لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > سلاسل روايات مصرية للجيب > رجل المستحيل
التسجيل مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

رجل المستحيل سلسلة رجل المستحيل


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (1) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 22-01-09, 03:18 AM   المشاركة رقم: 6
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
روح ليلاس
عضو فخري


البيانات
التسجيل: Jun 2007
العضوية: 32520
المشاركات: 33,501
الجنس أنثى
معدل التقييم: vueleve عضو ماسيvueleve عضو ماسيvueleve عضو ماسيvueleve عضو ماسيvueleve عضو ماسيvueleve عضو ماسيvueleve عضو ماسيvueleve عضو ماسيvueleve عضو ماسيvueleve عضو ماسيvueleve عضو ماسي
نقاط التقييم: 7999

االدولة
البلدUnited_States
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
vueleve غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : mostafaageg المنتدى : رجل المستحيل
افتراضي

 

اقتباس :-   المشاركة الأصلية كتبت بواسطة mostafaageg مشاهدة المشاركة
  
شيءمذهل ؛ الموضوع أتثبت قبل ما يكمل

ألف شكر ليكى يا أخت vueleve

اكيد يتثبت

كلنا على نار عايزين نقرأ القصة

 
 

 

عرض البوم صور vueleve   رد مع اقتباس
قديم 22-01-09, 03:30 AM   المشاركة رقم: 7
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jul 2007
العضوية: 34438
المشاركات: 113
الجنس ذكر
معدل التقييم: mostafaageg عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 17

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
mostafaageg غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : mostafaageg المنتدى : رجل المستحيل
افتراضي

 

3- النيران

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
على الرغم من الضجيج الهائل ، الذى ساد المنطقة بأكملها ، بدا رجل المخابرات البريطانى سير (ويليام) هادئاً ، إلى درجة البرود ، و هو يقتحم منطقة القتال ، مع مساعده (جون) ، قائلاً لقائد (المارينز) :
- أيوجد من يمكنه يشرح لى ، أية حماقة تلك التى ترتكبونها؟!
احتقن وجه قائد (المارينز) من شدة الغضب ، و هو يصرخ فيه :
- من أنت يا صاحب اللكنة البريطانية العفنة ، و من سمح لك بالدخول إلى هذه المنطقة المحظورة.
شعر (ويليام) بغضب هائل ، يشتعل فى أعماقه ، مع ذلك الأسلوب الفظ ، الذى وصف به قائد (المارينز) لكنته ، و همَّ (جون) بالاندفاع نحوه ، و لكن سير (ويليام) استوقفه ، و هو يقول بنفس البرود ، الذى أضيفت إليه صرامة واثقة قوية :
- رئيسك سمح لى بهذا.
هتف به الرجل :
- مستحيل.. قائد (المارينز) يعلم جيداً أننا..
قاطعه (ويليام) فى صرامة :
- أعنى رئيسه أيضاً.
تساءل القائد فى حذر قلق :
- أتعنى وزير الدفاع؟!
شدَّ (ويليام) قامته ، و هو يقول فى حزم شديد الصرامة :
- بل أعنى رئيس الولايات المتحدة الأمريكية.
نطقها فى لهجة ، لم تترك لدى قائد (المارينز) ذرة من الشك فى صدقه ، فانخفض صوته كثيراً ، و هو يقول :
- و ما الذى تريده من هنا؟!
أجابه مشيراً إلى المنزل حيث يدور القتال فى عنف :
- أن توقفوا هذه الحماقة.. فوراً.
صعق قائد (المارينز) بالأمر ، الذى أصدره (ويليام) بكل هذه الصرامة ، و حدَّق فى وجهه لحظات فى ذهول ، قبل أن يهتف :
- مستحيل!
سأله (جون) هذه المرة فى حدة :
- و لماذا مستحيل؟!.. ألا يطيع رجالك أوامرك ، عندما تأمرهم بإيقاف قتال ما؟!
قال القائد فى عصبية :
- و ماذا عن الطرف الآخر.. هل سيطيع أوامرى أيضاً؟!
قال (ويليام) فى سرعة :
- الطرف الآخر لا يرغب فى القتال.
سأله القائد معترضاً ، فى عصبية أكثر :
- و من أدراك؟!
زمجر (ويليام) ، قبل أن يجيب :
- لو أنك قرأت ملفه ، كما فعلت أنا ؛ لأدركت أنه لا يميل إلى القتل أو إراقة الدماء ، إلا لو حتمت الضرورة هذا ، و للدفاع عن حياته أو ما يؤمن به فحسب ، و لو توقَّف رجالك عن إطلاق النار ، فسيتوقَّف بدوره فوراً.
حدَّق قائد (المارينز) فى وجهه ، كما لو أنه يتطلَّع إلى مجنون ، و هتف مستنكراً :
- هذا الذى تقول أنه يبغض القتال يقاتل كجيش من الوحوش ، فكيف يمكنك إقناعى بما تقول؟!
مرة أخرى همَّ (جون) بالتدخُّل ، و لكن (ويليام) سبقه ، و هو يقول فى صرامة غاضبة :
- كنت أحاول أن أؤمن لك انسحاباً مشرفاً.
عاد حاجبا قائد (المارينز) يتعقدان ، و هو يقول متسائلاً ، فى استنكار أكثر :
- ماذا تعنى بهذا؟!
عقد سير (ويليام) ساعديه أمام صدره ، قائلاً :
- سترى.
لم يكد ينتهى من نطق كلمته ، أو ربما حتى قبل أن تكتمل ، دوى انفجار آخر أكثر عنفاً ، داخل ذلك المنزل..
انفجار أطاح بجدار المطبخ كله تقريباً ، و أطلق معه سحابة هائلة ، من الدخان العنيف ، الذى أصاب عيون الجميع بالالتهاب..
و من داخل المنزل ، راح رجال (المارينز) يندفعون خارجاً ، و بعضهم يحمل زميلاً ، أصابه الاختناق من الدخان ، أو لامسته بعض الشظايا..
و بكل حنقه و غضبه ، صرخ فيهم القائد :
- لا تراجع أو استسلام.. عودوا إلى الداخل.. أريد هذا الشيطان.
صاح به أحدهم :
- الرؤية منعدمة تماماً فى الداخل.. لا يمكنك أن تقاتل من لا تراه.
هتف آخر :
- و البعض مصابون بالاختناقات أو الجروح ، و يحتاجون إلى إسعاف عاجل.
و دون حتى إشارة من القائد ، اندفعت سيارة الإسعاف نحو المصابين ، و قفز منها المسعفون مع أجهزة التنفس ، و راحوا يسعفون المصابين ، و ينقلون بعضهم إلى السيارة ، التى انطلقت بأقصى سرعتها ، و القائد يصرخ فى رجاله :
- لا تبتعدوا.. حاصروا المنزل.. سنرصد موقعهم عبر حرارة جسديهما ، و سنسحقهما سحقاً.
أسرع مسئول الرصد الحرارى يرصد كل ما بقى داخل المنزل ، ثم قال فى تردُّد ، و هو يشير إلى موقع المطبخ :
- ما زالا هناك ، و لكن..
هتف به القائد فى عصبية :
- و لكن ماذا؟!
أجابه فى شيء من القلق :
- يبدو أنهما قد فقدا الوعى.
أشار القائد إلى رجاله ، هاتفاً :
- هذا يمنحنا نقطة تفوق.. ارتدوا الأقنعة الواقية ، و أحضروهما يا رجال.
و بينما يندفع فريق من رجاله ، بأقنعته الواقية ، نحو المنزل ، التفت القائد فى شماتة إلى سير (ويليام) ، قائلاً :
- أظن أن الأمر قد انتهى هنا.
عقد سير (ويليام) ساعديه أمام صدره ، و هو يقول فى صرامة ، مكرراً كلمته الاستفزازية :
- سنرى.
رمقه القائد بنظرة حاقدة ، ثم شدَّ قامته على نحو عسكرى محض ، و التفت إلى المنزل ، منتظراً عودة رجاله ، دليلاً على نجاحه و انتصاره..
و لم تمض لحظات ، حتى عاد الرجال بالفعل..
و لم يكد يراهم ، حتى التفت القائد إلى سير (ويليام) مرة أخرى بنظرة شامتة ، خاصة و أن رجاله عادوا برجلين فاقدى الوعى ، فهتف بهم :
- عظيم يا رجال.
هتف به أحدهم فى عصبية :
- و لكنهما ليسا من نبحث عنهما.
و قبل أن يسأله القائد عما يعنيه ، هتف ثان :
- إنهما (ألبرت) و (كواليسكى).
اتسعت عينا القائد فى ذهول غاضب مشتعل ، مع سماعه اسمى اثنين من رجاله ، و التفت بحركة حادة إلى سير (ويليام) ، الذى ابتسم هذه المرة فى شماتة متعمَّدة ، و هو يقول :
- لقد حذَّرتك.
أشعلت الكلمة غضب قائد (المارينز) ألف ألف مرة ، و احتقن وجهه حتى بدا أشبه بكتلة من الدم، قبل أن يلتفت إلى رجاله ، صارخاً :
- ابحثوا عنهم فى أى مكان.
ابتسم سير (ويليام) فى سخرية ، و قال :
- لا فائدة.. رجلاك بملابسهما الداخلية ، و هذا يعنى أن بعضهم ارتدى ثيابهما.
هتف القائد فى عصبية :
-أتعنى أنهما يندسان بين رجالى الآن؟!
أشار (ويليام) بإبهامه خلف ظهره ، قائلاً :
- بل أعنى أنهما قد انصرفا من هنا ، تحت سمعكم و أبصاركم ، فى سيارة إسعاف ، انطلقت كالصاروخ.
اتسعت عينا القائد عن آخرهما ، حتى كادتا تقفزان من محجريهما ، و امتقع وجهه هذه المرة فى شدة ، و ارتجفت شفتاه ، دون أن ينبس ببنت شفة..
لقد فعل (أدهم) ما لم يفعله أى مخلوق حى من قبل..
لقد هزم وحده فرقة كاملة من قوات (المارينز)..
هزمها تماماً..


* * *

"توقَّف.."..
نطق (أدهم) الكلمة بالإنجليزية ، و فى صرامة قاسية ، أدهشت سائق سيارة الإسعاف ، و المسعف الذى يجلس إلى جواره ، و الذى أساء فهم الموقف كله ، فحاول أن يعيد (أدهم) إلى مقعده ، مغمغماً :
- أهدأ يا رجل (المارينز).. سنبذل قصارى جهدنا لإسعاف زميلك ، و..
نهض (هشام) فى هذه اللحظة ، و نزع قناع الأكسجين عن وجهه ، قائلاً :
- لا تقلق نفسك.. لست بحاجة إلى إسعاف فى الواقع.
هب المسعف من مكانه ، صارخاً :
- و لكن كيف..
لم يستطع إتمام عبارته ، لأن قبضة (أدهم) أخرسته بقنبلة مباشرة فى أسنانه ، طار معها جسده ، ليرتطم بمؤخرة صندوق السيارة ، و يسقط مرتطماً ببعض الأدوات داخلها..
و لم يكد السائق يرى ما حدث ، حتى ضغط فرامل السيارة بكل قوته ، و وثب منها ، و انطلق يعدو مبتعداً ، و كأن وحوش الأرض تطارده..

"ما زلت لا أصدق أنك قد فعلتها!!.."..
هتف (هشام) بالعبارة ، و هو يثب من مكانه فى انفعال شديد ، فأجابه (أدهم) فى حزم ، و هو ينزع عنه ثياب قوات (المارينز) فى سرعة :
- المهم أن تتعلَّم الدرس.
و بدأ ينزع ثياب المسعف ، مستطرداً :
- هناك دوماً وسيلة ما.
قال(هشام) ، و هو عاجز عن كتمان انبهاره :
- و لكن ما فعلته ليس مجرَّد وسيلة.. إنه معجزة.. لقد كنا محاصرين تماماً و لم يكن معنا سلاح واحد ، و ليست هناك وسيلة منطقية واحدة ؛ لخروجنا من هذا الموقف على قيد الحياة ، فما بالك بخروجنا ظافرين ، دون خدش واحد.
قال (أدهم) فى صرامة ، و هو يرتدى ثياب المسعف :
- هناك دوماً وسيلة.
هتف (هشام) بكل انفعاله :
- وسيلة مذهلة.
رمقه (أدهم) بنظرة جانبية ، وقال :
- هناك درس جديد ، ينبغى أن تتعلَّمه... أن تسيطر على انفعالاتك دوماً.. لا تنبهر بما تراه أو بما يحدث ، و لا تجعل الخوف يشل تفكيرك فى الوقت ذاته.. فعندما تخاف ، تنقطع الصلة فى أعماقنا بين المنطق و المواجهة الفعلية ، و لكن لو أمكنك السيطرة على أعصابك و انفعالاتك ، فسترى الصورة فى إطار مختلف ، و لأدركت أنه حتى الوحوش و العمالقة ، لهم نقطة ضعف دوماً ، و أن البقاء ليس أبداً للأكثر قوة أو ضخامة ، و إلا لحكمت الديناصورات الأرض.
و مال نحوه ، و هو يشير إلى رأسه ، مستطرداً :
- القوة الحقيقية تكمن هنا.
أشار (هشام) إلى عضلات ذراعه ، و هو يقول فى خفوت :
- و ماذا عن هنا؟!
اعتدل (أدهم) ، قائلاً فى حزم :
- لا نستطيع إهمال القوة ، و لكنها قد تتحوَّل إلى محفز ضخم للحماقة ، لو غاب عنها العقل.
حاول (هشام) أن يلقى سؤالاً آخر ، و لكن (أدهم) قاطع تفكيره ، و هو يتابع بلهجة آمرة :
- و الآن ستكمل لعب دور جندى (المارينز) المصاب.
سأله فى لهفة :
- و ماذا عنك؟!
اتجه (أدهم) مباشرة إلى مقعد القيادة ، و هو يجيب :
- سأقود..
و انطلق بسيارة الإسعاف ، و هو يطلق سارينتها...
بمنتهى القوة..


* * *


مرَّر الكولونيل (سميث) سبَّابته على الخريطة الكبيرة ، لشرق الولايات المتحدة ، و التى ظهرت على شاشة رقمية ضخمة ، فى حجرة اجتماعات خاصة ، داخل مبنى المخابرات المركزية الأمريكية فى (واشنطن) العاصمة ، و هو يقول لرئيسه (مولر) فى توتر ملحوظ :
- لقد انطلق بسيارة الإسعاف فى هذا الاتجاه ، و آخر ما بلغنا ، منذ عشر دقائق فحسب ، هو أنه قد استولى عليها ، مرتدياً زى (المارينز) مع زميله.
غمغم (مولر) فى سخط :
- لا يمكنهما أن يبتعدا كثيراً ، فى هذا الزى.
التفت إليه (سميث) ، فى شيء من الدهشة ، قبل أن يعتدل إلى الشاشة الرقمية ، قائلاً :
- سيتخلصان منه حتماً ، عند أوَّل فرصة.
مطَّ (مولر) شفتيه ، و كأنما لم يرق له ألا ينتبه إلى نقطة بسيطة كهذه ، أو لأن (سميث) قد نبهه إليها ، و قال فى عصبية :
- سيارة الإسعاف مسجَّلة ، و يمكننا تعقبها فى سهولة.
قال (سميث) ، و هو ينقر موضعاً من الشاشة الرقمية ، و دون أن يلتفت إليه هذه المرة :
- سيتخلصان منها أيضاً.
تضاعف حنق (مولر) ، و هو يهتف :
- أتريد أن تقول : إننا قد نفقد أثرهما إلى الأبد ، بعد كل هذا؟!
اعتدل (سميث) ، و هو يقول :
- ليس بعد.
تعاظم جزء من الخريطة ، مع نقرات سبَّابته ، ليملأ الشاشة الرقمية كلها ، مع متابعته :
- النقطة التى استولى على سيارة الإسعاف منها ، تتوسَّط هذه المساحة ، و لقد قمنا بتأمين كل الطرق المؤدية منها و إليها ، و الكل لديهم نسخة من (ريد آى) ، مع صورته الرقمية ، مع أوامر بإطلاق النار فور رؤيته.
راجع (مولر) الخريطة ببصره ، قبل أن يقول :
- أتعلم ما يعنيه هذا؟!
أجابه فى اهتمام :
- ماذا؟!
قال (مولر) ، و هو يلوِّح بيده فى حدة :
- يعنى أن خطة التحالف قد انهارت من أساسها.
صدمت العبارة (سميث) ، و جعلته يقول فى حدة مماثلة :
- ليس بهذه البساطة.
قال (مولر) ، و كأنه يتحداه :
- كانت الخطة تعتمد على ألا نهاجمه إلا فى اللحظة المناسبة ، و ها هو ذا القتال يدور علانية ، بالقرب من البيت الأبيض نفسه.
قال (سميث) ، بنفس النبرة المتحدية :
- الخطة تعتمد على مهاجمته هنا ، فى الولايات المتحدة ، و هذا ما حدث بالفعل.
قال (مولر) فى صرامة :
- قبل الموعد المتفق عليه.
تراجع (سميث) ، و تطلَّع إليه فى شيء من الدهشة و الاستنكار ، و هو يقول فى صرامة أكثر :
- معذرة يا مستر (مولر) ، و لكن فى أى جانب أنت.
هتف (مولر) فى سرعة :
- جانبنا بالطبع.
غمغم (سميث) :
- تصوَّرت أنك مبهور بالخصم.
احتقن وجه (مولر) فى غضب ، و لكنه لم يحاول مواصلة النقاش ، و إنما تجاوزه قائلاً ، فى شيء من الحدة :
- و هل تتوقَّع أن يكمل طريقه إلى (واشنطن) ، أم يبتعد عنها؟!
صمت (سميث) تماماً ، أمام هذا السؤال ، و حدَّق فى وجه (مولر) لحظات ، و كأن هذا الأخير قد ألقى أصعب أسئلة الدنيا ، قبل أن يجيب فى حذر :
- و سيكون أكثر أهل الأرض حماقة لو فعلها ، و هو يعلم أن كل شرطى فى (واشنطن) يبحث عنه.
غمغم (مولر) :
- لو أننى فى موضعه ، لاتجهت غرباً ، إلى (وست فرجينيا).
سأله (سميث) ، فى اهتمام شديد :
- أهذا ما يبدو لك أكثر منطقية؟!
أجابه (مولر) فى ثقة :
- بالطبع.
اعتدل (سميث) ، قائلاً :
- إذن فلن يفعله.
شعر (مولر) و كأن العبارة صفعة قاسية ، هوت على وجهه بمنتهى العنف ، و حدَّق فى (سميث) مستنكراً ، على نحو جعل هذا الأخير يقرأ ما يدور فى ذهنه ، فأستدرك فى سرعة :
- ملفه يقول : إنه يفعل دوماً ما لا يتوقعه الآخرون.
هتف (مولر) :
- أتعنى أنه سيكون من الحماقة ، حتى يدخل (واشنطن) ، فى ظل هذه الظروف.
أشار (سميث) بسبَّابته ، قائلاً :
- و سيحاول استغلالها لصالحه أيضاً.
حدَّق (مولر) فى وجهه لحظات مستنكراً ، قبل أن يهز رأسه فى قوة ، هاتفاً فى غضب :
- لست أصدق ما تفكِّر فيه.
مال (سميث) نحوه مرة أخرى ، و قال فى حزم :
- سنرى..
نعم.. الجميع سيرون..
سيرون ما لا يتوقعونه..
قط..

* * *

استبدل (هشام) ثياب (المارينز) فى سرعة ، بثياب المسعف الاحتياطية ، التى وجدها فى سيارة الإسعاف ، و هو يقول لـ(أدهم) :
- ليس من السهل أن نسير فى الشارع بهذه الملابس.
أجابه (أدهم) ، و هو ينتقى بعض أجهزة و أدوات الإسعاف من السيارة :
- فى (أمريكا) ، يمكنك أن ترتدى ما يحلو لك ، و لن يسألك مخلوق واحد عما تفعله.
قال (هشام) فى توتر :
- و لكن آخر ما نحتاج إليه هو لفت الانتباه ، فى موقعنا الحالى.
غمغم (أدهم) ، و هو يقفز خارج السيارة :
- أعلم هذا.
قفز (هشام) خلفه ، و تلفَّت حوله ، مغمغماً :
- أظن أنه ينبغى أن نتحاشى رجال الشرطة ، فهم حتماً يبحثون عنا ، فى هذه المنطقة من ضواحى (واشنطن).
صمت (أدهم) لحظات مفكراً ، قبل أن يغمغم :
- و ربما لا.
لم يفهم (هشام) ما يعنيه ، فالتفت إليه متسائلاً :
- ربما لا ماذا؟!
التفت إليه (أدهم) ، قائلاً :
- الناس هنا تحب رجال الشرطة و تحترمهم ، و هذا يدفعهم نفسياً و غريزياً إلى الثقة فيهم.
هزَّ (هشام) رأسه فى حيرة ، و قال :
- ما زلت أجهل ما تقصده!
أشار (أدهم) إلى سيارة شرطة ، تقف على بُعد مربعين سكنيين ، قائلاً :
- هل ترى هذه السيارة هناك؟!.. ستتجه إليها مباشرة ، و تنفذ ما آمرك به بالضبط.
اتسعت عينا (هشام) و هو يقول :
- أنا؟!.. هل تريد منى أن أتجه نحو سيارة شرطة ، يبحث راكبوها عنا حتماً ، و...
قاطعه (أدهم) بمنتهى الصرامة :
- و تنفذ ما سآمرك به.. فوراً..
لم تمض لحظات على قوله هذا، حتى كان (هشام) يندفع نحو سيارة الشرطة، هاتفاً فى انزعاج :
- النجدة.. أريد مساعدة.. لقد هاجمنا سارق ، و صديقى فاقد الوعى هناك.. النجدة.
غادر أحد الشرطيين السيارة مكانه فى سرعة، و أشار إلى زميله بالبقاء، و هو يسأل فى اهتمام :
- أين هو؟!
أسرع (هشام) يعدو إلى الناصية القريبة ، هاتفاً :
- هناك.
لحق به الشرطى الأوَّل مسرعاً ، و يده تمس مقبض مسدسه فى حذر ، فى حين بقى الثانى ليجرى اتصالاته ، و عيناه تراقبان زميله ، الذى اختفى هناك ، عند ناصية المبنى ، و غاب لعدة دقائق ، شعر أنها طالت أكثر مما ينبغى ، فضغط زر الاتصال بجهاز اللاسلكى المحدود ، المعلَّق بحزام زميله ، متسائلاً :
- (كارل).. أين أنت؟!
أتاه صوتاً مشوَّشاً ، يقول :
- هنا.. لا تقلق.. الأمر لا يحتاج حتى إلى إسعاف.. لقد عالجت كل شيء ، و أنا فى طريق العودة.
لم يرفع الشرطى الثانى بصره عن الناصية ، حتى لمح زميله يدور حولها ، عائداً إليه ، و..
و لكن مهلاً..
إنه يبدو أطول قامة ، و أعرض كتفين ، و أشد قوة..
و بحركة سريعة ، تدرَّب عليها طويلاً ، وثب الشرطى من سيارته ، و سحب مسدسه ، يصوِّبه إلى رأس القادم مباشرة ، و الذى لم يعد يبعد عنه سوى أربعة أمتار فحسب ، و صاح فى صرامة عصبية :
- من أنت؟!.. قف و إلا..
و قبل حتى أن يكمل صيحته ، كانت سبَّابته تضغط زناد مسدسه ، و فوهته مصوَّبة نحو رأس ذلك الذى ينتحل هيئة زميله..
مباشرة..


* * *

 
 

 

عرض البوم صور mostafaageg   رد مع اقتباس
قديم 22-01-09, 04:01 AM   المشاركة رقم: 8
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jul 2007
العضوية: 34438
المشاركات: 113
الجنس ذكر
معدل التقييم: mostafaageg عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 17

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
mostafaageg غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : mostafaageg المنتدى : رجل المستحيل
افتراضي

 

4- بصفة رسمية

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لم تستطع دونا (كارولينا) حتى أن تبتسم ، و هى تستقبل (سونيا جراهام) ، فى جناحها الفاخر ، فى ذلك الفندق الذى تمتلكه (المافيا) فى حى (منهاتن) ، أشهر أحياء ولاية (نيويورك) و أكثرها فخامة ، و لم تستطع حتى منع حركة شفتيها ، التى تشف عن الامتعاض ، و هى تقول :
- إذن فقد نجحت لعبتنا!
لم تحاول (سونيا) بدورها مصافحتها ، و هى تتخذ أفضل مقعد فى المكان ، و تشعل واحدة من سجائرها الرفيعة ، بقدَّاحتها الذهبية الخاصة ، قائلة :
- لو أنك تعتبرينها مجرَّد لعبة.
نقلت (تيا) بصرها بينهم فى حذر ، قبل أن تقول :
- الحياة كلها مجرَّد لعبة كبيرة.
رمقتها (سونيا) بنظرة مقت جانبية ، قائلة :
- عجباً!!.. كنت أظنها مجرَّد مسرح كبير ، كما قال (شكسبير).
تراجعت (تيا) ، و بادلتها نظرة المقت ، قبل أن تقول فى استهتار :
- أنت على حق.. لا ينبغى أن أدس أنفى فى شئون الكبار.
قالت (سونيا) فى صرامة :
- بالضبط.
بدت دونا (كارولينا) شديدة العصبية ، و هى تقول لـ(تيا) :
- اتركينا وحدنا.
ابتسمت (تيا) ابتسامة شبه ساخرة ، على نحو لم يرق للاثنين ، قبل أن تنحنى على نحو مسرحى مستفز ، و هى تقول :
- بالتأكيد.. اسمحا لى.
انسحبت متراجعة إلى الخلف ، كما كانوا يفعلون قديماً ، مع الملوك و الأباطرة ، فغمغمت (سونيا) بعد انصرافها :
- حقيرة.
تمتمت دونا فى عصبية ، و هى تشعل واحدة من سجائرها الملوَّنة ، التى تحمل اسمها بحروف ذهبية :
- لقد أطلقت سراحك على الأقل.
التفتت إليها (سونيا) بحركة حادة ، قائلة :
- الأمريكيون كانوا سيفعلونها ، إن عاجلاً أو آجلاً.
نفثت دونا دخان سيجارتها ، و هى تقول ، بنفس العصبية :
- أشك.
مالت (سونيا) نحوها ، و نفثت دخان سيجارتها فى وجهها ، قائلة فى لهجة أقرب إلى التحدى :
- هذا لأنك تفهمين فى أعمال المنظمات ، بأكثر مما تعنين طبيعة السياسة و متغيراتها.
انعقد حاجبا دونا (كارولينا) ، و هى تقول فى صرامة :
- يبدو أنك نسيت أنك فى مقرى.
أشارت إليها (سونيا) ، قائلة :
- بإرادتك و ليس بإرادتى.
قالت فى حدة :
- لو أردت ، لأمرت رجالى بقتلك فوراً.
ابتسمت (سونيا) فى سخرية ، قائلة :
- و لكنك لن تفعلى.
ثم مالت نحوها أكثر ، حتى كادت تلتصق بها ، و هى تضيف :
- لأنك تحتاجين إلىّ.
رمقتها دونا بنظرة محنقة ، و توسدت أريكة أنيقة فى مواجهتها ، و هى تنفث دخان سيجارتها الملوَّنة ، قائلة :
- هناك مثل يقول : لا يوجد من لا يمكن الاستغناء عنه.
قالت (سونيا) بسرعة :
- بالضبط.
ثم أضافت فى خبث :
- حتى أنت يا دونا.
انعقد حاجبا دونا (كارولينا) فى حدة ، و هى تقول :
- الأمور عندنا تختلف ؛ فهى سلسلة وراثية ، يستحيل أن تنفصم ، إلا مع نهر من الدم.. (المافيا) منذ الأزل مقسَّمة إلى عائلات ، يحكم كل عائلة منها زعيم ، يدين له الكل بالطاعة و الولاء ، و دوماً هناك زعيم للزعماء ، فى تسلسل قيادى لم ينفصم ، منذ بدايات القرن العشرين ، و هذا الزعيم هو الأب الروحى للمنظمة كلها.
قالت (سونيا) فى سخرية :
- إذن فأنت تلعبين الآن دور الأب الروحى.
شدَّت دونا (كارولينا) قامتها فى اعتداد ، و هى تقول :
- أنا الوحيدة الباقية ، من سلالة دون (كيرليونى) ، أعظم أب روحى عرفته (المافيا) فى تاريخها كله.
شعرت (سونيا) بالملل ، من استمرار هذا الحوار ، فقالت فى صرامة ، لتحويل دفة الحديث إلى اتجاه عملى :
- لست أظنك قد بذلت كل هذا الجهد لإطلاق سراحى ، لنتحدث معاً عن تاريخ عائلتك فحسب!
لم يرق هذا الأسلوب لدونا ، التى اعتادت الزعامة و المهابة ، فقالت فى صرامة :
- لقد أحضرتك هنا من أجل (أدهم).
اعتدلت (سونيا) فى اهتمام ، متسائلة ، و نبرة القلق تفصح عن نفسها فى صوتها الناعم :
- ماذا عنه؟!
سألتها دونا بلهجة الزعامة :
- أخبرينى أوَّلاً : أأنت إلى جانبه ، أم تقفين فى وجهه؟!
كان سؤلاً حاسماً مباشراً ، أدركت (سونيا) أنه سيحدِّد مصيرها تماماً ، فى هذه اللحظة..
و كان عليها أن تستنبط فى أى اتجاه تنطلق دونا (كارولينا) و منظمتها..
مع (أدهم)..
أم ضده؟!..
هذا هو السؤال..
العسير..
للغاية..


* * *


قبل أن تكتمل ضغطة ذلك الشرطى فى (واشنطن) ، على زناد مسدسه ، و ربما لجزء من الثانية ، سمع صوتاً من خلفه ، يقول فى هدوء :
- هل ستطلق النار على زميل؟!
استدار الشرطى فى سرعة ، ليواجه ذلك القادم ، و لكنه فوجئ به على قيد خطوة واحدة منه ، و رأى قبضته تندفع نحو فكه كالقنبلة..
و كان هذا آخر ما رآه..
فقد أظلمت الدنيا بعدها بالنسبة إليه تماماً..
و فى توتر شديد ، خلع (هشام) قبعة رجل الشرطة التى يرتديها ، و قال :
- تصوَّرت لحظة أنه..
قاطعه (أدهم) فى صرامة :
- ينبغى أن تتروَّى.
قال (هشام) :
- أتحدَّث عن لحظة..
أجابه (أدهم) ، و هو ينزع ثياب الشرطى ، و يرتديها فى سرعة :
- العالم كله يمكن أن يتغيَّر فى لحظة واحدة.
راقبه (هشام) بضع لحظات فى صمت ، و هو يرتدى زى الشرطى ، ثم غمغم فى ضيق :
- أشعر معك و كأننى مجرَّد طالب صغير.
أجابه (أدهم) ، و هو يدس مسدس الشرطى فى جرابه :
- أنت كذلك بالفعل.
انعقد حاجبا (هشام) فى ضيق ، فأكمل (أدهم) فى صرامة :
- و إلا ما كان هناك سبب لوجودى هنا ، و مواجهتى لكل هذه المخاطر.
حدَّق فيه (هشام) لحظة فى دهشة ، قبل أن يغمغم :
- أنت على حق.
أشار إليه (أدهم) ، قائلاً :
- و الآن هيا إلى السيارة ، لابد و أن نتحرَّك فوراً ، فكل دقيقة لها ثمنها ، من الآن فصاعد.
دلف (هشام) إلى السيارة ، و (أدهم) يدير محركها ، و قال :
- أنت على حق.. لابد و أن نبتعد عن (واشنطن) بقدر استطاعتنا.
أجابه (أدهم) ، و هو ينطلق بالسيارة :
- خطأ.. سندخل إلى قلب (واشنطن).
هتف (هشام) فى انزعاج :
- و أنت تعلم أن كل رجل أمن فيها يبحث عنا.
أجابه (أدهم) فى صرامة ، و هو يغوص بسيارة الشرطة ، فى عمق العاصمة الأمريكية :
- لن يمكننا الفرار إلى الأبد ، و كل القوى تطاردنا على هذا النحو ، ثم أن موقف الإسرائيليين من اللعبة كلها يثير حيرتى بشدة ، و يطرح فى أعماقى ألف سؤال و سؤال.
غمغم (هشام) ، فى حذر و توتر :
- لذا...
أجابه بمنتهى الحزم و الحسم :
- لذا ، فسأنتقل من مرحلة الفرار ، إلى مبدأ (نابليون).
ردَّد (هشام) فى حذر :
- (نابليون بونابرت)؟!
أومأ (أدهم) برأسه إيجاباً ، و أجاب :
- نعم.. سننتقل إلى خير وسيلة للدفاع.
و حملت كلماته كل حسم الدنيا ، و هو يضيف :
- إلى الهجوم.
و واصلت السيارة انطلاقها ، فى قلب (واشنطن)..
فى قلب الخطر..


* * *


"مستحيل!.."..
هتف (راءول) بالكلمة فى انزعاج حقيقى ، و هو يحدِّق فى وجه (سميث) ، قبل أن يستطرد فى توتر :
- (سونيا جرهام) نجحت فى الفرار من سجنكم الحصين؟!
انعقد حاجبا (سميث) ، و هو يقول فى غضب :
- أهذا كل ما أثار انزعاجك ، من كل ما أخبرتك به.. قلت لك : إن (أدهم صبرى) خرج سالماً ، من قتاله مع قوات (المارينز) ، فخر الجيوش الأمريكية ، و أنه هناك احتمال كبير أن يكون هنا ، فى (واشنطن) ، و ربما على مسافة كيلومتر واحد من البيت الأبيض ، أو فى شارع (بنسلفانيا) نفسه ، و أن أحد رجال المخابرات السوفيتية ، الذى يتعاون مع الجنرال (ماليكوف) قد اختفى تماماً فى قلب (سيبيريا) ، دون أن يترك خلفه أدنى أثر ، فتبدى انزعاجك الشديد من فرار (سونيا جراهام).
سأله (راءول) فى صرامة :
- ألا يزعجك هذا بشدة؟!
أجابه فى عصبية :
- بلى ، و لكن بترتيب الأولويات...
قاطعة فى حدة :
- بترتيب الأولويات ، ينبغى أن يكون فرارها على المقدِّمة.
سأله (سميث) فى دهشة :
- لماذا؟!
نعم.. لماذا؟!..
هذا هو السؤال ، الذى يستحيل أن يجيب عنه (راءول) فى صرامة و وضوح..
ففرار (سونيا) ، كان الشيء الوحيد ، الذى لم يضعه فى اعتباره قط..
لقد طلب من (تيا) أن تغرى دونا (كارولينا) بمحاولة تهريبها ؛ لثقته الشديدة فى مناعة سجنها ، و فى أن محاولة الفرار ستؤدى إلى مقتل (سونيا) ، و (تيا) ، و ربما تدمير دونا (كارولينا) و منظمتها أيضاً..
حتى (فرتيواليتى) أكَّد أن هذا هو الاحتمال الأعظم..
و لكن الكمبيوتر العملاق أخطأ هذه المرة..
ربما لأن (راءول) لم يكن يعرف الإمكانيات الحقيقية لدونا (كارولينا)..
أو لـ(تيا)..
أو لأنه هناك جهة أخرى ساعدتهما على تجاوز كل العقبات..
جهة أمريكية..
و ربما رسمية أيضاً..
ربما..

"لم تخبرنى لماذا؟!.."..
كرَّر (سميث) سؤاله فى إلحاح..
و مرة أخرى ، حدَّق فيه (راءول) فى صمت..
هروب (سونيا) يمثل الخطر ، الذى حاول تحاشيه بدفعها إلى محاولة ، ستؤدى حتماً ، و كما أكَّد (فرتيواليتى) إلى قتلها..
هروبها يعنى أن تحاول استعادة قوتها..
و مكانتها..
و سلاحها..
سلاحها الذى لو أكملت معادلته الناقصة ؛ لأصبحت بواسطته سيِّدة العالم أجمع..
و هذا ما لا يمكن أن يسمح به..
أو تسمح به (إسرائيل)..
فلو أن هناك زعيمة جديدة للعالم ، فهى (إسرائيل)..
أو لا أحد..

"هل سأنتظر دهراً؟!.."..
قالها (سميث) بنفاد صبر واضح ، جعل (راءول) يقول فى سرعة :
- (أدهم).
غمغم (سميث) فى دهشة :
- أحدثك عن (سونيا).
قال (راءول) فى حدة :
- هروبها يعنى قوة إضافية له.
هتف (سميث) ، بكل دهشة الدنيا :
- (سونيا)؟!.. معلوماتنا تقول : إنها مستعدة لقتل (أدهم صبرى) فى أية لحظة ، لو أتيح لها هذا.
زمجر (راءول) ، قائلاً :
- اعملوا على تصحيح معلوماتكم إذن ، فالعلاقة بين (سونيا) و (أدهم) أعقد من أن يحتويها ملف واحد.. إنها تبغضه كل البغض ؛ فقط لأنه الرجل الوحيد ، الذى تصدَّى لها و تفوَّق عليها ، و هى غارقة فى حبه حتى النخاع للسبب نفسه.
ردَّد (سميث) فى دهشة مستنكرة :
- تبغضه و تحبه.
أومأ (راءول) برأسه إيجاباً ، و قال :
- ربما تضع آلاف الخطط للقضاء عليه ، و لكنها تفاجئك بإنقاذه فى اللحظة الأخيرة ، مما يوحى بأنها لم تحسم رأيها بشأنه فى داخلها بعد ، و لم تقرر فى أعماقها ما إذا كانت ترغب فى التخلُّص منه ، باعتباره ألد خصومها ، أم تسعى لاستعادته ، كوالد ابنها الوحيد.
هزَّ (سميث) رأسه ، قائلاً :
- زواجهما لا يعنى أنها من الممكن أن...
قاطعه (راءول) فى انفعال :
- ربما كان هذا من سيمتكم أيها الغربيون ، و لكن (سونيا) مثلى يهودية نصف شرقية ، مما يعنى أن نصفها على الأقل يتمتع بمشاعر جيَّاشة دافئة ، و أمثالنا لا يمكنك التنبؤ بردود أفعالهم قط.
تطلع إليه (سميث) طويلاً فى أمعان ، و هو يغمغم :
- أمثالكم؟!..
صمت لحظات ، و كأنما يدرس فى ذهنه أمراً ما ، ثم قال فى حزم :
- فليكن.. رئيسى (موريس مولر) يتولى أمر (سونيا) شخصياً ، أما هنا ، فوفقاً لخطة التحالف ، نحن خلف (أدهم).
قال (راءول) فى توتر :
- أخبرتك أنه لا فارق.
أجاب (سميث) فى صرامة :
- أخبرتنا أمور عديدة ، لم يتحقَّق معظمها يا أدون (راءول).. أخبرنى الآن ، ماذا يقول (فرتيواليتى) ، بشأن ما نواجهه الآن.
و انعقد حاجبا (راءول) فى شدة..
نعم.. ربما يكون هذا هو الحل..
ماذا يقول (فرتيواليتى) فى هذا الشأن؟!..
ماذا؟!..

* * *

لم يبد الجنرال (ماليكوف) فى حياته كلها عصبياً غاضباً ، مثلما بدا فى تلك اللحظة ، و هو يواجه (أبل كوربوف) فى مكتبه ، فى مبنى المخابرات الروسية ، قائلاً :
- لم أتصوَّر أن تبلغ بك الوقاحة حد القدوم إلى هنا بنفسك يا (كولوف).
ابتسم (كوربوف) فى استهتار ساخر متزلف ، و هو يقول :
- (كوربوف) يا سيدى الجنرال.. (كوربوف).. لقد استبدلت الاسم رسمياً ، و أحمل شهادة من المحكمة العليا بهذا.
زمجر (ماليكوف) ، قائلاً :
- هل تصوَّرت أن هذا سيمحو سجل جرائمك الحافل؟!
هزَّ (كوربوف) رأسه فى هدوء ، قائلاً :
- الدولة يحق لها أن تضع ملفى فى أى حجم تشاء ، و لكن تذكَّر يا جنرال أنه لا يحوى إدانة واحدة.
أجابه (ماليكوف) فى غضب :
- لأنك تلقى التهمة دوماً على أحد رجالك ، و تنجو منها كالجبناء.
اعتدل (كوربوف) ، و هو يقول فى برود حاسم :
- أياً كان رأيك ، فلست هنا لمناقشة ملفى.
تراجع (ماليكوف) فى مقعده ، و هو يقول فى صرامة :
- أنت على حق.. أين رجلنا يا (كوربوف).
لوَّح (كوربوف) بيده ، قائلاً :
- لم أسمع عنه شيئاً ، و لست هنا بشأنه أيضاً.
ضرب (ماليكوف) سطح مكتبه براحته ، و هو يميل نحوه بحركة حادة ، قائلاً :
- لماذا أتيت إذن؟!
أجاب (كوربوف) فى سرعة ، و كأنما كان ينتظر السؤال :
- بشأن عقد صفقة.
سأله فى حدة :
- أى نوع من الصفقات؟!
لوَّح (كوربوف) بيده مرة أخرى ، قائلاً :
- من النوع البسيط المباشر.
و مال بدوره نحو الجنرال ، مضيفاً :
- عندى سلاح جديد، يكفل لمن يمتلكه أن يصبح سيِّد العالم بلا منازع، و لقد تلقيت عرضاً بشأنه، و تصوَّرت أنه يهمكم دخول المزاد.
ازداد انعقاد حاجبى (ماليكوف) الكثين ، و هو يتساءل فى حذر :
- أى نوع من الأسلحة؟!
أجابه فى هدوء :
- أخبرتك أنه نوع جديد ، لا مثيل سابق له ، و سيمكنك أن تراه بنفسك ، إذا راق لى العرض.
ثم أشار بسبَّابته ، مستدركاً :
- و لن أحصل على النقود ، إلا بعد تيقنك من قوته.
صمت (ماليكوف) لحظات ، يدير الأمر فى رأسه..
زعيم (المافيا) الروسية لا يتحدَّث عن أمر بسيط هذه المرة..
بل عن سلاح..
سلاح جديد ، يمكن لمن يمتلكه أن يحكم العالم..
و هو يعرض بضاعته..
و يطلب الثمن..
و هناك احتمال أن يكون محقاً..
احتمال ضئيل..
و لكن...

"و كم تطلب ثمناً لذلك السلاح؟!.."..
ألقى الجنرال سؤاله فى عصبية ، فتألَّقت عينا (كوربوف) ، و هو يجيب :
- آخر عرض تلقيته بشأنه ، كان أربعة مليارات دولار.
ارتفع حاجبا (ماليكوف) فى دهشة بالغة ، من هول المبلغ ، و لكن ضوءاً شديد الاحمرار أضاء فى عقله ، و فى كيانه كله..
لو أن أحدهم عرض عليه هذا المبلغ الهائل ، فهو يتحدَّث عن شيء يستحق بالفعل..
شيء يمكن لصاحبه أن يسيَّطر على العالم..
على حد قوله..
و فى حذر شديد ، و عصبية أشد ، سأله :
- أهذا ما عرضه عليك الإسرائيليون؟!
هزَّ (كوربوف) كتفيه ، و قال فى حذر :
- أعترف أنهم دخلوا المزاد.
سأله (ماليكوف) مباشرة :
- و ماذا تطلب ثمناً له؟!
تألَّقت عينا (كوربوف) أكثر ، و هو يقول :
- خمسة.. خمسة مليارات.
و انعقد حاجبا (ماليكوف) أكثر و أكثر..
إذن فهذا ما يسعى إليه الإسرائيليون طوال الوقت..
و هذا ما جاءوا من أجله إلى (سيبيريا)..
أن يحكموا العالم كله..
و يسيطرون عليه..
تماماً..

"لابد من استشارة الرئيس شخصياً ، عندما يتعلَّق الأمر بمبلغ كهذا.."..
نطقها الجنرال (ماليكوف) ، بصوت أشبه بالزمجرة ، و على نحو جعل عينى (كوربوف) تتألَّقان بشدة ، و هو يقول ، فى لهفة لم يستطع إخفاءها :
- إذن فستدخلون المزاد.
زمجر (ماليكوف) مرة أخرى ، و هو يقول فى صرامة :
- لا مزاد.. هذا السلاح سيكون لنا ، أو لن يكون لأحد آخر.
نهض (كوربوف) ، دون أن يفقد تألُّق عينيه ، و هو يقول :
- بالتأكيد يا جنرال.. بالتأكيد.
لم تمض لحظات على قوله هذا ، حتى كان يغادر مبنى المخابرات الروسية (FSK) ، فى مجمع (الكريملين)، و يدلف إلى تلك السيارة السوداء الفارهة ، التى تنتظره ، أسفل لافته كبيرة ، تحظر انتظار السيارات ، و قال للسائق فى شيء من الجذل :
- انطلق.
سأله مساعده (جوركى) ، الذى يجلس إلى جواره ، فى اهتمام شديد :
- تبدو جذلاً أيها الزعيم.. هل تحقَّقت مما أتيت من أجله؟!
أجابه (كوربوف) ، و هو يسترخى فى مقعده ، و يسبل جفنيه فى ارتياح :
- بكل تأكيد.. الروس أيضاً سيدخلون المزاد ، و تقدَّموا بعرض يبلغ خمسة مليارات.
هتف (جوركى) فى انبهار :
- إنها صفقة رابحة بالتأكيد.
قال (كوربوف) فى صرامة :
- ستكون أكبر حماقة فى الدنيا أن نقبلها.
قال (جوركى) فى دهشة شديدة :
- نتحدَّث عن خمسة مليارات من الدولارات الأمريكية يا زعيمى.. ألا تدرك ما يعنيه هذا؟!
التفت إليه (كوربوف) فى شراسة ، هاتفاً :
- أتعلم أنت ما يعنيه امتلاك سلاح كهذا؟!.. أن تحكم العالم كله.. أتدرك كم من المليارات سيدرها علينا هذا؟!
و اتسعت عينا (جوركى) عن آخرهما..
نعم.. إنه لم يكن يدرك ما يعنيه هذا...
لم يكن يدركه أبداً..

* * *
"أخبرنى.. أأنا واهم ، أم أن ما نقف أمامه هو بالفعل ما أتصوَّره؟!.."..
نطق (هشام) العبارة فى خفوت متردِّد ، و كأنه لا يصدِّق نفسه ، فقال (أدهم) فى حزم :
- بل هو بالفعل ما تتصوَّره.. إننا أمام السفارة الإسرائيلية فى (واشنطن).
سأله (هشام) ، فى توتر خافت :
- و هل سنراقب السفارة الإسرائيلية ، فى سيارة شرطة أمريكية ، يمكن أن ينكشف أمرها فى أية لحظة.
هزَّ (أدهم) رأسه نفياً ، و قال :
- سنترك السيارة الآن ، و عليك أن تترجَّل منها ، و تسير فى الطرقات ، باعتبارك رجل شرطة ، فى دورية منفردة.
قال (هشام) فى توتر :
- رجال الشرطة هنا لا يسيرون فرادى قط.. كل دورية تتكوَّن من اثنين حتماً .
قال (أدهم) فى صرامة ، و هو يغادر السيارة :
- جد تبريراً.
و قبل أن ينبس (هشام) ببنت شفة ، أردف :
- اعتبره جزءاً من تدريباتك.
أطبق (هشام) شفتيه لحظة ، ثم لم يتمالك نفسه أن يسأله :
- و ماذا عنك؟!
أجابه (أدهم) فى حزم :
- سأذهب لزيارتهم.
و على الرغم من معرفته الجواب ، غمغم (هشام) بأنفاس مبهورة :
- من؟!
أشار (أدهم) إلى مبنى السفارة ، مجيباً :
- الإسرائيليين.
قالها ، و اتجه بخطوات ثابتة قوية نحو سفارتهم..
نحو بيت الذئاب..
مباشرة..



* * *

 
 

 

عرض البوم صور mostafaageg   رد مع اقتباس
قديم 22-01-09, 04:13 AM   المشاركة رقم: 9
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jul 2007
العضوية: 34438
المشاركات: 113
الجنس ذكر
معدل التقييم: mostafaageg عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 17

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
mostafaageg غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : mostafaageg المنتدى : رجل المستحيل
افتراضي

 

5- الذئاب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"سينتحل هيئة رسمية.."..
قال رئيس (راءول) العبارة فى اهتمام متوتر ، بدا واضحاً على صورته ، التى تملأ شاشة الاتصال الكبيرة ، فى الحجرة الخاصة بالسفارة الإسرائيلية فى (واشنطن) ، فمال (راءول) نحو الشاشة ، متسائلاً :
- أهذا ما حدَّده (فرتيواليتى)؟!
أجابه رئيسه :
- نعم.. لقد غذيناه بكل المعلومات الجديدة التى أرسلتها ، فقال إن الوسيلة الوحيدة ، التى تتيح لـ(أدهم صبرى) دخول (واشنطن) ، فى مثل هذه الظروف ، هى أن يتنكَّر فى هيئة رسمية.. رجل أمن أو شرطى.
سأله (راءول) فى لهفة :
- و ماذا عن (سونيا)؟!
أجابه رئيسه ، فى توتر ملحوظ :
- (فرتيواليتى) وضع سيناريوهين مختلفين للأمر.. فى الأوَّل افترض تمرُّدها على دونا (كارولينا)، و سعيها وحدها لاستعادة سلاحها ، باعتبار أنه وسيلتها المثلى للسيطرة على العالم ، كما تحلم دوماً ، و سيبدأ هذا بمحاولتها الحصول على المعادلة الناقصة ، لتشغيل هذا السلاح ، تماماً مثلما نسعى نحن للحصول عليها.
سأله (راءول) بنفاد صبر :
- و ماذا عن السيناريو الآخر؟!
صمت رئيسه لحظة ، ثم قال :
- أن تتحالف مع دونا (كارولينا) ، حتى تبلغ هدفها.
تراجع (راءول) فى مقعده ، مغمغماً :
- ستكون كارثة!!
انطلق عقله بسرعة يرسم صورة لما يمكن أن يسفر عنه هذا..
أن تتحالف (سونيا) و دونا..
أخطر امرأتين فى العالم ، تدخلان السباق كيد واحدة...
(سونيا) بدهائها و خبرتها و قسوتها ، و دونا بقوتها و انتشارها ، و أموالها الطائلة و نفوذها اللامحدود..
و لو وضعنا كل هذا فى بوتقة واحدة ، لاستعادة ذلك السلاح الجبار ، قبل أن يحصل عليه الآخرون..
ربما تحكمان العالم عندئذ..
إلى الأبد..
حاول أن يركِّز ذهنه على هذه المشكلة الجديدة ، و اعتصر عقله فى قوة ، و لكن تفكيره قاده دون وعى إلى (أدهم)..
لقد فعل بالضبط كل ما توقَّعه (فرتيواليتى) ، حتى هذه اللحظة..
(كارولينا) أفسدت التحالف ، و دفعته للدخول فى مواجهة مباشرة ، حقَّق خلالها ما اعتاده ، و هزم الجميع على نحو باهر ، و تجاوز كل العقبات ، حتى وصل إلى (واشنطن) ، و جذب انتباه كل القوى إليه..
و هذا هو الهدف الرئيسى من كل هذا..
إقحام الجميع فى معركة ضد (أدهم) ، و سعيهم للقضاء عليه ، و مقاومته الرهيبة لهم ، و تجاوزه عقباتهم ، و كل ما سيشعله هذا فى نفوسهم من غضب و ثورة ، يدفعانهم لمزيد من القتال معه ، مما يجعلهم ينشغلون جميعاً به ، فيخلو الجو للإسرائيليين ، ليسعوا خلف سلاح (سونيا) الرهيب ، فى غفلة منهم ، بحيث لا يستفيقون جميعاً ، إلا بعد أن يصبح الإسرائيليون ملوك العالم..
و بلا منازع..
و وفقاً لتوقعات (فرتيواليتى) ، و لحظته أو برنامجه الاحتياطى الثانى ، فـ(أدهم) الآن فى قلب (واشنطن) ، ينتحل هيئة رسمية ، تتيح له التحرُّك داخلها ، بعد أن تجاوزت عقارب الساعة منتصف الليل بساعة و نصف الساعة على الأقل ، على الرغم من بحث الجميع عنهم..
فما من رجل أمن ، يبحث عن هارب ، يمكن أن يستوقف شرطى آخر ، تحت ظروف طوارئ قصوى..
الكل سينشغل بالبحث عن الهارب..
و الهارب فقط..
و لكن أين يمكن أن يكون (أدهم) فى هذه اللحظة؟!..
أين؟!
طرح السؤال على رئيسه ، عبر شاشة الاتصال الكبيرة ، فأجابه هذا الأخير فى اهتمام :
- سيسعى للحصول على أكثر ما يهم رجل المخابرات ، فى أى قتال.. المعلومات.. سيحاول معرفة ماذا يحدث ، و من دفع الجميع خلفه ، و لماذا؟!
سأله (راءول) فى اهتمام :
- و من أين يمكنه الحصول على مثل هذه المعلومات؟!
قبل أن يجيبه رئيسه ، انقطع التيار الكهربى عن شاشة الاتصال فجأة ، فى نفس اللحظة التى ارتفع فيها صوت من خلف (راءول) ، يقول فى حزم هادئ :
- هنا.
التفت (راءول) إلى مصدر الصوت فى سرعة فزعة ، و اتسعت عيناه عن آخرهما ، و كل ذهول الدنيا يتفجَّر فى أعماقه..
فأمامه مباشرة ، و داخل حجرة الاتصالات المؤقتة ، فى قلب السفارة الإسرائيلية فى (واشنطن) ، كان يقف آخر شخص يتخيل هو أو كمبيوتره الفائق (فرتيواليتى) رؤيته..
(أدهم)..
(أدهم صبرى)..


* * *

بمنتهى القوة ، هزَّت دونا (كارولينا) رأسها ، و هى تطفئ سيجارتها الملوَّنة ، فى منفضة من الكريستال النقى ، قائلة :
- مستحيل!.. لا يمكننى تصديق ما تعرضينه علىَّ يا (سونيا).
هزَّت (سونيا) كتفيها ، و هى تقول فى هدوء :
- ألأننى أعرض عليك مشاركتى حكم العالم؟!
أجابتها دونا ، فى شيء من الحدة :
- بل لأنك تتحدَّثين كما لو كنا مشهداً من فيلم سينمائى قديم و سخيف... فكرة السيطرة على العالم هذه من أكثر أفكار الأرض حماقة.. (جنكيز خان)، و (الإسكندر الأكبر)، و (نابليون) ، و (هتلر)، و حتى (أمريكا) نفسها ، كلهم حاولوا و فشلوا.. الإمبراطورية الرومانية تصوَّرت هذا أيضاً ، و زحفت من أقصى الأرض إلى أقصاها ، و كان هذا الأتساع هو السبب المباشر لتفككها و انهيارها و فى عصرنا هذا ، يصبح من الجنون أن يحلم المرء مجرد حلم ، بتحقيق ما أثبت التاريخ استحالة تحقيقه.
أشعلت (سونيا) سيجارة أخرى ، من سجائرها الطويلة ، و هى تقول فى هدوء شديد الاستفزاز :
- حتى لو امتلكت السلاح المناسب.
هتفت بها دونا :
- حتى و لو امتلكت أسلحة الدنيا كلها.. هذا ما أثبته التاريخ.
عقدت (سونيا) حاجبيها ، و نفثت دخان سيجارتها فى قوة ، و هى تقول فى صرامة :
- كنت أتصوَّر أننى أتحدَّث إلى زعيمة (المافيا) ، لا إلى معلِّمة تاريخ نمطية.
عقدت دونا حاجبيها ، و هى تقول:
- لن أقع فيما وقع فيه مَن قبلى مِن أخطاء.
رفعت (سونيا) أحد حاجبيها ، و هى تقول فى خبث :
- ألن تشعرى بالندم إذن؟!
بدت دونا عصبية على نحو ملحوظ ، و هى تتطلَّع إليها لحظات ، قبل أن تشيح بوجهها ، قائلة :
- لن أتورَّط علانية فى هذا.
أدركت (سونيا) أنها قد أصابت هدفها ، فمالت نحوها ، تقول فى لهفة :
- و أنا لا أحبذ هذا أيضاً.. ستواصلين تحالفك مع أجهزة المخابرات الأربعة ، و تستمرين فى اللعبة نفسها.. تحاربين (أدهم) معهم علانية ، و تساعدينه على النجاة منهم سراً.. المهم أن ينشغل الجميع ببعضهم البعض ، فى حين تمنحيننى أنت المال و الرجال ، و تؤمنين لى الرحيل سراً إلى (سيبيريا) ؛ لأستعيد السيطرة على الموقف هناك.
قالت دونا دون أن تنظر إليها :
- بينى و (كولوف) اتفاق غير مكتوب بعدم التدخُّل و الاعتداء.. هو ابتعد تماماً عن الغرب ، و أنا تركت له ساحة (أوروبا) الشرقية ليسيطر عليها كما يشاء، و بهذه اللعبة ، سينهار الاتفاق تماماً.
قالت (سونيا) فى استهتار :
- الاتفاقيات وُضِعَتْ لتمزق فحسب.
انعقد حاجبا دونا ، و هى تقول :
- (كولوف) ليس بالشخص الهين.
ابتسمت (سونيا) فى سخرية واثقة ، و هى تقول :
- اتركى لى أمره.. لقد أبدل اسمه ، و استبدل معه طبيعته ، و اعتاد الحياة المرفهة ، و نسى قتال الشوارع ، و أصبح (كوربوف) الثرى ، الذى يمتلك عدة قصور فاخرة ، فى أفخم مناطق (روسيا) و نسى (كولوف) ، رجل العصابات الشرس ، الذى لا يتردَّد فى قتل طفل فى العاشرة ، من أجل عدة روبلات ، و أمثاله ، ممن يتغيرون مع امتلاء جيوبهم بالمال ، هم فريستى المفضلة.
ثم اتسعت ابتسامتها ، و تألَّقت عيناها ببريق جذل ، و هى تضيف :
- اطمئنى.. إننى أتناول خمسة من أمثاله عند الإفطار.
غمغمت دونا :
- هذا لو سمح لك أن تستيقظى.
قالت (سونيا) فى استهتار :
- سأكون آخر من يغلق عينيه.. و سترين.
رمقتها دونا بنظرة لا تحمل تعبيراً محدوداً ، و هى تقول :
- سنرى.
ابتسمت (سونيا) ابتسامة غامضة ، و هى تقول :
- باعتبارك تهوين التاريخ.. هل قرأت شيئاً عن الأمازونيات؟!
أجابتها دونا فى حذر ، و هى لا تدرى سر السؤال :
- إنهن قبيلة كانت تحكمها النساء فيما مضى ، و لست أعرف عنهن أكثر من هذا!
قالت (سونيا) بنفس الابتسامة المحيِّرة :
- هذا يكفى.. هن حكمن قبيلتهن ، و نحن سنحكم العالم معاً ، ففى هذا الزمن ، لابد و أن تحكم المرأة.
أضافت دونا فى حزم :
- وتسود.
و اتسعت ابتسامة (سونيا) ، و مدَّت يدها نحو دونا ، التى تردَّدت لحظة ، ثم استقبلت يدها لتشد عليها..
الآن بدأ العد التنازلى لسباق السيطرة..
السيطرة على العالم..
أجمع..


* * *


لثوان و على الرغم مما يراه أمامه ، لم يستطع (راءول) تصديق نفسه أبداً ، و هو يحدِّق فى (أدهم) ، الذى يرتدى زى واحد من رجال أمن السفارة ، و لا يخفى ملامحه بأية وسيلة تنكُّر ، و لو محدودة..
مستحيل!!..
حتى (فرتيواليتى) نفسه ، لم يستطع التنبؤ بهذا!
إنه حتى لم يضعه ضمن السيناريوهات المحتملة ، التى يمكن أن يلجأ إليها (أدهم)..
ربما لأن ما يراه (راءول) أمامه يدخل فى خانة المستحيل!..
المستحيل التام!..

"و لكن كيف؟!.."..
هتف بها (راءول) فى دهشة مذعورة ، على الرغم منه ، و لكن (أدهم) بدا شديد الهدوء و الثقة، و هو يستند بكتفه إلى حاجز الباب ، و يعقد ساعديه أمام صدره ، قائلاً :
- هل أدهشك وجودى يا عزيزى (راءول)؟!
هتف به (راءول) :
- كيف وصلت إلى هنا؟!.. هذا المبنى مؤمَّن جيداً ، و نظم الأمن كلها إليكترونية رقمية ، و كل حارس أمن هنا يحمل (ريد آى) ، و لا يمكنك خداعه ، حتى لو تنكَّرت فى هيئة بعوضة.
هزَّ (أدهم) كتفيه فى بساطة ، قائلاً :
- و لهذا لم أحاول أن أتنكَّر فى أية هيئة.
هتف به منزعجاً :
- و لكن كيف عبرت؟!
عاد (أدهم) يهز كتفيه ، قائلاً :
- لست أظنك تطالبنى بكشف أساليبى ، فهذا لا يمكن أن يصدر عن رجل مخابرات محترف ، و لكن يكفى أن أخبرك أننى لم أبتكر شيئاً ، فالرسم الهندسى الكامل لسفارتكم هنا موجود لدينا ، مع كل ما أجريتم عليه من تعديلات و تغييرات ، و نظام أمنكم ، الذى تتصوَّرونه شديد المناعة ، يحفظه كل رجل مخابرات فى بلدى عن ظهر قلب ، و كل ما فعلته ، هو أن استغليت ثغراته ، التى درستها طويلاً ، مع ثقتى فى أن من يدير اللعبة كلها سيكون حتماً فى حجرة الاتصالات المؤمَّنة ، يتابع الموقف مع رياسته مباشرة.
قال (راءول) فى ارتباك ، و يده تتسلَّل إلى مسدسه خفية :
- أية لعبة تلك ، التى تتصوَّر أننى أديرها؟!
ابتسم (أدهم) فى سخرية ، قائلاً :
- لعبة (فرتيواليتى).. لا تنزعج يا عزيزى ، فلقد قبعت هنا لبعض الوقت ، قبل أن أفصح عن وجودى ، لأكتسب بعض المعلومات ، قبل أن أبدأ لعب دورى.
سحب (راءول) مسدسه بسرعة خرافية ، تليق برجل مخابرات محترف ، و لكن قبل أن ترتفع فوهته ، لتواجه (أدهم) ، كان هذا الأخير قد وثب عبر الحجرة وثبة مدهشة ، و قبض على معصم الإسرائيلى بأصابع من فولاذ ، و هو يقول فى سخرية :
- كنت أتمنى أن تفعلها.
ضغط (راءول) زناد مسدسه بالفعل ، فانطلقت من فوهته رصاصة ، بدوى شديد ، مرقت على مسافة سنتيمتر واحد من عنق (أدهم)، الذى لوى معصمه فى عنف، فأجبره على إفلات مسدسه، الذى سقط أرضاً ، و الإسرائيلى يصرخ فى حدة :
- دوى الرصاصة سيجذب كل رجل أمن هنا.
أجابه (أدهم) فى حزم :
- خطأ.. هذه الحجرة مجهَّزة لعزل الأصوات تماماً ؛ لتأمين كافة السرية للاتصالات ، و ليست بها أية وسائل رصد أو مراقبة ، و لن يعرف مخلوق واحد ما يحدث هنا.
ثم هوى على فك (راءول) بلكمة كالقنبلة ، مستطرداً فى صرامة :
- حتى أنت.
ارتجَّ رأس (راءول) فى عنف ، مع قوة الضربة ، و زاغت عيناه فى محجريهما لحظة ، ثم تهاوى رأسه فاقد الوعى ، فأزاحه (أدهم) بسرعة عن مقعد الاتصال ، و هو يقول :
- و الآن ، ابق هادئاً هنا ، حتى أستوعب ماذا يدور بالضبط.
قالها ، و جلس على مقعد الاتصال ، و ضغط زر تشغيل الصوت دون الصورة بعد أن أعاد التيار الكهربى ، و لم يكد يفعل ، حتى سمع رئيس (راءول) يهتف :
- أين أنت يا (راءول)؟!.. ماذا حدث عندك؟!.. لماذا انقطع الاتصال فجأة ، و لماذا لا أراك؟!
أجابه (أدهم) ، بصوت يُحاكى صوت (راءول) ، على نحو مدهش :
- عطل فنى يا سيدى.. الشاشة لم تعد تعمل.. و لكننا نستطيع مواصلة حديثنا.. كنا نتحدَّث عن (أدهم) ، و وجوده فى (واشنطن) ، و لكى يمكننى التفكير جيداً ، دعنا نلخص الأمر كله منذ البداية.
سأله رئيسه ، فى شيء من الحذر :
- أترى هذا ضرورياً.
أجابه فى خبث ، يماثل خبث (راءول) :
- إنها الحرب.
لم يكن للعبارة معنى واضح ، و لكن لسبب ما ، اكتفى بها رئيسه ، و راح يلخص الموقف كله ، فى أذنى (أدهم)..
بمنتهى الدقة..


* * *


على الرغم من كل ما تلقاه من تدريبات ، شعر (هشام) بتوتر ملحوظ ، و هو يدور حول مبنى السفارة الإسرائيلية مترجلاً ، فى ثياب شرطى أميركى ؛ فقد كان يعلم أن سيره منفرداً سيثير الشبهات و الاهتمام حتماً ، و خصوصاً فى هذه الساعة المتأخرة من الليل ، بعد أن تجاوزت عقارب الساعة الثانية صباحاً..
كانت دوريات الشرطة تجوب العاصمة الأمريكية طوال الوقت ، بحثاً عن الهاربين ، و كان عليه أن يتجنبها و يتحاشاها طوال الوقت ، و هو يتساءل : لماذا تأخَّر (أدهم) كل هذا الوقت؟!..
و هل نجح بالفعل فى دخول السفارة الإسرائيلية؟!..
و كيف؟!..
جده أخبره الكثير عن (أدهم) منذ طفولته ، و لقد انبهر به كثيراً فى صباه ، و اعتبره بطله و مثله الأعلى فى شبابه..
و لكن العمل إلى جواره أمر يختلف..
يختلف تمام الاختلاف..
إنه أشبه بمتابعة أسطورة حية..
بل إن ما واجهه معه ، يكاد يتفوَّق على الأساطير نفسها..
لقد واجها رجال العصابات..
و جيش من (المارينز)..
و مرا بأكثر من موقف ، كان الموت يبدو فى كل منها قاب قوسين أو أدنى..
أو أنهما كانا فى قلب الموت نفسه..
و لكنه تجاوز كل هذا ، و دون خدش واحد..
و هذا ، من وجهة نظر أى شخص طبيعى أمر خارق..
بل مستحيل!..
مستحيل تماماً..
الآن فقط أدرك لماذا يطلقون عليه هذا اللقب ، الذى طالما ردَّده جده على مسامعه..
لقب (رجل المستحيل)..

"معذرة أيها الشرطى.."..
استوقفه هذا النداء ، الذى انطلق فجأة ، بلكنة بريطانية واضحة ، فارتبك لحظة ، قبل أن يتمالك نفسه ، و يلتفت إلى صاحبه ، قائلاً ، و محاولاً تقمص دور شرطى أمريكى :
- بم يمكننى أن أخدمك؟!
كانا رجلين ، أحدهما شاب فى منتصف الثلاثينيات ، و الثانى كهل أشيب الشعر ، و لكنه يبدو متين البنيان ، قوى الشكيمة ، على الرغم من وجهه شبه المتغضن ، و ملامحه التى تشف عن تجاوزه الستين ، و لقد اقترب منه الشاب ، قائلاً :
- لقد ضللنا الطريق هنا ، و نبحث عمن يرشدنا إلى هدفنا.
دار الشاب حوله ، فدار بجسده معه ، و هو يغمغم فى حذر :
- فى هذه الساعة؟!
هزَّ الشاب كتفيه ، قائلاً :
- إننا سائحان.
تماسك (هشام) ، و شدَّ قامته ، و هو يسأله :
- و ما هدفكما بالضبط؟!
شعر فجأة بفوهة مسدس باردة تلتصق بمؤخرة رأسه ، و سمع صوت سير (ويليام) من خلفه ، يقول فى صرامة :
- (أدهم).. (أدهم صبرى).
و أدرك (هشام) أن اللعبة قد انتهت..
أو شارفت هذا..
بكل تأكيد..


* * *


"رجال مكتبنا فى (واشنطن) يشعرون بالقلق.."..
نطق نائب مدير المخابرات المصرية بالعبارة ، فى قلق واضح يتفق معها ، و الساعة تشير إلى التاسعة و خمس دقائق صباحاً ، بتوقيت (القاهرة)، فرفع إليه المدير عينيه ، متسائلاً :
- ألم يتم اتصالهم بـ(ن-1) بعد؟!
هزَّ نائبه رأسه نفياً ، و هو يجيب :
- لا توجد وسيلة واحدة لهذا ؛ فإما أن يجرى هو اتصاله بهم ، أو لا أمل ؛ فلم يمكنهم تحديد موقعه أبداً ، و نظراً لخبرته و مهاراته ، يستحيل العثور عليه ، ما لم يجر هو اتصاله بهم أوَّلاً ، و لكن رجالنا يؤكِّدون أنه ، و على الرغم من توقيت (واشنطن) الآن ، فهناك تحركات عديدة تجرى فيها ، على نحو مقلق... رجال (المارينز) يحاصرونها بقواتهم تماماً ، و يفحصون كل من يغادرها أو يدخلها بمنتهى الدقة ، باستخدام كاشف تنكر حديث و بالغ الدقة ، و رجال الشرطة هناك يجوبون الطرقات ، بحثاً عن كل من يشتبه فى أمره ، و هم بوسيلة غير مباشرة ، يحاصرون السفارة المصرية ، حتى لا يلجأ إليها العميد (أدهم) ، و يحصل منها على جواز سفر دبلوماسى ، يمنعهم من إلقاء القبض عليه ، وفقاً للقانون الدولى ، و هذا كله متوقَّع إلى حد كبير، و لكن ما يثير الدهشة حقاً ، هو موقف الإسرائيليين و البريطانيين هناك.
رفع المدير حاجبيه و خفضهما ، و هو يتساءل فى صرامة :
- البريطانيون أيضاً.
أومأ النائب برأسه إيجاباً ، و قال :
- مكتبنا فى (واشنطن) أكَّد أن سير (ويليام) قد وصل من (أوروبا) ، مع مساعده (جون) ، و تم الاتصال بينه و بين قوات (المارينز) ، فى حين وصل رجل (الموساد) (راءول) إلى السفارة الأمريكية ، بعد ساعة كاملة من منتصف الليل ، و هو أمر غير طبيعى ، لم يحدث حتى خلال حرب السادس من أكتوبر.
عقد المدير حاجبيه ، و هو يقول فى اهتمام قلق :
- و هل تعتقد أن كل هذا بشأن (ن-1)؟!
وضع أمامه نائبه تقريراً مطبوعاً ، و هو يقول :
- هذا التقرير وصل من (أوسلو) ، منذ أسبوعين تقريباً ، و لكن أحداً لم يربطه بما يواجهه العميد (أدهم) الآن ، إلا بعد المعلومات الأخيرة ، عن البريطانيين و الإسرائيليين.
سحب المدير التقرير ، و قرأه فى اهتمام ، قبل أن يغمغم ، و كأنه يحدِّث نفسه :
- الروس و البريطانيون و الأمريكيون و الإسرائيليون اجتمعوا معاً؟!
أضاف نائبه ، بلهجة ذات مغزى :
- و انضمت إليهم دونا (كارولينا).. زعيمة (المافيا) الإيطالية.
تراجع المدير فى مقعده ، و هو يحك ذقنه بيده فى تفكير قلق..
ترى هل اجتمعوا كلهم من أجله؟!..
من أجل (ن-1)؟!..
إنه أكثر من يدرك خطورته و قدراته ، و ربما أكثر مما يدركون هم ، و لكنه لم يتصوَّر أبداً أن يتحالفوا جميعاً للقضاء على رجل واحد!!..
حتى و لو كان (ن-1) نفسه!!..
هذا يتجاوز كل المنطق و العقل..
و كل القواعد..
إلا إذا..

"هناك هدف أكبر حتماً.."..
نطقها فى تفكير عميق ، فقال نائبه فى سرعة :
- لا أحد يعلم ماذا دار فى اجتماعهم بالضبط.
اعتدل المدير ، قائلاً فى حزم :
- و لكن من الضرورى أن نعلم..
و اتخذ مجلساً صارماً ، و هو يكمل بلهجة آمرة :
- أطلب من كل رجل لدينا أن يسعى لمعرفة سر هذا الاجتماع ، و ما أسفر عنه ، و مر رجالنا فى (واشنطن) ، مع فريق المساعدة ، الذى يقوده السيد (حسن) أن يكونوا على أهبة الاستعداد ، فبين لحظة و أخرى ، من المحتمل جداً أن نعلنها.
سأله نائبه فى حذر ، و إن توقَّع الجواب :
- نعلن ماذا؟!
رفع المدير إليه عينين صارمتين حازمتين ، و هو يقول :
- الحرب..
و كان ينطقها بكل حزم و حسم الدنيا..
و بكل معنى الكلمة..


* * *

 
 

 

عرض البوم صور mostafaageg   رد مع اقتباس
قديم 22-01-09, 04:38 AM   المشاركة رقم: 10
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jul 2007
العضوية: 34438
المشاركات: 113
الجنس ذكر
معدل التقييم: mostafaageg عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 17

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
mostafaageg غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : mostafaageg المنتدى : رجل المستحيل
افتراضي

 

6- الحرب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نقل السفير البريطانى فى (واشنطن) بصره فى قلق ، بين سير (ويليام) و (جون) و (هشام) ، فى قبو السفارة ، قبل أن يقول فى توتر :
- حتى فى الأعراف المدنية ، و على الرغم من كونك داخل سفارة بلادك ، و لا أحد يستطيع المساس بك ، ما زال ما فعلته يدخل فى نطاق الجريمة يا سير (ويليام).
قال (ويليام) فى برود :
- كل شيء مباح ، فى الحب و الحرب.
قال السفير فى حدة :
- ليست حالة حب ، و لسنا بالتأكيد فى حالة حرب ، مع الولايات المتحدة الأمريكية.
أشار (ويليام) إلى (هشام) قائلاً بنفس البرود :
- لا يمكنك دوماً اختيار أرض المعركة ، و هذا الشاب مصرى ، و ليس أمريكياً.
قال السفير فى صرامة :
- هذا لا يصنع فارقاً.. ما زلنا أمام جريمتى اختطاف و احتجاز.
اندفع (جون) يقول فى حدة :
- ألا يمكنك استيعاب الموقف يا رجل؟!.. إننا أمام مسألة أمن قومى ، و نحن هنا لنحمى (بريطانيا) كلها ، و أنت تتحدَّث عن جريمة مزدوجة؟!
قال السفير فى غضب :
- كل منا يقوم بعمله يا هذا.. أنتما تقاتلان لحماية الأمن القومى ، و أنا أبذل قصارى جهدى ؛ للحفاظ على علاقات طيبة و سليمة ، مع دولة صديقة ، و حليف قوى.
كاد (جون) يندفع مرة أخرى ، و لكن سير (ويليام) أشار إليه بالصمت ، و هو يقول للسفير ، بنفس ذلك البرود المستفز :
- مع احترامى لعملك الجليل يا سيدى السفير ، فالدولة الحليفة نفسها تتآزر معنا فيما نفعله ، و يمكننى أن أوصلك مباشرة بأحد مسئوليها ؛ ليؤكِّد لك هذا.
انعقد حاجبا السفير فى صرامة ، و هو يقول :
- فى مثل هذه الظروف ، أفضِّل وثيقة موقَّعة.
شدَّ سير (ويليام) قامته ، و هو يقول فى صرامة :
- بصفتى أحد نواب مدير المكتب السادس، سأوقِّع كل ما تريده دون تردُّد.
قال السفير فى حزم :
- فوراً.
أجابه سير (ويليام) ، و هو يسحب ورقة و قلماً :
- بالتأكيد.
خط بضع كلمات على الورقة ، ثم ذيَّلها بتوقيعه ، و ناولها للسفير ، الذى طالعها فى اهتمام بالغ ، ثم طواها فى عناية ، و قال و هو يدسَّها فى جيبه :
- ما زلنا أمام جريمتى اختطاف و احتجاز.
قال سير (ويليام) فى صرامة :
- هذه الوثيقة تعفيك من أية مسئولية.
هزَّ السفير رأسه نفياً ، و قال :
- هذا يحدث داخل السفارة ، و قوانين الدنيا كلها ، لا تستطيع إعفائى من هذا.
بدا الغضب فى وضوح على وجه (جون) ، و همَّ بالاندفاع لقول شيء ما ، و لكن سير (ويليام) أستوقفه بإشارة من يده ، و هو يقول للسفير فى برود :
- فليكن.. الآن سنبدأ عملنا ، و أؤكِّد لك مسبقاً أنه لن يروق لك أبداً ، فإما أن تبقى لتشاهد ، أو تتركنا وحدنا.
انعقد حاجبا السفير فى شدة ، و بدا شديد التوتر ، و هو ينقل بصره بين (هشام) و رجلى المخابرات ، قبل أن يقول فى عصبية :
- لا دماء.
أجابه سير (ويليام) فى برود:
- هناك وسائل عديدة.
أضاف السفير ، فى عصبية أكثر :
- و لا قتل.
استلَّ سير (ويليام) مسدسه ، و وضعه على المنضدة أمامه ، و هو يسأله فى صرامة :
- هل ستبقى؟!
أدار السفير عينيه فى وجوههم للمرة الثالثة ، فى عصبية زائدة ، قبل أن يندفع مغادراً القبو ، و أغلق الباب خلفه فى قوة ، و ما أن فعل ، حتى التفت سير (ويليام) إلى (هشام) ، الذى ما زال يرتدى زى رجال الشرطة الأمريكية ، و قال فى صرامة ، و هو ينقر مسدسه بسبَّابته :
- و الآن يا فتى ، ستقص علىَّ قصة حياتك كلها ، منذ رأت عيناك الدنيا ، بعد أن تجيب سؤالى الأساسى.
نظر إليه (هشام) فى حذر ، دون أن ينبس ببنت شفة ، فمال (ويليام) نحوه ، و اكتسب صوته المزيد من الصرامة ، و هو يكمل :
- أين (أدهم صبرى)؟!
غمغم (هشام) :
- من؟!
انعقد حاجبا (جون) فى غضب ، فى حين ابتسم سير (ويليام) فى سخرية ، و هو يقول ، متراجعاً فى مقعده :
- محاولة سخيفة ساذجة ، لا تصلح حتى لأفلام السينما الهزلية ، خاصة و أننا نعرف أنه هنا من أجلك.
لم يجب (هشام) بحرف واحد ، فأمسك (ويليام) مقبض مسدسه ، و قال فى برود ، حمل نبرة مخيفة :
- لا تفكِّر أو تتردَّد كثيراً ، ففرصتك الوحيدة فى أن تحيا ، حتى تشاهد شروق الشمس ، هى أن تجيب أسئلتنا فى وضوح.
ثم رفع المسدس ، و صوَّب فوهته إلى جبهة (هشام) ، مستطرداً فى غضب واضح شديد :
- أو ننهى هذا اللقاء.. الآن.
و اتسعت عينا (هشام) ، على الرغم منه..
فالآن ، فى هذا القبو الرطب العازل للصوت ، أسفل السفارة البريطانية فى (واشنطن) ، لم يعد لديه خيار...
أى خيار...
على الإطلاق..


* * *


فى بطء يحمل الكثير من الاهتمام ، رفع مدير (الموساد) عينيه ، يتطلَّع إلى رئيس (راءول) المباشر ، قبل أن يسأله :
- طلبت مقابلتى فوراً.. فلماذا؟!
تردَّد الرجل لحظات ، قبل أن يقول :
- هناك أمر يثير قلقى ، احتجت أن أناقشه معك.
تراجع المدير فى مقعده ، متسائلاً :
- و ما هو؟!
أجابه الرجل فى حذر :
- منذ خمس دقائق فقط ، أنهيت محادثة مع (راءول) ، عبر شاشة الاتصال المؤمَّنة ، فى سفارتنا فى (واشنطن).
قال المدير ، فى بطء حذر :
- هذه الوسيلة يستحيل اختراقها أو كشفها ، مهما كانت الوسائل و السبل.
قال الرجل ، و القلق فى صوته يتزايد :
- أدرك هذا جيداً يا سيدى ، و لقد راجعت الأمر بنفسى ، و تأكَّدت من أن كل شيء على ما يرام.
تزايد حذر رئيسه بدوره ، و هو يسأله :
- ماذا إذن؟!
تردَّد الرجل أكثر هذه المرة ، فأضاف المدير فى صرامة :
- أفصح.
بدا و كأن هذا الأمر المباشر قد اخترق كبد الموقف ؛ فقد اندفع الرجل يقول :
- المشكلة تكمن فى (راءول) نفسه.. لقد انقطع الاتصال أثناء حديثنا، ثم عاد صوتياً بدون صورة، بحجة أن الشاشة أصابها عطب ما ، و لقد ميَّزت صوت (راءول) جيداً ، و لكن الأسئلة التى راح يطرحها طوال الوقت ، أثارت حيرتى بالفعل ، فقد سأل عن كل شيء و أى شيء ، كما لو أنه يجهل الأمر كله منذ بدايته ، و كانت حجته هى أنه يريد أن يستعيد معلوماته ، و ينشط ذهنه ، و يركِّز أفكاره... و ربما نجح فى إقناعى بهذا فى البداية.
اعتدل المدير ، متسائلاً فى عصبية :
- إذن فقد أجبته.
بدا الرجل شديد التوتر ، و هو يخفض عينيه أرضاً ، مجيباً :
- على كل ما سأله.
ثم رفع عينيه فى شيء من الخزى إلى المدير ، مضيفاً فى خفوت :
- إنه رجلنا على أية حال.
قال المدير فى غضب :
- و لكنك لم تسأله عن كوده الخاص ، أو شفرة الاتصال ، قبل أن تجيب أسئلته.
أجابه الرجل فى سرعة :
- لقد سألته عن كل هذا ، كما تنص القواعد.
ثم انخفض صوته بشدة ، و هو يضيف :
- قبل أن ينقطع الاتصال المرئى.
احتقن وجه المدير فى شدة ، و لم يتمالك نفسه ، و هو يصرخ فى وجهه :
- أحمق.
ثم اختطف سمَّاعة الهاتف اختطافاً ، و أدار رقماً خاصاً قصيراً ، و استمع إلى رنين الهاتف عند الطرف الآخر فى عصبية لنصف دقيقة تقريباً ، قبل أن يأتيه صوت الملحق العسكرى الإسرائيلى، و هو يقول :
- أوامرك يا سيدى.
سأله المدير فى صرامة :
- أين أدون (راءول)؟!
غمغم رئيس (راءول) ، فى خفوت من يشعر بالذنب :
- إنه داخل سفارتنا ، و من المستحيل أن..
قاطعه المدير بنظرة صامته صارمة غاضبة ، جعلته يبتلع لسانه ، و ينكمش فى مكانه ، فى حين أجاب الملحق العسكرى عبر الهاتف :
- عندما رأيته آخر مرة ، كان داخل حجرة الاتصالات المؤمَّنة ، يجرى اتصاله بكم.
صاح فيه المدير :
- خذ أقوى رجال أمنك ، و أحضره تحت الحراسة إلى مكتبك فوراً.. و افحص وجهه بجهاز (ريد آى) مرتين على الأقل.
بدا الرجل شديد الدهشة ، و هو يقول :
- أدون (راءول)؟!
صرخ فيه مدير (الموساد) :
- نعم.. أدون (راءول).
ثم أضاف فى عصبية بلغت مداها :
- لو أنه بالفعل أدون (راءول).
أنهى الملحق الإسرائيلى المحادثة ، و هو غير قادر على تصديق ما سمعه ؛ فهو يعرف (راءول) شخصياً منذ عشرة أعوام ، و من المستحيل أن يخطئ تعرُّفه..
لقد عملا معاً فى صفوف (الموساد) ، لأكثر من ست سنوات ، قبل أن يتم إلحاقه هو بالقسم الدبوماسى ، و يتم نقل (راءول) إلى قسم العمليات الخاصة..
و لكنه ، و على الرغم من هذا ، لم يحاول مخالفة أوامر المدير..
لقد اندفع خارج مكتبه ، و هو يهتف بمساعده الأوَّل :
- أحضر خمسة من أشد رجالنا ، و اتبعونى إلى حجرة الاتصالات المؤمَّنة.. لدينا أمر بإلقاء القبض على أدون (راءول) فوراً.
تفجَّرت دهشة عارمة فى كيان مساعده ، و هو يهتف :
- و لكن هذا مستحيل!
قال الملحق العسكرى بكل الصرامة :
- إنها أوامر (تل أبيب).
قال المساعد فى توتر بالغ :
- و لكن أدون (راءول) غادر السفارة ، منذ دقيقة واحدة.
توقَّف الملحق العسكرى دفعة واحدة ، حتى أن توازنه كاد يختلّ ، قبل أن يلتفت إلى مساعده ، هاتفاً فى استنكار مذعور :
- غادر السفارة؟!.. هل شاهدته بنفسك؟!
تردَّد المساعد لحظة قصيرة ، ثم أجاب :
- كان يخفى وجهه بوشاح ، و يسعل إلى حد ما ، و لكننى ميَّزت صوته جيداً ، و..
اتسعت عينا الملحق العسكرى ، و قاطع مساعده ، هاتفاً :
- مستحيل!.. هل من الممكن أن...
بتر عبارته بدوره ، و هو يندفع نحو حجرة الاتصالات ، فلحق به مساعده ، و هو يقول لاهثاً ، من فرط الانفعال :
- ماذا هناك بالضبط؟!
هتف الملحق العسكرى ، و هو يتجه نحو حجرة الاتصالات مباشرة :
- أراهنك أنه كان يختلف.
استرجع المساعد المشهد فى ذهنه ، و هو يقول ، فى تردُّد و توتر :
- ربما.. لقد بدا أكثر طولاً ، و أوفر قوة ، و لكن..
حاول الملحق العسكرى أن يفتح باب حجرة الاتصالات المؤمَّنة ، و لكنه بدا موصداً فى إحكام ، فتراجع مقاطعاً مساعده ، و هاتفاً :
- اكسر الباب.
هتف مساعده فى ذعر :
- باب حجرة الاتصالات المؤمَّنة؟!.. إننا لا نقترب حتى منها ، دون تصريح أو أوامر رسمية.
صرخ الملحق العسكرى ، بكل عصبية و قوة و انفعال الدنيا :
- اكسره.
اندفع المساعد بكتفه ، و تحطَّم رتاج الباب ، و انفتح عن آخره فى عنف..
و وقف الرجلان ذاهلين..
الملحق العسكرى الإسرائيلى..
و مساعده..
لأنه هناك ، و حيث تركه (أدهم) ، كان رجل (الموساد) الإسرائيلى ملقى أرضاً ، فاقد الوعى..
أما (أدهم) ، فقد انصرف منتحلاً شخصيته..
انصرف بعد أن حصل على كل ما يحتاج إليه من معلومات..
أو ما أتيح منها على الأقل..
انصرف لينتقل من الدفاع إلى الهجوم..
و ليبدأ حربه..
الأخيرة..


* * *


"هنا فى (واشنطن).."..
نطقها (سميث) فى انفعال شديد ، و هو يقف أمام (مولر) ، فى تلك الساعة المتأخرة ، داخل مكتب المخابرات الأمريكية فى (واشنطن) ، فقال هذا الأخير فى توتر :
- تماماً كما توقَّعت أنت.. لم يحاول الهروب ، و إنما اقتحم ميدان المعركة فى انتحارية عجيبة ، و هاجم السفارة الإسرائيلية مباشرة ، و انصرف بمنتهى الجرأة ، قبل أن يدرك طاقم حراستها حتى وجوده ، كما أبلغنا عميلنا هناك.
تألَّقت عينا (سميث) ، و هو يقول بنفس الانفعال :
- إذن فهو هنا.
قال (مولر) ، فى توتر أكثر :
- هو ، و هو يعلم أن قوات (المارينز) تحاصر العاصمة كلها ، و كل رجل شرطة فيها يبحث عنه، و فريق من المخابرات يحمل (ريد آى) ، و يسعى خلفه فى كل ركن ، و من يدرى!.. ربما عرف هناك ، فى السفارة الإسرائيلية ، كل ما يحدث بالضبط.
انعقد حاجبا (سميث) فى توتر مماثل ، و هو يقول :
- المهم أنه هنا.
لوَّح (مولر) بيده ، هاتفاً :
- و ليس وحده.. رجالنا رصدوا وصول اثنين من رفاقه ، على متن الطائرة القادمة من (أمستردام) ، و التى انطلقت من (القاهرة) إلى (نيويورك) ، عبر (هولندا) ، فتاة و رجل بدين.
تألَّقت عينا (سميث) على نحو أشد ، و هو يقول فى انفعال :
- إذن فهما فى (نيويورك)؟!
هزَّ (مولر) رأسه نفياً ، و هو يقول فى عصبية :
- بل فى (واشنطن).. لقد استقلا طائرة من طائرات (يونايتد) ، فور وصولهما إلى (نيويورك) ، و رصد رجالنا وصولهما إلى هنا ، قبل نصف ساعة فحسب من منتصف الليل.
بدا (سميث) شارداً يخاطب نفسه ، و هو يغمغم :
- فتاة و رجل بدين؟!.. إنهما هما حتماً.
و قبل أن ينظر إليه (مولر) متسائلاً ، أضاف فى لهفة :
- هل يحملان جوازى سفر دبلوماسيين؟!
هزَّ (مولر) رأسه نفياً مرة أخرى ، و أجاب فى حذر متسائل :
- بل جوازين عاديين.
سأله (سميث) فى لهفة أكثر :
- و هل يقيمان فى مبنى السفارة المصرية؟!
أجابه (مولر) ، و حذره و تساؤله يتزايدان :
- بل فى منزل صغير ، فى نهاية شارع (بنسلفانيا) ، بالقرب من (يونيون ستاشين).
بدا تألُّق عينى (سميث) أشبه بحجرتين من اللهب ، تطلان من منتصف وجهه ، و هو يقول :
- عظيم.
انعقد حاجبا (مولر) فى شدة ، و هو يهتف به فى حدة :
- و لماذا يثيرك الأمر إلى هذا الحد؟!
التفت إليه (سميث) ، مجيباً فى سرعة :
- لأنهما ليسا زميلين عاديين.. إنهما ضمن الأربعة ، الذين حارب هو نفسه الدنيا كلها لاستعادتهم من قبل ، و لو راجعت ملف (أدهم صبرى) هذا ؛ لأدركت أن نقطة ضعفه الوحيدة تكمن فى ارتباطه الشديد بهذه الأنثى المصرية ، و ذلك البدين الشره.
بدا الاهتمام الشديد على وجه (مولر) ، و هو يسأل :
- و ماذا؟!
أكمل (سميث) ، و كأنه حتى لم يسمعه :
- و هذا يعنى أن أسهل وسيلة ، لدفعه إلى الظهور ، هى أن ننقض عليهما.
و صمت لحظة ، قبل أن يرفع سبَّابته ، مضيفاً :
- و بأكبر ضجة ممكنة.
بدا التشكَّك على وجه (مولر) ، و هو يقول :
- أتظنه من الحماقة ، بحيث يجازف بالظهور و الإعلان عن نفسه ، و هو يعلم أن (واشنطن) كلها تسعى خلفه ؛ لمجرَّد أننا نهاجمهما؟!
ارتسمت ابتسامة واثقة ، على شفتى (سميث) ، و هو يقول :
- لن يمكنه المقاومة.
ثم شدَّ قامته ، مكملاً بمنتهى الثقة :
- و سترى.
كان ينطقها بمنتهى منتهى الثقة ، و لكن (مولر) عقد حاجبيه فى شك..
منتهى الشك..


* * *


على الرغم من كونها ضابط مخابرات محترف ، يحمل رتبة متوسطة ، فى صفوف المخابرات المصرية ، بدت (منى) شديدة التوتر ، و هى تتابع الاتصالات المؤمَّنة ، عبر شبكة الإنترنت ، و تهتف بـ(قدرى) ، الذى انهمك فى إعداد شطيرة لحم ساخنة :
- هل سافرنا كل هذا الوقت ، لتصنع شطيرتك ، أم لنسعى لمعاونة (أدهم)؟!
واصل إعداد شطيرته فى عناية بالغة ، و هو يجيبها ، دون حتى أن يلتفت إليها :
- و أين (أدهم) لنعاونه؟!
هتفت فى حدة :
- هذا ما أحاول معرفته.
تطلَّع إلى شطيرته فى إعجاب واضح، ثم التهم منها قضمة كبيرة، راح يلوكها فى فمه بتلذُذ قائلاً:
- ما دمت لا تجدين أية أخبار أو معلومات بشأنه ، فهو حتماً بخير.
انعقد حاجباها ، و هى تقول محتدة :
- و من أدراك؟!
قضم قضمة كبيرة أخرى ، و هو يجيب ، بفم مملوء بالطعام :
- (أدهم) ليس بالشخص العادى ، و لقد شاهدت بنفسك كيف استجوبنا رجال (المارينز) لنصف ساعة ، قبل أن يسمحوا لنا بدخول العاصمة ، و كيف استوقفتنا ثلاث دوريات شرطة على الأقل ، قبل أن نصل إلى هنا.. ألديك شك فى أن كل هذا من أجله.
غمغمت فى عصبية :
- ليس لدى أدنى شك فى هذا.
قال و هو يتناول شطيرته فى استمتاع :
- هل تتصوَّرين أن الظفر برجل مثله ، يمكن أن يتم فى هدوء ، و دون أن يشعر به أحد.
أدركت مغزى كلامه ، فالتفتت إليه ، مغمغمة :
- مستحيل!
أشار إليها ، قائلاً :
- بالضبط.
و عاد يلتهم شطيرته بمنتهى الاستمتاع ، فى حين صمتت هى لحظات لهضم موقفه و منطقه ، قبل أن تقول فى توتر :
- و لكن هذا لا ينفى أنه يتعرَّض للخطر.
أشار بيده ، قائلاً :
- بلا شك.
ثم توقف فجأة عن التهام شطيرته ، و التقى حاجباه ، و هو يضيف ، فى توتر مباغت مفاجئ :
- و كذلك نحن.
انتبهت ، فى هذه اللحظة فقط ، إلى وقع الأقدام ، التى حاول أصحابها تخفيفها بقدر الإمكان ، و التى تتسلَّل إلى منزلهما الآمن..
أو تحيط به..
و فى خفة ، و على الرغم من توترها ، التقطت (منى) مسدسها ، و أشارت إلى (قدرى) بالصمت، و هى تتحرَّك بلا صوت ، نحو باب المنزل..
لم يكن هناك أدنى شك..
هناك من يتسلَّل إليهما..
فى خفة..
و هدوء..
و دقة..
و يقترب من الباب..
و النوافذ..
و السطح..
و..
و فجأة ، حدث الاقتحام..
عبر النافذة ، حطَّم رجلان متشحان بالسواد الزجاج ، و وثبا بوساطة حبلين قويين إلى الداخل..
و فى اللحظة نفسها ، اقتحم ثلاثة رجال الباب..
و كان الخمسة يخفون وجوههم بأقنعة سوداء سميكة ، لا تُظهر سوى عيونهم ، و يحملون مدافع آلية قوية..
و سقطت الشطيرة من يد (قدرى) ، و هو يتراجع فى ذعر..
و انقضت (منى)..
بوثبة قوية ، ركلت المدفع الآلى ، من يد أقرب الرجال إليها ، ثم دارت حول نفسها فى رشاقة ، و ركلت الثانى فى فكه ، فأطاحت به فى عنف..
و لكن الثالث انقضَّ عليها فى براعة ، و ضرب صدرها بكعب مدفعه ، فى قوة شديدة ، فأسقطها أرضاً ، فى نفس اللحظة التى لكم فيها آخر (قدرى) ، الذى سقط كجوال من حجر ، دون أن يطلق سوى آهة مكتومة ضعيفة..
و قاومت (منى)..
قاومت و قاومت.. و قاومت..
و لكن ثلاثة رجال أشداء أقوياء أمسكوا بها ، و سيطروا عليها ، و جذبها أحدهم من شعرها فى قوة ، و هو يقول فى شماتة :
- خسرت أيها المصرية.. لم يكن لك أدنى أمل منذ اللحظة الأولى ، و أنتِ تواجهين خمسة من أفضل رجال القوات الخاصة.
هتفت ، و هى تواصل المقاومة فى استماتة :
- إننى أفضل الموت.
أستل الرجل خنجراً حاداً ماضياً ، و هو يقول فى شراسة :
- فليكن.
و هوى بخنجره..
بمنتهى القوة..



* * *

 
 

 

عرض البوم صور mostafaageg   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
العيد, الهجوم, بصيغة, word
facebook



جديد مواضيع قسم رجل المستحيل
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t103233.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
Untitled document This thread Refback 23-10-10 06:39 PM


الساعة الآن 01:48 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية