منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات احلام المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f457/)
-   -   265 - لن تندمي - باربرة ماكماهون ( كامله ) (https://www.liilas.com/vb3/t96902.html)

ماري-أنطوانيت 26-10-08 11:05 PM

265 - لن تندمي - باربرة ماكماهون ( كامله )
 
~*~*~ لن تندمي ~*~*~
- باربرة ماكماهون -
العنوان الاصلي للروايه: Daddy and Daughters




الملخص:

- هل تتزوجينني؟
ابتعدت كاساندرا عنه وعادت من الطريق الذي دخلا منه للتو.
- انتظري دقيقة يا كايسي
وأمسك جيرد بذراعها يوقفها وهو يقول:
" ناقشيني في الأمر على الأقل "
ثار غضبها:
" وماذا أناقش؟ لا أريد أن أكون جليسة أطفال...فكل ما تريده أنت هو أم لطفلتيك.
لكن المرأة لا تتزوج إلا إذا كان من يريدها يحبها وهي كذلك تحبه "
- لا تعطيني ردك هذه الليلة. كايسي فكري بالأمر....
لكن الفكرة الوحيدة التي كانت في باله هي هذه الفتاة الواقفة أمامه تتحداه...
ونسي عبء الابوه الذي وضع على كاهله فجأة...
نسي متطلبات العمل وان كاسندرا موظفه لديه...
وقرر انه سيتملقها ويحتال عليها ويرشوها ويغريها إذا اقتضى الأمر.
لأنه يريدها أما لابنتيه.

منتديات ليلاس
================================

هذه الروايه قمت بكتابتها مع تعاون مجموعه من العضوات

في منتدى مكسات...

من مشروع (اكبر تجمع لروايات عبير واحلام المكتوبه نصا)

وان شاء الله سأكتب بدايه كل فصل اسم كاتبته...

اتمنى لكن قراءه ممتعه ^_^

ماري-أنطوانيت 26-10-08 11:09 PM

1- توأمان ؟!

توقف المصعد فجأة وانفتح الباب ليخرج منه (جير هنتر) وبعد أن اخذ نفسا عميقا, دخل القاعة الفسيحة المليئة بالمكاتب, وهو ينظر إلى الأمام نحو باب مكتبه الخاص في الزاوية البعيدة, متجاهلا بذلك الرؤوس التي التفتت نحوه. قال له(جيب)مواسيا:
" أقدم لك خالص عزائي. لقد كانت السيدة هنتر شخصا محبوبا "
ووقفت جولي مايرز حين مر جيرد امامها, وقد بدا الحزن على وجهها, فقالت بصوت ناعم:
" آسفه لوفاة المرحومة زوجتك يا جيرد! "
اومأ برأسه عابسا وتابع سيره نحو المكتب. كان بحاجة للانفراد بنفسه في مكتبه, بعدما تملكه الدوار نتيجة الاحداث التي عصفت به. لم يستطع ان يصدق ان (مارلين) ماتت. لم يكن يعلم ان الناس مازالوا يموتون بالانفلونزا حتى هذه الايام. أما كان بالامكان التخلص من هذا المرض القديم بكل تلك الادوية التي صنعت للتصدي له؟
قالت هيلين وولنر سكرتيرة جيرد الخاصه تسأله:
" جيرد هل انت بخير؟ "
ونهض من خلف مكتبها واتجهت نحوه وقد بان العطف في عينيها. فأومأ جيرد قائلا:
" كلنت رحلة تعيسة, لكنني عدت الى بيتي على الاقل. كيف تجري الاحوال هنا؟ "
" الجميع يشعر بالحزن. ولكن نظرا الى التوسع الذي جرى في السنوات الثلاة الماضية في الشركة, لم يتعرف الموظفون الجدد الى مارلين. مع ذلك تحدث الكثير منهم اليها عبر الهاتف. وكان الجميع يعلم أنها الشريك الاخر. "
فتح جيرد باب مكتبه ودخل غاضبا بعد أن لاحظ أنها أغفلت كون الفقيدة كانت زوجته ايضا. كانت الرسائل مكدسة بترتيب على الجهة اليمنى في مكتبه, وبعض الملفات عند الجهة اليسرى, أما في الوسط فكانت الرسائل الهاتفية وبينها مغلف مستطيل.
استدار حول المكتب ووضع حقيبة اوراقه على خزانة كتب منخفضة خاف كرسيه. كان خليج سان فرانسيسكو متألقا تحت اشعة شمس العصر, لكنه لم ينتبه اليه, فكل ما كان يشغل انتباهه هي تلك الأعمال التي كانت تنتظره, ولكم كان يشعر بالتعب.
سألته هيلين وهي تقف عن العتبة:
" هل وصلت للتو؟ "
" لقد حطت الطائرة منذ حوالي الساعه, فجئت مباشرة الى هنا "
" هل انت بخير؟ اعرف انكما عشتما انت ومارلين خلال هذه السنوات الثلاثه الماضيه بعيديين الواحد عن الاخر. مع ذلك كانت زوجتك.
" لكنك تعلمين يا هيلين ان ذلك كان قانونيا. هل مازالت الاقاويل ستريه؟ "
" نعم لقد اخبر الموظفون القدامى اولئك الجدد بأنكما أنت ومارلين تزوجتما فقط لتسهيل تكوين شركة (هنتر) وأظن ان بعض الموظفين الجدد لا يعرفون أنها زوجتك, فهم لم يروها قط! فقد كانت تعيش في نيويورك كما تعلم. "
لومأ جيرد برأسه وهو يأخذ المغلف وسألها:
" ما هذا؟ "
فقد كانت الرسائل الاخرى مفتوحة وموضوعه في احد ملفاته. فأجابت:
" وضعت هذه الرسائل الهاتفية على حدة. لقد تلقيت الكثير من الرسائل اليوميه لمدة اسبوعين. وقد تلقينا امس هذه الرسالة البريدية المسجلة. حاولت ان اشرح لهم سبب عدم قدرتنا الاتصال بك في (بانكوك) ولكن يظهر انهم لم يسمعوا بخبر الاعصار "
هز جيرد كتفيه, ثم خلع سترته ووضعها على كرسيه وسألها:
" هل ذهب أحد من هنا لحضور الجنازة؟ "
" لا. ولكن غالبية موظفي مكتب نيويورك ذهبوا. وارسل الينا (بوب ماسون) تقريرا وضعته مع بقية رسائلك, لا تلم نفسك لعدم تمكنك من حضور الجنازة يا جيرد. لكنت حضرتها لو أنك تمكنت ذلك. لا شك أن مارلين ستتفهم ذلك! "
" لماذا يتصل اولئك المحامون؟ "
بدا وكأن جيرد لم يشأ ذكر الاسباب التي منعته من الذهاب الى نيويورك لحضور الجنازة. في الواقع لقد حاول جهده لكن الحظ عاكسه. وعندما استطاع ذلك كان كل شيء قد انتهى. لقد هدأت ثورة غضبه الان وحل مكانها هدوء فلسفي. اذا كان هناك من يفهم مشاكل العمل ويستمتع بها, فهي مارلين.
" لم يقولوا شيئا. لقد اصروا على الاتصال بك شخصيا فحسب. اعطيتهم رقم هاتفك في بانكوك, لكي يدركوا بأنفسهم سبب عدم قدرتنا على الاتصال بك. فكما تعلم لا يثق المحامون تماما بالاخرين, ولا ادري لماذا يظنون اننا نمنعهم من الاتصال بك! "
" شكرا يا هيلين "
" اخبرني اذا احتجت شيء "
" حسنا "
اغلقت الباب بشكل غير كامل بينما التقط جيرد المغلف. كان متعبا للغاية بعد الرحلات العديدة التي قام بها في المناطق الاستوائيه. ولو كان ممن يؤمنون بالخرافات لاعتقد بأن النحس يلاحق العمل الذي كان يحاول انجازه. فقد بدأت الرجلة بشكل شيء, اذ أصاب الطائرة حلل ميكانيكي, فأرغمت على الهبوط في جزيرة (ويك) بعد ذلك حصل ارتجاج عنيف في الطائرة في سماء بانكوك, اعقبه فوضى بالغة في المعاملات الجمركيه. كما ان الجو الحار زاده ارهاقا بعد خروجه من المطار. واذا به يجد ان حريقا شب في الفندق الذي حجز فيه مسبقا, فكان عليه ان يعثر على مكان يبيت فيه, قبل حلول الاعصار الذي تنبأت به الارصاد الجويه. ولم يكد يبلغ مكتبه حتى بدأ الامطار والسيول والرياح.
كانت العواصف في أمريكا عادة, تخلف دمارا كبيرا, لكنها كانت تهدأ بسرعة. الا انها وكانها لن تسكن ابدا في بانكوك.
منتديات ليلاس
كان قد تلقى خبر موت مارلين قبل ساعات قليلة من هبوب العواصف. لكن الطائرات كانت متوقفه والاتصالات مقطوعه. وكانت المياه تغمر الشوارع ما جعل حوادث السير تزداد. وهكذا مضت أيام قبل ان تسكن تلك العاصفه, ويتمكن الاتصال بمكتبه ليخبرهم بأنه سيعود على أول طائره.
تناول جيرد المغلف اموضوع على مكتبه, وراح يفكر في الشعور الذي راوده والذي لم يستطع تحديده حيال وفاة مارلين. وهز رأسه وقد نفذ صبره. لقد مضت اكثر من ست سنوات على زواجهما وعلى الرغم من انه كان في البداية زواج مصلحة, الا أن مارلين كانت صديقة جيده. لم ستطع أن يصدق أن مارلين فارقة الحياه فقد كانت في التاسعة والعشرين من العمر فقط, وهو سن الحياة, وكانت قد أوشكت الحصول على ما كانت تتمنى انجازه.
لم يكن قد رآها منذ اكثر من عام ...كان ذلك في واشنطن حيث اجتمعا مع رجال الكونغرس لمناقشة تنظيم التجارة عبر المحيط الهادئ. لكنهما كانا يتحدثان هاتفيا في الكثير من الاحيان, كما كانا يتبادلان الرسائل بواسطة البريد والفاكس.
لقد تزوجا منذ ست سنوات. وانفصلا برضى الطرفين منذ ثلاث سنوات. لكن ذلك لم يؤثر على علاقة العمل بينهما... وكانت مارلين ممتازه في هذا المجال. وكان التوسع الى الاسواق الاوروبيه فكرتها هي, فقد اصرت على الانتقال الى نيويورك لكي تؤسس ذلك المكتب. كانت نشيطة جدا وتزخر بالحيويه. ومنذ ان تركت سان فرانسيسكو لم تنظر الى الخلف اطلاقا. ولم تعد حتى ولو لزيارة خاطفه, كما انه لم يتفقدها. لكنه سيشعر بغيابها الان ولو تعلق ذلك بالعمل فحسب.
تنهد جيرد وفتح المغلف ثم اخذ يقرا محتواه على مهل. أعاد القراءة وقد اصابه الذهول. لم يستطع تصديق ما قرأه وصرخ بأعلى صوته:
" هيلين! "
ثم راح يقرأ الكلمات للمرة الثالة. اتراها مزحة؟ كيف يمكن أن...."هيلين! "
قالت له كاسندرا:
" آسفه يا جيرد, هيلين ليست موجودة حاليا! هل بإمكاني ان اساعدك؟ "
وقف جيرد والقى اليها بالرساله قائلا:
" أقرأي هذه وأخبريني ما جاء فيها! "
فدخلت وهي تحمل ملف أوراق, بعدما كانت تنتظر ان يمنحها الفرصة ليناقشا معا مشروع اتحاد الشركات العالميه. وعندما سمعته ينادي هيلين بحثت عنها لتبلغها. وعندما نادى مرة اخرى ولم تجدها شعرت بأن على أحدهم أن يجيب.
دخلت المكتب وتقدمت مترددة لتتناول منه الرساله, بينما راح يتاملها وهي تنظر اليها. كانت قد التحقت بشركة هنتر منذ سنتين, بعد تخرجها مباشرة من جامعة بيركلي وحصولها على اجازة في ادارة الاعمال. لكنها قلما كانت تتعاطى مع الرئيس, فهي مجرد محللة لاتجاهات التسويق.
نظرت اليه بحيرة وهي لا تدري لما يريدها ان تقرا الرساله. وبعد ان قرأتها, قالت:
" يبدو أن محاميكم في نيويورك يتساءلون متى ستذهب لإحضار ابنتيك التوأمين "
هل كان يفترض بها أن تستنتج شيا أخر من هذه الرساله؟ فقد جلس جيرد وقال وهو يحدق فيها:
" تبا لذلك! توأمان "
جلست كاسندرا على حافة الكرسي, وراحت تتأمله برزانه ثم ابتلعت ريقها بشكل ظاهر وقالت:
" ..... يبدو وكأنك لم تكن تعلم بوجودهما "
" لم يكن لدي ادنى فكرة "
كيف تلد مارلين له ابنتين من دون أن تخبره؟ ولم تقل كاسندرا شيئا.
تصفح جيرد الرسائل الهاتفية. كانت كلها من مكتب وكلاء مارلين في نيويورك. تناول ببطء احداها ثم طلب رقم المكتب. فقالت له كاسندرا بنعومه:
" الساعة الان في نيويورك تشير الى ما بعد الخامسه, والمكاتب مقفلة "
اومأ جيرد وهو يعيد السماعة الى مكانها. آخر ما كان يتوقعه اليوم هو الاكتشاف انه أب. ولكن..هل هذا صحيح؟ ولماذا لم تخبره مارلين بأنه أب لابنتين قبل ذلك؟ "
وسألته هيلين التي وقفت عند العتبة:
" هل ناديتتني يا سيدي؟ "
فقال وهو يشير الى كومة الرسائل الهاتفية:
" هل انت واثقة من ان أولئك المحامين لم يخبروك ما يريدونه مني؟ "
وعندما اومأت قال:
" اقرأي هذه "
واشار الى الرسالة على المكتب. وحين قرأتها نظرت اليه وقد اعترتها الدهشة:
" آه, تهاني يا جيرد, أنت أب اذن! "
" اتظنين ذلك؟ "
فبدت عليها الحيره:
" هذا ما تقوله الرساله! "
" انت تعلمين ان مارلين سافرت الى نيويورك لتفتح مكتبا هناك, منذ ثلاث سنوات تقريبا. وبما انها لم تكن حاملا عند ذهابها, هذا يعني ان هاتين التوأمتين ليستا ابنتي! "
نظرت هيلين الى كاسندرا بحذر, ثم قالت له:
" ربما عليك ان تنتظر الى أن تتحدث الى المحامين "
" لقد حاولت ولم احصل على جواب! الوقت متأخر في نيويورك لذا سأتصل في الصباح الباكر"
" او حاول ان تتصل بأحد منهم في بيته "
فنظر جيرد اليها وقال:
" فكرة حسنه "
ثم قال لهيلين:
" انظري اذا كان هناك رقم هاتف لمنزل أي من المحامين في المكتب "
حين خرجت هيلين, وقفت كاسندرا وناولته مترددة الملف الذي كانت تحمله قائله:
" ربما لا تريد ان تزعج نفسك بهذا حاليا. ولكنها المسودة التي وضعناها بالنسبة لمشروع اتحاد الشركات العالميه, وأنا واثقة من انها مسودة مشروع متماسكة...وقد أخذنا حذرنا من أي خطا ممكن "
أخذ جيرد الملف, واستند الى الخلف يتاملها...كانت نحيلة الجسم, سوداء الشعر, فبدت اشبه بمديرة أو موظفة كبيره في طريق الصعود. كانت دوما تسرح شعرها على شكل ضفيرة فرنسية, فتبدو بغاية الاناقة. اما عيناها فقد كانت تغطيهما نظارات ذات اطار اسود ما جعلها تبدو في نظر جيرد كالبومة. كانت عيناها الواسعتان السوداوان المظللتان بأهداب طويله, اجمل ما فيها. راح جيرد يتامل بزتها الأنيقة الكحلية اللون, والبلوزة البيضاء تحتها. انها سيدة اعمال بكل معنى الكلمة....يبدو من مظهرها انها ترفض كل ما يمت للأنوثه بصلة. تماما مثل مارلين. أتراها تماثلها طموحا, ورغبة في العمل؟ "
راح جيرد يتصفح اوراق الملف الذي ناولته اياه, لكن ذهنه لم يستوعب الارقام. توأمان....وشعر بالذهول, هل هذا ممكن؟ هل كانت مارلين حاملا حين غادرت سان فرانسيسكو؟ اذا كان هذا صحيحا, فلماذا اخفت عنه ذلك؟ لم يستطع التصديق. لكن ذلك بدا واضحا في رسالة المحامين.
قالت كاسندرا فجاة:
" اسفنا جميعا لوفاة السيدة هنتر "
حدق اليها لبرهة. ماذا عساه يجيب؟ ربما ينتظر الموظفون رؤية زوج حزين, لا. لقد قالت هيلين انهم يفهمون نوع الزواج الذي ربطه بمارلين. لقد حزن على صديقة حميمة, شريكة يعتمد عليها في العمل. ومع ذلك, بدا الان وكانه لم يعرف مارلين قط, ما هي قصة التوأمين؟
قال للفتاة:
" شكرا "
كل ما يريد ان يفعله الان هو الذهاب الى بيته ليغط في نوم عميق. لكن عليه بدلا من ذلك أن ينتظر ليرى ان كان بإمكان هيلين ان تجد رقم هاتف منزل احد محامي المكتب القضائي في نيويورك. تناهى الى سمعه فجاة صوت هيلين من المكتب الاخر:
" السيد راندال المحامي ينتظر على الخط رقم واحد "
" جيرد هنتر يتكلم "
قال جيرد هذا واشار لكسندرا لتجلس.
" لقد حاولنا الاتصال بك طوال الاسبوع يا سيد هنتر "
" اعتقد ان سكرتيرتي اخبرتكم أين كنت. لقد انشلت الحركة في مطار بانكوك لعدة ايام, ولم تعد الامور الى طبيعتها حتى البارحة "
" متى عدت الى الولايات المتحدة؟ "
" منذ ساعتين, جئت الى المكتب فوجدت رسالتكم. أي نوع من المزاح هو هذا؟ "
" ما من مزاح يا سيد هنتر! (اشلي) و (بريتاني) هما ابنتاك التوأمان , وهما بغاية الجمال! "
" لم اسمع بهما قد! "
والقى نظره الى كاسندرا فلاحظ التوتر عليها, وكيف كانت تحاول ان تخفي وجودها. بدا شيء من التردد في كلام المحامي قبل ان يقول:
" انا اعي ذلك. يبدو أن السيدة هنتر كانت تخاف من أن تصر على أن يستلم شخص اخر مكتب نيويورك بدلا منها اذا انت اكتشفت الحقيقة. من الواضح انها كانت تحب ميدان العمل, وأنها لم تكن ترغب في التخلي عنه لتكون اما طوال الوقت, رغم انها كانت اما ممتازه.
كان هذا منطق المحامين في سد الفجوات....كانت مارلين على صواب, فلو علم جيرد بحملها لكان فعل أي شيء ليبقيها في سان فرانسيسكو. ولكان طلب منها تخفيف اعمالها في المكتب, ذلك ان مكان الام هو مع أولادها.
" كم يبلغ عمرهما؟ "
القى هذا السؤال على المحامي وشعر بغصة. هل من الممكن حقا أن تكونا ابنتاه؟ هل اخفت مارلين عنه الحقيقة لكي تتابع تقدمها في دنيا الاعمال؟ نظرا لقوة الارادة الحديدية التي كانت مارلين تتحلى بها, لم يجد جيرد سببا اخر يدفعها للقيام بذلك.
" سنتان أو اكثر بقليل. لدي ملفهما في المكتب. سأتأكد من عمرهما في الصباح اذا شئت. لقد اوضحت السيدة هنتر تماما أنهما ابنتاك, وأنها لم تخبرك بولادتهما. كنا نعتقد بانك ستحضر جنازتها هنا. وتستمع الى قراءة الوصية. في الواقع نحن لم نقراها بعد, لأن الطفلتين لا يمكنهما ان تفهما ما جاء فيها, اذا ما قرانها لهما. وقد تركت الأم لهما كل شيء, على أن تكون أنت الوصي على ذلك. وسنراجع كل ذلك, حين تحضر الى هنا.
" واين هما التوأمان الان؟ "
ألقى جيرد هذا السؤال وقد بدأ يعي انه أصبح والدا. أنه أب لابنتين لم يعرفهما قط, وهما الان تتطلبان منه كل شيء. يا الهي, انه لا يعرف شيئا عن واجبات الاب. وسمر نظراته على كاسندرا, كأنه الشيء الوحيد المتماسك الذي بقي له من عالم خرج فجاة عن سيطرته. فقد خففت تصرفاتها الهادئة عنه, وجعلته نظراتها الخجولة يتساءل عما تفكر فيه.
وسمع المحامي يقول:
" لم نشأ ان نرسلهما الى دار رعاية الأطفال, فوافقت احدى موظفتي الاستقبال في مكتبنا على ان ترعاهما مع أولادها. ولكن فترة الرعاية طالت أكثر مما كنا ننتظر "
" سأرى اذا كان بإمكاني أن اكون عندك صباح الغد! "
ووضع سماعة الهاتف, فقالت له هيلين:
" سأتصل بالخطوط الجوية حالا! "
" هل سمعت الحديث؟ "
" نعم, وعلمت أنك ستذهب الى هناك. هل التوأمان منك؟ "
" يبدو من سنهما أنهما ابنتاي, لقد أخبرت مارلين المحامي بذاك. وقد تركت كل شيء لهما على أن اكون أنا الوصي. تبا لذلك! يا لها من فوضى! لا اصدق انها لم تخبرني "
" حسنا انا اصدق. هل كنت ستوافقها على فتح مكتب فرعي لو علمت بالامر؟ "
نظر اليها وهز رأسه:
" ما الذي أعلمه أنا عن التوائم؟ عن الاطفال الصغار؟ "
وفرك عينيه وهو يشعر انه يغلي في الداخل. فقالت كاسندرا التي تعرف الكثير عن الأطفال:
" قبل أي شيء أنت بحاجة الى من يرافقك, فالأطفال الصغار متعبون جدا! وبما أنك لا تملك أي خبرة فيما يتعلق بالاطفال, فسيكون من الصعب عليك أن تتدبر امرك بتوأمين على الطائره. فأي تغيير قد يكدر الطفلتيين, وقد تفتقدان امهما, فتبكيان وتسببان لك المتاعب. "
حدق اليها جيرد وهيلين معا, فقالت وهي تنقل نظراتها بينهما:
" أظنك ستحضرهما معك؟ "
" اذا كانتا ابنتي حقا, لن يكون أمامي خيار أخر! "
أومأت كاسندرا...توأمان...وابتسمت برقة... فقد تذكرت التوأمين الطفلين اللذين كانت ترعاهما عندما كانت في السادسة عشره, فقد كانا مشاغبين كثيرا ولم تعرف أكان ذلك لانهما توأمان, أم لأنهما كانا مؤذيين بطبيعتهما. لكنها متاكدة من أنهما أتعباها كثيرا .
وسألها جيرد:
" هل لديك ما تقولينه يا كاسندرا؟ "
فهزت كتفيها وقالت:
" سبق لي أن عايشت الاطفال. واؤكد لك انه اذا لم يسبق لك أن عايشت أطفالا في هذا السن, فقد لا تعرف ما ينتظرك! "
لم يستطع جيرد ان يصدق ما سمعه. كيف يمكن لهذ الفتاة التي هي نموذج للمرأة العاملة, أن تعرف كل هذا عن الأطفال؟ فهي غير متزوجه كما يظن. وحاول ان يتذكر المقابلة التي اجراها معها حين تقدمت لطلب العمل منذ سنتين. لقد صب اهتمامه انذاك على علومها أكثر منه على حالتها الاجتماعيه. لكنه كان واثقا من انها عازبه.
" متى كنت مع اطفال؟ في حياة اخرى؟ "
أومات إجابا. كانت تلك حياة طلما تمنت أن تخلفها وراءها بعد أن تتخرج من الجامعه. كانت السنتان الماضيتان رائعتين. لم يكن هناك اطفال ترعاهم وتحبهم, لتضطر بعد ذلك الى تركهم. لقد وجدت طريقها في الحياة وهي سعيدة اليوم بمركزها في شركة (هنتر).
قالت هيلين:
" انها على حق يا جيرد. ستكون بحاجة الى من يساعدك, حتى ولو كان لديك طفلة واحده! سأرى إن كان بإمكاني العثور على من يرافقك. ستحتاج إلى استخدام مربية أو مدبرة منزل. ولكنك لن تنجح في العثور عليها سريعا "
" ابذلي جهدك وحاولي أن تجدي لي تذكرة على أول طائرة تتجه الليلة إلى نيويورك "
نهضت كاسندرا من على كرسيها وسألته:
" هل تريد ان نتكلم عن هذا المشروع أثناء انتظارك؟ يمكنني أن ابدأ بتطبيق بعض الافكار أثناء غيابك في نيويورك, اذا اعجبتك "
فقال لها بعد أن وجد شبها كبيرا بينها وبين مارلين, في تفضيلها للعمل:
" أريني ما لديك! "
وبعد ان استمع اليها لمدة 45 دقيقه, وجد ان العمل الذي قامت به متكامل تماما كما قالت له. والغريب انها نسبت نجاح ذلك الى كل فرد من الفريق الذي ترأسه. لكنه يعلم ان الجميع يعمل تحت اشرافها, فقد كانت ممتازة في عملها, كما توقعها ان تكون حين منحها الوظيفة منذ سنتين, بعد انتقال مارلين الى نيويورك بسنة تقريبا.
وبعد ا عرضت عليه مسودة المشروع, سألته بصوت يرتجف, وفي عينيها الترقب:
" هل نباشر فيه اذن؟ "
" نعم, يمكننا ان نباشر فيه إنه عمل جيد "
كان جيرد لا يوفر المديح حين يستحق الامر.
ابتسمت, فشعر برعشة سرت في جسده كله. فقد اشرق وجهها لهذا المديح العفوي, وتألقت عيناها. ولأول مرة أخذ يتسائل كيف تبدو اذا نزعت نظارتها واسدلت شعرها حول وجهها بنعومة؟ كيف ستبدو اذا ارتدت شيئا يبرز أنوثتها؟ وقبل ان ينتهي من تصوراته, أطلت هيلين من الباب.
" حجزت لك مقعدين للساعة الحادية عشرة والنصف الليله. لكنني لم اجد بعد من يساعدك. وجدت من يمكنها الحضور بعد أسبوع, إنما لا شيء لهذا اليوم. كما أن المكاتب مغلقة الان, لذا لا اتوقع أي أجوبة قبل الغد.
" مذا سنفعل اذا؟ "
تمتم جيرد بذلك واغمض عينيه يفكر بما عليه أن يؤديه من اعمال قبل الرحيل؟ تذكر ان موظفيه هم غاية في الكفاءة وإنه يمكن ان يوكل اليهم القيام بأي شيء الى حين عودته من نيويورك. لكن مشكلته مع التوأمين غطت على نظام العمل العادي.
قالت هيلين:
" ربما بإمكان كاسندرا أن تذهب معك, فقد قالت انها خبيرة في شؤون الاطفال "
اجفلت كاسندرا عند سماعها لذلك فقالت:
" ماذا؟ مستحيل. لقد سبق واقسمت انني لن أقوم برعاية الاطفال ابدا. لا اريد أن امضي ولو ساعة واحده في رعاية أطفال الاخرين! "
حدق كل من جيرد وهيلين إليها بنظرات غاضبة, فتنفسن بعمق وأدركت أنها تجاوزت حدودها. لكنها أصرت على موقفها. فقد أنتهت من رعاية الاطفال, وهي الان امرأة عامله. ألم يمدح جيرد عملها, ومنحها الإذن للمباشرة بمشروعها ؟ لديها أعمل افضل من رعاية أولاد الرئيس.
قالت هيلين تهداها:
" انت لن ترعيهما بالضبط, ستساعدين جيرد في رعايتهما على الطائرة فحسب. انه يحتاج الى خبرتك "
هزت كاسندرا رأسها, وقد ساورها الاضطراب. لماذا يريدها الجميع أن ترعى الأطفال؟ وماذا عن احتياجاتها الشخصية؟ ومتى سيهتم شخص ما بما تحتاجه هي وتريده؟ انها أكثر من مجرد حاضنة أطفال, وهي تحمل شهادة تثبت ذلك.
قال جيرد وقد ضاقت عيناه:
" يبدو لي هذا أفضل اقتراح سمعته حتى الآن. ستكون مجرد رحلة قصيرة الى نيويورك, وسنناقش أثناء الرحلة هذا المشروع. وبإمكانك أن تزوديني بأفكار عن رعاية الأطفال أثناء رحلة العودة. اعتبري هذا جزءاَ من عملك "
" لكنه ليس جزءا من عملي "
واجهته كاسندرا بهذا القول وقد بدا عليها التوتر. لم تجرؤ على تجاوز الحد مع رئيسها, ولكن عليها أن تدافع عن وجهة نظرها. لم تشأ أن تعتبر حاضنة أطفال لمجرد أنها امرأة.
افتتن جيرد لحظة ببريق التحدي الذي بدا في عينيها, وقال لها:
" هناك فقرة في عقد عملك تقول أن هناك واجبات أخرى قد يتطلبها العمل. وأنا بحاجة الى عون, ولا يوجد أحد غيرك للقيام بذلك. وحاليا اعتبري هذا الطلب من بين المهمات الاخرى "
فقالت كاسندرا لهيلين بلهجة متوسله:
" انت سكرتيرته الا يمكنك مرافقته؟ "
" للأسف, فأنا ارعى أمي العاجزه, ولا يمكنني تركها لوحدها طوال الليل! فضلا عن ذلك لست ضليعة بشؤون الاطفال! "
تحولت كاسندرا الى جيرد وقالت له بنبرة احتجاج:
" وظيفيتي هنا هي تسويق الانجاج وليس مربيه "
فأبتسم جيرد ساخرا, وقد أوشك الغضب أن يبلغ مبلغه منه, وقال:
" أنا اؤمن بالاستفادة من كل خبرات الموظفين. اعتبري نفسك مرغمة على القيام بهذه المهمه "
" أنا أحتج! "
قالت هذا بقوة, لكنها كانت تعلم في اعماقها ان لا أهمية لاحتجاجها, لأن جيرد لم يكن يصغي اليها "
" لقد حسم الأمر اذن, نتقابل في المطار, أعطيها التفاصيل يا هيلين فأنا ذاهب الى البيت "
ثم التفت الى كاسندرا وقال:
" لا تتأخري! "
نظرت اليه وهو يخرج, وقد صعقها الظلم الذي شعرت به. ثم رأت العطف في عيني هيلين التي قالت لها:
" انه بحاجة الى عونك, وقد قلت انه لديك خبرة في شؤون الاطفال, ولا يملك جيرد حلا أخر. انها ليلة واحدة فقط يا كاسندرا! "
" لقد كنت دوما المكلفة برعاية الاطفال. بقيت سنوات لا اسمع سوى (اتركيهم مع كاسندرا) كان عملي هنا فرصتي للتخلص من هذا كله, وهذا ما كنت أتمناه حقا "
تنفست بعمق وحاولت أن تنظر الى الجانب المشرق من الأمر, ثم سارت الى مكتبها. حاولت أن تستعيد في ذاكرتها حاجات الأطفال. في الحقيقة لم يمض وقت طويل منذ كانت تعمل كحاضنة, ويمكنها حتما أن تتدبر الأمر أثناء الرحلة في الطائره, ويمكنها كذلك أن تثير اهتمام جيرد في هذه الرحله. وهكذا وضعت كاسندرا بعض الملفات في حقيبة يدها, ثم اتجهت الى بيتها لتجهز نفسها للسفر.

* * * * *

اتكأ جيرد على الاريكة وأخذ ينظر الى ساعة الحائط. عليه أن يتجه الى المطار بعد عشر دقائق. لقد استرخى لأربع ساعات لكن ذلك لم يخفف من اضطرابه, لأنه خاف ان لا ينهض في الوقت المناسب, ففضل أن ينام في الطائرة. راح يفكر في الوضع مرة اخرى, محاولا أن يفهم منه شيئا.
واستغرب أن أفكاره كانت تعود دوما الى (كاسندرا باولز). طوال السنتين التي عملت فيهما عنده, لم يكن ينتبه الى وجودها. كانت تقوم بعملها بشكل جيد, وقد سبق وحصلت على ترقية, وعينت حديثا مديرة لمشروع اتحاد الشركات العالمية, بعد أن استكملت الشروط المطلوبه. لكن تصرفها المفاجئ عصر هذا اليوم جعله يجفل. كان جيرد يحب أن تكون الأشياء واضحة ومنطقية. ولهذا كان رفضها مدهشا وغير عادي , فقد جعلها اقتراحه توشك على الانفجار, وتساءل لماذا؟ ربما يكتشف سر ذلك أثناء الرحله.

ستصل الطائره الى نيويورك عند الثامنه تماما. وسيتوجهان على الفور الى مكتب المحامين.
كان جيرد قد استحم وحلق ذقنه وغير ملابسه, وحمل حقيبته التي احتوت على ملابس عادية ليوم واحد, صحيح انه لا يعرف الكثير عن الاطفال, ولكنه كان يعرف انهم يوسخون ملابس من معهم.
وتساءل عما عليه أن يأخذ معه لألهاء طفلتين مازالتا في طور الحبو. وتحول تفكيره الى الطفلتين. كيف تمكنت مارلين من ابقاء امرهما سرا؟ قال محاميها من انها كانت خائفة من أن يطلب منها العودة الى سان فرانسيسكو. هل هذا امر سيء الى هذا الحد؟ لقد عملا معا في (ماكجورج) و (فيرغارسن) وناقشا أمر انشاء عمل, وذلك قبل أشهر من اتخاذ تلك الخطوة. وقد استثمرا في الشركه مواردهما كلها, ووفرا بزواجهما النفقات كافة. وقد كانت مارلين تحب العمل كثيرا. لكن هل العمل لديها كان اهم من انجاب الاطفال؟
نهض جيرد بعد أن ضايقته تلك الأفكار, وحمل حقيبته الصغيرة متجها الى المطار.

* * * * *

جلست كاسندرا وحده في غرفة الانتظار في المطار تقرأ في مجله وعند قدميها كيس ملابسها الصغير. لم تكن راضية عن قيامها بتلك المهمة, لكن عملها يحتم عليها القيام بذلك. وقد ارتدت بزه رسميه رمادية اللون وبلوزة بيضاء تحتها, اذ كانت تعلم أنهما سيتوجهان الى مكتب المحامي حالما يصلان. وفجأة شعرت بإحساس غامض جعلها ترفع بصرها, واذا بها ترى رئيسها يشق طريقه بين الجموع متجها نحوها.
تنهدت في نعومة وعدلت في جلستها. كان جيرد بغاية الوسامه, ولاحظت النظرات التي رمقته بها النساء المتواجدات في المطار. بدت بعض هذه النظرات سافره, وبعضها الاخر أكثر خجلا. لكن جميع النساء كن يتابعنه وهو يتقدم بخطواته الواسعه نحوها. كان شعره الداكن كثا ومسرحا بعنايه. وشعرت بالانجذاب نحوه, وللمرة الاولى. فقطبت جبينها. هل السبب في ذلك هو معرفتها بأنه اصبح عازبا؟ لقد اعجبها حين أجرى معها المقابله من اجل الوظيفة, لكن سرعان ما تجاهلت احاسيسها تلك, وركزت اهتمامها على التقدم بعملها قدر الامكان. ولكن ما هو هذا التغيير المفاجئ الذي طرأ, فأيقظ عندها تلك المشاعر مجددا؟ عندما اقترب منها ابتسمت له بأدب, وقالت:
" أنا عهنا حسب الأوامر, يا سيدي "
جلس بجانبها ونظر الى كيسها وحقيبة الاوراق, فأبتسم ساخرا:
" تذكري فقط من هو الرئيس! "
فواجهت نظراته الساخره بشيء نت الغضب, وقالت:
" وهل يبدو لك انني قد أنسى ذلك؟ "
فاكتفى بالابتسام, بينما زمت هي شفتيها وعادت تتصفح مجلتها.
" هل تنامين مرتديه بزه؟ "
" ماذا؟ "
ونظرت حولها ثم حدقت فيه غير مصدقه.
" انا اتساءل فقط. فقد كانت مارلين ترتدي بزة طوال الوقت, ما عدا في الفراش. ظننتك سترتدين اثناء الرحله شيئا مريحا أكثر من هذا.
" هذا هو المظهر الملائم لمقابلات العمل. فنحن سنقابل المحامين قبل أن نرى ابنتيك, أليس كذلك؟ "
" قد تكون الطفلتان مرتديتين أيضا ملابس تظهرهما نماذج مصغره لنساء الاعمال "
تمتم بذلك وهو يفكر في مارلين...مارلين التي لم ينجح في معرفتها جيدا.
قالت له كاسندرا وهي تنظر الى ملابسه:
" أشك في ذلك! أرجو أن تكون قد احضرت ثيابا اخرى لأن الاطفال يلطخون ملابس الكبار خصوصا في السفر "
فنظر اليها متكاسلا, وقال وهو يفرك عينيه:
" لدي ملابس اخرى في الحقيبه, أظننا سنبقى في نيويورك ليلة على الأقل. فإذا لم احظ بفترة للنوم سيغمى علي "
" يمكنك أن تنام في الطائره "
تملكها العطف عليه, فقد بدا عليه الارهاق, وكان من الصعب عليه أن يضطر للقيام بهذه الرحلة الى نيويورك مباشرة بعد وصوله من آسيا.
" سأضطر الى ذلك. بعد عودتي من بانكوك وذهابي الان الى نيويورك لن اتمكن من التفريق بين الذهاب والاياب. اتعلمين كم منطقة من العالم عبرت في الساعات الاربع والعشرين الاخيره؟ "
هزت رأسها وجالت بنظراتها على كتفيه, ومنهما الى ساقيه الطويلتين. وعرفت أنها لن تستطيع التحدث معه عن العمل أثناء الرحله.
وتساءلت للحظه عما ستكون عليه الرحله معه, لو لم يكن متعبا. ارته محدثا جذابا؟ لقد سافر كثيرا وعمل كثيرا. أليس في أوائل الثلاثينات من عمره فقط؟ كم تحب أن تعرف كيف انشأ الشركه مع زوجته وأين كان ذلك. لكنها علمت أنها لن تعرف ذلك هذه الليله, لاسيما انه كان يبدو مرهقا كثيرا.
رآها تمعن النظر فيه, فراح يتصور ما الذي تفكر فيه. أتراها تريد التحدث اليه عن مشاريع المستقبل العملية وتحاول ان تجد الطريقة الفضلى للتطرق للموضوع؟ انها لا تهتم به شخصيا.

وهو لا يهتم بأي امرأه. كل ما يشغل اهتمامه هو تفسير تلك الرغبة في أن يرى شعرها مسدولا, وعينيها من دون نظارات. فهو لا يتذكر انه رآها مرة من دونها , ولا مانع لديه في أن يراها ترتدي ثوابا, او سروالا قصيرا.
رباه! لابد أن التعب والارهاق دفعاه الى الهلوسه. أغمض عينينه محاولا أن يركز افكاره على على لقائه المنتظر بابنتيه. ليس الوقت مناسبا لتخيلات تتعلق بموظفة عنده...موظفة لا تنفك تذكره بزوجته الراحله. لقد شبع من النساء العاملات, واللاتي يولين اهتماما للتنافس في دنيا الأعمال أكثر منه لإنشاء بيت أو أسره. عندما سيفكر مرة أخرى في بناء علاقة مع احداهن, سيختارها رقيقة تنضح بالانوثه, وتفضل الازهار في الحديقه والبيت المريح على اوراق العمل, وكشوفات الحسابات المصرفيه, هذا ما سيبحث عنه...هذه اذا اراد أن يتزوج مرة أخرى.
نادى صوت يدعو الركاب الى الطائرة, وكان جيرد وكاسندرا يسافران على الدرجة الاولى. قدم جيرد المقعد بجانب النافذة لكاسندرا, قائلا:
" أريد أن أنام طوال الرحلة, ولا أحتاج الى النظر من النافذه "
" شكرا, رغم أنه علي أن أخلد للنوم لبرهة والا سيصيبني الدوار في الغد "
جلست كاسندرا بعد أن وضعت كيسها وحقيبة أوراقها في المكان المخصص لهما, ثم تشبثت بمجلتها وكأنها حبل النجاة. أدركت أنها أصبحت بجلوسها بقربه, تشعر بحرارة جسمه وتشم رائحه العطر الذي يضعه. أرادت أن تبتعد عنه, ولكن ما من سبيل للخلاص. أخذت تتصفح مجلتها وقد انعقد لسانها وتملكها الارتباك. كان جيرد قد جلس بجانبها وأخذ يربط حوله حزام مقعده. كانت دوما تحضر معه الاجتماعات وتراه جالسا على كرسيه...فهذا لم يكن شيئا غريبا عنها, فما الذي حدث لها الان؟
لم يكن في تلك الاجتماعات يجلس بجانبها...ولم تكن تدرك قوة جسده, وعرض كتفيه, ونعومة ذقنه. وجمدت أصابعها تصدها عن ملامسة ذقنه, وتلمس نعومتها.
ابتلعت كاسندرا ريقها بصعوبة وهي تحول نظراتها الى النافذة. لم يكن هناك ما تراه في هذا الظلام سوى الضوء المحيط بالطائرة وعجلاتها. ومع ذلك بقيت تنظر من خلال النافذه, اذ شعرت بأن ذلك أكثر امانا.
قال لها:
" حالما تقلع الطائره سأدفع مسند الكرسي الى الخلف وأنام. لا أريد طعاما أو شرابا اذا سألك احدهم "
التفتت اليه وهي تأخذ نفسا عميقا. كان وجهه على بعد سنتيمترات من وجهها, بحيث أمكنها أن ترى الارهاق في عينيه اللتين كانتا تعكسان صورتها, وراحت أنفاسه تلفح خدها. ابتلعت ريقها وقد شعرت بالتوتر لرؤيته قريبا منها الى هذا الحد.
" هل سبق أن سافرت الى نيويورك؟ "
هزت رأسها نافيه, وقد أخذ قلبها يخفق بعنف. وسمرتها الأحاسيس, فلم تستطع تحويل نظراتها عنه.
" آسف لأنه لن يتسنى لنا الوقت لزيارة المدينه بكاملها "
" أرجو أن أتمكن من الذهاب في اجازة يوما ما. أحب أن أرى المعالم الأثرية, وقد أذهب للتفرج على (برودواي) "
" لا بأس بزيارة المدينه, لكنني أفضل دوما سان فرانسيسكو "
وتوقف قليلا عن الكلام, ثم سألها مجددا:
" هل انت من (باي ايريا) ؟ "
فهزت رأسها وقد شعرت بأنها امرأة غبيه وتنحنحت قائله:
" لقد نشات بالقرب من (لوس انجلوس) لكنني أفضل الان (سان فرانسيسكو) "
" أين كنت تعيشين؟ "
" في مكان صغير في (تلغراف هيل) "
" هل يقصد ذلك المكان سائحون كثر؟ "
" نعم, ولاسيما في الصيفز فبرج (كوا تاور) مكان مرغوب. كنت أحب الصعود اليه والنظر الى المدينه. فالمنظر رائع تمام من هناك "
" كم عشت هناك؟ "
أخذ يطرح هذه الأسئله, وقد تعجب لما لم يكن يعرف تلك المعلومات عن موظفة تعمل عنده منذ سنتين.
" تركت موطني قبل أن أستلم العمل عندك بأسبوعين "
اجابته وهي تتساءل لماذا لا يتكئ الى الخلف في كرسيه؟ ولماذا يبقى بهذا القرب منها, ما يجعلها تشعر وكأنهما وحدهما بالطائره. تلهفت الى الابتعاد عنه. كانت عيناه قاتمتين مسمرتين عليها. واعجبها الضوء اللامع في اعماقهما. وتساءلت عما تراه يفكر فيه عندما ينظر في عينيها.
ابتدأت مضيفة الطائرة دورة التفقد, اخذت كاسندرا نفسا عميقا ونظرت الى المرأه. كانت تعلم أن جيرد استمر ينظر اليها, لكنها ركزت نظراتها على المرأه وكأنها لم ترى مثلها من قبل. واذا شعرت بالارهاق يتملكه, ادركت انه لم يبقى لديه سوى عدة دقائق ليستسلم للنوم. عندئذ ستصبح الرحلة سهله.
* * * * *
استيقظ جيرد عندما بدات الطائرة تهبط. وعندما شعر بالضغط في اذنيه, اخذ يتثائب للتخلص منه. شعر بشيء ثقيل دافئ ملقى على كتفه, وعندما التفت, ادرك ان كاسندرا اختارته وسادة لها أثناء الليل. وكانت بطانيات الطائره تغطي الاثنين, بينما كان الكرسيان مائلان للخلف...هل فعل هو ذلك؟ أم هي؟
تحرك قليلا وقد خدرت ذراعه. منذ متى تلقي برأسها على كتفه؟ كان الجو عابقا برائحة وردخفيفه. هل هو عطرها؟ دنا منها أكثر وراح يشمها.
ما احلى ذلك...انه ورد حتما. اغمض عينيه محاولا ان يتخيلها تشتري ذلك العطر, وتضعه كل صباح. وبشكل ما,ة أثار ذلك فيه صورة امراة مختلفه, ناعمه انثويه...وليست سيدة اعمال طموحه متزمته. عليه ان يكبح نفسه, فهي ليست هنا لتكون مسرحا لتخيلاته الشخصيه, بل لتكون حاضنه لطفلتيه أثناء رحلة العوده \, وهذا كل شيء. عندما يصلان الى سان فرانسيسكو, ستعود هي الى عملها في الشركه, بينما تبحث هيلين عن مربية للتوأمين. عليه أن يفكر بأمور كثيرة أخرى, غير كاسندرا باولز. وعلى الفور, جعله التفكير في التوأمين يستيقظ تماما, وهز كاسندرا وانتظر ريثما تستيقظ.
" آه, أنا أسفه "
اندفعت الى الخلف, ثم استقامت في جلستها على الفور. كان خدها متوردا دافئا. نظرت الى جيرد, فرأى أن النظارات لم تكن تغطي وجهها, وبدت عيناها قاتمتين غامضتين, فشعر جيرد بالانجذاب نحوها. بدت اصغر سنا, وخجولا, وبغاية الانوثه. كانت ضفيرتها قد انحلت أثناء النوم, فأحاطت بوجهها خصلات من الشعر القاتم اللامع. عندئذ هرب منه كل تفكير في النوم, وازداد اهتمامه فجأه بهذه المرأة.
قالت وهي تبتعد عنه, وتسوي ملابسها تحت البطانيه, وتعيد نظارتها على وجهها:
" لم أقصد أن أنام عليك "
شعر جيرد بحافز يدفعه الى دفن وجهه في شعرها المنسدل ليشم عطرها الوردي, لكنه أشاح بوجهه مغمضا عينيه. لقد مضى عليه وقت طويل من دون رفقة امرأه. رغم أن زواجه كان زواج مصلحه, وقد تركته مارلين منذ ثلاث سنوات, الا انه كان حريصا على عهوده الزوجيه, فكان يمضي لياليه وحده. لكن الان, وقد توفيت زوجته, اصبح حرا للتفكير بالنساء الاخريات. ربما ليس منجذبا الى كاسندرا شخصيا, بل أي امرأة اخرى كانت لتؤثر عليه بهذا الشكل.
لكنه عندما فتح عينيه, لم يهتم بتحليل السبب في عدم شعوره بأي انجذاب نحو مضيفة الطائره الشقراء الجميله. بدلا من ذلك, حاول أن يتجاهل انجذابه الى المراة الجالسه بجانبه, وركز أفكاره على ما ينتظره في مكتب المحامي.
عندما حطت الطائره, حمل جيرد أكياس كاسندرا, فقالت باحتجاج وهي تلحق به:
" يمكنني أن أحمل امتعتي بنفسي! "
" سيكون لديك حمل ثقيل فيما بعد. أما الان فمن الغباء الا تنتهزي كرم اخلاقي "
فتمتمت:
" كرم اخلاق...بل قل انه استبداد "
" لماذا تقولين ذلك؟ "
وشعر بالتسلية لسماع تذمرها هذا. هل هي دوما غريبة الأطوار عند الصباح؟ إنها المرة الأولى التي يراها فيها على طبيعتها. انه يفضلها أكثر هكذا, عندما لا تبدو موظفة منضبطة.
" لأنك أمرتني بالمجئ الى هنا, وأنا لم أكن أريد ذلك! "
" الا تحبين الأولاد؟ "
" لا احب أن أعتني بهم "
" متى فعلت ذلك أخر مره "

كان مطار كندي يزخر بالحركه, وكان رجل بين الجموع ممسكا بطاقة مكتوب عليها اسم (جيرد). وكان هذا سائق سيارة الليموزين. فناوله جيرد الحقائب, ثم تبعه وهو يضع يده على ظهر كاسندرا. لم تكن مثل مارلين على الاطلاق. مشت شامخة الرأس خلف السائق.
عاد جيرد يقول بنبرة فولاذيه:
" سألتك عن الاولاد "
" طوال حياتي تقريبا, كان علي أن اعتني بالاولاد, ولهذا اقسمت أنني عندما احظى باستقلاليتي, لن أفعل ذلك مرة أخرى. لست سعيدة حقا بهذه المهمة. لو أنك لم تأمرني, لما كنت هنا الان "
قالت هذا متذمرة. ورغم غيضها من رئيسها لمستبد, الا أن حركة المطار الدولي لفتت انتباهها.
" ولكن فكري في النقاط الجيدة التي ستحصلين عليها, لمساعدة رئيسك في هذا الأمر "
" أفضل أن اكتسب تلك النقاط بفضل كفاءاتي المهنية على أن أكتسبها لكوني حاضنة أطفال! "
" ربما ستحصلين بالترقيه لقيامك بمثل هذه المهمة "
قال هذا بهدوء وقد لاحظ غيظها. ثم تابع يسألها:
" حدثيني عن ملاحظاتك حيال الأطفال "
" لا أحب ذلك, وأنا أسفه لأني فتحت فمي أمس "
" عن معرفتك برعاية الاطفال؟ "
" كانت زلة لسان "
واذ بلغ به الفضول حده, أخذ يتساءل عما اذا كان بامكانه أن يعرف القصة كامله منها, قبل أن يقابلا محامي مارلين.

* * *


- نهاية الفصل الأول -

ماري-أنطوانيت 26-10-08 11:11 PM

2- وردتان بين الأشواك...

قال جيرد لكاسندرا عندما استقرا في المقعد الخلفي من الليموزين:
" علي أن أبدي إعجابي بلباقتك! "
فتعجبت كاسندرا و سألته:
" لم تقول ذلك؟ "
ابتعدت عنه في السيارة قدر الإمكان, فراح يبتسم للمسافة التي جعلتها بينهما. اتراها لا تشعر بالارتياح بقربه؟ وفكر لحظة في ان يختبر نظريته هذه, لكنه سرعان ما غير رأيه.
" أي امرأة أخرى كانت ستزعجني بالأسئلة عن زواجي, وزوجتي, ولم لدي ابنتان عمرهما سنتان, ولا أعرف عنهما شيئا "
لوت كاسندرا رأسها, ثم ابتسمت بخبث وقالت:
" لا شك أنني أرغب بمعرفة كل ذلك, لكني أحترم رغبتك بالتحفظ. كما أنني عرفت عنك أمور كثيرة في المكتب. تقول الشائعات إنكما تزوجتما لتضما أموالكما معا وتؤسسا الشركة. ثم انتقلت هي الى نيويورك منذ سنوات, لتفتتح فرعا للشركة وتحاول أن تغزو أسواق أوروبا. وقد انجبت لك طفلتين لم تخبرك بشأنهما. اذا كنت تود إخباري بأكثر من ذلك لن أقاطعك "
أجفل جيرد وكاد يضحك لهذه الجرأة الغير متوقعة منها. كان يعلم أن ما أخبرته به لم يكن سرا, ما عدا بالنسبة الى التوأمين. وازداد فضوله وهو يراها تعرف الكثير عنه...هل هناك سبب خاص دفعها لذلك؟
" لم يكن زواجنا عاديا, كان زواج مصلحه. لقد تطلب تأسيس الشركة منا جهدا بالغا, ووقتا طويلا ومالا كثيرا. وكان الاشتراك في بيت واحد سيقلل من النفقات, ويزيد من ساعات العمل"
لم يكن يحاول تبرير العلاقة التي ربطته بمارلين, بل كان يشرح لها الأمر, لكنه لا يدري ما الذي دفعه للقيام بذلك.
" يبدو وكأنكما قمتما بتلك الخطوة لتنسيق العمل بينكما "
" نعم, كان هذا مبدأنا "
قال ذلك وتوقف فجأة عن الكلام, اذ لم يعد يذكر كيف بدأ ذلك كله. فهما بالكاد تقابلا, هو ومارلين خلال السنوات الثلاثة الاخيرة في واشنطن, لغداء عمل. وتابع يقول:
" أكثر ما كانت تطمح له مارلين هو أن تنجح هذه الشركة, فقد وجدت جو العمل أكثر تحديا واثاره, من علاقتها بي "
فقالت كاسندرا وهي تراقبه عن كثب:
" انه فعلا عام تحد وإثاره! "
" أعلم هذا. أفهم الان رغبتها المفاجئة في الانتقال الى نيويورك لافتتاح فرع هناك. لم تعد قط الى سان فرانسيسكو خوفا من ان تلتصق بالطفلتين بدلا من العمل, كما أظن "
" لا تحب كل النساء الجلوس في تابيت وتربية الأطفال "
" أظن ذلك! "
بدا واثقا مما قاله, بعد الحديث الذي دار بينهما امس في المكتب. قالت كاسندرا:
" ما أريده الان هو فرصة أبني بها حياة خاصة بي, وربما في نهاية المطاف سأتزوج وانجب أولادا. فالأولاد رائعون حين يرغب المرء في انجابهم. لكنني لا أريد أن أجبر على القيام بأي شيء "
" كما فعلت بك بالنسبة الى هذه المهمة؟ "
فأومأت ايجابا, وهي تنظر من النافذة الى ناطحة سحاب مانهاتن. كانت الغيوم البيضاء تزين صفحة السماء الزرقاء, وكانت حركة السير مزدحمة على الطريق الرئيسيه. تساءل جيرد عما اذا اشاحت نظرها عنه لتنظر الى المدينة حقا. أم أنها تحاول أن تبعد نفسها عنه لتستعيد رباطة جأشها.
" لا تكوني قاسية يا كاسندرا, فأنا لم أطلب منك الكثير! كل ما طلبته منك هو أن ترافقيني ليوم واحد, ريثما أحضر الطفلتين الى المنزل. هيلين تبحث عن مربية لهما , وأنت تملكين خبرة تنقصني. لو كنت مكاني لما كنت انتهزت فرصة وجود شخص ضليع بهذه الامور بقربك؟
فقالت دونما أكتراث:
" ربما "
" ما الذي أكسبك هذه الخبره؟ هل كان لديك الكثير من الاخوه؟ "
كان يعلم أنه تطرق الى أمور لم تشأ أن يتطرق اليها, لكنه شعر بالفضول لمعرفة ذلك. كانت كاسندرا باولز بجديتها ورزانتها, تترك لدى الاخرين انطباعا بأنها مجرد موظفة جيده, لكن لابد ان لها حياة خاصة وهو لا يطلب من موظفيه أن يمضوا أوقات الفراغ في العمل.
اجابت:
" في الواقع ليس لي أي أخوة! "
" لدينا حوالي نصف ساعه لنصل الى المكتب القضاي, لم لا تخبريني من أين أكتسبت تلك الخبره بشؤون الأطفال؟ "
ومضت دقيقة فكر فيها عن سبب اصراره على معرفة المزيد منها. أهو الفضول فحسب, أم أنه يريد ان يصرف ذهنه عن التفكير في تينك الطفلتين اللتين تنتظرانه؟ سبق له أن تفاوض بشأن صفقات بملايين الدولارات, لم يشعر الان اذاً بالتوتر للتفكير في مواجهة طفلتين صغيرتين؟
طال الصمت, فالتفتت كاسندرا ببطء لتنظر اليه. لم تكن تحب الحديث عن الماضي. ولطالما تمنت أن يكون لها أسرة كما في الحكايات الخرافيه...لكن كان ذلك حلما بعيدا عن واقعها. ورأت أن لا ضرر في ان تشرح له سبب عدم رغبتها في القيام بهذه الرحلة.
" ماتت أمي عندما كنت في السابعة. ولم يكن لدي أقارب أخرون, فأنتهى بي الامر في دار للرعاية. كان المنزل الذي وضعت فيه عندما كنت في العاشرة يعج بالاولاد, ولعبت دور حاضنة للأطفال لمدة ثماني سنوات. وعندما اصبحت في الثامنة عشرة, تخليت عن ذلك وأقسمت الا أقوم بهذا العمل مجددا "
" الى هذا الحين! "
" لا, فعندما ذهبت الى الكلية, احتجت الى النقود. وكان العمل الوحيد الذي أحسن القيام به هو رعاية الاطفال, فكنت أقوم بدور الحاضنة لأولاد أساتذتي في الجامعهة, وهكذا مضت أربع سنوات أخرى كحاضنة لأطفال الاخرين!
" والان اطفالي "
فقطبت جبينها وقالت:
" هذا صحيح, لم يكن هذا ما توقعت القيام به حين وظفتموني في الشركه. فأنا احمل شهادة في التسويق, وليس في رعاية الأطفال. أريد أن أستفيد من شهادتي, لا أن اكون حاضنة أطفال "
" كما أنني لم أفكر أنني قد أحتاج الى حاضنة في الشركة, اذ لم أكن اعلم أن مارلين ولدت توامين "
ولاذ جيرد بالصمت, متسائلا مرة اخرى كيف استطاعت مارلين أن تخفي عنه أمرا كهذا. فمع انه ما كان ليتمكن من اعادتها الى سان فرانسيسكو, الا انه كان من حقه ان يعلم بخبر ابنتيه .

* * * * *
كان المكتب القضائي التابع لـ (ستلر) و (راندال) و (بيبودي) في الطابق الثالث والثلاثين, من ناطحة سحاب. استقل جيرد وكاسندرا مصعدا سريعا, وسار جيرد نحو باب المكتب ففتحه, ووقف جانبا لتمر كاسندرا, وعندما دخل, تسمر على الفور بعد ان رأى طفلتين تلعبان بجانب أريكة مخملية قرمزية اللون. توقفت الفتاتان عن اللعب والتفتتا اليه والى كاسندرا تحدقان فيهما بعيون زرقاء لامعة.
كانتا صغيرتين للغاية. أخذ جيرد يحدق بهما دون ان يتفوه بكلمة, وراح يتساءل عما يفكران فيه.
" مرحبا "
حيت كاسندرا الكفلتين ودنت منهما. شعرت بالشفقة عليهما بعد أن تذكرت مدى خوفها حين ماتت أمها وذهبت هي لتعيش مع غرباء. لم يكن أي شيء مألوفا لديها, ولا معزيا. وكم افتقدت أمها حينذاك!
ركعت على ركبتيها باسمة أمام الطفلتين, ثم لمست يد كل منهما وقالت:
" مرحبا, انا كاسي, ما اسمكما؟ "
انتبه جيرد الى الرقة والدفء في صوتها. ابتسمت الطفلتان ونظرتا الى كاسندرا ثم أخذتا تقولان أشياء غير مفهومه. هل ستفهم كاسندرا أي شيء مما تقولانه؟ كان قد نسي أنهما صغيرتان ولا تتكلمان جيدا .
" السيد هنتر؟ "
حيته موظفة الاستقبال من وراء مكتبها وهي تبتسم بمودة
" نعم أنا هو "
" لديك طفلتان رائعتان, لقد رعيتهما طوال الاسبوعيين الماضيين. أنا اسفة لوفاة زوجتك! "
اومأ جيرد وقد شعر بالغرابة. لم يكن يعرف شيئا عن الأطفال, ولا عن ابنتيه. من حسن الحظ أن كاسندرا تعرف كل شيء, وقد الفتها الطفلتان كما يألف البط الماء. ها هن يتحدثن ويضحكن. وشعر جيرد للحظة بالغيره تنتابه, واخذ ينظر اليهن, فيما كانت موظفة الاستقبال تتصل بالمحامي لتخبره بوصول جيرد.
" سيكون السيد راندال معك بعض لحظه "
قالت موظفة الاستقبال ذلك من دون أن تلحظ تردده.
ما ان دنا جيرد من الطفلتين حتى زالت كل الشكوك التي ساورته. كانتا تشبهانه تماما حين كان طفلا, ولكن بترجمة انثوية. لم يرى فيهما أي شيء من مارلين ما عدا عينيها الزرقاويين, اتراهما ورثتا طوحها أو طباعها؟
قال لهما: " مرحبا! "
نظرت اليه الطفلتين بحذر, ووضعت الطفلة ذات القميص الاصفر ابهامها في فمها وهي تنظر اليه. فقالت كاسندرا وهي تزيح شعر الطفلة التي تمتص ابهامها عن وجهها:
" أنت طويل جدا, إما ان تحملهما, وإما أن تركع "
حدق جيرد الى العيون التي تراقبه, ثم جلس ببطء على حافة الاريكة, وقد استولى عليه الشعور بالضياع, ولم يعجبه ذلك. لقد قام على مر السنوات الماضية بتوسيع شركة هنتر الى البلاد القائمة على المحيط الهاديء, وهاهو ذا الان تتغلب عليه مشكلة طفلتين.
قالت كاسندرا للطفلة ذات القميص الوردي:
" ابتسمي, هذا (بابا). اخبريه بأسمك "
فقالت الطفلة وهي ترمقه بنظرات ثابته:
" اشلي "
وقالت الطفلة الاخرى وهي تخرج إبهامها من فمها:
" انا بريتاني "
فقالت كاسندرا:
" أشلي وبريتاني, هذا هو بابا. هل يمكنكما ان تقولا بابا؟ "
مضت لحظة صعق فيها جيرد للتغير الذ بدا على وجه كاسندرا. وتمنى لو تبتسم له بهذا الشكل. ولأول مرة أدرك كم هو محظوظ لأنها أجابته عندما استدعى هيلين امس في المكتب. فما كان بإمكانه أن يتعامل مع هاتين الطفلتين وحده. وقفت الطفلتان بجانب كاسندرا تهزان رأسيهما. ثم أخذت اشلي تثرثر بالكلام وراحت كاسندرا تستمع اليها وكأنها تفهم ما تقول, وهي تبتسم. ولعلها فهمت....أما هو فلا.
يفترض بالاب أن يتصرف بشكل أفضل. ماذا يمكنه أن يفعل؟ بدت له دنيا الاعمال والصفقات أسهل من التعامل مع هاتين الطفلتين.
بقيت كاسندرا مع الطفلتين في غرفة الاستقبال, عندما دخل جيرد للاجتماع مع محامي مارلين, توماس راندال. وبدا ان الطفلتان ألفتاها جيدا.
شعرت كاسندرا بالشفقة عليهما. لابد انهما عانتا الكثير بعد وفاة والدتهما. وقررت أن تبدل عدها لتجعل الأمور أسهل بالنسبة إليهما.
جلست على الاريكه واجلست كل واحدة منهما على جانب:
" سأخبركما بقصة ابنتين كبيرتين قابلتا البابا للتو......"
حاولت أن تشرح لهما ما ينتظرهما بجمل بسيطه. صورت لهما السفر بالطائره وكأنها مغامرة كبيره, والانتقال الى سان فرانسيسكو ببساطة غسل الأسنان.
عندما عرض توم راندال المحامي أن يقرا الوصية بصوت عالِِ, طلب منه جيرد أن يتصفحها بنفسه. ولم يستغرق هذا سوى عدة دقائق. فقد كانت الوصية قصيرة بسيطة. كانت مارلين توصي فيها بنصف الشركة التي تملكها معه لابنتيها, بإدارة إشراف زوجها والد الطفلتين. عندما انتهى جيرد من القراءة, نظر الى المحامي وقال وهو يتساءل كم يعرف هذا الاخير عن زواجهما:
" لقد ماتت شابه, وقد فاجأني موتها! "
فأومأ المحامي قائلا:
" لقد ذهبت لزيارة زوجتك قبل وفاتها مباشرة, كانت مريضة للغايه. أظنها أرهقت نفسها كثيرا ولم يكن لديها أي طاقه عندما دنت ساعتها "
فقال جيرد:
" ستفتقدها الطفلتان "
" لا أظن ذلك. فقد قامت برعايتهما مجموعة من حاضنات الاطفال ودبرات المنزل, في السنتين الأخيرتين. ولا اعتقد لأن الطفلتين متعلقتان بقوة بأي شخص, أو حتى بأمهما. وتقول موظفة الاستقبال عندي أنهما انسجمتا معها بسهوله.
" سأجعل حياتهما مستقرة ما ان اعود الى سان فرانسيسكو "
" هذا ما توقنعاه. لدي هنا كل المعاملات المكتوبه. يمكنك أن تطلب منا أي شيء يمكننا القيام به "

عندما انهى جيرد حديثه مع المحامي, عاد الى حيث كانت كاسندرا تقرأ للطفلتين قصه بصوت عال. لم يرينه في البدايه, فراح يتاملها وتملكه حنين غريب. هكذا تبدو الأسرة. الأم تكرس حياتها لأطفالها, والجميع في انتظار الاب.
لم يدرك من قبل أنه لا يملك أدنى فكرة عما هي الأسره. فقد رباه جده الذي كان عجوزا فظا. ونشأ في منزل اقتصر سكانه على الرجال, لكنه على الأقل وجد جده ليعيش معه عندما مات والداه, ولم يذهب الى دار رعاية مثل كاسندرا, ولن يدع ابنتيه تلقيان مثل هذا المصير.
كان هدفه في السنوات الماضية ان يحقق النجاح, فلم يفكر قط في انشاء أسرة, وها قد قدمت إليه الان أسرة جاهزه. هل ستكون خطوته التاليه البحث عن الزوجه؟
نظرت اليه كاسندرا وسألته:
" كيف تجري الأمور؟ "
" على ما يرام. لقد انتهيت هنا, يمكننا أن نذهب الان الى شقة مارلين, لنحزم أمتعة الطفلتين وألعابهما. كما انه علي أن أعرف ما علي عمله لإغلاق الشقه. بعد ذلك سوف أمر بالمكتب, لأتأكد من ان كل شيء انتهى هناك. سيكون (بول) في المكتب. أريد أن أراجع معه المشاريع الحاليه "
شعر جيرد بتوتر كاسندرا, وتذكر ما قالته بأن الجميع يوكلون إليها دائما حضانة الاطفال, ولكنه كان مجبرا على القيام بذلك. لن يأخذ بعين الاعتبار ما تحبه أو لا تحبه, فقد بدت طبيعية تماما مع هاتين التوأمين, ثم أن ذلك لن يستغرقك أكثر من يوم واحد. بعد ذلك, ستعود الى المكتب وتبتعد عن الطفلتين طوال حياتها اذا شاءت.
وقفت كاسندرا وقالت تخاطب الطفلتين:
" هيا بنا, فقد حان وقت العودة الى البيت. بريتاني تعالي معي, وأشلي, أذهبي مع بابا "
لم يكد يفهم معنى كلمة بابا....انه اذن والد هاتين الطفلتين.
حملت كاسندرا بريتاني ونظرت الى جيرد من خلال نظارتها. هل هناك لمحة من التحدي في نظراتها؟
حمل جيرد أشلي التي كانت خفيفة كالريشه, ونظر الى عينيه, فربتت على خده وابتسمت, فشعر بقلبه ينفطر. بدت له صغيرة وحيده, ليس لها احد غيره يرعاها. وتملكه الذعر. هل سينجح في ذلك؟
إنه لا يعرف شيئا عن الأبوة. ولو عرف أن زوجته حامل، لحاول التعرف إلى كل هذه الأمور، كأن يقرأن ويتعلم ما عليه أن يفعل، لا أن يجد نفسه فجأة أبا، من دون إنذار مسبق.
- دعنا نذهب يا بابا!
بدا الهزل في عيني كاسندرا وهي تقول ذلك، لكنها كبحت ابتسامتها. لا فائدة من أن تجعل جيرد يعلم أن تردده وعدم ثقته بنفسه، في هذا الوضع، قد أثر في نفسها. كان بالغ الحيوية في المكتب، لكنه يبدو الآن أشبه بمراهق مرتبك قبل أول موعد غرامي له. طرقت بعينيها وسارت أمامه. ما الذي جعلها تفكر في المواعيد الغرامية؟ إنها حاضنة أطفال لا غير. حاضنة يلقي بعبء طفلتيه عليها ثم يخرج إلى مكتب نيويورك متخليا عن كل مسؤولية لهذا النهار. على المرء أحيانا أن يقفل فمه.
تبعها حاملا حقيبة التوأمين الصغيرة، وانتظرته كاسندرا قرب المصعد، وسمحت لبريتاني أن تضغط على زري المصعد، فالأطفال يحبون دوما التجربة وتعلم الأشياء. ربما غضبت من أبيهما لإصراره على أن ترافقه، لكنها لن تفرغ غضبها على هاتين الطفلتين.

* * * * *
منتديات ليلاس
كانت شقة مارلين واسعة، أنيقة الأثاث، وتقع في وسط راقٍ. عندما دخلوا إليها، أنزل جيرد أشلي إلى الأرض، ووضعت كاسندرا بريتاني بجانبها. نظرت الطفلتان إليهما، فسألتهما كاسندرا:"أين غرفتكما؟".
أشارت أشلي إلى آخر الردهة.
حين وصلوا إلى غرفة الجلوس، وضع جيرد الحقائب على الأرض بجانب خزانة كتب مزخرفة كانت تحتل معظم الغرفة. وألقى نظرة على المكان وقد عجب لاهتمام مارلين بالمظاهر الأنيقة. كان منزلهما في نيويورك مريحا ذات أثاث متين وبعض التحف الرخيصة. ربما يناسب هذا الطراز هنا فكرتها عن الإقامة في نيويورك. لم تعجبه الشقة كثيرا، فقد كان يؤثر الراحة على الأناقة.
عندما همّت كاسندرا باللحاق به إلى الغرفة، قالت بريتاني: "لا، لا".
-ماذا؟
هزت بريتاني رأسها وهي تنظر إلى الغرفة بحذر، وتابعت تقول: "لا، لا".
ورن جرس الهاتف.
سار جيرد ليجيب، وقد تملكته الحيرة لتصرف بريتاني.
- ألو، جيرد هنتر يتكلم.
- السيد هنتر؟ معك "آني سيمونز". اتصل بي السيد راندال وطلب مني أن أكلمك. لقد كنت حاضنة الطفلتين، قبل وفاة والدتهما. فهمت أنك ستأخذهما إلى سان فرانسيسكو. لذا، فكرت أن أسألك إذا ما كنت بحاجة إلى مساعدتي، فأنا لن أبدأ عملا آخر قبل نهاية الأسبوع.
نظر جيرد إلى كاسندرا: "في الواقع لقد قررنا الرحيل غدا، ولكن إذا تمكنت من الحضور اليوم، سيكون هذا رائعا. بإمكانك أن تساعدينا في حزم أمتعتهما، وربما تقترحين علينا أين نلقي بالأشياء التي لن نأخذها معنا.
- بكل تأكيد، سأكون هناك عند الواحدة.
نظر جيرد إلى الساغة التي لم تبلغ الثانية عشر بعد، فقال:"حسنا، سنكون بانتظارك".
حين عاد كانت كاسندرا والطفلتان قد اختفتا. تبع أصواتهن فوصل إلى باب غرفتهما. كانت فسيحة يحتلها سريران صغيران، وخزانة ذات أدراج مكشوفة ودمى وحيوانات محشوة متناثرة في كل مكان أكثر مما يوجد في متجر ألعاب. بدا واضحا أن مارلين لم تكن تبخل بالهدايا على طفلتيها.
وقفت بريتاني بجانب الجدار تنظر إلى كاسندرا فيما بقيت تضع إبهامها في فمها. عجب جيرد لرؤيتها تضع دوما إصبعها في فمها، ولاحظ الفرق بين الشخصيتين. كانت أشلي ودودا فضولية ولا تخاف. بينما بدت بريتاني سلبية تتأمل الأمور بحذر، وخجولا هادئة. هل كان يقارن بينهما لأنهما توأمان، أم لأنه من الطبيعي أن ينتبه الوالد لهذا الفارق بين ابنتيه التوأمين؟ عليه أن يتعلم الكثير!
- قالت حاضنة الطفلتين إنها ستأتي عند الساعة الواحدة لتساعدنا في حزم أمتعتهما.
أومأت له كاسندرا، ثم خلعت سترتها وألقت بها على أحد السيرين. فراح جيرد ينقل نظراته بخفة على جسدها الرشيق.
لا يمكنه أن ينكر تلك الجاذبية التي شعر بها نحو كاسندرا باولز والأفضل أن تبقى الأمور عند هذا الحد. إنه افتتان عابر، وسرعان ما يعود بعده إلى عمله وينساها... أو هذا ما كان يرجوه.
- إذا عثرت على الحقائب، سأبدأ بحزم الأمتعة .
قالت كاسندرا هذا وهي تفتح درج الخزانة. فقد قررت أن تبدأ بحزم الأمتعة ، إلى أن تحضر حاضنة الطفلتين، فتقومان معا بفرز ما تفضله الطفلتين من ألعاب وكتب.
كما أنها ستتأكد منها عن عادات التوأمين، وما تحبانه وما تكرهانه، فالطفلتان المسكينتان بحاجة إلى عون كبير، وهما تنتقلان إلى نظام جديد مختلف كليا. نظرت كاسندرا إلى جيرد فأجفلت وهي ترى نظراته شاخصة عليها. ابتلعت ريقها بصعوبة، وشعرت بقشعريرة تسري في جسدها، ثم انتقلت من مكانها وأدارت له ظهرها. كان الإحساس الذي شعرت به غريب لم تختبره من قبل. أتراه الغثيان؟ لا، بل هو نتيجة الشعور المستمر بوجود جيرد معها.
راحت تفكر بكيس ملابسها الذي وضعت فيه بنطلون جينز وقميصاً، ربما عليها أن تغير ملابسها، قبل أن تقوم بأي عمل آخر.
- قد يستغرق العثور على الحقائب بعض الوقت.
قال جيرد هذا وهو يخرج إلى الردهة، ليدخل غرفة النوم الثانية. ما الذي يريده؟ آه، حقائب للطفلتين. وضغطت كاسندرا كفيها على خديها وقد شعرت بالحرارة. كانت تتصرف كمعتوهة، إنها هنا للاهتمام بطفلتيه ولا شيء آخر. عليها أن تتذكر ذلك كل دقيقة!
تبعت جيرد فوجدته في غرفة، لا بد أنها كانت غرفة زوجته، فقد كانت أغراض مارلين مبعثرة في كل مكان فيها. كان السرير غير مرتب، وكأن مارلين استيقظت في ذلك الصباح لتتوجه إلى المستشفى. شعرت كاسندرا بوخزة ألم. كانت مارلين وحيدة وهي تموت. ولو أن رحلة جيرد إلى بانكوك ألغيت، أو أن الإعصار لم يحدث هناك، لكان جيرد إلى جانبها في تلك اللحظة.
وعندما رأت الكآبة في عينيه، قالت له برقة:"آسفة لأنك لم تستطع العودة من رحلتك في الوقت المناسب".
- لم أعلم أنها كانت مريضة. كان عليها أن تخبرني!
- ربما لم تدرك خطورة مرضها إلا في ما بعد!
- كنت سألح على الأطباء بأن يبذلوا كل ما في وسعهم، لتبقى حية!
- أنا واثقة من أنهم بذلوا كل ما في وسعهم ليبقوها حية!
أرادت أن تعزيه، إلا أنها لم تعرف ما تقول. هل يريد أن يتحدث عن ذلك؟ تقدمت نحوه وضغطت على يده تؤاسيه، فقال لها: "لا أعرف شيئا عن رعاية الأطفال".
- ستتعلم ذلك!
وتناهت إلى مسامعها ضحكات عالية من غرفة التوأمين فقالت: "أظن أنه من الأفضل أن أذهب لأرى ما تفعلانه".
قالت كاسندرا هذا وضغطت على يده لآخر مرة، قبل أن تتركها ببطء. لكنه بقي ممسكا بها لحظة قبل أن يتركها، وقال: "سأبحث عن تلك الحقائب".
فتح غرفة الملابس ليجد الثياب تملأ المكان. ووجد في الخلف عند اليسار، حقائب من الجلد الثمين. وحين سحبها، احتك بالملابس، ففاح منها شذا عطر مارلين. لم يستطع أن يصدق انه لن يراها مجددا، ولن يناقش معها أمورا تتعلق بالعمل. لم يستطع أن يصدق أنه لن يسمع أحلامها الطموح التي غالبا ما كانا ينفذانها. لم يستطع أن يصدق أنهما لن يتجادلا في التوسع، ولا في النفقات التي كان دوما يطلب معرفتها
هز رأسه ونبذ تلك الذكريات من ذهنه، ثم توجه إلى غرفة الطفلتين، كانت كاسندرا تثرثر مع الطفلتين وتضع الثياب على السرير. فسألها جيرد وهو يبحث عن مكان يضع فيه الحقائب:"عماذا تحدثينهما؟".
-عن بيتهما الجديد، أظنهما ستشعران براحة أكثر إذا أخبرتهما مسبقا بالتغيير. ضع الحقائب على الأرض، فما من مكان آخر. خذي يا أشلي، ضعي هذا في الحقيبة.
وناولتها ملاءتين مطويتين. فسارت أشلي إلى الحقيبة وألقتهما فيها، فتمتم جيرد:"أحسنت يا أشلي!".
فضحكت كاسندرا وقالت :" لا بأس، فهما تريدان أن تساعداني".
قالت هذا وهي تناول بريتاني الشيء نفسه. فسألها وهو ينظر إلى كومة القمصان التي بدأت تعلو في الحقيبة: "ولم لا تفرغين الدرج في الحقيبة وينتهي الأمر، إذا كنت لا تريدين ترتيب المحتويات؟".
- عندما تنامان، أرتب كل شيء. أما الآن، فهذا العمل يشغلهما ويشعرهما بأنهما تساعدان وتساهمان في هذا الانتقال.
- تحليل نفسي أيضا؟
ورفع حاجبيه يتأملها.
- إنها، في الواقع، طريقة عملية ناجحة. يمكنك أن تساعد في هذا.
- لديك من يساعدك. أما أنا، فسأذهب لتفحص أغراض مارلين لأرى إن كنت أعثر على أوراقها الشخصية وآخذها معي. علي أن أجد شخصا ليقفل هذا المكان.
فقالت:"إبحث عن شيء تحتفظ به للطفلتين من أمهما عندما تكبران. حينها لن تتذكراها، ولكن سيسعدهما اقتناء شيء كان لوالدتهما".
ميز جيرد في صوتها نبرة كئيبة، فسألها بلطف:"وهل لديك أنت ما يذكرك بوالدتك؟". كان يعلم أنه يتطرق إلى موضوع شخصي، ومع ذلك أراد أن يعلم.
هزت رأسها وقالت:"لا، ولهذا أعرف أنهما ستحبان ذلك. كان لدينا أشياء قليلة للغاية، ولا أدري ماذا حدث لها. أخذت معي دمية واحدة، هذا كل شيء!".
- كم هذا قاس!
تذكر شكوى جده، عندما مات أبواه، من أن عليه اختزان الأثاث والصناديق في مكان ما خلف البيت. قالت له كاسندرا باسمة، وهي تميل رأسها قليلا:"حدث ذلك منذ وقت طويل!".
- سأبحث عن أشياء للفتاتين، يمكنني أن أشحن كل شيء إلى سان فرانسيسكو.
قال هذا وقد خفق قلبه لابتسامتها.
- أنت الرئيس هنا، لكنهما قد لا ترغبان في هذا الأثاث، التذكارات تكفي.
خلع جيرد سترته، وعلقها على كتفه، ثم توجه إلى غرفة الجلوس حيث ألقى بالسترة على مسند الأريكة ونظر من حوله. كانت اللوحات الفنية الثمينة تغطي الجدران والتماثيل والآنية المزخرفة تنتشر في كل مكان، أتراها كانت ذات قيمة خاصة بالنسبة إلى مارلين، أم أنها اختارتها لتكمل بها الديكور؟ تعجب لكونه لا يعرف إلا القليل عن المرأة التي تزوجها، على مدى ثلاث سنوات. اجتاز الغرفة، ثم توقف قرب مكتب أثري. كانت الأدراج تحتوي على أواق مارلين، وقوائم حسابات حديثة، وحسابات مصرفية ودفتر عناوين وأشياء أخرى.
جلس وأخذ يتصفح كل شيء. وعندما وصلت الحاضنة"آني سيمونز" عند الساعة الواحدة، كان جيرد يشعر باللهفة للهرب من هذه الشقة التي بدت له أشبه بمستشفى مجانين.
كانت الطفلتان تذرعان غرفة الجلوس ذهابا وإيابا بينه وبين كاسندرا، ترددتا في البداية في دخول غرفة الجلوس. لكنه أخبرهما أن بإمكانهما أن يأتيا إليه متى شاءتا، وهكذا أخذتا تضحكان وتصرخان وتركضان.
كانت آني سيمونز في أواسط الأربعينيات. حيتها الطفلتان بابتسامة سعيدة وعانقتاها، ثم راحتا تتكلمان بسرعة فلم يفهم جيرد شيئا. ومع ذلك، بدا له أن آني وكاسندرا كانتا تفهمان. أترى النساء يقدرن دون الرجال، على ترجمة ما يقوله الأطفال؟
قالت آني بعد أن استمتعت بما قالته الطفلتان : " من المؤكد أنني سأفتقد هاتين الطفلتين. إنهما طيبتان للغاية! أنا آسفة يا سيد هنتر لخسارتك زوجتك".
أما جيرد برأسه، بعد أن شعر مرة أخرى بالارتباك. أراد أن يمر بالمقبرة عندما يعود إلى المكتب ليرى مكان ضريحها، ويرى ما إذا كان كل شيء يليق بمارلين.
قالت كاسندرا للمرأة وهي ترمق جيرد باستغراب: "أرجو أن تكتبي لنا لائحة عن التوأمين وعما يحبانه، لأننا سنرحل غدا إلى سان فانسيسكو".
- يسرني أن أخبركما بكل ما أعرفه. لقد بقيت معهما خمسة أشهر. الأطفال ينمون بسرعة في هذه السن، تفاجأت لرؤيتها أطول قامة هذه المرة، مما كانتا عليه آخر مرة رأيتهما فيها.
قال جيرد متلهفا للخروج:"كاسندرا، علي أن أذهب إلى المكتب، هل يمكنك أن تهتمي بكل شيء هنا، ريثما أعود؟".
- بكل تأكيد!
وأغلق جيرد الباب خلفه.
سألتها آني: " هل أنت حاضنة التوأمين الجديدة؟".
- لا، فأنا أعمل في شركة هنتر في سان فرانسيسكو . جئت لأساعد جيرد، فحسب، في أخذ الطفلتين إلى بيتهما.
قالت كاسندرا هذا بسرعة، وخشيت أن يظن أحد، حتى آني، أن دورها في الحياة هو أن تكون مربية لهاتين الطفلتين. إنها مجرد مهمة ليومين فقط! وهذا كل شيء.
أخذت تنظر إلى أشلي وهي تركض إلى النافذة لترى أباها وهو يغادر البيت، وراحت تتساءل عما إذا كانت ستتمكن مستقبلا من المرور على بيت جيرد، من وقت لآخر، لتراهما. لكنها ما لبثت أن سارت إلى غرفة النوم مقطبة الجبين. لم تكن تريد أن تجعل بينها وبين الطفلتين صلة، لقد سبق أن خططت لمستقبلها.

* * * * *

عاد جيرد إلى الشقة بعد الخامسة، فوجد كاسندرا جالسة على إحدى الكراسي الأنيقة قرب المدفأة، تحمل كتابا مفتوحا، وقد ارتدت جينز وبلوزة قطنية بسيطة. وعندما أغلق الباب رفعت نظرها إليه تسأله: "هل سار كل شيء على ما يرام في المكتب؟". فأومأ برأسه، ثم دخل الغرفة ونظر حوله.
- ستستقر الأمور حالا في المكتب، "بول وينستون" سيكون مديرا عاما جيدا.
ثم سألها وهو يجلس على الأريكة: "أين التوأمان؟".
-لقد خلدتا للنوم، منذ فترة قصيرة. قالت آني إنهما تنامان قليلا، بعد ظهر كل يوم. بعد هذا اليوم المتعب، أظنهما ستنامان فترة أطول، مع أنه علينا أن نوقظهما بعد قليل، لتتمكنا من النوم في الليل.
فك جيرد ربطة عنقه، وألقى برأسه على مسند الأريكة. نظرت كاسندرا إليه وهي تفكر بمقدار التعب الذي ما زال يشعر به. لم تكن رحلتهما القصيرة بالطائرة كافية لكي ينام جيدا.
سألته بعطف"هل أنت متعب؟".
- أشعر بحاجة للنوم لأسبوع كامل!
- آسفة، لكننا سنرحل في الصباح!
- هل أخبرتك آني سيمونز بعض الأمور عن الطفلتين؟
- تعلمت منها الكثير، كان عليك أن تبقى هنا. ماذا لو نسيت أن أخبرك بشيء عنهما، أو كان لديك أسئلة نسيت أن ألقيها عليها؟ لقد أخذت رقم هاتفها، لذا يمكنك أن تتصل بها، إذا أردت أن تعرف المزيد، فقد علمت أن أشلي تصاب بنوبة غضب إذا لم تحصل على ما تريد، وبريتاني تركض وتختبئ. لا تحب بريتاني البيض، ولم تكن زوجتك تحب أن تتجول الطفلتان في الشقة، خوفا من أن تتلفا الأشياء. وذلك يوضح ترددهما في دخول غرفة الجلوس.
لاحظ جيرد نبرة السخط في صوتها فأراد أن يبتسم. ربما لا تحب أن يلقي عليها الآخرون بأولادهم، لكنها تقف في صف هؤلاء الأولاد وتناصرهم. يبدو أنها تفضل أن يركض الأطفال في كل مكان في بيتهم، وفي الواقع، كان هذا رأيه هو أيضا.
- أريدك أن تخبريني المزيد عن الطفلتين.ماذا سأفعل عندما سآخذهما إلى البيت؟
واتكأ على الأريكة مصغيا إلى صوتها:
- أرجو أن تكون هيلين قد وجدت لك مربية.
فسألها:"أتظنينني لن أنجح في أن اكون أبا عازبا؟". كان الفضول يتملكه ليسمع جوابها.
- نظرا لسلوكك معهما هذا النهار، يبدو أنك ستكون أبا ممتازا، فقد كنت صبورا تماما معهما، ستحتاجان إلى كثير من الحب والاهتمام والإرشاد.
- سيكون الأمر أسهل لو كان عندي زوجة!

* * *

- نهاية الفصل الثاني -

فيفي و بس 27-10-08 08:15 AM

صباح الخير شكرا يا ماري على هذة الروايةولكل الصبايا اللتي شاركنا في كتابتها

موني الاردن 27-10-08 11:09 AM

كتير حلوة الرواية بانتظار التكملة

موني الاردن

redroses309 27-10-08 12:40 PM

باين عليها روايه روووووووعة
الله يعطيك ألف عافية يا أحلى ماري
و احنا بإنتظارك ....

rana_rana 28-10-08 03:07 AM

[SIZE="5"]باين عليهاروايه حلوة مشكورة حبيبتى انتى والاخوات على مجهوداتكم احنا فى انتظاركم يعطيكم الف عافيه[/SIZE]

ماري-أنطوانيت 28-10-08 01:51 PM

السلااااااااااام عليكم عزيزاتي...

الف الف الف شكر على ردودكم...^_^

وعذرا عذرا عذرا على التأخير...

ان شاء الله الروايه ستنزل كامله الليله

رايقه وفاضيه 29-10-08 03:04 AM

روايه رااااائعه ومحمسه انتضر البقييييييييييييييييييييييه

صمت مزعج 29-10-08 05:28 PM

مشكورة عالرواية ..

من الملخص مبين حلوة ..

او ل مااخلص الرواية اللي اقرأها حاليا راح ابدا فيها ان شاء الله ^_^

nevertity 29-10-08 05:51 PM

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

safsaf313 29-10-08 11:00 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ماري-أنطوانيت (المشاركة 1701972)
السلااااااااااام عليكم عزيزاتي...

الف الف الف شكر على ردودكم...^_^

وعذرا عذرا عذرا على التأخير...

ان شاء الله الروايه ستنزل كامله الليله

وعليكم السلام ورحمه الله وبركاته
ولا يهمك يا مارى يا عسوله احنا مستنيينك ومستنيين روايتك الحلوه يا قمر يالا متتاخريش علينا
:friends::friends::friends:
:friends::friends:
:friends:

ماري-أنطوانيت 30-10-08 01:42 AM

عذرااااااااااااااااا عزيزاتي....

والله اشعر بالخجل منكن...لعدم انزالي بقية الفصول كما وعدت...

ولكني انشغلت بالجامعه...عذراااااااااااا

وهذه هي الفصول

الشكر لصبركن علي...:flowers2:

ماري-أنطوانيت 30-10-08 01:51 AM

كتبت هذا الفصل العزيزه (( روااان))
=====================



3- أم أم حاضنة؟

تشابكت عيناه بعينيها، وعلى الفور شعرت بالحرارة تعلو خديها،فحولت نظرها راجية ألا يكون قد لاحظ ارتباكها. كيف ستجري الأمور إذا ما تزوجت من جيرد؟ هل سيأتي إليها كل ليلة إلى المنزل ليحدثها عن نهاره؟ هل سيخططان معا لنزهة الأسرة في عطلة آخر الأسبوع؟ هل سيمزحان معا، يمضيان أوقاتا حميمة؟
عليها أن توقف هذا السيل الجارف من الأفكار الذي تملّكها، قبل أن تجعل من نفسها سخرية. نهضت ووضعت الكتاب على الرف، وأملت أن يكون جيرد من التعب بحيث لا ينتبه إليها، فقد كان يفكر بصوت عال، وهذا لا علاقة له بها. ثم قالت ببرودة:
-أظن أنك على حق. سيكون الأمر أسهل، إذا وجدت زوجة تبقى في البيت طوال النهار وتحضن طفلتيك.
كرهت فكرة أن يختارها كزوجة لمجرد قدرتها على رعاية الأطفال.
-المرأة التي ستتزوجني ستكون أما لأولادي، ولا أظنها ستعتبر نفسها حاضنة لطفلتيّ!
هزت كاسندرا كتفيها ثم تحولت نحو الباب وقالت: "سأتفقد التوأمين، ثم أبدأ بتجهيز العشاء. يبدو أن السيدة هنتر لم تكن تأكل هنا كثيرا، إذ ليس في البيت الكثير من الطعام".
-يمكننا أن نطلب شيئا من المطعم. لست مضطرة للقيام بذلك بنفسك!
قال ذلك ونهض واقفا، فلاحظت كاسندرا أنه رجل ضخم الجثة وبدا أنه يملأ الغرفة بحضوره.
-لا مانع لدي، فأنا أحب الطهي.
وأسرعت بالابتعاد... الابتعاد عن تلك الأفكار التي راودتها، وعن ذلك الحنين الغامض الذي أثارته.
أخذ جيرد ينظر إليها وهي تغادر الغرفة، متسائلا ما سيكون جوابها فيما لو عرض عليها الزواج. ستكون علاقتها ممتازة بالتوأمين. وسيرتاح تماما أن يكون مع الطفلتين شخص ضليع بأمور الأطفال وتربيتهم، فيزيح عن كاهله جزءا من تلك المسؤولية.
ستحاول هيلين أن تجد له مربية خبيرة، لكن المرأة المستخدمة يمكنها ان تترك العمل في أي وقت وتذهب، أما الأم فتبقى!
التفت ببطء إلى الكرسي التي أصبحت الآن شاغرة وتصور نفسه آتيا من العمل إلى البيت كل يوم ليجد كاسندرا محاطة بالأطفال، وشعها مسترسل على كتفيها، ونظارتها على المنضدة، وعيناها الواسعتان تضحكان له، وهي تخبره عن تصرفات الأطفال المضحكة. سينسى عندئذ العمل لفترة ويشاركها رعاية أطفاله وهم يكبرون.
هز جيرد رأسه مقطبا جبينه إلى كون تلك الأفكار مجرد تخيلات، فقد سبق أن أوضحت له كاسندرا باولز أنها امرأة تكرس نفسها للعمل، ولا تعتبر الزواج من أرمل له أولاد زواجا تطمح إليه النساء. من جهة أخرى، لم يكن جيرد بعد زواجه من مارلين، يود الزواج بسيدة أعمال مرة أخرى.
لقد نجح ذلك الزواج، وبلغ هدفهما الذي تزوجا لأجله، ولكنه يريد أكثر من ذلك في المرة التالية، إذا كانت هناك من مرة تالية.
حمل كيس ملابسه وسار إلى غرفة مارلين. قرر أن يأخذ حماما سريعا، ويرتدي بنطلون جينز. وتساءل عما إذا ما كانت أرشلي وبريتاني ستصبحان أكثر نشاطا بعد الغفوة. كان متشوقا لمعرفة ذلك... فهو يريد أن يعرف أكثر عن ابنتيه.
ما إن دخل غرفة النوم، حتى راودته فكرة أجفلته. كان ثمة سرير واحد فقط، بجانب سريري الطفلتين في الشقة كلها. ماذا سيفعلان الليلة؟ وعادت إليه تلك التخيلات... كاسندرا في فراشه، وشعرها الأسود اللامع منتشر على الوسادة البيضاء، ووجهها يتألق حبا.
حب؟ هذا شيء لا يمكن توقعه من سيدة أعمال مرهقة تستسلم للنوم بعد نضال مرير.
كانت الأريكة التي جلس عليها لا تصلح للنوم، فهي صلبة خشنة التنجيد وكأنها أثاث متحف، كانت تبدو أنيقة لكنها لم تكن مريحة.
يمكنه أن يذهب لقضاء الليلة في فندق، ولكن هل سيدع كاسندرا تعنفه لهجره طفلتيه بعد أول لقاء له بهما؟ هذا غير ممكن!
دخل الغرفة وفتح حقيبته، فأخرج منها بنطلون جينز وقميصا كحليا، ثم دخل الحمام.
فكر أن يستأجر لها غرفة في فندق! لكنه سرعان ما نبذ تلك الفكرة فهو يحتاجها هنا في الشقة، خوفا من أن تستيقظ الطفلتان أثناء الليل. عليه أن يقرر شيئا أثناء العشاء. أما الآن، فكل ما يستطيع التفكير فيه هو ذلك الحمام الساخن.
عندما انتهى من الاستحمام، سمع ثرثة الطفلتين، فابتسم وهو يرتدي بنطلونه وقميصه. إنهما حتما ستغيران جو بيته في سان فرانسيسكو... لا بل ستغيران نظام حياته كلها! سيكون عليه أن يبحث عن شقة أوسع، أو ربما بيت مع حديقة. هل ستطلب الطفلتان كلبا؟ وتذكر كلب جده. لو بقي "رانجر" حيا، كيف كان سيتصرف مع الطفلتين؟ وماذا عن جده؟
-أتريدين المساعدة؟
ألقى هذا السؤال على كاسندرا وهو يدخل المطبخ، وقد تملكته الرغبة لرؤية الطفلتين... وكاسندرا. فالتفتت الطفلتان وكضتا نحوه، فانحنى ورفع الاثنتين.
-مرحبا يا أشلي، مرحبا يا بريتاني! هل نمتما جيدا؟
فابتسمت أشلي وأومأت بقوة، ثم قالت له: "أعطتني "كاسي" جزرة".
-وأنا أيضا.
قالت بريتاني هذا وهي تريه جزرتها. فقال جيرد وهو يقترب كاسندرا:"ما أجملهما. ربما ستعطيني "كاسي "واحدة".
فابتسمت كاسندرا له بوجه مشرق لم تغطه أي نظارات، ما حبس له أنفاسه. كانت تبدو بغاية الجمال. عيناها ترقصان هزلا والدم يصبغ وجنتيها وقد انزلق شعرها من ضفيرتها. لو لم يكن يحمل ابنتيه، لتخلل شعرها بأصابعه، وأسدله على كتفيها.
- سأعطيك جزرا إذا قمت بتحضير الهمبرغر، لقد نسيت أن الأطفال الجائعين لا يتحلون بالصبر. إذا عملنا معا، سوف نحضر الطعام بشكل أسرع.
وابتسمت كاسندرا لهم، ثم بهتت ابتسامتها فجأة وهي تراه يرتدي ملابس عادية. لم تره قط بمثل تلك الملابس، فقد كان يرتدي دوما بذلة العمل. ولسبب ما، جف حلقها. كان يبدو بغاية الروعة، وأصغر سنا وأكثر جاذبية لكنها ذكرت نفسها بأنه رئيسها فحسب.
سألها رافعا حاجبه: "همبرغر"؟
-عثرت على لحم في الثلاجة، وقليت البطاطا، وسأنهي السلطة الآن. سوف نأكل الهمبورغر من دون خبز، لأنني لم أجد خبزا هنا.
والتفتت كاسندرا إلى الخس الذي كانت تفرمه، متجاهلة الرغبة التي شعرت بها للنظر مليا إلى تلك الصورة الجديدة لجيرد هنتر. ولكن لديها عملا عليها أن تنجزه، ولا وقت لديها للتخيلات.
سأل جيرد طفلتيه: "حسنا، هل تساعداني في تحضير الهمبرغر أيتها الفتاتان؟".
فقالت له كاسندرا، عابسة: "لا".
ألا يعرف هذا الرجل قدرات طفلة في الثانية من عمرها؟
فردد هو : "لا؟".
- ليس بجانب فرن حار! يمكنهما، بدلا من ذلك، أن تعدا المائدة!
أنزلهما جيرد على الأرض وأخذ يبحث عن درج أدوات المائدة.
سرت قشعريرة خوف في جسده للتفكير بالتوأمين وهما تركضان حاملتين شوكة في كل يد فقال: "ما رأيك في أن ألهيهما أنا، بينما تحضرين أنت الهمبرغر؟".
-كما تشاء.
فقالت بريتاني وهي تتعلق ببنطال كاسندرا: "هل تلعبين معي يا "كاسي"؟".
-أنا مشغولة الآن يا حبيبتي، سيلعب معك البابا!
حملهما جيرد وتوجه بهما إلى غرفتهما، وقد بدأ يعتاد على لقب البابا من كاسندرا. متى ستناديه طفلتاه"بابا"؟
عندما بات العشاء جاهزا على المائدة، كان التعب قد بلغ مبلغه من جيرد. وشعر بالإشفاق على الآباء في كل مكان. لقد أمضى أقل من ساعة في مراقبة الطفلتين، ومع هذا تعب... لكنه بدأ يشعر بالاهتمام لأمر تلك المخلوقتين الصغيرتين. راح يراقبهما كيف تلعبان، وتتحدثان دون انقطاع، وحاول أن يتعلم لغتهما المضحكة.
تملكه الغضب للتفكير بمارلين. لماذا حرمته من ابنتيه لمدة سنتين؟ هل كانت ستخبره عنهما لو لم تمت؟
كان العشاء أشبه بمغامرة، فالطفلتان لم تأكلا الكثير، ووقع نصف ما حاولتا تناوله على الأرض أو على المائدة أو على ثيابهما. لكن جيرد لم يحاول أن يصحح تصرفهما، ولا حتى كاسندرا التي قالت وهي ترى حيرته:"إنهما تأكلان ما يكفي لنموهما، أما الباقي فيمكن تنظيفه!".
لقد عاشت مع الأطفال سنوات جعلتها تعلم أنهما ستأكلان ما يكفيهما، ومن غير المعقول تأنيبهما في آخر ليلة تمضيانها في منزلهما.
سيكون الغد مشحونا بالتغييرات، فلتستمتعا الليلة!
-أنا خائف من وقت تناول الطعام في الطائرة غدا.
قال جيرد هذا، فيما كانت بريتاني تلقي بالخس على المائدة باشمئزاز، ربما كانت لا تحب الخس.
فقالت له: "أقترح أن نطعمهما بنفسنا غدا على الطائرة، بدلا من أن ندعهما تأكلان وحدهما، فتناول الطعام في المنزل شيء، والأكل في مكان عام شيء آخر. نرجو من الله ألا يقدم لهما طعام بالمرق".
-كم طفا رعيت؟
طرح عليها ذاك السؤال بعد أن أعجب بقدرتها على تصور الأمور مسبقا. وتساءل كم من أشياء أخرى تخفي عليه؟
-آه، الكثير، وخصوصا في دار الرعاية مع أبوي بالتبني. كان في رعايتهما توأمان، ذات مرة، لكنهما كانا أكبر سنا من ابنتيك، وكانتا مشاغبتين للغاية.
وابتسمت وهي تتذكر. لم يبد الأمر لها سيئا تماما، ولكن هذا لا يعني أنها تريد أن تعود للعناية بالأطفال، مرة أخرى. إنها تحب مهنتها الحالية، وهي ماهرة فيها.
فقال وهو يتأملها مفكرا: "أنت إذا خبيرة تماما بالنسبة إلى كل الأعمار!".
-نعم.
ونظرت إليه بحذر، وترجّع في ذهنها صدى كلمات قالها لها من قبل. وفكرت أنه إذا طلب منها أن تتزوجه لترعى طفلتيه، فسترشقه بأي غرض يقع تحت يدها...
ابتسم لها جيرد وقال:"أخبريني المزيد عن اتحاد الشركات العالمية. هل قمت بتحليل العوامل المساعدة لذلك؟".
-نعم لقد فعلت، رغم أن تحليلي ما زال بحاجة إلى الدراسة. على كل حال، أظن أنه بإمكاننا أن نتبين مواطن الضعف والأشراك غير المتوقعة ونضع دائرة حولها حاليا. وعندما يتحسن وضع الشركة، سوف نطرح مشروعنا هذا. ولكن في الوقت الحالي، من الخطأ أن نجازف.
ودون أن تتوقف، مدت يدها تمسك بفنجان حليب بريتاني الذي كاد أن يقع على الأرض.
منتديات ليلاس
بقي جيرد وكاسندرا يتحدثان عن العمل طيلة العشاء، مع الالتفات قليلا للتحدث إلى الطفلتين، واستمتعت كاسندرا بذلك، وبدأت تسترخي. لم تحظ، منذ وقت طويل، بفترة لتناول العشاء. كل ما كانت تفعله هو أكل أي لقمة آخر النهار، في البيت، أو على مكتبها، عندما تتأخر في العمل. كانت تسعى إلى التقدم في عملها في أسرع وقت ممكن، حتى أنها كانت تبقى ساعات بعد الدوام، إلى أن يخرج باقي الموظفين.
لم يعد جيرد إلى ذكر رغبته في العثور على زوجة أخرى، فعنفت كاسندرا نفسها لظنها أنه كان يعنيها هي. ستعود الأمور إلى طبيعتها، في سان فرانسيسكو، فتعود هي إلى حياتها الخاصة ويجد جيرد امرأة تهتم بابنتيه.
-لتغسل الأطباق!
فقالت كاسندرا وقد أدهشها أن يعرض عليها جيرد ذلك: "حسنا!".
شعرت بشيء من تأنيب الضمير، فقد وجدت جيرد رجلا حساسا، وليس مستبدا كما عهدته في مكتبه. ولم تكن تتوقع منه هذا. ساعدتها تلك الرحلة على معرفة مديرها المستبد عن كثب. ولن تنظر إليه بعد ذلك بالنظرة التي كانت تنظر إليه بها في المكتب.
-أنت طهوت العشاء، ونحن سننظف كل شيء. بالمناسبة، كان العشاء لذيذا، شكرا لك!
-لا يمكن أن تسمي ذلك العشاء عشاءً ناجحاً. لقد كان مجرد شريحة همبرغر وبطاطا وسلطة.
-مع ذلك، كان لذيذ المذاق، وأنا مسرور لعدم اضطراري لطهيه بنفسي.
-هكذا إذن.
وابتسمت للفتاتين ثم قالت:"ربما علي أن أحممهما، لتخلدا إلى النوم بعد ذلك. قالت آني إنهما تنامان عادة في الثامنة".
-هل حزمتما كل أمتعتهما؟
-الثياب كلها وبعض الألعاب، أما البقية فقد تركناها لترسل بالشحن. وسنكون جاهزين للسفر في الصباح الباكر.
قالت كاسندرا ذلك وراحت تفكر بالمكان الذي ستمضي فيه الليلة.
أترى جيرد انتبه غلى وجود سرير واحد فقط في البيت؟ نظرت إليه وهو يحمل الأطباق إلى الحوض. لم تقل شيئا. كانت لديها فكرة، لكنها ستنتظر إلى أن يتطرق هو إلى هذا الموضوع. في هذه الأثناء، سترتب السرير وتضع عليه ملاءات جديدة، وتملأ حوض الحمام، لتستحم الطفلتان.
-سأضع كرسيين قرب الحوض لتقفا عليهما، فيمكنهما المساعدة.
قالت كاسندرا هذا ورفعت كل طفلة توقفها على الكرسي وتنصحها بالحذر، ثم تركته مع طفلتيه. فالأسرة الجديدة بحاجة إلى وقت للترابط.
نظرت إلى خلفها وهي تغادر المطبخ فشعرت أن الأسرة قد بدأت تتماسك.
كانت كلمة "المساعدة" تعبيرا ملطفا لما كان يحدث. فقد كانت أشلي تعشق اللعب بالصابون، فيما كانت بريتاني تعيد الصحون وبقية أدوات المائدة إلى الحوض، بعد أن يغسلها جيرد. وبهذا الشكل، توقع جيرد أن ينتهي من غسل الأطباق مع حلول الصباح.
لكنه لم يتذمر، بعد أن رأى الفرحة في أعينهما أثناء"مساعدتهما" له.
لم يخبره أحد من قبل عن روعة الأطفال الصغار. وتمنى لو عرفهما منذ ولدتا،ورآهما منذ خطتا خطواتهما الأولى، وسمع كلماتهما الأولى.
ربما كان ذلك ساعده على فهم حديثهما الآن، الذي بدأ يفهم معظمه. لكنهما كانتا أحيانا تتحدثان مع بعضهما البعض بلغة خاصة بهما ربما. وعندما كان يصغي إليهما جيدا، كان يوشك على الفهم. فجأة تناهى صوت كاسندرا إلى مسمع جيرد، تقول: "هل ستبقون هنا طوال الليل؟".
فالتفتت بريتاني بسرعة وكادت تسقط من على كرسيها:
"كاسي...أنا أساعد".
-انتبهي كي لا تقعي.
حملها جيرد ووضعها على الأرض، فقالت كاسندرا ضاحكة:"حان وقت الاستحمام".
نظر جيرد إلى ملابس الطفلتين المبتلة، وإلى بنطلونه المبتل هو أيضا، وقال:"إنها طريقة جيدة لاختصار وقت الاستحمام. كل ما عليك أن تفعليه هو أن تشطفيهما بالماء!".
-هذا صحيح. هيا يا بنات، ستلعبان عشر دقائق في الحوض ثم تخلدان إلى النوم.
سألتها أشلي وهي تنزل عن الكرسي، رافضة أن يساعدها أبوها:"ألن تروي لنا حكاية؟".
وقالت بريتاني وهي ترفع ذراعيها ليحملها أبوها:"نعم، ألن تروي لنا حكاية؟".
رفع جيرد بريتاني عن الكرسي وانزلها على الأرض، فركضت خلف أختها. فكر جيرد أن يدعوها إلى العشاء، حالما يعودون إلى سان فرانسيسكو، كعربون شكر. ربما يأخذها إلى ذلك المكان قرب حوض السفن الذي توجد فيه حلبة للرقص، فيتحدثان أثناء العشاء كما فعلا الليلة، وربما يرقصان قليلا. فقد كان يشعر برغبة قوية لأن يمسكها بين ذراعيه، فيشعر بأنوثة جسدها أثناء تمايلها على وقع الأنغام، وينظر إلى البريق في عينيها. من المؤكد أنها لن ترتدي بذلة أثناء الخروج للعشاء، ولا نظارات. أتراها ستسرح شعرها بشكل آخر، أم ستدعه يفك لها ضفيرتها، بنفسه في المساء؟
بعد أن فارقه تماما شعور الأبوة، أطفأ النور واتجه إلى الحمام. ومع اقترابه منه، كانت أصوات الضحك الطفولية والعبث بالماء تعلو. وقف عند العتبة وأخذ ينظر إلى التوأمين، وهما تبذلان جهدهما في التهرب من محاولات كاسندرا لغسلهما. أعجبته الطريقة التي كانت تتصرف بها كاسندرا مع ابنتيه. فقد كانت صبورة جدا معهما ومرحة، وكذلك كانت معه هو. ورأى أن عينيه كانتا تستقران عليها أكثر منهما على الطفلتين.
رأته بريتاني، فضحكت. ورفعت أشلي بصرها وضحكت هي أيضا، وحيره منظر هذين الوجهين المتماثلين اللذين كانا يبتسمان له، وقالت كاسندرا لهما وهي تنظر إليه من فوق كتفها:"هذا بابا".
فاخذت أشلي تغني وتبعتها بريتاني:"بابا بابا بابا ".
فقال جيرد:"جئت للمساعدة، ولكن يبدو أنك تسيطرين تماما على الوضع!".
فقالت باحتجاج:"إياك أن تجرؤ على تركي وحدي. أحضر منشفة وخذ طفلة، وسأحضر أنا الأخرى، ونضعهما في السرير، لتخلدا للنوم".
استغرق ذلك مدة أطول مما كان جيرد يتوقع، ولكن عندما لبست الطفلتان قميصي نومهما ومشطت لهما كاسي شعرهما، وبدت رائحتهما نظيفة حلوة، هفا قلبه إليهما.
قالت أشلي:"ألن تروي لنا حكاية، يا كاسي؟".
فقالت كاسندرا وهي تمسح الأرض: "اركضي واحضي وأحضري كتابا، يا حلوتي". ونظرت إلى جيرد وهو يجلس على الأرض، إلى جانبها، فضحكت برقة، ثم جلست مثله مستندة إلى الحوض، وقالت:"هل هذا هو الرجل نفسه الذي كان يعمل خلال الإعصار والعواصف من دون أن يدع شيئا يقلقه؟ تبدو منهكا للغاية!".
-هذا ما أشعر به فعلا. ما زلت متعبا من رحلة بانكوك.
عضت شفتها السفلى لتمنع نفسها من الابتسام، وقالت له:" ربما هذا من جملة الأشباب. ولكن لكي تصبح أبا، يلزمك الكثير من القدرة على الاحتمال".
أراح رأسه إلى الجدار مغمضا عينيه. كسا الاحمرار وجهها من الجهد الذي بذلته، فبدت دافئة تنضح بالأنوثة. وكانت النظارات مازالت في المطبخ، وشعرها منسدلا تماما على كتفيها. منذ متى أصبح شعرها هاجسا في نفسه؟
قال لها ببطء:"ليس لدينا ما يكفي من الأسرة".
فرفعت بصرها وأومأت: "لكن لدي حلا، السرير في غرفة نوم زوجتك مزدوج"..
حبس جيرد أنفاسه. هل ستقترح عليه أن يتشاركا السرير؟ ألا يهمها أنهما لا يعرفان بعضهما البعض، بما فيه الكفاية؟ إنه سرير كبير مريح لشخصين. هل سيتمكن أخيرا من رؤية ذلك الشعر الداكن اللامع منتشرا على لوسادة، ويرى ذلك الجسد الرائع في قميص نوم هفهاف شفاف؟
لكن تأملاته لم تدم طويلا إذ قاطعته كاسي قائلة:" لذا فكرت أنه بإمكاننا أن ندفعه نحو الجدار، وننام فيه أنا والفتاتين ، على أن أنام أنا من الناحية الخارجية، فلا تقعان منه".
رمش بعينيه وهو ينظر إليها. ستتشارك هي والطفلتان السرير وأين سينام هو؟
-ويبقى لي السريران الصغيران؟
فضحكت وهزت رأسها:"حتى ولو ناسبك فأنت ستقع منه على الأرض. لكنني فكرت في أنه يمكنك أن تضع الفراشين معا على الأرض وتنام عليهما. ليس هذا بالحل الجيد، لكن ما من حل آخر، إلا أن أذهب إلى فندق".
وأدرك أنها لن تقبل أبدا بمشاركته السرير، فقال:"لا، اعتقد ان فكرتك ممتازة!".
ونهض ومد لها يده يساعدها على الوقوف. كانت يدها دافئة في يده، وأصغ مما توقع. وعندما وقفت شم رائحة جسمها الحلوة الدافئة، ورآها وكأنها حبست أنفاسها. وبطء، مد يده يفك المشبك الذي يثبت شعرها، ثم أمسك بضفيرتها قائلا:"لقد انحل شعرك".
وقبل أن تجيب، فتح المشبك وحل بقية ضفيرتها، وعندما حاولت أن تمسك شعرها اشتبكت يداها بيده.
-أنا أعرف انه مشعث. يمكنني أن أغتسل بسرعة وأسرحه، إذا قرأت أنت لهما القصة.
-لا أظنه مشعثا بل يبدو جميلا!
تجاهل يديها، وأخذ يمشط شعرها الحريري بأصابعه حتى انتشر على كتفيها، وراح يتألق تحت ضوء المصباح. أمسك بذقنها يديرها إليه ليرى تأثير ذلك على وجهها، فشعر بنبضات قلبها تتسارع. بدت رائعة الجمال، عيناها واسعتان يملأهما التساؤل وهما تحدقان في عينيه، وخداها متوهجان وشعرها سحابة رائعة حول وجهها.
- أشكرك على العناية بابنتيّ.
قال هذا برقة ، ثم انحنى وعانقها.
مضت لحظة ظن فيها أنها تجاوبت معه. ثم اندفعت مبتعدة عنه متعثرة تكاد تقع في الحوض، فأمسك بها إلى أن استعادت توازنها فتركها ثم قال:"سأرى أي قصة ترغبان في أن أرويها لهما".
وانتظر ليرى نا إذا كانت ستقول شيئا، لكنها أومأت فقط وقد بدا عليها التوتر. فذهب يبحث عن الطفلتين. وعندما وصل إلى الردهة، تمتمت وهي تقول لنفسها ساخرة:"هذا عظيم!".
عناق سريع من رئيسها كاد يجعلها تقع في الحوض! وضعت يديها على خديها وأغمضت عينيها... يا لحماقة المرأة أحيانا!
كانت عدم خبرتها تدعو للرثاء، فهي لم يسبق لها أن خرجت مع الكثير من الرجال، لا بل إن الرجال الذين خرجت معهم كانوا لا شيء أمام جيرد. لهذا لم تتوقع عناقا... خصوصا من رئيسها. لكنها أخذت تنصح نفسها بألا تضخم الموضوع. ونظرت حولها بذهول. كان مجرد عناق شكر لرعايتها طفلتيه.
توجهت إلى غرفة النوم محاولة عدم التفكير بما جرى. ستستحم وتتهيأ للنوم فيما ينتهي جيرد من سرد الحكاية على الطفلتين.
كان جيرد قد دفع السرير الواسع إلى الجدار، ووضع الفتاتين عليه، ثم استند على كومة من الوسائد لكي يقرأ. وعندما دخلت، نظر الثلاثة إليها، فقالت:"سآخذ فقط أغراضي للاستحمام".
أومأ جيرد، ثم عاد يقرأ، وبعد ثوان، كانت كاسندرا داخل الحمام المقفل. شعرت بأنها حمقاء للغاية. ماذا كانت تتوقع؟ أن يقول لها شيئا يلطف الأجواء؟ فهي التي انفعلت للغاية!
خلعت ثيابها وهي تفكر في الرجل الجالس في الغرفة بجانبها، ثم وقفت تحت الدوش. ولسبب ما، شعرت بأن الاستحمام وهو على مقربة منها، عمل جريء.
وعندما عادت إلى الغرفة، كان قد أنهى قراءة الكتاب الثاني. فسألها:"هل انتهى كل شيء؟".
كان شعرها رطبا متموجا على ظهرها. وكانت قد سرحته وتركته منسدلا ليجف أثناء الليل. وبعد أن لبست قميص نومها، اكتشفت أن القميص لم يكن كافيا لتغطية كل شيء. فلفت حولها منشفة كبيرة، وإذ نظر إليها ذاهلا، تملكها الارتباك. كانت تلبس قميصا قطنيا يوميا ملفوفا بمنشفة، وتضم بنطلونها الجينز وحذاءها إلى صدرها. أتراها تقدم عرضا؟
أجابت:"نعم، وهل انتهيت من سرد الحكايات؟".
سألته محاوة التصرف بشكل طبيعي.
-انتهينا لتونا.
-حسنا، سأنام الآن مع الفتاتين، فأنا لم أنم جيدا على الطائرة، فغدا سيكون يوما شاقا!
نظر جيرد إلى ساعته، فكانت بالكاد تشير إلى الثامنة. لكن البقع الداكنة تحت عينيها كانت تظهر أنها مرهقة.
قبّل جيرد الطفلتين وأزاحهما جانبا، ليترك مكانا لكاسندرا، ثم نهض وأخذ وسادة، وتوجه نحو الباب. وتنحت هي جانبا لكي يمر.
-هل ستوقظني باكرا، أم علي أن أبحث عن منبه؟
-سأوقظك عند الساعة السادسة، علنا نحظى بفرصة نرتدي فيها ثيابنا قبل أن يستيقظ الملاكان.
-آمل ذلك!
قالت ذلك وابتسمت بخجل، ثم سارت نحو السرير. خرج جيرد فتنفست الصعداء، وأخذت المنشفة وراحت تنشف بها شعرها وهي تثرثر مع الطفلتين برقة.
وانفتح الباب فجأة:"ملاءات! أين أجد ملاءات للفرش؟".
أجفل فجأة وراح يحدق بها. كان القميص الذي ترتديه يصل إلى أعلى ساقيها، مظهرا ساقيها المتناسبتين ومستديرات جسدها. ابتلعت ريقها بصعوبة للنظرة التي بدت في عينيه، وأنزلت المنشفة ببطء حتى تدلت أمامها.
-خزانة الجدار في الردهة تحوي البياضات. لقد وجدتها حين كنت أفش هذا السرير.
لم يحدث أن نظر إليها رجل بمثل هذا الاهتمام الجريء من قبل. أخذ قلبها يخفق.
-حسنا، أراك في الصباح.
لقد نامت الطفلتان على الفور، بينما لم تتمكن هي من ذلك رغم تعبها البالغ. راحت تراودها أفكار منعتها من النوم. تذكرت عناق جيرد وردة فعلها الغبية، فرجع صدى كلماته في رأسها حين قال إنه قد يحتاج إلى زوجة، وتذكرت كيف أعربت له عن تصميمها على المضي في مهنتها.
وجدت تينك الطفلتين عزيزتين حبيبتين للغاية. ولكن ما الذي جعلها تحبهما إلى هذه الدرجة، بعد يوم واحد من تعرفها إليهما؟
****************************
-كاسندرا؟
أخذ جيرد يهزها بلطف، ففتحت عينيها ثم أغمضتهما. كانت الغرفة معتمة، وضوء الفجر لم يتسرب بعد من خلال الستائر. كانت كاسندرا تنام على جنبها، بينما كانت الطفلتان متعانقتين، وبدا السرير فسيحا رغم أنهن كن ثلاثة.
-هممم...
ابتلع ريقه بصعوبة. كان شعرها الداكن المتموج منتشرا على الوسادة، فشعر بدافع قوي لأن يدفن وجهه فيه.
-كاسندرا، استيقظي.
فتحت عينيها وحدقت إليه، ثم لاحت على شفتيها ابتسامة رقيقة.
فقاوم رغبة جامحة تملكته لمعانقتها. ولكن لا الوقت ولا المكان كانا مناسبين لإطلاق العنان لأشواقه. لديه أسرة يريد أن يأخذها إلى بيته.
همست تسأله عن الساعة وهي تنهض مستندة على مرفقها، تنظر إلى الطفلتين، وتتمطى.
-إنها السادسة. طلبت أن يرسلوا لي سيارة عند الساعة السابعة والنصف، هل ستكونين جاهزة حينذاك؟
-بالتأكيد. هل حضرت القهوة؟
-سأحضرها في الحال.
لكنه لم يتحرك من مكانه، بل سمّره مظهرها عند استيقاظها من النوم. أتراها أحد أولئك الذين يريدون قهوة قبل مزاولة أي عمل؟ أم أنها متلهفة لابتداء عمل اليوم؟ كانت بالأمس غريبة الأطوار، فهل ستكون كذلك هذا الصباح؟
قالت وهي تجلس وتفرك عينيها:"سأرتدي ملابسي حالا".
- عندما تنتهين من ذلك، تعالي إلى المطبخ!
ثم استدار بالغم عنه وغادر الغرفة. ذهب ليحضر القهوة ويى ما إذا كان هناك بوسعهم أن يأكلوه قبل أن يخرجوا. وكان قد ارتدى ملابس مريحة، وجهز حقيبته وحقائب طفلتيه ووضعها بجانب الباب.
-يالها من رائحة شهية.
هتفت كاسندرا بذلك، وهي تدخل الطبخ بعد دقائق. قررت، وهي تتدي ملابسها، أن تمرح بتلك الرحلة، قبل أن تأتي نهاية اليوموتستقر في شقتها، فتصبح الرحلة مجرد ذكرى. وإذا حدث وعانقها جيرد مرة أخرى ليشكرها، فلن تنهار، بل ستكون مستعدة!
-هل أنت جاهزة للسفر؟
-نعم، لقد وضعت كيسي بجانب حقائبكم. ربما علينا أن نأكل في المطار. ما رأيك؟
كانت تتحدث بسرعة، راجية أن تخفي بذلك، الانجذاب الذي تملكها لرؤيته.
-هذا اذا استطعنا الانتظار حتى نذهب إلى المطار. لقد انتهت اقهوة على كل حال.
أحضرت فنجانين ملأتهما ثم ناولت واحدا لجيرد، ثم أخذت فنجانها وراحت ترشفه وهي تستند إلى منضدة العمل بعيدا عنه. تنحنحت وسألته:
"هل نمت جيدا الليلة الماضية؟".
فهز رأسه: "أبدا. أخذ الفراشان ينزلقان عن بعضهما، كلما تحكت، فوقعت على الأرض عدة مرات".
فرفعت فنجانها إلى فمها تستر به ابتسامتها، وقالت:"آسفة لذلك، وعلى كل حال ستمضي الليلة القادمة في سريرك. ما الذي سفعله بالنسبة إلى الطفلتين عندما تصل إلى بيتك، هل اشترت هيلين لهما سريرين؟".
فأجفل جيرد: "تبا لذلك، لا أدري. لم أفكر في ذلك قط".
ونظر إلى ساعته، فقالت: "إنس هذا، وإياك أن تتصل بها الآن لأن الساعة الآن هناك الرابعة صبحا، يمكنك أن تتصل بها من المطار".
-أرأيت مدى أهميتك في هذه لرحلة؟ كان وقت النوم سيحين قبل أن أتذكر شراء سريرين.
-أنا مسرورة لتمكني من المساعدة.
ومع أنها كانت مستاءة لإجبارها على القيام بهذه المهمة، إلا أنها كانت مسرورة لتمكنها من مساعدته، فقد كان حقا بحاجة إلى ذلك.
-عندما نصل إلى هناك، سوف أدعوك إلى العشاء ذات ليلة.
رفعت بصرها إليه بدهشة قائلة: "حقا؟ لكن هذا غير ضروري".
-لو كان ضروريا لما رغبت بأن أفعله، أما الآن، فأنا أرغب في ذلك.
-لماذا؟
-لأشكرك على كل هذا.اعتبري هذا هبة من العمل لقاء مهمة غير عادية.
-متى ستدعوني؟
-الجمعة؟
-وماذا عن الطفلتين؟
-لم افكر في اصطحابهما.
-هل وجدت لهما حاضنة؟
لكن جيد لم يفكر قط في هذا الأمر. ألن تفعل هذا المربية التي استخدمتها هيلين لهما؟ أخبرته هيلين بعد ظهر أمس عندما اتصل بها، بأنها لم تجد مربية تنام في البيت. وقد يستغرق العثور على واحدة، وقتا.
وقد أعطاها فرصة حتى عصر هذا اليوم؟
-سأعثر على شخص ما!
قال هذا وقد تملكه شعور بعدم كفاءته للتعامل مع ما ينتظره من واجبات، فهو لا يعرف إلا القليل القليل عن الأطفال واحتياجاتهم ولكنه كان في غاية اللهفة لكي يتعلم، وبسرعة!
-إذا استطعت أن تجد حاضنة، سأخرج معك.
قالت له كاسندرا هذا ببطء، متسائلة عما إذا كان عملا حكيما. فعندما يصلان إلى مدينتهما، سيعودان، مرة أخرى، موظفة ورئيسها.
راح جيرد يجيل نظراته عليها. بدت صغيرة سعيدة مرتاحة البال، رغم الرحلة الطويلة التي تنتظرها والمهمة التي ستضطلع بها أثناءها. كيف ستبدو ليلة الجمعة عندما سيدعوهاإلى العشاء والرقص؟ لم يعد يطيق الانتظار.
تفقد جيرد كل الحقائب ما عدا حقيبة الكتف التي أصرت كاسندرا على أخذها معها إلى الطائرة. ساعدهم موظف التذاكر في العثور على مقاعد تجمعهم معا ولكن في الدرجة السياحية بدلا من الدرجة الأولى، لكن جيرد لم يعترض. كان يفضل أن تكون كاسندرا قريبة منه، على ان ينعم برفاهية الدرجة الأولى.
وعندما أجلست كاسندرا الطفلتين في كرسييهما في غرفة الانتظار في المطار، قالت لها مسافرة:
-ما أجمل أسرتك هذه.
فأجابت كاسندرا وهي تنظر إلى جيرد باسمة: "شكرا لك!".
نظر جيرد إلى عينيها.. ما عساه يكون ردها على طلبه الارتباط بها؟ هل يمكن أن توافق؟ فهي على الأقل ، لم تجب بأنها ليست الأم وأن هذه الأسرة ليست أسرتها! بدت طبيعية. هل من طريقة تقنعها بأن تبقى معه، وتصبح أما لطفلتيه؟
* * *


نهاية الفصل الثالث..

ماري-أنطوانيت 30-10-08 02:02 AM

هذا الفصل كتبته العزيزه ((shining tears))
=========================



4- وراء كل امرأة عظيمة...

مضت الرحلة بشكل اسهل مما توقعت كاسندرا، لكنها كانت محمومة بالقلق بالنسبة الى جيرد. فقد شاغبت الفتاتان كثيرا في الطائرة وعبثتا بأزرار مقعديهما. كما لم يعجبها ان تبقيا في مقاعدهم عندما انتهوا ن تناول وجبة الطعام فأخذت كاسندرا تسير بهما في ممشى الطائرة حتى تعبتا.
منتديات ليلاس
كما بذل جيرد جهده في تسليتهما عندما استيقظتا، لكنهما مالبثتا ان اظهرتا ارتياحا عندما اعلن المذيع اخيرا وصولهم الى سان فرانسيسكو. وبدت له الرحلة اطول من رحلته من بانكوك.
ابتسمت كاسندرا وهيتربط حزام بريتاني، بينما كان جيرد يحاول ذلك بارتباك مع اشلي. وسألته:
-هل انت مسرور لانتهاء الرحلة؟
-مسرور؟ انا منهك للغاية!
-من الصعب البقاء في مكان واحد لوقت طويل.
قالت كاسندرا هذا وهي ترت على يد بريتاني باسمة . وجدت انهما احسنتا التصرف خلال الرحلة. وشعرت بالرباط بينها وبينهما يقوى.
واذا بها تجفل وتأخذ في النظر من النافذة . لن تدع نفسها ترتبط بابنتي جيرد . وتذكرت كيف كانت تغادر كل مرة دار الرعاية في طفولتها، وتضطر الى مفارقة الاود اعتادت عليهم واحبتهم ، وكيف كان قلبها يتألم للفراق، حتى عندما تركت الدار بمشيئتها لتلتحق بالكلية، افتقدت براندون وشيري وتالي الصغيرة. ولطالما تساءلت ماذا حل بهن . وهل هن سعيدات؟ هل ذهبن للدراسة في الكلية؟ وهل وجدن وظائف جيدة؟ وشعورا بالانتماء؟
ابتعلت ريقها بصعوبة ونبذت تلك الافكار، لقد عرفت بريتاني واشلي ولكن ليوم واحد. لذا ، لايمكن ان تكون قد اعتادت عليهما، فضلا عن ذلك، يمكنها ان تسأل جيرد عنهما من وقت لاخر.
قال لها جيرد، وهما يجمعان الحقائب ليغادرا الطائرة:" اقدر لك عونك هذا لنا ، ياكاسندرا. فهذا الامرصعب للغاية حتى بالنسبة الي شخص خبير! ولا اظنني كنت سأتمكن من التصرف معهما وحدي، وابقيهما سعيدتين بهذا الشكل!"
-من المؤكد انك بحاجة الى امرأة . لكنهما طفلتان طيبتان ولن تزعجاك!
شعرت كاسندرا بالكآبة للتفكير بعدم قدرتها على رؤية الطفلتين مجددا.
اصبح لدى جيرد اسرة الان ينتمي اليها وتنتمي اليه، وهذا ما لطالما كانت محرومة منه ، لذا ستسعى لان تنشئ لنفسها اسرة.
-من السهل عليك ان تقولي هذا. ستصلين الى بيتك بعد فترة بسيطة اما انا ، فلن اعرف كيف اتصرف حتى الصبح.
ورفع اشلي بين ذراعيه ، وعلق كيس الحفاظات في كتفه وكأنه امضى سنوات يفعل ذلك. وسار في ممر الطائرة الخالي تقريبا ، ثم انتظر ان تلحق به كاسندرا وبريتاني.
منحته كاسي ابتسامة مشرقة حين راته يحمل طفلته الصغيرة، ويضمها الى جثته الكبيرة وبسرعة ، سارت عبر الممر ، رافضة التفكير بأي شيء غير العلاقة المهنية التي تجمعهما. حين سيصل جيرد الى بيته، ستكون مهمتها قد انتهت.
واذا بها ترى رجلا يحمل لوحة عليها اسم جيرد، فقالت وهم يقتربون من السائق ذي البذلة الرسمية:" هل هي سيارة ليموزين اخرى؟"
-انها تكلف اقل من ترك السيارة في الموقف هنا ، وهي مناسبة جدا واكثر رفاهية ايضا ، كما اخذت كاسندرا تفكر بعد ذلك بدقائق عندما انطلقت بهم السيارة نحو سان فرانسيسكو. كانت الطفلتان محزومتين بأمان في مقعديهما، اما كاسندرا فغاصت في مقعدها اللين في الخلف.
قالت كاسندرا:" بدأت اعتاد على هذه السيارة المترفة"
-كما انها توفر علينا الكثير من الازعاج في البحث عن موقف عند البيت.
-اين تسكن؟
لم تسأله هذا من قبل، فقد كان رئيسها، ومامن سبب يجعلها تطرح عليه هذا السؤال.
-في "باسيفيك هايتز" في شقة قديمة وجميلة، ذات سقف عال وارض خشبية صلبة. علي ان اغطيها بالسجاد منعا للضيجيج بعد مجئ الطفلتين لان ركضهما في الانحاء سيبدو كاصوات هرولة قطيع من الماشية.
-هل من مكان في الشقة للمربية؟
-كلا . لذا سوف اضطر لتحويل مكتبي الى غرفة للمربية، واضع الكمبيوتر والملفات في غرفة نومي.
وراحت كاسندرا تتساءل ان كان جيرد سعيدا حقا في اكتشافه ان لديه ابنتين توأمين؟ وهل سيكون ابا محبا؟ ام انه سيسلم رعايتهما الى شخص اخر؟ وهل سيتزوج على الفور فقط ليحضر اما لفتاتيه؟
تملك كاسندرا ، لوهلة، دافع قوي لتلح عليه بأن يولي طفلتيه رعاية خاصة، وان يتأكد من ان تشعر بأنهما محبوبتان... ولكن هذا ليس من شأنها!
اخذ جيرد ينظر الى التعابير التي تتعاقب على وجهها. بماذا كانت تفكر؟ لك يكن يعرفها جيدا. ولكن اليومين الماضيين جعلاه يعرفها بشكل اوضح. انها رقيقة محبة لطفلتين غريبتين، ومع انها كانت فظة معه في البداية ، الا انها لم تظهر للفتاتين اي ذرة غضب، وعندما حل وقت العشاء الليلة الماضية، بدت وكأنها استسلمت لهذه المهمة ، فكانت بشوشة باسمة.
وتمنى لو ترفع عن عينيها تلك النظارات مرة اخرى، وتسدل شعرها على كتفيها . نظر بعيدا وهو يأخذ نفسا بطيئا.
غدا سيعودان الى العمل، ربما عند ذاك ، سيراها مجرد محللة تسويق . وتملكته فكرة اغضبته، ماذا لو انه لم يستطع ذلك؟
عندما وصلت بهم السيارة الى شقته ، كان جيرد قد اصبح متوتر الاعصاب تماما. هل يمكنه رعاية هاتين الطفلتين وحده؟ اتصل بهيلين فأخبرته بأنها لم تجد بعد حاضنة لهما تنام في المنزل، رغم انها احضرت اثاثا لاقامة الطفلتين. ويبدو انه ستمضي عده ايام قبل ان تعثر هيلين على واحدة.
دخلت كاسندرا مه بريتاني الى الشقة الفسيحة التي كانت في الطابق الارضي، فتأكدت من ان ما من جيران تحتهم يشتكون من اصوات ركض الطفلتين. كانت الشقة تتألق تحت اشعة شمس العصر. وكنت النوافذ واسعة عالية تكاد تلامس السقف، والستائر خفيفة تسمح للهواء بالدخول.
اخذت تنظر الى اثاث غرفة الجلوس الفسيحة ، فبدا لها مريحا. لم يكن يشبه اثاث شقة مارلين الجميل المتكلف في نيويورك. هذا الاثاث يناسب جيرد ، ويلائم الطفلتين كثيرا.
وبدت الاريكة العريضة الوثيرة مغرية ، والمقاعد المريحة التي تحيط بها قديمة وكأن كثيرين استمتعوا بالجلوس عليها. وكذلك كانت هناك كتب كثيرة في المكتبة
انزلت كاسندرا بريتاني على الارض ببطء ، وكانت الطفلة تضع ابهامها في فمها. فاستندت الى ساقي كاسندرا وكانها تخاف الانفصال عنها
-غرفتكما هناك.
قال جيرد هذا لاشلي وهو يضعها على الارض، فركضت هذه بينما بقيت بريتاني تنظر اليها ، فقالت لها كاسندرا وهي تمد لها يدها:" تعالي ياحلوة. سنذهب لترى غرفتكما الجديدة".
وامسكت بيد الطفلة، وقد تملكها الفضول لرؤية المزيد من اقسام البيت.
-اظن ان هيلين قامت بعمل جيد في يوم واحد.
-كانت هذه غرفة مارلين
اجفلت كاسندرا لسماعها ذلك، فقد كانت تعلم ان زواجهما كان زواج مصلحة، لكنها لم تكن تعلم انهما لم يناما في الغرفة نفسها . يبدو ان ذلك حدث بينهما مرة، والا لما ولد لتوأمان ، ولكن هذا ليس من شأنها!
-هذا جيد. يمكنك ان تخبرهما بذلك عندما تكبران.
-هذا اذا بقينا هنا ، فقد فكرت بشراء بيت اكبر . هناك حديقة عامة في اخر الشارع ولكن لايوجد فناء خلفي لتلعبا فيه.
-البيت الذي انشأت فيه كان يحتوي على فناء واسع ، ماجعلنا نستمتع للغاية باللعب فيه . وكنا احيانا نخيم خارجا.
وابتسممت لهذه ذكريات حسنة . والتفكير في اشلي وبريتاني احيا تلك الذكريات في نفسها.
قالت وهي تستدير:" حسنا، من الافضل ان اذهب الان!"
-بهذه السرعة؟
فجاهدت لتكتم ضحكة وهي ترى الرعب على وجهه وقالت:" اعتقد ان مهمتي انتهت."
-ابقي حتى العشاء على الاقل. سنطلب بيتزا، ثم ارسلك الى بيتك في سيارة.
-لابأس ، ولكن لاجل البيتزا فقط. غدا يوم عمل اخر، هل نسيت؟
-انه يوم الخميس ، اذا شئت ان تأخذي بقية الاسبوع اجازة ، فلن يمانع الرئيس ، اشكرك جدا على مساعدتك لنا.
-حسنا ، لاشكر على واجب ، اتحرك شوقا للعودة الى العمل من جديد
-حفا؟
قال جيرد هذا بصوت بارد، ورفعت هي بصرها اليه وقد دهشت لهذا التغير . لم يقل شيئا اكثر من ذلك ، وسرعان مانسيت الامر كله عندما اخذ تخرج ملابس الطفلتين من الحقائب
عندما وصلت البيتزا، كانت الطفلتان قد اكتشفتا كل شبر في البيت.
وبعد العشاء اصبحت الطفلتان جاهزتين للحمام والنوم. بالرغم من نيتها في مغادرة البيت بعد العشاء مباشرة، بقيت لكي تساعد جيرد . كان وقت الاستحمام مصدرا للبهجة عامرا بالضحك واللعب بالماء، واخيرا، استقرت التوأمان في سريرهما
وعندما توقفت كاسندرا عند الباب مودعه، وهي تحمل حقيبتها قال لها جيرد:" اشكرك مرة اخرى ، ياكسندرا"
كان التاكسي قد وصل وعليها ان تسرع ، لكنه لم يكن يودها ان ترحل. قالت كاسندرا وهي تودعه:" على العموم، انا مسرورة لمساعدتك! كما انك لم تتركهما معي سوى لمرة واحدة!"
قالت ذلك مازحة فابتسم. لقد استمتعت حقا بالبقاء مع طفلتيه وكانت معهما طيبة جدا
-اراك غدا
-اتصلي بي حين تصلين الى منزلك!
-لماذا؟
فهز كتفيه:"لاتأكد من انك وصلت بسلام. سأظل قلقا الى ان اتاكد من وصولك الى البيت!"
حدقت كاسندرا به. لقد مضت سنوات منذ كان هناك من يهتم بها . وامتلأ قلبها دفئا. فإبتسمت بخجل وقالت:" حسنا، سأتصل بك حالما اصل الى البيت. شكرا على العشاء!"
-إذا حصلت على حاضنة، سيكون موعدنا مساء الجمعة. اليس كذلك؟
-وهو كذلك ، تصبح على خير!
امسك بها جيرد وعانقها بسرعة. وقبل ان تنبس بنبيت شفة، قال:" تصبحين على خير."
هل هذا كل ما اعدته لمواجهة اي عناق اخر منه؟ راحت كاسندرا تفكر بذلك ساخرة، وهي تنزل الدرجات ببطء. كان عناقه محيرا، اما ردة فعلها فهي محيرة اكثر. لكن ذلك لم يكن يعني شيئا. كانت تعلم انه شكرها لمساعدتها له ، وهذا كل شيء ، مجرد عناق شكر!
حاولت ان تفكر بشكل عقلاني ، لكن جزاء منها الح على ان تطلق العنان لمخيتها... قريبا سيصبح جيرد مجنونا بحبها، ويراها فاتنة لا تقاوم، ثم يطلب منها ان تتزوجه وتشاركه حياته. سيكون مجنونا بها، فيقوم بأي شيء لكي يسعدها. وربما يجعلها شريكته في الشركة. مثل مارلين بالضبط...
وفجأة ، انتهت احلام اليقظة هذه. مالذي تفكر فيه؟ اذا هو تزوجها كما تزوج مارلين، سيكون ذلك زواج مصلحة. وهي لاتريد ان تتزوج الا بعد سنوات ، بعد ان تكون قد نجحت في مهنتها.
تكهنت بأن جيرد يفكر بالزواج قريبا، فهو سيحتاج الى عون في تربية طفلتيه . حتى ولو كانت لديهما مربية داخلية، فالمربية لاتكفي لتأسيس اسرة، ولكن كيف لأي امرأة ان تتأكد من ان الزواج منه لن يكون للحصول على ام لابنتيه؟ ان كان كذلك، فستكره ان يتزوجها لمجرد المصلحة.
فقد خططت مسبقا لحياتها ولاتنضمن خططها رعاية الاولاد في المستقبل القريب، بل ستسعى قبل كل شيء الى التقدم والنجاح في عملها، فهي تعشق التحليل واسداء التوصيات وحاليا سوف ترعى مشاريعها وكأنها اطفالها، الى ان تكتمل هذه المشاريع.
عندما وصلت الى بيتها ، طلبت الرقم الذي اعطاها اياه جيرد. وعندما اجاب، قالت:" لقد وصلت بأمان".
-حسنا.
-هل التوأمان نائمتان؟
-نعم ، لم اسمع لهما صوتا. اذا وجدت هيلين احدا يجلس معهما سأكون في المكتب غدا. واذا لم تستطع المجئ، فأرجو ان تتصلي بي لطرح اي سؤال يتعلق بمشروعك!
-سأفعل، تصبح على خير!
كانت المكالمة عملية مهنية كما ارداتها كاسندرا.
***
في اليوم التالي ، كانت كاسندرا منكبة على مشروعها ، وتراقب مكتب جيرد ، في الوقت عينه. ادركت ، بعد طول انتظار انه لن يحضر. ارادت ان تعلم ماذا فعلت هيلين بالنسبة الى المربية، لكنها خافت ان يبدو سؤالها متطفلا. نهضت مرتين لتسألها، ثم عادت الى الجلوس. لو ارادها جيرد ان تعلم بذلك ، لطلب من هيلين ان تخبرها. قبل ظهر يوم الجمعة، لم تعد كاسندرا تستطيع الصبر، فسارت نحو مكتب هيلين التي بادرتها بالتحية:" صباح الخير!"
-صباح الخير ، هل جاء جيرد هذا الصبح.؟
-لا، اظنه سيعود يوم الاثنين. اتريدين شيئا؟
-اتساءل فقط عما فعله بالنسبة الى التوأمين
فضحكت هيلين وقالت:" اظن انهما انهكتاه. لكنه يبدو راضيا جدا. لقد وجدت امرأة يمكنها ان تنتقل الى بيته اثناء العطلة الاسبوعية لتبدا رعاية الطفلتين، يوم الاثنين، وبعد ذلك اظن ان الوضع سينتظم"
-آه ، يالهي!
لم يبق لدى كاسندرا ما تقوله، فابتسمت واذ همت بالسير ، رن جرس الهاتف.
0نعم انها هنا ! انه جيرد.
ناولتها هيلين الهاتف.
-الو؟
-الو، كاسندرا؟ اسمعي ، انا اسف بالنسبة الى موعدنا الليلة، قفد وجدت هيلين امرأة لرعاية الطفلتين تنام في البيت، لكنها لن تكون هنا قبل يوم الاحد، وليس لدي من يرعاهما . هل يمكننا ان نرجئ موعدنا الى الاسبوع القادم؟
موعد؟ كانت تظنه مجرد عشاء شكر. ابتلعت ريقها بصعوبة ، ثم اومات براسها ، وشعرت انها حمقاء، فهو لن يستطيع ان يراها تومئ برأسها.قالت:" بكل تأكيد ، هذا عظيم! اتريدني ان ازورك الليلة لاساعدك؟"
من اين جاءها هذا؟ لقد سبق ان اقسمت بالاتعود الى رعاية الاطفال الاخرين. ومع ذلك، كانت مشتاقة الى اشلي وبريتاني، ففكرت ان لا ضرر من القيام بزيارة سريعة لهما.
-لا ، اننا نتدبر امرنا . في الحقيقة ، الفوضى تعن المنزل. والافضل الا اشوة صورتي، ولكن شكرا لعرضك هذا، وآسف بالنسبة الى خروجنا الليلة ، فقد كنت متشوقا لذلك!
-وانا ايضا.
ولم تدرك مقدار ذلك ، الا بعد ان ارجأ هو الموعد.
-هلا اعطيتني هيلين من فضلك!
اعادت كاسندرا السماعة الى هيلين، ثم عادت الى مكتبها. يمكنها ان تعمل اليوم مشاريعها قدر ماتريد ، فهي لست بحاجة الى الخروج باكرا لتستعد لموعد العشاء. ولسبب ما ، تلاشت بهجتها هذا النهار، ولم تعد تشعر بالحماس للعمل.
عندما فتحت كاسندرا باب شقتها الخالية، كانت الساعة قد تجاوزت الثامنة. عادت الى الشقة بعد ان توقفت عند مطعم صيني تناولت فيه العشاء ، ثم طافت في انحاء الحي الصيني والقت نظرة على واجهات المحلات ، وقد تملكها الفراغ.
وصلت الى المنزل وغيرت ملابسها . وعندما رن جرس الهاتف تساءلت من عساه يتصل بها في مثل هذا الوقت المتاخر.
-الو؟
-كاسندرا ، انا بحاجة اليك.
جاءها صوت جيرد هادئا مألوفا للغاية.
-لماذ؟
وخفق قلبها واستندت الى الجدار باسمة. ما اجمل ان تسمع صوته
-بريتاني مريضة، ولا اردي ما افعل بها.
-مابها؟
ووقفت وقد تملكها القلق على الفور.
-لقد تقيأت مرتين، شكت من وجع في بطنها ولم تكف عن البكاء لقد حاولت كل شيء معها ولكن يبدو انني لم انجح . هل لديك اقتراح ما؟
-سأكون عندك خلال عشر دقائق1!
-لا، لست مضطرة للمجئ. اخبريني فقط ما افعله!
-سأكون عندك خلال عشر دقائق.
ووضعت السماعة قبل ان يعود الى الاحتجاج ، ثم اتصلت بسرعة تستدعي تاكسي. وضعت عليها سترتها ثم اسرعت خارجة وقد نفذ صبرها. مالذي يمكن ان يكون قد اصاب الطفلة؟ اتراها التقطت عدوى من المسافرين في الطائرة؟ كان عليها ان تسأل ان كانت حرارتها مرتفعة هل لدى جيرد ميزان حرارة؟ كانت تعلم ان ليس لديه خبرة في الاطفال. بعد ذلك بربع ساعة، كانت تطرق باب جيرد وقد نفذ صبرها. فتح لها جيرد الباب، وبريتاني الباكية بين ذراعيه. بينما اشلي تحوم حولهما وقد بدا عليها الكدر.
-ياطفلتي . هل انت مريضة؟
ومدت يديها الى الطفلة التي رمت بنفسها عليها. ضمتها الى صدرها واراحت خدها على جبين الطفلة.
-حرارتها طبيعية
-انا ميرور لرؤيتك! لكنني لم اشأ ان اقطع عليك سهرتك.
فقالت بازدار :" مامن مشكلة ، فقد ارجئ موعدي الليلة. هيا يا حبيبتي، اخبري كاسي عما يؤلمك!"
ازداد بريتاني التصاقا بها. ثم اخذت تبكي بصوت منخفض، فبللت خد كاسندرا بدموعها ، وقالت:" بطني تؤلمني"
اخذت كاسندرا تدعك ظهرها ، ثم منحت اشلي ابتسامة مشرقة:" مرحبا حبيبتي، كيف حالك؟"
-جيدة "بتني"حزينة
ودخلت المطبخ فرأت الفوضى تعم المكان . كانت الاطباق والكؤوس تملا الحوض ، والطناجر تغطي الفرن، نظرت الى جيرد ، فقال وهو ينظر الى كل شيء وكأنما يراه للمرة الاولى:" هذا سيء جدا، اليس كذلك؟ من الصعب القيام بأعمال التنظيف وبين قدمي طفلتان طوال النهار"
-وحين تأخذان القيلولو؟
-انه الوقت الوحيد الذي اقوم فيه بعملي المكتي .لدي اعمال علي ان اديرها . هل نسيت؟
فقالت تغيظه " اعذار... اعذار"
واخذت تفتح خزانة بعد اخرى، فسألها :"عم تبحثين؟"
-عن حساء الدجاج والمعكرونة ، لديك علبة منها اليس كذلك؟
-لا ادري ! انا اضع المعلبات هناك.
وفتح خزانة واخذ يقرأ اسماء المعلبات. واذا به يرفع واحدة بدهشة:"لدي واحدة!"
-اذا سخنها، لترى ما اذا كان هذا سيجعل الطفلة تتحسن!
لامس جيرد خدي الطفلة بأصابعه ، ثم ازاح شعرها عن وجهها المتوهج، وقال:" ستصبح على مايرام"
-اظن هذا . ماذا اكلت اليوم؟
افرغ جيرد الحساء في قدر، واتبع الارشادات المذكورة على العلبة، ثم اشعل الغاز.
-الطعام نفسه الذي تأكله منذ يومين ، ماعدا غزل البنات
-غزل البنات؟
-ذهبنا الى مدينة الملاهي اليوم وركبنا الدوامة ، واشتريت لهما غزل البنات
نظرت كاسندا الى اشلي:
-هل بطنك تؤلمك ياحبيبتي؟
فهزت هذه رأسها نفيا ، فسألها جيرد:" اتظنين الحلوى هي السبب؟ اشلي لم تحبها ، وقالت ان فيها سكرا كثيرا"
-حلوة اكثر مما ينبغي للاطفال. السكر الكثير يسبب لهم الحساسية والما في المعدة.
فرك جيرد عينيه وقال:" لا اعرف ، كيف اكون ابا".
-لاتكن سخيفا، فانت تقوم بعمل عظيم. كان جميلا ان تمضي معهما النهار في مدينة الملاهي. ولابد انهما احبتا الدوامة ولكن ، في هذه السن، لاينبغي ان تطعمهما الا الطعام الذي تعودتا على تناوله. لقد قلقت تلك الليلة عليهما عندما اكلتا بيتزا. لكنهما لم تاكلا كثيرا منها ، لذا لم يؤثر ذلك سلبا عليهما.
-اتذكر انني ذهبت الى المعرض مرة واكلت من تلك الحلوى وكانت جيدة جدا!
-ربما كنت اكبر سنا
قالت هذا وهي تهز بريتاني برفق، فتوقفت هذه عن البكاء.
-اظنني كنت في التاسعة من عمري.
ثم ابتسم. كانت ابتسامة جيرد ساحرة. واذا تملكتها احاسيس غريبة وهي تحدق به . حولت نظراتها عنه بسرعة، خوفا من ان تفقد السيطرة على نفسها، وبريتاني بين ذراعيها.
-بما انك لم تقم باي محاولة لتنظيف المكان وترتيبه، قد تلقي المربية الجديدة نظرة واحدة وتهرب ناجية بحياتها؟
قالت ذلك محاولة السيطرة على مشاعرها ، فاجاب:" لقد فكرت في ذلك واتصلت بخدمات التنظيف ، فانا لا اريدها ان تهرب بعد الجهد الذي بذلته هيلين للعثور عليها. من كان يظن ان العثور على مربية لتوأمين صعب بهذا الشكل؟"
-ارجو ان تنجح الامور! الم يسخن الحساء بعد؟
بعد ان اخذت بريتاني عدة تشده من كمه:" اريد ماما!"
فأجفل جيرد وراح يحدق بابنته. وعندما طال الصمت ، قالت كاسندرا لها برقة:" امك ماتت، لقد ذهبت بعيدا ، بعيد، لتعيش في الجنة".
فقاطعها جيرد بحدة وقد بدا عليه الغضب وقال:" ماكان عليك ان تخبريهما بذلك! لفد سبق ان طرحتا علي هذا السؤال ، وقلت لهما انها رحلت بعيدا".
-انهما طفلتان وستلحان عليك بالاسئلة عن امهما، واذا قلت انها رحلت، فهذا يعني انها ستعود، فإذا لم تعد ، ستشكان بصدقك. انهما بحاجة الى معرفة الحقيقة، مهما كانت صعبة. الحقيقة هي ان امها ماتت ولن تعود ابدا. ولكن لديهما ابوهما وهو سيرعاهما ويحبهما مثلها. انهما بحاجة الى الاطمئنان ياجيرد ، امنحهما هذا ولاتكذب عليهما.
-يبدو لي هذا غاية في القساوة.
-نعم ، ولكن هذه هي الحياة! اعلم ان خسارتهما لامهما ، وهما في هذه السن، هو شيء فظيع. لكنهما محظوظتان لان لهما ابا يحبهما ويحنو عليهما.
فقال وهو يلامس راي اشلي:" وهكذا لن تذهبا الى دار للرعاية او تعيشان مع جد مشاكس حاد الطبع".
-لمت حدث ذلك؟
سألته كاسندرا هذا بينما اخذ بريتاني تكافح لتنزل على الارض، فأوقفتها على قدميها واخذت تنظر اليها والى اختها وهما تركضان الى غرفتهما بصخب.
فأجابها جيرد :" حدث لي، فقد مات والداي وانا في العاشرة، فذهب لاعيش مع جدي. ولم يكن مسرورا بتربيتي، فقد بقى ارملا لسنوات، وكانت حياته تسير حسب رغبته. وكان يرغب بتمضية بقية حياته بهدوء. لكنه كان كل مالدي في الحياة، وهكذا لم يكن لديه خيار في الامر!"
-انا واثقة من انه كان يحبك.
فهز كتفه:" ربما ، لكن الحياة معه لم تكن الحياة العائلية الطبيعية التي يستمتع بها الاولاد. اريد ان يكون لابنتي ام واب"
نظرت كاسندرا بعيدا، ولم يكن للانقباض المؤلم الذي شعرت به في قلبها علاقة بأي خيبة امل او حنين.
وقالت وهي تغسل طبق الحساء:|
-اذن كلان يتيم!
-نعم هذا مالا اريده لابنتي.
واتكا على الجدار وهو ينظر اليها تغسل الاواني.
-الافضل ان تهتم بنفسك اذن . يجب ان تعيش الى ان تصبح عجوزا، هل مازال جدك حيا؟
-بكل تأكيد، وهو قوي بالرغم من انه في الثالثة والثمانين.
-ماذا قال عن الطفلتين؟
-لم يعرف بأمرهما بعد. افكر في اخذهما اليه اثناء عطلة الاسبوع القادمة. اتصور ان الامر سيكون مفاجأة كبرى له ، كما حدث معي. انه يعيش في "سونورا" . اتحبين المجئ معنا؟
ارادت كاسندرا ان تقول نعم ، اتهز رأسها ايجابا. ستحب جدا ان تمضي عطلة الاسبوع القادمة معه ومع ابنتيه، لكن الحذر تملكها فقالت:" لا اظن ذلك، ولكن شكرا لدعوتك هذه."
-حسنا ، لايمكنني ان الومك، فمن الطبيعي الاترغب بلعب دور "حاضنة" الاطفال في يوم عطلتك.
-ليس لهذا السبب ، فأنا احب جدا ان مضي النهار معك ومع الطفلتين. لكنها ستكون رحلة عائلية وسأبدو دخيلة!
-لا،لا يجب ان تفكري بهذه الطريقة! لاسنسى ان الطفلتين تحبانك! هل سبق لك ان قصدت سونورا؟
فهزت رأسها
-ستعشقينها. انها من مدن مناجم الذهب القديمة، وكولومبيا لاتبعد عنها سوى دقائق. وقد اعيد ترميمها. يمكننا ان نطوف فيها ونتعرف الى معالمها التاريخية ولاشك ان الطفلتين ستران بذلك!
فضحكت كاسندرا :" صحيح وسأتعلم ،مثلها، كثيرا عن تاريخ كاليفورنيا".
-لا احد يعلم ما يمكن ان تتعلماه، سنتاول الغذاء هناك مع جدي، وسأطلب منه ان يرعاهما في المساء، وبذلك يمكننا الذهاب الى ذلك العشاء معا، نحن الاثنين فقط!
-هل هذا يعني اننا سنقضي العطلة الاسبوعية هناك؟
قالت هذا ببطء، وهي تشعر بالاغراء امام الصورة التي رسمها لها جيرد. كانت تعشق التعرف الى المعالم الاثرية ، ولكن ما اعجبها اكثر هو ... قضاء وقت مع جيرد.
تناهت الى مسمعها فجأة اصوات ضحكات طفولية، لكن كاسندرا بقيت مسمرة، تنظر الى جيرد . شعرت بانجذاب عنيف نحوه، وبانها قد تفقد السيطرة على نفسها في اي وقت .
-هل من مشكلة؟ هل خططت لشيء اخر؟
كان صوته منخفضا عميقا، جذبها كما جذبتها النظرة في عينيه.
ابتلعت ريقها وحاولت ان تجد سببا للاعتذار ، ولكنها لم تفلح. مامن ضرر في قضاء يومين مع اسرة هنتر. ثم انها ستتمكن من رؤية جزء من ولاية لم تزرها من قبل. من الافضل ان يزيد المرء دوما معلوماته التاريخية.
-لا، لا اظن ان هناك مشكلة، متى سننطلق؟
هاد يبتسم. ربما عليها ان تنبهه الايفعل ذلك، اذا كانت تريد المحافظة على رباطة جأشها وعلى توازنها.
-سنرحل باكرا، ستستغرق الرحلة حوالي اربع ساعات.
-اضف نصف ساعة اخرى على الاقل حسابا لاي توقف
-توقف؟
-يبدو انك لم تسافر قط مع اطفال. عليك ان تتوقف عدة مرات ، اثناء رحلة طويلة كهذه.
-انت خبيرة في ذلك ، سننطلق اذن عند السابعة زالنصف.
فنظرت حولها في المطبخ:" اتريد مساعدة قبل ان اذهب؟"
فدنا منها قائلا:" لا، سبق واخبرتك ان المنظفين سيأتون صباحا.ويقومون بكل شيء، هل ستذهبين؟ ابقي حتى تنام الطفلتان . ليس لدينا عشاء، ولكن ربما نمضي بعض الوقت معا، الا اذا كان لديك خطط اخرى..."
-لا ، ليس لدي خطط اخرى، ثم ان الساعة تجاوزت التاسعة ويجب ان تكونا في فراشهما.
فكرت كاسندرا في النار التي كانت تتأجج في داخلها ، وتنبهت إلى خطورة الوضع ، لكنها لم ترغب بالذهاب .أحبت البقاء بقرب جيرد ، فبإمكانه ان يعلمها الكثير من العمل . ربما يمكنهما ان يتبادلا الخبرات ، فتدربه هي على الأمور التي تخص الأطفال ويدربها على أوضاع العمل .
كانت الفترة التي سبقت نوم الفتاتين ، فترة مرحة ، فقد جلسوا جميعاً للاستماع إلى حكاية قبل النوم . وكانت كاسندرا قد قرأت هذه الحكاية مرات كثيرة ، بحيث تستطيع تلاوتها عن ظهر قلب .
استمتعت أشلي وبريتاني بسردها للحكاية ، واشتبهت في أن يكون جيرد قد استمتع بذلك أيضاً.
وعندما وضعت بريتاني في سريرها ، سألتها : " هل تشعرين بتحسن ، ياطفلتي ؟"
-أين ماما ؟
-ماما في الجنة ، وهي مشتاقة إليكما بقدر ما أنتما مشتاقتان إليها. لكن بابا هنا ، وسيبقى معكما ويحبكما دائماً.
وقبّلت الطفلة على خدها ، وشمت رائحتها الذكية وتساءلت لماذا رائحة الأطفال حلوة دوماً.
ذهبت لتقبيل أشلي عندما كان جيرد يمنح بريتاني قبلة قبل النوم ، ثم تسللت معه إلى غرفة الجلوس.
-يفترض أن تناما خلال خمس دقائق ، حسب المعتاد.
تمطى جيرد ، وأخذ ينظر إلى كاسندرا ، ثم قال :" شكراً يا اكاسي ، لبقائك معنا ."
رفعت حاجبيها لمناداتها كذلك ، فسألها :" هل لديك مانع؟"
-بتسميتي (كاسي)؟
-كما تسميك الطفلتان . إنهما تتحدثان عنك طوال الوقت . وأنا الآن أصبحت أفكر فيك بصفتك (كاسي) ، أكثر من كاسندرا.
-حسناً!
حولت نظراتها إلى النافذة الواسعة ، وقد تملكها الاضطراب . بدا لها الشارع جميلآ بالأضواء التي كانت تشع من النوافذ .
-إذا فتحت النافذة ونظرت إلى يمينك ، يمكنك ان ترى الخليج .
قال هذا وهو يتقدم ويقف خلفها مباشرة . وعندما مد يده يفتح النافذة حصرها بين جسمه القوي وعتبة النافذة . قاومت كاسندرا المشاعر التي اعترتها وأخذت تنظر إلى أصابعه الطويلة وهي تفتح النافذة ، ثم أطلت برأسها إلى الخارج فرأت اضواء جسر الخليج المتألقة ، وانعكاساتها التي كانت تتراقص على المياه السوداء .
-إذن هذه شقة تطل على الخليج !
-هذا ما قالوه عندما استأجرنا البيت . هل لديك هذا المنظر في شقتك ؟
كان يبعد عنها عدة سنتمترات . وشعرت بحرارته تحيط بها كما كانت تحيط بها ذراعاه ، وعندما أحنى رأسه ببطء ، جمدت متسمرة في مكانها ، ثم أغمضت عينيها لتستمتع ببهجة عناقه .
أتراها انتظرت طوال حياتها عناقاً كهذا ؟ كان يضمها إليه بشدة ، فاستسلمت إلى الاحساس الغامر بالبهجة الذي أثاره فيها . فأحاطت كتفيه بذراعيها وراحت تلامس بأناملها شعره الكثيف .
أصبح تنفسها صعباً ، لكنها لم تهتم . تسارعت نبضات قلبها بقوة ، لكنها لم تشأ أن تتحرك . كانت تشعر وكأنها الجنة على الأرض.
-بابا ...
تناهى إلى مسمعهما فجأة صوت طفلة تنادي ، فقطع عليهما تلك اللحظات الحميمة . استدار جيرد وأسرع إلى غرفة الطفلتين ، بينما أخذت كاسندرا نفساً عميقاً واتكأت على عتبة النافذة . وعندما استعادت رباطة جأشها اخيراً ، أغلقت النافذة وأحكمت وضع نظاراتها على عينيها ، ثم تساءلت عما إذا كان بإمكانها الخروج .
من الحماقة البقاء ، لأن جيرد سيطلب منها اكثر مما بإمكانها أن تعطيه . فقد صرح تقريباً بأنه يريد أماً لابنتيه . أتراه يتظاهر بشيء آخر لكي يغريها على قبول عرضه .
إنه يعلم بأنها مصممة على بناء مستقبل مهني ، وحيث انها أوضحت ذلك بنفسها ، فهو سيفهم . وتكهنت بأنه قريباً ، سيقوم بعمل حاسم للعثور على زوجة . ولكن ، حتى تلك الأثناء ، بإمكانهما أن يمضيا بعض الوقت معاً.
-انا آسف . لقد طلبت أشلي أن تشرب .
قال جيرد هذا وهو يعود إلى غرفة الجلوس . لكنه بقي واقفاً عند الباب . فقالت :" حسب التقليد المعتاد ، ستنهض في وقت ما ، أثناء الليل ، وتطلب الذهاب إلى الحمام ."
فأومأ باسماً وقال :" كما حدث الليلة الماضية ، ولكن لا مانع لدي ."
أخذت كاسندرا نفساً عميقاً ، وابتعدت عن النافذة لتجلس على الأريكة ، رافضة أن تظهر خيبة أملها . لا سبب لديه يدفعه إلى معانقتها مجدداً . رغم أنها عرفت أنه كان يفكر في ذلك ، من الطريقة التي راح ينظر فيها إليها !
* * *


- نهاية الفصل الرابع -

ماري-أنطوانيت 30-10-08 02:06 AM

هذا الفصل كتبته العزيزه ((shining tears))
=========================


5-لا وقت للأحلام

جلس جيرد على الأريكة بجانبها ، تاركاً بينهما مسافة . ثم مدّ ساقيه الطويلتين أمامه ، وأراح رأسه على الوسائد خلفه .
-أنا متعب . إن الاعتناء بهاتين الطفلتين أمر مرهق حقاً .
تأثرت كاسندرا لمظهر ضعفه هذا ، بينما كان يبدو في المكتب بالغ الصلابة ، لا يحتمل عدم الكفاءة أو الاهمال في العمل . وأعجبت بطول صبره وجلده فعلى الرغم من الألعاب المتناثرة في كل مكان ، وأطباق الطعام القذرة في المطبخ ، لم يفقد جيرد أعصابه مع الطفلتين ، بل اصطحبهما غلى مدينة الملاهي . وشعرت بالعطف لمحاولات جيرد مواجهة هذه الأبوة المفاجئة .
منتديات ليلاس
فقالت : " لديهما طاقة هائلة . فكر كم هو مثير كل شيء بالنسبة إليهما في هذا العمر ، وما أكثر الأشياء التي تكتشفانها !"
-وما أكثر المخاطر التي قد تعرضان نفسيهما لها ! اعتقدت في مدينة الملاهي اليوم ، انني فقدت بريتاني ، وتملكني خوف فضيع للحظات من أن تكون سقطت في الماء أو أن يكون هناك من اختطفها ، كما أن اخذ طفلتين إلى الحمام ليس أمراص سهلاً.
ضحكت كاسندرا بهدوء :" جيرد ، أنا احب حقاً ابنتيك ولكن هلا أرجأنا الحديث عنهما فترة ؟"
فالتفت ينظر إليها ، وقال :" أنت ضد الأطفال ، كدت أنسى ذلك ."
-نعم،نوعاً ما .
-هذا أمر مؤسف ، فأنت تجيدين التامل معهم.
-قد يكون الانسان كفوءا في امور لايحبها.
فتمتم يقول:"آه، لا تقولي لي انني ابدو ذاك الوالد الشغوف الذي يضجر الناس بحديثه عن اولاده النوابغ!"
-ليس الامر كذلك، ياجيرد، انهما رائعتان وانا احبهما حقا، ولكن...
-ولكن لديك مهنة ولاوقت لديك للاطفال!.
-اظن ذلك.
بدا كلامها بغاية البرود ، وقطبت جبينها، لم تكن تعني انها لاتريد اطفالا، ولكن ليس الان! حدقت به، وودت لو تعرف مالذي يفكر فيه.
-حسنا ، اختر موضوعا.
فقال باسما بمكر:" اختاري انت."
-انا؟ مامن امر هام بشأني . فضلا عن ذلك، لقد سبق ان عرفت كل شيء عني.
-ما اعرفه هو انك ولدت في لوس انجلوس والان تعيشين هنا، ثم ذهبت الى الكلية. ومما اذكره من مقابلة العمل هو انه كان لديك قائمة انجازات تدعو الى الاعجاب.
تملكها الارتياح إزاء مديحه غير المنظر، فقالت:" احب المثلجات والقراءة ومشاهدة التلفزيون . احب الاثواب الجميلة. لكنني بصراحة افضل بنطلونات الجينز المريحة. هل هذا ماتريد ان تعرفه؟
-انها بداية. ما نوع الكتب التي تحبين قراءتها؟ انا شخصيا، احب قراءة الروايات البوليسية.
مر الوقت سريعا وهما ينتقلان من الكتب التي يحبانها الى الافلام التي شاهداها. تحدث جيرد عن الرحلات التي قام بها بحكم العمل، واعترفت هيبشوقها لزيارة البلاد الاجنبية.
عندما نهض جيرد ليتفقد ابنتيه، كادت كاسندرا تذهب معه. وادركت انها تتصرف بحماقة في الابتعاد عن الطفلتين، لكنها كانت تخشى من ان تتملكها مشاعر تحد من طموحها المهني. ذلك ان من السهل على المرأة لتي لم يكن لها اسرة قط ، ان تحن الى اسرة. ان تنسى للحظة اهدافها الحقيقة، وتخضع لحلم هو ان تصبح جزاء من اسرة محبة.
عندما عاد سألته :"هل نامتا؟"
-انهما مستغرقتان في النوم. شكرا لمساعدتك مع بريتاني. لم اكن عرف ماذا افعل.
-عليك ان تتعرف الى طبيب اطفال معين. لو كانت مريضة حقا لكان عليك ان تأخذها الى المستشفى وتجعل اي طبيب يفحصها.
-تترتب على الابوة واجبات اكثر مما كنت اتوقع.
-لكنك كفؤ للغاية في ذلك، لاتقلق!
قالت هذا باسمة، فقال:" احب ان اشعر بأنني اسيطر على الوضع. لكنني شعرت بكل شيء ، هذا المساء، ماعدا ذلك. اظن ان النساء افضل من الرجال في هذه الامور. لو كان لدي زوجة لعرفت ماعليها ان تفعل".
هبط قلب كاسندرا:"المرأة لاتاتي بشكل آلي وفي يدها كتيب ارشادات حول تربية الاطفال. وهناك الكثير من الرجال الذين نجحوا في تربية اطفالهم. كما ان هناك الكثير من نساء الاعمال اللواتي لايعرفن شيئا.
-مثل هيلين. لقد اتصلت بها قبلك ولم يكن لديها اي فكرة سوى ان اتصل بك.
واذ شعرت بشيء من الذلة لكونها الاختيار الثاني، ونظرت الى ساعتها وقالت:" لقد تأخر الوقت، على ان اذهب!"
-سأستدعي لك تاكسي. شكرا لبقائك! كنت متلهفا الى الحديث مع شخص راشد بعد اقتصاري على الحديث مع الطفلتين ليومين كاملين.
اخذت تتأمله وهو يطلب التاكسي. ثم نهضت فجأة واخذت تجول في انحاء الغرفة، محاولة الهروب من تلك الافكار التي ساورتها . اتراه سيعانقها مرة اخرى قبل ان تغادر بيته؟ جعلها مجرد تفكيرها في تلك الامكانية تتلهف شوقا.
-سيكون التاكسي هنا بعد دقائق قليلة. لم ادرك كم الساعة متأخرة، لقد مر الوقت بسرعة
ثم سار نحو النافذة ينتظر حضور التاكسي.
-لقد سرني المجئ الى هنا، وانا سعيدة لان بريتاني بير الان.
-كنت اتمنى لو استطيع مرافقتك الى الاسفل او حتى الذهاب معك الى البيت.
قال هذا هو يتكئ الى الجدار بجانب النافذة حيث يمكنه ان يراها ويراقب الشارع في الوقت نفسه.
-سأكون بخير.
-اتصاي بي عندما تصيلن الى بيتك.
اومأت ازاء هذه الحرارة غير المتوقعة مرة اخرى.
-هاقد جاءت السيارة.
وسار جيرد اليها يضع يديه على كتفيها:" سأراك في المكتب الاسبوع القادم ، ومن ثم سوف نذهب يوم السبت الى "سورونا" وارتدي بنطلون جينز مريح، ولكن احضري ثوبا للعشاء.
-حسنا.
كانت تتنفس بصعوبة، اذ كان كل نفس يملا احاسيسها برئحته الذكية.
حدق في عينيها للحظة طويلة، فحبست كاسندرا انفاسها خوفا من ان يعانقها مجددا رغم انها كانت متلهفة الى ذلك من كل قلبها.
وفي غمرة العواطف التي اعتصرت قلبها، عاملها جيرد بكل برودة قائلا:" الافضل ان تذهبي الان!"
-الى اللقاء.
كادت تركض خارجة من الشقة. اتراه لاحظ مدى رغبتها بمعانقته؟.
لو كان هذا صحيحا، ستموت خجلا. عندما جلست في التاكسي، نظرت الى النوافذ المضأة، فلوح لها بيده.
***
وصلت كاسندرا يوم الاثنين الى العمل، قبل جيرد بعشر دقائق . وعندما وصل، مارا بمكتبها ، راحت تراقبه بنظراتها وهو يخرج من المصعد، مركزا نظراته على اوراق في يده. فهادت الى عملها وقد خاب املها ، فحاولت ان تقنع نفسها بأن هذا ماتريده ، انه مكان عمل ولا وقت للامور الشخصية . ولكن لاضير من ابتسامة سريعة.
عزت نفسها بالتفكير بالعطلة الاسبوعية التي كانت تتطلع اليها بشوق، حيث تمضي يومين مع الطفلتين وابيهما الجذاب. جذاب؟ ونظرت الى الورق امامها فلم ترى سوى صورة جيرد وضحكته وحرارة نظراته...
لم تر جيرد بقية ذلك النهار . واذ كان الفضول يتملكها لمعرفة رأيه في المربية الجديدة ، تمنت لو انه واقف عند مكتبها لكي يخبرها عن تلك المرأة.
ككل ثلاثاء، عقد اجتماع الموظفين مع مدراء المشاريع. واتخذت كاسندرا مقعدها المعتاد على طاولة الاجتماعات بعيدا عن جيرد . التحق هو بالجميع عند الساعة التاسعة، وبدا على الفور بطلب معلومات عن المشاريع التي فاتته. وعندما جاء دور كاسندرا، تحدثت بإيجاز ووضوح . لم تتحول عيناه عن وجهها قط اثناء حديثها، ولكن لم يبد على وجهه اي تعبير يشير الى انهما تقابلا مرات عدة خلال ذلك الشهر، اودعاها لقضاء عطلة الاسبوع معه ومع اسرته بعد اربعة ايام.
كانت تصرفاته نحوها مهذبة عملية ، كما كانت مع موظفيه الاخرين. دام الاجتماع مدة طويلة لكون جيرد تغيب عن مكتبه لاكثر من شهر وعندما انتهى الاجتماع خرجت لتناول غذاء خفيف. كان الهواء باردا في الشارع ومنعشا للغاية . وكانت كاسندراتعشق التجوال في الشوارع عندما يسمح الجو بذلك. ولطالما فتنتها سان فرانسيسكو. واتجهت الى شارع (بونيون سكوير) حيث وجدت مقعدا خشبيا ، فجلست عليه تحت اشعة الشمس.
كانت قد اجتازت وفريقها في العمل ، خطوات واسعة بالنسبة الى مشروع "اتحاد الشركات العالمية" وكانت في المراحل النهائية من مشروعين اخرين، وبدا لها انها قد بدأت تبني اسسا ثابتة في مهنتها ، وقد تفكر في اقامة شركة خاصة بها او تشارك شخصا اخر.
ونقز جيرد الى ذهنها.
وتركت نفسها تحلم بأن تكون شريكته حتى تصبح شركتهما احدى اوائل الشركات على ساحل المحيط الهادئ . كانت تحب الأعمال التحليلية ، ووضع الخطط ، وكم سيزداد عملها اثارة مع ازدياد خبرتها .
لكن افكارها لم تقتصر على مستقبلها العملي ، بل تحولت الى جيرد نفسه ، والى الموسيقى التي يحب ان يسمعها والى حيرته وضعفه إزاء ابنتيه ، ومحاولته توفير الأفضل لهما . وأكثر ما تذكرته هو عناقه الحار .
وقفت كاسندرا فجأة ، واستعدت للعودة الى العمل ، فقد ضيعت وقتاً كافياً في أحلام يقظة حمقاء.
عندما وصلت الى العمل يوم الخميس ، وجدت المكان يموج بالهمهمات . فقد كانوا يتوقعون مجيء زبون رفيع الشأن عند الساعة العاشرة . واذا ما تم التعامل معه ، فسيحقق ذلك للشركة أرباحاً ضخمة ، ويرفع اسم شركة هنتر عالياً ، ورغم أنه لم يكن لكاسندرا حصة في هذا المشروع ، إلا أنها شعرت بالاثارة نفسها التي تملكت الهيئة الإدارية . فتمنت لو ينجح الاحتفال .
وقبل أن تحين الساعة العاشرة بدقائق قليلة ، توجهت هيلين الى مكتب كاسندرا ، والقلق بادٍ على وجهها . وقالت لها :" هلاّ تحدثنا على انفراد ، يا كاسندرا ؟"
-بكل تأكيد !
ونهضت كاسندرا وتبعتها الى مكتب جيرد حيث دخلتا ، وأغلقت هيلين الباب خلفهما .
-لقد طرأت مشكلة . رحلت المربية التي استخدمتها لجيرد هذا الصباح ، دون إنذار مسبق ، وحاولت ان اجد واحدة اخرى ، لكنني لم انجح حتى الآن ... وسيبدأ الاحتفال بعد أقل من نصف ساعة . على جيرد أن يكون هنا ، ولا أدري ماذا أفعل . هل يمكنك أن تذهبي لرعاية الطفلتين .
-أنا ؟
-أعرف أنا ليست وظيفتك . لكن هذه حالة طارئة ! إذا أخبرنا جيرد بأنك قادمة ، سوف يرتاح تماماً . التوأمان تعرفانك ، وأنت تعرفين كيف تتصرفين معهما . لو لم يكن الأمر ملحاً ، لما طلبت منك ذلك . أرجوك!
-هل طلب منك جيرد أن تكلميني ؟
سألتها كاسندرا ذلك وقد تملكها الغضب لفكرة انهم بدأوا يتجاهلون عملها ويركزون أكثر على كونها مجرد مربية .
-لا! إنه يعتقد أنني مازلت أحاول مع مختلف الوكالات . إذا رفضت ، ربما سيكون علي أن أذهب بنفسي . أنا لا أعرف شيئاً عن الأطفال . بالإضافة إلى أنه عليّ تجهيز القهوة للمجموعة ، وإعداد نسخ عن القرارات إذا احتاجوا لذلك ، أو حتى إرسال رسالة بالفاكس . لقد قررت تلك المربية أن تتركهم اليوم . لا أدري لماذا لم تنتظر تلك المرأة حتى نهاية الأسبوع . لم يحدث ذلك إلا هذا اليوم . أرجوك يا كاسندرا قومي بهذه الخدمة لهذا اليوم فقط . وغداً يمكن لجيرد أن يبقى في البيت معهما الى ان أجد حاضنة أخرى . ولكنه اليوم مضطر لحضور هذا الاجتماع ، فهو بالغ الأهمية !
وبدا الكدر البالغ على هيلين .
فقالت كاسندرا وهي تحاول أن تتذكر ما خططت له هذا النهار :
"دعيني أفكر قليلاً ، كنت أقوم بتحليل بعض المعلومات من هونغ كونغ ".
-استعملي جهاز كمبيوتر جيرد في بيته . إنه موصول بالجهاز الموجود هنا ، وهو يستعمله طوال الوقت . إذا استطعت العمل من هناك ، فهذا أفضل . ما رأيك ؟
نظرت هيلين إلى الساعة ، فكانت حوالي العاشرة إلا ربعاً.
-لا بأس ، سأحضر أوراقي وأذهب على الفور !
-دعيني أخبر جيرد أولاً.
أمسكت الهاتف وطلبت الرقم .
-جيرد ؟ لم أجد أحداً بعد . لكن كاسندرا قالت إنها ستأتي لترعاهما ... لا بأس، سأخبرها .
أعادت هيلين السماعة وهي تبتسم :
-شكراً يا كاسندرا . قال جيرد إنك أنقذت حياته وحياة الشركة وسيكون مديناً لك للآبد . سيحضر الطفلتين إلى هنا ، ويمكنك أن تقابليهما عند أسفل المبنى ، إذ لاوقت لديه لكي ينتظر حضورك .
-جيدا ! هذا يمنحني الوقت لأجمع أوراقي .
عادت كاسندرا الى مكتبها و المشاعر تتنازعها . كانت مسرورة بالمساعدة ... لكنها كانت تريد ان تكون من ضمن فريق العمل . فهي لا ترى في دورها كحاضنة أطفال مستقبلاً واعداً . ومع ذلك ، كان حسناً أن يشعر صاحب الشركة بأنه مدين لها .
انتظرت في الردهة ، وكانت قد جمعت في حقيبتها ، كل المواد التي تحتاجها لتحليل سوق هونغ كونغ –لا بأس بالقيام بهذه الخدمة ، مادام بامكانها استعمال كمبيوتر جيرد في بيته – ولكنها لن تستطيع ان تعمل ، الا بعد ان تأخذ الطفلتين القيلولة . وهكذا ستحظى بساعتين على الأقل ، وربما بإمكانها أن تلهيهما برؤية برنامج على التلفزيون .
دخل جيرد مسرعاً من الباب الزجاجي ، ممسكاً بطفلة في كل يد ، وكان على الضغيرتين أن تركضا لتلحقاه في خطواته الواسعة . بدا مسرعاً مندفعاً، ورائعاً للغاية ، فشعرت بخفقات قلبها تتزايد.
-كاسي ، أنت رائعة !
ومال عليها يعانقها بخفة ، ثم انحنى ينظر الى طفلتيه :" كونا مطيعتين ، ولا تسببا لكاسي المتاعب ، مفهوم ؟"
فأومأتا ، وقالت آشلي :" نعم ... بابا ".
وقالت بريتاني :" حسناً ، بابا "
ثم منحتا كاسندرا ابتسامة مشرقة .
فاستقام جيرد وتركهما لكاسندرا ، قائلاً :" لا أدري كم سأتأخر . لقد سبق أن دعوت الزبون الى العشاء . ولكن سأحاول التخلص من ذاك الموعد !"
-لا تقلق بهذا الشأن يا جيرد . افعل مابوسعك للحصول على العقد ، فأنا سأستعمل جهاز الكمبيوتر خاصتك ، وأعمل في الليل إذا انت تأخرت . سأقوم بعمل أكبر بعد ان تناما ، ارجو لك حظاً سعيداً.
حدقت عيناه في عينيها لحظة طويلة ، ثم قال :" شكراً يا كاسي ، انا مدين لك ."
طبع قبلة سريعة على جبينها ، وسار نحو المصعد . راقبته بكآبة ، متمنية لو أنها تعود معه إلى المكتب ، وتساهم في الاحتفال .
وسألتها أشلي باسمة :" هل ستلعبين معنا يا كاسي ؟"
-نعم ، سألعب معكما ، ولكن علينا اولاً أن نذهب الى بيتي لأغير ملابسي ، ثم نذهب الى الحديقة العامة . من ثم سوف نتناول الغداء ، ونأخذ قيلولة طويلة .
بعد ان نامت الطفلتان ، اخذت كاسندرا حقيبة اوراقها وتوجهت الى غرفة نوم جيرد . رأت السرير المزدوج غير المرتب ، وبحثت عن الكمبيوتر في أنحاء الغرفة فوجدته على منضدة صغيرة بجانب الجدار المقابل . كانت رائحة جيرد تفوح في الغرفة ، فاستيقظت أحاسيسها على الفور . لكنها ذكرت نفسها بأنه لديها ساعات قليلة فقط للعمل ، قبل أن تستيقظ الفتاتان ، ولا وقت لديها لأحلام اليقظة !
عندما سمعت كاسندرا المفتاح يدور في القفل ، كانت الساعة قد تخطت العشرة . دخل جيرد غرفة الجلوس ثم ابتسم ببطء . فقالت له وهي تقف :
-كيف سارت الأمور ؟
كانت قد أنهت عملها منذ ثوان ، وسرها أن يجدها في غرفة الجلوس بدلاً من غرفته . كانت نظاراتها على المنضدة وقد أسدلت شعرها .
-لقد وقعنا العقد عند الساعة الرابعة عصراً ، ثم ذهبنا للعشاء في مطعم ، وقد أوصلتهم الى فندقهم لتوي .
-تهانيّ ، كنت أعلم أنه بإمكانك أن تنجح . سمعت عن الخطة من "بوب فاريل "، وبدت لي منطقية للغاية ، يمكن أن تتحقق على أحسن وجه.
وابتسمت بسعادة وكأنه كان مشروعها ، فيما خلع سترته وألقى بها على مسند الأريكة ، قائلاً :" أرجو ذلك ! كيف حال الطفلتين ؟"
-لقد تصرفتا بشكل جيد .
فرك جيرد عينيه بأصابعه ، ثم نظر إليها وهو يهز رأسه ببطء :" لم تكونا كذلك مع "أنينا غود" ، المربية التي أحضرتها هيلين "ز
-ماذا حدث ؟
وتمنت لو تمكنت من أن تربت على كتفه ، لتخفف عنه .
-كانت مرافقة لفتاة مراهقة ، وعندما انتقلت اسرة تلك الفتاة الى بلجيكا ، لم تشأ أنيتا الذهاب معهم فقدمت استقالتها . لكنني استنتجت من كلامها أن الفتاة كانت مثالاً للكمال ، خلافاً للطفلتين اللتين كانت عنيدتين للغاية وتتدخلان في كل شيء .
-ولكن لِمَ رحلت في منتصف الأسبوع ؟ ألم تدرك التأثير السلبي لذلك عليك ؟
-لا أظنها تهتم ! حين كانت ترتدي ملابسها هذا الصباح ، عبثت الفتاتان بأدوات تجميلها في الحمام ، فلطختا نفسيهما بشكل بالغ ، وأفرغتا كل زجاجاتها عليهما ن وقد مزجتا البودرة بمعجون الأسنان ليحدث تأثيراً أفضل .
انفجرت كاسندرا ضاحكة .
-اراهن على أنهما وجدتا نفسيهما رائعتي الجمال ، بعد ذلك . فهمت الآن ما الذي كانتا تعنيانه حين قالتا لي إنهما كانتا جميلتين هذا الصباح ، بالطبع أن هذا لم يعجب انيتا ، أليس كذلك ؟
-أنا في الواقع مسرورة لذهابها ، فقد كانت أكبر سناً من أن تلائمهما ، كما أظن . كانت تريدهما أن تبقيا هادئتين طوال الوقت ، ولكنني لم أرهما كذلك قط .
-إلا عندما تقرأ لهما الحكاية !
قالت كاسندرا هذا فيما بقيت الابتاسمة تضيء وجهها .
راح جيرد يحدق بها . وقد تحول انتباهه من ابنتيه إلى المرأة الجالسة أمامه . كان يراها فاتنة على الدوام ،وقد حاول أن يبقي علاقته بها مجرد علاقة عمل . حتى أنه حاول يوم الثلاثاء أن يعاملها كغيرها من الموظفين ، لكن رؤيته لشعرها القاتم اللامع منسدلاً حول كتفيها جعل أصابعه تشتاق إلى لمسه . كانت عيناها تتألقان وهي تنظر إليه بعد أن أزالت نظاراتها عنهما ، وكان شعورها بالسعادة لنجاح المشروع يماثل شعوره .
تمنى لو كانت في الاجتماع ، وحضرت العشاء الاحتفالي . ما أجمل أن يشعر المرء بأن هنالك من يسر لنجاحه ويسعد لأجله .
-أشكرك لأنك انقذتني ، وجدت هيلين بعد الظهر امرأة شابة ، يمكنها أن ترعي الطفلتين خلال النهار ، وستتابع البحث عن مربية داخلية ، ويبدو أن هذا أمر صعب للغاية .
-إذاً ، فقد حان الوقت لكي تحصل على تلك الزوجة التي لا تنفك عن ذكرها .
أومأ جيرد برأسه وهو ينظر إليها تجمع أغراضها . لم يكن بناء عائلة الدافع خلف زواجه الأول ، فهو لم يمض مع زوجته الراحلة إلا الوقت القليل ، وعندما كانا يجلسان معاً ، كانت أكثر أحاديثهما عن العمل . وشعر فجأة وكأنه يعرف كاسندرا منذ وقت طويل ، أكثر مما كان يعرف عن مارلين طوال السنوات التي أمضياها معاً.
ماكانت كاسندرا لتخفي عنه قط حقيقة ابوته . لكنها شغوف بالعمل ، مثل مارلين .
بحث عن رقم هاتف خدمات التاكسي وهو يقول :
-عليذ أن اعتاد على طلب هذا الرقم ، من دون النظر في الدليل .
رآها تتردد ، لم ترفع رأسها لتنظر إليه باحتراس وتقول :" أنا لا أفكر في جعل هذا عادة ".
-ارجو ذلك من كل قلبي ، فأنت موهوبة في عملك إلى درجة أنه من الخسارة أن تمضي أوقاتك في رعاية الأطفال .
عبس وهو يراها تفرح لسماعها كلماته العفوية هذه . إنها رائعة مع طفلتيه ، وهذا ليس بفضل الخبرة التي اكتسبتها أثناء نموها ، وانما يفضل دفء قلبها الطبيعي واهتمامها المخلص . إنها موهوبة في العمل ، كما هي موهوبة في التعامل مع الأطفال .
عندما صعدت كاسندرا في التاكسي ، كان جيرد ينظر إليها من النافذة ، وكانت هذه المرة الثالثة . أليس هناك قول شائع بأن هذا الرقم يجلب الحظ السعيد ؟ كان جيرد يتمنى أن يوصلها الى بيتها ، ويرى شقتها ، ويعرف المزيد عنها .
وفيما كان ينتظر اتصالها لتطمئنه على وصولها ، تفقد الطفلتين ، ثم توجه الى غرفة نومه ، ولاحظ السرير غير المنظم ، ففكر أنه كان عليه أن يرتبه على الأقل ، هذا الصباح . ماذا قالت كاسي ياترى حين رأته ؟ ونظر إلى الكمبيوتر ، فوجد ان المنضدة كانت مرتبة ، فقد نظمت كاسي أوراقه لتمنح نفسها مساحة تضع عليها أوراقها . فك ربطة عنقه ثم سار إلى الكرسي ولمسها بخفة محاولاً ان يتصورها جالسة عليها تعمل . يمكنه أن يتخيل ملامحها الجادة أثناء استغراقها في العمل ، فقد لاحظ ذلك مرة أو اثنتين أثناء السنتين اللتين عملت فيهما عنده .
أتراه يشمّ أثراً خفيفاً من عطر الورد ؟ واغمض عينيه واخذ يتذكر رحلتهما إلى نيويورك . بدت له وكأنها حدثت منذ دهر طويل وليس مجرد أيام .
وعندما جاءته المكالمة ، كان قد صعد الى سريره وانتبه للمرة الاولى كم هو واسع ويوحي بالوحدة .
-وصلت الى بيتي سالمة .
-حسناً ، هذا جيد ! نسيت أن أسألك عما اذا كنت تمكنت من انجاز اي عمل هذا النهار .
-نعم استطعت العمل لمدة ساعتين اثناء قيلولة الطفلتين ، ثم انجزت الباقي بعد ان خلدتا للنوم . في الواقع يمكنني القيام بمزيد من العمل ، عندما لا يكون بقربي أحد يقاطعني ، لا شيء يماثل الحصول على ذلك العقد على كل حال . لابد أنك تشعر بالراحة الآن !
-علي أن اعترف بأنني مسرور ، فقد عملنا طويلاً وبجهد بالغ ، وأنا واثق من أن مشاريعنا ستجلب مالاً كثيراً .
-الأفضل أن أنهي المكالمة لأنك يجب أن تذهب إلى الفراش.
-أنا في فراشي الآن !!!
ساد صمت طويل ، وتمنى جيرد لو يرى ما ارتسم على ملامحها .
وأخيراً قالت :" هل هذا صحيح ؟"
-الساعة السادسة صباحاً هي ساعة مبكرة ، ويبدو أنها الوقت الذي تحب أشلي فيه ان تركض لتقفز على سريري .
-وبريتاني خلفها مباشرة ، كما أتصور .
ضحك بصوت خافت :" لقد أدهشني ذلك كثيراً في أول صباح ، وكان مزعجاً . فقد اعتدت ان انام عارياً ، وذلك الصباح لم أعرف ما إذا كنت مأتمكن من الخروج من سريري ."
سمع ضحكتها الرقيقة ، عبر الهاتف ، فشدد قبضته على السماعة ، وتمنى لو بقيت الليلة بجانبه لدة أطول ، وخيل إليه أن كلامه قد صدمها .
وسألته :" ثم ماذا فعلت ؟"
-تحايلت عليهما لكي تركضا إلى غرفتهما لإحضار كتاب ، ثم قفزت من السرير ولبست بنطلوناً بسرعة ، وماكدت ادخل الحمام حتى عادتا بسرعة البرق ، كما تعرفين !
-أعرف ، وأنت الآن صرت تلبس البيجاما .
-البنطلون فقط ، فأنا اشعر بحرارة بالغة في الفراش اذا لبست السترة .
وقد افتتتنتا بشعر صدري.
ساد بينهما صمت ، وابتسم هو مرة أخرى و قال :" كاسي ، بماذا تفكرين ؟"
فقالت باندفاع :" أفكر في أن هذه محادثة غير ملائمة على الإطلاق مع رئيسي . بإمكاني أن أتصور افتتان الطفلتين ، وربما أنا أيضاً كذلك ! آه ، رباه .. يجب أن أذهب ."
وقطعت الاتصال .
ظل جيرد ممسكاً بالسماعة لحظة بعدها . إنها ردة فعل ممتعة ، يبدو أنها ليست بالمناعة التي كان يظنها . ووضع السماعة برفق ، ثم وضع يديه تحت رأسه وأخذ يحدق في الظلام . كاسي باولز امرأة ممتعة حقاً.
***
آه ، لم تقل ذلك ، رباه ! فليخبرها أحدهم بأنها لم تعترف بأنها تشارك التوأمين افتتانهما بجيرد . وتوهج وجهها ، لن تتمكن قط من مواجهته مرة آخرى ، سترسل إليه استقالتها غداً بالفاكس ، ولن تذهب نعه خلال العطلة الأسبوعية ، وستمتنع عن الإجابة على مكالمتها الهاتفية إلى الأبد !
ياليت الأرض تنشق وتبتلعها ، ما الذي جعلها تتفوه بهذه الحماقة ؟ لابد انه يضحك الآن لسذاجة ما قالته . خاطبت نفسها :" أنت معتوهة من الدرجة الاولى . الرجل رائع ، ولكن لا ينبغي ان تتصرفي كالمراهقات" هذا الى انه يبحث عن زوجة ترعى ابنتيه ، وبما ان تاريخه يشمل زواج مصلحة ، ماذا تتوقعين غير ذلك ؟"
هذا لا يعني انها تهتم بالزواج ، فلديها مهنة عليها ان تمارسها ، وهي تريد لحياتها الاستقرار كما تريد ان تثبت لنفسها و للعالم ان بامكانها ان تهتم بنفسها ، وسيمضي وقت طويل قبل أن تفكر في الزواج !
ربما بإمكانها ان تبقى في عملها في شركة هنتر ، لكن مالم تكن واثقة منه هو ما اذا كان بامكانها ان تعيش من دون جيرد .
لابد ان الله استجاب لدعائها ، فقد سمعت اثنين من الموظفين بذكر ان جيرد سيغيب مرة اخرى . كانا متعاطفين معه لصعوبة العثور على حاضنة لابنتيه . ورغم اسفها لانه لم يجد تلك الحاضنة الا انها شعرت بالسرور لهذه المهلة ، فهي على الاقل ، لن تصل الى مواجهته ، واذا ساعدها الحظ ، ستلتقط عدوى الانفلونزا قبل صباح الغد ، وسيكون هذا عذراً جيداً لعدم ذهابها في رحلة آخر الاسبوع معه .
لكن يوم السبت كان صباحاً مشمساً ، وبالرغم عنها شعرت بنشاط رائع ، وكان عليها ان تعترف بما تملكها من اثارة لكونها ستمضي نهاية الاسبوع مع جيرد ولو بصفة حاضنة اطفال . كانت تعلم انها ستمضي معظم الوقت معه ، كما انهما سيذهبان الى العشاء وحدهما .
وضعت ثوبا من الدانتيل في حقيبتها ، وكان يبدو اكثر انوثة بكثير من بذلات عملها - واملت ان يكون صالحاً للذهاب الى مطعم .
نظرت من النافذة فرأت جيرد وابنتيه ، متوجهتين نحو بيتها .
بدا جذاباً الى حد لا يصدق ، فشعرت أن بامكانها ان تنظر اليه طوال اليوم دون ان تشبع . وابتلعت ريقها بصعوبة ، وتساءلت عما اذا كانت مجنونة ، لكونها قبلت بقضاء نهاية الاسبوع معهم .
وعندما رن الجرس ، فتحت الباب وقالت :" مرحباً !"
قالت هذا ، خائفة من مواجهة عينيه بعد اعترافها ذاك عبر الهاتف ، تلك الليلة ، وبدلاً من ذلك ابتسمت للطفلتين .
-مرحباً يا كاسي !
وألقت آشلي بنفسها على كاسندرا ، وانحنت هذه تحتضن الطفلتين ، أشلي أولاً ثم بريتاني . بعد ذلك ، ركضت الطفلتان الى غرفة الجلوس وابتدأتا بالاستكشاف .
فصاح بهما جيرد :" لا تلمسا شيئاً !"
ضحكت كاسندرا وقابلت عينيه قائلة :" لاشيء أخشى عليه منهما !"
-ربما لا ، ولكن التربية ضرورية ، أليس كذلك ؟
ثم امسك بيدها ووضعها على صدره .
واحمرّ وجه كاسندرا وهو ينحني ليضمها بين ذراعيه .

* * *

نهاية الفصل الخامس

ماري-أنطوانيت 30-10-08 02:10 AM

هذا الفصل كتبته العزيزه ((وردة قايين))
=======================


6- اسأل مجربا ...

عندما ابتعد جيرد عنها ,بقيت كاسندرا مغمضة العينين , وكادت تموت من الخجل .
- كاسي ؟

كان وسيما , ينضح بالرجولة.
- ماذا ؟

وحاولت ان تخفض رأسها مبقية عينيها مغمضتين , لكن أصابعه استمرت في رفع ذقنها :" افتحي عينيك "
هزت رأسها رافضة , فسألها :" لم لا ؟"
بدا صوته منطقيا .
- لأنني أذا أبقيت عيني مغمضتين , فلن يراني أحد .

فضحك جيرد وقال : " لا أريد أن أحطم اعتقادك هذا , لكن بأمكاني أن اراك وألمسك , وأنت مغمضة العينين "
ألقت بجبهتها على كتفه بعد أن أدركت أن ما من سبيل لخروج من ورطة الخجل هذه .
وتأوهت قائلة :" يا ليتني أموت الآن !.
سمعت ضحكته فتملكها الغيظ . أتراها مجرد شخص يسليه ؟
- أما أنا فأرجو الا تموتي . هي بنا .. فهذا يوم رائع ولدينا طفلتان مشاغبتان , علينا أن نغريهما لكي تصعدا الى السيارة . لقد أمضيت ربع ساعة أحاول ان اتدبر أمر أجلاسهما في مقعديهما , ولكن ما أن أحاول ادخال واحدة منهما , حتى تصبح الأخرى طليقة في الشارع .

وأخذ ينادي ": أشلي , بريتاني , ماذا تفعلان ؟

- لاشئ !
- أه , لا !

هتفت كاسندرا بهذا وهي تستدير بسرعة وتهرع اليهما . كانت تعرف أن " لاشئ " من الطفل تعني انه يفعل شيئا لاينبغي له أن يقوم به . ركضت الى غرفة الجلوس فلم تجدهما , وانتقلت الى المطبخ ثم وقفت عند الباب , وكان جيرد قد اندفع خلفها وأخذ ينظر من فوق كتفها ." وردة قايين "
كانت الطفلتان جالستين على أرض المطبخ . والخبز متناثر من كل ناحية . وكانت بريتاني تحاول ان تمسح قطعة خبز بمقدار ضخم من الزبدة . فلطخت المكان بالزبدة ز
- هذا سيء!
أزاح جيرد كاسندرا جانبا , ودخل المطبخ عابسا بالطفلتين , وانحنى يأخذ الزبدة من أصابع بريتاني .
- الم أقل لكما ألا تلمسا شيئا ؟

فأومأت الطفلتان برزانة . وقد بدا عليهما الخوف .
- لقد وسختما مطبخ كاسي الجميل , وأتلفتما الطعام . اعتذر حالا من كاسي .

انحنى وجه أشلي الصغير بحزن , وقالت : " أسفة , يا كاسي ! "

بينما اندفع أبهام بريتاني الى فمها واغرورقت عيناها بالدموع : " آسفة يا كاسي ! "
- بابا محق ! هذا عمل سيء . أظن أن خمس دقائق تمضيانها بصمت هو العقاب المناسب !

وعادت لترى جيرد يرمي فتات الخبز في القمامه .
نظر اليها مستفهما , فقالت له :" عليهما أن تجلسا على الكرسيين مدة خمس دقائق من دون كلام ".

وتناولت ساعة التوقيت . وضبطتهما ثم ضعتها على المائدة بين الطفلتين . وقالت : " تذكرا . لا أريد أن أسمع أي كلمة قبل أن يرن جرس الساعة ! وعندما يقول لكما بابا مرة أخرى بألا تلمسا شيئا , عليكما أن تطيعاه !

أومأت الطفلتان برزانه . وأستمرت بريتاني في مص ابهامها .
تبع جيرد كاسندرا الى خارج المطبخ : " أظنهما آسفين . أليست الدقائق الخمس بالوقت الطويل ؟"

سألها وهو ينظر الى الطفلتين التعيستين . فهزت رأسها : " قد يبدو هذا وقتا لانهاية له بالنسبة الى طفلتين في الثانية من عمرهما . ولكن عليهما أن تتعلما أن تطيعاك . مافعلناه ليس أمرا هاما , ولكن أذا أمرتهما بألا تلعبا في الشارع فلم تطيعاك , يمكن أن تتضررا تماما أو حتى تقتلا . عليهما أن تتبعا أرشاداتك "
- أنحنى احتراما لمعرفتك وخبرتك .
- أنت مسرور فقط لأن لديك من يساعدك على تربيتهما .
- هذا صحيح ! أنهما صغيرتان حجما وسنا .

- لكنهما بحاجة الى ارشاد وحسن تربية , لاتدللهما يا جيرد !
- لن أفكر في القيام بهذا . هل أنت جاهزة لنخرج ؟
- نعم .
- أليس من الأفضل الا تربطي شعرك ؟ فنحن في أجازة آخر الأسبوع والمفروض أن ننطلق ونمرح .

فلمست ضفيرتها قائلة :" ألا تعجبك ؟"

اشتبكت أصابعه بأصابعها وهما يحاولان حل الضفيرة وأجاب " أحب شعرك منسدلا على كتفيك , وكذلك تعجبينني من دون نظارات !"
وسكت , ثم رفع نظاراتها عن أنفها ...

أرادت أن تتشبث بنظاراتها , لكنه أبعدها عن يدها .
فقالت باحتجاج :" أنا بحاجة اليها "

فرفعها ونظر من خلالها مقطبا جبينه " درجتها غير قوية "
فأمسكت بها وقالت :" لكنها تجعل المسافات البعيدة أكثر وضوحا !"
- ولكن ليس للمسافات القريبة ؟

سألها هذا وهو يقترب منها , فتراجعت الى الخلف وهي تهز رأسها . فتعمد التقدم نحوها خطوة أخرى , وكاد يضحك عندما تراجعت مرة أخرى , وظل يتقدم وهي تبتعد حتى اصطدمت بالجدار .
- ماذا ستفعل الأن ؟

رفعت يدها وكأنها توقفه عند حده , وأذا بالجرس في المطبخ يرن .
وصاحت آشلي :" بابا".
فتمتم يقول وهو يربت على ذقن كاسندرا :" أنقذك الجرس ".
أخذت كاسندرا نفسا مرتجفا , وهي تنظر اليه يدخل الى المطبخ .
أخذ قلبها يخفق وكأنها كانت في سباق , ماذا لو أن الجرس لم يرن ؟
عندما غادروا الشقه , حمل جيرد كيس ملابسها بينما أمسكت هي بيدي
الطفلتين , فكانتا تقفزان بجانبيها , وتتحدثان عن زيارتهما لجدهما .ورده : قايين
سألها جيرد :" أتراهما تدركان معنى كلمة جد ؟"
- أنا واثقة من أنهما لاتدركان . وربما تظنان هذا أسمه !

- هذه سيارتي !
ووقف أمام سيارة حديثة الطراز . كان لونها الداكن يتلاءم مع داخلها الرمادي الباهت . وفي المقعد الخلفي , رأت مقعدي أطفال ...
فتح الباب ومد يديه لبريتاني , بينما دخلت أشلي بنفسها الى السيارة . وبعد خمس دقائق , انطلقوا.
- أخبرني شيئا عن جدك .
- ماذا أخبرك ! أنه في الثالثة والثمانين , عجوز صلب , وقد عاش وحده , منذ ماتت جدتي عندما كان أبي في المدرسة الثانوية ... بيته قديم !

فقالت بنعومة : أراهن على أنه سيجن بالتوأمين "
- ربما سيدهش .
- كما دهشت أنت . ألم تجد بعد السبب الذي جعل زوجتك تخفي عنك أمرهما ؟
- لا , فهي لم تترك رسالة تعترف فيها بكل شئ , أذا كان هذا ما تعنينه . لكن رأي محاميها هو أنها خافت من أن ألح أنا عليها بالبقاء في البيت لتقوم بدور الأم بدلا من العمل . كانت مارلين مهووسه بدنيا الأعمال . كانت تريد أن تكون ذات شأن كبير في هذا الحقل .
- وماذا تريد أنت يا جيرد ؟
- أريد أن تكون لي شركة ناجحة وأستمتع بتحديات أي عمل جديد . ولكن " شركة هنتر " ناجحة فعلا , ولا أريد ان تكبر الى حد أفقد السيطرة عليها .
- ماذا تريد أيضا من الحياة ؟
منتديات ليلاس
فنظر اليها , ثم عاد ينظر الى الطريق .
- من المضحك أن تلقي سؤالا كهذا . لكان جوابي مختلفا لو طرحته علي منذ شهر , ولكن بعد موت مارلين المفاجئ هذا , ومعرفتي بأنني أب , لم اعد أعرف ما الذي أريده . لقد تغيرت حياتي بشكل بالغ , فأنا أفكر في شراء منزل واسع للطفلتين وأن أوفر لهما حسابا للجامعة . ماذا تريدين أنت ؟

- فرصة لأثبات ذاتي , أنا أعشق العمل في : شركة هنتر " وأعمل بشكل جيد , ومشروعي عظيم , وأتوقع أن احقق نجاحا كبيرا . وبعد ذلك أريد أن أطلب زيادة في المسؤولية والراتب .

فضحك وقال : " المال هو دوما الهدف الرئيسي!"
- اليس هذا هدف العمل ؟
- ماذا عن حياتك الخاصة ؟ الا تقيمين أي علاقة جدية مع أحد ؟

وأجابت : لا , ليس لي أي علاقات !"
- ليس هناك أذن من يلهيك أثناء صعودك الى القمه ؟
- الى حد ما .

طلبت بريتاني حكاية . وتملك كاسندرا الأرتياح لأنهاء حديثهما هذا غير المريح .
وصلوا الى سونورا بعد الظهر . بعد أن توقفوا مرتين للأستراحه ولأعطاء الطفلتين مجالا للركض واللعب . شعرت كاسندرا بالراحة والأسترخاء عند وصولهم. لم يحدث لها قط أن جاءت الى هذا الجزء من الولاية وافتتنت برؤية جبال " سييرا نيفادا " المغطاة بأشجار الصنوبر والتنوب السامقة نحو السماء الزرقاء . وكان الجو يعبق بروائح شجر الصنوبر والأرز .

تحول جيرد الى طريق مرصوف بالحصى ليقف أمام منزل بدا حسن الترميم ولاينقصه سوى تجديد طلائه .
فتح الباب رجل عجوز أطل برأسه ليرى من القادم , ورق وجهه حين عرف جيرد الذي حياه بقوله :" مرحبا يا جدي !"
ثم عاد ليفتح باب السيارة ويفك حزام بريتاني بينما كانت كاسندرا تفك حزام أشلي من الناحية الأخرى . وتساءل عما سيظنه العجوز بالنسبة الى أبنتيه , وشعر فجأة برغبة في أن يحبهما جده بقدر ما يحبهما هو .
أخذ بريتاني بين ذراعيه , ثم التقط الكيس الأبيض من على المقعد وتوجه الى البيت .


- كان علي أن أتصل بك قبل ذلك .

تبعته كاسندرا وهي تنظر بلهفة الى العجوز وهو ينظر الى جيرد , والى الطفلتين ثم اليها . ويقول :" هذا بيتك يافتى , ويمكنك أن تأتي في أي وقت , أرى معك ضيوفا , أهلا بك يا سيدتي !"
- أنها كاسندرا باولز . وهي موظفة عندي . هذا جدي يا كاسي , سيلاس هنتر . وهاتان الأنستان الصغيرتان هما أشلي وبريتاني هنتر , أبنتاي .


صعق الرجل العجوز , ثم حدق في الطفلتين وقال بفظاظة : " كان الأجدر بك أن تعلمني بأمرهما منذ ولدا !".
- أنا نفسي لم أكن أعلم عنهما شيئا قبل أسبوع , فلندخل وسأشرح لك كل شئ . لقد أحضرنا معنا بعض الهمبرغر للغداء . وأرجو ألا تكون قد أكلت .
- لم آكل بعد تفضلي يا آنسة باولز !
- كاسندرا من فضلك .

قالت هذا وهي تضع أشلي على الأرض , فقال جيرد :" أو كاسي كما نسميها جميعا "

دخلت الطفلتان المنزل المعتم قليلا , فقال لهما الجد محذرا :" أيتها الصغيرتان , لاتعبثان بشئ !
نظرتا اليه بعينين متسعتين ولم تتحركا .
- همم ..زأظن أن لدي المكعبات التي كان أبوكما يلعب بها عندما كان صغيرا , أين وضعتهما يا ترى ؟

عندما انتهى الغداء بدا أن الطفلتين قد تألفتا مع سيلاس هنتر وكما تنبأت كاسندرا , افتتن الجد بالتوأمين .
قال جيرد :" فكرت في أن آخذ كاسي الى كولمبيا . لم يسبق لها أن أتت الى بلدان الذهب من قبل , الطفلتان بحاجة الى قيلولة . هل يمكننا أن نتركهما معك عندما نخرج؟
- لا أعرف شيئا عن البنات الصغيرات . أما الصبيان فيمكنني التعامل معهم .
فابتسمت كاسندرا :" انهما لاتحتاجان الكثير من الأنتباه , عندما تنامان . وحتى الآن كنت ممتازا معهما . أظن أنهما تستمعان برفقة جدهما !"
- لم أحلم قط بأنني سأرى هذا اليوم . خصوصا بعد زواجك الأحمق ذاك , يا جيرد . ولكن يبدو أنها لم تكن مجرد علاقة أفلاطونية . فقد أثمرت .


بدا الضيق على جيرد . لكنه هز كتفيه , وبدا أنه معتاد على طريقة كلام جده الفظة . عندما نامت الطفلتان خرج هو وكاسندرا .
استمتعت كاسندرا بالتنزه في كولمبيا . سحرتهما المدينة القديمة فأخذت تقف عند كل أعلان . وتلقي أسئلة لاتحصى . وبدا أن جيرد كان يملك جوابا لكل سؤال .
فسألته :" كيف تعلم كل هذا ؟ أم أنك تخترع الأجابات ".
فضحك وشبك أصابعه بأصابعها , وقال :" لاتنسي أنني نشأت هنا ! لايمكن لك أن تعيشي في بلدان الذهب دون أن تستوعبي تاريخها , الهجوم للبحث عن الذهب في كاليفورنيا كان أحد أهم أسباب الهجرة في التاريخ . جاء الرجال من كل انحاء العالم بأمل العثور على الذهب . كنت أذهب الى نهر " ستاينزلاوس " وكنت أبحث فيه عن الذهب .
- الم تجد أثرا للذهب على الأطلاق .
- وجدت عدة رقائق ما زلت أحتفظ بها حتى الآن في بيت جدي , لكنها ليست بالثمينة .
- هل يمكننا الذهاب للبحث عن الذهب ؟
- بكل تأكيد ! هناك مكان في المدينة تدفعين فيه عدة دولارات ويضمنون لك أن تجدي بعض الذهب .
- أفضل أن اذهب الى النهر .

- سنقوم بذلك يوما ما , ربما ما زال بأمكاننا أن نجد رقائق من الذهب . ماذا ستفعلين أذا وجدت الذهب ؟
- انشئ شركة لي . آه , ذلك لايعني انني لا أعشق العمل في شركة هنتر . لكنني أحب أن أدير شركتي الخاصة يوما ما .

فسألها وكأنه مهتم حقا :" ماذا كنت ستغيرين في الشركة لو أمكنك ذلك ؟"
- لا أعرف ! ربما كنت اقترحت تغييرات كبرى . أعلم انه علي أن


أتعلم الكثير , لكن لدي أفكارا , وأريد أن أرى تأثيرها على بعض المشاريع . ستمر سنوات قبل أن أتمكن من أن أدير مؤسسة . ولكن أذا عثرت على منجم ذهب , يمكنني عندئذ أن استأجر ذوي الكفاءة كما تفعل أنت .
- وستصبحين منافسة لي أذن ؟

وقفت كاسندرا وفكرت في الأمر لحظة ثم قالت :" أظن هذا , ولكن حتى ذلك الوقت , ستكون شركة هنتر قد أصبحت شركة ضخمة للغاية بينما ستكون شركتي صغيرة وفي بدايتها , تتعامل مع الناس البسطاء الذين لايمكنهم الطموح الى التعامل معك ".
- العواطف الرقيقة لاتمنحك الدولارات !

- لكن المال ليس مهما الى هذا الحد . المهم هو أن يعرف المرء كيف يجيد عمله . أليس كذلك ؟
- انا أعمل لأسباب عديدة , والمال هو أحدهما . لكن الرضى الذي أحصل عليه أهم عندي من المال !

فقالت تغيظه :" ولكن هل ما زلت تريد منجم الذهب ذاك ؟"
- نعم , مازلت أريده !

لم تتناول كاسندرا عشاءها في الخارج ذلك المساء , لأنهما عندما وصلا الى بيت جده , وجداه يطهي قدرا ضخما من اللحم مع البصل وعندما علم بخطتهما للعشاء في الخارج . بدت عليه خيبة الأمل الى حد جعل كاسندرا تخبر جيرد على الفور أن عليهما أن يتناولا العشاء معه ومع الطفلتين .


- لكن خطتي كانت أن آخذك الى الفندق , لديهم طعام رائع وفرقة موسيقية صغيرة تعزف ألحانا جميلة .
- - خذها في وقت آخر . يافتى , أريد أن أسمع المزيد عنك , وعما تنوي فعله مع هاتين التوأمين . تبدوان كملاكين وهما نائمتان . ولكن عندما تستيقظان . تكونان مشاغبتين , كما كنت أنت في سنهما !


ومر العصر بسرعة لم تكد تصدقها , وقد اكتشفت المزيد عن رئيسها ... وهو أنه رجل ساحر .
وبعد أن أنتهى جيرد من الكلام عن ابنتيه . ضحك الجد لتصرفات التوأمين , ورمق كاسندرا مرتين , وقال أخيرا :" يبدو لي أنه عليك أن تفكر في الزواج مرة أخرى "
تظاهرت كاسندرا بأنها لم تلاحظ ما قاله الجد . فآخر ما تريده هو أن تتملك جيرد فكرة أنها ستكون الزوجة المناسبة . فقد ذكر لها ذلك أكثر من مرة . بعد أن ساعدته .

كان العشاء مرحا , فقد حاولت الطفلتان أن تستلما دفة الحديث . وقد افتتنتا بالرجل العجوز وشغفتا بالثرثرة معه . وكان هو يومئ ويبتسم ويتظاهر بأنه يفهم كل كلمة . وعندما غسلت الأطباق , دون مساعدة الطفلتين هذه المرة . جلسوا جميعا في غرفة الجلوس . اندست بريتاني في حضن جيرد أما أشلي فقد ترددت بين جد أبيها الذي تعرفت اليه حديثا وبين كاسي . وأخيرا سارت الى كاسي ورفعت ذراعيها قائلة " احمليني !"


وأبتدأ سيلاس يروي الحكايات عن جيرد الصبي الصغير .
استمتعت كاسندرا بكل قصه , واهتمت بكل لمحة عن ماضي جيرد . كانت حياته مختلفة تماما عن حياتها , فقد وجد الحب والحماية مع جده وكان محظوظا جدا . أما هي , فكل ما حصلت عليه هو صندوق من التذكارات من مختلف دور الرعاية التي تنقلت بينها ودميتها الوحيدة العزيزة . لاأحد يجلس معها . فيسترجعان معا ذكريات الماضي .


عندما نامت بريتاني بين ذراعي أبيها . نهض ليضعها في فراشها , قائلا :" سأعود لأجل الأخرى "
ابتدأت كاسندرا بالنهوض . لكن سيلاس هز رأسه . وعندما غادر جيرد الغرفة , التفت هو اليها :" دعيه يفعل ذلك بنفسه ! فأنا أريد فرصة أتحدث فيها معك . وربما هذه هي الفرصة الوحيدة التي سأحصل عليها .


لم أر جيرد قط مهتما بأمرأة كما يهتم بك الآن , فهو لايدعك تغيبين عن نظره !"
أحمر وجه كاسي وقالت :" لا أظن الأمر كذلك , فقد جئت معه لأساعده على العناية بأبنتيه فحسب ".
- الطفلتان هما ما أفكر فيه . أنه بحاجه الى زوجه , أمرأة تساعده على تربية الصغيرتين , ويبدو أنك على دراية بهذا الأمر . هل لديك أولاد ؟
- في الواقع كنت أرعى الأطفال في حداثتي , وبعد العودة من المدرسة وفي العطل الأسبوعية وفي الليالي .

- هممم .. هذا واضح , أنت حنون جدا على هاتين الطفلتين , ومما لاحظته اليوم , انت أحن عليهما من أمهما , يالحماقة من يقدم على الزواج لأنشاء عمل ! جيرد بحاجة الى امرأة تريه كيف ينشئ أسرة . لم يكن لدينا أسرة طبيعية لأنه لم يكن لدينا امرأة !

فابتسمت بأدب :" الا تظن أن على جيرد أن يتزوج لأجل الحب ؟ لا لأقتناء زوجة فحسب ؟"

- لايعلم أحد ان كان الحب سيأتي أم لا . أحيانا الرفيق الجيد هو أفضل ما يمكن للمرء أن يتوقعه . عرفت ذلك من " ايما " ذلك أن والد جيرد كان يحب زوجته , لكنهما كانا دوما يتعاركان , أنا لا أؤمن بزواج الحب , المهم هو أن ينجح الزواج !
شعرت كاسندرا بأن آشلي نامت , فزادت من احتضانها وراحت تتنشق رائحتها الذكية . ربما يملك جيرد عذرا لفشل زواجه الأول , لكنه سيسبب الأذى لنفسه ولزوجته لو تزوج مرة أخرى من دون حب , أتراه يعرف حتى


ماهو الحب ؟ وكيف يعبر عنه ؟ أنه يعرف ذلك طبعا , فهو محب لأبنتيه وشغوف بهما , رغم أنه لم يعلم بوجودهما الا منذ أسبوعين .
تمنت لحظة لو أنه يعاملها بالعطف نفسه , ويهتم بها كما يهتم بابنتيه , لكنها كانت تدرك حماقة هذه الأفكار الكئيبة ,
- نامت واحدة , وجاء دور الأخرى الآن !


قال جيرد هذا وهو يتجه نحو كاسندرا ليأخذ أشلي من حضنها . حدق في عينيها فكادت تذوب في نظراته , لكنها تمالكت نفسها وحولت نظراتها بعيدا لتنصبا مباشرة على عيني سيلاس هنتر الحكيمتين .نظر بسرعة الى حفيده ثم أخذ يحدق في الفضاء . لكن كاسندرا عرفت ماالذي كان يفكر به الرجل العجوز . كان يريد أن يتقربا بعضهما بعضا . كل ما يريده هو امرأة تساعد حفيده !

تردد جيرد عند العتبة . كانت الفتاتان مستغرقتين في نوم عميق , وكان الوقت مبكرا , ما يسمح لهما , هو وكاسندرا , بالذهاب الى الفندق وتناول بعض الحلوى , وربما يرقصان لفترة . لم يمضيا لحظة بمفردهما منذ التقى بالطفلتين . وكان متشوقا الى الخروج معها .
كان يسمع همهمة صوتها وصوت جده ولكنه لم يستطع أن يستطع أن يميز الكلمات . وعرف من تعليقات جده انه يرى كاسندرا زوجة ممتازة لحفيده . كان جيرد يفكر أحيانا بالشئ نفسه , أتراها تقبل الزواج به ؟ أذا هي تزوجته وأصبحت ربة منزل , سيحل هذا مشكلات كثيرة , وهز رأسه . هو يعلم أنها لن توافق أبدا على هذا الأمر ! فمهنتها بالغة الأهمية بالنسبة اليها , تماما مثل مارلين .


عندما دخل غرفة الجلوس , سألته كاسندرا :" هل نامتا ؟"
- اظنهما ستنامان حتى الصباح .

ونظر الى جده فقال :" مازال الوقت باكرا , هلا انتبهت لهما , بينما أذهب مع كاسندرا الى المدينة ؟"
- بكل تأكيد ! يمكنني ذلك أذا كانتا نائمتين .
- ما رأيك يا كاسي ؟ هل تريدين الذهاب لنتناول الحلوى ؟
- لا أدري يا جيرد . كنت أفكر في الجلوس مع جدك ومشاركته المزيد من ذكرياته . أفكر في ابتزازك للسكوت عما سأعلمه عنك .


قالت هذا مازحة , فقال لها جيرد :" سأجعلك تقسمين على الصمت قبل أن نرحل "
أجاب بذلك وهو يجلس على كرسي أمامها , متابعا كلامه : " مازال الجو دافئا , هل تريدين الذهاب في نزهة ؟"
فقالت وهي تقفز واقفة :" هذا ما أحبه , سنعود حالا يا سيلاس . فننفض الغبار عن كل تلك القصص القديمة "
وقفت كاسندرا فجأة خارج الباب , فسألها :" ماذا حدث ؟"
- الشوارع تتدفق من المباني . هنا كل شئ أسود .


- امنحي عينيك فرصة تعتادان فيها على الظلام , النجوم توفر ضوءا وعندما يصبح القمر فوق الأشجار , سنتمكن من الرؤية جيدا , أنا أعرف كل الطرقات هنا . هيا بنا !
- وأمسك بيدها يشبك أصابعها بأصابعه , ثم سار في وسط طريق البيت المرصوف .
- المكان هنا هادئ .

قالت هذا أثناء سيرهما , وعندما وصلا الى الطريق الريفي , انعطف جيرد يسارا .
سألته :" لابد أن نشأتك هنا كانت مرحة للغاية . هل كان لديك حصن على الشجرة ؟"


- طبعا . كما كنا نسبح في أحد الجداول التي تروي الزرع .
- لاعجب في انك تريد بيتا ذا فناء لطفلتيك .
- وأما أيضا .

ووقف جيرد وجذب كاسي اليه , وأراح يديه على كتفيها وهو ينحني عليها ليرى وجهها في الضوء الخافت :" هل لك أن تمنحيهما ذلك , يا كاسي ؟ هل تتزوجيني ؟"
* * *



نهاية الفصل السادس

ماري-أنطوانيت 30-10-08 02:17 AM

كتبت هذا الفصل العزيزه ((لحــ الوفاء ــن))
=========================


7- أم للتوأمين...

حدقت كاسندرا اليه بذعر، ثم ابتعدت عنه عائده بخفه من الطريق الذي سلكاه لتوهما. حاولت ان تركض ، لكنها ما لبتث ان وقفت وانتابها الغضب بعد ان تعذرت عليها الرؤية على ضوء النجوم.
-كاسي، انتظري لحظة...


وامسك بذراعها. ثم اشتدت قبضته وهو يقول :"ناقشي الأمر على الأقل!"
-وماذا أناقش ؟ لا اريد ام اكون حاضنة أطفال بقية حياتي. لقج بذلت كثيرا من الجهد لكي أحصل على شهادة إدارة أعمال تنقذني من ذلك العمل، وأنا أريد استغلالها

-لم اقل قط إن ليس بإمكانك أن تستغلي شهادتك، او إنني لا أريد ان تعملي. لكنك تجيدين التعامل مع الطفلتين وهما تحبانك وانت تحبينهما ، والزواج حل ممتاز!
-ممتاز لأجلك فقط ، فأنا لا اراه ممتازا من اي ناحية اخرى.
-يوما ما ستريدين الزواج ، اليس كذلك؟ هذا ما تفعله أغلب النساء.
اننامنسجمان ، وقد أمضينا وقتا رائعا اليوم ...
أسكت ياجيراد، فكوننا أمضينا وقتا مرحا بعد ظهر هذا اليو ، لا يعني اننا ثنائي ملائم، استمع الى نفسك, لايمكنك حتى ان تدعي انك تريدني لنفسي . كل ماتريده هم ام لابنتيك. المرأه لا ترغب في الزواج، الا اذا كانت محبوبة ، او ، على الاقل ، لأجلها شخصيا . اننا حتى لانعرف بعضنا بعضا
-انت تعملين عندي منذ سنتين ، وهذا كاف لأحكم على تصرفاتك.
فضلا عن ذلك ، لقد كنت بغاية اللطافة مع الطفلتين أثناء الأسبوعين الماضيين. لدينا الأساس لزواج متين، ثم أنا لم أكذب عليك قط .
أتريدينني أن أركع على ركبتي وأعلن عن حب لايموت وكشفت لهجته اللاذعة عن مشاعره. فقالت:"لا، لأنك لن تكون صادقا!"
-انت على صواب ، فأنا لا اؤمن بالحب. على الاقل ليس كما تتحدث عنه الحكايات الخرافية. ولكن بإمكاننا أن ننشئ معا حياة جيدة. لا تقولي لا ، هذه الليلة ، يا كاسي. فكري في الامر!
-لست بحاجة الى التفكير بالامر و ...
وقبل ان تنهي كلامها ضمها جيراد اليه .نسي انه اصبح أبا فجأة، ونسي متطلبات المكتب. الحقيقة الوحيدة الأن هي هذه الفتاة الموجودة بين ذراعيه والنار التي اوقدتها في كيانه.
أبعد رأسه أخيرا وأخذ يحدق في ملامحها الذاهلة. كان جيراد يريدها وينوي ان يحصل عليها ، ولكن الالحاح قد يقتل الصفقه احيانا، لذا قرر ان يعالج الموضوع بالحيلة والصبر، ويرشوها اذا قضى الامر. لكنه يريدها اما لابنتيه، وسيجاهد في سبيل ذلك
قال وهو يتركها:"فلنعد الى البيت . لاظنك تريدين ان نتمشى وسنتحدث اكثر عن هذا الامر فيما بعد."
حرص على ان يبقى قريبا منها ، لكنه لم يلمسها اثناء عودتهما، ولاح لهما الضوء امام الباب، فأسرعت كاسندرا ، وعندما صعدت الدرجات الى الباب، قالت:" لا اريد ان نتحدث عن هذا الامر اكثر من ذلك!"
بقيت هادئة اثناء سيرها وقد منعها الذهول، لما حدث ، من تنظيم افكارها ، لكنها ارادت ان توضح موقفها قبل ان تذهب للنوم.
-وانا لن اقبل بأي جواب الليلة. ادخلي ، لانني مازلت اريد ان اتمشى.
وانتظر حتى اصبحت عند الباب، فاستدارت نحو الطريق.
واخذت تنظر اليه مبتعدا وقلبها يخفق في صدرها بعنف . كان عناقه مدمرا، لولا انه كان يمسكها لتهاوت، فقد شعرت عندها بوهن في ركبتيها.
منتديات ليلاس
امضت كاسندرا بعض الوقت في الحديث مع الجد. حدثها عن المدينة سونورا والتغيير الذي رآه في تلك المدينة الصغيرة النائمة اثناء اندفاع الناس للبحث عن الذهب. ولم يمض وقت طويل حتى اخذ يتثاءب، فأدركت كاسندرا انه متعب ،وقالت وهي تقف:" اظن انه على ان اخلد للنوم". ثم انصرفت الى غرفتها.
أطفاءت النور بعد فترة، ثم استلقت في الظلام. حاولت ان تتجاهل اضطراب حواسها عندما تذكرت عرضه الزواج. لم يذكر الحب او الاخلاص، بل ذكر فقط ، وبكل بساطة ، ان ابنتيه بحاجة الى ام وانه يريدها لهذاالعمل، هل هذه هي نظرته الى الزوحة؟ كأي موظف عنده؟
ارادت ان تثور للطريقة القاسية التي صاغ بها الاشياء ، لكنها لم تستطع الامنتاع من ان تتصور نفسها زوجة له ، زوجة تراه كل يوم وكل ليلة، تذهب برفقته وبرفقة التوأمين في نزهة. تراها حمقاء في رفضها عرضه؟ لقد اعجبت به منذ اليوم الذي عرفته. هذا لايعني ان الاعجاب
هو اساس للزواج. منذ ماتت امها، اخذت تبحث عن الحب. فهل يمكنها القبول بأقل من هذا؟
وماذا يحدث اذا رفضت؟ سيبحث عن امرأة اخرى، طبعا ، فاهتمامه بها مرتبط بالتوأمين.
كيف يمكن ان يعرض علاقة مصلحة مرة اخرى؟ ولكن ، من الاقاصيص التي سمعتها الليلة عن طفولته، مالذي يعرفه جيراد عن الاسرة؟ كان واضحا ان والديه كانا يتشاجران في كل لحظة من زواجهما. وعندما توفيا، ذهب ليعيش مع جده الفظ، لقد اعترف سيلاس بأن زوجته أنشأت ابنهما وحدها، ولهذا ، عندما اضطر لتربيه جيرد، كانت خبرته محدودة للغاية في ذلك المجال.
عليها ان تجد رجلا يحبها... عليها ان ترفض جيرد . ان مهنتها مهمة جدا لها... ويوما ما ، ستجد رجلا يحبها... عليها ان ترفض جيرد .ان مهنتها مهمة جدا لها ... ويوما ما ، ستجد رجلا يحبها حقا.
سمعت كاسندرا وقع خطوات هادئة في الردهة ، فعرفت على الفور انها خطوات جيرد. لقد وصل جيرد الى البيت بالسلامة . واذا اطمانت لوصوله ، استغرقت بالنوم
استيقظت في الصباح التالي عندما انفتح بابها، وارتمى جسدان صغيران على جانب سريرها. فتحت عينيها ببطء واخذت تحدق في وجهين متشابهين مشرقين. وقالت باسمه:"مرحبا".
رفعت أشلي ذراعيها:" احمليني يا كاسي!"
فقالت بريتاني:" وانا ايضا!"
رفعت كاسي الطفلتين الى سريرها ، واحتضنت كلا منهما.
وقالت أشلي:"اروي لنا قصة!"
كتمت كاسندرا ابتسامتها. فقد بدت الطفلة متسلطة كأبيها . وشعرت انها تحب تينك الطفلتين الغاليتين. انهما متشابهتان للغاية، ومختلفتان في الوقت عينه.
اخذت تروي لهما قصة وتسهب في وصف المناظر ، وتستعمل صوتا خشنا فظا لتقليد العملاق.
سألها جيرد من عند الباب/:اليس هذا مخيفا نوعا ما لطفلتين في الثانية من عمرهما؟"
رفعت كاسندرا بصرها مجفلة . كانت مستغرقه في تسلية الطفلتين الى درجة انها لم تسمعه. كان يرتدي بنطلون جينز وقميصا قطنيا أزرق، وقد اتكأ على مسكة الباب واخذ ينظر اليهن.
-انها مجرد قصة خرافية، والعديد من تلك القصص مخيفة نوعا ما ولكن الم تسمعها عندما كنت صغيرا؟
فأوما قائلا:" لكنني كنت صبيا!"
-وهل يشكل ذلك فرقا؟
ولوحت له اشلي بيدها:"مرحبا بابا اننا نتدفأ مع كاسي"
-هل من مكان لي؟
احر وجه كاسندرا ونظرت اليه:" لا ، مامن مكان لك!"
-انه سرير صغير، سريري الواسع المزدوج في البيت يتسع لنا جميعا.
تذكرت كاسندرا ذلك السرير الضخم الذي كان يحتل معظم مساحة الغرفة تقريبا، وتذكرت حين قال لها انه عندما تستيقظ الطفلتان تنضمان اليه لتندسا تحت الاغطية وتسمعا المزيد من الحكايات. بامكانها ان تعيش كل هذا بقولها كلمة "نعم" فحسب.
قال جيرد هازلا:" حان وقت النهوض من النوم، فجدي يحضر لكم الفطور".
تمنت كاسندرا لو يذهب ، فقد كانت تود الخروج من السرير . ولكنها وجدت ذلك صعبا لوقوفه هناك ينظر الى كل حركة!
ابتسم وبقي واقفا مكانه.
سألته :" أتريد ان ترتدي الطفلتان ملابسهما اولا؟"
-لا، افضل ان تبقيا بملابس النوم.
-اما انا فافضل ان ارتدي ملابسي قبل تناول الفطور.
-اسرعي اذن ، فقد وضع جدي اول دفعه من الكعك في المقلاة
فقزت الطفلتان من السرير تنتظر رحيله كي تنهض.
-اتريدين مساعدة؟
حملقت فيه، كان يعلم بحيرتها... تبا له!
-اذهب وساعد ابنتيك!
ضحك برقة، ثم ابتعد عن الباب، لكنه لم يتوجه الى المطبخ وانما
دخل الغرفة. واخذت تنظر اليه ، متسمرة في مكانها ، وهو يتوجه الى سريرها. كان قلبها يخفق ولم تستطع ان تتنفس. واحكمت قبضتها على البطانية وهي تراقب كل حركة منه. لم تثق بذلك اللمعان في عينيه ، لم تثق به على الاطلاق!
قال وهو يميل نحوها : "صبح الخير"
ولم تعرف هي كيف مال رأسها الى رأسه، وكيف ارتفعت ذراعاها لتطوقا عنقه؟ ومالذي جعلها تتشبث به هكذا؟ لم تكن تريد ان تشجع هذا الرجل ! فلديه مايكفي من الافكار الخطرة!
سمعت صوت سيلاس ينادي من المطبخ:"جيرد! بات الفطور جاهزا على المائدة!"
ابتعد جيرد عنها وجلس على حافة السرير قائلا:"آه، صوته هذا يعني (تعال الى هنا حالا) ، فأنا اتذكر تلك النبرة منذ كنت صبيا"
-الا تظن انه من الافضل ان تذهب ؟
ارادت ان تلقي بنفسها بين ذراعيه مرة اخرى ، وشعرت بأن دما ساخنا يجري في عروقها.
-هل ستنهضين؟
-نعم، بعد ان تذهب.
وشدت الاغطية على جسمها الى الاعلى وراحت تحدق به:"ماكان عليك ان تكون هنا!"
فابتسم بجرأة:"انا احب هذا المكان كما احب ان اكون بقربك!"
-مازال الجواب (لا)
قالت ذلك ، تذكره بعرضه المشين للزواج بها.
-لا اتذكر أنني القيت عليك اي سؤال.
-هذا يتعلق بالليلة الماضية.
-آه، ذلك السؤال، لا اريد ان اناقشه الان. ربما فيما بعد.
-لا، لقد سبق واعلمتك بجوابي.
-كاسندرا ، انت جديدة في مسألة التفاوض! لم تسمعي كل النقاط بعد. هناك ثمن على الدوام. وعلى ان اعرف مالذي تريدينه الان لقاء قبولك عرضي؟
وامسك يبدها يتأملها ، ويمرر أنامله على بشرتها الناعمة.
-انت تجعلني اشعر الان وكأنني قطعة أثاث تريد ان تشتريها.
-وربما أرشوك؟
وفكرت كاسندرا بأنه يكفي ان يعانقها ست مرات يوميا.
استجمعت كرامتها وسحبت يدها قائلة:"ارجو ان تتركني وحدي لارتدي ثيابي".
-لاترتدي ثيابك لاجلي!
-لكنك ترتدي ثيابك!
-يمكنني ان اغيرها
ومد يده الى الزر الاعلى في قميصه فأغمضت عينيها وقالت:"لا، اذهب وتناول فطورك".
عندما نهض واقفا، سمعت كاسندرا ضحكته الخافتة وهو يبتعد. وفكرت كم هو مثير للاعصاب.
(لن اتزوج لاكون مجرد حاضنة) . قالت هذا وهي تمشط شعرها بالفرشاة. وعندما رضيت عن مظهرها غب البنطلون الجينز المريح والقميص الاصفر ، القت بقميص نومها في غرفة النوم واسرعت الى المطبخ. ليس من اللائق ان تسئ معاملة سيلاس:"هل نمت جيدا؟"
-بشكل ممتاز!

وجلست على الكرسي الذي اشار اليه الجد، متجاهلة جيرد، ثم نظرت الىكومة الكعك في طبقها. فقالت:"لن استطع ان آكل كل هذه!
فقال جيرد:"كلي قدر ماتشائين، وسنلقي الباقي خارجا للعصافير"
فقالت بريتاني والقطر يتلألا على ذقنها :" انه كعك حلو"
وقالت اشلي بفم محشو :"ولذيذ جدا".
فقالت لها كاسندرا:" ابلعي الطعام قبل ان تتكلمي!"
لقد تكلمت من دون ان تفكر بما قالته، فبدت كالام تماما. ثم نظرت الى جيرد ولم تعجبها تعابير وجهه. لقد قالت له (لا) عشرات مرات. الم يسمعها؟
أكلت كاسندرا بسرعة، راجية ان يتمكنوا من الرحيل في اسرع مايمكن.
كان قدومها الى هنا، غلطة . انها بحاجة الى البقاء بعيدا عن جيرد، فهو لن يصغي اليها . فليذهب ويبحث عن ام اخرى لابنتيه.
نقبض قلبها لهذه الفكرة. اذا وجد امرأة اخرى، لن يدعوها لكي تساعده برعاية بريتاني واشلي. ستكون هناك امرأة اخرى تفتنها الطفلتان وتضحك لتصرفاتهما، ويذوب قلبها عندما تراهما فرحتين وتبتسم راضية. قررت كاسندرا ان تهتم بعملها، وفكرت انه عليها ان تعود الى بيتها، لتفكر بكل هذا بهدوء ، ولكن جيرد لم يكن مستعجلا. عندما اغتسلت الطفلتان وارتدتا ملابسهما، خرجوا، ورافقهم كاسندرا بعد ان طلب منها جيرد ذلك، كونها خبيرة بأمور الاولاد.
كان النهار رائعا والشمس تتألق في سماء صافية والنسيم يحمل شذا الصنوبر والارز.
اقترحت كاسندرا عليهم لعبة فراحت الطفلتان تركضان بسرعة وتقهقهان ضاحكتين. وبعد عدة جولات، قالت كاسندرا للطفلتين:"لم اتوقع ان يشترك والدكما معنا".
نام جيرد ووضع يديه تحت رأسع قائلا:"لم العب هكذا منذ اكثر من خمسة وعشرون عاما".
نظرت اليه كاسندرا وقد اغمض عينيه. وتمنت لو تلمس وجهه بأصابعها وتشعر بحرارة جلده.
جلست بريتاني بجانب جيرد واخذت تضربه قائلة:"لاتنم"
ففتح عينا واحدة وابتسم قائلا:"لست نائما، انا ارتاح فقط!"
فقالت كاسندرا:"بابا رجل عجوز يريد ان يرتاح بعد اللعب".
فقال دون حرارة:" خداعه، ستجعلينهما تصدقان ذلك!"
وصرخت بريتاني لاشلي:"بابا عجوز"
-اثنان وثلاثون لاتعني انني عجوز!
-اذا كنت في الثانية من عمرك ستعتبر عجوزا كذلك!
-كم عمرك انت؟
-خمسة وعشرون .
فقال دون ان يفتح عينيه:" هذا يجعله زواجا حقيقيا ياكاسي. يمكنك ان تنجبي لي المزيد من الاطفال الى جانب هاتين الطفلتين. وعندما يكبرون ويذهبون الى المدرسة، تعودين انت الى ممارسة عملك!"
اخذت كاسي تنظر الى الطفلتين بينما سرت في جسدها الحرارة لكلماته. اطفال من جيرد؟ ربما تنجب صبيا صغيرا في المرة التالية...
صبيا صغيرا قد يرغب بأن يمضي فصول الصيف مع سيلاس، ويلعب في الجبال وينشأ مثل ابيه. اخذت نفسا مرتجفا ثم وقفت وقالت:"لقد تأخرنا، علينا ان نحزم امتعتنا لنعود الى بلدنا. اظننا انهكناهما بالركض، وقد تنامان وال رحلة العودة!"
اخذت كاسندرا تتأمل جيرد وهو ينهض من دون جهد. ولم تستطع ان تمنع نفسها من ان تلاحظ قوة جسمه وعرض كتفيه. كان يبدو في بذلة العمل جادا رزينا، اما الملابس العادية فكانت تبرز رجولته ومظهره الجذاب. اغمضت عينيها واشاحت بوجهها ، فاقترب منها.
-كاسي؟
-ماذا؟
-حان الوقت لتنحدث في امر معين، امر اظن انه سيعجبك.
نظرت اليه حابسة انفاسها ، وفجأة ادركت انها تحبه! لقد بقيت شهرا معجبه به. وكانت تسر لاي إطراء يوجهه لها حول عملها . لكنها تنبهت خلال هذين الاسبوعين كم هو عزيز عليها.
خفق قلبها، لايمكنها ان تتزوج هذا الرجل.. ومع ذلك، لايمكنها ان تسمح له بأ، يتوزج امرأة غيرها؟
مال جيرد نحوها وراح يتأمل وجهها، ثم رفع ببطء نظاراتها عن وجهها ووضعها في جيب قميصه.
-اذا تزوجتني سأقدم لك مجانا عشرين في المئة من شركة هنتر ، وبذلك تضمنين مهنتك الى الابد!
نظرت اليه مذهولة، وكادا ان يغمي عليها . حاولت ان تركز على عينيه القاتمتين وكان صدى كلماته يترجع في رأسها.
-ماذا قلت؟
-لقد سمعتني ، عشرون في المئة نسبة جيدة! فأنا نفسي املك فقط واحدا وخمسين في المئة ، والتسعه والاربعون الاخرى هي ارث اشلي وبريتاني من امهما، لكنه سيبقى ضمن الاسرة.
اغرورقت عيناها بالدموع. لقد ادركت لتوها بأنها تحب هذا الرجل بينما هو يرشوها لكي تتزوجه، وتملكها الالم. ازاح جيرد خصلة من شعرها الى خلف اذنها وبقيت اصابعه لحظة اطول على وجهها وكأنه يستمع بنعومة بشرتها. ثم اخترق الصمت السائد قائلا:" انت تحللين كل شيء حتى النهاية،كما تحللين التسوق تماما. قولي نعم ، ياكاسي."
-لكن ذلك لن ينجح ابدا!
-بل سينجح طبعا، سنحرص على ذلك! قولي نعم.
حبست انفاسها، والافكار تدور في رأسها. تنفست بعمق والقت بالحذر عرض الحائط ، ثم أومأت بالقبول.
ابتسم جيرد ومال نحوها. واذ لفحت انفاسه وجنتيها، اغمضت عينيها وانتظرت ان يعانقها، واذا بصوته يهذر في اذنها:"اشلي ، لا".
وتركها واندفع نحو لطفلة، التي كانت على وشك وضع ازهار بريه في فمها. فنظرت اليه كاسندرا وقد تملكها الاضطراب، انهما خطيبان منذ ثمانية ثوان فقط، ومع ذلك تجاهلها لاجل طفلتيه، هل هذا يدل على نوع حياتهما المقبلة؟ ستحاول ان تمنع ذلك ، لكنها ستحرص على الا تدعه يعلم انها تحبه، فهو من ذلك النوع الذي ينتهز ذلك لمصلحته.
كانت رحلة العودة هادئة، فقد نامت الطفلتان في مقعديهما حالما ابتعد جيرد بالسيارة عن بيت جده, اما هي فراحت تفكر بعملها، وبالمسودة التمهيديه التي عليهم ان يضعوها قبل المباشرة بالمشروع الذي خططت له. اترى"ميلاني" انهت الجزء الخاص بها في المشروع؟ سيكون على كاسندرا ان تتأكد من ذلك في الصباح الباكر. بعد العمل، سوف تنصرف لشراء بعض الاغراض. حاولت ان تبعد ذهنها عن التغيير البالغ الاهمية الذي قلب حياتها ، لكنها لم تستطع الاستمرار في ذلك طويلا.
اذا تزوجا فلن تعود بحاجة الى شقتها. لقد وافقت على الزواج من جيرد هنتر. اتراها اقترفت خطأ بذلك؟ نظرت اليه متسائلة متى تراه ينوي الزواج بها؟ وهل يمكنها حقا اتمام هذا الامر. اذا لم تتزوجه، سيتزوج امرأة اخرى. وهذا ما قوى من تصميمها على الزواج به.
نظر اليها جيرد وهي غارقة في التفكير ، فقال لها بهدوء:"هل تراجعين افكارك؟"
-ربما.
فقطب حاجبيه وقال:" افكر في اتمام الزواج يوم الجمعة القادم. سأطلب من هيلين انجاز المعاملات لتتزوج في اي يوم من هذا الاسبوع!"
فتملكها الذعر:"بهذه السرعة؟"
-هل من سبب للانتظار؟
هزت رأسها نفيا... آملة بأن تعتاد على هذا.
تجاوز جيرد بيتها وتابع السير الى بيته مبارشة، حيث ساعدته في اطعام الطفلتين. كانت قبلا تشعر بالارتباك والغربة في تلك الشقة. اما الان فقد بدأ كل شيء يبدو مألوفا.
بعد ان استعدت الطفلتان للنوم، ركضتا الى غرفة الجلوس، جاهزتين للاستماع الى الحكاية.
قال جيرد وهو يحمل اشلي ويضعها على ركبتيه:"اليوم ، ستحكي لنا كاسي الحكاية".
عندما جلست كاسندرا، مال عليها بسرعة يطبع قبلة على جبينها وقد برز تحد غريب في عينيه. لم تستطع كاسندرا ان تتنفس او ان تركز على سرد الحكاية. وما ان انتهت حتى كانت الطفلتان غارقتين في النوم ، على الرغم من قيلولتهما الطويلة. فحملتهما مع جيرد ، الى غرفتهما ووضعتهما في سريريهما. وللمرة الاولى، اخذت تفكر في ما وافقت عليه. سيكون لها دور فعال في حياة هاتين الطفلتين الغاليتين. وستكون الذكرى التي يتذكرانها. وستأخذهما الى المدرسة ، وتحضر مسرحياتهما في اعياد الميلاد، وتسمع لها دروسهما، وتمسح دموعهما عندنا تصبحان مراهقتين، ويصبح الفتيان بالنسبة لهما مصدر ارباك وخيبة امل.
وكانت تعلم انها ستحبهما الى ان تموت ، تماما كما تحب اباهما والتفتت تبتسم لجيرد بخجل.
وسار امامها الى غرفة الجلوس وهو يسألها:"هل انت متلهفة للخروج ام يمكنك البقاء لنتحدث عدة دقائق؟"
اجابت:"يمكنني البقاء اذا اردتني ان ابقى"
فنظر اليها متأملا:"تتكلمين كموظفة ممتازة. انت شريكة الان، ياكاسي ، وبعد اقل من اسبوع ستكونين زوجتي".
-وماذا تتوقع من هذا الزواج ياجيرد؟ الطاعة؟ ان انحني لارادتك بخنوع؟
فضحك قائلا:" لا انتظر ذلك منك، بل اتوقع منك ان تفعلي ما تريه صوابا ، وتعلميني به فيما بعد."
وبدا الجد على وجهه فجأة، وجذبها اليه واراح جبهته على جبهتها:"اريد ان تكوني زوة محبة، تساعدني مع الاطفال وفي العمل. لا اتوقع منك ان تبقي في البيت وتكوسي نفسك لاشلي وبريتاني. ولكنك ستكونين موجودة كل ليلة وكل اجازة اسبوعية، كما سأكون انا تماما".
تمنت لو يكف عن الحديث ويعانقها ليبدد كل شك اخر في حياتها
-اريد امرأة تشاركني اموري. اياك ان تهربي الى نيويورك.
وجدت ان ما قاله غير ممكن ، فوعدته بعدم التخلي عنه.
احتضنها بشده وكأن ليس على كوكب الارض سواهما. وكانت كاسندرا هي ايضا، تنسى انهما ليسا وحيدين على هذاالكوكب!
* * *


- نهاية الفصل السابع -

ماري-أنطوانيت 30-10-08 02:23 AM

كتبت هذا الفصل العزيزه ((لحــ الوفاء ــن))
========================


8- ماما رقم اثنين...

عندما اخبر جيرد هيلين ، في اليوم التالي، عن خطبتهما، لم تندهش لذلك. كان يتوقع شيئا من الذهول بدلا من تلك الابتسامة الماكرة التي ارتسمت على وجهها . نظر اليها بغيظ ، ثم طلب منها الدخول الى مكتبه. وعندما اغلقت الباب خلفها، بادرته قائلة:" تهاني، اظن انه حان الوقت لذلك!"
=حان الوقت؟ ولكن لم يمض شهران على موت مارلين؟ انا استعجلت الزواج.
- اعني ان تعثر على امرأة تحبها وتتزوجها . انت ومارلين كنتما متشابهتين جدا ، اعرف انكما تزوجتما لتنشئا شركة. اما الان فقد حان الوقت لتحصل على زوجة لنفسك، وليس كما الامر مع مارلين! كن سعيدا ايها الرئيس ، ولا تقلق لذلك.
فتح جيرد فمه ليصحح لهيلين معلوماتها الخاطئة، لكنه عاد فأطبقه اذا شاءت ان ترى في هذا الزواج حب ، فلا داعي لان يحطم لها فكرتها هذه. يكفي ان كاسندرا تعلم الحقيقة. لقد ذكرت الحب امس ، لكن جيرد كان يعتبر ان الحب شعور غير واضح من المفروض ان يربط الناس ببعضهم البعض. والزواج من دون حب يمكن ان ينجح، عندما يحترم الزوجان بعضهمابعضا ويتشاركا هدفا واحدا. كان جيرد متشوقا للعمل، فبدأ يوضع قائمة بالمهمات التي سيكلف بها هيلين. عندما ينتهي من امر الزفاف، يمكنه ان يركز افكاره على عمله.
سألته هيلين:"وماهو شعور كاسندرا حيال هذا؟"
-لقد وافقت على الزواج بي.
قال هذا وقد تملكه شعور بالرضى عن النفس، لقد وافقت ولن يدعها تغير رأيها.
-لا اعني بالنسبة لذلك، اعني عن خططكما بالنسبة الى العرس، من المعتاد ان تقرر العروس هذه الامور بنفسها.
فقطب جبينه:"لا ادري".
-انصحك ايها الرئيس بإن تسألها على الاقل! Shinging tears
فأمرخا قائلا:"استدعيها!"
دخلت كاسندرا مكتب جيرد تلبيه لدعوة هيلين.نظرت اولا الى جيرد ثم الى هيلين. Shinging tearsهل كان هذا اجتماعا؟وابتسمت هيلين بحرارة:"تهاني، وتمنياتي الطيبة!".
بادلتها كاسندرا ابتسامتها وانتابها التوتر. كلما فكرت بالامر، زاذ توترها.ولكن ، نظر للحب الذي كانت تكنه لجيرد، لم تكن تستطيع ان تقف جانبا وتدع امرأة اخرى تتزوجه وتشاركه حياته وحياة التوأمين. كانت تريد ذلك لنفسها.
-طلبت من هيلين ان تضع ترتيبات حفلة الزفاف، ستحجز قاعة في "سيتي هول" ليوم الجمعة، وترى الاجراءات التي يجب ان نقوم بها.
عندما جلست كاسندرا بجانبه الى المكتب،قالت:"في الواقع ، ياجيرد، علينا ان نتحدث اكثر عن هذا الامر!"
-ماذا هناك لنتحدث عنه؟ لقد وافقت على الزواج بي وانتهى الامر.
-لا ، بل هي البداية! ولكن ليس هذا ما اعنيه. بعد ان عدت الى بيتي الليلة الماضية، اخذت افكر. هذا هو عرسي الوحيد، ولهذا لا اريد حفلا سريعا في "سيتي هول".
مال الى الخلف بحيرة:"لاتقولي انك تريدين عرسا فخما تستغرق ترتيباته ستة اشهر او اكثر؟"
-لا، ليس كذلك، فأنا لا انتمي لاسرة كبيرة، ولكن لي بعض الاصدقاء الذين اريدهم ان يحضروا، وافترض ان لديك اصدقاء يجب ان يحضروا. وكذلك جدك!. اريد عرسا في كنيسة، فكرت في ان تقيم العرس في كنيسة صغيرة قرب"كولوميس"اذا لم يكن لدى هيلين مانع، لم لا نحجزه ليوم الجمعة، سنتبع الخطة نفسها التي رسمتها ، ولكنني لن اتزوج في "سيتي هول."
فسألها"كم من الاصدقاء ستدعين الى العرس".
-اريد ان ادعو اعضاء فريقي في العمل، وبعض الجيران. كما ان بامكان صديقتي سوزي ان تكون اشبينتي... اي حوالي عشرة اشخاص.
-عشرة!
وحدق اليها. لم يكن يتوقع هذا العدد، فقد كان ينوي اقامة احتفال بسيط لشرعيةة العلاقة. هكذا كان عرسه مع مارلين، والان كاسندرا تتحدث وكانها عروس حقيقة. لكنها كذلك طبعا. ونظر اليها لحظة، وتساءل عما اذا ان على صواب في الالحاح عليها بقبول الزواج منه. انها صغيرة وامامها الحياة كلها، هل من العدل ان يربطها برجل لديه طفلتان، سبق له ان تزوج لمجرد المصلحة. هل ستكرهه على مر السنين؟
اضافت هيلين:"هناك عدة اشخاص سيتكدرون جدا اذا اقام جيرد عرسه دون ان يدعوهم".
فقال لها بحدة:"لست بحاجة الى رأيك".
فقالت كاسندرا:"بل انت بحاجة اليه! اذا كانت هي منظمة حفلة العرس، علينا ، نحن الاثنين، ان نصغي اليها، كم علينا ان ندعو من ناحية جيرد؟"
وكان كلامها الاخير موجها الى هيلين.
-مدير موظفيه، ووكيله القضائي، وعدة اصدقاء من مختلف المنظمات التي ينتمي هو اليها. هذا بالاضافة الى جده. فيبلغ مجموع المدعوين اثني عشر مدعو او اكثر.
فقال :"هذا يعني ان العرس اكثر من عشرين شخصا!"
فقالت كاسندرا:"انت ماهر في الارقام دوما. والمشكلة في هذا؟ ولاتنسى ان الطفلتين يجب ان تكونا حاضرتين".
-انهما طفلتان، والاطفال لايذهبون الى الاعراس.
-بل ستذهبان، عليهما ان تكونا هناك!
ولم تدع كاسندرا نفسها تنزعج رغم ان نظراته الغاضبة جعلت نبضات قلبها تتسارع. لقد فكرت الليلة الماضية طويلا في كل شيء . اذا كانت سترغم على زواج المصلحة، فهي ستصر على ان يكون لها رأي في الامور. وكما كانت تقول امها بالتبني(ابدأ بالشكل الذي تريد ان تستمر عليه) حدق جيرد اليها لحظة طويلة، ثم أوما قائلا:" تصرفي كما تريد العروس ، ياهيلين"
***
مر الاسبوع سريعا. وكانت كاسندرا تتساءل ما اذا قامت بالعمل الصواب. واذ كانت افكارها مشتته، اصبحت عرضة للمزاح بين افراد فريقها في العمل. وقد تملكتهم الرهبة في البداية، لفكرة زواجها من الرئيس، لكنهم سرعان ماعادوا يعاملونها كزميلة لهم بعد ان رأوا ان تصرفها لم يختلف معهم. فكاسندرا لم تكن من أولئك الاشخاص الذين يتباهون بالمظاهر، هذا لأن الوضع بأجمعه بدا لها اشبه بحلم ، فكيف تؤمن به، وتتصرف بوحيه؟
عندما اقترح جيرد عليها ان تنقل مكتبها بجانب مكتبه، رفضت ذلك، اذ لم تكن تريد اي تمييز لها بصفتها زوجة الرئيس. عندما اصرت على الرفض ، قال لها:" انت ايضا شريكة في المؤسسة وهذا يجعلك الرئيسة!".
-هذا بعد الزواج، وعلى الاوراق فقط. فأنا لا اعرف الا القليل بالمقارنة بك وببقية المدراء ذوي الاسبقية. وستمضي سنوات قبل ان اتمكن من اتخاذ قرارات كبرى، وربما ندع جانبا مسألة إعطائي حصة في الاسهم".
-ندع جانبا؟
ونظر اليها بإضطراب . ماذا تعنين بقولك(ندع جانبا)؟ هل تحاولين ان تقولي لي انك غيرت رأيك وأنك ترجئين الزفاف؟"
فهزت رأسها ساخطة:" لا، انا لا احاول ان ارجئ أي شيء ... ما عدا وضع الاسهم بإسمي، ظننتك ستكون سعيدا لهذا!"
قال مفكرا:" ظننت أن هذا ما رجح كفة الميزان فجعلك تقبلين"
فابتلعت ريقها ونظرت الى الملاحظات على الورق امامها. لم تستطع ان تخبره انها قبلت الزواج به كي لا تتزوجه امرأة اخرى، فهو سيطلب ان يعرف السبب، وهذا ما لا تستطيع ان تخبره به.
-اظن فقط انه عليناان نتنظر. هذا كل شيء!
-لاباس إذن، دعيني اعلم حين تشائين ذلك.
قال هذا ، وعاد يناقش معها المشروع الذي كان بين يديه.
&&&
عندما حل صباح الجمعة ، كانت كاسندرا متوترة الاعصاب كثيرا، كانت قد قامت بكافة الاستعدادات، فوضعت في حقائبها ما يكفي من الملابس، كما قامت بعرض شقتها للبيع.
عندما كانت ترتدي ملابسها صباح يوم الجمعة، كانت تتساءل بقلق عما اذا كان قرارها قبول الزواج به ، صائبا.
سألتها سوزي صديقتها، التي كانت ترتدي فستانا وردي اللون، يبرز سمرة لونها :"كاسندرا... هل انت بخير؟"
طرقت كاسندرا بعينيها ، ثم ابتسمت وقالت:" نعم، طبعا! اظنني متوترة قليلا، هذا كل شيء!"
تأوهت سوزي وقالت ضاحكة:" كم اتمنى ان يكتسحني حب رجل طويل وسيم واسمر، انا ايضا!"
بادرت كاسندرا الى تصحيح خطأ سوزي ، لكنها عادت وغيرت رأيها، فلتدع صديقتها تظن بأن زواجهما شاعري، لانها سوف تشتت احلامها، اذا اخبرتها بالحقيقة.
&&&
-انا اساعد ... بابا.
قالت بريتاني هذا عندما ربطت شريط حذاء ابيها.
-شكرا ياحبيبتي، لكنني أظن انه بإمكان بابا ان يربط شريط حذائه بنفسه!
ورفع فردة الحذاء من بين يديها واخذ يفك الشريط المربوط، متسائلا عما اذا كان من الاسرع ان يقطعه ويضع مكانه شريطا جديدا.
كانت الاثنتان تريدان مساعدته، والقى باللوم على كاسندرا فقد اصرت على ان تحضرا العرس، والا لكانتا بقيتا مع جينيفر، دون ان تعلما شيئا عن الامر.
القى بفردة الحذاء وسط السرير لبيقيه بعيدا عن يدي بريتاني، واندفع نحو الحمام بحثا عن اشلي، فرآها على كرسي المرحاض، وكريم الحلاقة يغطي وجهها. كانت الرغوة منتشرة في كل مكان ، على الجدران والمرآة وقميص نومها.
قال لها معنفا:" اشلي ، الم اقل لك امس الا تعبثي بأغراض بابا؟"
-اريد ان احلق!
-البنات الصغيرات لا يحتجن الى الحلاقة، وكذلك الصبيان الصغار!
وجاءت بريتاني الى الباب فضحكت قائلة بإبتهاج:" رجل الثلج ! وانا ايضا".
واخرج بريتاني من الحمام، ثم اخذ ينظف اشلي. ود لو كانت كاسندرا معه ، فتهتم بواحده منها، او على الاقل كان هذا مايرجوه.
غسل وجه اشلي وانتبه الا يلطخ ثيابه بالكريم، ثم شطف شعرها بالماء وارسلها الى غرفتها، وحاول ان ينظف الحمام.
غير جيرد ملاءات سريره حالما استيقظ هذا الصباح، وافسح في غرفة ملابسه مكانا لملابسها.
-بابا... اريد كاسي.
-سآتي اليك بعد لحظة!
كان يرجو ان تغط ابنتاه في نوم عميق الليلة. ربما عليه ان يأخذهما بعد الظهر الى الحديقة العامة ، فتلعبان كثيرا وتستغرقان في النوم سريعا.
&&&
كان جيرد قد ارسل الى كاسندرا سيارة ليموزين ، صعدت كاسي الى المقعد الخلفي وكانها اعتادت على ذلك طوال حياتها وساعد السائق سوزي على الدخول، ثم وضع الحقائب في صندوق السيارة.
سألتها سوزي وهي تفحص كل شيء :" انها سيارة بغاية الترف، هل ستسافرين دوما بالليموزين؟"
-طبعا لا، لدي جيرد سيارة جيدة، وقد ذهبنا فيها الى سونورا، خلال العطلة الاسبوعية الماضية.
-لم تتحدث الا القليل عن هذا الرجل. اريد ان اعرف عنكما كل شيء. انت افضل صديقاتي ولن اسمح لك بالزواج الا بعد ان ابارك الزواج!
وضحكت سوزي مازحة.
-وماذا تريدين ان تعلمي؟
-متى ادركت انك تحبينه؟
-في فناء بيته في سونورا ، اثناء العطلة الاسبوعية الماضية ، وقبل ان بعرض على الزواج مباشرة
-آه ، اخبريني المزيد.
رأت كاسندرا انه لم يكن هناك الكثير ليقال، لكنها حاولت جهدها ن تصور لصديقتها علاقتها بجيرد ، علاقة شاعرية وسعيدة، وبالغت في عدد المرات التي كانا يمضيانها وحدهما وادركت كاسندرا انهما لم يخرجا قط في موعد حقيقي، وانها ستتزوج قبل ان تحصل على فرصة للخروج معه. تجاهلت وخزة خيبة الامل التي انتابتها، واخذت تزخرف كل اجتماع، مركزة حديثها على مظهره وحديثه وكيف يذوب قلبها بمجرد النظر اليه.
وعندما توقفت الليموزين امام الكنيسة، عانقت سوزي كاسندرا وقالت، بينما كانت الساعة تشير الى الحادية عشرة . حياها الكاهن ودخلت هيلين بابتسامة عريضة.
منتديات ليلاس
قالت لها هيلين:" لن تكوني عروسا من دون باقة ورد!"
ثم تقدمت الى كاسندرا باقة الورود البيضاء والوردية، كما قدمت الى سوزي باقة من الورد الاصفر.
عانقت كاسندرا هيلين وقد تأثرت برقتها واهتمامها وشكرتها وقد اغرورقت عيناها بالدموع ، ثم اخذت تطرف بعينيها بسرعة محاولة ان تستعيد اتزانها.
سألتها هيلين:" هل انت جاهزة؟"
وعندما أومات كاسندرا، ابتسمت هيلين وقالت لها :" ثمة شيء اخر، لقد طلب مني جيرد ان ارفع نظاراتك"
-نظاراتي؟ لكنني بحجة اليها.
-اطيعي الرجل ، ياحبيبتي ! انه لايطلب الكثير
فأومات كاسندرا ، ورفعتها عن عينيها وناولتها اياها فصار كل شيء بعيدا عنها.
كادت كاسندرا تختنق فلم تستطع الكلام، انه عرسها وسيبدأ بعد ثوان ، وسترتبط بجيرد حتى اخر حياتها.
ابتسمت سوزي لها وسارت نحو الباب. وعندما علاصوت الموسيقى، فتح الباب على مصرعيه.
اجفلت كاسندرا لرؤية كل هؤلاء الناس ، وترددت . كانت تعلم انهم لايتجاوزون الثلاثين شخصا الذين تحدثا عنهم ، ولكنهم بدوا لها وكأنهم جمع غفير. كانت كل الاعين عليها، فجمدت مكانها ، وهمست لها سوزي وهي تدفعها بمؤفقها:" هيا! انها الموسيقى الزفاف".
وامام المذبح ، رات جيرد ، فبدا لها طويلا وبعيدا ، ورغم انها لم تكن تستطع رؤيته بالضبط، استطاعت ان تشعر بقوة نظراته من حيث كان يقف. ثم تحولتنظراتها الى اليمين . كان قد طلب من جده ان يكون شاهده، وادركت ان سيلاس سعيد.
تنفست بعمق وهي تسير نحو الامام، وكادت تتعثر بقدميها ، عندما رأت طفلتين متماثلتين تحدقان اليها وتضحكان لها . كان ثوبهما وردي اللون كلون ورود باقتها. وبدت الطفلتان رائعتين للغاية. وادركت ان قبولها بهذا الزواج هو قرار صائب ، لكونها ستعتني بنفسها وبهاتين الطفلتين. فرق قلبها واغرورقت عيناها بالدموع وهي تسير في الممر خلف سوزي.
عندما وصلت الى جيرد ، اوما لها برأسه ثم التفت الى الكاهن
وقالت اشلي :" مرحبا، كاسي!"
فابتسمت وهمست لها "مرحبا"
وبدا الكاهن يقول " أعزائي..."
واذا ببريتاني تقف اما كاسندرا وتقول لها رافعة ذراعيها :"احمليني".
وقالت اشلي :" وانا ايضا!"
فقال لهما جيرد بهدوء:"ليس الان!"
فهمست كاسندرا :" يمكنهمت ان يريا بشكل افضل اذا كانتا عاليتين".
وناولت سوزي باقة الورد ثم انحنت لتحمل بريتاني ، وبعد ان سوت ثوب الطفلة، منحت جيرد ابتسامة مشرقة ثم تحولت نحو الكاهن.
-وانت تتهمينني بأنني ادللهما!
وبعد ثانيتين ، كان جيرد يحمل اشلي وقد بدا كل شيء طبيعيا ، وكأن كل عريس يحمل طفلا على ذراعه اثناء تبادل العهود مع عروسه.
ارتسمت على وجه الكاهن ابتسامة عريضة ثم بدا مرة اخرى .
التقت عينا كاسندرا يعيني جيرد . واجه كل منهما الاخر بينما الكاهن يتلو كلماته الازلية . وعندما سأل جيرد عما اذا كان سيأخذ كاسندرا زوجة له رن صوته عاليا وهو يقول:"نعم!"
كانت الطفلتان هادئتين، متأثرتين برهبة الموقف. وعندما طلب الكاهن من كاسندرا ان تكرر عهودها ، اشتدت قبضتيها على بريتاني. لم تكن تزوج جيرد هنتر فحسب، بل توافق ايضا على ان تكون اما لهاتين الطفلتين الصغيرتين. وجدت ان وجودهما في هذا الاحتفال كان ملائما وكان تبادل الخاتمين والطفلتين على ذاعيهما، مربكا تماما، لكنه انتهى على خير.
-يمكنك ان تقبل عروسك.
تألقت عينا جيرد ، ثم انحى ببطء ليقبل كاسندرا. فأعلنت اشلي " بابا قبل كاسي!"
تعرفت كاسندرا على نصف المدعوين، املة ان تتمكن من ان تتذكر اسماءهم. وسرها ان ترى النساء والرجال الذين تعمل معهم وجيرانها سعداء يشاركونها فرحة هذا اليوم.
بدا سيلاس وكأنه صديق قديم، احتضنها بشدة وهو يقول بخشونة " كوني طيبة مع ولدي!"
كانت هيلين قد رتبت امر حفلة غذاء صغيرة في ناد خاص في "نورث بيتش" فتوجه جميع المدعوين الى هناك.
&&&
اخذت كاسندرا ترشف العصير باسمة ، وراحت تشكر كل ضيف لقدومه. وعندما حل العصر كانت وجنتاها تؤلمانها، وكذلك قدماها، وشعرت بدوار ولكنها لم تشأ ان ينتهي النهار. فقد كانت تستمتع بوقتها كثيرا. وعندما غادرا، انتقلا الى شقة جيرد لكي يبدآ حياتهما الجديدة معا.
شعرت بقلبها يخفق، وبافكارها تتشابك بحيث لم تستطع التفكير بوضوح، كان ذاك اليوم يوم الجمعة، وكانا سيذهبان الى البيت بعد الحلفة الاستقبال. وبعد ان يضعا الطفلتين في فراشيهما ، يبدآ حياتهما الجديدة معا.
لم يكن عليهما ان يذهبا للعمل قبل يوم الاثنين، وهذا يعني ان لديهما يومين كاملين لايعملان فيهما شيء سوى....
-يبدو وجهك متوهجا، هل الجو حار هنا؟
سألتها هيلين، فأجابت:"لا، انا بأحسن حال. والحفلة رائعة. لا اصدق انك انجزت كل هذا بهذه السرعة. كل شيء بالغ الجمال. اعلم طبعا مدى كفاءتك، ولا يمكن لجيرد ان يتدبر اموره من دونك، لكن عملك هذا لايصدق.."
وسكتت كاسندرا فجأة، فقد كانت تثرثر دون وعي . ونظرت الى جيرد خلسة ، وسرها ان تراه يتحدث الى احد اصدقائه. ومنحها هذا فرصة تتأمله فيها ، من جون ان يشعر.
كان يبدو بنفس الهدوء الذي يبدو فيه اثناء اجتماعات العمل. ولم لا؟ فهذا الامر، بالنسبة اليه، هو مجرد صفقة اخرى. صفقة عقدت ونفذت.
وفجأة تمنت من كل قلبها لو ان هذا الزواج كان زواجا طبيعيا حقا،
ولو انه يحبها بقدر ماتحبه. كيف يمكنها ان تحتمل هذا سنة بعد سنة..؟
ان تطلب منه الخلاص ، فلاتحصل على غير التهذيب والكياسة؟
نظر اليها فالتقت اعينهما ، ابتسم واشار اليها بأن تأتي اليه. وعندما دنت منه ، عانقها وشدها اليه يسألها:"هل انت جاهزة للخروج؟"
فتملكها الذعر:" الان؟"
-لقد اكلنا، وتحدثنا مع الجميع، وقطعنا كعكة الزفاف. هل هناك سبب لبقائنا؟
فهزت رأسها:"لا اظن ذلك. اين البنتان؟"
-بريتاني مع جدي واظن هيلين اخذت اشلي منذ فترة.
-امنح هذه المرأة ترقية، انها تستحقها!
-هل لانها اخذت احدى التوأمين الفظيعتين ام لاجل هذا النهار؟
-لاجل الاثنين!
وامالت رأسهاا بشجاعة ونظرت مباشرة في عينيه:"لقد كانت حفلة استقبال جميلة للغاية."
-رغم وجود الطفلتين المشاغبتين معنا؟
-لم تكونا مشاغبتين بل كانتا حسنتي السلوك تماما
-الم تشعري بأي خيبة امل؟
- ولم اشعر بذلك؟ كان اليوم رائعا، والليموزين سلبت لب سوزي
-وانت؟
فأومات:"شكرا ياجيرد، كان كل شيء رائعا!"
-ولم ينته بعد.
سرت الحرارة في جسدها وقالت بصوت خافت:"لا . لا اظن ذلك!"
وهكذا ودعا ضيوفهما، وحملا الطفلتين وصعدا الى الليموزين، وعندما جلست في لمقعد الجلدي الناعم، حاولت ان تبدو طبيعية وقالت اشلي من مقعدها المقابل:" احكي لنا حكاية ياكاسي."
فقال جيرد:" اسمها الان ماما"
فقالت بريتاني:" ماما ذهبت"
-كاسي هي ماما الان، يمكنك ان تناديها ماما!
فنظرت اسلي حولها وقالت:"ماما؟"
-جيرد، اظنك تربكهما، يمكنهما ان تستمرا بمناداتي كاسي.
-اذن سيحدث الارتباك عندما تنجب اطفالا وانا وانت . اشبس ، بريتاني ، كاسي هي ماما الجديدة، ماما الاولى ذهبت، لكن كاسي ستكون ماما الجديدة. ماما رقم اثنين.
فحاولت اشلي ان تفهم:" ماما اثنين؟"
لم تتفوه كاسندرا بأي كلمة، فقد اخذ قلبها يخفق لذكر انجاب اطفال منهما ، هما الاثنين
فسألته بريتاني:" كاسي، ماما اثنين؟"
-نعم ، كاسي هي ماما رقم اثنين!
* * *


نهاية الفصل الثامن

رايقه وفاضيه 30-10-08 08:08 AM

تحممممممممممممممممممممممممممممست مع الروايه اتمنى تكتمل

فيفي و بس 30-10-08 10:17 AM

شكرا لجهودكم ويعطيكم الف عافية وبانتظار التكملة

ماري-أنطوانيت 30-10-08 04:44 PM

وهاذان اخر فصلان بالروايه...

عذرا للطاله....وقراءه ممتعه ^_^

ماري-أنطوانيت 30-10-08 04:51 PM

هذا الفصل كتبته العزيزه الشيخه زوزو
=======================


9- زوجة مع وقف التنفيذ...

حمل سائق الليموزين حقائب كاسندرا الى الشقة. بينما امسك جيرد وكاسندرا يبدي الطفلتين وساروا جميعا نحو المصعد بصمت. وعندما وصلوا الى الشقة، افلتت الطفلتان يديهما واسرعتا نحو الباب. منح جيرد السائق هبة سخية، وادخل الطفلتين.
منتديات ليلاس
-اذهبا الى غرفتكما وسأكون معكما بعد لحظة لتغيرا ملابسكما.
قال لهما جيرد هذا، ثم دخل حقائب كاسندرا والتفت ينظر اليها:"هل ستدخلين؟"
اومات بصمت ثم دخلت كارهه . كانت تحلم بأن يحملها عريسها ويخطو بها فوق عتبة بيتها الجديد.
اغلقت الباب ثم حاولت ان تتصرف بتعقل ، فذكرت نفسها بأن ما يربطها بجيرد ليس علاقة حب، وكانت متأكدة من ان جيرد لم يفكر في ذلك قط.
نقل حقائبها الى غرفة نومه فيما رفعت هي قبعتها ووضعتها على منضدة بجانب الباب، وتوجهت الى غرفة التوأمين. كانت ملابسهما جميلة للغاية، ولم تشأ ان تفسد الطفلتان ثوبيهما.
هل تشعر كل عروس بالخذل عندما ينتهي الاحتفال وتعود الى الحياة الواقعية؟
نادته قائلة:"سأساعد الفتاتين في تغيير ملابسهما."
كانت تكافح في إلباس اشلي بنطلونها عندما ظهر جيرد عند العتبة.
-يمكنني ان اقوم بنفسي بهذا العمل، اذا كنت تشائين ان تغيري ثيابك.
كان قد غير ملابسه فارتدي بنطلونا عاديا وقميصا مريحا.
-لابأس، ماذا تريد ان تفعل الان ، ماذا علي ان البس؟
-فكرت في اخذ الطفلتين الى الحديقة العامة، علهما تنامان باكرا
-لن اتأخر إذن.
-يمكنك ان تفرغي حقائبكاذا شئت . يمكننا ان نذهب وتلحقي بنا بعد ان تنتهي من تغيير ملابسك، تذكري كيف اصرت التوأمان على مساعدتنا في حزم الحقائب وكيف فعلتا ذلك، ولا اظن انهم ماهرتان في افراغ الحقائب كذلك!
تمتمت كاسندرا موافقة، ثم توجهت الى غرفة النوم. لم تكن تتوقع كل ذلك. كانت تظن انه سيقترح عليها ان يتناولا العشاء على ضوء الشموع، او يصطحبها الى ذلك المكان الذي دعاها اليه من قبل ، حيث يرقصان.
ارتدت بنطلون جينز وكنزة وردية. واخذت تستكشف غرفته. وعندما سمعت جيرد والطفلتين يخرجون ، بدأت تعلق ملابسها.
ثم اخذت تجول في انحاء الشقه، محاولة ان توحي الى نفسها بأنه بيتها الجديد ، وبدا ذلك لها غريبا.
بعد ذلك توجهت الى الحديقة العامة.
كان عثورها على اسرتها سهلا، بفضل صراخ التوأمين وضحكاتهما. كانت هناك منطقة صغير للعب مع اراجيح، واجهزة للتسلق والتزحلق. وكان جيرد يدفع طفلتيه في الارجوحة، كانتا تضحكان وتصيحان بأن يدفعهما اعلى فأعلى
سألتهم كاسندرا عند وصولها :" اتريدون مساعدة؟"
-اتريدين ان تتأرجحي؟
سألها هذا ضاحكا لها. كان النسيم القادم من الخليج قد عبث بشعره.
وجعله يبدو فتى عابثا. فابتسمت وراودها خاطر بأن زواجهما سينجح.
-لا ، سأجلس وارواقبكم.
فقالت بريتاني :" اريد التزحلق"
ومدت قدمها من الارجوحه فصرخ بها جيرد" أوووه..."
امسك بها وأوقف الارجوحة وهو يقول:"يبدوا انها لا تعلم بأن عليها الا تنزل قبل ان تتوقف الارجوحة".
-سآخذها انا الى المكان الذي تتزحلق فيه ! يمكنك ان تستمر في ارجحة اشلي.
نظر اليها متأملا من رأسها حتى اخمص قدميها ، ثم مال نحوها قائلا:" تبدين جميلة ، ياحبيبتي".
كادت ساقا كاسندرا تتهاويان تحتها، فقد كان إطراؤه هذا اخر ما توقعته، فتمتمت وقد بلغ الارتباك منها مبلغه:" شكرا لك!"
لم تتوقع قط ان يقول لها جيرد شيئا كهذا... اخذت تنظر اليه والى بريتاني، فبدا لها اصغر سنا وهو يضحك مع ابنته. كانت قد اعتادت عليه بمظهر رجل الاعمال الرزين، ماجعلها تشعر بالاستغراب وهي تراه بهذا الشكل المختلف الحميم . لم ير اي من الموظفين الاخرين في شركة هنتر هذه الناحية منه . ولاحتى مارلين ، كما تظن!
عندما عادوا الى البيت ، كانت كاسندرا تعبة كالتوأمين ، وبعد ان امضوا طوال فترة العصر في اللعب والركض.
-ستناول عشاء سريعا ثم تستعدان للنوم.
تمتمت بذلك عندما وصلوا الى الشقة . ولم تكن المتأكدة ما اذا كانت هي ستنام ايضا. فقد كان يوما شاقا، وكانت تتصور نفسها في كل لحظة، في سرير جيرد تلك الليلة، وانهما متزوجان.
عندما دخلا المطبخ معا، سألها:" كان يجب ان اسألك ماذا ستفعلين بالنسبة الى العشاء؟ يمكننا ان نجد مقهى اذا لم ترغبي في الطهي هذه الليلة.
شعرت كاسندرا لحظة بأنها زوجة قديمة. السهولة التي امضيا بعا عصر هذا اليوم اثبتت انهما منسجمان، لكن خفقان قلبها جعلها متوترة الاعصاب. وتساءلت عما اذا كانت ستعتاد على صحبة جيرد حتى ولو بعد سنوات.
-الاتظن ان التوأمين تعبتان بحيث انهما لن تستطيعا الخروج؟
سألت وهي تبحث في الثلاجة التي بدت ممتلئة ، ثم تابعت تقول:
"ستنامان حتما اثناء انتظارنا الطعام في لمطعم، ابد ان ثمة شيء هنا يمكننا اعداده بسرعة، ماذا ترغب ان تتناول؟".
بجانب ذلك، كانت هذه ليلة عرسها، ولم تكن ترغب بالاهتمام بالطفلتين اذا تعبتا.
اجابها :"كل شيء واكتري منه!"
فابتسمت كاسندرا وقالت:" اتذكر امنا في دار الرعاية وهي تقول عندما كان الاولاد يأكلون وكأن ليس هناك غد، بأن هذا يعني ان الوقت قد حان لالبسة واحذية جديدة في القريب العاجل."
سألها وهو يقف متكئا على الجدار:" اما زلت تتصلين بوالديك بالتبني في دار الرعاية؟"
فهزت رأسها نفيا وهي تسحب بعض اللحم المفروم من الثلاجة.
-لا! هل لديك المكونات لصنع المعكرونة؟
-نعم، لكن لماذا لا تتصلين بهما؟
نظرت اليه بدهشة لسؤاله:" لم نكت متآلفين، كانا يعتبرانني حاضنة اطفال ممتازة. وكنت امثل، بالنسبة ليهما، الاجر الذي كانت الوزارة تدفعه لهما لرعايتهما الاطفال. لم افكر فيهما قد بصفتهما ابوين، وانما فقط اناس يحرسونني الى ان اكبر واعتمد على نفسي"
وهزت كتفيها محاولة الا تظهر اي الم. كانت متلهفة الى ان يحبها احد.
وفجأة ، خطر لها شيء، فاستدارت تواجهه قائلة:" انت لا تظن ان بريتاني واشلي ستفكران بذلك الشكل ، اليس كذلك؟"
استقام جيرد في وقفته ببطء، ثم تقدم اليها وهو يهز رأسه:" انهما تحبانك منذ الان، وانت تحبينهما، هذا واضح ياكاسي! ستكونين الام الوحيدة التي يعرفانها ويتذكرانها، وستحبانك دوما"
تأمل وجهها، وقال:" لقد قبلت الشمس وجنتيك فهما ورديتان، شعرك الاسود يبدو وكأن ضوءا يتخلله ولمعان عينيك كأضواء النجوم، وفمك كان يجذبني طوال النهار".
ثم انحنى وقبلها، فمدت كاسندرا يديها تحتضنه بشدة وكانها تطير. انحبست انفاسها لفرط البهجة، وتمنت لو ان هذه اللحظة تدوم الى الابد، راجية ان تكون متعته في تقبيلها بقدر متعتها في عناقه لها.
راح جيرد ينثر القبلات على وجهها وعنقها، ممسكا بها بقوة، ومرت دقائق لم تعد كاسندرا تفكر فيها بشيء سوى بجيرد وبالسعادة التي تجدها بين ذراعيه. كان دمها يغلي، وانفاسها مقطوعة تقريبا، واحاسيسها تتلاطم كالموج.
هل من الممكن ان تغمر كل هذه السعادة شخصا؟ فتحت عينيها فرأته يحدق في عينيها. شعرت ان قلبها سينفجر من فرط حبها له.
قال لها :" الافضل ان نؤمن للطفلتين ماتريدانه والاستقطعان علينا هذه الاوقات الحميمة!"
فعادت الى ارض الواقع بصدمة بالغة.
اخذت تعد العشاء، وهي تشعر وكأنها تعيش في زمن اخر. ذكرها هذا بتلك الليلة في نيويورك بعد ان ارغمت على السفر مع جيرد. الم يرغمها على هذا الزواج؟
لكن هذا الحكم غير عادل، فقد اقدمت على هذا الامل بملء ارادتها.
بعد ان اكلت الطفلتان، ذهبت كاسندرا لتعد لهما الحمام بينما اخذتا تساعدان ابيهما على تنظيف المائدة. وعندما استعدتا للنوم ، جلسوا جميعا معا لسماع الحكاية. وسرعان ما استولى النوم على التوأمين . تمهلت كاسندرا في مغادرة غرفة الطفلتين قدر امكانها . كان قلبها يخقف في صدرها. لم تستطع التركيز على شيء . شعرت بالدقائق تزيدها قربا من وقت النوم... ومن سرير جيرد الضخم.
واخيرا، توجهت الى غرفة الجلوس وهي تتساءل عما اذا كان جيرد يشعر بمثل لهفتها. وازداد تساؤلها حين رأته جالسا على كرسي مريح وهو يقرأ تقارير العمل؟ هذه ليلة عرسهما ، وهو يعمل!
من الواضح ان هذا النهار لايعني له شيئا اكثر من الحصول على ام مناسبة لاجل ابنتيه، وتنحنحت
رفع بصره، ثم القى الاوراق على ركبته واشار الى الاريكة. وعندما جلست، سألته:" ماذا ستفعل بالطفلتين يوم الاثنين؟"
-اتعقد ان جينيفر مازالت ترغ في العمل هنا.
-اظن انه من الافضل ان تبحث عن دار للرعاية اليومية لهما، فمن الافضل لهما ان تختلطا باطفال من سنهما. وبهذه الحالة، لن نضطر الى الاعتماد على امرأة واحدة قد تتذمر منهما في اي وقت، او تترك العمل لعذر ما.
-جينيفر تبدو جديره بالثقة، واذا غابت يوما يمكن لاحدنا ان يبقى في البيت معهما، يكفيهما ما مرتا به من ظروف صعبة، وافضل الا اخذهما الى دور الرعاية اليومية حاليا.
اومأت كاسندرا برأسها واخذت تنظر من خلال النافذه ، لقد كان جيرد محقا في ماقاله، فقد جرت الكثير من الاحداث مع الطفلتين في الاسابيع الماضية ، وكذلك في حياتها!
-كدت انسى.
ومد يده الى حقيبة اوراف بجانب كرسيه واخرج مغلفا عريضا اعطاه الى كاسندرا.
-ماهذا؟
سألته وهي تفتح المغلف وتخرج اوراقا رسمية ثم ترى اسهما لشركة هنتر باسمها.
فقالت:" ظننت اننا سنتظر"
فسألها:" ولم الانتظار؟ انا احفظ عهودي ياكاسندرا ، وهذا هو جزء من الصفقة."
جزء من الصفقة. اترها فسرت خطأ قبلته تلك بأنها علامة اهتمام صادق بها؟ شعرت بالارتباك والتعب، فنهضت واقفه... اعادت الاوراق الى المغلف ثم توجهت نحو الردهة قائلة:" انا متعبة واريد ان انام."
ولكن ليس في سريره! ادركت كاسندرا بحزن، ان حياتها الزوجية مع جيرد لن تغمرها السعادة، لقد وافقت على هذا الزواج وستعيشه حتى النهاية، وتمثل دور الام لاشلي وبريتاني، ولكنها ستتابع عملها بجدية، وتبني لنفسها حياة بعيدة عن رعاية الاطفال. قال جيرد :" سأكون هناك بعد دقائق قليلة."
اخذت قميص نومها واستعملت حمام الطفلتين لغسل اسنانها، ثم تسللت الى غرفة الضيوف دون ان تعبا بالنور، رفعت الاغطية ثم صعدت الى السرير، وحاولت ان تنام. من خلف اجفانها المغمضة، اخذت احداث النهار تتراقص امام عينيها. حماسة سوزي، الطفلتان تراقبان..
حفل الزفاف ، النزهة في الحديقة العامة... لم يحدث قط ان امضت مثل ذلك القدر من الوقت في احلام اليقظة عن العرس. لذا لايمكنها ان تعتبر نفسها خائبة الامل. فقد كان الاحتفال الكنسي جميلا بكل ما حفل به ، بما في ذلك قبلة جيرد. لكنها تذكرت اكثر القبلة التي كانت بينهما قبل العشاء.
واذا بالنور يشتعل فجأة في الغرفة، وسمعت صوت جيرد الغاضب يسألها:" ماذا تفعلين هنا بحق الله؟ لقد بحثت عنك في الشقة بأكملها؟"
انقلبت على ظهرها، شبه مغمضة العينين ازاء الضوء المفاجئ، ونظرت اليه:" قلت انني ذاهبة لانام لانني متعبة."
-هذا ليس سريري.
-لا، لكنه سريري انا .
وجلست تواجهه. ارادت ان تقف ، لكن قميص نومها كان اكثر شفافية من ان يسمح لها بذلك.
-مالذي تقولينه؟ انت تعلمين انني اردت ان يكون هذا الزواج طبيعيا من كل النواحي بما في ذلك النوم معا. لقد سبق وتحدثنا عن هذا.
-لا ياجيرد ، لقد امليت ماتريده انت . فانا لا اكاد اعرفك ، كماى انك
لاتعرفني! اتفهم ماتريد، لكن ليس قبل ان نعرف بعضنا البعض...
-وماهو افضل ، لتعرف بعضنا بعضا ، من ان ننام معا؟
-ليس الليلة.
فتردد، وعيناه تخترقان عينها.
-متى اذن؟
بدا صوته هادئا، احست بغضبه، فقالت بشجاعة:" بعد ان نعرف بعضنا بعضا جيدا".
واخذ قلبها يخفق عندما اخذت تمسح عرق راحتيها بالبطانية خلسة. وتابعت تقول:" لقد تزوجنا ، لاكون اما لابنتيك، وسأتمم الجزء المتعلق بي في هذه الصفقة!
-ولكن ليس الليلة؟
فهزت رأسها
حدق اليها لحظة اخرى ، ثم استدار وخرج من الغرفة، وضرب الباب خلفه بعنف. وحالما سمع الصوت، وقف ينصت . اتراه ايقظ الطفلتين؟ لاشيء سوى السكون.
سار نحو غرفته، وتردد عند بابها، لكنه اغلقه بهدوء، اراد ان يصفقه بقدر ما يمكنه من القوة لكي ينفس بعض الغضب الذي كان يغلي في داخله. منذ لحظات كان يتوقع ان يجد كاسندرا تنتظره في سريره، ظانا انه كان يتصرف بأدب، اذ يجعلها تستعمل الحمام قبله ـ وتسنعد قبله. وعندما جاء الى الغرفة رآها خالية كما كانت حين تركها قبل ذهابه الى العرس.
تبا لها ! ماالذي تفعله ؟ لقد اوضح لها تماما انه يريد زواجا طبيعيا.
اتراها تزوجته لاجل حصة في اسهم الشركة؟ وعندما حصلت عليها لم يعد هناك مايرغمها على فعل شيء اخر؟ كان عليه ان يؤخر تسجيل الاسهم باسمها ... ولكن .. الم تقترح هي الشيء نفسه؟ ربما الاسهم ليست هي السبب، وتساءل ان كانت خجولا.
لكن قبلتها في المطبخ اثبتت العكس، كان يظن انه يسحصل عليها الليلة في سريره. ازداد غضبه، ربما بإمكانه ان يعود ويطلب منها مشاركته فراشه ،ويريها ، منذ البداية ، كيف سيكون زواجها.
ثم تلاشى غضبه ببطء . ن يفعل ذلك، واذا لم تأت هي اليه طائعة، فهو لايريدها على الاطلاق. لقد نال من عدم مبالاة مارلين مايكفيه مدى الحياة، ولايستطيع ا يكرر ذلك مرة ثانية.
انها ليلة واحدة فقط، وغدا سيصر عليها بان تنام هنا معه. توجه نحو الحمام، ليأخذ دوشا باردا ويرى ان كان استطاعته النوم.
&&&
وفي الصباح عندما دخل جيرد المطبخ ، حيته كاسندرا بابتسامه
مشرقه وسلوك متحفظ لم يره قط من قبل ، وكانت الطفلتان قد ارتدتا ملابسهما ، تتناولان فطورهما وقد وضعت امامهما اكواب العصير ، فبدا
شاربان برتقاليان على وجهيهما المتشابهين . أخذ ينظر إلى كاسندرا وهي
تروح وتجيء . لم يتغير شيء من الليلة الماضية . إنها زوجته ، لكنها لم
تمنحه حتى قبلة الصباح . سألته : ((اتريد بيضا" ام شيئا" اخر؟))
ماذا عندك ؟
وجر كرسيا" جلس عليه ، مفتونا" بها . كان الجينز الذي ترتديه يبرز
مستديراتها وساقيها الرشيقتين ، وكان قميصها المقفل الفضفاض ينسدل
إليه . انتابه إحساس عميق بالرضى للتفكير بذلك.
- يمكننا ان نساعدك ، إذا شئت.
ابتسمت للطفلتين "لا اظن ذلك ، يمكنني تدبر أموري بنفسي ، خذ الطفلتين"
&&&
كانت تقوده إلى الجنون . أخذ يفكر بذلك وهو يميل إلى الخلف في كرسي مكتبه ، ويحدق في خليج سان فرانسيسكو . ادرك من الامواج
المزبدة ان الرياح شديدة . لكن الشمس كانت ساطعه والسماء صافية وتمنى لو ان حياته كانت نقية كهذا المشهد . مازال ينام وحده ، كانت كل
ليلة تأتي بعذر ما ، فتكرر له بأنهما لايعرفان بعضهما بعضا" بما يكفي ، أما كبف تتوقع ان يعرفا بعضهما البعض ، فهذا مابقي غامضا" في نظره . لقد امضت طوال العطلة الأسبوعيه في حزم امتعتها . ومساء الإثنين ذهبت لتنظف شقتها ، وتستعيد التأمين . يالجهنم! لقد اعطاها لتوه
عشرين بالمئة من شركة هنتر ، ومع ذلك تريد ان تستعيد سند التأمين !
يوم الثلاثاء انشغل بمعالجة وضع طارئ في بانكوك ، وعندما وصل إلى البيت ، كانت نائمة ، أولعلها تظاهرت بالنوم . لم يكن يدري والليلة الماضية احضرت معها عملا" إلى البيت وبقيت تعمل مدة طويلة بعد ان نام هو.
كانت تبدو كل يوم ودودا" ، لكن الهوة بينهما كانت تزداد عمقا" . اين هي تللك الزوجة المطيعة التي توقعها ؟ زوجة تشكره على منحها اسهما" في شركة هنتر ، زوجة من المفروض ان تنفذ كل مايريد!
رشف قهوته وهز رأسه . لم تعد كاسي مستعدة للموافقة على خطط
أي شخص ، أكثر منه هو. هل هذا جزء من المشكلة ؟ وهل زواجهما
لم يكن متناسبا" من ناحية ما؟
وصلت كاسندرا إلى البيت قبل وصول جيرد بدقائق . كان قد اقترح عليها ان يعودا دوما" معا" ، ولكنها رفضت ذلك ، بعد نهار الثلاثاءعندما تأخر كثيرا" في العودة إلى البيت . لم تكن تريد أن تبقى في العمل إذا اضطر هو ان يتأخر . وكانت هناك مناسبات تتأخر هي فيها ، فلا تريد ان تؤخره معها . فعلى احدهما ان يكون في البيت كل يوم عندما يحين وقت مغادرة حاضنة الأطفال.
تحدثت مع جينيفر عدة دقائق ، ثم احتضنت الطفلتين ودعتهما إلى
المجيء معها اثناء تغييرها ملابسها . تحدثتا بحماسة عن يومهما . لقد
اخذتهما جينيفر إلى الحديقة العامة ، واخبرنا كاسندرا بأنهما رأتا كلبا"
وتساءلت هي عما إذا كانت المرة الأولى التي تريان فيها كلبا"
كانت تخلع بلوزتها وتنورتها ، عندما ظهر جيرد فجأة عند العتبة .
كان صوت الطفلتين وهما تتحدثان عن مغامراتهما عاليا" فغطى على كل صوت آخر . كان جيرد يضع سترته على كتفه وهو يمسكها بإصبع واحدة . رفع حاجبه وأخذ يتفرس جسدها وعلى فمه إبتسامة إعجاب.
فجمعت ملابسها وهربت إلى الحمام ، واغلقت الباب خلفها وهي
تسمه الطفلتين ترحبان بأبيهما . استندت إلى الباب وقلبها يخفق ، ارتدت ثيابها ، وترددت قبل ان تخرج من عرينها الآمن . ولكن إلى متى تبقى
محبوسة؟
وإذا ينقر على الباب يجيب على تساؤلها ففتحته واخذت تحدق في جيرد.
ابتسم ساخرا" ، ثم مال عليها برقة ، قائلا" بصوت احرقها "الليلة ياكسندرا لن اقبل بأي عذر!"
تحولت عيناها إلى السرير الواسع دون وعي . كانت الطفلتان تتناقزان
عليه ، مازال يبدوا واسعا" ضخما" . لم تجلس مطلقا" حتى على حافته
ولكن الليلة ، لم يكن يبدو وكأن الخيار بيدها.
فتحت فمها لترد عليه ، لكن فمه كان هناك قبل ان تتمكن من قول شيء
، قبلها مرة اخرى ، ثم جذبها بلطف إلى خارج الحمام واغلق الباب .
بدا وكأن العشاء انتهى بسرعه . حاولت ان تؤخر انتهاءه ، لكن هذا بدا
مستحيلا" إزاء رغبة التوأمين في اللعب قليلا" قبل الاستحمام والنوم
حتى غسل الأطباق انتهى بسرعه قياسية.
أوشكت نظرات جيرد العنيدة ان تبعث فيها الجنون . كان يراقبها اثناء
العشاء وكأنها ستهرب . استند على الجدار اثناء غسلها الأطباق وهو
يتحدث معها عن مختلف المشاريع في الشركة ، ويسألها عن معلوماتها
ساعدها في حمام البنتين ثم جلسوا جميعا" على الأريكة يقرأون الحكاية
ولكن هذه الليلة لم يستطع صوت كاسندرا ان يطيعها ، واصرت على ان يقرأ جيرد الحكاية.
أثرت نبرة صوته على اعصابها بقوة تأثير لمساته ، اغمضت عينيها واصغت إلى نبراته الغنية وهي تبعث الحياة في القصة لابنتيه. وانتهى كل شيء بسرعه غير عادية ، وحان وضع الطفلتين في السرير.
ارادت كاسندرا ان تزحف إلى السرير مع أشلي ، وتضع بطانية الطفله فوق رأسها وتختبئ تلك الليلة . لكن جيرد كان معها هناك، وعندما منح
طفلته قبلة المساء الأخيرة ، أمسك بذراع كاسندرا وقال " تعالي معي!"
أخذ قلبها يخفق . لم تستطع ان ترى شيئا" سوى جيرد ، ذقنه العنيده
ملامحه المتوترة . لم تؤذها يده ، لكن قبضته كانت من القوة بحيث ان التملص منها كان مستحيلا"
اغلق باب الغرفة ثم اخذ بيدها بين ذراعيه ، وقبل ان تتمكن هي من الإحتجاج ، وشن عليها هجوما" عنيفا" تركها عاجزة ، وهمد احتجاجها
وهي تبادله مشاعره المحمومة ، حتى شعرت بأن شوقها العنيف سيقودها إلى الجنون.


- نهايه الفصل التاسع -

ماري-أنطوانيت 30-10-08 04:54 PM

هذا الفصل كتبته العزيزه الشيخه زوزو
=======================



10 – أريدك انت فقط

فجأة سمعا طرقا" على الباب تلاه في مابعد صوت إحدى الطفلتين
- بابا ، اريد ماء!
- تبا"
قال هذا بصوت خافت ، ثم فتح عينيه وحدق في كاسندرا وقال لها
آمرا" "لاتتحركي!"
وفتح الباب " اشلي حبيبتي ، كان عليك ان تكوني في الفراش"
-لكنني اشعر بالعطش
- لابأس، سأعطيك القليل من الماء .
- وانا ايضا"
قالت بريتاني هذا وهي قادمة من الردهة تجر بطانيتها خلفها
فقال بجفاء " هذا ماظننته"
جاءت كاسندرا تقف بجانبه " هيا يابنات سنشرب ماء بارد طيبا ثم نضعكما على السريرمرة اخرى
- اريد حكاية
قالت أشلي هذا عندما حملها جيرد وسار بها نحو المطبخ احضرت كاسندرا كوبين صغيرين من الماء للطفلتين ، واخذت تنظر اليهما تشربان دون ان تنظر جيرد ، ونظر هو اليها ، متسائلا" عما إذا كانت تظن انها بتجاهلها له ، يمكنها ان تغير اي شيء. وتملكه شيء من
الإحباط ، اولا" بسبب المقاطعه وثانيا" لبرودة كاسندرا هذا كله كفيل بأن يبعث الرجل على الجنون.
وعندما امسك بيد إحدى الطفلتين ، نظر إلى كاسندرا يسألها " هل انت قادمة؟"
فهزت رأسها وقالت : "يمكنك ان تضعهما في السرير بدوني "
تردد متسائلا" عما إذا كانت ستهرب من الشقة اثناء انشغاله مع الفتاتين
لكنه هز كتفيه ومد يده لابنته الإخرى وقال لهما وهما تسيران في الردهة " سأضعكما في السرير ، وهذه المرة ستنامان على الفور، هل سمعتما؟"
بعد ان استقرتا ، توجه إلى المطبخ لم تكت كاسندرا هناك ، اتراها عادت إلى غرفة النوم ؟ عاد فرأها جالسة على كرسي في غرفة الجلوس .
كانت تبدو وكأنها مصممة على المكوث بعض الوقت . قابلت نظراته
دون ان تحولهما بعيدا"
ولكنه ادرك من العناد الذي بدا على وجهها ، انها ليست مستعدة لمتابعة ماكانا عليه
قالت وهي تشير إلى كرسي آخر:" اريد ان اتحدث اليك، من فضلك"
فتقدم وجلس حيث أشارت ، مع انه كان يريد ان يرفعها عن كرسيها ويحملها على كتفه ليأخذها الى غرفتهما ، وهذه المرة سيتأكد من ان الباب مقفل ولن يتدخا احد، لكنها بدت مستقرة ثابتة على الكرسي.
اجاب وهو يخفي إحباطه بصعوبة : " نتحدث عن ماذا"
- عن العمل ، عنا ، عن زواجنا ، وعن اشياء مختلفة .
ابتلعت ريقها بصعوبة ، رغم محاولاتها إخفاء توتر اعصابها ، إلا ان جيرد تمكن من ملاحظته واتكأ إلى الخلف ببطء وقد تملكه الفضول لما
ستقوله . وللحظة ، راح يفكر كيف ستكون في التفاوض ؟ كانت مارلين طبيعية عادية في ذلك ، لكن كاسندرا تبدو بالغة الرقة والطيبة.
- تحدثي إذن !
فتنحنحت وقالت : "كنت سأنتظر حتى يوم السبت ، ظننت ربما ذلك
افضل ،إنما الآن ، اظن ان علي ان اخبرك الليلة
تملك جيرد التردد ، وركزاهتمامه على كاسي وقد نسي على الفور العمل والتفاوض والمهارة وزوجته الأولى.
- تخبريني بماذا؟
تنحنحت مرة اخرى : " سأعيد الأسهم إلى شركة هنتر لقد فكرت في
ذلك طوال الاسبوع ، وانا حقا" لااريدها"
- لم تريد ينها ؟ كنت اظن ان هذا ماتريدينه ؟ ان تكوني شريكة في العمل ، انت قلت هذا!
اومأت موافقة : ولكن ليس ان تسلمني ذلك بيدي ، لا اشعربأني اكتسبت
تلك الأسهم بمجهودي ، وهذا ماأريده حقا"
ان اشعر بأنني شققت طريقي في الحياة بنفسي لكن ان آخذ اجرا" لأنني
وافقت على الزواج منك هو خداع لنا معا" أنا لا اريد الأسهم ياجيرد"
اصغى اليها مذهولا" هل هذا يعني انها ستنهي الزواج ؟ وفجأة ادرك انه لايستطيع السماح لها بذلك عليه ان يجعلها ترى ان ليس بإمكانها إنهاء زواجهما وان هذا سيدمر الطفلتين.
- ماذا تريدين إذا"
فقالت : في الحقيقة اريد ان ابحث عن وظيفة جديدة
فصاح متعجبا" : "ماذا؟ مالذي تقولينه ؟ لايمكنك ان تتركي الشركة!
صعقه هذا الخبر ، وسار نحو النافذة ينظر منها دون ان يرى شيئا"
كيف يمكنها حتى ان تقترح ذلك؟ وهل هذه هي الخطوة الأولى؟
- لايمكنني البقاء ، لأنني لن اعرف ماإذا كنت ناجحه في عملي بسبب خبرتي ام لمجرد كوني زوجة الرئيس
وببطء التفت جيرد ينظر اليها هل تريد ان تترك العمل لأنها زوجة الرئيس ؟ إنه يعلم اهمية نجاحها في العمل بالنسبة اليها لكنه رأى في ذلك الخطوة الأولى لترك كل شيء.
فسألها" هل هذا يعني انك تريدين إنهاء زواجنا؟"
اتسعت عيناها دهشة ، ثم هزت رأسها قائلة : لا اتفقنا على ان اكون اما" للفتاتين"
- وزوجتي ايضا"
- حسنا" نعم . وهذا ايضا"
- وتنحنحت للمره الثالثة وقالت: في الواقع اردت ان اتحدث معك عن هذا ايضا" لااريد انهاء الزواج ، فنحن لم نتزوج إلا منذ اسبوع فقط
فقال بجفاء: يمكن ان يقال إننا لم نتفق"
- اعرف هذا وهو شيء آخر اريد ان نتحدث عنه"
فقال بحزم الليلة؟
- هل ستدعني اتكلم ؟ لقد استعجلنا الأمور صحيح انني كنت مناسبة ولدي خبرة في رعاية الأطفال
- قولي فقط ماتريدين قوله
- ودعينا نذهب إلى السرير ياكسندرا
- - هذه هي المسألة ياجيرد فأنا غير مستعده للذهاب معك إلى السرير
فأنا اعلم انه بأمكان الرجل ان يقفز إلى السرير مع اي إمراءة ولكن انا لايسعني ذلك.
- مع اي إمراءة
وتقدم منها خطوة :" تبا" لك من تظنينني ؟ شخصا" يقفز على النساء كلما تطلب مزاجه ذلك ؟ لقد بقيت متزوجا" لمدة ست سنوات من شريكة في العمل لكننا نادر" ماتشاركنا الفراش ، وكان هذا حسنا" بالنسبة لكل منا لكننا حافظنا على عهودنا الزوجية ولم نبحث عن المتعه في مكان آخرثم رحلت هي فبقيت بعدها وحدي ثلاث سنوات !"
- هذا هو الأمر كنت وحدك اما الآن فلم تعد كذلك ولهذا تريدني
- هذا صحيح ، فأنا اريدك بكل تأكيد.
- انت تعلم ان ليس في هذه العلاقة حب متبادل، واظن اننا بحاجة الى مزيد من الوقت لكي نعرف بعضنا البعض، ونرتبط بنوع من الصداقة قبل ان نتشارك الفراش نفسه.
- قالت هذا باندفاع، وكانت الكلمات معقولة لكن التوقيت كان خطأ. لا يستطيع ان ينتظر حتى يصبحا صديقين، فهو يزداد رغبة بها يوما بعد يوم، وقد كبر الجدار الذي بنته بينهما منذ الجمعه الماضية. فإذا تركها وشأنها ، هل سيتمكن من اختراق ذاك الجدار ، بعد ذلك؟
سار نحوها ومد اليها يده:" تعالي معي لدقيقة... لدقيقة واحدة فقط."
ترددت ، ثم اخذت يده. كانت قريبة منه الى حد امكنه شم رائحة عطر الورد الذي تستعمله على الدوام. داعب ذلك حواسه وزاد من رغبته بها، اكثر من اي وقت مضى. كانت قصيرة القامة لاتكاد تصل الى كتفه، وكان جسدها رقيقا انثويا يجذبه كما يجذب المغناطيس الحديد، لكنه ادرك انها لم تكن تعرف حقيقة شعوره نحوها
سار معها الى غرفة النوم. تجاهل السرير وسار ليقف امام مرآةة طويلة قرب غرفة الملابس، جذبها الى امامه ثم نظر اليها في المرآة:" انظري الى نفسك ثم اخبريني لم لا اريدك. فأنت رائعة كالطفلة"
وببطء، تخللت اصابعه خصلات شعرها المتموجة، مستمتعا بملمسها الحريري. وازاحه ع وجهها تاركا اياها ينزلق من بين اصابعه، مستمتعا بنعومته . والتقت عيناهما.
منتديات ليلاس
-شعرك رائع وناعم، وانت شابة صغيرة لى حد ان بشرتك صافية كافخر انواع الخزف.
ولامس خدها بإصبعه بخفة، وعلى الفور اشتد احمرار لونها فازداد شعور جيرد بإنجذابه اليها وقال:" انا اعشق احمرار وجهك هذا ، اكثر نساء هذه الايام لاتحمر وجوههن. ولكن اقل شيء يجعلك تحمرين خجلا".
اغمضت عينيها متأوهة، فمال نحوها بهمس في اذنها :" ما عاد الخجل في هذا المجتمع شائعا، وهذا مايجعل الفتاة التي تخجل اعز واغلى!"
فتحت عينيها قليلا، ونظرت الى صورتهما في المرآة
ابقى جيرد وجهه بجانب وجهها، وفمه لايبعد عن اذنها سوى سنتمترات. اراح يديه على كتفيها، ثم ترك نظراتهتتابع بجرأة خطوط جسدها الجميل:" انت تزخرين بالانوثه والجاذبية، ياكاسي. لقد اردتك منذ تلك الليلة في نيويورك. اول مرة رفعت فيها نظاراتك عن عينيك تملكني الضياع . تنظرين الى احيانا وكانك تعرفين ما لا اعرفه . احيانا تنظرين الي وكأنني شخص غير عادي، واحيانا اخرى وكأنني اكبر غبي على وجة الارض، وانا احب اكثر، عندما تشعرين بأنني شخص غير عادي".
اغرورقت عيناها بالدموع، فتردد، ولكن عندما ابتسمت تابع يقول:" عندما انظر اليك، ارى المستقبل . مستقبلنا ، قد لايحدث بيننا قط ذلك الحب المتبادل الذي نحدثت عنه ياكاسي، ولكن بإمكاننا ان نحصل على رباط قوي. اريد ان امضي حياتي معك ، ليس لانك مجر امرأة التقيت بها ، بل لانك انت، انت بالذات، رائعة وخلابة!"
-جيرد ، لم يقل لي احد من قبل هذه الكلمات، هل لهذا علاقة ببراعتك في البيع؟"
قالت هذا وهي تميل عليه واضعه يدها على يده. وببطء، انزل كفيه حتى استقرتا على خصرها، ولاحظ رجفتها.
-انا ماهر في الاقناع بالشراء، وارجو ان اتمكن من ان اقنعك بالاسباب التي اريدك لاجلها في حياتي، اذا شئت ان نصبح اصدقاء اولا ، اظن بإمكاني ان انتظر، ولكن ذلك سيكون صعبا.
شعرت كاسندرا برهبة السلطة التي منحها لها. وادركت انها ستحبه الى نهاية حياتها. لم يقل احد قط مثل هذه الاشياء الرائعة عنها، وشعرت بحرارة جسدها ترتفع، تشوقت الى جيرد، الى قبلاته، الى لمسات يديه. هل عليها ان تستمر في الامنتاع عما يريدانه هما الاثنين؟ وما هي اهمية الحب، على كل حال؟ اليس لديها منه مايكفيهما هما الاثنين؟
لقد تزوجته وهي تعلم انه لايشعر نحوها بالحب، ولم يتغير شيء، بإكانها ان تكتشف ماتصل اليه المشاعر المحمومة مع هذا الرجل. وهو سيرعاها، تماما كما اراد ان ترعى ابنتيه. قالت برقة بالغة:" احبك ياجيرد."
فاتسعت عيناها، ثم ابتسم ببطء:" اذا كان هذا ماحصلت عليه لانني ذكرت مزاياك الحسنة ، فربما كان علي ان اذكرها قبل الان!"
فقالت بالرقة نفسها وعيناها في المرآة تقابلان عينيه:" احببتك قبل الليلة."
ادارها بين ذراعيه ونظر اليها مباشرة:"كاسي، انا ..."
غطت فمه باصبعها:"لا، لاتقل شيئا، فقد تزوجنا لاسبابنا الخاصة، لقد غيرت رأيي بالنسبة لامتلاك اسهم شركة هنتر، ولكن ليس بالنسبة الى اي شيء اخر، ظننت انني بحاجة الى مزيد من الوقت لكي اصبح زوجتك، ولكنني لم اعد كذلك!"
ومدت يدها الى رأسه واحتضنته بقدر ما امكنها من العنف والحرارة دارت بها الغرفة حين حملها، ثم غرقت معه في بحر من المشاعر حين مددها على السرير الضخم. لقد قال الليلة، والليلة سيكون ذلك!
***
سمع صوت يشبه صوت القطيع يجتاز الردهة، فاستيقظت كاسندرا قبل ان يسحقها القطيع.
-بابا .... بابا.... بابا.
اخذت الطفلتان تترنمان وهما تقرعان الباب
عادت تستلقي بارتياح ، وهي تلتفت قليلا وتنظر في عيني زوجها اللامعتين. شعرت بوجهها يتوهج حرارة ، لكنها رفضت ان تحول نظراتهابعيدا عنه، بعد كلماته الليلة الماضية لم يعد يهمها اذا ارى خجلها او ارتباكها. بعد حبه وملامساته، لم يعد يهمها سوى تكرار ذلك مرة اخرى.
وارتفع الدق على الباب:" كاسي، كاسي، كاسي"
فقال جيرد ببطء:" اظن ان ابنتينا قد استيقظتا"
ومد يده يلامس خدها:" هل انت واثقه من انه لايوجد سوى فتاتين صغيرتين هناك؟
فقالت:" يبدو من الصوت انه قطيع!"
فضحك:" ضعي عليك شيئا، وسأدخل انا القطيع".
ونهض وارتدى بنطلون بيجاما، وانتظر حتى لبست هي قميص نومها، ثم فتح الباب ودخلت الطفلتان ترقصان وتنظران خلفه لرؤية كاسندرا في السرير الضخم ، فأخذت باثارة جلبة حولها لكي تنهض.
اخذ جيرد ينظر غير مصدق بأنه حياته تغيرت الى هذا الحد، اثناء الاسابيع القليلة الماضية. قبل ان يسافر الى بانكوك، كان مصمما على البقاء عازبا. وهاهو اذا الان لديه زوجة وابنتان، كان شعوره عنيفا.
انه يحبهن... جميعهن.
وبحثت عيناه عن عيني كاسندرا. لاعجب في كونه ذعر الليلة الماضية حين قالت له انها لاتريد الاسهم ، فقد خاف ان تنهي زواجهما، وادرك انه ماكان ليدعها ترحل ابدا ، ليس لاتها تصلح لان تكون اما رائعة للطفلتين، بل لان حياته لن يكون لها معنى من دون كاسندرا هنتر.
ولاول مرة خلال سنوات ، بدا كل شيء لجيرد كاملا رائعا، لديه زوجة تحبه هو وابنتيه، كما انه يحبها. واخذ يتصور مستقبلهما . سينشئان رباطا قويا من الحب امتبادل، وليس مجرد اهتمامات مشتركة كما ظن مرة بكل غطرسه
وقال برقة:" احبك ياكاسي!"
اسمعك تقولين لا، كما لم اكن اريدك ان ترفضي اقتراحي التالي"
فقالت بابتسامة مشرقة:" ما افكر فيه الان، هو انني اشك ما اذا كان بامكاني ان ارفض لك طلبا"
-احتفظي بالاسهم، وتعلمي اثناء وجودك في الشركة. لايمكنني ان ادع زوجتي تعمل عند منافس لي . تذكري، كنا، انا ومارلين، في مثل عمرك تقريبا عندما ابتدأنا العمل. لم نكن نعرف الكثير ولكننا تعلمنا مع مرور الزمن، ابقي ياكاسي، ابقي وابني شركة هنتر معي ومع البنتين.
فسألته:" اتظن ان علي ذلك؟"
-بالضبط!
-لا استطيع ان اصدق هذا. ياليتنا اخبرنا بعضنا البعض بهذا منذ اسبوع، هل تدرك ان هذه ذكرى اول اسبوع من زواجنا؟
-حالما نسوي الامور في العمل، سنأخذ اجازة لشهر عسل حقيقي، نحن الاثنين فقط.
-ظننتك تزوجتني لارعى لك الطفلتين.
-اعتقدت ذلك في بادئ الامر، ولكنني اوكلت الى هيلين البحث لهما عن مربية دائمة. بعد ان ادركت انني اريد اكثر من مجرد حاضنة اطفال. اريدك انت، لذاتك لانني احبك وسأحبك الى الابد!
احتضنته بشدة:" احبك ياجيرد، وسأحبك الى الابد.
-عانقيني ، ياماما
طلبت اشلي هذا منها، اذ لم ترد ان تشعر بانها اقل شأنا
وقالت بريتاني :" وانا ايضا".
* * *


تــــــمتــ
واتمنى تنال اعجابكم وقرأة ممتعة للجميع والشكر كل من ساهم في كتابتها ويعطيكم الف عافية
وتحياتي
الشيخة زورو

nevertity 30-10-08 07:09 PM

جزاك الله الف خير بارك الله فيك يعطيك الف عافيه

فيفي و بس 31-10-08 07:34 AM

يعطيكم الف عافية وتسلم كل الايادي التي ساهمت في الكتابة

sasa sasa 02-11-08 06:29 AM

تسلمى انتى وكل القمرات اللى سعدوكى
تسلم ايديكم :)

الماسه نجد 04-11-08 10:17 PM

تسلموووووووو على الكتابه روايه رائعه جدا

ملووكه 06-11-08 12:01 AM

روعه روعه جونان تسلم ايدك حبيبتي

noor al hoda 11-11-08 03:43 AM

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

golya 12-11-08 03:02 AM

واااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااو خطيره تجنننننن موووووووووووووووووت يسلمو الايادي حياتي ..

بدر الزمان 13-11-08 04:10 PM

روووووووووووووعة

كل الشكر

nado 16-11-08 06:18 PM

الف مليون شكر لكل من ساهم فى الكتابه و تسلم الايادى التى اسعدت الكثيريين

وردة الياسمين 10-12-08 02:52 PM

يسلمووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووو بجد روايه حلوه كتير كتير كتير

بنوته نايس 26-12-08 01:59 AM

يسلمووووووووووووو على
الروايه الاكثر من
رووووووووعه

soliel 26-12-08 08:38 PM

:55::55::55:
قصة روعة
وجهد مشكور لكل المشاركات فى انتاج هذه الرواية

caspora 01-01-09 06:16 AM

شكرا حبيباتى يعطيكم الف عافيه وبجد مقصرتوش معانا . رغم انى احب اعرف منكم رد على سؤالى الكاتبه مايا مختار "الهمسات المشتعلة" هى بقلها كتير مش بتنزل حاجه ولا بشوف تعليقات ليها فقلقت عليها . رغم انى معرفهاش ولا هى تعرفنى . بليز لو تعرفوا حاجه عنها ابقى اكتبولى الرد .
بس نطمن على اختنا بعد المجهود الموفق فى اخر روايه نزلتها .
وشكرا للمرة التانيه ليكم . بارك الله فيك ورحم الله والديك, يعطيك الف عافيه

caspora 07-01-09 11:30 AM

فات تسع ايام ومحدش رد عليا . :confused:

pretty 09-01-09 08:19 PM

يسلم هالايدين و يعطيكي الف عافية

posy220 04-05-09 09:32 PM

شكرا على اروع روايه وعلى المجهود

فريال 14-05-09 04:59 AM

رائعة بارك الله فيكن :55:

snygg 16-05-09 12:51 AM

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

sandy0 16-05-09 07:02 AM

جميلة جدا اختى بجد يسلمو عالمجهود الطيب

islamin kiz 28-06-09 10:43 PM

مرسييييييييييييييييييييييييجدا حبيبتي ع المجهود الكبير شـكــ الف ر لكل من شارك في كتابتها دمتم بالعافية

moura_baby 10-10-09 02:34 AM

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

الجبل الاخضر 10-10-09 08:07 PM

تسلم ايد كل من ساهم في كتابت هذا البدع وشكر ا لكلم تسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسمون

الجبل الاخضر 10-10-09 08:16 PM

اش الاروع القصه ولا الكتبة القصه بس الجواب الاكيد ان القصه روعه بس الي كتيت هيه الاروع تسسسسسسسسسسسسلمين

حساويه عنيدة 18-10-09 02:03 PM

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

الدمعة الماسية 19-12-09 05:37 PM

يسلمو ياروعة على القصة الحلوة

الهيفاء 24-12-09 11:38 AM

رواية جميلة جدا جدا، سلمتم جميعا على المجهود الرائع وشكرا...

rwra 11-01-10 03:51 PM

:55::55::55::55::55:
جميلا كتير شكراا ليكم جميعااااا

الجيتار 17-01-10 08:55 PM

http://www.ibtesama.com/vb/imgcache2/81457.gif

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

ايادو 09-02-10 08:11 PM

جزاك الله الف خير بارك الله فيك ورحم الله والديك, يعطيك الف عافيه

قماري طيبة 13-03-10 01:59 PM

رواية جدا رائعة... بارك الله فيك ورحم الله والديك, يعطيك الف عافيه... موفقه بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .

sal_sal_ma 04-08-10 04:21 AM

رووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووعــــــــــــــــه

زهرة منسية 16-01-11 11:20 AM

شكرآ لكل الاخوات المشاركات فى كتابة الروايه لانها ممتعه كتير وعجبتنى كتير كتير يعطيكم الف عافيه

Rehana 19-01-11 07:51 PM

احداث جميلة ورائعة ..استمتعت جدا بقرائتها

http://www.zwani.com/graphics/thank_...thanks4io1.gif

arajit 31-01-11 10:08 PM

yeslamo 7abibti 3al majhoude el moumayaz merciiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiii

arajit 02-02-11 01:27 AM

ya3tikom el 3afya wala nassitoni fi 7alet ell balad chwaya

نونا المجنونه 05-02-11 12:46 AM

حلوه اوي
وشكرا علي مجهودكم الرائع

nadafha 26-02-11 10:08 PM

:rdd2lq9::rdd2lq9::rdd2lq9:

sara00 25-03-11 11:25 PM

مشكووووووووووووورة

نجلاء عبد الوهاب 16-09-11 10:50 PM

:8_4_134::8_4_134::8_4_134::8_4_134::8_4_134::8_4_134:
:f63::f63::f63::f63::f63::f63::f63::f63::f63::f63::f63::f63: :f63:
:iU804754::iU804754::iU804754::iU804754::iU804754::iU804754:
:ostrich_liam::ostrich_liam::ostrich_liam::ostrich_liam::ost rich_liam:
:winking_doll::winking_doll::winking_doll::winking_doll::win king_doll:

ندى ندى 06-03-12 10:11 PM

جميله جدا جدا جدا

ملك فارس 12-06-12 06:00 PM

جميله جداااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا تسلم الايادى

سماري كول 27-08-12 12:38 AM

تسلمين ع الروايه الحلوه حبوبه

امبراطورية ع 17-10-12 08:22 PM

رد: 265- لن تندمي - باربرة ماكماهون (كامله)
 
رووووووووووووووووووووووووووووعه جدآآآآآآآآآآ
تسلم الايادى اللى كتبتها

شووقهـ 19-10-12 06:27 PM

رد: 265- لن تندمي - باربرة ماكماهون (كامله)
 
http://www.albdoo.info/imgcache2008/...ff129ab92c.gif

الجبل الاخضر 30-10-12 03:59 AM

رد: 265- لن تندمي - باربرة ماكماهون (كامله)
 
:55:برافو :55:برافو :55:برافو :55:برافو :55:تسلم الانامل :hR604426:على المجهودك الرائع والاختيار الممتاز:55::peace: ونشكرك على تعبكي:lol: ياعسل :wookie:وننتظر جديدك:dancingmonkeyff8:

one star 07-11-12 09:58 PM

رد: 265- لن تندمي - باربرة ماكماهون (كامله)
 
مشكووووووووووووووووووووووووووور يا عسل على مجهودك الرائع

الامل المفقود 19-07-14 01:13 AM

رد: 265 - لن تندمي - باربرة ماكماهون ( كامله )
 
ششششششششششكرا

منى علىسيد 01-08-14 08:11 AM

رد: 265 - لن تندمي - باربرة ماكماهون ( كامله )
 
شكرا لكل من ساهم فى كتابة هذه الرواية

نجلاء عبد الوهاب 08-08-14 12:15 AM

رد: 265 - لن تندمي - باربرة ماكماهون ( كامله )
 
رائعه رائعه رائعه
حلوووووووووووووووووووووه كتييييييير

نجلاء عبد الوهاب 08-08-14 12:19 AM

رد: 265 - لن تندمي - باربرة ماكماهون ( كامله )
 
رائعه رائعه رائعه
حلوووووووووووووووه كتييييييييييييييييييييير

سيريناد 14-01-19 08:13 PM

رد: 265 - لن تندمي - باربرة ماكماهون ( كامله )
 
https://v.3bir.net/3bir/2013/05/QHO34049-1.gif

نجلاء عبد الوهاب 13-11-21 10:08 PM

رد: 265 - لن تندمي - باربرة ماكماهون ( كامله )
 
:rdd12zp1::rdd12zp1::075::075::rdd12zp1::rdd12zp1::LgN05096: :LgN05096::075::075::rdd12zp1::075::LgN05096:


الساعة الآن 05:01 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية