لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > روايات عبير > روايات عبير المكتوبة
التسجيل مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

روايات عبير المكتوبة روايات عبير المكتوبة


313 -امرأتان ورجل - فيكتوريا غوردون - المركز الدولي ( كاملة )

معايا النهارده ان شاء الله روايه جميله جدا اسمها امرأتان ورجل وهى للامانه منقوله امـرأتـان ورجــل المركز الدولى – العدد 313 للكاتبة فيكتوريا غوردون الملخص

إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 25-07-09, 08:29 AM   المشاركة رقم: 1
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Mar 2008
العضوية: 66854
المشاركات: 2,022
الجنس أنثى
معدل التقييم: safsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 585

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
safsaf313 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

المنتدى : روايات عبير المكتوبة
Thanks 313 -امرأتان ورجل - فيكتوريا غوردون - المركز الدولي ( كاملة )

 

معايا النهارده ان شاء الله روايه جميله جدا اسمها امرأتان ورجل وهى للامانه منقوله

امـرأتـان ورجــل


المركز الدولى – العدد 313

للكاتبة فيكتوريا غوردون

الملخص

رحلة وعاصفة

منتديات ليلاس
قصور وأشجار جوز هند ؟ ما هذا ! يا له من ملل ! حدثها

أولا عن الأعاصير وأسماك القرش ! كانت الجنة تتلخص


بالنسبة لـ تراسى – فى هذه الكلمات فقط .... وفى هذا العام ،

تذهب الباحثة الشقراء فى دنيا أبعد من أحلامها المجنونة ،

حيث تتخذ أسماك القرش الغريبة مياه بحر أرافورا

المضطربة مقرا لها


المقدمة


تركت تراسى بريان بغموضه وتوجهت إلى الكابينة وهى ترسم

على وجهها ابتسامة عريضة ، وعندما وصلت ، طرقت باب الكابينة ثم دخلت وهى تصيح :


- ماذا بك أيها القرصان الهرم ، ألن نرحل بعد ؟


وعندئذ توقفت تراسى فى مكانها حيث رأت رجلا غريبا يجلس


على المقعد وبنظر إليها باستغراب .


كانت عيناه ولونهما كلون البحر الصافى . وكانت نظراته


حادة وهادئة وأخاذة فى نفس الوقت . وملامحه قاسية كأنها منقوشة


فى الصخر ، أما ويل جاكوبز فيبدو شخصية مطمئنة .... ولكن ماذا


يفعل هذا الرجل هنا ؟

وماذا بعد ؟ إن الفتاة جادة ولا تهتم إلا بعملها ، ولكنه دون جوان


خطير ، ناجح فى عمله ومغامر من الدرجة الأولى ....


والرحلة طويلة معا ، فيا لها من أيام عاصفة ....


شخصيات الرواية


تراسى بومون : فتاة ذات جمال مميز ، تعشق عملها فى الأبحاث والصيد على الرغم من مشقته .

جرانت مورجان : ربان الباخرة برفيدى . رجل وسيم وجذاب إلى حد كبير . ويثق فى نفسه بطريقة لافتة للنظر .

ويل جاكوبز : الربان الهرم الذى يضع ثقته فى تراسى وجرانت .

فيفيان دوهرتى : فتاة شقراء رائعة الجمال . تعمل فى نفس المجال . وعلى الرغم من الشائعات التى تدور حولها إلا أنها تفضل الجدية فى تصرفاتها .

ميليسا ستيوارت : فتاة مدللة ، تدعى البراءة . وتخفى وراء قناعها الطفولى إنسانة حقودة .

ميل ستيوارت : والد ميليسا ويشغل منصبا سياسيا كبيرا ، إلا أنه يستغل نفوذه فى القيام ببعض الأعمال المريبة .
الفصل الأول
كانت تراسى غاضبة جدا , فالصف الطويل الواقف أمام الطائرة لا يتحرك قيد أنملة منذ حوالى نصف الساعة .
ظلت الفتاة تنظر بعينيها الزرقاوين الثاقبتين إلى هذين الضابطين اللذين يتسببان فى تعطيل كل هذا الحشد من المسافرين متعللين بقولهما :
- إنها إجراءات أمن .
وشيئا فشيئا تلاشى الهرج والمرج وسادت حالة من البلادة بين الجميع ما عدا تراسى . فقد ظلت ثائرة كما هى تنظر بنفاد صبر إلى الرجلين المسؤولين عن التفتيش .
ولكن لأن طول قامتها لا يتعدى 154 سنتيمترا فقد كانت مهتمها صعبة . فهامات المسافرين تحول بينها وبين رؤية هذين الرجلين وتشعر كأنهما يتوقفان عن العمل بمجرد أن تكف هى عن مراقبتهما . وقالت لنفسها وهى تنظر إلى أحدهما :
- يا إلهى ، كف عن النظر إلى أيها الشقى .....
تقدم الصف قليلا , ولم يعد يتبقى أمام تراسى أكثر من عشرة مسافرين . إنها مرهقة جدا حقا . شئ لا يصدقه عقل , فيا له من حظ سئ ! فى كل مرة تأتى إلى داروين ، تقع تحت طائلة هذه المحنة من إجراءات الأمن .
والأسوأ من ذلك , هذه الأسئلة الكثيرة التى يجب عليها الإجابة عنها ، فهم لا يكتفون بفض حقائبها ولكنهم يتلذذون أيضا بهذا الحديث معها :
- ترى ما هدف إقامتك فى داروين يا آنسة بومون ؟
- بومون , حسن جدا , صيد أسماك القرش .
- أسماك القرش ؟
- القرش الأزرق , القرش الأسود , وأنواع مختلفة من أسماك القرش ...
- أنت فتاة رياضية ؛
- كلا , أنا مسؤولة عن إنجاز بعض الابحاث .
نظر إليها الرجل بعين فاحصة وساخرة , فرجال الامن غالبا ما ينظرون إلى الفتيات الشقراوات اللاتي يرتدين الجينز كأنهم لا يصلحن لدراسة علم أحيار البحار , وفى كل مرة يكون من الواجب عليها شرح الموقف وتفسيره وتأكيد فكرة انها لا تعود بأسماك القرش فى حقيبتها ولا تستخدم هذه الاسماك فى الطعام ولكنها تلقى بها إلى البحار ثانية بعد الحصول على بعض المعلومات عنها .
قالت تراسى لنفسها : ما الداعي لأن تخبرهم بالحقيقة ؟ يكفيها إذن – مجرد إخبارهم بانها تاتى لزيارة صديق لها فى داروين وعليهم أن يدعوها وشأنها ؟
لا يزال أمامها ستة أشخاص , ولا تزال تراسى تنظر إلى الرجلين اللذين يقومان بتفتيش الحقائب وإخراج الملابس منها وفحص كل جزء فيها ..... إنهما حقا يحاولان تضيع الوقت بشتى الطرق . يتبقى أربعة أشخاص .... شخصان .... وهنا استدارت السيدة العجوز التى تقف أمامها ونظرت إليها وإلى ملابسها باستغراب , فقد كانت تراسى ترتدى تى – شيرت كتب عليه بالأحرف السوداء الكبيرة " إن تقبل شخصا مدخنا فكأنك تقبل منفضة سجائر " أخيرا جاء دورها , وهاهى ذى أمام نفس الرجل الذى تقابلت معه فى رحلتها السابقة , وهنا أشرق وجه الرجل لدى رؤيتها :
- آه , صديقة أسماك القرش !
- نعم هى نفسها !
ثم ابتسم لها ابتسامة ساحرة مما إضطرها إلى الابتسام له . وهنا لم يستطع الرجل أن يمنع نفسه من قراءة الرسالة المكتوبة على التى – شيرت الذى ترتديه :
- إنها تسبب لك القلق أيضا ! ربما ترتدينها عن قصد .
- إننى متأخرة يومين عن موعدى ! وأعتقد أن ربان السفينة سيقوم بتقطيعى إربا إربا , ثم يلقى بى إلى الأسماك .
- إذن هيا يا آنسة بومون مع تقديم اعتذارات مظار داروين إليك . وعند عودتك لا تنسى دعوتى للعشاء التى عرضتها عليك فى المرة السابقة لا تزال قائمة .
- من الأفضل لك الإضراب عن تناول الطعام – أنت وقائدو الطائرات ... ! فأنا أكره الذهاب إلى هوبار !
أمسكت تراسى بالحقيبتين وتوجهت مسرعة نحو باب الخروج دون أن تترك له فرصة الرد .
وعندما عبرت أخيرا هذه الأبواب , تنفست تراسى الهواء الساخن والرطب للجو الإستوائى . وأخذت تبحث عن برونوين زميلتها فى معمل الأحياء المائية فى داروين .
يا إلهى حمدا لله , لقد رأيتها أخيرا تبحث عنها فى جراج داروين . فأخذت تلوح بذراعيها حتى تشد انتباهها . وهنا جرت الفتاة الشقراء للقائها .
- دائما متأخرة هكذا يا تراسى ؟
- أؤكد لك أنها ليست غلطتى هذه المرة ......
فقد اتصلت تليفونيا منذ ثلاثة أيام بهدف تغيير الموعد , وطلب منها المدير ضرورة الحضور من أجل إستلام عمل مهم , وها هى ذى أخيرا تصل إلى الطرف الآخر من العالم استراليا بعد تأخير يومين وبعد تغيير موعد الطائرة أكثر من مرة .
كانت الساعة حوالى التاسعة صباحا . وكان على برونوين ضرورة اصطحابها مباشرة إلى الميناء قبل التوجه إلى العمل .
توجهت الفتاتان نحو السيارة الـ دانستون الصغيرة الخاصة بـ برونوين . ألقت تراسى نظرة نحو صديقتها التى ترتدى بلوفر واسعا جدا وقالت :
- كلما أتذكر أنك ترتدين هذه الملابس فى هذا الجو الحار أتذكر أن جبل ولينجتون يكون دائما مغطى بالجليد .
- ولكننى أرى ذلك مناسبا .
- تكون درجة الحرارة فى الظهيرة حوالى 30 درجة بينما فى تاسمانى يتسابق الناس فى الذهاب إلى الشواطئ .
سارت برونوين بالسيارة ببطء وسط الزحام :
- أخبرينى عن أحوال مدير العمل معك ؟
- إنه التقرير الشهير الخاص بحصص الصيد , فأنا مسؤولة عن كتابته ، أما هو فكل ما يهمه هو الظهور على شاشات التليفزيون والذهاب إلى حفلات الاستقبال ..... فى رأيى ، أنه ذو طموحات سياسية ....
- ولا يزال يلقى على عاتقك بأعمال كثيرة , نفس الحديث
- نعم يجب على العمل ليل نهار .
- ولكنه تمرين ممتاز , فالانسان لا ينام كثيرا على متن مراكب الصيد
- هذا ما أعتقده أنا أيضا . ولكن الحق أننى قلقة جدا ، فأنا أعرف أنه سيقوم بتغيير جميع ملحوظاتى , كما أن تخفيض صيد أسماك القرش ليس لهذا العام .
أومأت برونوين برأسها . فهى تعرف جيدا اليأس الذى يصيب الباحث عندما لا يستمع إلى النصائح العلمية .
قالت برونوين :
- هل تعرفين من سيشترك فى هذه الرحلة ؟
- لا ليس بعد . إنها مفاجأة , فهم لا يخبروننى بأسماء الباحثين الثلاثة المشتركين معى فى الرحلة . وأنا لا أجد الوقت الذى يسمح بمعرفتهم . وأنت ألم تسمعى شيئا ؟
أشارت صديقتها بعلامة النفى وقالت :
- على أية حال , أنا أثق فى ويل وأثق فى اختياره لرجال ظرفاء كطاقم للرحلة .
إن تراسى تعرف جيدا ربان السفينة الصغيرة الخاصة بالصيد ويل جاكوبز . ففى كل شتاء منذ أربع سنوات تأتى تراسى لإجراء الأبحاث على أسماك القرش فى بحر أرافورا , وتقوم باصطياد النماذج الممكنة وقياس أطوالها والإلقاء بها ثانية بعد وضع العلامات المميزة عليها وبهذه الطريقة , يمكن معرفة تحركات هذه الأسماك وتناسلها وأنواع مرضها . وبالتأكيد العمل لمدة أربعة أسابيع يكون قصيرا ومرهقا جدا .
ومنذ أن تولت تراسى رئاسة الطاقم , وهى تعمل على قدم وساق , منذ الفجر ولا تخلد إلى النوم إلا قليلا جدا . وتتناول طعامها بسرعة شديدة ولا تجد الوقت الكافى للراحة . وقد تتعرض السفينة للعواصف أيضا , والحق أن الحياة على متن هذه السفينة المخصصة لحمل أربعة أفراد , بينما يستقلها حوالى سبعة أفراد لا تمر هكذا بسلام .
أما بالنسبة لـ تراسى فهذه الفترة هى أفضل أشهر السنة . إنها حقا تعشق الرحلات التى تساعدها على الخروج من جو المعامل فى هوبار حيث القيام بالإحصاءات وتحليل المعلومات فقط .
كما أنها تعشق مدينة داروين الجديدة وتتحرق شوقا دائما لرؤية شوارعها الجميلة .
فى عام 1974 فى صبيحة يوم عيد الميلاد , تعرضت المدينة إلى إعصار شديد قضى عليها . ولكن ها هى ذى المدينة يتم إنشاؤها من جديد على الطراز الحديث الذى يخلب اللب .
وتشعر الفتاة كأنها مسؤولة عن تغيير هذه المدينة وذلك لأن الإعصار الذى أصابها قد سمى بنفس اسمها تراسى . ومنذ ذلك الوقت لم تستطع تراسى التخلص من سخرية أصدقائها وتهكم الذين يدعون أنها تسبب هذا الإعصار .
وهنا توقفت برونوين بالسيارة أمام الميناء وأمام الباخرة القديمة برفيدى التى تصل طولها إلى 21 مترا .
وكان لونها يميل إلى الأزرق الصدفى وعليها خط كأنه عصابة سوداء . أما كابينة القيادة فكان لونها أبيض , بينما يتدلى من الصارى الخاص بالرادار كابلات حمل الأثقال . نعم أنها حقا سفينة تراسى , وها هى تنتظرها على الشاطئ كأنها عصفور ضخم يحط على الأرض .
أخذت تراسى حاجاتها من السيارة . ولوحت إلى برونوين التى تبتعد عنها ثم تقدمت نحو الجسر الصغير , وهاهى ذى أخيرا تبدأ مغامرتها التى تنتظرها منذ العام إلى الآخر بنفاد صبر .
وما إن صعدت تراسى إلى الجسر حتى سمعت صيحات عالية , فرفعت رأسها لترى الشعر الأشعث لـ برايان روبرتس الذى ينظر إليها . إنه طالب علم الأحياء البحرية الذى شارك فى الرحلة السابقة . وهنا نزل الرجل مسرعا لمساعدتها فى حمل الحقائب .
- مرحبا بك على متن برفيدى ! لم أكن أعرف أن الإعصار تراسى سيأتى معنا , فيشحب وجهى بعد ذلك .
- ولكنه ليس خطئى أنك تصاب بدوار البحر , فدراسة الأحياء المائية ليست لهؤلاء البحارين .
- إنها مهنتى بمزاياها ومساوئها , ولكن حاولى ألا تسببى لنا سوء الحظ هذه المرة .
وللأسف كان ذلك حقيقة . فكانت تراسى كأنها تجذب العواصف . وفى الرحلة الأخيرة أصيب الجميع بمن فيهم بريان المسكين بدوار البحر , تراسى وربان السفينة فقط ظلا على ما يرام .
توقف برايان على الميناء ووضع الحقيبتين ومن ينظر إليه بشعره الأشعث وابتسامته البريئة لا يصدق أنه فى الواحدة والعشرين من عمره , ولكنه بتصرفاته الساذجة والمضحكة مجرد شاب أبله , كثيرا ما يسبب القلق لـ تراسى , وعندئذ بدا على وجه برايان الضيق وهو يضع قطعة من القماش على كتفه ويقف صامتا , وتعجبت تراسى لهدوئه هذا ولم تفهم أيضا سبب عدم وجود أحد على متن الباخرة . وكان برفيدى مهجورة من الناس .
- أين الباقون ؟
- الربان فى الكابينة ورجلا الطاقم الآخران يهتمان بإعداد المؤن , أما الباقيان فإنهما يقومان بجولة سياحية .
- جولة سياحية ولكنهم يعرفون جيدا موعد حضورى هذا الصباح ويجب علينا الرحيل خلال ساعة واحدة .
- ولكن ذلك ليس شأنى ...
نظرت إليه تراسى متعجبة , إنها المرة الأولى التى تراه غير ثرثار كما أن وجوده على متن الباخرة وحيدا بينما يتنزه الباحثان الآخران يعد شيئا غريبا
وأخيرا سيفسر لها ويل الموقف ، والسبب فى التأخير . وها هى ذى تراسى تثق فى الرجل دائما ...
ولكن بمجرد أن تذكرت تصرفات بريان حتى انتابها القلق من جديد , فقدأخبرها أن ويل يعمل فى الكابينة . وهذه ليست عادته , إنه ربان قديم مجرب ويركز اهتمامه دائما على السيدات الجميلات , كما أنها نادرا ما ترة مزاج الرجل متعكرا . وهو كما يتضايق سريعا يهدأ سريعا ، ولم يحدث ولو مرة واحدة أن وقع هذا الرجل أسيرا لمغامراته . وهكذا من المستحيل أن يكون سبب ضيقه هو قصة حب .....
- حسن سأذهب لرؤيته . لابد أنه غاضب لتأخرى , إلى اللقاء الآن .
تركت تراسى بريان بغموضه وتوجهت إلى الكابينة وهى ترسم على وجهها ابتسامة عريضة . وعندما وصلت طرقت باب الكابينة ثم دخلت وهى تصيح :
- ماذا بك أيها القرصان الهرم , ألم ترحل بعد ؟
وعندئذ توقفت تراسى فى مكانها حيث رأت رجلا غريبا يجلس على المقعد وينظر إليها بإستغراب . كانت عيناه غريبتين ولونهما أخضر كلون البحر الصافى وكانت نظراته حادة وهادئة وأخاذة فى نفس الوقت , وملامحه قاسية كأنها منقوشة فى الصخر , أما ويل جاكوبز فيبدو شخصية مطمئنة ... ولكن ماذا يفعل هذا الرجل هنا ؟
كان شعره قصيرا , قصيرا جدا ولونه أسود داكن مع بعض الشعيرات الفضية , أما حاجباه فهما كثيفان مما يسبب تناقضا واضحا بين لونهما ولن عينيه الصافيتين , كانت ملامحه حقا قاسية ومثيرة فى نفس الوقت ...
نعم إن وجهه مفعم بحيوية غريبة وكأن الحياة والبحار قد تركت آثارها واضحة عليه , ويبدو على وجهه قوة غريبة لم تقابلها تراسى من قبل ... وعندئذ قالت لنفسها :
" إنه قرصان ! نعم قرصان حقيقى "
لم ينهض الرجل من مكانه وظل مستريحا على الكرسى وأخذ يتفحصها بوقاحة شديدة ، وأخيرا ركز نظراته الصافية على الـ تى –شيرت , ودون أن يبعد عينيه عن الفتاة , أمسك الرجل بعلبة السجائر وأخرج واحدة منها بهدوء شديد ثم أشعلها وأخذ نفسا عميقا .
لم تتحمل تراسى هذه النظرات ولكنها لا تستطيع الخروج ثانية ... وهكذا تذرعت الفتاة بالصمت , ولكنها تكاد تفقد توازنها .
أخذ الرجل نفسا آخر من السيجارة , ثم قال بصوت أجش :
- إذا صدقت الكلمات المكتوبة على الـ تى – شيرت , فأنت – إذن لا تأتين لتقبيلى .... أعتقد أنك تراسى بومون ، لقد تأخرت يومين .
- نعم أعرف ذلك للأسف ......
- يومان تأخير بينما يقوم الطاقم الأرعن الخاص بك بتصرفاته اللامسؤولة على متن باخرتى . وأخيرا لا تقولين سوى ذلك ؟
- أنت لم تترك لى فرصة لتفسير الأمر ......
عقد الرجل ذراعيه فوق صدره دون أن يبعد نظراته عنها , فبدا قويا وذا عضلات كأنه تمثال من البرونز , وكان يتحدث إليها بخبث غرب , فلم تتحمل تراسى هذه التصرفات .
- أنا .... أنا لا أعرف ماذا أقول ..... وأمام صمته الغريب , تابعت ببرود :
- ألا يمكنك تقديم نفسك لى ؟
- جرانت مورجان , كابتن مورجان .
نعم أنه هو , رئيس برفيدى , تعجبت تراسى كثيرا لرؤية هذا الرجل على رأس باخرة صيد منذ كان فى الثلاثين من عمره , وها هو ذا يتجاوز الأربعن الآن . ولكنها بمجرد أن رأته لم تعد متعجبة من هذه السمعة التى سمعتها عنه من قبل . فقد قيل عنه إنه متجدد دائما وجاد جدا فى عمله ، بل خطير أحيانا ، وإن كان يميل إلى الكرم فى أحيان أخرى .
وقد سمعت تراسى من أحد البحارة فى يوم ما قصة غرق السفينة الخاصة به فى حادثة فى البحر , فرفضت شركات التأمين سداد قيمة السفينة له , وعندئذ تولى جرانت مورجان أمره حتى ساعده فى الحصول على الأموال اللازمة لشراء سفينة أخرى . وهكذا ظل الرجل معترفا بجميله . وما يكاد يذكر هذه القصة حتى تغرورق عيناه بالدموع . جرانت مورجان البطل . جرانت مورجان القرش . جرانت مورجان الـ دون جوان , قصص كثيرة جدا تناقلها الأصدقاء والأعداء ويقال إن له سيدة فى كل شاطئ , وعندئذ نهض مورجان من مكانه واقترب منها , فارتجفت تراسى . وعندما أصبح على بعد خطوتين منها , لاحظت ضخامة حجمه ...
- أرى أنك سمعت عنى من قبل ....
لم تجب تراسى والحق أنها لم تكن تريد إلا مغادرة المكان فورا , ولكن بريان كان قد أخبرها من قبل أن الربان فى الكابينة ..... ترى ما السبب الذى جعل جرانت مورجان يتولى مكان ويل جاكوبز ؟ إنها حقا تخشى سماع الإجابة عن هذا السؤال .
- ماذا حدث لكابتن جاكوبز ؟
- إنه فى المستشفى , لقد تعرض لأزمة قلبية منذ ثلاثة أيام , ولكن حالته ليست خطيرة , اطمئنى . كل ما فى الأمر ضرورة الحذر .
- أتعتقد أنه يستطيع تولى مسؤولية باخرة من جديد ؟
- ليس قبل فترة . ولكن ربما لا يستطيع تولى مسؤولية ربان من جديد , هو نفسه يشك فى هذا ولكنه لم يتحدث عن ذلك .
- إذن أنت الذى ....
أومأ جرانت مورجان برأسه , ثم قال بلطف شديد :
- يمكنك زيارته إذا أردت , سيكون سعيدا بذلك , فهو يكن لك محبة عظيمة
- بكل سرور , ولكننى لا أريد إزعاجه .
- هيا , سيسعده ذلك كثيرا .
ثم استدار نحو المكتب ليمسك بسلسلة مفاتيح , ثم قذف بها لـ تراسى التى نجحت فى الإمساك بها .
- هيا خذى سيارتى , إنها الـ تويوتا الحمراء الواقفة أمام برفيدى , فنحن لن نرحل قبل غد صباحا وأمامك الوقت الكافى كما يمكنك العودة فى المساء , فلا يوجد ما يتعجلك .
- ولكن لا داعى لذلك .... سأستقل سيارة أجرة . كما أنك ربما تحتاج إلى سيارتك .... وهذا يضايقنى أن ....
- لا سأبقى هنا حتى الصباح , كما أن الطاقم سيعود فى الظهيرة وإذا احتجت إلى أى سيارة يمكننى استعارة واحدة .
ومن جديد تحولت نظراته الهادئة إلى نظرات ساخرة . وأخذ يتفحص الفتاة من جديد من أخمص قدميها حتى قمة رأسها , إنها تراسى التى نجحت فى الحصول على مكانها وسط عالم الرجال الناجحين ونجحت أيضا فى الدفاع عن نفسها دائما .
وغالبا ما تستطيع تراسى رد الوقاحة والوقحين بكلمة أو تعليق حاسم , ولكن جرانت مورجان ليس سهلا . ولو تركت نفسها له فمن المؤكد أنها ستعيش مدة أربعة أسابيع فى حجيم .
- هيا , أسرعى وإلا غيرت فكرتى عنك .منتديات ليلاس
- أتمنى أن أكون مخطئة .
- غالبا ما يلجأ الإنسان إلى التعميم عند الخطأ .
- تبدو كلماتك كسلاسل الذهب . وأنت تعتقد أنك تؤثر على ولكن ليست كل النساء من النوع الذى يتأثر بسهولة .
- ولذلك أحب النساء , لأنهن مختلفات !
ثم اقترب منها فى خطوة واحدة ، وأحاط خصرها بذراعيه , فلم تستطع التخلص من قبضته ولا حتى الاعتراض وكان عندئذ قد قرب شفتيه من شفتيها , وكانت قبلة عميقة وقاسية , ولكنها رائعة , فشعرت تراسى بإحساس غريب يعتريها وسعادة مفاجئة وغير منتظرة .
إنها لم تكن تريد هذه القبلة ولكن جسدها كله يستجيب لها , فتشممت رائحة جسده واستمتعت بمذاق شفتيه وذابت فى حرارة جسده وبين قوة ذراعيه حول خصرها . ولكنها تشعر بالخوف .... لا ليس الخوف , ولكنه الهلع
فزعت تراسى لهذا الشعور خاصة عندما أخذ يداعب جسدها بيديه وجعلها – رغما عنها – تلف رقبته بذراعيها , واستجابت لقبلته , إنه جنون حقا , ولكن جسدها لا يخصع لها الآن .
وفجأة رفع رأسه , ونظر إليها , ليتأكد من تأثيره عليها , ثم قال بخبث :
- إن منفضة السجائر موجودة على المنضدة ويمكنك المقارنة ....
وعندئذ أمسك مورجان بيدها التى رفعتها لتنهال بها على وجهه فى صفعة
- هل تظن نفسك لطيفا ؟
- ولكننى أعتقد أنك تقدرين المزاح !
كانت تراسى تريد توبيخه , ولكنها لم تستطع , فقد كانت ذراعا مورجان لا تزالان حول خصرها , ومذاق قبلته لا يزال على شفتيها .... ثم حاولت الابتعاد عنه , ولكنه أحكم قبضته عليها .
- اتركنى .
- ليس قبل أن تعدينى بأنك لن تصفعينى , أن العنف هو ملجأ الضعفاء .
- ولكنه ملجأ جيد .
ابتسم مورجان وعندما تأكد من هدوئها , تركها تمضى , وعندئذ توقفت تراسى على الباب عندما سمعته يقول لها :
- لا تقودى السيارة كالمجنونة .
ودون أن تلتفت نحوه , هبطت تراسى الجسر وهى تشعر بوجود مورجان وراءها , وعندئذ لاحظت تراسى نظرات بريان الذاهلة نحوها , فشعرت بالذنب ! وتساءلت تراسى ما السبب الذى يجعله محجوزا هكذا على متن الباخرة , ولكنها سعدت بهذا الخجل الذى يعتريه ويمنعه من التهكم عليها كالعادة .
أمسكت تراسى بحقيبيتها وهى لا تزال تشعر بنظرات جرانت مورجان مسلطة عليها , ثم صعدت السلم المؤدى إلى كابينة الطاقم ، إن عددهم ستة أشخاص فى هذا المكان الضيق , ولكن المكان منظم جدا , وقد ترك لها المكان الخاص بها فى خزانة الملابس وكل ما عليها هو ترتيب حاجاتها خلال دقائق معدودة : ثلاثة بنطلونات من الجينز وعدد من البلوزات الـ تى – شيرت , عدد ستة من لباس البحر , وهى ملابس لن تأخذ مكانا كبيرا , كما أنها أحضرت معها ثوبا للسهرة .
وأخيرا ارتدت تراسى تى – شيرت أقل جاذبية وبنطلونا قصيرا لونه وردى وعندما توجهت إلى الميناء ثانية , كان جرانت مورجان قد اختفى , لابد أنه سعيد جدا بفوزه فى هذه المعركة . وهكذا أقسمت تراسى بينها وبين نفسها أن تكون حذرة دائما , وكل ما يهمها الآن هو هذه الرحلة العلمية التى تنوى الوصول بها إلى بر الأمان .
عثرت الفتاة على السيارة الـ تويوتا الحمراء بسهولة , وبدأت تقودها بهدوء .وعندما وصلت إلى المستشفى سألت عن حجرة ويل جاكوبز , ثم بدأت تسمع صوته الأجش عبر ممرات الحجرات وهى فى طريقها إليه وكان يقول :
- إنهم يرفضون كل شئ هنا ! إن الموت أفضل بالنسبة لى ! والآن هأنتذى تفرضين على قانونك ايتها الفتاة الصغيرة ولكنك سترين من أنا ! ..
وعندما دخلت تراسي الحجرة . وجدته جالسا فى فراشه , يوجه حديثه إلى سيدة جميلة ناضجة ترتدي زي المستشفي وتبدو صبورا جدا . وعندما تلاقت نظرات الممرضة بنظرات تراسي فوجئت السيدة بصياح البحار الهرم كأنه الرعد :
- ها هي ذي معجزتي الصغيرة ! تعالي هنا يا بنيتى حتى أراك بوضوح وابتعد عن هذه المرأة المسنة .
قالت تراسى ضاحكة :
- انت حقا ثعلب هرم معاند .
ثم مالت الفتاة نحوه لتقبله وهي دهشة من رؤيته هكذا , فبدا كأنه مستعد تماما لمغادرة الفراش فورا ومعاودة حياته الطبيعية من جديد .
ولكنها بمجرد أن رأت عينيه عن كثب حتى غيرت رأيها , فهو يبدو مرهقا متألما جدا , وقوته هذه قوة ظاهرية ليس أكثر .
لقد تمكن منه المرض حقا وكل هذا الصياح لم يكون سوى قناع يخفي وراءه الخوف الذى يملأ قلبه , نعم إنه يعرف الموت جيدا .
سحبت تراسي مقعدا وجلست قريبة منه وأخذت تداعب برقة , إنه حقا بحاجة إلى المزاح والضحك .
- لقد قيل لى إنك تمضى عطلتك هنا , كم اتمنى حجز غرفة فى نفس الفندق معك !
- عطلة ! إنك تضحكيننى , إننى على ما يرام , ولكن هؤلاء الأشخاص لا يريدون تركي وشأنى , أنا أعرف جيدا أنها الممرضة التى تريد بقائي هنا , بالمناسبة , أقدم إليك بيتي واتسون .
لاحظت تراسي نظرات ويل القاسية للممرضة بينما نظرت إليها السيدة بهدوء وبدت السيدتان كأنهما متعارفتان !
وعندئذ نظرت الممرضة إلى تراسي وقالت لها :
- إنه ليس من حقه التعرض لزيارات لمدة طويلة , سأتى إليك بعد قليل , فـ ويل الهرم بحاجة إلى الراحة , ولكنه لا يكف عن القيام بهذه الحركات العنيفة كأنه يرقص على لحن الرقصة الجاوية !
وعندئذ خرجت الممرضة وهى تستمع إلى كلمات الرجل اللاذعة :
- الرقصة الجاوية , نعم وأريد أن أراك ترقصين هذه الرقصة معي ... يجب ان أعلمك إياها ! ولكن عليك أن تكوني أكثر لطفا !
قالت تراسي وهي تجيب عن غمزة عينيه بتقطيب وجهها :
- أنت شخصية لا يمكن تغييرها .
تمدد الرجل فى الفراش وهو يتنفس بعمق ويريح رأسه على الوسادة , نعم , يبدو مرهقا , وهنا شعرت تراسي بوخز في قلبها , فهي لم تره هكذا من قبل , لقد كان دائما كثير الحركة محبا للمزاح , وقد تأكدت منذ أول مرة فيها أنه لن يتقبلها إلا إذا كانت ذات مزاج عال .. وتقبلت مزاحه بصدر رحب , وسرعان ما تفاهما معا , وبدا الرجل يعتبرها كأنها ابنته , ومرت الحياة بينهما خلال رحلاتهما معا رائعة يسودها الاحترام المتبادل .
ولكن تراسي لا تستطيع الاحتفاظ بروحها المرحة معه , وحقا تشعر بالألم الشديد لرؤيته , وكأنه يحاول إخفاء ألمه وحزنه عنها .
أمسكت الفتاة بيده وهي تقول :
- إذن الامور ليست على ما يرام .
- لقد مررت بالأسوأ من ذلك وأنت تعرفين , لقد فقدت توازنى على متن الباخرة " برفيدي " , ولكن لحسن الحظ , كان جرانت بجانبي فى هذه اللحظة ونجح فى الإمساك بي حتى لا أجد نفسى خارج السفينة ملقى على الأرض ! عندئذ تذكرت تراسي لقاءها بـ جرانت مورجان .
- أعتقد أنك تعرفت على الربان الجديد . وإذا كنت لم تستطيعي الإعجاب به , فذلك لن يدهشنى ...
- الحق إننى لم أركع على ركبتي بمجرد رؤيته , هذا ما تريد قوله , وهذا ما كان يتوقعه هو .
- أنت لست الأولى , ولكن كما أعرفك لا بد أنك قد وجهت إليه الصفعة المناسبة التى تؤكد له عدم إعجابك به .
ضحكت تراسي فهو لم يبتعد عن الحقيقة كثيرا .. ولكنه يبدو قادرا على لعب الكاراتيه , فقد نجح فى التصدى لي , واعترف انه لابد أن أكون ناسكة حتى لا أقع فى غرامه .
- حسن جدا يا صغيرتي .
بدا صوت الرجل الهرم واهنا , فشعرت تراسي بضرورة قطع الزيارة .
- لا داعي لتهنئتي .. ولكننى سأتركك الآن , ربما تكون لا تخاف من ممرضتك , أما أنا فأخاف من نظراتها كما أننى سأقوم بجولة سياحية قصيرة ثم أعود إلى الباخرة وإلى الربان , فقد أعارني سيارته . ومن المؤكد إنه يخشي رحيلي فى نزهة طويلة دون ترك عنواني .
نهضت الفتاة من مكانها ثم مالت لتقبل الرجل على وجنته وهي تقول :
- استرح جيدا , فانا أريد رؤيتك فى الميناء لدي عودتنا إلى داروين .
- لو كان يوجد بعض التسلية هنا فقط !
هل يمكنك إحضار زجاجة من الشراب لى فى السر ؟
- لقد جننت !
وعندئذ كانت الممرضة قد وصلت إلى الحجرة , فصاحت لسماع هذه الكلمات . ولكن تراسي استدارت نحوها وهي تقول :
- لا تخشي شيئا , فلن أفعل ذلك أبدا .
- حسن جدا , ولكن الجميع لا يتصرفون مثلك .
وفى هذه اللحظة كان ويل فى فراشه كأنه طفل صغير يشاهد معركة أمامه . فنظرت إليه تراسي بحدة .
- تري من هذا الذى نجح فى إقناعك بهذه الحماقة ؟ أتمنى ألا يكون أحد من الطاقم !
وأمام نظرة الممرضة , فهمت تراسي على الفور .
لابد أنه بريان روبرتس ! هذا الشخص الأبله .
- إنه ذو شعر أحمر . ويبدو كأنه فى الخامسة عشرة من عمره .
أجابت الممرضة :
- نعم هو واعتقد أن شعره أصبح ناصع البياض الآن . فقد ظل الكابتن مورجان يصرخ فيه بقوة حتى سمعه المستشفى كله .
قال ويل :
- لقد فوجئ الغبى بـ جرانت فى حجرتى .
- إذن فهمت سر غضب مورجان ! إنه يحقد على .
- ولكنك كنت فى الطرف الاخر من العالم أمس .
- نعم , ولكن بريان فرد من الطاقم العلمي . وحتى لو كنت غير مسؤولة عن اختياره بين أفراد الطاقم . فأنا المسؤولة عنه الآن .
قاطعت الممرضة الحديث قائلة :
- ولكننى أعتقد أن الكابتن مورجان سيعيده إلى صوابه بعد ذلك .
- ولكن هذا الشاب الغبي سيعرف من أنا .
قال ويل :
- كلا . لا تكونى قاسية معه , فلم يكن خطأه كما أن جرانت عاقبه بما فيه الكفاية .
- مورجان لا شأن له بهذه القصة , فأنا المسؤولة عن هذا الطاقم وحساب بريان معى انا .
- ولكن تذكرى يا صغيرتى , انه الربان على الباخرة ...
ولاتجعلى منه عدوا لك ...
سكتت الفتاة لحظة وهى تتأمل الربان الهرم . نعم , لم تواجه معه أبدا أى صراع على السلطة , فقد كانا يتخذان أهم القرارات وسط الصياح والمزاح , ولكن يبدو أن الامر مختلف مع الربان الجديد .
رفعت الفتاة كتفيها وهى تلوح بيدها نحو ويل والممرضة , ثم خرجت من الحجرة .
كان الوقت صالحا للتنزه عقب الظهيرة , ولكنها لن تجوب طويلا شوارع المدينة , فهى تريد العودة بسرعة إلى الباخرة لمقابلة بقية أفراد الطاقم , كما يبدو أن هناك مشاحنات بين بريان ومورجان .
ولابد لها من التعرف على أفراد الطاقم الآخرين حتى يمكنها تأكيد سلطتها فيما بعد , ولكن مع بريان روبرتس وجرانت مورجان لن تمر الأمور بسلام , وكل ما تتمناه الآن ألاتظهر مشكلات جديدة بينها وبين البقية الباقية .
ولدى وصولها إلى برفيدى , حاولت تراسى تغيير لهجة حديثها .

الفصل الثاني
رأت " تراسي " كل أفراد الطاقم مجتمعين في الميناء الخلفي . لا يوجد حظ حقا . لا يوجد حظ! و في وسط الحشد المجتمع ، تعرفت " تراسي " عليها بقامتها الطويلة . لابد أنها " فيفيان دوهرتي " التي سمعت عنها كثيرا .
و إذا كانت الشائعات التي سمعتها عنها حقيقية ، فلابد أن الشهر القادم سيكون قاسيا جدا . و يبدو أن " فيفيان " تستطيع السيطرة على جميع الرجال . فقد التف الجميع حولها كالنحل . و هاهي ذي تقف بينهم مرتدية شورتا قصيرا و بلوزة قصيرة جدا . ظلت الفتاة تنظر إليها و تراقبها جيدا و لاحظت أن شعرها يتدلى على ظهرها في ضفيرة طويلة .
كانت " فيفان " تعمل في وزارة الصيد . واشتهرت بأنها حورية البحار ، و غازية الرجال و أكثر الفتيات وصولية . و قد سمعت عنها " تراسي " كثيرا بتفاصيل مملة و عرفت مغامراتها و المصائب العديدة التي تسببت في وقوعها .
أليست هي التي تسببت خلال إحدى الرحلات في وقوع جميع رجال الطاقم تحت تأثير المشروبات الكحولية لينسوا معاركهم العقيمة معها و قلوبهم الجريحة ؟
ففي الباخرة ، لابد على كل فرد أن يجاهد في الحصول على احترام الغير مع الرغبة في الاختلاء بالنفس قليلا . و لكن هذة ليست سياسة " فيفيان " و حتى هذة اللحظة ، لم يكن أحد قد لاحظ وصول " تراسي " وعندئذ صعدت " تراسي " إلى الجسر و هي تلعن حظها السيئ . ومع
ذلك قد يكون لوجود " جرانت مورجان " فرصة جيدة . ولكن ربما يفشل هو أيضا في السيطرة على " فيفيان "
و كانت " فيفيان " أول من لاحظت وجود " تراسي " و عندما تحولت الأنظار إليها . شعرت " فيفيان " بالغضب يستولي عليها . فهي لا تريد منافسة من أي نوع و لا تريد أن تتحول نظرات الإعجاب عنها أبدا .
بحثت " تراسي " عن " بريان " وسط الجميع فهي تريد توجيه بعض الكلمات إليه ولكنه غير موجود . و عند رؤيتها صاح " ديك فرنش " : - " تراسي " . عجبا ، إن السماء لم تمطر بعد ! شئ غريب . أليس كذلك ؟
و هنا اقترب منها الرجل الثاني في الباخرة " برفيدي " و كان رجلا طويل القامة و ذا ملامح غير منتظمة . ولكنه رقيق جدا . ثم رفعها بين ذراعيه ليقبلها على خديها ثم وضعها على الأرض ثانية .
- دائما صغيرة . لابد من تناول طعامك كله يا " " أينشتين " .
و البحار الآخر كانت " تراسي " تعرفه جيدا . فابتسمت له ، و لم تكن الفتاة تتخيل وجود رجل صامت مثل " توم بوس " و لا وسيم مثله . فكان جسده قويا كأنه مصارع . وكان مختلط النسب . جزء من أهل المنطقة و جزء من " ماليزيا " ز جزء ثالث من " الصين " ويقال إنه لم يذهب إلى المدرسة أبدا . ولكنه يعرف عالم البحار كأنه موسوعة .... و لكن ذلك إذا استطاع أي شخص انتزاع ثلاث كلمات فقط من فمه ، أما هو فقد كان يقدر " تراسي " كثيرا و يعتبر وجودها ركيزة مهمة جدا .
تولى " ديك " مهمة تقديمها لبقية الطاقم ، و بدأ ب" فيفيان " التي أخذت تنظر إليها ببرود شديد على الرغم من ابتسامة " تراسي " . ثم جاء دور " جلين جيمس " المساعد الثالث للفتاة . وكان رجلا قصيرا أسمر اللون ،ذا ابتسامة خجلى و يبدو أنه صامت مثل " توم بوس " و هنا فكرت " تراسي " في ضرورة اقتراب أفراد الطاقم بعضهم من بعض . و الحق أن " فيفيان " لم تكن أبدا فتاة كسلى . و لكنها صيادة ممتازة . أما " بريان " فإنه تعرفه جيدا . و تعرف طبيعة عمله ، إذن لم يعد يتبقى أمامها إلا ضرورة معرفة قدرات " جلين جيمس "
سألته " تراسي " :
- إنها رحلتك الأولى ؟
فأكتسى وجه الرجل بحمرة الخجل و فكر قليلا قبل أن يجيب :
- أنا أعرف أنواع أسماك القرش ، كما أنني قمت باصطياد التونة الحمراء على شؤاطي بورت لينكولن . أجابته " تراسي " بابتسامة دافئة :
- إذن العمل هنا لن يكون غريبا عليك .
يبدو أنه طاقم مجرب ، ثم استدارت نحو " فيفيان " و قالت لها:
- وأنت ؟ أعرف أنك تذهبين في رحلات بحرية ولكن هل تعرضت لأسماك القرش من قبل ؟
- نعم ، لقد تعرضت لأسماك القرش ، و الأسماك الضخمة و الصيادين . لقد قمت بأسفار كثيرة ......
قيلت هذى الجملة بشئ من الازدراء . ولكن " فيفيان " حرصت على ألا تتجاوز حدود اللياقة و الأدب . و الآن لم يعد يتبقى شئ يقال . من الؤكد أن " تراسي " كانت تتمنى الرد عليها ولكنها امتنعت نظرا للتعبير الغريب الذي ارتسم على وجه " فيفيان " . و كانت نظرتها دافئة و جذاية إلى حد جعل " تراسي " تشعر بالاختناق . و هنا شعرت بشخص ما يقف وراءها . فاستدارت .... في فضول لتعرف من هذا الذي تابع مثل هذا المشهد . إنه " جرانت مورجان " ثم قال بصوت قوي :
- هل يمكنك الحضور إلى الكابينة لنتحدث قليلا يا آنسة " بومون " ؟
واستدار سريعا سريعا وذهب نحو الكابينة .
وسعدت " تراسي " باختفائه هذا وسارعت باللحاق به . ترى ما لعبته الجديدة . ياله من دور يحاول القيام به ولكن ذلك كثير .إذا ظل الحال على ما يبدو عليه طوال الرحلة لمدة شهر كامل . صعدت " تراسي " إلى كابينته ، ودخلت وراءه و أغلقت الباب خلفها . وعندئذ جلس " مورجان " و أشار إليها لتجلس على المقعد الوحيد المتبقي في الغرفة . وكان الميناء بشمسه المحرقة يظهر من خلال الطاقة الصغيرة المربعة وأطاعته " تراسي " وهي على استعداد تام لتحمل مزاجه المعكر ، فقد قرررت التماسك بعض الشئ . حتى تستطيع معاقبة " بريان " المسكين بنفسها . وعلى أيه حال فما حدث كان قبل وصولها ولكن من الواضح أن " مورجان " يريد إلقاء المسؤلية على عاتقها . ولكنها ستحاول أن تؤكد له أنها رئيس هذة الرحلة العلمية بداية من الآن .
وقبل أن يبدأ " مورجان " حديثه ، ألقى على الفتاة نظرة ممزوجة بالرغبة و القسوة في آن واحد . مما جعل وجهها يكتسي بحمرة الخجل و أخيرا قال :
- و الآن كيف حال القرصان الهرم ؟
ظللت " تراسي " دهشة . فلم تكن تتوقع مثل هذة البداية في حديثه
- لا يزال مجنونا ، و يريد القيام بإضراب . ولكنني أعتقد أنه يخشى الموت بداخله دون أن يظهر ذلك .
- بالضبط ، ولكن هل تعرفين أن " بريان " الغبي قد ذهب إليه بزجاجة من الكحول ؟
- نعم . لقد حدثني بذلك . و " ويل " هو الذي تجرأ و طلب منه ذلك ولكنني لن أوافق على ذلك أبدا و لحسن الحظ ، المسؤولة عنه هي الممرضة " بيتي واتسون " . وعلى ما أعتقد أنها تعرف كيف تتعامل مع هذا المجنون الهرم .
- ليس بالتأكيد ......
- ما معنى ذلك ؟
- تصوري لو تم زواجهما ، يجب أن نعترف أنها صغيرة السن . ولكننا يمكن أن نعتبرها أرملة زوج ثان لرجل أسوأ من " ويل " ! ظللت " تراسي " دهشة من المفاجأة . فلم يحدثها " ويل " عن حياته الشخصية من قبل . كما أنها تعتقد أنه أعزب و يفضل الحرية بعيدا عن قيود الأسرة .
قال " جرانت مورجان " :
- يبدو أنك لا ترينه مناسبا للزواج !
و أنت محقة في ذلك . ولكن يمكنه التجربة ..........
و أجاب " مورجان " عن سؤال " تراسي " الذي لاح في نظراتها و هو يعد على أصابعه . الثاني ، الثالث ، ثم الرابع . و أخيرا توقف عند الخامس .
- إن " بيتي واتسون " الثانية و ربما الثالثة ، صراحة حياة " ويل " الغراميه لا تستهويني . علقت الفتاة غاضبة :
- لم يكن أبدا مثابرا .
- هذا خطأ . ففي كل مرة ينفصل فيها عن زوجته يتألم كثيرا و علة أية حاال هذا لا يعنيك في شئ . و الآن حدثيني عن طاقمك .......
- لينبدأ ب" بريان " و تقول : إنه لا يحب حياة البحارة . و ربما يكون نادما على التحاقه بها ، ولو كنت أستطيع حقا . لألقيت به بعيدا . ولكن إذا تسبب في أية مشاكل لنا . يمكننا تركه وحيدا في جزيرة مهجورة .
- أنا أثق بك . وفي رأيي أنك ستنجحين في تعريفه أين يكون الطريق السليم . بالنسبة لفرس السباق ، ماذا بشأنها ؟
انفجرت " تراسي " في الضحك لهذا التشبيه الذي خلعه على " فيفيان " .
- بالنسبة للعمل ، سأتولى أنا أمرها . أما بالنسبة لمواهبها في الإغراء ، فعليك أنت المقاومة . و أتمنى ألا يكون ذلك كثيرا عليك أيها الربان ؟
كانت هذة ضربة موجهة إليه . وهي تعرف ذلك جيدا . وكم تتمنى أن تكون نظراته هذة إليها دليل لا مبالاة تجاه هذة المرأة الشقراء .
غير " مورجان " مجرى الحديث تماما دون أن يجيب عن سؤالها .
- في نظر " ويل " أنت مسؤؤله ممتازة و تستطيعين فرض سلتطك إنه يمتدحك كثيرا .

 
 

 


التعديل الأخير تم بواسطة Rehana ; 16-06-15 الساعة 08:02 AM سبب آخر: اضافة الاسم الاصلي للكاتبة
عرض البوم صور safsaf313   رد مع اقتباس

قديم 25-07-09, 08:32 AM   المشاركة رقم: 2
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Mar 2008
العضوية: 66854
المشاركات: 2,022
الجنس أنثى
معدل التقييم: safsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 585

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
safsaf313 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : safsaf313 المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

دهشت " تراسي " من سماع هذة المجاملة . ولم تستطع الإجابة و لحسن الحظ أخرجها " مورجان " من هذة الحيرة بسؤال آخر .
- يبدو أنك – حتى الآن – تبحرين دائما نحو الغرب ؟
- هذا حقيقي ، ولكن بالنسبة لهذة الرحلة . هناك خط سير مختلف . ألم يحدثك أحد عنه ؟
- نعم سنرى ذلك فيما بعد على الخريطة . و أنت هل يمكنك تحمل صعاب السفر بالسفينة ؟
- لا تقل لي إنك تتنبأ بجو سيئ ! ففي المرة السابقة ، كان البحر سيئا جدا لدرجة اضطرننا لترك السفينة راسية أكثر من نصف الرحلة .
- لنؤكد قدرتك الخارقة كساحرة . يبدو أن الجو من الممكن احتماله غدا ولكننا نريد طبيعة طيبة البحر .
- أتعرف كم سمعت هذة المزحه من قبل !
استطرد " جرانت " غير مبال بتعليق " تراسي "
- كل ما نخشاه ألا تكوني قادرة على تحمل دوار البحر !
هنا ضحكت " تراسي " ،فتأملها " جرانت " ثم ضحك بدوره .منتديات ليلاس
فقالت " تراسي " :
- معذرة ، فأنا لا أجيد اللعب بالكلمات .
نظرت إليه " تراسي " ولاحظت أنه عندما يضحك ، يظل متحفظا كما هو . وكان ينظر إليها بعينين صافيتين كأنه يحاول التسلل إلى روحها . وهنا فهمته الفتاة . و عرفت أنه يريد مزيدا من الوضوح و فجأة قال لها :
- معي لا يمكنك اقتسام السلطة كما كنت تفعلين مع " ويل " .
وهنا شعرت " تراسي " أنه يتحداها و يحثها على الرد عليه . فحاولت العثور على إجابة حاسمة ولكنه لم يعطها هذة الفرصة و قال :
- لا تهتمي الآن . ففي الوقت المناسب ، لن تجدي أية مشكلة . ولكن نظرا للظروف .......
وعندئذ سمعا صوت ضحكة عالية من الخارج فتوقف عن حديثه لحظة ، ثم تابع قائلا :
- ربما أجد نفسي مضطرا خلال الرحلة – لتقويم الآنسة " دوهرتي " أما أنت فعليك الالتزام بعملك . و أنا سأهتم بسلوك الجميع . وهذا أفضل لك .
- ربما تكون غير محق ............
- أنا محق جدا .
ثم تابع حديثه بهدؤء شديد بعد الإجابة الحاسمة .
- بالتأكيد ، سنتناقش معا . و أعرض عليك أن تتم المناقشة في الكابينة الخاصة بي حيث الهدؤء ! و أتمنى أن تجدي راحتك هنا ...
ثم ابتسم " جرانت " و قالت "
تراسى بعد ان فقدت هدوئها:
- أعتقد أنها فكرة سيئة !
- هل تخشين على سمعتك ؟
- سمعتي ليس لها أي دخل في الموضوع . ولكنني أريد الاحتفاظ بسلطتي . ولا أريد ضياع وقتي في شائعات قد تضعفها .
- إن الخلافات العامة أمام الناس هي التي يمكن أن تضعف سمعتك . و أخيرا يجب أن تفكري جيدا .و إذا كان لديك اقتراح أكثر عملية
يمكنك عرضه علي . و الآن إنها الليلة الأخيرة لنا على الأرض . و أتمنى أن ينجح طاقمي و طاقمك في استغلالها جيدا . فيما عدا " روبرتس " الصغير ، فأريد بقاءه هنا على متن الباخرة . و الآن هيا نتناول عشاءنا معا في المدينة حتى يتسنى لنا الحديث معا بصورة أفضل .
في ظروف أخرى ، ربما توافق " تراسي " ولكن مع هذا الرجل الذي يصر على وضع مسافات بينهما ووجود تحفظات ....
- أفضل النوم مبكرة حتى أكون على ما يرام في الصباح .
- لا أعتقد أنك تستطيعين العثور على الهدوء هنا . و لا يمكنك النوم بمجرد عودة هذا الطاقم الصغير من نزهته في المدينة . وأخيرا ، كما تريدين .....
لاحظت " تراسي " أنه غير مقتنع ، ومن المؤكد أنه سيبحث عن صحبة أخرى معه خلال هذة الليلة الأخيرة في المدينة ، فقالت :
ولكنهم سيشربون كثيرا وينهارون في غرفهم بمجرد عودتهم . ولن أخشى عندئذ أصوات غطيطهم في النوم .
- وغدا يكون الإرهاق و دوار البحر .
- هل تنبأ البعض بسوء الجو غدا ؟
- نعم ، ولكن ذلك سيكون مؤقتا على الاقل في اتجاه جزيرة " ويسل " ثم توجه نحو الخرائط الموجودة على المنضدة الصغيرة .
- و يمكننا ملاحظة طريقنا جيدا خلال هذة الرحلة .
لحقت به " تراسي " متحمسة ، فهي – طوال عمرها – تعشق الخرائط البحرية و كم تحب هذة المناطق الشمالية .
زجزر " ويسل " هي محموعة من الجزر الممتدة في الشمال الشرقي لأرض " أرنهم " وهي الحدود الشرقية للأ**** الشمالية بين خليج " كاربنتاري " و بحر " أرافورا " و قد سميت الجزر باسم إحدى الباخرتين اللتين اكتشفتا المنطقة عام 1937 ، و هو اسم جديد بدلا من الاسم الذي أطلق عليها عندما اكتسفت عام 1623 فسميت " سبولت " و هذة المنطقة كلها تحت تصرف البحارين من " تايوان " واستراليا " الذين يعملون في اصطياد أسماك القرش و هو موضوع دراسة " تراسي " . وهي تقصد به تخفيض حجم عمليات الصيد في المنطقة .
انحنى " جرانت مورجان " على الخريطة و أشار نحو خط سير الرحلة بيدية المنهكتين نتيجة لأعماله في الصيد و كانت الفتاة تتابع حديثه باهتمام كبير . و من الميناء في " داروين " هنا سيتجه الطاقم نحو الشمال مارين بجزر " فرنون " و خليج " فان ديمن " حتى يصلوا إلى مضيق " داندا " ثم يتجهون نحو بحر " أرافورا " . و من هناك يتجهون إلى الساحل الشمالي ل" أستراليا " حتى جزر" ويسل " . و أشار " جرانت " نحو نقطة صغيرة على الخريطة
قائلا :
- ها هو ذا " جواربي ريب " الممر اصغير الذي يفصل بين جزر " جولورو " و " راراجالا " . و إذا سمح لنا الوقت و الجو ، يمكننا المغامرة هناك . ولكن ذلك خطر . فهي منطقة ضيقة جدا و تقع بين صخور ضخمة على الجانبين . وسيكون من الصعب أن تمر باخرة مثل باخرتنا من هذا المكان .
فجأة لمعت عيناه كعيني رجل يعشق الخطر . ثم استطرد قائلا :
- بالتأكيد ، يمر الصيادون في هذة المنطقة سواء أكان الجو عاصفا أم لا . أما نحن إذا لم نمر من هذة المنطقة ، فلابد حينئذ من أن نلف حول رأس " ويسل " نمر عبر جزر " كانينجهام " . وجزر المستعمرة الإنجليزية مارين حول رأس " ويلبرفورس " و ندخل في خليج " ملفيل " حتى نصل إلى شبه جزيرة " جواب " و يمكننا هناك التزود بالمؤن . فالخيرات كثيرة هناك . ولكنني لا أعرف كنه احتياجاتك .
أجابته " تراسي " باقتضاب شديد . فقد كانت مشغولة جدا بملاحظة هذة الخريطة التي تعبر عن الماضي و تعكس الغزوات التاريخية
ل"هولندا " و " البرتغال " و " ماليزيا " و " إنجلترا " و بعض المناطق الأخرى التي كانت تسمى بأسماء مختلفة . من المؤكد أن معظم هذة الأسماء الجديدة يرجع إلى رحلات مكتشفها " ماثيو فليبدرز " عام 1803 . وقد ذكرت " تراسي " تاريخ المستعمرة الإنجليزية ل"جرانت مورجان " إذ لم يعرفها جيدا .......
وقالت :
- لقد اختار " فليندرز " أسماء هذة الجزر الصغيرة من بين أسماء علية القوم المدونة في مستعمرة الهند الشرقية . ولكن في أحد أيام شهر فبراير . حضر ربان " ماليزي " للصيد في هذة المنطقة وكان يدعي " بوباسو " وهو رجل شهير جدا في الصين . وأكد أنه أول من اكتشف أرض "أرنهم" منذ ثلاثين عاما مضت . وقد سمى "فليندرز " إحدى الجزر باسمه ولكنني لا أعتقد أن كبارالقوم الإنجليز قد قدروا ذلك واستساغوه .
قال " مورجان " :
- إن مثل هؤلاء المكتشفين يقضون وقتا خرافيا في تسمية هذة المناطق كأنهم يريدون بداية التاريخ من الصفر وكأن لم يكن هناك أي شئ قبلهم .....
نظر " مورجان " إلى الخريطة قليلا ثم أشار نحو جزيرة قريبة جدا من رأس "ويسل "
- مثلا هذة الجزيرة ،كانت تسمى جزيرة " مارشينبر " ولكن سكانها منحوها اسما آخر " إرميبيجا "
- وما معنى هذا ؟
لم يجد " مورجان " الوقت الكافي ليجيب عن سؤالها . فقد فتح الباب فجأة و دخلت منه سيدة شقراء نحيفة جدا . ثم قالت بصوت ساحر :
- " جرانت " عزيزي .
ولكنها توقفت بمجرد أن رأت " تراسي " ، و قالت :
- معذرة .كنت أعتقد أنك وحدك ......
- " ميلسا " . أقدم لك " تراسي بومون " دكتورة في علم الأحياء المائية و المسؤولة عن الطاقم العلمي . آنسة " بومون " أقدم لك "مليسا ستيوارت " .
وعندئذ شعرت " تراسي " أنه لا داعي لوجودها . فاستأذنت خارجة وهي تتساءل من تكون " مليسا " هذة ؟
و بعد قليل رأتهما و هما يخرجان من الحجرة و الفتاة الشقراء تمسك بذراع الربان . وقبل مغادرة الباخرة ، أعلن " مورجان " أن جميع أفراد الطاقم لهم مطلق الحرية فيما عدا " بريان روبرتس " . ثم أعلن أوامره الأخيرة :
- وأطلب من الجميع العودة على ما يرام دون الإسراف في الشرب . سنرحل في الفجر مهما كانت الظروف .
ثم ألقى نظرة نحو " تراسي " و تابع حديثه قائلا :
- إن الآنسة " بومون " تريد التماس الراحة ، وحذار من إحداث ضوضاء لدى عودتكم من الخارج .
ثم وجه نظراته على " فيفيان " و " ديك فرنش " فقد كفا عن الحديث فجأة بمجرد وصوله . أما " تراسي " فقد لاحظت أن " فيفيان " تنظر إلى " مليسا " ببرود غريب .
ظل جميع أفراد الطاقم ينظرون إلى الربان و صديقته الشقراء وهما يبتعدان . ثم أخذ الجميع في الصياح بعد ذلك في حماس وهم يتجهون إلى غرفهم لتغيير ملابسهم .
ظلت " تراسي " تنتظر رحيلهم وهي تتأمل أشعة الشمس الحمراء أثناء اختفائها وسط المياه الهادئه لميناء " داروين " و كانت الفتاة تشعر بالراحه وهي ترتدي الشورت و التي – شيرت و تتنسم الهواء الهادئ . ومع ذلك كانت صورة " جرانت مورجان " أمامها تعكر صفو هدوئها .أما " بريان روبرتس " فقد انتظر حتى ينصرف الجميع و جاء ليتحدث مع " تراسي " .
لقد أحبط " مورجان " معنوياتي عندما مضى متفاخرا بصحبة فتاة من المؤكد أنها ابنته .
- ابنته ؟ ولم لا ؟ إنها لا تحمل نفس الاسم ولكن ربما .....
- كلا . إن والدها هو " ميل ستيوارت " رجل السياسة ، ويعمل في كابينة الأعمال البحرية للمنطقة الشمالية . ويبدو أن " مورجان " على اتفاق معه في مسألة ما . ولكن المؤكد أنه معجب بالفتاة . نعم إنها أذواق و ألوان ....
- هل يمكنك أن تتحدث ؟ لا داعي لهذا الخبث . و يجب أن تخجل من نفسك . ألا تتذكر ما فعلته مع " ويل " فلا أحد يثق بك الآن . و أحذرك من أي خطأ بعد ذلك .
تجهم وجه " برايان " و الحق أن " تراسي " ندمت كثيرا على تساهلها معه خلال الرحلة السابقة ، عندما فضلت كتابة تقرير جيد عنه حتى تترك له فرصة النضج قليلا . وهاهي ذي الآن تدفع ثمن ذلك . ولكن من الآن فصاعدا لن يكون أمامه خيار آخر .
- تماسك أرجوك يا " برايان " . فلن أدعك ترتكب مثل هذة الخطأ ثانية و لا أي خطأ آخر في مجالنا هذا . هل سمعت جيدا ؟
لاحظ " برايان " مدى جدية حديثها ، فأشار بالموافقة . ومن المؤكد أنه سيتعامل بطريقة أكثر تيقظا بداية من الآن . ثم قال لها :
- حسن . و الآن لا داعي للحديث أكثر من ذلك يا " تراسي " . لقد قررت النوم مبكرا وفورا قبل عودة الطاقم المنشرح من الخارج ،فاستيقظ ثانية . وعندئذ توجهت " تراسي " لتأخذ حمامها ثم تمددت على إحدى الأرائك و لكن النوم ظل بعيدا عنها . كما ظلت صورة " جرانت موجان " تلاحقها . نعم " جرانت مورجان " وصديقته التي تروقه كثيرا . نعم لقد شعرت " تراسي " ببعض الغيرة عندما رأ ت شعر " فيفيان " . ولكن ما قيمة هذا بجانب شعر " ميليسا ستيوارت " الطويل الأشقر . إن الجميع يؤكدون جمال " تراسي " ولكنها ليست في روعة " فيفيان " ولا أناقة " ميليسا " .
إن لها عينين زرقاوين تميلان إلى اللون الرمادي . وحاجبين كثيفين و أنفا صغيرا لا يعطيها مظهر الجدية . إن ذلك ما تتذكره من وجهها كما كثيرون يمتدحون جمال ساقيها . ولكن ما قيمة ذلك بجانب ساقي " فيفيان " الطويلتين الرائعتين .
حاولت " تراسي " إن تتعقل بعض الشئ ! فليس هناك داع لأن تحسد جمال النساء . فإذا نظرت إلى نفسها و إلى شهاداتها الجامعية و ضحكتها المؤثرة . من المؤكد أنها ستثق في نفسها أكثر من ذلك . اما كل هذة الشكوك ، فهي بسبب " جرانت مورجان " . وذلك عندما لاحظت مدى جاذبيته و قوته . ومع ذلك فهما يتقابلان للمرة الأولى ... نعم يتقابلان و يتعانقان ثم استغرقت " تراسي " في نوم هادئ سعيد بهذا الليل الاستوائي الرائع . كما امكنها الخلود إلى النوم من جديد بعد عودة الطاقم أيضا . ولكنها تستمع الآن إلى بعض الأصوات التي تأتيها من الجسر العلوي فاستيقظت من نومها . إنهما صوتان لشخصين يقتربان وسط هدوء الليل العميق و هما يقفان على مقربة منها .
- يمكنك عدم الرحيا يا عزيزي . إنها مدة طويلة . شهر كامل .... نعم . لقد تعرفت " تراسي " على صوت المرأة الشقراء . الصوت الطفولي . يبدو أن ل"جرانت مورجان " ذوقا مميزا في اختيار النساء ..........
- ربما نقضي وقتا أطول من ذلك في عرض البحر إذا كان الجو سيئا ....
- كلا يا عزيزي ، يمكنك إرسال شخص آخر بدلا منك .. كم سأفتقدك يا " جرانت " ! وكم سأشعر بوحدة قاتلة في عدم وجودك . نعم سأكون تائهة حقا . و أعقب ذلك هدوء عميق ،
لماذا ؟ كيف يمكنها معرفة ذلك ؟ إن " تراسي " تشعر بالغضب الشديد . لابد أن " مولاجان " معتاد على استقبال صديقاته هنا في الكابينه الخاصة به ......
إن الجميع ينامون في هدوء الآن . فيما عدا هي ، وندمت الفتاة لعدم ذهابها في نزهة إلى المدينة . فلو حدث ذلك فمن المؤكد أنها ستستغرق في نوم عميق الآن . بدلا من سماع مثل هذة الأحاديث . و هنا عاد صوت الفتاة من جديد يقول :
- " جرانت " . أعتقد أنه سيكون من الأفضل الدخول إلى الكابينة الان هيا بنا .
- كلا . إن الوقت متأخر، و الغد مملوء بالكثير .
- " جرانت " أرجوك ......
- كلا . كلا . و أشكرك على هذة النزهة . و الأن يجب أن تعودي إلى منزلك .
دهشت " تراسي " كثيرا لسماع هذا الحديث يا له من دونجوان . وهنا سمعت صوت الفتاة يقول ثانية :
- انت لست لطيفا .....
- احترسي يا " ميليسا " فقد أغضب من ذلك . و الآن هيا إنصرفي و إلا منحتك الصفعة التي كان على والدك أن يمنحك إياها منذ زمن طويل .
- لن تجرؤ ، و ساخبر أبي بذلك ....
- نعم و ستشكريني كثيرا !!
وفجأة سمعت " تراسي " صوت صفعة . من صفع من ؟ وجاءتها الإجابة بسرعة عندما تألمت " ميليسا " قائلة :
- أنت تؤلمني .
- لم تكن الصفعة قوية . و الآن هيا انصرفي و أخلدي إلى فراشك أما أنا فسأكرس كل وقتي لعملي خلال الشهر القادم و ليس أكثر .
- إذن عدني بأن تتصل بي فور عودتك .
- يجب أولا أن أذهب للقاء والدك في " جوف " و اساله إذا كنت تستحقين ذلك .
فانفجرت " ميليسا " في ضحكة أفزعت " تراسي " ثم قالت :
- هل تعرف أنني دائما متعقلة .... إلا في وجودك . قالت " تراسي " لنفسها . يا لك من فتاة كاذبة . ولكن كيف يتحملها " مورجان " ؟ إن ذلك يدهشها كثيرا . وبعد قليل سمعت " تراسي " صوت وقع أقدام أعقبها كلمات وداع .
و الآن بعد أن خيم الصمت ثانية ، لم تستطع " تراسي " النوم من جديد . و أخيرا و بعد ان ظلت تتقلب في فراشها لمدة ربع الساعة قررت النهوض و ارتدت ملابسها . ثم صعدت إلى أعلى في هدوء لتعد لنفسها فنجانا من القهوة . وكانت عيناها قد اعتادتا الظلام . فعرفت طريقها بسهولة .
كانت سعادة " تراسي " كبيرة لأنها توشك أن ترحل . وشعرت في هذة اللحظة بالذات أن مغامرتها قد بدأت .
دخلت " تراسي " المطبخ و أشعلت الموقد و بدأت تبحث عن البن وبمجرد أن وضعت القهوة على النار شعرت بوجود أحد وراءها و فجأة قال لها " مورجان " :
- هل يمكنك إعداد فنجان لي معك ؟
- كنت أعتقد أنك نمت .
- إنني أظل مؤرقا بعض الشئ قبل بداية الرحلة . لا أعرف لماذا و لكنني لم أستطع أبدا التخلص من هذا الإحساس و يجب أن اعتاده . قالت "تراسي " لنفسها لابد أن " ميليسا " لم تكن علاجا
كافيا . وعندئذ كتمت رغبتها في الضحك . وعندما خيم الصمت من جديد ،سألته " تراسي " :
- هل تسافر بحرا كثيرا ؟ أعتقد أن أصحاب بواخر الصيد يسعدون بدور الربان .... كما أعتقد أن لك عملا في الأرض بعيدا عن البحر . لماذا لا تبقى هناك ؟
- إنني أبقى على الأرض إذا أردت ذلك . شعرت " تراسي " أنه لا يريد الإجابة ثم قال :
- و أنت . ما السبب في استيقاظك في هذا الوقت ؟ لا تقولي إنك نمت مبكرة بما فية الكفاية ثم استيقظت بعد ذلك :
- شئ هكذا . لقد استيقظت منذ برهة و تأكدت أنني لن أنام ثانية . لم تشأ بالتأكيد أن تخبره أن حديثة مع " ميليسا " هو سبب استيقاظها ! ولكنه ربما يشك في ذلك . فنظر إليها وهو يمسك بفنجان القهوة دون أن ينطق بكلمة واحدة .
أعجبت " تراسي " كثيرا بأصابع " جرانت " الطويلة ، و ظلت تتأمل جسده القوي و تتخيله قريبا منها . ثم تاهت في أحلامها ، حتى سيطرت عليها الرغبة ، فأسرعت دقات قلبها و فتحت شفتيها قليلا وعندئذ لاحظت أنه بدأ يفهم فيما تفكر . عندما ظل يتأملها و تلاقت نظراتهما في حدة غريبة .
كلا . إن ذلك خطر . هزت " تراسي " خصلات شعرها كما لو كانت تطرد هذة الافكار بعيدا عن رأسها . ثم ألقت نظرة نحو الباب . نعم إنها لا تستطيع مغادرة المكان الآن خوفا من الاقتراب منه . ولكن لحسن الحظ ، لم يعلق " جرانت " بأي كلمة . واهتم بتناول القهوة من جديد . ثم قال يعد صمت طويل : - يجب أن تنتبهي لذلك جيدا ....
و نظر إلى الفتاة في حدة . مما جعل دقات قلبها تسرع بشدة . و أخيرا نجحت في أن تقول :
- ماذا تقصد ؟
- تنبهي لعدم إبداء مثل هذة الإشارات ، فقد يفهم ذلك بطريقة حاطئة .
- أنا لا أفهمك .
- أعتقد أنك لا تقصدين ذلك . ولذلك أنبهك لهذا الأمر . فيجب أن يتولى أحد ذلك . و إذا كنت لا تريدين من أحد أن يقبلك فعليك عدم ترك فرصة له لتخمين ذلك .
- أنت مجنون !
ثم نظرت إليه بقسوة شديدة ، حتى لا يفكر في الاقتراب منها و لكنه ظل بعيدا عنها ، واكتفى بنظراته الملحة إليها .
- إنني أقول لك ذلك لصالحك . فأنت لست من النوع الذي يفكر في الإغراء . ولكن تصرفاتك تقول غير ذلك .
ودون أن يضيف كلمة أخرى ، نهض " مورجان " من مكانه و توجه نحو الباب . وبدا كبير الحجم لدرجة أنه لا يسمح لأحد بالمرور بجانبه . ثم قال أخيرا :
- أمامي ساعة واحدة لأستريح قليلا و أنصحك بالراحة أنت أيضا . فأمامنا الكثير في رأس " دون " و يجب أن نستريح فبلها – وهل هذا خطئي أيضا ؟
- ربما تهدأ العاصفة بمجرد أن تعرفي ماذا تريدين بالضبط ....
- أنت تزعجني . فأنا أعرف ماذا أريد بالضبط . و بالتأكيد لست أنت يا " مورجان " .
نهضت " تراسي " من مكانها لمغادرة الغرفة . ولكنه كان قد تقدم نحوها ، واقترب منها لدرجة أنه لم يعد بحاجة إلى لمسها . وكانت نظراته كأنها تتحسس جسدها . فشعرت بدفء أنفاسه على رقبتها ثم شفتيها ، ثم جسدها وفجأة قال لها بصوت مهدد :
- أرجوك . ناديني كابتن . كابتن " مورجان " و إلا فلن نكون صديقين .
لم تستطع " تراسي " الإجابة . ومرت ثوان دون أن يبعد " مورجان " نظراته عنها . من المؤكد أنه يرغبها . ولكنها هي التي اقتربت منه في هذة اللحظه ووضعت رأسه بين كفيها ثم قبلته أخيرا .
وعندئذ استجاب لقبلتها . ولكنه تماسك فجأة وقال في سخرية :
- ها أنت تتصرفين بحكمة . أنا أفضل ذلك .....
إنه يسخر منها ، ظلت " تراسي " صامتة وهي تنظر إليه و هو خارج من الغرفة بينما كان يخفض رأسه قليلا حتى لا يصطدم بالباب أثناء مروره .
و هنا انحدرت دمعة ساحنة على خدها ......

الفصل الثالث
بدأت الرحلة في الفجر. وخرجت الباخرة برفيدي من الميناء بسرعة متوسطة محدثة ضجيجاً عاليا بصوت المحرك، ثم توجهت نحو الشمال لتغادر خليج داروين تماماً وذلك قبل أن تتجه إلي الشرق.
كانت الشمس المشرقة تلقي بأشعتها المتناثرة هنا وهناك في السماء كما لو كانت كائنات بحرية تسير معهم في الهواء.
وبعيداً عن مياه الخليج، بدت المياه أكثر عمقاً. وبدأت الباخرة تأخذ طريقها فوق المياه الضطربة ووسط الهواء الذي ينفث رائحة عطرة.
وكانت "تراسي" مشغولة لدرجة أنها لم تشعر بهذه الاهتزازات العشوائبة علي ظهر الباخرة. ولكن الآخرين الذين قضوا هذه الليلة الرائعة في المدينة لم تفتهم هذه الاهتزازات وبدأ الجميع يشعرون بالإرهاق.
وكان الربان هو الشخص الوحيد الذي استطاع تحمل إهتزازات الباخرة العنيفة، وظل واقفاً فوق الجسر العلوي يوجه اباخرة بحزم وثقة وعيناه مركزتان علي الأفق.
ولم يكن من السهل أبداً الوقوف في هذه المنطقة في مقدم الباخرة، ولكنه ظل متماسكاً يدقق النظر في الأفق محاولاً التنبؤ بحالة الجو عند أدنى حركة لهذه الباخرة الصغيرة.
ولم يكف هذا العذاب إلا عند بداية الليل عندما هدأت الرياح الجنوبية الشرقية.منتديات ليلاس
واستطاع بعض الأفراد أن يتماسكوا ويتجهوا نحو المطبخ لتناول البيض المقلي لسد رمقهم.
وبسرعة شديدة ، اختفى الجميع ولم يتبقي سوى "جرانت مورجان" و "تراسي"، وظل الإثنان جالسين معاً وهما مبتعدان بأرجلهما حتى لا تصطدم ب"بريان روبرتس" الذي ظل ممدداً أسفل المنضدة لشدة أرهاقه نتيجة لإصابته بدوار البحر.
جاهدت "تراسي" حتى تستطيع تناول طعامها، فالمعدة المملوءة بالطعام تساعد أكثر علي مقاومة دوار البحر.
أما "جرانت مورجان" لا، "الكابتن مورجان"! فقد تناول طعامه بشهية مفتوحة، وكانت "تراسي" قد لاحظت أن معاملته قد هذدأت كثيراً منذ أن بدأت الرحلة. والآن ها هو ذا يحاول القيام بدور الربان المتسلط وأنه هو المسؤول الوحيد عن اتخاذ جميع القرارات المهمة مع ترك الحرية الكافية لبقية أفراد الطاقم.
وإلي الآن لم يلم "جرانت مورجان" أحداً علي الإرهاق الشدي الذي أصاب جميع أفراد الطاقم. ولم يتهكم عليهم وعلي ضعف مقاومتهم ، فهم سيقضون معاً شهراً كاملاً، ومن الأفضل أن يكون السماح هو أفضل كلمة للتعامل فيما بينهم. وبعد أن انتهى من تناول طعامه، وجه حديثه إلي تراسي قائلاً:
- إذاً أنت لا تشعرين بالألم؟
- كلا. ليست هذه المرة، فيمكنني التحمل. ولكن منذ عامين وأنا أصاب بدوار البحر وكثيرا ما شغلت محل بريان أسفل المنضدة!
وحاولت الفتاة تجنب نظراته طوال الوقت. ومالت إلي الأمام فرأت أن البحار الصغير ما زال ملقى علي ظهره ولا ينتبه لأي كلمة تقال حوله، أما "ديك فرنشي" فقد بدا بحاراً مجرباً واستطاع التماسك، ونفس الشيء بالنسبة ل"توم-بوس" الذي تمكن من الاحتفاظ بتوازنه بعد أقل من ربع الساعة.
ومن ناحية الباحثين، فقد ظلوا مرهقين ولا يستطيعون الحراك، ولا فائدة في هذه اللحظات في أن يوجه إليهم أوامر قبل الغد، وتماسكت فيفيان دوهرتي كثيراً حتى تستطيع الوصول إلي فراشها، أما "جلين جيمس" فقد ظل ممددا فوق الجسر. وبريان" لا يزال كما هو أسفل المنضدة. وربما إذا اخلد الجميع إلي الراحة طوال الليل يتمكنون من الصيد بعد ذلك شريطة ألا يكون الجو عاصفاً.
وأخيراً قال "جرانت مورجان" :
-أتمني ألا تكوني فعلاً - كما تقول الشائعات عنك - سبباً لهبوب العواصف.
ألا تظن أن اسم اعصار كان علي اسمي بالصدفة فقط؟ علي أية حال، النتائج مذهلة!
فقد وقع "توم-بوس" اسيراً لدوار البحر. ولم أكن اتخيل شيئا كهذا أبداً.
- علي أية حال، أنا أعرف التوقعات الخاصة بالأرصاد جيداً، وأنا الذي قررت الرحيل فورا دون انتظار.
- نعم، ولكن عندما يعتقد الإنسان في الخرافات ...
- إذا كان يعتقد في الخرافات. فلن يرغمه أي شيء علي السفر معك علي مت باخرة واحدة، ولكنه شعر بالإرهاق سريعاً مثله مثل الآخرين, لآنه أسرف في الشرب وهو يعرف ذلك جيداً.
- لحسن الحظ. أنا لم أشرب نهائياً، و"بريا" ايضا، ومع ذلك....
- لقد اصيب "بريان روبرتس" بدوار البحر، لأنه كان يعتقد مسبقاً أنه سيصاب به. وعلي أية حال، الأمر هين، فالأصابة بدوار البحر أمر محتمل وأنا نفسي توقعته من قبل.
نظرت إليه "تراسي" فزعة فياله من شخص سادي وعندئذ ابتسم لها بهذوء.
- ولكنني لم أكن قاسيا عليهم. فالكل يعرف أن مثل هذه البداية محتملة، ثم يعتاد الجميع علي الوضع بعد ذلك،وأعتقد أن هذه المحنة التي أصابت الجميع معاً، سيصبح أفراد الطاقم شديدي الأرتباط ببعضهم.
كان حديثه متعقلاً . ولك "تراسي" تعتقد أنه تشبيه ساخر، كما أن نظرته إليها لا تعجبها. وما الذي جعله يتخيل أنها ستوافق علي هذه النظرات الملحة في عينيه؟ وأنها ستؤدي معه لعبة القط والفأر دون اعتراض؟
ثم قالت له:
- هل حزنت لأنني لم أصب بدوار البحر مثل الباقين؟
- لا لم أحزن. ولكنني فوجئت. وهي نقطة لصالحك، ولذلك يتأثر بك الجميع، وترفضين مناقشة أمر تسلطك.
- لقد تعاملت مع طاقمي بكفاءة منذ البداية جعلت الأحترام متبادلاً بيننا، ولم اشعر للحظة أني أريد أداء دور البطل الذي لا يقهر أو الإنسان السادي.
- أنا لا أشك بكفاءتك ، وحياتك الشخصية أيضاً تبدو باردة وهادئة بنفس الطريقة ؟
-نعم ولم لا؟
-عليك أنت معرفة ذلك...
فهمت تراسي أنه يحاول استفزازها......
وأنه لن يتركها هادئة، وأنه سيظل يبحث في أغوار نفسها بعينيه الفاحصتين. ولكن ما سبب كل ذلك وما السبب الذي يجعله يحاول نزع الثقة من نفسها؟
أومأ "مورجان" برأسه، ثم نهض من مكانه وخرج أمامها وها تأكدت الفتاة كم هو وسيم لدرجة كبيرة.
ظلت الفتاة ساهمة لحظة، ولي من الغريب أن "جرانت مورجان" يستطيع التعامل مع الآخرين والسيطرة عليهم، فالإنسان لا يستطيع بناء امبراطورية دون أن ينجح في توجيه رعاياه.
وفجأة سمعت أنين "بريان روبرتس"
فأفاقت من تخيلاتها فنظرت فوجدت "بريان" يحاول النهوض وهو غاية في الشحوب ويحاول أن يتحدثفقال:
- سادي؟ أنك رؤوفة جداً. ويدعي أنه يحاول أن يشعرنا جميعاً بالألم مرة واحدة حتى نرتبط ببعضنا.. لابد أنه يحلم!
إذن لقد استمع إلي كل شيء.. ولكنه لم يستطع الإجابة! وجاهد "بريان" حتى يستطيع النهوض وتوجه إلي فراشه بخطى متأرجحة.
وبعد دقائق لحق "ديك فرنش" بها في المطبخ، أما هي فقد ألقت ببقية القهوة الباردة، وأعدت فنجانين آخرين من القهوة الساخنة. وأخيراً لم تستطع "تراسي" تحمل نظرات الفضول في عينيه، ترى هل يفكر هو الآخر في نوايا "جرانت مورجان"؟
قالت "تراسي":
- لقد اعترف لي الربان أنه أصر علي الرحيل أثماء العاصفة حتى يعرضنا لنفس المحنة معا.
انفجر "ديك" ضاحكاً:
- هذا لا يدهشني! فهو يعرف ما يفعله.
- يبدو لي أنك تحبه.
- لا يمكن أن أمنع نفسي من الإعجاب به، ويبدو أنه ربان أكثر قسوة من عزيزنا الهرم "ويل".
- يبدو لي كأنه قرصان.
- هذا ما يقوله البعض عنه، ويدعون أنه قادر علي كل شيء. ويستطيع الوصول إلي أهدافه ، وهو ينجح دائماً ولا شك في ذلك!
- يبدو أنه لا يخيفك.
- إنه نموذج جيد. وكثيرون غيري يرون ذلك، و"ويل" أيضاً يشاركني نفس الرأي، وعلي كل حال لم يكن هناك داعي لأقامة الاحتفالات قبل رحيلنا، كما أن البداية بدوار البحر كأنها مصل لنا، وسترين أن الجميع سيكونن علي ما يرام بداية من الغد.
وفي صباح اليوم التالي ، تقابلت "تراسي" مع "جرانت" فوق الجسر، وأشار لها نحو الجنوب حيث تمتد سلسل
وفجأة سمعت أنين "بريان روبرتس"
فأفاقت من تخيلاتها فنظرت فوجدت "بريان" يحاول النهوض وهو غاية في الشحوب ويحاول أن يتحدثفقال:
- سادي؟ أنك رؤوفة جداً. ويدعي أنه يحاول أن يشعرنا جميعاً بالألم مرة واحدة حتى نرتبط ببعضنا.. لابد أنه يحلم!
إذن لقد استمع إلي كل شيء.. ولكنه لم يستطع الإجابة! وجاهد "بريان" حتى يستطيع النهوض وتوجه إلي فراشه بخطى متأرجحة.
وبعد دقائق لحق "ديك فرنش" بها في المطبخ، أما هي فقد ألقت ببقية القهوة الباردة، وأعدت فنجانين آخرين من القهوة الساخنة. وأخيراً لم تستطع "تراسي" تحمل نظرات الفضول في عينيه، ترى هل يفكر هو الآخر في نوايا "جرانت مورجان"؟
قالت "تراسي":
- لقد اعترف لي الربان أنه أصر علي الرحيل أثماء العاصفة حتى يعرضنا لنفس المحنة معا.
انفجر "ديك" ضاحكاً:
- هذا لا يدهشني! فهو يعرف ما يفعله.
- يبدو لي أنك تحبه.
- لا يمكن أن أمنع نفسي من الإعجاب به، ويبدو أنه ربان أكثر قسوة من عزيزنا الهرم "ويل".
- يبدو لي كأنه قرصان.
- هذا ما يقوله البعض عنه، ويدعون أنه قادر علي كل شيء. ويستطيع الوصول إلي أهدافه ، وهو ينجح دائماً ولا شك في ذلك!
- يبدو أنه لا يخيفك.
- إنه نموذج جيد. وكثيرون غيري يرون ذلك، و"ويل" أيضاً يشاركني نفس الرأي، وعلي كل حال لم يكن هناك داعي لأقامة الاحتفالات قبل رحيلنا، كما أن البداية بدوار البحر كأنها مصل لنا، وسترين أن الجميع سيكونن علي ما يرام بداية من الغد.
وفي صباح اليوم التالي ، تقابلت "تراسي" مع "جرانت" فوق الجسر، وأشار لها نحو الجنوب حيث تمتد سلسلة من الجزر في الأفق وقال:
- جزر "جوليون" يمكننا إلقاء الشباك، ولكن لنقم بتجربة أولاً حتي يعرف كل فرد طبيعة عله.
كانت "تراسي" أول من استيقظ علي متن الباخرة، بينما ما يزال جميع أفراد الطاقم نائمين.
فاعترضت الفتاة قائلة:
- لنتناول فطورنا أولاً ، فأنا لا أفضل بداية العمل وأنا صائمة.
- هل تكونين متذمرة هكذا في الصباح؟
- لا ولكن لم يستيقظ أحد بعد، فهل تريدني أن أجذبهم من أقدامهم ليبداوأ العمل؟
- لنتركهم نائمين.. وفي انتظار استيقاظهم يمكننا ..نعم أنت محقة فلا يزال الوقت مبكراً،
اكتسي وجه "تراسي" بحمرة الخجل عندما ركز "جرانت" نظراته عليها. وكانت ترتدي لباس البحر وجيبة شفافة جداً تسمح لعيني الكابتن باختراقها.
توجهت تراسي نحو المطبخ مسرعة، فقد كانت تشعر بميل رهيب نحو "جرانت" وها هو ينجح دائما في استثارة غضبها.
دخلت الفتاة المطبخ وبدأت تعد القهوة عندما لحق بها "ديك فرنش" وسألها قبل أ يلقي عليها التحية:
- هل هناك فنجان لي؟
فأجابته "تراسي" وهي تغادر المطبخ.
- ألا تستطيع أن تعد القهوة بنفسك كشخص ناضج.
لحسن الحظ لم تجد تراسي أحدا علي الجسر وكان "جرانت" قد توجه إلي كابينة القيادة، أخذت الفتاة تتنفس بعمق وهي تتأمل المنظر من حولها وبعد دقائق قليلة ، استعادت الفتاة هدوءها، ثم تماسكت وعادت إلي المطبخ ثانية لتقول ل"ديك فرنش" :
- معذرة فأنا لا أعرف ما حدث لي.
- إن ذلك يحدث للجميع، هيا تناولي ذلك الآن .
تناولت الفتاة فنجان القهوة من يده وهي تبتسم ثم قالت له:
- اليوم سنوقف الباخرة ونقوم بالصيد. هل تعلم ذلك؟
- نعم ، إنها منطق جيدة ويوجد كثير من أسماك القرش هنا، وأعتقد أن من الأفضل للجميع أن نبدأ العمل.
وبعد قليل لحق بهما بقية افراد الطاقم وكانوا لا يزالون مرهقين، ولم يتناول أحد طعامه وأخذ الجميع يتحدثون بكسل غريب. وعندما توجه الجميع غلي الجسر ،لاحظت "تراسي" أن النشاط يسيطر عليهم ، وهنا بدأ "جرانت" حديثه القصير :
- أنتم تعرفون أننا سنبدأ الصيد الليلة، كما اننا سنبدأ عملنا منذ الآن حت نتعرف جميعا علي كنة عملكم العلمي. وبعد ذلك نتجه نحو الشرق وإذا ظل الجو هادئاً كما هو يمكننا الوصول إلي جزر "ويسل" خلال عدة أيام.
تم القاء شبكة طولها حوالي 500 متر، وبعد انتهاء الصيد، أمسك رجلان بالحبال وحاولا جذبها، وبعد عدة توجيهات، بدأ طاقم "تراسي" عمله، وكان علي "تراسي" و"فيفيان" و"بريان" تخليص أسماك القرش من الشباك ليقوموا بفحصها ومعرفة أطوالها، ثم يضعوا علامات مميزة عليها ويقومو بإلقاءها ثانية في البحر.
أما "جلين جيمس" فقد اهتم بتدوي كل شيء في السجل الموجود معه.
كانت "تراسي" تعشق عملها، وكانت في هذه اللحظة تنتعل حذاء ذا رقبة عالية، ولباس البحر كما هو مع حجاب من المطاط لحمايتها وذلك لأن جلد أسماك القرش يمكنه أن يصيبها بجروح.
تم جذب الشبكة في هدوء فبدت في البداية كأنها خاوية، ولكن فجأة هتف الجميع عندما لاحظوا وجود إحدى سمكات القرش السوداء طولها حوالي متر واحد وهي من النوع الذي اعتاد صيده اهل "تايوان" و"استراليا".
والعادة ، شعرت "تراسي" بسعادة غامرة تعتريها، فأمسكت سريعا برأس القرش الذي كان يتحرك بغضب شديد، ثم وضعت يديها حول فكه حتى لا يجرحها. وبدات تخلصه من الشبكة. وكان يجب بعد ذلك نقل القرش فوق منضدة كبيرة من الخشب حتي يمكن قياس أطواله بالآلات الخاصة بذلك، وعندئذ أسرعت "فيفيان" نحوها لمساعدتها، وكان "بريان" يقف قريبا منهما وهو يمسك في يده مسدساً يمكن استخدامه في حالة الحاجة إليه.
جرت هذه العملية أكثر من مرة خلال فترة الصباح.وكان الجميع يعملون بسرعة ونشاط، وفي النهاية قرر "جرانت" التوقف عن العمل بعد أن تعرف علي مهارة الطاقم.
مر كل شيء بهدوء شديد. كأنه معجزة مع وقوع أخطاء طفيفة تعتبر عادية في نظر تراسي" ولا يقلل ذلك من كفاءة الطاقم.
ومن المؤكد حدوث بعض الخلافات أثناء الشهر. ولكن جميع أفراد الطاقم يبدون مترابطين ونشطين. بعد أن تم تنظيف الجسر، قام "يك فرنش" بتشغيل المحرك ليتجهوا بالباخرة نحو الشرق. ولسوء الحظ، حاولو ا الصيد أكثر من مرة ، ولكن النتيجة لم تكن رائعة، وشعرت "تراسي" باليأس. فقال لها "جرانت" عندما لاحظ انها تراقب عملية الصيد والشباك الفارغة بحزن شديد.
لقد قمنا بعمل رائع خلال هذه الليلة، ومن الأفضل دائماً الصيد أثناء الليل.
تراقب عملية الصيد وهي علي استعداد تام.
وعلي عكس المتوقع، بدأت "تراسي" تحترم هذه الفتاة الشقراء، فقد تأثرت كثيراً بكفاءتها. ولكن من يعرف، ربما يكون موقفها هذا كأنه الهدوء الذي يسبق العاصفة، علي أية حال، هي تتقن عملها ولا تستطيع "تراسي" الحكم عليها الآن.
استدارت "تراسي" ولاحظت أن "جرانت مورجان" يراقب "فيفيان" بإعجاب واضح، وكان لباس البحر الذي ترتديه يكشف عن رعة جسدها. لا بد أن موقف "جرانت" طبيعي جداً، ولك "تراسي" لم تستطع منع نفسها من الشعور بالمرارة والغيرة ..فهي تشعر بضآلتها دائماً بجانب هذه الفتاة الشقراء.
وبما أن "فيفيان" أصبحت مسؤولة الآن عن الاهتمام بأسماك القرش، فقد نزعت تراسي" الحجاب المطاطي والحذاء، ثم ارتدت تي شيرت خفيفاً فوق لباس البحر، وجيبة معقودة من الأمام، فهي لن تستطيع العمل أبداً إذا ظل "مورجان" يتأملها بهذه الطريقة، وإن كان ذلك القمة بعد أن تبادل معا قبلتين فقط!
ولكنها لا يمكن أن تقع في غرامه بهذه السرعة.
وعلاالرغم من ذلك فهو يشغل تفكيرها طوال الوقت.
والآن ها هو ذا يقف بجانبها ولكنه يركز نظراته علي "فيفيان" فتشعر "تراسي" كأنها مرتبطة به وفجأة قال لها:
- تري، كيف سيكون تصرفها في رأيك؟
قفزت "تراسي" في مكانها عند سماعها هذا السؤال غير المتوقع، ولكنها أجابت دون تردد:
- لقد كانت رائعة! وهي تعمل بجد وتعرف عملها جيدا.
لم يجب "مورجان" وظل يتأمل جسد "فيفيان" الرائع،وهنا شعرت تراسي بالغيرة.
ثم قال بهدوء:
- ألا تعتقدين أنه يجب عليها ارتداء الحجاب المطاطي؟ فقد تصاب بجروح إذا لم تنتبه جيداً ، وأنت ترين أن جلدها حساس جداً كأنه قطعة من الزجاج.
نعم، لقد تعرضت "تراسي" لمثل هذه التجربة أكثر من مرة خلال الرحلات السابقة. ولكنها تعتقد جيداً أن الجسد قادر علي كل شيء وأن جميع الإصابات والجروح يمكن شفائها بسرعة شدييدة شريطة تنظيفها جيداً بالماء. و"فيفيان" لا تخاطر بنفسها، كما أنها تعمل بعناية شديدة فأجابته "تراسي":
- إنها مشكلتها هي، فهو جسدها....
- حسنا.. ولكنه قد يصاب بسوء. فتكون خسارة كبيرة!
- علي أية حال. عملنا مملوء بالمخاطر، ومن الطبيعي أن نصاب بالأذي. وفي حالة الإصابة الشديدة، لن يفيد الحجاب المطاطي في شيء، ثم إن الجو حار! وربما يكون سدها غير قادر علي تحمل الحجاب المطاطي. علي أية حال يمكنك عرض مخاوفك عليها أثناء الليل.. وربما تستمع إليك بانتباه.
ثم ابتعدت "تراسي" دون أن تستمع إلي إجابته. وسرعان ما هبط الليل وإذا لم تنجح "تراسي" في استغلال هذه الساعات القليلة لتتمكن من النوم، فلربما تظل متيقظة طوال الليل.
ثم صعدت السلالم ، وتوجهت نحو حجرتها، بينما كانت نظرات "مورجان" مركزة عليها ولحقت بها "فيفيان" بعد قليل ولم تكن قد أصيبت بأية جروحز وقررت "تراسي" ألا تذكر لها شيئاً عن مخاوف الربان وملاحظاته عنها. فهي ناضجة بما فيه الكفاية ويمكنها المحافظة علي نفسها. وإذا كان "مورجان" يريد التحدث إليها، فلن يجد صعوبة في ذلك.
قالت "فيفيان" وهي تبتسم وتهز خصلات شعرها بعد أن تركته علي ظهرها:
- أريد غسل أسناني والاستحمام، ولكن الأولوية لكِ. هيا إذا أردتِ.
وعلي الرغم من كل شيء، لاحظت "تراسي" أنها لطيفة، فابتسمت لها وقالت:
- لا توجد أية أولوية علي هذه الباخرة إلا باتقان العمل! هيا، فقد أرهقت نفسك أكثر من الجميع اليوم.
فنهضت "فيفيان" من مكانها وقالت جملة غامضة وهي تبتعد:
- حذار من الكابتن! فلا تدعيه يؤثر عليك.....
- أنا لا أنوي ذلك فعلاً!
وعلي الرغم من رد فعل "تراسي" السريع، إلا أنها لم تستطع منع نفسها من التفكير في هذا التعليق، وظلت تتساءل حتى أخذت حمامها هي الأخري، والحق أن الاستحمام علي متن الباخرة "برفيدي" لم يكن مريحاً بالدرجة الكافية، قم عادت "تراسي" إلي الغرفة وهي تتساءل ربما "فيفيان" تعرف عن الكابتن الكثير، بما إنها تقيم في "داروين" ، والحق أن تعليقها هذا بحاجة إلي يفسير أكثر.
كان يمكنها طرح الأسئلة عليها ولكن الجميع أخلدوا إلي النوم الآن بما فيهم "فيفيان" .
وخلال فترة الصيد ، لا يمكنها طرح أية اسئلة، ولا أحد يستطيع ترك عمله للثرثرة.
بدا العمل أثناء الليل ثانية ولكن الصيد كان ضئيلاً ، ولم يستطيعوا إلا صيد كمية صغيرة من أسماك القرش مع كمية أخري من التونة وبعض الأنواع الأخري.
وبدا "مورجان" سعيداً بهذا العمل، وكم دهشت "تراسي" عندما بدأ يساعدهم في فض الشباك ولكن دون أن يتساهل في معاملتهم دائماً.
وأثناء الليل . تمكنوا من صيد إحدى أسماك القرش الضخمة، وهنا جري الكابتن لمساعدتهم في الأمساك بها بيديه القويتين وما أن أقترب من القرش حتى أصابه ذيله في إحدى ساقيه، وأخيراً نجح "جرانت" و"تراسي" في نقل القرش إلي المنضدة فحص عندئذٍ قال "جرانت":
- ياله من قاس! غحترسي يا "تراسي" من ذيله، فهو قوي جداً وكاد يقتطع جزءاً من جسدي!
دهشت الفتاة، فهي لم تلاحظ إصابته، ولكنها فجأة رأت الدم يسيل من ساقه اليسري، وعندئذٍ قالت له:
- أنت تنزف! لابد من علاجك!
- إنه جرح صغير . هيا اسرعي بفحصه الآن وقياس أطواله.
لم يكن هذا وقت المناقشة، فاستمعت "تراسي" إليه علي الرغم من اللآلام التي بدأت ترتسم علي وجهه، وأخيراً انتهي العمل وتم القاء القرش ثانية في مياه البحر"آرافورا" الدافئة.
واعترض "جرانت" بقوله:
- يمكنكم المواصلة بدوني، فأمامكم عدة أمتار من الشبكة. أما أنا فسأهتم بتنظيف الجرح في المياه، فهو ليس خطيراً.
ظلت "تراسي" تتابعه بعينيها، ما الذي جعله يأتي لمساعدتهم وهو يرتدي شورتاً علي الرغم من أنه عاب علي "فيفيان" طريقة عملها دون حماية؟
وغضبت "تراسي" من نفسها لأنها ل تحذره من الأقتراب دون أن يرتدي الزي المناسب. وظلت تراقبه دون أن تنطق بكلمة واحدة، وأخيراً قالت:
- لنكف عن العمل الآن. فالصيد يمكنه الإنتظار، كما أني المسؤولة عن هذا العمل يا كابتن "مورجان" ةلا بد من اسعافك.
حاول "جرانت" الأعتراض ولكنه أذعن في النهاية عندما لاحظ موافقة جميع أفراد الطاقم، فقال بضيق:
- حسن، حسن.. هيا إلي الكابينة الأن.
ولحقت به تراسي" وعندئذ لاحظت أن وجودها لن يفيده بشيء، فقد أمسك "جرانت" بقطعة من القماش. وبللها بالمياه النظيفة، ثم بدأ ينظف الجرح، وهنا وجه "جرانت" لها الحديث في صيغة الأمر:
- حاولي أن تفيديني في شيء. هيا أعطيني هذا المطهر الموجود هناك علي الرف.
فأمسكت الفتاة بالزجاجة المملوءة بسائل أصفر اللون. وكان عبارة عن سائل يقوم "ويل جاكوبز" بإعداده بنفسه. وهو في رأيه ترياق معجزة. وكم من مرة استخدمه الرجل الهرم.
وعندئذ وضع "جرانت مورجان" قليلاً من السائل علي الجرح، ثم ضغط عليه بضمادة وأخيراص لف الجرح جيدا بالضمادة.
ثم قال وهو يتحدى "تراسي" بنظراته:
- سيختفي الجرح تماماً خلال يومين.
وكان الاثنان يعرفان جيداً مدى خطورة مثل هذه الجروح في جو استوائي رطب، خاصة إذا استمر الشخص المجروح في عمله، وهنا قالت الفتاة بحسم:
- بداية من الآن ، سيرتدي كل فرد حجاباً مطاطياً وحذاءاً ذا رقبة عالية، بما فيهم أنت!
وكانت قد توجهت نحو الباب، ولكنها فجأة توقفت، ونظرت إليه في دهش قائلة:
- هل.. هل جرحت نفسك عمداً؟
وتلاقت نظراتهما في تحدٍ مدة ثوانٍ ، وأخيرا قال لها:
- يا لها من فكرة غريبة!
- ليس من السهل خداعي!
ثم غادرت "تراسي" الكبينة وأغلقت الباب وراءها، من المؤكد أنه تعمد جرح نفسه حتى يؤكد للجميع ضرورة الحذر!
أما بقية الطاقم، فقد بأ الجميع يعملون، ونجحوا في اصطياد سمك ضخمة جداً ذات رأس رائع ملون ببقع من اللون الأسود.
ولم يتوقف العمل طوال اليوم إلا لحظات معدودة. وأخيراً عندما بدأت الشمس تشرق، شعر الجميع بالارهاق الشديد . وبعد أن أعيد كل شيء إلي نصابه، توجه أفراد الطاقم إلي النوم دون أن يتناولوا طعامهم لشدة الإرهاق. و"تراسي" أيضاً كانت في شدة الإرهاق. ولكنها لم تستطع النوم، فقد كان الأمر شيقاً جداً بالنسبة لها، ولا يزال ذهنها متيقظاً.
ولكن لا بد لها من الخلود إلي النوم حتى يمكنها تحمل هذا المجهود البدني الشاق ، فتوجهت إلي فراشها وهي تلعن "جرانت مورجان" الي نجح في أداء هذا الدور الغريب، ومع ذلك فقد وافقته علي تصرفه لإقناع الجميع بالتصرف السليم دون اللجوء إلي التسلط والسيطرة في القرار.
نعم لقد تصرفت بمهارة شديدة.. ولكنها تجد صعوبة شديدة في الإعتراف بذلك!

 
 

 

عرض البوم صور safsaf313   رد مع اقتباس
قديم 25-07-09, 08:35 AM   المشاركة رقم: 3
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Mar 2008
العضوية: 66854
المشاركات: 2,022
الجنس أنثى
معدل التقييم: safsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 585

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
safsaf313 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : safsaf313 المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

الفصل الرابع
لم تسنح الفرصة لـ " تراسي " الأيام التالية لتفكر فى مشاعرها نحو " جرانت " .
كان البحر هادئا والصيد ممتازا . فاستغل أفراد الطاقم هذه الظروف الطيبة ليعملوا بجد وحماس .
وظنوا مبحرين على طول الجانب الشمالي لـ " استراليا " نحو الشرق واعمال الصيد مستمرة على الرغم . من حرارة الجو طوال اليوم ليلا ونهارا .منتديات ليلاس
وفى بداية الاسبوع الثانى . رأوا جزر " ويسل " فى الجنوب الشرقي , منتديات روايتى .اخيرا سينعمون ببعض الراحة بعد كل هذا التعب .
وفى الصباح وقبل التوجه الى الفراش , تماسكت " تراسي " حتى تبقى لملاحظة الصخور المتناثرة التى تمثل الإطار الأساسى لـ " جوجاري ريب " , وكانت هيئتها المهيبة تبدو وكأنها تهددهم عندما اقتربت الباخرة الصغيرة من هذه الصخور .العملاقة الضخمة التى تسيطر على الممر الضيق .
تاهت " تراسي " وسط تأملاتها حتى قفزت من مكانها عندما لحق بها " جرانت " . وهو يقول :
-قد نعتبر هؤلاء الكباتن مجرد اشخاص مصابين بالجنون لانهم يفكرون فى عبور هذا الممر ببواخرهم , أليس كذلك ؟
استدارت " تراسي " نحوه , وكان يتفحص الممر الضيق بعينيه الثاقبتين , كما لو كان يحاول تقدير مدى الخطورة واحتمالات النجاح , إن هذا الرجل يعشق المغامرة والمراهنات الصعبة وكم تشده المخاطر , فسألته :
-هل هي المرة الأولى ؟
انفجر " جرانت " ضاحكا :
-ألم تفكرى أبدا متى اكتسبت .هذه الشعيرات البيضاء ؟ هيا اطمئنى , سنتخذ طريقا اخر .
-ألم تخبرنى ان الصيادين يمرون من هنا فى كثير من الأحيان ؟
-كثير من الاحيان .إنها جملية كبيرة , نعم , انهم يمرون من هنا , وقد قلت لك من قبل إنهم مجانين !
-ومع ذلك كانت بواخرهم اكبر من باخرتنا .
-أكبر واقوى , ويجب علينا الوصول .الى المد والاستفادة من الرياح الطيبة كما يجب أن يكون لنا حظ رائع ...
كان " ديك فرنش " المسؤول عن الدفة يتخذ طريقة نحو الجزيرة الصغيرة " جو لوورو " .
-اليوم سنمر حول جزر " كاينجهام " .ثم نتجه جنوبا نحو " جوف " , إننا جميعا مرهقون بشدة . وبمجرد وصولنا إلى منطقة ذات مياه هادئة , يجب أن نستريح قليلا.
-لن يخالفك احد القول فى هذه المنطقة , لقد كان الصيد رائعا , اما الأن فلا يمكننا عمل أى شئ .
-نعم , إن الامر قاس جدا , اعترف بذلك , ولكنه كان على ما يرام اكثر مما كنت اتصور . فلقد قام جميع أفراد الطاقم بعملهم على خير وجه .
ذهلت " تراس " من هذا المديح لدرجة أعجزتها عن الرد , وكانت تشعر بالضيق من نظرات هذا الرجل التى كانت .كأنها تحتجزها فى شباك الصيد مثل الأسماك .
قال " جرانت " حتى يضع نهاية لهذا الصمت :
-لا تدهشى هكذا , ألم يوجه لك أحد مثل هذا المديح طوال حياتك ؟
-نعم , ولكننى لم اتوقع ذلك منك.
-أنا لا اعرف الفكرة التى كونتها عنى ! ولكننى أعترف بذكائك ..
ولكن نظراته إليها جعلتها تفهم أشياء اخرى .
وكان قادرا على النظر إليها بطريقة ما, ويصر دائما على الوقوف أمامها بجسده البرونزي الرائع ..
من المؤكد انه يعرف جيدا مدى تأثيره عليها .
إن " تراس " تتحرق شوقا لأن تمد يدها نحوه . وتلمس أصابع يديه الطويلة وبدلا من أن يساعدها فى ذلك , كان " جرانت " يتلذذ بهذه اللعبة وكأنه يريد أن يتذوق جمال تأثيره عليها !
-فى يوما ما , سنهتم بذلك جيدا ..
كان صوته هادئا وعميقا فى آن واحد ,على الرغم من صوت الامواج والمحرك .
وبدلا من أن تؤثر هذه الملاحظة على الفتاة , إلا انها شعرت بالغضب يعتريها , وبدا الأمر وكأنها هى وحدها التى تشعر بالرغبة فيه , وانه فى يوم ما سيساعدها على تجاوز هذه المحنة ,ابدا لم تكن " تراسى " من الفتيات اللاتى يمكن إذلالهن بهذه الطريقة .
-حسن , لنهتم بذلك فورا يا كابتن " مورجان " لم يعجب " جرانت " بمثل هذ التحدى , وخشيت " تراسي " لحظة واحدة أن يستغل " جرانت " الموقف , ولكنه اكتفى بأن يسألها فى ابتسامة :
-هل أنت موافقة ؟
-لا بالتأكيد ! وما معنى هذه اللعبة الصغيرة ؟
انفجر " جرانت " فى الضحك قائلا :
-لاشئ , لاشئ البتة يا أستاذة " بومون "
-إذن اغمد سيفك .وكف عن القيام بدور القراصنة !
كان يجب ان يخبروك بأن النساء . فى عصرنا هذا – ينعمن بالحرية ولا يمنحن قلوبهن الا لمن يردن .
قال " جرانت " والابتسامة فى عينيه :
-هذا أفضل ... هذا أفضل ...
كان واثقا من نفسه لدرجة أصابت " تراسي " باليأس , ولكنها على الأقل تشعر بأنها تحتفظ بكرامتها .
استدارت " تراسي " لتراقب مياه البحر الصافية , وكانت الأدوات الخاصة بالصيد ممتدة أمامها على الجسر وكان المنظر عاديا جدا بالنسبة لها , فلقد اعتادت عليه طوال النهار , كانت وجهة الباب .نحو الجنوب الغربي , ثم نحو الجنوب حتى يمروا بجزر " ويسل " ثم يتجهوا نحو المياه الهادئة لجزر المستعمرة الانجليزية نحو رأس " ويلبرفورس " .
كان الكابتن يتقدم بسرعة شديدة نحو وجهته وفى نفس الوقت كان الصيد يقل شيئا فشيئا حتى دخلت " برفيدى " بعد الظهيرة فى الخليج الصغير الرائع , وهنا أعلن " مورجان " :
-لنتناول عشاء مشويا اليوم على الشاطئ بعد حوالى ساعتين !
وعلى الأرض .كان من الضرورى الإسراع فى جمع الخشب قبل هبوط الليل الاستوائى المفاجىء .
وكان من عادة أفراد الطاقم تنظيم أنفسهم بسرعة .وفعلا بعد دقائق معدودة . كان كل شئ معدا , من مكان للإقامة الى الأسماك التى تم صيدها خلال فترة ما بعد الظهيرة . وأصبح الشئ الوحيد المتبقى هو عملية إنضاج السمك وهى مهمة " تراسي ".ولكن الجميع كانوا يحاولون تسهيل مهمتها عليها .
وقد سعد الجميع عندما عرض " مورجان " فكرة مراقبة أسماك القرش من اعلى الباخرة بينما يذهب الباقون للاستحمام .
وفعلا ألقى جميع أفراد الطاقم بانفسهم فى المياه الدافئة ذات اللون الزمردي . بينما كانت الأسماك الملونة تسبح بينهم .
سبحت " تراسي" قليلا , ثم جلست بعد ذلك على الجسر الممدود بين الباخرة والشاطئ , واخذت تنظف بكسل شعرها من الأسماك الصغيرة التى اختبأت فيه كما لو .كانت تختبئ وسط الحشائش البحرية .
وفى هذه اللحظة , كان " جرانت " موجودا على الجسر العلوى كانه قرصان يذهب ويجيء وعيناه مثبتتان على المياه الصافية لمراقبة أسماك القرش . ولم يكن ينقصه سوى عصابة سوداء على عينيه .
ثم القت الفتاة بنفسها فى المياه ثانية وكانت المياه هادئة جدا وصافية للغاية ولم يكن هناك سوى الاسماك الملونة التى تسبح حولهم .احمر , اصفر ... وفجأة قفزت سمكة صغيرة فوق أنفها ...
وعندما سبحت " تراسي " فوق سطح المياه , كانت وحدها , فقد صعد الجميع إلى الشاطئ ,فألقت نظرة قلقة حولها نحو الباخرة " برفيدي " لتتأكد من وجود " جرانت " لمراقبة أسماك القرش , وفعلا كان لايزال هناك بجسده الرائع , وفجأة القى " جرانت " بنفسه فى المياه على بعد أمتار قليلة من " تراسى " , ورأته يتجه نحوها كأنه سمكة ضخمة , ولكنه أمسك .بخصرها وصعد بها فجأة فوق سطح المياه وعيناه تلمعان بلون مياه الخليج بل بلون أكثر صفاء من لون الزمرد , ثم قال لها :
-يجب ألا تسبحى وحدك يا أنستى ! فأنت فريسة رائعة لأسماك القرش
-ولكن كان يجب عليك البقاء أعلى للمراقبة !
-كنت وحيدة , ورأيت ان من الافضل ان اقوم بحراستك على بعد أمتار قليلة منك !
-نعم ولكن ليس قريبا هكذا .
جاهدت " تراسي " حتى تفك قبضته حول خصرها , ولكن هيهات , فقد كان يضمها بشدة نحوه وهويضحك ويسبح بقدميه حتى يظلا معا فوق سطح الماء .
وبما أنه من المستحيل ان تبقى " تراسي " هكذا فى لا مبالاة عندما تلمس جسده ! فلهذا تحينت الفرصة أخيرا وتخلصت من قبضته وسبحت بعيدا عن متناول يديه .
-أنا اتساءل : ما الذى تريد رؤيته من هنا ؟
إنها خطورة شديدة وانت نفسك قلت من قبل لا تصح السباحة فى هذا المكان دون مراقبة , وكنت اعتقد انك اكثر طاعة من ذلك يا كابتن !
-إذن سبب ممتاز للعودة الى الشاطئ بسرعة !
كما اننى اتضور جوعا وانت المسؤولة عن اعداد الطعام . إذا كنت غير مخطئ .
-ولكنك اذا استمررت على هذا الحال , فلن تجد سوى الحشائش المشوية لتأكلها !
وهنا أمسك بها ثانية ولكنها ركلته بشدة مما حال دون السيطرة عليها . وهنا سعد " جرانت " بلمسة قدمها له , ترى ما اللعبة الجديدة التى ينوى القيام بها ؟ وفجأة تجمدت الابتسامة على وجهها وصرخت " تراسي " من الألم .
وكانت إحدى قدميها قد أصيبت بتشنج شديد . فلوت قدميها وانحنت لشدة الألم وهنا . فهم " جرانت " ما حدث لها .
وسألها على الفور :
-أى قدم ؟
-هذه .
وهنا لمس " جرانت " ساقها بيده ليتحسس هذه العضلة واخذ يتحسسها بهدوء حتى يهدأ تشنجها وهو يساعدها فى نفس الوقت لتطفو فوق سطح الماء محاولا الامساك بظهرها , وخلال دقيقة واحدة , هدأت الألام وبمجرد ان شعرت " ترايسي " بقدرتها على الحركة ابعدت " جرانت " عنها وسبحت نحو الشاطئ , والان هاى ذى تبدو بعيدة تماما !
وهنا قال لها " جرانت " محاولا الإمساك بها :
-توقفى ! لا تتصرفى بغباء هكذا !
وفعلا نجح فى الإمساك بها ليعيدها بنفسه إلى الشاطئ كانه منقذها .
وعلى الرغم من اعتراضاتها المستمرة , إلا انه لم يتركها لحظة واحدة حتى وصلا الى الشاطئ , وظل بعد ذلك يمسك بها ويحيط خصرها بذراعه.
بينما تعترض " تراسي " قائلة :
-اتركنى , فأنا استطيع السير وحدي وعندما ابتعدت عنه , كانت تتعثر فى سيرها , فأمسكت به ثانية وساعدها حتى وصلا الى الشاطئ بينما كانت تشعر بالضيق الشديد .
وعند وصولهما , نظر إليهما الجميع فى قلق , ولكن " جرانت " طمأنهم بسرعة قائلا : -لا شئ , مجرد تشنج , إن " تراسي " تتحدى قوانين الطبيعة , فهى لم تستطع الانتظار حتى تسبح ثانية عقب تناول الطعام ولكنها سبحت ساعة كاملة من قبل !
وهنا أسرعت " تراسي " لتتخلص من قبضته , وسارت وهى تعرج نحو الجانب الاخر من المخيم وهى تقول :
-إننى أتضور جوعا !
فقال " ديك فرتش " :
-كلنا نتضور جوعا , وإذا كنت تتفضلين عدم القيام بمهمة اعداد الطعام , فبإمكانى ان احل محلك .
-شكرا ولكننى احسن كثيرا الان .
كان الطعام شبه معد الان بعد ان تم قلى البطاطس ولم يتبق سوى قلى السمك واعداد السلطة , بينما كانت " تراسي " تقوم باعداد الصوص الخاصة بالسلطة .
وبعد حوالى ساعة , كان الجميع قد انتهوا من تناول الطعام , وتمددوا على الشاطئ وهم ممسكون باكواب العصير , وتوجه الجميع بالشكر للطباخة الماهرة , وذلك بعد ان تم تنظيف المكان ولم يعد هناك سوى النار المشتعلة امامهم .
كانت السماء صافية لدرجة تسمح برؤية اكبر عدد ممكن من النجوم الساطعة . فقال " جلين جيمس " :
-يا لها من جنة , لو استطيع لطلبت البقاء هنا حتى العودة !
فقال " جرانت " :
-إنه امر يروق كثيرا للتماسيح , وبذلك لن تقضى الاجازة كلها مستريحا . بل يجب عليك القيام ببعض التمارين الرياضية , بما ان هذه الحيوانات الصغيرة تستطيع الجرى بسرعة !
-انت تمزح . فنحن لم نر تمساحا واحدا منذ وصولنا !
-حاول ان تنام هنا على الشاطىء وسنتحدث عن ذلك فيما بعد ! ولكن افضل ان تؤجل ذلك الى نهاية الرحلة . فقد تحتاج عندئذ الى طعام جديد !
قال " ديرك فرنش " :
-هذا صحيح , فمنذ ان تم إنشاء هذه المحمية عام 1971 والتماسيح تتوافد على المنطقة , اننى حقا لا افضل النوم اسفل هذه النجوم الرائعة فى اى مكان على هذه الشواطئ المنطقة الشمالية قال " جلين " :
-ليس لهذه الدرجة واعتقد انهم لم ينشئوا هذه المحمية الا لأن التماسيح اصبحت فى طريقها الى الانقراض .
تدخل " جرانت مورجان " قائلا :
-هذا حقيقى , ولكنه ليس بالظبط , ووفقا لاحد البرامج التليفزيونيه التى رأيتها مؤخرا على الشاشة , هناك حوالى 30 ألف تمساح فى المنطقة الواحدة , وليسامحنى اصدقائى من الباحثين.عندما اقول اننا يجب ان نضاعف هذا لعدد لتقترب اكثر من الحقيقة , إذن حوالى 60 الفا او اكثر , واعتقد انه عدد لا بأس به !
لم يحاول احد السخرية من حديثه , ولكن "جلين جيمس " استمر فى طرح الاسئلة عليه قائلا : ان هذه الزواحف تشده كثيرا لانها تنتمى الى حيوانات ما قبل التاريخ .
-ولكن ,هل هى حيوانات خطيرة جدا ؟.
وعلى أية حال يعيش سكان المنطقة معها منذ قرورن طويلة ولم يتضرر احد من ذلك .
-لأنهم يفهمون كل شئ جيدا . كما ان بعض القبائل تعتقد فى عبادتها .
-ماذا.
نعم , وسترى فى " جوف " ان قبيلة " جومانج " تعتبرالتماسيح تميمة لها , وإذا سمح لنا الوقت فسأريكم الحيوان الضخم الذى يحتفظ به رؤساء القبيلة , انها قصة طويلة و ... وعندئذ لم يكتف مستعموه بهذا الجزء من القصة , واخذوا يلحون عليه بصيحاتهم المتكررة , فتابع حديثه قائلا :
-فى عام 1979 , تم التهام احد السياح اثناء رحلة صيد بحرية فى " رينبو كليف" , ونتيجة للخوف الشديد الذى اعترى الجميع , تم اعداد تمساح ضخم جدا وتم أسر تمساح اخر ونقله بعد ذلك الى حديقة الحيوان فى " داروين " , ولكنه مرض هناك ومات بعد ذلك . هاجت وتذمرت , حيث ان التمساح يعد إلها بالنسبة لها. ومن ثم اضطرت الحكومة إلى ان تعيد اليهم التمساح ثانية .
قال " بريان " :
-مصبرا ؟
-نعم , وكان امامهم حوالى خمسة أعوام حتى يعود فعلا اليهم .
تدخل " جلين " قائلا :
-والسكان الاصليون , ما رأيهم فى ذلك ؟
-لقد اكتفوا بهذا الحد , وكان ذلك بمثابة تصالح سياسي بينهم , وتم إقامة احتفال كبير تصافح فيه الجميع بالايدى-شئ من النفاق , أليس كذلك ؟
عملية علاقات عامة مثل الاخرين , وعلى العموم هذا أفضل من إرسال الاسلحة للقضاء على التماسيح التى لا تدفع الضرائب !
وهنا صفق الجميع , ونهض " جرانت " لتحيتهم , ثم مال نحو " تراسي " ليساعدها على النهوض .
-هيا الان , إن قدمك لا تزال متشنجة ويجب عليك السير قليلا .
كانت حركته هذه طبيعية جدا ولطيفة فى نفس الوقت .وهنا تبعته الفتاة دون تفكير .
وسارا معا مبتعدين عن النار بمحاذاة الشاطئ فى ضوء القمر الذى يرسل أشعته الفضية على الرمال .
-لا تقلقى . فلن نخاطر ابدا بلقاء احد التماسيح اسفل ضوء القمر , إلا إذا توجهنا نحو الادغال لمعاكسة انثى التمساح التى ترعى صغارها .
-إننى لا أخاف من التماسيح بقدر خوفى منك .
-يالك من فتاة جاحدة نحو منقذك ؟ ألا استحق مجرد شكر منك؟
-نعم , واعتقد ...
فقال مبتسما :
-هيا , إنه حقا حماس صادق !
واستمرا فى سيرهما دون كلمة واحدة , وكان يمسك بذراعها كأنه وضع طبيعى جدا , ولم يكن هناك أي تفكير إلا فى الاستمتاع بجمال هذه الليلة الرائعة والقمر يتلألأ فوق سطح الماء والرمال دافئة أسفل أقدامهما ...منتديات ليلاس
-كيف حال ساقك الأن ؟
-لقد انتهى كل شئ , إننى حقا لا اعرف ما الذى حدث لى .
-إن ذلك لا يحتاج إلى أية دهشة , ففى البحر يجب ان نتوقع أى اختلال فى التوازن , وذلك لأننا نحرك اقدامنا فى كل الاتجاهات , اما انت فقد نزلت الى الماء بعد قضاء عدة ايام على متن الباخرة , ولذلك تعرضت لهذا التشنج العضلى .
كانا فى هذه اللحظة . قد وصلا الى نهاية الخليج . وكان امامهما مجموعة ضخمة من الصخور , وعندئذ فوجئت " تراسي " بأنها تشعر براحة غريبة مع " جرانت " , ولكن كيف حدث هذا ؟ وفجأة شعرت بأن هذه الراحة وهذا الهدوء يخيفانها . ولكن فى هذه المرة لا يوجد أى تصرف غير طبيعى من قبل رفيقها , بل على العكس من ذلك كان لطيفا ويحاول حمايتها , وفجأة شعرت بذراعيه حولها معا جعلها تريح رأسها على كتفه ...
وكما لو كان يقرأ افكارها , فقد ترك " جرانت " ذراعها ولف ذراعيه حول خصرها ليضمها إليه , فوافقته فى هدوء شديد , وتركت جسدها يستمتع بحرارة دفء جسده , فغمرها شعور غريب بالسلام والأمان .
وهكذا سارا جنب إلى جنب , وهما ملتصقان ببعضهما فى خطى بطيئة نحو المخيم , وعندما اقتربا من المجموعة أبعد " جرانت " يده عنها , ولم تستطع " تراسي " فى هذه اللحظة مقاومة الشعور بالندم لأنها تبتعد عنه .
حان الان موعد العودة الى الباخرة واتخذ جميع افراد الطاقم أماكنهم فيما عدا " توم – بوس " و " جرانت " اللذين اهتما بالقيام بأخر استعداد للرحيل قبل صعودهما على متن الباخرة .
ربما تكون عودة " تراسي " والكابتن وهما يحتضنان بعضهما قد لوحظت , ولكن أحدا لم ينطق بكلمة واحدة , وفى اليوم التالى كان على الفتاة مواجهة " فيفيان " , وكانتا تقفان وحدهما على الجسر , اما بقية افراد الطاقم فقد استغلوا فرصة الراحة ليسبحوا قليلا , وكانت " فيفيان " قد عرضت عليهم فكرة مراقبة الماء , بينما لحقت بها " تراسي " بعد قليل , وظلتا معا تراقبان البحر , وفجأة قالت " فيفيان " دون مقدمة :
-هل تعرفين أنك تلعبين لعبة خطرة ؟ إنه قادر على تحطيم قلبك !
قفزت " تراسي " فى مكانها , لقد أكدت الفتاة الشقراء مخاوفها فعلا , ولكنها لا تريد فتح هذا الموضوع معها , وعلى أية حال فقد كان لملاحظتها تأثير سيئ حقا , فقد أخلدت " تراسي " الى النوم بالأمس وهى فى شدة السعادة بعد نزهتها مع " جرانت " على الشاطئ , نعم لقد نقشت هذه اللحظات فى ذاكرتها , ولكن الا يكون هناك أى شئ اخر بينها وبين الكابتن؟
على أية حال , لم تكن تتوقع أن يفسد عليها أحد هذه الذكرى .
-أنا ... أنا لا اعرف عن اى شئ تتحدثين ...
-لا تدعى البراءة هكذا .
دهشت " تراسي " عندما تحدثت إليها " فيفيان " بهذه الطريقة , وكانت تتحدث اليها وهى تركز عينيها على الماء ولكنها نظرت إليها نظرة لم تستطع " تراسي " خلالها تخمين مشاعرها .
من المؤكد ان الفتاة الشقراء تراقبها ولكنها تتحدث اليها بلطف الان وها هي ذى تقرأ الشفقة على وجهها .
تنهدت " فيفيان " وهى تقول :
-استمعى الى , أنا أعرف أن الامر لا يعنينى فى شئ , كما اننى لا أريد مفاجأتك بأى شئ , ولكننى احبك فعلا , ولم اكن اتوقع حدوث ذلك منك!
-آه ... اشكرك على اية حال , وحتى اكون صريحة معك , كنت فى البداية احترس منك , اما الان , فأنا احبك كثيرا .
ابتسمت الفتاتان وزال التوتر بينهما تماما.
فقالت " فيفيان ":
-حسن فى هذه الحالة , استمعى الى , حذار من الكابتن الوسيم , انا لااريد دس أنفى فى امور حياتك , ولكننى اسمع عنه كثيرا , كما انك بريئة جدا بالنسبة له , اما هو فخطير .
-ولكننى لن امنحه هذه الفرصة , كما انه لا يعجبنى .
اكتسى وجه " تراسي " بحمرة الخجل عندما نطقت بهذه الكذبة , كما انها منحته الفرصة من قبل , ولسوء الحظ دون ادنى تردد . وهى لا تفكر الا فى استعادة لحظات الليلة السابقة .
إن " فيفيان " غير مخطئة , فهزت الفتاة رأسها فى حزن , وقالت فى ندم :
-هذا ما تقولينه ولكننى لا أصدق كلمة واحدة من حديثك , ويمكنك ان تخبرينى بحكايات كثيرة ...
ولكن تذكرى اننا فى عرض البحر , مهما كنا مكلفين بمهمة عادية , إلا اننا منعزلون عن العالم , إنه عالم اخر خرافى وسرعان ما تموت الرومانسية على الشاطئ كما تولد بسرعة أيضا .
كان هذا الحديث غريبا , فقد تحدثت الفتاتان معا وهما تركزان نظرهما على الماء والامواج .
ثم استطردت " فيفيان " قائلة :
-كما يجب ألا تنسى " ميليسا " ... ولا تنخدعى بإهماله لها وبصوتها الطفولة , فأنا أؤكد لك انها اخطر من اكبر اسماك القرش .
-أنا لا أشك فى ذلك , ولكنه امر لا اهمية له , كما اننى لم ازج بنفسى فى هذا السباق , فلا تقلقى !
-لقد خدعت نفسى حقا , ويبدو واضحا انك لم تعتادى الكذب من قبل , كما انك لم تخدعى احدا . واخيرا انها حياتك ..وعلى اية حال اتمنى لك حظا سعيدا .
نعم , ان " تراسي " فى حاجة الى الحظ , واخيرا تنهدت الفتاة بعمق وتركت " فيفيان " للمراقبة . وذهبت لتتناول فطورها قبل عودة افراد الطاقم .
وبعد قليل , كان الجميع يتكدسون فى الحجرة الصغيرة ويطالبون بالطعام , لذلك لم تجد " تراسي " فرصة للتفكير فى حديثها مع " فيفيان ".
بدأت اعمال الصيد بعد الظهيرة وهم فى طريقهم الى رأس " ويلبرفورس " على خليج " ملقيل " وشبه جزيرة " جوق".
وبدأ الطاقم فعلا يعمل , يرمون الشباط ويرفعونها ويجاهدون فى الإمساك بأسماك القرش والاسلحة فى ايدى البعض , وها هم أولا ينتهون من اخذ البيانات عن احدى الاسماك , ثم يقذفون بها , ويحاولون الامساك بغيرها , وها هم اولاء يعملون بجد والمياه تغمر الجسر واشعة الشمس على عضلاتهم المرهقة ورائحة اليود .. الليل والشباك والعمل المتكرر والنوم الذى اصبح نادرا .
وبعد يومين , وصلوا – لحسن الحظ – إلى ميناء " جوق " . وهنا أعلن " جرانت " :
-يومان على الارض , واهتموا بأمركم جيدا فى انتظار تعليماتى !
وكان الدور على " بريان " فى المراقبة , وكان ذلك افضل له بدلا من النظر الى عينى الكابتن الباردتين .
وعندما كان " جرانت ينظر إلى " تراسي " كانت هى الاخرى لا تحتمل نظراته .
-إذا كنت تريدين . يمكننا الاهتمام بإعداد المؤن فورا , وإذا كنت تحتاجين إلى أى شئ , يمكننا تأجير سيارة لنذهب معا الى " نولونبوي "فيما بعد .
-نعم , لقد كسرنا إحدى الات الشباك ونحن فى حاجة إلى غيرها , كما أننا فى حاجة الى اقلام للكتابة . ولن تجد مثل هذه الاشياء على الميناء ويجب على البحث عنها فى المدينة .
وكان كل شئ يمكن شراؤه من الميناء سواء كانت الاشياء الخاصة بالصيد او الغوص , اما فيما عدا ذلك بما فيها الطعام , فلابد من الذهاب الى المدينة " نولونبوي " وهى المركز التجاري الوحيد والرئيسي لشبه جزيرة " جوق ".
وهى منطقة منعزلة جدا وتقع فى شمال أراضـي " ارنهم " كما أن عدد سكانها محدود , والجميع يعيشون على خيرات المناجم .
وكانت أرضـي " ارنهم " خاصة بسكان " استراليا " القدامى , وهى منطقة حافلة بالاساطير والحكايات .
وكانت اساطير السكان الجدد لاتزال فى مهدها . كما ان المنطقة لا تزال تحمل اسم قائد الطائرة الذى لقى حتفه خلال الحرب العالمية الثانية فوق أراضـى هذه الجزيرة .
والان , اصبح خليج " ملقيل " شهيرا جدا بمينائه الرائع ذى المياه العميقة .
كما أن السياحة تجد طريقها دائما قريبا من " داروين ".
وبعد الاستحمام , توجه الجميع الى المدينة , وكان " بريان روبرتس " و " توم – بوس " اول من استقلا شاحنة كبيرة , بينما عثر الباقون على سائق وتوافد الجميع نحو المدينة .
وعندئذ وجدت " تراسي " نفسها وحيدة فى الباخرة , كما اختفى " جرانت " فجأة دون ان يهتم بها , من المؤكد انه يهتم الان بشراء المؤن , كما انه يبدو انه غيرمحتاج الى مساعدتها .
ارتدت الفتاة " شورت " اخضر وقميصا خفيفا . ولم يعد امامها الان الا انتظار " جرانت "فى الظل , فجلست قريبة من كابينة القيادة حيث حرارة الجو معتدلة بعض الشئ .
واخيرا عاد ورأته يقترب منها وهويبتسم .
-لقد أعد كل شئ يا جميلتى , والان اخبرينى ما مشاريعك لقضاء اليومين التاللين فى هذه الجنة ؟
-لا شئ محدد . ولكننى انوى القيام بجولة فى المدينة لأزيل الصدأ قليلا عن ساقى .
-يوجد هناك مطعم صغير رائع وحديث ويساعدنا قليلا فى تغيير نكهة طعام المطبخ هنا .
-اذن هى دعوة لتناول العشاء ؟
-يمكننا ان نقول ذلك , وفى هذه الساعات القليلة انا مرتبط بموعد , ولكننى ساحاول ان اتفرغ لك خلال المساء .
كانت " تراسي " تشعر بأنها ممزقة بين رغبتها فى الذهاب معه وخوفها منه . ولكن الخوف كان اقوي منها . كما انها تخشى ان يراها احد بصحبته , وتخشى من تفكير افراد الطاقم عنهما كما حدث مع " فيفيان ".
ومن ناحية اخرى , تخشى البقاء معه وحدها , فقالت :
-كلا , ليس مهما ... لا تغيرمواعيدك .
-كرم منك , أم حذر
-لا هذا ولا ذاك , ولكننى لا اعرف ما اود عمله الى الان ... وربما لا اجد الوقت لذلك ..
انها تكذب كثيرا ولكنها تبدو غير مقتنعة , فغيرت خطتها قائلة :
-فى الحقيقة , انا لا اريد ان يرانى احد بصحبتك , فالمكان صغير – وربما يفكر افراد الطاقم فى اى شئ .
انفجر " جرانت " ضاحكا :
-كما تريدين , واوافق على حججك القوية .
والان – حسن , الى اللقاء , فسنرحل فجر يوم الثلاثاء ..
واستدار " جرانت " وتوجه نحو الكابينة الخاصة به دون ان يعير ندم الفتاة الواضح اى اهتمام .
وبعد ذلك , ذهبت الفتاة الى المدينة ولاحظت كم هى صغيرة وانه من المتسحيل ان تتجنب لقاء افراد الطاقم .
وتقابلت معه امام احد المحال , ولكنه لم يقف وتابع طريقه , وفيما بعد راته يتناول العصير فى مطعم اخر , ولكن كان بصحبته رجل نحيف يرتدي حلة بيضاء اللون , وتقابلت معه اكثر من ثلاث مرات فى شوارع المدينة بعد ذلك .
اعجبت الفتاة بالمدينة واعجبت بالمنطقة كلها ورأت انها رائعة , وكم ان سكانها يعيشون فى وداعة شديدة , ولولا انها تشعر دائما بسخرية " جرانت " لسعدت بنزهتها كثيرا .
وعند عودتها الى الباخرة فى الليل . رأت " ديك " وفيفيان " يستعدان للخروج , فقالا لها معا :
-هيا , غيرى ملابسك ونحن ننتظرك .
فقالت " تراسي " :
-أرى انكما تسعدان بقضاء الوقت هنا !
ولكننى لا أرغب فى ...
فقال " ديك " :
-هيا , لا داعى لذلك , هيا استمتعى بإجازتك .
وأضافت " فيفيان " :
-نعم , فما الذى تنوين عمله خلال المساء , هل تريدين قضاء الليل وحدك ؟ إلا إذا كنت تنتظرين احدا .
-كلا , مطلقا !
ولكنها لا تريد فعلا الذهاب معهما .كما أن قضاء الامسيات فى الاحتفالات هنا أشبه بالجنون وخاصة فى هذه المناطق النائية , ولكنها لا تريد البقاء وحدها حبيسة هذا المكان .
-اتفقنا , خمس دقائق واكون مستعدة .
وبدت الفتاة سعيدة , ولكنها تشعر بالحزن فى قرارة نفسها , ومع ذلك تطمئن نفسها بان كل شئ على ما يرام وان الامر انتهى تماما . ولكنها تخدع نفسها حقا ...

 
 

 

عرض البوم صور safsaf313   رد مع اقتباس
قديم 25-07-09, 08:39 AM   المشاركة رقم: 4
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Mar 2008
العضوية: 66854
المشاركات: 2,022
الجنس أنثى
معدل التقييم: safsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 585

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
safsaf313 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : safsaf313 المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

الفصل الخامس
إنه عيد ..كرنفال حقيقي ! هذيان جماعي لم تعرفة تراسي إلا في الجامعه عندما قاموال بتقليد اليالي * الشمالية و قام الأصدقاء جميعاً بجولة في أحياء المدينة طوال الليل .
أما في نولوتيوي فهي ليست تقلعية و لكنها تقاليد حقيقية . وعادة ما تقام هذه الأعياد في جميع أرجاء المدينة و هنا تكون الموائد مغطاة بجميع منتجات البحر و تعلو الموسيقى هنا ةو هناك ليرقص على أنغامها الراقصون حتى الفلاسفة يأتون ليتحدثون عن أحوال العالم مرة واحدة .
و يتبادل الجميع الزيارات من منزل إلى آخر و تتناقل المشروبات بين الأيدي و هنا و صلت تراسي بصحبة زميليها فاستقبلوا بحفاوة شديدة ووضعت الكوؤس بين أيديهم ..منتديات ليلاس
فمن المستحيل ألا يشرب أحد هذه الليالي!
و من الواجب ألا يترك الضيف الكأس إلا فارغة .
و عندما دخلوا المنزل الرابع كانت تراسي تشك أن هناك شخصاً ما يتعقبها و تأكدت تماماً من ذلك عند زيارتها للمنزل السادس و لكنها لم تنزعج و أخيراً تقدم منها هذا الرجل المعجب بها و قدم نفسه إليها
و هو يعمل مهندساً و يسمى تيد مالانبي و هو رجل بش جداً و لا يردي سو اتباعها و الحق إنها سعدت بذلك .
و من جهه أخرى أعجب بها شخص آخر و كان أسمر اللون و يبدو جذاباً و تقدم منها مباشرة و هو يقول :
-أنا أسمي ريك هل نتزوج ؟
و قبل أن تجيب تراسي أقترب تيد قائلا:
-لتبحث لك عن فتاة أخرى يا ريك إذا تزوجت تراسي فلن تتزوج غيري !
و هنا قالت الفتاة:
-ماهذا؟ ألا أقول رأيي!
عندئذ انفجر الرجلان في الضحك و بدأ يقدمان نفسيهما و يذكران محاسنهما فيقول لأول ‘نه يملك ثلاث بواخر و يقول الثاني إنه يملك أربعاً ثم يتفاخر بالجواهر و الممتلكات ... و الحق أن كلاً منهما يبدو كأفضل صديق في العالم و سعدت تراسي بصحبتهما و بكونها معهما فهي تخشى بذلك اقتراب أحدهما منها دون الآخر و ظل الأثنان على هذه الحال حتى و صلا المنزل التالي و هنا بدا الرقص و دخل الجميع حديقة كبيرة جداً و أخذت تراسي ترقص بسعادة و لكنها تيقظت أخيراً و تذكرت أنها شربت كثيراً دون أن تأكل أي شيء و لم يكن ذلك بسبب عدم وجود الطعام و لكن لأنها لم ترغب في تناول الطعام و بدأت تتعثر في خطاها و تتأرجح بين يدي تيد فقالت:
-معذره يجب أن أتوقف قليلاً .
-بالتأكيد كا يجب أن تأكلي شيئاً .
و جذبها تيد نحو المنزل ثم جذبها لتجلس على الأريكه أمام المائدة كبيرة حافلة بالطعام .
-اجلسي هنا سأذهب لأحضر لك طبقاً .
-أشكرك!
انهارت تراسي على الأريكه و هي تتنفس الصعداء و كان الضوء خافتاً و الموسيقى تنبعث من الخارج عاليه حتى أنها بدأت تشعر بألم في رأسها عندئذ هاد تيد و تبعه ريك حاملا مثلهأطباقاً مملوءة بالأصداف و الجمبري و الخبز المدهون بالزبدة و الفواكة الإستوائية .
و بعد قليل لاحظ تيد أن تراسي تريد الجلوس وحيدة فجذب رفيقة بعيداً وهو يقول :
-استريحي قليلاً و إلى اللقاء و لكن لا تسرفي في تناول الطعام !
أغمضت تراسي عينيها لحظة ثم بدأت تتناول طعامها الشهي وكان الجمبري طازجاً و كبير الحجم و الأصداف أيضاً كانت رائعه مع الصوص المصاحب لها أما الفواكه فكانت تذوب في الفم .
و أخيراً شبعت تراسي ووضعت الأطباق الفارغة على المائدة الضغيرة ثم عادت لتستريح ثانية على الأريكة و عندئذ أخذت تتفحص الحجرة بعينيها ثم نظرت إلى المدعوين و هم يتناولون الطعام و الأطفال يأكلون الحلوى بنهم شديد.
فكرت تراسي بالعودة إلى الباخرة و لكنها كانت مستريحة هنا وهي ممددة هكذا و لهذا قررت البقاء قليلاً و هي لم تهتد ارتداء الأحذية ذات الكعوب العالية كثيراً و عندما جلست و هي عارية القدمين و ظلت الفتاة تلاحظ المدعوين و هم يعودون إلى الحديقة بعد الإنتهاء من تناول طعامهم و خلال ذلك كانت قد استغرقت في نوم عميق .
-هل نوقظها ؟
ترامت هذه الكلمات إلى أذن تراسي و هي نائمة من يريد إيقاظها ؟ و لكنها لا تريد أن تنتهي من هذه الجلسة المريحة .
-إذا ظلت نائمة هكذا بعد انصراف الجميع فسأتولى إيقاظها .
ففتحت تراسي عينيها هذه المرة و تعرفت على صوت جرانت مورجان لابد أنه يظن أنها ثملة جلست الفتاة على الفور ة هي مجهدة بعض الشيء من أثر النوم ..و اعترضت قائلة :
-أنا على ما يرام ! و لا داعي لهذا التفكير ! واجهت تراسي موجان و ميليسا ستيوارت و هي ترتدي ثوباً من اللون الأخضر و ظلت تراسي تنظر إلى التاة التي تراقبها باحتقار أما جرانت مورغان فكان على وجهه تعبير ساخر يعني الكثير و عندما رآها بدا و كأنه اكتشف فتاة تحاول القيام باشياء تريد إخفاءها عن الجميع .
-بما أنك يقظة لأن استغلي الفرصة لتعودي فوراً إلى الباخرة قبل أن تفقدي وعيك من جديد! و هنا استدار مورجان و ابتعد و ميليسا تتبعه فقالت تراسي:
-إنها القمة! فأنا لم أشرب شيئاً!
و لكن مورجان لم يكلف نفسة عناء النظر إليها و تابع طريقة كأنه لم يسمع شيئاً و لكن ميليسا استدارت ببطء و ألقت نحو تراسي نظرة خبيثة كأنها لا تصدقها .
كانت الفتاة قد استردت و عيها بما فيه الكفاية ففكرت في اللحاق بهما لتجبر جرانت على الاستماع إليها و لكنها تراجعت فليفكر فيما يريد على أية حال هي لن تعود إلى الباخرة الآن ذلك لأنه نصحها بذلك فقط .
ارتدت تراسي حذائها و ذهبت لتبحث عن دورة مياة لتغسل و جهها بالماء البارد ثم تضع قليلاً من الماكياج و بعد أن زينت نفسها عادت ثانية إلى الحجرة الكبيرة و جلست أمام النافذة تراقب جرانت و ميليسا و هما يرقصان متعانقين على أنغام الموسيقى الهادئة .
و كان تيد و زيك قد اختفيا كذلك جميع أفراد طاقم الرحلة و هنا توجهت تراسي نحو البار و جلست محاولة ترتيب الأفكار في رأسها من جديد.منتديات ليلاس
ما الذي تفعلة ميليسا في نولونبوي؟لم يبد أن جرانت كان ينتظرها وإلا ما دعا تراسي لتناول العشاء معه قبل مغادرة الباخرة .
إنها حقاً خسارة كبيرة لأنها رفضت دعوته! و لكن لابد أنع كان سيبحث عن حجة مناسبة في النهاية تمنعه من الخورج معها ! و ياله من مشهد كوميدي و هو يحاول البحث عن حجة مناسبة ترى ماذا سيقول ؟
شربت تراسي الكوب مرة واحدة ثم عادت لتملأه من جديد...
و بعد حوالي الساعة كانت تراسي لا تزال في مكانها و هي تجلس في هذا الموقع الاستراتيجي و الحق أنها كانت قد تقابلت مع عدد كبير من الأشخاص يأتون إليها ليتحدثوا معها .
أحدهم مؤلف قصص بوليسية أخذ يتحدث معها طويلاً عن عادات أسماك القرش قائلاً :إن بطلة قصتة الأخيرة ستذهب في رحلة في عرض خليج جوف و تمثل تراسي لهذا الكاتب مصدر معلومات مهمه .
و بعد قليل لحق بها مهندس معماري ثم عامل منجم يحلم بالإقامة في تاسماني .
و عن بعد ظلت تراسي تراقب جرانت و هو ينظر إليها شزراً ترى ما سر حقده الشديد عليها ؟ و ما الذي يجعله ينظر إليها هكذا ؟
ألم يرقص هو نفسه مع ميليسا و لكنه لم يكن مهتماً بها بالقدر الكافي فقد ظل ينظر إلى البار طوال الوقت .
و في منتصف الليل تقريباً كانت الموسيقى هادئة جداً رفضت تراسي الرقص مع أكثر من شخص دعاها لمراقصته و هي تشعر حقاً بالخوف من مواجهة أشخاص غرباء .

 
 

 

عرض البوم صور safsaf313   رد مع اقتباس
قديم 25-07-09, 08:42 AM   المشاركة رقم: 5
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Mar 2008
العضوية: 66854
المشاركات: 2,022
الجنس أنثى
معدل التقييم: safsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 585

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
safsaf313 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : safsaf313 المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

و كان توم-بوس و جين جيمس قد غادرا المكان و فكرت تراسي في اللحاق بهما و لكنها بدت ملتصقة بالمقعد و سعيدة بالنظرات التي تختلسها نحو مورجان و هو أيضاً نفس الشيء .
و ظنت لحظة أنه سيأتي ليدعوها لمراقصته و سعدت عندما لاحظت أنه يحاول الاقتراب منها متناسياً رفيقته و لكن ميليسا كانت تقترب منه و تهمس له بعدة كلمات في أذنه فيعود الكابتن معها ثانية إلى حلقة الرقص .منتديات ليلاس
و يتقبض قلب تراسي تراسي فيتحول نظرها عنه عندما يلتصق ب ميليسا و يرقص معها على انغام الموسيقى و تفكر تراسي في الانصراف و لكنها تشعر بالإرهاق كما أنها لن تغادر المكان أبداً بسببهما!.
فجأة شعرت الفتاة أنها مراقبة فاستدارت فرأت جرانت مورجان يقترب منها ووجهه يكتسي تعبير تصميم غريب و كانت ميليسا قد اختفت تماماً و عندئذ كاد قلب تراسي يقفز من مكانه فقالت له عندما اقترب من البار:
-هل تشعر بالعطش أيها الكابتن ؟
-لا أنا لا أريد شيئاً فقد شربت ما فيه الكفاية كما انني لست الوحيد ...
-آه؟ و لكنه رائع و هذا الشراب و يجب تذوقه .
ملأت تراسي كوبها مرة أخرى عندما سمعت هذه الكلمات و لكن يد جرانت الضخمه كانت قد امسكت بها لتمنعها من ذلك و مع ذلك كا إن اقترب منها على بعد سنتيمترات حتى تردد و تراجع دون أن ينطق بكلمة واحدة و عندئذ أكملت الفتاة و هي تبتسم فقال لها :
-في الحقيقة أعتقد أن من الضروري الكف عن ذلك لقد شربت ما فيه الكفاية .
-شربت ما فيه الكفاية أم لا من يعرف ؟ على أيه حال أنا لا أقود سيارة للعودة و الآن استمتع بوقتك!.
و بدأت تراسي تضحك بشدة و كان تيد قد ظهر من جديد بعد أن فقد أثر ريك و استغلت تراسي هذه الفرصة الذهبية لتثير غيرة جرانت و نهضت من مكانها و توجهت نحو حلقة الرقص دون أن تكلف نفسها عناء تقديم الرجلين لبعضهما و ظل جرانت وحيداً في مكانه و هو ينظر إلى الفتاة شرراً وهي تراقص تيد .
كانت تراسي متضايقة من معاملتها لـ نيد بهذه الطريقة و لكنها تريد تؤكد لـ جرانت أنها ليست بحاجة في حاجة إليه و فجأة تحولت الأنغام الهادئة إلى موسيقى صاخبة مما اصطرها إلى الإبتعاد عن رفيقها و رقص الاثنان معاً و هما مبتعدان عن بعضهما و لاحظت تراسي من تعبير وجه نيد أنه يفهم الأمر و فعلاً قال لها بصوت عالي حتى تسمعه على الرغم من علو الموسيقى :
-إذا كان هذا يمنحني فرصة الرقص معك فلا ضرر إذن في ذلك و لكن يبدو صديقك غير متساهل ؟
-ماذا؟
-يبدو غير سعيد
-من ؟
-أنت تعرفين من! هذا الرجل الضخم الجالس هناك!
-لا شأن لي به!
-إذاً أنت تهتمين بي! أِشكرك!.
و فجأة تجمدت ابتسامة نيد على وجهه و هو يقول :
-انتبهي ها هو ذا! إلى المخبأ!
و فهمت تراسي مقصد نيد متأخراً فقد كان جرانت يقف وراءها و يمسك بذراعها بعنف و يقول لـ نيد :
-هل تسمح لي؟
و دون أن ينتظر الإجابة أمسك جرانت تراسي و ألصقها به فجأة تحولت الموسيقى الصاخبة إلى موسيقى هادئة كما لو كان قد وصى العازفين بذلك .
و اقترب جرانت منها كثيراً لدرجة أن تراسي عجزت عن الابتعاد عنه إنها حقاً كانت تريد الرقص معه و لكن ليس بهذه الطريقة فهي ملتصقة به حتى تكاد تختنق و أغمضت تراسي عينيها و هي تتمنى أن تعود الموسيقى صاخبه من جديد أو ربما يفاجئ المكان تمساح كبير فيثير الذعر بين الجميع ..ولكن ما من معجزة حدثت .
استمرت أنغام الموسيقى الهادئة كما هي فجأة قال جرانت بصوت أجش:
-قررت إعلان الحرب علي ؟
كان قد نطق بهذه الكلمات بصوت مشوب بالعاطفة و التهديد في آن واحد .
ولكن تراسي لم تجب إذا فكرت بالرد فمن المؤكد أن صوتها سيكون مرتعشاً و هي لا تريد ذلك .
ففال لها ثانية :
-ماذا؟ هل تحاولين إسكاتي بسكوتك؟
و لكن ذلك لا يليق بك ...
ها هو ذا يعود إلى سخريته من جديد إنه لا يهدأ إلا فترات قليلة جداً و لكن تراسي قد اعتادت ذلك و يمكنها الرد عليه الآن .
-كل ما في الأمر أنني سعيدة هنا و لم احضر الإعلان الحرب عليك و أنت تعرف جيداً كما انني لم أكن أتوقع حتى مقابلتك ..
و أكلمت الجملة لنفسها : بما أنك تجد الصحبة المناسبة و لكنها فهمت أنه فهم مغزى صمتها .
-ولكن ذلك لم يكن سبباً يسمح لك بمصابحة هذا و ذاك !
-ولكنني أتحدث فقط!
حاولت الابتعاد قليلاً لتستطيع النظر إليه و لكن هيهات و عندئذ همس جرانت قائلاً :
-حسن حسن
دهشت تراسي من رد فعل جرانت فهي لم تعتد منه هذا الصمت و الموافقة على انتصارها بهذه السهولة و لكنه لم يقل أي شيء و اكتفى باقترايه منها أكثر .
و على الرغم من اعتراضات تراسي إلا أن جرانت لم يسمح لها بالرحيل و ظل ملتصقاً بها .
ترى أين ميليسا؟ ظلت تراسي تطرح السؤال على نفسها و هي ما تزال ملتصقة به لا تاتي للمطالبة بفارسها ؟ و عندئذ تذكرت الحديث الذي دار بينها و بين الكابتن في ميناء داروين و تذكرت أن الفتاة تخشاه كثيراً .
و انها لا تريد مجادلته أبداً على الرغم من أنها حقاً فتاة مدللة .
و استمرت الموسيقى الهادئة و بدأت رقصة جديدة و إن كانت تختلف عن الأولى و شعرت تراسي بالإرهاق نتيجة نيجة لتناولها كمية كبيرة من الشراب كما أن التصاقها بهذا الرجل الذي يجذبها كثيراً يسبب لها مزيداً من الإرهاق .
و تركت تراسي نفسها لأنغان الموسيقى و سعدت بوجودها بين ذراعيه ووضعت رأسها على كتفه و هي في غاية السعادة .
و بسرعة شديدة جداً توقفت الموسيقى و بدأت من جديد الموسيقى المجنونة و هنا ألقى جرانت نظرة نحو الحجرة المجاورة ثم قطب جبينه بعد أن كان هادئاً تماماً و ترك تراسي و هو يقول :
-معذرة فأنا أكره موسيقى الروك .
و كان صوته يبدو بعيداً و غير مبال و لكن تراسي لم تظل دهشة لوقت طويل فقد لاحظت و صول ميليسا و لاحظت أن الفتاة تنظر إليها ببرود شديد لابد أنها تراقبهما منذ فترة فارتجفت تراسي لحدة نظراتها عندما قالت لها ميليسا:
-اشكرك لمصاحبتك جرانت بينما كنت اقوم باتصال تليفوني ...
وهنا أجابتها تراسي:
-أنا دائماً في خدمتك!
و شعرت تراسي بالضيق الشديد لدرجه لم توجه أي نظرة نحو جرانت إذا كانت هذه الأفعى الصغيرة قد فكرت في الرد عليها فلابد أنها كانت ستضايقها كثيراً و أسرعت تراسي بمغادرة المكان و بعد حوالي عشر دقائق كانت تراسي قد أوقفت سيارة اجرة و بعد لحظة تردد طلبت من السائق توصيلها إلى الفندق الوحيد المقام في نولونبوي فهي ليست في حاله تجعلها تحتمل جو الباخرة كما انها في حاجة شديدة إلى البقاء و حدها .منتديات ليلاس
و نامت تراسي طويلاً و في الصباح استيقظت على ما يراك بل و استيقظت مبكرة نوعاً ما و كان الإرهاق الشديد الذي شعرت به في الليلة الماضية قد اختفى تماماً بعد استغراقها في النوم خلال هذه الساعات
كان ضوء الشمس يتسلل إلى الحجرة و يداعب أنف تراسي إن اليوم يبدو جيداً و مع ذلك فهي مضطرة إلى العودة إلى الباخرة خلال هذه المساء بما أن مورجان قد قرر الرحيل في فجر اليوم التالي و لكنها لا تزال حرة حتى هذا الموعد.
و فكرة تراسي إن الإستحمام في حمام السباحة الموجود في الفندق أفضل شيء قبل تناول طعام الفطور
و تذكرت أحداث الأمس و تصرفات جرانت شيء غريب حقا أن يكون هادئاً بهذه الدرجة مع ميليسا و لكن بما أنه يحبها ما السبب الذي يجعله يحين أول فرصة لغيابها ليأتي إليها وهي بصحبتها؟
إنها تصرفات غير مفهومة حقاً
من الأفضل عد التفكير في ذلك و على كل خال فالحياة حافلة بأشياء مثيرة كثيرة تجعلها تستطيع الاستغناء عن جرانت مورجان هذا .
توجهت تراسي نحو حمام السباحة و غمرت رأسها في المياة الدافئة ثم صعدت على حافته و هي تهز رأسها و قد قررت تناول فطورها الذي ينتظرها منذ قليل ووجدت حشية ذات ألوان زرقاء متداخلة فتمددت عليها لتجفف جسمها تحت أشعة الشمس .
و لكن يبدو أن تصرفها غير حكيم فبمجرد أن استلقت تحت اشعة الشمس حتى تذكرت جرانت و تذكرت أول لقاء لهما في الكابينه الخاصه به و قبلتهما الثانية و الليله رأته خلالها في المطبخ .
إنها حقاً لا تستطيع أن تنطر أنجذابها إليه حتى لو أرادت ذلك استدرات تراسي حتى تجفف ظهرها و بدأت تفكر في تصرفات جرانت الغريبة و بدأت تشعر بالغيرة من ميليسا .
وهبت رياح استوائية خفيفة و كان لباس البحر الذي ترتديه قد جف تماماً فنهضت لتتناول فطورها .
فجأة قبل أن تتحرك و دون أن تسمع أي صوت لاحظت وجود ظل شخص قريب منها فاستدارت على الفور لترى من هذا الذي جاء إليها في هذا المكان المهجود في هذه الساعة ؟
ميليسا إنها ..ميليسا و هي ترتدي الـ بيكيني إنه نوع من لباس البحر الخليع جداً و لكنه يكشف عن جسدها الرائع المتناسق بطريقة لافته للنظر إنه جمال بارد جداً و لكنه أنيق و شعرها .. كانت خصلاته رائعه ووجهها غاية في الجمال إنه لشيء مؤسف أن يكون كل هذا الجمال لفتاة تافهة مثلها و هنا قالت ميليسا مهاجمة :
-شيء لا يصدقه عقل كأنك تتبعيني !
أجابتها تراسي :
-يالها من فكرة!
-أنصحك بأن تدعيني و شأني إلا فسوف تندمين على ذلك !
إنها تحاول التشاجر معها ! و هنا نهضت تراسي و أمسكت بالمنشفة و ابتعدت عنها و لكن ميليسا توقفت كحجر عثرة في طريقها فقالت لها تراسي و هي تتقدم بخطوات ثابته :
-حسناً أنا سعيدة بلقائك و أتمنى لك يوماً سعيداً .
و كانت تراسي قد قررت ألا تتأثر بوجود الفتاة الغبية و لكن ميليسا لم توافق على هذا التصرف و انزعجت كثيراً لتجاهل تراسي لها فدفعتها بيدها بعنف و هي تقول :
-دقيقة واحدة! لم أنه حديثي بعد! إنني لم أستستغ تصرفاتك بالأمس ستدفعين ثمن ذلك غالياَ صدقيني!
كان وجه ميليسا يكسوه الحقد لدرجه أخافت تراسي فحاولت الابتعاد عنها و هي تظن أن البقاء معها يمثل خطورة .
ولكن ميليسا اقتربت منها و أمسكت بذراعها و دفعتها بشدة نحو حمام السباحة و الحق أن دهشة تراسي قد أعجزتها تماماً عن الرد و ما إن بدأت تعي ما حدث حتى كانت ميليسا قد اندفعت نحوها كالمجنونه و كانت في قمت ثورتها ثم ركلت تراسي تراسي بحدة و كأنها حقاً فريسة لازمة أصابتها بالجنون .
ولكن أن أوان التصرف فعلاً فأمسكت تراسي بقدم الفتاة و جذبتها نحوها بشدة لدرجة تسببت في وقوع ميليسا في حمام السباحة و هنا نهضت تراسي من مكانها و أمسكت بالمنشفة ثم ألقت نظرة سريعة إلى الوراء لتتأكد من أن ميليسا لم تغرق ثم غادرت المكان و توجهت على الفور نحو حجرتها .
و عندما أغلقت باب الحجرة وراءها بدأت تستوعب مدى أهمية ما حدث و خطورته

 
 

 

عرض البوم صور safsaf313   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
arafura pirate, المركز الدولي, امرأتان ورجل, بربارا بيكر, روايات, روايات مترجمة, روايات مكتوية, روايات رومانسية, روايات عبير المكتوبة, عبير, victoria gordon, فيكتوريا غوردون
facebook



جديد مواضيع قسم روايات عبير المكتوبة
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 05:40 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية