الفصل الثامن تبكي على صدره! و أنشب الذعر مخالبه فيها . و ظلت مصدومة للحظات ، و كل ما استطاعت أن تفعله هو التحديق بجوليانو ، و مشاعرها تعلن أنه مهما يكن رايان قد فعل ، فإنه شقيقها ، و هي تحبه ، ثم قادها جوليانو لتجلس ، و انطلق منها سؤال : -هل.. هل إصابته خطيرة ؟ -سيعيش.. هكذا قيل لي . و من خلال انفعالها خطرت لها فكرة أنه لا يبدو مسرورا لأن رايان سينجو . فقالت و نظرة عناد على وجهها : -أريد رؤيته . -بالطبع.. سآخذك إليه . -و هل تعلم أين هو ؟ هل هو في دورانغو ؟ -أنه في مستشفى في مدينة مكسيكو . الأفضل أن تحضري حقيبة صغيرة . فقد نبقى هناك لبضعة أيام . العمل كثير و مضني لجوليانو.. و مع ذلك فها هو يعرض عليها أن يترك عمله لبضعة أيام.. و لن تستطيع تركه يفعل هذا . -لست بحاجة لأن تأخذني بنفسك . أستطيع الذهاب لوحدي . و تركت كرسيها و اتجهت نحو الباب ، فقال بحدة : -لقد قلت إنني سأصطحبك بنفسي . لقد قرر رأيه بالنسبة لهذا . و كل ما ينتظره منها الآن أن تحزم حقيبتها كي تبدأ رحلتهما . و لكنها توقفت عند الباب ، و قد صدمتها خيبة الأمل لفكرة أنه لا يثق بها . فهل كان يظن أنها مثلها مثل رايان ، سوف تتخلى عن خطبتهما ؟ و قالت واعدة : -أنا... سأعود . و أجابها بخشونة : -هذا صحيح.. و لكن معي . و كأنه كان متأكدا ، رغم وعدها . أنها لن تعود ، و ستتركه مع حمل آخر من العار . و تابع : -لدي بعض الأعمال العالقة في مدينة مكسيكو . و هكذا عاد إليها تحفظها الذي كانت تأمل أن يكون قد ودعته إلى الأبد . و أستمر معها إلى أن حطت الطائرة بهما في مدينة مكسيكو . و قال لها : -أظن أنك ترغبين في الذهاب فورا إلى المستشفى . -أجل.. أرجوك . و رافقها إلى خارج المطار و انتظر السيارة التي استأجرها ، ثم وضع حقيبتيهما في صندوقها ، و استدار ليجلس في مقعد السائق . فقالت: -هل بإمكانك إخباري كيف حصل الحادث ؟ -حادث ؟ و من قال إنه حادث ؟ -أتعني أنه لم يكن حادثا ؟ و أن اصابته مفتعلة.. عن عمد ؟يا إلّهي.. لا! -هذا جزاءه لهربه مع إمرأة متزوجة . أليس هناك من نهاية لما يمكن أن يفعله رايان ؟ و ابتلعت ريقها بصعوبة ، و أرادت أن تعرف المزيد . -أتحاول القول لي إن صديقته ، التي ترك إيزابيلا لأجلها.. هي متزوجة ؟ و هل تقول إن زوجها قد ضربه ؟ -لو لم أكن أعرف زوج بولا فرناندو ، و أعرف أن لديه العديد من الأشخاص ليقومو عنه بهذا العمل..لما تعجبت . -و لكن هذا ليس عدلا! و لم يرد عليها ، و كانت متأكدة بأنه يعتقد أن رايان يستحق كل ما حدث له، و أكثر ربما . و عندما وصلا إلى المستشفى ، تركها جوليانو في قاعة الاستعلامات ، ثم ذهب كي يسأل . و شعرت بأنها مدينة له ، و أنها لا تستطيع مقاومة إعجابها به كثيرا في هذه اللحظات . و عاد جوليانو و قال لها : -سآخذك إلى غرفته . القسم الذي كان رايان فيه ، يقع في أعلى المبنى الضخم ، و عندما وصلا إلى هناك ، توقف عند الباب ، و قال و نظرة باردة على وجهه: -سأنتظرك هنا . النظرة التي كانت على وجهه ، أخبرتها بأنه عند أول نظرة إلى الرجل الذي هجر إيزابيلا ، فهو سوف ينهي ما بدأه غيره مع رايان ، و فكرت أن عدم رؤيته له ستكون أفضل . كان هناك ستة مرضى في القسم الذي يرقد فيه رايان ، واحد فقط منهم كان ممددا ، و الباقي جالسون يراقبونها ، و تقدمت من سريره ، شعره الأشقر كان المظهر الوحيد الذي استطاعت أن تتعرف عليه من رأسه... فصاحت : -أوه.. رايان ! ماذا فعلوا بك ؟ -كولين ! كولين... من أين أتيت بحق السماء ؟ الكلام كان مؤلما له ، و لكن دهشته لرؤيتها هناك ، و هو يظنها في إنكلترا ، جعلته يتجاهل الألم ، و اعطته ملخصا لما حدث معها منذ وصولها لحضور زفافه ، و أخبرها أنه لم يستلم رسالتها ، و قالت له إن جوليانو إنريكو قد عرض عليها ، متلطفا ، وظيفة كي تكسب أجرة سفرها إلى بلادها . وقال متعجبا : -أنت تعملين لجوليانو إنريكو ! -و هل تعرفه ؟ -سمعت عنه ، و لم أكن أعتقد بأنه سيساعد أحدا من أقاربي أبدا . -لقد كان لطيفا جدا معي ، أكثر مما ينبغي . و لكن المهم الآن ، كيف تشعر ؟ -و كيف أبدو ؟ و قالت له متصنعة المرح . مع أنها أرادت البكاء على منظر وجهه : -لقد شاهدتك من قبل بشكل أفضل . و كان الكلام مؤلما له ، فلم تمكث طويلا معه في زيارتها الأولى . و ودعته بقبلة رقيقة ، و لم تدر كيف استطاعت منع دموعها من التساقط ، و هي تغادر القسم . و لكن ما إن أغلقت الباب وراءها حتى أعمتها الدموع ، و ملأ رأسها وجه رايان المسكين المعطوب ، مع أضلاعه المكسورة التي أخبرها عنها . و لم تعرف أين هي ذاهبة و هي تسير في الممر . و من خلال دموعها شاهدت جوليانو يقف أمامها . كان واقفا دون أن يقول كلمة ، عيناه على وجهها الذي تجاهد في السيطرة على تعابيره ، و أعطتها ذراعه التي أحاطها بها شعورا بالأمان ، و هما يسيران نحو المصعد ثم أجلسها في السبارة ، و قال : -سوف نحجز في الفندق أولا ، ثم نتناول بعض الطعام . و لم تكن جائعة ، بل مصدومة ، و لم تستطع أن ترد عليه ، و أوقف السيارة في موقف الفندق تحت الأرض ، و صعدا معا إلى قاعة الاستقبال ليدبر غرفا لهما . ثم استقلا المصعد . و حجز لهما جناحا من عدة غرف . و ظل بجانبها إلى أن الحمال من الجناح ، فأخذ يتفحص غرف النوم . و عاد ليضع لها حقيبتها في الغرفة التي أختارها لها . ثم عاد و أمسك بذراعها و نظر في عينيها . -لقد تحدثت مع الطبيب بينما كنت في زيارته.. سيكون على ما يرام يا كولين ، بخير تماما . و قال الطبيب إنه سيتمكن من الخروج بعد بضعة أسابيع . و لن يقولوا إنه سيغادر المستشفى لو أن إصابته خطيرة . أليس كذلك ؟ و تنهدت بعمق و قالت و هي تبكي : -أوه يا جوليانو... إنه.. يبدو بحالة رهيبة! و جذبها بين ذراعيه ، فدفنت وجهها في صدره و أخذت تبكي ، بكل صدمتها لما حدث لريان . و أخيرا ، و هي ما تزال بين ذراعيه ، جف دمعها ، و شعرت بالخجل عندما لاحظت أنها بللت قميصه بدموعها . و قالت له : -أنا لا أبكي عادة ، فلماذا أبكي دائما على صدرك ؟ و تناولت المنديل الذي قدمه لها و مسحت عينيها به ، فقال مداعبا : -ربما لأنني دائما أكون في المكان المناسب في اللحظة المناسبة . في هذه اللحظة ، اكتشفت اكتشافا مرعبا ، و صعقت حتى العظام لاكتشافها أن مشاعرها تتدمر كلما اقتربت منه ، و كلما نظرت إلى عينيه الزرقاوين . و علمت أنها وقعت في حبه . و صدمت لمعرفتها أن هذا هو سبب خفقان قلبها في عدة مناسبات... مناسبات تكون فيها بين ذراعيه ، أو حتى دون أن يلمسها ، و أخذ يسير في الغرفة ، و بدأ قلبها بالخفقان ، و حدقت به . فقال لها : -هل أنت بخير ؟ لقد فقدت شيئا من لون وجهك . -أنا على ما يرام.. الأمر عائد للصدمة فقط.. الصدمة لرؤية رايان هكذا.. أنا... هل تمانع إذا لم أذهب معك لتناول الطعام... لست جائعة أبدا . -لماذا لا ترتاحين لمدة ساعة ؟ لدي بعض المواعيد قد تمتد قرابة الساعة . و لحاجتها للبقاء لوحدها.. فقد رأت أن أفضل اقتراح سمعته منذ مدة طويلة . و أمضيا في مدينة مكسيكو أكثر من بضعة أيام . و أملت كولين أن يكون ما شعرت به من حب لجوليانو هو محض خيال ، لكن في الأيام التي تلت كانت تغوص أعمق و أعمق في حبه ، و اقتنعت أن هذا الأمل كان أملا فارغا... بعد أقل من شهرين ، سوف تفترق عنه ، و لم تستطع أن تفكر كيف ستتمكن من هذا . أيامهما هناك ، أصبحت روتينية بخروج جوليانو في الصباح لمتابعة أعماله ، و يعود دائما ليصطحبها إلى المستشفى لزيارة رايان ، و لم يعرض عليها مرة واحدة أن يدخل ليراه . و احترمت مشاعره ، ألم يفعل لها ما فيه الكفاية ، ألم يسافر معها إلى مدينة المكسيك بعد ساعة من تلقيه الخبر ؟ و لم تطلب منه هذا أبدا. و بعد كل مرة تزور شقيقها ، كان يقودها في السيارة خارج المدينة ، إلى مكان يبعدها عن التفكير بشقيقها و ما حل به . يوم الأحد ، اصطحبها جوليانو إلى بلدة سياحية تدعى "كويرتاكاكا" يقال بأنها أقدم منتجع في المكسيك ، و من هناك ذهبا إلى بلدة مناجم الفضة "تاكسكو" أجمل بلدة جبلية . و يوم الأثنين ذهبا إلى "كواتا جويتو" المدينة التي تحوي أروع شبكة من الطرقات تحت الأرض ، تمتد تحت المدينة تماما.. و هناك دلها جوليانو على المنزل الذي عاش فيه "دياغو ريفيرا" أشهر رسام مكسيكي . و من هناك أخذها إلى "سان ميغال الاند" المكان المعروف بإقامة أكبر مجموعات من الفنانين فيه . و هناك تناولا العشاء . و قال لها جوليانو : -و الآن.. ماذا نستطيع أن نفعل لنشجع شهيتك ؟ لم تفته ملاحظة عزوفها عن الطعام ، و لكن بسبب رغبتها في إرضائه ، حاولت جاهدة التفكير بشيء فقالت : -اظن أرغب في البيتزا . و قرب وجهه من وحهها ، و ظنت أنه سيعانقها هنا في الساحة و أمام الجميع ، و أخذ قلبها يخفق ، و تلاشت الابتسامة عن وجهها ، فهي تريده أن يعانقها ، و لكنها كانت خائفة من أن تتعلق به أكثر من اللزوم . و عندها سيفضح سرها . و لكن على الرغم من أن وجهه كان قريبا منها إلا أنه لم يعانقها .بل رفع يده ليمرر اصبعه على وجهها قائلا : -إذا سنتناول البيتزا يا سيدتي . و سار بها من الساحة المكتظة بالناس ، إلى شارع جانبي منحدر و توقف أمام مبنى عليه لافتة كتب عليها "هاماميا" و سألها : -في الداخل أم في الخارج . -بل في الخارج . و تشاركا معا في تناول "بيتزا" عملاقة وضعت أمامهما على طبق كبير . و هما جالسان إلى طاولة خشبية كبيرة في الفناء الخارجي . و أكلت حصتها حتى آخر قطعة . ثم جلست معه تحت حفيف أوراق الشجرة التي تتدلى من فوقهما ، شجرة مشمش كما اعتقدت . في داخلها ، لم تعد متأكدة من شيء ، كل ما كانت أكيدة منه أنها تقع في حبه أكثر فأكثر ، و حبها له قد بدأ يحرقها . بحلول يوم الثلاثاء ، طرأ تحسن طفيف على حالة رايان . و زال التورم عن وجهه ، و أصبح قادرا على السير في القسم قليلا . و بما أن الألم قد أصبح أقل الآن فقد ظنت أنه حان الوقت لتسمع القصة منه . و لم تكن تدري من أين تبدأ ، و أحست بالسرور عندما لم يبدو محرجا لذكر اسم بولا ، و قال بصراحة أخوية : -لن أبقى هنا يوما واحدا أكثر مما يجب . -و لكن الطبيب يقول... -لا تقلقي يا كولين ، لن أقوم بأي تصرف غبي . و لكن بولا تنتظرني في أكابولكو و سوف أذهب إلى هناك بأسرع وقت ممكن . و لكنه ليس في حالة تسمح له بالذهاب إلى أبي مكان ، و خاصة إلى أكابولكو ، التي تبعد أميالا كثيرة . و لا بد أنه يدرك هذا . و لكنها تعرفه جيدا ، و تعرف أنه سيحاول هذا بالتأكيد . لذا تركت الكلام في هذا ، و قررت أن تركز الحديث حول بولا : -الأمر جدي إذا.. بينك و بين بولا؟ -بإمكانك المراهنة على حياتك بأن الأمر جدي . يا إلّهي.. أتظنين بأنني كنت سأفسخ خطوبتي لإيزابيلا في هذه المرحلة المتأخرة لو لم يكن الأمر جديا ؟ و بدا مستعدا للحديث بصراحة ، فقالت له أول ما خطر ببالها : -إيزابيلا ، و عائلتها ، يظنون أنك تخليت عنها لأنها قالت لك إن والدها ليس ثريا . -يا إلّهي ! كم هم جماعة متفاخرة . كنت أتوقع أن يظنوا هذا بدل تصديق القصة الحقيقية . أنت لم تصدقيهم.. أليس كذلك ؟ -لم أستطع تصديقهم . مع أن الفتاة المسكينة كانت مصدومة بشكل رهيب لأنك أخبرتها متأخرا جدا بتغيير رأيك . -الأفضل لها أن تنزعج الآن من أن نتزوج ثم أتركها لأذهب مع بولا فيما بعد . -و هل كانت بولا سبب فسخك الخطوبة ؟ -قابلتها بعد وقت قصير من إعلان الخطوبة ، و كنت أعتقد أنني أحب إيزابيلا.. حقا، و لكن بعد دقائق من حديثي مع بولا ، عرفت أنها المرأة الوحيدة المناسبة لي . و مع ذلك حاولت أن لا انكث بوعدي لإيزابيلا يا كولين.. صدقا لقد حاولت . و لكنني كنت أقابل بولا صدفة بإستمرار ، و كانت هذه اللقاءات تشعرني بأنني عدت إلى الحياة . إنها متزوجة من رجل قذر و غير سعيدة معه ، و لاحظت الطريقة التي يعاملها بها ، و لم استطع تحمل هذا . -و هكذا هربت معها . -لاشيء كان يمكن أن يمنعني بعد أن عرفت بأنها تشعر بنفس مشاعري . و لكنني كنت أعرف أن هناك صعوبات ستواجهنا . -و هل بحث عنك زوجها ؟ -بكل الطرق! بولا و أنا كان معنا مال يكفينا لسنة ، و لكن بعد اختبائنا لبضعة اسابيع ، فكرت أن نعود إلى مدينة مكسيكو حيث يمكن أن أجد عملا . و كانت واثقة أن زوجها سيلحق بنا ، و في يوم لمحت أحد أشقاءه . -أوه.. و لماذا لم تهرب.. -أهرب ؟ أنا أحب بولا و أريد الزواج منها ، لم استطع يا كولين ، و هل أمضي بقية حياتي هاربا ؟ -و لكن بولا ذهبت إلى أكابولكو . -لا تظني أنه كان سهلا علي إقناعها بالذهاب . إنها عنيدة جدا. و لكنني لم أرغب أن تكون موجودة عندما تتطاير اللكمات.. و اكتشفت بولا أنني أعند منها . -و هل.. هل تعلم بما حدث لك ؟ -ان الاخوة فرناندو ضربوني ؟.. بأقل تفاصيل ممكنة ، فأنا أتصل بها يوميا . -و هي تتوقع أن تنضم إليها في أكابولكو ؟ لا أريدها أن تعود إلى مدينة مكسيكو حتى أتأكد أن الأخوة فرناندو قد غادروها . و أخذ يتحدث عن بولا . و كيف أن كولين ستحبها إذا تقابلا . و بدا واضحا أن شقيقها متيم بحب بولا ، و بما أنها غارقة في الحب بنفسها . لم تستطع سوى أن تتمنى لواحد من عائلة شادو على الأقل أن يجد السعادة في حبه... و قبل أن تنهي زيارتها أخبرته عن نية والدهما الزواج من آغي باركر و قالت : -لا بد أنهما تزوجا الآن . -أرجو أن يسعدها أكثر مما أسعد والدتنا . و هذا ما ترك لكولين شيئا تفكر به و هي تغادر المستشفى . فرايان أكبر منها بخمس سنوات ، و بإمكانه أن يتذكر كيف كانت حياة والدتهما مع والدهما ، و إذا كانت تلك الحياة تماثل حياتها معه الخالية من السعادة ، فلا بد أنه لم يكن هناك سعادة في زواجهما . -هل حدث شيء لرايان ؟ و تقدم جوليانو منها ، و كانت هذه المرة الأولى التي يستخدم اسم رايان فيها . و تبددت الأفكار التعسية من ذهن كولين على الفور ، كالسحر، مجرد سماعه يتلفظ باسم شقيقها دون عدائية ، جعل عينيها تلمعان كالنجوم ، و قالت : -إنه بخير... إنه يتحسن . -و لكنك تبدين مستائة . -أوه.. لقد كنت أفكر بما قاله لي رايان . و لم يتحرك ليفتح لها الباب كما هي عادته ، بل وقف منتظرا أن تتابع كلامها ، و تخبره ما الذي أزعجها ، و كأنه يجذب الكلام منها جذبا : -لقد كان.. يخبرني عن الأوقات التعيسة التي مرت بها أمي مع أبي قبل أن تموت . -و حياتك لم تكن فراشا من الورود أيضا.. أليس كذلك ؟ -الورود لها أشواك.. أليس كذلك . و هي غير مريحة أحيانا . رأيك بأن رايان لم يتزوج إيزابيلا لأنه اكتشف أن المزرعة لك و ليس لوالدها كان رأيا خاظئا على فكرة ، فقد أحب بولا لدرجة لم يستطع أن يفعل شيئا سوى... و لكنها كانت تكلم نفسها ، فقد تركها جوليانو و ذهب ليفتح الباب لها . و لأن وجهه كان متجهما ، فلن يدهشها أن يأخذها رأسا إلى الفندق . لذا كانت مفاجأة لها عندما رأته يسير عبر زحام السير ، ثم يخرج بها خارج مدينة المكسيك . فسألته : -أين نحن ذاهبان الآن ؟ و عندما لم يرد ، اعتقدت أن مزاجه متكدر و لا يرغب في الكلام معها . و أدارت وجهها عنه و قد ملأت الدموع عينيها ، و ارتفع رأسها بكبرياء و هي تحدق خارج النافذة ، ثم جفت دموعها بنفس السرعة التي تدفقت بها . فقد بدا أن جوليانو قد قام بمجهود خارق للسيطرة على أعصابه ، و سألها : -هل تحبين رؤية الاهرامات القديمة ؟ -أنستطيع ذلك و أين ؟ هل هناك منها في مكان قريب ؟ -في "تيو تيهواكان".. و وجدت كولين "تيوتيهواكان" مكانا شديد الروعة . فالموقع الرائع يحتوي على هرمين ضخمين جدا ، الأصغر رغم ضخامته ، كان هرم القمر ، و الأكبر هرم الشمس . و كان هناك مبان أخرى تاريخية ، مثل معبد "كوتزا لكوتل" ، و كلها موجودة على طول شارع عريض اسمه "شارع الموت" . و لكن قبل أن تسير إلى أي مكان ، أصر جوليانو على أن يتوقفا في أحد الأكواخ العديدة القريبة حيث يباع كل شيء ابتداء من سجاد الجدار المكسيكي ، إلى قطع الشطرنج المصنوعة من الاينوكس ، و اشترى لها قبعة قش ، و بطريقة احتفالية ، وضعها على رأسه ، ثم تراجع ليبدي إعجابه بها : -ظريفة جدا. و ضحكت كولين ، و صممت أن لا تفكر بما سيحدث بعد شهرين من الآن . و وجدته دليلا سياحيا رائعا ، قادر على الإجابة على أي سؤال : هل عاش الأزنكيون هنا ؟ و من هو كواتزلكوت ؟ و العديد من الأسئلة الأخرى.. و لم يحاول استعجالها ، وتسلق معها الهرم درجة درجة ، و بدا مستعدا للوقوف تحت حرارة الشمس قدر ما تريده ، كي تتأمل مناظر الريف المحيطة بهما.. إلى أن تذكرت كولين أنها ترتدي قبعة بينما جوليانو عاري الرأس . منتديات ليلاس و بدآ ينزلان درجات الهرم ، و بما أنها لم تكن متعودة على المرتفعات ، كانت تتردد في وضع أي رجل قبل الأخرى و لاحظ جوليانو هذا وقال لها : -تمسكي بي... و قدم لها ذراعه القوية الثابتة لتمسك بها ، و عندما وصلا أسفل الهرم ، شعرت بالارتياح و شكرته ، فقال مداعبا : -أنت أردت أن تتسلقي . -أردت أن لا يفوتني هذا . و ضحكت ، فقد أحست و كأنها ستنفجر من السعادة بعد أن عاد لمداعبتها . تلك الليلة ، لم يكن النوم مشكلة لها . و بما أنهما يتشاركان نفس الحمام ، و جوليانو يبقى مستيقظا ليقرأ أو يعمل ، فإنه لم يستطع تجنب رؤيتها و هي تمر أمامه بثياب النوم . يوم الأربعاء ، بدا أن رايان قد خطا خطوات واسعة نحو الشفاء . و ارتاحت كولين لأنه لم يذكر بأنه سيغادر المستشفى عندما يشعر بأنه على ما يرام . و خرجت من المستشفى و في رأسها فكرة أن تجد الشجاعة الكافية لتطلب من جوليانو أن يتحدث إلى الطبيب لأجلها . بعد الظهر اصطحبها إلى الحدائق العائمة في "كوشيملكو" ، و نسيت كل شيء فيما يتعلق برايان ، بعد أن استحوذ عليها ذلك الموقع الرومانسي . و جلسا في قارب مزين بأوراق الأزهار ، سار بهما فوق الماء ، مارين ببائعي زهور على مراكب صغيرة ، و آخرون يبيعون الطعام . و لكن سعادة كولين لم تعد تعرف حدودا عندما تقدمت فرقة عازفين ،"ميراشيري"، معتمرين قبعات عريضة للرعاة المكسيكيين ، و توقف جوليانو و دفع لهم أجرهم ، و بدأوا بالعزف . و بعد أن انتهت رحلتهما في المركب قالت له و هو يساعدها على النزول إلى الشاطئ : -كانت نزهة رائعة . -كنت أعتقد بأنها ستعجبك . -لا يجب عليك أن تأخذني إلى مثل هذه النزهات ، أعني إذا كانت تضجرك . -و هل قلت إنني ضجرت ؟ -حسنا.. لا ، و لكن.. -إذا لم تحسني التصرف.. لن آخذك إلى حفلة الفلكلور الراقصة هذه الليلة . -الليلة؟ -عادة يقيمون مثل هذه الحفلات يوم الأربعاء و يوم الأحد. -أوه.. و لكنك تريد العودة إلى دورانغو يوم الأحد . -سوف أنتهي من أعمالي عندما يأتي يوم الأحد . -أجل.. أجل.. بالطبع ستنتهي . و قابلتهم عاصفة رعدية في مدينة مكسيكو . و لأنها تحب التفرج على العواصف ، لم تستطع مقاومة رغبتها في الخروج لمشاهدتها في الشارع ، على الرغم من وجود طريق مسقوف من المرآب إلى الفندق و شق السماء برق عنيف ، و لكنها لم تخف ، بل أجفلت عندما أمسكتها يد قاسية لتجذبها و يقول لها جوليانو : -أليس عندك عقل ؟ ثم جرها وراؤه إلى الفندق . و كان لا يزال غاضبا عندما وصلا إلى جناحهما ، وعيناه الغاضبتان تنظران إلى المطر في الخارج الذي لم تشاهد مثله من قبل . ثم و دون أن يخطو خطوة ، بدا و كأن شخصا آخرا يسيطر عليه ، فارتفعت يده ببطء ، و بدا يتحسس خدها . و ارتفع اللون الأحمر إلى و جهها ، كانت تريد أن يلمسها ، بحاجة إلى هذه اللمسة ، و لكنه أشاح بوجهه عنها بحزم . و راقبت كولين ، و كأنها تراقب فيلما بالسرعة البطيئة ، اللون يغزو بشرته ، بعد أن أدرك ما كان سيفعله . ثم أصبح صوته خشنا ، خشنا لدرجة لم تسمعها منه طوال هذا اليوم. -لأجل الله.. اذهبي و غيري ملابسك. و ذهبت كولين بسرعة ، و لكنها سمعته يتمتم : -يا إلّهي.. ثم قال شيئا عرفت من معلوماتها القليلة بالإسبانية أنه يعني : -أنا بحاجة لشراب قوي كي أهدأ . ******************* يتبع.... |
,وين باقى الرواية يا عسلللللللللللللللللللللللللللللللللل
|
:flowers2::flowers2::flowers2::flowers2:
انت عسل .. ومستنين الفصلين .. الله يعافيك |
صباح الخير يعطيكي الف عافية |
الرواية روعة و بانتظار التكملة
|
الساعة الآن 08:53 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية