لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > قسم الارشيف والمواضيع القديمة > الارشيف
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

الارشيف يحتوي على مواضيع قديمة او مواضيع مكررة او محتوى روابط غير عاملة لقدمها


قصة أعياد بلا فرحة لللكاتبه ليتني غريبة

بسم الله الرحمن الرحيم أعيــاد بلا فرحـة ... الكاتبه : ليتني غريبة . . . الديـــــــــــــــــــــــار تعبير يشمل كل شيء ألفناه في

 
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
قديم 25-02-09, 04:34 PM   المشاركة رقم: 1
المعلومات
الكاتب:

البيانات
التسجيل: Sep 2006
العضوية: 13121
المشاركات: 13,908
الجنس ذكر
معدل التقييم: dali2000 عضو ماسيdali2000 عضو ماسيdali2000 عضو ماسيdali2000 عضو ماسيdali2000 عضو ماسيdali2000 عضو ماسيdali2000 عضو ماسيdali2000 عضو ماسيdali2000 عضو ماسيdali2000 عضو ماسيdali2000 عضو ماسي
نقاط التقييم: 4990

االدولة
البلدCuba
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
dali2000 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

المنتدى : الارشيف
افتراضي قصة أعياد بلا فرحة لللكاتبه ليتني غريبة

 

بسم الله الرحمن الرحيم

أعيــاد بلا فرحـة ...

الكاتبه : ليتني غريبة



.
.
.

الديـــــــــــــــــــــــار

تعبير يشمل كل شيء ألفناه في أيامنا ..

البيت ..

الأهل .. الأصدقاء ..

و مشاعرنا ..

ضحكاتنا الحلوة بلا هموم ..

حتى أحزاننا ..

أحلامنا الغير دارجة تحت الواقع ..

الهموم ..

عبراتنا حبيسة مآقينا ..

و ذكرياتنا ..

الديار تعبير عما نحن عليه

ذواتنا .. شخصياتنا ..

فإذا تجردنا عن كينونتنا ..

أصبحنا غرباء ..

ديارنا خاوية ..

أيامنا بلا معنى ..

تزيد آلامنا ..

و تغتال آمالنا ..

أما الذكريات و الأحلام ..

فتكون مجرد خدعة كبيرة ..

و ترياق مؤقت ..

ليزول في وهلة ..

و نعيش أعيادنا بلا فرحة ..

.
.
.

¨°••“« الجـــــــــــــزء الأول »”••°¨


بسم الله الرحمن الرحيم ..

.
.
.



يجيل النظر فيما حوله .. تلك الجدران ذات الطلاء الرمادي .. المتشقق الكئيب .. و جوها العطن الرطب .. يضيق صدره من رائحة العفونة في أرجاء المكان .. يشيح بصره عنها لتقع عينه على تلك القضبان الحديدية .. صلبة .. قاسية ..
هذه الزنزانة القذرة .. كم من آهة حوت بين جدرانها ؟؟!! كم من حلم لقى حتفه على أرضها ..؟؟!! .. كم من أمل وئد ها هنا قبل أن يملأ جوها ..؟؟!! كئيبة يا زنزانة ..
أكره رائحتكِ .. أكره جوّكِ .. و أكره ضيقك .. و أكره إحساسي البائس بالعجز ..
تنفرني هذه الوجوه الخشنة الكالحة التي تطالعني ...
رغم النظرات المسالمة ..
سنحات و كأنما لم تخلق إلا للسجون ..
إقترب من السرير ذو طابقين بتردد و بيده حقيبته ..
ليرميها أعلى الفراش .. لم يرد أن يصعد و هذه العيون المتوجسة تراقبه بفضول ..
- الإسم يا الطيب ..
إلتفت للرجل الذي تلفظ بالكلمات ..
ظل صامتا لبرهه .. بما أجيبه ؟؟!! ..
خيم الصمت على المكان انتظارا لإجابته ..
أزواج العيون الثلاث ما زالت تراقب .. و لا يخرق السكون سوى صوت أنفاسه المتردد ..
- ذياب ..
- و النعم و الله ..
التفت للرجل الآخر .. قصير القامة .. ممتلئ الجسم .. يبدو في العقد الرابع من العمر ..
- النعم بحالك ما عليك زود ..
و عاد يجيل النظر في من حوله ..
ليعود الأول فيتحدث ..
- أنا حمد بو شهاب .. - و أشار للرجل القصير - و هذا خوييك عبد الخالق .. - ثم أشار للرجل الهادئ الذي لم ينبس ببنت شفة من دخوله - و الريال سيف الشاعر ..
لم يعلم لما راودته رغبة في الضحك .. شاعر ؟؟!! عجيب .. ما الذي أتى به إلى هنا ؟؟!! ..
- و النعم و الله حييا الله الشباب ..
و رددت الجدران صدى همهماتهم المجيبة .. بعدها عم الصمت مجددا .. ظل واقفا مكانه مترددا لا يعلم ما الذي يفعله حيال هذه النظرات الفضولية ؟؟!!
و بصوت عميق .. إرتجف على إثره ..
- إقرب الشيخ .. حيياك الله ..
كان هذا الشاعر و قد نهض من مكانه ليفسح له المجال ليصعد إلى سريره .. لا يدري لما يشعر بهيبة هذا الرجل ترسل الرعشة على طول ظهره ..
تسلق السرير و استلقى عليه و هو يشعر به يئن تحت وطأة ثقله ..
نظر إلى الوجوه في الأسفل مجددا .. فقال حمد و هو يتسلق الفراش المقابل ..
-وط راسك و استريح يا بوو ..............
- بو شمااا ..
- و النعم .. ارقد باكر أول يوم لك هنيه .. كم حكمولك ؟؟!!
و نكئ جرحه .. ليجيب متألما ..
- خمس سنين و ست شهور ..
استقر حمد في فراشه و أمال رأسه إتجاه عبد الخالق ..
- لا عيل عبد الخالق بيظهر قبلك ..
لم يعرف بما عليه أن يجيب .. شعر بالشاعر يستلقي على فراشه في الأسفل و رأى عبد الخالق أيضى يجلس عل طرف سريره و هو يسحب كتابا من تحت مخدته و يقرأ فيه .. اعتدل على السرير و نظر إلى سقف المتقشف ..
شعر بالقنوط يجتاح نفسه .. اللعنة .. هذا ليس مكاني .. أنا لست مجرما ..
أراد أن يصرخ بشدة .. أراد أن يسمع الجميع ما يود قوله .. أراد أن يشعروا بما يخالج روحه في تلك اللحظة ..
تلك ثورة تصاعدت في نفسه بسرعه .. لتصل ذروتها ..
شعر بأنه على وشك الإنفجار ..
كتم ونة متألمة كادت تفلت منه ..
لن أحتمل البقاء هنا ..
سيقتلني الحبس ..
سأموت قبل أن تمر الخمس سنوات .. سأموت خلال أسابيع معدودة ..
انتفض بذعر ..
- ليلك طويل يا بو شما ..
كان هذا صوت سيف يأتي من أسفل ..
.. يعلم هذا .. يعلم هذا جيدا
بلع غصة كادت تخنقه ..
هذه أطول ليلة في حياته ..
سيرقد هنا و هو يعد الثواني البطيئة ..
يعاكسنا الوقت دائما ..
.
.
.
ينصت إلى تنفس حمد العميق و قد إستغرق في النوم ..
.
.
.
لن ينام ..
لن ينام ..


.
.
.


مجرد بداية ..
.
.
.

يتبع
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
تتمـــــــــــــــــة


.
.
.

كان قد قضى الليل كله يتقلب على فراشه .. أفكار .. و أفكار .. كل شيء مر في حياته استعاده الليلة الفائتة .. تذكر إصابته بالتهاب السحايا في صغره .. المدرسة الابتدائية التي كان يرتادها .. عيسى صديق عمره .. تذكر يوم وفاة والده .. تخرجه من المدرسة الثانوية .. شقيقته حسنا ..
كان الوقت يمر بطيئا .. بطيئا جداً .. لم يكن كذلك حين كان ينتظر الحكم عليه ..!!
تذكر صوت بكاء أمه العالي .. تذكر وجه ابنته الصغير الحائر .. تنقل نظرها بين الجميع ..
لا تفهم شيئا مما يحدث ..
و لكن سيل الذكريات قطعه صوت عذب انتشله من مستنقع الماضي ..
صوت أذان الفجر مناديا للصلاة .. و لكنه ظل مستلقيا دون أن يقوم بأي حركة .. حتى علا صوت آخر أكثر نشازا .. كان هذا صوت منبه الشاعر انطلق يشق عذوبة الأذان .. استيقظ سيف بسرعة ..
سمع ذياب صوته الهادئ يقول بثقة ..
- صبحك الله بالخير يا بو شما ..
كيف علم أنه مستيقظ .. هل يتجاهله و يتظاهر بالنوم ؟؟!! .. غير رأيه ..
- صبحك الله بالنور و السرور ..
رآه يتقدم من مكانه إلى السرير الآخر .. ليهز الرجل القابع بالأسفل ..
- عبد الخالق .. عبد الخالق .. صلاة الفير .. نش خلنا نوضي قبل الزحمة ..
رد عليه عبد الخالق بتمتمة نائم .. فهزه سيف مجددا حتى استوا جالسا .. ثم التقط سيف قنينة ماء بلاستيكية خالية .. ليضرب بها ذراع حمد المتدلية من الأعلى ..
- بو شهااااب .. بو شهاااب .. الصلاة .. الصلاة .. نش بارك الله فيك ..
و لكن حمد لم يتحرك قيد أنملة ..
- بو شهااااااااااااااااااااااااب .. أدريبك تسمعنيه نش لا و الله بالماي ع راسك ..
بدأ حمد بالتحرك في مكانه قليلا .. ليمسك عبد الخالق بطرف يده و يجره ..فهب حمد جالسا و هو يجر يده من قبضة عبد الخالق .. فقد أصابه الذعر من أن يقع ..
نزل حمد من الأعلى و وقف مع الاثنين عن باب الزنزانة الذي لاحظ ذياب للتو أنه مفتوح ..
تثاؤب حمد بنعاس في حين وجه عبد الخالق الحديث لذياب ...
- بو شما ما تبا تصلي ؟؟!!
- أكيد ..
- انزل عيل خلنا نلحق نوضي قبل لا يوعون الخلق و ما نلقى مكان ..
نزل ذياب من مكانه .. لا يعلم لماذا يراوده شعور بالخجل .. تقدم معهم يعبر الدهاليز التي بين الزنزانات الضيقة .. رأى البعض مازال يغط في النوم .. و القليل منهم بدءوا بالاستيقاظ .. كان الرجال الثلاثة يمشون بسرعة .. فحث ذياب الخطى ليلحق بهم .. انعطفوا في نهاية الطريق ليدخلوا دهليزا أضيق من سابقه ..
ثم فجأة وجد ذياب نفسه يقف أمام حوض ضيق طويل جداَ يمتد على طوله صنابير الماء توزع عليه عدة رجال يتوضئون .. و على الجانب الآخر ما يقارب الخمسة عشر بابا .. خمن أنها حمامات .. ولج كل واحد من الثلاثة بابا منها .. و ظل ذياب واقفا مكانه .. يشعر بالغثيان .. لم يكن المكان متسخا .. و لكن فكرة أنه سيستخدم حمام السجناء هذا .. أرسلت في حناياه شعورا لا يوصف بالتعاسة ..
انطلق صوت صفارة يشق السكون .. فكر ذياب .. لا بد أنها صفارة لإيقاظ السجناء .. سرعان ما سيحتشد الكثيرين هنا .. اتجه بسرعة إلى أقرب باب إليه ليدخله ..
فكر في نفسه و هو يتخيل استيقاظه على صوت هذه الصفارة المزعجة .. جيد أنني لم أغفو .. لست ممن يجيد الاستيقاظ بهدوء فجأة ..


.................................................. ................

اصطف المصلين يؤمهم إمام .. وقف ذياب بين عبد الخالق و حمد الذي ما زال النعاس يعلو محياه ..
- اللــــــــــــــــــــــــــــــــــه أكبــــــــــــــــــــــــــــــر ..
ارتعشت الأطراف ..
و ارتجفت الأفئدة ..
الله أكبر ..
شعر ذياب ببروده تجتاح أطرافه .. هاهم يملئون المصلى العملاق .. ما يقارب السبعمائة رجل .. يقفون جنبا على جنب .. لا يعرف أحدا منهم .. و لا يعرفه أحد .. الخشوع يسود المكان و صوت الإمام العذب يخترق الهدوء .. سواسية هم هنا .. هنا الكبير و الصغير .. و هنا المالك و المملوك .. هنا الفقير و الغني .. هنا الملتزم و العاصي .. شتى الأشكال و الألوان .. وجوه لا يمكن أن تراها مجتمعة إلا في طاعة الله ..
- {أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأرض}
للحظات شعر ذياب بالسكون يتغلغل في نفسه .. و صوت الإمام يجبره على الخشوع .. لم يعهد نفسه قط بهذه السكينة .. ما فاجأه حقا هو شعوره بدفء لامس خديه .. ما هذا ؟؟!! .. دموع ..؟؟!!
إنه يبكي .. رحماك يا رباه .. لا اعتراض على ما قدرت .. لا اعتراض ربي على ما أمرت .. اللهم امنحني صبرا جميلا .. و عفوا منك .. و تقبلا لما أنا فيه ..
شعر بدموعه تزداد غزارة ..
لا اعتراض يا ربي .. و الحمد و الشكر لك على كل حال .. و ..........
- سمــــــــــــــــــــــــــــع اللــــــــــــــــــــــــــــــــــه لمـــــــــــــــــــــــن حمــــــــــــــــــــــــــــده ..

.................................................. ...........

تتسلل أشعة الشمس في خجل .. يراقب ترددها .. شعر ببعض الدهشة .. أتشرق الشمس هنا ؟؟!! ..
لا .. الشمس لا تشرق هنا .. لا يوجد منها سوى أشعتها الخجول ..

.................................................. ..........

كان يجلس على مائدة الفطور بين حمد و أحد المساجين .. انكب الجميع على الطعام بنهم .. بينما نظر ذياب إلى فطوره .. الخبز و البيض المسلوق و الجبنة و العدس و الفول الساخن و عصير البرتقال ..
لم يجد في نفسه رغبة بالطعام .. فجلس يراقب من حوله و هم يلتهمون فطورهم .. عندها رفع من يجلس أمامه رأسه و نظر له شزرا .. قبل أن يوجه الحديث لحمد قائلا ..
- بو شهاب .. خويكم اليديد هب عايبنه الريوق ..
إلتفت حمد نحو ذياب و فمه مليء بالطعام ..
- أفااا .. بو شما .. سم و مد ايدك .. ترى ماشي غير هالعيشة بتطب ثمك إلين الغدا ..
ما زالت عينيه إلى الأسفل .. لا يرد ..
صمت الجميع و لم يعد أحد يعلق .. شعر بالعبون معلقه عليه .. أليس لهم غيري ينظرون إليه .. ضيق شديد يغزو صدره .. قبل أن يسمع صوت يتردد عبر القاعة ..
- أحمد خصيف .. أحمد بدر .. حسن مسعف .. حمد ناصر ..
و رأى ذياب بعض الذين وصلوا معه بالأمس ينهضون من أماكن جلوسهم و يتوجهون نحو الضابط الذي استمر في سرد الأسماء بصرامة ..
- ذياب عبدالله .. راشد علي .. رافع خليفة .. سعيد محمد .. سلطان محمد .. صالح عبد الرحمن ..
نظر ذياب إلى حمد .. فسارع عبد الخالق يقول ..
- نش يا بو شما .. بس بيوزعونكم ع الأشغال لي بتتكفلون ابها ..
نهض ذياب بسرعه كادت أن توقع الكرسي .. لم يشأ أن يظنه أحد جبانا .. اتجه نحو الضابط الذي صفهم طابور بالأسامي ..
و راح يمرر لكل واحدٍ منهم وريقة صغيرة ..
- نجارة .. نجارة .. المشغل .. أرقام .. نجارة .. أرقام .. خدمات .. المشغل .. المشغل ..
و استمر في ذكر التاوزيع و هو يناول كل واحد منهم وريقته ..
نظر ذياب لتلك الصفراء المستقرة في يده ..
(( ذياب عبدالله علي )) .. الرقم (( 2007/23658 )) المسؤول (( سعيد خميس ))
مهمة (( نجارة / 45 )) تاريخ التسليم (( 18 / 4 / 2007 ))
يتلوه توقيع المسؤول ...................
توقيع المناوب ...........................
توقيع المستلم للوصل ...................

.
.
رأى الحشد المتجمع يتشتت و كل يعود إلى مكانه .. عاد إلى مقعده و يده ما زالت تقبض على الورقة بشدة و تكاد تكورها .. نظر حمد إلى ورقته بفضول ..
- هاا .. وين حطوك ..
سبق إجابته صوت سيف الهادئ ..
- نجــــــــــــــــــارة ؟؟!!
نظر ذياب إليه بدهشة .. هل هو ساحر ؟؟!! .. دقق في ملامح وجهه الوسيم .. و بنيته القوية .. أين يعمل هو.. أطلق عبد الخالق ضحكة ظافرة قصيرة ..
- بو شما أنا و انته نفس الموقع .. و كان محتاي شي .. امرررررة ما يردك إلا لسانك ..
يحتاج إلى ماذا مثلا ؟؟!! فكر ذياب بهدوء .. لديه معلومة .. حمد و سيف ليسا من أهل النجارة ..
أراد أن يسأل .. شعر أنه لم يتلفظ بكلمة منذ دهور .. فمنذ دخوله .. لم يتفوه بشي سوى ردا عن أي سؤال يوجه إليه .. لذلك شعر بالحرج قليلا .. و هو يرفع صوته لكي يسمعه الاثنين ..
- احممم .. آآآ .. بو شهاب وين تشتغل ..
رفع حمد رأسه الذي كان منكبا على الطعام ..
- أنا أرقام ..
- أرقام ؟؟!!
- هيه أرقام .. يعني نرقم المواتر ..
- آها .. و إنته ..
و أشار برأسه لسيف .. و لكن من رد عليه كان حمد ..
- سيف مسؤول المكتبة و القاعة التعليمية ..
مسؤول .. لقد شعر أن هذا الرجل لا يتبوأ إلا الأفضل ..
نظر إلى عبد الخالق الذي إبتلع قرص دواء و بدأ يستعد للرحيل .. فوقف معه .. ليوجه عبد الخالق له ابتسامة شعر ذياب بأنها تحوي شيئا من الشفقة ..
سمع حمد يقول ..
- موفق يا ذياب ..
بينما إكتفى سيف برفع يده قليلا محييا ..
مشى خلف عبد الخالق .. يتبعه دون أن يعلم إلى أين هم متجهون ..
إنظر يا ذياب .. إعرف المكان جيدا .. يجب أن تعتاده .. هذا هو العالم الذي ستعيش وسطه في الخمس السنوات المقبلة ..
تنهد ذياب و حث الخطى .. و هو يتبع قامة عبد الخالق القصيرة بعينيه .. يجب أن لا يفقده ..

.................................................. ....................
- شوه كنت تشتغل ؟؟!!
وجهه عبد الخالق السؤال له و هو يجر أحد طرفي المنشار حين أرخاه ذياب ..
- مهندس بترولي في أدنوك .. و إنت ..
- كاتب في الجيش ..
- من متى و إنته في السجن ..
- سنتين و أربع شهور .. باقي لي سنتين و بظهر إن شا الله ..
كان ذياب يراقبه و هو يلهث بشدة إثر تعبه من جر المنشار و تذكر إبتلاعه قرص الدواء على الفطور ..
- كم عمرك ؟؟!!
أجابه و هو يمسح العرق عن جبينه و صدره يعلو و يهبط ..
- ثلاثة و أربعين سنة .. و إنته ..
- سبع و عشرين ..
شعر ذياب اآن بفضول شديد أراد أن يعرف كل شيء عمن حوله ..
- حمد و ذياب ..
- حمد سبع و ثلاثين سنة .. و سيف اثنين و ثلاثين ..
- و من كم سنة و انتو ويا بعض ..
- أنا الصراحة ويا سيف من سنتين .. و حمد ماله إلا سنة عندنا ..
- آآها .. اليوم ع الريوق شفتك خذت حبة .. رب ما شر ..
علت إبتسامة ساخرة مرهقة شفتيه و هو يرد ..
- الكبر شين يا خوي .. و قلبيه تعبان شوي و ما أتحمل إرتفاع الضغط ..
- الله يعينك ..
- يعينا جميع ..
و جلس لدقائق منحنيا على قطعة من الخشب يحفر فيها بأداة حديدية بصمت .. فاحترم ذياب صمته ..
سرعان ما رفع رأسه ..
- هااك ..
و ألقى بالقطعة ليمسك ذياب بها .. اتسعت عيناه بدهشة .. كانت منعمة بطريقة جميلة و قد حفر ببراعة عليها عبارة بخط الرقعة ::
(( صبر جميل و الله المستعان ))
قلبها ذياب في يده .. كتب عليها من الخلف ..
:: بـــــــو شمـــــــا
18 / 4 / 2007 ::
رفع ذياب رأسه لعبدالخالق و هو يعجز عن قول شي .. أيشكره ؟؟!!
- الكتابه لي قدام من زمان مسونها .. بس اسمك و التاريخ تونيه ..
و احمر وجهه خجلا مما أثار دهشة ذياب ..
- اعيبك أنا في الخط .. أبدع ..
و إبتسم ابتسامة بدت أشبه بابتسامة طفل صغير .. سعيد بما فعل ..
نظر ذياب إلى القطعة الخشبية مجددا .. تمعن في العبارة ..
(( صبر جميل و الله المستعان )) ..
شعر بالراحه تتغلغل قليلا في نفسه ..
نظر إلى عبد الخالق نظرة امتنان دون أن ينطق بحرف ..

.................................................. .............................................

لم يتناول ذياب شيئا على الفطور .. و لكن وجبة الغداء لم تأتي إلا و هو يتضور جوعا .. يده كانت ترتجف بشدة إثر نقص الجلوكوز في الدم فهو لم يتناول شيئا منذ غداء البارحة ..
ما أن أعلن الجرس عن فترة الاستراحة التي تقطع للعمل المتواصل من الصباح حتى العصر و لا يقطعها سوى وقت قصير لأداء صلاة الظهر .. حتى شعر براحة كبيرة فالطعام سيمنحه طاقة هو بأمس الحاجة لها ..
جلس على الطاولة يلتهم بنهم كل ما تطاله يده وسط إبتسامات من حوله .. لابد أنهم جميعا قد مروا بهذه التجربة ..
ضحك حمد و الطعام يتطاير من فمه المفتوح مما أثار غثيان عبد الخالق ..
- يعلك اللوعه قلبت كبودنا .. صكر ثمك .. ما يقول غير كهف ..
استمر حمد غير آبه بالضحك ..
- و الله يا بو شماا .. إنيه كنت متوقع .. بتتعود ياخي .. كلنا كنا كذيه في البداية .. عاد لي ياي أصعب ..
توقف ذياب عن الأكل و رفع رأسه إتجاه حمد .. الذي فهم ما يدور في عقله ..
- الحين بعدك هب مستوعب الوضع لي إنته فيه .. خلاف بتدرك الموضوع .. و بتكره عمرك .. ما بتطول .. بتتعود .. و بتعيش حياته ..
رفع ذياب يده عن الطعام .. و شعر بالاكتئاب .. لا لن أتعود .. هذا ليس مكاني ..
نظر إلى الطعام أمامه و شعر بنفور .. لم يصدق أنه منذ لحظات فقط كان يلتهمه بشهية ..
- حمد يا الهرم .. سديت نفس الريال .. برمستك لي تغث .. اعوذ بالله من ابليسك .. ما تروم تسد حلقك دقيقة ..
كان هذا عبد الخالق الذي نهر حمد بغضب ..
- بوشما ماعليك منه .. هذرته وااايده .. مد ايدك و تغدا ..
و لكن ذياب استمر بالنظر للطعام بصمت .. لاح الذنب على وجه حمد .. و بانت الشفقة على عبد الخالق .. أما سيف فإستمر في صمته المهيب .. ألح عبد الخالق و حمد على ذياب ليكمل طعام وسط رفضه ..
إلى أن قطع الحديث سيف ..
- خلــــــــــــوه علـــــــــــــى راحتــــــــــه ..
فالتزم الجميع الصمت .. لا يعلم ذياب لماذا يجبر الشاعر الجميع على احترامه ..
بعد الغداء عاد مع عبد الخالق للورشة .. و ما زال يشعر بالإكتئاب .. تمر للحظات يوهم نفسه أن ما يمر به مجرد كابوس سرعان ما سيزول ..
في تمام الرابعة انطلقت صفارة تعلن انتهاء الواجبات لها اليوم .. فتوجه مع ذياب إلى المصلى .. صلوا صلاة العصر ..
ثم إتجهوا مع حمد و الشاعر لساحه مفتوحه .. تغمرها أشعة الشمس ..
أغمض ذياب عينيه و هو يشعر بالحبور .. لم يسعد قط برؤية الشمس كاليوم ..
جلس محاذيا للشباب الثلاثة صامتا .. فكر في نفسه لا ضير من تبادل الأحاديث معهم ..
نظر إلى حمد فبادره بسؤال ..
- بو شهاب شوه قضيتك ..
حمد نكس رأسه يراقب نملة صغير ..
- تهريب ..
تهريب..!! تهريب ماذا .. قبل أن يسأل ..
- مواتر مصروقة .. و آآآآ ...
و بخجل مما يقول ..
- مخدرات ..
مخـــــــــــــــــــــــــــــــــــدرات .. أصاب ذياب الذعر ..
- و إنته ..
إبتلع ريقه ..
- ضربت واحد و تسببت له بإعاقة ..
رأى الدهشة في أعين الجميع ..
- ما يبين إنك راعي مشاكل ..
انفعل بشدة ..
- أنا هب راعي مشاكل و لي صار كان غصبن عنيه
عبد الخالق يهدئه ..
- عين خير ياخي .. محد قال شي ..
ثم ليلهيه عن الموضوع ..
- ما عندك غير شما ..
- لا ما عنديه ..
- الله يخليها لك ..
- آمين ..
مازال يشعر بالثورة في أعماقه .. ليس مجرما .. ليس مجرما ..
إلتزم بعدها الصمت .. و لم يتبادل الأحاديث مع أحد ..
حتى على العشاء .. لم يشعر بالرغبة في الطعام .. كان منهكا .. يريد أن يصل لفراشه الجديد و ينام للأبد ..
عندما كان مستلقي على فراشه ..
شعر بالنعاس يثقل جفنيه ..
تعالى شخير حمد ..
و رأى عبد الخالق يمسك بكتابه ..
تذكـــــــــــــــــــــر ..!!
أخرج من جيبه القطعة الخشبية ..
(( صبر جميل و الله المستعان ))
دسها تحت مخدته .. و ألقى برأسه ..
ماذا يحمل الغد لي يا ترى ؟؟!!
مـــــــــاذا يحمــــــــــــل ..

.
.
.

لحظات لم يعد يزعجه شخير حمد ..
استغرق في النوم ..
.
.
.

يتبع
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
تتمــــــــة

............................................

شهر ..
شهر مر كالدهر بلا نهاية ..
لا يصدق ذلك .. كيف تمر الأيام هنا .. بدا له الشهر كالسنوات ..
شعر بالشوق يشتعل في جوفه ..
لأمه .. ابنته .. شقيقته و صديق الطفولة ..
كل يوم كان يمر كالذي قبله ..
لم يعتد بعد على نظام الحياة هنا .. رغم محاولاته الحثيثة للإنغماس في هذا المجتمع الغريب ..
يستيقض مع الشباب فجرا مع الأذان للوضوء قبل الزحمة ..
لم يجربها .. و لكنه لم يحبذ فكرة الوضوء مع سبعمائة رجل ..
يجلس قليلا في المصلى معهم يستمع للحلقة التي يلقيها الإمام الذي عرفه بإسم بو حمدان رجل في أوساط الثلاثين اهتدى لحلاوة الإيمان بعد دخوله السجن في قضية أخلاقية ..
يتلوه تناول الافطار ثم الانطلاق للورشة مع عبدالخالق ..
أصبحت فترة العصر أكثر الفترات راحة ..
يخرج للباحة .. تلامس أشعة الشمس جسده و تداعب وجهه .. و يشعر بنسائم الأصيل تلاعب شعره ..
صمت ينقله إلى خارج تلك الأسوار ..
تكاد روحه تخرج من الجسد بلطف لتنطلق .. تسبح في الفضاء اللامتناهي .. ترجو أن تصل إلى أحبته ..
لا يقطع صمته اللذيذ سوى تبادله للأحاديث مع الثلاثة ..
الثلاثة ..
أصبح الثلاثة في هذا الشهر أصدقاء له ..
لم يتعرفهم جيدا .. و لكن شعوره بأنهم يساندونه .. يسهلون العيش له هنا .. جعلهم الأقرب إليه في هذا المكان ..
كان يقدر جهودهم ..
عبدالخالق .. تشجيعه المستمر و مواساته .. و كلمات منه تخترق الصميم .. لتحرك شيئا يربض في صدره .. بهدوء .. يستعد للخروج في أي لحظة .. الصبـــــــــــــر .. الصبر يا ذياب .. لا تملك شيئا سواه .. كان يسعى لإخراجه من حالة الإكتئاب التي تجتاحه .. يريد انتشاله مما هو فيه .. و لكم يقدر ذياب له ذلك .. كم يقدره ..!!
حمد ..أخرق و أهوج .. رغم طيبته الشديدة .. فهو يلقي الكلمات دون تأني .. سرعان ما يأكله الندم الشديد على سهم أعمى أطلقه مع كلماته .. و لكنه إعتاد عليه الآن لم تعد تأذيه الكلمات .. بل بدأ في نهره مع سيف و عبدالخالق .. و لكن إبتسامته المستعطفة و البريئة تنسيهم عتابهم .. ماكر هو .. دائما يتملص من المشاكل ..
سيف .. تلك الشخصية المتفردة .. غامض .. رغم نظرات الإستحسان منه لذياب على محاولاته الحثيثة للتأقلم مع وضعه الجديد .. مازال سيف سرا غامضا .. لم يعرف ما الذي أتى به هنا .. رجل يعشق الصمت .. لا يتلفظ إلا بما قل و دل من الكلمات .. يبدو مستقيما .. شخص لا يرتكب الأخطاء .. هادئ جدا .. وقور ..و لكن الشيء الذي يحير هو أن وجوده يشعر ذياب بالأمان في هذا المكان ..
و تذكر ذياب موقف حصل له مع الأخير .. إذ كان في بداية أيامه يشعر بالنفور و التوجس من سيف .. فالشخص القليل الكلام لا يمكن أن تستنتج ما الذي يدور في خلده .. كانا يجلسان في الساحة عصر يوم الجمعه الذي كانو يأخذونه إجازة من أشغالهم .. لم ينبس سيف ببنت شفة .. منذ توجه عبدالخالق و حمد للعب الورقة مع مجموعة جلست قريبا منهم .. كان يجلس بصمت يراقبهم .. و على شفتيه شبه ابتسامه .. بينما جلس ذياب يحدق بالفراغ أمامه .. ينتظر منه أن يبدأ الحديث .. و عندما لم يفعل .. قرر أن يكون هو من يقطع الصمت ..
- إلا ما قلت لي يا بو هناد .. شوه قضيتك ..
سرعان ما غابت شبه الابتسامة ليحل محلها الشرود .. قبل أن يجيب في غموض ..
- حرمـــــــــة ..
- حرمة ؟؟!!
- هيه .. حمد يغش ..
نظر ذياب ليرى حمد يدس شيئا تبين أنه ورقة لعب تحته .. ابتسم رغم أن تغيير سيف للموضوع لم يفته ..
لم يعد لسؤاله شعر أن سيف لا يريد البوح عما احضره إلى هنا حتى حمد و عبدالخالق لم يشيرا قط إلى سبب دخوله أما عن الاخير فقد أثر فيه سبب دخوله بشدة ..
كان كالعادة معه في الورشة .. يوزع عبد الخالق القطع الصغيرة لأن ذياب رفض تحميله الكبيرة خوفا على صحته و قلبه الضعيف .. و كان ذياب رغم قامته النحيله .. يملك قوة أكثر منه .. يمسك المسامير ليضربها بالمطرقة بقوة .. تنغرس بسهولة في لوح الخشب ..كطعنات الوله التي تدمي فؤاده كل ليلة عندما يسترجع صورة ابنته الصغيرة ..
- خييييييييييبه شوي شوي .. تفتت الخشب يا بو شما ..
رفع رأسه و مسح عن جبينه قطرات من العرق ..
- عنبوووه ذابت جلودنا امن الحر ..
- هيييييييه عاده القيض ياي شوه بتسوي ..
- و العثرة .. بننكوي كي ..
- رحمت ربك واسعة .. ربك عاد يمكن تمطر ..
- تمطر - و ابتسم بسخرية - ما ظنتيه و الله يا بو حميد .. المطر لي ما سقانا إلا نفاف في الشتا .. ما بيروي خير في الصيف ..
- استغفر ربك .. و انته شدراك .. كل شي بيد الله ..
- و نعم بالله ..
جلس عبدالخالق على طاولة قاموا بصنعها سويا هو و ذياب .. فسارع ذياب يهتف بذعر ..
- لا تكسرها دخيل الله ..
- هههههههههههه تعبان عليها يا بو شما ..
عقد ذياب حاجبيه و هو ما زال خائفا على الطاولة ..
- أول طاولة أصنعها .. تبا تخشعها ..
- أونه .. اسمع ها .. ابووووووية قول نصنعها .. صنعناها رباعة .. و بعدين لا تخاف عليها .. أنا خفيف ..
نظر إليه ذياب بطرف عينه ..
- خفيف ها .. و هالكرش لي كيلو قدامك شوه .. معلم سياحي ..
- هههههههههههههههههه لا ممتلكات البلدية ..
- انزل يا بوية و الله خايف ع الطاولة ..
اشفق عليه عبدالخالق .. فجلس أرضا ..
- آآآآآآآآآآآه يا بو شما .. لو تمطر بس .. ودي إنيه أوقف تحت المطر .. أخليه يرشنيه .. يسيل عليه .. أباه يروي ظمايه .. يغسل كل شي راح ..
تنهد بحزن
- تصدق لي سنتين من المطر ..
انصدم ذياب ..
- سنتين .........!!
أجاب بألم ..
- هيه و الله .. من دخلت ما شفتها تمطر قدامي .. ما لمسني المطر .. ترانا ما نظهر برا الا العصر .. و في الامطار ما يظهرون حد .. آآآآآآآآآآه يا خوية .. و الله إنيه أذكر آخر مرة شفت فيها المطر .. قبل لا أدخل السجن ..
و نكس رأسه بألم ..
شعر ذياب بألمه .. لا يتخيل أهمية المطر لشخص لم يره منذ سنين .. و لكنه تذكر فرحته برؤية أشعة الشمس في أول يوم له هنا .. نظر لعبدالخالق فرآه ينعم قطعة خشب بسكين صغيره .. و هذا ما يفعله دوما .. قد تتقلص القطعة حتى تختفي .. رأى نشارة القطعة تتساقط من الأعلى .. تنسل من بين يديه .. تتهاوى ببطء .. ثم تلامس الارض بنعومة ..
- عبدالخالق .. ليش دخلت السجن .. ؟؟
كانت المفاجأة جلية على وجهه .. لم يكن يتوقع هذا السؤال .. سقطت القطعة من يده و كاد يجرح نفسه بالمدية الحادة ... بدا متألما بشدة ..أتراوده ذكرى حزينة ؟؟!!
شعر ذياب بالذنب .. كانت ملامح عبدالخالق التي تشعره بأنه ينظر إلى طفل كبير .. تكتسي بتعبير حائر مع مسحة من الذنب و الألم ..
- عبدالخالق انسى يا خوية .. برايه لو ما تبا ترد إنته حر لا ...
قاطعه بصوت مخنوق ..
- لا عادي ذياب .. مصيرك بتعرف .. اليوم أو باكر ..
و بدت إبتسامة مريرة على شفتيه ..
- نسيت إنّا بنعيش ويا بعض سنتين بعون الله .. - صمت قليلا قبل أن يقول - أنا يا طويل العمر مريض بالضغط و القلب من كنت في الثلاثينات .. و بديت أتعاطى مختلف الأدوية .. أحيانا كنت أبدلها .. شي منها كان له آثار جانبية .. و غيره ..
أنصت ذياب باهتمام شديد .. لا يضيع كلمة ..
- قبل ثلاث سنوات بديت أستخدم دوا اسمه ( سدادات مستقبلات بيتا ) .. و هو نوع قوي من أدوية ضغط الدم بس كان ضروري لي عسب قلبي كان تعبان و كانو يخافون علي امن الذبحة الصدرية .. بس المشكلة يا خوية إني نسيت أحذر الدخاترة من انه عنديه الحياطة ( الربو / ضيق الشعب الهوائية ) .. و بديت أستخدم الدوا ..
ما زال وجهه الطفولي الكبير ينوء تحت وطأة الحزن ..
- تصدق إنيه إستعملته مدة ست شهور و لا يتنيه نوبة ربو وحدة .. - و ضحك ساخرا .. سرعان ما تحولت الضحكة إلى شهقة مؤلمة كتمها ليتابع حديثه - إلين كنت مرة أسوق موتريه راد من الدوام .. يمكن ما خبرتك .. أنا من هل بوظبي .. تدله جسر المقطع .. يوم لفيت عليه يتنيه نوبة قوية .. ما رمت أتحكم بها .. تخيل الموتر يمشي .. و أنا أحاول أوقف و في نفس الوقت أبا أبطل السدة آخذ الدوا .. و صار الحادث ..
اتسعت عينا ذياب بشدة ..
- استيشن فيه ريال و حرمته و بنته 19 سنة و ولد عمره 14 و بنته الصغيرة 8 سنين .. يوم ما رمت أوقف الموتر.. كنت مقبل ع موترهم .. و الريال لفت بالسكان و افتر و ظرب حاجز الجسر و انقلب .. ست قلبات و حط ع ظهره ..
أغمض عينيه بشدة و كأنما يسترجع الصورة ..
- خذت دواية بسرعة .. كنت أحس بالموت .. بس أبا أشوف شوه استوى لراعي الموتر .. تخيل يا ذياب ..
الموتر مقلوب .. و الصبي مفرور بعيد عن الموتر سبع أمتار .. ياهل صغير .. و الدم يصب صب من راسه ..
الشباب قاموا يطلعون هل السيارة .. كنت وياهم .. و سحبت البنية الصغيرة .. كانت بعدها واعية ..
و مد يديه و كأنما يحمل أحدا ..
- شليتها في ايديه .. و هي تصيح .. أبا أسكتها .. تزاقر أمها و أبوها .. محد سلم منهم .. كلهم غابو في الحادث .. محد إلا البنية الصغيرة .. ست شهور ما بينت نوبة وحدة .. و يوم يتنيه نفدت أربع أشخاص ..آآه ليتني رحت بدالهم يا بو شما .. ليتني ..
مسح وجهه بيده .. و رأى ذياب دمعة تلمع على جانب وجهه ..
- بس خلاص يا عبدالخالق .. يكفي .. لي صار قضاء و قدر و انته مالك ذنب .. كله مكتوب من رب العالمين ..
أشاح بوجهه ..
- لا يا ذياب .. أنا كنت السبب .. البنت بتربى من دون هلها بسبتيه .. الله يسامحنيه ع لي سويته .. الله يسامحنيه ..
لم يعلم ذياب كيف يتصرف في هذه اللحظة .. و لكنه تذكر الكلمات التي قالتها أمه في ذلك اليوم المشؤوم .. فنظر بقوة لعبد الخالق .. و أمسكه من كتفه ليشد عليه بقوة ..
- لا تيأس من رحمة ربك .. لي صار قدر و مكتوب .. و انت مهما بتسوي ما بترده .. لازم ترضى بهالشي ..
لم يرى في عيني عبدالخالق صدى لكلماته ..
فقال بصوت حنون و صورة أمه تلوح أمامه ..
- الوالدة الله يطولي بعمرها كانت كلما ضقت تقول ..
{قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ْْْ}
يا عبدالخالق لومك لنفسك ما بيغير شي في الموضوع .. ادعلهم ..هالشي لي هم محتايينه منك .. و استغفر ربك .. و الله تواب غفور ..
بدا عبدالخالق لولهة و كأنه لن يرد .. و لكنه رفع رأسه بعد برهه و شد على يد ذياب التي تمسك بكتفه .. و تألقت دمعة حبيسة في محجر عينه اليمنى .. ليقول بامتنان جعل صوته أجش من ثقل المشاعر ..
- مشكور يا خوي ..

.................................................. ...............................

.................................................. ........

- قووووووله يا ريال خله يستانس ..
ظل ينظر إليه و إبتسامته الهادئة الأثيرية معلقة على شفتيه .. و حمد ما زال يلح عليه .. عبدالخالق ينظر إليهما بعجب .. من الواضح أنه لا يعلم ماذا يخفيان .. لم يستطع استنتاج ما يخفيانه ..
- حمد بلاك تنط ما يقول غير سبال فارين موزته .. صك التراب شوي .. - ثم التفت لسيف - بو هناد شوه السالفة
احمر وجه حمد غضبا .. عبدالخالق يمنع نفسه من الضحك .. سيف مازال يبتسم بهدوء .. ذياب ينقل بصره بين الجميع ..
- شباب شوه السالفة ؟؟!!
حمد بسرعة ..
- و الله كان بيرخصنيه الشاعر بقول .. بس هو لي يايب الخبر ..
سيف يتحدث بصوته الوقور ..
- بو شما .. اليوم خبرنيه واحد من الضباط انه ظاهرتلك زيارة الخميس الياي ..
صمت عم المكان للحظة ..
تتسارع أنفاسه بلهفة .. شرع بالدموع تلسع مؤخرة عينه ..
بصوت مبحوح لم يسمع الموجودين سوى صداه ..
- زيــــــــــــــــــــارة ؟؟!!
هز سيف رأسه بالإيجاب و ابتسامته تتسع ..
- هيه نعم زيارة .. تراه النظام هنيه كل اسبوعين مجموعة لهم زيارة .. باستثناء المعاقبين ..
لم يعلم ما الذي يجب عليه فعله .. جل ما أراده الآن هو السجود شاكرا لله عز و جل .. و تقبيل رأس سيف .. نظر لسيف .. بإمتنان ..
- مشكور يا بو هناد .. ما تدري شكثر هالخبر يسوى عنديه ..
ثم استدار و تسلق السرير ليستلقي على فراشه .. لم يشعر بالفرحة منذ ضربه لذلك الخنزير و دخوله السجن .. ابتسم .. لا بد أنه عيسى الذي سيحضر .. أمه لن تفعل .. فالعادات و التقاليد موجودة بقوة.. لا يمكن تجاهلها ..
أغمض عينيه و استعاد صورة ابنته الصغيرة ..
شما .. حبيبته .. كم اشتاق اليها .. إلى مغالاتها في الدلال .. إبنة الثالثة .. آآآآه يا صغيرة .. متى تقر عينا أباك برؤيتك ..
عيسى .. يا أخا لم تنجبه أمي ..لابد أنك من سيحضر للزيارة .. تذكر ذياب صديق طفولته .. منذ صغرهما لا يفرقهما شيء .. دوما و أبدا .. تذكر لعبهما معا في الصغر .. طيش المراهقة .. و مباهاة الشباب .. قبل أن يتزوج الإثنان ..
راحت الذكرى تلوح له من بعيد ..

.
.
.

- ابوية حشرني .. يقول بسك من لهياته .. عرس و قر فبيتك .. و هات عيال ينفعونك لا شيبت .. بعدنيه ما كملت خمس وعشرين و أبوية خلاني شيبه ..
- شوه بتقول عنيه .. أمي ليل و نهار .. بنت عمك و بنت عمك .. مادري من وين طلعت لي هالبنت العم ..
- لا بنت عمك و لا عندك خبر .. أنا بيوزك ختيه ..
- خخخخخخخخ من صدقك .. أخاف عياليه خلاف يطلعون شراتك .. _ و أشار بإصبعه إلى رأسه بدائرة - مخبل
- عنلااتك يا الهرم .. ودك إنته .. بس عليك يوم بناسبنيه ..

.
.
.

تذوي تلك الصورة .. و هو يتذكر وجهها البريء الخائف .. ترتدي ثوب زفافها الأبيض .. و دمعة خائفة في عينها .. يصيبه التوتر هو الآخر .. لم يمر بهذه التجربة من قبل ..
- آآآآ .. منيرة شحالج ..
ترد عليه بصوت هامس .. لا يتبين ما تقول .. لذلك يمسح على لحيته باضطراب ..
- ما تبين تعقين الفستان ؟؟!! ..
و عندما ذهبت لغرفة التبديل .. ينطلق راكضا إلى هاتفه .. يعيد الإتصال بآخر رقم تم الاتصال به .. يرد عليه بصوت نائم ..
- آآآآآلوووووووه ..
- ألوووه عيسى شوه راقد ؟؟!!
- ذياب ؟
- لا خياله ..
- عنلاتك إنته ما سدك تعبيه فعرسك متصل تغث رقاديه ..
- عيسى نش دخيلك .. متلعوز مادري شوه أسوي ..
يتثاءب بشدة ..
- آآآآآآآه خير شوه عندك ..
- يا خي البنية متوترة .. احسها بتصيح فأي لحظة .. ما فينيه ع دموعها ..
- ذياب كلهن الحريم كذيه أول ليلة ..
- و انته شدراك .. عرست ..
- اسمعهم العرب يقولونها ..
- ما عليه انا من العرب الحين .. خلصنيه و عطنيه حل ..
- الحين فهمنيه .. وين المشكلة ..
- المشكلة انيه متوتر أكثر عنها ما عرف كيف أهديها ..
- انزين خبرنيه شسمها حرمتك ..
- شوووووووووووووووووووووه ؟؟؟؟؟!! ... صدق مسود ويه .. استح ع ويهك .. شوه تبابه اسم حرمتيه ..
- عيييييين خييييييير .. بقولك ع الاسم طرق تهدئة .. يعني ابيات شعر .. سوالف .. تدليع ..
- وخروو عنه ابو البنات رمس الحين ..
- خخخخخخخخ ابو البنات ع قولتك .. ما بيخيل من حرمته ..
- بنشوف فعرسك يا الهرم ..
- انزين شوه اسمها ..
يجيب على مضض ..
- اسمها منيرة ..
- منيرة .. منيرة .. لحظة شوي خلني أدور في الارشيف .. اووه عنديه سالفة حلوة بتفرحها ..
- قووول بسرعة قبل لا تيي ..
- يقولك في بنية حلوة اسمها منيرة شافت ظبي و يوم قربت منه تبا تلمسه .. شرد عنها .. فقالت بيت شعر ..
(( يا ظبي ريع لي ترانيه منيرة .. و الظبي ما يشرد من الظبي لي ياه )) .. ها شرايك ..
- عنلااتك يا الهرم .. تبا تهدم حياتيه الزوجية بسوالفك الهبلا ..
- انا سوالفيه هبلا .. هب منك .. من لي يرد عليك تالي الليل ..
- اقلب ويهك .. انا امك لو قلت هالسالفة الغبية ..
- تصبح ع حمار يرفسك ..
- تصبح ع ثور ينطحك ..
و أغلق السماعة عندما شعر بالباب يفتح بهدوء .. رآها واقفة هناك بخجل .. مشت ببطء لتجلس قبالته .. ما زالت محرجة منه بشدة .. استمر الصمت لدقائق طويلة .. لا يتكلم أحدهما .. أخيرا تنهد بتوتر ..
- منيرة .. قد سمعتي بسالفة البنية لي اسمها منيرة و شافت ظبي و .........................

.
.
.

ابتسم لتلك الصورة التي تبدلت بأخرى ..
يجلس على طرف الفراش الأبيض .. ينقل بصره بين اللفافة الصغيرة التي بين يديه و وجهها الشاحب ..
- تستحقين السلامة حياتي ..
يخرج صوتها بهمس متألم ..
- الله يسلمك الغالي .. شوه بتسميها ..
نظر لابنته المستقرة بين يديه ..
- بسميها فديت ..
- شووه ؟؟!!
- بسميها فديت .. عسب يوم تكبر و تروح المدرسة .. لمعلمات يزقرنها .. فديت ذياب .. هههههههههههههههه ..
ظربته بخفة على كتفه و هي تبتسم بألم ..
- لوووتي ..
كم أَحب هذا الوجه ..
كم إشتاق إليه بعد رحيلها ..
رحمك الله يا منيرة ..

.
.
.

كم فقدوها جميعا .. تحطم قلب أمه بعد وفاتها .. حسرة على شبابها و إبنها الذي أصبح كالشبح .. لا انعكاس للحياة في عينيه .. و انهارت حسنا لموت صديقتها المقربة .. حسنا أخته التي كافحت بعد موت صديقتها لتعيد الامور لنصابها .. تجاهلت الألم الرهيب الذي يسكن جوفها .. لكي تعيد أخيها لطبيعته .. و تهتم بإبنته حتى تجاوز هو أزمته .. وقوفها بقوة في وجهه و دفعه للخروج من الحالة التي كان عليها.. ممتن لكِ يا أختي .. ممتن لك طوال الدهر ..
ابتهل من قلبه لله أن يوفقها في حياتها .. فقد كان نعم الخيار عندما تزوجت عيسى .. لقد كان عيسى أقرب الناس له ..
صديق .. و أخ .. كان يمثل قول أمل دنقل ..
(( تلك الطمأنينة الأبدية بينكما : .. أن .. سيفان سيفك ..
صوتان .. صوتك ..
أنك إن مت .. للبيت رب .. و للطفل أب ))
.
.
.
سيأتي عيسى .. سيأتي و يحمل معه رائحة أهلي ..
سيأتي ليمنحني نفحة من الأمل .. تجعلني أتحمل البقاء هنا ..
سيأتي عيسى ..
فلن يخذلني ..
.
.
.
و على ذلك الأمل .. أغمض ذياب عينيه يرجو النوم .. لتمر ليلة أخرى ..
.
.
.
.................................................. ................................................


بدا هذا الأسبوع يمر بطيئا جدا ..
يعاندنا الوقت دوما ..
و ذياب يعد الأيام حتى الخميس .. لا يضنيه شيء سوى الشوق الملتهب ..
إلى أن حدث شيء عكر صفو الأحداث ..
كانو يجلسون على مائدة الإفطار .. يتناولونه وسط تبادل الأحاديث الخفيفة .. جلس ذياب بجانب سيف يقابلهما على الطرف الآخر بو حمدان يتوسط حمد و عبدالخالق .. بينما جلس على يمين سيف أحد السجناء الذي عرفهم ذياب يقال له خموس بو ظرس .. و ذلك بسبب فقدانه لأحد أسنانه الأمامية و انزياح الآخر ليستقر في المنتصف و قد أصبح لونه مائلا للرمادي إثر حادث تعرض له في شبابه .. كانوا يتحدثون عن زيارة الغد و حمد يبدي آرائه الخرقاء عن الزيارة و ماذا قد يحدث فيها .. و عن إمكانية الهرب أثناء إنشغال الضباط بها و عبد الخالق يطلق النكات و يسخر من أفكاره الحمقاء .. وسط ابتسامات الأربعة .. عندما مرت مجموعة من المساجين بالقرب منهم .. توقف أحدهم تماما خلف عبدالخالق .. كان أسود البشرة .. كالح الوجه .. و نظرته خبيثة .. شعر ذياب بكراهية فورية تخترق صدره لهذا الرجل .. الذي قال بصوت حاد أشبه بالنعيق ..
- أشوف عايبتنكم اليلسة هنيه .. نييبلكم شيشة شباب ..
بدا الجميع متفاجئين من التدخل المفاجئ و قطع حديثهم و لكن أكثرهم صدمة كان حمد .. الذي انقلب لونه إلى الشحوب .. بدا و كأن أحدهم أطلق رصاصة قرب أذنه.. في حين أطلقت مجموعة الرجل ضحكات .. أرسلت القشعريرة على طول ظهر ذياب .. الذي اشمئز بشدة .. رغم ذلك لم يغفل عن ارتجاف يد حمد اليمنى .. بدا غاية في التوتر .. ينظر للطاولة أمامه دون أن يرفع عينه و يلتفت إلى الخلف ..
- لا عطنا مقفاك .. يمكن قبلته أحسن عن هالويه ..
كان هذا صوت سيف الصارم .. لم يرفع صوته .. كلماته بطبقة صوته العادية عندما يتحدث .. و لكن ذياب كان متأكدا من أنه رأى التراجع في عيون بعضهم .. بدا الرجل و كأنه سيقول شيئا قبيحا .. و لكنه تراجع في لحظة .. ليوجه ابتسامه خبيثة أخرى ..
- بنشوف يا الشاعر .. امنوه لي بيقفي ..
ما زالت ابتسامته الكريهة تعلو وجهه عندما غادر المكان هو و من معه .. حول ذياب بصره لحمد .. بدا أكثر راحه .. و عاد اللون إلى وجهه .. صدره يعلو و يهبط .. و كأنما كان يكتم أنفاسه ..
- هذا عبود السريحي و شلته .. خلك بعيد عنهم ..
كان سيف يتحدث بهدوء و هو يواصل تناول فطوره .. ألم يلحظ توتر حمد ؟؟!!
- ليش ؟؟!!
عبدالخالق الذي أجابه هذه المرة ..
- الكل هنيه ما يتعرض لهم .. هل مشاكل و مخالفات .. - و أخفض صوته - و نشك انهم يوزعون ممنوعات هنيه ..
اختنق حمد بلقمته و راح يسعل بشدة .. أثار ذلك عجب ذياب .. ما الذي يخفيه حمد ..؟؟!! ..
ما الذي يخفيه ؟؟!! ..

.................................................. ..........................................

مرت نصف ساعة .. ينقل بصره بين الجموع .. في أي لحظة سيطلب منهم الإنتقال لصالة الزيارة .. قلبه يخفق بقوة .. و كأنما توقف عن العدو للتو .. سيأتي .. سيأتي عيسى .. شعر بلهفة شديدة تتزايد في داخله .. تكاد تخنقه ..
للحظة فتح الباب و خرج منه الضابط القائم على التنظيم .. يمسك بيده لائحة طويلة .. بدأ يتلو الأسماء .. اسما وراء الآخر .. و بدأ الحاضرون في تناقص .. لم يتلفظ حتى الآن بإسمه .. ينتظر .. و ينتظر .. ماذا لو لم يحضر ؟؟!! .. لا لا عيسى إذا علم بالزيارة سيسارع لزيارته .. ماذا لو كان سيف مخطئا .. ربما اسمه لم يكن ابدا ضمن القائمة .. بدأت اللهفة تتسرب من صدره كتسرب الهواء من البالون المثقوب .. و امتلأت نفسه يأسا .. لم يأتِ أحد لزيارته .. هاهو الضابط يطوي لائحته .. لم يأتِ أحد .. لم يأتِ أحد .. نظر لمن حوله .. كانوا قلة .. قال الضابط بحزم ..
- الباقين ماشي زيارة ..
رأى الخيبة على بعض الوجوه و اللامبالاة على أخرى .. استدار يجر أذيال الخيبة .. ليعود إلى زنزانته البائسة .. ربما يفرغ شيئا من يأسه هناك بعيدا عن الأعين ..
- ذياب عبدالله علي ..
توقف في مكانه .. أمل.. هو ذاك الذي انفجر للحظة في قلبه .. ربما غفلوا عن اسمه .. و لكــــــــــن ..
- يمكن تتفضل ويايه المكتب ..
و تعود تلك الشعلة لتخبو .. لا أمل هنا .. لا أمل .. تلك قسوة تقمع أمنياتنا الصغيرة .. لا أمل ..
توجه وراء الضابط باستسلام .. و فكره يدور بشدة .. لربما ارتكب خطأ دون أن يدرك .. لذلك حُرم من الزيارة ..
استعاد في ذهنه ما كان يفعل منذ وصوله هنا .. لم يهرب ممنوعات إلى الداخل .. لم يستخدمها .. لم يتشاجر .. لم يخالف .. لا لم يفعل شيئا .. و انتهت المسافة إلى نكتب الضابط الذي وقف عند الباب و اشار لذياب بالدخول ..
- تفضل ..
تقدم ذياب للباب .. ليدلف الحجرة ..

 
 

 

عرض البوم صور dali2000  

 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
لللكاتبه ليتني غريبة, ليتني غريبة, أعياد بلا فرحة, أعياد بلا فرحة لللكاتبه ليتني غريبة, قصة أعياد بلا فرحة, قصة أعياد بلا فرحة لللكاتبه ليتني غريبة
facebook




جديد مواضيع قسم الارشيف
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 06:21 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية