيكا".
ترددت قليلا, بينما برودي يتابع:
" ما نفع المال حين لا نستطيع أنفاقه على من نحب".
وبدت حجته مقنعة فمدت يدها وتناولت الهدية , وهمست:
" لطف منك أن تفكر بي يا برودي".
راحت يداه تداعبان بسلاسة شعرها الذهبي بينما ساعده تلفّ عنقها بحنان وسألها:
" هل تريدين أن تلبسي السلسال هذه اللليلة؟".
أدركت توقه ورغبته في ألباسها الهدية بيده , فوافقت على أقتراحه , أخذ العلبة من يدها ووضع السلسال بتأن حول عنقها , فوقفت تتأمل نفسها بالمرآة بأعجاب ظاهر وتقول:
"أنه رائع".
ولفت أنتباهه شعرها المبعثر فقال لها:
" أذهبي وأعتني بهندامك , لا أريد أن يدرك الآخرون سبب تأخرنا".
" الآخرون؟".
" خبر سيء , لن نتناول العشاء منفردين , نحن مدعوان الى بين جانسون".
" قلت الآخرون , هل هذا يعني أن هناك مدعوين كثرا؟".
وأشعل سيكارته موضحا:
" أظن هناك عشرة أشخاص , جانسون وكيلي ومحاسبي واين جانسون , قد تكون السهرة مملة , ولكن جانسون ألحّ عليّ , لكي أتعرّف الى أفراد عائلته , هناك بعض المواضيع الخاصة بالشركة يجب البت بها , هكذا أجمع بين واجب أجتماعي وجلسة تصريف أعمال".
" أنك تلبي ثلاث واجبات , هل نسيتني؟".
كانت تشعر بالخيبة , ورغم ذلك أبتسمت فهي لا تعرف روتين السهرات الأجتماعية , خصوصا تلك التي تتخللها أحاديث المال والأعمال, حين لاحظ برودي أستياءها حاول الأعتذار بقوله:
" كان لا بد من الأجتماع بهم , وكان لا بد أن ألتقيك في الوقت نفسه".
وأمام صوته الحنون , شعرت بشيء من التعزية لأن برودي يفكر بها مهما تعقدت مهامه.
" سأكون جاهزة خلال دقائق".
أعادت تسريح شعرها ثم وضعت وشاحا حريريا على كتفها وغادرا المنزل وهو يشبكها بذراعه.
في الطريق الى بيت جانسون , تذكرت الرسالة الشفوية التي كلّفها خالها بنقلها الى برودي ولكنها أستغربت لامبالاته حيال هذا الموضوع.
أستقبلهما آلا جانسون عند الباب الرئيسي مشيرين الى أنهما آخر القادمين , دخلا وقدم برودي صديقته الى المدعوين ثم راح يعرفها بهم.
درو ميشيل , رجل ممشوق القامة , حسن المظهر , أنه مستشار برودي الخاص وزوجته ماريان.
كليف هاردلي مستشار برودي الحالي , رجل أصلع يضع نظارات سوداء وتبدو ملامح الجدية على وجهه , وكيل جانسون , رجل من أشراف الجنوب يدعى لي كانترال وزوجته راشال , كانت جاسيكا تعرفها من قبل.
أخيرا أبن جانسون كال وزوجته سو وزوجة جانسون أميلي .
أنتهى التعارف فقال كال لضيوفه:
" حان وقت الطعام".
فتوزعوا حول المائدة , الرجال الى جهة والسيدات الى جهة ثانية , وأقتربت أميلي من جاسيكا وسألتها:
" كيف حال أهلك؟ لقد أفتقدناهم بعد سفرهم الى فلوريدا , أن غياهم خسارة".
وأجابت جاسيكا بلطف:
" لقد أرادوا السكن بالقرب من أحفادهم".
وأشتركت سو قائلة:
" المناخ عندهم رائع, أنا وكال نقضي عادة شهرا أو شهرين من الشتاء هناك , لكنني لم أتمكن من أقناعه بمغادرة هضاب تينيسي .
وبدأت الدردشة الحميمة بين السيدات ... وما هي الا برهة حتى قدمت الأطعمة المتنوعة , ونظرت جاسيكا الى برودي فوجدته يصغي الى حديث وكيله بأهتمام , وتوجهت راشال كانترال اليها بالحديث:
" كيف حال جوردانا , هل ما زالت مع توم في ذروة الحب ؟ ألم ينته بعد شهر العسل؟".
" جوردانا وتوم زوجان سعيدان".
بعد العشاء أنقسم المدعوون الى قسمين , الرجال لدراسة الأعمال , والنسوة في الجهة المقابلة.
جلست جاسيكا على الأريكة ترتشف قهوتها تارة وطورا تنظر الى برودي الذي بدا منزعجا وسمعت صوتا يسألها:
" هل تعرفين برودي منذ زمن بعيد؟".
كانت السيدة ماريان التي عرفت بحشريتها , فردت جاسيكا:
" لا ليس من زمن بعيد".
وجاء دورها للأستفسار فسألت محدثتها:
" هل أنت من هذه المنطقة؟".
" لا نحن نسكن في ريشموند منذ بدأ زوجي درو يعمل مع برودي".
" منذ متى يعمل زوجك مع برودي؟".
" أنها سنته السادسة, لا أعلم عدد المطارات التي هبطنا فيها ولا عدد الفنادق التي دخلناها".
" ألا يزعجك هذا النمط من العيش؟".
" درو يحب العمل مع برودي لأنه شغوف بالمغامرة , خلال الأشهر الثلاثة الأولى , كنت أشاهد درو مرة واحدة كل ثمان وأربعين ساعة, كانت فاتورة التلفون تفوق طاقتنا , ولم يبق أمامي سوى خيارين , أما أن أعيش حياة الأرملة وأما أن أحزم حقائبي وأرحل معه".
أقتربت سو جانسون فودعتهما :
" نعتذر , فعلينا أن نعود ".
" هل أنت ذاهبة؟".
" وعدنا المربية بأننا سوف نرجع قبل الحادية عشرة".
أتجهت نحو زوجها , وأتفقا على الأنصراف فأحدث خروجه شيئا من البلبلة , كان عنصرا فعالا في المناقشة.

http://www.liilas.com/vb3

 
 

 

عرض البوم صور زونار   رد مع اقتباس
قديم 17-09-09, 11:11 AM   المشاركة رقم: 9
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Nov 2008
العضوية: 103835
المشاركات: 336
الجنس ذكر
معدل التقييم: زونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 502

االدولة
البلدKuwait
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
زونار غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : زونار المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

هل أنت متزوج؟
كانت الساعة قد تجاوزت الحادية عشرة حين سكتت جميع السيدات بعد أن فرغت جعباتهن من الكلام بينما بقي الجال مسترسلين في مناقشتهم ., فشعرت جاسيكا بأنهم نسوا وجودهن في الغرفة.
لحظات ثم بدأت ماريان تتثاءب وتنظر الى جاسيكا وتنظر الى جاسيكا وراشال وربة المنزل , ثم قالت:
" سيستمر هذا الأجتماع حتى ساعات الصباح الأولى ,’ أنني أعرف عادتهم".
وأتجهت نحو زوجها فهمست في أذنه بضع كلمات , وابتسم درو معتذرا , ثم عاد ليشترك في النقاش , لا شك أنه قرار هام , لن يتوصلوا اليه بسهولة.
أنفصل برودي عن البقية وأتجه نحو جاسيكا , أمسك بيدها ومشى بها الى جهة منفردة , وبالرغم من أنه أراد التحدث اليها , ظهر أن موضوع الخلوة ما زال يشغل تفكيره , وقال لها:
" أن درو يتصل بأحد مكاتب سيارات الأجرة , لتحضر سيارة وتنقل ماريان الى الفندق , أفهم أنك سئمة وستنهضين باكرا في الغد, ثم لست أدري الى متى سيستمر الأجتماع , لذا طلبت من درو أن يفهم السائق كي يوصلك الى شقتك بعد أن تنزل ماريان في الفندق".
حاولت جاسيكا ألا تظهر أستياءها , وهي تحس نفسها عبئا عليه خلال هذه الجلسة الطويلة , لكن صوتها الواجم لفت أنتباهه فقال معتذرا:
" لم أكن أعلم أن الأمر سيطول الى هذا الحد عندما دعوتك لمرافقتي".
" لا عليك , أعلم أن الأجتماع هام وضروري".
ألتفت الى الوراء فتبين أنهما ما زالا على مرأى من الجميع , فوضع يده على كتفيها وسار نحو المدخل ثم ضمّها الى صدره قائلا:
" أمنيتي الوحيدة هي البقاء الى جانبك".
وشرح لهاالأسباب بصوته الهامس:
" لو أن المشاكل تعنيني لتركتها بدون تردد , أنها مشاكلهم وهي لا تنتهي".
وناداه درو من غرفة الجلوس:
" برودي أين أنت؟".
وحين سمع صوته تراجع قليلا لينفض عنه غبار العواطف ويستعيد رصانة رجل الأعمال , ثم نظر الى جاسيكا ليرى اذا أستطاعت مثله التحكم بمشاعرها , ثم أجاب:
" أنا هنا يا درو".
ودخل عليهما درو ولم يكن يعلم أن برودي يختلي بصديقته هناك :
" سوف يحضر التاكسي الى هنا خلال دقائق".
" شكرا يا درو".
ونظر الى جاسيكا سائلا:
" هل تزعجك طريقة العودة؟".
" بالطبع لا".
ثم توجهت لتودع الحاضرين , والتحق برودي بالمجتمعين بعد أن بادلها نظرات وداع رومنطيقية.
دخلت السيارة وسط الظلام الدامس , وما أن أقلع السائق حتى بادرتها ماريان قائلة:
" ستعتادين على هذا النمط من الأجتماعات , أذا أستمريت برفقة برودي".
وحين لم تعلق جاسيكا على الملاحظة , تابعت ماريان:
" ألا يزعجك هذا الأمر؟".
" بعض الرجال يعلموننا كيف نقبل نمط حياتهم فلا نحاول تبديله".
وأعتبرت جاسيكا هذا الرأي بمثابة أنذار , فأجابتها مقتنعة:
" أنك على حق".
وحين بدا الوجوم جليا على وجهها , أرادت ماريان أن تشعرها بشيء من المودة , فحاولت ممازحتها:
" أن برودي رجل مميز ., صدقيني لو ألتقيته قبل درو لوقعت حتما في غرامه".
ضحكت جاسيكا وسألتها بأهتمام:
" هل ألتقيت بصديقات برودي؟".
أثار السؤال ماريان فأجابت بهدوء:
" لقد رأيته مع نساء أخريات لكنه لم يعتد أن يصطحبهن الى سهرات أجتماعية".
ثم تلعثمت قليلا وأكملت:
" ربما كان علي أن أقول , لا لم أره من قبل مع صديقاته وأنك أنت الأولى , فبرودي لا يريد أن تشاع أسراره".
شعرت جاسيكا بشيء من الأرتياح حين علمت أن مجموعة من النساء دخلن حياة برودي , ولكنها تختلف عنهن في نظره , وأنها الأولى التي يجاهر بمصادقتها أمام معارفه".
حين دخلت السيارة باحة الفندق , ترجلت ماريان وألقت تحية الوداع , وأكمل السائق طريقه نحو شقة جاسيكا .
في صباح اليوم التالي , كانت باقة من الورد الأحمر تنتظر جاسيكا في المكتب , وقد كتب على بطاقة الأهداء عبارة بسيطة ( أعتذر-ب) , طيلة ذاك النهار , أنتظرت في المكتب وفي البيت أن يتصل بها , لكن هاتفها لم يرن مرة واحدة...
نهار السبت أتصلت بها موظفة البريد لتقرأ لها برقية مستعجلة موقعة من برودي:
" أضطررت للسفر الى خارج المدينة , سأعود الأسبوع المقبل".
تلك البرقية المستعجلة , جعلتها تفهم أكثر لماذا قررت ماريان مرافقة درو في أسفاره المتلاحقة , أما هي , فلا يحق لها أن تحذو حذوها , لأن علاقتها ببرودي لا تزال غامضة.
مساء الأربعاء , كانت تبلغ عتبة بابها حين سمعت رنين الهاتف المتواصل , فهرعت الى السماعة مضطربة:
" آلو ,لم أجدك في المكتب , قالت السكرتيرة أنك تركت المكتب منذ دقائق؟".
أمتلكتها نشوة لا توصف وهي تسمع صوته:
" لا بأس , ها أنا أصل البيت".
" بعد هذه الغيبة, أرتأيت أن أتصلأولا , لأسألك أن كنت حرة هذه الليلة".
كان برودي يتكلم بسخرية واضحة , أجابته بجرأة:
" أجل أنني حرة".
" أذن سأحضر".
" متى؟".
وقبل أن تطرح سؤالها , أختفى صوته وأنتهت المكالمة , أرجعت السماعة الى مكانها وراحت ترتب بيتها , جمعت المجلات المبعثرة , رتبت الوسائد , أفرغت المنافض , ثم دخلت الى الحمام , ليستحم, خرجت بقميص نوم ياباني مطرز وجلست أمام المرآة تصفف شعرها , تناولت أصبع الحمرة لتلون شفتيها حين قرع جرس الباب , غير معقول أن يكون برودي, فهي لم تلبس ثيابها بعد , فشدّت زنار قميص النوم ليلاصق جسدها , أحكمت رباطه وأسرعت لتفتح الباب.
" كنت أريد أن أصل باكرا, لكنني توقفت لشراء طعام العشاء".
وأشار برودي الى كيس في يده , كانت عيناه الزرقاوان تتأملانها من أعلى الرأس حتى أخمص القدمين وتتوقفان عن ركبتيها العاريتين اللتين لم يسترهما القميص المشدود الى خصرها.
" لم أتوقع وصولك بهذه السرعة".
وأبتعدت خطوتين لتتابع:
"عفوا يلزمني بضع دقائق لأرتدي ملابسي".
" لا لزوم للأزعاج".
قطع عليها طريقها , فحاولت أن تبعده نحو غرفتها لكنه لم يتردد في ضمها الى صدره وراح يداعب جسدها الطري بغية أثارة حواسها وجعلها تشاركه نشوة الحب , لكن جاسيكا دخلت الى غرفتها , وأرتدت ملابسها بسرعة , ثم أنتقل الأثنان الى المطبخ , وبدأ برودي الحديث:
" أعتقدت أنه من الأفضل أن نتناول عشاءنا هنا الليلة , أنها الوسيلة الوحيدة كي لا يعكر صفونا أحد ... ربما أعتقد درو أنني هنا , لكن أسمك غير مدرج في دليل الهاتف فلن يتمكن من الأتصال".
وتوالت التساؤلات في رأس جاسيكا وهي تخرج الصحون وترتب الطاولة , أن برودي لن يقف عند حد في مغامراته معها , فهو خبير بنفسية المرأة ولا يقدم على أي موقف عاطفي لا يتأكد من نجاحه مسبقا.



بينما كانت تنظم الطاولة , أصر برودي على تجهيز الطعام بنفسه , وراح يحضر قطع اللحمة الشهية الممزوجة بالتوابل , فلاحظت جاسيكا أنه طباخ ماهر , لقد خبر الحياة من كافة جوانبه بما فيها الأعمال المنزلية.
لم يكن الطعام وحده شهيئا , فقد كان الحديث عذبا أيضا , تحدثا عن كل شيء تقريبا , تناقشا في السياسة وتوافقا الرأي في الموسيقى والأدب , وتناولا موضوع المال والأعمال , وأهمية الرجلين اللذين يعملان الى جانبه واللذين ألتقتهما جاسيكا في سهرة الأسبوع الماضي , قال لها:
" درو هو فعليا ساعدي الأيمن , أنه رجل حاذق , لولاه لما أزدهرت تجارتي بهذا الشكل".
ولفت أنتباهه ضوء الشمعتين الشاحب وقد وضعتا في الشمعدانين اللذين أهداهما الى جاسيكا , لقد تعمدت أن تستخدمهما للمرة الأولى بحضوره , فأكدت له:
" أن درو يخصك بأحترامه وأعجابه , هو أيضا".
" كيف كوّنت هذا الرأي؟".
" أخبرتني ماريان أنه يحب عمله , وهذا يعني أنه يرتاح لوجودك وللتعاون معك , وأكبر دليل أنه لا يخل بمواعيده ولا يتذمر من جلسات العمل الطويلة".
كانا يرتشفان القهوة وهما يتبادلان الأحاديث بحميمية ظاهرة وحين لاحظت أن فنجانه قد فرغ سألته:
" هل تريد المزيد من القهوة؟".
" فنجان آخر, أذا شئت".
وسألته بفضول وقد شعرت أن الظرف مؤات للدخول في حياته الخاصة:
"لماذا لم تتزوج يا برودي؟".
" من قال لك لم أتزوج؟".
يا ألهي! حتى هذه اللحظة لم يتبادر الى ذهنها أن كان متزوجا أم لا؟ ولكن ماريان قالت أنها رأه مع بعض النساء وأردفت أنه يريد الأحتفاظ بحياته الخاصة لنفسه.
وفي ذروة أضطرابها , صدمت يدها فنجان القهوة فوقع وتحطم على الأرض , فهرع يلملم قطع الزجاج المتناثر , ووقف ليرمي بها في سلة المهملات.
لكن جاسيكا لم تبرح مكانها وسألته بصوتها المتقطع:
" هل أنت؟".
" هل أنا ماذا؟".
وتظاهر أنه يجهل ما تسأل عنه.
" هل أنت متزوج؟".
بدا ساخرا من أرتباكها وأصفرار وجهها :
" كان يجدر بك أن لا تقعي في الفخ , أوليس كذلك؟".
" أجبني يا برودي وكف عن المزاح".
" لست متزوجا , هل هذا يعيد الطمأنينة اليك؟".
حاولت أن تحبس أنفاسها المتقطعة وهي تحدق به.
" هل تقول الحقيقة؟".
" ألا تصدقينني؟".
" لم أعد أعرف ما الذي يجب أن أصدقه".
وأبتعدت مغتاظة خائفة مرتابة , فدنا برودي منها بصمت , وقف وراءها ووضع يده على كتفها بحنو.
" ألا تصدقينني ؟".
أنتفضت وأبتعدت عنه, لكنها وقعت بين ذراعيه مرة ثانية فضمها بسلاسة قائلا:
" هل تشكين بحبي لك؟".
ومالت عنه علّها تستطيع الأفلات , لكنه لم يتركها تفعل... وطمأنها قائلا:
" أردت المزاح فقط!".
كانت حرارة ساعديه تلفح جسدها وعطره الفواح ينعش صدرها ويخدّر حواسها.
خفقات قلبها تهمس بالسعادة والحب, وحين شعر برودي بالنشوة التي تولدها لمساته فيها , بادرها قائلا:
" صدقيني أن رجلا متزوجا , لا يستطيع أن يثير فيك مثل هذه الأحاسيس ".
وتوقف قليلا, ثم تابع:
" أذا أعتبروا العناق خطيئة , يا حلوة العينين الخضراوين , فتبا لهم".
لكن الشكوك ظلت تخامرها , فكررت السؤال:
" قل لي, هل أنت متزوج أم لا؟".
وظهر بريق الغضب في وجهه:
" سبق أن أجبت على سؤالك , ما الفائدة أن كررت الجواب وأنت لا تصدقيني , كيف يمكن أن أبرهن لك أني أعزب, هل أعلق ورقة على ظهري أكتب عليها :( أنا لست متزوجا) , هل تفعلين ذلك أنت؟".
" طبعا لا!".
" ثم لماذا أصدق أنك لست متزوجة ؟ ربما يختبىء زوج حسود , ينتظر ليفاجئنا على فراش الحب".
ونظرت اليه بغضب:
" لا أظن الموضوع هزلا".
" ولا أنا , أفضل أن أموت على أن أقع بين يدي زوجك".
وصرخت به:
" كفى , أنت تعرف أنه ليس عندي زوج".
" ماذا بالنسبة لي, أنظري اليّءجيدا, هل ترين شيئا ينبئك أن لي زوجة مختبئة في مكان ما؟".
أطرقت رأسها وبدت عاجزة عن مواجهته , فتقدم منها وسألها:
" هل تقبلين أن نتناول العشاء معا مساء السبت؟".
فأجابت بجفاء:
" أقبل".
" ولكن أقبلي بسرور يا حلوة العينين الخضراوين".
ثم أستدرك وهو يضمها مودعا:
" عليّ أن أنصرف الآن يا جاسيكا".
" الآن ؟".
بدت وكأنها لا تصدق أنه ينوي الذهاب فورا .
" أجل الآن , طائرتي تنتظرني ".
وأجابت متأففة:
" هل أنت مسافر من جديد؟".
" لقد هبطت هنا من أجلك لأقضي معك هذه الليلة , لا أستطيع الأبتعاد عنك طويلا".
" أنني سعيدة لأنك توقفت هنا".
وأفلت يديه عنها قائلا:
" أذا غادرت الآن , يمكنني أن أستحم قبل موعد أقلاع الطائرة , ألا أذا وافقت على أن أستحم هنا".
وأرتبكت جاسيكا من جراء هذا الأقتراح الجرىء , وأذ لاحظ ترددها في الجواب أكّد لها:
" ذات يوم, لن تفكري قبل أعطاء الجواب".
وأنصرف قائلا:
" الي اللقاء , السبت الثامنة مساء".
" حسنا".
http://www.liilas.com/vb3

 
 

 

عرض البوم صور زونار   رد مع اقتباس
قديم 17-09-09, 11:11 AM   المشاركة رقم: 10
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Nov 2008
العضوية: 103835
المشاركات: 336
الجنس ذكر
معدل التقييم: زونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 502

االدولة
البلدKuwait
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
زونار غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : زونار المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

- سكرة الحب
أنتظرت يوم اللقاء بفارغ الصبر , كان الوقت يمر بطيئا طيلة الأسبوع , وأستولت عليها الهواجس التشاؤمية بدون أن تعرف السبب , هل ستطرأ على برودي أعمال جديدة فيتصا بها معتذرا؟
أخيرا جاء مساء السبت , قبل السابعة أنهت جاسيكا جميع أعمالها وراحت تعد الدقائق والثواني وهي تجوب غرفتها ذهابا وأيابا , وتأكدت أنه لن يصل في الوقت المحدد حين تجاوزت الساعة الثامنة , ولكن لماذا هي مضطربة ؟ لماذا تساورها المخاوف ويتآكلها القلق؟ لماذا تأخر؟ هل هي الأعمال المتلاحقة؟ أو أنه أزدحام السير؟ أم حادث طائرة مفاجىء؟
دنت من الهاتف علّها تحظى بصوت يهدىء روعها, وحين همّت لتناول السماعة , قرع الباب فخفت لتفتحه على مصراعيه , الحمدلله! زال خوفها وأطمأن قلبها, وصل برودي سليما معافى , ضمّها بحرارة ورفق بعد أن لاحظ أن تأخره قد يبّب لها القلق, وقال بشيء من العنف:
" كيف تفتحين بابك دون أن تعلمي من في الخارج؟".
" كنت أعلم أنك أنت القادم".
| يجب أن نضع ناضورا على هذا الباب , فقد تضطرين في أحد الأيام لأن لا تفتحي لرجل غريب".
وتسمرت عيناه على السلسال الذهبي الذي أهداها اياه والمتدلي على صدرها الطري.
" المسؤول عن البناية سيهتم بالأمر".
في الواقع لم تكن تشغل بالها هذه القضية , أذ وهي تنظر الى برودي كانت نظراته تنذر بمغامرة عاطفية جديدة وهو يحدق بها بطريقة لم تألفها من قبل, ثم وافاها قائلا بصوت يقطر عذوبة :
" لم تزيني أذنيك بالحلي؟".
" لا أملك قرطين مناسبين".
وشدها بقوة محنيا رأسه على كتفها فتغلغلت أنفاسه تحت فستانها الحريري وهمس في أذنها:
" سنصحح الوضع".
ظنّت أن وقفتها غير ملائمة وهو يبغي تبديل هذا الوضع , وتأكدت من صحة هذا التفسير وهي تراه يتراجع خطوة واحدة , لكنها أدركت بأنها أخطأت الظن , فقد مدّ برودي يده الى جيبه وأخرج علبة مربعة الشكل , فتحها بحركة رشيقة , فلمع فيها قرطان من الماس بلون الحبة المتدلية من الساسال الذهبي.
" أنها لك يا حلوة العينين الخضراوين, هاتان الأذنان لا تستحقان غير الماس!".
أطرقت رأسها وكأنها لا ترغب في قبول الهدية, وأجابته متوسلة:
" برودي أرجوك لا تقدمها لي".
فتسللت يده الى عنقها لتداعبه بحنان وقال:
" من الأفضل أن تتعودي قبول الهدايا مني , جاسيكا , فهذه لن تكون الأخيرة".
ترى لماذا يجلب الهدايا باستمرار ؟ ألأنه أتى فارغ اليدين الى شقيقتها فعاد خائبا؟".
ألا يعلم أنها تنظر الى المال والجواهر بأزدراء . وأن ما تطلبه فعلا هو القلب الصادق والحب البعيد عن المادة؟
ربما يمطر عليها هداياه لأن جعبته فرغت من الحب , لكن قد تكون هذه الأفتراضات وهما من نسج الخيال , ورغم هذه الخواطر قررت أن تكمل حتى النهاية.
تناولت العلبة وأتجهت نحو المرآة لتثبت القرطين في أذنيها , بدون أن تلحظ وجهه في المرآة وهو يتأمل الجواهر التي دفع ثمنها باهظا, فهو ينف المال كما يستهلك أي حاجة حياتية ولا تبهره الحجارة الكريمة , فسألته:
" كيف تراهما؟".
" أصبحتا جميلتين عندما تدلتا من أذنيك".
رمقته بنظرة طويلة وقد أرتسمت سمات الرضى في عينيها , لقد بدا تلك الليلة يطفح برجولة فريدة, فقد وقف أمامها بثبات وقوة, وأرتسمت على جبينه معالم العنفوان والثقة بالنفس, فأمتلكها شعور بالأعتزاز , وأحست بالطمأنينة لأنها برفقة هذا الرجل, فسألته بأهتمام:
" هلا نمضي؟".
كانت جلسة العشاء حميمة , صريحة وشعرت جاسيكا بالأرتياح لأن الغموض بدأ يزول تدريجيا ولأن علاقتهما تتجه نحو الصفاء.
عند منتصف الليل توقفت سيارة برودي أمام شقة جاسيكا , عند الباب أخذ منها المفتاح وبعد أن أدخله في القفل سألها:
" هل تنوين دعوتي للقهوة؟".
" بكل سرور".
وأنتقلت يده الى خصرها ليسيرا الى داخل الشقة, أقفل الباب وأعاد لها المفتاح فرمته في حقيبة يدها وأتجهت نحو المطبخ.
" ألى أين أنت ذاهبة؟".
" لأصنع القهوة".
" أنسي الآن موضوع القهوة, تعرفين أنها مجرد حجة , ليس أكثر".
وشد قبضته على يدها ومشى بها ناحية الأريكة , أجلسها الى جانبه , ومن دون أية مقدمات راح يعانقها بحماسة , أحست جاسيكا برغبة جامحة تشتعل في عروقه , فلمساته تلهب حواسها , ونظراته الثاقبة تلتهم أنوثتها , وأحنى رأسه على كتفها وراح يهمس بكلمات نابعة من أعماقه:
" أنت لي الآن بكليتك , أريدك يا حلوة العينين الخضراوين... لا تقولي لا".
كان طلبه يهز كيانها وتوسله يقوّض أحلامها الذهبية , ولكن, أية برودة جليدية يولد الماس المعلق في أذنيها والذهب الغالي حول عنقها!
فأنتفضت فجأة , قفزت بعيدا عن الأريكة التي أجلسها عليها , وشعرت بالخجل بسبب علاقتها الجديدة .
وأحتضرت الكلمات على شفتيها , العبارة الوحيدة الت أعتصرها لسانها , كانت كلمة( لا أستطيع

أندفعت يداها نحو القرطين الماسيين فأنتزعتهما من أذنيها , كيف قبلت هذه الهدايا؟
هل أستحالت الى أمرأة تتقاضى مسبقا أجر السعادة التي تؤمّنها ؟ وأردفت:
" أشعر أنني سلعة تريد أبتياعي بمالك".
أشتعلت نار الغضب في عينيه , أمسك بكتفيها , وهزها بعنف فتطاير القرطان من يدها وصرخ بقوة:
" ألم ننته من هذه المهزلة؟".
أختفت أنفاسها في صدرها وطغت ثورة العاصفة عليها , فعادت الى صوابها.
كانت تعتقد أنه لا يعرف الأنفعال ولا الغضب , فتمتمت :
" أعلم.... ذلك".
فكرر كلامه بصرخة عنيفة:
" الحلى كانت هدايا لا أجرا على خدمات".
وبعد أن توقف عن هز كتفيها , نظر اليها بأحتقار واضح, ثم تقدم بكبرياء نحو المكان الذي تدحرج فيه القرطان الماسييان , فلمهما وأعادهما لها صارخا!
" خذي".
أخذتهما من يده, وفكرت بأنها قد تكون ظلمته بأدعائها, وأمتلكها شعور بالذنب , فتمتمت مطرقة رأسها لتخفي شحوب وجهها وهمست:
" أنني أعتذر!".
مد يده الى وجهها فرفع رأسها قائلا بجفاف:
" سنتناول العشاء معا في الأسبوع المقبل , لا أعلم أية ليلة , سوف أتصل بك".
لم تستطع أن تتفوه الا بعبارة:
" لا تزعج نفسك".
كانت متأكدة من أنها لن تراه بعد اليوم.
" تصبحين على خير".
توقف عند الباب ليرميها بنظرة أخيرة , ثم أقفل الباب خلفه وأنصرف.
لم ينقطع برودي عن الأتصال بها , كانت تلتقيه مرة على الأقل أو مرتين في الأسبوع ,ولم يتخل أبدا عن تقدمة الهدايا, سوار من الذهب , سترة من الكشمير ... ولم تبد أي أعتراض , أنصاعت لرغبته وفضّلت أن تقبل كل شيء خوفا من أن تجرح شعوره.
ذات يوم , أكفهرت السماء, وكان البرق يلمع , والرعد يدوي فترتجف الأرض ويهتز زجاج النوافذ , ثم أنهمر المطر بغزارة , فأوت جاسيكا الى شقتها متأففة من هذه العاصفة الربيعية , كان برودي قد أتصل بها ليقول أنه سوف يزورها تلك الليلة , لكن الطقس المجنون غيّر كثيرا بمواعيد وصول الطائرات التي أجبرت أن تبدل وجهة سيرها وتحط في مطارات أخرى, ولكن, لماذا لم يتصل بها ليخبرها أين هو الآن؟ لا بأس سيفعل ذلك لدى هبوطه.
قرع الجرس فترددت في فتحه, يا لدهشتها!
برودي يتحدى العواصف ويكذّب النشرات الجوية , أنه هنا أمامها!
" من أين جئت؟ لا يعقل أن تهبط الطائرة في مثل هذا الطقس".
" كانت سفرة مجنونة , ولكن ليس من قوة تبعدني عنك".
شعرت أن هذه الليلة مختلفة عن الليالي السابقة, لقد كان الأعياء ظاهرا على تقاسيم وجهه وبدت النضارة غائبة عن عينيه , فقالت له:
" سترتك مبللة , من الأفضل أن تخعلها عنك".
ووقفت وراءه لكي تسعفه على خلع سترته , وفيما هي تنشرها على الكرسي أعلن لها:
" هديتك داخل جيبها".
" سآخذها بعد قليل, ما رأيك بكوب من العصير؟".
وافق, ثم سألها:
" هل تسمحين لي بأن أستخدم الهاتف؟".
" طبعا!".
جلس برودي على الأريكة وقد وضعت جاسيكا كوب العصير الى جانبه , فشكرها وتركّز أنتباهه على الهاتف.
" ألو , درو , أنا برودي".
وسمع صوت وكيله بوضوح , حتى أن جاسيكا كان بوسعها الأستماع الى كل كلمة.
" برودي! من أين تتكلم ؟ مضت ساعتان وأنا أبحث عنك".
" أنا في شاتانوغا".
" شاتانوغا!".
وسمع صدى الكلمة في الغرفة.
" أنها المرة الخامسة أو السادسة التي تتوقف هناك من غير ميعاد , أنتبه لي, أذا قررت متابعة التعاون مع جانسون ستكون الخسائر فادحة , هذا الرجل ليس صالحا للمنصب الذي أوكلته اليه".
تربع برودي على الأريكة وحاول فك رباط عنقه فأقتربت جاسيكا لتساعده , وفكّت الأزرار الثلاثة العليا من قميصه , بينما هو يرد على بدرو:
" أنا لست هنا لألتقي جانسون".
" أذن ماذا تفعل عندك؟ هذه الشقراء تشغلك عن أعمالك , أعتذر أن كنت أحشر أنفي بأمورك الخاصة لكنه يعز عليّ أن أرى مصالحك مهددة".
" أرجوك درو أنا أعرف كيف أتدبر أموري ولست بحاجة الى المواعظ".
كانت نبرته قاطعة وكافية لأنهاء الموضوع , ثم أردف قائلا:
" التقرير الذي قدمه لي كليف عن المواد الأولية في مامفيس لصناعة المعلبات , غامض, قل له أن يوافيني بالتفاصيل الواضحة على المطار".
" في أية ساعة تصل؟".
" عليّ أن أجتمع بصاحب مصرف ناشفيل الساعة.... التاسعة على ما أظن".
كان يحسب الوقت ويتذكّر مواعيده , ثم تابع:
" أجل التاسعة".
" حسنا سأطلب من كليف أن يوافيك الى ناشفيل التاسعة تماما".
وعلّقت جاسيكا على الحديث :
" درو على حق أنك ترهق نفسك".
فأمسك بيدها وقبّلها بلطف, ثم دفعها بيده مذكّرا:
" هيا , أذهبي وأفتحي هديتك".
أخرجت العلبة , فكّت شريطتها , نزعت عنها الورقة ورفعت الغطاء , أنها قداحة ذهبية , أثبت عليها حرف ( ج) من الماس, تأملتها بأعجاب شاكرة , ثم أضافت:
" الأفضل أن نتناول العشاء هنا , عوض أن نذهب الى المطعم".
" عظيم! أكاد أتضور جوعا, قدّموا لي المآكل في الطائرة , فأعتذرت , لأنني أريد تناول العشاء الى جانبك".
دخلا المطبخ , وأقتصرت الوجبة على ما تحويه خزانتها من مآكل سهلة التحضير , بعد العشاء وضعت الصحون في الحوض على أن تنظفها فيما بعد , وحضّرت القهوة ولحقت ببرودي الى غرفة الجلوس.
" ما رأيك بفنجان قهوة؟".
أجابها مازحا:
" أهتمام خاص , كوب عصير عند الوصول , عشاء شهي ثم قهوة , أنك تحاولين أحراجي بضيافتك وكرمك".
لم تعد تصغي الى الثورة المحتدمة في الطبيعة فبرودي يخلب حواسها ويستأثر بأنتباهها.
وناداها بسلاسة:
" تعالي أجلسي هنا".
أقتربت وألقت رأسها الى صدره لتسمع همساته وتشعر بالدفء والحنان , ثم راح يسترسل في ملامسة عنقها ومداعبة شعرها برقة متناهي ة , أية لذة تفوق هذه, فهي تشعر أنها تحلّق فوق آفاق بعيدة , تضيع وتغيب وتنسى وجودها في سكرة الحب! لحظات السعادة بين يديها , من قال أن السعادة بين وهم وكذبة في قصائد الشعراء؟
حين لاحظ برودي أن حبيبته تضيع في شرود وتغمرها نشوة الحب , سألها بعذوبة :
" أليس هذا أفضل من القهوة؟".
وتنهدت وقالت:
" أفضل بكثير!".
" والآن , أن كنت حقا تريدين أن تظهري حسن ضيافتك فعليك أن تقدمي لي مكانا للنوم".
أرتجفت شفتاها وهي تلمس الأغراء في طلبه.
" لديّ غرفة خاصةبأمكانك النوم فيها".
" تعلمين أنني لن أقبع في هذه الغرفة وحيدا".
وحاول أن يضمها بأسلوب جديد لكن جرس الهاتف قطع حديثه.
وقفزت من مكانها كالسارق الذي يسمع خطوات قرب الباب وسمعته يلعن الطالب وهي تنحني لترفع السماعة:
" آلو , هل برودي موجود ؟ دعيني أكلمه".
أنه صوت غريب , وتطلعت الى برودي سائلة بالأشارة أن كان يرغب في الأجابة , كانت مقلتاه موشحتان بالسواد وتنفذ منهما زرقة ثابتة , وهمس قائلا:
" أسأليه من يكون؟".
فأبعدت يدها عن الفوهة سائلة:
" ومن المتكلم أذا سمحت؟".
" بلغيه , أنا جيم- الطقس يمهلنا".
وضعت يدها على الفوهة موضحة:
"شخص أسمه جيم يقول شيئا عن الطقس".
" دعيني أتكلم اليه".
أخذ برودي السماعة قائلا:
" أهلا جيم , ماذا تقول؟".
" حسنا أنا قادم اليك".
وتردد لحظة وأعاد السماعة الى مكانها , ثم نظر الى جاسيكا قائلا:
" أنه سائق طائرتي , الرادار يظهر أن الغيوم ستنحسر عن المنطقة نصف ساعة فقط".
وهناك عاصفة أخرى قد تصل خلال ساعة أو ساعة ونصف , فأذا أردنا الرحيل هذه الليلة ينبغي أن نسرع".
" سائق طائرتك ؟ تعني أنك تملك طائرة خاصة؟".
" لكنها( جيت) صغيرة".
وضحكت مستغربة.
" طائرة جيت صغيرة؟ ما كنت أحسب أنك تملك طائرة خاصة وطاقما".
" سأصطحبك في نزهة جوية ذات يوم ... عليّ أن أغادر الآن , الأرجح أنني قد أعود الثلاثاء المقبل".
ونهض عن الأريكة للأنصراف.
" سأكون بأنتظارك".
وضمّها بسرعة بدون أن يكون لديه الوقت الكافي للوداع العاطفي, وظلّت ترافقه بنظراتها الى أن أختفى في الظلام.
http://www.liilas.com/vb3

 
 

 

عرض البوم صور زونار   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
ممر الشوق, جانيت دايلي, janet dailey, روايات, روايات مكتوبة, روايات رومانسية, روايات عبير المكتوبة, روايات عبير القديمة, sentimental journey, عبير القديمة
facebook



جديد مواضيع قسم روايات عبير المكتوبة
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 06:59 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية