منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات عبير المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f449/)
-   -   116 - أريد سجنك - آن هامبسون - عبير القديمة ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t95118.html)

redroses309 04-10-08 11:23 PM

116 - أريد سجنك - آن هامبسون - عبير القديمة ( كاملة )
 
السلام عليكم
كل عام و أنتوا بخير
أنا كان نفسي أحط رواية كاملة هدية العيد بس ما قدرت أكتب غير ثلاثة أجزاء من الرواية و الحين أكتب في الرابع
و هذي الرواية البطل فيها يوناني <<<<< و أنا أحب البطل يوناني
بس من جد رواية رووووووعة
إنشاء تعجبكم و لا تبخلوا علينا بالردود الزينة



**********
أريد سجنك !
ل : آن هامبسون

*********************

هناك عواطف غامضة كالهيام لا يمكن سبر أغوارها بسهولة ... تتخذ أشكالا غير متوقعة مليئة بالمفاجآت وقد تغير وجهة الحياة في غمضة عين ...
ليون بتريديس ، الرجل ذو السطوة الرهيبة ... عندما رأى تارا الحسناء كان له حلم واحد : ان يأخذها الى جزيرته الفردوسية في اليونان بأي ثمن ... ولو اصبحت سجينة بالاكراه . انها المرأة التي خلقت له وحده ، دون سواه . أعماه جمالها عن كل شيئ ، حتى المجازفة بحياته ، والسؤال الذي يتبادر الى الذهن هو :
... ألم يكن لتارا رأي في تقرير مصيرها ؟ لماذا لم تحاول الهرب ؟
منتديات ليلاس

************


1 - العاشق البربري

بدا الارتياح على وجه (( تارا بنيت )) و هي تصغي الى الصوت على الطرف الآخر من الخط . لم يتخلف خطيبها مرة واحدة عن الاتصال بها كل يوم في مثل هذا الوقت ، ليذكرها مازحا انها له وحده و الويل لها اذا سمحت لأحد مرضاها ان يغازلها . وسألها ديفد :
-كيف حال جماعتك في المستشفى ؟
- اتانا مريضان آخران في ساعة متأخرة من الليلة الماضية . كانا ضحيتي حادث سيارة ، ولم أرهما الا عندما اتيت الى عملي هذا الصباح . احدهما يوناني متغطرس ! لم أكلمه حتى الآن ولم ألق عليه حتى نظرة . ولكن سو غاضبة عليه لمعاملته لها . وتقول ان من يراه قد يعتقد انه سيد الاسياد .

ضحكت تارا على الخط و هي تستعيد كلام سو و شكلها و هي ثائرة .

- كيف هو ؟ صفيه لي .
- تقول سو انه جميل الطلعة وتعتقد انه في الثانية و الثلاثين ، و لكنه يرفض ان يتكلم عن عمره .

ضحكت تارا مرة أخرى عندما اطلعت خطيبها على ما قاله اليوناني لسو عندما سألته عن عمره . فقد نظر إليها بكبرياء وصرخ في وجهها :

- مالك ولعمري . قومي بعملك و كفي عن توجيه اسئلة تافهة .

علق ديفد على ذلك بقوله :
- لا يدل هذا على ان في الرجل شيئا غير عادي .
- كلا ، ولكن الطبيب المناوب يصر على اجراء فحوص أشعة عليه . لأن الحادث كان مهما ولأن اليوناني ضربته سيارة كانت تسير في الجهة المعاكسة قذفت به على الرصيف . كله رضوض وفي رأسه جرح بليغ .

غير ديفد موضوع الحديث وقال :
- نسيت ان اخبرك يا حبيبتي اننا مدعوان الى مطعم ماري يوم الجمعة . جون هنا في عطلة .
- مدهش ! اذن سيحضر حفلة زفافنا .
- هذا ما اعتقده . مضى عليه سنتان في الخارج و اظن ان مدة عطلته ستكون طويلة . بقي لنا تسعة أيام قبل ان نتحد . يكاد صبري ينفذ .

اكتفت باحاسيسها السعيدة ولم تتكلم . واتجه كلاهما بذهنه في فترة الصمت هذه الى مستقبلهما الذي تأمل تارا ان يكون ورديا مليئا بالبهجة . وسرت كثيرا لصدفة وجود اخيه يوم زفافهما . وخاصة انها بدون اقارب على العكس من خطيبها الذي له والدان و عمتان مسنتان بالاضافة الى اخيه .

قالت تارا :
- يجب ان اتركك لأني سأحل محل التي انتهت من عملها الآن .
قال ديفد مازحا :
- احذري هذا اليوناني اذن ، فان اليونانيين معروفون بأنهم يطاردون النساء .
- لكنه ليس من هذا النوع . و سو هنا الآن تعبس وتشير باصبعها الى غرفة اليوناني .
- من الصعب اغاظة سو ، اليس كذلك ؟
- ان سو من اهدأ الناس ... و هذا هو الشيئ المطلوب في مهنة التمريض . وداعا يا حبيبي . سنلتقي هذا المساء .

نظرت تارا الى سو وقالت هذه الأخيرة :
- انه حيوان وقح !

دهشت تارا لهذه العبارة لان سو لا تتلفظ بعبارات بذيئة تسيئ الى مرضاها مهما كانت مضايقاتهم لها .
- ارجو الا يضايقني يا سو .
- انه مصر على الخروج لكن الدكتور جيمسون شدد على ان نبقيه تحت المراقبة مدة من الزمن .
- ليس في استطاعتنا اجباره على البقاء اذا هو اراد الخروج ، و الدكتور جيمسون يعرف ذلك كما نعرفه نحن ايضا .
- يبدو ان الدكتور جيمسون غير مقتنع بأن الانسان لا يصيبه اذى داخلي في حوادث كهذه .منتديات ليلاس

لم تقل تارا شيئا ، و بعد بضع دقائق دخلت الغرفة الخاصة حيث اليوناني حاملة صينية قهوة وبعض البسكويت . و كانت قد توقفت قليلا قبل دخولها ريثما يهدأ نبضها المتسارع .

كان اليوناني واقفا امام النافذة ينظر الى الخارج . كان طويل القامة ، عريض المنكبين نحيل الخصر ، وله جسم الرياضيين . دار على نفسه و ذكرتها تقاطيع وجهه الجانبية بتلك التماثيل اليونانية التي شاهدتها في المتحف . لاحظت بروز ذقنه وخط فكه الناعم وانفه المعقوف ...

وقف امامها الآن وجها لوجه ... ولم تدر لماذا أجفلت . ربما كانت عيناه ، و هما سوداوان فيهما لمعان البلور الاسود ، ترمقانها دون ان ترفا ، ! ثم اتسعت فتحتهما وبدا لها انهما نفذتا الى صميمها . لم يتحرك اليوناني . وكان يخيل لمن يشاهده انه تحت تأثير التنويم المغناطيسي ... كما لو كان ينظر الى اشياء موجودة في غير هذا العالم .

- ق ... قهوتك .

تأتأت تارا ولكنها لم تتحرك من مكانها . كانت ساقاها ضعيفتين و ذهنها مرتبكا . وشيئ فيها يحس بأن تيارا كهربائيا يدور في حلقات عبر الغرفة تمر بينها وبين الرجل الواقف امامها . لم يظهر اي دليل في وجهه على تأثر معين او ابتسامة . واستطاعت ان تلاحظ و لكن بصورة غير واضحة لون جلده الكثير السمرة ، وعظم وجنتيه المنخفض الخاص بالجنس اليوناني ، وشعره الاسود الكثيف الممشط الى الوراء . تذكرت ان سو قالت انه جميل الطلعة . ولكنها لم تره كذلك ، بل ان ملامحه تدل على غطرسة وعلى انه قاس ومترفع .

لم ترى تارا في حياتها وجها يؤثر هذا التأثير في الناظر إليه . كلا ، انه ليس جميلا في نظرها على الاقل . و بالمقارنة معه ... ديفد ليس بهذا الطول . ولكن تقاطيعه ناعمة ولطيفة وعينيه صريحتان ، وفمه ممتلئ و الشفتين فيهما حنان ، بعكس فم هذا الرجل ذي الشفتين الرقيقتين اللتين تدلان على قسوة . و بالرغم من ذلك فيهما شيئ يبعث الدغدغة في ظهر تارا . تكره تارا ان تجد نفسها وحيدة معه .

تابع الرجل نظره فيها مدققا في جمال تقاطيعها الخارق و انفها الصغير .
في شفتيها القرمزيتين الجميلتين الدائمتي الانفراج . و لاحظ الدهشة او شيئا من الخوف في عينيها الزرقاوين . وشعرت هي بهذا الخوف في عينيها . ولكنها لم تفهم مصدره . وكانت جفونها ترف و استطاعت بذلك اخفاء ردة الفعل في عينيها . و لكنها لم تستطع ان تخفي احمرار وجهها . وغضبت من نفسها لأنها لم تجد في نفسها القوة على الكلام او حتى السير نحو الطاولة لتضع القهوة عليها .

و أخيرا تكلم اليوناني . ولم تكد تارا تستبشر بزوال الصمت حتى تولاها احساس جديد بالخوف او الحذر عندما سمعت رنة صوته الغريبة و لكن الجميلة التي كان يشوبها قليل من اللكنة الاجنبية .
- نهارك سعيد . انت ممرضة النهار على ما اظن ... ما اسمك ؟

بلعت ريقها بشكل ظاهر . و اخذت الافكار تدور في رأسها مثل دوامة .
لماذا أربكها صوت الرجل ؟ لم يقل غير بضع كلمات و لكنها رأت معاني كثيرة في تلك الكلمات البسيطة . سمعت نفسها تتمتم اسمها و احست بالدم يصعد الى وجهها . و اتى الى اذنها صوت الرجل و هو يعيد اسمها بنغمة ناعمة ولطيفة .

قال اليوناني عالما بارتباكها :
- تارا ... لا ، ليس هناك ، بل على هذه الطاولة الصغيرة هنا .

تيبست في مكانها لأن الطاولة الصغيرة كانت قريبة منه كثيرا .
- انا دائما اضعها هنا .

اتجهت نحو الطاولة . ودهشت لأنه لم يوقفها نظرا لسطوته التي قد تخضع لها دون ارادة لو انه أعاد طلبه لتضع الصينية حيث يريد .

و بعد ان وضعت القهوة على الطاولة سمعت صوته يوجه اليها امرا قاطعا ومزعجا :
- تعالي الى هنا !

حملقت فيه ولعنت ضعفها امامه . اين مواقفها الجريئة مع مرضاها ؟
وماذا حل بصوتها الثابت وبنبرته الخاصة التي تجعلهم يطيعونها ؟
- يجب ان ... ان اذهب .

ولكنها لم تتم عبارتها عندما اشار اليها بيده . و رأت عينيه نصف مفتوحتين وفيهما نظرة رهيبة .
- تعالي هنا يا تارا .

كان صوته ناعما ولكن فيه نبرة جعلتها تنظر حولها و تتجه نحو الباب بضع خطوات . لماذا لم تحذرها سو من ذلك ؟
- قلت تعالي هنا .

ظل صوته ناعما . ولكنها لم تدر لماذا اخذت تقترب منه وتطيع امره كأنها دمية آلية . غير انها توقفت فجأة كأنما لتقاوم هذه المغناطيسية الخفيفة التي كانت تشدها اليه .
- قلت انه يجب ان اذهب مستر بتريدس ، واظن ان الطبيب سيراك بعد ساعة تقريبا .

فهمت تارا من سو ان الرجل يحتج كل مرة و يؤكد رغبته في ترك المستشفى . الا انه ادهشها عندما اومأ برأسه موافقا .
- سأعود لأخذ الصينية في خلال نصف ساعة .
- اظن اني طلبت اليك ان تأتي الى هنا .

استدارت تارا و الغضب في عينيها و قالت :
- لا اعرف سبب مناداتك لي يا مستر بتريدس ، و طلبك هذا يدهشني كثيرا . فالمرضى لا يعطون الاوامر للمرضات .
و هنا ايضا توقفت عن الكلام عندما تقدم نحوها بخفة القط البري .

**********

- لا تكن سخيفا !
وافلتت من قبضته .
- انك شيطان مجسم ! سأشكوك !

كانت غاضبة ومرتبكة معا لأن اليوناني عندما قال انها استسلمت كان صحيحا .
و لو ان استسلامها لم يكن طوعا بل ضعفا ، ولكن ما الفرق بالنسبة له ؟ و شعرت بالعار و الاشمئزاز من نفسها . وفكرت في
ديفد الذي خانته دون ارادتها . وفكرت في سو
وتساءلت لماذا لم يعرض عليها هذا اليوناني عواطفه غير المحدودة .

قال الرجل وهو يتأمل في صدرها الذي كان يخفق بسرعة :
- لا اصدق انك ستعرضين شكواك من هذا المشهد اللذيذ يا تارا . انت استمتعت به كما استمتعت انا . لا تنكري ذلك . تكفين عن المقاومة اذا كان العناق يروق لك . انك لم تمانعي .
- آراؤك في جرأتك الغرامية متكبرة يا هذا !

لماذا تلفظت بهذه العبارة او تكلمت بهذه الطريقة لا تدري . هي تدري فقط انها تغلي من الغضب ولو استطاعت لتسببت له في اذى . نظرت الى الربطة التي تعصب الجرح في جبينه و تساءلت اذا كان هذا الجرح أثر في دماغه . لكنها ابعدت هذا الاحتمال اذ ان عقل الرجل سليم كعقلها . هذا الرجل يستغل كل دقيقة ليستمتع بملذات الحياة و فيض حيويته الداخلية يستحوذ عليه ، كان الله في عون زوجته اذا كانت له زوجة ... فهي ستكون عبدته ليس عقليا فقط بل جسديا .

- اكتشفت ان النساء يجدن متعة في ... في اعتباراتي لهن . و انا اكيد من انك وجدت متعة انت الاخرى .
- انك تتكلم كشخص مجنون ! اما بصدد تقديم شكوى ضدك فسأفعل ذلك حالما اخرج من هنا !

قالت ذلك وجرت نحو الباب دون اعتبار لكرامتها كسيدة وفتحته وخرجت .

كريه ، كريه ! من المؤسف ان الحادث لم يقض عليه كليا . ولكي لا تعود اليه لتأخذ الصينية ، تدبرت في ايجاد ممرضة اخرى غيرها لتنوب عنها ، ولكنها حذرتها من هذا الذئب المفترس .
- لقد اوقعك ، هيه ؟ هذه هي مفاجآت غرف الذكور . و لكن اذا تجرأ و حاول ان يتخطى الحدود سيذوق صفعة لن ينساها هذا المغازل !

بالطبع لم تطق تارا صبرا لمعرفة ما يكون حصل بينها و بين اليوناني عندما ذهبت لتأخذ الصينية .
سألتها و هي ترى هدوء الفتاة :
- كيف كان ؟
- لم يتفوه و لا بكلمة واحدة . كان هادئا و بعيدا . تطلع في وتناول كتابا .

قطبت تارا ما بين حاجبيها ثم قالت :
- غريب جدا ... لم يتحايل على سو ايضا .
- ربما وقع في حبك من النظرة الأولى .
قالت الممرضة ذلك وخرجت تاركة تارا في حالة ذهول ...

و سألت نفسها لماذا عدلت عن تقديم الشكوى ضد هذا اليوناني المغرم .

التقت ديفد ذاك المساء وذهبا لتناول العشاء في مطعم رويال اوك .
وكانت تارا وهي جالسة قبالة ديفد تقارن بين وجهه السمح و وجه اليوناني .
وعبست لأن وجه هذا المخلوق يغزو افكارها ، و لكن ديفد لم يلحظ هذا العبوس في ضوء الشموع التي كانت تزين مائدتهما الا بعد ان رأى شرودها :
- هل كان يومك شاقا في المستشفى ؟ الهذا تعبسين ؟

اومأت برأسها ، ثم سألها ثانية :
- كيف كان اليوناني الذي تكلمت عنه ؟ آمل الا يكون قد تكلم معك بوقاحة كما تكلم مع سو.

بلعت تارا ريقها بصعوبة وهي تتساءل كيف يكون رد فعله اذا قصت عليه حادثة الصباح ، ولكنها كانت خجلة متضايقة من نفسها لاقتناعها بأنها لم تخلص للشخص الذي تحبه .
ربما كان يجب عليها ان تقاوم بقوة اكثر وان تطيل مدة مقاومتها . ربما كان بوسعها ان تمنعه من معانقتها بالمرة . و بان لها ضعفها في استسلامها بتلك السهولة .
نعم ، كان عليها ان تقاوم ، و لا غرابة اذا هي شعرت بالذنب . ذكرها ديفد بأنها لم تجبه على سؤاله بعد .
نظرت اليه وأملت الا يكشف ضوء الشموع عن تعابير وجهها .
- كان مزعجا بعض الشيئ .

كانت تعرف ان هذا الوصف أبعد ما يكون عن الحقيقة ، ثم اضافت قائلة :
- انه مريض وسيئ الخلق . كلمتك عن هذا النمط من قبل .
- من المؤكد ان مسلكهم يؤثر على الاعصاب . هل ما زال في المستشفى ؟
- رحل بعد الغداء .
سألها مقطبا :
- هل ودعك ؟
- كلا ، لم افكر فيه مطلقا .

لم تذكر لديفد انها سعت جهدها كي لا تكون في طريقه ساعة رحيله .

- تخلصتم منه اذن ! اتعلمين حبيبتي ، سأسعد كثيرا اذا تركت عملك بعد زواجنا .
- نعم ، ولكن بعد زواجنا بفترة قصيرة . اصبر قليلا يا ديفد لأن علينا تأثيث بيتنا وأقتناء اشياء اخرى قبل مولودنا الاول .
قال مبتسما :
-هذه فكرة حسنة ، و نحن متفقان على ان الأم تلزم بيتها لأجل اولادها .


في صباح اليوم التالي اتى البواب بباقة فخمة من الورد و قدمها لتارا مهنئا اياها على حظها السعيد .
- انها جميلة حقا ، ولكنها ليست لي ، و ربما ارتكبت خطأ بتقديمها لي .

فكرت ان الباقة أرسلها احدهم الى مريض عزيز عليه ، وطلبت ان تقرأ البطاقة .
وتناولت الباقة التي كانت مكونة من حوالي ثلاثين وردة يربطها شريط فضي .

نظر البواب الى تارا مبتسما و هو يرمقها باهتمام جديد :
- انها لك . ارسلها معجب اسمه ليونيدس .

ليونيدس ... توترت اعصابها . انه اليوناني ! يا لجرأته ! احمرت من الغضب وكادت تمزق البطاقة لولا وجود البواب الذي كان ينتظر ردة فعلها .
قالت و هي تحاول ان تبدو طبيعية :
- شكرا يا بيل ، هذا من مريض يريد ان يعبر عن شكره ، و لكن لا يجب ان يبذروا مالهم بهذه الطريقة . رغم ان نيتهم حسنة .

قال بيل بفتور :
- طبعا ، لكنها تساوي ثروة .

و رغم غليان الدم في جسمها لم تجرؤ تارا على رمي الباقة في القاذورات .
أغراها جمالها فأرادت ان تعتني بها وترتبها في وعاء كبير . و زادت من رونقها عندما قطفت أورقا خضراء من حديقة المستشفى و رتبتها حول الورود .
كان الجميع يريدون معرفة اسم من ارسلها و لمن ارسلها .
لم ترد تارا ان تكذب . ولكنها ايضا لم تكن تنوي ان تكشف عن مرسلها اليوناني الذي سمع عنه كل نزلاء المستشفى منذ ان اذاعت سو اخباره على الملأ ، فقالت ان البواب أتى بها و ان البطاقة ضاعت .
و بالفعل رمتها تارا في صندوق الزبالة .

قيل لها فيما بعد انها مطلوبة على الهاتف وكان المتكلم ليونيدس بتريدس .
سألها اذا احبت الورود .

فأعادت السماعة الى مكانها فورا ، و لكنها بدأت تنتفض . ماذا يجب ان تعمل ؟
ترددت في السابق بين ان تطلع خطيبها او لا تطلعه على الامر .
ولكنها حسبت حساب للنتائج ، وكان هذا خطأ منها لأن خطيبها أول من تلجأ اليه في الصعوبات او كلما احتاجت الى مساعدة او نصيحة . لذا قررت ان تتجاهل اليوناني اذ انه سرعان ما سيمل من هذه السخافات .
ولكن بينما كانت تترك شقتها ذلك المساء في مبنى الممرضات الجديد وهي في طريقها إلى محطة السيارات رأت نفسها وجها لوجه معه .

صرخت في وجهه قبل ان يتكلم :
- اذهب عني ! واذا تابعت مضايقتي فسأطلب الحماية من الشرطة !

قال مشيرا الى سيارة بجانب الرصيف :
- انسي هذا . ادخلي و سنتكلم بهدوء ، و لن يكون جوابك رفضا يا تارا .

و لما حاولت ان تقاطعه اضاف :
- يجب ان نتكلم ، اتفهمين ؟ تلاقينا في الحياة وليس من السهل ان يختفي احدنا عن الآخر . لذا ، ارجوك ، ادخلي السيارة و ...
- هل تفترض انني ذلك النوع من الحمقى ؟

ولما حاولت ان تبتعد عنه اعترض طريقها و أوقفها . دارت بنظرها حولها لعل احدى الممرضات تراها من احدى النوافذ الكثيرة في المبنى .
- مالذي يجعلك تعتقد اننا يجب ان نتباحث ؟ هذا شيئ لا اتصوره. ارجوك ، دعني اذهب . يجب ان استقل السيارة !
- اين وجهتك ؟
كان صوته خافتا و لكن فيه وقاحة .
- انا اوصلك .
قالت حانقة :
- خطيبي ينتظرني ، لذا فابتعد عن طريقي .
- خطيبك !

نظر الى وجهها الجميل الذي زادت من جماله هالة من الشعر الذهبي ، بتسريحة طويلة ذات اطراف متموجة كأنها ترفض ان تكون ملساء مثل باقي شعرها . وكانت خصلة تتوج جبينها العريض الذكي وتتموج الى ان تصل صدغها .
- خطيبك ... ؟ انت مخطوبة و ستتزوجين ؟

كان صوته اجوف و حيرها هذا التغير المفاجئ فيه .
- نعم .

اجابته بكلمة واحدة فقط وشعرت كأنها ضربت انسانا في صميمه و آلمته .
- و الآن يا سيد بتريدس ، ارجوك ان تدعني أمر . فان سيارة الباص قد تأتي في اية لحظة ... ها هي قد اتت ، يجب ان اذهب .
- كلا !
كان صوته آمرا و وجهه قاسيا كوجه وثني . واضاف :
- سأوصلك انا بنفسي .

حاولت الافلات منه ولكنه بقي في مكانه يسد عليها الطريق .
و نظرت الى الباص وقد مر عنها ، فقالت يائسة :
- أرأيت ؟ هاقد ذهب . سيقلق علي خ ... خطيبي . اوه ، لماذا تضطهدني هكذا ؟
- الم تحزري ؟
- أحزر ؟

هزت رأسها و هي اعجز من ان تفكر في اي شيئ سوى ديفد الذي ينتظرها عند موقف الباص . واضافت مستوضحة :
- احزر ماذا ؟
- انسي ما قلته . ادخلي السيارة الآن و سأقودك الى خطيبك .
اقتنعت اخيرا بصدق كلامه . ودخلت السيارة .
- حسنا سأدخل .

لم تطق لمسة يده و هو يحاول مساعدتها في دخول السيارة ، حيث جلست جامدة تتوجس شرا وتشك في انه سيوصلها الى خطيبها . لماذا وثقت فيه ؟ الم تختبر معاملته لها ؟
- اريد ان اتكلم معك يا تارا . هل انت مستعجلة حقا للقاء خطيبك هذا ؟
- انه ينتظرني عند موقف الباصات .
- اذن لدينا بعض الوقت لألحق بالباص .

قال ذلك و اندفع بسيارته فدخل شارعا تزينه اشجار على جانبيه . كان الوقت غسقا في اول ايام شهر نيسان ( ابريل ) . و بدأت ترتجف و لكنها لم تصرخ اذ انها لم ترى فائدة ترجى من احتجاجاتها . وتوقف ليونيدس بتريدس على بقعة خضراء بجانب الطريق .
تمهل قليلا ، ثم نظر اليها وقال :
- انك لن تتزوجي خطيبك الذي تتوقعين ان تلتقي به . خطيبك ليس من نصيبك .
- ماذا تقول ؟ انت لا تعرف خطيبي . و في اعتقادي انك معتوه . آه ، كان يجب ان اطلب حماية الشرطة منذ البداية .
تطلع فيها بدهشة بريئة وسألها :
- ماذا عملت ؟
- عانقتني بالقوة و أرسلت لي زهورا واتصلت بي هاتفيا ! و الآن اجبرتني على دخول سيارتك ...
خف صوتها و هي تلفظ العبارة الأخيرة عندما رأته يبتسم .
- هل تفترضين ان مثل هذه الاشياء ستقنع الشرطة لتقوم بحمايتك ؟ انا لم اجبرك على دخول السيارة يا تارا . انت دخلتها باختيارك ، وسأفي بوعدي و آخذك الى خطيبك ولكن بعد ان نتحادث . إلا اننا لن نصل الى نتيجة اذا بقيت متمسكة بادعاءاتك ضدي . لذا انصحك اذا كنت فعلا تريدين ملاقاة خطيبك ان تكوني اكثر تفهما ريثما نناقش اقتراحي .

- اقتراح يا سيد بتريدس ؟
- ليونيدس ... كما هو مكتوب على البطاقة التي كانت مع باقة الورد . واصدقائي ينادونني باسم ليون فقط .

كانت جلسته جانبية ولذا كان أسهل عليه ان ينظر اليها مباشرة .
- بما اني لست صديقة لك و لن اكون ، فسأناديك سيد بتريدس و اكون ممتنة اذا ناديتني بالآنسة بنيت . و اقتراحك هذا ، اذا رأيت من الضروري ان تعرضه علي ، فأرجوك ان تسرع بعرضه و تأخذني بعدها الى خطيبي .

ورغم انها تتكلم بهدوء كان قلبها يخفق بسرعة .
رأت نفسها في عالم كله ظلام حيث تنتظر المجهول او القدر .
و بالفعل نزل القدر وتكلم :
طلب اليوناني منها ان يتزوجها .

عندما تذكرت هذا فيما بعد و هي صافية الذهن انقشع عنها ذلك الضباب الذي كان يلفها و هي في السيارة .
عندما تقدم بطلب يدها و هي تنظر اليه مبهوتة سألت نفسها لماذا لم تقفز من السيارة وتهرب .
شعرت في حينه كأنها فريسة لتأثيره ذي القوة المغناطيسية التي سمرتها في مكانها وأرغمتها على سماع حديثه .

أكد لها انه يسعدها بحياة هنيئة في فيلا بيضاء و زرقاء على جزيرة هيدرا في اليونان . و انه سيكون لها خدم و مصروف جيب يزيد عن حاجتها . ولم تحاول مطلقا ان تقاطع كلامه الذي كان ينساب من فمه بسهولة مدهشة وكان أشبه بقصص الخيال . انها تحلم وتهذي .
هذا لا يحدث في الحياة الحقيقية .
انهى كلامه و انتظر ردها عليه و لكنها بقيت حالمة .
- لم تقولي شيئا بعد يا تارا .
نظرت اليه و تأملت وجهه فرأت دلائل العزم في كل تقاطيعه و شعرت بقوة عينيه التي تؤثر في الناس وترغمهم على الخضوع لرغباته . تكلمت بسرعة لتظهر له انها لم تقع تحت سطوته :
- اني سأتزوج من ديفد خلال ثمانية ايام يا سيد بتريدس .
- ثمانية ايام !

تفرس فيها بعينيه السوداوين . ودفعتها غريزتها الى وضع يدها على عنقها دفاعا عن النفس .
من المؤكد ان هذا الرجل يريدها الى درجة انه عرض عليها الزواج مستثنيا
اياها من بين كل النساء اللواتي يعرفهن .
و للوصول الى مراده قد يفعل اي شيئ ، وراودها الشك في انه سيقتل خطيبها . ورسخ شكها في ذهنها عندما قال :
- لن تتزوجي من احد غيري في ثمانية ايام .

استولى عليها خوف غامر مدها بالشجاعة الكافية لتقفز من السيارة وتركض
بسرعة دون توقف الى ان وصلت الطريق العام . لحق بها ولكن في الوقت الذي استغرقه ليغير اتجاه السيارة ويصل الى الطريق العام كانت تارا قد اختفت داخل حرش مجاور حيث قبعت بين الاشجار و انتظرت الى ان رأته يتجه بسيارته على طريق الباص .


*******************


2 - عروس في المرآة

وقفت تارا وهي لابسة فستان العرس الابيض مع سو التي ستكون لها وصيفة
الشرف و اخذت هذه الاخيرة الفستان فوجدته في منتهى الكمال .
- كم جميلة انت في هذا الفستان ! لم أرك أجمل من اليوم يا تارا !
توردت وجنتا تارا لهذا الاطراء وشعرت بسعادة لا توصف .
اليوم ستكون العروس المحبة لشخص يحبها و ينتظرها ليعلن انه لها وأنها ستكون زوجته الى الابد . كانت واقفة امام المرآة وتنهدت :
- اوه ، اليوم انا اسعد من يكون ! بعد ساعة و نصف سأصبح السيدة ديفد روثويل .

وفجأة جمدت في مكانها . ولم تعد ترى أو تعي شيئا غير وجه اسمر اللون لشخص يقف امامها ... واخذ اسمه يطن في اذنيها ... " ليون بتريدس " يتبعه لقب
" السيدة ليون بتريدس "
... قد يكون اسمها لو قبلت به .
- تارا ، مابك ؟
كان صوت سو مفعما بالقلق و الذهول و لكنه ازال الطنين من اذني تارا .
- كان مظهرك مظهر أسى !
اي انك بدوت حزينة ... نوعا ما .
- كيف تتكلمين هكذا ؟

كان صوتها شبه مخنوق الا انها حاولت تغطية ما حل بها و قالت :
- انا اسعد فتاة في العالم !

لكن فكرها اتجه الى ذلك اليوناني الذي اتى ورآها في اليوم الثالث بعد هربها منه . كان ذلك عندما خرجت ذلك المساء مع ديفد و اوصلها في آخر السهرة الى مبنى الممرضات في المستشفى . وقفت تارا عند المدخل واخذت تلوح له بيدها مودعة . و بعد ان اختفت سيارة ديفد عن الانظار وارادت ان تدخل وجدت نفسها فجأة بين ذراعي اليوناني الذي لم يمهلها حتى لتتنفس ، اذ هجم عليها يعانقها بعنف .
عادت هذه الذكرى اليها وهي واقفة امام المرآة في فستان العرس .
و اصابها الخجل من نفسها لأنها قصرت في اخلاصها لديفد .
فهي لم تصرخ بعد ان هدأ جنونه وابعدها عنه قليلا و اخذ يتفرس في وجهها على ضوء المصباح الكهربائي . لم تستطع الهرب لانه كان ممسكا بها . لكن لماذا لم تصرخ ؟

* * *

بدا ديفد مجرد ظل غير واضح .
طلب ليون بتريدس ان تتفوه باسمه فاطاعته على الفور ، و قال ان القدر جمعهما فوافقت ، وطلب اليها ان تفسخ خطوبتها مع ديفد فوعدته بذلك .
كانت هجينة بين يديه ، بين يدي هذا اليوناني الذي انحدر من الاساطير الاغريقية ...

برز القمر و اضاء وجهها وسمعت اليوناني يهمس
في اذنها :
- انا سيدك . انا امتلكك روحا وجسما . ستأتين الي . ستكونين امرأتي . و سنكون سعيدين الى الابد .
وستسحرك جزيرتي يا تارا . جزيرتي بلا طرق و هذا يعني بلا ضجة .
وعندما تقفين امام الفيلا سترين الجبال والوديان و البحر الازرق الهادئ امامك
وعن يمينك و عن يسارك . ستزين الزهور شعرك و المجوهرات عنقك .

انحنى ليعانقها فرفعت وجهها اليه و عانقته ، وبعدها رجته كي يدعها تذهب و اعطته وعدا بانها ستكون زوجته ...

أتى الصباح و أتى معه الاحساس بالعار و مرارة الحقيقة . ارادت ان تبكي ندما على ضياع براءة نفسها ... ارادت ان تطلب العفو باكية لأنها فقدت قدسية قلبها التي كانت تسحر خطيبها ديفد و هو يناديها " يا طفلتي العزيزة " .
لم تعد تلك الفتاة الخجولة ...

خدرها اليوناني بألاعيب حبه الماكرة و لكنها ما زالت تكرهه كرها عميقا . لماذا القى بها القدر بين مخالب هذا الغريب ؟ لعنت تلك الساعة التي قذفت فيها القدر باليوناني الى حياتها ، بعد ان كانت تحيا حياة هدوء و براءة ، وبعد حب ناعم لا اثارة فيه لكنه مع ذلك زمالة كله عطف وحنو و رقة .

اتى هذا اليوناني بحب هائج كالعاصفة لا حدود لقدرته في اثارة العواطف و نبضات القلب . حب اكتسح كل شيئ امامه وحرمها من كل شيئ الا من لذة الساعة .
و بالرغم من كل ذلك حاولت تارا ان تبعد اليوناني عن ذهنها . و لتنجح في ذلك طلبت من ديفد ان يأتي اليها كل مساء ليصطحبها معه و يعيدها الى شقتها في المستشفى حيث كان ينتظر الى ما بعد دخولها .

اتصل بها ليون واتفقا على موعد للقاء في أحد فنادق المدينة و لكنها لم تذهب . و كانت قد طلبت من عاملة الهاتف الا توصله بها و ان تقول له انها في العمل او في الخارج او اي شيئ آخر ... لأنه كما قالت لها يضايقها كثيرا .

واقترب يوم عرسها دون ان تقابله و لا مرة واحدة .
وشعرت بالأمان و الاطمئنان و مضى بعض الوقت قبل ان يخبروها بوصول التاكسي .
افاقت تارا من هذه الذكريات على صوت سو .
وتناولت باقة القرنفل الابيض والزهري .
و من تقاليد الزفاف ان يصطحب العروس من البيت الى مكان عقد القران والدها او صديق للعائلة . و كان سيرافق تارا صديق يسلمها الى عريسها عند المدخل .
دخلت تارا التاكسي و اخذت مكانها بجانبه وكان يبتسم لها .
وعندما نظر اليها جايك هتف باعجاب :
- ما شاء الله ! جميلة ! ... ان ديفد محظوظ ! و لكن لماذا لم اسبقه و احظى بك ؟
قال ذلك مازحا وضجك كلاهما . و كانت سعيدة . فقد ابعدت ليون عن تفكيرها و تطلعت الى هذا اليوم الجميل و الى شهر العسل بعد حفلة الاستقبال في فندق غولدن لايون .
و اثناء الطريق لاحظت تارا ان التاكسي كان يتمهل في سيره و لفتت نظر جايك الى ذلك . فقال ان السائق ذكر له ان في المحرك بعض الخلل .
و لكنه طمأنها الى انهما سيكونان هناك في الموعد المحدد .
ولكن بينما هم في الطريق اهتزت السيارة مرتين او ثلاثا ثم توقفت . قلق كل من تارا و جايك لهذا الطارئ . و اتى السائق و فتح الباب بعد ان تفحص المحرك وقال معتذرا ان فيه عطلا و سيفحصه ثانية .
تفرست تارا في وجه الرجل و قد لفتت طريقة لفظه انتباهها .
لغته الانكليزية ممتازة ولكن فيها لكنة غير انكليزية تماما .
شعره اسود كعينيه وجسمه برونزي اللون .
من اي بلد هو ؟ ان بريطانيا تعج بالاجانب و من الصعب معرفة اصلهم
- لا تقلقي . اذا لم ينجح في اصلاح العطل فنستطيع ان ناخذ سيارة اخرى .
قال جايك ذلك ليطمئنها .
و بالفعل اسرع سائق السيارة بتأمين تاكسي آخر . و اسرعت تارا في الانتقال من التاكسي الاول الى الثاني لأنها لا تريد ان تتأخر عن الوصول الى المعبد عند الوقت المحدد تماما .
لم يتحرك سائق السيارة الثانية من مكانه .
فأسرع سائق السيارة الاولى بفتح الباب لتارا تدخل وتحتل مكانها .
و فيما هي تنحني لتدخل دفعها السائق الى الداخل و اغلق الباب بسرعة .
و اندفعت السيارة بها كا البرق الخاطف .
مضى بعض الوقت قبل ان تعتدل في جلستها وترتب ثوبها و تنتبه الى ان جايك لم يكن معها في السيارة .

نبهت السائق و قالت له :
- نسيت السيد الذي في رفقتي ...
- اجلسي و استريحي يا تارا . الطريق امامنا طويل .

كان صوت السائق هادئا ، بطيئا جعل قلب تارا يخفق بسرعة خشيت معها ان يقفز من صدرها . واحست بدوار في رأسها .
-قف ، قف حالا . انزلني الآن . انزلني !

نزع بتريدس القبعة عن رأسه ومسح شعره بيده ،
ثم قال :
-قلت استريحي . سأسرع كثيرا وعليك الا تفتحي الباب .
-سأفتحه . سأفتح النافذة و اصرخ .

كانت السيارة تسير بسرعة ستين ميلا في الساعة .
و اخذ دماغ تارا يعمل بسرعة علها تجد وسيلة تخرجها من هذا المأزق .
عرفت الآن انها أكثر حماقة مما تصورت .
فقد اطمأنت الى انها تحايلت على هذا اليوناني وتخلصت منه اخيرا و لم يخطر ببالها أنه سيلجأ الى هذه الوسيلة الجهنمية .
- لن تفلت من هذا ابدا لأنهم يكونون قد اتصلوا بالشرطة الآن و من المؤكد ان شريكك موقوف .
أجابها ليون :
- يا عزيزتي ، انت لا تعبرين الا عن أمنية . ان الرجل الذي ساعدني كان موظفا عندي و ارسلت في طلبه منذ بضعة ايام ليساعدني على اختطافك بعد ان تأكد لي انك تراجعت عن وعدك بالزواج مني .
والآن ساصطحبك الى بلدي اليونان . و يكون مساعدي قد اختفى عن الانظار قبل ان يفطن صديقك الى المؤامرة وسيكون في انتظارنا على زورقي في بريدبورت .
- زورق ؟ أنت تأخذني الآن الى زورق ؟

لم تتأكد أنها سمعت صوتها . نظرت الى باقة الزهور التي في يدها و لم تتمالك من البكاء .
توسلت اليه ان يدعها و شأنها :
- ارجوك ارجعني . ماذا تتوقع من اختطافي ؟ لا ادري ما الذي ستربحه !
سيلقى القبض عليك و سترسل الى السجن . ألست خائفا ؟
- هل يبدو علي الخوف ؟

سألها ساخرا ، ثم وجه اليها سؤالا كان هو الجواب :
- تسألينني ماذا سأربح . زوجة ، اسمها تارا ، تلك الفتاة التي وعدت و التي تراجعت عن وعدها .

صوته ناعم ، لطيف يخفي وراءه غيظا شديدا و غريزيا . سرت قشعريرة برد في جسمها .
- لن اتزوجك ابدا ، ابدا . ولن تمنعني اية قوة من زواجي بديفد .
كانت غاضبة و خائفة . و هذا الاجنبي ؟
كان هادئا و واثق من نفسه غير عابئ بالجريمة التي ارتكبها ... وكان صمته يثير حقدها عليه .
- انت مجنون ! لا تستطيع اخذي الى اليونان بدون ارادتي ! كيف ستأخذني الى هناك ؟ لا توجد اية وسيلة .

قالت ذلك في محاولة يائسة لتعطي نفسها بعض الثقة . وكانت تشك بذلك منذ البداية .

- قلت اننا سنستقل زورقا . و آمل ان تعودي الى رشدك و انت على الزورق .
و الا سأسجنك في غرفتك و اقفل عليك بالمفتاح و لن تخرجي منها الا في نهاية الرحلة .
زاد من سرعة السيارة الى ثمانين ميلا ، و اضاف :
- القدر جمعنا و القدر لا يحارب يا تارا .
لأن ذلك كان مكتوبا قبل ولادتنا .
- تتكلم كالأحمق !
- و انت تتكلمين بدون تحفظ . أحذرك من ذلك لأني لا أقبل ان يكلمني احد بدون احترام .

صرفت اسنانها و انساها غضبها كل شعور بالخوف . فقالت :
- اذا اعتقدت اني سأحترمك فانك احمق ... ابله ! من يحترم مجرما ... مختطفا ؟
- امرأتي ستحترمني كما يحترمني كل من له علاقة بي .
سألته بفضول :
- و من عساك تكون ؟
- زوجك ... و سيدك .

ودت لو تضربه لو ان ذلك لا يعرض حياتها للخطر . فأخذت تفكر في طريقة للخلاص ... آه ، وجدت الحل و خفق قلبها لهذه المفاجأة . صرخت بانتصار :
- جواز سفري ! كيف تخرجني بلا جواز سفر ؟

كان النصف الآخر من عبارتها خاليا من الحماس لأنها في الوقت نفسه رأته يخرج شيئا من جيبه و يلوح به في وجهها .
- انت ... سرقته ... و لكن كيف ؟
- مساعدي ، سائق التاكسي ، تسلل الى غرفتك بسهولة كبيرة كما قال .

اعاد ليون جواز السفر الى جيبه وزاد من سرعة السيارة . و رأت الشجر يركض الى الوراء بسرعة شديدة .
وكانا الآن يقتربان من مصيف بريدبورت الجميل .
لكنها ستهرب و أملها ان تجد طريقة ما .
اذ كيف يستطيع ان يحملها على الصعود الى الزورق بالرغم منها امام الناس ؟

redroses309 04-10-08 11:26 PM

3 - سجينة اليخت


كان الوقت ليلا عندما وصلا الى الميناء ، و قبل ان تدير تارا رأسها لترى ما حولها وضع احدهم يده على فمها و دفع بها الى قارب صغير لنقلها الى يخت اليوناني .
طار مشروعها بالاستنجاد بالناس و طارت معه آمالها .
و مما زاد في يأسها المعاملة الخشنة التي لقيتها و هي تنقل من السيارة الى القارب الصغير ثم الى اليخت .
واخيرا الى غرفتها .
اخذت تتفحص الغرفة .
فوجدتها مصنوعة من الخشب التيك الرقيق و كانت تسمع من خلاله اصواتا مكبوتة . كان ذلك هدير الآلات و المحركات .
وكان ليون قد ذكر لها ان في اليخت سبع غرف او قمرات بالاضافة الى شقة
لطاقم الملاحين .
اما شقة صاحب اليخت فهي مجهزة و مفروشة بأحسن ما يجده الانسان في ارقى الفنادق .
غرفتها لا تشبه غرفته طبعا الا انها مزودة بخزانة للثياب و بزاوية لطيفة للزينة .
كان الفراش ناعم الملمس عليه غطاء من الحرير فوق حرام أزرق .

جلست تارا على السرير و الدموع تسيل من عينيها .
واخذت تتحسر على ما
فاتها من سعادة بسبب هذا اليوناني الضاري الذي اوقعها في قبضته .
و لولاه لكانت الآن زوجة سعيدة تمضي شهر العسل في فندق مريح .

لم تكف عن البكاء و لكنها عادت الى افكارها السابقة .
ماذا جرى ياترى بعد ان اختفت ؟
بالطبع اول ما يقوم به جايك هو الاتصال باقرب مقر للشرطة . وتقوم الشرطة بالبحث عنها فلا تجدها ، و لن تجدها . و كيف سيجدونها .

لن تفكر الشرطة ان هناك صلة بين اختفائها و بين مالك اليخت كاتانا الراسي في ميناء دورست .
تذكرت تارا اول مقابلة لها لليوناني في غرفتها بالمستشفى ، وعضت اصابعها ندما لأنها لم تخبر ديفد بمعاملته لها ، و بما انها لم تطلع اى انسان على علاقتها به فلن يذكر اسمه في تحقيقات الشرطة .
هذه نتيجة حماقتها .
كانت لديها كل الاسباب لتشكو منه و مع ذلك احتفظت بها سرا .

فتح الباب و رأت ليون واقفا في المدخل متكئا بيد على دعامة الباب و اليد الاخرى في جيبه .
كان وجهه مشرقا بابتسامة ساخرة و وقفته وقفت انتصار و تحد . الا انها كانت ايضا وقفة ارستقراطية ، يونانية ، وثنية .

كانت عيناه السوداوان تتحركان ببطء و بوقاحة و هما تتفحصان الجالسة على السرير في ثوبها الابيض . كان منظرها من سخريات القدر مضحكا و مبكيا في آن .

- من المؤسف انه لا يوجد كاهن ليقوم بمراسيم الزواج .
خاصة و انت جاهزة لمناسبة كهذه .
كان تعليقه فيه تهكم آلمها ، لكنها امسكت عن البكاء .
و احتارت بين ان تتهدده او تتوسل اليه و لما رفعت نظرها و رأت سحنته المتحجرة ادركت تفاهة محاولتها . فهمست سائلة :
- ما هي نيتك تجاهي الآن ؟

فقط لو تكف عيناه عن
التطلع فيها بسخرية .

ضحك قليلا ثم تكلم بجد :
- هذا سؤال سخيف يا عزيزتي . نواياي تعرفينها جيدا ... هذه اول مرة تكون نيتي فيها شريفة حقا : اني اريد ان اتزوجك .

كان و هو يتكلم ينظر الى وجهها الجميل و رأسها المنحني و قوامها الرشيق و يديها اللتين كانت تفركهما بعصبية .
- يجب ان تفخري و تشعري بالسعادة لا ان تكوني بائسة حزينة كأن مأساة حلت بك .

و فجأة تحول صوت الغريب الى لهجة فيها شدة وعزم و شيئ من الحدة :
- هل تريدينني ان ارغمك على الابتسام ام انك ستبتسمين طوعا ؟

كان جوابها دموعا تسيل بغزارة :
- ارجوك ، دعني اذهب . اتوسل اليك ، ! ارجعني ، ارجوك ! ارجوك !
أتعيدني الى البيت اذا وعدت ب ... بعدم ابلاغ الش ... شرطة ؟
- هل قمت بهذه العملية الخطرة حتى تأتي انت و تقنعينني بان اعيدك ؟
- الا قلب لك ؟ كنت على وشك الزواج ... و الذهاب الى شهر العسل .
كن رحيما معي و دعني اعود الى الرجل الذي احب .

قالت هذا و يداها مضمومتان و مرفوعتان امام وجهها تتوسلان .
عبثا حاولت .
ظل واقفا غير متأثر بتوسلاتها و كانت عيناه تنظران اليها بلا شفقة و لا تتحركان . تذكرت كيف سحر عينيها في احدى المرات بجاذبية مغناطيسية و جعلها تخضع لارادته .
- تعتقدين انك تحبين ذلك الشاب ، ولكني اؤكد لك عكس ذلك . و ان زواجك سيكون نكبة عليك . انا انقذتك و ستشكرينني يوما على ذلك .

قالت بصوت تخنقه العبرات :
- لن اشكرك ابدا . من اين لك الحق ، انت الغريب ، تتدخل في حياتي ؟
- لن اتدخل في حياتك فقط بل سأتحكم بها ايضا .

صدمها هذا القول . من هو حتى يعين نفسه طاغية على الغير ؟ ثار فيها شعور بالغضب نسيت معه خوفها و بؤسها و أملها الضائع .
- اخرج من هنا و اتركني وحدي ! اخرج و لا تعد مرة اخرى !

و لكنه على العكس مما كانت تأمل ، اقترب منها و تناول يدها .
- فيك جرأة و انا احب المرأة الجريئة . و لهذا السبب افضل الانكليزيات على اليونانيات اللواتي تعلمن ان يكن متواضعات .

شد على يدها بقوة عندما حاولت سحبها من يده و هو يتكلم .
- الا انه لا يجب ان تظني اني سأمنح امرأتي الحرية بأن تتعدى المعقول في كلامها و مسلكها . و الرجل اليوناني سيد في بيته و انا يوناني .

لم يعجبه انها لم تكف عن البكاء . قال :
- آمل انني اوضحت الامور الآن .

رفعت نظرها اليه . كانت شاحبة اللون و اتخذت وضع كرامة و احتشام لعل ذلك يؤثر فيه اكثر من اوضاع الغضب و البكاء . أجابت :
- كل التوضيح ، و بما اني لست امرأتك فان التقاليد اليونانية لا تعنيني .

ضحك مرة اخرى . اوقفها على رجليها و جذبها نحوه ثم رفع وجهها اليه . توترت اعصابها و لكنه انحنى ببطء و عانقها بليونة .
- يمكنك ان تستمري في النظر الي بغضب و لكن غضبك سيتحول الى رضى بعد لحظة .

كادت تبصق في وجهه .
- الى رضى ! آراؤك بشخصك متكبرة !
- علمتني خبرتي معك اكثر مما توقعت انك ستكونين رفيقة مذهلة في الليالي .

نسيت موقف الكرامة الذي ارادته لنفسها و تملكها غضب شديد لحقيقة ما نوه به .
- اتركني ، و الافضل ان تتركني لأنني لن اكون امرأتك ، ابدا !
- ستكونين لي لأنني مصمم على ان تكونين لي يا تارا ، بزواج او بغير زواج . لذا من الانسب ان تتقبلي ما هو محتوم .
وعلى هذا طوقها بذراعيه في عناق .

* * * * * *

- نعم ، من المحزن عدم وجود أحد لعقد قراننا .
- ان وجد احد ام لم يوجد عندي سيان . لن اتزوجك .
- لن يفيدك عنادك .
- ... الذين سيخدمونك سفلة مثلك .
- لي بينهم اصدقاء . صدقيني ، سنتزوج .
- يعني ذلك انكم ستجرونني الى المعبد بقوة السلاح ؟
- لن نحتاج الى هذه المسرحية .
- كيف ستجبرني اذن ؟

وجهت اليه هذا السؤال و هي تحاول ان تتصور ما يحدث الآن هناك في المستشفى .
و في بيت ديفد الذي لابد ان يكون غارقا في حزن عميق .
و في والديه اللذين احباها و احبتهما و في اخته ماري التي كانت بمثابة صديقة لها . تصورت الفوضى التي تكون قد دبت في المعبد حيث المدعوون في انتظارها ، و فكرت بموقف جايك الذي كان مؤتمنا عليها ليوصلها الى عريسها امام المحراب . و مرة اخرى لعنت تارا نفسها لأنها لم تخبر انسانا عن مضايقات اليوناني و تحرشه بها .
- اذا رفضت الزواج الشريف فستكونين امرأة غير شرعية .
لم تجب بشيئ لأنها فطنت الى فكرة ربما كانت دخانا في الهواء و لكنها قد تنفع .
- اعتقد انك ستختارين طريق الزواج لأنك من النوع الذي يرفض حياة الخزي و العار.
- لن اكون لا زوجتك و لا شيئا آخر !
- كلام مدهش يطيره الهواء . انت في قبضتي و تعرفين ذلك . استطيع ان استولي عليك في هذه اللحظة بالذات .
منتديات ليلاس
جفلت من تهديده هذا .
وترددت قبل ان تقول له ما في ذهنها . نظرت اليه و كان نظره مسلطا عليها يعريها من كل قوة . الا انها ستحاول ، فقد تنجح :
- هل تعتقد فعلا انك ستنجو من العقاب لاختطافي ؟ الم يخطر لك اني اطلعت صديقاتي و غيرهن على علاقتك بي ومعاملتك لي ؟

ضحكت لتظهر له انها صادقة فيما تقول . واضافت :
- كثيرون هم الذين يعرفون قصتك معي . خطيبي يعرف و بعض ممرضات المستشفى ، و ما على الشرطة الا ان تقوم ببعض التحريات لتتبع آثارك .
و سيلقى القبض عليك حالما تصل الى اليونان ... ستحاكم وتسجن سنوات و سنوات ...

وخف حماسها و هي تحاكمه و تسجنه سنوات و سنوات عندما رأته يبتسم لسذاجتها . و بلعت ريقها بصعوبة لتقديرها الخاطئ و فشلها في سبر اغوار هذا الرجل الخارق . قال مبتسما :
- يا طفلتي الصغيرة ، انت شفافة كالزجاج . استطيع ان اقرأ افكارك ، اذ انك اخترعت كل هذا منذ لحظات .
- انت مخطئ . كل ما قلته صحيح . انني احذرك و ستندم اذا لم تهتم بهذا التحذير !
- محاولتك هذه حسنة ، و لكن يبدو انك نسيت وعدك بألا تخبري الشرطة اذا انا اطلقت سبيلك . و وعدك لا يفيد بشيئ طالما الشرطة تبحث عني الآن . هذه هفوتك الاولى . اما الهفوة الاخرى انك كنت تتوسلين باكية كي اعيدك الى بيتك . فلماذا التوسل اذا كان الكل يعلم بأمري و الشرطة جادة في انقاذك ؟ لست تلك الفتاة التي تتوسل كالجبناء ...

صرخت في وجهه :
- لست جبانة !
و نظرت اليه كمن يحاول قتله .
- كما قلت لك انت جريئة ولزمك الكثير لتتنازلي و تتوسلي الي . و ما كنت توسلت الي لو كنت تعلمين ان الشرطة تبحث عنك .
- اكرهك . لقتلتك لو استطعت .
- الآن فقط . اما في المستقبل فسأغيرك و ستختلفين عما انت عليه الآن .

اطبقت فمها و ادارت وجهها عنه . ترك الغرفة ثم عاد بعد لحظات بثلاث علب من الكرتون وضعها على السرير و قال :
- يجب ان تغيري ملابسك . لا تستطيعين التنقل في ثوب العرس . اتيت لك بثياب خارجية ارجو ان تعجب ذوقك و بملابس داخلية تعجب ذوقي .
نظرت اليه حانقة .
- انت ذهبت لتشتري ملابس ... داخلية ؟

ضحك و قال ان عملا كهذا ليس غريبا عنه .
- صديقاتي يتوقعن مني هدايا كهذه ... أغلاها طبعا .

رأى ان نظرة الاحتقار و الاشمئزاز كانت حقيقية في عينيها .
و هذا اغضبه حقا و لكنه لم يفعل شيئا سوى ان يعض على شفتيه .
- من الواضح ان نسوتك كثيرات .
- عدد لا بأس به . الا تريدين فتح العلب ؟
- كلا ، لا اريد .

مد يده و أمرها ان تفتحها .
- لن افتحها . لا اريد هداياك ، كما تسميها انت !
خذها الى احدى صديقاتك .

اغمض عينيه الى النصف و هددها قائلا :
- أطيعيني . و اذا كنت تعرفين المزيد عني لن تنتظري طلبا ثانيا .
- تعني أمرا ثانيا .
- مزاجي لا يتحمل جدلا تافها يا تارا . افعلي كما اقول لك حالا .

هزت رأسها رافضة . و لكنها خشيت موقفه الذي قد ينقلب الى غضب حقيقي .
- لا اريد هدياك .

و صرخت من الألم عندما لوى معصمها و صرخ فيها كالرعد :
- افعلي ما اقوله لك و الا ارغمتك على ذلك و قد اؤلمك و اهينك .

تأكدت تارا من حدة غضبه ، فاتجهت نحو السرير و فكت رباط احدى العلب و رفعت غطاءها .
- اخرجي ما فيها . سيفرحك ذلك كثيرا .

اخرجت رزمة في داخلها قميص نوم يبدو شفافا او شبه شفاف . و رمت بالرزمة على السرير ثم التفتت اليه و الدموع تملأ عينيها .
- دعني اذهب . لم اتسبب لك في اي اذى ، لذا ارجوك ، اعتقني .

كان يهز رأسه بالرفض حتى قبل ان تنهي كلامها .
تملكها يأس شديد و غطت وجهها بيديها . و لكن قبل ان تبدأ بالبكاء رفع يديها عن وجهها و اخذها بين ذراعيه بشيئ من الحنان .

- لا تكوني حزينة هكذا .
صدقيني ، المسألة ليست بهذا السوء . اساس حزنك قائم على تفويت فرصة الاكليل عليك و حرمانك من الرجل الذي كنت ستتزوجينه .
سيكون كل ذلك في خبر كان عندما نصبح زوجا و زوجته . و ستعرفين حينئذ انه مكتوب لي ان اكون زوجا لك و حبيبا.

امال رأسها قليلا الى جنب و ربت خدها بلطف قائلا :
- ابتسمي . لا يزعجني اكثر من منظر امرأة تبكي . افتحي الآن علبة ثانية ، و لكن افرغي ما تبقى في هذه .

رأت تارا انه من الحكمة ان تطيعه .
اخرجت ملابس داخلية و قميص نوم آخر و تنورة .
و طلب ان تفتح العلبة الثانية ثم الثالثة .نثرت كل شيئ على السرير ، فكان هناك فستانان وتنورتان و ثلاث بلوزات و عدة ملابس للسباحة او الاستحمام على اليخت .
و كل قطعة تحمل ماركات باريس . بعد ان انتهت من التأمل فيها نظرت اليه و قالت :
- لا شك انك غني .
- املك ما فيه الكفاية .
- انك تملك اكثر من اللازم .

اغضبه كلامها قليلا وحذرها قائلا :
- انتبهي . حتى الآن تعرفين الجانب الصالح في ...

ضحكت قائلة :
- بل الاصلح ...
ثم اضافت :
- اذا كان هذا احسن شيئ فيك ارجو الا ارى فيك أي جانب آخر !

تقدم نحوها ببطء دون ان يرفع نظره عنها .
فهمت حركته و تراجعت .
- انت اردت ذلك . فإما ان اجعلك تفهمين او اني سأهينك .

تناولها بين ذراعيه و ضمها بعنف و اعاد مشهد العناق بطريقة اسوأ من سابقتيها . كان فيها وحشية لم تعهدها فيه .
قاومت بشدة و بقوة و لكن اين ضعفها من بطشه .
و في النهاية كانت تنفذ ما يطلب منها لكن دون ان تتعدى طلباته حدود العناق .
اشمأزت من نظرته المألوفة بعد كل عناق من هذا النوع ، اي نظرة النصر ،
نصر القوي على الضعيف .

وبالرغم من قهرها ظلت تغلي حنقا . وعضت اصبعه الذي كان مازال يلامس فمها .
صرخ من الألم و اخافتها نظرته المستهجنة و حاولت ان تهرب الا انه امسك بها من شعرها و شدها كالوحش الى الوراء .
و شعرت بألم شديد و صرخت هي الاخرى .
- يالك من ... شقية ! سأكيل لك الصاع صاعين .

وضع يده على عنقها و اخذ يضغط تدريجيا الى ان اتسعت فتحتا عينيها و بان فيهما خوف كبير .
اكتفى بهذا و رفع يده عنها و قال بصوت هادئ :
- هذا انذار فقط ضد اية محاولة جنونية اخرى مثل هذه .
- اني اكرهك و سأقتلك اذا سنحت لي الفرصة .

كان وجهها اقرب الى وجوه الاموات لخلوه من الدم اثر هذه المعركة .
- جربي أحد الفستانين .

قال ذلك و جلس على كرسي بجانب المرآة .
- اذا كنت مرغمة على ان اجربه اتركني وحدي في الغرفة .
- لماذا هذا الخجل و نحن مقبلان على الزواج بعد بضعة ايام ؟
- كلا ، لن تنجح في ارغامي على الزواج و لن يخاطر اي كاهن بذلك !
- قلت اننا سنتزوج في خلال بضعة ايام .
جربي الفستان الازرق . احب ان ارى كيف تظهرين فيه .

ظلت واقفة و في عينيها حقد ظاهر .
- ماذا تجني من القاء الاوامر ؟ اخذتني من خطيبي و دمرت حياتي .

لم تتم كلامها لأن البكاء تغلب عليها .
- ليتني اموت ! دعني اذهب . لا تستطيع ان تتقبل امرأة تكرهك و تتمنى ان تراك ميتا عند قدميها !
- قلت لك ان شعورك سيتغير و لن تكوني كما انت الآن .

مد رجليه الى الامام مشيرا بذلك الى انه باق ، ثم اضاف :
- كفاك تفكيرا في الماضي . تطلعي الى المستقبل .

ادارت اليه ظهرها و بدأت برفع فستانها .
- ليس لي اي مستقبل و لا ارى نورا في حياتي و انا سجينتك .

نهض و قال انه سيعود بعد خمس دقائق ليراها في الفستان الازرق .
اقفل عليها الباب و سمعت اصواتا في الخارج .
ربما كان يصدر تعليماته الى افراد اليخت اذ ان اليخت بدأ يتحرك . و رأت من كوة غرفتها ان اضواء الفنادق تبتعد الى الوراء .
وخرج اليخت من المرفأ مما يدل على ان اجراء معاملات السفر قد تم .
هذه لحظة انتقال بين ماضيها و مستقبلها و لحظة كئيبة في حاضرها .
الا توجد وسيلة للهرب ؟
قد يأتي يوم تنجح فيه .
و لكن قد يحدث الكثير الى ان يحين ذلك اليوم .

و بدأت تبكي ، الا انها توقفت قائلة لنفسها ان البكاء لا يفيدها ، و استبدلت الدموع بالعزم على مقاتلته بكل الطرق الممكنة و في كل الظروف .
و سيأتي اليوم الذي يلعن فيه الساعة التي جمعته بها .

خلعت فستان العرس و وضعته على السرير.
وقارنت بين شعورها منذ بضع ساعات مضت عندما لبسته بمساعدة سو و شعورها الآن و هي تنزعه .
كانت حياتها هانئة سعيدة .
كلها ورود . وجودها على زورق اليوناني الغريب لا يصدق ، و فوق كل ذلك هي سجينة .
بينما يتخبط خطيبها في الظلام ليعرف ماذا حل بخطيبته .
انه يلاحق الشرطة لتحل لغز اختفائها او يلوم جايك على إهماله .
لكنها طردت من فكرها كل هذا و ركزت قواها جميعا على شيئ اكثر الحاحا : ايجاد طريقة للهرب .

كانت ترتدي الفستان الازرق عندما عاد ليون الى غرفتها .
تفحص كل شيئ فيه و وجده كاملا .
- جذاب ! اللون يليق بك تماما و ينسجم مع عينيك . و الآن ضعي ثوب العرس جانبا و الى الأبد او يمكنك القاؤه في البحر .
هزت رأسها رافضة :
- كلا ! لن ألقيه .
- اذن سأرميه بنفسي .

اسرع نحو الفستان ، فستان آمالها ، و حشاه في احدى علب الكرتون وحمل العلبة . و قال قبل ان يخرج :
- اظن انك جائعة الآن ، وسنتناول طعام العشاء في الصالون . ولكن اذا حدث ان ملت الى اثارة أحد مشاهدك الصاخبة فان بحارتي
وكلهم يونانيون لن يصغوا الى تذمرك او شكواك حسب تعليماتي لهم .
ولا تأملي في اية طريقة للهرب .
- بل هناك طريقة واحدة ... اقذف بنفسي في البحر .

قال ببرود مطلق :
- سننتشلك ، و ان حاولت ذلك ، فسأصفعك . وبعد قليل سيأتي احد البحارة ليعلمك بموعد العشاء ، في حوالي عشر دقائق . اسمه كارلوس و سيرافقك الى الصالون .
- لن اتناول اي طعام .
- ستفعلين ما يقال لك .

خرج غاضبا و اغلق الباب بالمفتاح .


************
يتبع...

majedana 05-10-08 03:08 AM

اختيارك للروايات راااائع

هاي الرواية بتجنن وانا بمووووت فيها

محتفظة فيها عندي وما ببدلها ههههههههه

تسلم ايديك



redroses309 05-10-08 05:37 AM

:flowers2:
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة majedana (المشاركة 1672834)
اختيارك للروايات راااائع

هاي الرواية بتجنن وانا بمووووت فيها

محتفظة فيها عندي وما ببدلها ههههههههه

تسلم ايديك



الله يسلمك
و أسعدتيني بمرورك يا قمر

s\s 05-10-08 06:07 AM

اختيار يجنن

hatpanda 05-10-08 04:49 PM

:rdd12zp1::55:

redroses309 06-10-08 07:12 AM

أشكر لكم مروركم s /s و hatpanda
نورتوا الصفحة بوجودكم
و إنشاء الله ما راح أتأخر في تنزيل الرواية

redroses309 06-10-08 07:17 AM



4 - وقت للدموع


وقفت تارا امام المرآة و كادت الدموع تنهمر من عينيها الا انها تماسكت نفسها .
و لولا هذا اليوناني لكانت الآن تتناول طعام العشاء مع ديفد وبعد العشاء ...

تنهدت و فكرت في سيدها هذا و في قولها انها تتمنى ان تراه جثة هامدة عند قدميها .
هل يمكنها تشويهه ؟

دهشت لهذه الفكرة الشيطانية و العملية ايضا ، و سيسهل هربها اذا هي تمكنت منه .

سمعت قرعا على الباب و عندما فتح رأت امامها يونانيا قصيرا اسمر اللون ، ابتسم لها بتكشيرة زاد في بشاعتها سن من ذهب في فمه .
انتفضت عندما سمعته يقول :
- يقول المستر ليون ان ارافقك الى صالة الطعام .

شعرت بالجوع و رأت ان لا فائدة من بقائها هكذا حتى لو كانت وحدها .

كانت الصالة من احدث ما يمكن . جدرانها البراقة مصنوعة من خشب الصنوبر و اثاثها مثبت ليصمد ضد تأرجح اليخت على سطح الماء .
اما الموائد فسطحها من الزجاج المحاط بإطار من الفضة .
وصلت الى انفها رائحة الطعام الشهي .
و كان ليون انيقا جدا في لباسه البحري الابيض و الازرق .
كان منهمكا في تفحص الادوات و اشار بيده الى الخادم كي يبتعد عندما رأى تارا قادمة .
دعاها للجلوس و سألها اذا كانت تحب ان تتناول مقبلا قبل العشاء .
و لكنها رفضت بلطف ، و عرض عليها شرابا خاصا و كانت على وشك ان ترفض و لكنها امتنعت عندما رأت نظراته و انطباق شفتيه .
هذه اشارات تدل على بدء هيجانه و اصبحت تفهمها الآن .

و ككل سيد مهذب سحب كرسيها قليلا الى الوراء .
و جلست و هي تنظر باعجاب الى الشمعدانات الفضية و الى هندسة باقة الازهار .
ثم قالت بصوت لاذع :
- لقد جهزت كل شيئ .
- لعشاء رومانسي في البحر ؟ نعم ، اردت ان يكون كل شيئ جاهزا . الياس الذي لم تلتقي به بعد ، سيأتي بعد لحظة ، هو الذي اشترى الازهار و رتبها ، اما
الشموع ...
- اما الشموع فكانت في العنبر تحتفظ بها لمناسبات مثل هذه . اعتقد ان عشرات النساء المنحلات كن ضيفاتك على هذا الزورق .
- منحلات ؟ لا تسميهن منحلات . كنت أقيم حفلات خاصة لصديقاتي .

قرب كرسيا منه ومد رجليه تحت الطاولة فوضعهما عليه ثم صفق .
و على الفور حضر رجل ليتلقى الطلبات .
- ستأتي بالدور الاول من الطعام يا الياس ، و قل لدميتري ان يهيء السلطة .
- كم عدد رجال الطاقم على هذا اليخت ؟

دهشت تارا من نفسها و من قبولها لهذا الوضع العجيب التي هي فيه الآن .
كانت جائعة تنتظر الطعام بفارغ الصبر . و ودت لو كانت برفقة رجل آخر غير هذا الرجل البغيض .
- ثلاثة فقط . هذا العدد أقل من العدد اللازم ليخت من هذا الحجم ، الا اني حصرت العدد برجال أثق بهم .
و لذا لن يتفوه اي منهم بكلمة عما حدث اثناء هذه الرحلة .
و دميتري هو الرجل الذي كان يسوق التاكسي الاول .
- هو اذن . آه لو فكرنا في ذلك ...
- كيف كان يمكنكم ان تشكوا ؟ كنتم حجزتم سيارات لحفلة الزفاف و من المستحيل ان تعرفوا ان احد السواق من خدمي .

لم تعلق على ذلك و اخذ دميتري يقدم السلطة بينما الياس يقدم السلمون المدخن .

و كان دميتري يتكلم مع ليون باليونانية و لم يعجب هذا تارا التي قالت دون تفكير و بحدة :
- اظنكما تتكلمان عن نجاحكما الباهر في عملية اختطافي .

التفت الرجل فنظر اليها بعينيه السوداوين ثم الى رئيسه :
- كنت فقط انفذ اوامر سيدي .

كان صوته هادئا و انكليزيته الصحيحة التي استعملها و هو يسوق التاكسي .

-لا بأس يا دميتري ...
و اشار ليون اليه بيده كي يذهب . خرج دميتري و خرج معه الياس الذي لم تفارقه ابتسامته الغريبة .

يالهم من طغمة كريهة من اليونانيين ! كلهم محتالون !
و بالوحدة ذاتها .
سألت ليون :
- الا يحسبون للقانون
حسابا ؟
- انهم يطيعون الاوامر مثلما ستطيعينها انت عندما آمرك بالا تعيدي مثل هذا الكلام امام أي من الخدم .
أولا لأنه غير لائق بك ، و ثانيا لاني لا اريد ان تنزل كرامة زوجتي في اعين غيري من الناس . افهمت ؟

ردت و الغضب بائن في عينيها :
- انت آخر من أحط كرامتي امامه .
كانت احدى يديها على شرشف الطاولة الابيض .
و قبل ان تفطن الى حركة يده ضربها على مفاصل اصابعها بشفرة السكين .
كانت الضربة شديدة فآلمتها كثيرا و بكت بسبب صدمة المفاجأة و الألم معا .
- إياك و هذه الهفوات . احفظي لسانك اذا اردت تجنب العقاب .

نظر الى صحنها ثم الى وجهها فقال آمرا :
- امسحي عينيك وكلي السمك .

اخرجت منديلا صغيرا مطرزا كانت سو قد دسته في كم ثوبها و هي تلبسها اياه استعدادا لحفلة الزواج ، قائلة لها جادة و مازحة معا انه كثيرا ما يحدث ان تتأثر العروس بموقفها .
و ان دمعة تترقرق من عينيها عادة و عليها ان تحتفظ بالمنديل في يدها .

و لكنها بدلا من ان تمسح عينيها بالمنديل اخذت تبكي اكثر فاكثر .
اثار عملها هذا غضب ليون الذي صرخ قائلا :
- ما بك بحق السماء ؟ اريد ان اعرف . الا تكفين عن البكاء ؟
- ه ... هناك عدة اسباب تجعلني ابكي .

تبلل منديلها الصغير فاستعملت فوطة المائدة .
الا ان ليون اوقفها على قدميها واخرج منديله و مسح وجهها به .
و بكل بساطة سمعت صوتها يقول :
- ش ... شكرا .

نظر اليها بعطف و ربت على وجنتها .
- اجلسي و عودي الى طبيعتك اذ ان الياس قادم الآن .

نظرت تارا اليه طويلا متسائلة عما اذا كان ما رأته على وجهه حنانا و عطفا أم انه ضباب دموعها الذي حجب عنها قسوة وجهه .
و لكن من المؤكد ان عملية تجفيف دموعها بمنديله و بيده و بهذا اللطف تناقض تماما شراسته و قسوته منذ دقيقة . شعرت بلطفه و حنانه الحقيقيين و هذا شيئ لم تتوقعه منه على الاطلاق .

كانت تأكل و هي صامتة . وبعد برهة رفعت نظرها اليه و سألته :
- اين ثوب العرس ؟
لا اهمية كبيرة ، و لكني ارغب في الاحتفاظ به .
- و لماذا تحتفظين به طالما لن تلبسيه في حفلة زواجنا ؟

صدمها صوته القاسي الحازم و كأن لطفه السخي الذي ادهشها قبل لحظة لم يكن .
- لا ادري سببا لذلك .
اطمأنت لانها لم تتعلثم في كلامها بسبب البكاء و تابعت تقول :
- لا استطيع شرح ذلك بوضوح ، الا اني احب ان احتفظ به .
- هذا شعور مريض . فستانك الآن يسبح مع السمك . كان جميلا بحد ذاته و لكنك انت جملته . لماذا اخترت هذا الزي ؟

تكلم دون اعتبار لشعورها فأجابته بغيظ كي لا تبكي :
- اني احببته و هذا يكفي ! و للفتاة الحق في ان تختار الزي و الشكل اللذين تريدهما لثوب عرسها !
- انت احببته ؟ يجب تثيف ذوقك من جديد لأنه خال من اي تصور . قد تبدين في مظهر ملكة اذا لبست اللون و الزي الملائمين لملكة .
منتديات ليلاس
و فجأة نظر الى شعرها كأنه يفطن اليه للمرة الاولى :
- يجب قص شعرك . انا لا أميل الى الشعر الطويل . هل كان خطيبك يغمر وجهه فيه ؟ انا أفضل ان يحس وجهي بما هو أنعم من الشعر .
و اخذت عيناه تلتهمان بنظرتهما كل جزء من جسمها .
- انت بهيم !
- انتبهي يا تارا ! منذ لحظة ضربت مفاصل يدك و لكن الأمر سيختلف في المرة القادمة .

اغتاظت منه كثيرا و لكنها لم تخاطر بأن تترك المكان .
و بعد صمت دام بعض الوقت سألته :
- من طريقة كلامك افهم انك تلبس نسوتك حسب ذوقك انت . هل انا دمية متحركة اخرى ؟
اعجبه كلامها . قال :
- يعتبر الناس ذوقي في منتهى الكمال . اما كون نماذجي دمى ... فهذا صحيح الى حد ما ، انا احرك هذه الدمى و هي ترقص لي .

كادت تقفز من مكانها بسبب غطرسته الفاحشة و اعتزازه بنفسه .
- لن تراني ارقص لك . لا ادري ما نوع النسوة اللواتي لك علاقة بهن و لكن تنقصهن الجرأة الكافية !

سرها سلوكه الهادئ . فهي تستطيع الآن ان تخفي عنه جانبها الاضعف و ان تظهر له الجانب الاقوى الذي تمرست فيه بصفتها ممرضة في المستشفى .
- انا اوافقك . تنقصهن الجرأة . و لا تنقصك انت بالرغم من دموعك الغزيرة .
و انا متأكد من اننا سنتفاهم بشكل مدهش اذا اعترفت بأنك ربحت اكثر مما خسرت بسبب اختطافك .

كانت عيناه القاسيتان لا تحيدان عنها و هو يقدم لها سلة الخبز :
- الخبز طازج ، من عمل كارلوس ، و كارلوس هذا رجل ماهر في كل شيئ .
- بما فيها اعمال سيده الشريرة !
- ما لم تضبطي لسانك السام هذا سأضربك على مفاصل يدك . لا اريد ان اكرر تحذيري لك اكثر من مرة .

كانت السكين في يده و كانت يدها على الطاولة . فسحبتها بسرعة البرق وشدت على اسنانها من الغيظ عندما سمعته يضحك .
- كم بقي لنا من الوقت لنصل الى جزيرتك ؟
- بعض الوقت . لي صديق كاهن في الجزيرة و هو الذي سيزوجنا .
انقذت حياته يوما و هو يعيش في عرفان جميل دائم لي .
و لكي يؤكد شكره و امتنانه فانه مستعد تلبية كل طلباتي .
- لا اصدق انه سينفذ طلبك هذا .
- بل سيزوجنا و لن يسأل اي سؤال .
- و هذا مجرم آخر في ثوب الصلاح .

كانت تارا مع كل لحظة تمر تكسب مناعة في نفسها و تزداد ثقتها كأن قوة داخلية تعينها على مواجهة محنتها الحاضرة .
وتمنعها من الانهيار و الاستسلام لليأس و البكاء و كان ملجأها الوحيد تحتمي به من شر هذا اليوناني الصلف .
- انه رجل متعبد .
- و لكنه غير مهتم بخلاص نفسه .

ضحك ليون و قال :
- ارى ان لك حب التنكيت .
هذا دليل على تفاهمنا و ستكون لك قدرة
عظيمة على الترويح عن النفس اقوى من قدرتهن كلهن مجتمعات .

كان ما يزال يضحك و شكت في انه يسخر منها .
كانت عيناه بدون تلك القسوة المعهودة فيهما ، وشفتاه مسترخيتين .
كما كان هناك تجويف بسيط في زاويتي فمه ، مما جعلها توافق رأي سو القائل بأنه بهي الطلعة .
و رأت تارا ان لوجهه جاذبية خاصة على بعض النساء ، تلك اللواتي يحببن الاستسلام .

و استخلصت تارا من تحليل وجهه ان كل ما فيه يدل على رجل لا يقهر .
و كما قارنت بينه و بين ديفد سابقا قارنتهما الآن
و لا تدري لماذا رغم الفارق الكبير بين الاثنين . فديفد لطيف حنون لا يفرض نفسه بالقوة ، و كان يترك لها حرية التصرف .
كان عناقه لطيفا و فيه احترام للشخص و رقة بعيدة عن كل اذية ، بعكس هذا اليوناني المتعجرف المتعالي الذي يجد لذة في ايلامها إن في حديثه او في عناقه او في فرض نفسه عليها و اجبارها على الموافقة .

قطع عليها حبل افكارها و سألها و على شفتيه ابتسامة تهكم :
- ما هذا الحذق الذي فيك ؟
- كنت افكر في مدى احتقاري لك !
- و مع ذلك و عدت بأن تتزوجيني .
- لكنني لم افكر ابدا في الزواج منك .
- انت كاذبة . في تلك الليلة عندما وعدت بأن تخبري خطيبك ان زواجك به خطأ و لو كان الوقت متأخرا بعض الشيئ .
- كنت ... كنت تحت تأثير ... ايه ...

و لكي لا تعيد على مسامعه تأثير تلك الامسية في المستشفى تناولت كأس الماء الطبيعي و ابتلعت ما فيه دون توقف .
- تحت تأثير الحب ...
- قذارة !
- لم ارد منك ان تتمسكي بكلامي حرفيا . انت وقعت تحت تأثير الرغبة ، تحت تأثير حبي .
كان مشتهاك حينذاك هو ان تكوني معي .
- اوه ... انت لا تطاق ، و انا اكرهك !
- لأني قلت الحقيقة ؟ انت جبانة تارا ، و لا تملكين الشجاعة الكافية لتعترفي بأنك مغرمة او مولهة مثلي او مثل اي انسان آخر .
- اخرس ... اهدأ !

وضعت يديها على اذنيها و تمتمت .
- لا اريد ان اسمع ... لا اريد ان اسمع !

تركت الكرسي و اسرعت نحو الباب .
و لكنه سبقها اليه و سد الطريق عليها ، ثم جذبها اليه بعنف و ضع فيه قوة عضلاته و اخذ يعانقها .

كانت تقاوم لتتنفس . بهذا كان يريد ان يبرهن على سيادته و تفوقه .
كانت يداه تتحسسان طريقهما و حتى يفرح بانتصاره عليها أبعدها عنه قليلا و تفرس في وجهها .

انه يريدها و يريدها بكل قواه . اغمضت عينيها عالمة بما سيحل بها .
لا تريد ان تبكي او ان تتوسل كي لا تكشف عن ضعفها .
بينما كانت القوة اللازمة لمقاومته نائمة فيها لم تسعفها بشيئ .

قال بصوت متهدج :
- اعترفي ! اعترفي بأنك تريدين الزواج مني ... و بأنك كنت دائما ترغبين في ذلك حتى بعد فراقنا في ذلك المساء ! كان يجب ان أروضك تلك الليلة لأبرهن على رغبتك التي تنكريها .


- اعترفي بأنك تريدينني سابقا و حاضرا .

قال بصوت مبحوح :
- اعترفي .

فقدت كل مقاومة كي تتحداه ... و فقدت كل رغبة في ذلك .
انها مستعدة الآن لتستسلم بأي شكل من الاشكال و لكل أمر يصدره و هو يعلم ذلك ، مستعدة لتصبح زوجته و سمعها تقول ذلك .

اكتفى بهذا و تركها ، و بعد ذلك سمعا الياس و دميتري يتكلمان في الخارج .
طلب اليها ان تجلس و قال :
- سنتزوج عما قريب يا تارا و ستحصلين على ما تشتهيه نفسك .

**********************

يتبع....

safsaf313 06-10-08 09:44 AM

واااااااو روايه رائعه يا ريدروز يا قمر مستنيينك متأخريش علينا من فضلك

بنت الاسلام 07-10-08 01:08 AM

الروايه قمه في الروعه وانا سبق وقراتها ومتشوقه اقرئها من جديد000سلمت انا ملك يا قمر000

redroses309 07-10-08 01:35 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة safsaf313 (المشاركة 1674306)
واااااااو روايه رائعه يا ريدروز يا قمر مستنيينك متأخريش علينا من فضلك

و الله أنتي اللي قمر فعلا أسعدني مرورك
و قريبا أنزل الجزء الخامس و إنشاء الله ما أتأخر عليكم .

redroses309 07-10-08 01:40 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بنت الاسلام (المشاركة 1675079)
الروايه قمه في الروعه وانا سبق وقراتها ومتشوقه اقرئها من جديد000سلمت انا ملك يا قمر000

الله يسلمك يا عسل و مشكووووورة على مرورك:flowers2:

شموخ الشرقية 07-10-08 08:17 AM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

شكرا ع الروااية الرووووووووعة

اتمنى تكمليها بسرعة ونحن في الانتظار

تحياتي

safsaf313 07-10-08 08:19 AM

ربنا معاكى يا قمر روايه فى قمه الروعه زيك ومتشوقيناش اكتر من كده ههههههههه

عاطفة 07-10-08 08:39 AM

الحقيقة كل روايات الكاتبة ان هامبسون في قمة الروعة لانه بيكون فيها دايما عناد حلو بين البطل والبطلة وبعدين تفاهم والاهم طبعاااا حب كله عاطفة جياشة مش بنلاقيه اليومين دول في حياتنا ابدااا الا نادر جداااااا

ريد روز انا كنت قريت الرواية دي قبل كدة بس علشان خاطرك راح اتابعها واقراها تاني معاكم علشان انتي تعبتي في كتابتها وتنزيلها لينا وبصراحة هي تستحق انها تتقري مليون مرة
وميرسي كتيررررررررر ليكي يا قمرررر

ruqia 07-10-08 12:25 PM

http://img528.imageshack.us/img528/8...9c8ecafef5.gif[COLOR="Indigo"][الروايه وايد روعه بصراحه انا احب هل النوع من الروايات/COLOR]

noor al hoda 08-10-08 12:04 AM

روايه روعه

redroses309 08-10-08 04:07 PM

مشكووووووووووووورين على المرور و التشجيع
شموخ الشرقية
saf saf313
عاطفة
ruqia
و noor al hoda
و لعيونكم و لعيون كل اللي متابعيني راح أنزل اليوم الفصل الخامس و السادس.

redroses309 08-10-08 04:10 PM


5 - الفريسة


اتى الى غرفتها كما كانت تتوقع .
و لكن اثناء الفترة التي مرت بين ما قالته في الصالة بأنها تريد ان تتزوجه و بين الانتهاء من تناول الطعام عادت تارا الى رشدها .
اقرت بأن اليوناني بخبرته الواسعة بالنساء قد يشعل فيها انفجارا يدمرها تدميرا تاما .
استفاقت تارا و عاد اليها منطقها و سلامة تفكيرها .
و فيما هما ينتظران القهوة في غرفة الجلوس كانت قد اتخذت جميع الاحتياطات لاعلان الحرب عليه مرة ثانية .
فاستعادت رزانتها و كرامتها .
اقرت داخليا بضعفها امام وسائله و اساليبه و لكنها عزمت بكل جد على الا تقع فريسة له .
و ستحاربه على طول الخط و تتحكم باندفاعاتها العاطفية قدر الامكان .

كان وجهها شاحبا و لكنها كانت متزنة عندما فتح الباب . و رأت ليون واقفا بقامته الطويلة و لون بشرته الاسمر و عينيه السوداوين النفاذتين و ابتسامته التي لا تخلو من دلائل النصر و التهكم .
- لست جاهزة لاستقبالي ؟

كان كلامه هذا طلبا اكثر منه استفهاما .
- هل تريدينني وصيفا لك يا سيدتي العزيزة ؟

رفع حاجبيه و هو يسألها ثم اغلق الباب .
و بالرغم من تصميمها على المقاومة تأثرت بوجوده المغناطيسي .
ماذا عمل لها ؟ كيف يمتلك اي رجل مثل هذه القوة ؟ هل كل امرأة يلتقي بها تقع ضحية له ؟
- انا ... انا غيرت رأيي في الزواج منك .

و دهشت لهدوئها و هي تتكلم .
- لا اعرف لماذا اتيت الي ، لكن ...

فقال بصوت منخفض :
- تارا ، كفاك كلاما طفوليا . آن الآوان لكي تعترفي بالأمر الواقع بعد كل الذي حصل هناك منذ ساعة . لو اني حملتك الى السرير في حينها لكنت ملكا لي الآن .
- ملك لك ؟ النساء اليونانيات ملك لأزواجهن ، اليس كذلك ؟

اجابها بهدوء :
- المتزوجات منهن طبعا ، و هذا ما يجب ان يكون .
- من يتظاهر بالبعد عن الحقيقة ؟ انت تعرف الغرب حق المعرفة كما تعرف اليونان . لكن الأمر يختلف في الغرب .
- هل تتوقعين المساواة بين الزوج و الزوجة ؟ لا مساواة بيننا يا تارا . انا سيد بيتي و كل شخص ... حتى امرأتي ... يعرض نفسه للخطر اذا تناسى ذلك .

تكلم بدون هياج ولكن بلهجة السيد .
و لكنها قالت متعبة :
- ارجوك ، اذهب . اريد ان انام .
- هل انت متعبة ؟

لم يبد عليه و هو يتكلم انه كان متأثرا او غير متأثر و لم يفصح وجهه عن اي شعور داخلي .
- نعم ، متعبة .
- تكونين متعبة ايضا لو كنت في شهر العسل ؟

لم يمض على اختطافها من خطيبها الا بضع ساعات .
اخذت تبكي مرة اخرى . كانت هذه الليلة ...
- اذهب عني ! اني اكره وجودك هنا ، وجهك ، كبرياءك اليونانية الفاسدة .
اخرج ! اخرج !
وبدل ان يخرج مشى نحوها و هي تتراجع حتى وقفت عند السرير .
- هل خاب ظنك ؟ هل الأمر كذلك ؟ لكن لا لزوم لكل هذا .
قاطعته مذهولة :
- خاب ظني ؟
- اي انك محرومة ... من رفيق يطارحك الغرام منذ اسابيع . مررت بهذه المحنة مرة او مرتين . يشعر الانسان انه مهزوم عندما لا يحصل على ما يشتهي .

اقترب منها قليلا ثم توقف . فقالت لتكسب بعض الوقت :
- يبدو انك تعرف .
- طبعا اعرف . و النساء لا يعرف لهن قرار . كثيرا ما يوافقن و من ثم يرفضن . طبعا ، كل رجل يعرف قيمة نفسه يقبل هذا الرفض على انه تحد له ، و لكن احيانا لا قيمة لتحد من هذا النوع .

فهمت من نظرته اليها انه يهزأ بها ولذا قررت ان تلزم الصمت .

و اخذ يقترب منها على مهل .
- كما قلت لك ، لا لزوم لأن تشعري بالحرمان . تأكدي من أني سأكون احسن بديل لعريسك . و بالفعل ، في سرك تفضلينني عليه .
- انت متغطرس و متكبر و وثني !

كان يلامسها تقريبا و فاحت منه رائحة حلاقة طرية كأريج الصنوبر بعد المطر .
رفع يده و توقعت ان يصفعها الا انه رفع ذقنها الى اعلى و عانقها .
- تبدين جذابة جدا عندما تغضبين لذا اريد ان اطيل مدة غضبك . و مع ذلك ايضا اريد ان اذلك . انت مثيرة يا تارا كما كنت في اول لحظة و قعت عليك عيناي .

و قالت بعد فترة :
- ارجوك ، اذهب .
- انت وعدت ان تتزوجيني و لا أرى ضرورة للانتظار و يمكننا ان نبدأ شهر عسلنا الآن ...
- كان ذلك منذ ساعتين عندما وعدتك بالزواج .

اخافتها نظرته التي كانت تأكلها اكلا و هي تجول من رأسها الى عنقها و صدرها .

لكنها اضافت :
- غيرت رأيي . لن اتزوجك ابدا !

احمرت عيناه و زفر من انفه فذكرها بحيوانات مفترسة تتأهب للهجوم على فريستها التي ترتعد من الخوف . كيف وقعت في هذا المأزق ؟
هذا يحدث للغير فقط و يقرأ الناس عنهم في الجرائد .
يشفقون عليهم ثم يلقون بالجريدة جانبا و ينسون كل شيئ .
و لم تحلم تارا مطلقا ان هذا سيحدث لها ذات يوم .

و لابد ان الناس يقرأون عنها في انكلترا ، يقرأون عن العروس المختطفة و هي في طريقها الى حفلة الزفاف تحت عناوين ضخمة على الصفحات الاولى .
سيطالعها القراء باهتمام كبير و هم يتناولون طعام الافطار .
و تصورت ديفد الذي يكون قد جن من الحزن ، و لكنها سرت لأنها وحيدة لا اهل لها .
- ستتزوجينني و ستسرين بهذا الزواج .

طرد صوت هذا الرجل من افكارها كل شيئ ... الناس و الجرائد و ديفد و حل محلها ، و سمعته يدللها و يغنجها بنعومة :
- تشجعي و استرخي و تقبلي ما اقدمه لك ، و سترين ان متعتك معي ستفوق بكثير متعتك مع الرجل الذي كنت ستتخذينه زوجا لك .
- اتركني ! اذهب ! لا استطيع التفكير ! الا ترى ان قلبي تحطم ؟
- القلوب لك لا تتحطم . بحق السماء ، تخلصي من تعلقك بحب العذاب ! هذا من وحي خيالك فقط !
- لا قلب لك و هذا هو سبب عدم فهمك لوضعي .
- لكني افهم كيف سأجعلك تنسين ...

و بحركة خاطفة ضمها اليه و ارقد وجهه على وجهها .
جمعت كل قوتها لتقاومه و مع كل بادرة للمقاومة كان يتشدد في عناقه .
و تسارعت نبضات قلبها .
- مازلت تقاومين ، ما هذه القوة التي فيك ؟ و كلما زادت مقاومتك كان انتصاري افضل .

و عندما رفع عينيه في وجهها ...
احمرار الخوف و اضاف :
- قلت انك غيرت رأيك بصدد زواجك مني ، و لكنك لن تغيريه ، اليس كذلك ؟

في هذه الاثناء لمست يداه شعرها فشعرت بالفرح يسري في كل جسمها .
نسيت كل شيئ و اصبح ديفد بعيدا عن فكرها بملايين السنين .


و اعاد ليون سؤاله :
- هل غيرت رأيك يا قطتي الصغيرة ؟

رفعت رأسها و اجابت بصوت لا يخالطه الشك :
- كلا يا ليون ، لم اغير رأيي في الزواج منك .
- اتريدين ان تتزوجيني ؟ قولي .
- اريد ان اتزوجك .

كان الآن يلتهمها بنظراته .
- جميلة انت حقا !

و هنا تصورت تارا في موقف يشبه تماما موقف غيرها من النساء امامه .
قرفت من هذا المنظر.
فكم عدد النساء اللواتي كان ينظر اليهن هكذا ؟
تصورت تلك النسوة و هن واقفات امامه كما هي واقفة الآن ، يسيطر عليهن و على حواسهن بقوة الرغبة .
و فجأة تراءى لها ديفد اللطيف ، و تراءت لها غرفة النوم في الفندق حيث كانت ستذهب اليه بارادتها لو انها تزوجت به .
ارتجف جسمها ... و هطلت الدموع من عينيها بعد ان حبستها كل تلك المدة .
- ما بك ؟

كان بكاؤها هذه المرة نحيبا جنونيا .
هزها ليون من كتفيها و صرخ في وجهها :
- استجمعي قواك . تحملت الكثير و لكن هذا افضل شيئ . منذ لحظة كنت سعيدة و الآن تبكين كالبنت الصغيرة .

فركت عينيها و رأت وجهه في ضباب .
لاحظت ان هياجه لم يعد كالسابق ، فقد خمد ، لكنها قد تكون مخطئة .
و عندما تكلمت كان صوتها ناعما ذا نغمات حلوة تماما كما كان ديفد يحب ان يسمعه :
- الم تفهم موقفي بعد يا ليون ؟ كان من المفروض ان يكون اليوم بداية شهر عسلنا انا و ديفد ، الشهر الذي لن ينساه كل محب طيلة ايام حياته مهما تبع ذلك من ملذات او احزان .

كانت عيناها الدامعتان الجميلتان تتوسلان اليه .
- و بدلا من ان اكون معه في اول ليلة من شهر عسلنا الذي كنت انتظره بفارغ الصبر اراني هنا في قبضة رجل متسلط لا يحبني .
رجل حول يوم زفافي الى سواد و يأس و شقاء ، رجل حرمني حتى من فستان عرسي الذي رماه في البحر ... هذا الفستان الذي تحافظ عليه كل امرأة كما تحافظ على كنز .
و هذا شيئ لا تستطيع ان تفهمه يا ليون ...

خنقها البكاء و لم تستطع متابعة كلامها.
و لكنها قالت بعد فترة :
- لن اكون صادقة اذا قلت انك لا تغريني وتغويني و تجبرني على قبول او قول اشياء لا اعنيها ... مثل ... قبولي الزواج منك .

ونظرت اليه متوسلة مرة ثانية الى وجهه الذي كان عابسا الآن و لكن خاليا من القسوة .
و لاحظت عصبا في عنقه يخفق كأنه يتأثر بالكلام او يبلع ريقه .
و تابعت حديثها :
- هل تصدق اني جادة عندما اقول اني اريدك زوجا ؟ انا احب شخصا آخر . ... كلا ، لا تغضب ، اتوسل اليك الا تغضب من جديد . ليست لي القوة الكافية لأتحمل .
لم اعد اتحمل . الا ترى ذلك ؟

اطمأنت قليلا عندما رأت وجهه يدل على زوال غضبه .
كان يصغي اليها بكل انتباه .
- ان قلبي يتحطم سواء آمنت بذلك ام لم تؤمن .
هنا ، هنا يا ليون ! انه يؤلمني ...

دلت على قلبها باصبعها وظل ليون مسحورا بمشهد اصبعها المرتجف و هو يلمس صدرها .
و توسلت اليه ثانية :
- لا تؤذني اكثر من ذلك . ارجوك . اتركني و اذهب عني ، اذا كانت لك ذرة من الشعور .

وقف و تناول عباءة خفيفة ساعدها على لبسها .
لم تدر ما تقول من شدة الدهشة . استدارت بعد ان ألبسها إياها و اخذ يرتبها على جسمها .
وضع يديه على كتفيها بكل لطف و نظر في عينيها اللتين ما زالتا تدمعان .
لم تفهم ما في عينيه السوداوين . كل شيئ في هذا الرجل غريب .
مد اصبعه برشاقة و ازال دمعة عن وجنتها و قال :
- استريحي قليلا اذا استطعت يا تارا ، و آمل ان تكوني احسن غدا .
ليلة سعيدة يا طفلتي ، و حاولي الا تبكي .

فتح الباب و خرج تاركا اياها متعبة ، ضعيفة و في حالة عقلية كانت تفضل عليها الموت .

لم تنم تلك الليلة . و بالرغم من حزنها و تعاستها كانت تتوقع ان يسوء وضعها اكثر من ذي قبل .
و ليون الذي ما زالت تعتبره وحشا مفترسا لم يحاول الاعتداء عليها بل توقف عند حد لم تكن تتوقعه .
كانت طيلة الليل تفكر على صوت محركات الزورق بعدة اشياء .
منها ما يتصل بعضه ببعض و منها ما ليس له معنى .
الا ان شيئا واحدا كان واضحا كل الوضوح و حيرها كثيرا هو سلوك ليون .

* * *

تحولت بأفكارها الى ما كان سيحصل لولا اختطافها .
فكرت في حفلة عقد القران و قرع اجراس الفرح و تجمع النساء و الاطفال ليشاهدوا العروس الجميلة و ذراعها في ذراع عريسها .
هذه اجمل ساعة في الحياة عندما يأتي الجميع ليشاهدوها هي لا غيرها في يومها المجيد ، اليوم الأوحد الذي تعيشه العروس مرة واحدة في العمر . تصورت الموائد الممدودة في احسن فندق بالمدينة .
تصورت المصور و هو يأخذ صورتها بينما تقطع كعكة العرس .
و سجل معاملات الزواج الذي كانت ستوقع اسمها فيه .
تبادل الانخاب و التهاني و التمنيات بالسعادة و الرفاه و البنين .
تصورت سو تساعدها على تغيير ملابس العرس الى ملابس السفر .
و السيارة التي كانت تنتظرهما لتأخذهما الى المطار حيث يستقلان الطائرة الى اسكوتلاندا ...
لقضاء شهر العسل هناك ... فكرت في ديفد و في حالته النفسية و افكاره و قلقه .
هو الآخر قد يكون متمددا مثلها في فراشه يتصور ما كان سيحصل .
في تلك اللحظة صرخت تارا تناديه في ظلام سجنها ... ارادت ان تقول له روحا لروح انها تحبه و انها ستحارب لتعود اليه .
منتديات ليلاس
و الشيئ الآخر الذي كان واضحا ايضا هو مشكلة الهرب .
لأنها تعتقد ان ليون لن يحتفظ بها سجينة مدة طويلة .
و قد بدأت تقبل بفكرة زواجها منه و تعرف انه اذا خيرها بين ان تكون زوجته او ان تكون امرأته سرا فانها ستقبل بالخيار الاول .
و بدا لها الآن انه مكتوب عليها ان تتزوجه ... و مع ذلك فانها ستهرب .
و ملأها الأمل في ان تستطيع الهرب قبل الزواج و لكن املها هذا لا وجود له نظرا لأساليبه المنيعة التي يستعملها لابقائها في قبضته .


اتى صباح اليوم التالي و وجدها تنتظر .
عبس عندما نظر الى وجهها .
- انك لم تنامي .

كان بلباس بحري جميل و سترة زرقاء عليها صورة مرساة عند جيب الصدر .
نظرت اليه تارا و لم تستطع التوفيق بين هذا الرجل الانيق الهادئ الواقف امامها و بين الوحش الآخر فيه .
- كلا ! و من الطبيعي الا يغمض لي جفن .

رأت شيئا يتحرك في عينيه و عصبا يخفق في عنقه و لكنها لم تحاول تفسير ذلك .

امسك بيدها و قال :
- في اليونان قول مأثور ... و تعرفين ان قدماء الاغريق كانوا فصحاء في ايامهم .

ظلت تنظر اليه و هي لا تفهم اين اختفت غطرسته و سخريته اللتان كثيرا ما اذلتاها .
- ما هو هذا القول ؟
- نتشاجر احيانا ثم نتوافق .
فلنتوافق كلانا يا تارا فنرتاح .

ارتعشت شفتاها لهذا التغيير المفاجئ و للطف عينيه و اقتراحه الرقيق .

انزاح عن صدرها شيئ من تعاستها بسبب كل هذا .
- انا ... اعني ... طبعا اذا كان هذا ما تريد .
- هذا ما اريد . تأكدي من ذلك . هل نختم ذلك بخاتم العناق ؟

عانقها و لكن عناقه هذه المرة كان ناعما و لطيفا و كله رقة .
شعرت بشيئ يؤلمها في صميم قلبها و لم تعرف له سببا . و احست ان بامكانها ان تتقرب اليه لو انهما التقيا في ظروف غير هذه .
- لا افهمك . انت مختلف هذا الصباح .

رأت عينيه تفكران ثم تعبسان . كان في صراع مع احساساته المتناقضة .
- لأول مرة في حياتي لا افهم نفسي يا تارا .

بدا غاضبا من نفسه . و قال منزعجا :
- هل انت جاهزة لتناول الفطور ؟ و لا تقولي انك لا تشعرين بالجوع .

و حذرها بلطف :
- و الا اجبرتك ان تأكلي سواء شئت ام ابيت .

رافقته طائعة . و ارتاحت لهذا التحول الذي جعلها تشعر لأول مرة بانها في امان .

لم يغير ليون موقفه و بقي مخلصا لوعده .
و كان كل ليلة يتمنى لها ليلة سعيدة و يتركها مطمئنة .
و احيانا كان ينظر اليها منتقدا حزنها و كآبتها اللذين لم يختفيا بعد ، و مرة غضب لأنه كان يريدها ان تبتسم .
فكانت تبتسم احيانا و تقول ان الابتسامة لا تغير شيئا من حالتها او شعورها .
- انت عنيدة يا تارا . و ايا كان رأيك في قولي ، فقد انقذتك من زواج كان سيتحول الى كارثة .
- انت لا تعرف الشعور بيني و بين ديفد .
- انا اعرف اي رجل يعجبك .
- لن تكون انت هذا الرجل في كل الأحوال .
- سترين كيف ان زواجنا سيعطيك لذة لا تتصورينها .

قالت ببرود :
- ارى انك لم تتغير .
- فيما اتغير ؟

كانا واقفين على ظهر اليخت في لباس السباحة .
- ظننت انك قد تعيدني الى بيتي .
- لا تحلمي بذلك . انا اريدك و تحملت الكثير لأحصل عليك . انا من نصيبك و انت من نصيبي لتكوني أما لأولادي ...
- كلا ، لا اريد اولادك !

لاحظت الغضب في عينيه . و لم تستطع النظر الى تلك العينين النفاذتين فخفضت عينيها و بدأت تتصور رسوما و صورا تتراقص على الخشب حيث كانت واقفة .
- بالرغم من اي شيئ آخر سأعطيك اولادا و هذا ما قررته ، اذ ان حياة زوجية بلا اولاد ينقصها عنصر حيوي مهم .
- مهم ؟ و ما هو المهم فيه ؟

صحيح ان صوته كان جافا و صارما الا انه عنى شيئا قد يكون مهما .
وكانت تود ان تفهم هذا الشيئ .
- مهم لنجاح الحياة الزوجية .

هل كان ينوي ان يقول انه مهم لسعادة الزوجين ؟
- الا تعطي السعادة الزوجية اهمية اكبر ؟

و بعد ذلك لم يتكلم كلاهما . فيم كان يفكر ؟ توترت اعصاب تارا وظنت انها قد تكشف شيئا من اعماقه ، و لكن هذا كان ظنا عابرا يجب ان تنساه .
- سنصل جزيرة كورفو غدا ، و سأنزل الى البر لآتي بصديقي الكاهن كي يقوم بمراسيم الزفاف .
انكمش قلبها و سرت قشعريرة في جسمها .
وقالت و هي تشعر بجفاف في شفتيها :
- لم تقل لي اننا نقترب من كورفو .
- لا حاجة بك لأن تعرفي . اعرف انك تأملين في اغتنام الفرصة للهرب كلما توقفنا في احد الثغور بقصد التموين . و اعتقد الآن انك تعرفين قدرتي في التنظيم و حرص بحارتي على تنفيذ اوامري ليراقبوك كلما توقفنا في مكان ما .
و في كورفو سأقفل عليك الباب مثل كل مرة .

كانت تفرك يديها حينا و تلويهما حينا آخر . و اخذت تتكلم و هي تبلع ريقها :
- لا اريد الزواج منك . استحلفك بالله ، اتركني و اعدك بأني لن اتكلم بشيئ .
- و كيف تفسرين غيابك كل هذه المدة ؟

كان مهتما بسماع جوابها .
- سأختلق اي شيئ . فقدان الذاكرة مثلا ... غيري يفقد ذاكرته ايضا !
- لا تكوني سخيفة !

كانت لهجته كأنها موجهة الى طفلة .
- انسيت انك خطفت ؟
- لن انسى ذلك طيلة حياتي !
- قد تعتبرين يوما ان اختطافك كان بركة عليك . ارتدي الثوب الذي اشتريته لك من لشبونة . لونه يناسب جمالك و طرازه ايضا . هل احببته ؟

هزت رأسها لأنها تذكرت ثوبها الجميل الراقد في قعر البحر . اما الثوب الذي تكلم عنه ليون و هو واحد من بين اثواب اخرى كان يجمعها كلما توقفا في مرفأ فكان بلون المرجان الذهبي ، مشدودا عند الصدر و اسفله كله ثنيات . و كانت اكمامه طويلة تضيق عند المعصمين .
الفستان جميل و كامل كل الكمال و لكنها بدأت تكرهه لأنه سيكون فستان عرسها .
- لا بأس به .

و بعد فترة قالت :
- اليست هناك وسيلة لاقناعك باعطائي حريتي ؟

هز رأسه بالنفي و عبس و لم تترك له فرصة الكلام اذ قالت :
- لن يزوجنا كاهنك هذا ! سأتهدده ، و بالرغم من انك ستبقيني سجينة فاني سأخيفه من العقاب حتى يرفض زواجنا مهما كان مدينا لك .
- اذن سأصرفه اذا انت رفضتي ، و ستصبحين امرأتي بالسر .

هذا هو الخيار الثاني الذي ذابت امامه كل احتجاجاتها و تهديداتها .
- هل سيزوجنا على اليخت ؟
- طبعا . فاني لا اخاطر بأخذك الى الشاطئ .
- اذن لا خيار لي ... الا في الزواج منك .

المعروف ان الزواج بالقوة مستحيل ، و لكن بسبب الوضع الذي هي فيه الآن فاما الزواج و اما ... الخيار الآخر ... فاذن ستتزوج و ستبقى تخطط للهرب ... و سوف تنجح .


**********************

redroses309 08-10-08 04:13 PM



6 - الدوامة العمياء



عندما اقترب اليخت من هيدرا رأت تارا الجزيرة في وهج غروب الشمس ، و بدت كأنها عروس بحر تطفو على سطح الماء الهادئ .
في خليج سارونيك . و بالرغم من وضعها لفت نظرها هذا المكان الذي ستعيش فيه .

عرفت تارا شيئا عن تاريخ الجزيرة من جملة ما قص عليها ليون .
كانت مركزا لقراصنة البحر ، اما الآن فانها تستهوي الكتاب و الفنانين و اصحاب السفن و غيرهم .
و المباني الضخمة القائمة على سفوح التلال يملكها الاثرياء ... و كان ليون أحد هؤلاء .

قال لها انه كان في وقت ما أحد ملاك البواخر الا انه تحول الى فن الازياء . يملك مؤسسة هيرا و هي من ارقى بيوت الازياء النسائية المشهورة .
تذكرت تارا الآن لماذا ذكر ليون في احاديثه السابقة معها عبارة " نماذج و دمى "
وعرفت ان ذوقه دقيق للغاية .
و اشهر فساتين هذه المؤسسة صممها ليون بنفسه فأكسبتها شهرة عالمية .

رفعت هذه المعلومات من قيمته في عينيها و اعتبرته اقل و حشية من ذي قبل ، و لكنها لم تتخل عن فكرة الهرب في اول فرصة ممكنة تواتيها على الجزيرة .

كانت واقفة عند سياج اليخت عندما انضم ليون اليها :
- سأدلك على بيتنا عندما نقترب من الجزيرة .

احست بدغدغة في معدتها لدى سماعها كلمة " بيتنا " لانها دلت على ان مستقبلها تقرر و انتهى .
و لا شيئ في العالم يستطيع ان يغير منه شيئا .
اصبحت ملكا لزوجها ، و المبنى لهما كليهما ، ستسكنه حيث ستكون قطعة اثاث و عبدة مطيعة لليون كباقي نساء اليونان .
التفتت اليه و دفع الهواء شعرها فغطى وجهه ، و عندما تكلمت كانت في صوتها مرارة اليأس :
- أنه بيتك انت ! لن يكون ابدا بيتنا نحن الاثنين !

اغضبته هذه العبارة و قال محتدا :
-ما معنى هذا ؟ هل مازلت تفكرين بالافلات مني ؟
- سأكون نموذجا لامرأة او دمية تعيش في عبودية ، لذا سأحاول الهرب .

توقعت ان يرفع صوته عاليا ادهشها هدوؤه عندما قال :
- يجب ان تؤمني بما قلته لك و هو انك ستباركين هذا الزواج . فقد يولد لنا طفل في وقت ليس ببعيد ... قد يكون على الطريق الان ... و عندئد ستقبلين نصيبك .

احست بانقباض في قلبها .
طفل على الطريق ؟
فعلا ، بعد تلك الليالي التي امضتها معه ربما صار هذا حقيقة واقعة .
لم تفكر في ذلك مطلقا . دعت الى الله ان ينقدها من ذلك ، و اذا صح انها ستنجب طفلا ، فسيسد عليها هذا الطفل طريق الهرب .
و لن يفرط ليون بطفله لتأخذه معها ذات يوم .
و هذا سيرغمها على البقاء .
لاحظ ارتعاشها و هي تعلق على كلامه :
- أصلي من كل قلبي الا يحصل هذا . هل نسيت اني احب رجلا آخر ؟ اخذتني زوجة لك ، و لكنك ستندم !
- او ستذهبين الى الشرطة اذا هربت ؟ هل هذا الذي سيجعلني أندم ؟

بانت لها قساوة صوته كقساوة جبل من جليد ، و لكنها تابعت كلامها بحدة لم يعهدها فيها :
- قلت لك قبل هذه المرة اني لن اخبر الشرطة اذا تركتني اذهب . رجوتك فرفضت ، و لكنني هذه المرة سأذهب ! و صديقك الكاهن سيكون مأواه السجن ... برفقتك طبعا !
- ماذا عمل لك الكاهن ؟ انك لم تتذمري ابدا و هو يقوم بمراسيم الزواج .

تأخرت في التعليق على قوله هذا لانها احست باختناق من فرط حنقها ، لكنها استطاعت ان تقول :
- لم اتذمر من تهديدك لي اذا انا رفضت . لكني اعتقد ان الكاهن ، و هو مفرط الذكاء ، احس بشيئ غير طبيعي .
- لم يرتكب الكاهن اي شيئ غير قانوني . فدعيه و شأنه ... هذا اذا تمكنت من الهرب .
- افهم من كلامك هذا ان الهرب قد يكون محتملا . اتعرف ؟ لقد شجعتني ، و اني اشكرك لإحياء هذا الامل في .

تطلع نحو الجزيرة يتأملها و بعد برهة قال :
- اذا تحققت آمالي فستلدين طفلا في وقت قريب . عندئذ لن تتركيني .

ادارت نظرها عنه و بكت . لقد نجح في كل خططه حتى الآن ، فأي أمل لها بعد اليوم ؟
قالت و هي ترتجف :
- كما قلت سابقا سأصلي كيلا أحمل طفلا .
- كلانا في صحة جيدة ، و من المعقول ان تلدي طفلي خلال السنة .

لم تعلق بشيئ على كلامه ، و ادار وجهها اليه ضاغطا على ذقنها باصابعه القاسية . فاستعدت لاحد مشاهده المعروفة بوحشيتها . ركز بصره فيها و قال :
- سأعمل المستحيل كي تلدي لي طفلا يا تارا . افهمت ؟ انا سيدك و حياتك رهن بي ، و ستحملين العدد الذي اريده من الاطفال .
- سأكون قطعة اثاث في بيتك اذن !

كاد صوابها يطير من الغضب . اي اهانة اكبر من اجبارها على سماع وقاحاته ؟
- و عبدة ايضا ! سأفلت منك يوما من الايام ! و ستكون أغبى الناس اذا ظننت انك ستفلح في ابقائي سجينة عندك !

تحول عنها واخذت تارا تتحسس ذقنها و الدموع تترق في عينيها ، دموع الشقاء و اليأس ، اليأس من أملها في التغلب على بطشه و على ضعفها . اذ انها ستبقى اذا هي ولدت له طفلا .

ادار ظهره لها وتركها . رأته وقحا في مشيته ، وقحا في مظهره .
و بالرغم من ارستقراطيته الراقية فانه لن يستطيع تغيير الطباع الدنيئة التي نمت فيه جنبا الى جنب مع رقيه .
و عادت بتفكيرها الى الليلة الاولى على اليخت عندما ابدى تحولا في معاملته لها ، بعد ان لان لتوسلاتها و خرج من غرفتها دون ان يمسها .
في تلك اللحظة كان صوته لطيفا و معاملته انسانية مما يدل على انه كان قلقا عليها ، و برهن على ذلك في الايام القليلة التي تبعت تلك الليلة و التي تعهد فيها بأن يبقى على وئام معها .

و لكن ما ان اقترب اليخت من جزيرة هيدرا حتى دب الخلاف بينهما من جديد عندما ذكر لها اقتراب ساعة عقد قرانهما الذي يعني نهاية املها .
و زاد في الشقاق في اول ليلة لهما معا بعد مراسيم الاكليل ، عندما حاولت ان تقاومه بكل قواها التي ما لبثت ان تلاشت امام بطشه .
فهدأت تارا جسميا الا انها كانت تقاومه بكل عقلها .
ارادها ليون امرأة خاضعة جسما و عقلا و لهذا لم يتمتع بانتصاره كاملا .

دوخها و هو يؤكد لها ان اساليبه ستتغلب على مقاومتها و ستتشوق في نهاية الامر لتكون بين ذراعيه .
اقرت و الاسى يملأ قلبها بصدق قوله معترفة بضعفها في لحظات كهذه .
كما اعتبرت قوله صحيحا عندما أكد لها ان ديفد لن يستطيع منحها و لو جزءا صغيرا مما يمنحها هو ، فهذا ذو خبرة واسعة مع النساء و ذاك ما زال مبتدئا .

اصبح اليخت كاتانا قريبا من مدخل الميناء .
و اخذت تارا تمتع بصرها بمشهد اليخوت ذات الاشرعة البيضاء و القوارب الصغيرة ذات الالوان الزاهية .
و رفعت نظرها لتشاهد جبل الجزيرة الخالي من اي خضرة .
كان المشهد جميلا جدا .
و الفيللات و البيوت البديعة تنتشر في المناطق العليا من التلال أمام بيوت اهل الجزيرة المتواضعة المدهونة بالابيض و الازرق فكانت متراصة في المناطق الادنى مستوى او منتشرة بمحاذاة الشاطئ يعلوها برج ... كانت الجزيرة جبلية محرومة من الطرق المعبدة ، و حركة السير فيها على الارجل او على الحمير ، و حيث الطرق معدومة تماما يصل الناس الى بيوتهم بواسطة الأدراج الحجرية .
و لما ابدت تارا ملاحظة بأن الجزيرة فريدة من نوعها ، قال ليون بأن كل الجزر الجبلية حيث يصعب شق الطرق مبنية على هذا النسق .

كانت تنظر الى كل ذلك وحدها عندما احست بحركة قريبة منها .
كان ليون خفيفا في حركاته و لهذا اطلقت عليه لقب القط البري .
- انظري ! هذا هو بيتنا .

رأت قصرا جميلا فوق هضبة تطل على الميناء و على خليج سارونيك .
- من المؤكد ان المنظر جميل من هناك .

لو انها اتت الى هذا المكان مع زوج تحبه لكانت اسعد النساء ...
- آمل ان يعجبك القصر يا تارا . سيكون بيتك الابدي من الآن فصاعدا ، و عليه انصحك با تتكيفي مع حياتك الجديدة هنا .
- سأتكيف كسجينة طبعا . اني اتساءل كيف ستتدبر أمر ابقائي هنا ، غير ان لك خطتك التي ستنجح كما نجحت غيرها و لا شك .

كانت و هي تتكلم تشعر بمرارة و أسى شديدين .
- سأقول لخدمي انك تعانين من انهيار عصبي يمنعك من الاختلاط بالناس فيجعلك تتجولين بمفردك .
وبما ان مرضك هذا يقلقني كثيرا و لكي تكوني في أمان فسيراقبك الخدم طيلة الوقت .
هناك بستانيان يراقبانك اثناء تجوالك في الحديقة ، و بلايا التي ستكون وصيفتك الخاصة لن تفارقك و انت داخل البيت . و هي تقوم باعمال اخرى منها الا تتركك تذهبين خارج محيط القصر .

وجدت نفسها مرغمة على الاعجاب به رغم حقدها العميق .
- انت ذكي و ماكر ! و اذا قلت لهم ان كل ذلك كذب في كذب ؟

كان التهكم واضحا في ابتسامته .
- هل سيصدقونك و يكذبون رجلا يعرفونه منذ سنوات ؟ و هل دفعت بك سذاجتك الى الاعتقاد انهم سيخاطرون فيخسرون عملهم من اجلك ؟

نظرت في عينيه مليا و سألته بكل جدية و اهتمام :
- هل يصدقون كل ما تقوله لهم ام انهم فقط ينفذون اوامرك و أعينهم مغمضة دون ان يحاولوا معرفة مدى الصدق او الكذب فيما تقول ؟

احنى رأسه موافقا و قال :
- يتقاضون راتبا مني ، و هم يعلمون ان العمل على هذه الجزيرة صعب المنال . و من حظي بعمل يتمسك به بيديه و رجليه . و انا واثق يا تارا انهم سيعتنون بك اكبر عناية و لن يدعوك تفلتين .
- هل قيام مراقبة مراقبة على مدى اربع و عشرين ساعة في اليوم ممكن ؟

ابتسم كمن يبتسم لطفل ساذج .
- ستكونين تحت مراقبتي فترة لا بأس بها في الاربع و العشرين ساعة اذ انك ستكونين رفيقتي من العشاء حتى ما بعد الفطور من صباح اليوم التالي .

كانت النظرة السامة التي رمته به نقطة ارتباك و ضعف .
- نعم يا سجاني !
- انبهك ألا تتمادي في الكلام . الصبر ليس من صفات زوجك .

تركها فجأة كما اتى خلسة . و عادت تنظر الى اليخوت و القوارب الراسية في الميناء بينما عادت بافكارها الى ديفد .
هل يفكر فيما يكون قد جرى لها من اختطاف و تعذيب او موت ايضا ؟
هل يتوقع اخبارا تقول انهم وجدوا جثة ملقاة في احد الحقول او في حفرة ؟
و تعرف تارا ان كل يوم يمر على ديفد يفقد امله في العثور عليها ، و قد مضى اسبوعان على اختطافها في ذلك اليوم المشؤوم ...

قد يكتشف ديفد انها متزوجة ، و اذا نجحت في الهرب و كان ليون في السجن سيلغى زواجها .
تصورت ليون في السجن يقوم بالاشغال الشاقة و يعيش على الخبز و الماء و ستأسف لانتهاء مدة سجنه !

في تلك اللحظة عاد ليون اليها و فكرت في ايذائه مثل دفعه الى الماء و النظر اليه و هو يغرق .
- اراك تفكرين كثيرا يا تارا .
- نعم . كنت افكر في مدى تمتعي بمنظرك و انت تغرق و تتحول طعاما لكلاب البحر .

قال ضاحكا :
- لا اتصورك امرأة متعطشة للدماء ، و لا توجد كلاب بحر في هذه المنطقة .

و انذرته تارا بيوم الحساب قائلة :
- ان يومي لآت .
- سنرى ياطفلتي . اراهنك على انه لن يمضي شهر الا و تكونين متعلقة بي لدرجة لا تستطيعين معها الا التراجع عن تهديداتك .

متكبر ، متغطرس ، ادارت له ظهرها لعله يتركها فتتخلص منه . و لكنها احست بيدين قويتين تشدان على كتفيها و تديرانها لترى وجها كل تقاطيعه صارمة و فما مطبقا و عينين تقدحان نارا .
توترت اعصابها و نبض قلبها و اسودت الدنيا في عينيها و اخذت شفتاها تتلويان .
- لا تديري ظهرك لي مرة اخرى ! تعلمي اصول الاحترام و الا ...
هز جسمها هزا دل على وزن تحذيره لها .

كانت تارا تبتلع ريقها المرة تلو المرة و هي تحاول التخلص من الاحساس المخيف الذي تشعر به كلما كانت في قبضته هذا الشيطان المتجبر و الذي يجمد فيها قوة التفكير .
- ارفع يديك ، ارجوك ، انت تؤلم كتفي !
- سيؤلمك في جسمك غير كتفيك اذا عاملتني بهذه الطريقة !

كانت تبكي . تركها و لكنه ظل ينظر اليها نظرته الكريهة .
اعتقدت انه سيرغمها على الاعتذار و على الطاعة له .
و لكنه ظل صامتا . كان ينظر الى الجزيرة و الى انوارها المتكاثفة مع غياب الشمس وراء أفق ذهبي اللون اضفى جمالا حتى على الغيوم العالية .

و بدأت النجوم تتلألأ في سماء هيدرا و الهلال من عليائه يطل على العالم .
و كلما اقترب اليخت من الشاطئ توضحت معالم الفيللات و البيوت و التلال التي كانت فيما مضى مأوى للقراصنة الذين جمعوا اموالا طائلة و عاشوا عيشة بذخ و جنون .
و قارنت تارا بين هذه المباني الفخمة و بين البيوت الصغيرة المكعبة الشكل ، و الفرق الشاسع بين ابهة الأولى و وضاعة الثانية .
و لكنها لاحظت ان كل بيت من هذه البيوت الشعبية تحيط به حدائق صغيرة تزينها الازهار ، و لا يخلو من شجرة برتقال او ليمون .
كان الظلام تاما عندما رسى اليخت في الميناء ، و لكي لا يترك لها اية فرصة للهرب امسك ليون بذراعها بقبضة من حديد و حذرها من محاولة القيام بأي شيئ و الا اعادها الى غرفتها على اليخت و اغلق الباب عليها حيث سيبقيها الى صباح اليوم التالي .
اخذا طريقهما عبر ممرات مظلمة و بدأ صعود التل .
و قال لها زوجها ان ثلاثة رجال اشداء سيرافقونهما فتبين لتارا مدى حرص زوجها على سد جميع الطرق في وجهها .
و لكي يؤكد لها ذلك قال بسخرية :
- حاولي الهرب يا تارا و سترين ان ذلك يكلفك غاليا .
منتديات ليلاس
تلفتت تارا حولها و لكنها لم ترى للرجال أثرا .
- انهم لا يزالون على اليخت لينزلوا حقائبنا اذ اني جمعت لك مختلف الثياب من مخازن الازياء في مدن الثغور حيث كنا نرسو .
و ستحصلين على المزيد منها ، كما اني مهتم بأن ترتدي فساتين من نماذجنا .

يعني هذا انها ستلبس فساتين من تصاميم مؤسسته و ستكون دمية يستعملها للدعاية .

و صلا الى الفيلا و كان احد الخدم عند الباب ليستقبل سيد الدار .
أخذ الخادم يبتسم و لكن ابتسامته اختفت عندما وقع نظره على تارا .
- هذه زوجتي يا كليانش . تارا ، هذا احد الخدم .

بدا الرجل مذهولا و قال على الفور :
- زوجتك يا سيد ليون ؟ و لكن الآنسة ...

توقف عن الكلام على الفور و بدا الرعب في عينيه لتسرعه في السؤال .
رمقت تارا زوجها بنظرة خفيفة و رأت الغضب في عينيه .
- اهلا بكما ... سيد ليون ... سيدة ليون .

كان كليانش يتعلثم خوفا من سيده . و استنتجت تارا من ذلك انه قد يعاقب ، و ودت لو تعرف من هي هذه السيدة الاخرى التي هجرها ليون بعد ان اصبحت له زوجة .
لا تستغرب تارا ان يكون لزوجها اكثر من امرأة واحدة في نفس الوقت ، اذ ان بهيميته تسمح له بذلك .

وقف كليانش جانبا فدخلا بهوا واسعا تزينه الازهار و الطنافس و المفروشات العتيقة الغالية الثمن و السجاجيد العجمية و ارض من الفسيفساء .
- اخيرا سيسعد الجميع لأن للسيد ليون زوجة الآن ! نعم ، سيكون لهما اولاد عديدون !

استولى الغضب على تارا التي صرخت في وجهه :
- اذهب الى الشيطان !

نظر الرجل الى ليون مستغربا .
- الى الشيطان ؟ ما هذا ... الى الشيطان ؟
- ان السيدة ليون متعبة . ارسل لنا بلايا لترافقها الى غرفتها .
- حسنا يا سيدي . انا ذاهب لتوي !

قال ذلك و اختفى راكضا ليشيع خبر قدوم العروس .
في تلك الاثناء التفت ليون الى زوجته و عنفها قائلا :
- تعلمي ان تضبطي لسانك . كنت نبهتك الى ذلك من قبل !
- لن اقبل ان يتكلم خادم عن اولاد . لي كرامتي .
- هذه تمنيات طيبة ترافق التهاني بالزواج في بلادنا . و ستعتادين على عفوية اليونانيين و اندفاعهم .
- الرجال منهم . اما النساء فاظن انهن خرس ... بفضل جبروت ازواجهن .
- يا آلهي ! كنت صفعتك الآن لولا مجيء بلايا في اية لحظة !

لم تجب تارا و اخذت تجيل نظرها في انحاء البهو لتتلهى قليلا و تهدأ اعصابها المتوترة .
رأت على الجدران لوحات قديمة و صورا تاريخية ، و فيما هي كذلك اتت بلايا و رافقتها الى غرفة لها سقف عال ابيض موشى بالذهب .
ستائرها تتوهج و السرير مغطى بالمخمل الاخضر .
اما جدران الغرفة فبيضاء و كل شيئ فيها يدل على ذوق سليم ليس فيه تطرف.

وجدت في غرفة الحمام مناشف سميكة من الحرير .
و على الرفوف زجاجات جميلة تحتوي على كل ما تحتاج اليه .
و تساءلت تارا كم من النساء سبقنها و مكثن في هذا القصر .
وجدت بجانب غرفتها غرفة اخرى كان بابها مغلقا .
و حاولت ان تنصت لعلها تسمع صوتا او حركة فيها و لكنها لم تسمع شيئا كانت سجينة بين غرباء و شعرت بالوحدة و الشوق الى من تحب و بالحقد على من اختطفها و أذلها ...

تكذب اذا هي ادعت انها لا تستمتع بعناق ليون .
فليون يسيطر عليها بقوة و جاذبية خارقتين فيغريها بطرق سلسة و يستولي عليها بأساليبه الاخاذة .
اي نوع من المرأة هي ؟ كم من مرة سألت نفسها هذا السؤال منذ ان اختطفها ليون .
قبل ذلك كانت تحمر خجلا اذا حاول رجل ان يتقرب اليها بجرأة مكشوفة .
و قبلت بديفد لأنها وجدته معتدلا و رزينا .
و مع ذلك فهي تتمتع بهذا الرجل الذي تكرهه .
لا تفهم كل هذا لأنها لا تفهم نفسها .

كان هناك باب داخلي يؤدي الى غرفة ثانية .
و جمدت في مكانها عندما رأت مقبض الباب يدور ببطء و دون اي صوت . من عساه يكون ؟ و لما لم يفتح الباب استعمل مفتاحا .
كان رجلا . استدارت تارا لتستنجد ببلايا و لكن هذه لم تكن في الغرفة .
و الرجل هذا كان زوجها و لم تتميزه بسرعة لأن الضوء كان وراءه فبدت تقاطيعه كتقاطيع الشيطان .
اخذت تتفحصه و كلما حاولت ان تتبينه اكثر ترى فيه عدوها اللدود ! و لا تعرف من اين اتتها قوة داخلية مفاجئة جعلتها تصمم على مقاتلته حتى النهاية .
لن تخضع له كما كانت تفعل في السابق .
- تعالي الى هنا !

وجه اليها هذا الامر مشيرا الى مكان عند رجليه .
- اني منشغلة الآن بالنظر الى الخارج .
قالت ذلك و اقتربت من نافذة عليها ستائر غير مسدلة بعد .
- تنظرين في الظلام ؟ لا تكوني سخيفة !
- لست عمياء . استطيع ان ارى .
- ماذا تستطيعين ان تري غير الانوار و البحر ؟
- ماذا تريد ؟

سألته و هي تقترب من النافذة اكثر فاكثر .
- قلت لك ان تأتي الي ، و اذا كان لك قليل من العقل يا تارا فاعلمي اني لست رجلا يتقبل التحدي . أطيعيني حالا !

- اين ثيابي ؟ اريد ان اغتسل ثم اغير .
- ثيابك في طريقها الى هنا .

و أمرها ان تقترب منه عند قدميه .
بدأت دقات قلبها تتسارع و عقلها يعمل و مع ذلك كانت تتقدم نحوه كآلة مسيرة .
- انا ... انت ...
- من حسن حظك انك تحركت في النهاية . كنت على وشك تلقينك درسا لن تنسيه !
- اي انك تستعمل العنف ؟
- أنوي ان اركعك على ركبتيك و ان اذلك .

****************

يتبع...

اقبال 08-10-08 07:01 PM

الرواية روعة............... :55::55: اتمني تكمليها بسرعة:dancingmonkeyff8::dancingmonkeyff8:

safsaf313 08-10-08 07:20 PM

كنت بس بسأل هو ليه البطل بيعمل كده هو انتقام ولا ايه صراحه الراجل ده نرفزنى
هههههههه
مشكوره يا ريدروز وتشكر اناملك الورديه فى كتابه الجزء ده وبأنتظار المزيد من ابداعاتك

QUEEN CROWN 08-10-08 08:45 PM

واااو الرواية مررررررررررررررررررة تجنن والله يعطيك العافية وعلى فكرة ذوقك مرة نايس بليزبليز بليز كمليها نستناك على احر من الجمر ابغاء اعرف ايش يصير لتارا بعدين :)

..مــايــا.. 09-10-08 10:36 AM

الروايـــــــــــــــــــــة شكلهــآ جنـــــــــآآآآآنـ


إذ كملتــــــــيها أبقــراها


يسلمـــــــــــــــــــــــــــوووووووووووو

شموخ الشرقية 09-10-08 10:04 PM

شووووووووووكراااا بصراحة رواية جوووووووووووووونااااااااااااااان

اتمنى ماتتأخري علينا

تحياتي

sasa sasa 10-10-08 04:34 AM

الروايه حقيقى روعه سعدت اول مشفتها لانى قريتها من زمان
وكان نفسى اقراها تانى تسلمى وتسلم اختياراتك يا قمر
منتظرينك بشوق :)

redroses309 10-10-08 03:03 PM

أهلين
و آسفة على التأخير أنا كنت من أمس بنزل فصلين من الراوية بس كان النت عندي مررررررررررة ضعيف و يقطع و أشكر كل اللي ردوا علي على موضوعي و من جد فرحت بردودكم الحلوة
و أنا ألحين كتبت ثلاثة فصول و راح أنزلها اليوم


*****************

7 - انتصار صغير


كانت تارا واقفة بالقرب من عين الماء في الحديقة تنظر الى سفوح التلال المزروعة بالزيتون و الى زرقة مياه البحر و الى الافق بين البحر و السماء .
و كانت تشعر بقرب البستانيين لكن دون ان تراهما .
و بعد بضع دقائق خرج زوجها من البيت و قالت له عندما اقترب منها انها ستهرب مهما تشددت الرقابة عليها .
- لا تتصوري نفسك ثعلبا ماكرا . تلزمك بعد بعض الدروس القاسية .

هزت كتفيها لتظهر له عدم مبالاتها و قالت :
- انك دائما تهدد . لقد اعتدت على تهديداتك الآن بعد ثلاثة اسابيع .
- انت اعند امرأة التقيت بها في حياتي .
- لأني لم اخضع بعد لسحرك ؟ هذه ضربة قاسية لكبريائك لأني لم اقع في حبك . كم قلبا حطمت في حياتك ؟
- لكنك سقطت ضحية ل ...

توقف عند اتمام جملته و لكنه عبس و قال :
- قبل كل شيئ لك رغباتك ، و لا بد انك تعترفين لنفسك بأن المتعة التي تشعرين بها معي لأعظم بكثير مما لو كنت مع ديفد .

لا تستطيع ان تناقشه في هذا الموضوع . فهو يعرف تماما انها تقر به .
- لكن الاهم من هذا انك لم تفز بقلبي .
- هذا صحيح ، لكن لدي الوقت الكافي .
- هل تهتم فعلا بأن اقع في حبك ؟
- ليس بالضرورة ، الا ان الحياة تكون افضل ، و علاوة على ذلك لن تزعجيني بشجارك الذي لا ينتهي .
- لم اكن كذلك قبل ان اتعرف عليك !
- طبعا لا . فمن يقع في حبك كي تتجادلي معه ؟ ان حظ ديفد اكبر مما يتصور لانه لم يتورط معك ، و لكن هل يعرف ذلك ؟

لم تظهر تارا درجة الغيظ الذي استولى عليها .
و هذه احدى المرات القليلة التي تنجح في ضبط اعصابها أملا منها بأن يفقد السيطرة على اعصابه ، و لكنها لا تستطيع الاستمرار .
تبدأ سيطرتها بالتلاشي عادة فيحتد مزاجها .
يحدث ذلك كلما هددها بالضرب . اما هو فلا يفقد هدوءه البارد الا نادرا .
كان البستانيان الآن يعملان قريبا منها و اخذت تفكر في طريقة للهرب .
من غير المعقول ان يبقى زوجها في البيت و يهمل أعماله .
فلا بد ان يسافر الى اثينا مثلا .
و كما قال لها مرة انها لن ترافقه في رحلاته حيث لا يستطيع مراقبتها كما تراقب هنا .
نظر اليها و تبع اتجاه نظرتها .
- من السهل ان يخمن المرء ما تفكرين فيه : الا تتوقفين عن التفكير بالهرب ؟
- ابدا و اتمنى ان ارى هذين الاثنين يسقطان امامي جثتين هامدتين .
- فكري فيما تخسرين لو انك تركت بيتي .

قال ذلك ليذكرها بمواقف ضعفها .

- يا لك من حمار متكبر !

انها تتسرع في الاجابة دون ان تفكر . و لولا وجود البستانيين لكانت الآن تذوق ألم العقاب ، و لكن اقصى ما حدث هو ان وجهه دل على غضب شديد و هياج مكبوت .
- يبدو لي انك تحبين العقاب ، و استغرب اني لم استعمل العصا لغاية الآن .

و رأت يديه تتشنجان و اصابعه تتلوى كأنه يريد ان يخنقها .
و عزمت ان تنتبه الى هفواتها اكثر .
- اني اكره ان اسمعك تكرر اخبار مغامراتك العاطفية .

دهشت لما قالت . كانت تريد متابعة الحديث و حسب .
- لأن تكراري يذكرك بأني أنجح في اخضاعك . و يذكرك ايضا بانك كنت تتمنين بكل قوتك ان تتزوجيني ...

كان هادئا جدا و هو يتكلم . و لكنه لم يتم كلامه اذ قاطعته :
- انت اجبرتني على الزواج ! و انا لم ارغب في الزواج منك لأني احب شخصا آخر !
- لا تحبين شخصا آخر . اذا كان هذا صحيحا فكيف تستمتعين بوجودك مع رجل آخر ؟

خفضت رأسها خجلا امام هذه الحقيقة الصارخة .
- هذا لأنني ...

توقفت و رأسها بعد منحني . ضحك هو و أتم جملتها :
- ... انك تنجذبين الي .

و رفعت رأسها و رأت ابتسامته الهازئة . قالت :
- سأتخلص حتى من هذا في يوم من الايام .
- لن تتحرري من ذلك . عرفت منذ اللحظة الاولى التي وقع نظري عليك في المستشفى ان القدر شاء لك ان تكوني لي ... الى الابد .

تناول يدها و نظر الى خاتم الزواج الذي في اصبعها :
- هل من الممكن ان تتحرري ؟

لم تدري كيف اجابت كما يشتهي ، كأن قوة خفية دفعتها لتقول ذلك :
- كلا يا ليون . لن اتحرر .
- هذا هو التعقل بعينه . ارجو ان تهدئي الآن و تتقبلي الحياة الهنيئة التي اقدمها لك .

نظرت اليه بعينين باكيتين و قالت :
- لا حياة لي ، انك حرمتني من سعادتي الآن و في المستقبل .

اطبق يديه بقوة و لكنها فسرت ذلك بأنه دليل انفعال داخلي لا على غضب و رأت شريانا في عنقه ينبض و الشمس تعكس نورها على صدغه الأشيب فتحوله الى لون الفضة .
جعله هذا يبدو اكبر من سنيه الاحدى و الثلاثين ، و ربما يعود ذلك الى حياته الماجنة .

نظر هو الآخر اليها و ثبت عينيه في عينيها و رآهما تلمعان .
بدا كأنه يريد ان يتكلم و لكنه بدلا من ذلك ادار ظهره اليها و ذهب تاركا اياها حزينة بائسة . كان يؤلمها ان تكون مع هذا الرجل الذي هو سجانها ...

ظلت برهة على هذه الحال ثم اخذت تتجول في انحاء الحديقة يتبعها احد البستانيين عن كثب حاملا معولا لتنظيف الحشائش و في اليد الاخرى سبحة كان يسبح بها و هو يتمتم او يغني .

تنهدت حسرة و ندما . كانت قد قالت لزوجها انها لن تتحرر ، و ها هي الآن تفكر بالحرية . و لكنها عندما تكون بين يديه تبدو مسحورة بقوة مغناطيسية تجعلها تستسلم لكل رغباته و نزواته مثل دمية تسيرها الخيطان .

و عندما تكون وحدها ترى زوجها كغمامة عابرة دخلت حياتها و لم يعد لها اية اهمية .
و عندها فقط يحتل ديفد تفكيرها لأن جاذبية و سطوة ليون بعيدتان عنها .
و تعود تفكر في بيتها الجديد الذي و ضبته مع ديفد و اثاثه الذي اشترياه بعناية فائقة و كل ذلك بعد دراسات و ابحاث و زيارات الى المخازن لاختيار الصنف و اللون و الشكل .
كانت اياما حلوة تلك التي كانا يمضيانها معا لتجهيز عش المستقبل و كم يتولاها الحنين لتلك الساعات الهادئة عندما كانا يتجولان في المخازن و هو ممسك بيدها أو يخططان حياتهما المقبلة بحب و اخلاص ...

و الآن ... هل ستجتمع بديفد مرة اخرى اذا نجحت في الهرب ؟ و اذا هي هربت ، على ليون ان يطلقها ، و اليونانيون لا يؤمنون بالطلاق . و لكنها فكرت فجأة في احتمال ان يكون هناك مولود و أخافها هذا الاحتمال .
كلا ، لا تريد مولودا بالرغم من تأكيد ليون على ذلك ، لأن هذا يعني نهاية أملها في الهرب ...
خاطبت نفسها :
- لا يجب ان افكر في ذلك . يجب ان افكر في الهروب . اذ كلما طال مكوثي هنا كلما زادت احتمالات ارتباطي بطفل .

و بينما كانا يتناولان طعام العشاء في ذلك المساء رآها ليون صامتة تفكر .
قال ظنا منه انها تفكر في ديفد :
-آن الاوان لأن تطردي الشخص الآخر من رأسك . انا زوجك و كلما اسرعت في ادراك هذا و التكيف به كلما كان ذلك افضل .

أفسد عليها تجهم وجهه و كلامه ما كانت تفكر به . و أقرت تارا في نفسها بأن ليون كان يبدو جذابا في طقمه الناصع ذي اللون الاخضر الخفيف .
و له هيئة مميزة لا توجد الا في طبقة الاشراف .
و من ينظر اليه يرى فيه سيدا مثقفا له دماثة خاصة .
بالاضافة الى قامته المديدة الرشيقة كقامات أبطال الرياضة الذين لا يزيد وزنهم غراما واحدا عن المطلوب .

لم تطل التفكير فاجابته :
- لن يخرج ديفد من حياتي . انه الرجل الذي اخترته زوجا لي ، الرجل الذي اعرف اني استطيع ان احبه و ان اكون سعيدة معه طيلة حياتي .
- لو تزوجته لأصبحت أتعس النساء !

كانت لصوته رنة من لا يعرف الا الأمر و النهي .
و فتحت تارا فمها لتعلق على ذلك لكنه قال :
- انا اعطيك كل هذا ، فلم لا تقنعين ؟
- الحب اساس الزواج . لهذا لا يمكنني القبول .
- انتم الانكليز عاطفيون ... و الانكليزيات بصورة خاصة . قولي لي بربك ، كم يدوم هذا الحب ؟
- الحب الصحيح لا يزول ، و لكنكم معشر اليونانيين لا تفهمون ذلك . الحب و العناية هما اهم شيئ في الحياة الزوجية .
- و الانسجام الجسماني ، اليس مهما هذا الآخر ؟
- ربما ...
سألها مستغربا :
- ربما ؟ قولي بصراحة ، أليس هذا أهم شيئ في زواجنا ؟
- هو الشيئ الوحيد في زواجنا .
- و الماديات ؟ معظم النساء يكن سعيدات لو حصلن على ما لديك الآن اذا تمسكت به و لم تهربي .
استطيع ان امنحك اعلى مستوى من الترف و العيش الفخم ... انظري الى بيتنا مثلا ... نملك يختا و عندما تأتين معي الى اثينا ستعيشين في شقة فخمة و ستكون لك سيارتك الخاصة .
- كل ذلك ... و لكن بدون حب .
- اخبريني . كم عدد صديقاتك اللواتي تزوجن عن حب ... و يعشن سعيدات بحبهن فقط كما تتصورين ؟

تطلعت اليه ، لكنها لم تقل شيئا . تذكرت سو و هي تعدد لها الزواجات التي تهدمت او هي مهددة بالانهيار . انه لمخيف حقا ، و لكن زواجها بديفد سيدوم لأن حبهما قوي ثابت .
- ما هو جو ابك على ذلك ؟
- يمكن للحب ان يدوم .
- الا تعرفين اصدقاء لك هانئين في حياتهم الزوجية ؟

لم يكن سؤاله استيضاحا ، بل تحديا . و اضاف يقول :
- تجدين الجواب هنا في اليونان . نحن نتزوج لإرضاء الغريزة و لانتاج الاولاد . و تزويج الاولاد في القرى
ما زال من مسؤليات الوالدين الذين يعرفون ما ينفع اولادهم .
- قف ! الزواج بالتسوية و المساواة من أرذل الامور !
- انسي الحب و ارضي بما لديك . و عندما تعودين الى رشدك سنكون سعيدين حقا .
- تذكرت الآن انك تمنيت ان اقع في حبك .
- قلت ستكون الحياة افضل مع الحب و لم أعن الحب الجامح الذي يتغنى به الشعراء و الكتاب . في نظري ان الحب علاقة واقعية .

ابتسم عند هذه الكلمة و تابع يقول :
- اما الحب الذي نسمع عنه فإنه سخافة .
- سترى ان الكثير ينقصك في الحياة . استطيع القول انك ستجد فيها متعة حسية لا اكثر .
- انت كلبة صغيرة يا تارا . لم أعد اتحمل مهاتراتك المسمومة دون ان ارد لك الكيل كيلين .

اخذا يأكلان بصمت . و كان ليون يظهر اهتماما واضحا بمظهرها .
كان لبشرتها لون ذهبي لأنها تأخذ حمام شمس كل يوم .
و خفت شقرة شعرها و الخصل التي تتوج جبهتها العريضة الدالة على الذكاء .
عيناها واسعتان لكن حزينتان و فمها يرتجف بين الحين و الحين متأثرا بما يجول في فكرها.
رآها صغيرة و بلا حول امام سطوته .
و كانت تنظر اليه احيانا فترى عبوسا في وجهه او شرود في عينيه يدل على انه غارق في التفكير .
- سأحيي حفلة عشاء صغيرة الاسبوع القادم .

قال ذلك كأنه لم يفطن لهذا القرار إلا الآن .
- آن الاوان لأن افخر بوجود زوجتي الجميلة .
- قد استعين بهم في الهرب !

نظرت اليه مستغربة من عبارتها و قالت :
- هل مستعد انت لهذه المجازفة ؟
- يا طفلتي الصغيرة . هل تتصورين حقا ان اصدقائي سينصتون الى ادعائك باني اختطفتك و تزوجتك بالقوة ؟ قد يشكون في قواك العقلية .

تضايقت من منطقه . انه دائما على حق .
كم تكرهه ! و بالرغم من ثقته التامة في استحالة هربها ... فانها ستبرهن له انه مخطئ ...

قبل حفلة العشاء ببضعة ايام اشترى ليون فستانا لها و وضعه على السرير .
سألته من اين اتى به اذ كانت ترتاب في انه قد يكون أحد فساتين صديقاته .
قال ضاحكا و كأنه خمن شكوكها :
- لا اعمل شيئا كهذا لزوجتي يا تارا . هذا محتمل لغيرك ، و مستحيل لك .

نظرت اليه نظرة فضول و استيضاح :
- هل تحترمني ؟

تردد قليلا قبل ان يجيب بسرعة و بدون انتباه :
- اكثر من احترامي لاي امرأة من قبل .

ثم قال مشيرا الى الثوب :
- اشتريته هنا في الجزيرة . و هو بقياس الفساتين الاخرى .
- في الجزيرة ؟ هل في الجزيرة مخازن ازياء ؟
- توجد خياطة في القرية ... مارغاريتا . هي التي عملته حسب تصميمي .

ثم نظر اليها و ابتسم :
- سأسمح لك بزيارة القرية اذا وعدتني بعدم الهرب .
- لن أعدك مطلقا ...

كان جوابها دون تردد ، الا انها نظرت اليه بعينين واسعتين و قالت :
- هل تثق بي اذا وعدتك ؟

شعرت كأن قلبها سيقفز من صدرها لشدة خفقانه . فهذه فرصتها .
ستعده و سيثق في وعدها و ستكون هذه طريقها الى الحرية ... زوارق النقل متعددة بين الجزيرة و بيراوس . و هي تراها من بينها .
ضيق فتحة عينيه لأن دهاءه كشف له عن نواياها فقال :
- اذا وعدت يتحتم عليك ان تلتزمي بوعدك .
- ماذا تعني بذلك ؟
- لا شيئ . كل ما هناك انني اثق بك ؟
- اتثق بي ... الى هذا
الحد ؟

هزت رأسها غير مصدقة ما يقول و اضافت :
- لن ترتكب هذه الحماقة !
- اعرف انك لن تخوني وعدك . انا مستعد ان امنحك حريتك اذا وعدتني فقط .

كان يتكلم واثقا . اما هي فلم تجب ، و كان فكرها في دوامة .
هل سيثق بها حقا ؟ يبدو ذلك مستحيلا .
من المؤكد انه لن يعتبرها عديمة الشرف اذا هي وعدته و حنثت بوعدها ، اذ تؤمن ان لها مطلق الحق في عدم تنفيذ وعدها ... و ستفعل ذلك .
ثم تساءلت : هل سيفعل ذلك حقا ... ؟
- و الآن ... ؟

هزت رأسها و قالت :
- كلا . لا استطيع وعدك بذلك .
- ربما فيما بعد .

و تحول الى موضوع الخياطة و قال :
- تملك مارغاريتا مصنعا صغيرا في نهاية الميناء . إبرتها سحرية في العمل .
وانا ادرس امكانية ضمها الى مؤسستي .

توقف قليلا كمن يستريح ثم اضاف :
- ستتعرفين على إلين في حفلة العشاء . انها اجمل و اذكى من جميع نماذجنا .

لم تفهم تارا لماذا اصابتها قشعريرة برد خفيفة في ظهرها .
- اوه ... أهي يونانية ؟
- والدها يوناني و والدتها انكليزية .

و بحركة عادية رفع الفستان و اخذ يتلمس الاجزاء المطرزة فيه .
اعجبت تارا بخبرته حتى في طريقة حمل الفستان بين يديه .
و بدا لها غير ذلك الرجل العنيد المتغطرس .
ثم حول نظره من الفستان الى قوام زوجته الرشيق و الى وجهها و شعرها .
- كان يجب قص شعرك . ذكريني ان اتصل بمصفف الشعر ليأتي غدا .

توهجت عينا تارا و صرخت :
- لن اسمح بذلك . أحب شعري كما هو !

لم يؤثر غضبها فيه فقال :
- شعرك لا يليق بك هكذا و لا بالشكل الذي سألبسك اياه ، و خاصة بهذا الفستان .
- انت تلبسني كما تشاء ؟ هل تعتقد اني عبدة بلا ارادة و ظيفتها اطاعة سيدها و ارضاؤه ؟

و قالت بصوت مخنوق :
- فكر فيما اقول مليا . لن ألبس كما يشتهي الغير .
- تظلين غير أليفة كالقطط . انك لم تلبسي الا ما قدمته لك حتى الآن .
- لأنه لا خيار لي .
- و لذلك ستلبسين ما اختاره لك . و لكن اذا وعدتني بعدم الهروب ستتمكنين من زيارة محلات الازياء في اثينا و ستختارين ما يحلو لك .

كان دمها يغلي في عروقها .
هو يلبسها كما يشاء ! و لكنها امسكت عن الكلام ، غير انها صممت الا تلبس الفستان الذي بين يديه .

و في مساء حفلة العشاء استحمت تارا و اخرجت فستانا آخر من خزانتها .
و لكنها تأملت الفستان الذي يريد منها ان تلبسه فوجدته فعلا غاية في الكمال .
كان بلون القرنفل الزهري له بطانة خضراء خفيفة تظهر من خلال فتحات التطريز .
و كانت اكمامه طويلة تبدأ عند الخصر بثنيات متعددة واسعة .
جربته في الصباح بعد قص شعرها و رأت انه من جمالها ... ادركت ان ليون يملك بصيرة حادة تؤمن النجاح لأي شركة ازياء .
- لن ألبسه ! و لن يفرض ارادته علي !

لبست الفستان الآخر .
وكانت واقفة امام المرآة عندما اتى ليون من الغرفة الثانية يرتدي طقما فخما من الكتان الاخضر الباهت و قميصا ابيض في صدره ثنيات .
و توقف فجأة عندما رأى فستانا آخر بين يديها .
- ماذا جرى ؟ هل حدث شيئ للفستان ؟
- ليس به اي شيئ .

هاهي تثور تفور كما يحدث لها عادة .
- لن البسه ، هذا كل ما في الامر . افضل عليه هذا .

تعرف انها كذبت عليه .
- يا لك من ...

وقف امامها كالجبار و قد اسود وجهه من حدة الغضب و قال مهددا :
- اخلعيه حالا ! هذا ليس فستان سهرة ...
- اعرف ذلك لي شيئ من قدرة التمييز .
- اين الفستان الآخر ؟

كان اهدأ بقليل الا انه كان قلقا .
- في الخزانة . لن البسه .

كانت تقاوم حتى و هي ترتجف .
- اقسم بالله انك ستلبسينه . اخلعي هذا و الا اجبرتك بالقوة .

تراجعت مذعورة و اخذ الدم يتلاشى من وجنتيها و خافت من انه سيضربها .
- اياك و ان تلمسني . انا ...

لم تكمل عبارتها لانه بحركة عصبية مزق الفستان الذي عليها من ياقته الى طرفه الاسفل تقريبا .

و قبل ان تتحرك خطوة واحدة انتزعه عن جسمها كليا فبقيت بملابسها الداخلية .
و اشار بيده نحو الخزانة و صرخ قائلا :
- اريد الفستان الثاني . الآن يا تارا و إلا ...

و بالرغم من غيضها الذي غمرها كالطوفان توجهت الى الخزانة تفاديا لضربة قد يوجهها اليها .
- لا ... لا اريد ان ... ان البسه .

كانت العبرات تخنقها فبكت مثل طفلة .
- ارتديه !

بدأت تلبسه طائعة و الدموع ما زالت تسيل من عينيها .
- حسنا عملت . ان ضيوفنا سيكونون هنا بعد بضع دقائق . فلا تتأخري .

و خرج تاركا اياها في حالة لا تطاق من الغيظ و القهر .
- اكرهه . قد أقتله !

وضعت رأسها بين يديها و اخذت تبكي .
- كيف استطيع ان استمر في حياة كهذه ؟ كيف ؟ آه يا ديفد ... لو استطيع ان ارسل لك رسالة واحدة ...

كفت عن البكاء خوفا من بطش زوجها و غسلت عينيها . كان منظر وجهها بشعا عندما تطلعت في المرآة .

تملكها الغضب مرة ثانية و تغلب على حذرها فأصرت على عدم ارتداء الثوب ، و لن يتمكن ليون منها هذه المرة .
أخذت تنزعه عنها بتمهل .
و بحركات جنونية حاولت تمزيقه و لكنها فطنت الى مقص الأظافر فتناولته و أخذت تمزقه قطعا صغيرة .

دخل عليها ليون و وجدها في عباءة نوم .
- ألست جاهزة بعد ؟

و لكنه ذهل عندما وقع نظره على الفستان الممزق و لم يصدق ما رأت عيناه .
و لتزيد الطين بلة لم تبال بما قد يفعله بها ، فأخذت قطع الفستان و رمته في وجهه .
- قلت اني لن البسه و كنت جادة في قولي . انا البس ما اختاره لنفسي ... يجب ان تفهم ذلك !

كان كله شعلة من الغضب . ازرق وجهه و انتفخت شرايينه فهجم عليها بخفة القط و اخذ يهزها هزا عنيفا سريعا دون توقف جعلها تحس بضربات مطرقة داخل رأسها .
و ظل على هذه الحال الى ان اخذ يلهث من التعب فتوقف .
لكن عباءة البيت و هي خفيفة جدا تمزقت و انزلقت من على جسمها فأخذت تستر نفسها .
- ماذا سترتدين الآن ؟ ليس هناك ما يلائمك .

سمعت اسنانه تصطك و رأته ينظر الى ساعته .
و لم تبال هي بما ترتدي او لا ترتدي ، فقد شعرت بنشوة اول انتصار لها عليه .
كان ليون امام الخزانة يبحث بين الفساتين الاخرى بينما تارا تنتظر و هي تصغي الى الجنادب الليلية بين الاشجار .
و جد ثوبا في نهاية الامر .
كان ثوب سهرة هو الآخر بلون الفيروز الازرق .
كانت تحب هذا الثوب و لكنه ليس على ذوق ليون الذي يريد لها فستانا خاصا لهذه الحفلة .
- البسي هذا . انه افضل شيئ .

اطاعته بسهولة هذه المرة متنازلة عن كل رغبة في القتال بعد نشوة الانتصار ،
و قد يقنعه عملها هذا بانه لا يجب ان يتوقع منها خضوعا اعمى دائما ...منتديات ليلاس

****************

redroses309 10-10-08 03:08 PM

8 - عذاب في الفردوس



عندما نزلت تارا من غرفة نومها كان هناك ضيفان و صلا قبل غيرهما و استقبلهما ليون .
و كان ستاماتي عند الباب و تناول من الفتاة معطفها الفرو .
حملقت تارا في جمال هذه الفتاة التي لا يبدو فيها اي عيب و التي عرفت فيها عارضة الازياء التي تكلم عنها ليون .
كانت الفتاة طويلة و ساحرة في لباسها المكون من فستان صمم ليبرز مفاتن جسمها .
و رأت فيها رمزا لتفوق الانوثة .
و كلما قارنت فستانها بفستان الفتاة ودت لو تختفي عن الانظار نظرا للفرق الكبير بين الاثنين .
صمم ليون فستان هذه الفتاة كنموذج رائع يضفي جمالا على جمال وجهها و جسمها كما يراهما هو .
فهمت الآن شعور زوجها و حماقتها في اتلاف الثوب الذي اراده ان يكون ارقى نماذجه تصميما .

رأت تارا البريق في عيني ليون و هو ينظر الى الفتاة ثم اليها .
- الين ، أعرفك على تارا زوجتي .

مدت الفتاة يدها و هي تلقي نظرة فاحصة بعينيها السوداوين على ثوب تارا .
بالطبع لن تستطيع تارا ان تقرأ افكار إلين التي تعرف كيف تخيفها عند اللزوم .

صافحت تارا تلك اليد و هي تشعر باحساس جليدي يلف جسمها ، فقد احست تارا بعداء هذه الفتاة نحوها على الفور .
- لي الشرف .

قالت إلين ذلك و التفتت الى ليون لتهنئه :
- انها فاتنة حقا ! كانت دهشتنا جميعا كبيرة ، و لم أصدق عندما اتصلت بي لتزف الي الخبر .

رد ليون على ذلك بابتسامة باردة .
ثم عرف زوجته على رفيق الفتاة ،
نيقولاوس كاليرجيس .
كان متوسط القامة ، له شعر اسود كاليل و عينان كستنائيتان .
يناهز الثامنة و العشرين و يملك سفينتي ركاب و مزارع زيتون شاسعة .
تناول يد تارا و احتفظ بها مدة اطول من اللازم .
التقت عيناها بعينيه و تولاها شعور لم تفهم سببه .
إلا انها رأت في عينيه نظرة صداقة فورية كما رأتها في شفتيه الممتلئتين .
- انا سعيد بالتعرف عليك يا تارا .

قالها باخلاص و هو يقفز بنظره من إلين الى ليون .
و توجه بالكلام الى تارا مرة اخرى :
- كيف استطعت التغلب على مناعة هذا الاعزب العنيد ؟

تورد وجهها و لكنها لم تجب ، و هي تعي تماما ان نظرة إلين المترفعة تعني ان ليون لم يتزوجها لنباهتها و ذوقها السليم .

تضايقت تارا داخليا من احتمال نقد إلين لأنها لا تظهر بالشكل الذي يليق بالمقام و هي زوجة لأشهر مصمم أزياء .

وصل ضيفان آخران بعد خمس دقائق و انضما الى باقي الضيوف في غرفة الجلوس حيث كانوا يتناولون المقبلات .
الضيفان رجل و امرأته و هما اكبر سنا بكثير من إلين و نيقولاوس ، و قد احبتهما تارا كما احبت ضيفين آخرين هما جوليا و كرستاكيس ميتاس . لم تمل للاشتراك في الحديث فكانت تتسمع فقط .
و كان آخر الضيوف الذين وصلوا أغني و لوكيس اماخيس ، و أغني هذه لها من العمر خمس و اربعون سنة . و دهشت تارا عندما علمت بأن أغني متساوية مع زوجها حقا و ودت لو تعرف كيف رفعت نفسها الى هذا المستوى في بلد يضع المرأة دون مستوى الرجل .

و عندما قدم ليون زوجته الى لوكيس للتعارف قال هذا الأخير و هو يبتسم في وجهها :
- هذا مثير حقا . ليون متزوج ... و لم يعلم اي من اصدقائه لا من قريب او بعيد بنيته في الزواج .

كان لفظه و هو يتكلم الانكليزية كلفظ زوجته اقرب الى اليونانية منه الى الانكليزية بعكس إلين و ليون اللذين يتكلمانها بطلاقة .
و سألت أغني ليون اذا كانا قد تعارفا مدة طويلة .
و لاحظت تارا ان المتكلمة توجهت بنظراتها الى الفتاة الجميلة التي كانب تجلس منزوية على كرسي قرب النافذة و ورائها الستائر المذهبة التي زادت من جمالها الساحر .
اجاب ليون :
- كانت مدة التعارف قصيرة ، و كانت لحظة من تلك اللحظات التي يحدث فيها الانجذاب المتبادل من اول نظرة .

قال ذلك و هو ينظر الى زوجته التي كانت تعرف ان ذرة من كلامه لم تكن صحيحة .
و الصحيح هو ان الذي انجذب و هي التي نفرت منه عند النظرة الاولى .
و تابع ليون كلامه قائلا بصوته العذب :
- و لهذا السبب لم يكن امامنا سوى الزواج .

اطبقت إلين شفتيها و مالت الى الامام فتناولت سيكارة من العلبة .
تساءلت تارا كم من المرات قامت إلين بهذه الحركة قبل الآن .
و اسرع ليون فأشعل لها السيكارة .
و لاحظت تارا كيف تقابلت أعينهما .
و لكنها لم تلاحظ فيها اي تعبير خاص .

كانت حفلة العشاء هانئة و كان نيقولاوس الجالس قبالة تارا يحادثها معظم الوقت بالرغم من النظرات الخفية التي كان ليون يرميه بها .
رأت تارا تلك النظرات إلا انها لم تعبأ بها فتابعت حديثها مع نيقولاوس الذي فضلته على الضيوف الستة .
و ما اتت السهرة على نهايتها حتى قام بينهما نوع من الرباط لم يعرفا مدى قوته أو تأثيره في هذه المرحلة .
إلا ان تارا كانت متأكدة من انهما سيلتقيان مرة ثانية ... و لكن وحدهما ...
وكما توقعت كان ليون غاضبا .
اذ ما ان رحل آخر الضيوف حتى عاتبها على استفراد نيقولاوس دون باقي الضيوف في الحديث .
و اتجهت تارا بفكرها الى إلين التي استفردت زوجها في عدة مناسبات و غازلته بغاية لفت نظره الى الفارق بين مظهرها ومظهر زوجته .
غضبت تارا هي الأخرى دون ان تعرف الدافع ، فهي لا تغار من الالفة الموجودة بينه و بين إلين الجميلة .
- قمت بمتطلبات المجاملة اللطيفة . الا تتوقع مني ذلك ؟
- كنت اتوقع منك ذلك تجاه الجميع . و لكنك كرست وقتك لنيقولاوس فقط .
- اي عمل اقوم به لا يعجبك . اعلمني و لو مرة واحدة بعمل يروق في عينيك حتى اسجله .
- انتبهي . مزاجي لا يتحمل اي شيئ الآن .
- كان نيقولاوس لطيفا و ظريفا ، و في كل الاحوال اظرف من صديقتك إلين .

لم يظهر على وجهه اي انفعال غير انه سألها :
- الم تهتمي بإلين ؟
- كلا ، لم اهتم . كانت تنظر الي كأني أدنى منها مستوى .
- هذا بسبب فستانك ...
- و من اشترى هذا الفستان لي ؟
- و لكن ليس لمناسبة كمناسبة هذه الليلة . و لكل مناسبة فستانها الخاص ، و هذا ما يجب ان تتعلميه .
- هذا سخيف . يلبس الانسان ما يروق له .
- انت زوجتي و يجب ان تكوني مثالا للغير ، و ان يكون ملبسك في منتهى الكمال شكلا و لونا و زيا .
- هذا حديث الخبراء ! كنت فتاة عاملة دفعتني الى هذه البيئة ... التي اكرهها !
- كاذبة !

كان مزاجه هادئا و متزنا مما اثار اعجاب تارا .
كم تتمنى لو تحظى بقوة ارادة كقوة ارادته في ضبط الاعصاب .
- اشعر اني اريد ان اذهب للفراش .
- هذه مبادرة تعجبني .

لم تفكر في ما فكر به و قالت بغضب ظاهر :
- اريد ان ابقى وحدي ... و لو مرة واحدة .
- كاذبة !

و لم يترك لها الوقت لتتكلم اذ اخذها بين ذراعيه و عانقها بضراوة قائلا :
- نعم يجب ان نذهب للفراش .

وقفت تارا عند النافذة تنظر الى الافق البعيد .
هناك ما وراء الافق ، وطنها انكلترا و ديفد ... اخذت افكارها تجول هنا و هناك و تذكرت شيئا قالته إلين عندما كانتا جالستين معا على الديوان في احدى لحظات الحفلة :
- لم يتوقع اي منا ان يتزوج ليون بهذه السرعة ، و الكل يأمل ألا يندم على ذلك .

كان هذا الكلام مع صراحته دون اي تأثير على تارا .
ان علاقة إلين بليون اكثر من عارضة ازياء بمصمم ازياء .
تبين لها الآن كيف كان الضيوف ينظرون اليها بلطف و اعجاب و ربما يتساءلون عما وجد ليون في هذه الانكليزية حتى يتزوجها بهذه الصورة المفاجئة .

و كان نيقولاوس وحده الذي انسجم مع تارا منذ اللحظة الاولى و ربطت اسمه بفكرة الهرب .

قال لها اثناء الحديث انه يملك يختا متينا و هو موجود في الميناء .
و تمنت لو تستطيع ان تميز يخته بين الزوارق و اليخوت الراسية هنالك .
و أملت في ان يعيدها هذا اليخت يوما ما الى حريتها .
كان الميناء يتلألأ بأنوار الزوارق و اليخوت و في خارجه تحوم زوارق الصيد .
و حين يطل القمر من بين الغيوم يحول سطح الماء الى مرآة لامعة تتخللها ظلال يلعب بها النور في سحر طبيعي خلاب .
كان من سمى هذه بجزيرة الفردوس على حق .

فتحت تارا النافذة فوصل الى أنفها أريج الازهار الذي كان يختلط برائحة شجر الصنوبر .

و فجأة رأت نفسها تنتقل الى عالم لا نهاية له حيث لا توجد اشياء حقيقية او اشياء حسية .
ديفد ليس موجودا و الهرب لم تعد له تلك الاهمية .
كما لم تعد اهمية للماضي او للمستقبل .
و لكن في الوقت نفسه احست بوجود شيئ حقيقي في الغرفة .
استدارت و رأت زوجها واقفا على مسافة قصيرة منها بوجهه الجميل و قده الرشيق .
و لاحظت ان عباءة النوم التي كان يرتديها لم تكن مزررة من الامام فكشفت عن صدره .
تلون وجهها عندما واجهها بسؤال وجدت فيه قوته السحرية كلها :
- ألست مستعدة لي يا زوجتي ؟

تنهدت و هزت رأسها بالنفي .
و لكنها لم تقاومه عندما جذبها اليه .
- هل ما زلت عند قولك بأنك تفضلين البقاء وحدك الليلة ؟

كانت عيناه تأكلانها أكلا و ابتسامته تدل على انه يتوقع كالعادة ان يتغلب على اية مقاومة قد تبدر عنها .

كانت تكره هذه النظرة كما تكره ضعفها و استسلامها لسطوته السحرية .
و تشمئز من شعوره بالنصر على ارادتها و حرية التلاعب بها كالعجينة دون ان يلقى منها حتى ارادة في صده .
- اجيبيني يا تارا !

كان يصر على سماع ردها .
رفعت اليه عينين رأى فيهما توسلا كي يتابع ما هو ناو عليه .
- لا يا ليون ... لا اريد ان ... ان ابقى وحدي ...

* * *

ماذا جرى لها ؟ سألت نفسها هذا السؤال عندما امرها زوجها بارتداء لباس سباحة من نوع خاص فأطاعته .
اذا كانت تقاومه في السابق بعقلها اصبح عقلها مستسلما لجسمها الآن و مع مرور الزمن و تكرار هذه الطاعة العمياء تخشى تارا الا تستطيع ابدا الرجوع الى الوراء .
تعرف قوة جاذبيته لها و قوة جاذبيتها له و هذا هو موضع ضعفها .
اذ انها تقاومه في وضح النهار و لا تفكر بمقاومته في هدوء الليل ، و لكن مقاومتها بدأت تخف حتى في وضح النهار .
و ليون يعرف متى و كين يجعلها تطيع كعبدة بلا روح .
و يعرف انها عندما تكون بين ذراعيه تطيع كل امر يصدره اليها .
و لكن هل يعرف انها تخافه و تخاف استبداد اوامره في النهار ؟

امرها الان و في وضح النهار بأن ترتدي لباس السباحة و رأت عينيه تحدرانها من الرفض ، ففكرت بضعف مقاومتها الجسدية و الالم الذي تشعر به كلما هزتها يداه القويتان من كتفيها .
و مع ذلك كانت تتصدى له .

اما الآن فقد وصلت مقاومتها الى ادنى حد تستسلم ليس فقط بالجسم بل بالعقل و الروح ايضا .

و لأنها عبست عندما أراها ثوب سباحة اصغر من قبضة يدها اراد ان ينتقم منها و يبرهن لها على انه هو السيد المطاع .
فأرغمها على ان تلبسه امامه .
اعجبه الثوب و قال لها :
- انزلي الى الحديقة الآن ، و لكن لا تتعرضي للشمس كثيرا .

سألته اذا كان سيأتي هو ايضا ، و تمنت ان يرفض لأنها تفضل ان تبقى وحدها في الحديقة ، فالوحدة بلسم لها عندما تختلي بذكرياتها الماضية .
بدا لها في كثير من الاحيان انها تستطيع ان تنسى ديفد و مأساة اختطافها و زواجها بالقوة .
و لكنها لم تستطع هضم فكرة ان يتخذها ليون مرافقة له اذا هي رفضت الزواج منه فيقذف بها الى الشارع متى شاء اذا ضجر منها .

فاذا كان ليون لا يجد فرقا بين امرأة في بيته تكون زوجة له و امرأة تسلية ، فلماذا تزوجها اذن ؟
منتديات ليلاس
قطع صوته تأملاتها عندما قال انه مشغول في مكتبه .
و لكنه كان ينظر اليها بتشوق ، و رنت في اذنها عباراته التي تقول بان جسمها ملك له و له الحق في التصرف به كيفما يشاء .
و تساءلت اذا كانت نظراته تعني انه يفكر في امتلاكه لها في تلك اللحظة .
اذا كان هو مستعدا فلم تكن لها اية رغبة في ذلك .
و لكي تتخلص منه اخذت تبحث عن عباءة الحمام .
و عوضا عن ان يدلها عليها اخذها وضمها اليه و لم يتركها .

كانت متمددة على كرسي بحري طويل عند المسبح حيث يصل الى سمعها أزيز الحشرات في اغصان الاشجار و صوت معول البستاني و هو يعمل هنا و هناك من حولها و هو يراقبها كي لا تهرب حتى في ثوب الحمام و العباءة التي لا تستر كثيرا .

مضى عليها نصف ساعة و هي مسترخية متناعسة عندما افاقت على صوت زوجها .
- رائعة ! رائعة جدا !

ابتسم و لأول مرة ترى على وجهه هذه الابتسامة .
- هل استطيع مجالستك ؟
- من يمنعك ؟

و اشارت بيدها الى كرسي طويل آخر يبعد عنها قليلا .
لم تعجبه طريقتها في استقباله و قال بعد ان تلاشت الابتسامة :
- لا تكوني كالكلبة . من الواضح اني غير مرغوب فيي هنا .

قال ذلك و جلس .
كان لابسا سروال السباحة و قميصا بسيطا لا يغطي عضلات ذراعيه و صدره .
حتى و هو في هذا اللباس كان مميزا .
نظرت الى عينيه الحادتين و وجهه البرونزي و فكيه اللذين يذكرانها بفكي تمثال اغريقي قديم .
و نظرت الى فمه و شفتيه الممتلئتين .
و دون ان تفكر وجدت نفسها تقارن بينه و بين ديفد ، و لم ترى فيهما نقاطا مشتركة ... لا يستطيع الانسان ان يقارن النمر بالجمل .

فكرت في ان توجه له سؤالا يراودها منذ مدة :
- لماذا تزوجتني يا ليون ؟

و لما اكتفى بالنظر اليها بحدة دون ان يجيب ، اضافت :
- لم تكن بحاجة الى الزواج .

كانت تتفحصه بانتباه كبير .
- كنت تمتلكني حتى قبل الزواج ، و كان في امكانك و انا في قبضتك ان تتسلى بي بغير زواج و تتخلص مني متى وجدت واحدة غيري .

كان ينظر الى البستاني الذي له وجه لا يدل على اي انفعال او عاطفة .
- الاحتفاظ بك من دون زواج كان مستحيلا في هذه الظروف .
- ماذا تعني بذلك ؟
- لا تنسي اني اختطفتك . فاذا ابقيتك في بيتي بغير زواج و من ثم تخلصت منك تستطيعين سجني . اما الآن فلا مجال لك باتهامي بأي شيئ و لذا كان الزواج ضمانة تحميني من المتاعب .
- ماذا تعني بقولك انه ليس لدي اي قضية او شكوى
ضدك ؟
- انت تزوجتني بارادتك و انت الآن زوجتي ... ماذا تستطيعين ان تفعلي فيما لو تمكنت من الافلات مني ؟
- سأذهب الى الشرطة طبعا .
- هذا لن يفيدك لأنك وعدتني بالزواج ، أنسيت ؟ و تزوجتني و لم تحتجي او حتى تتذمري .
- انت لست بهذا الذكاء كما تعتقد . سأنال منك يوما .
- اما زلت تحلمين بالهرب ؟
- طبعا .
- ما أحمقك ! ألم تفكري بأنك حامل ؟

نظرت اليه و الدم يصعد الى وجهها .
- كلا ، لا ... ماذا يؤكد لك ذلك ... ؟
- انا لست ابن البارحة . انت سجينة هنا يا تارا ... الى الابد .

كادت تبكي لأن تأكيده أخافها .
وبدأت تصدقه بالرغم من ميلها الى انكار هذه الحقيقة .
اين العدالة في كل هذا ؟ لماذا فرض عليها القدر هذا الزواج الملعون ؟
- لو تعلم كم اكرهك و تقدر ذلك لتركتني اذهب حالا .

تجاهل زوجها بكاءها و نحيبها و شبهها بطفلة تبكي ، الا انه شعر بشيئ من العطف نحوها و رأت الشريان إياه يتحرك في عنقه . فقال :
- اذا وعدتني بما اريد يا تارا فسأطلق لك كل الحرية على هذه الجزيرة . اما و الحال كما هي عليه الآن ، لا اسمح لك و لو بشبر واحد خارج بيتنا . كوني عاقلة و عديني .
- انت قلت انني سجينتك ... بدون اي شك ، فلماذا تصر على الوعد ؟
- لا اريد ان اجازف بأي شيئ قبل ولادة الطفل . لأني اعرف تماما انك لن تتخلي عن طفلك و اعرف ايضا انك اذا وعدت فلن تحيدي عن وعدك ، و قلت ذلك سابقا .

اخذت تتأمل فيما قال . لو تستطيع الهرب قبل ولادة الطفل ... قالت لنفسها : " لن ألد طفلا ! سيدمر ذلك حياتي ... و لن يقبل ديفد طفل رجل آخر و لن يتزوجني " .

قال ليون متحولا الى موضوع آخر :
- انا ذاهب الى اثينا في الاسبوع القادم ، و سآخذك معي اذا اعطيتني هذا الوعد .

كان ينظر اليها بعينين متسائلتين و فيهما أمل بأنها سترد بالايجاب .
هزت رأسها و قالت انها لن تتمسك بأي وعد .
- انت أعند امرأة التقيت بها . اريد ان آخذك معي .
قالت باحتقار :
- لماذا كل هذا الازعاج ... ؟ الا تستطيع ان تجد احدى شعلاتك القديمات و تدعوها لتأتي معك ؟

لمعت عينا ليون كجمرتين تشتعلان .
- عودي الى البيت !

نهض و انهضها معه .
- سئمت كل هذا . ستشعرين بثقل يدي على جلدك بسبب ما قلت الآن .

كان يجرها جرا و كانت تعرف ان البستاني يتبعهما بنظره .
فلم تحاول تارا ان تقاوم .
الا ان قلبها كان يدق بسرعة هائلة و وجهها يشحب خوفا من ان يضربها بالرغم من انه لم يلجأ الى هذه الوسيلة مهما هدد .

لم تتوقع رحمة او شفقة هذه المرة بعد خبرتها السابقة مع بطشه .
فكرت في ان تتوسل اليه و لكن التوسل يقرفها .
و يقرفها اكثر من ذلك عندما تنكمش على نفسها من الخوف .

دخلا غرفة النوم و أغلق الباب خلفه بعنف .
و وقف امامها بقامته الطويلة و منكبيه العريضين و وجهه المخيف .

و لما تركها ابتعدت عنه و ركضت نحو النافذة و ظهرها الى الحائط كحيوان يحاصره عدوه و يستعد للانقضاض عليه .
رأت انه من الافضل ان تتوسل اليه اذ انها فقدت شجاعتها .
- ليون ... ارجوك ... لا تؤذني !
- تعالي الى هنا !

قصف صوته كالرعد و احست ان قلبها سيتوقف .
فوضعت يدها عليه و الدموع تهطل من عينيها بغزارة .
اطبق أسنانه و اشار الى قدميه :
- هنا ! أقسم بالله ، سأجعلك تندمين اذا لم تأتي !
- أ ... أنا ... لا استطيع ... اوه ، ليون ، ارجوك ...

لم يقل شيئا . و لكنه استمر يشير الى المكان عند قدميه .
كان السكون في الغرفة يزيد من عذابها و ذلها و غطى العرق جبينها و يديها .
- سأفعل كل ما تطلبه مني ...

توقفت عن الكلام .
و رغم ان ما ستفعله الآن هو اصعب شيئ لديها فقد اعتذرت لما قالت ، و لكنها لم تتوقف عن البكاء ما دام بقي خوفها منه قائما .
و بقي اصبعه يدل على نفس الموضع .
بدأت تجر نفسها جرا و الرعب يثقل مشيتها .
كان يبدو عليه انه مستعد لا لضربها فحسب بل لقتلها .
وفجأة تساءلت لماذا هذه المبالغة في غضبه ... أقر بأن له صديقات ، فلماذا ثار و غضب لمجرد قولها هذا له ؟ و قال لها ايضا انه يحترمها اكثر من أي امرأة اخرى .
فهل يعني غضبه انه يريد ان ينساهن ؟ تملكت منها هذه الفكرة فتابعت مشيتها و هي تحملق فيه متناسية انه ربما يمسك بها و يضربها .
و اذا كانت نيته ان ينساهن ، فهذا يعني انه ... لا ، هذا غير ممكن ، غير ممكن انه بدأ يتقرب اليها و يستحبها ... الم يقل مرارا و تكرارا انه لا يؤمن بالحب ؟
- و اخيرا ، قررت ان
تعتذري ؟

فقد صوته قليلا من قوته و رأت ان غضبه كان أقل حدة .
- لقد انقذت نفسك .

بدأت اعصابها تتمدد و تسترخي و ضربات قلبها تخف .
- اظهرت حكمة و تعقلا ، و بالفعل هذا خير ما عملت .

كانت انظاره تحتويها كليا كالهواء المحيط بكل شيئ .
شدها اليه بقوة و قال :
- قلت لك انك انقذت نفسك من الضرب ... و لكن ليس من عناقي !

ظلت تبكي و تتألم من هذه المعاملة غير الانسانية ، و كان بكاؤها ناعما و هي بين ذراعيه ، مستسلما للهزيمة امام المنتصر ، السيد ، المستبد .
و في لحظة الألم و المذلة قررت ألا تعاكسه و هو بهذه القوة التي كادت تهلكها و جعلت صدغيها تضربان مثل الطبل .
لماذا تسلك هذا المسلك ؟ كانت غريزتها في البقاء تستوجب المقاومة و الأخذ بالثأر .
الكرامة هي التي تدفعها للقتال و لكن زوجها عراها من كل كرامة عندما دفعها الى الاعتذار له .
- سأروضك . فاذا كان اليونانيون لا يتحملون العصيان من الرجال فكيف بالحري من النساء ؟ انت امرأة لي في هذا البلد و بهذه الصفة ستقدمين لي كل طاعة و احترام .

ورفع رأسها لتنظر في عينيه و قال :
- هل كلامي واضح ... يا زوجة ؟

اجابته بصوب بدا غريبا حتى في سمعها هي :
- نعم . نعم يا ليون . كلامك واضح تماما .
- هذا حسن ! ربما سيكون عيشنا معا اكثر هدوءا بعد الآن .

كانت تخضع له و تستسلم بمذلة لم تعرفها من قبل .
- انت تريدينني .

أرغمها على قول ذلك و هي تعرف ان كل حركة و كل كلمة يقصد منها اذلالها و اخضاعها و كسر عنفوانها .
حملها و مددها على السرير و في لحظة لم ينتبه لها فرت من بين يديه كالغزال و احتمت في الغرفة الثانية .
و لكن لسوء حظها كان مفتاح الباب من جهته هو و لم يكفها الوقت لفتح الباب و نزع المفتاح .
اذ كان ليون أسرع منها فحملها الى السرير مرة ثانية حيث فقدت كل روح للمقاومة و عادت عبدة له لا حول لها و لا قوة ...


*******************

redroses309 10-10-08 03:10 PM


9 - لن أراك ابدا



كانت تارا وحدها في الحديقة عندما اتى دافوس أحد الخدم ليقول لها ان شخصا يدعى نيقولاوس يرغب في مقابلة السيدة ليون .

انتفضت تارا و لكنها كانت بغريزتها تتوقع ان تلتقي به ... على انفراد .
- ادخله الى غرفة الجلوس و قل له اني سأكون هناك بعد خمس دقائق .
- حسنا يا سيدتي .

نظرت الى البستاني و ابتسمت .
لم يطلب ليون الى اي من الخدم ان يكون حاضرا اذا استقبلت زائرا لأنه لم يتوقع زيارات خاصة بها .

كانت متأثرة جدا و هي تغير ثياب السباحة الى ثوب فيه ثنيات و له طوق أرجواني عند فتحته السفلى .
هذا واحد من عدة أثواب اشتراها ليون من محل مارغاريتا قبل بضعة ايام ، كلها جميلة .
بالاضافة الى بلوزات و تنانير و ألبسة داخلية حريرية .
و قفت تنظر الى نفسها في المرآة بعد ان استعملت احمر الشفاه و العطر .

لماذا اتى نيقولاوس ؟ هذا يعني انه يعرف بغياب ليون .
نهض عندما دخلت و نظر الى لباسها الجميل بإعجاب .
- تحياتي يا تارا !

مد كلتا يديه و رأت ان لابد من مد يديها و وضعهما فيهما .
- عرفت ان ليون ليس هنا فأتيت لأراك . لماذا لم تذهبي معه ؟
- هو مسافر في عمل و انا في الحقيقة لا اهتم بهذه الامور .

لم ترد ان تدخل في تفاصيل عدم ذهابها و اشارت اليه ليجلس و جلست هي بالقرب من النافذة .
كانت خجلة فلم تبدأ بالكلام ككل ربة بيت عندما تستقبل زائرا .
خاصة انها و نيقولاوس ما زالا غريبين ، ان كلا منهما يشعر بوجود هذا الرباط الذي قام بينهما في حفلة العشاء .
كان ينظر اليها دون ان يتكلم ففكرت في ان تطلعه على حياتها الآن . اذ أن شيئا فيها كان يقول لها انها ستفعل ذلك يوما . فلماذا التأجيل ؟

كيف تبدأ ؟ تلزمها مقدمة اما من عندها او من عنده .
و لكن كان كلاهما مرتبكين و افكارهما مشوشة .
و تنفست الصعداء عندما بادرها نيقولاوس بسؤال عن ظروف تعارفها بليون .
- كان هذا السؤال نفسه على طرف لساني في حفلة العشاء . و لكني اعرف ان ليون لا يحب الاجابة على اسئلة كهذه او حتى التفكير فيها .
- التقينا عندما كنت اعمل ممرضة في احد المستشفيات و صدف ان كان ليون مقيما في احد الغرف بعد ان تعرض لحادث سيارة .
- من الغريب حقا ان يسرع ليون في الزواج منك بعد هذه المدة القصيرة من تعارفكما .

ضحكت تارا و ندم نيقولاوس على عدم لباقته في توجيه هذه العبارة .
- آسف ! يجب ان افكر جيدا قبل الكلام و الا ابتعدت عن الاصول .
- هذا لا يهم . و قد أتيت لأنك تسر برؤيتي كما قلت .
- شيئ من هذا القبيل . رأيت ان اراك في وحدتك بعد ان رفضت الذهاب مع ليون الى اثينا .
- فعلا كنت اشعر بالوحدة . و انا مسرورة بمجيئك و كان لطفا منك ان تفكر فيي .

كشفت عيناه عن سروره و ترحيبه بما قالت :
- في المسألة سر غامض ، الا تعتقدين ذلك ؟
- سر غامض ؟
- في زواجك من ليون ...

توقف عن متابعة كلامه غير ان تارا شجعته على المضي لأنها تريد ان تعرف المزيد ، فقالت :
- تابع ، ارجوك . يهمني ما ستقوله .
- لذا كنت محقا في قولي عن وجود شيئ غير واضح .
السر هو ان ليون و إلين كانا صديقين حميمين طيلة السنة الماضية و كان الكل يعتقد بأنهما سيتزوجان في نهاية الأمر . و من ثم سافر فجأة الى انكلترا في رحلة عمل و عاد منها بعد تسعة ايام برفقتك . و كانت الايام التسعة هذه مدعاة استغراب لدى كل من يعرفه من اصدقاء و رجال اعمال و مستخدمين . كان مسلك إلين متزنا اثناء حفلة العشاء و لكنها ثارت عندما اتصل بها قبل ذلك ليعلمها بزواجه .

كانت تارا و هو يتكلم تحملق فيه و تفكر مليا فيما يقول .
- هل تشاجرا ؟
- اظن انه كان بينهما جدل او عتاب . إلين جميلة جدا و الرجال يلاحقونها . سمحت لواحد منهم فقط ان يرافقها في سهرات او ما شابه ذلك .

هز نيقولاوس كتفيه و رفع يديه و قال :
- انها مجرد اشاعة سمعتها و قد تكون صحيحة او مختلقة . انا اعرف تماما ان إلين كانت تجتذب ليون اكثر من غيره ...

قطع حبل كلامه و لام نفسه لأنه لم يكن لبقا في عبارته الاخيرة .
- اعرف ان في حياة ليون غيري من النساء . هذا متوقع ، أليس كذلك ؟
- بالطبع ، و لكن ليس من اللائق ان يذكر الانسان هذه الاشياء امام زوجته .
- ما عليك من هذا . كلمني عن إلين .
- كما قلت . انزعجت إلين كثيرا .

وقبل ان يتابع نظر في تارا مليا و سألها :
- هل تريدين فعلا ان تعرفي المزيد ؟
- نعم ، يا نيقولاوس . اريد .
- تعتقد إلين انه تزوجك ليستغلك فقط .
- افهم من ذلك انها واثقة من ان ليون مازال يحبها .
- كنا نعتقد جميعا انه كان يحب إلين .
- ليون ليس من اولئك الرجال الذين يقعون في الحب .

لم ترفع نظرها عن نيقولاوس لترى ردة فعله ، فكان ان رفع حاجبيه فجأة .
و من ثم اومأ برأسه ليس موافقة منه على ما قالت و لكن كمن اكتشف شيئا فقال :
- اذن فهو لا يحبك ؟
- لا يحب أحدنا الآخر .

خرج جوابها من فمها عفويا و عليها الآن توضيح الامر . كانت مترددة في فتح قلبها له و طلب مساعدته لكنها ستحاول .
- ما هي ظروف طلب يدك ؟

تمهلت قليلا خشية اطلاعه على كل شيئ قبل ان تتأكد من قوة الصداقة بينه و بين ليون .
كانت تخشى ان يذهب الى ليون و يكشف له عما قالته له كدليل على اخلاصه .
و لن ينتج عن ذلك الا اضطهاد لها من ليون لا تعرف مداه . و لاحظ نيقولاوس وجهها فقال لها انه شاحب و سألها اذا كانت تشعر بشيئ .

اومأت برأسها و بقيت مترددة ، و في النهاية سألته :
- هل الصداقة بينك و بين ليون متينة ؟
- لسنا صديقين حقيقيين ، و لكن بما اننا نعيش على هذه الجزيرة فمن الطبيعي ان يتعرف الناس بعضهم على بعض و يتلاقوا في المجتمعات . و عدا ذلك لا شيئ يجمعنا . تملك إلين بيتا فخما هنا و لكنها تمضي معظم وقتها في اثينا حيث تعمل عارضة أزياء للمؤسسة الشهيرة التي يرئسها ليون .

توقف و كان يتفحص وجهها و هو يقول :
- يمكنك ان تثقي بي يا تارا . اشعر انك تبحثين عن شخص تثقين فيه ، و من حقك ان تتحفظي . ألم تشعري بأن هناك ... كيف يمكنني وصف ذلك ، نوعا من التقارب او الرباط مثلا ؟
- هذا ما شعرت به يا نيقولاوس ! و انا مسرورة انك شعرت بنفس الشيئ .
- و هكذا فنحن صديقان ؟
- نعم ، نحن صديقان .
- اذن تستطيعين الاجابة على سؤالي دون ان تخشي شيئا .
- ان ليون لم يطلب يدي .

قالت ذلك بصوت هادئ و ابتسمت لانه دهش من كلامها .
- لم يطلب منك ان تتزوجيه ؟
- لن تصدق القصة التي سأسردها عليك يا نيقولاوس .
- و لا اعتقد انك ستكذبين . و اذا اختلقتها فلن تفيدك .
- طبعا لا تفيدني . و قول الحقيقة هو الذي يفيد .

صمتت و لم تقل شيئا و كان نيقولاوس صامتا هو الآخر ينتظر .
في النهاية تغلبت على ترددها فأخذت تسرد قصة حياتها مع ليون منذ الساعة الاولى حتى لحظة وجود نيقولاوس عندها .
و كان نيقولاوس و هو يستمع اليها يبدي دهشته و اشمئزازه او غضبه تحت تأثير عباراتها .

قال و هو لا يصدق ما يسمع :
- اذن قام بخطفك !

ثم اضاف :
- يا آلهي ! لن يصدق أحد هذا التصرف من ليون . انه شخصية معروفة و محترمة في العاصمة ... لا اصدق ذلك يا تارا !
- أذكرك بما قلت من انك لا تعتقد انني سأكذب .
- اعرف ...

كان ما يزال تحت تأثير الذهول ، يرفع حاجبيه و يعبس و يرفع علامة استفهام بين عينيه محاولا بذلك اقناع نفسه بتصديق ما يسمع .
- هذا يحدث يوم زفافك . انه لرهيب حقا ! لا بد ان قلبك تحطم !
- تحطم ، و أصابني رعب شديد !
- و هل تغلبت على كل ذلك الآن ؟
- تلاحقت الامور فأصبح الماضي ضبابا و ابدو كأنني لا احيا الا في الحاضر . ديفد حقيقة واقعة كثيرا من الاحيان و يصبح نسيا منسيا كثيرا من الاحيان ايضا .

و لكنها لم تذكر لنيقولاوس انها تنسى وجود ديفد فقط و هي بين ذراعي ليون .
- انت سجينة هنا ؟

نظر من النافذة و رأى الخادم دافوس يعمل في الحديقة بالقرب من النافورة .
- نعم ، انا سجينة ، و يريد مني ليون وعدا قاطعا بعدم الهرب مقابل رفع الرقابة عني .
- أي شيطان سكنه ؟ هل كان حبه لإلين بهذه الدرجة ليتزوج اول امرأة يقع نظره عليها ؟

- لا أصدق اني اول امرأة وقع نظره عليها . لا تنس انه سافر من اليونان الى انكلترا .
- ذهب الى انكلترا في رحلة عمل و كان يجب ان ترافقه إلين . و لكن لا افهم دوافعه الى هذه الجريمة . فإذا كان فقط يريدك ، كان بوسعه ان ...

توقف نيقولاوس مرتبكا ، و انقذته تارا من وضعه بعرضها عليه ان يتناول مرطبا او شيئا آخر .
طلب مرطبا و اتت به خادمة حسب طلب تارا ، و تناولت هي شرابا مرطبا ايضا .
- اني اتساءل لماذا قام بكل ذلك في حين كان ...

لم يكمل و هز كتفيه . فاكملت تارا عنه :
- في حين كان باستطاعته الحصول عليه بدون زواج ؟ كلا يا نيقولاوس . اوضح لي ليون انه خاف من عواقب الاختطاف اذ سيلاحقه القانون عندما يمل مني و يرذلني فأذهب الى الشرطة .
- تستطيعين عمل ذلك الآن .
- نعم ، اذا تمكنت من الهرب و لن يعطيني حرية التنقل بدون ذلك الوعد .
- و لماذا التمسك بالوعد ؟ اعطيه الوعد و اهربي .
- لا يمكنني التراجع عن كلمة الشرف يا نيقولاوس .
- اذن انت مجنونة ! لا يجب ان ترتبطي بوعد كهذا !
- سأرتبط ، و ليون يعرف ذلك .

نظر اليها بإعجاب و تقدير فاحمر وجهها و لاحظت شريانا يخفق في عنقه .
- انت امرأة مدهشة . اتمنى لو ...
- نعم ؟
تساءلت و الأمل يحدوها .
- لو استطيع ان استحبك و اتقرب اليك كثيرا يا تارا .
- هل تساعدني في الهرب يا نيقولاوس ؟
- تهربين و تعودين الى خطيبك على ما اظن .

كان صوته هادئا و اجوف .
و فكرت في احتمال كونها حاملا فقالت :
- لا اعلم . قد لا يقبل بي بعد زواجي من شخص آخر .

فكرت في ديفد و لكنها فشلت في تصوره كما كانت تفعل في السابق .
و الاغرب من ذلك انها وصلت الى حالة نفسية لم تعد تدفعها الى الحزن و اليأس ، و لو انها تأسف لذلك .
- عليك الحصول على الطلاق او على الغاء الزواج كليا ، و هذا يتطلب الكثير من الوقت .
- كل همي الآن هو الهرب من هذه الجزيرة . و بعد ذلك سأقرر مصيري ، فهل ستساعدني ؟

كان ينظر اليها و كانت تعرف ان صراعا قويا في داخله .
- اذا وشيت بليون الى الشرطة ستدمرين حياته .

كانت تهز رأسها حتى قبل ان ينهي كلامه .
- لا استطيع ان اشكوه الى الشرطة يا نيقولاوس .
- الا تريدين الانتقام ؟ كيف ؟
- كنت اريد ذلك من قبل ، و ليس الآن .
- هل وقعت في حبه ؟
- ابدا !
- كثيرات وقعن في حبه . له جاذبية خارقة .

لم تعلق بشيئ و لكنها اقرت في داخلها بحقيقة ذلك ، و هذه الجاذبية غير الطبيعية هي التي جعلتها تستسلم ، فكيف بها تنكرها في نفسها الآن ؟
- أعد بأني لن أقدم شكوى بحقه . ساعدني يا نيقولاوس ، ارجوك .
- اعتقد ان من واجبي ان اساعدك ، لكن ليون سيكتشف ذلك .
- كيف ؟
- هل هناك طريقة اساعدك بها دون ان يدري ؟
- بكل أسف لا . لكن نستطيع كلانا ابتكار طريقة ما .

كانت متهيجة و عصبية ، و هي متأكدة من مساعدة نيقولاوس لها بسبب الرباط الذي يجمع بينهما .
- لن يكون ذلك سهلا .

رأيا فجأة ظل طير على ارض الغرفة .
فنظرت تارا الى الخارج و رأت دافوس مع احد البستانيين .
و كرهت حتى خدم ليون الذين يلاحقونها بلا انقطاع .
- اعلم صعوبة المهمة ، و لكني سأجن اذا لم اهرب يا نيقولاوس .
منتديات ليلاس
تململ في مقعده .
- انها مشكلة كبرى . من البديهي انه اصيب بالجنون حتى يرتكب عملا كهذا ! هذا ليس من صفاته ، انه رجل متزن يحترم القانون .

و عندما رأى حاجبي تارا يستغربان قال :
- قال لي انه سيبقى حتى يوم السبت .
- امامنا ثلاثة ايام بعد ... و لكن كيف نتخلص من هؤلاء الحراس ؟
- لا اعرف . اعتقد ان دافوس ينام في الممشى و يصعب تخطيه اذا خرجت من الغرفة .
- تأكد لي الآن ان ليون معتوه !

تارا تعرف انه ليس معتوها . و ان السبب كل ذلك يكمن في انه يريدها .
- ربما استطعت النزول من النافذة اذا اتيت انت بعد ان يكون الجميع قد ناموا و وضعت سلما لي .
هنالك الكثير من السلالم في غرفة العدة في آخر حديقة الفواكه ... هل تستطيع عمل ذلك يا نيقولاوس ؟
- هذا ممكن .
- لست متأكدا اذن .
- المشكلة هي اني لن اراك ابدا بعد مغادرتك للجزيرة .

عضت على شفتها و قالت :
- انا اطلب منك المساعدة دون ان اقدم لك شيئا مقابل ذلك .

تبللت عيناها و لكن بدون دموع ، و اضافت :
- انا مقصرة اليس كذلك ؟ قد تأخذني مثلا في يختك الى بيراوس ... طبعا ، اكون قد ظلمتك و تركتك بدون مكافأة .
- قلت انك لست متأكدة من الرجوع الى خطيبك .
- اني اعرف ما تفكر فيه يا نيقولاوس ، و لكن يجب ان اصارحك باخلاص . ليس في قلبي شعور خاص نحوك ... أي شعور عميق .
- لا يجب ان تقولي اشياء كهذه . لم تتيسر لنا الفرصة الكافية ليعرف أحدنا الآخر . و في هذه المرحلة الباكرة وجد ذلك الرباط المفاجئ بيننا . اليس هذا اساسا لشيئ
أقوى ؟

تنهدت . يبدو ان نيقولاوس يشعر بنوع من العطف او الحب نحوها ، و هذا يبدو سخيفا نظرا لأن الرجل اليوناني لا يعترف بالعواطف الكبيرة .
- في الحقيقة لا اظن اني سأقع في حبك يا نيقولاوس . و علاوة على ذلك فأني سأعود الى بلادي اذا تخلصت منه .
- هذا ما قلته منذ لحظة . لن اراك ابدا .

رفع قدح الشراب امام عينيه و اخذ يتأمل عصير البرتقال في داخله .
وضعه على شفتيه و هو ينظر اليها من فوقه ، و اضاف قائلا :
- و مع ذلك سأساعدك ، و لكن ليس اثناء غياب ليون الحالي لأن يختي قيد التصليح الآن . متى سيغيب ليون مرة اخرى ؟
- لا أعلم .

بعد ان كان قلبها ينبض بالأمل و التوقع احست كأنه اصبح كتلة من الرصاص .
- الا توجد طريقة لانقاذي خلال يومين من الآن ؟ اليس هناك زورق آخر ؟
- لي صديق يملك يختا لكني لا استطيع ان اضمن سكوته او حتى ان يأخذك لأنه أحد عملا ليون ، انه يشتري الفواكه من بساتين ليون فيعلبها في معامله .
- ليون يملك بساتين فواكه ؟
- ليس هنا في الجزر بل في سهول اليابسة في اليونان . و اعمال ليون تتعدى صناعة او تصميم الازياء التي تكون جزءا من مجموع نشاطاته . افترض انك تعلمين انه مليونير .
- اعرف انه غني كبير .

لم تول تارا اهمية تذكر لهذا الحديث ، و عادت الى موضوع هربها .
و لم تخف عنه خيبة أملها فاعتذرت و أكد لها انه سيجهز كل شيئ عندما يتغيب ليون في المرة القادمة . فاطمأنت تارا و اقتنعت بذلك .
و قبل ان يتركها سألته اذا كان يستطيع ان يزورها مع ما في ذلك من مجازفة ، فاجابها انه سيزورها و انه مستعد لمواجهة العواقب .
- و اذا اراد هؤلاء الخدم الملاعين ان يحكوا قصصا لليون فليفعلوا ذلك !
- و لكن عندما ارحل سيشك ليون بأنك ساعدتني .
- لا اهتم بذلك ، و اذا حاول ليون ان يخشن معي فسأسكته عندما يكتشف ما أعرفه عنه .

بعد ان تركها نيقولاوس اخذت تفكر فيما قاله عن ليون .
لم تهتم بأن يصيب ليون أي حرج او اذلال قد يسببه له نيقولاوس ، مادام قد داس على كرامتها هي عندما انتزعها من خطيبها بالقوة و حطم آمالها ...

****************


يتبع...

niso 11-10-08 12:34 AM

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
روووووووواية رائعة بانتظار التكملة:55::flowers2:

redroses309 11-10-08 07:45 PM



10 - مواجهة المرأة الأخرى



كانت تارا واقفة بين الشجر على بقعة مرتفعة من الحديقة و هي تنظر الى الميناء لعلها ترى زوجها عائدا من اثينا .
و وصلت الى سمعها اصوات اجراس الماعز و نهيق الحمار يصعد لاهثا على طريق معبدة بالحجارة .
رأت تارا زورقا كبيرا قد يكون زوجها أحد ركابه .
ها هو يخرج من الميناء و في يده حقيبة و يتجه نحو الطريق المتعرجة و الكثيرة الانحدارات بين الفيللات التي هي زينة جزيرة هيدرا الصغيرة .منتديات ليلاس

لوح ليون بيده عندما رآها واقفة هناك .
و ردت له التحية بمثلها و في نفس الوقت شعرت بضيق في صدرها بسبب ما هي عازمة عليه ، و كذلك بالشوق الى نزواته الغريزية .
و تمنت لو انها تفهم موقفها من هذا الرجل الذي يسيطر عليها سيطرة تامة .
تكره هذا الرجل ، و الفكرة المتسلطة عليها هي ان تفلت من بين يديه ... و مع ذلك ... كان قد ألمح لها قبل سفره بتأثيره الطاغي عليها و بقوة انجذابها اليه و استسلامها الكلي لانفعالاته .

فكانت تحتار في امرها :
أهي الرغبة التي تستولي عليها ؟ أهي منحطة الى هذا المستوى العاطفي الذي امتلك قلبها و عقلها ... و حتى روحها ...
وطرد منها كل شيئ آخر ؟
هذا هو سجنها الحقيقي لا البيت الذي تعيش فيه .
و ما هي آخرة هذا السجن غير النكبة و العار ؟ كانت فتاة مثالية تضع الحب و الاهتمام بالناس فوق كل شيئ ... الى ان التقت بهذا الوثني اليوناني الذي همه الوحيد تعليمها دروسا في الرغبة من مختلف نواحيها .

- كم هو جميل ان ارى زوجتي تنتظرني . بالطبع شعرت بفراغ اثناء غيابي !

قال ذلك و ابتسامته الساخرة لا تفارق شفتيه .
توترت اعصابها و اصطكت اسنانها .
لماذا يتهكم عليها ؟

دارت على نفسها و اتجهت نحو البيت و هي تقول :
- صدف خروجي الى هنا لاني مللت من البقاء داخل البيت .

لحق بها و امسك بيدها و لم يستمع الى أنتها الخافتة :
- كيف كنت تمضين وقتك في غيابي ؟
- في القراءة و حمام الشمس ، و من ثم القراءة و حمام الشمس . وكنت اتناول وجبة طعام بين كل قراءة و حمام شمس و احيانا اتسلى بمراقبة سجاني و اتساءل ما قد عساهم يفعلون لو اني هربت .
- انهم يسبقونك في الجري .
- من يدري ... قد اتسبب لهم بلحظات يلهثون منها .
- و انت يا طفلتي ستسببين لنفسك لحظات تتألمين منها اذا لم تغيري مزاجك هذا . توقعت ترحيبا حارا فاستقبلتني ثعلبة صغيرة لسانها طويل .

صمتت و توجهت بافكارها و عينيها نحو اشياء اخرى تشغلها .
فأخذت تتطلع الى الاشجار التي تذهب الشمس اوراقها و الى الازهار الكثيفة حول النافورة و الفراشات التي تطير من زهرة الى زهرة .
وعن بعد رأت رعاة الماعز في التلال و الطرقات المؤدية الى الميناء الهادئ حيث صيادو السمك يصلحون شباكهم .
وانصتت الى اصوات الجنادب بين اشجار الزيتون و الى حفيف اوراق الشجر عندما يداعبها نسيم البحر .
كانت سعيدة بهذه اللحظة و هي تسير الى جانب زوجها لأنه لم يقطع عليها تأملاتها .
سيكون له الوقت الكافي ليشبعها من صوته !
- اصعدي معي و افرغي حقيبتي و اخبريني بما كنت تفعلينه في غيابي .

لم يطلب مساعدتها بل اعطاها امرا قاطعا .
- قلت لك ما كنت افعله .
- لم تفعلي شيئا آخر ؟

كانا امام باب غرفتهما و كان ممسكا بمقبض الباب و هو ينظر اليها مليا .
- كان يجب ان تعطيني وعدك ، و ستعطيني اياه في نهاية الامر .

خفضت عينيها لتتجنب نظراته الحادة .
كانت تفكر في وعد نيقولاوس لها بابعادها عن الجزيرة في فرصة مقبلة .

وضع ليون حقيبته على ارض الغرفة و قال :
- تعالي الي !

ذهبت نحوه طائعة مفضلة ذلك على الهرب و من ثم الوقوع في قبضته الحديدية .
- و الآن عانقيني !

اطاعت و عانقته و لكن ببرود .
عندئد شدها اليه شدا عنيفا و آلمها .
- لم تتعلمي بعد . اعتقدت انك تحققت من اني سيدك !
- اكرهك ، اكرهك ، هل تسمع ؟
- اسمع و كل البيت يسمع . اما تكرار عباراتك فليس فيه اقناع . و انت تعلمين انك في اعماق قلبك لا تكرهينني يا تارا .

مسكين . كم هو واثق من نفسه ، و أي درس سيتلقنه اذا هي هربت منه !
رفعت عينيها فالتقتا بنظرته السوداء الجشعة بينما كانت يده تتلمس اذنها و رقبتها و كتفها .
- انت تكرهين فكرة خضوعك لأوامري و اعتبارها قانونا ، و لكنك لا تكرهينني . و انا مقتنع كل الاقتناع بأنك وصلت الى المرحلة التي تشعرين فيها بأنه لايوجد كره حيث يوجد لذة بيننا نحن الاثنين .

أشاحت بوجهها عنه و هي عازمة على ان تكرهه مهما كلف الامر .
- هذه مجرد رغبة و هي لا تدوم الا لحظة وقوعها .

لم تعلم كيف قالت ذلك ، الا انها تابعت و هي تنظر اليه الآن :
- انت تفهم ما أعنيه .
- نعم ، انا افهم ما تعنينه يا تارا .
- كما قلت ، انه ذو مفعول حال وقوعه و ليس بعد وقوعه .
- افهم مما تقولين ان الغرام او ما تسمينه بالرغبة تقتل التعقل ، اليس كذلك ؟
- هذا صحيح .
- و انا اوافقك الرأي . و من الطبيعي ان تعيق الرغبة قوى الادراك ، و لا يستطيع المرء ان يتحكم بعقله عندما تتحكم به ...
- كفى ! تعقل ! الا يوجد شيئ آخر تتكلم عنه ؟

افلتت منه و ركضت الى الطرف الآخر من الغرفة .
- كنا نناقش فقط قدرة المرء او عدم قدرته على استعمال عقله في حالات كهذه.
- كنا نتكلم عن كراهيتي لك يا ليون ! ربما لا اكرهك في ذلك الظرف بالذات ... و لكني اكرهك دائما بعد ذلك ... و أنصحك بألا تتحامق ، لأنك مهما حاولت اقناع نفسك او غيرك ، فإنك ستكتشف خطأك في نهاية الأمر .
- ماذا تعنين بذلك ؟ اذا كنت ناوية على القيام بشيئ يا تارا ، فإني انصحك أن تتذكري ما قلته مرة : لم يحدث ان حصل شيئ دون معرفتي .

و لكن قد تأتي لحظة تفاجئه .
على أية حال ، يجب ان تنتبه الى ما تقول فإنها كادت ترتكب هفوة لا تغتفر .
- كلامك غير واضح . ماذا استطيع ان افعل و حراسك يراقبون كل حركاتي ؟

حاول ان يقول شيئا و لكنه عدل .
تركها و لم تره بعد ذلك الا في ساعة متأخرة من النهار .

كان أول موضوع تكلم به في صبيحة اليوم التالي موضوع الوعد . فقال بصوت خشن :
- من الافضل ان تعطي هذا الوعد ، و الا سأبقيك سجينة الى حين ولادة طفل لنا . و هذا أمر يزعجك اكثر مما يزعجني .
- هل يزعجك حقا ؟
- سأرافقك الى اثينا في المرة القادمة . شركائي يعرفون انني متزوج لذلك استغربوا زيارتي الأخيرة بمفردي ، و لا أريد تكرار ذلك اذ انه سيبدو غير طبيعي .
- هذا مفهوم .
- و لكنك لا تتفقين او تشعرين معي .
- و لماذا أشعر معك ؟
- هل ستعطيني هذا الوعد ؟
- كلا ، لأني لا أستطيع إعطاء وعد ليس في نيتي الوفاء به .

ازعجها هذا الأمر لأنه قد يؤجل رحلته الى اثينا اذا لم ترافقه .
و قال لها في السابق ان من عادته زيارة اثينا كل اسبوعين تقريبا حيث يمضي عدة أيام ، و يبدو الآن انه متردد في الذهاب بدونها .
و من الطبيعي ان يستهجن اصدقاؤه و شركاؤه غياب زوجته .
- هذا يعني انك تأملين في إيجاد وسيلة للهرب .

كان ذلك اثناء تناول الفطور حيث انتظر وصولها اكثر من ربع ساعة .
و لما دخلت نهض و قدم لها الكرسي و ابدى ملاحظة على مظهرها مبديا إعجابه به .
كان لباسها يتكون من بلوزة حرير لها اكمام طويلة و سروال بزرقة الياقوت .
كان شعرها يتألق و لا أثر للحزن في عينيها .
و ابدى لها هذه الملاحظة ايضا ، و لكن كل هذا الاطراء لم يؤثر فيها ، و عزت سبب ذلك الى أملها في ان يذهب ليون الى اثينا ليأخذها نيقولاوس الى بيراوس فتتحرر !
و من هناك تأخذ أول طائرة الى الحرية في انكلترا !

نظرت إليه و علقت على كلامه الذي فيه شيئ من القلق :
- انت تعرف اني لم اقطع الأمل في الهرب . و تأكد لك منذ البداية ان الهرب يسيطر على جميع حواسي .

برقت عيناه و صعد الدم الى وجهه .
- إذا هربت ستأخذين طفلي معك .
- سأهرب قبل ولادته ... لماذا تتكلم عن الطفل ؟ لن احمل جنينا في بطني !
انت تبدو متأكدا و ارجو ان تكون مخطئا ! تسببت لي في عذاب اكثر مما استطيع ان اتحمل . و لا أريد طفلا يزيدني عذابا على عذاب !

شحب وجهه فجأة و لاحظت التواء عرق في وجنته .
- ترضين بنصيبك !
- لماذا ارضى به ؟

و اضافت بحرارة :
- هل يرضى به أي سجين حاله مثل حالي ؟
- انت لي ، و كلما اسرعت في الأعتراف بذلك اسرعت سعادتك بالاقتراب !
- اني مللت من ذلك . هل يمكن نسيان هذا الموضوع ؟ لا أطيق الدخول في نقاش هذا الصباح .

لم يقل شيئا و تابعا تناول فطورهما ، و اتى ستاماتي بالبيض المقلي و الفطر ، و بعد خروجه سألت تارا زوجها :
- متى ستذهب الى اثينا ؟

حاولت ان يكون صوتها طبيعيا قدر الامكان .
- لماذا تسألين ؟
- لا لسبب . اتساءل فقط .
- سأطيل مكوثي هنا . و اريد وعدك لآخذك معي .

لم تعجبها هذه النتيجة .
يجب ان يذهب عاجلا ام آجلا ، و لكن متى ؟
لا يستطيع ان يهمل أعماله الى الأبد .
- اذن عليك ان تنتظر وعدي . و من المؤكد ان التزاماتك في اثينا لن تصبر عليك كصبري في إعطاء الوعد .

أخافتها نظراته و تشنجات وجهه و اخذت اعصابها تتوتر . يا إلهي ! دعه يذهب .
دعه يواجه مشاكل او مصاعب او أي شيئ فيضطر للذهاب !
- يبدو انك تستعجلين ذهابي . هل لديك سبب ؟

هزت تارا رأسها و لم تنظر الى صحنها . اضاف زوجها :
- تكونين مخطئة تماما إذا اعتقدت ان خدمي سيخاطرون بوظائفهم عندي اذا هم تهاونوا في مراقبتك .
كوني عاقلة و قدمي لي هذا الوعد .

احست باليأس يدخل الى قلبها .
و لكن ما عتمت بعد دقيقة ان واتتها فكرة أعطتها أملا جديدا .
و تكلمت متصنعة اليأس في صوتها و محاذرة ألا يكشف كلامها عن نواياها :
- قد أرغم في النهاية على اعطاء الوعد .
تنهدت بطريقة جعلته يصغي بانتباه و خفضت كتفيها حزنا .
و أضافت :
- كسبت كل جولاتك في معاركك معي يا ليون ، و لا أرى سببا يمنعك من ان تكسب هذه الجولة ايضا .

ارتجفت شفتاها و وضعت شوكتها و سكينها في الصحن كأنها فقدت شهية الأكل .
- أرى انك بدأت في التعقل . كنت اعرف انك تتقبلين الحقيقة في آخر الامر .

كان بادي السرور اذ ان شفتيه ابتسمتا و بدا الارتياح في عينيه .
نظرت في عينيه و ازدردت ريقها آملة ان يكون لاحظ ذلك .
و كل همها الآن ان تجعله يلاحظ ترددها في إعطاء الوعد . و ان يقبل بالفكرة التي توحيها إليه .
- لن تنال هذا الوعد الآن .

جعلت صوتها يرتجف ليدل على انها هزمت و تابعت تقول :
- انك لم تحطم إرادتي كليا بعد ... بالرغم من كل محاولاتك .
- ليست لدي اية رغبة في تحطيم ارادتك .
- لك كل الرغبة . كم مرة قلت لي انه يتوجب علي اعتبارك سيدا لي ؟ كم مرة حصلت مني بالاكراه على ما ترغب فيه ؟
- كل ما أريده منك هو ان تتوقفي عن معاكستي .

امتنعت عن المضي في الجدال و مضت بضع دقائق لم يقولا اثناءها شيئا .
و بعد ان جمع ستاماتي الصحون و ذهب بها الى المطبخ . قال ليون :
- اذا قبلت بمبدأ إعطاء الوعد فالأفضل ان تعطيه الآن . لم تزوري الجزيرة بعد و لم تري شيئا خارج نطاق الفيللا . انت حمقاء يا تارا .
- لا يمكنني إعطاؤه الآن . يجب ان اتروى ... امهلني قليلا .

طلبت الامهال بصوت كله توسل و رياء و فيه رنة لوم على عدم صبره .
كانت دائما صريحة و مخلصة معه و لكنها الآن و لأول مرة في حياتها تلجأ الى الخداع .

وافق ليون و هو يتنهد :
- حسنا سأمنحك مهلة .

و أضاف :
- أرى لا خيار لي غير ذلك .

فهمت من نظرته انه ما يزال يعتبرها عنيدة .
ليعتقد ما يريد شرط ألا يكشف نواياها .

ربحت هذه الجولة اذ قال لها بعد مضي عشرة أيام انه ذاهب الى اثينا .
- احب ان ترافقيني الى اثينا يا تارا . و الوعد ؟
- ربما اتيت معك المرة القادمة . اتمنى لك رحلة موفقة .

خجلت من نفسها لأنها كانت تخدعه . ولكن لم يكن لها خيار آخر .
- لو تأتين معي ستكون زيارة متعة ايضا . و ستعجبك اثينا بمعالمها و مشاهدها .
- سمعت عنها الكثير و سأزورها يوما .
- اذن تعالي معي .

كان صوته هادئا وطبيعيا جدا يخلو من لهجة الأمر او الغطرسة .
و لما رفعت عينيها و نظرت اليه أحبت فكرة مرافقته .
و لكن كان عليها ان تعده ، و الوعد يعني الوفاء .
و عندها يكون قد فات الأوان .
- المرة القادمة .

كانت في غرفتها عندما دخل و عانقها قائلا انه ذاهب .
- فيك الكثير لتقدميه لي .

و نظرت إليه و هو يهرول نازلا الى الميناء . كان رشيقا مليئا بالشباب و الحيوية في كل حركاته .
و أسفت لأنها ستحرم نفسها منه اذا هي تركته .

لن يتأخر نيقولاوس عن المجيء .
فقد زارها ثلاث مرات في الغياب السابق لزوجها .
و في كل مرة كانت تخشى ان يطلع احد الخدم ليون على ذلك .
و لكنها لم تقلق كثيرا نظرا للفارق الكبير بين طبقته و طبقة الخدم خاصة في بيت ليون .
و امضت بعد الظهر تتجول في انحاء الحديقة و هي تتطلع الى قدوم صديقها في كل لحظة .
ربما لم يكن نيقولاوس على علم برحيل ليون بعد .
او ربما عدل عن تقديم المساعدة لها معتبرا ان هذه المجازفة لن تفيده بشيئ .

حل وقت العشاء و لم يحضر ، و عندما كانت ستجلس الى المائدة دخل ستاماتي قاعة الطعام و أخبرها ان زائرة تريد السيد ليون .
- اسمها الأنسة فلورو يا سيدتي . ترغب في مقابلة السيد ليون ، لكنني قلت لها انه مسافر ، و هي موجودة الآن في غرفة الجلوس .

هذه إلين ! أتت لترى ليون ...
- أحتفظ بعشائي ساخنا يا ستاماتي .

وجدت إلين جالسة تحمل سيكارة بين اصابعها الطويلة الرشيقة .
حيتها تارا و هي معجبة بالوضع الرزين المحترم الذي تتخذه بسهولة .
- تريدين مقابلة ليون ...
- قال ستاماتي أنه متغيب . كان بودي محادثته في موضوع عرض الأزياء المقبل في اثينا . آسفة لأني لن اتمكن من رؤيته .
ذهب اليوم ؟
- نعم .
- سأراه عند عودته .

القت إلين نظرة احتقار على ملبس تارا التي لم ترى ضرورة في تغيير السروال و القميص الى لباس رسمي و هي وحيدة .
- لم ترغبي في الذهاب معه ؟
- أفضل البقاء هنا .
- كنت اعتقد انك تحبين ان تكوني برفقته .
- ربما رافقته في المرة القادمة .

جلست تارا و تمنت ان تسرع إلين في الذهاب . لا ترى دافعا لأن تطيل اقامتها ما دام الشخص الذي تريد رؤيته لم يكن موجودا .

- سيكون كثير الانشغال في المرة القادمة لأهمية العرض ، اذ سيأتي مشترون من بريطانيا و باريس و امريكا .

كانت تتكلم بترفع كأنها تحاول ان توحي اليها بأنها تعرف كل شيئ عن مؤسسة هيرا مقابل جهل تارا المطبق .
- اعتقد انك تعرفين اني النموذج الأول لليون .
- ذكر شيئا من هذا القبيل .

اضافت إلين بشيئ من الكبرياء :
- ليون لا يساوي شيئا بدوني .
- صحيح ... ؟

رفعت تارا حاجبيها استغرابا و تهكما و أضافت :
- و لكن لا يوجد انسان لا يمكن الاستغناء عنه !

تورد وجه إلين من الغيظ .
وضعت السيكارة بين شفتيها و سحبت نفسا و هي تسلط نظرها على تارا من خلال الدخان .
- هل علمت اني كنت مخطوبة الى ليون ؟

فوجئت تارا بهذا القول و قالت :
- هذا قول لا يعاد أمام زوجته . ألا تظنين ذلك ؟

لم تتأثر إلين بهذا بل ثبتت نظرها على تارا التي كانت توشك ان تبكي .
- أنه تخلى عني بطريقة غير لبقة و الكل يعلم بالأمر .
و استغرب انك تجهلين ذلك .

بقيت نظراتها الثابتة مسلطة على تارا التي كانت تعتقد ان إلين تتكلم بهذه الطريقة مدفوعة بغريزتها الأنثوية أو لأنها تحسدها على كونها زوجة ليون .
- لا أعرف كيف التقيتما أو كيف تزوجتما ، و لكني اعرف انه تزوجك في نزوة غضب أو حقد . و كنا قد تشاجرنا قبل ذلك ، و لكن شجارنا لم يكن ذا بال . غضب لأنه اعتقد اني ...

توقفت فجأة كأنها غضبت من نفسها لأنها كشفت الكثير . و لكنها اضافت على الفور قائلة :
- هذا هو ليون ، مندفع ، متقلب .

هزت تارا رأسها و قالت :
- زوجي ليس مندفعا . لماذا تقولين ذلك ؟
- بسبب قصر المدة التي تزوجتما فيها .

سحقت إلين طرف السيكارة في المنفضة .
و مدت يدها لتأخذ واحدة من علبة سكائر ذهبية امامها و قالت :
- لم يتسع له الوقت الكافي ليتعرف عليك بما فيه الكفاية .

تجاهلت تارا هذا التعليق ، و لكن إلين اصرت على معرفة ذلك فسألت :
- كم طالت مدة التعارف بينكما ؟
- لا يهم ان يعرف الناس طول مدة تعارفنا .
- انه لا يحبك ... لا ، لا تقاطعيني ! لو كان يحبك لأخذك معه . غاب عنك مرتين و لم تكوني معه في أيهما .

و نظرت إلين الى تارا بإمعان ثم أضافت :
- كان من المستحيل ان يسافر دون أن يأخذني معه عندما كنا مترافقين .
- كان في امكاني الذهاب معه ، لكني فضلت البقاء هنا .
- هذا يعني انك لا تحبينه ايضا . هل تزوجته من أجل ماله ؟

كاد الغيظ يخنقها .
تأكد لتارا ان الغيرة تقتل إلين و لا تبالي بما تقول .

وقفت تارا و قالت و هي تشير بيدها الى الباب :
- بما انك اتيت لتقابلي ليون ، فأنا متأكدة انك لا ترغبين في البقاء اكثر من ذلك .
ان عشائي ينتظرني . و سأعلم ليون بأنك اتيت و قد يتصل بك تلفونيا .

بلعت إلين هذه الاهانة و وقفت بكل رشاقة فاتجهت نحو الباب و هي تنظر الى تارا نظرة احتقار .
و كانت تجيبها بثقة اكثر منها تحية عندما قالت :
- طابت ليلتك .
- و ليلتك يا آنسة فلورو .

رافقتها تارا حتى الباب الأمامي رغم وجود ستاماتي ليفتحه لها .
- عشاؤك جاهز يا سيدة ليون .
- اشكرك يا ستاماتي .

نظرت تارا اليه و رأت الدهشة و الاستغراب اللذين لاحظتهما في عيني كليانش عندما قدمها ليون على انها زوجته . و تذكرت كلمات كليانش حينذاك :
- زوجتك يا سيد ليون ؟ و الآنسة ... ؟

كاد يلفظ اسم إلين و لكنه توقف في الوقت المناسب .
كان كل خدم ليون و جميع سكان هذه الجزيرة الصغيرة يعرفون العلاقة المتأصلة بين ليون و نموذجه إلين ، و كلهم كانوا يتوقعون ان يتزوجها .

هل يهتم ليون بها ؟ يصعب ان تصدق تارا ان ليون يهتم بأحد غير نفسه .
الحب شيئ يكاد لا يعرف منه شيئا .

*************************

redroses309 11-10-08 07:47 PM


11 - خطة الهرب



بدا انتظار تارا لزيارة نيقولاوس أبديا .
نهضت مبكرة من نومها مما جعل النهار أطول و أثقل على اعصابها .
لم يقل ليون كم سيطول غيابه و قد يعود في اليوم التالي أو نفس اليوم .
لا ، لن يعود الليلة اذ ليس من الممكن ان يكون قد أنهى اعماله في هذه البرهة الوجيزة .
- لماذا لا تأتي يا نيقولا ! لماذا ؟

كانت تمشي من غرفة الى اخرى و تتفرج على بلاطها المرمري و سقوفها المزينة و اثاثها الثمين ذي الطراز القديم و على آنية الصيني الهشة .
و حاولت ان تركز افكارها على اشياء غير الهرب .
اقتربت من النافذة و وقع نظرها على النافورة الجميلة فاجتذبها جمالها لتخرج الى الحديقة حيث السلام و الهدوء و لكن السلام لم يجد طريقة الى قلبها و لا الهدوء ان يطرد منه القلق و الشك .
و اذا تخلى نيقولاوس عنها فستكون نهاية حياتها .
اذ سترغم حينئذ على اعطاء الوعد او انها ستجن !
لا تستطيع ان تتحمل هذا السجن اكثر من ذلك .

و إذا و لدت طفلا هنا فلن تتمكن من ترك الجزيرة الا بعد سنوات .
و سيتبع الطفل الأول طفل ثاني و ثالث ... من يدري ؟

تابعت تجوالها في الحديقة و كانت تنظر الى ساعتها بين لحظة و اخرى .
- نيقولا ، أرجوك ... تعال !

ستصيبها الهستيريا اذا ظلت على هذه الحال .
و لذا عزمت على عمل شيئ .
عادت الى البيت و تناولت كتابا لتقرأ في الحديقة ، و لكنها لم تستطع ان تركز افكارها .
نظرت الى الازهار و الى الفراشات الجميلة فلم تتأثر بأي منها بعد ان كانت تجد فيها متعتها الكبرى .
نهضت لتمشي و لم يلفت نظرها أي شيئ ، و تطلعت الى الأفق فرأت البحر ، هذا البحر الذي خيل اليها انه سينقلها الى ارض الحرية .

كان دافوس و كليانش يرشان شجر البرتقال و الليمون بمرشوش ضد الحشرات .
و رأت دافوس يوجه نظره الى نقطة معينة بعد اشارة من زميله .
و تبعت تارا اتجاه نظرهما فرأت رجلا يصعد الطريق نحو البوابة الكبرى .

توقف الرجلان عن العمل و انتظرا ، لكن تارا ادارت ظهرها اعتقادا منها ان الرجل آت ليرى أحد الخدم .
كانت جالسة امام البيت و الكتاب في يدها عندما اتى كليانش و الرجل بصحبته .

قال الرجل :
- معي رسالة للسيدة ليون ، نسوا ان يرسلوها اليك عندما وصل البريد هذا الصباح .
قد تكون مهمة و لذا أتيت بها شخصيا لأسلمها لك .

كانت لغته الانكليزية ركيكة .
نظر حواليه و حك شعر رأسه و قال :
- الحر شديد ! انا عطشان ه استطيع ان اشرب قدحا كبيرا من الماء !

كانت نظراته مثبتة في عيني تارا ، و في أسرع من البرق فهمت كل شيئ و صرخت في وجه كليانش :
- حالا ، كأس ماء ... أو تحب شراب الفواكه ؟
- جميل جدا ! الكثير من عصير البرتقال !

انحنى كليانش و لكنه قال قبل ان يذهب :
- لم أرك من قبل .
- اتيت لزيارة أختي . هي سيدة ... سيدة البريد ؟

كان من الواضح انه يعني مديرة مكتب البريد .
قال كليانش :
- اخوتها كثيرون . اهلا بك الى جزيرتنا .
- شكرا جزيلا !

ابتسم عندما قال ذلك و كشف عن عدد لا بأس به من أسنان الذهب .
- سآتي لك بالشراب .

ذهب كليانش و دعت تارا الغريب لأن يجلس فجلس و أخرج مظروفا من جيبه .
أبقته في يدها برهة و هي تتساءل عما يمكن ان يحتوي الغلاف من ... أخبار حسنة أو اخبار سيئة .
اما ان فيها خبر استعداد نيقولاوس ليساعدها أو انسحابه من العملية لعجزه عن القيام بها .

تحسست تارا الغلاف و من ملامستها عرفت ان في داخله قلما .
اذن نيقولاوس يريد منها جوابا .
فتحت الغلاف و الأمل يتسرب الى قلبها و اخرجت منه ورقة مطوية ، و سمعت الرجل يقول :
- انا سافاس ، و سأنقل جوابك الى السيد نيقولاوس .

اومأت برأسها و بدأت تقرأ :
- قبل ان تستمري في القراءة ، اكتبي على الغلاف مكان غرفة نومك بكل دقة و اعطيه لسافاس .

كانت هذه الكلمات مكتوبة بأحرف كبيرة على رأس الرسالة .
كتبت تارا على الغلاف ماطلب نيقولاوس و أعادته الى الرجل .
كان قلبها ينبض بقوة و بدأت تشعر بأنها حرة .

و ضع الرجل الغلاف في جيبه و في هذه اللحظة اتى كليانش بالشراب و لم يغب إلا دقيقتين .
و هنا فهمت تارا معنى و قيمة العبارة المكتوبة بأحرف كبيرة و التي تعجلها بالرد ، و ليساعدها في تعجلها وضع قلما مع الرسالة .

كان كليانش واقفا ينظر الى سافاس و هو يجرع شراب البرتقال ... و من ثم رافقه الى البوابة .
وضعت تارا الرسالة في جيبها و دخلت البيت .
و لما آوت الى غرفتها ، قرأت ماكتب لها نيقولاوس بينما كانت دقات قلبها تعلو و تهبط حسب مؤثرات الرسالة :
" عزيزتي تارا
بالرغم من أني عرفت بسفر ليون المبكر هذا الصباح ، رأيت من الأنسب ألا آتي إليك ...
و أنا متأكد من ان هذا هو رأيك ايضا .
ومن المستحسن ان نبقي كل شيئ سرا بقدر الامكان .
و لذا ذهبت البارحة الى بوروس و رجعت برجل يقوم بأعمال على زورقي من وقت لآخر .
سافاس غير معروف مطلقا في هيدرا و هذه الحيلة ستنجح .
اما الخطة فهي كالآتي :
اريدك ان تكوني جاهزة في الساعة الثانية صباحا عندما اضع سلما تحت نافذتك .
و اذا رغبت في أخذ بعض الثياب ضعيها في صرة و ارمي بها من النافذة و سأضعها في حقيبة فيما بعد . لا تستعملي اية حقيبة لأن صوتها يوقظ الخدم .
ضعي حراما على حجر النافذة لكي يرتكز عليه و هكذا لا يخرج صوتا . هذا كل ما هو مطلوب منك . و سأعيد سافاس الى بوروس الساعة السابعة من هذا المساء و هكذا يكون بعيدا عن الانظار . و سيكون زورقي جاهزا و سيقلك الى بيراوس . لا أدري لماذا اقوم بهذا العمل . ربما لأنه مثير ، او ربما لأني أحب ان أنقذ فتاة من مأزق ، أو ربما لأني احببتك كثيرا " .

كان على الرسالة توقيع نيقولاوس فقط .
مزقت تارا الرسالة قطعا صغيرة جدا و رمتها في التواليت واختفت مع الماء .

لم تمر تارا ابدا بوقت اطول من الفترة بين قراءة الرسالة و بين فتح النافذة بكل هدوء و وضع الحرام عليها كيلا تتسبب في أي صوت .
كل شيئ حاضر و تطلعت من النافذة الى الحديقة فلم ترى شيئا بسبب الظلام الدامس .
كان قلبها يدق بسرعة كبيرة و اعصابها مشدودة .
لم يكن هناك أي صوت أو حركة و كانت صرة الثياب في النافذة . ها هو ! تصورت أنها رأت شبح رجل يتحرك ... و ان السلم رفع الى النافذة .

حبست انفاسها و هي تتوقع ان يتأرجح السلم بسبب ثقله فيهوي الى الأرض يصطدم بالحائط او بإحدى النوافذ الأخرى .
لكن نيقولاوس قوي و قد وضع السلم في مكانه .
رمت تارا بالصرة الى أسفل و كانت على وشك ان تعبر من النافذة و تضع قدمها على درجة السلم عندما رأت ظل رجل آخر يتحرك و من ثم يركض مسرعا الى الناحية الأخرى من الحديقة .
و جمدت في مكانها عندما رأت ظل رجل ثالث ، طويل و ذي خطوات سريعة ...منتديات ليلاس

شعرت ان قلبها توقف .
لا ، غير ممكن ! هذا غير حقيقي ! من المستحيل ان يكون ليون هنا في هذا الوقت من الليل ! و من الرجل الطويل الآخر السريع
الحركة ؟
كادت تموت من الرعب و تسمرت في مكانها عندما رأت الشبح واقفا يتفحص المكان و من ثم ينحني و يلتقط الصرة .
و في اللحظة التالية رأته يرمي بالصرة على الأرض و يركلها برجله و يشتم ... كاد يغمى عليها .

كانت ما تزال مسمرة في مكانها عندما دخل زوجها غرفة النوم بوجه لم تتميزه بسهولة من حدة الغضب .
كان دمه يغلي حتى بدا كأنه الشيطان نفسه .
و الآن ماذا سيعمل بها ؟
رأت الغضب يتملك زوجها في السابق كثيرا و لكن ليس بالدرجة التي تراه فيها الآن . انه سيقتلها حتما و بحركة غريزية وضعت يدها على عنقها . نعم ، سيخنقها الآن ...
- من كان يساعدك ؟

صدمها صوته الهادئ و أحست انها مريضة معقودة اللسان .
و لما لم تجبه سألها ثانية و بصوت هادئ ايضا :
- سألتك سؤالا !

كانت تبتلع ريقها و تبكي .
- لن ... لن اقول لك ! لن اقول ل ... لك !
- ستقولين ... و إلا اضطررت الى تعذيبك !

قفز قفزة خفيفة و أمسك بيدها فأحست بألم شديد فيها و صرخت .
- أجيبيني !

كشر عن أسنانه و بدا كأنه نمر يستعد للهجوم على فريسة .
- أجيبيني قبل ان أميتك خنقا !
- لا ... لا استطيع .

رفعت رأسها و كانت تعرف ان نقطة دم لم تبقى في وجهها .
و تساءلت عن الحظ المشؤم الذي اتى به في تلك اللحظة بالذات بينما كانت على وشك التخلص من قبضته المخيفة .
كان الشيطان بجانبه ... أنه الشيطان بنفسه !
- أرجوك الا ... تطلب مني ما ... ما يمنعني شرفي من ...
- شرفك ! انت تكلمينني عن الشرف ؟

رماها بنظرة جعلت جسمها المرتعد يتقلص .
لم يتكلم و لكن عينيه كانتا تعبران عن ازدراء أقوى من الكلام .
- ذلك الوضع الذي تكلفته قبل سفري لتظهري نفسك في موقف المهزوم و الوعد الذي أملتني به لأصدق انك استسلمت بعد ان خسرت كل الجولات ، كان كل ذلك جزءا من مخطط الهروب الذي صممته سلفا . أليس كذلك ؟

كانت هزاته من أعنف ما عرفت ، و لما رفع رأسها اليه ارغمها على النظر اليه .
- أليس كذلك ؟

أشارت بعينيها بنعم و هي تتساءل عن مدى احتمالها و ما اذا كانت ستبقى واقفة على رجليها لو أخلى سبيلها .
- نعم ، كان كذلك .
- مع من خططت ؟
ربما رشوت أحد الخدم ليساعدك ، و إلا فمن يستطيع مساندتك ؟
- لا علاقة بأي من الخدم بهذا .
- لا تكذبي ... !

أخذ يهزها هزا عنيفا و بلا شفقة .
- لقد شبعت من خداعك !
- لي مطلق الحق في ان أخدعك !

لم تعرف كيف خرجت هذه العبارة من فمها .
و شعرت باصابعه تطوق عنقها فبدأت تحس بالاختناق ، بدأت تقاوم و تتلوى لتنقذ حياتها من موت محقق .
في هذه اللحظة رفع يده عن عنقها و سألها بصوته الهادئ الناعم الذي يخفي وراءه عاصفة كاسحة :
- قولي لي مع من كنت تخططين للهرب بينما كنت تحاورين و تداورين معي ؟

لم تعرف لماذا اغاظتها عبارتا " تحاورين و تداورين " ، و بخفة لم ينتبه اليها افلتت منه و قفزت الى الطرف الآخر من النافذة .
- من حقي ان أخطط و لكل سجين الحق في الهرب . فكيف تجسر على اتهامي بأني أعمل في الخفاء بينما انا أعمل لأنقذ نفسي ؟

و بالرغم من ان كلماتها لم تكن بحدة كلماته إلا انها اغضبته .
- ما زلت انتظر اسم شريكك ! من هو ؟

كان ظهرها الى النافذة و أحست بالهواء يداعب شعرها . هل تقفز ... ؟
تفضل الألم الناتج عن هذه القفزة على الألم الذي سيسببه لها الآن و هو يتقدم نحوها بخطى ثابتة . تلمست حجر النافذة و امسكت به و لكنها لم تكن متأكدة من أنها تستطيع ان تقفز قبل وصول زوجها اليها .
فطن هذا الى نيتها فقفز و أمسك بها .
و في الفترة القصيرة التي اقتضته لإنزالها عن النافذة تسارعت الأفكار في رأسها و فكرت في العقاب .
ارادت ان تستسلم الا ان مرأى عينيه المرعبتين و فمه الملتوي من الغيظ و يديه القويتين أثرت فيها و مدتها بقوة خارقة مكنتها من القفز و الجلوس على حافتها ،
و صرخت :
- سأقفز . استعد ...
- قفي ! انت مجنونة ... قفي !

كان خائفا ، و لأول مرة في حياته كان خائفا .
حاول ان يتقدم لكنها صرخت في وجهه :
- خطوة أخرى و سأقذف نفسي !
- تارا ، لا تكوني حمقاء !

خفت حدة صوته قليلا و لكنها كانت تعلم أنه اذا أعادها الى رشدها ستعود الحياة كما كانت .
كما تعلم ان سبب هياجه هو رفضها افشاء اسم من ساعدها ، و الويل لها اذا ضعفت امامه فلن يشفق عليها و لن يرحمها .
- انزلي عن النافذة ! انزلي الآن !
- هذا ليس وقت القاء الأوامر . أتى دوري انا لأحمل السوط بيدي . و أفضل ان اتسبب في أذى نفسي على ان اتأذى منك .

سمعت أسنانه تصطك و رأت يديه تنقبضان .
أفرحها تغلبها على خوفها لأنها متأكدة من انه لن يتركها تقفز ، و في هذه الحالة سيستسلم لها و يحد من كبريائه اليوناني .
كان واقفا امامها لا يعرف ما يفعل في هزيمته امامها .
فحاول ان يقنعها بصوت ألطف :
- انزلي .
- لن انزل قبل ان تعدني بأنك لن تستعمل القوة معي و لن تجبرني على افشاء اسم من ساعدني
في وضع السلم ...

و التفتت لتدل على مكان السلم ففقدت توازنها و كانت على وشك ان تسقط لولا انه اسرع بخفة مذهلة و امسك بها من ثيابها و أنزلها .
رمت نفسها عليه و وضعت رأسها على صدره و أخذت تنتحب .
طوق جسمها بذراعيه ليمنعها من السقوط على الأرض لا ليجعلها تشعر بحنانه .
و عدا ذلك لم يتفوه حتى بكلمة عطف ، و كان جسمه متصلبا .
و لما رفعت نظرها الى وجهه عاودها الخوف من جديد .
اذ كان ينظر اليها نظرته في كل مرة يريد ان ينزل بها عقابا .
قال بصوت هادر :
- انك فتاة مجنونة حقا ! يجب ان اجلدك لمسلكك هذا !

و بدلا من جلدها عانقها بنفس العنف .
كانت مقاومتها بلا فائدة لأنها فقدت كل قواها و رأت ان شعوره نحوها كان شعور السيد نحو خادمه لأنه كاد يتذوق طعم الاهانة و الاستسلام عندما فرضت عليه شروطها .
تركها و أغلق النافذة .
صحيح انه انقذ حياتها و لكن هل لتحيا حياة اطمئنان بعد الآن ام لتعود الى نمط حياتها السابق ؟
هو هو في نظرته الحديدية .
هو هو في بطشه الجامح .
اخذها ثانية بين ذراعيه و قال :
- سأستجوبك مرة اخرى في الصباح . اما الآن ...

عانقها و اخذت ترتجف معتبرة عناقه عقابا لها .
و ذكرت نفسها ان وجودها تحت سقفه نتيجة اختطاف و ارغام .
- حذرتك و قلت لك اني لن أؤخذ على غفلة .
- نعم ، حذرتني ياليون .
- هل تعرفين سبب وجودي هنا الليلة بدلا من اثينا ؟
- كلا .

توقع منها تعجبا أو استغرابا و لكن كل ما سمعه كان صوت بكاء هادئ .
- و لكنك تودين ان تعرفي .

هزت كتفيها و قالت :
- انت دائما تكسب و ستكسب دائما .
- هل يئست الآن من الهرب ؟

ابتلعت ريقها و كان قلبها يبكي من الحسرة .
و اجابت لكن بعد ان هز كتفيها ليذكرها بأنه ينتظر جوابها :
- اعتقد ذلك ...
- لم افطن الى معنى كلامك إلا فيما بعد عندما قلت انك ستفكرين بإعطاء وعدك .
و رأيت ان هناك شيئا غير طبيعي في قولك . فتراءى لي انك لم تكوني صادقة . و ان طريقتك في الكلام ربما كانت خدعة . فسقطت في الفخ بعد ان جذبني الطعم . و لن أفهم أبدا كيف انخدعت بهذه السهولة و التفسير الوحيد هو اني وثقت فيك . و لكن هذه الثقة تلاشت حالما تفتح ذهني ، فاستأجرت زورقا سريعا و أتيت بأقصى سرعة ممكنة .

توقف و دهشت لأن شفتيه كانتا ترتجفان و جبينه يعرق .
- يجب ان تعرفي ان ما عندي يكون ملكا لي ، يا زوجة ، و اعتقد الآن أنك ستعتبرينني زوجا لك ... و سيدا .

تنهدت و اشاحت بوجهها .
و لكنه أدارها نحوه و ثبت نظره في نظرها .
سألته و هي تتعلثم :
- هل ستسيء معاملتي
غدا ؟
- أنا أسيء معاملتك ؟

بدأت يده تعبث بأزرار بلوزتها .
- اي بارغامي على إعطائك اسم من وضع السلم ؟

فكرت تارا في دافوس و كليانش اللذين رأيا الرسالة عندما اتى بها الرجل .
سيعرف بها حتما و سيكون يوم غد كابوسا بالنسبة اليها .
- لن أقول لك أبدا . يمكنك ان تقتلني ، و لكنك لن تعرف من ساعدني .
- لن اقتلك ...

بدأ الآن عملية عناقه و لم تختلف هذه بتفاصيلها عما سبقها من عمليات مماثلة .
- في حياتي كلها لم استمتع بوجود امرأة كما استمتع بك .

نسيت تارا مغامرة تلك الليلة و خوفها من المستقبل .

**************************

يتبع...

safsaf313 11-10-08 10:28 PM

وااااااااااو رائع تعبينك معانا يا قمر

QUEEN CROWN 12-10-08 02:56 AM


شكراً شكراً شكرا ًجزيلاً
والله تعبناك معانا بس سامحينا
وبليز بليز بليز كمليها !!!!!!!!!!!!
في انتظارك
thanx

:flowers2:

redroses309 12-10-08 05:53 PM

مشكورين على المرور safsaf313 و QUEEN CROWN
على المرور
و خلاص الراوية قريب بتخلص باقي الفصل الأخير بس
و الحقيقة أسعدتني متابعتكم للرواية .

redroses309 12-10-08 05:56 PM


12 - الوعد المرير


في الصباح وجه ليون عدة اسئلة لتارا و لم يحصل على شيئ ، فأخذ يسأل خدمه واحدا واحدا و كل ما ناله من معلومات هو الرسالة فقط .
- من بعث لك هذه الرسالة ؟

رفضت تارا ان تبوح بإسمه .
- طبعا ، لم تأتك في البريد .
- كلا ، كانت من الشخص الذي ساعدني .
- ما زلت مصممة على الا تعطيني اسمه ؟

تملكته الحيرة كيف استطاعت تارا ان تتصل بالناس مع كل هذه المراقبة .
-هذه أعمال نذلة جرت من وراء ظهري ، و لن يستريح لي بال قبل ان اكتشف سرها .

تطلع فيها ، و كانا بعد في غرفة الجلوس حيث استجوب خدمه .
- تأكدي من اني سأضع عليك رقابة أشد من الآن فصاعدا .

علقت على قوله بهزة كتف دون اي انفعال :
- كل هذا لا يهمني بعد الآن يا ليون . فأنا سجينتك و لن تسنح لي فرصة للهرب لمدة طويلة جدا .

نظرت اليه و هي مستلقية بين ذراعيه .
كانت في السابق تدير له ظهرها .
لكنها هذه المرة ارادت ان تبقى بين ذراعيه اطول مدة ممكنة .
ان تبقى في حماية ذراعين قويتين كلهما دفء و حرارة .
و عندما أتى الصباح طلبت منه ان يبقيها في حماية ذراعيه .
- حتى اذا اعطيتني الوعد لن أثق فيك بعد الآن . أظنك تعرفين هذا .
قالت بهدوء و استسلام تامين :
- سأعطيك الوعد اذا اردت و سأحترمه و في كل الأحوال ، اذا لم تثق بي بعد الوعد فلن استغل استعماله . اذ اني سأعيش كما عشت منذ مجيئي الى هنا .

تغلب عليها البكاء و كأنها غضبت من نفسها لأنها تبكي . هزت يدها امام عينيها و قالت و كأنها تكلم نفسها :
- ما الفائدة من الدموع ؟
- لا أحب ان اراك تبكين .
- لا اعتقد ان بكائي يؤثر فيك .

نهض من مكانه و مشى الى النافذة واضعا يديه في جيوب سرواله .
تأملت ظهره المستقيم و عضلاته القوية .
و أحست بشيئ مثل شعور داخلي لا تفهمه يتحرك فيها .
ما الذي تغير فيه ؟
قبل بضع ساعات كادت تقذف بنفسها من النافذة و كان يمكن ان تموت او تؤذي نفسها .
استغربت من نفسها كيف شعرت بنصر التفوق عليه عندما هددته بالقفز من النافذة اذا لم يخضع لشروطها .
وشعرت بقشعريرة الخوف تسري في عروقها لمجرد التفكير في ذلك .
و عرفت انها لم تكن تستطيع ان تنفذ ما هددته به ، و لكنها أسفت لأن الحظ لم يسعفها كي تصل الى بغيتها .
كانت تريد فرض شروطها و الحصول على مناها في ان تكون بدون مراقبة .
و لكن القدر تدخل و أنقذه من مذلة الهزيمة .
و بينما كانت تتوقع تهديدا أو عقابا أتاها عناق طويل .
كان في حينه خائفا كثيرا ... هل سبب خوفه أعمق مما استطاعت استنتاجه ؟
كانت تعتقد انه يريدها فقط ، و لكن الرعب الذي اصابه و هي تهدد بالقفز يعني اكثر من ذلك بكثير .
و لكن ماذا يعني ؟
التفت نحوها و قال :
- اشعر انك ستحاولين دوما ان تهربي مني يا تارا .

عبست بسبب رتابة صوته ، و بدا لها انه فريسة لليأس . و أضاف يقول :
- لم أصدق أبدا انك ستهربين فعلا .
- و لكنك كنت تصدق انك تستطيع الاحتفاظ بي .
- نعم ، و كنت متأكدا من ذلك .

كانت عيناه تحلمان و عاد فجلس حيث كان سابقا .
و كان هذه المرة غير مستقر و فاقد الهدوء و لم يبدو انه نفس الرجل المترفع الواثق من نفسه .
لأول مرة رأت تارا فيه شيئا من التواضع أذهلها ، و لكنها لم تبال بذلك مطلقا .

و تواضعه هذا غريب عن طباعه المعروفة بالسيادة و السيطرة اللتين كانتا موضع اعجابها حتى و هي تقاومهما .
و لكنها لاحظت فيه نقصا معينا ... ما هو ؟
جاذبيته ... ؟ نظرت الى يدها و ظنت أنها تحس بشيئ غامض يحدث لها .

تكلمت بصوت هادئ و لطيف :
- قلت لك ان الأنسجام الجسمي ليس كافيا .
أتذكر ؟
- أذكر .

كان جوابه جافا و سريعا .
- الزواج يجب ان يتقوى بالحب .
- كنت تحبين ديفد ام كنت تعتقدين ذلك ؟ و هل تعتقدين حقا انكما كنتما عشتما سعيدين لو تزوجتما ؟
- طبعا .

و لكنها لم تكن متأكدة من اعتقادها هذا اذ داخلها بعض الشك في مستقبلها مع ديفد .
- طبعا ؟ ام انك لست موقنة ؟

كانت عيناه تتفحصان عينيها بإمعان .

كانت حالمة عندما هزت رأسها و نظرت اليه شاردة و هي مصعوقة بالاكتشاف الذي أخذ يحتل ذهنها تدريجيا .
من المستحيل ان تكون قد وقعت في حب هذا المسخ !
في حب هذا اليوناني الغريب الذي لم يفوت اية فرصة ليفرض عليها سيادته و ليهزأ بها أو يبرهن على تفوقه بطريقته الوقحة .
- أنا ... أنا متأكدة من ذلك .

ضحك و رفع حاجبيه :
- من تحاولين ان تقنعي يا تارا ؟

ها هو قد استعاد ثقته في نفسه و تلاشى تواضعه .
هذا هو ليون الذي عرفته و اعتادت عليه ... و الذي أحبته ...

نعم ، أحبته ، و لا يفيدها انكار ذلك مهما حاولت .
فكرت في العيش بدونه .
طبعا سيكون حسنا ! لا آمر و لا مأمور ، و لا سيد يلقي الاوامر فيطاع .
بدونه ستكون حرة ... و لكن هل تريد حقا ان تتحرر ؟
الحياة بدونه ... اغمضت عينيها كي لا ترى طريقا موحشة باردة تمتد امامها بلا نهاية .
كي لا ترى المستقبل المملوء بالذكريات التي ستبقى حية و واضحة .
كلا ! ليست بهذا الجنون لتقع في حبه .
انه وحش و سيبقى كذلك .
و قالت لنفسها :
- لا أحبه ، و حتى ان احببته اكره ان ابقى بجانبه لأنه يؤمن بأن الرجل في هذا الجزء من العالم كل شيئ و المرأة لا شيئ !
- سألتك من تحاولين ان تقنعي .

لم تكن في وضع يمكنها من الكلام .
لكنها اخبرته بكل شيئ و بالآمال التي كانت تجمع بينهما .
تكلمت بحنين المتلهف الى الذكريات عن تأثيث بيتهما الصغير الجميل الذي اشترياه بالتقسيط .
تكلمت عن بهجتها عندما تنهض يوم زفافها و تجد الشمس مشرقة .
- كان ثوب العرس جميلا ...

توقفت لتمسح دمعة نزلت من عينيها و انزلقت على وجنتها الشاحبة .
و لاحظت في نفس الوقت ان ليون ابتلع ريقه كأنه يحاول إزالة شيئ لاصق في حلقه .
و ان يديه كانت تنطبقان و تنفتحان بعصبية تلقائية مما يدل على انفعالات قوية تتحكم به .
فيم كان يفكر ؟
لم تستطع ابدا ان تقرأ افكاره ...
و كادت تختنق من التأثر و هي تقول :
- انت لم تعتبر ان ثوب العرس كان جميلا ... لذلك رميته في البحر .

لم تقصد بهذا الكلام ان تؤنبه أو ان تؤلمه ... و لكنها دهشت عندما لاحظت رعشة في وجهه .
- أرى ان نغير الموضوع . و علي الآن ان اذهب الى مكتبي حيث سأعمل حوالي الساعتين و سألقاك بعدها في الحديقة .

نهض و رفعت تارا رأسها فأمالته الى الوراء و سألته بعد فترة وجيزة :
- هل تخليت عن بحث القضية ... اعني قضية محاولتي في الهروب ؟

نظر اليها طويلا و جال بنظره على وجهها ثم أجاب :
- ستنجلي الحقيقة بكاملها يوما ، اما الآن ...منتديات ليلاس

و رفع يديه و رماهما الى أعلى دلالة على اليأس أو الفشل .
- لا يبدو ان هناك شيئا نكسبه من الاستمرار في التحري . و من الطبيعي ان تصيبني الدهشة اذ لم يكن أحد الخدم متورطا . و لا أدري اذا كان هناك شخص تعرفينه خارج البيت ...

و فجأة توقف و تطلع فيها و سألها :
- هل زارك أحد أثناء
غيابي ؟
- زائر ؟

عرفت انه شك في زائر معين لأنها تحادثت مع نيقولاوس معظم وقت العشاء . و ارادت ان تكسب الوقت فقالت :
- قلت ان زائرا أتى ليراني ؟

صرخ اسم الزائر في وجهها .
- نيقولاوس ! نيقولاوس زارك ، أليس كذلك ؟

هزت رأسها نفيا و تذكرت إلين و هي تدخن عندما زارتها فقالت :
- إلين كانت هنا .

ربما ينسى نيقولاوس و يتلهى بموضوع إلين .
- إلين ؟ هل هي التي ساعدتك ؟ لا أعتقد انها تستطيع تحريك السلم .

سألته بلهجة لاذعة :
- ما الذي يجعلك تفترض ان إلين ترغب في مساعدتي على الهرب ؟

و أضافت :
- قد تساعدني . من يدري ... فقد تفيد من إبعادي عن طريقها . الا تعتقد ذلك يا ليون ؟ ما هذا الشجار الذي فصل بينكما و جعلك تتزوجني غيظا و انتقاما ؟

كان هذا السؤال مفاجأة لم يتوقعها فسألها :
- هل كلمتك عن شجارنا ؟
- نعم ، كلمتني .
- و هل قالت شيئا آخر ؟

كان متلهفا للمزيد ، و لكن تارا رأت الحديث عن الفتاة التي كرهتها من أول نظرة بغير طائل .
- أفضل الا أقول شيئا . لننس الأمر من فضلك .
- ألم تقل ما هو سبب مجيئها ؟
- كانت تريد ان تراك بصدد عرض الأزياء القادم الذي سيقام في اثينا . و اعتقد انها ستتصل بك حالما تعلم بعودتك ، و عندها يمكنك ان تسألها عما قالت لي .

ظهر عبوس في وجه ليون و نظر اليها كمن يريد ان يتكلم الا انه ادار ظهره ليذهب .
و قال لها انه قد يتأخر عن موعد الغداء ثم خرج و أغلق الباب وراءه بهدوء .

مضى اسبوع آخر و كل شيئ على ما هو عليه .
و تمنت تارا لو تستطيع ان تنبه نيقولاوس الى ان ليون يشتبه فيه بتقديم المساعدة لها .
لن تقابله في أي حال لأن نيقولاوس الذي أوشك ان يقع في الجرم المشهود و هو يضع السلم تحت النافذة ترك الجزيرة على زورقه و ذهب الى جزيرة خيوس حيث سيقيم اسبوعا أو اسبوعين عند صديق له .

طرأ بعض التغيير على ليون و أصبحت حياة تارا اكثر بهجة قليلا .
صحيح انها ما زالت تحلم و تخطط للهرب لكن المراقبة عليها أخذت تخف .
- هل تشعرين بالأستقرار الآن ؟ تبدين لي اكثر انشراحا .

كان الجو بينهما جو إلفة و تقارب و هذه هي الساعة الأولى التي امضياها مستمتعين بالسباحة دون أي توتر اعصاب .

نظرت اليه باهتمام كبير و ابتسمت استجابة لابتسامته التي اعطتها انطباعا بأنه ربما بدأ بالاهتمام بها او ربما وقع في حبها .
- اعترف بأني اكثر ارتياحا الآن .

قالت ذلك مقتنعة بأنه يحب سماع شيئ من هذا القبيل دون ان يمنعها ذلك عن التفكير في طريقة للهرب .

كان في تلك الاثناء ينظر الى شعرها و وجهها و شكلها و يعجب بلون بشرتها التي اكتسبت لون الدراق العسلي . و علق على كلامها قائلا :
- انا مسرور بما تشعرين . تستطيعين ان تجعلي من حياتنا نعيما لو انك أقررت بالأمر الواقع و هو انك زوجتي مدى الحياة .
- و استسلم لك كسيد مطاع ؟

لم يعجبه جوابها الذي خرج من فمها كالسهم .
- لا أريد ان اسيطر عليك ، و لكن اذا أثرت غضبي فستلاقين ما لا يعجبك .

لم يعد الجو منسجما بينهما . تبلبل فكرها و أخذ قلبها ينبض بسرعة و قالت و هي تجفف رجليها :
- قولك بأنك لا تريد السيطرة علي يبدو شاذا على سمعي يا ليون ، اذ ان اعمالك و تهديداتك المتكررة تناقض اقوالك .
- انت دفعتني الى معاملتك بهذا الشكل . و ...

لكنها قاطعته و قالت :
- قاومتك عند ما كنت تلتهمني بنظراتك الآن هل تتوقع غير ذلك من المرأة ؟
- انت امرأتي و لي حقوق الزوج .

نبرة الأمر و النهي لم تتغير . و رأت نفسها عاجزة عن الرد عليه منطقيا و لم تدر سببا لذلك .
- انا امرأتك بالاكراه ، و لا افهم قولك بأن لك حقوقا علي .
- كل الرجال لهم حقوقهم على زوجاتهم .
- كلا ، ليس كلهم .

هزت رأسها بقوة و قالت بحزم :
- فقط اولئك الذين لم يتمدنوا يفرضون تلك الحقوق .
- تقولين اني لم اتقدم في الحياة ؟

توقعت ان يقول أشياء أشد إيلاما من ذلك .
و لما رأت تعابير وجهه ظنت انه لا يرغب في الاساءة اليها .
- في كثير من طرقك انت تطبق المدنية الغربية و لكن مواقفك من النساء و الزواج ما زالت متأخرة . و في رأيي انك لن تجد سعادتك الزوجية إلا في زوجة يونانية مثلك تأتيك من القرى النائية حيث التقاليد ما زالت قائمة .

كان صوتها و هي تتكلم رصينا و معتدلا .
و رأت و هي تتطلع في عينيه السوداوين انها تحبه و انها تكون سعيدة معه لو عرف ما تريده منه .
و ليون لا يختلف عن كثير من الرجال الذين يفضلون الحب على الرغبة .
و كمعظم الرجال لا يفهم ان المرأة لا تستطيع فصل الأثنين .
و هذا هو أحد اسرار الطبيعة الغامضة ... و هو ان الرجال و النساء يختلفون في نظرتهم الى الشيئ نفسه .
فالمرأة تشعر بالحاجة الى الحب لترتمي في أحضان الرجل و الى مبادرة الرجل لها بالشعور ذاته .

و كما لو كان ليون يقرأ ما في فكرها قال :
- بما اني متزوج الآن فلا أرى كيف استطيع ان اتزوج فتاة يونانية من تلك القرى النائية التي ذكرتها .
- تأكد يا ليون اننا لن ننهي أيامنا معا .

كان صوتها حزينا ، و لما لم يعلق بشيئ قالت :
- في اليابان القديمة كانت المرأة تؤكد على حب الرجل لها قبل ان تقبل به زوجا .
و لذا كان الرجل يرسل اليها في صبيحة اليوم التالي ما يرمز الى حبه لها ، و اذا لم تتسلم هذا الرمز فلن يكون زواج أو اية علاقة بينها و بين الرجل .
فتح ليون عينيه على وسعهما استغربا و قال :
- لا اصدق هذا .
- اعرف انك لن تصدقه .

شعرت تارا بمرارة في قلبها .
و اغتاظ ليون بسبب ما قالت و لم يعلق بشيئ ، بل نهض و تركها .

***********************

redroses309 12-10-08 05:58 PM


13 - هل جاءها الخلاص ؟



مضى يومان نزل ليون بعدهما الى القرية ليقص شعره .
و اشترى بعض الثياب من عند مارغاريتا .
و فكرت تارا فيما عسى ان يقول أهل القرية بصدد احتجابها عن انظار الناس .
فالوحيدون الذين يعرفون السبب هم الخدم الذين يراقبونها .
و ربما مارغاريتا ايضا نظرا لعلاقتها الوثيقة بليون .
مضت الاسابيع تلو الاسابيع لم يرى فيها تارا الا القليلون .
صحيح ان من عادة الزوجة ان تبقى في البيت مدة طويلة و لكن القرية تغلي من الفضول لرؤية العروس الجديدة .
كان ليون يأمل في الحصول قريبا على تأكيدات من تارا بأنها لن تحاول الهرب .
و لما طالت مدة انتظاره وقع في ارتباك كبيرة تجاه اهل القرية تحاول الهرب .
و لما طالت مدة انتظاره وقع في ارتباك كبير تجاه اهل القرية و تجاه معارفه في العاصمة حيث لم يعد اصدقاؤه و شركاؤه في الأعمال قادرين على كتمان دهشتهم بسبب احتجاب زوجته طيلة هذه المدة .
ربما نجح ليون في اقناعهم باعطائهم عذرا معينا .
و لكن الى متى سيدوم هذا الحال ؟ ربما كان عذره انها تنتظر ان تنجب طفلا .

و تساءلت تارا عما تكون ردة فعله عندما يعلم ان كل آماله ذهبت ادراج الرياح .

و ما كاد يتغيب عن البيت نصف ساعة حتى دهشت تارا عندما رأت ثلاثة رجال يصعدون نحو البيت على ظهور الحمير .
قليلون هم الذين يقتربون من الفيلا .
و لكن دهشتها تحولت الى ذهول سمرها في مكانها عندما وقع نظرها على رجل لم تصدق عينيها اذ رأته .
و صرخت و هي جامدة في مكانها :
- ديفد ...

هذا غير ممكن . أنها رؤيا ، أنه خيال !
في النهاية تمكنت من التحرك و كان كل عصب فيها يرتجف .
ديفد هنا و معه رجلان آخران .
كلا ! أنها لا ترى أشياء في مخيلتها .
و في ظرف غير هذا كانت ستضحك من مظهرهم على ظهر الحمير .
كان صاحب الحمير يجر نفسه خلفهم لاهثا ، و هو عجوز يعتاش من تأجير الحمير لزائري القرية همست لنفسها :
- ديفد !
- تارا !

رفع يده ليحييها و لكنه أعادها ليمسك برقبة الحمار خوفا من السقوط .
خطت بعض الخطوات برجلين من عجين و بعقل توقف عن التفكير .
هل سيعود ليون الآن ؟
ربما لم يلحظهم في الميناء أو في القرية .
- ديفد !

تحركت بسرعة اكبر و استطاعت ان تركض .
اسرع ديفد نحو الباب و لكنها سبقته اليه و فتحته بينما الرجال ينزلون عن ظهور الحمير .
و في لمح البصر كانت تارا بين ذراعيه تبكي .
- ديفد ، كيف عرفت ... ؟ كيف يمكن ان تكون هنا ؟

اصابتها نوبة من الهستيريا و جعلتها تنتفض .
الحرية ! الحرية هنا بدون أي شك .
لا شيئ يقف في طريقها الآن ... و لا أحد .

كان احد الرجلين شرطيا يونانيا و الآخر شرطيا بريطانيا و كان كلاهما باللباس المدني .
و لكنها لم تكن تعي الا وجود ديفد و لا تسمع الا كلماته الجنونية التي اختلطت بها عبارات الشرطي البريطاني و هو يحاول ان يعرفها على نفسه و على زميله .

في هذه المعمعة كان دافوس واقفا على حدة يتطلع و هو قلق جدا .
طلبت تارا من الشرطي الانكليزي ان يبعده عنهم فابتعد مسافة قليلة فقط و أخذ يشغل نفسه بغصن شجرة متظاهرا بأن ذلك جزء من عمله .
و كانت عيناه في الوقت نفسه تنتقلان من الداخل الى الخارج خوفا من مفاجأة ليون لهم .
و سألها الشرطي الانكليزي :
- هل تسمحين لنا بالدخول ؟ عندئذ نتكلم و من ثم نتبع خيط قضيتك .
منتديات ليلاس
ذهب الشرطي اليوناني و كلم دافوس بلغته .
بينما سألت تارا ديفد و هي لا تزيح عينيها عنه :
- ما الذي أتى بك الى هنا ؟ انها لأعجوبة ! لا استطيع ان اصدق انك هنا حقا .
- تمكنت الشرطة من اكتشاف دليل بعد ان أمضوا أسابيع و هم يتخبطون في الظلام .

و أخذ ديفد يسرد على مسامعها كيف حصلوا على الدليل من بواب المستشفى و لكن بعد ان عاد من اجازة طويلة دامت اسابيع .
تحرت الشرطة عن كل من اتصل بتارا و كرروا تحقيقاتهم مع موظفي المستشفى .
و تحول ديفد الى موضوع له علاقة بالتحقيق قاصدا بذلك معاتبتها فقط اذ قال :
- لماذا لم تخبريني يا حبيبتي انه أرسل اليك باقة أزهار ؟
- لم استطع . لا تسألني عن ترددي في اطلاعك على ذلك يا ديفد . ظننتها مسألة عابرة و لذا لم أرد ازعاجك .

و هنا قال الشرطي مؤنبا :
- كما أخفيت المكالمات الهاتفية ايضا .

و تابع يقول :
- لو انك أخبرت أحدا بذلك لكنا أعدناك منذ زمن طويل .

أضاف ديفد :
- تتبعت الشرطة الأثر الذي حصلوا عليه من البواب ، و أدى بهم الى اثر ثان حصلوا عليه من عاملة التلفون التي عندما ذكروها باليوناني قالت ان رجلا ذا لكنة غريبة كان يحاول الاتصال بك عدة مرات . و لكن العاملة امتنعت عن ايصاله بك نزولا عند طلبك .

و نظر ديفد في عيني تارا و لكنها كانت نظرة تأنيب و تابع كلامه قائلا :
- قلت لعاملة الهاتف ان هذا الرجل يزعجك بإلحاحه .

اومأت برأسها و احمر وجهها اعترافا بالذنب .
- كان يجب ان اطلعك على كل شيئ يا ديفد ... و لا اعرف لماذا قصرت في ذلك .

كانت و هي تتكلم تعود بافكارها الى اللحظات الممتعة التي أمضتها بين ذراعي الرجل و هو ما زال غريبا عنها ، فكيف تشكوه الى ديفد و هي شريكته في انفعالاته العاطفية ؟
- لو اطلعتني لما خطفك . الم تعرفي ذلك ؟

لم تجب بشيئ لأنها ليست موقنة من تأكيدات ديفد .
كما تعرف زوجها و قدرته في الحصول على ما يريد عندما يصمم عليه .

عاد الشرطي بعد ان حاول استخلاص بعض المعلومات من دافوس الذي قال عنه انه لم يفتح شفتيه كأنه اخرس .
قدم الشرطي الانكليزي زميله اليوناني باسم فيفوس مرياكيس و قدم نفسه بإسم اوسكار ستورات .

قال فيفوس : ان دافوس مرتعب من رئيسه بالرغم من اني أخفته انا ايضا .

و دخل الجميع الى البيت .
و هناك في حرارة الغرفة الرطبة شعرت تارا بهدوء نفساني ساعدها على تقييم ما أعطوها من معلومات و حاولت ان تفهم الوضع الجديد الذي طرأ عليها و مكنها لأول مرة من تذوق طعم الخلاص و الانفلات من قبضة زوجها و من سجنها المؤبد .
كانت الآن اكثر وضوحا في اجاباتها على اسئلة الشرطيين .
بينما كان ديفد جالسا يستمع .
و فيما كانت توضح لهم بعض نواحي حياتها سمعت يئن عندما سمعها تتكلم عن الانذار النهائي الذي هددها به زوجها و عن الخيار الذي فرضه عليها ، إما الزواج أو البقاء معه بشكل إجباري .
- اذن انت متزوجة ؟ ياله من حيوان !
- كان اما الزواج و اما الخيار الآخر كما أوضحت لكم .

كادت تبكي و قد أثر فيها منظر ديفد الحزين بوجهه الوفي المخلص .
- اظنك كنت تفكر بما انا فيه من تعاسة يا ديفد ؟

كان يرتعد و هو يتكلم :
- لم استطع التفكير بأي شيئ سوى اني اتخبط في جحيم من التصورات !
كنت أحاول ان أتحاشى التفكير في ان الفتاة التي أحبها تعيش في عذاب .

لاحظت تارا انخفاض صوته و الألم في عينيه و تعبير الاشمئزاز على وجهه الذي ما زال يجتذبها كما في السابق .

تعرف تارا ان ديفد لا يستطيع ان يتحمل حتى التفكير في أن رجلا آخر امتلكها . انها تقدر احساسه ، و مع ذلك ...

كان يتمتم لنفسه بحدة :
- متزوجة ، متزوجة من رجل آخر غريب ... و هذا الغريب تسبب لها في كل ذلك !
- ألن تستطيع ان تنسى ابدا اني كنت متزوجة من رجل آخر ؟

كان سؤالها فضوليا تفوهت به بعد ان شعرت باحساس غريب لم تدرك مداه .
كان سؤالا فيه شكوك غامضة كالضباب .
يوم اختطفها كانت تحب خطيبها حبا جما و ظنت انها ما تزال تحبه في ساعة اندفاع عاطفي كان ايضا عرفانا بالجميل عندما وجدته امامها فجأة .
فهل من الممكن ان تحب رجلين معا ؟
- انا ... انا ... بحق السماء ، لا توجهي الي اسئلة كهذه في الوقت الحاضر ! لا استطيع ان أركز أفكاري ...
- ألم تفكر في انك قد تفاجأ بهذا الاحتمال ؟ اختطفت ، و لكل اختطاف سبب . و الرجل الذي خطفني له مآرب فيي ...
- كفى يا تارا !

حاول الشرطي البريطاني ان يدخل في صلب الموضوع فقال :
- دعونا نبحث امورا اكثر اهمية . أين زوجك الآن ؟
- في القرية .
- نريد ان نحقق معه .
- كيف عثرتم عليه ؟
- بكل سهولة . بواسطة الانتربول أو البوليس الدولي .

ادخلت هذه الكلمة رعشة الى صميمها .
اذ تعني انهم وضعوا زوجها في مصاف المجرمين ،
فقالت بانزعاج :
- انتربول ...

قال الشرطي الانكليزي :
- أرغب في توجيه المزيد من الاسئلة اليك ريثما يأتي زوجك .

فركزت تارا كل انتباهها عليه . قال :
- بالطبع تزوجت من المستر بتريديس اختياريا . و ما لا أفهمه هو لماذا لم تستجيري بالرجل الذي زوجك ؟

اضاف ديفد :
- هذا صحيح . لماذا لم تستعيني به ؟

قصت تارا عليهم قصتها من أولها الى آخرها ، و هز الشرطي اليوناني رأسه حتى قبل نهاية قصتها فقال :
- لا توجد قضية ضده .

لكن الشرطي الانكليزي قاطعه قائلا :
- حدثت عملية اختطاف و في انكلترا بالذات ...
- كان الاختطاف بنية الزواج . في اي حال ، لا تستطيع هذه السيدة الشابة تقديم إفادة ضد زوجها .

اغتاظ الشرطي الانكليزي من هذا القول .
اما تارا ، فلم تتحمل صورة زوجها و هو يقاد مقبوضا عليه و مخفورا الى انكلترا .
و يعرف ليون انه حتى لو حدث هذا لن تستطيع زوجته ان تشهد ضده حسب نصوص القانون .
و فطن ديفد الى نقطة معينة في عبارة تارا ... ربما ارتياحها لعدم وجود قضية بحق زوجها ... فسألها و هو يثبت نظره في عينيها :
- هل ... ما زلت تحبينني ؟

تردد في بدأ سؤاله .
و رأت تارا العلاقة بين صيغة هذا السؤال و صيغة سؤاله الأول عندما وصل الى بيتها ، و هو اذا كانت ما تزال تحب زوجها .
أجابت تارا :
- كل ما أريده الآن يا ديفد هو ان أبتعد عن هذا المكان و أعود الى انكلترا حيث سأحاول ان اتغلب على محنتي .
- افهم ذلك يا عزيزتي . نستطيع ان نأخذك في الحال .

ابتسمت له . لكن ابتسامتها هذه المرة لم تعكس تلك الابتسامات التي كانت تعبر في السابق عن ارتعاشها لدى سماعها كلمة " عزيزتي " .
و لم تحلم بأنها ستقابل هذه العبارة بفتور كما قابلتها الآن .
آه لو ان ليون يعرف هذه الكلمة ... و لكنه لا يعرف كيف يستعملها !
انها متأكدة من ان هذه الكلمة ... عزيزتي ... لم تخرج من فمه مرة واحدة طيلة حياته .

قال رجل البوليس اليوناني :
- كم سيأخذ زوجك من الوقت ليعود ؟ بالرغم من اننا لا نملك دعوى ترفع ضده ، نريد فقط توجيه بعض الاسئلة اليه . و نريد ان نخبره بأننا سنأخذك معنا .

توقف و نظر الى عينيها نصف المغمضتين و سألها :
- هل تصرين على تركه ؟

صرخ ديفد مجيبا عنها :
- طبعا تريد ان تتركه ! ألم توضح ذلك بنفسها ؟

نهضت تارا لتحضر لضيوفها بعض المرطبات .
فطلب الشرطي الانكليزي فنجانا من الشاي ، بينما فضل اليوناني شرابا مرطبا .
اما ديفد فطلب قهوة فرنسية مع قطعة حلوى .

بعد فترة أقبل ستاماتي بطلباتهم و قدمها اليهم .
و قد علم بوجودهم من دافوس الذي كان قلقا على الوقت .
و فيما هم منهمكون بتناول مرطباتهم ،
قال ديفد لتارا :
- لماذا لا تنهضين و توضبين ثيابك ؟ لا نستطيع التأخر عن زورق نقل الركاب . سيأخذنا الى الفندق عند المرفأ لنقضي ليلتنا هناك .

تساءلت تارا لماذا تقضي ليلتها في الفندق و هي موجودة في بيت .
مما لاشك فيه انها تريد ان ترحل عن هذه الجزيرة حيث تعيش وحيدة في سجنها و تحت المراقبة ليلا و نهارا .
الا انها فكرت بالمستشفى و الثرثرات التي ستجري وراء ظهرها .
كلا ، لن تعود الى هناك و لن تستطيع ان تبدأ حياة جديدة مع ديفد .
و كل ما تريده الآن الرحيل أولا و من ثم التخطيط لما تريد ان تفعله بحياتها بعد ذلك .

*************************

يتبع...
الفصل الأخير...

sima_08 12-10-08 10:55 PM

اتمنى ان تكملي الرواية فهي جميلة جدا

الهنووووف 13-10-08 08:32 AM

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

الله يعطيك الععافيه

انا من زمان عن منتدى ليلاس للروايات لان بصراحه كلمادخلته جهازي يجيه فيروس مدري ليه

بس وربي اعشق المنتدى هذاا بشكل مو طبيعي

تمارااا 13-10-08 09:11 AM

رواية مررررررررررررررررررررررررررررررة روووووووووووووووووووعة تسلمي على تعبك
ولاعدمناك انشالله

QUEEN CROWN 13-10-08 11:07 AM

:D
مرسي ياروزي كل ما اقراء جزء افكر في معاناتك في كتابتها سامحينا بس لا تنسي الجزء الاخيربليز لانه اهم شي و إلى الامام دوماً

bobo doll 13-10-08 01:34 PM


الروايه من جد خطييييييره وتسلمي عليها

بس يلا ياقلبي لاتتاخري

redroses309 13-10-08 03:54 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة QUEEN CROWN (المشاركة 1682300)
:D
مرسي ياروزي كل ما اقراء جزء افكر في معاناتك في كتابتها سامحينا بس لا تنسي الجزء الاخيربليز لانه اهم شي و إلى الامام دوماً

مشكورة يا عسل على تفكيرك فيني بس الحمدلله خلاص إنتهت معاناتي و اليوم جابية الفصل الأخير
و أتمنى تستمتعي بقراءتها كاملة.
:lol:

redroses309 13-10-08 04:00 PM

أشكر مرورك bobo doll و تسلمي لي على هالطلة
و حبيت أشكر كل من تابع معاي كتابة الرواية و حماسكم معاي هو سبب اني خلصت الرواية رغم إني كنت مشغولة شوي هاليومين و إنشاء الله نلتقي مرة ثانية في رواية جديدة <<<<<<<<<< طبعا بعد ما أخذ بريك
.:)

redroses309 13-10-08 04:02 PM


" الفصل الأخير "

14 - لن أقبل بالهزيمة


لم تشك تارا مطلقا في ان زوجها لن يستطيع ان يدخل الى قلبها الخوف طالما هناك من يدافع عنها في شخص ثلاثة رجال بينهم اثنان من بلدها .
و مع ذلك تململت عندما رأت ليون يدخل الحديقة و لم يخفف من احساسها هذا وجود الرجال الثلاثة .
كان ليون يحمل علبة كرتون كبيرة تبتهج أي امرأة بالحصول على محتواها .
و رأت دافوس يسرع اليه و يكلمه ، و لم يتمهل ليون ليستمع الى بقية حديث دافوس فأسرع الخطى .
تعرف تارا انه لا يحسب لظرف كهذا حسابا و لكن وضعه قد يسبب له كثيرا من المضايقات ...

دخل بقامته المديدة فنهض كل من الرجال الثلاثة و قدموا أنفسهم مبينين له سبب وجودهم في بيته .
لم يبدو لتارا أنه تأثر ، و كان طيلة الوقت ينقل نظره من الرجال الى زوجته و بالعكس .
و ركز عينيه مرتين على ديفد و في كل مرة كان يكشر .
اعتزت تارا بثبات جأشه و بثقته في نفسه ، و تأكد لها انه سيكتسحهم بغطرسته التي ورثها عن أجداده الوثنيين .

بعد ان انتهى الشرطيان من الحديث و من القاء الاسئلة التي كان يجيب عليها باقتضاب او لا يجيب ، التفت الى امرأته و قال :
- الواضح انك قلت لهؤلاء الرجال انك تزوجتني بمحض اختيارك .

أجابت باقتضاب :
- نعم ، قلت ذلك .

و أدارت وجهها عنه بالرغم من ان نظراته كانت تخلو من الغطرسة أو الغضب .
بل كان فيها نوع من الحزن .
و هذا ما ارادت تارا ان تتفاداه .
- في هذه الحال ، ليس لديك أي شيئ تشكين أو تتذمرين منه اذن .

قال ديفد بغضب مكبوت :
- بل على العكس . لديها الكثير تشكو منه ! اختطافها يوم حفلة زفافها ...
بساعة واحدة قبل ان تزف الي ...

فالتفت ليون اليه و قال :
- كانت تارا قد وعدتني بالزواج قبل يوم زفافها بمدة طويلة . فهل من المعقول ان تتخلى عني لتتزوجك ؟ هذا شيئ لم أقله ، و هي تعرف في صميم قلبها اني حسنا عملت باختطافها ...
- اذن كانت مخطوبة لك ؟

حدق ديفد و هو لا يصدق في وجه الرجل الذي سرق عروسه ثم الى وجه العروس نفسها .
كان وجهها متوردا و كان العرق يتصبب من جبينها .
قالت :
- هذا غير صحيح . مستحيل . لم اسمع عن هذا الرجل الا عندما كان في المستشفى .

سألها الشرطي الانكليزي عابسا :
- هل هذا صحيح ؟

و سألها الشرطي اليوناني بدوره :
- كنت مخطوبة ؟ اذا صح هذا ... فالخطوبة في اليونان هي بدرجة الزواج تقريبا . و الخطوبة لا تفسخ الا في حالات نادرة .

أجابت تارا بصوت جاف لم تكن تعرفه هي نفسها :
- لم أكن مخطوبة الى السيد بتريديس ابدا .

فقال ليون :
- اني لم أذكر كلمة خطوبة .

و لدهشة الجميع اقترب منها و رفع ذقنها بقوة و قال :
- انت وعدتني بالزواج . و لذا فإني اعتقد انك لن تكذبي يا زوجتي . هل وعدتني ام لم تعديني بالزواج ؟

و هزها من ذقنها مرة اخرى متحديا اياها بنظرة قاسية و حاثا إياها على اعطاء جواب فورا .
- نعم ... نعم . وعدته بأن أتزوجه .

كان صوتها مخنوقا و صعق ديفد عندما سمعها و قال و هو يهز رأسه :
- غير ممكن ! ماذا جرى لك ؟ متى تعرفت عليه ؟

أجابت تارا :
- عندما كان في المستشفى .

كان لون وجهها بلون وجوه الموتى .
و ودت لو تستطيع ان تختفي عن الانظار ريثما تستجمع قواها و تهدئ أعصابها المنهارة و تابعت كلامها قائلة :
- كان يعتقد ان كلا منا خلق للآخر ، و اقنعني في مرة من المرات اننا متلائمان ننسجم مع بعضنا .
- متى كان هذا بحق
السماء ؟
- قبل يوم الزفاف بأسبوع يا ديفد .
- قبل التاريخ الذي عينته لزواجك . و وعدتني أن تتخلى عنك لتتزوجني .
- هذا مستحيل ! أنكري ذلك يا تارا ! تكلمي !
- لا تستطيع انكار ذلك . اعترفت في هذه اللحظة بأنها وعدتني فتزوجتني بمحض اختيارها ، و نحن نتوقع ولادة طفلنا الأول ...
- كلا !

خرجت هذه الكلمة من فم رجل يائس و نهض رافعا يده كمن يريد ان يضرب هذا الرجل الوقح ، و تابع احتجاجه قائلا :
- تارا ، انت لست ...

شعر ديفد ان قواه خارت فارتمى على كرسي و هو ينقل نظره بين ليون و تارا التي وجدت نفسها تقارن بين الرجلين .
كان ديفد ينقصه الكثير من رجولة ليون .
و لكنها أشفقت عليه و تمزق فؤادها من أجله لأنه كان يحبها من كل قلبه و بإخلاص .
و بالرغم من انها تعلم تماما انه يعجز عن انقاذها من هذه الورطة كما تعجز هي ، إلا انها لا تشك في أنه يتألم مما حدث . و بعد فترة قالت بصوت هادئ و هي تنظر الى ديفد :
- اني لا اتوقع و لادة طفل . زوجي ارتكب خطأ في حسابه .
منتديات ليلاس
لم يصدق ليون ذلك و سألها بحدة :
- هل هذا صحيح !
- لا يربطني أي شيئ بك يا ليون . فأنا ذاهبة مع هؤلاء الرجال . ارجو المعذرة ، فاسمحوا لي ان أوضب حوائجي و سأكون جاهزة في أقل من ربع ساعة .
- انتظري يا تارا ! لا تستطيعين تركي ! هل تسمعين ؟

قال الشرطي البريطاني :
- لا شيئ يستطيع منعها من ان تأتي معنا . أنت اخذتها بصورة غير شرعية .

فنظر ليون الى تارا و سألها :
- هل تقدمين شكوى ضدي ؟
- انا ...

تعلثمت . و ارادت ان تسبب له بعض القلق .
و لكنها لا تستطيع ان تقول له بأنها ستتهمه امام الشرطة بينما هي لا تنوي ان تفعل ذلك .
- كثيرا ما قلت انك تودين ان تريني في السجن يا عزيزتي . هل ما زالت هذه الفكرة تراودك ؟
- قد يكون هذا ما تستحق .
- لم تجيبي على سؤالي بعد .
- ليس لدي شكوى ضدك .

دهش الشرطي ستورات فهتف غير مصدق :
- ماذا ؟!

و لكنه لم يضف أي كلمة أخرى .
- و هكذا فإن الفكرة لا تراودك الآن ؟
- كلا .
- مضى زمن طويل منذ ان قلت هذه الكلمات . اما الآن فلا أريد ان أراك في السجن .

فعلق الشرطي مرياكيس قائلا :
- اذن هذه نهاية التحقيق . ان هذه السيدة وعدت ان تتزوجه ثم تخلت عنه و تزوجت شخصا آخر . و يبدو لي انها لا تعرف أيا منهما تختار . و يعتبر الناس من مثلها طائشة فيفقدون احترامهم لها و تبقى عزباء طول حياتها ...

احمرت تارا من هذا الكلام و من احتمال سخرية ليون منها .
و مع ذلك فكل شيئ فيه يجتذبها ، و وقاحته اكثر من أي شيئ آخر .
- انا ذاهبة لتحضير ثيابي .

لم يمض على خروجها ثلاث دقائق حتى كان ليون عندها في الغرفة .
و رأته واقفا يضع يدا على الباب و أخرى في جيبه .

لم تتحمل نظراته و خافت من هذا السكوت الذي يشبه السكون قبل العاصفة .
فقالت و هي تشعر بالخوف لأنه قد ينجح في منعها من الذهاب :
- ماذا تريد !
- هل صحيح انك لست
حاملا ؟

كان كلامه ناعما و كان فيه تحد ولكنها لم تتجاسر على الكذب ، فأجابت :
- نعم ، صحيح . و هذه المرة كان القدر لطيفا معي .

كانت و هي تتكلم تضع اشياءها في حقيبة على السرير و هي شاردة الذهن .
- اني لا أقبل الهزيمة يا تارا.
- يجب ان تقبلها هذه المرة . انا حرة الآن و انت خسرت الجولة الأخيرة !

و عندما كانت تضع بعض الالبسة الداخلية في الحقيبة قالت :
- سأعيدها كلها اليك مع الحقيبة ...
- اخرسي !

أخذ قلبها يخفق بسرعة .
- ماذا يعمل الشرطيان الآن ؟
- لا ادري . يناقشان بعض الاشياء . اما شرطيك الانكليزي فكاد يجن لأنه لا يستطيع توقيفي .
- انا لا ارغب في ان أراك موقوفا .
- لماذا ؟
- لأنني لا أحقد .

وضبت آخر قطعة اخرجتها من الجارور و وقفت مرتبكة لا تدري ما تفعل و سمعت في الخارج عصفورا يزقزق .
- تعالي يا تارا !

لم تجبه ، بل ذهبت الى الخزانة و أخرجت منها فستانا وضعته في الحقيبة و سترة وضعتها على السرير .
و لما استدارت كان ليون واقفا لصقها تقريبا .
ضمها اليه ليجعلها تستسلم كما كانت تفعل كل مرة في السابق .
و همس في اذنها :
- لا تستطيعين التخلي عني . انت لي يا تارا . انت ملك لي .
لن أدعك تذهبين ... ابدا ، ابدا !
- لا تستطيع عمل شيئ الآن .
- انك تغيظينني . هل تعتقدين اني سأسمح لزوجتي ان تتركني ... لتذهب مع رجل آخر ؟

حملقت فيه مستغربة و قالت :
- مع رجل آخر ؟
- هذه السمكة المتكومة على الكرسي في غرفة الجلوس .
لا يلائمك هذا الرجل يا حمقاء ! انت بحاجة الى رجل ! انت بحاجة الي !
- لا احتاج لا اليك و لا اليه . لن أتزوج ابدا ... و قد يعزيك هذا !
- لكنك متزوجة الآن .
- لن أكون زوجة بعد بضعة أشهر !

افلتت منه و ركضت لتطبق غطاء الحقيبة .
و تناولت السترة و الحقيبة و لكنها وجدت ان ليون قد سد عليها الطريق .
- يا لعينة ...

و توقف عندما سمع وقع أقدام مسرعة تصعد السلم .
و فتح الباب فجأة فدخل ثلاثتهم الى الغرفة .
- ماذا جرى ؟

و بدلا من ان تجيب على سؤال ديفد سلمته الحقيبة .
- أبعدني عن هذا المكان .

كانت تبكي كالطفل و ارتمت بين ذراعي ديفد قائلة :
- أريد ان أعود الى انكلترا !

خشيت من ان ليون سيقاوم حتى النهاية .
و لكنها رأت انه تراجع امام ثلاثة رجال و بدا عليه التردد .
- هذه ليست النهاية يا تارا . ستعودين !

كان كلامه كلام رجل واثق من نفسه .
و لكن تارا خرجت من الغرفة يتبعها ديفد و الشرطيان .

كانت على الزورق عندما تكلم ديفد دون ان ينظر اليها :
- لاحظت ان لهذا الرجل سطوة عليك ، أليس كذلك ؟
- نعم يا ديفد و كان ذلك منذ أول لحظة رأيته في المستشفى .
- و مع ذلك لم تقولي شيئا .
- هذه الأشياء لا يتكلم عنها الانسان .

كان كلامها واقعيا و كان فيه نوع من الاعتذار .
- هل حاولت ان تتخلصي من هذه السطوة ؟
- طبعا ، لأني لم أرد الا الزواج منك .

التفتت الى حيث كان الشرطيان واقفين على متن الزورق .
كان الشرطي اليوناني في طريق عودته الى اثينا و الانكليزي الى انكلترا ، و كان هذا الاخير مغتاظا منها لأنها فوتت عليه الفرصة في اقامة دعوى ضد ليون ، و لو لم تكن تزوجت منه لكانت الدعوى أقوى بكثير .
- و الآن لا تريدين ان تتزوجيني .
- انت قد لا ترغب في الزواج مني .

اومأ ديفد بالإيجاب . أما هي فاضافت :
- كانت تكون غلطة كبيرة لو تزوجنا ، و لكننا كنا واثقين اننا نحب بعضنا .

لم يعلق على ذلك بشيئ . و لكنها تابعت تقول بالصوت الناعم الذي كان ديفد يعبده :
- انه لمحزن حقا يا ديفد ، و لكن من حظنا اننا اكتشفنا ذلك الآن .

عبس فجأة و أجاب و الألم يحز في قلبه :
- لو لم يختطفك هذا الحيوان لتزوجنا و كنا سعيدين الآن .
- سعيدين لمدة وجيزة فقط .
كلانا متأكد من ذلك . و لكن مع مرور الوقت كنا اكتشفنا خطأنا يا ديفد .
- كيف تقولين ذلك ؟
- لأننا اكتشفنا اننا لا نحب بعضنا .

لم ينكر ذلك بل اكتفى بأن تنهد .
لكنه اقترح عليها ان يذهبا لتناول شيئ من الطعام .
- سيكون هذا آخر ما بيننا .

دخلا الى مطعم الزورق تاركين الشرطيين يتحادثان .

اتفقوا ان يأخذ ديفد و ستورات و تارا الطائرة ليعودوا الى انكلترا .
و لكن قيل لهم ان طائرة المساء كلها محجوزة .
و لا يوجد إلا مكان شاغر واحد في طائرة اليوم التالي .
- هذا يعني اننا سنبقى في الفندق .

تذمر اوسكار من اضاعة الوقت ، أولا في عدم توفيقه بإقامة دعوى و ثانيا في عدم تمكنهم من السفر .
- اقترح ان نزور المدينة طالما نحن في اثينا . لنذهب الى زيارة الأثار في الاكربوليس .

لم يكن ديفد متحمسا لهذه الفكرة .
و لكنه رافقها و في اثناء الجولة قالت تارا ان بإمكانها التجول وحدها .
و أجابها ديفد بشيئ من الأغتياظ :
- اظن انك مسرورة لأنك لم تتمكني من العودة الى انكلترا حالا .
- لا تقل تفاهات يا ديفد .
- ليست تفاهات . يبدو لي انك مسرورة بوجودك في اليونان ... بلده !

تنهدت و لم تقل شيئا ، و تابع ديفد يقول :
- ما زالت له سيطرة عليك رغم بعده عنا بأميال . هل انت أكيدة من عدم حبك له ؟

وجه سؤاله هذا غيظا و احتقارا .
و هذه المرة الأولى التي ترى فيها ديفد بهذا المزاج و لكنها لم تكن تلومه .
- إذا اردت الحقيقة ، اني أحبه .
- كنت أعرف ذلك .

كانت عيناه تنمان عن ازدراء .
- اذن لماذا انت هاربة منه ؟ من الواضح انك تستمتعين بأن تكوني تحت سيطرة الغير .
ذهلت عندما رأيته يرفع رأسك من ذقنك بهذه الطريقة الوحشية ، و ذهلت اكثر عندما لم تحتجي بكلمة أو تقاومي حركته بحركة مماثلة . أي نوع من النساء انت ؟
- لا اعرف . ان شخصية ليون قوية لدرجة اني ... أرى نفسي بلا حول ...
- و تحبين ذلك ؟ هذه جاذبية الرجولة ، هيه ؟ و الى متى تستطيع فتاة مثلك ان تتحمل عبودية يفرضها عليها رجل غريب ؟
- تركته لأني ارفض هذه العبودية . ظننت انك خمنت ذلك مثلما خمنت انني أحبه .

كان وجهها شاحبا . و كانت تتألم لمجرد التفكير في انها لن تستطيع العيش مع ليون . فقط لو انه يحبها ... لو انه يسود عليها دون ان يقسو ... لو يحبها و يمنحها احترامه و حنانه ...

لا تتحمل حياة بدون هذه الاشياء .
و لكن كلمته كانت شريعة تطاع و لا تناقش .
كانت ارادته فوق كل ارادة ، و أوامره تنفذ دون جدل .
و لكن بقدر ما تحبه تارا بقدر ما تحب ان تكون بعيدة عنه .

ضايقتها اعتراضات ديفد على كل ما تقوله أو تفكر فيه .
فاقترحت عليه ان يأخذ المكان الشاغر على الطائرة و يعود الى انكلترا و ستلحق به برفقة الشرطي .
وافق ديفد و كان الوضع مربكا .
و بعد ان رحل شعرت ان كل شيئ تركها ، القوة و النشاط و الحيوية .
و لم يخفف الشرطي ستورات من آلامها النفسية بمعاملته البعيدة عن المجاملة و هما يتحدثان اثناء وجبة العشاء :
- كل هذا مضيعة للوقت ! و كان لا يهمني لو اني تمكنت من زوجك هذا بجلبه معي الى انكلترا ! لم نفكر قط انك تزوجته ! فقد قلب هذا خططنا رأسا على عقب .
- يسرني ان ليست هناك قضية ضده .
- هل تحبين هذا المحتال ؟ و اذا كنت تحبينه ، ماذا تعملين هنا ؟
- لا اعرف ...

نظرت اليه جاهدة ألا تبكي أمامه .
- لا تعرفين ؟

و غير صوته و لهجته :
- يجب ان تعرفي ! انت تحبينه !

تجاهلت ذلك و قالت و هي تمسح عينيها بيدها :
- انت متضايق لأنك خسرت القضية ضده . لكن دعني أقل لك هذا يا مستر ستورات : لقد خسرتها لأني انقذت زوجي من المحاكمة بادعائي اني لم أخطف و اني تزوجته باختياري !

كان الذهول واضحا في عينيه :
- انت ... ؟ هل تظنين الناس يصدقونك ؟ لا تنسي ، كنت في طريقك الى المعبد . النساء ! ... كلهن سواء . لا يعرفن ما يردن و لو لبضع دقائق ! تقولين انك تريدين ان ترجعي الى انكلترا بينما خاطفك هذا الذي تريدين العودة اليه !

حولت نظرها عنه عندما قال هذا ، و لكنها أقرت بأن ما قاله من انها ترغب في العودة الى زوجها صحيح .
غير انها قالت :
- سنعود الى الوطن غدا . هل حجزت مكانين لنا فعلا ؟

كان غاضبا عندما أجاب و هو ينظر اليها نظرة خاصة :
- لي رغبة قوية في ان اتركك تتصرفين حسبما شئت .

في النهاية رفعت رأسها و تطلعت فيه :
- هل تفعل هذا ؟ لن تتركني هنا وحدي ...
- طبعا ، لن اتركك وحدك .

في صباح اليوم التالي خرجت تارا لتتجول في المدينة .
و بعد زيارة عدة اماكن انتهت الى ساحة الدستور حيث جلست في قهوة خارجية و تناولت فنجان قهوة .
بعد ذلك ارادت الذهاب الى الاكروبوليس حيث كانت تأمل ان تجد الهدوء و لو لبرهة وجيزة .
تجولت بين خرائب المدينة و تصورت كيف كانت أبنيتها الرخامية في تلك الأيام الغابرة عندما كانت الجماهير تجتمع لاحياء ذكرى أثينا رمز الحكمة .

مضى الوقت و لم تشعر تارا بمروره لولا الجوع نبهها فجأة .
و كانت الشمس عند المغيب عندما عادت الى الفندق .
و ما كادت تدخل البهو حتى سمعت شخصا يناديها ، و التفتت ناحية الصوت رأت نيقولاوس .
- ماذا تعملين هنا ؟ هل ... ليون معك ؟
- انا هربت يا نيقولاوس .

قالت ذلك بصوت رتيب لا حياة فيه .
- هربت ؟ نجحت في الهرب ؟ كيف ؟

لم يبدو مدهوشا و قبل ان تجيبه على سؤاله دعاها للجلوس في زاوية هادئة من القاعة .
قصت تارا كل ما حدث و قص عليها بدوره كيف هرب بعد ان وضع السلم تحت النافذة لئلا يقع في قبضة ليون .
و قال معلقا :
- و ليون أسرع مني و يستطيع ان يسبقني .
- لا ألومك على فرارك ، و لكن لماذا لم تتصل بي بعد ذلك ؟
- فضلت ان أختفي بعض الوقت لأبعد عني الشكوك .

لكن ليون شك في نيقولاوس و لا تعرف لماذا لم يلاحق الموضوع . ربما حاول ان يتعقب نيقولاوس و لكنه لم يعثر عليه . فسألته :
- لماذا انت هنا الآن ؟

تردد قبل الاجابة و حاول عدم النظر اليها عندما قال :
- زورقي في بيراوس الآن .
- هل تعود الى هيدرا عن قريب ؟
- نعم ... هل تفكرين في العودة الى هيدرا ؟

هزت رأسها ، و لكنها لم تكن متأكدة من انه اقتنع .
مضت برهة سكوت ،
ثم قال :
- هل تحبين ليون يا تارا ؟

وجد نيقولاوس صعوبة في توجيه هذا السؤال .
تطلعت اليه بعينين دامعتين و تمنت لو يسرع الخادم في تقديم طلبها حتى تبلل جفاف حلقها .
- نعم . اني احب ليون . و لكني لا استطيع البقاء معه يا نيقولاوس . انا انكليزية و اريد ان يحبني زوجي . معظم الحياة الزوجية في اليونان تمضي بلا حب ، أو ان الحب يأتي من جانب واحد فقط هو جانب الزوجة . لأن النساء هن اللواتي يقعن في حب ازواجهن .

كان كلامها كله مرارة .
- انا انكليزية و الحب ضروري لي ... الحب من طرف زوجي .
- انت حزينة بسبب كل هذا يا تارا ؟
- طبعا انا حزينة .

لاحظت تعبيرا غريبا في عينيه و لكنها لم تعر ذلك أي أهمية ، و قالت :
- أية امرأة تحب زوجها لا تحزن اذا هي تركته ؟ ان حياتي تكون سعيدة لو أحبني ليون . طبعا انا حزينة .

و بذلت جهدا كبيرا لتمنع نفسها من البكاء .
قال نيقولاوس :
- استطيع ان احبك كثيرا ، لكن يبدو ألا مجال لذلك . هذا ما أراه الآن .
- كان لطفا عظيما عندما أبديت استعدادك لمساعدتي .
- لكني لم أتوصل الى اية نتيجة . هل غضب ليون ؟
- لا تسألني . كاد يقتلني !
- انه حاد الطباع .

و بينما كانت ترتعد بعض الشيئ ابتسم نيقولاوس ابتسامة خفيفة و قال :
- ليون يجتذب النساء في كل الأوقات . اما المهذبون مثلي فليسوا مرغوبين .
- ستجد الزوجة الصالحة لك في يوم من الأيام يا نيقولاوس .

هز كتفيه و تحول الى موضوع آخر :
- ستترك إلين هيدرا و ستسكن في اثينا .

تسارعت دقات قلبها و سألت فورا :
- صحيح ؟ اذن انتهت العلاقة بينها و بين ليون ؟
- انتهت . لا تنسي ان ليون متزوج الآن . اليونانيون يعتبرون الزواج أبديا .

تكلمت تارا و كان صوتها بلا حياة هذه المرة ايضا :
- في نيتي ان أطلقه .

أتى الخادم بطلبهما و كانت تارا تشعر بظمأ شديد .
قال نيقولاوس :
- الطلاق لا يعجبه ...

و توقف فجأة عن الكلام و قد قطب جبينه و من ثم قال و هو ينظر الى ساعته :
- دعينا نغير موضوع حديثنا ... قلت ان الطائرة لا تقلع قبل منتصف الليل ؟
- نعم . هذا اذا اتى الشرطي و رافقني و آمل انه لن يهملني .
- هل تحبين تمضية بعض الوقت على زورقي ؟
- يجب ان اكون في المطار عند الحادية عشرة إلا ربعا . لن يكون لدي الوقت الكافي اذ علي ان أبقى هنا في انتظار المستر ستورات .
أشكر لك لطفك يا نيقولاوس و لكني لم آكل بعد .
- يمكننا تناول شيئ على الزورق فإن بحارتي ماهرون في الطبخ .

كان متلهفا للحصول على جوابها : لا تستطيع ان تخاطر بالوقت ، فقد يحدث حادث و يؤخرها على الطائرة .
و لكنها في نفس الوقت لا تريد ان تخيب آمال نيقولاوس فابتسمت له موافقة .

استقلا تاكسيا و كانا الآن على ظهر اليخت الفاخر الذي ذكرها بيخت ليون الجميل ... و بالخوف الذي استولى عليها عندما صعدت اليه .
- اذهبي الى غرفة الاستقبال و سألحق بك بعد لحظة .

ارادت ان تسأله أي اتجاه تأخذ .
و لكن اين غرفة الاستقبال ؟ و لماذا هذا الظلام ... هذا الزورق ...
- مساء الخير يا تارا .

سمعت صوتا ناعما و لكن ساخرا .
و أحست كأنه ضربة سكين تخترق صدرها فدارت على نفسها .
- و هكذا اختطفك مرة ثانية ... بمساعدة صديقي الحميم نيقولاوس .

كان واقفا بالباب و كله هدوء و ثقة .
- يمل الانسان من تكرار العملية نفسها كل مرة .
حاولي ان تسببي لي ازعاجا آخر و ستجدين اني لن اكون مسؤولا عما قد اعمل . تعالي الى هنا !

و لكنها بدل ان تستجيب الى طلبه همت ان تهرب من الغرفة او أن تقذف بنفسها الى الماء فتسبح الى البر .

إلا ان يدا قوية أمسكت بها و منعتها من الحركة و وضعتها وجها لوجه مع زوجها ... و هالها ما رأت فهتفت ذاهلة :
- اذن هذا الزورق لك .

و قبل ان تضيف اي شيئ شدها اليه و لكن بألطف طريقة ممكنة و قال :
- حبيبتي ، احببت ان أمازحك بتخويفك قليلا و لكني رأيت الرعب يدب فيك . لا تخافي مني بعد الآن يا عزيزتي و يا حبي ...

تلاشى صوته تدريجيا و لم يجد التعبير الملائم فاكتفى بأن يضمها بين ذراعيه و ان يسمعها دقات قلبه .
أصابها ذهول لا يوصف امام هذه المعجزة .
و لا يهم كيف حدثت .
المهم هو ان احساساتها كانت تتجاوب بعمق مع هذه اللحظات الثمينة و كانت و هي تقبض على ياقة سترته بكل قوتها تقول بصوت كاد يكون صراخا :
- لا أفهم يا ليون . لا أفهم كيف حدث ذلك ؟ لا استطيع ان أصدق . قل لي ان هذا حقيقي ، انك ... انك تحبني .

بكت و كان البكاء يختلط بصوتها . و سمعته يهمس :
- كم أحبك ... انا مجنون بحبك !

عانقها عناقا طويلا و استسلمت له استسلاما حالما كله حنان و عطف .
و في النهاية سألته :
- كيف حصل كل ذلك ؟

فقادها الى غرفة الاستقبال حيث كانت الاضواء الخافتة اكثر ملاءمة لتبادل حديث هادئ في جو تزينه باقات من الأزهار العطرة و موسيقى يونانية ناعمة ترافق تمايل الزورق على سطح الماء .

كان ليون و تارا جالسين و أصابعهما متشابكة .
كان هو المتكلم . علمت عن اشياء كثيرة ، منها خوفه الكبير عندما رآها في النافذة تهدده بأن تقذف بنفسها و غضبه الذي تلا ذلك و كان نتيجة لهذا الخوف .

ثم اطلعها على شكه في نيقولاوس و كيف صمم على ان ينتزع منه الحقيقة عند عودته من جزيرة خيوس .
و كيف حصل عليها و هدده ليون باجراءات صارمة لو نجح في مشروعه لأنه كان يحب امرأته .

اما الجزء التالي من معلومات ليون فكان يتعلق بخبر فاجأها . و هو ان الشرطي الانكليزي ستورات ارتأى ان يتصل به هاتفيا ليقول له ان تارا كذبت كيلا تكون سببا في تقديمه الى المحاكمة .
- عندما قال لي انك كنت تؤكدين مجيئك معي بمحض اختيارك عرفت انك تحبينني . و مجرد كونك ارتكبت كذبة لتنقذيني برهان قاطع على حبك لي . لا افهم يا حبيبتي كيف احببتني بالرغم من كل معاملاتي السيئة لك .
تنهد طويلا و في ملامحه ندم حقيقي على كل ما بدر منه .
- كنت دائما ارفض ان اقع في الحب . و كنت اكره اصرارك على الحب و العناية و ايمانك بأن لا سعادة في زواج بلا حب . و في النهاية اقتنعت بهذا كله .

حتى في هذه اللحظة كان يشعر بقشعريرة الخوف و هو يفكر باحتمال سقوطها .
و لكن فرحة بعودتها كان شيئا مذهلا .
و تابع حديثه يقول :
- كنت اطلب حبك و كنت واعيا بمعاملتي لك .
- لكنك قلت ان ذلك كان لمصلحتنا ، و فعلا كان .
- ربما لاتقبلين بتفكيري ، و لكني أصارحك يا عزيزتي اني كنت خائفا ... خائفا جدا ... عندما تأكدت من أني احبك .

و بعد ان توقف قليلا تابع حديثه ليشرح لها كيف طلب من نيقولاوس ان يرافقه الى بيراوس و كيف خططا ان يبقى نيقولاوس في الفندق حتى يصادفها .
- و لكن هذا يحيرني . لماذا لم تأت انت شخصيا .
- خشيت إن انت رأيتني ان تهربي . و كنت ستركضين حتى تهلكي و تختفي عن الأنظار . و معنى هذا انه سيتوجب علي ان ابحث عنك من جديد . و لكني كنت واثقا من اني سأجدك . ألم أقل لك انني لن اتركك تذهبين و انك لي الى الأبد ؟
- نعم ، قلت هذا .
- كانت هذه الوسيلة افضل . ان تأتي الى زورقي بدعوة من نيقولاوس .
- كان نيقولاوس مقنعا جدا . لم يبد عليه أي ارتباك .
- حذرته كي يكون حريصا ، و كم تكون خيبتنا كبيرة لو انك لم تأتي .
- برهن نيقولاوس بعمله هذا على انه كان مدينا لك .
- كان مترددا في بداية الأمر . و اشترط للقيام بهذه العملية ان يتأكد من حبك لي ، و قال ان حبي لك لا يكفي . اذ سيكون خائنا لك اذا اتى بك الى الزورق دون ان يتأكد من انك ترغبين في الرجوع . لأنه بذلك يكون قد حكم عليك بالسجن في بيتي ... كما كنت تسمين ذلك في اكثر من مناسبة .

ضحك ليون عند هذه العبارة فضحكت تارا معه .
- فهمت الآن لماذا كانت اسئلته رقيقة . اراد التأكد من حبي لك قبل ان يدعوني الى زورقه !
- كان من المفروض ان يقول ان الزورق له ، أليس كذلك ؟
- آه يا ليون . اني احب نيقولاوس لما قام به !
- ماذا قلت ؟

فضحكت تارا من جديد :
- انت تفهم ما اقول . و أحبك انت ايضا طبعا .
- اشكر لك كلماتك اللطيفة ! أعيدي هذه الكلمات بطريقة اكثر شاعرية بعد العشاء الفخم الذي يهيأ لنا .
- قال نيقولاوس ان بحارته سيتدبرون هذا الأمر !
- كل هذا جزء من الخدعة ، و نجحت الخدعة .

و ضمها اليه برقة فاستجابت له بعفوية .
و سألته بلهفة :
- متى بدأت تشعر بأنك تحبني ؟
- هذا سؤال من المستحيل الاجابة عليه .

نظر اليها بعينيه السوداوين طويلا ثم قال :
- لا ادري اذا كان حبا من النظرة الأولى . فما من امرأة اجتذبتني كما اجتذبتني انت في المستشفى فأقسمت ان تكوني لي .

هزت رأسها دهشة . لم يخطر لهما في حينه ان يتساءلا ما اذا كان ذلك حبا من النظرة الأولى .
- ظننت أنها مجرد رغبة يا ليون .
- و هكذا ظننت انا ايضا ، و لكن ...

هز رأسه قائلا ان ذلك لا اهمية له الآن طالما انه يحبها .
- اتذكرين الآن كيف كنت تجنين غضبا عندما أقول لك ما أقول ؟ و كنت اعرف حتى في تلك اللحظة اني لن اصادق اية امرأة اخرى في حياتي ، و هذا ما يجعلني اعتقد بأنني أحببتك منذ البداية .
- كنت اؤمن احيانا انك قد تقع في حبي . و لكنني وجدت بعد ذلك اني مخطئة .
- من المؤسف ان لا احد منا كان يتكلم عن احساساته الحقيقية ، و كنت اعرف ان الحب يأتيك تدريجيا لأنك فتاة لا تستسلم للرجل لمجرد المتعة .

تعانقا مجددا و رأى كل منهما انه ما يزال هناك الكثير يتكلمان عنه .
الا انهما فضلا البقاء صامتين يستمتعان بهدوء البحر من حولهما ، و بالتفكير في الأيام المقبلة المليئة بالحب على جزيرة هيدرا ... و اسمها الآخر جزيرة الفردوس .



****************


تمــــــــــــــــ بحمد الله ـــــــــــــــــــت

شموخ الشرقية 13-10-08 07:28 PM

واااااااو شكرا ياعسل على الرواية الرااااائعه

وه نهاية جوناااان

يسلمووو

QUEEN CROWN 14-10-08 09:38 AM

لا استطيع إلا أن اقول
:0041:
:rfb04470:

redroses309 14-10-08 07:47 PM

هذا أحلى شكر يوصلني
أن الرواية عجبتكم شموخ الشرقية و QUEEN CROWN
و أنا أشكر مروركم و سعيدة بتواصلكم معي

safsaf313 14-10-08 09:25 PM

وااااااااااو روايه تحفه روعه جميله جدا ونهايتها رومانسيييييييييييه جدااااا وانتى رائعه جدا ياريدروز مستنيين ابداعاتك اللى جايه تحياتى ليكى يا قمر

redroses309 15-10-08 07:27 PM

أهلين يا safsaf313 أنتي وينك وحشتينا
أنا من جد أحب تعليقاتك الجنان و مشكورة على المرور ياقمر.

دانة الربيع 15-10-08 08:32 PM

عن جد رواية رووووووووعة
تسلم ايدك ياقمر
وبإنتظار جديدك
الله لا يحرمنا منك
ربي يعطيك العافية ويحقق لك كل امانيك

redroses309 18-10-08 09:11 PM

هلا و غلا بدانة الربيع
أسعدني مرورك يا قمر و الله لا يحرمنا من طلاتك الحلوة إنشاءالله

بنوته نايس 22-10-08 07:20 PM

يسلمو على الروايه الروعه

شديدة باس 23-10-08 12:11 PM

مشكوووووووووووووووره حبيبتي
مره روعه الروايه

يعطيك الف الف عافيه ع المجهود

6soso 24-10-08 07:24 PM

رواية رائعة وذوق ومجهود اكثر من رائع تسلم ايديكى يا قمر:D

redroses309 24-10-08 09:41 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بنوته نايس (المشاركة 1694713)
يسلمو على الروايه الروعه

أهلين فيكي يا عمري و الله يسلمك:flowers2:

redroses309 24-10-08 09:43 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شديدة باس (المشاركة 1695608)
مشكوووووووووووووووره حبيبتي
مره روعه الروايه

يعطيك الف الف عافيه ع المجهود

الله يسلمك يا قمر و الله يعافيك و مشكورة على ردك الحلو:flowers2:

redroses309 24-10-08 09:45 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة 6soso (المشاركة 1697449)
رواية رائعة وذوق ومجهود اكثر من رائع تسلم ايديكى يا قمر:D

أهلين سوسو الله يسلمك و الله أنتي اللي ذوق و مشكورة على المرور:flowers2:

جننوني 01-11-08 10:47 PM

الله يعطيك الف عافية رواية رووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووعة

redroses309 02-11-08 12:37 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جننوني (المشاركة 1711113)
الله يعطيك الف عافية رواية رووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووعة

مشكور أخوي على المرور وحياك الله :flowers2:

hamesha 12-01-09 12:35 AM

2ijteyar mowafa9 chokran laki o5ti

تمر حنه 27-03-09 08:40 PM

قصة غاية في الروعة:55:

zoubaida 28-03-09 06:19 AM

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

hdm 04-04-09 03:16 PM

يسلمو ايديكي يا قمرالكمني ;)احلى بوسه شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

posy220 09-06-09 10:24 PM

شكرا على الروايه الاكثر من رووووووووووعه

عيون عسلية 16-06-09 04:08 AM

قصة روعة
يعطيكي الف عافية علي الكتابة

Moon of Don 16-06-09 08:11 PM

شكل الروايه حلوه والاحلى ايدك اللي كتيتها

تسلمي ريدروز على الروايه ولي عوده في الموضوع بعد ما اقراها بعد الاختبارات

ان شاء الله
تقبلي مروري
Moon of Don

وردة الزيزفون 14-07-09 09:55 AM

تسلم ايدك ياعسل على الرواية الجميلة والممتعة

moura_baby 08-08-09 07:13 AM

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

زهرة الماس 29-11-09 01:00 AM

يسلموووووووووووووووووووووو0000000تحياتي لكي

قماري طيبة 30-12-09 03:28 PM

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

moura_baby 23-06-10 06:22 PM

:55::55::55:

bayomi 29-06-10 08:47 AM

الروااااية روعة شكرا على مجهودك الرااااائع

sadeka 30-06-10 03:19 PM

موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .

بنوتهـ عسل 28-08-10 03:19 AM

مشكورة كثييير حبيبتي ،،

الله يعطيك العافية ،،

ننتظر جديدك ،،

:flowers2:

نيو فراولة 31-08-10 10:45 PM

شو حلوة هالرواية

حلاالعراقيه 13-09-10 11:37 PM

:toot:
يارب على طول تظلوا معنا ياحبيبات عمري يا ليلاسيات

البلونة البنفسجية 15-09-10 09:20 AM

ميرسي ^^
...........

فجر الكون 19-09-10 03:37 PM

يعطيـــك العافـــية

kit kat jeddah 10-12-10 01:34 PM

روعه مررررررررررررررره حبيت الروايه تسلمي حبيبتي

ام الاولاد الثلاثه 13-12-10 12:27 AM

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية

hoob 13-12-10 11:11 PM

:55::dancingmonkeyff8:

yasmine_ 2006 21-12-10 01:42 PM

تسلمى على إختيارك
رواية حلوة أوى وعجبتنى

الجبل الاخضر 23-12-10 09:49 PM

:55:تسليمين وشكرا لك:flowers2: واختيار موفق :Welcome Pills4:وننتظر جديدك:flowers2:

lily12 21-05-11 02:38 AM

رووووووووووووووووووعة مشكوريييييييييييييييييييييين

ندى ندى 21-05-11 06:25 PM

قمة الروعه جميله جدا

hell girl 11-11-11 07:42 PM

مشكورة كتير على هل الرواية و هل الطلة الحلوة و ان شاء الله تزودينا بكل ما هو جديد على طول :55:

ساحرات 14-05-12 04:40 AM

شكرا لكى على الرواية الرااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا اااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااائعة

عميشه 15-05-12 01:17 AM

يسلموووووو مره ذووووقك راقي ياااا عسل :4redf54r::4redf54r::98yyyy:

يسوره 10-06-12 12:34 AM

رواية جنان يا عسل تسلم اديكي

jowayriya 29-09-15 02:45 AM

رد: 116 - أريد سجنك - آن هامبسون - عبير القديمة ( كاملة )
 
الرواية شيقة جدا

jowayriya 29-09-15 09:35 AM

رد: 116 - أريد سجنك - آن هامبسون - عبير القديمة ( كاملة )
 
الرواية في منتهى الروعة

jowayriya 29-09-15 12:20 PM

رد: 116 - أريد سجنك - آن هامبسون - عبير القديمة ( كاملة )
 
الرواية في منتهى الروعة

jowayriya 29-09-15 12:24 PM

رد: 116 - أريد سجنك - آن هامبسون - عبير القديمة ( كاملة )
 
راائعة يسلموووو

maylouch 30-09-15 11:42 PM

رد: 116 - أريد سجنك - آن هامبسون - عبير القديمة ( كاملة )
 
وين بقية الرواية و شكراً

ام ايلاف الحبوبة 03-12-15 07:02 AM

رد: 116 - أريد سجنك - آن هامبسون - عبير القديمة ( كاملة )
 
تسلمي حبيبتي....

WGhida 25-11-19 03:27 AM

لا بأس بالرواية


الساعة الآن 01:54 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية