لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > روايات احلام > روايات احلام > روايات احلام المكتوبة
التسجيل مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

روايات احلام المكتوبة روايات احلام المكتوبة


5 - الرجل السراب - جانيت ديلي ( كاملة )

الرجل السراب كانت تعرفه صوتا بغيظا متسلطا عبر الهاتف .وها هى الأن تراه مختلفا كل الاختلاف . على كل حال ؛ظروف لقائهما كانت غريبة.فقد وجدا نفسيهما وحيدين تحت سقف

إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 12-04-09, 04:17 PM   المشاركة رقم: 1
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Nov 2008
العضوية: 103835
المشاركات: 336
الجنس ذكر
معدل التقييم: زونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 502

االدولة
البلدKuwait
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
زونار غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي 5 - الرجل السراب - جانيت ديلي ( كاملة )

 

الرجل السراب
كانت تعرفه صوتا بغيظا متسلطا عبر الهاتف .وها هى الأن تراه مختلفا كل الاختلاف .
على كل حال ؛ظروف لقائهما كانت غريبة.فقد وجدا نفسيهما وحيدين تحت سقف واحد،ولا رفيق الا أمواج البحر.
كان هذا وضعآ خطيرآ بالنسبة لسارة بالرغم من قوانين ((اللاعواطف))التى وضعاها ،فوارن كينكايد رجل لا يعترف الا بقانونه الخاص،حتى أنه استغلها ضد خطيبته الفاتنة السابقة .
سارة اكتشفت أنها تعيش مع سراب كلما حاولت الامساك به ابتعد عنها،ولم يبق لها الا الرحيل مع حطام قلبها فهل يداوى البعاد القلوب الجريحة ؟ منتديات ليلاس
الرجل العاصفة
رنين الهاتف أوقف الخطوة التى كانت تهم بها سارة لا تغلى للابتعاد عن طاولتها .والضوء الأحمر راح يغمز على الخط الداخلى للمكتب. فنقلت كومة الملفات الى ذراعها اليسرى ،ثم مدت يدها لتجيب:
-سارة تتكلم
-لديك مكالمة من فيولا شردان على الخط الثالث ارتفع حاجبا سارة الأدكنان تعجبآ عند سماعها اسم ابنة عمها.
-شكرآ نانسى.
ضغطت على زر الخط الثالث ،متسائلة بسخرية خفيفة عن سبب اتصال فيولا بها.
-مرحبآ فيولا.
جاء الصزت الغنائى الجميل خاليا من اعتذار حقيقي.
-أسفة لأننى اتصلت بك فى عملك ياسارة ،فلست أنوى التسبب لك بمشاكل مع رئيسك.ولكننى لم أستطع الانتظار حتى المساء لأتكلم معك.-أنت لن تسببى لى المشاكل.فلا قانون يمنعنى من تلقى المخابرات الشخصية .ماذا تريدين بهذه الصورة الطارئة
-أردت أن تعرفى أننى وفريدى مسافران فى الغد الى اسكتلندا لمقابلة أهله، سنقوم بعد ذلك برحلة بحرية نحو المتوسط.
-هذا رائع!
ما من شيء قد يجبر سارة على اظهار ولو شيء من الحسد.
أردفت فيولا بسعادة :-أليس الأمرمثيرآ حقآ؟ لقد حدث كل شيء بسرعة .ذكرت عرضيآأمامه كم ستكون رحلة من هذا النوع رائعة ،وأنت تعرفينه ،لو أردت القمر لاشتراه لى .ياللرجل المسكين...ودت سارة لو أن يتعلم فريدى قول كلمة (لا)قبل أن تبذر فيولا ماله كله.ففيولا تحب فريدى حقأ،ولكنها لن تنضج لأنها على ما يبدو ستبقى طفلة.وتابعت فيولا:-جربت كالمجنونة منذ أن أبلغنى عن الرحلة لأننصف ثيابى الصيفية أصبح قديما وسيصيبنى الحرج اذا ارتديتها.اوه يا سارة أود لو ترين هذا الثوب الرائع الذى اشتريته!انه جرىءالى حد أن يمنعنى فريدى من ارتدائه اذا ما رآه.ثم هذه البيجاما الساتان ذات اللون الأزرق التى ...
-فيولا.أحب أن أسمع كل شيء عن ثيابك الجديدة لكننى مشغولة جدآ لذا من الأفضل أن تتصلى بى الليلة .
-لكننى اتصلت بك الآن لأننى وفريدى مدعوان الى حفلة عشاء الليلة.بدا من صوتها ريبة لأنها لم تفهم مقصد فيولا .ابتسمت بسخرية وهى تنظر الى السماعة :-حسنا ...سعيدة أنا لأنك أعلمتنى بخبر سفرك.ماذا باستطاعتها أن تقول غير هذا؟
-أوه...ولكن هذا ليس سبب اتصالى ...أظننى أخبرتك عن الأمر الآن.
تمكنت من تصور وجه فيولا وعينيها المتسعتين دهشة.
-لا يا فيولا...لم تخبرينى شيئا.لماذا اتصلت بى تحديدآ؟- لقد التقيت بآريل ماترز يوم أمس صدفة عندما كنت أهم بوضع حمل من المشتريات فى سيارتى.جلست سارة على حافة الحاولة حائرة فما علاقة اريل بهذه المكالمة ؟ستعرف بالتاكيد لكن عليها الصبر حتى تحصل على رد من فيولا وتابعت فيولا:
-توقفت لاقول لها ((مرحبا))فمن موضوع الى اخر وصلنا الى الحديث عنك.-حقا؟-ليس بالشراو اى شيء من هذا القبيل .لقد ذكرت اريل انك ستاخذين اجازة الاسبوع القادم مدة اسبوعين ،لكنها ليست واثقة من انك تخططين لامر ما. اليس هذا صحيحا؟ردت سارة بضجر فرحلاتها الصغيرة لا تقارن بالرحلة التى ستقوم بها فيولا:-اجل...
-الن تسافرى الى مكان ؟-لقد فكرت فى قضاء بعض الوقت مع العائلة ،اما الوقت الباقى فساخلد فيه الى الراحة والاسترخاء.
هذا عظيم! لم تكن سارة تظن ان الامر يستحق كل هذا الحماس ،لكن لا ريب فى ان فيولا لم تفكر كثيرا عندما قالت ذلك .والحقيقة المرة ان سارة لن تستطيع تحمل تكاليف السفر الى الخارج. فامامها مصاريف اولية مختلفة اولاها تصليح سيارتها التى انضبت حساب توفيرها الى درجة الجفاف تقريبا.لكن عزتها تابى عليها الاعتراف بذلك امام ابنة عمها لذا حاولت دفع فيولا الى النقطة المطلوبة:- لماذا تسالين -قلقت بشان منزلنا الملىء بالاشياء الثمينة الواقع فى عزلة على الشاطىء بعيدا عن الجيرانالذى قد يتعرض للسرقة خاصة وان السياح ستيوافدون الى البلد منذ الان.فقد يقتحم احد المنزل حينما يلاحظ ان المنزل فارغ .ولست ادرى ما افعل ،فانت تعرفين الاشياء الجميلة الثمينة التى نملكها يا سارة .-اجل.
-فيما كنت افكر بما سيصيب المنزل اثناء سفرنا تذكرت قول اريل عن اجازتك،عندها علمت اننى وصلت الى الحل المثالى ...ما رايك بالعناية بالمنزل اثناء غيابنا!ترددت سارة قليلا:-اعتقد ...اننى استطيع .
اثناء اجابتها تلك جالتالفكرة فى خلدها فاستنسبتها فليس اروع من قضاء الاجازة فى منزل ضخم يرتع عند اعتابه الشاطىء وهذا المنزل لن تقدر على مصاريفه لو اردت استئجاره .
صاحت فيولا:كنت اعلم انك ستساعديننى!ردت سارة بصدق وهى تتصور أيام الاسترخاء تحت اشعة الشمس :-سيكون هذا من دواعى سرورى .-ثمة امر اخر فنحن كما ذكرت منذ قليل مسافران غدا وهذا يعنى ان المنزل سيبقى فارغا وانا اخشى عليه فراغ ساعة فكيف بيومين او اكثر .فهل لك السكن فيه ابتداء من ليلة غد؟
اخذت سارة نفسا عميقا فليت ابنة عمها تعرف ان ما تطلبه يفرض عليها النهوض مع طلوع الشمس لتستطيع الذهاب الى لندن قبل ازدحام السير الخانق .لكنها فكرت بما ان الغد هو نهار الخميس وان السبت عطلة فلا باس بالقيام بهذه الرحلة .فوافقت بعد تفكير :-بالطبع ...سأوضب حقائبى وأسافر بالسيارة بعد انتهاء العمل غدا.
سأدين لك بالشكر طوال عمرى .فى المنزل أطعمة كثيرة وكل ما تحتاجينه من أدوات ،سأترك مفتاح الباب فى وعاء الزهور قرب الباب.
-حسنا.-وداعا.
سمعت سارة فورا صوت الخط الذى قطع قبل ان تجيب حتى ،وهذه هى عادة فيولا التى ما ان تحصل على ما تريد ،حتى تفقد اهتمامها بالحديث.لكن الشكر لها لانها جعلت اسبوعى الاجازة عطلة تتوق اليها بفارغ الصبر.عليها طبعا ان تكلم رب عملها ،ديرك ارميتاج ،عن صباح السبت.استوت واقفة عن الطاولة ثم تقدمت من خزانتين معدنيتين فوضعت عليها الملفات ثم فتحت درجا وشرعت فى وضعها مرتبة فيه .فى هذه الاثناء دخل ديرك ارميتاج احد شركاء مكتب المحاماة ملقيا التحية:-مرحبا سارة.تقدم من طاولتها ليراجع كومة رسائل .مررت سارة يدها على احد جانبى شعرها البنى ثم التفتت اليه تتامله.ديرك ارميتاج فى أواخر الثلاثينات من عمره،غزا الشيب شعره الاسود لكنه الى الان لم يتزوج فهو الاعزب الدائم كما يدعى.كانت سارة تعلم ،رغم خبرتها المحدودة ،انه سيصعب ايجاد رئيس مثله فهو مرح يسهل التعامل معه.كانا قد تواعدا عدة مرات فى الاشهر الاخيرة لكن لم يحاول اى منهما نشر الخبر امام الاخرين فى المكتب .قالت له سارة بنظرة عطف من عينيها البنيتين:-من خلال ما اراه على وجهك اعتقد ان لا داعى الى السؤال عن الاجتماع. اشتدت زوايتا فمه الى الاسفل :-ارجوك لا تسألى .لقد اصابنى الاحباط اثناء الشرح للرؤساء الكبار اسباب خسارتنا قضية الدكتور ايفاريز .ليت هؤلاء الرؤساء يخربون من مكاتبهم الى العمل لفهموا طبيعة ما نواجه. -اقتراح عليهم ذلك .ابتسمت له،فتنفس بحدة.-لا ...هذا ليس من صميم عملهم.وهم لا يودون سماع الاعذار بل يريدون الحلول،على البدء بدراسة القضية من جديد للنقض والاستئناف .اه من المشاكل!-بما اننا نتحدث عن المشاكل فهل لى ان اذكرك باجازتى المقبلة .-لا تذكرينى بهذا فأنا لا اريد ذكر الامر قبل صباح الاثنين.- اسفة .لكنى املت ان تمنحنى اجازة صباح السبت .
لمعت أسنانها البيضاء وهى تبتسم له،فقطب حاجبيه ثم ظهر الارتباك فى عينيه اللوزيتين:-لكنك كما ذكرت لى انك لن تقصدى مكانا معينا اثناء اجازتك.- تغيرت خطتى قليلا.ذلك ان ابنة عمى اتصلت بى طالبة منى السكن فى منزلها على شاطىء هايستنغز اثناء قيامها وزوجها برحلة بحرية غدا مما يقتضينى ذلك المكوث فى منزلهما ابتداء من ليلة غد حيث سأضطر الى السفر الجمعة ،ذهابا وايابا ولن أقدر على اجتياز هذه المسافة يوم السبت .فهل تعطينى الاذان؟
هز كتفيه:-ولماذا لا؟-شكرا لك.سأعمل حتى وقت متأخر يوم الجمعة لأعوض يوم السبت .- الافضل أن تخرجى من بيت المجانين هذا فى الخامسة مساء الجمعة قبل ان اغير رايى فأوجل لك اجازتك .عندها ستضطر ابنة عمك ان تجد لها من يحرس المنزل بدلآعنك.على فكرة من ستحل محلك هنا ؟-جيني.
لمعت عيناه عند سماع الاسم الذى تلفظت به سارة فقال بلهجة جافة :-الافضل ان تتركى عنوانك ورقم هاتف ابنة عمك مع نانسى .فى حال خلطت ((جينى البلهاء))الامور او اكتشفت انها اضاعت شيئا .اين قلت العنوان ؟شاطىء هايستنغز؟
-اجل...المنزل على شاطىء القناة الانكليزية تماما و...لم تكمل سارة ،اذ شهق ديرك وقال:-على الشاطىء؟قلت على الشاطىء؟اللعنة...قد آخذ اجازتى وانضم اليك.يبدو هذا وكأنهالجنة ...منتجعات هايستنغز مكان للعشاق كما تقول المنشورات السياحية ،ماذا لو أثبتنا صحة هذا الكلام؟- ان لم تشأالعمل نهار الاحد فاتبعنى؟-عظيم .رن جرس الهاتف الداخلى ،فتقدمت سارة لتجيب فطالعها صوت نانسى عاملة الهاتف:-الم اشاهد السيد ارميتاج يدخل منذ قليل يا سارة؟-أجل.-جيد،السيد كينكايد على الخط رقم واحد. لقد اتصل ست مرات اليوم.ولم تضف شيئا فالسيد كينكايد رجل غير صبور اطلاقا.-شكرا نانسى... التفتت الى ديرك:-السيد كينكايد على الخط رقم واحد.شد على أسنانه غيظا:-ألن أنتهى من الشرح والتفسير اليوم ؟استخدمى سحر صوتك الدافىء لتأجيل المكالمة فترة .جلست على كرسيها ثم رفعت السماعة لتضغط على الخط رقم واحد :-مكتب السيد ارميتاج،هل لى بمساعدتك؟
جاءها الصوت الأجش:- أجل ...اريد مكالمة السيد ارميتاج.كان امرا لا طلبا ما قاله،لكنها مع ذلك ردت باصرار:-اسفة جدا...انه مشغول على الخط الثانى ...هل أوصل له رسالة ؟ -حقا ؟انه على الخط الثانى؟ أحست برده الساخر،فقالت بثبات:-اجل ...هل اطلب منه الاتصال بك عندما ينتهى ؟-لا ...فأنا لا اشك فى انه يقف قربك الان ليتاكد من نجاحك فى ابعادى.أجفلتها قليلا هذه النبرة الجافة -اؤكد لك يا انسة انك لن تنجحى .
لم تدر ما اذا كانت لهجته المتعجرفة ام ردة فعلها الغاضبة على اتهامه هو الذى دفعها للتخلى عن لطفها لتلجأالى الاسلوب الساخر الذى كان البادىء فيه:-اؤكد لك سيد كينكايد ،ان السيد ارميتاج مشغول على الخط الاخر لكن بما انك تبدو على عجلة شديدة من امرك تجعلك فظا الى هذا الحد فسأرى ان كان بامكانى مقاطعته،أرجوك ابق على الخط. دون ان تعطيه فرصة الرد ضغطت على زر الانتظار .فقال ديرك فورا:انا اسف يا سارة ...سأكلمه من مكتبى.-ليتك تطلب منه القفز الى بحيرة قاحلة.-صدقينى ،قد افعل ذلك .لكننا نعمل فى وقته وماله وهذا ما خسرته بخسرانى تلك القضية .أعتقد ان له الحق فى معرفة ما جرى.-انما لا حق له فى ان يكون فظا الى هذا الحد انه...- احذرى ...فالسيدات لا يستخدمن الكلمة التى تفكرين فيها!تمتمت سارة وهى تنظر الى الضوء الذى يضىء طورا وينطفىء تارة اشارة منه الى الانتظار:لا اشعر الان اننى سيدة.
فكرى فى الاسبوعين اللذين ستقضيهما بعيدا عن كل هذا . تلاشى غضبها بالسرعة التى اشتعل فيها لتحل محلها ابتسامة مشرقة:-سأحس لحظة او لحظتين بالأسى عليك لما تقاسيه فى هذا المكتب بينما اتمرغ انا فوق الرمال.
ــــــــــــــــــــــــــــ
حملت حقيبة زينتها واحدى الحقائب الصغيرة من مؤخرة السيارة ثم انطلقت باتجاه باب المنزل الآمامى .بسبب انهماكها فى البحث عن وعاء الزهور الذى قالت فيولا انها ستضع المفتاح فيه لم تنتبه لما تحت قدميها .اذ علق طرف حذائها بممسحة الآرجلامام الباب ،فتعثرت الى الأمامحيث طارت حقيبة الزينة من يدها ،فوقع منها كل ما فيها من أغراض على الأرض الصلبة.واستطاعت سارة استعادة توازنها لحظة واحدة قبل ان تلحق حقيبتها الى الارض،صاحت تؤنب نفسها:-لماذا لا تنتبيهن لموضع قدمك يا سارة؟بينما كانت تلملم أغراضها المبعثرة عن الارض لاح لها وميض شيء معدنى.التقطته فاذا به مفتاح ،وضعته فى قفل الباب فانفتح. تمتمت:((يا لفيولا الغريبة)).تركت الباب مفتوحا لتعيد الاغراض الى الحقيبة ثم تمتمت مردفة:نسيت المكان الذى عليها ان تضع المفتاح فيه،فاختارت ابسط الأمكنة. ولجت الباب الى المنزل الذى زارته قبل الآن المؤلف من طابقين :الطابق الأرضى يحوى المكتبة وغرفة استقبال.وما تبقى يحتله المرآب.القسم الرئيسى من المنزل هو فى الطابق الأعلى الى يسارها .نظرت الى السلم ،فأعجبتهاالخزائن الطويلة المبنية فى الحائط ابتداء من فسحة السلم حتى السقف،والنقش الذى زين خشبها الأبيض المطعم بالأزرق اللماع من خلال زجاجها المقطع فى الأبواب الطويلة ،وبدت مزهريات جميلة من البورسلين الابيض والازرق تتوزع فيم بين الكتب .كان كل شيء حولها صامت لا يسمع فى ارجاء المنزل الا صدى نعلى حذائها على الارض الخشبية وقد أزعجها صوتهما ودت السير على اطراف اصابعها. غرفة الجلوس كانت عالما ازرق قائما بذاته ،فيها مقاعد زرقاء وبيضاء تلائم الوان الغرفة عليها وسائد زرقاء كأنها ذنب الطاووس وسجادة زرقاء كبيرة تقبع فى وسط الغرفة ،امام مدفأة ذات حجارة بيضاء.وفيها أيضا تماثيل وصور ذات الوان زرقاء ،يزيد من ابراز لونها النباتات الخضراء المعلقة والمنتشرة فى الغرفة.كانت غرفة الطعام والمطبخ امتدادا غرفة الجلوس التى لا جدران تفصل بينهما.فيها اثاث ابيض مطعم يغلب عليه اللون الاخضر بفعل النباتات الخضراءالتى فيها.وضعت حقيبتها من يدها ،ثم تقدمت من نوافذ كبيرة مواجهة للبحر.ذات ستائر زرقاء مفتوحة تكشف عن منظر البحر الرائع ورمال الشاطىء المغرية.لم تمكث كثيرا امام هذا المنظر لان لديها وقتا طويلا تستطيع خلاله تامل الخارج.اما الان فعليها توضيب ملابسها وتجهيزها.تفرعت غرف النوم من الردهة الى يسار غرفة الجلوس قد خصص للضيوف غرفتان هما اصغر من الغرفتين الاخريين الرئيستين،ومع ذلك واسعتان تبعثان الراحة الى القلب.اختارت احداهما وهى غرفة مطلة على البحر لها حمام مشترك مدخله من الردهة .بعد ساعة من وصولها ،اتمت ادخال كل حقائبها واشيائها ووضعتها فى خزانة فيها بعض ثياب فيولا الشتوية،ثم ركنت السيارة فى المراب.بعد ذلك اتجهت الى المطبخ،فحضرت صحنا من الجبن واللحم البارد والفاكهة.عشائها تناولته وحيدة على المائدة،فى مواجهة البحر.ما ان غسلت صحونها وبعض الصحون التى تركتها فيولا على ما يبدوانتقلت افكارها الى الرمال الممتدة امامها،الفاتحة لها ذراعيها عبر النوافذ.الشمس المائلة الى المغيب مزجت الرمال بلونها الذهبى الذائب اثناء عودتها الى المنزل حيث كانت اثار قدميها تخط خلفها خطا.بالانتعاش من جراء الهواء المالحالذى يهب عليها.حالما استحمت،تكورت فى الفراش،لتغرق فى نوم عميق.استيقضت خلال الليل هنيهة عرفتها الى المكان الذى هى فيه ثانية لتغط فى نوم لم تستفيق منه الا على صوت جرس المنبه فتاوهت:احمدالله لاننى ساقوم بهذه الرحلة مرة واحدة فقط!اعدت قهوتها بسرعة ثم حملت الفنجان متثائة باتجاه شرفة غرفة الطعام.كان النسيم الذى يهب من البحر منعشا خفيفا هو ما تحتاجه تماما لطرد النعاس عن راسها.انحنت فوق سياج الشرفة،تراقب المد المتقدم،مذهولة بحركات الأمواج المتسارعة الواحدة تلو الأخرى نحو الشاطىء.توقف الزمن عند هذا الجمال الذى غرقت فيه وهى تحتسي قهوتها.صوت سيارةكسر السحر الذى حولها،فاستدارت عابسة.وقد وجدت ان هواءالبحر جعلها عاجزة عن تحديد المكان الذى صدر منه الصوت،لكنها كانت على يقين من انه قريب جدا وقد يكون صاحبه صيادا انطلق باكرا الى صيده.ازرحام السير الصباحى على الطريق الرئيسية باتجاه لندن كان كثيفا كما توقعت مما حداها الى المكوث وقتا طويلا على الجسور فى مداخل لندن فكان ان تاخرت فى الوصول الى المكتب عشرين دقيقة جعلتها تمضى معظم فترة الصباح محاولة تعويضها.بعد عودتها من فرصة الغداء،توقفت عند عاملة الهاتف،التى دل التعبير المرتسم على وجهها ان اقاويل المكتب العادية هى اخر ما يجول فى فكرها:-كنت قد طلبت من السيد كينكايد،الذى اتصل مجددا،معاودة الاتصال عند الواحدة والنصف معتقدة ان السيد ارميتاج سيعود فى هذا الوقت،لكنه اتصل منذ قليل ليقول انه مرتبط بعمل فى الخارج،وسيغضب السيد كينكايد عندما يعلم بغيابه.اول ما ارادت قوله فى هذه اللحظة ((ماذا اذا غضب؟))ولكنها تذكرت لذع لسان السيد كينكايد الفولاذى وعلمت ان نانسى تخشى من اتصاله فقالت:دعينى اكلمه لاشرح له الوضع.لم تكد تجلس الى مكتبها،وتضع حقيبتها فى الدرج السفلى حتى رن جرس الهاتف.وقالت نانسى ان السيد كينكايد على الخط الثانى.صرت سارة على اسنانها،ثم شجعت نفسها قائلة:لا تفقدى سيطرتك على اعصابك،ابقى هادئة ولطيفة بغض النظر عما يقول واياك وزيادة الزيت الى نار ديرك.كانت النصيحة خيرا لها،ولكنها قبل ان تلتقطالمكالمة،مدت لسانها للهاتف المضيء.تعبيرا عما يجيش فى قلبها .كم شعرت بالسرور فى هذه اللحظة لانها ستبتعد عن كل هذا مدة اسبوعين:عندما تكلمت كان هناك ما يكفى من كسل فى صوتها:
-مكتب السيد ارميتاج.
-صلينى به فورا.
-اسفة هو غير موجود ولن يعود قبل وقت متاخر.هل لى بمساعدتك؟
رد بغضب بارد:
لقد قيل لى...
-اجا ...اعرف ما قيل لك سيد كينكايد.كنا نتوقع وصوله عند الواحدة والنصف لكنه عاد فأعلمنا باضطرارهالى التاخر بعض الوقت.جاء الرد الصارم:
-اذا انت تدعين انه غير موجود؟
-انا لا ادعى بل اقول لك الحقيقة.
لست ادرى ما يشغل ارميتاج لكننى اؤكد لك يا انسة...-انسة لانغلى.-يا انسة لانغلى،انه ليس مشغولا بقضيتى.يوم امس وعدنى بتقديم تقرير كامل وها انا انتظر انسة لانغلى.
كان صوته المنخفض شريرا مفعما بالغضب عندما اردف قائلا:-اعلميه حينما يعود بأننى اتوقع اتصاله بى.
لو ان ما يشغل ديرك امرا عاجلا اضطراريا كما قالت نانسى،فهذا يعنى انه سيعود فى مزاج عكر يحول بينه وبين الاتصال بهذا المتعجرف.تنشقت بعض الهواء ثم تابعت رسالة الرحمة،فهذااقل ما يمكن ان تفعله لديريك تعويضا له عن غيابها صباح السبت:
-سيد كينكايد انا اعرف تفاصيل قضيتك والظروف المحيطة بها وبناء على ذلك قد افيدك فى شرح بعض الامور.
-أنت؟
لم يكن توبيخه سخرية بقدر ما هو ازدراء واحتقار لكنها رفضت ان تلتقط الطعم،لذا ردت بكل لطف:-اجل سيد كينكايد...انا اعرف تماما ما يجرى فى مختلف القضايا التى يعالجها السيد ارميتاج،بما فيها قضيتك.
-وما يجرى فيها:لا شيء.
-لذلك سبب سيد كينكايد.
-حسن جدا...اخبرينى لماذا لم تعين جلسة القضية بعد؟
-لن تعين الجلسة قبل جلسة الاستماع الاولى وجلسة الاجتماع مع محامى الخصم.الذين الى الان لم يحضروا اوراقهم...ارايت سيد كينكايد،الامر يجرى فى حلقة مفرغة.
-هذا ليس بجديد على انسة لانغلى.لقد سمعتها مرارا من ارميتاج،الذى وعدنى بالسعى لحث المحامين الاخرين،لكنه كان يفشل دائما.
-عندما وعدك كان مؤمنا بان الامر سينتهى،لكن الذنب ليس ذنبه ذلك انه بالامس ادعى احد المحامين فقده بعض الاوراق،لكن دير...السيد ارميتاج اكتشفصباح اليوم ان الامر غير صحيح.اؤكد لك انه يأسف للتاخير أسفك انت له.-الا اوراق اساسية فى المحكمة؟
-لابد من هذا سيد كينكايد.
-لماذا لا يلجأون اليها للحصول على اوراقهم المزعومة.بدأتتحس باحمرار وجهها:-لست ادرى سيد كينكايد.
-اتعرفين من يلاحق هذا الامر من المكتب؟
-لا ...لا اعرف.
-هل قام ارميتاج بملاحقة الامر شخصيا.
-انا واثقة انه ينوى ...
-حقا انسة لانغلى .يبدو لى انه اذا تمكنت ارادة البشر واصرارهم من ايصالهم الى القمر ،فما الاولى ان يتمكن هؤلاء من ايجاد اوراق ضائعة...الا تظنين هذا؟-اجل بالطبع...
-اذن هل لى ان اقترح اقتراحا،فبما انك سكرتيرة ارميتاج فعليك استغلال وقتك فى التفتيش عما هو مفقود والابلاغ عنه!
انقطع الخط...هذا ما كان يجب ان يتم منذ بضعة ايام ولكن انشغال ديرك بالقضية التى خسرها مؤخرا جعل الفكرة تبتعد عن ذهنه. والتقطت سارة الهاتف،وبدأت اول خطوة لاصلاح الخطأ.

_ غدا ترحلين
يبدو كل هذا جنونا. تمطت سارة بكسل كقطة كسول وهى تنظر الى النوافذالمفتوحة فى هذه الليلة الصيفية فيما النيران تشتعل فى المدفأة.لكن هذا كله لاءم مزاجها.فهواء البحر المشبع برائحة الملح الاذعة وتكسر الامواج على رمال الشاطىء والسنة اللهب المتراقصة على انغام الموسيقى المنبعثة من ((الستريو))تركت فى نفسها هدوءا بعد نهار مضن فى المكتب ،كان سببهمكالمة كينكايد ابمتلفة انهارت سارة فور
وصولها ليلة الجمعة لتنام حتى ظهر اليوم التالى .اضافة الى طبخ عشاء ايطالى ملىء بالحراريات لذلك المساء. والان...بعد ان تسللت اشعة القمر فحولت البحر الى كتلة فضية وبعد ان اضاء اللهب الاصفر زوايا المدفأة،تملكتها رغبة فى الجلوس على الاريكة التماسا للقراءة وهذا ما فعلته حقل. بدت البيجاما الرقيقة وهى تمد ساقيها قصيرة حتما،لكنها هزت كتفيها اذ ليس حولها جيران ،وان اراد احد التلصص فيجب ان يكون عملاقا كى يتمكن من الوصول الى امستوى الطابق العلوى ونوافذه،فهنا،على الشاطىء الرملى
الممتد على كتف مضيق دوفر فوق مياه القناة ليس هناك اى كثبان او تلال رملية او حبل.سرعان ما بدا راسها يميل...وكتابها ينزلق من يدها حالما داعب النوم اجفانها.ايقظها شيء ما بعد ساعة ،ظنته للوهلة الاولى حسيس خشبة تحترق،اغلقت الكتاب ثم وضعته على الرف الابيض قرب مصباح سارعت الى اشعاله.كان التعب الذى يجتاح جسمها يدعوها الى الايواء الى السرير لكنها كانت هانئة سعيدة هنا قرب النار،فأغرقت رأسها عميقا بين الوسائد واخذ تتأمل اللهب الاصفر الذى يعلق الحطب المتفسخ تقريبا فى المدفأة.
من الاسفل،سمعت مسكة الباب تتحرك فطار من عينيها كل نعاس وصرخ فيها كل عصب حذرا...لص يقتحم المنزل!وهى وحدها اذ لا جيران حولها ليسمعوا استغاثتها. لم تصدر قدماها الحافيتان صوتا فوق السجادة اثناء اقترابها من الهاتف الواقع فى الجانب الاخر من الاريكة لكنها وجدت الخط مقطوعا عندما رفعت السماعة ...تصاعد الذعر الرهيب فى عروقها .
فات اوان الهرب لان الباب قد فتح والخطوات الهادئة راحت ترتقى السلم.دفعتها بديهيتها الى المدفأة،فتصاعد صوت المعدن فوق المعدن وهى تمسك بمحرك النار المعدنى من مكانه. توقف وقع الاقدام لحظة جمدت حينها قرب المدفأة،تتمسك بكلتا يديها بمحرك النار،ترفعه كما يرفع لاعب البايسبول مضربه امامه. تحرك الطيف باتجاه الضوء القاتم المنبعث من نار المدفأة.كان الطيف يرتدى سروالا اسود يعلوه قميص فاتح.لم يبد من وجه الرجل سوى زوايا ومسطحات تتخللها نيران تنعكس عليه من المدفأة دون ان تكشف الا ملامحا قاسية اوحت
اليها بانه ينظر اليها بفضول،ان لم نقل بدهشة تقدم خطوة الى الامام.فقفز قلبها الى حلقها مانعا الكلمات من الخروج.تلاشت الظلال...لتجد نفسها تحدق فى عينين زرقاوين راحتا تتجولان ببطء واهتمام فوق جسدها،بدءا من اطراف عنقها الطويل نزولا الى ثنايا صدرها فرقة خصرها ووركيها،ثم انحدارا على مدى ساقيها العاريتين وصولا الى اطراف اصابع قدميها،ثم صعودا من جديد بالاتجاه المعاكس. لم تكن سارة تدرك،ان نور اللهب وراءها يجعل بيجامتها الرقيقة اكثر شفافية ذلك ان حواسها كلها كانت منصبة على عينيه اللتين بدتا تخرقان جسدها،فلم تع مدى الاثارة التى يبرزها رداؤها الشفاف.
عندما عادت العينان الزرقاوان الكسولتان الى وجهها تطوفان فى تقاطيعه الرقيقة الناعمة وفى تسريحة شعرها القصيرة الجميلة،اخذت سارة ترتجف،فاشتدت قبضة يديها على القضيب الحديدى حتى ابيضت مفاصل اصابعها...فاجأها الغريب بصوت مشبع بمعانى خفية.
-قال فريدى اننى سأجدكل شيء أريده فى هذا البيت،لكنى لم أفهم أنه عنى كل شيء اطلاقا.حركت سارة محرك النار وقالت بصوت خرج منها كالهمس:
-اخرج من هنا؟ سمعت ضحكته العميقة،فأرادت الهرب لكن قدميها المرتجفتين لم تعيناها على ذلك. لم يحدث ان خافت يوما كما هى خائفة الان اذ قد يصيبها مكروه كبير تحاول بائسة ان لا تتصوره.عادت للتحذير
-الافضل ان تخرج من هنا او سأستدعى الشرطة.نظرت الى الهاتف،ثم اقتربت منه.انها تعلم ان الخط مقطوع،ولكنها كانت تحاول اخافته.سمعت الضحك فى لهجة صوته:
-اسف،ولكن الهاتف مقطوع مؤقتا.
منتديات ليلاس
اثناء زفيرها المتهدج من السرعة والياس،صدرت عنها انة رعب جعلت شدقيه ينحرفان بابتسامة بدت لطيفة بشكل غريب مع انها ممزوجة بالتهكم:
-لماذا لا تقولين لى من انت وماذا تفعلين هنا؟
صدمها سؤاله حتى عجزت عن الرد.اذ بدا لها ان وجودها لن يقنعه بالذهاب وعليها ان تفكر بشيء اخر.فقالت كاذبة:
-يجب ان تعرف اننى لست هنا وحدى،لقد ذهب زوجى الى المخزن ليشترى شيئا وسيعود حالا لذا الخير لك ان تغادر المكان قبل ان يعود.فابتسم الدخيل:
-حقا؟هذا رائع.ربما عندما يعود ستضعين قضيب النار من يدك لتشرحى بعض الامور.
خطا خطوة الى الامام،فرفعت سارة القضيب الى اعلى استعدادا للضرب.قلبها كان يخفق فى ضلوعها،ومعدتها بدات تتقلص من الخوف.قالت تهدد مرتجفة:
-لا تقترب اكثر،او ساحطم راسك.توقف،لن البسمة الكسولة بقيت على شفتيه.وقفته المسترخية لم تخدع سارة فهذا الرجل النحيل المفتول العضلات،المتناسق التقاسيم قلدر على الانقضاض بسرعة حيوان مفترس قال لها وفى صوته تلميح الى انها لن تساويه قوة:
-اعتقد انك قد تفعلين هذا.فجأةوقعت قطعة حطب فى المدفأة مصدرة صوتآمرتفعا خلفها جعلها تظن ان هناك من يهاجمها من الخلف.وقبل ان تدرك ان الصوت كان لحطبة محترقة،احست بفكى كماشة تطبق على معصمها بينما تولت يد لخرى مسؤولية الامساك
بالقضيب الحديدى.خرجت صرخة((لا!))من حنجرتها عندما خلت يدها من السلاح.اندفعت افرازات الغضب فى شرايينها،فراحت يداها وقدماها تضربان دون وعى ودون ان تصيبا شيئا.فى البداية اكتفى الرجل بامساك ذراعها والابتعاد عن ضرباتها،ولكن بعد ان وصلت ضرباتها اليه،اتخذ اسلوبا اخر لان جسدها فجأة هوى الى الاريكة فتصاعد حذر بدائى فى قلبها المرتجف عندما احست بثقل جسده يضغطها فوق الوسائد.
من خلال انفاسها المرعوبة المتقطعة حاولت التخلص منه دون جدوى ...فرجولته ايقظت مشاعر الخوف والحذر فيها وزادت جنونها ووحشيتها.لكن اصابعه القاسية كانت تثبت كتفيها الى الاريكة حاجبة ضربات قبضتيها عن الوصول الى هدفهما،تاركة اياها اسيرة بين ذراعيه.
عندما ضاعفت جهدها اضعافا مضاعفة،احست بان حمالة البيجاما،تتمزق تحت اصابعه عن غير عمد،ولكن لمسة اصابعه على لحمها الذى اصبح الان عاريا جعل دمها يجمد فى عروقها من الخوف.حرارة جسده كانت قد اثرت عليها الان.سمعته يشتم قليلآ،عندما اطلقت تنهيدة خوف وغرزت أسنانها فى شفتها.فصاح بها بخشونة امرآ:
-هلا توقفت عن هذا؟لا اريد اذيتك.
دخلت كلماته الى ذهنها فتذكرت فورا شيئا سمعته او قراته عن نصيحةتقضى بعد دفع المهاجم ايا كان الى المزيد من العنف.توقفت تدريجيا عن القتال،مع ان كل عضلاتها بقيت متوترة تأهبا لحركته المقبلة متحينة فرصة للهرب.
حينما اصبح تنفسها اكثرانتظاما وعمقا قال:
-هذا افضل.انتقل الى جانبها،منحيا جسده عنها لا قبضته وكأنه عرف انها ستهرب عند اول فرصة سانحة.قالت له بصوت جاف:-اتركنى!
كانت تعلم انه لن يتركها لكنها كانت بحاجة لهذا الطلب كى يعلم انها لم تستسلم كليا...فأجاب- ليس بعد.
فى النور المعتم قليلا ،شاهدت لمعان اسنانه لكنه انه يبتسم.عندئذ تألمت لأنها عاجزة عن مواجهة قوته الطاغية. اخذ يدنو منها،فأغرقت راسها فى الوسائد،لكنه مد ذراعه فوقها ليضيء المصباح الواقع على جانب الأريكة الآخر.
-والآن الى ببعض الايضاحات ... ماذا تفعلين هنا؟ قطبت سارة بارتباك:-انا اسكن هنا.بدت فى نظرته سخرية ممزوجة بالشك:
-هل تملكين هذا المنزل؟-حسنا...ليس بالضبط.تعجبت لما تشعرها اسئلته بعدم الاطمئنان،فلها الحق القانونى المطلق فى ان تكون هنا.رفعت يدها اليسرى المتحررة لتمسح خصلة من شعرها البنى عن عينيها.لاحقت نظاته حركتها عندها كان يكرر جملتها:
-ليس بالضبط...ماذا عن زوجك؟لقد قلت انه عائد بعد قليل.ومع ذلك فليس هناك خاتم فى يدك اليسرى،ولا اثر لارتدائك الخاتم فيها. علمت انها علقت فى فخ كذبتها فندمت:
-من الواضح انك لا تنتظرين زوجا رغم ملابسك المغرية هذه. عادت عيناه الى البيجاما الرقيقة القصيرة التى لا تغطى الى القليل من اجزاء جسدها وقد زاد الطين بلة الرباط الممزق المتدلى الى صدرها.احست بالمرارة تتصاعد حالما تذكرن ان ما ترتديه يكشف اكثر مما يخفى.أردف:
-لا اظن قطعا انك تتوقعين وصول احد.-لن تكون واثقا من هذا.
-الن استطيع؟النساء عادة يتبرجن ويتعطرن فى نقاط محددة عندما ينتظرن حبيبهن ووجهك نظيف و....رفع ذراعها الى انفه،ليشم رائحة الصابون الصرف بدل العطر.فابتسم وتابع:
-كما انك لا تستخدمينعطر شانيل((5)).
انتزعت سارة يدها منه:-وماذا فى ذلك؟هذا ليس من شأنك أضف الى اننى لست مضطرة الى تفسير الامورلك.فأنت من اقتحم المنزل وهاجمنى...انت...توقفت عن الكلام،عندما تذكرت ان عليها ان لا تذكره بسبب دخوله،او بأنها تستطيع بسهولة وصفه للشرطة.
اللمعان القاسى،اكد لها وجهة نظرها.قال مكررآبقساوة باردة:-اقتحمت المنزل؟بارعة انت فى اختلاق الاقاصيص.
-اختلاق الاقاصيص...
-اجل الاقاصيص.تحركت يده،ثم اظهر لها مفتاحا.-لقد استخدمت المفتاح لأدخل.انت من اقتحمت المكان.
حدقت سارة الى المفتاح فاغرة الفاه.-هذا مستحيل!اذا اريتنى مفتاحا يعنى ذلك انه مفتاح المنزل؟
-صدقينى انه كذلك.لذلك حان وقت التوقف عن تمثيل دور البريئة؟-تمثيل؟
تجاهل سخطها:امامك خياران،فاما ان ترتدى ثيابك وتغادرى المكان...واعتقد ان لديك ثيابا اخرى غير هذه...او اذا كنت بحاجة ملحة للمكان لتنامى الليلة،أنصحك بمشاركتى فراشى.
مرر اصبعه على كتفها العارية باعثا رعدة مختلفة فى جسدها._فى الليلتين الماضيتين وجدت الفراش مريحا لكنه فارغ.
-الليلتين الماضيتين؟فقال ضاحكا بسخرية:
-انت تتهمنىبتلفيق الاقاصيص!ويبدو انك انت المتفوق فى هذا المضمار...انت لست سوى كاذب!تحاول دفعى الى التفكير فى ان لك الحق فى البقاء هنا...حسنا...لقد علقت فى الفخ الذى نصبته لنفسك.
ـــــــــــــــــ
عليك ان تعرف اننى كنت انام فى هذا المنزل منذ ليلتين ...وانا بالتاكيد لم أشاهدك.
-الا تستسلمين يا هذه؟طوح قدميه ليقف،فصاحت به سارة:-لا...انا لا استسلم...وبما انك تركت لى الخيار بأن أبقى فسأغادر!
-عظيم!اخبرى اصدقاءك الذين يحسبون هذا المنزل فارغا يستطيعون فيه قضاء ليال مجانية بأنهم مخطئون فى اعتقادهم!كانت سارة قد وصلت الى منتصف الطريق نحو غرفتها عندما أنهى كلامه.فتوقفت والتفتت اليه من فوق كتفها:
-سأخبرهم...حالما ارتدى ملابسى،سأصعد فى سيارتى قاصدة الشرطة رأسآ.
استدارت لتتابع طريقها قائلة :
-لقد كانت فيولا محقة بشأن ترك هذا المكان فارغا اثناء سفرها.
خطواته السريعة اجتازت المسافة التى بينهما بسرعة هائلة.أما قبضته التى امسكت ذراعها الناعمة فكادت تسحقها حينما أدارها نحوه.امسكت اطراف بيجامتها لئلا تنزلق ثم واجهته متحدية...فسالها:
-ماذا قلت منذ قليل؟
-قلت سأقصد الشرطة رأسا.
-ليس هذا...بل الجزء الأخير الذى تمتمته.
بشأن فيولا؟
-من هى؟
-انها صاحبة المنزل بالطبع.الا تعرف هذا؟
-طبعا اعرف،لكن كيف عرفت انت؟أعتقد انك كنت تتجولين فى المنزل.عدت سارة الى العشرة بسرعة ثم قالت:
-فيولا شيردان هى ابنة عمى.رد عليها والريبة واضحة على وجهه:-حقا؟
فردت بسخرية:-اجل...حقا...
-واين هى الان اذا؟"
-لقد سافرت وزوجها الى اسكتلندافى زيارة الى اهله يعقبها رحلة بحرية يقومان بها الى المتوسط.وما انا هنا الا لاحمى البيت اثناء غيابهما.ارايت انك المتسلل هنا لا انا!
-هل طلبت منك فيولا السكن هنا؟
بعد ان ترك ذراعها ارجع راسه الى الوراء ليتاملها.
-اجل -وزوجها فريدى طلب منى السكن هنا.
-ماذا؟وهل تتوقع ان اصدقك؟
-صدقت ام لا...فهذه هى الحقيقة.
مد يده الى جيب قميصه ليخرج علبة سكائر،اشعل منها واحدة بهدوء بينما نظرت سارة اليه بريبة:
-انا لا اعرف ابنة عمك فيولا جيدا.لكن عائلة فريدى وعائلتى على علاقة حميمة منذ سنوات.
-ايمكنك اثبات ما تقول؟فريدى الان مع عائلته فلم لا تتصل به؟
-سبق واخبرتك ان الهاتف معطل وذلك بناء على طلبى فلولا تعطيل الهاتف لما وافقت على السكن هنا...لاننى اريد الابتعاد عن الهاتف.
فردت سارة بسخرية وارتياب:-اذن لن تتمكن من اثبات معرفتك بفريدى.
حدجها بنظراته من خلال دخان سيكارته:-اتعرفين اين ذهبا لقضاء شهر عسلهما؟
-اجل...وهل تعرف انت؟
-لقد ذهبا الى اليونان...حيث امضى فريدى يومه كله تحت اشعة الشمس مما سبب له ذلك قضاء يومين فى المستشفى.
-ما تقوله صحيح.اذن هو من طلب منك السكن.
-هذا ما كنت اقوله لك.قطبت حاجبيها وهى تساله:-ادعيت مكوثك فى المنزل منذ ليلة الخميس؟
-لم ادع...لاننى كنت هنا...فى غرفة نوم الضيوف.
-ولكن كذلك انا...اوه...مررت اصابعها فى شعرها الكث القصير ...حل الاحجية بدأيظهر لها ((اوه))لقد اتضح كل شيء...((اوه يا الهى))التفتت لتنظر اليه.
-هل اعطاك فريدى المفتاح شخصيا؟
-لا...لقد تركه هنا.
اين؟اين قال انه سيتركه تحديدا؟
-لقد قال انه سيتركه تحت الممسحة لكننى ...
-لكنك وجدته فى وعاء الزهور...صحيح؟
-اجل كيف عرفت؟
-لانه المكان الذى قالت فيولا انها ستترك فيه لى المفتاح،الا اننى تعثرت بالممسحة ووجدت المفتاح تحتها.
ثمة شيء اخر يثبت ادعاءه...وقالت:
-لقد كانت تلك سيارتك التى سمعتها صباح الجمعة اذن؟
-لقد رحلت ما بين السادسة والنصف والسابعة الا ربع.
-وكانت تلك صحونك التى غسلتها وانا اظنها لفيولا .
-كنت قد تاخرت...لكننى لم ارك هنا.
-كنت فى الشرفة اتناول قهوة الصباح...الامر كله لا يصدق!
عادت دون وعى لتغرق فى الاريكة وهى تردف قائلة:
-ذهبت الى النوم باكرا ليلتين متواليتين نمت فيهما وكأننى قطعة حطب.
-لم اعد فى هاتين الليلتين قبل منتصف الليل.فضحكت:
-وعندما عدت الليلة ظننتك لصا.
-وظننتك فتاة مدرسة تنامين فى اول منزل ترينه فارغا امامك.
هزت سارة راسها:
-يا لهذه المغالطات!اتساءل...عما اذا اكتشف فريدى وفيولا ما فعلاه بعد؟
-اشك فى هذا...
فتنهدت مبتسمة بمرح بعد فهمهما للموقف:
-اعتقد ان الامر لم يعد يهم.انهما الان بعيدان،لن يستطيعا فعل شيء لاصلاح الموقف.والامر غدا بين ايدينا لنصلحه.
التقط قضيب النار ثم اعاده الى المدفأة قائلا:
-الوقت متأخر لفعل اى شيء.فى الغد سيكون لك وقتا وفيرا لجمع ثيابك.
فصاحت بدهشة:
-من...أنا؟

أنت هبة من الله
بالطبع سترحلين.بدت الدهشة على وجهها لانها غير موافقة...فقالت متحدية:-لماذا((بالطبع انا))
-لو كنت لصآ،فماذا كنت ستفعلين؟لا جار قريب يسمع صراخك.قالت باصرار وعنا:-لست اهتم.انا فى اجازة.وهذه بقعة مناسبة لى وانا لن اذهب.
-انت تريدين عطلة على شاطىء البحر فاذهبى وفتشى عن فندق.-اوتحسب سأجد مكانا فى مثل هذا الوقت من السنة وان وجدت فأنا لا اقدر على تحمل نفقة اقامة اسبوعين فى فندق.لذا سأبقى انا هنا،على ان تذهب من هنا.
منتديات ليلاس
فرد بعناد:-لن اذهب...وشكرا لشخص غير كفوء...قطع جملته قبل ان يتمها،ثم ألحقها بجملة اخرى:-مطالب العمل لا تسمح لى باجازة فخمة،وكل ما احلم به الهرب بضع ساعات من وقت لاخر حيث لا يمكن لأحد الوصول الى هاتفيا...وهذا خير مكان مناسب لى.
لاحت على ثغره ابتسامة حين اردف:-اننى الى الان لا اعرف اسمك!-لانغلى...سارة لانغلى.لمعت فى عينيه ضحكة خبيثة:-هل انت الانسة لانغلى الشهيرة؟
-عفوا؟رفعت راسها،تحدق فيه بارتباكتام،لماذا سألها هذا السؤال بهذه الطريقة؟؟-اين تسكنين؟-لدى شقة فى احدى ضواحى لندن...لماذا تسأل؟-واين تعملين؟
وما شأن كل هذا بكل شيء؟لكنها أجابت على امل ان يقوم هو ايضا بارضاء فضولها.-انا سكرتيرة فى مكتب محاماة فى لندن.
أصبحت النظرة الخبيثة أوضح،واذ بصوته يرتفع دون توقع بقول هادىء:-أنا لا ادعى ان السيد ارميتاج غير موجود...بل انا اقول الحقيقة.فغرت سارة فمها ثم اقفلته...قالت بأنفاس متقطعة:
-ألست انت...انت...السيد كينكايد؟-وارن كينكايد...واخيرا تقابلنا وجهآ لوجه بدل التخاطب عبر الهاتف.حدقت سارة مذهولة فى الرجل الطويل العريض المنكبين الواقف امام المدفأة ذى القسمات القوية المنحوتة نحتآ التى تحمل بصماترجل اعتاد التسلط على الاخرين.عبر الهاتف كان يبدو مثيرآ للاعصاب وكأنه قد من صخر.
لم تكن الصورة التى رسمتها له فى ذهنها تماثل هذا الرجل الخطير الذى يفرض ارادته بالقوة.قال ساخرآ:-ألا اشبه تصورك؟ قالت متلعثمة:-قلما تشبه الصورة التى فى خيالى.
-وماذا كنت تتوقعين؟غول بثلاث رؤوس...لا تخافى لقد تركت الرأسين الآخرين فى المكتب.بدأت سارة بغضب تصف الرجل الذى تعرفه على انه وارن كينكايد:-انت اكثر الرجال فظاظة...
-لو كانت تلك الكمية من المال لك ولو كنت تعانين من التأخير الذى أعانيه فى جلبة لصحت فى وجه الجميع كما أصيح بهم.لم يكن فى صوته،رغم المقاطعة،اثرا للاعتذار.فقالت ساخطة:-أهذ هو عذرك؟
-لا...هذا لا يعذر تصرفاتى يا سارة... استخدم وارن كينكايد اسمها الاول بكل سهولة وعفوية،ثم تابع:-لكنه يشرح لك سبب حاجتى البائسة الى بعض الهدوء والسكينة قبل ان يستحيل على العيش مع ذاتى...على فكرة هل وجدتم تلك الأوراق؟
-لم اجدها فى الأمكنة التى أعرفها.ولكن هناك من يلاحق الأمر.تراءت ابتسامة على طرفى ثغرها لكنها رفضت أن تسمح لها بالبروز فهى لم تسامحه بعد على فظاظته:-لابد اننا سنحصل على رد محدد بعد ظهر الاثنين.
-لكنك فى اجازة...وهذا يعيدنا الى المأزق الحالى.ارتفع ذقنها بشموخ الى الامام استعدادا للمعركة،ثم قالت - من يذهب ومن يبقى؟لاحظ وارن هذا فأسند مرفقه الى رف المدفأة...حركته هذه دلت على تصميمه على ما يريد.
-بما اننا عنيدان فأظن ان الحل فى بقائنا معا هنا.رفعت سارة حاجبيها دهشة لا معترضة من اقتراحه هذا بينما كان يردف:-على كل،لقد امضينا فعلا ليلتين معآ تحت سقف واحد.كان عليها الاستفسار عن امر قبل التفكير باقتراحه.سألته بصراحة:
-هل انت تعيد من جديد دعوتك اياى الى مشاركتك الفراش؟-أنت تلمحين الى التعليق الذى اطلقته حينما بدوت لى اشد سذاجة ورعبا وكأنك تلميذة.ذلك الاقتراح بدا لى اسرع طريقة تدفعك الى الهرب.هز راسه بسرعة ثم قال:
-لست مهتما بالجنس الآخر.فأنا هنا للحصول على الهدوء والسكينة.أجال نظره على جسدها الصغير غير المكسو،ثم اضاف بمكر وسخرية:-ومع ذلك،فان كانت عادتك التجول فى هذا الوضع المغرى،فقد اغير رايي.أرسل تلميحه
الى انوثتها رعدة غريبة فى أوصالها،جعلتها ترفع طرفى ياقة بيجامتها وتضع الرباط الممزق تحت ذراعيها،لكن ما تقوم به الآن لايسمح لثوبها بستر ما هو ظاهر منها ولا يغطى ساقبها المكشوفتين للعيان.مدافعة عن نفسها:
-سبب ما انا فيه الان هو انت.-كان ذلك صدفة...حسنا ما رايك؟-لكنك تريد الهدوء والسكينة فلماذا تريدنى ان ابقى؟-ان مواجهتى لك جعلتنى افهمك بعض الشيء.فلو اصريت على ذهابك لقاتلتنى بضراوة وانا لا اريد قتالا او جدالا فكفانى ما عندى.اضيفى الى هذا اننى متعب.
لاحظت سارة اثار الضغط العصبى على وجهه.-لذلك افضل التوصل الى اتفاق مقبول يناسبنا معآ.فنحن راشدان،أأنت راشدة؟علمت انه يهزأبها فأجابت باصرار:-انا فى الرابعة والعشرين من عمرى.نظر اليها مرة أخرى بتعال:-تبدين اكبر.
-شكرا لك!امتزج فى صوتها الغضب والدهشة.هى معتادة على قول العكس اى على انها اصغر سنا.تنفس بتعب:-اقصد بقولى انك تبدين مغرية جدا وانت جالسة فى هذا الوضع المثير.احمرت وجنتاها فتمتمت:-سأحضر الروب
تعثرت فى وقوفها عن الاريكة لأنها كانت تقبض على البيجاما بيدها.فتحرك وارن ليسد طريقها وليقول بنفاذ صبر:-ىتزعجى نفسك، ما اعنيه هو...وضع يديه على كتفيها عفويا،ثم ارجعها بسرعة الى جانبيه:-ان وافقت على هذا الحل،فليس هناك من سبب يحول بيننا وبين النوم...فى غرفتين منفصلتين.
-انا...ترددت،لقد احست فجأة بأن لرجولته جاذبية قوية،واذا كان يحس بها كما تحس به.فهل سيكون بقاؤهما معآتحت سقف واحد ناجحآ؟قال لها بهدوء:-اعرف بما تفكرين.قد تتطورالعلاقة بيننا اذا تركناها تنمو.قد اكون سىء الطباع فى بعض الأحيان،لكننى استطيع السيطرة على طباعى واعتقد أنك قادرة أيضا على ضبط طباعك.
الغريب انها صدقت قوله لذا ارتسمت ابتسامة على شفتيها بعد ان وجدت روح النكتة فى ارتباكها.انهما فعلا راشدان،لن يحدث بينهما ما يثير الا اذا سمحا بذلك.تراقصت الضحكة فى عينيها:-هل تعنى هذه الابتسامة((نعم))يا زميلة؟-نعم...
-عظيم...ما قولك اذن فى انهاء هذا النقاش كى اتمكن من النوم؟-حسنا ...عمت مساء.تنحت مبتعدة عنه قاصدة غرفة نومها.بعد ثلاثة ارباع الساعة،كانت مستلقية فى سريرها،مرهقة كل الارهاق لكنها رغم ذلك عاجزة عن النوم.كافحت للبقاء حيث هى مستلقية دون حراك
،لكنها كانت تستمر بالتقلب والتلوى بسبب أرقها.مضى وقت طويل، قبل ان تستطيع تجاهل وجوده فى الغرفة المجاورة وتغفو،ولهذا كان قد حل الضحى قبل ان تستيقظ.احست بالقلق من نومها الطويل هذا لذا سارعت الى التقاط روبها القطنى من الردهة وقفت وجها لوجه امام وارن المغشى البصر المشعت الشعر القاصد هو الآخر الحمام،وطافت
عيناه الزرقاوان بسرعة فيها فأحست بالراحة لأنها غيرت بيجامتها القصيرة بأخرى طويلة الساقين.لن يتهمها الآن بأنها شبه عارية!
لوى فمه بسخرية وهو يومىء الى باب الحمام.-السيدات اولآ...عاد أدراجه الى غرفة نوم الضيوم الأخرى.دخلت سارة الى الحمام مشتعلة الوجنتين كمراهقة صغيرة.كانت المياه الباردة اكثر تأثيرا عليها من الكلمات التى انبت فيها نفسها.غسلت وجهها،نظفت أسنانها،وضعت زينة خفيفة،ثم خرجت من الحمام.
نظرة سريعة الى غرفة وارن اعلمتها انه جالس على حافة سريره،ورأسه الأسود متكىء الى مرفقيه.فقالت له:-لقد انتهيت.انه دورك الآن...سأصنع بعض القهوة.فتنفس الصعداء وفرك وجهه بيديه قبل ان يقف:-جيد...
بينما كان صوت الماء يصل مسمعيها من الحمام ملأت ابريق القهوة،ووضعت بعض البن فيه.امامها وقت طويل لترتدى ثيابها قبل ان ينتهى وارن من الاستحمام،صبت كوب عصير برتقال،وجلست على الكرسى المرتفع قرب الطاولة الثابتة فى الحائط تحتسيه.عندما انتهت من شرب العصير،سمعت الماء يتوقف،فتنهدت،وانزلقت عن الكرسى المرتفع وسارت نحو
غرفتها لكنها سمعت وهى فى منتصف الطريق جرس الباب يرن،فغيرت اتجاهها لتفتح الباب اذ لا بد انه شخص جاء يزور فيولا وفريدى.فتحت الباب قليلا وهى تبتسم بأدب:-نعم؟
وجدت نفسها تواجه امرأة ورجلا غريبين عنها.للمرأة شعرا أشقر طويل بلون الحنطة ووجه مزين خير زينة بطريقة تنسجم مع ملامح وجهها الخلابة.بدت الصدمة والدهشة واضحة فى هاتين العينين الخضراوين وهما تنظران الى سارة.
كان الرجل اطول منها،ذا شعر اشقر بلون رمال البحر.بدا هو ايضا دهشا برؤية سارة.فتحت سارة فمها لتقول ان فريدى وفيولا غائبان لكن المرأة تكلمت أولآ.بصوت بارد،وهى توشك على الذهاب لو لم يمسك الرجل ذراعها:-لابد اننا أخطأنا بالعنوان يا تيد.أما الشاب فوجه نظره الى سارة دون ان يلتفت الى الشقراء.
-نحن نبحث عن وارن كينكايد.هل هو هنا؟اجفلت سارة،لما ادركت ما سيسببه وجودها وحيدة مع وارن فى المنزل من احراج اليهما...لكن لم الاحراج ما دامت لم ترتكب ما يعيب؟-انه هنا .اتبعانى...
فتحت الباب لهما ثم راحت ترتقى الدرج فى صمت مطبق ولده هذان الغريبان خلفها.فى هذا الوقت لامت نفسها على ما ترتديه.فليتها ارتدت ملابسها قبل ان تشرب العصير لكن ما حصل قد حصل .اثناء اجتيازهم الردهة،سألت الشقراء الجذابة بطريقة متكبرة:-هل انت مدبرة المنزل؟
قد تجيب سارة عن اى سؤال بأدب شارحة ملابسات وجودها اما عن هذا السؤال الفظ فلا.التفتت سارة الى المرأة ثم وضعت يدها على خصرها ورمقت المرأة بنظرة متعالية عمدآ:- هل ابدو لك مدبرة منزل؟دون ان تنتظر الرد عادت ترتقى الدرج وهى تشعر بسخط الشقراء يتصاعد وكأنه الريح الشمالية العاصفة.سمعت الرجل يتمتم بصوت منخفض ساخر:
-كنت حقا تبحثين عن المتاعب بسؤالك هذا يا كاثى.سمعت ردها الهامس:اصمت!فى غرفة الجلوس،توقفت سارة قرب الأريكة لتدعوهما الى الجلوس حتى يتسنى لها بعد ذلك اعلام وارن بقدومهما،لكنها قبل ان تتفوه بكلمة سمعت صوت باب الحمام ينفتح:
-سارة!كان فى صوته رنة وحشية وهو يناديها باسمها.استدار رأسها نحو الصوت الذى تسارعت خطوات صاحبه باتجاه غرفة الجلوس وهو يقول بغضب:-هل استخدمت شفرة حلاقتى؟تسمر فى مكانه عندما رأى الوجوه الثلاثة تحدق فيه.
كانت منشفته بيضاء تلتف حول خصره،وأخرى أصغر منها ملقاة على عنقه.اما شعره فكان يلمع من جراء الماء ووجهه يغطيه معجون الحلاقة من كل الجهات الا فى جزء صغير كان قد جرحه عندما مرر شفرة الحلاقة على ما يبدو.رغم مجيئه المفاجىء الا انه لم يبد متأثرا او منزعجا من الموقف الذى هو فيه الآن بل الغريب ان نظرة عينيه ضاقت قليلا وهى تنتقل من الشقراء الى الرجل الى سارة،
بانتظاررد سارة عن سؤاله الأول...فأجابته:-اذا استخدمت الشفرة التى فوق الرف فهى لى.أما شفرتك فهى فى الخزانة.يبدو أن رد سارة قد قطع الخيط الرفيع الذى كانت تتمسك الشقراء به لتسيطر على اعصابها.فقالت بصوت مرتجف عنيف:-وارن...اريد ان اعرف من هى هذه المرأة،وماذا تفعل هنا؟
رد وارن ساخرا:-صباح الخير لك ايضا يا كاثى.رفع المنشفة عن عنقه ليمسح بها الصابون الآخذ بالجفاف...فقالت سارة:-ارجو ان تعذرونى.ادركت ان ما تراه على وجه الشقراء الميالة الى العنف ليس سوى اولى بوادر الثورة...لكن وارن سألها ببرود:
-هل صنعت القهوة؟انا بحاجة لفنجان.-أظن هذا.قطع عليها بسؤاله هذا السبيل الى الانصراف فقد ظنته يريد فرصة ليفسر على انفراد سبب وجودها هناك،لكن الواضح انه يريد.وجه وارن كلامه بكل هدوء الى الرجل بينما كانت سارة تتوجه الى المطبخ:-مرحباتيد...كيف حالك؟
-بخير...وارن...لكن سارة لاحظت الضحك الخفى فى طيات لهجة الرجل.لم تكن تعرف ماهى العلاقة بين الشقراء ومرافقها الذى كائنا من تكون معرفة ما يجرى من خلال وارن الذى لا تدرى ان كان متزوجا ام اعزب.ياالهى!...ماذا لو كانت المرأةزوجته؟كاد وعاء القهوة يقع من يدها،والدم راح ينحسر عن وجهها.
سمعت المرأة تقول بغضب بارد:-انت لم تجب عن سؤالى يا وارن.كان رده بصوت منخفض بغيض:-ما ظننتك تريدين حقا ردا.لأنكدون ريب قد فسرت الأمر كما يحلو لك.ارتجف الفنجان وصحنه فى يد سارة،وشحب وجهها شحوبا تاما.كان الثلاثة واقفين.وارن وكاثى يحدقان الى بعضهما بعضا بعدائية ظاهرة وسارة تتقدم من وارن لتعطيه فنجان القهوة الذى توقف عن الارتجاف حين امسكه ووضعه بسرعة على اقرب طاولة.
قال تيد الاشقر وهو ينظر الى سارة متفحصا:-الن تعرفنا بالانسة يا وارن؟التفت يده القوية بتملك حول خصر سارة،فأجفلتها لمسته.وارتفع نظرها اليه لتلقى بعينيه اللتين غدتا اقتم زرقة.بينما أنفاس الشقراء سمعت كهرير قطة،وعيناها برقتا بكره شديد كان يؤججه وارن عمدا بخداعه المرأة بدل السعى الى شرح ملابسات المسألة.
-انتما لم تقابلا زميلتى فى السكن رسميا؟اشتدت قبضة ذراعه على خصرها بعد ان حاولت الابتعاد...لقد اشار الى انها زميلة سكنه عندما كان يمازحها ليلة امس،ولكن استخدامه هذه الكلمة فى هذا الوقت بالذات كان مثيرا او باعثا الى الغضب.جرها بضع خطوات الى الامام:
-سارة اريدك ان تلتقى كاثلين ارثربورى وشقيقها تيد ارثربورى.قدمهما اسميا دون ان يعقب قوله بتفسير يوضح علاقتهما به:-وهذه سارة لانغلى.نظرة كاثى نظرة كره خضراء الى سارة،لكن شقيقها مد يده ليصافحها متمتما:-انه لمن دواعى سرورى لقاؤك يا سارة.
ابقى يدها اكثر من المفروض فى يده ووجه اليها نظرة اشعرتها بانها ترتدى ثوبا اسود مغريا يفضح مفاتنها لا هذه البيجاما القطنية المسترة بروب المنزل.قال وارن بصوت متوعد:-توقف عن هذا يا تيد. عندها ترك يدها بسرعة ونقل نظراته الساخرة الى وارن.
-لقد فهمت أهى أملاك خاصة يمنع الدخول اليها؟رد وارن باختصار صارم:-هذا صحيح.فقالت سارة بغضب:-الا تظن ان عليك توضيح الوقائع لاصدقائك وارن؟نظر اليها،وقد لاحظ غضبها:
-لا اظن ان كاثى بحاجة الى شرح قضية وصولك وملابساتها ذلك انها رأت بأم عينيها ما رأته ففهمت الأمر بالطريقة التى تريد.-اخبرها الحقيقة اذن.وجه بصره الى كاثى قائلا بطريقة غير مبالية:-ان كل ما ترينه لا يدل على ما تفكرين فيه،لاننى نمت فى الواقع فى غرفة وسارة فى اخرى.
-فصاحت كاثى -قبل ام بعد؟نظر وارن الى سارة وكأنه يقول:الم اقل لك.عندها اقرت سارة بهزة راس صامتة بأن كاثى غير مستعدة لتفهم حقيقة الموقف والملام على ذلك وارن الذى ظهرت ملامح التحدى على فكيه عندماأعاد كلامه الى كاثى:-لكنك لم تذكرى سبب وجودك هنا.
-ردت عليه بسخرية:-حئنا ندعوك للعشاء ولاقامة حفلة عفوية على الشاطىء بعد الظهر.لكننى حسبتك وحدك ليس لديك ما تفعله طوال النهار.رد وارن بابتسامة لطيفة مصطنعة:-ها انت مخطئة تماما.
اشتدت ذراعيه اكثر على خصر سارة فشدها اليه اكثر قبل ان تتمكن من منعه حينئذاحتجت هامسة بغضب:((لا تفعل هذا؟))لكن ما ان تراخت يده قليلا عنها،حتى كانت كاثى قد استدارت على عقبيها،وشعرها الاشقر الطويل يلوح فوق كتفيها.
-هيا نذهب يا تيد.-اراك لاحقا يا وارن.لكنه كان ينظر الى سارة قبل ان يستدير ويلحق بشقيقته.-كاثرين...اتذكرين ما قلته لك ذلك اليوم؟صوت وارن اوقف كاثى فى منتصف السلم،قسمات وجهها الجذابة تلمع بالكبرياء...تابع وارن:
-لقد قلت لك:لاتتصلى بى...سأتصل انا بك!واظنك الان فهمت ما عنيت عندما قلت ما قلت.لمعت عيناها الخضروان وهما تحدجا سارة ببغض،ثم تابعت نزول السلم يتبعها تيد مبتسما.اما وارن وسارة فبقيا جامدين الى ان اغلق الباب الامامى خلف الزائرين.عندئذ قالت سارة بسرعة:-كان عليك...
لكن الضحكة العميقة الحادة التى انطلقت من حنجرته اذهلتها.استعادت يده الملتفة على خصرها القوة لتلفها فى مواجهة ثم قال ضاحكا:-انت هبة من الله يا سارة!ضمها الى صدره بقوة كادت تزهق انفاسها وعندما ارجع راسه الى الوراء لينظر اليها،بدت مشوشة الذهن كل التشويش.
مللأت رائحة الصابون وكريم الحلاقة انفها،وراح قلبها يلتف حول نفسه،غير قادر على ايجاد ضرباته الصلية،وفوق هذا كله،اعتراها الارتباك وعدم الفهم من تحوله المفاجىء من السخرية والبرودة مع كاثى الى هذه السعادة الدافئة المشرقة.عقد يديه خلف ظهرها الصغير،فى حين بقيت اناملها موضوعة فوق صدره باحتجاج صارخ وهى تحس بقوة جسده.حدقت عيناه اللامعتان بمكر فى عمق عينيها فبانت التجعدات حول عينيه اللتين لاحظتا ارتباكها واشتداد
اسوداد عينيها البنينين.قال شارحا:-كنت احاول جاهدا تنحية هذا الغراب الجذاب عن ظهرى منذ عدة شهور...وها هو وجودك قد افادنى مبعدا تلك الفتاة عن الى الابد.انا الان مدين لك بعرفان الجميل الى الابد.
-من هى؟-هى من جعلتها منذ سنتين وبغباء وجهل خطيبتى لكن سرعان ما ندمت على ما فعلت...وبما ان كاثى لا تستسلم للرفض ابدا فقد استمرت فى ملاحقتى لتقنعنى بتغيير رأيي منذ فسخت خطوبتنا.كان وجهه الذى حجبت قسماته لحيته النامية خلال الليل قد دنا منها كثيرا.
فقالت سارة بلهجة اتهام:-اذن لهذا تركتها عامدا تعتقد اننا امضينا الليل معا...-بالضبط...على كل ما كانت لتصدقنى وان حاولت اقناعها بالعكس.ولو وجدت كاميرا خفية صورت كلشيء حدث بيننا لما صدقت،لأننى أفهم تماما الطريقة التى يعمل فيها عقلها فهى ستحسبنى من اختلق الفيلم وأعده.
وافلتت سارة من بين يديه لانها وجدت قربه منها باعثا على التوتر والاضطراب خاصة وهو شبه عار.ابتعدت عنه بضع خطوات،فأضاف:-لكننى آسف على وضعك فى هذا الموقف الحرج وانت بريئة من كل اتهام.عمقت بسمته الفجوة فوق خده وهو يتابع:
-اتمنى الا تعترضى على وصفك ظلما انك امرأة حمراء.فهزت كتفيها -لا اعتقد ان ما حدث بيننا يعتبر فى هذه الايام وصمة لفتاة ما. اعلم أننى قلقت عند رؤيتها لاننى حسبتها زوجتك ولأننى شككت فى أنك ستستغلنى من أجل دعوى الطلاق.
فغمز لها ساخرا:-أرجوك لا تذكرينى كم كنت قريبا من الزواج منها،اذ لا يرغب الرجل فى معرفة شدة غبائه.-لكنها جميلة جدا.
-هى تملك جمال الجسد فقط.بالمناسبة هل تجيدين الطهو.مضت لحظات قبل ان تستطيع سارة متابعة الحديث الذى بدله بسرعة مذهلة.-لست بارعة فى ذلك...لماذا؟
-أنا جائع،وكلى ثقة بأننى سأقنعك بتحضير الفطور.ابتسم...فردت:-سأرتدى ملابسى أولآ...قبل ان يهبط علينا زائر اخر.مرر وارن يده على لحيته:-وانا احتاج الى الحلاقة.هل قلت ان شفرتى فى الخزانة؟
فهزت رأسها:-لقد شاهدتها هناك هذا الصباح.لحقت به على بعد خطوة،عندما توقف امام باب الحمام تابعتمسيرها نحو غرفة نومها.لكنه مد يده ليوقفها.
-عندما اقترحت عليك ليلة امس ان نبقى هنا،لم أكن انوى مطلقا استغلال وجودك ضد كاثى.-اصدق هذا...لم اعتقد انك تستغل الوضع.-اتمنى ذلك.صمت لحظة مترددآ،وتابع:
-لو عرفت مسبقا بمجيئها،لاصريت على مغادرتك المنزل بدل تعريضك لريبتها.لم ترد سارة ان تطيل الحديث عن ريبة كاثى:-لابأس...لم يعد الأمر يهم.هل تريد اللحم المجفف ام النقانق مع البيض؟
-اللحم...احبه مقليا جيدا واضيفى ثلاث بيضات وقطعة من الخبز المحمص.فتنهدت ساخرة:-سالتك عما تفضل لا عما تطلب.
ازدادت ابتسامته اتساعا قبل ان يستدير قاصدا الحمام.
ان وارن كينكايد هذا يختلف كل الاختلاف عن ذاك المتحدث النزق الفظ هاتفيا.أما وارن هذا فيعجبها لا كذاك الذى تمقته.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 
 

 

عرض البوم صور زونار   رد مع اقتباس

قديم 12-04-09, 04:21 PM   المشاركة رقم: 2
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Nov 2008
العضوية: 103835
المشاركات: 336
الجنس ذكر
معدل التقييم: زونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 502

االدولة
البلدKuwait
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
زونار غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : زونار المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي

 

4_النيران فى قلبها *
جلست سارة على سياج الشرفة وهى تنتظر ان يجف شعرها بعد دقائق معدودة تحت أشعة الشمس فراحت تساعد على ذلك بتخليل أناملها فى خصلات شعرها.
استطاعت من مكانها هذا رؤية وارن يصطاد السمك فى المكان الذى تركته فيه عندما كانت تسبح.انه ما زال حيث هو وكأنه صخرة لا تتزحزح.لم يخاطبها عندما
اقتربت منه الا بكلمات ذكر فيها شيئا عن سوء حظه فى الصيد.لم تنتظر سارة منه ان يكون رفيقها لمجرد السكن فى المنزل نفسه لكن اقله تريد منه مشاركتها الحديث من باب اللياقة والادب.
لكن ما جعلها تقبل هذا الصمت وهذا الوضع ما قاله تلك الليلة عن سعيه الى الهدوء والسكينة.لذلك رضخت الى رغباته احتراما.عندما كانت تراقبه شاهدته يلملم اغراضه
وصندوقه ويشق طريق العودة الى المنزل. فأسرعت الى الحمام لتمرر المشط بسرعة فى شعرها الذى كاد يجف،ثم زادت لمسة احمر الشفاه الكرزى الفاتح الى شفتيها.كانت تضحك
من نفسها وهى تفعل هذا.فمن المضحك حقا التفكير فىسعيها الى التاثير على وارن كينكايد.كانت على وشك الخروج الى الشرفة ثانية عندما رن جرس الباب.خطر لها للوهلة الاولى ان كاثى
قد عادت.فنظرت الى الشاطىء لترى ان وارن ما زال على مسافة بعيدة من المنزل.عندئذ هزت كتفيها وقررت مواجهة تلك اللبوءة الخضراء العينين وحدها.اسرعت لتفتح الباب واذ بها تجد ديرك ارميتاج ماثلا امامها،اتسعت عيناها دهشة فابتسم لها بمكر وقال:
-لقد تأخرت فى الاجابة حتى ظننتنى اخطات العنوان.
-اهلا بك ديرك.انتظر بعد لتدعوه للدخول.وعندما استمرت فى التحديق اليه،امال راسه جانبا وقال بلطف:
-انسيت دعوتك اياي؟علا الاحمرار وجهها احراجا فعمدت الى الكذب بدل الاعتراف بأنها نسيت دعوتها اياه تماما.
-لا لم انس...ولكننى لم اتوقع قدومك بهذه السرعة.نظرت الى سروالها القصير وقميصها البرتقالى،وكانها توحى اليه انها لم تسعد بعد لاستقباله.
منتديات ليلاس
-لم ارتدى ثيابى،وشعرى لم يجف بعد.
-لكنك تبدين رائعة...هل ستاذنين لى بالدخول ام انتظر فى السيارة الى ان تستعدي؟
-ارايت كم فاجأتنى؟
فتحت الباب على مصراعيه لتدعوه الى الدخول.وهى مرتبكة لسبب معلوم اذ عليها بعد لحظات تفسير سكن وارن كينكايد فى المنزل نفسه معها.ياترى كيف ستكون ردة فعل ديرك امام هذاالوضع
الشاذ؟بل كيف ستخبره عن الانسان الذى طالما قالت بحقه كلمات رهيبة.كانت وهى تقوده الى غرفة الجلوس تفكر فيما ستقوله:هل تصارحه بالامر ام تجعل من الامر مزحة،ام ماذا؟عليها الان شيء واحد هو ان تخبره،قبل ان يدخل وارن كينكايد عليهما فيعتقد الامر اكثر مما هو عليه من التعقيد.قال ديرك:
-انه منزل جميل.
-اجل انه جميل...ديرك...انا...
-انه قديم العهد.
-اعتقد هذا...انا...
-هذا ظاهر ...كل شيء فيه متناسق...والمدفأة رائعة...افهم الان جيدا سبب قبولك العيش فيه خلال اجازتك.وتذكر فجاة الكيس الذى يحمله.
-اوه...هذا هو اللحم الذى وعدتك باحضاره.لقد طلبت من اللحام قطعه قطعا صغيرة وقد وعدنى بان يكون اطرى لحم ذقته فى حياتى.ربما تريدين فتح الكيس وتحضير اللحم.
-نعم ساحضره.توجهت الى المطبخ وهى متاكدة من انه لحق بها:
-ديرك.ثمة ما اريد اخبارك عنه.وضعت الكيس على الطاولة منتظرة رده.لكنها عندما نظرت حولها فلم تجده صاحت:
-ديرك؟عادت تنظر فى ما حولها فاذا بها ترى باب الشرفة يفتح وديرك يطل منه.
-المنظر رائع من الشرفة.
-انه ممتاز...ثمة شيء اود شرحه لك.اشارالى البحر:
-انظرى...اترين تلك السفينة البعيدة هناك؟
لمحت سارة من بعيد صورة سفينة تمخر عباب البحر كما لمحت امامها طريق البحر المؤدى الى البيت خاليا من وارن الذى لا يبدو على مرمى النظر.لظتئذ احست وكانها تجلس على قنبلة موقوتة توشك ثوانيها على الانتهاء.
هز ديرك راسه ثم جال بنظره فى الشاطىء المترامى.
-كم هذا مؤثر...انت فى الواقع تمتلكين المنطقة كلها لك.
-ليس بالضبط...انا...
-انها معزولة تماما.الا تنزعجين من الوحدة؟هذه فرصتها:
-ابدا...فانا لست...
-سارة؟
لعلع صوت وارن فجمدت.اما ديرك فرفع بصره عن الشاطىء لينظر الى الداخل،فاذا به يسمع صوتا يدنو منهما شيئا فشيئا:
-لقد فتشت المرآب فوجدت المشواة التى يستخدمها فريدى.وكنت قد عزمت على تحضير العشاء لانك حضرت الفطور.
هاقد انفجرت القنبلة الموقوتة...فأمواج الصدمة اجتاحت ملامح ديرك الذى راى وارن يخطو نحوهما حاملا مشواة فحم.ارتد وارن دهشا حين راى ديرك.
-ارميتاج.
-لقد دعوته للعشاء.ولم تضف انها نسيت.ولكن هذا كان واضحا فى النظرة التى رمقت بها وارن فوضع المشواة من يده،ثم قال:
-اعرف كيف يبدو الامر لك يا((ارميتاج))لكن صدقنى الامر كله خال من سوء النية.
وقطب ديرك حاجبيه،ثم ارتفع صوته بحدة من لا يصدق:
-اتسكن هنا يا كينكايد؟فتدخلت سارة:
-لقد كنت احاول ان اقول لك .بدا فى صوته الارتياب:
-لقد فهمت...لكن وارن قاطعه:
-لا احسبك فهمت شيئا...اسمعنى لقد حدث بعض الالتباس.فابنة عم سارة عهدت اليها السكن فى المنزل،بينما زوجها عهد الى بالامر نفسه.وعندما اكتشفنا ما حدث لم نستطع تقرير من عليه البقاء ومن عليه الذهاب.واخيرا اتفقنا على ان نبقى معا.
ازدادت تقطيبة ديرك حدة.
-اتعنى انكما تعيشان معا فى هذا المنزل؟احست سارة بتصاعد غضبه،فسارعت تكرر:
-كنت اسعى الى طريقة انبئك من خلالها عن الوضع خشية ان تسىء الظن بعلاقتنا.قال وارن بجفاء
-نحن نتشارك السكن فى المنزل لا فى الفراش.استدار ديرك وهو يفرك مؤخرة عنقهنمحدقا الى وجه سارة:
-لا اصدق هذا...انت تعيشين مع شخص كنت فى الاسبوع الماضى تودين لو يقفز فى بحيرة جافة؟
لاحظت التواء فى فم وارن ووميضا ساخرا فى عينيه عند سماعه قول ديرك.لم تحاول يوما اخفاء رايها السابق به لكنها الان تمنت لو ان ديرك لم يقل هذا.قال وارن:
-الخير فى ان تتباحثا هذا الوضع وحدكما.
هز راسه اسفا وابتسامة حزينة ملؤها الاعتذار تعلو شفتيه.فهزت سارة راسها موافقة على اقتراحه لكنها لم تتكلم،فاى شيء ستقوله قد يزيد الوضع سوءا.
ترك رحيله صمتا متوترا.بينما كانت تنظر الى ديرك حائرة سمعت صرير باب المرآب يفتح يتبعه صوت محرك سيارة وارن المتراجعة نحو الممر الخارجى.وحدقت الى ديرك،مصممة على عدم الاعتذار عن وضع ليس فيه شيء من السوء.قال ديرك وهو يضرب قضبان السياج براحة يده:
-لن اصدق انك قد وافقت على شيء كهذا.فاخذت سارة نفسا عميقا ثم قالت:
-صدقا يا ديرك.انت تجعل الامر يبدو وكاننى هربت فجاة الى معسكر الاعداء!الامر ليس كما تتصور ابدا.
-اعرف...لكن مجرد رؤيته معك فى بيت واحد صدمنى،فكيف وقد اكتشفت انكما تعيشان معا.
اغضبها اصراره على وصف الوضع وكانه مشبوه فسارعت الى القول:
-اكنت ستفكر بهذه الطريقة لو كنا نسكن فى بناية واحدة وفى الطابق نفسه؟الا يشبه ذاك وضعنا الحالى؟
-لم يقنعنى قولك هذا...لان السكن فى منزل لا يشبه ابدا السكن فى بناية واحدة.
-ااما انا فلا اجد فرقا بين الوضعين.
-انت حمقاء.
-اسمعنى ارفض ان اناقشك فى هذا الموضوع الليل كله ذلك اننى لن ابدل رايي!
ابتعد ديرك عن السياج ليواجهها...ثم قال متحديا:
-ماذا تريدين سارة؟ان اذهب؟الظاهر انك قد نسيت دعوتك اياى،فاذا فضلت نسيان امر العشاء فساذهب.
-لا اريد نسيان العشاء.
اجابته تلك الاجابة لانها لا تريد ان يعتقد انها تفضل رفقة وارن هذا المساء على رفقته مع العلم ان هذا الاستنتاج سيتوصل اليه مهما انكرت.
-اريدك ان تشاركنى العشاء...ان لم تعد الى هذا الموضوع ثانية.خاصة وانه لا يحق لك ان تنتقد تصرفاتى.
فتنفس بعمق،وهو ينظر اليها بعض لحظات ثم قال:
-حسنا لا نقاش فى هذا الموضوع بعد الان.
الظاهر بان شيئا لم يحدث،لا يعنى ان الامر قد انتهى ووضع الاوساخ تحت السجادة لا يعنى عدم وجودها.كانت النتيجة ان هذه الامسية كانت اسوا امسية قضتها سارة فى حياتها.
بعد وقت طويل من ذهاب ديرك سمعت سارة صوت سيارة وارن،تلج المرآب.لكن وقع خطواته على الدرج هى التى جعلت اعصابها تنهار.كانت تنوى النوم قبل ان يحضر.نظرت الى ساعتها فاذا هى تقارب الحادية عشرة. استدارت عن
النافذة المواجهة للبحر لتنظر اليه وقد وصل الى نهاية الدرج فسالها:
-هل ذهب ارميتاج؟
-منذ ثلاث ساعات.
تركزت نظراته عليها،حتى اضطرت الى الاستدارة،خوفا مما قد يراه فى عينيها.كانت تشعر بقلق يقلص معدتها نتيجة ما مرت به هذا اليوم.سالها وارن بصوت منخفض:
-الم يمر الامر على ما يرام معه؟
نظرت اليه دهشة لكنها عادت فاشاحت وجهها بعيدا لتتجنب نظرة عينيه المحدقتين،واحساسها بالجاذبية النابعة من هذا الرجل القوى.
-لا...لم يمر الامر على ما يرام.
-الم يصدقك؟
-لقد صدق ان الاتفاق برىء لكنه لم يوافق عليه.
-اظنكما تجادلتما ولهذا ترك باكرا.فهزت راسها نافية قوله:
-لم نتجادل.
ليتهما تجادلا لهان الامر.لكن لو حدث ذلك لانقطع بينهما كل ود...ومع ذلك فبعد الليلة سيفترقان ليعودا فقط رب عمل وموظفته...بطريقة ما احزنها ان تؤول علاقتهما الى هذه النتيجة.
-اعرف انك تعملين عنده،ولكن لم افكر قط انكما تخرجان معا.
راقبته بطرف عينها فراته ينظر الى البحر،مفكرا،متجهمالوجه،عابس الجبين،فى هذه اللحظة رغبت فى ان تمد اناملها الى وجهه لتمسح عنه هذا الوجوم الذى يذكرها بالسيد كينكايد المتغطرس المستبد
الذى كان دائما يثيرها على الهاتف.قالت له مصححة معلوماته:
-لا شيء بينى وبينه.خرجنا بضع مرات دون ان يعنى الامر لنا شيئا ولا احسب ان لعلاقتنا سبيلا الى التطور.
-ابسبب الليلة؟
-لا...ليس فى الواقع...فديرك يرفض ان تتحول اية علاقة الى حقيقة واظن ان بامكانك دعوته ب((الاعزب الدائم)).ابتسمت،فارتفع حاجبيه بفضول:
-الا يزعجك هذا؟
-لا...فانا اتمتع بالعمل معه،هو رفيق ممتع بعيدا عن العمل.لا اكثر ولا اقل من ذلك.
حرك النسيم طرف الستار،فضرب خصلة شعر تلتف قرب اذنها. لاح لها تثاؤبه الذى يكبحه بباطن يده.فاحست بالذنب،لان حضور ديرك كان السبب فى ابتعاده عن المنزل،فمما لا شك فيه انه كان ينوى ان ينام باكرا بعد نهار راحة واسترخاء.فقالت مقترحة:
-الافضل لك ان تنام.
فقال وهويفرك مؤخرة عنقه من التعب.
-هل ستعتبرين الليلة منسية؟
-اه...لا اظن هذا،فانا لست تعبة،وبما اننى فى اجازة،فاستطيع النوم كما اشاء فى الصباح.ساخرج قليلا الى الشرفة لاتمتع بهواء الليل العليل.
لم يتحرك وارن عندما مرت به قاصدة الشرفة بل ظل واقفا،بينما هى دنت من السياج الذى امسكته بكلتا يديها ثم راحت تتامل البحر وامواجه الفضية.كانت ليلة دافئة معطرة برائحةالملح.
سمعت خطوات ثابتة وراءها فالتفتت لترى ان وارن انضم اليها،مع انها حسبته قد اوى الى فراشه.سالها بلطف:
-ما الامر يا سارة؟
-ماالامر؟...لاشيء
-صحيح؟
بدت لها عينياه عميقتان كبحر لا قرار له.فاشاحت نظرها عنهما وحدقت امامها،لتركز اهتمامها على الطريق الفضى الذى رسمه القمر فوق صفحة البحر.
-لست ادرى ما تعنيه.امسكت اصابعه ذقنها ليدير راسها اليه:
-الا تعرفين؟عندما دخلت الليلة البيت لاحظت ان شيئا ما يزعجك.فى البداية خلت السبب ارميتاج وجدالك معه لكنك غيرت انطباعى هذا،انا احب ان اعرف ما يزعجك. حاولت سارة التخلص من اصابعه.
-لاشيء له علاقة بك.
ابقى يده كما هى ليجبرها على النظر اليه،ثم قال مجادلا بهدوء:
-بل للامر علاقة بى بشكل مباشر ربما او غير مباشر ولدى شعور بان السبب هو اتفاقنا...فهل انا على حق؟
تنهدت سارة منهزمة،وقد لاحظت انه قادر على قراءة افكارها،لكن لم تدر ايعجبها هذا ام لا ...تمتمت:
-الامر سخيف.
-لماذا لا تقصيه على؟وانزل يده بكل عفوية عن ذقنها لتستقر على كتفها،قالت:
-ادركت وان متاخرة اننى لست متحررة او منطلقة فكريا كما كنت اظن فلم افكر قط فى ان اراء الناس ستؤثر فى ما دمت اؤمن بان ما افعله صحيحا.وها انا اجدنى رجعية التفكير تقليدية اكثر مما ظننت.
-هذا بسبب رد فعل كاثى وتيد على العيش معا فى البيت وعدم موافقة ارميتاج على الامر؟
-تقريبا،اعنى،اننى اعرف تماما ان الامر ليس سيئا.
-انت اذن اعدت النظر فى الاقامة هنا.
فضحكت ،وقالت بصوت مرتجف:
-اوه...لا...اراهن انك تتمنى ان اقول لك هذا،عندما ستمتلك هذا القمر الكبير السمين وحدك.
رفعت راسها الى القنديل الفضى الضخم المعلق دون اتصال فوق البحر واعادت نظرها اليه فراته ثلما عميقا يشق جبهته بين حاجبيه وهو يتمتم بصوت عميق:
-ياللغرابة...اعتقد اننى ساجد المنزل فارغا فى حال ذهابك.
دار تصريحه فى الهواء،ليكهربها،وليحجب عنها الهواء،حتى شعرت بانفاسها تتوقف وبرعشة غريبة تجتاح معدتها فتقلصها.بدات اليد المستقرة على كتفها تضغط رويدا رويدا وهى تجذبها اليه بينما اسرتها نظرة عينيه الساحرة مانعة عنها اية مقاومة قد تبديها ولم تلبث ان احاطت ذراعاه خصرها.
وبثبات يخلو من المطالبة،جالت يداه على ظهرها وكتفيها وشعرها ثم هبطت احدى يديه الى مؤخرة عنقها،ليستقر ابهامه فوق نبض يتطاير بجنون بفعل الدم الذى غلى فى عروقها مشعلا جهاز الانذار فى كل طرف من اطراف اعصابها.
ابعد راسه عنها قليلا فاقشعر جسدها حيث شمت رائحة التبغ المنبعثة من انفاسه الدافئة:
-رائحة الكرز اليس كذلك؟
فتحت عينيها بضعف لتغرق فى نور عينيه الزرقاوين القاتمتين:
-ماذا قلت؟
-هل لاحمر الشفاه،رائحة الكرز؟همست:
-اجل...دون وعى عادت للالتصاق به.
-لطالما احببت الكرز.
كانت ملاحظة عفوية،شكت سارة فى انه قد وعى ما قاله...طالبها دون كلام بالاستجابة،فاعطته ما اراد بسرعة وعفوية ثم راحت اناملها تحط فوق صدره صعودا الى عنقه وصولا الى شعره الكهرمانى الادكن الكث.احست بالذوبان يبدا فى اطرافها،الى درجة شعرت معها بالالم.
كان النسيم البارد يهب من البحر فينعش بشرتها،لكن برودته لم تطفىء النار التى اجتاحت عروقها.
العناق الذى بدا بطيئا ناعما انتهى فجاة بدفعة من وارن ابعدتها عنه كليا.اصابتها حركته المفاجئة بالدوار.نظرت اليه فاذا بها تسمع تهدج انفاسه المضطربة وترى البسمة القلقة المتالمة المرتسمة على وجهه.وقال بصوت منخفض:
-سامحينى على ما فعلت يا سارة.
-نعم...
ولكن لهجتها كانت سؤال اكثر منها ردا،فاضاف مطلقا نفسا طويلا:
-انت مفعمة بالانوثة ومعرضة للوقوع فى الخطر اكثر مما كنت اظن.فردت عليه والحيرة تاكل نفسها:
-وكذلك انت.لكننى لا ارى داعيا الى الاعتذارعلى معانقتى...ربما قلت لك اننى رجعية،لكننى لا اغالى فى الاحتشام.فابتسم بخشونة:
-كم كنت اتمنى لو كنت هكذا.
-هذا كلام غريب.اذ لم يكن لكلامه معنى عندها...
-صحيح؟(سالها دهشا)
ترك ذراعيها،فاسندت نفسها دون دعمه وهى تشعر ان ركبتيها تصطكان وهى تجيب باصرار:
-اظن هذا.
-لم يمر على اتفاقنا اربعا وعشرين ساعة وها انا اوشك ان اخرق اهم بنوده((لا عواطف)).
رغم لهجته الساخرة،فقد ارتفع اللهيب القرمزى الى خديها،ثم غادرهما بالسرعة نفسها،ليترك وجهها شاحبا حالما ادركت صدق كلامه.لقد فقدت السيطرة فعلا لى نفسها.وليس هناك مجال للتاكد
راقب وجهها الممتقع فترة قصيرة قبل ان يبتسم بلطف:
-تصبحين على خير سارة.استدارعلى عقبيه ليدخل المنزل.
-تصبح على خير.
كان صوتها ضعيفا،حتى شكت فى ان يكون صوتها قد وصل مسمعيه.استدارت ثانية الى البحر...ترتجف من برد فجائى غمر كيانها معيدا النيران التى تاججت فى داخلها الى الخمود من جديد.
تذكرت عندما قال لها ان الموقف بينهما لا يمكن ان يخرج من اليد الا اذا سمحا له بذلك...وها قد اقتربا فعلا من النار.
كان وارن اول من ادرك الامر...وها هو يمتلك تفكيرها الآن.
********

أريدك يا سارة
راح جرس المنبه يطرق طبلةاذنيها،فتثاءبت،ثم اضطجعت الى جنبها...وهى تمد يدها المرتبكة الى الزر لتسكته ولكنها اكتشفت ان منبهها ليس مصدر الرنين ومع ذلك استمر صوت الجرس فى اعلان موعد الصحو من النوم،عبست منزعجة ثم فتحت عينيها بحثا عن مصدر الازعاج،ما هى الا ثوان قليلات حتى ادركت ان الصوت قادم من غرفة وارن ومنبهه.رفعت الوسادة الاخرى لتضعها
فوق اذنيها،محاولة كتم الصوت،لكنه استمر يرن باصرار.صاحت من تحت الوسادة:
-اوه...لماذا لا تستيقظ وتوقف هذا الشيء اللعين؟سيجفونى النوم.
دفعت الوسادة بغضب،وخرجت من الفراش.وتقدمت لتضرب ضربة على جدار غرفة النوم،لكنها تذكرت متاخرة ان الحمام يفصل بين الغرفتين.وضعت الروب على كتفيها وخرجت الى الردهة متجهة الى غرفته.وضربت الباب بقضتها:
-اسكت هذا المنبه!لكن الصوت استمر:-وارن!!!
سمعت صوت رفاصات السرير ترد،ثم ساد الصمت.فتنهدتواسرعت عائدة الى غرفتها لتزحف تحت الاغطية،دون ان تخلع الروب وما ان اغمضت عينيها حتى سمعت بابه ينفتح،ووقع اقدامه الحافية الثابتة فى الردهة.
انفتح باب الحمام،ثم انغلق،وبعد بضع ثوان تعالى صوت المياه المتدفقة التى كان لرذاذها على الجدار الفاصل تاثيرا ووقعا اشد على الاعصاب من رنين المنبه.تاوهت سارة متالمة:
-اريد ان انام...
بعد بضع دقائق انضم صوت اخر الى صوت المياه فصاحت:
-اوه...لا!انه يغنى...يغنى فى الحمام...هذا كثير!رمت اغطية الفراش ثانية...لا فائدة من العودة الى النوم الان وتوجهت بغضب الى المطبخ.فتحت باب البراد واخرجت ابريق العصير ثم صفقت الباب،واعادت الكرة بعد ان صبت كوبا واعادت الابريق مكانه.
بينما كانت ترشف العصير حضرت الابريق الكهربائى لتصنع القهوة،املة عندما تفتح المياه الباردة بان تحرق المياه الساخنة جسده فى الحمام.بعد ذلك جلست على المقعد المرتفع قرب طاولة المطبخ الثابتة بانتظار غليان القهوة.
وما ان مرت ربع ساعة حتى كان ابريق القهوة يرسل اخر تنهيدة له .دخل وارن المطبخ من غرفة الجلوس،والسيجارة تتدلى من فمه بينما انشغلت يداه بتعديل ربطة العنق.حالما شاهد سارة تجلس فى المطبخ،عبس:
-لقد ظننتك ستنامين الى وقت متاخر هذا الصباح...ماذا تفعلين هنا؟نظرت اليه نظرة غضب:
-يالجراتك.كيف تسال هذا السؤال؟فابتسم بسخرية:
-هل ايقظك منبهي...؟
-منبهك،تبعه الماء،ثم ترنيمتك الساحرة.
تقدم منها ليضع السيجارة فى المنفضة،فلمحت لمعانا خبيثا فى عينيه:
-الكرز اخضر وفج هذا الصباح.اليس كذلك؟ردت بحدة اخف:
-كنت لتكون مثلى لو انت فى مكانى.
-ثمة عصير؟
-فى البراد،والقهوة جاهزة ايضا.
نظر الى كوب العصير الفارغ امامها.وسالها:
-هل اصب لك القهوة؟
-بامكانكان تصبها.
صب وارن كوبا من عصير البرتقال شربه قبل ان يحضر فنجانين من الخزانة،ملأهما قهوة ووضعهما جنبا الى جنب على الطاولة ثم استدار ليجلس قرب سارة،متمتما شيئا عن ربطة عنقه:
-انها غير مستوية؟
-لا...
سعى الى تعديلها باللمس ولما لم تستو قالت له:
-دعنى احاول.
لم يجادلها وارن.وعندما انتهت،تفحصت الربطة باصابعه ثم تحرك حاجباه بموافقة دهشة.
-انها جيدة جدا...اين تعلمت هذا؟
-لدى اب وشقيقان،لا يجيدون جميعهم ربطها.
ارتشف قليلا من قهوته:
-لا شقيقات لك؟
-اطلاقا...سيكارتك فى المنفضة.
مد يده ليطفئها ثم قال:
-لدى شقيقتان متزوجتان،تحتضن كل منهما صغارها.
ارتشف قليلا من القهوة فحذت سارة حذوه لكنها عادت فقررت الانتظار الى ان تبرد قليلا:
-لم يتزوج اخواى بعد.
-والداك فى شوق اذن الى الاحفاد؟
-لست ادرى...فوالدتى تقول انها صغيرة على ان تكون جدة وهى تبدو دون شك صغيرة.
نظر وارن الى الساعة الذهبية فى معصمه،ثم ازدرد ما تبقى من قهوة:
-لقد تاخرت.
ترددقليلا امامها ليمد اصبعه تحت ذقنها.
-اسف لاننى ايقظتك باكرا.
اذابت الابتسامة المدمرة التى اطلقها كل دفاعاتها فزال عنها غضب تولد من حرمانها من النوم ولكنها قررت ان لا تذهب بعيدا وتعترف بالامر...وقالت:
-يجب الا احسب عادة التاخر فى النوم على كل الاحوال.
وقبل ان تعرف ماذا ينوى انحنى ليقبل خدها بحنان ويقول:
-اتعلمين،وهذا ايضا قد يصبح عادة لدى.
تراقص النور فى عينيه.فودت سارة لو يتوقف قلبها عن الخفقان.داعبته بقولها:
-انك تنسى قوانين الاتفاق.
-اوه؟هذاصحيح...لقد نسيت.
قال كلماته تلك وكانه فعلا قد نسى لكن وميض عينيه اخبر العكس.عندما ذهب بدا المنزل فارغا.كانت الساعة الثامنة والنصف،عندما دخلت سيارته ثانية مرآب المنزل ذلك المساء.ولكنها تماسكت كى تتصرف امامه بهدوء وعفوية،وهى تراه مرهقا،فى يده حقيبة صغيرة.سالته بعفوية ظاهرة:
-هل كان يومك شاقا.
رفعت راسها عن مجلة الازياء التى تظاهرت بانها تقراها،فهز راسه:
-تقريبا...
جلس على الاريكة الاخرى،فقالت:
-هل تناولت الطعام؟
نظر اليها تائها للحظات قبل ان ينتبه لسؤالها:
-ماذا؟او...اجل...لقد توقفت فى المطعم اثناء قدومى.
لم تشاه سارة اخباره شيئا عن الطعام الذى احتفظت به ساخنا ارادت ان تقول له:دع عنك العمل واسترح عندما راته يخرج من الحقيبة اوراقا ووثائق،لكنها اثرت الصمت،لانها تذكرت ان
لا شان لها فى ما يفعل وان اراد ان يميت نفسه ارهاقا.
اخيرا عند العاشرة والنصف،رمت المجلة من يدها وهبت واقفة. فرفع وارن راسه لينظر اليها مستفهما.فقالت:
-لقد تاخر الوقت.ساذهب الى النوم.تصبح على خير.
-تصبحين على خير.
ثم عاد الى اوراقه.ضمت شفتيها معا،وسارت بحدة والدموع تكاد تخرج من عينيها،وطعم المرارة فى فمها...
-اوه ...على فكرة.فالتفتت اليه بسرعة لتسمعه يقول:
-لقد ظهرت الوثائق اليوم.
-صحيح؟
-يبدو انها لم تضع اصلا،لكنهالم تكن فى مكانها المخصص...ومن المؤسف ان احدا لم يزعج نفسه بالبحث عنها.
تصاعد الغضب عندما احست سارة بالسخرية الكامنة فى طيات كلماته،ولكن اهتمام وارن انصب من جديد على اوراقه.
درست ردا لاذعا له،وهى تتساءل هل يذكر انها تعمل لديرك ارميتاج.ولكنها رفعت راسها وتابعت سيرها الى غرفتها.
اليومان التاليان كانا تكرارا ليوم الاثنين...تستفيق صباحا على صوت منبه وارن الذى يعود متاخرا فى المساء ليدفن نفسه فى عمله واوراقه.
اما هى فتبقى وحيدة الا فى ساعات الصباح الاولى وفى ساعات المساء المتاخرة.
ليلة الجمعة اوت الى فراشها كالعادة بعد العاشرة بقليل تاركة وارن واوراقه فى غرفة الجلوس،نامت ما ان وضعت راسها على الوسادة لكنه كان نوما قلقا متقطعا،استفاقت منه بعد منتصف الليل بقليل
وهى تحس بجفاف فى حلقها قخرجت من السرير،وتوجهت نعسى الى بابها،لما فتحته فاجاها مصباح الردهة الذى اغشى بصرها،فغطتعينيها بيدها ثم مدت الاخرى تفتش عن المفتاح لتطفىء هذا المصباح الذى تركه وارن مشعلا لكن حسيس الاوراق فى غرفة
الجلوس،اوقف يدها.تقدمت نحو غرفة الجلوس،حافية القدمين مغشية العينين فاذا بها تجد وارن جالسا على الاريكة حيث تركته منذ ساعات،يراجع اوراقه،ويسجل ملاحظاته على ورقة صفراء طويلة.قالت له بصوت اجش نعس:
-الم تخلد الى النوم بعد؟
رفع وارن راسه بحدة وقد فقد التركيز للحظات.ارتفع احد حاجبيه وعيناه تنتقلان من سارة الى ساعته الذهبية اللامعة تحت قميصه الملتف الى الاعلى.لوى فمه قليلا ثم عاد لينحنى على اوراقه وهو يقول:
-انا على وشك الانتهاء...لماذا استيقظت؟
-احسست بالعطش.
تابعت طريقها الى المطبخ،وهى تشك فى ان يكون قد سمع ردها.اثناء اقترابها من الاريكة رفع وارن يده الى عنقه ليدلكه،ورفع كتفيه متعبا وتمتم:
-اللعنة ...انا تعب حقا.تابعت طريقها لتفتح الماء البارد.
-اخلد الى النوم
-يجب ان انهى هذه الاوراق.
فتحت الخزانة لتاخذ كوبا،ثم قالت:
-الم تقرا قط قصة((ذهب مع الريح))؟المكتوب فيها((غدا يوم اخر)).
-اريدها غدا باكرا.
-لا اعتقد ان الارض ستتوقف عن الدوران ان لم تنهها.
ارتشفت قليلا من الماء من الكوب وهى تلتفت اليه فاذا بها تكتشف انه قد تبعها الى المطبخ،وقد زالت تجعدات التعب حول فمه من جراء ابتسامة ولدتها دعابتها.
-هل بقى بعض القهوة؟
نظرت الى الابريق فلاحظت انه غير موصول فى الكهرباء:
-لو ان فيه قهوة فهى باردة.
فتح وارن الخزانة فوقه:
-اليس لدينا قهوة فورية؟
اشارت الى الخزانة فوقها،دون ان تتحرك:
-انها هنا
تنحت قليلا لئلا يصطدم راسها بباب الخزانة عندما يفتحه.شربت الماء،ثم راقبته ينزل وعاء يضع فيه ملاعق فى الفنجان سالته:
-الن تسخن بعض الماء؟
-سيستغرق هذا وقتا،وانا اعتقد ان لا باس بماء الحنفية الساخن.
ترك الماء ينهمر الى ان تصاعد البخار فعمد عندها الى ملء فنجانه.كان يسند خصره الى المغسلة قرب سارة وكانه تعب غير قادر على دعم نفسه.مسح فمه وذقنه بيده ثم اخذ ملعقة ليحرك القهوة،لكنها
افلتت من يده لتقع على الارض.مدت سارة يدها لتلتقطها قبل ان تقع فمد هو يده فى الوقت نفسه فكان ان امسك كل منهما باحد طرفيها ثم استويا وهما يحملان الملعقة معا.قال يؤنب نفسه:
-هذا عمل اخرق منى .
تركت سارة الملعقة فورا ثم قالت فى محاولة منها لاظهار عدم تاثرها:
-انت متعب...عليك ان تاوى الى الفراش.
-اهذه دعوة منك؟
رغم خشونة صوته الا انها وجدت فيه خيطا رفيعا صادقا رفع قلب سارة الى عنقها.فرفعت الماء الى فمها لتشربه كله،ثم قالت:
-انت تعرف ما اعنى.
-اه
لم تعرف ما اذا كانت ال((اه))((نعم))ام((لا)).نظرت اليه لتوضيح الرد،واذ بها ترى فى نظرته ظلاما بعث القشعريرة الى جسدها ذاك ان عينيه انحدرتا من وجهها الى شعرها والى كل جناح من حاجبيها،ثم استقرتا اخيرا على وجنتيها لتنزلقا فجاة الى شفتيها.
لم تتوقف رحلة عينيه المحملقتين على شفتيها فقط بل تابعت المسير بكسل على جسدها النحيل.مثيرة فيها احاسيس مغرية،محسوسة جعلتها فى توق الى ان ترتمى بين ذراعيه لتذيب جسدها فوق جسده القاسى القوى.اخذت اجراس الخطر تدق فى راسهابينما عيناه تتابعان رحلتهما نزولا الى الاسفل
لتحس بانقباض معدتها.اخيرا قالت محتجة:
-وارن...توقف عن هذا!
كانت اجابته ان تقدم منها اكثر،لتلف ذراع التى على الطاولة حول خصرها جاعلة منها اسيرة بين ذراعيه والطاولة.اخذ الوهنيرجف ركبتيها والدوار يجتاح راسها وتضاعف هذا الشعور مع تزايد ضغط ذراعيه حول جيدها.
لمست شفتاه مؤخرة عنقها واعدة بمزيد من الاثارة،احست بهما رطبتين وبانفاسه حارة.
-اريدك سارة.(همس بصوت كالفحيح).
عندما بدا بتنفيذ الكلمات التى لم تعد ان تكون فكرة فى راسها،انتبهت لخطورة الموقف فهى بغض النظر عن قوة جاذبيته،لن تكون لعبة فى يدى رجل،يستغلها ثم يهجرها بعد ان ينتهى منها.ووارن قادر على هذا،الم يتجاهلها عمدا طوال اربعة ايام؟
فى لحظة،كانت منسجمة تذيبها لمساته،وفى اللحظة التالية تجمدت بين ذراعيه ودفعته بعيدا عنها.واستدار ببطء وكانه لا يصدق انها هربت منه،او انها تريد ان تهرب منه. قالت وانفاسها تكاد تنقطع:
-لقد نسيت القوانين مرة اخرى يا وارن.اضافة الى ان لديك اوراقا تريد انهاءها.تراجعت خطوة الى الوراء:
-وقهوتك بدات تبرد...تصبح على خير.
استدارت لتهرع الى غرفة نومها...حينما كانت تقفل الباب.جاءها صوته الهادىء:
-وانت ايضا نسيت القوانين يا سارة.
ولم تجد ردا على قوله .كان شعاع الشمس الاصفر يتسلل عبر الستائر عندما فتحت سارة عينيها فى الصباح.رفعت راسها عن الوسادة لتنظر الى ساعتها متثائبة:انها السادسة.لابد انها استفاقت وكانها تتوقع سماع جرس منبه وارن.وغطت راسها بالوسادة.
عشر دقائق مرت،ولا اثر لرنين المنبه،فظنت عند ذلك انه قد اخر موعد نهوضه بعد ليلة السهاد والعمل.نزلت من السرير،فارتدت روبها ثم خرجت الى الردهة،فاذا ببابه مفتوح.نظرت الى الداخل...لترى للمرة الاولى فراشه مرتبا!عادة هى من ترتبه له بعد ان يخرج.
فكرت فى انه اما قد خرج باكرا او...او انه لم يمس الفراش اصلا.لعله ارتدى ثيابه حالما انهى عمله ثم خرج.او...سارت على اطراف اصابعها الى غرفة الجلوس،وهناك وجدته...نصف جالس ونصف مستلق فوق الاريكة،بثيابه وحوله الاوراق منتشرة...بدا متعبا جد حتى كرهت فكرة ايقاضه،لكنه بدا كذلك غير مرتاح.
منتديات ليلاس
اخذت تجمع الاوراق باكبر قدر من الهدوء فرتبتها ووضعتها فوق حقيبته ثم سعت الى وضع وسادة تحت راسه ونجحت فى ذلك.بعد هنيهة تساءلت ما اذا ستتمكن من رفع ساقيه عن الارض دون ان توقظه.تحرك فجمدت دون حراك.حدقت العينان الزرقاوان الناعستان فيها عبر رموشه
السوداء المسترخية وتقلب فى مكانه،ثم ابتسم بعد ان تعرف الى ما يحيط به:
-كم الساعة الان؟
-السادسة والربع.
تثائب ثم فرك جبينه:
-مستحيل،كنت انوى فقط اراحة عيناى بضع دقائق.
-انك بحاجة الى المزيد من الراحة فمنظرك مريع.
-لا استطيع.
استوى جالسا فقوس ظهره ثم بسطه:
-لدى اجتماع باكر.وعلى الذهاب الى المكتب.
لا جدوى من الجدال معه لانه لن يصغى اليها.قالت:
-ساصنع لك القهوة.
دخل وارن الحمام ليغتسل ويغير ثيابه.ثم خرج فاذا بالعصير ينتظره فى المطبخ.اقنعت نفسها انها تفعل هذا شفقة.بعد شرب العصير قال براحة:
-لقد ساعدنى هذا كثيرا.
فقالت له:
-انت حقا بحاجة الى المزيد من الراحة يا وارن...عليك ان تنام قليلا بدل العمل طوال الليل .فهز كتفيه:
-كان يجب ان انهى العمل.
تقدم من المغسلة ليضع الكوب الفارغ فيها،فقالت بلهجة احتجاج:
-انه العمل فى المكتب وابتعد عن احضاره معك الى البيت.
-اتمكن هنا من انجاز اضعاف ما انجزه فى المكتب،فليس هنا من يزعجنى او يقاطعنى...بل فلاقل ان لا ازعاج كبير هنا.نظر اليها بخبث وهو يقول الجملة الاخيرة.فتظاهرت بانها لم تفهم ما يقصد.هزت كتفيها وهى تنزل عن المقعد المرتفع:
-لايهمنى ان قتلت نفسك فى العمل.
فراقبها بفضول:
-الى اين انت ذاهبة؟
-لاستحم واغير ملابسى.
وبدات تقطع غرفة الجلوس:
-سارة؟
فتوقفت لتلتفت اليه،فقال مبتسما:
-شكرا على ايقاظك اياى.
فردت عليه ابتسامته،واسرعت فى خطواتها الى الحمام.وعندما خرجت منه كان قد غادر المنزل.
الايام الاولى من اجازتها بدت وكانها مرت بسرعة.اما هذا اليوم فقد بدت ساعاته طويلة .فها هو العصر قد حل ،وهى مع ذلك تحس بالضجر والتوتر. لقد استلقيت فى الشمس قدر الامكان،ثم استلقت فى ظلال الشرفة،على كرسى نوم تقرا كتابا ،لكن الكتاب لم ياسر اهتمامها.
تنهدت،ثم وضعن قصاصة ورق بين الصفحات لتعرف اين وصلت فى القراءة بعد ذلك ونحت الكتاب جانبا.وقفت لتسير نحو السياج ،رافعة وجهها لتستقبل نسمات الريح الباردة الاتية من البحر.
كانت تردى ثوب الا ستحمام البراق المؤالف من قطعة واحدة وهو ثوب ازرق رمادى...لعل الخير لها فى ارتداء ملابسها والذهاب الى مطعم من المطاعم المنتشرة على الشاطىء لتناول العشاء.
استدارت دهشة عند سماع جرس الباب يقرع.من هذا الزائر فى هذه الساعة من يوم الجمعة؟كل اصدقائها فى العمل .ربما هو احد الباعة المتجولين.هبطت الدرجات الى الباب ثم اختلست النظر عبر ثقب الباب
فاذا بها ترى طيف ديرك الواقف فى الخارج،فتحت الباب لتتاكد مماترى،وقال مبتسما:
-كنت امل ان اجدك.
-لكن يجب ان تكون فى عملك!
-صحيح.
دخل الى المنزل بعد ان ابتعدت لتفسح له مجالا للمرور.
-كان اسبوعا مضنيا ذاك الذى فات.طلبت اليوم من رب العمل اذنا بالخروج وان لم يعجبه الامر،فليشق الصخر.
-هل كان الاسبوع سيئا لهذه الدرجة؟
-بل اسوا مما تتصورين.
فقالت ممازحة:
-الى اى مدى قد ينعشك عصير البرتقال البارد؟
-انه خير الان من جائزة.اوصلينى اليه ارجوك.
ضحك فقالت وهى تصعد السلم:
-الحقنى اذن.انه فى البراد.
بعد بضع دقائق كان ديرك مستلقيا على كرسى نوم طويل ،وفى يده كوب عصير بارد ملىء بمكعبات الثلج،وامامه على الطاولة الابريق شبه الفارغ.قال متنهدا براحة:
-والان...هذه هى الحياة...هدوء وسكينة ومنظر خلاب يطل على البحر.فكرت مليا فى هذا المنظر الاسبوع الماضى.
تنهدت سارة ساخرة:
-وانا من كنت اظن انك تجشمت عناء قيادة سيارتك كل هذه المسافة لرؤيتى.
-اوه...با هذا كان قصدى.
غرق اكثر فى كرسيه واكمل:
-لم اكن اعرف قدر سكرتيرتى حتى ابتعدت عنى فى اجازة.
-كيف يسير العمل مع جينى؟
-تكاد تدفعنى الى الانتحار...
دافعت سارة عن زميلتها وبديلتها،بينما كانت تبتسم بتفهم:
-انها سكرتيرة كفوءة حقا.
-حقا...انها كذلك.تثرثر كالغراب طوال النهار،وتقول ااتفه الاشياء واغباها.انى الى الان لا اعرف ما اذا كانت ساذجة بلهاء حقا ام انها تمثل السذاجة اعتقادا منها انه الظرف بعينه.
-اخشى ان يكون الكثير من تصرفها حقيقيا.
-اشكر الله لانه لم يبق سوى اسبوع واحد تعودين بعده الى .
ارتشف نصف كوبه،ثم تابع:
-ان طال غيابك اكثر فساقدم استقالتى.
-فكرت فى تقديم انذار لمدة اسبوعين واقترح ان تاخذ جينى مكانى بصورة مستمرة.
انفجرت بالضحك عندما قفز ديرك عن كرسيه واقفا ليمسك يدها ،وشدها اكثر ليوقفها على قدميها ثم جذبها بين ذراعيه ورفعها عاليا ثم تقدم بها الى اسياج الشرفة.صاحت ضاحكة بقوة حتى كادت الكلمات لا تخرج من فمها.
انزلنى...يا ديريك!
-اسحبى ما قلته والا فليساعدنى الله سارميك من هنا!
لكن لم يكن فى عينيه اللوزيتين المتراقصتين دليل على تنفيذ ما يقول

_ذراع دافئة
-اسحب كلامى!اسحب كلامى!
قالت سارةهذاشاهقة من بين انفاس قطعها الضحك.ارجعها ديرك من فوق السياج ثم ترك لقدميها السبيل الى الارض وهو يقول وابتسامة عريضة تعلو شفتيه:
-لاتكررى هذا الكلام ثانية ولو مزاحا.
اسندت كتفها الى صدره ثم اجابت لاهثة:
-لن اكرره...صدقنى.
-هذا افضل لك...
-اهذا هو المكان الذى تذهب اليه ارميتاج عندما تقول لهم فى المكتب انك فى عمل؟
سؤال وارناللاذع مسح الابتسامة عن الوجهين.استدارت سارةبحدة لتراه واقفا فى الباب،ربطة عنقه محلولة والزر الاعلى للقميص مفتوح.بدا تعبا ومتوترا وغاضبا اشد الغضب.
اجاب ديرك بهدوء اعصاب:
-المكتب على علم باننى فى اجازة اليوم.
فصاح وارن:
-لكن سكرتيرتك لم تقل هذا
تمتم ديرك من بين اسنانه:
-لقد فعلتها جينى ثانية!
عرفت سارة ان بديلتها اعتقدت ان من السياسة ان القول لزبون ديرك انه يعمل بدل ان تقول انه فى اجازة.فقالت تدافع عن ديرك:
-انه لقرار غير حكيم من سكرتيرة ديرك المؤقتة عدم اعلامك بحقيقة الوضع.
استدار اليها وارن ليقول:
-ها قد عدت من جديد الى تمثيل دور السكرتيرة المخلصة التى تهرع للدفاع عن رئيسها.
ارتفع ذقنها الى فوق متحدية:
-احاول فقط ان اصحح معلوماتك.
التوى فمه بسخرية:
-صحيح؟
-قل لى،ماذا تفعل هنا يا وارن؟لماذا لست فى مكتبك؟
فقال بغضب:
-انسيت اننى قضيت الليل منكبا على العمل.
اذن قررت العودة باكرا.فهل انت واثق من ان سكرتيرتك تقول الحقيقة لكل من يسال عنك؟ام انها تختلق بعض الاعذار،كما فعلت سكرتيرة ديرك عندما اتصلت به؟
رد وارن بصوت ملؤه الشك:
-يبدو هذا ممكنا.
فقالت سارة:
-هكذا تبدو الحقيقة دائما.
تجولت عيناه الباردتان فيها من قمة راسها حتى اخمص قدميها،حدق فى ثوب السباحة البراق الذى يكشف عن قسماتها بسحرواغراء،ثم قال:
-لكننى لا استطيع الا ان اتساءل كم من المرات جاء فيها ارميتاج الى هنا فى الاسبوع الفائت فى الوقت المفترض فيه انه يعمل.
انهى كلامه بحدة ثم رجع على عقبيه الى الداخل.بدا وضع كتفيه العريضتين المتكبرتين وكانهما كتفى ثور.اسرعت سارة تريد اللحاق به الا ان ديرك منعها،لانه لاحظ الاشارات الخطرة التى بدا غضبها يرسلها:
-اتركيه الان يا سارة.
لكنها جذبت ذراعها منه واندفعت خلف وارن الى غرفة الجلوس حيث وجدته يوشك على خلع ربطة عنقه وحدق فيها ببرود.فاطلقت سارة عقال غضبها بسيل من الكلمات اللاذعة.
-لا شان لك فى ان تعرف عدد المرات التى زارنى فيها اضف الى ذلك انه ضيفى و...
فقاطعها وارن بحدة:
-كان يفترض بك من باب الحشمة اعلامى بانك ستستقبلين رجلا الليلة،لارتب امورا اخرى،ولاخلى لكما الجو.
-تتهمنى باننى لا املك الحشمة؟وماذا عن حشمتك انت؟
-انا؟اتعتبرينى غير محتشم لفظاظتى مع ارميتاج؟
لوى فمه ازدراء،فصاحت سارة:
-هذا من بين اشياء اخرى.
ارجع راسه الى الوراء ليدرسها بعجرفة،ثم قال:
-وما هى الاشياء الاخرى؟
-لقد كان منبهك يوقظنى كل يوم خلال الاسبوع الفائت،بينما تبقى انت نائما وهو يتابع رنينه.
-لقد اعتذرت لك عن هذا.
-ولكن الاعتذار لا يعيد النعاس الى جفونى.
فرد متحديا:
-اذ كان اتفاقنا هذا لا يعجبك،فلماذا لا تغادرين المنزل؟
-انا لن اذهب!بل اذهب انت!
-لماذا اذهب؟كى يتمكن ارميتاج من السكن معك سيكون هذا حميما لكما.
-صحبته ستكون بالتاكيد افضل من صحبتك!
رمى وارن كلماته بوحشية:
-بالتاكيد،اذ لن يكون بينكما اتفاقات او قوانين،او غرف منفصلة واسرة منفصلة!
فصاحت باحتقار:
-ان لتفكيرك قذارة كلماتك!يجب ان تتزوج من كاثرين،لانكما من الجنس عينه.
قال ديرك الواقف فى باب الشرفة:
-انا ذاهب،لم اجىء الى هنا لابدا شجارا مفتوحا.
استدارت سارة مصعوقة لانها كانت قد نسيت وجود ديرك:
-لا تذهب يا ديرك...فوارن كان خارجا لتوه.
صاح بها وارن:
-والله لن اخرج!وعليك اما استقباله وانا فى المنزل او الذهاب الى مكان اخر.لكننى لن اخرج ابدا.
-عظيم...
التفتت الى ديرك:
-اعطنى بضع دقائق لارتدى ثيابى وساخرج معك.
هز ديرك راسه ثم ذهبت سارة الى غرفتها،فخلعت ثوب السباحة،وارتدت ثوبا صيفيا مكشوفا برتقالى اللون،وعادت على عقبيها الى غرفة الجلوس التى عمها الان صمت وهدوء متوترين.
كان ديرك ينتظرها فى اعلى السلم عندما خرجت من غرفتها.رمقت وجه وارن المتجهم ثم تقدمت نحو ديرك،وهى تقول لذاك الارعن ببسمة باردة:
-خذالمنزل كله لك هذا المساء.بامكانك التمتع فيه بكل الهدوء والسكينة التى ترغب فيها...
انقلبت الحلاوة الى وحشية وهى تضيف:
-وارجو ان تهشمك!
تقدمت رافعة راسها لتنزل السلم.بينما كانت تسير على االرصيف خارج المنزل ارتفع وقع نعلى حذائها دليل الغضب الذى يعقل نفسها.تقد ديرك ليسير الى جانبها،موسعا خطاه ليماشى خطوتها السريعة،قال بعد تردد:
-نظرا للظروف هذه يا سارة،الا تظنين ان من الافضل لك ان تعودى الى شقتك لقضاء الايام الاخيرة من الاجازة.
منتديات ليلاس
-واترك ذلك الرجل يربح؟لا قسما!لن يكون له هذا الرضى.ساجعل حياته جحيما كما يفعل بحياتى.
توقفت قرب سيارته تنتظره ليفتح لها الباب،وعندما تاخر التفتت اليه لتلاحظ التعبير المتالم على وجهه:
-مابك يا ديرك؟
كان فى صوتها رنة غضب ما زالت عالقة فيه،فتمتم دون ارتياح:
-لست ادرى كيف اخبرك.
كاد صبرها ينفذ من جديد:
-تخبرنى ماذا؟
ابعد نظره عنها:
-انا على موعد مع فتاة اخرى.
-لديك ماذا؟
-هذه قمة سخرية القدر!
كادت سارة تنفجر فى ضحكة مريرة.
-انا اسف ياسارة.لقد فكرت ان اورك طلبا للراحة وتجاذب اطراف الحديث وفى نيتى الخروج قبل عودة وارن.
اما هى فقد اعتقدت انه جاء يسامرها.هذا قمة الغرور.نظرت الى المنزل الذى لا يمكنها العودة اليه الان،ليس قبل وقت طويل.فلو علم وارن الحقيقة لن تنجو من لسانه السليط بسهولة وقالت:
-لاباس يا ديرك...فهذا ما استحقه.
-ماذا ستفعلين؟
-وهل ارجع لافسح له مجالا للسخرية؟...بالتاكيد لا.ساقصد مكانا ما،هل لك بانتظارى لاخرج سيارتى من الكاراج.
-بالطبع سانتظر.
وابتسم لها،فهذا اقل ما يمكنه فعله بعد ان خذلها.فليفكر هذا المتعجرف بمايريد عندما يراهما من حيث يقف الان فى سيارتين مستقلتين.
تصاعد غضبها الى ذروته فرجعت بشكل اخرق الى الوراء دون ان تلوى على سيئ.وعلى الفور غيرت غيارالسيارة من الرجوع الى الانطلاق ثم داست دواسة السرعة حتى الاسفل،تصاعد صوت صرير الاطارات فوق الطريق اثناء اندفاع السيارة الى الامام،تاركة ديرك خلفها.
كانت اتعس امسية امضتها سارة فى حياتها.فقد تركت ساعتها فى غرفة النوم،وتعطلت ساعة السيارة،لذلك عندما عادت كانت تجهل تماما الوقت بالتحديد.ادخلت السيارة الى المراب،وهى تفكر فى انها تاخرت فى العودة الى المنزل فالظلام قد حل منذ ساعات احست بلسع هواء الليل البارد فاسرعت
عبر الباب الموصل من المراب الى مدخل البيت.ثم شرعت ترتقى السلالم بقلق.قبل ان تصل الى راس الدرج،احست بقشعريرة تمر فى مؤخرة عنقها،فرفعت راسها لتشاهد وارن يقف فوقها على راس السلم،مفتوح القميص المتدلى خارج سرواله.كان فى نظرته اسوداد مرعب.اما قسماته فكانها قدت من صوان:
-اين كنت بحق الجحيم؟
-امر لا يخصك.
مرت امامه لكن اصابعه امسكت معصمها بقوة:
-الديك فكرة عن الوقت؟
-لا...لااعرف.ولا ارى ان الامر مهم.
-الساعة الان تقارب الرابعة صباحا.وانا اريد ان اعرف اين كنت.
احست بالالم من قبضة يده الفولاذية:
-لن اقدم لك كشف حساب عن مكان ذهابى ...فاتركنى ارجوك.انا تعبة
-ساتركك،حالما تجيبى عن سؤالى.
-لقد قلت ان هذا ليس من شانك.
كانت تعبة غير قادرة على خوض جدال مع وارن كينكايد،وقال لها:
-اعلم انك لم تكونى مع ارميتاج.
شحب وجهها ولكنها تحدته:
-الم اكن؟
-لا لم تكونى.
لم يكن فى صوته اثر لريبة او شك عندما اردف:
-لاننى لما ذهبت الى منزله اساله عنك اجابنى انك ما كنت فى مزاج يسمح لك برفقة احد،فتركته الى مكان لا يعرف ما هو.
شكرت سارة فى سرها ديرك لانه انقذ ماء وجهها فلم يعترف بانه كان على موعد مع فتاة اخرى تلك الليلة.لكن هذا لم يخرجها من ورطتها الحالية:
-ما زلت فى مزاج لا يسمح لى بمرافقة احد،خاصة انت!والان اتركنى!
حاولت تحرير يدها من قبضته.لكنه استغل حركتها ليلوى ذراعها خلف ظهرها وليضمها الى صدره وهو يقول امرا بغضب:
-لا يهمنى ان كنت بمزاج حسن ام لا...ستجيبين عن سؤالى .
ردت عليه بعنف:
-لن اجيب.
امسكت يده الاخرى بشعرها،لتمسك اصابعه الخصلات القصيرة ويشد راسها الى الوراء كى ينظر الى وجهها.ثم قال متهما:
-هل كنت تتسكعين؟
-قصدت صديقا تناولت معه شرابا.فهل هذه جريمة؟
-الطريقة التى قدت فيها سيارتك من هنا كانت تحمل علامات الانتحار.لقد اتصلت بالشرطة مرارا وانا على ثقة من ان مكروها قد اصابك خاصة بعد ان عرفت انك لم تكونى مع ارميتاج.
-لم يصيبنى سوء وها انا سالمة.هل ابدو كمن تعرض لاذى اكبر من الاذى الذى سببته لى.
راحت الدموع تغشى بصرها،وكانت تعنى تقريبا ما تقول.
-اترك ذراعى!فستكسره ان استمريت فى لويه هكذا.
ضغط عليها اكثر:
-اتمنى ان يؤلمك اكثر بعد ما سببت لى من رعب الليلة.انت تستحقين العقاب.
ضحكت سارة بمرارة والم:
-ماسببته لك؟ايها الثور المتعجرف العنيد.
لم يعطها وارن فرصة لاتمام سيل اهاناتها.بل اسكتها بعناق ساحق بعد ان ترك ذراعها ليضم جسدها الى صدره بقوة.رغم عناقه الجامح الذى بغى منه عقابها استجابت له.ارادت ان تكافح،ان تقاتل لتتخلص من عناقه لكن يديها تسللتا الى داخل قميصه،باحثة عن حرارة بشرته العارية.اما
راسها فراح يدور ويدور فوق صدره يحتك وجهها فيه بشدة والم،حتى احست بالارتباك من ردة فعلها هذه.
عندما ابعدهاعنه،لم تستطع فتح عينيها لتنظر اليه لانها ما زالت ترتجف من قوة استجابتها الغريبة له.احست بفمها وذقنها وكانما ما زالا يحتكان بشعر صدره.
-بالله عليك سارة...اين كنت طوال الوقت؟
كان فى صوته رنة غريبة.اشبه بالالم.اخد يمر يده على شعرها برقة وهو يتابع كلامه:
-لقد كدت اجن من القلق خوفا من ان يكون مكروه قد اصابك.
-احقا؟
اخذت نفسا عميقا وهى تخشى ان تصدقه.فابتسم.
-اجل...هذا صحيح.
احست بخفقات قلبه غير المنتظمة تحت يديها،واشتدت ذراعاه ثانية حولها،وعاد الالحاح الى صوته:
صديقك الذى كنت عنده...رجل ام امراة؟
-انها جولى ،صديقة الطفولة.
بدات تحرك راسها ثانية وقد اخذ يداعب اذنها...فقال بغضب ساخر:
-اعتقد انكما قضيتما الليل فى قيل وقال،بينما انا اذرع الغرفة قلقا.
-ليس الليل كله لاننى تركتها عند الحادية عشرة.
كان يمرر يديه فوق كتفيها،وكانت هى تتمتع دون خجل بالاحساس الذى تبعثه هذه الحركة فيها.عندما سمع اجابتها تلك رفع راسه عابسا:
-واين كنت منذ الحادية عشرة؟
-كنت اتمشى على الشاطىء.
-وحدك
علمت ان الامر غباء منها فاجابت بصوت منخفض:
-جل.
-تستحقين الجلد حتى الموت على هذا!اكنت تتمشين فعلا على الشاطىء مدة ثلاث ساعات؟
كرر كلامها وكانه غير قادر على التصديق،لكنها لم تفكر مطلقا بالمخاطر التى عرضت نفسها لها وقالت:
-اعتقد هذا.
-اوه يا سارة.كنت اعلم انه ما كان يجب ان اتركك تذهبين مع ارميتاج.
فضحكت:
-لم يكن فى وسعك ايقافى.كنت غاضبة حتى ان حائطا من الحجر الاصم ما كان ليوقفنى وانت السبب فى هذا كله.
-انا؟!
-انت من بدات الشجار.لو لم تكن فظا مع ديرك،لما فقدت اعصابى.
-ماذا كان يفترض بى ان افكر؟اتصلت بمكتبه فقالت لى السكرتيرة انه خرج فى عمل.وعندما وصلت الى هنا وجدته يحملك بين ذراعيه...
-كان بامكانك ان تمنحه البراءة لعدم كفاية الادلة.بدل القفز الى استنتاجات مخطئة غير عادلة.
قال لها منتقدا:
-كيف تعرفين ان استنتاجى كان غير عادل ومخطىء؟
-لان ليس من طبع ديرك الكذب.انه صادق ذكى ويعمل جاهدا كما تعمل انت وقضيتك ليست القضية الوحيدة التى يرميها المكتب على كاهله وكل التاخير الذى حصل سببه اخرون وهذه امور لا ذنب له فيها.
والتوى فمه:
-ها قد عدت من جديد لتدافعى عنه!
-وماذا على ان افعل غير هذا وهو غير موجود ليدافع عن نفسه؟
ارادت الابتعاد عن ذراعيه لكنه احكم امساكها:
-سارة،لا اريد المشاجرة .
-لا؟انت تريدنى؟
طافت عيناه فى وجهها تسال مع سؤاله:
-وانت؟
بدات نبضاتها تتسارع من جديد والخدر يسرى الى احساسها،لكن عقلها رفض ان يتخلى عن دوره.كان ردها بصوت لاهث مقطوع الانفاس:
-لا...لا...لااريد.
اتسعت زاوية واحدة من فمه بابتسامة ماكرة غريبة:
-كاذبة.
-لقد اتهمتنى بهذا مرارا يا وارن.وانت مخطىء هذه المرة كخطاك فى المرات السابقة.
ثم انتزعت جسدها بعيدا عنه وولت مبتعدة وهى تشعر بنظراته،تشل ظهرها.كان عليها اجبار نفسها على السير بهدوء والا تستسلم لرغبتها فى الهرب الى غرفتها بسرعة.
ما ان اقفلت الباب وراءها حتى راحت ترتجف بعنف...انها مسحورة به الى حد بعيد...لقد تعرفت الى الدلائل...والى الامتزاج الغريب بسحرهما معا.
هو دون شك يدرك انها جذابة جدا وقريبة من متناول يده ورغبته فيها هى جزء من الخطر الذى ورثه بمشاركته اياها المنزل نفسه.كانت تعرف انها لن تستطيع قبوله حبيبا مؤقتا لان ذلك امر غير حكيم.
بينما كانت توشك على اطفاء النور للخلود الى النوم فتح الباب،فجمد اصبعها فوق الزر عن الحراك ذلك ان وارن ملا جسده الباب،فبدا شعره الكهرمانى يلمع ويميل الى الاسوداد اما عيناه فاعتم لونهما الازرق حيث قارب الاوداد.احست برغبة وتوق اليه لكنها نفتهما بكلماتها:
-وارن اريد ان انام.
-اجل...لكنك ستنامين فى فراشى حيث يجب ان تكونى.
مد يده اليها،فحاولت الاحتجاج...لكنها عرفت ان الاحتجاج لن يمنعه لذا سارعت الى الوسادة فوق السرير فرمته بها،امله ان تهرب من يديه للحظات،لكنه ابعد الوسادة بضربة من ذراعه ثم انقض عليها
ليمسك خصرها قبل ان تنزلق من الناحية الاخرى من السرير.
ورماها دون جهد فوق كتفيه اللتين تلقتا وظهره ضربات قوية بينما اخذ لسانها يتهمه ويذم تصرفه الذى يعود الى ايام رجال الكهف...فقال:
-اصرخى ما شاء لك الصراخ...فلن يسمعك احد وانت لم تثقبى طبلة اذنى بعد.
-انزلنى فورا.
فتح باب غرفته برفسة من قدمه ثم رماها فوق سريره لتختفى صرختها المرتفعة على الوسادة التى غرق وجهها فيها.احست بالصدمة
ومضت لحظات قبل ان تستعيد جاشها.لما انقلبت الى جانبها،شاهدته يخلع قميصه وكانه بذلك يخلع البرقع الشفاف للتحضر الذى يفصل البشر عن الحيوان.تقلصت معدتها لرؤيته.
استغلت استدارة ظهره لها لتكمل دورتها فوق السرير.لكن يده سارعت للامساك بكتفيها ليجبرها على البقاء،وطقطق السرير وهو يتلقى وزنه.وكانت مقاومتها دون جدوى،فقوته
العمرة الصقت كتفيها بالسرير.امسكت ذراعيه تحاول دفعه بعيدا عنها،وادارت وجهها بسرعة من جانب الى جانب تجنبا لفمه.لكن هذه الحركة لم تمنعه من وضع شفتيه على خدها.
رغم محاولاتها المذعورة للخلاص منه الا ان شيئا من التجاوب اجتاح جسدها عند لمسة يديه لها.شهقت بحذر وقالت:
-وارن...ماذا عن تلك القوانين؟
-فلتذهب كل القوانين الى الجحيم.
-ولكنك تعب يا وارن.وانت لا تعرف ماذا تفعل.
لم تعد تعرف ماذا تفعل هى ولماذا.فقال:
-ربما لكننى مسرور هكذا،مهما يكن الامر.
سمعت زئيرا يصم اذنيها كان مصدره ضربات قلبها.
-وانت كذلك مسرورة بما يجرى،يا فتاة الكرز...اياك ان تنكرى هذا.
لكن استسلامها لم يكن كاملا اذ عادت الى الاحتجاج.
-وارن
-نعم يا فتاة الكرز...اخضر نىء فى الصباح،واحمر ناضج وحلو فى الليل.
احست سارة وكانها دولاب الحظ،تدور وتدور دون ان تعرف اين وكيف ستقف...او من سيربح ومن سيخسر ...انه دوار عنيف ومستمر.
فى تلك اللحظات كانت تعلم انها تفقد السيطرة على الذات وانها تترك نفسها تقع فى شرك لا قرار له.الشيء الوحيد الذى عليها فعله لن تجرؤ على القيام به.همست له باحتجاج مؤلم،وهى تتقلب متهربة من الحاحه.
-لاتفعل هذا ارجوك يا وارن...ارجوك.
-حبا لله يا سارة...انت تعرفين انك تريدين حبى...وساجعلك تعترفين به!
انها تريد حبه،لكن ليس بهذه الطريقة،تابعت مقاومتها...ثم قالت تحاول جرحه:
-اتستخدم القوة دائما لنيل النساء؟
تنفس وارن بقوة ،ثم رفع نفسه عنها وراحت عيناه تلمعان بطريقة توحى بان فرصة الهرب قد ازفت وعليها الا تهن او تضعف.
همس اخيرا:
-اللعنة عليك يا سارة.
اضجع الى جانبه جاذبا اياها معه.ثم امسكت راحتاه وجنتيها ووضعتاهما فوق صدره،لتعلو وتهبط كلما لفظ انفاسه المتهدجة،فكان ان استطاعت سماع ضربات قلبه.فاغمضت عينيها تاركة ذراعيه تسحقانهااليه.
امسكها بهذه الطريقة دون ان يغازلها او يسعى الى تنفيذ تهديده يجعهلها تقر له بحبها له لكنها الان ما عادت تخشى من عناقه لانه امتنع عن اغوائها.
ومر وقت طويل قبل ان تهذا نبضات قلبه وتنتظم انفاسه.كان الرضى بالاستلقاء بين ذراعيه يعادل قوة رغبتها فيه بل اكثر.
حاولت النهوض لكن ذراعه اشتدت اكثر حولها.
-ابقى هنا يا فتاة الكرز.
كان صوته العميق غير قابل للمقاومة،ووارن يوشك ان يغفو لذا استرخت فوق صدره وبين دفء ذراعيه على امل ان ترحل بعد ان يغفو.حينما شعر بها تستكين دون مقاومة انتظمت انفاسه ثم استسلم للنوم هنيئا.
ولم يكن من السهل ان تبقى صاحية،ولكن ما ساعدها كان الهواء البارد الذى يرسله البحر عبر النافذة المفتوحة.ولولاه لما استطاعت الا الاستكانة بين ذراعيه نائمة.ارتجفت للحظات قليلة وكانه احس برجفتها لانه سرعان ما افلتها
ليمسك بالاغطية التى جذبها ليغطى بها نفسه ويغطيها،عندها غمرها الدفء،واسترخت وهى تحس بامان بعثه صوته الهامس:
-نامى يا فتاة الكرز.
رغم عفوية كلماته الا انه كمن بين طياتها شيء حميم.فاجابت:
-اجل.
لكنها لن تنام...ستتظاهر فقط بالموافقة.وعندما يغط فى نوم عميق ستتسلل منسحبة الى غرفتها.انخفضت رموشها الى الاسفل من التعب فقررت ان تريح عينيها قليلا لدقائق معدودة فقط.
كانت ذراعه حول خصرها ثقيلة،دافئة...متملكة...ولطيفة.

 
 

 

عرض البوم صور زونار   رد مع اقتباس
قديم 12-04-09, 04:24 PM   المشاركة رقم: 3
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Nov 2008
العضوية: 103835
المشاركات: 336
الجنس ذكر
معدل التقييم: زونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 502

االدولة
البلدKuwait
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
زونار غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : زونار المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي

 

7_خفقات ليست لها
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نطلق جرس المنبه عاليا داخل اذن سارة تقريبا ناضلت لتفتح عينيها وهى لا تفهم سبب هذا الرنين العالى الى هذا الحد احست بوزن ثقيل على خاصرتها يضغطها فوق الفراش ارادت ان
تبعد هذا الثقل وتمنت من وارن ان يسكت هذا الرنين المزعج ولو لمرة واحدة وما ان لمست اصابعها هذا الثقل حتى احست بشعر خشن اعلمها ان هذه ذراع وارن
طار النعاس فورا من جفونها وقد تذكرت ما حدث الليلة الماضية او على الاصح فى الصباح الباكر فهذا الجسد القاسى الطويل الى جانبها هو وارن وبحذر لئلا تقلقه
مدت يدها التى كادت لا تلامس زر المنبه فاسكتته وللمرة الاولى تسر باستمراره فى النوم اثناء رنين المنبه لان ذلك سيعطيها فرصة التسلل من السرير قبل ان يستيقط
لكنها اثناء محاولتها تلك امسكها باحكام رافقه تلعلع صوت اجش بفعل النعا
-لاتتحركى يا فتاة الكرز.
ظنت سارة انه غير واع الان وهذا يعنى انه سيغط فى النوم من جديد
-يدك تضايقنى.
تمتم بشىءمبهم ثم اضطجع الى الجانب الاخر فى حين بقيت سارة ساكنة مدة دقائق حتى اطمئنت الى انه عاد الى النوم ثم تسللت من السرير وسارت على اطراف اصابعها الى غرفتها
اغتسلت ثم غيرت ملابسها وصنعت القهوة فصبت منها فنجانا ثم صبت كوب عصير حملتهما وعادت الى غرفة وارن وهناك راحت تتامل النائم المستغرق فى نومه تنهدت حينما تذكرت كم تاخر فى النوم ليلة امس والليلة التى سبقتها عندما
نام على الاريكة لذا لم تجد القدرة على ايقاضه وحرمانه من الراحة التى يحتاجها.رجعت على عقبيها لتضع العصير فى البراد والقهوة على طاولة المطبخ.
كانت الشمس تصفع باشعتها وجه مياه البحر الصافية فتنعكس انوارها الى غرفة الجلوس.حملت فنجان القهوة لتخرج الى الشرفة،لكنها بعد تردد،نزلت السلم الممتد من المنزل الى الشاطىء المغرى.
حيث لا يقطع سكينة الصباح سوى صوت الامواج المتكسرة على الشاطىء وصيحات النورس الناثر جناحيه فى الافق الرحب.
لكن الشاطىء لم يكن فارغا لان امراة عجوز تعتمر قبعة واقية من الشمس وبنطلون جينز مطويا حتى ركبتيها كانت تتجول وحيدة،تهتم بالنفائس التى كشف عنها المد.
جلست سارة فوق الرمال،ثم طفقت تراقب المراة فترة قبل ان يرتد بصرها من جديد الى النورس الذى ازدادت حركاته البهلوانية...اما البحر فكان فى اوج صفائه.فوجهه صفا وسكن كمراة مشعة.
بدا شعورها بمضى الزمن يندثر رويدا رويدا،فها الساعة توشك على الاندحار وكانها ثوان تطايرت بسرعة.لكن الشمس اشتدت انوارها وارتفعت حرارتها،اما البحر والسماء،فقد بقيا كما هما،والمراة ما زالت تجوب الشلطىء بحثا عن الصدف والخشب المجروف.
-سارة؟
صوت وارن صرخ بها بنفاذ صبر،مهشما طوق السحر الذى حولها،معلعا فوق صيحة النورس.فاستدارت فوق الرمال لتنظر الى الخلف،فاذا به يقف على الشرفة،عاريا حتى الوسط.مشعت الشعر الذى حاول ترتيبه بتخليل اصابعه فيه.
لوحت له،وقلبها يخفق...فمن الصعب عليها ان لا تشعر بالجاذبية التى يملكها...صاح متهما:
-لماذا لم تقظينى...؟كان على ان اكون فى المكتب منذ ساعة.
-لقد ظننتك بحاجة الى النوم!
-فى المرة القادمة لا تظنى...بل ايقظينى!
رده بدا وكانه زئير .فما كان منها الا ان مدت له لسانها،مسرورة اكثر منها غاضبة من تصرفاته الغاضبة.وقفت،وتقدمت نحو الماء،ورفعت المراة التى تمشط الرمال بحثا عن الاصداف راسها نحوها;فابتسم وجهها الذى لوحته الشمس ولم تحمه القبعة وهى تقول:
-اليس الصبح بهيا؟
توقفت سارة عندها:
-بكل تاكيد...هل وجدت شيئا هذا الصباح؟
-لاشيء هام.
استقامت المراة من انحناءها،فضغطت بيدها على ظهرها.اما سارة فرمقت الكيس الذى تعلقه المراة على كتفها.
-هل تجمعين الاصداف؟
-اجل...فهوايتى الرئيسية هى صنع اشياء من هذه الاصداف ومن اشياء اخرى اجدها على الشاطىء.
لاحظت سارة عقدا من الاصداف الصغيرة حول عنق المراة فسالتها:
-كالحى مثلا؟
لمست المراة القلادة باصابعها.
-اجل...الحلى.خاصة القلائد والاقراط.فى الوقت الحاضر اصنع صورة بالاصداف.ولهذا اجمع كل هذه الاصداف البنفسجية.
مدت يدها الى كيسها فرفعت بعض ما فيه من اصداف صغيرة.ثم اردفت:
-ثمة اشياء كثيرة يمكن صنعها من هذه الاصداف:الاجراس المتحركة واشياء كثيرة.
-يبدو الامر ساحرا.
وبرز فى صوتها رنة حسد.فمواهبها الفنية المبدعة لم تتعد يوما ترتيب الزهور بين وقت واخر.ردت المراة:
-الامر ممتع جدا وبما اننى الان متقاعدة،فهذا يبقينى مشغولة.
-سارة!
عاد صوت وارن يناديها،فاستدارت لتجيب،كان يقف على الشرفة وقد ارتدى ملابسه،واكمل:
-انا ذاهب الان...وساراك الليلة.
لوحت سارة له،وبعد تحية قصيرة عاد للدخول الى المنزل.فابتسمت لنفسها،دهشة لما يفعله كوب قهوة وحمام لهذا النكد صباحا.فقالت المراى:
-ان زوجك لمهتم بك.كان زوجى جون يخبرنى متى يعود دائما.
قامت سارة بتصحيح ما قالته المراة على غير وعى منها:
-وارن ليس زوجى.
اجفلت المراة للحظات.
-اوه...اجل!
خرجت الصيحة بدهشة وصدمة تعبر عن عدم موافقتها على ما استنتجته فاحمر وجه سارة،وقد فهمت ان المراة تلمح الى انهما يعيشان معا دون زواج.لكن لو شاءت ان تصحح لها خطا تفكيرها لاقتضاها ذلك شرحا عن ملابسات سكنها وما الى ذلك،وهى الان لا تجد داعيا لتبرر الوضع لهذه المراة التى لن تصدقها وان نفت وجود علاقة بينهما وقالت سارة:
-لدى بعض التنظيفات فى المنزل...يوم سعيد.
راحت تشق طريق العودة وصوت المراة يتناهى اليها متمتما:
-شبان هذه الايام...لقد فقدوا كل احساس بالقيم الاخلاقية!
فى الواقع،لم يكن لدى سارة عمل فى المنزل،ولكنها تجولت لتفعل اشياء غريبة صغيرة،كرى النباتات وغسل اغراضها الصغيرة.وقد بقيت فى عملها هذا حتى الظهر حيث اعدت بعض السندويشات والقهوة غداء لها،ثم تمددت على كرسى نوم وشرعت بالقراءة.
كانت الشمس الدافئة تبعث الاسترخاء الى جسدها المتمدد الذى راح يغرق فى النوم بعد ليلتين مؤرقتين.
عندما فتحت عينيها ثانية ،وقعتا على حقيبة مالوفة لها.راحت تبحث فورا عن صاحبها فوجدته جالسا على الكرسى الاخر الى جانبها،وساقاه الطويلتان ممتدتان امامه،وكوب عصير برتقال،مع مكعبين من الثلج،فى يده.كان ينظر اليها وقد التوى فمه بابتسامة:
-لقد قررت اخيرا الاستيقاظ يا ناعسة.ظننتك ستنامين حتى صباح الغد.
منعت تثاؤبة بظاهر يدها،ثم دفعت نفسها لتستند الى مرفقها:
-كم الساعة الان؟
-الرابعة والنصف،تقريبا.
-لم اكن اعلم اننى تعبة لهذه الدرجة.منذ متى وانت هنا؟
-منذ الثانية تقريبا.
اى انه وصل بعد برهة من نومها...فرفرفت عينيها متعجبة:
-وهل جلست هنا هذه المدة كلها؟
-اراقبك وانت نائمة.
كان الخدر قد بدا يزول،واخذت تعى تماما ما حولها وسرعان ما لاحظت اشارات التعب عليه،فقالت وهى تجلس مستوية:
-كان عليك ان تنام بدل مراقبتى.
-ربما...لكننى اردت ان اكون صاحيا عندما تستيقظى.
بدا لها سببا غريبا:
-ولماذا؟
-لاننى اريد الاعتذار على ما بدا منى ليلة امس.
-اوه...
تصريحه جعلها فجاة قلقة،خاصة وان نظرته الزرقاء كانت تراقب كل حركاتها.وقفت تسير الى حاجز الشرفة،متمنية لو يتظاهر بان ليلة الامس لو تكن،بدل الاشارة اليها عند اول لقاء لهما.فى الصباح كانت قد هربت الى الشاطىء تجنبا لهذه المواجهة.
وقع الاقدام دلتها على دنوه منها فتوترت،وخفق قلبها بجنون وكانه جناحا طائر الطنان.وقف وارن خلفها تماما،فاحست بلمسات نظرته.
-الن تقبلى اعتذارى؟
هزت كتفيها بنزق:
-على ماذا؟لم يحدث شيء.
فقال ساخرا بلطف:
-ليس بسبب عدم وجود النية.
افقدها ارتباكها تماسكها حتى غدت تبدو كمراهقة خجول.ماذا حدث لنضوجها وثقتها بالنفس عندالحاجة الى معالجة مثل هذا الموقف؟ما هى هذه القوة التى يمتلكها وارن كى تتقلص امامه لتصبح كتلة اعصاب متوترة؟
وضع يديه بلطف على كتفيها ليديرها نحوه.فابقت نظرها على ياقة قميصه،حيث الزران العلويان المفتوحان،اظهرا لها فسحة من صدره وقد اثار هذا المشهد اعصابها وكانها تنظر الى عينيه الزرقاوين.
مد اصبعه الى ذقنها ليرفع وجهها اليه:
-كنت اعلم انك ستغرينى منذ اول ليلة اتفقنا فيها،لكننى ظننت ان بامكانى المقاومة...كنت تعبا ومتوترا ليلة امس.وكنا نتجادل بشان ارميتاج...
فقاطعته سارة بحزم:
-وارن ارجوك.لااريد ان اخوض فى تفاصيل الوقائع اوالاحاسيس التى قادت الى ما حدث ليلة امس.عرضها فى ضوء النهار لا يبدل شيئا.فلا تفعل هذا بى.فضحك دون مرح:
لا افعل هذا بك؟وماذا عما فعلته انت بى؟اتعلمين كيف شعرت عندما قدت سيارتك بتلك السرعة ليلة امس؟او عندما اكتشفت انك لست مع ارميتاج؟اتعلمين ما معنى انتظار عودتك ليلا؟اتعلمين ما هو الشعور الذى احس به كل ليلة فى الفراش وانا اتخيلك فى الغرفة المجاورة ببيجامتك القصيرة التى لاتخفى منك شيئا؟
انها على بعد خطوة من الاستسلام له...فقالت متحدية:
-اذن اذهب...اترك البيت.
-اتركك وابقى قلقا عليك،وانت وحيدة تحت رحمة المتطفلين واللصوص؟ساكون كالهارب من المقلاة الى النار،او كمن يعالج القرحة بالحمام البارد.
-بناء على هذا فانت تريد من الذهاب.
-هذا سيحل مشكلة ما.
-صحيح؟
فتنهد عميقا،وتركها ليستدير:
-لست ادرى.
هذا جيد...لاننى لن اذهب.
مع ان كل ذرة من منطق كانت تصيح بها ان عليها الذهاب قالت له وهى تتحرك باتجاه باب الشرفة:
-اعذرنى...سارى ما لدينا للعشاء الليلة.
استدار وارن وفى صوته وحشية:
-لا!سنتعشى خارجا.
ترددت جزءا من الثانية:
-بامكانك العشاء فى الخارج اذا احببت،اما انا فساحضر شيئا لنفسى.
رفضت دعوته لانها ستبدو موعدا غراميا خطرا عليها بقائها معه وحيدة.فتمتم:
-تبا لك يا سارة.اما شرحت منذ قليل اننى اخشى تركك وحيدة فى المنزل خلال الليل.الا يكفينى خطر بقائك وحيدة خلال النهار؟
-لن تتركنى!
اغضبها تصريحه المتعجرف.
لكنه كرر بقوة:
-هذا صحيح...لن اتركك.جادلينى ما شاء لك ذلك فى هذا الموضوع،لكن ليس امامك الا خياران اما الخروج معا او البقاء هنا معا.فان كنت تملكين ذرة من عقل فستوافقين على الخروج للعشاء لنختلط بالناس.
تلاقت عيونهما فى صدام وصراع.ثم اكمل بتحد:
-ماهو خيارك؟
-اعطنى بضع دقائق لاغير ملابسى.
-عظيم...سنذهب الى مكان نشرب فيه العصير قبل العشاء.
لم يخف توترها الا بعد مغادرتهما المقهى الذى احتسيا فيه عصيرا باردا متجهين الى مطعم،اجلستهما المضيفة الى طاولة تشرف على البحر تبدو امواجه البيضاء متكسرة انوار مصابيح المطعم الكاشفة.
رفع راسه عن لائحة الطعام:
-ماذا بدا لك من طعام جيد؟
-احاول التقرير بين السرطان مع التوابل والسرطان المسلوق.
-تناولى الطبقين معا.
-اتمزح؟ستمتلىء معدتى الى درجة لا اقوى معها على الحراك وعندها ستضطر الى حملى لتخرجنى من هنا.
فذكرها بسرعة وهدوء:
-لن تكون المرة الاولى...لقد حملتك فى مكان ما.
الطريقة التى نظر فيها اليها بعثت اليها الحرارة فكان ان اعادت نظرها الى لائحة الطعام،مدركة كل الادراك ضحكاته الخفية،ثم لم تلبث ان اغلقت لائحة الطعام:
-ساتناول السرطان المسلوق.
تقدم منهما الساقى بعد اشارة من وارن:
-سرطان مسلوق لنا.ولائحة المشروب ارجوك.
عندما ذهبالساقى،طغى عليهما صمت شديد دفع سارة الى العبث بالشوكة الموضوعة امامها،عاجزة عن الحديث باى موضوع قد يطرى اجواء بداية السهرة.ومد وارن يده ليغطى يدها،وقال معتذرا:
-كنت امازحك عندما ذكرت ما حدث ليلة امس.
-اعلم،لكن الامر لا مزاح فيه
وجاءهما صوت رجولى ساخر من خلف سارة:
-عجبا...عجبا...لقد قررتما اخيرا الخروج من عشكما!
حاولت سارة سحب يدها من يد وارن،الا ان اصابعه رفضت ان تتركها.وارتفع بصره الى صاحب الصوت:
-مرحبا تيد.
تقدم الرجل الاشقر امام سارة،وقد كان ذكر وارن اسمه قد انعش ذاكرتها فعلمت ان الصوت صوت شقيق كاثرين.
-مرحبا وارن.
احنى راسه له،ثم ابتسم بخبث لسارة:
-لقد التقينا ثانية سارة لانغلى.
-مرحبا سيد ارثربورى.
ردت عليه تحيته بجفاء متعمد،فهى لم تحب تصرفاته المتعجرفة قط.فقال مصححا ثم التفت الى وارن:
-بل تيد...شقيقتى كانت تطحن اسنانها عليك طوال الاسبوع،حقا يا وارن.واظن انه كان عليك التخلى عنها بلطف اكثر.
-لقد كنت لطيف معها سنتين متتاليتين...وقد ان لها ان تفهم.
-اظن انها فهمت الان انك السيد فى اى زواج.لقد كانت كاثى متحررة دائما،وهى الان على استعداد لمسامحتك على...لهوك مع صديقاتك.
اشار براسه الى سارة،التى كانت تجلس غارقة بين نارى الغضب والاحراج...التوى فم وارن باشمئزاز:
-اهذا ما قالته كاثرين؟
اعترف تيد بسهولة:
-طلبت منى ان اوصل لك رسالتها هذه عند لقائى بك.
رد وارن دون اكتراث ظاهر:
-وها قد اوصلتها.
فهز تيد كتفيه:
-وانت الان تريدنى ان اترككما وحدكما حالا؟حسن جدا...تمتعا بامسيتكما.
عندما ابتعد،قالت سارة غاضبة:
لماذا لم تصحح انطباعه؟انه ليس كاثرين.
فرفع حاجبيه ساخرا:
-كيف اصحح انطباعه؟اتنكرين نومنا معا؟
-انت تعلم تماما ان الامر بريئا تماما.
ترك يدها ليسند ظهره على الكرسى وهويتفرس فيها مفكرا:
-انت تتحرقين لنفى اى علاقة بيننا كلما كان تيد معنا،ايعجبك؟
-بالطبع لا!
-عائلة ارثربورى فاحشة الثراء،ومما لا شك فيه ان تيد صيد ثمين لاية امراة.
فقالت بسخرية تتجاوز سخريته بدرجات:
-قد اقول القول نفسه عن كاثرين؟
-ممكن،لكننا لا نتكلم عنها الان
-وانا لا اتكلم عن تيد،ولكن ربما عليك ان تاخذ بنصيحته وتقبل غفرانها لك.فتعودان الى سابق عهدكما.
بد الضيق على وجهه:
-انت تتمتعين باثارة الجدال يا سارة؟
-انا لا اثير شيئا...انت من يخلق الشجار دائما.
فلننه هذا الحديث بتجاهل الموضوع.
-بكل سرور.
وصول العشاء جعلهما ينهيان الشجار فورا للعودة الى الصمت مع الطعام اللذيذ والشراب تحول الصمت بعد قليل الى رفقة محببة.فسالته سارة:
-ما اخبار القضية؟
-جيدة جدا...الم يخبرك ارميتاج انه عوض عن الوقت الضائع؟
-لا انه لم يذكرها اطلاقا.
كان عليه ان يخبرك مسرورا بما انجز.
ديرك لا يتباهى بعمله الذى يعتبره واجبا وهو الى ذلك لا يتخذ المشاكل حجة للتلكؤ بل يسعى الى حلها.ولهذا السبب قلت لك ان ليس من الانصاف لومه على التاخير الذى حدث لقضيتك.
-ولكنه ذكر انكما تبحثان العمل معا،لذا افترضت ان يكون قد اشار الى قضيتى.عما كنتما تتحدثان،ام انا اخوض فى امور محرمة بسؤالى هذا؟
ترددت لحظة،لانها لا تجد خيرا فى الاجابة:
-كنا نتحدث عن الفتاة التى حلت مكانى خلال اجازتى،عمليا جينى سكرتيرة ممتازة،لكن شخصيتها تثير الاعصاب.
هز راسه،وكانه فهم وقال:
-لقد تحدثت اليها عدة مرات.
-اذن انت تفهم مامر به ديرك فى الاسبوع الماضى.
ارتسمت ابتسامة على شفتيها،فاجاب بصدق:
-واتعاطف معه،لكن هذا لا يفسر لى سبب حمله لك فوق السياج.
لم تحاول اخفاء ابتسامتها التى اتسعت:
-اوه...كنت امازحه فقلت له اننى افكر بالاستقالة واعطائه انذار بترك العمل واقترحت ان تحل جينى مكانى.عندها هددنى بالقتل ان فعلت.
-وهل تفكرين فعلا بترك العمل؟
هزت راسها:
-لا...فانا احب عملى.
-عندما تتزوجين هل ستستمرين فى العمل؟
بدا اهتمامه فى هذه اللحظة منصبا على الطعام.صعب عليها تقديم رد اعتباطى،فلو سالها رجل اخر هذا السؤال لضحكت منه.لكنها تشعر انها تقريبا قد وقعت فى حبه،والزواج موضوع يبعث الرجفة فى اوصالها.
-على الاغلب ساثابر على العمل بعد الزواج لاحافظ على مستوى معيشتى.
-هل يزعجك هذا؟
-لا...ابدا،،كما قلت لك انا احب عملى،ولا اظن ان الاوقات الكسولة تناسبنى فانا احب العمل البناء المتحدى.
كان ردا صادقا لا دجل فيه.رفع كوبه ونظر اليها من فوق حافته:
-وان لم يشا زوجك ان تعملى؟ماذا اذا اراد بقاءك فى البيت فقط؟
-عندها سيطول الجدال بيننا.هل انت من الرجال الرجعين الذين لا يوافقون على عمل الزوجات؟
فابتسم وارن:
-انا لا امانع ان تعمل زوجات الرجال الاخرين.لكننى لست واثقا من ردة فعلى عندما يتعلق الامر بزوجتى.لكنى لن ارضى بان تعمل فيما لو رزقنا اطفالا،على الاقل عندما يكونو صغارا.
فوافقت سارة دون نقاش:
-احب ان اكون مع اطفالى وهو صغار.
-هاقد وجدنا شيئا اخر مشتركا اتفقنا عليه عدا مشاركتنا المنزل نفسه.
بدت الدهشة الماكرة عليه،ولمع الخبث فى نظرته الزرقاء:
-هذا امر عظيم!
ضحكت سارة وقد نسيت الان كل شيء يتعلق بتيد وكاترين ارتربورى.ووجدا مواضيع وفيرة تجاذبا اطراف الحديث فيها دون ان يختلفا رايا.
بدا لها الوقت مبكرا جدا عندما ادخل وارن سيارته الى المراب،فى الواقع تباطئا كثيرا فى تناول الحلوى،
وفى شرب القهوة بعدها،الى ان اصبحت الساعة العاشرة.تنهدت سارة ندما على انتهاء السهرة.خرجت من السيارة،واخرجت مفتاح الباب من حقيبتها.ثم تقدما فى ان واحد الى
الامام ليفتحا الباب،فاصطدما ببعضهما بعضا فقال وارن ممازحا وهو ينحنى:
-اسمحى لى.
-بكل سرور.
فى المدخل السفلى،توقف قليلا ليوصد الباب وراءهما بالمزلاج،بينما بدات هى ترتقى السلالم ببطء منزعجة من انتهاء السهرة بهذه السرعة.فقالت:
-هل لى ان...
فقاطعها وهو على بعد خطوة منها:
-لنتفق...انت لا تعرضين على صنع القهوة او العصير،وانا لا اقترح عليك ان اريك رسوماتى.
فردت دون حماس:
-حسن جدا.
عرفت تماما لماذا قال هذا،فقد عادا الى المنزل ثانية حيث الخلوة والعزلة فيه توحى بجو حميم يحاول كلاهما تجنبه.امسك
ذراعها بلطف،ليقودها عبر غرفة الجلوس الى الردهة التى تصل الى غرفة النوم،وارادت ان تحتج بانها لا تميل الى النوم،لكنها علمت ان هذا لن يكون حكيما،فبقيت صامتة.
عندالباب المقفل،توقفا،فاستدارت سارة مترددة،وقد سادهما صمت مطبق.
قال وارن ممازحا:
-اتعلمين انها المرة الاولى التى ارافق فيها فتاة الى غرفة نومها مباشرة،لاقول تصبحين على خير؟
-وهى الاولى بالنسبة لى.
قلدت ما امكن لهجته المازحة،لكن صوتها خرج خشنا متوترا بسبب قربه منها.وغطت راحة يده خدها بلطف،ثم قال:
-الافضل ان تدخلى فراشك راسا.فبعد اليومين الماضيين،انت بحاجة لنوم طويل.
شيء ما فى طريقة كلامه جعلها تسال:
-وماذا عنك؟الن تذهب الى الفراش راسا؟
هز راسه.
-لا...لقد فكرت فى القيام وحدى بنزهة على الشاطىء قبل الخلود الى النوم.
ارادت ان تقترح مرافقته:
لكن اصبعه ضغط على شفتيها ليسكتها،ورفض بحزم:
-لا...فانا اعى ما افعل يا سارة.
تضاعفت طرقات قلبها شيئا فشيئا واضاءت عيناها البنيتان وهى تهز راسها موافقة،فتطاير الغضب من عينيه،مدمدما:
-لاتكونى خنوعة هكذا...فهذا لا يناسبك.
بدات تدافع عن تصرفها:
-انا...
فقاطعها:
-اصمتى فقط.
سمعته يبتلع ريقه،ثم احست بيده تهبط من وجنتيها الى ظهرها لتجذبها اليه برفق فى عناق حميم وناعم.دفء جسده،اضاف الى نارها المشتعلة لهيبا فوق لهيب.
جاذبيته الطاغية الملموسة جعلتها لا تقوى على رفضه او مقاومته،خاصة وهى تشعر به متوترا بين ذراعيها كرفاص مشدود فى محاولة منه لكبح جماح مشاعره،فى وقت فقدت هى كل سيطرة،فهى قد ادركت منذ وقت طويل،انها بين ذراعى وارن تتعطل كل كوابحها،وهذا ما يجعل للمسته خطرا مضاعفا.
فجاة تراجع،وقد تحركت عضلة صغيرة على فكه القوى،اخذ يحدق فيها باكتئاب...ثم تنفس بعمق،تركها مبتعدا وهو يقول امرا:
-تصبحين على خير يا سارة.
بقيت هنيئة غير قادرة على الكلام،ثم اجابت بصوت ضعيف:
-تصبح على خير.
لكنه كان قد وصل الى منتصف غرفة الجلوس،دون ان ينظر الى الخلف.لم تدخل غرفتها،الا بعد ان سمعت باب الشرفة المنزلق ينفتح،ثم ينغلق.
كانت مصدومة من المشاعر والاحاسيس التى ايقظها فيها،فكيف للنوم سبيل اليها.تقدمت من النافذة،تنظر الى نور القمر الشاحب وقد رمى بظلال قضية خفيفة فوق الرمال.
ثم برزوارن امام ناظريها،تحمله خطوات واسعة نحو الامواج.يداه فى جيبي بنطلونه،ونظره ثابت الى الارض.راقبته الى ان اختفى عن ناظريها،يسير فوق الشاطىء نحو الليل.
غيرت ملابسها،وارتدت البيجاما،ثم دخلت السرير،لم تحاول ان تغمض عينيها،وهى تصغى لتكتكات الساعة الصغيرة قرب السرير التى تشير الى انقضاء الثوانى.كانت يدا الساعة تتصافحان معلنتان منتصف الليل عندما سمعته يدخل المنزل.
خطواته تباطات كثيرا وهو يدخل الردهة .وقف خارج بابها،وعندما شاهدت الاكرة تستدير،اغمضت عينيها تدعى النوم.
فتح الباب،ولكنه لم يحاول دخول الغرفة،بل وقف يتاملها عدة لحظات صامتة قبل ان يغلق الباب ثانية،
فى طريقه الى غرفته.
عندما اصبحت دقات قلبها الما مبرحا.

يأخذ الشمس معه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
استيقظت سارة كالعادة باكرا فى الصباح التالى،واستلقت فى الفراش عدة دقائق تصغى الى صوت تحركات وارن فى المنزل.
اخيرا نزلت من السرير لعلمها انها لن تستطيع العودة الى النوم،وان عليها ان تنهض من السرير عاجلا ام اجلا.فارتدت روبها وخرجت الى الردهة.فى تلك اللحظة خرج
وارن من غرفته،يصفر بصوت منخفض لحنا لا شكل له.كان يرتدى ثوب سباحة قاتما.ابتسم عندما شاهدها وقال بمرح:
-صباح الخير.
ردت عليه بصوت اجش بفعل النوم:
-لاشك فى انك استيقظت منذ مدة.
-صحيح...كيف عرفت؟هل ايقظتك.
انتظرها ليسير معها.فردت عليه:
-لا...لم توقظنى.لقد عرفت انك استيقظت منذ مدة لانك عادة تبدو نكدا عندما تستيقظ.
مد يده ليعبث بشعرها القصير مداعبا:
-انك لا تشبهين اشراقة الشمس عندما تستيقظين كذلك.
-لاتفعل هذا...
حاولت اعادة شعرها الى ما كان عليه براحة يدها،فغمزها قائلا:
-ارايت ما اعنى؟
-انا لم ادع يوما اننى الانسة اشراقة الشمس.هل صنعت القهوة؟
-ليس بعد.كنت فى طريقى لاسبح قليلا قبل الفطور،على امل ان اعود فاراك قد استيقظت فاعددتها.
كان فى رده صدق ما،يمتزج بسخرية تطل من عينيه.فردت دون ان تتمكن من الغضب منه فى الصباح الباكر:
-كان بامكانك تحضير الفطور لى بانتظار استيقاظى.
-صحيح...هل تاتين معى للسباحة؟سانتظرك.
-لا.شكرا.
فهز كتفيه:
-حسنا...ساراك لاحقا.
بدا انه اخذ الكثير من نور الشمس معه عندما خرج.حضرت سارة ابريق القهوة ووضعته فى الكهرباء.واخرجت كوب العصير الى الشرفة،واخذ نظرها يبحث بين الامواج الى ان وجدت وارن.انه سباح قوى كما قدرت ذلك تماما.راقبته مدة طويلة قبل ان تنهر نفسها لترتدى ثيابها.
استحمت اولا...ثم ارتدت سروالا قصيرا مقلما بالابيض والاحمر وقميصا ذا ياقة تشبه المركب.كانت القهوة جاهزة عندما عادت الى المطبخ.فصبت فنجانا وحملته ثانية الى الشرفة،وعادت انظارها ثانية تفتش عنه فوق الشاطىء.
طيفان لفتا نظرها،احدهما لوارن يرفع يده بالتحية والثانى المراة العجوز التى تحدثت اليها منذ يومين.
شحب وجه سارة عندما رات وارن يتحدث الى تلك المراة وكان جسده البرونزى يلمع كمعدن بفعل الماء المتجمع عليه.لم يكن لديها
اية فكرة عما يتحدثان لكن وارن بدا مصغيا باهتمام ظاهر قطعه مرة بالقاء نظرة الى حيث تقف على الشرفة.ولم تدر لم اقشعر جسمها.
اهو بسبب الانطباع العالق فى ذهن تلك المراة عن طبيعة عيشهما معا دون زواج فى منزل واحد.سرعان ما شاهدت وارن يحنى راسه مودعا وراح يجتاز المسافة باتجاه المنزل بخطوات واسعة.عندئذ احست بشيء ما يحثها على الدخول،لكنها اجبرت نفسها على البقاء،والتصرف بهدوء.
-هل تمتعت بالسباحة؟
-كانت عظيمة.
تنفس ليتنشق رائحة القهوة:
-اه...القهوة جاهزة.
قالت بسرعة وقد وجدت عذرا لدخول المنزل:
-ساحضر لك فنجانا.
-استطيع الانتظار.
تقدم الى السياج قربها،وضع يديه امامه ليستند اليهما،واخذ يحدق بصمت الى مياه البحر.
منتديات ليلاس
ثم ودون توقع،نظر اليها،وكانه تمثال برونزى قد دبت فيه الحياة،فبعث اليها مزيجا من المشاعر جعلت انفاسها غير منتظمة.
-تحدثت توا حديثا ممتعا مع تلك المراة على الشاطىء...اسمها السيدة كولبير،تسكن فى منزل لا يبعد كثيرا عن هنا،اتعرفينها؟
شيء ما فى لهجته اعلمها انه يعرف الرد مسبقا.ربما تعرف الى المراة التى شاهدها معها منذ يومين.فاجابت:
-لقد تحدثت معها لبضعة دقائق.لكننى لم اعرف اسمها.انها تجمع الصدف وتصنع منها الحلى والقلائد وما شابه.
-هذا جزء مما قالته لى.
كان الضحك يملأ رده،لكن نظرته اليها لم تتغير:
-يتملكنى الفضول لاعرف ماذا اخبرتها.
ابتلعت سارة رشفة قهوة تتناولها وقالت:
-انا؟
-اتعلمين ان السيدة لديها انطباع باننا نعيش معا بطريقة لا اخلاقية؟
-خشيت ان تفكر بهذه الطريقة.
-ماذا قلت لها؟
اخذت ابتسامة تتلاعب على شفتيه:
-افترضت اننا متزوجان،فقلت لها دون تفكير انك لست زوجى.
وهكذا استنتجت ما تشاء من قولى هذا.
-وانت لم تنفى اعتقادها؟
-كان على ان اشرح القصة الغريبة ففضلت العكس...ماذا قالت لك؟
ازدادت الخطوط حول فمه عمقا،واتسع سروره امام قلق سارة:
-استمعت الى محاضرة اخلاقية.
-اوه...
كان هذا كل ما استطاعت قوله.حدقت فى فنجان قهوتها الفارغ...ومد وارن يده لياخذ منها الفنجان ووضعه فوق طاولة قريبة.وقبل ان تستطيع الاحتجاج كان يحيطها بذراعيه كلتيهما
ووضعت يديها على صدره...فابتسم لها:
-سعت الى اقناعى،ان كنت محترما،بجعلك امراة محترمة لكنى لم افهم الى اى حد انت لست محترمة.
-وارن...ارجوك!
كان حلقها قد جف،لذا لم تخرج الكلمات منها الا دفعا.فى هذه الاثناء شمت رائحة مياه البحر المنبعثة منه بعد ان جففتها حرارة الشمس لتتركها مالحة ولتهاجم بسرعة مشاعرها التى اانقلبت راسا على عقب ما ان لمسها.قال بلهجة مرحة مغتبطة:
-هل اجعل منك امراة محترمة يا سارة؟
ابتلعت ريقها بسرعة لتريح الضيق فى حنجرتها،ودفعته عنها:
-لا تكن سخيفا يا وارن!
انها لا تستطيع المزاح بامر يتعلق بالزواج.لم يحاول استعادة قبضته لها،بل اخذ يراقبها توسع المسافة بينهما بخطوات سريعة.ومع
ذلك،فقد كان خلف نظراته المازحة،تعبيرا بدا،وبشكل مؤثر،حذرا.
عاد يقول من جديد،فى محاولة للدلالة على انه يمازحها:
-ربما على ان اجعل منك امراة غير محترمة.
احست بانها غير قادرة على تحمل كلماته المؤذية،فقالت:
-ربما انت بحاجة لبعض القهوة لتصحو اكثر.فانت اما ثملت من ماء البحر او ضربتك اشعة الشمس.
-لا اريد القهوة الان.
اشارت طريقة رده الى انه يريد شيئا اخر مسببا بذلك بالمزيد من توتر الجو.وشحب وجه سارة،ولم تعد واثقة كم بقى لهذا الجو المكهرب من قوة احتمال قبل ان ينفجر.وكادت تقفز من جلدها عندما تحرك وارن دون توقع منها.ولكنه تجاوزها قائلا:
-ساغتسل،واغير ثيابى اولا،ثم القهوة.
-وسابدا بتحضير الفطور.
كان اللحم ينضج فى المقلاة عندما دخل وارن المطبخ،يرتدى سروالا فاتح اللون وقميصا قصير الاكمام ابرز قماشه الرقيق عرض منكبيه اكثر،اما رائحة الصابون فاختلطت مع رائحة عطر ما بعد الحلاقة.
لم تستطع سارة منع نفسها من الاحساس بهذا المزيج وهو يصب القهوة لنفسه،ثم يتحرك الى الطاولة الثابتة فى الحائط.بدات بتقليب شرحات اللحم لئلا تحترق،وهى تعلم تماما انه يراقبها.فسالته:
-هل يجب ان تحدق فى هكذا؟تجعلنى احس وكان راسين قد نبتا لى.
-اسف...هل لديك خطط لهذا اليوم؟
-خطط؟
-اجل...هل تتوقعين قدوم ارميتاج او اى شخص اخر؟
-لا...لم يذكر انه قادم.
وضعت الزبدة فى مقلاة البيض ووضعته فوق النار،حينذاك علا رذاذ اللحم فوصل الى يدها.فصاحت بالم وهى تقفز بعيدا عن النار.اسرع وارن اليها ثم امسك بيدها وجرها الى المغسلة حيث فتح حنفية الماء البارد ليضع يدها تحته وقال:
-دعيها هنا.
-لكن اللحم سيحترق.
-ساهتم به.دعى الماء البارد يسقط فوق الحرق دقائق.
عاد الى المقلاة لينقذ اللحم من الاحتراق بينما فعلت ما قاله لها، فبدات لسعة الالم تخف تدريجيا...فسالها:
-كيف تشعرين؟
-لقد اصبحت على ما يرام.
لم يبق من اثر للحرق سوى بقعة حمراء على يدها.وكسر البيض ليضعه فوق الزبدة الذائبة فى المقلاة الاخرى وقال:
-لم تسالينى لماذا سالتك عن خطط اليوم؟
-لماذا؟
-لقد فكرت،اذا لم يكن لديك خطط اخرى،فى الذهاب الى احد المنتجعات لقضاء اليوم.
اضاف بيضة اخرى الى المقلاة:
-كيف تحبين البيض؟
اجابت سارة على سؤاله الاخير،فهو الاسهل:
-اكثر من الرخو بقليل.
-وماذا عن الذهاب الى المنتجع؟
-تبدو فكرة جيدة.
-جيد...هل وضعت الخبز فى المحمصة؟
-لا.
مدت يدها لتحضير الخبز.
بعد ساعة،انتهى فطورهما فعمدت الى غسل الصحون ثم انطلقا الى منتجعات ايست سوسكس الشهيرة على شاطىء القناة الانكليزية.
من الطريق الساحلية،اخذت سارة تراقب سفينة حربية انكليزية تقف على مسافة قريبة عند خليج هاستنغز.سالها:
-ثمة مكان معين تريدين رؤيته عندما نصل؟
-لا...
هزت راسها غير قادرة على التفكير بمكان محدد.
-اذن فلنذهب الى دوفر.
-لكن الا تبعد اكثر من مئة ميل؟
-تقريبا.
نظرت الى ساعتها.
-اتدرك كم سنتاخر فى طريق العودة؟انسيت انه لديك عمل غدا وهذا يعنى انه عليك النوم باكرا.
وارتقصت زاويتا فمه.لكن نظره لم يتزحزح عن الطريق الرئيسية امامه:
-فلننس امر النوم والفراش يا سارة ولنتمتع بيومنا.
مدت راسها الى الامام لتنظر الى الشمس من الزجاج الامامى،وقد اغاظها تعليقه الساخر.فمد يده ليمسك مؤخرة عنقها...حيث تحسس العضلات المتصلبة فشرع يدلكها بلطف قائلا:
-استرخى يا سارة،وتوقفى عن الامساك بباب السيارة...لن اعضك.
-الن تعضنى؟
لكنها احست بلسعة سهم كيوبيد...
رد مبتسما:
-اعدك...لن اعضك...بل لن اقضمك ابدا.
اشاح نظره عن الطريق لينظر اليها،نظرة لها تاثير يده نفسها،بعد قليل سحب يده واعادها الى المقود،ثم قال:
-لنكن هذا اليوم شخصين يقومان بنزهة بسيطة نهار الاحد.
امتد الطريق الرئيسى الحديث على طول الساحل دون ان يغيب البحر عنهما الا لبضع دقائق.كانت الطريق تلتف فيها حول بعض التلال الصخرية...وعلقت سارة على المناظر التى تحيط بها:
-يالجمال الطريق.
-هل انت مسرورة بقدومك.
-بالطبع.
-وكذلك انا.
نظر الى ساعته:
-لست ادرى شيئا عن معدتك،لكن معدتى تقول انه مر وقت طويل منذ الفطور.فلنجد مكانا نتناول فيه طعامنا قبل ان نعود.
كانت الشمس اذنت بالمغيب عندما شرعا فى رحلة العودة الى هايستغز وكانت اشعتها الذهبية تسترخى بهدوء ووقار بعد الظهر،وفى مكان ما خلال رحلة العودة،اغمضت سارة عينيها ثم نسيت ان تفتحهما.والشيء التالى الذى احست به كانت يدا ناعمة لطيفة تهزها لتستفيق يصحبها صوت وارن عبر ضباب النعاس:
-لقد وصلنا البيت يا فتاة الكرز.
رفعت جفنيها بكسل،الى جسده المنحنى فوقها وهو يفتح لها الباب.فابتسمت له،غير واعية لما ظهر على وجهها من احلام وديعة.وتمتمت:
-بهذه السرعة؟
-اجل...بهذه السرعة.
لم تكن قد صحت تماما،فاستغلت الدعم الذى قدمه لها،فاتكات عليه بقوة.سارا ببطء نحو مدخل المراب الموصل الى المنزل،وذراعه تلف خصرها وقد بقيت حيث هى الى ان وصلا الى اعلى السلم ،ومن ثم الى غرفة الجلوس.فتمتمت سارة،وهى تحاول نفض غبار النعاس عن عينيها:
-الافضل ان احضر بعض القهوة.
-لاتزعجى نفسك لاجلى.
تركها ليلتقط حقيبته ويتوجه الى الاريكة.راقبته وهو يجلس ويضع الحقيبة على ركبتيه.فقطبت:
-ماذا تفعل؟
رد دون ان ينظر اليها:
-لدى عمل يجب ان انهيه.
-بعد القيادة كل هذه المسافة؟
-يجب ان انهيه.
لم تمض لحظات حتى تولاها احساس داهم بالوحدة،فوقفت وسط الغرفة والشك يملاها،قبل ان تخرج الى الشرفة.لتتكىء على السياج،ومشاعر الخذلان تكتسحها.كانت سماء الليل تضيئها النجوم الممتدة الى ما لا نهاية.كالفراغ الممتد فى داخلها الى مالا يعرف قراره.
ارتجفت،فعادت للدخول الى المنزل وهى تقول:
-الطقس بارد فى الخارج.
لكن الجو فى الداخل بدا ابرد بكثير بعد ان هز وارن راسه دون اكتراث،فقالت بموجة من التوتر:
-هل يجب ان تعمل؟
فرفع عينيه اليها وقال مذكرا:
-لست فى اجازة يا سارة.
-كم اتمنى لو لم اكن انا فى اجازة.
وعاد الى اوراقه يتمتم:
-وكذلك انا...عندها لما كنت هنا.ولكنت فى شقتك،حيث تنتمين.
احست فجاة بالندم لمقابلته،وقالت متحدية،هى تحس بالم يضغط على صدرها وكانه الراط:
-اهذا ما تتمناه اذن؟
مرة اخرى ارتفع لمعان عينيه البارد وهو ينظر اليها نظرة مباشرة:
-حسبتنى اوضحت هذا الامر منذ البداية.
فشحب وجه سارة،وقالت:
-لكنك اعطيتنى الانطباع بانك غيرت رايك.
برز فى عينيه سخرية غير ودودة:
-لماذا؟الاننى اظهرت رغبتى فيك؟بالله عليك يا سارة...انت امراة جذابة وذكية والعيش معك سهل،ايما رجل فى مثل وضعى قد يرغب فيك،اذا سنحت له الفرصة.
فتمتمت متصلبة:
فهمت.
لو سالته سؤالا صريحا عما اذا كان يشعر بمشاعر جادة تجاهها لما تلقت ردا اكثر صراحة.الغزل الذى وجهه اليها لم يكن اكثر من رغبة!
كانت فى متناول يده،راضية باعطائه ما يريد وها هى الان ممتنة له لانه ليس من الاناس الذين لا ضمير لهم اذ لم يستغلها.لكن ما تفاعل فى داخلها كان مؤلما الى حد لم يفسح مجالا لاى امتنان صغير بالظهور.
قال لها ببرود:
-هلا عذرتنى،ساعود الى عملى.
امسك اوراقه،التى انكب عليها من جديد اشارة منه ودعوة لها الى الانصراف لكنها استمرت فى الجدال بلهجة مزدرية:
-تفضل تابع عملك...ولا تدعنى ازعجك عما تريد ان تنجزه.
فتمتم دون ان يرفع نظره عن الاوراق:
-انت تزعجينى لوجودك.
ساورها انطباع بانه لم يردها ان تسمع ما قاله،ولكن هذا لم يعزيها.ارادت ان تزعجه...ولكن عاطفيا وليس جسديا.
واستدارت على عقبيها قاصدة غرفة نومها واغلقت الباب وعيناها تحترقان بدموع لم تتساقط.توجهت الى الخزانة واخرجت ثياب النوم.
حدقت فى السقف وهى مستلقية فى السرير ثم نظرت الى بابها المغلق الذى انبعثت اليه انوار الردهة من الفسحة الضيقة فى اسفل الباب اضافة الى حسيس الورق الذى كان يسمع كلما حركها وارن.

المنزل لك كله
ـــــــــــــــــــــــــــ
منتديات ليلاس
ظاهريا نمط حياتهما لم يتغير فى الايام الثلاثة التالية،لكنها فعليا تبدلت جذريا.فمنبه وارن استمر فى الرنين صباحا واستمر هو فى النوم بعد ذالك الرنين.
تشاركا العصير والقهوة وتحدثا بود ممزوج بحدة ظاهرة.لكنهما عجزا عن ان يعيدا انس ودفء الاسبوع الماضى.
وكما فى الاسبوع الماضى كان وارن يعود متاخرا،بعد ان يكون قد اكل خارجا،ثم لا يلبث ما ان يصل حتى يغرق فى اوراقه اما المواجهات والثرثرات والتلامس فانقطعت لانهما كليهما تجنبا التواصل او المواجهة وان مصادفة.
بالنسبة لسارة،كانت تعد ايامها المنتهية كمن يعد لانطلاق صاروخ.خمس ليال ستعيشها هكذا قبل ان تعودابنة عمها فيولا...لا بل اربعة ومن ثم ثلاثة.واليوم هو الخميس ولم يبق لها من الاجازة الا يومان.
اوشك عذابها على الانتهاء،لكنها مع ذلك خائفة مما هو ات.وجدت انه يستحيل ان تصدق،ان رجلا،استطاع فى بحر اسبوع واحد،ان يقلب حياتها راسا على عقب.وبخت نفسها بغضب((ايتها الحمقاء الصغيرة!انه لم يسعى وراءك مطلقا لتقعى فى حبه...فهذه اذن غلطتك اللعينة وحدك!)).
نزلت من سيارتها،وسمعت فجاة صوتا مالوفا لديها:
-هل تكلمين نفسك يا سارة...انها اشارة سيئة.لم تدمدمين؟
كان ديرك يسير خلفها،فتمالكت نفسها اثر مفاجاته لها وهى تهز راسها:
-لا ادمدم بشيء خاص بل اعنى العالم بشكل عام.
-هل فقدت الايام فى مكان ما،ام ان اليوم هو الاثنين وانت فى طريقك الى المكتب؟
تطلع الى الامام نحو البناء الذى يحوى مكتبه.فاكدت له بمحاولة للابتسام:
-لم تضع الايام.
فضحك:
-لم تستطيعى الابتعاد عن عملك،هه؟
-شيء من هذا القبيل.
-دعك من المزاح...ماذا تفعلين هنا؟يجب ان تكونى الان تحت اشعة الشمس ما دامت الفرصة متاحة لك.
بدات عيناه اللوزيتان تتفحصانها عن كثب فراى الطريقة التى تتجنب فيها النظر اليه مباشرة.كما راى التوتر الشديد الذى يبدو وراء قناع من الارتياح فقالت:
-جئت الى شقتى هذا الصباح لاخذ البريد،ولاتاكد من ان كل شيء على ما يرام.وبما اننى فى الجوار.وموعد الغذاء قد حل،قررت ان احضر لاتناول الغداء مع جولى.
-اخشى ان يكون حظك عاثرا،لان جولى خرجت باكرا لزيارة طبيب الاسنان.وكنت لاتغدى معك لو لم اكن عائدا لتوى من الغداء.
نظر الى ساعته واكمل:
-ولو لم اكن على موعد مع زبون بعد عشرين دقيقة.
هزت سارة كتفيها ثم استدارت عائدة الى سيارتها:
-لا باس.انا استاهل ان اكل وحدى.كان يجب ان اتصل بجولى من شقتى قبل المجىء الى هنا.
لم ترغب فى اطالة الحديث مع ديرك،فسارعت الى القول:
-اراك يوم الاثنين،ان لم يكن قبل ذلك.
-لاتتاخرى.
لوح لها بيده مودعا ثم مضى...فقادت سيارتها على غير استعجال باتجاه منزل الشاطىء فكان ان استغرقت رحلة العودة وقتا اطول من المطلوب،اثناء مرورها باحد المنتجعات السياحية الفخمة،عنت لها فكرة استسلمت لها بسرعة،وما هى الا دقائق قليلة حتى كانت على طريق الفندق.
قالت لنفسها باصرار:((هيا...تقدمى وبذرى مالك متفاخرة.يجب عليك ان تستفيدى من اجازتك الى اقصى حد،بدل ان تحطمى قلبك)).
اوقفت سيارتها فى الموقف،لتفكر ان كان اسرافها سيسمح لها بتناول بعض ((الكوكتيل))قبل الغداء.لكن فكرة جلوسها وحيدة على طاولة مخصصة لاثنين،بعثت الكابة الى نفسها،فتوجهت الى مدخل المطعم.واذ بها تسمع رجلا ينادى بلهجة مزجها الدهشة والاستفسار:
-سارة!...عيناى لم تخدعانى...اهذه انت؟
التفتت الى المنادى فاذا بها ترى رجلا اشقر وسيما يخرج من قاعة الجلوس فى الفندق...خالط دهشتها خيبة الامل لان هذا الرجل ما كان الا شقيق كاثرين،تيد ارثربورى.
-مرحبا سيد ارثربورى.
جاء ردها رسميا باردا فى طياته معان كثيرة رجت ان يفهمها ليختصر الرد على تحيتها.لكنه اعترض بشدة وهو يصحح لها برفق ((تيد))ثم امسك يديها رغما عنها،فاردف:
-انت تبدين فاتنة بهذا الثوب الفيروزى كما كنت تماما فى تلك البيجاما التى لها تقريبا هذا اللون نفسه.
ليس بحاجة لان يذكرها بالظروف التى تقابلا فيها،فهى تتذكرها تماما.تمكنت من افلات احدى يديها لكنه تمسك بالاخرى،ليغطيها بيديه كليتهما...ابتسمت له بادب مصطنع:
-شكرا لك.
لوى راسه الى جانب واحد،مبتسما ابتسامة لم تخف الخبث الكامن فى عينيه:
-ماذا تفعلين هنا؟لاتقولى انك ستقابلين وارن؟
حافظت على هدوئها بحذر لئلا ترمى ردا لئيما فى وجهه:
-لا...لن اقابله...لقد توقفت لاتناول الغداء.
-وحدك؟
-اجل...وحدى.
فاتسعت بسمته:
لن اسمح بذلك ابدا اذ ليس فى الكون اسوا من ان يتناول المرء الطعام وحده هيا بنا لتناول شرابا فى البدء.
-لا شكرا.
حاولت جاهدة ان تنتزع يدها منه:
-اذا كنت قلقة من غضب وارن فانا غير قلق،لانه لا يجوز ان يشغل شخصان طاولتان حين يمكنهما الجلوس الى طاولة واحدة.اذا احببت نتشارك وتدفعين انت ثمن غداءك.
ما هو الشيء الذى سيجعل هذا المغفل الاشقر يفهم انها غير مهتمة به؟ربما لم يقل له احد من قبل ((لا))فتحت فمها لتتكلم...
-لكننى...
قاطع كلامها صدى ضحكة وارن المرتفعة من مكان ما على يسارها،وهى ضحكة عميقة لا يمكن ان تشك فى صاحبها ابدا.استدارت تبحث عنه وسرعان ما وجدته يرتدى بذلة صيفية رمادية،باعثا اليها كالعادةضيقا فى انفاسها خاصة وانه قد بدا يملا مدخل المطعم بجسده.
شخص ما كان يتلقى دون شك تلك الضحكة المليئة بالحيوية والسحر.قاومت سحره.ثم حولت طرفها الى الشخص الواقف بقربه.
اتسعت عيناها عند رؤية الشقراء ذات العينين الخضراوين المتعلقة بذراعه.انها كاثرين ارثربورى.كل شيء فيها كان يدل على انها تمسك بشيء من ممتلكاتها الخاصة،ووارن لم يكن يحاول الانكار.
تمتم تيد:
-الم تعرفى انه سيكون هنا؟
بدات سارة ترتجف بعنف،فامسكت بيدى تيد دون وعى لتدعم نفسها.وهما اليدان ذاتهما اللتان ارادت التخلص منهما.قالت بصوت متحشرج:
-لا...لم اكن اعرف.
-ولم تعرفى ايضا انه سيكون بصحبة شقيقتى؟
تجاهلت تماما رنةالرضى فى صوته،لتصب كل اهتمامها الى الرباط الشديد القوى الذى بدا يلتف حول صدرها.الالم كان شديدا،حتى ظنت انها ستموت.توقعت فى اية لحظة ان ينفجر قفصها الصدرى من قوة الضغط.ومرة اخرى خرج صوتها بحشرجة صارخة:
-لا...
استمرت يداها بالتعلق به فهو الشيء الصلب الوحيد حولها.ومرر احدى يديه،ليلف ذراعه على كتفيها،ويديرها نحو مدخل المطعم.عندها احست بتاثير عينين زرقاوين تحملقان الى ظهرها،تعرف كل المعرفة من صاحبهما.
بسبب الالم الشديد،لم تذكر انها صعدت درجات اوصلتها الى زاوية معتمة من غرفة الجلوس فى المطعم.اما الشيء الوحيد الذى لاحظته،فكان مساعدة تيد لها بالجلوس على مقعد وثير.
وبسرعة،فرقع اصابعه لاستدعاء الساقية،فطلب شيئا،لم تع سارة المرتجفة ما هو لانها كانت اعجز من ان تسمع.جلس على المقعد العريض الى جانبها.امسك يديها المرتجفتين ليغطيهما بيديه فى الوقت الذى توقف شخص قرب الطاولة،ثم احست بتيد يضع حافة كاس على شفتيها.ويقول امرا:
-اشربى هذا.
رفع الكاس الى شفتيها اللتين احتستا بصورة الية شرابا جعلها تسعل ما ان لامس حنجرتها.اذن لقد عاودتها مشاعرها،لكنها لم تكن واثقة من انها ممتنة لهذا.
سالها تيد:
-الم يذكر لك وارن انه يقابل كاثى؟
زاد الالم وضغطه فى صدرها ما تضمنه سؤاله من تلميح الى انها لم تكن المرة الاولى ونظرت اليه مصدومة،ثم اخفضت راسها وهزته نافية.
-لا...لم يذكر شيئا.
سالها بلهجة اكدت شدة عماها:
-الم تتساءلى اين كان يتناول عشاءه كل ليلة!
-لا...فانا....
لم تشا ان توضح له طبيعة علاقتهما،فكان ان وضعت يديها المرتجفتين فوق عينيها ثم اردفت تقول:
-خلته ياكل طعامه فى مطعم.
-لكنه امضى الليالى الثلاث الاخيرة فى منزلنا مع كاثى.
-الان فهمت.
فهمت شدة حماقتها وغبائها لانها علقت املا بشان وارن.فضغطت اصابعه على يدها الاخرى تعاطفا،قبل ان يقف فى وجهههه النور طيف طويل،علمت سارة حتى قبل ان يتكلم انه لوارن الذى جاءها صوته منخفضا مشبعا بالتوتر:
-ماذا تفعلين هنا يا سارة؟
انزلت يدها عن وجهها ثم نظرت بعينين تلمعان الما الى وجهه ذى التعبير الهادىء ظاهرا الغاضب باطنا.لم تعرف من اين واتتها القوة لتتحداه.فليس من حقه ان يطلب تفسيرا عن سبب وجودها هنا.ردت بانفعال:
-ماذا يفعل الناس فى مكان كهذا؟انا اتناول بعض الشراب قبل الغداء.
تطوع تيد للرد،فلم تحاول سارة تكذيبه:
-اجل...لقد اشفقت على سارة لاننى وحدى ووافقت على الانضمام لى.
توترت عضلات فكه بشكل ظاهر.وهو ينظر اليها باتهام ظاهر فى هذه الاثناء ظهرت كاثرين الى جانبه،تنظر الى سارة بحدة قبل ان تبتسم لوارن بشكل ايجابى:
-حبيبى لقد حجزوا لنا طاولة.
نظر اليها وارن مذهولا قبل ان يرتد بصره الى سارة،سائلا:
-اتحبين الانضمام الينا؟
-لا...
اجابت ثم اخفضت عينيها المليئتين بالالم الى كوب الشراب امامها.
هز تيد كتفيه،وقال ببرود وجفاء:
-السيدة قالت لك ((لا))يا وارن.ولست ارى سببا يدفعك الى تغيير رايها.
كررت كاثرين:
-حبيبى...طاولتنا.
راقبت سارة من طرف عينيها انصراف وارن الذى بدا الغضب واضحا من خلال خطواته المتسارعة،عندئذ تلاشى الكثير من الغضب من نفس سارة،ليحل مكانه ارتياحا مزجه الالم.
سالها تيد بعد ابتعادهما:
-انت تحبينه؟
لم تستطع نفى حبها له.كانت شاحبة مضطربة وهى تهز راسها باعتراف صامت.
-يا فتاتى المسكينة...احسبت ان لك فرصة امام كاثى...فلو سالتنى لقلت لك ان من المحتم ان ينتهى وارن بين يديها.
مسحت دموعها المتحجرة فى عينيها وهى ترى ان تيد يبدو مسرورا مما يجرى لا مشفقا.
-حقا؟
شهقت عاليا لتستعيد من سيطرتها.عندما كان يردف:
-يؤازر مخطط كاثرين اشياء عدة منها رغبتها فى الحصول على وارن الذى ينتمى الى صنف الرجال الذى يعجبها.كانت لتمتلكه منذ سنتين لو لم تلق عليه الاوامر وتتصرف بطفولية عندما لا يجيبها على ما تريد.ومنذ ذلك الوقت كان ينفصلان ثم يعودان.وانت قد التقيتهما فى مرحلة انفصال.
-اجل...ربما.
-انا بصراحة اؤيد هذا الزواج لان وجود صهر كوارن يبعد عنى ابى،فانا لا احب العمل،ولا اريد ان يكون لى شان باعمال العائلة.
مرر ذراعه خلف كتفيها،هذه الحركة مبدئيا:
-انا لا احب حياة الاعمال،بينما وارن رجل اعمال.فى الواقع انا افضل تسلية الجميلات مثلك يا سارة.
اجفلتها كلماته لذا قالت بصرامة وهى تبعد ذراعه عنها:
-اذا كنت انت التعويض الذى سيصلنى لقاء خسارة وارن يا سيد ارثربورى،فانا لست مهتمة بك.هل تسمح لى بالخروج من هذا المقعد!
بدت عليه ملامح من لا يصدق انها ترفضه.
-والى اين ستذهبين؟
-انا ذاهبة،فليس لى مصلحة فى البقاء.
-انت لا تعنين هذا حقا.
-بلى اعنيه،واذا لم ترغب فى اثارة فضيحة،فابتعد عنى.
ابتسم ابتسامة بشعة:
-ستندمين على هذا يوما ما...فعندما تقول لى فتاة ((لا))تكون هذه اخر مرة اسالها فيها.
-لا...سيد ارثربورى...لا....لا.ولااريد ان اراك مطلقا.
وابيض وجهه من الغضب،وانزلق عن المقعد ليقف:
-ما انت الا سكرتيرة حمقاء وصغيرة،لا ادرى سبب اهتمامى بك.
مرت كلماته بها مرور الكرام،دون ان تترك اثرا.
عندما خرجت اذابت الشمس الدموع التى كانت متحجرة فانهارت على خديها.
فى السيارة تولت الغريزة القيادة لتوصلها بامان الى منزل الشاطىء.كانت قد اجتازت اخر ميلين وسط بحر من دموع اغشى بصرها حتى كادت لا تشاهد علامات الطريق...
عندما وصلت توقفت امام المنزل،وجرجرت نفسها الى الداخل ثم ارتقت السلم،لتغرق فى اقرب مقعد لها،دامعة العين اسى وشفقة على النفس.
فى الخرج،هدر محرك سيارة غاضب.واصدرت المكابح صوتا مزعجا تبعه صفق باب تعالى صداه فى ارجاء المنزل.الحاسة السادسة انباتها بانه وارن فسارعت الى مسح الدموع عن وجهها ونفخ انفها بينما هو يتابع المسير صافقا الابواب التى يجتازها مرتقيا السلم درجتين درجتين.
عندما دخل بدا غضبه وكانه فك من عقاله،يتطاير بحرية على كل خط من ملامح وجهه،لكنها هى كانت ابعد من ان يرهبها غضبه،فلقد جرحها عميقا بما فيه الكفاية لذلك واجهت عاصفته الزرقاء دون ان يرجف لها جفن.
-ما زال الوقت باكرا على العودة!
-انت تعرفين جيدا لماذا عدت!
كان صوته رعدا يكاد يهز الغرفة،وهو واقف مضموم اليدين مشدود الاعصاب حتى بدت عضلاته وكانها تقفز فوق كتفيه:
-اريد ان اعرف ماذا كنت تفعلين مع ارثربورى فى الفندق.
رفعت ذقنها بكبرياء،مع ان الالم كان يعتصر حنجرتها:
-لاشان لك فيما افعل.
لو كان فى نفسها اى تردد لقول هذا،فقد تلاشى عندما شاهدته مع كاثرين.وقفت لتبتعد عنه،لكن اصابعه اطبقت كالحديد على ذراعها لترجعها الى الوراء وهو يقول بوحشية :
-عندما اطرح سؤالا...اريد الاجابة عنه.ماذا كنت تفعلين فى الفندق؟
-انت تؤلم ذراعى.
كانت قوة اصابعه تقطع الدورة الدموية فى ذراعها التى بدا الورم يظهر عليها.
قال محذرا دون ان يخفف قبضة يده:
-ستتالمين اكثر ان لم تعطينى ردا صريحا.
تهربت من الجواب:
-انا بالتاكيد لم اذهب لاننى ظننتك هناك.
-لكنك كنت على موعد مع تيد فى ذاك المكان.اليس كذلك؟
-اجل...التقيته هناك...اهذا ما اردت سماعه؟
كان صياحها صياح التحدى.فترك يدها بسرعة وكانها اصبحت فجاة مدنسة.بينما النار فى عينيه اللتين نظرتا اليها الان بازدراء ما زالت تستعر حتى تكاد تحرقها وتقطعها قطعا قطعا.
-كنت اعلم انه لن يمر وقت طويل قبل ان يجعل منك تيد العوبته،لكننى خلتك اذكى من ان تقعى فى الفخ،لكن على ما يبدو ان ماله وجماله كانا اقوى من قدرة احتمالك؟كم مرة التقيتما قبل اليوم؟
كانت سارة تدلك بلطف ذراعها حيث كان يمسكها وهى على يقين من ان اثار اصابعه التى تحفر لحمها حفرا ستظهر غدا صباحا.
منتديات ليلاس
-هذا ليس من شانك.انا لم اسالك قط كم مرة التقيت بكاثرين.
-ليس لكاثرين علاقة بهذا،اتركيها خارج الموضوع.
-بكل سرور!
خرجت من غرفة الجلوس الى الشرفة.فالتفت اصابعها على قضيب السياج...تحفر باظافرها الطلاء عنه،فى وقت اجتاحت موجات الالم كل كيانها المرتجف المرتعد.
كان غضبها موجها الى نفسها اولا لانها سمحت له فى تمزيق عواطفها وكان غضبها هذا درعا واقيا ضده عندما لحق بها الى الشرفة وهو يامر.
-سارة اريدك ان تبقى بعيدة عن تيد ارثربورى.
بدا غضبه مكبوحا بلجام قوى،لكنه متحفز للانطلاق عند اول اشارة.فردت بصوت منخفض مرتجف،كان قويا جدا فى محاولة لاثبات استقلاليتها:
-سافعل ما اشاء،بالنسبة لتيد او اى شخص اخر.
تقطعت حبال غضبه الهشة،فامسك كتفيها بخشونة وراح يهزها وكانها لعبة من القماش،لكن لالالم الذى ساد جسدها جعلها بالفعل دمية.
-هل على ان اهزك لتعودى الى رشدك؟
صدرت عنها ضحكة انفعال هش،واحساساتها المرتجة فى اسوا حال:
-اظنك نجحت.
-اذن اصغى لما اقوله وابتعدى عنه.
بجهد فائق اندفعت سارة لتتخلص من قبضته وصاحت بغضب وحشى،وصوتها يردد صدى الالم الذى ينبض فى داخلها:
-لست مضطرة للاستماع اليك!كما انه لا يحق لك فى ان تامرنى بما افعل او لا افعل وبما اننى لا احدد لك من تصادق فانا ارفض ان تامرنى.
تحولت نظراته للحظة الى ابعد منها،وقال بصوت منخفض حار:
-لست مضطرة للصراخ يا سارة.
نظرت بسرعة الى الوراء من فوق كتفيها كردة فعل تلقائية على نظراته فاكتشفت ما جذب اهتمامه انها المراة التى تعتمر قبعة تقيها اشعة الشمس الواقفة عند الشاطىء قرب خط المد تجمع الاصداف والتى كانت تحدق باتجاه المنزل والسبب على الارجح ان الهواء نقل اليها صدى صوتيهما الغاضبين.
اخفضت سارة صوتها:
-ساصرخ اذا اردت الصراخ،واذا لم يعجبك بامكانك الذهاب من هنا!
-لقد ناقشنا هذا من قبل.
-اجل...لقد فعلنا...وسيسرك كثيرا ان تعلم انك ربحت الجدال...لاننى راحلة!
قطب وارن حاجبيه وضاقت عيناه دهشة،لكنها لم تنتظر رده بل اجتازته نحو المنزل دون ان تخفف من سرعتها حتى وصلت غرفة نومها.لقد اتخذت الان قرارا هو طريقها الى الخلاص.
كبحت دموعها وهى تخرج حقائبها من الخزانة لتضعها فوق السرير ثم شرعت تجمع ثيابها،وتضعها وتكومها داخل الحقائب،دون ترتيب او تفكير او نظام.
ترددت جزء من الثانية عندما ظهر وارن امامها،ثم عادت الى عملها بعجلة.كانت عضلة تتحرك باستمرار فى فكه اما فمه فكان مشدودا فى خط مستقيم متجهم.لكن الندم كان يظهر على الفولاذ الازرق فى عينيه...
قال متوترا:
-سارة ...انا...
قاطعته بخشونة،وهى تعى تماما جسده الطويل القوى الذى سد الباب:
-لم يبقى شيء ليقال.بقى لى ثلاثة ايام كاملة من اجازتى لن ادعك تدمرها لى .
انفجر بنفاذ صبر:
-اللعنة يا سارة...انا لا احاول تدمير اى شيءلك...انا
-من دون شك قمت بعمل رائع بالنسبة لشخص لا يحاول تدميرى.
رمت كومة ثياب الى الحقائب بقوة وعصبية حتى اخشوشن صوتها.
دمدم وارن:
-انت لا تفهمين.
قاطعته بتحد:
-الم يحن وقت عودتك الى المكتب بعد فرصة الغداء.
امسكت مجموعة من مستحضرات التجميل فوضعتها فى الحقيبة المخصصة لها.
-اجل...لقد حان الوقت،ولكن قبل هذا...
استدارت نحوه وهى تظهر برودة اعصاب:
-انا راحلة!والمنزل سيكون لك!اليس هذا ما تريده؟
قست تعابير وجهه بعد تردد:
-اجل...هذا ما اريده!
بعد لحظة كان الباب فارغا،والخطوات الغاضبة تسرع الى الاسفل.تابعت سارة توضيب الحقائب بسبب حاجتها الشديدة الى الحركة،لكنها اجفلت عندما سمعت الباب الخارجى يصفق.
بعد ساعتين،كانت تحمل اخر حقائبها الى داخل شقتها وتضعها على الارض.تهاوت على احد المقاعد لتدفن وجهها بين يديها.
لم تبك.اذ يبدو انه لم يبق فى عينيها دموع...بل كل ما تملكه الان فراغا كئيبا مؤلما ازال جزءا كبيرا من حيويتها التى لن تعود ابدا الى ما كانت عليه.
رن جرس الهاتف،فنظرت اليه ببلاهة وقد بدا لها انه مر عليها دهر منذ ان سمعت صوتا.مضت لحظات شرود قبل ان تقف لترد:
-الو؟
-سارة؟
انه وارن!احست بان صوته يلذع قلبها كالسوط او كحد الخنجر...ودون تردد،صفقت السماعة.
بعد دقيقة،عاد الرنين ثانية.ومع انها قررت عدم الرد الا ان يدها التقطت السماعة رغما عنها لترفعها دون وعى الى اذنها.
-سارة... لا تقفلى الخط ارجوك .انا فى مكتبى ،لذا ليس لدى وقت للجدال .سنجتمع الليلة كى نبحث الامر كله...ساكون جاهزا حوالى الثامنة والنصف...
اى بعد ان يتعشى مع كاثرين...فصاحت به غاضبة تقاطعه:
-اتركنى وشانى!اخرج من حياتى وابق بعيدا عنها!لا اريد رؤيتك او سماع صوتك ثانية...ابدا!
صفقت السماعة ثانية،لتقطع الاتصال ولانها تعرف عناده التقطت السماعة وطلبت رقما:
-جينى انا سارة،هل يمكن ان اكلم جولى؟
جاءها الرد:
-طبعا...كيف كانت اجازتك؟
-عظيمة...الو...جولى؟
-اهلا سارة...لقد قال لى ديرك انك اتيت ظهر اليوم لتناول الغداء معى،لو كنت اعلم...لكان لى العذر الكافى لالغى موعدى مع طبيب الاسنان.
-كان يجب ان اتصل بك صباحا.لكننى لم افكر بهذا.
-كيف حالك مع الشمس والرمال والبحر؟
-هذا ما اكلمك بشانه.انا لست الان فى منزل الشاطىء.لقد رحلت عنه.
-ياالله!ماذا حدث؟
-انها قصة طويلة...كنت اتساءل ما اذا كان بامكانى النوم فى منزلك بضعة ليال.
ردت بحيرة:
-بالطبع.لكننى ظننتك ستذهبين الى كاونترى لزيارة اهلك فى هذا الاسبوع بعد عودة فيولا.
-كنت...لكنى غيرت رايى.
فكرة شرح ما حدث لابويها امر شديد الوطاة على نفسها،وهى تعلم انها لن تستطيع اخفاء الامر عنهما،فهما عزيزان كثيرا على قلبها.اما البقاء فى شقتها فمستحيل لان وارن قد يتابع الاتصال بها بل قد ياتيها زائرا:
-ماذا حدث يا سارة؟
-ساخبرك الليلة،متى ستخرجين من العمل؟
-لن اجد صعوبة فى الخروج عند الخامسة،لكننى ساذهب الى المصرف ثم لشراء بعض الاغراض،لماذا لا تاتين الى المكتب لتاخذى المفتاح؟
-شكرا لك...
فضحكت صديقتها...
-اوه ...لدى دوافعى ...فلو بقيت حتى الليل لاعرف ما حدث ساجن من الفضول.وعندما تاتين الى هنا...يمكنك على الاقل اعطائى بعض الخطوط الرئيسية.
10_لا ندم بعد اليوم
ــــــــــــــــــــــــــــــ
تقدم ديرك من طاولة سارة لياخذ فنجان قهوتها الفارغ.
-تبدين بحاجة الى فناجان اخر،هل اصبه لك؟
فتنهدت قبل ان تعود للانحناء فوق التها الطابعة لتمحو غلطة طباعية.
-اجل...ارجوك.
ملا ديرك فنجانها ثم وضعه على طاولتها.
-انت مجهدةمع ان الساعة لم تتجاوز العاشرة.ايكون ذلك لانه يومك الاول فى العمل بعد الاجازة؟
-ربما...
ازالت الاوراق عن الالة الطابعة واعطته اياها:
-هاك الرسائل التى طبعتها هذا الصباح.
-عظيم!
ارتشف ما بقى فى فنجانه ثم جمع كومة الاوراق لياخذها الى مكتبه،لكنه قبل ان يصل الى الباب المشترك بين غرفتيهما توقف ليقول لها:
-انت لا تدرين مدة سعادتى بعودتك يا سارة.
-شكرا لك.
كان فى ابتسامتها قلق وتوتر.
اقفل اباب وراءه،فاحنت كتفيها واستندت الى الطاولة واغمضت عينيها وكأن بقاءهما مرتفعين ثقيل عليها.ثم راحت باصابعها تفرك الالم ما بين حاجبيها،لكنها اجفلت عندما احست بدموع تطل من جديد من عينيها.
انفتح الباب الموصل الى باحة المكتب الرئيسية.فانتفضت لتستوى فى جلستها مبتسمة ابتسامة كاذبة ماتت حين شاهدت وارن يدخل المكتب.
بدا لها منهكا ومرهقا،ولكن فكه كان مشدودا وفى عينيه تصميم.لما استعادت جاشها من الصدمة المبدئية مدت يدها الى الهاتف لتتصل بمكتب ديرك:
-جاء وارن كينكايد لمقابلتك يا ديرك.
-ماذا؟
دلت لهجته على انه لم يكن يتوقعه،فاخذت نبضاتها تتسارع حذرة.
-سا...
مد وارن يده فوق المكتب ليضغط على ازرار الهاتف قاطعا الاتصال:
-ما جئت لارى ارميتاج بل اريد ان اراك انت يا سارة.
اعادت السماعة ببطء الى مكانها ثم راحت تلملم الاوراق والملفات من السلة.ووقفت بسرعة للسير نحو خزانة الملفات لتضع مسافة بينهما.
-هل عاد فريدة وفيولا من سفرهما؟
اصبح وارن خلفها مباشرة،فخفق قلبها صارخا طالبا الرحمة.رد عليها:
-فى الواقع لقد عادا.لكن لا علاقة لهما بوجودى هنا،وانت تعرفين ذلك.
انفتح الباب المشترك،الذى اطل منه ديرك عابسا،مرتبكا من رؤية وارن:
-اسف اهذا الارباك يا وارن،لكن على ما يبدو ان بديلة سارة نسيت ان تترك لى ملاحظة عن قدومك هذا الصباح.ماذا تريد منى؟
نظر وارن بنفاذ صبر اليه لمقاطعته.وردد ما قاله لسارة من قبل:
-انا لست هنا لاراك...اريد التحدث ببعض الكلمات مع سارة ان كنت لا تمانع.
كانت الجملة الاخيرة اشارة مهذبة.وسارة تعلم ان وارن سيبقى ااعطاه ديرك الاذن ام لا.فقالت له متصلبة:
-ليس لدينا ما نتحدث عنه.
تجاوزته بنزق لتعود الى طاولتها.فقال وارن:
-فى هذا انت مخطئة...لدينا الكثير الكثير لنتباحثه.
فتمتم ديرك وهو يتراجع الى خلف باب مكتبه:
-يبدو هذا امر خاص.
استدارت سارة لتناديه،فوجدت نفسها وجهالوجه امام وارن،فاضطربت مشاعرها لقربه منها.وارتجفت كرد فعل على وجوده القوى.قالت بخشونة:
-لماذا لا ترحل عنى وتتركنى وشانى...؟الا ترى اننى اعمل؟
-انت اخترت المكان والزمان لا انا.انت تعرفين جيدا اننى اريد التحدث اليك.ولقد حاولت طوال ايام ان اجدك.ولكنك كنت مختبئة فى مكان ما.
-لم اكن مختبئة!
رمت الاوراق الى السلة امامها.فارتفع حاجباه بسخرية:
-اوه؟وماذا تسمين ذلك اذن؟
-كنت اتمتع بما تبقى لى من اجازة.
عادت للوقوف والابتعاد عنه ثانية.وامسكت يده لحم ساعدها الناعم ليوقفها.وقال متنفسا بغضب:
-هلا وقفت جامدة؟
احرقتها لمسته التى بدت وكانها حديدة كى،وكانت ردة فعلها عنيفة بقدر الالم الذى احست به.وحاولت نزع ذراعها منه،لكنه زاد ضغطه عليها.
فقالت بصوت هامس كالفحيح:
-اتركنى!
امسكت اول شيء وصلت اليه يدها،لتستخدمه سلاحا فاذا هذا الشيء سلة الاوراق،ورفعتها لتضربه بها،لكنه امسكها قبل ان تلوح بها حتى.
-هذا ما انتظره منك دائما.لكنك فى المرة الماضية كنت تحاولين تحطيم راسى بقضيب النار!
-اكرهك...وارن كينكايد!انا اكرهك...انت اكثر الرجال فظاظة وعجرفة...
-قلت شيئا شبيها من قبل.
اخذ منها ما بيدها ووضعه على الطاولة:
-والان...ايمكننا التحادث كناضجين؟
ارجعت راسهاعندما اقترب منها واجابت بتوتر:
-اجل...
-اجلسى اذن.
يمكن القول انه دفعها تقريبا الى الكرسى ثم جر اخر له وجلس فى مواجهتها.
فقالت بعناد واصرار،وقد استعادت نبضاتها بعض الهدوء:
-ما زلت لا ارى سببا للكلام.
-اولا لم لم تقولى انك التقيت بتيد ارثربورى صدفة؟
-لم تكن فى مزاج يسمح لك بالاستماع الى،كما لم ار ضرورة للشرح لك.
بعد الرد الدفاعى،ترددت قليلا ثم سالته:
-وكيف عرفت؟
-عرفت من تيد بعد قليل من الضغط.وهذا من حسن حظه،فقد كان قلقا من ان اشوه له وجهه الوسيم،لذا لم يلزمنى سوى تهديد واحد او تهديدين لا اذكر،لاستخلص الحقيقة منه.
-لكن هذا لم يكن من شانك.
لم ترغب فى قراءة اى دليل على اهتمامه الخاص بشؤونها...سالها بهدوء:
-اليس من شانى؟
رن جرس الهاتف الداخلى،فتنفست الصعداء وتمسكت بهذه الفرصة،ورفعت السماعة،ولكن وارن مد يده لياخذها منها قائلا بلهجة امرة:
-اوقفى المخابرات واياك ان تمررى اية مخابرة الى هنا.
اقفل الخط.فصاحت سارة محتجة:
-لايمكنك فعل هذا.
رد ضاحكا:
-هذا عجيب...لكننى فعلته الان.
-انت تعرف ما اعنى.
-هل تعرفين انت ما اعنيه؟
وقع سحر كلامه على اذنيها كان اكثر مما تستطيع الاحتمال.فهبت عن الكرسى باضطراب،ويداها مضمومتان بقوة امامها.ثم قالت:
-لافائدة من كل هذا الحديث.
كان بلمح البصر خلفها حيث وضع يديه على كتفيها ليديرها اليه،دون ان تجد قوة لمقاومته...
-النقطة الرئيسية وراء كل هذا الحديث هو اننى اشتقت اليك.لقد مررت ببؤس شديد منذ تركتنى.فلم تعودى هناك فى الصباح لتوقظينى عندما يرن المنبه ولا قهوة ولا عصير برتقال.لم يكن يهمنى من قبل العودة الى منزل فارغ...لكننى اهتم الان بان تكونى موجودة لاستقبالى.اما فى الامسيات
فما عدت استطيع انهاء اى عمل دون ان تكونى جالسة بهدوء على مقعد قريب.
-تجعلنى ابدو وكاننى غدوت عادة لديك.
-لكنها عادة تبعث الى قلبى السعادة ولا اريد التخلى عنها.
مد يده الى خدها،ثم الى شعرها البنى الحريرى،فعادت الدموع الى عينيها:
-ماذا تقترح الان يا وارن؟ان نعود الى العيش معا بالقوانين السابقة نفسها.
-بطريقة ما،نعم.اريد الزواج منك يا سارة.اريدك ان تصبحى زوجتى...!
خرجت الكلمة الصغيرة مع زفرة دهشة وقد بدات تذوب قليلا:
-هل انت جاد؟وماذا عن كاثرين؟
مرت فوق جبينه تقطيبة قوية:
-كاثرين؟وما شانها بهذا؟
-لست ادرى...لكننى اعرف انك كنت تتعشى معها طوال الاسبوع الماضى...اليس كذلك؟
-فى منزل والديها ...اجل كانت تجلس الى الطاولة معنا.لكننى كنت اقابل والدها...من اخبرك عن الامر؟تيد اليس كذلك؟
-اجل.
تنهدت عندما اشتدت قبضة ذراعيه حولها.
-كان يجب ان اعرف انه سيسبب لى المشاكل بطريقة ما.دايفيد ارثربورى،والدها شريكى فى العمل وهذا هو السبب الوحيد لوجودى هناك.
وامتدت يدها قرب ياقة قميصه.وقالت هامسة:
-لم اكن اعرف هذا.لقد ظننت...فى الفندق...لقد بدوت سعيدا معها.لا كالمرة الماضية عندما كنت...
-فظا معها...هل هى الكلمة التى تبحثين عنها.ذلك اليوم فى بيت الشاطىء رحلت كاثرين دون ان ادعوها.ولم اجد سببا لاكون مهذبا مع المراة التى لا ارحب بها فى منزلى.وان اعتقدت اننى كنت مسرورا وقتذاك فاعلمى اننى كنت امثل دور الشاب اللطيف المهذب مع ابنة شريك اعمالى.
-لكن كاثرين جميلة.
-الجمال يا حبيبتى فى عينيك الناظرتين اليها.
ارجع راسها قليلا لينظر اليها.
-متى ستتوقفين عن الكلام لاستطيع تقبيلك؟
-ساتوقف على الفور.
لفت ذراعيها حول رقبته،ورفعت نفسها على اطراف اصابعها وقد حل الفرح فى حياتها لينير لها العالم.لكنه قال بصوت اجش:
-لكنك لم تذكرى بعد موافقتك على الزواج؟
-الم افعل بعد؟
ارجعت راسها الى الوراء لتمرر اصبعها على فكه:
-سافعل.
-هل لديك اى مانع فى زواج الخطيفة السريع.
هزت راسها بقوة.
-ابدا...لماذا تركتنى ارحل الخميس الماضى...لقد بدوت سعيدا بالتخلص منى.
امسك بيديها يقبل طرف كل اصبع منهما:
-هذا صحيح...لقد كان العذاب يتاكلنى وانا مستلق فى السرير ليلا بينما انت فى الغرفة المجاورة.لو بقيت فى المنزل اكثر لرميت باتفاقنا السخيف عرض الحائط.عندما قررت الرحيل،لم اتوقع ان تختفى تماما.ولكن انقلب الامر الى الاسوأ عندما لم اعد اعرف اين انت او مع من.
فاجابته سارة.
-لقد سكنت مع صديقة.
-بينما كنت افقد عقلى بالتدريج.
فهمست:
-اسفة.
-يجب ان تكونى اسفة.
انفتح الباب الداخلى الذى تقدم منه ديرك الى الغرفة ليقف جامدا امام منظر عناقهما،فقال معتذرا:
-اسف،بدا المكتب هادئا فظننتكما خرجتما.
حاول التراجع لكن وارن قال:
-لا لزوم لهابك يا ديرك لاننى وسارة خارجان.
-ماذا؟
عبس ديرك،فنظرت سارة بارتباك الى وارن الى اردف:
-سارسل لك من يحل مكانها بعد نصف ساعة.فامامها الكثير مما تقوم به فى اليومين القادمين،وبعد ان نتزوج،اذا ارادت ان تكون سكرتيرة لاحد فانا الاجدر بها!
حاولت الاعتراض،مع انها لم تعرف على ماذا فهى موافقة على خطته:
-ولكن...
فقاطعها:
-وفى هذه الاثناء هناك شيء اريد ان اريك اياه.
فقالت بفضول:
-ماذا؟
-احضرى حقيبتك وتعالى معى.
صاح ديرك وهما يسرعان من المكتب:
-مبروك.
سالته وهو يساعدها على ركوب السيارة.
-ماذا سترينى؟
-سترين بعد قليل.
-اعطنى ولو تلميحا على الاقل.
ولكن كل ما تلقته من رد كان ابتسامة خبيثة وهو يخرج السيارة من الموقف نحو الشارع.بعد بضع دقائق ادركت انهما متجهان الى منزل الشاطىء فى هايستغز،ولم تمض ساعة حتى تاكد لها انهما ذاهبان الى منزل ابنة عمها فيولا...فقطبت لتقول:
-لماذا جئت بى الى منزل الشاطىء؟
مد يده ليمسك يدها بحرارة((اصبرى))ثم اوقف السيارة خارج الباب واستدار اليها مبتسما.
-اتحب السيدة كينكايد المقبلة ان تشاهد منزلها الجديد؟
-ماذا؟
-عندما عاد فريد وفيولا من رحلتهما،اخبرنى فريدى عن عزمه على الانتقال الى اسكتلندا حيث سيسكن مع اهله،وقد اضاف ان انتقاله سيكون ما ان تتم الترتيبات هنا.
مديده الى جيبه ليعطيها المفتاح.
-اشتريت منه المنزل.فبعد كل ليالى الاحباط التى قضيتها معك هنا،قررت ان المكان مناسب ليكون منزلا لنا لنمضى فيه،ما اطال الله عمرنا،ليالى مرضية معا.
-اشتريته؟
-الم تحبى المكان؟
-لقد احببته،ولكنى لا اصدق انه اصبح ملكى...ملكنا.
-صدقى يا حبيبتى.
تصاعد من حنجرتها وهى ترتمى بذراعيها حول عنقه،صوت هو بين الصرخة والضحك.راحت السعادة والحب يفوران منها كما تفور مياه النبع فالكلمات عجزت عن التعبير،اما الفعل فكان افضل منها وامتع...
خرج وارن من مياه البحر،وكانه تمثال برونزى اغريقى لاحد الالهة القدامى،واخذالحب يقفز قفزا فوق كل ذرة من بشرة سارة وهى تراه مبتسما ابتسامة بيضاء تضىء لها من بعيد دروب سعادتها.
ما ان وصل اليها حتى ركع امامها على الرمال،والماء المالح يقطر منه.بقى دقيقة كاملة يتاملها ممددة فوق الرمال فى ثوب السباحة الازرق اللماع فتوترت على الفور.اطراف اصابعها كلها ارتجفت من حلاوة نظرته.
مد يده الى يدها ليجذبها الى الجلوس،وعندئذ طبع قبلة عفوية على خدها.ثم تمتم:
-هل انت سعيدة!
-كاننى فى جنة عدن.
-حتى ان كنت مضطرا لتشغيل المنبه كى استيقظ باكرا الى عملى؟
-وهل تخشى ان توقظ سكرتيرتك الجديدة؟
-لست ادرى،لكننى تمتعت بايقاظ زوجتى الجديدة هذين اليومين.
-صحيح؟
نظر اليها بعينيه الزرقاوين،ونار قد انبعثت فيهما،ثم استقام واقفا ليجرها معه...كان عناقه لها تحت اشعة الشمس يعد بالمزيد مما هو ات فى مكان اكثر خلوة من الشاطىء.
وعندما استدارا نحو المنزل،وذراعه تلتف حول خصرها كى يجذبها اكثر اليه.كانت امراة تسير فوق رمال الشاطىء عن يمينهما.وقبعة قديمة الطراز فوق راسها.سرعان ما عرفاها فتوقفا.
-مساء الخير سيدة كولبير.
رفعت المراة راسها وقد بدت عليها الدهشة:
-مساء الخير...ارى انكما تصالحتما بعد ذلك الشجار القصير.
رغم وجود لهجة ودودة فى صوتها الا ان شيئا من عدم الموافقة كان فى ابتسامتها...فقال وارن:
-اجل...ولقد عملت بنصيحتك كذلك.
رفع يد سارة اليسرى ليظهر الخاتم الذهبى الملتف حول اصبعها.
-لقد جعلت منها امراة محترمة.
انقلبت ابتسامة المراة فورا الى ضحكة مشرقة:
-يا لسعادتى بكما...انا على يقين من انكما لن تندما وفى قلبيكما هذا الحب كله لبعضكما بعضا.
فأجابها وارن موافقا:
-لا...لن نندم ابدا.
ثم اخفض راسه لينظر الى وجه سارة المرتفع اليه.
********
تمت بحمدلله


 
 

 

عرض البوم صور زونار   رد مع اقتباس
قديم 12-04-09, 04:31 PM   المشاركة رقم: 4
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Nov 2008
العضوية: 107705
المشاركات: 578
الجنس أنثى
معدل التقييم: جين استين333 عضو على طريق الابداعجين استين333 عضو على طريق الابداعجين استين333 عضو على طريق الابداعجين استين333 عضو على طريق الابداعجين استين333 عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 436

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
جين استين333 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : زونار المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي

 

انا سعيدة اني أول وحدة ترد على قصتك الراااااااااااائعة
.............يسلمووووووووووووووووووووو
على القصة الروووعة...^^

 
 

 

عرض البوم صور جين استين333   رد مع اقتباس
قديم 12-04-09, 04:54 PM   المشاركة رقم: 5
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Oct 2008
العضوية: 101656
المشاركات: 70
الجنس أنثى
معدل التقييم: zoubaida عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 23

االدولة
البلدGermany
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
zoubaida غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : زونار المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي

 

:rdd12tf:chokran ktiiiiiiiiiiiiiiiiiir

 
 

 

عرض البوم صور zoubaida   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
أحلام, الرجل السراب, دار الفراشة, جانيت دايلي, حصريا, janet dailey, روايات, روايات أحلام, روايات احلام المكتوبة, tidewater lover
facebook



جديد مواضيع قسم روايات احلام المكتوبة
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 10:31 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية