منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات عبير المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f449/)
-   -   9 - قلب في المحيط - آن هامبسون - عبير القديمة ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t93936.html)

lona-k 21-09-08 02:54 AM

9 - قلب في المحيط - آن هامبسون - عبير القديمة ( كاملة )
 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاتــــــــــه
اخترت لكم هذه الرواية والتي اتمنى أن تنال على إعجابكم
وهي من روايات عبير القديمة
قلب في المحيط
آن هامبسون



قلب في المحيط
كانت ويندي براون فتاة جميلة , مرحة , وثرية 000أو هكذا رآها
ركاب الباخرة " فايسون " في رحلتهم الطويلة عبر
المحيط إلا أن قلبا أخر يخفق في صدرها , قلب لا يتخيله أولئك الركاب السعداء
الذين يبحثون عن مغامرات بين أمواج المحيط الهائلة , كان يصطخب بسر رهيب
أقسمت إلا تبوح به لأحد مهما كانت الظروف 0 لكن القدر
يخبئ مفاجأته في أحلك الليالي والرجل المدعو غارث ريفرز جاء
يقرع باب ذلك القلب اليائس , منتدى ليلاس
فهل تفتح ويندي ؟ هل تقول نعم ؟ أم تحاول الفرار حاملة سرها في قلب محطم ؟
وهل هناك شعاع في آخر النفق ؟....منتديات ليلاس


lona-k 21-09-08 03:04 AM

1- الضربة القاضية

جلست ويندي معتدلة فوق الكرسي ،يداها الباردتان كالثلج تشبثتا بذراعيه وهي لا تكاد تعي الوجه القائم أمامها بعينين تنطقان شفقة وحاجبين كثيفين رماديين يضفيان على الرجل مظهرا شرسا0 كانت واعية للسحب الصيفية الضخمة المحملة بالمطر ،تراها من خلال النافذة وتحجب الشمس كما كانت منتبهة لتكات الساعة البطيئة الثقيلة0 أجل التكتكه البطيئة000 وفجأة حولت تفكيرها عنها كما يسحب الإنسان نفسه من أغلال حلم مفزع يؤرقه ويدفعه إلى الاستيقاظ ،لكن برغم الحلم المفزع تكون هناك زفرت ارتياح عند الاستيقاظ وقالت بصوت يعلو قليلا علن الهمس:

" دكتور هويتيكر لم تخبرني بعد برأي الأخصائي0 لقد رفض هو نفسه أن يكشف لي عن الحقيقة قائلا إنه سيكون من الأفضل أن يحدثني طبيبي الخاص وأنا موجودة هنا منذ نحو خمس دقائق0
واختلست نظر إلى ساعتها ثم أستطرد ت تقول:
" نعم خمس دقائق بالضبط إذ أن موعدي كان الساعة الثالثة"
وبداء الطبيب كما لو كان يبتلع شيئا يسبب آلاما كبيرا في حلقة ثم استهل كلامه بقوله:
- عزيزتي أنا أعرفك منذ مدة طويلة"
ردت قائلة:
- منذ 20 عاما فأنت من جاء بي إلى هذا العالم"
ومرة أخرى غص حلقة لكن صوته بدأ حاسما وهو يقول:
- إنه ورم في المخ يا وندي ولا يرى الأخصائي أي أمل على الإطلاق"
وبسرعة حول وجهه عنها وأدركت بدون أدنى شك أن الدموع تترقرق في هاتين العينين الزرقاوين الطيبتين حينما استدار مرة أخرى ليواجهها0
قالت وندي وقد شابت صوتها نبرة أسى واضحة:
- لا أمل ؟ أدركت ذلك بالطبع من التعبير الذي ارتسم على وجهه الأخصائي0
- أراد أن يجري الجراحة لكنه أدرك أنها لن تجدي ،وقد شعر بخيبة أمل عميقة بسبب عجزه0
قالت وهي تبحث عن الدموع في الوقت الذي استدار الطبيب ليواجهها:
- كم تبقى لي من العمر يا دكتور هويتيكر؟
أربعة أشهر أو ربما أكثر قليلا0
وحدقت في عينيه بعينيها الواسعتين البنفسجيتين حيث تزاحمت التساؤلات والاحتجاجات عبر المكتب الفخم المغطى بالجلد والواقع بينها وبين رجل كان عبر السنين صديقا لها فضلا عن كونه طبيبها0
- أيعني00 إنه يمكنني التأكد من أنني سأعيش 4 أشهر ،4 أشهر000 نحن الآن في ديسمبر كانون الأول0 ....منتديات ليلاس


إذا لن ترى إطلاقا صيف آخر أو خريفا, وهو الفصل الذي تحبه أو آي شيئا آخر بعد هذا الشتاء0 لن ترى عيد ميلاد آخر لها على الإطلاق0
- أجل يا وندي هذا ما يعنيه0
وظلت صامتة وهي تدرك أنها صارت شاحبة لون بشرتها يتغير دائما حينما يغلبها التأثر العاطفي أصبحا أبيض وناعمة مثل المرمر كما يحدث لها في أوقات الانفعال0
وأخيرا مدت يديها وهي تقول:
- ماذا يفعل إنسان محكوما عليه بالموت في بحر 4 أشهر؟
ربما يأتي الموت الآن أتمنى من كل قلبي أن يحدث الآن؟
صدرت الصرخة من أعماق أعماقها و كانت صادقة أنها لا ترغب العيش في زنزانة الموت طوال الأشهر 4 المقبلة وتجاهل الطبيب بقية ما قالته وهو يكرر قولها:
- ماذا يفعل الإنسان؟ أية نصيحة ينبغي أن أقدمها إليك؟
كانت عيناه مبللة بالدموع أما فمه بشفتيه الممتلئتين المذمومتين غالبا فكان متوترا غير مستقر, وكانت شفتاها ترتعشان ودقات قلبها أسرع وأثقل من المعتاد وأرخت قبضة يديها على ذراعي الكرسي ووضعتهما فوق المكتب وهي تضمهما الواحدة إلى الأخرى تم ذكرته قائلة:
- إنك تقدم لي دائما النصيحة الصحيحة ودائما تكون حاضرا عندما احتاج إلى التوجيه 0
لم تعرف ويندي أباها على الإطلاق لأنه توفي قبل أن تبلغ من العمر عامها الأول أما أمها فتوفيت منذ عام وفكرت:
- إننا أسرة لا تعيش طويلا000
راودتها هذه الفكرة وهي تحاول أن تتذكر متى بدأت نوبات الصداع تنتابها في البداية ظنت أن هذه النوبات نتيجة إجهاد في النظر لأنها تقرأ كثيرا وتعيش وحدها0 لكن هذه النوبات كان يصاحبها الشعور بالرغبة في النوم وأخيرا استشارت الطبيب ومن بعده الأخصائي0 الذين كانا وجهه متجهما وعيناه غارقتين في التفكير وهو يقول:
- اذهبي وقابلي طبيبك في مثل هذا الوقت من الغد سيكون قد سمع رأيي0
- لكن00
ورفع يده ليسكتها بينما كانت تستعد لتوجيه مزيد من الأسئلة إليه وقال:
- طبيبك يعرفك منذ سنوات وهو الرجل المناسب للتحدث معك حول هذا0
- أهو شيء خطير جدا؟
بهذا السؤال قاطعته وندي لكنه أوقفها بحسم0
ونهضت ويندي واقفة لكن بغير اتزان وبعد لحظة وجدت نفسها خارج الباب أكيدة أنها أصبحت في قبضة خوف مريع أخرجها سعال0 د هويتكير الهادئ من تلك الذكرى المفجعة وأعادها إلى الحاضر والسؤال الذي وجهته0 وهو سؤال كانت تعرف إنه يفكر فيه والآن لديه الجواب وافتعلت ابتسامة وهي تسأل بعينيها:
- نعم يا دكتور هويتكير؟هل فكرت في شيء أفعله؟
اوما برأسه وبدا أسعد قليلا رغم أن الظلال كانت لا تزال تحوم في عينيه ،وتكشف عن مشاعره الداخلية وأسفه العميق ثم قال:
- أول رحلة حول العالم للباخرة " اس اس "فايسون" تبدأ في أوائل كانون الثاني يناير0
واختلست ويندي النظر إليه وهي تقول:
- أتقترح أن أشترك فيها أستطيع تحمل شيء كهذا0؟
ولهثت ثم أضافت:
- إن كل مدخراتي حوالي 200 جنية0
- وال 000بيت00000!
كم كانت هذه الكلمة صعبة وأدركت أنه يتساءل كيف تشعر الآن وسألت:
-البيت أتعني أن ابيعه0؟
أو ما بالإيجاب00 وفكرت00 أية نهاية مزعجة لا تحتمل 0بيتها البيت الذي تركته لها أمها كان كل ممتلكاتها وهو بحالة جيدة والأثاث أيضا مازال في حالة جيدة معظم أثاثه فيه من نوع جيد وبعضه قديم ونادر0
وقال الدكتور هويتكر برقة:
- سيدر عليك أكثر مما تحتاجين يا عزيزتي أعني ما يكفي للرحلة كي تحصلي على مستوى عال مريح خلالها وسيتوفر لديك أيضا ما يكفي لثيابك والأموال التي تحتاجين لرحلة تستغرق ثلاثة أشهر0
وتجهمت وذكرها بصوته الرقيق نفسه إنه ليس هناك شخص عزيز لديها ترغب في أن تترك له ممتلكاتها هزت رأسها موافقة فليس لها أحد من أقاربها عدا ابن عم من بعيد إذا لماذا لا تأخذ بنصيحة الطبيب؟
وقفت ويندي تنظر إلى جانب الباخرة الخضراء وهي تتحرك ببطء بعيدا عن رصيف الميناء في "ساوثهامبتن" هل ستعود يوما؟ لم يبقي لها الآن إلا ثلاثة أشهر فقط أو أكثر قليلا البيت اشتراه أول شخص اقبل لرؤيته 0
وأعقبت ذلك مكالمة تليفونية لمكتب البواخر حجزت لها غرفة فخمة خاصة لشخصين كانا صاحبها ألغى الحجز في آخر لحظة ثم بدأت بسرعة في شراء ثياب وأخذ اللقاح المضاد للحمى الصفراء والكولير0 وبينما كانت تقوم بكل هذا كانا يحضر إلى البيت كل من يرغب في شراء الأثاث وغيره من الأشياء التي أرادت بيعها 0لم يكن لديها وقت للتفكير ومع ذلك فورا كله هذا العناء كانا هناك شبح الموت الأسود0 نهاية كل شيء 0ثم أدارت المفتاح لآخر مرة في قفل الباب وهي تخرج منه في ذلك الصباح تاركة الدكتور هويتكر ليواصل بيع ما تبقى كان على استعداد ليفعل كل شيء من أجلها وإذا حدث وعادت فإنها ستدخل إحدى دور التمريض حسبما يكون الطبيب قد أعد لها الترتيبات من قبل0
وقررت ألا تفكر طوال ثلاثة أشهر من الآن واختلست نظرة فرأت جميع وجوه ألأشخاص الذين يشتركون في رحلة العمر فرحة 0 هذان الزوجان المسنان هل ظلا يوفران طول عمرهما من أجل هذه الرحلة وذلك الرجل هناك من المحتمل أن يكون من عمال رصف الطرق أو البنائين في الأشغال العامة تلك المرأة ربما تكون نجمة سينما وهي غنية بالتأكيد كما هو واضح من المجوهرات التي تتزين بها والمعطف المصنوع من الفراء الثمين ذلك الرجل هناك ربما فرنسي والآخر الذي يتوقف على بعد قليل منها قد يكون أحد رجال الأعمال البارزين وهذان اللذان يقف الآن بجوار حاجز الباخرة أحدهما طويل وأسمر جذبتها وسامته عندما لاحظت بالنظر إلى جانب وجه ملامح كلاسيكية حاسمة واضحة0 الأنف المعقوف والذقن البارز0 والخدان عميقتان0 والبشرة نحاسية0 وأدار رأسه ونظر إليها بلامبالاة ثم استدار مرة أخرى ليتحدث مع صديقه وألقت ويندي نظرت أخرى على الميناء التي بدأت تبتعد ثم نزلت إلى حجرتها الفاخرة في جناح الأثرياء حيث لها حجرة خارجية بحمام مريحة بكل معنى الكلمة0
"
حالما أصبحت وندي في حجرتها وقفت قرب خزانة الملابس0 وتركزت عيناها على المرآة ومع ذلك لم تريا شيئا إذ فجأة اعترتها نوبة من نوبات مرضها وشعرت بأنها تغوص في أعماق الأسى وتهبط في هاوية سحيقة كل ما فيها ظلام وما كان فيها من آمل ذاب وطغى عليها شعور برغبة عارمة في أن تصرخ احتجاجا والتوسل من آجل ألعون0
واستلقت على السرير و أغمضت عينيها لماذا اشتركت في هذه الرحلة لماذا لم ترى أن الحياة ليست إلا عذابا خالصا واهية تعيش بين أناسا سعداء يضحكون ويسبحون ويرقصون ويقومون بتلك الرحلات الغريبة التي تنظمها شركة أمريكان اكسبريس 0 للركاب فترسو السفينة في الموانئ المعينة ساعات معدودة أو أياما!
ومع ذلك فبعد الراحة والحمام انتعشت تماما وخرجت تتناول الشاي بعد الظهر في حجرة الملكة وهي جناح لطيف تم تنجيد أثاثه باللون البرتقالي تنتثر فيه المزروعات مما يضفي مزيدا من الألوان المفرحة إليه وقدم إليها الشاي والكعك الطازج المصنوع بالكريمة مضيف يبتسم ويرتدي بنطلونا اسود ومعطف أبيض وبما أنها أحضرت كتابها جلست تستمتع بأول وجبة لها في الباخرة0 ولم تكن قد فتحت الكتاب إلا قليلا عندما خطر لها أن تختلس نظرة إلى رجلين يدخلان 000انهما اللذان رأتهما فوق سطح السفينة خلال الإبحار ونظر إليها الرجل الطويل الوسيم نظرت اللامبالاة نفسها التي ألقاها عليها من قبل لكن الرجل الآخر الذي كان يرتدي ملابس أنيقة كصاحبه ولم يكن طويلا ولا وسيم مثله بدت عليه الدهشة الشديدة عندما التقت عيناه بعيني وندي وتبودلت كلمات بين الرجلين بعدها اختلس الرجل الأطول نظرة في الاتجاه الذي تجلس فيه وبدا أنهما يتحدثان بشأنها وأحمر وجهها رغما عنها وفجأة هاجمها شعور الوحدة المطلقة الذي يضع حاجزا بين المسافر الوحيد وبين المسافرين في صحبة أصدقاء ومرة أخرى سألت ويندي نفسها لماذا جاءت إلى تلك الرحلة فقد أصبح التظاهر بأنها سعيدة فوق طاقة احتمالها0
وأنصتت إلى صوتيهما وهما يواصلان سيرهما إنه صوت ينم عن أن صاحبيه من المثقفين لكن أحدهما كان صوته أعلى من الآخر وبدون سبب على الإطلاق قررته وندي أن صاحب الصوت الأكثر خفوتا هو الرجل الأطول وبعد لحظة أو اثنتين كانت تسمع الصوتين مرة أخرى وقد أصبحا الآن قريبين جدا منها0 وأدركت أن الرجلين يجلسان أمام مائدة خلفها بينما ظهر الأريكة المرتفع والمنجد يشكل ستارة ويوفر عزلة كافية لمن يجلس على جانبيها0
- أنا متأكد أنها هي ياغارث إنها لينيز مافارو 00 ذلك الوجه الفاتن وهاتان العينان البنفسجيتان الكبيرتان وذلك الأنف المرفوع ,وذلك الفم الدقيق إنني أعرفها في أي مكان0
- كنت أعتقد أن لينيز شقراء؟
- أحيانا تكون شقراء ودائما تكون كذلك في أفلامها لكنها إذا كانت ستسافر بشخصية مجهولة فإن أول شيء تفعله هو أن تخفي لون شعرها 0
- ولماذا تريد أن تخفي نفسها؟
- ألم تسمع عن أدوارها الغريبة ؟
وجاء رد ساخر ينم عن ازدراء:
- الشيء الوحيد الذي اعرفه عنها هو أنها عثرت على عاشق جديد0
وعقبت ذلك ضحكة شعرت ويندي أنها صادرة من الرجل الأصغر حجما0
لا شك أنها تحب أن تزهو بتصرفاتها اللاخلاقية لكنها لديها تلك الميزة الخاصة التي تقودها إلى القيام بدور الفتاة البريئة الصغيرة وحينئذ تقوم برحلة بحرية وهي تخفي شخصيتيها وتطلق على نفسها اسما يناسب الدور الذي تقوم به0 ربما يكون ماري أو ماندي ذلك الاسم الذي يربط المرء بينه وبين الفتاة الصغيرة الخجولة التي لم يقبلها أحد على الإطلاق0
- يالها من شخصية غريبة !لم أسمع بمثل هذه الغرابة لكنني لا أهتم كثيرا بمن هم على شاكلتها0 فأنا لم أشاهد أي فيلم لها على الإطلاق كما تعلم0
- اعرف شخصا عمل معها في فيلم وهو الذي أخبرني بتصرفاتها الغريبة ومنها أنها في الفترة بين تصوير الأفلام يحتمل أن تنتحي بعيدا منتحلة شخصية أخرى كالآن0
صبت ويندي الشاي لنفسها ووضعت السكر فيه وأخذت تحركه وهي شاردة وجدت نفسها مأخوذة بحديث الرجلين ,وكانت قد سمعت كذلك كل بالشائعات التي تقول انه لينيز مافارو نجمة السينما ذات الشهرة العالمية لديها عادة الترحال تحت اسم مستعار مخفية أيضا شعرها اللاتيني ألأشقر تحت شعر مستعارا أسود لكن ما لم تكن قد سمعته وندي هو أن تلك النجمة تمتلك تلك الصفة الغريبة الرغبة في الظهور بمظهر الفتاة البريئة وتساءلت عن التفسير الذي يقدمه علماء النفس إذا طلبت منهم أن يذكروا سبب هذه الرغبة وبينما كانت وندي ترتشف الشاي سمعت تغيرا في الموضوع وعلمت أن أحد الرجلين شريك في شركة لوكلاء العقارات في لندن 0أما الآخر فلم يذكر شيئا عن مهنة وقد تحدث قليلا وكانا أكثر تحفظا من صديقه وقد نم صوته عن الضيق في بعض الأحيان كادت تراه وهو يرفع يدا واهنة ليمنع التثاؤب ثم تحدث صديق مرة أخرى لكن ويندي أخفقت في التقاط كلماته اعتقدت أنها سمعته يذكر شيئا مثل : الآن آلي أن تكون قادرا على الاحتفاظ بالسر) لكنها لم تكن متأكدة ابتسمت في سخرية بسبب اهتمامها بحديث الرجلين وطالبت نفسها بأن تعني بشؤونها الخاصة ومع ذلك ولسبب مبهم واصلت التفكير في أطول الرجلين وهي مندهشة الآن عقلها أنشغل بأفكار عن رجل لم تقابله, إطلاقا مجهول الشخصية حتى هذه اللحظة وخيل إليها أن أطول الرجلين يحاول أن يحتفظ بسر ما 0
كادت أن تفرغ من تناول الشاي عندما أرشد المضيف شابا إلى المائدة المجاورة لها والتقت عيناه بعينيها وابتسم وردت وندي بابتسامة مماثلة ثم التقطت كتابها وبعد 20 دقيقة فرغت من شرب الشاي ونهضت وفي نيتها استكشاف جزء من السفينة لكنها ما كادت تغادر الغرفة حتى شعرت بلمسة خفيفة على كتفها واستدارت لترى الشاب يمسك بكتابها ويبتسم قائلا :
- تركت كتابك على المقعد0
وانتقلت عيناه اللتان تعبران عن التقدير من تقاطيع وجهها إلى شعرها الأسود الجميل ثم عادتا إلى وجهها مرة أخرى0 فردت قائلة :
- شكرا لك نسيته تماما0
ومرت لحظة صمت بدا فيها الرجل كأنه لم يقرر أعطاها الكتاب أو إذا كان عليه أن يمضي أو يبقي00 وأخيرا غامر بسؤالها :
-هل أنت بمفردك؟
أومأت وهي تقول:
- نعم أنا وحدي0
ونظرت إليه بسرعة ولاحظت الوجه الواضح القسمات والعينين اللتين تحدقان مباشرة في عينيها والفم الذي يبدو إنه أصغر وأكثر رقة وعاطفية من أن يكون لرجل 00وبعد فترة ترددا أخرى قال:
- أنا مثلك بمفردي أيضايقك لو رافقتك إلى سطح الباخرة؟
- لا أبدا
وحيرها ردها السريع على طلبه لكن عندما أدركت أنها لا تشعر بالاستياء إزاء اقتحام خلوتها توصلت إلى الاستنتاج أنها في عقلها الباطن ترغب في صحبة أي شخص وسمعته يقول :
- حسنا إذا 0
وسار صامتا بضع لحظات قبل أن يستأنف حديثة:
هل أنت مثلي تخلت عنك صديقة كانت سترافقك؟
- لا قررت القيام بالرحلة البحرية من ثلاثة أسابيع0
- فقط ثلاثة أسابيع00؟ وتمكنت من العثور على غرفة؟
أوضحت قائلة:
الغي بعضهم حجزه 0
وصلا إلى حاجز الباخرة فتوقفت وسألته :
- قلت أنك كنت قادما مع صديق؟
- أجل حجز في العام الفائت كما فعلت أنا بالطبع, لكن بمرور الأشهر ظل يلمح إلي إنه لا يستطيع تحمل نفقات الرحلة وأخيرا قرر بصفة نهائية عدم الاشتراك فيها واسترد ماله هو وأنا الآن أقيم في غرفة فخمة خاصة0
- أنا كذلك الغرفة لشخصين فهمت أن زوجين مسنين كانا يحجزانها أصلا 0
- ربما يكون أحدهما مات
قالها مازحا دون تفكير ثم أضاف:
هل تعرفين أنهم في كل رحلة تقريبا من الرحلات التي تستغرق هذه المدة يلقى شخص ما حتفه ويدفن في البحر؟ يمكنك أن تفهمي ذلك لأنه مثل هذه الرحلة باهظة التكاليف إلى درجة أن عددا كبيرا من المشتركين فيها من المتقاعدين المسنين الذين جمعوا تلك التكاليف على مدى سنوات طويلة وإذا أخذنا في الاعتبار عدد الأشخاص الموجودين في الباخرة ترين إنه من الممكن أن يلقى شخص أو أكثر حتفه في جميع الاحتمالات0

وتوقف عن الكلام وتجهم وجهه بعض الشيء 00ثم قال:
- إنك شاحبة هل أنت على ما يرام؟
أومأت برأسها ولم تنطق بكلمة ,جف حلقها حتى ازدردت لعابها وأخيرا قالت:
- هل اشتركت في رحلة بحرية لاقى فيها الناس حتفهم؟
- أجل مرات عدة00 كنت في إحداها في عيد الميلاد الفائت, ولم تكن مدتها تتجاوز ثلاثة أسابيع, لكن اشترك فيها أكثر من 4000 شخص وقد توفي اثنان منهم كانا عجوزين كذلك لقي طبيب الباخرة حتفه وقد دفنوا جميعا في البحر, إنهم يفعلون ذلك أثناء الليل حينما يكون باقي المسافرين نياما0
أثناء الليل في الظلام حتى لا يصاب باقي المسافرين بما ينغص عليهم سعادتهم, يلقون في البحر! يستقرون في الأعماق, في الظلام الدامس, وحدهم في المحيط الواسع 0لكن ماذا يهم فعندما يكون الإنسان قد مات ؟
وحاولت أن تبتسم وهي تقول :
- ارغب في العودة إلى غرفتي0
وبدى عليه الاكتئاب قليلا وقال:
-هل ضايقتك بكلامي الكئيب؟ إنني آسف للغاية0
كان اعتذاره نابعا من شعور حقيقي وبدأ الأسف العميق على وجهه وهو يقول :
- كم أنا غبي0
ولو عرف الحقيقة لا أدرك إنه أكثر من غبي0
وردت قائلة:
- لا تفكر في الأمر 0

وكانت ابتسامتها أسهل هذه المرة, قررت ألا تعود إلى غرفتها حيث لا تفعل شيئا0 سوى التفكير في ما قاله وبالتالي تصبح ضحية معاناة مميتة 0 ودون أن تأسف لأنها تكذب مضت تقول:
- هذا لم يضايقني على الإطلاق0
ونظر في وجهها الجميل قائلا:
- كانا علي أن أتوقع هذا ففي الثامنة عشرة والتاسعة عشرة لا يفكر المرء في أمور مثل الموت00 وتوقف لحظة عن الكلام ثم قال:
- إلى أي مدى كنت قريبا من الحقيقة ؟
أراد أن يعرف عمرها وارتسمت أمائر الفرح على وجهه أجابته:
- أنا في 20 من عمري0
- عمر رائع0
قالت :
لكنك لا تبدو أكبر كثيرا؟
- 26سنة ونصف بالضبط0
- هل قمت برحلات كثيرة ؟
- إلى حد ما عادة اشتغل عامل حفر عامين أو نحو ذلك, ثم أقوم برحلة إلى مكان ما0
- لابد أنك أرهقت نفسك بالعمل لتقوم برحلة كهذه0
واعترف قائلا :
- ورثت شيئا0 نصحني أبي أن استثمر الميراث وقالت أمي إنه ينبغي لي أن أساعد شقيقتي لشراء بيت لها فقد تزوجت حديثا وأنفقت هي وزوجها أكثر مما ينبغي, تماما كما يفعل معظم الأزواج الشبان هذه الأيام , ومع ذلك فإنني حالما قرأت الإعلان عن هذه الرحلة البحرية قررت النصيحة الطيبة لن تجدي لمن كان من شاكلتي يريد رؤية العالم, وهذه الرحلة تحقق الكثير لدرجة أنني لم أستطع مقاومة الاشتراك فيها0
وأومأت ويندي شاردة مدركة أنه يود أن يعرف سبب اشتراكها في الرحلة0 وبعد لحظة سكون قالت:
- اشتركت في هذه الرحلة لأن طبيبي نصحني بذلك0
واتسع حدقتاه واتسمت كلام بنبرة الشك:
- هل كنت مريضه؟ تبدين لي موفور ة الصحة0
ابتسمت قائلة:
- شكر جزيلا لك, أجل كنت مريضة 0
- حسنا فهذه الرحلة ستفيدك بلا شك0
وتجولت عيناه الأفق0 السحب بدأت تتجمع وتحجم الشمس في بعض الأماكن بعد فترة قال مستفسرا:
- في أية صالة تتناولين طعامك؟ أنا أتناولها في " بريتانيا "0
- في "مطعم الملكة"0
ردت عليه بهذه الكلمات فرأت الكآبة ترتسم على وجهه ثم قال :
- إنه مطعم النخبة أما أنا ففي أرخص مطاعم سفينة
ولم تقل ويندي شيئا إذ وجدت نفسها في أرقى الأجنحة لسبب بسيط هو أن الحجز ألغي وكما هي الحال بالنسبة إلى بواخر كثيرة ففي فايسون درجة واحدة فقط 0 وثلاثة مطاعم يتم فيها حجز مقاعد وفقا للثمن المدفوع عن كل جناح0
وسأل الشاب :
- هل يمكن أن أراك بعد العشاء ؟
ابتسمت ويندي وهي تشعر كل الغرابة في أنها تحسنت معنويا فلن تتجول في أنحاء السفينة وحدها ردت قائلة:
- يكون شيئا لطيفا0
وقدم الشاب نفسه في الحال باسم شو ستيسي 0
وقالت ويندي:
- اسمي ويندي 00 ويندي براون0
ضحك قائلا :
-أسم حلو و بريء 0
اكتفت بالابتسام ولكن فيما بعد وهما يتجولآن معا في أنحاء الباخرة لمحاولة اكتشاف كل شيء وجدت ويندي نفسها تضحك في أكثر من ثلاث مناسبات وشكرته في سرها لروح الدعابة التي أبداها خاصة أنها منذ أكثر من ثلاثة أسابيع لم تظهر الضحكة على شفتيها0
كانت الثوب الذي ارتدته للعشاء تلك الليلة من المخمل الأخضر الناعم له خصرا مرتفعا وينسدل برشاقة على قوامها الجميل وضعت في شعرها نجمة صغيرها رقيقة مصنوعة من اللآلئ المنمنمات وهي قطعة حلي قديمة ورثتها من جدتها الكبرى كانت زينتها الوحيدة الأخرى سوار ذهب عادي مع ذلك عندما دخلت المطعم تحولت عيون كثيرة اتجاهها لتتابعها تتقدم نحو مائدتها بإرشاد أحد المضيفين0 كانت المائدة لأربعه أشخاص جلست عليها بالفعل سيدة أخرى متوسطة العمر ابتسامتها جاهزة تكشف عن صفا بارز من الأسنان وأرادت أن تتقرب من وندي0 بعدما غادر المضيف المكان مباشرة سألت:
- أنت وحدك يا عزيزتي, اسمي مارجي سترومبرنغ الجنسية أمريكية 0
وفكرت ويندي وهي تضحك ضحكة مفاجئة إنه لا حاجة لأن تخبرها بذلك , وأجابتها 00 أنها وحدها واسمها وندي براون وهزت السيدة رأسها كما لو كانت تشير بذلك إلى موافقة فيها على الاسم 0
ثم سألت ويندي :
- من أي جزء من الولايات المتحدة جئت؟
- كونكتيكت يا عزيزتي زوجي كان يزرع التبغ لكنه مات خسارة لأنهم كانا سيستمتع برحلة مثلها هذه آه ها هما رفيقانا0
ورسمت السيدة ابتسامة جاهزة أخرى بينما جلسا رجلان أمام ويندي فكانت أيضا تعتزم الابتسام لكنها شعرت بالخجل لسبب مبهم تلاشت كل الأحاديث التي تجاذبتها مع مسز ستروميرنغ على الفور لأنه هذين الرجلين كانا الذين رأتهما فوق ظهر السفينة, ثم مرة أخرى في وغرفة الملكة لدى تناول الشاي0 وتمت عملية التعارف بين الجميع ووجدت ويندي عينيها تنجذبان نحو وجه غارث ريفرز الوسيم الذي كان يتفحصها بلامبالاة ,لكن صديقه حدق فيها بدقة وارتسمت تقطيبة بين عينيه وغمغم بينه وبين نفسه:
- ويندي براون 0
ثم غمز بأغرب نظرة إلى صديقه:
وقدم الطعام على ضوء الشموع ووسط كؤوس الشراب, وقامت بالخدمة موظفون لطيفون يبدو أنهم يستمتعون بعملهم كل المتعة كيف سيكون حالهم بعد ثلاثة أشهر؟ فكرت ويندي وربما قبل هذه المدة بفترة طويلة سيشعرون بالملل والإرهاق من كل هذا السعي بين الموائد لخدمة رفاق أثرياء وأسعد حظا يستمتعون بمباهج الحياة أكثر منهم
اتسم الحديث بالرسميات إلى حد ما في البداية ورأت ويندي أن غارث ريفرز هو السبب في ذلك وبالتأكيد ليس لمارجي سترومبرغ علاقة بهذا لأنها تثرثر طوال الوقت تقريبا0 أما فريزر الرجل الذي بدأ كأنه عاجزا عن تحويل عينيه عن وجه ويندي لحظة واحدة, فقط كان ذلق اللسان إلى حد ما, أما ويندي وغارث فقد قنعا بالإنصات وليس لدى أي منهما ميل لأن يفعل أكثر من الاهتمام برقة بالطعام الذي يوضع أمامهما وعندما انتهت الوجبة تبادل الجميع تحية المساء ووجدت ويندي نفسها تغادر المطعم مع مارجي واندفعت السيدة الأمريكية في الحديث قائله :
- ياله من ثوب رائع يزيد من جمالك إنك نحيلة أما أنا فإنني أحب الطعام كثيرا وهذا ضعف فظيع ياعزيزتي, لا تسمحي لنفسك أنت تصلي إلى هذا الحد أبد0 إنك تبدين في 22 من عمرك والمرأة لا يبدأ وزنها بالزيادة إلا عندما يتجاوز 40 الأربعون عندها فكرت ويندي في مرور الوقت بقسوة منذ علمت بمصيرها وتسألت حول ما سوف تقول السيدة الأمريكية لو أخبرتها بأنها لن تصل أبد إلى الحادية والعشرين فما بالك بال 40 0
و صلت السيدة تثرثر وكانت ستظل هكذا لو لم تعتذر ويندي لتنسحب قائلة أن لديها موعد عليها إن تفي به0
- هل وجدت صديقا بالصدفة؟
وترددت ويندي لحظة لكنها قالت:
- أجل في الواقع وجدت صديقا0
وبعدما تبادلت تحية المساء سارت ويندي عبر سطح السفينة حتى وقفت في جوار الحاجز اللحظات عدة 0
فلن تقابل شو قبل أربع ساعات تقريبا0
وظهر شخصا آخر لكنه كان في هذه اللحظة في الظلام لذلك لم ترى يندي إلا ما يشبه طيفة0 ولم تكن لتخطئ طوله ومشية فعرفت من هو حتى قبل أن يظهر وجهه لها وهو يعبر خلال شعاع ينساب من نافذة مفتوحة لأحد الأندية الليلية0 إنه غارث في ريفرز أحد الرجلين الذين سيشاركانها هي والسيدة الأخرى المائدة بقية الرحلة وتجهمت ويند وهي تشعر بالاستياء لأنها ستعاني من صحبته عندما أصبحت واثقة أنها ستبدأ في الملل من حتى قبل أن ينقضي أسبوع واحد فقد كان جافا ورسمي للغاية0 ومتحفظا في كلامه إلى أقصى حد0 وظل وجهه النحيل الوسيم لا يبتسم مهما كانت المناقشة الدائرة حوله والواقع إنه بدأ متبرما بالفعل, تساءلت عما سيكون حاله عندما تصل الباخرة مرة أخرى في ساوثهامبن في بداية نيسان أبريل وراقبته وهو يتجه نحو الجانب الباخرة على بعد أقدام قليلة من المكان الذي وقفت فيه ورأته يتكئ على الحاجز0 وقف ساكنا كما لو كان تمثالا0 يحملق في الليل الحالك 0
وكانت ويندي على وشك أن تتحرك مبتعدة عندما رأت شو يقترب في خطوة رشيقة سريعة, وقال عندما وصل إلى جوارها:
- جئت مبكرة كنت أنوي السير على طول السطح لبضع دقائق0 وبدون تردد أضاف ذراعه إلى ذراعها وسار بها نحو النادي الليلي وبينما كانا يمران بجوار الرجل الطويل الواقف قرب الحاجز أدار الأخير رأسه والتقت عيناه السوداوان بعيني ويندي , ولمحت طيف ابتسامة على شفتيه ورأت أن تعبيره يدل على الاستخفاف المختلط بالسرور ورفعت رأسها ولمعت عيناها 00ماالذي يشعره بالسرور؟ كانت تسأل نفسها وهي تدخل النادي الليلي مع رفيقها, فلو نظر إليها هكذا مرة أخرى لما ترددت في أن تسأله00

lona-k 21-09-08 05:19 AM


2- نجمة بلا بريق


الباخرة "فايسون" تتجه نحو نيويورك ,أول ميناء ترسوا فيه أثناء رحلتها بعد ثلاثة
أيام في البحر0 أدركت وندي أن شو أصبح مرتبطا بها فعلا أكثر مما هو يجب ,وصممت ألا تتسبب له في أي اذى, لذلك واجهتها مهمة صعبة أن تبعده عنها قبل أن يصبح متعلقا أكثر رغم أنها أحبته لكنها لن تشجعه ليس في هذه الأحوال فإذا كانت ستدفن في البحر فأنها لا تريد أن تترك وراءها شابا جريح القلب0
أذهلتها أفكارها في ذلك الوقت وهي تنظر إلى الموقف بمثل هذه الطريقة الموضوعية الحذرة ,كما لو كان ذلك ليس موقفها بل موقف شخص آخر وبما أنها كانت ستقابل شو بعد دقائق قليلة اتخذت طريقها إلى حمام السباحة حيث تقابلا في اليوم السابق في الساعة نفسها وتناولا القهوة معا على أحد المناضد المصطفة حول الحمام وكأن هو هناك بالفعل وأكد وجهة شكوكها,إذ أضاءت عيناه الواضحتان حالما رآها تقترب وكانت ابتسامته طبيعية تلقائية0
- رائعة 0
هتف من دون إن يهمه إذا كان الآخرون سمعوه ثم أضاف:
- اللون الأخضر يلائمك تماما 0
ابتسمت وشكرته لإطراءه وهي تدرك أنها تبدو جذابة بصفة خاصة في السروال القصير ورداء الشاطئ المنسجم الألوان, القته علي كتفيها جزافا لكن بطريقة مغرية, وسألت:
- هل ستسبح هذا الصباح 0
أخبرها إنه كان في حمام السباحة بالفعل وقال بعدما طلب القهوة :
- كنت أفكر أننا يمكن أن نلعب لعبة حلقة الرمي" على سطح السفينة هذا الصباح وإذا كان يناسبك نذهب معا إلى المطعم الذي يقدم مأكولات باردة في جناح "مشروبات المحيط" ويعني هذا أننا لن نضطر إلى الافتراق لتناول الغداء00
حبس أنفاسه في انتظار ردها وهو متشوق تبدو عليه لهفة الشباب0
وعبست في داخلها وهي تشعر بالغضب من نفسها لأنها سمحت بقضاء كل وقتها بهذا الشكل فقد ضلا معا 3 أيام بأكملها00 3 أيام تحدثا خلالها وضحكا معا وسبحا ورقصا وتناولا المشروبات في "مطعم المسرح" وشاهدا أحد الأفلام واستكشفا الباخرة وقضيا وقت مريحا في الكازينو 3 أيام مشحونة بالعواطف0 والآن! نظرت إليه وقالت :
- شو00 لدي شئ سيخيب آمالك لا أستطيع أن أقضي وقتي كله معك بهذا الشكل أريد أن أكون وحدي أحيانا 00
وارتسمت الكآبة على وجهه وأحست بأسف عميق إذا كان لطيفا إلى درجة لا يجب معها عدم إيذاء شعوره مع ذلك لو سمحت باستمرار الأمر لوقعت في حبه بعد وقت قصير مما يعني إنه سيتعذب عذابا أليما بعدئذ وغمغم قائلا:
- أحيانا
وكأنه يقدم تنازلا, أضاف:
- فليكن لا أريد أن أحتكرك تماما لكن0 00وسكت عندما ظهر المضيف يحمل القهوة ويضعها أمامهما ثم واصل كلامه قائلا بجدية وهو ينظر في عينيها مباشرة :
-إنني أميل إليك يا وندي أميل إليك كثير في الواقع0
وتنهدت لأن تلك النظرة كانت تحمل كل آماله والتقطت فنجانها وبدأت ترتشف القهوة وبصعوبة بالغة سلمت بالواقع لكنها قالت في حزم :
لا يمكن أن نكون أكثر من رفاقي يا شو0 أشار بيديه قائلا:
- لكنك غير مرتبطة بأحد كما أخبرتني0
وفي نبرة فتور تعمدت أن يكتسب بها صوتها ردت قائلة:
- ولا انوي أرتبط بأحد, لأنني ميالة للوحدة 0
وأردف بحدة :لا00 لا 00أعتقد أن فتاة مثلك يمكن أن تكون كذلك -ويندي- يجب أن تكون صديقتي العزيزة جدا 0
ثم مد إحدى يديه إليها عبر المائدة متوسلا0
و أومأت برأسها فهي لم تتسبب طول حياتها في إيذاء أحد كما تؤذي هذا الشاب , مع ذلك عليها أن تفعل, يجب ألا يتعلق بها قلبه إلى هذا الحد ,قالت:
- أرى الأفضل لنا ألا نلتقي على هذا النحو أو نخرج معا كما كنا نفعل فكما قلت أني مياله إلى الوحدة, أرجوك لا تقاطعني إنني أشعر بسعادة أكبر وأنا هكذا0
وهنا حدقت فيه مباشرة وهي تقول:
- أنت نفسك ستكون أسعد حالا0
ومرة أخرى منعته من مقاطعتها وهي تواصل كلامها:
- إنني أعرف ما أتحدث عنه كذلك ستعرف أنت أيضا يوما ما0
- أن لا أفهم 00
هكذا بدأ حديثه عندما قاطعته قائلة وصوتها يفقد نبرة الفتور متسما بنبرة رقيقة:
- ستفهم وستفهممني0
وانفجر قائلا:
- اشرحي لي , لا حاجة بك إلى هذه الطريقة الغامضة في الكلام 0وأطل الغضب من عينيه لكنها لا يمكن أن تتخذ موقف الهجوم فإن غضبه نابع من شعوره بالإيذاء , ومرة أخرى تحدثت بنبرة ناعمة رقيقة :
- التفسير الوحيد الذي أقدمه أنني أفضل أن أكون وحدي0
كانت تلك كذبة فهي لا ترغب أن تكون وحدها خلال الرحلة وحدها على مدى الأسابيع القليلة الباقية من حياتها0 قال والمرارة تقطر من صوته:
- فهمت وينبغي لي أن أقبل قرارك لكنني أريد أن أخبرك بصدق أنني كنت آمل في أن نصبح أكثر من صديقين0
وقالت وهي تبتلع غصة أصابت حلقها:
- أنت لم تعرفني منذ مدة طويلة ولا تعرف أي نوع من الأشخاص أنا 0
هز رأسه ثم نظر في عينيها البنفسجيتين الجميلتين وقال:
- أعرف أي نوع من الأشخاص أنت أعرف أيضا أنه كان ممكنا أن تكوني الفتاة الملائمة لي 0
وانتظر وكان واضحا إنه يتوقع ردا منها ربما راوده الأمل في أن تغير رأيها 0وعندما امتنعت عن الكلام قال مرة أخرى:
- يجب أن أتقبل قرارك 0 وتوقف لحظة وهو يلهو بالملعقة ثم استطرد:
- ألا يمكن أن نتقابل بين حين وآخر؟ ونذهب للرقص أو لمشاهدة فيلم0
وفي الحال هزت رأسها وهي تقول :
- أنا آسفة هذا لن يجدي على الإطلاق 0
وخفت صوتها عندما لمحت الرجل الذي يوشك أن يغطس في حوض السباحة ,غارث ريفيز الرجل الذي يجلس أمامها أوقات تناول الطعام 0عرفت شيئا أو شيئين عنه في الأيام القليلة الماضية بعضها لم يعجبها على الإطلاق منها إنه كان يبدي الفتور والسخرية عندما يدور الحديث حول النساء وبينما كان صديقه ثرثارا كان هو متحفظ0 بدا فريزر مستعدا لتقديم بعض المعلومات عن نفسه كان غارث متحفظ تماما إنه اعزب يراوح عمره0 كما قدرت وندي بين الثلاثينات والخامسة والثلاثين0 ودائما يحيط نفسه بجوا من الغطرسة والتعالي وجدت ويندي أن هذا غير محتمل0 وكي تنسى كانت تغوص في حديث مع مارجي سترومبرغ 0 وعندما كانا يحدث هذا , كانت لدهشتها تلاحظ تجهما في بعض الأحيان على وجه غارث ريفيرز المتعالي 0ويكون هذا التجهم واضحا للغاية إلى درجة لا يمكنها أن تخطئه للحظة كان يبدو متبرما إلى أقصى حد0 بالسيدتين الموجودتين على مائده ويعتبر حديثهم تافها0 يدل على الغباء0 كل شيء تافه0 كل تعليق بدون هدف ومن جانبها كانت ويندي تود لو أنه طلب تغيير مكانه لكن ما رجي سلبت لبها نظراته الرقيقة ومظهر الأستقراطيه الذي يحيط به نفسه0
وذات ليلة وهي خارجه من المطعم مع مارجي بادرت الأخيرة بقولها :
- ألسنا سعيدتي الحظ بوجوده على مائدتنا ؟ ألا تلاحظين أن الإناث ينظرون إليه نظرات ولهة 0 لكنه محصن تماما ضد مناوراتهن, أراهن أنك أنت وأنا محسودتان من كل سيدة في هذا المطعم0
وهزت ويندي كتفيها ولم تقل شيئا فهي لا تحب ذلك الرجل إلى حد كبير لذلك رأت أن طريق الدبلوماسية أنسب الطرق0
وقطع شو سلسلة أفكار ويندي حين قال :
- لا أعرف لماذا أنت واثقة إلى هذا الحد من إن الأمر لن يجدي؟ يمكننا بالتأكيد أن نكون متآلفين معا 0
- متآلفين, أجل 0
ردت ويندي بالموافقة وعيناها لا تزالان تتابعان غارث الذي أصبح الآن يسبح بقوة0
ثم أضافت:
- لكن ينبغي أن لا نكون متاحبين0
ونظر إليها شو باستغراب وفتح فمه ليقول شيئا لكنه أغلقه ثانية وأرخى كتفيه مستسلما, ثم غير الموضوع , لكن ويندي لم تدرك مما قاله شيئا إذ إن اهتمامها كله كانا مركزا على غارث ريفيرز الذي نظر إلى أعلى فجأة فباغتها وشعرت أن وجهها أحمر خجلا وارتفع حاجباه قليلا قبل أن ينشف الماء ويتقدم نحو الطرف الأقصى من الحوض0
وأعادت ويندي اهتمامها إلى شو محاولة أن تنصت إلى ما يقول لكنها -للغرابة- كانت مشغولة البال وارتاحت عندما استأذن شو بالانصراف بعدما انتهى من تناول القهوته0 وتركها جالسة هناك وحدها 0سكبت لنفسها فنجان آخر من القهوة وتركت الرداء ينزلق عنها واستلقت تتمتع بأشعة الشمس الدافئة0....منتديات ليلاس


" "
كانا شيئا لطيفا أن تراقب الناس في الحوض وشعرت بالاسترخاء التام0 ومع ذلك أدركت بحدسها أنها سجينة, وأنها قريبا جدا ستتطلع إلى رفاق لإنقاذها من التفكير المستمر في الظلام الذي ينتظرها ,وقررت أن تختار لها صديقة ومع ذلك فأنها في هذه اللحظة قانعة بأن تحيا في الفراغ الذي لا يوجد فيه مكان للماضي ولا للمستقبل هذه اللحظة هي هذه اللحظة وعليها أن تعيشها0
ومن حين لآخر كانت عيناها تلمحان غارث الوسيم وتصبح عاجزة عن تحويلهما عنه 0 خرج من الماء وجلس على حافة الحوض بضع لحظات ثم امسك منشفة كان واضحا أنه أحضرها معه واستلقى على كرسي وبدأ يجفف نفسه ثم ألقى نظرة حوله فرأى ويندي وحدها ولدهشتها اقترب من المائدة التي كانت تجلس إليها وتساءل:
- وحدك تماما؟
وعندما أومأت بالإيجاب سأل مرة أخرى:
- أيضايقك أن أجلس معك0
- لا على الإطلاق 0
ردت ويندي بذلك وهي تحاول أن تبدو اجتماعية بينما تحاول أن تكبت مشاعر الضيق التي انتابتها لاقتحامه خلوتها, وبعدما طلب القهوة وقال:
- ما الذي حدث لصديقك كان السؤال عرضيا واعتقدت أنه يتسم بالسخرية أيضا0
- شو؟ ذهب إلى مكان ما 0
وظهرت تقطيبة خفيفة على جبهتيه ثم قال:
- كنت أتصور أن الموضوع يتخذ صفة الجدية0
مرة أخرى ظهرت لهجة السخرية التي يتسم بها حديثه وحيرها أن يعاملها هكذا فقد أظهر موقفه الاحتقار الخفيف من اللحظة الأولى للقائهما حول مائدة العشاء0 ليلة أبحرت الباخرة0 وبدأ كأنه يعلم شيئا عنها لا يعجبه أما موقف فريزر فكانا مختلف عن موقف تماما لكنه محير بالقدر نفسه فهو أيضا كأنما لديه بعض المعلومات عنها لكنه تقبل الأمر وصمم على أن يعاملها بطريقة ودية رغم ذلك0
داخليا هزت و يندي كتفيها بلامبالاة0 لاتهم الطريقة التي يعاملانها بها ومع ذلك ,نظرت إلى رفيقها ورأت جانب وجهه بعدما استدار لسماعه ضحكة آتية من ناحية الحوض كم هو وسيم ومن غير المعقول ألا يكون وقع في شباك الزواج حتى الآن كان ينظر بطريقة تنم عن الاستغراق في التفكير إلى فتاة شقراء رائعة ترتدي أقصر ثياب البحر وتجلس برشاقة واسترخاء على حافة حوض السباحة ,وتربت برفق على شعرها بمنشفة ذات ألوان بهيجة وبينما كانت ويندي تراقبه رأت وجهه يتغير, وابتسامة خفيفة تلمس شفتيه وتذكرت أنها رأت غارث يرقص مع هذه الفتاة ويلعب أيضا معها بعض اللعب على سطح الباخرة ووصلت قهوته ووضع السكر في فنجانه لكنه كان شارد الذهن ورفعه إلى فمه 0 توقف وانتبه إلى نظرة ويندي المحدقة فيه وأدار رأسه والتقت عيناه بعينيها ,لسبب مبهم تصاعد الدم إلى وجهها 0 وأسدلت رموشها الطويلة الحريرية , وبدأ كما لو كان يصدر صوتا بفمه لكنه صوت مكتوم0
تحركت بقلق وهي تشعر كأنها تلهث في مواجهة تلك النظرة الفاحصة المتعمقة وكأن هذا غريبا , وأدركت أنها رغم شعورها بالسعادة منذ لحظات قليلة بأن تبقي وحدها فترة من الوقت فقد شعرت الآن بنوع غريب مبهم من السعادة لأنه يجلس هناك على الجانب الآخر من المائدة 0
وتحركت عيناه القاتمتان لتتفحصا ثنيات عنقها الجميل, ثم تلك الثنيات الحلوة أسفلها , وتغير لون وجهها ولدهشتها مزقت رعشة خفيفة الجمود البارد على وجهه ومرت لحظة قبل أن يفتر ثغرة عن ابتسامة مترددة , ورأت عينيه تتسعان, وأدركت إنه يحاول جاهدا إخفاء اهتمامه بها وأخيرا قال:
- لم تأتي وأنت مستعدة للسباحة , لكنني أنصحكي بغطسه ما رأيك ؟
وتضاعفت دهشتها من هذه الدعوة وقالت متلعثمة:
- أتعني00 أن أذهب وأغير ملابسي؟
وانفجرت الرعشة البادية على وجهه في ضحكه أجاب بعدها قائلا :
- إنه شيء واضح0
تحولت نظرته إليها الآن إلى نوعا من التقدير السافر ثم أضاف:
- لا يمكن أن تغطسي للسباحة وأنت هكذا0
وبعد ربع ساعة كانت في حوض السباحة وغارث يسبح قربها وعندما خرجا بعد مدة وجلسا على حافة الحوض يتجففان هتفت قائلة:
- كم كان الحمام رائعة أشكرك على النصيحة 0
وبلهجة رقيقة مهذبة تتسم بالفرح قال :
- إنها متعة لي ينبغي أن نكررها مرة أخرى0
وأسرعت دقات قلب ويندي بشكل أذهلها وألقت نظرة خاطفة حولها وكلها أمل ألا يلحظ غارث ارتباكها وفي تلك اللحظة ظهر فر يزر وسأل هل يمكنه أن يجلس, وكما يحدث دائما حينما تكون موجودة 0أبدى نوعا غريبا من الاهتمام بها , وحدق لحظة خاطفة في وجهها وعينيها وركز على شعرها وقطب جبينه كأنما يحيره شي بشأنها يحاول أن يسبر غوره0 وكالعادة عبر اهتمامه المدروس بسرعة وبدا يثرثر بالطريقة التي أصبحت الآن مألوفة لديها, وفكرت كم من الغريب سرعة تعارف الناس في رحلة بحرية كهذه, يرجع هذا بالطبع إلى الصلة المستمرة مع أولئك الذين يجد المرء نفسه بينهم, أما نتيجة المصادفة كما يحدث عند المشاركة في مائدة واحدة, أو بالاختيار, كما يحدث الذين يختارهم المرء أصدقاء وبعد 3 أيام فقط شعرت ويندي كما لو كانت تعرف هذين الرجلين منذ أسابيع إذ من البداية استخدمت أسماءهم الأولى على المائدة0
كان فريزر يتحدث إلى غارث بينما ويندي تجلس في مقعدها سعيدة بالإنصات تركزت عيناها على تلك اليد الممدودة بتكاسل فوق المنضدة يد غارث الطويلة النحيلة يمكن أن يكون صاحب هذه اليد عازف بيانو أو فنانا هكذا فكرت لكنه بالطبع مجرد تخمين وعلي مدى الدقائق القليلة التالية ,ولعدة مرات أصبحت ويندي واعية تماما لعيني غارث وهما تتحولان إلى وجهها من آن لآخر- ويتبادلان النظرات -نظرات خاطفة لكنها متكررة 0وسرى في جسدها إحساس بدغدغة غريبة لم تشعر بها من قبل إطلاقا 0
خفت الحديث بين الرجلين عندما جالت ببصرها تحاول اكتشاف مهن الناس, هذا الرجل القوي هناك يمكن أن يكون أحد كبار رجال الأعمال وذلك الطويل البارز العظام من المحتمل أن يكون مدير بنك متقاعد , والزوجان الشابان اللذان يسبحان في الحوض , وهزت ويندي برأسها عجبا من أن يكون في مقدور مثل هذين الشابين أن يتحملا الآلاف العديدة من الجنيهات التي تتكلفها الرحلة البحرية0 إن وجود الأشخاص المسنين فوق الباخرة يمكن تفسيره بطرق عدة فهي تعرف زوجين متقاعدين أنفقا مدخراتهما على رحلة بحرية حول العالم من هذا النوع وقطع صوت غارث السريع الحاد سلسلة أفكارها حينما سأل :
- فيما تفكرين يا ويندي؟
ارتسمت ابتسامة تلقائية على شفتيها وهي ترد قائلة :
- كنت العب لعبة التخمين0
وعندما لاحظت إنه رفع حاجبيه تساؤلا مضت تفسر ما كانت تفعل 0
فقال مضيفا:
- إنك تتساءلين كيف ولماذا يوجد هؤلاء الناس على متن هذه سفينة 0
وأومأت بالإيجاب, ومن دون أن ينتظر الرد استطرد وهو يلقي نظرة حوله بلامبالاة:
- كثيرون يملكون المال والوقت الكافي لقضاء 3 أشهر فوق باخرة للترفيه 0
وتوقف لحظة وحدق مع صديقه فيها بدقة إلى حد أنها بدأت تشعر بشيء من الضيق وبدأ عقلها يناقش السبب في تحديقهما المفاجئ وأرادت تحويل اهتمام الرجلين عنها فقالت بلهجة التسليم:
- الواضح أن بعضهم من المتقاعدين في حين أن الآخرين من الأثرياء لكن بعضهم حيرني امره0
أضافت هذا القول من دون تفكير وفي الحال تدخل غارث قائلا وقد ضاقت عيناه :
- اعتقد أنك بنفسك تحيرين البعض , إذ ليس من المعتاد أن تشترك شابات وحيدات في مثل هذه الرحلة الباهظة 0
واحمر وجهها , لكنها امتنعت عن ذكر أية معلومات عن نفسها0 وهذا طبيعي وبعد لحظة قال غارث برقة, بطريقة شعرت أن لها مغزى :
- من المحتمل جدا أن هناك سيدات من نجوم السينما فوق السفينة ربما يقمن بالرحلة تحت أسماء مستعارة 0
وهزت رأسها وتذكرت أول حديث سمعته عفوا بين الرجلين ثم نظرت إلى غارث وقالت:
- أجل هذا ممكن وأتوقع أن يناضلن من آجل الحياة في عزلة لبعض الوقت بعيدا عن الأضواء والدعاية المستمرة التي تحيط بأمثالهم0 أعقب ذلك صمت غريب ثقيل غامض ولسبب مجهول رغم أنها لم تستطع بأي حال أن تفسر مشاعرها أو تفهم لماذا تتأثر بالصمت بمثل هذا العمق شعرت أن الرجلين يثيران فيها الحزن0 وقال غارث بلهجة المقتضبة نفسها:
- ويندي لو كنت نجمة سينما , هل كنت تناضلين من أجل العزلة قليلا؟
ومرة أخرى أومأت برأسها وردت بدون تردد :
- أجل, اعتقد أنني كنت سأفعل ذلك, فالإنسان أولا وقبل كل شيء ينبغي أن يعيش حياته , وغض النظر عن مهنته ألا توافقني ؟
- أجل 00اوافقك0
وظلت عيناه مركزتين على وجهها لمدة طويلة قبل أن يلتفت بعد نظرة سريعة في اتجاه صاحبه ثم نظر حوله بفضول متأفف إلى أولئك المجاورين له وقال :
- الرجل الكبير على يميني هو بولدريك ستافورد رايمان عملاق صناعة الغزل والنسيج0 وأكمل فريزر بجدية سريعة:
- والسيدة التي معه هي سكرتيرته0
- والسيدة التي ترتدي البكيني الأزرق اللامع مليونيرة , تقيم في البواخر دائما0
واستدارت ويندي تنظر إليه باستغراب وهي تهتف :
- دائما ! دائما !
- هذا صحيح , مواعيد جميع الحفلات البحرية ترسل إليها فتنتقل من سفينة إلى أخرى , وهناك كثيرون يفعلون هذا 0
واستطرد يبدد نظرة الشك التي تبديها ويندي ويقول مبتسما:
- إنهم الناس الوحيدون في العالم الذين يجدونها الطريقة الفضلى للعيش0 لكن ويندي كانت تهز رأسها إعرابا عن رفض كلامه وأكدت قائلة :
- لا يمكن أن تكون جذابة دائما0 لا بد أنهم يعيشون في وحدة قاتلة ويحاولون الهرب منها0 أنها مأساة0 قالت هذا الكلام بصوت قلق مع نبرة إشفاق , وارتسمت تقطيبة على حاجبين غارث أدت إلى اقترابهما الواحد من الآخر بينما كان ينظر إليها نظرة فاحصة من عينيه اللتين ازدادتا ضيقا 0
- الواضح أنك سريعة التأثر بالانطباعات الخارجية 0
قال هذه الكلمات بنبرة دلت على أن اكتشافه هذه السمة الخاصة أثارت عجبه0 لكن لم يكن لديها ما تقوله ردا 0 وكأن أسلوبه متسما بالسخرية فتصاعد الدم إلى وجهها 0 لماذا يتخذ هو و فريزر هذا الموقف الخاص أزائها 0؟ ما الذي يجدانه مضحك فيها ؟ قالت أنها ستسأل غارث والآن صممت على ذلك حين وجدت نفسها وحدها معه مرة أخرى , فقد كانت تلحظ نظرة مرح في عينيه أحيانا وتشعر بوجود طرافة طول الوقت 0لكنها الآن تستشعر ضيقا إلى حد ما 0
استأذنت بالانصراف وحينما وصلت السلم تبعها شو وقال بنبرة اتهام:
- ألم تقولي إنك تفضلين البقاء وحدك؟ ومع ذلك كنت تجلسين مع هذين الاثنين لمدة 20 دقيقة وقبل ذلك كنت مع واحدا منهما 0؟
كان وجهه عابسا وصوته متسما بالاستياء ورثت لحاله وهي تدرك مدى كآبته لكنها رأت أنها لمصلحته يجب أن تتخذ أسلوبا متباعدا فاترا معه وقالت :
- ليس بوسعي عمل شيء لو أتى فبعضهم وجلس معي, إنني لا أحجز طاولة لي وحدي 0
واحمر وجهه ونظر إليها بضع ثوان0 ثم استدار0 وراقبته بأسى يعود إدراجه لقد كانت القطيعة مؤلمة لها لأنها استمتعت تماما بالأيام الثلاث التي كانا فيها معا ولو استمر هذا بقية الرحلة لكان أنسب لها للغاية0
إذ إنها كانت تستمتع برفقة مرحة لا يصبح لديها أدنى متسع من الوقت للتفكير في حالتها اليائسة, ومع ذلك مشاعرها الخاصة يجب إبعادها عن مشاعره هو0 فإن شابا ساحر كهذا ينبغي ألا يعكر حياته شئ يعاني منه وبالتأكيد فإن وفاتها ستصبح مصدر معاناة في حياته لو وقع في حبها 0
ومرت الأيام بلا هوادة زارو نيويورك ثم غادروها كذلك كميناء الفردي فالذي وصلوا إليه بعد 8 أيام من إبحار الباخرة وعثر شو على فتاة أخرى مما أسعد ويندي أما غارث ريفرز فكان يقضي معظم وقته مع الفتاة التي رأتها من قبل وهي نيكول رنتون التي أصبحت متعلقة به بلا شك لكن مما لا يزال مثارا للشك أن يظل غارث منجذبا إليها بالقدر نفسه وقد استبعد فريزر هذه الفكرة عندما سألته ويندي عنها بلا سبب وقال ضاحكا :
-غارث يقع في شباك أية في فتاة كلا على الإطلاق إنه أعزب بالفطرة0
كذلك عثرت مارجي على صديق وهو أمريكي توفيت زوجته من 6 سنوات تاركة له فتاتين ينشئهما وأصبحت كلا الفتاتين تعملان الآن وأستأجرتا شقة خاصة لهما تاركين والدهما حرا يستمتع بأول إجازة له من سبع سنوات وأخبر مارجي أنها ستكون حسب رأيه إجازة طيبة تلك الرحلة البحرية 0
أما بالنسبة إلى ويندي فبقيت وحيدة معظم الوقت لذلك وجدت نفسها تتطلع بشوق إلى مواعيد تناول الطعام حيث يصبح حضور رفاق معها شيئا مؤكد0 كانت مارجي مازحة دائما بينما احتفظ فريزر بأسلوبه الودود الثرثار وحتى غارث بدأ كأنه يصبح معقولا تدريجيا ,وقد صدق في كلمته فكانا بجوار حوض السباحة مرة أو مرتين أثناء وجود ويندي هناك وسبحا معا وخرجا وطلبا القهوة, لكن كان هذا كل شيء وظلت طيلة الوقت الباقي وحدها0 وهي تحمل معها كتابا أينما ذهبت, وكثيرا ما كانت النظرات الفضولية تتجه نحوها وهي نظرات بدأت تستاء منها رغم أنها كانت تحدث نفسها بأنها غلطتها هي 0 لم يكن ينبغي لها أن تشتري في الرحلة البحرية منذ البداية فكونها تقضي أيامها الأخيرة على الباخرة في وحدة المطلقة أمر غاية في الغباء00 على أرض بلدها كان يمكن أن تقوم بوظيفتها كالمعتاد حتى النهاية0
....منتديات ليلاس


وفضلا عن زملائها في العمل فإن لها أصدقائها لكن هذا فات أوانه الآن إلا إذا قررت أن تترك الباخرة في أحد المواني التي ترسو فيها وفي هذه الحالة ستعود إلى إنجلترا حيث لا تملك بيتا تلجأ إليه ولا أموالا تحصل بها على البيت فكل ما تبقى لها بعد دفع نفقات الرحلة البحرية كانت مصاريفها الشخصية ,وفكرت أن تدخل دار التمريض قبل الموعد المحدد0 لكن هذه الفكرة لم تلق قبولا لديها بأية حال0 هتفت مارجي بأسلوبها المؤكد المعتاد:
- نصل إلى كيوروساوا في ساعة مبكرة من صباح الغد !
وسألت ويندي :
- مالذي ستفعلينه ياعزيزتي؟ لم تقومي بجولات في نيويورك وميناء ايفرغليدز 0
-لا لم أكن أعتقد أنها ممتعة إلى هذا الحد0 ثم أنني اوفر مالي لشيئا أفضل0
أضافت هذه العبارة وهي تبتسم وأدهشتها أن ينظر إليها الرجلان تلك النظرة السريعة0 وغضا النظر في الحال لكنهما تركاها حائرة للغاية إزاء ما حدث خلال تلك الثواني القليلة0
-هل ستقومين بجولة في الغد0 ؟ لقد زرت كيوراساو من قبل وأحب الجزيرة كثيرا في الواقع0
- اعتقد إنني سأقوم بالجولة0
وقال غارث :
-يمكنك أن تقومي بجولة في العاصمة ,ربما تكون ممتعة, لكن لا تنسى أن الصناعة الرئيسية في كيوروساوا هي تكرير البترول0
- لهذا نجد شاهدا على ذلك في جميع أنحاء الجزيرة0
- ليس في جميع ألإنحاء لكنك ستجدين الدليل على ذلك بالتأكيد0
وقالت ويندي بلهجة من أتخذ قرارا:
- بهذه الحال سأتجول وحدي لأوفر مالي لجولات أمريكا الجنوبية0
الجولة في كيوروساوا لاتكلف كثيرا0
قال فريزر هذه الكلمات بنبرة من يهون من قدرا الشي, ثم اختلس نظرة إلى غارث الذي لاحظت ويندي أنة زم شفتيه تعبيرا عن الاستخفاف, وتجهمت في حيرة قبل أن تدرك أن الرجلين يمكن أن يعتبرا هذا التردد دليلا على البخل , داخليا شعرت بالضيق من هذه الفكرة لذلك حدجت غارث بنظرة غاضبة لكن بعد فترة وجيزة صارت تفكر إنه لا يهم كثيرا ما يعتقدانه بشأنها0
وفي الساعة الثامنة من صباح اليوم التالي رست الباخرة في الميناء0وبعد التاسعة بقليل نزلت ويندي الى الجزيرة وبدأت تتجول في شوارعها حيث تسطع أشعة الشمس الاستوائية الحارة ويسودها الطابع المعماري الهولندي ويرجع تاريخه إلى القرن الثامن عشر فمبانيها تتوهج بألوانها البهيجه وكأنها مبان يصفها كتاب قصصي قديم والسبب في ذلك أن أحد حكام الجزيرة يكره التأثير المبهر لأشعة الشمس على المباني البيضاء لذلك أمر بطلاء المنازل بألوان مختلفة 0
وبعدما تجولت ويندي بجوله حول منتزه فيلهميتا قررت الاسترخاء بعض الوقت مع فنجان قهوة وكتابها 0 وجلست في مقهى في فندق كيوروساوا انتر كنتونتننال وهو مبنى فخم تم بناؤه بدقة داخل جدران قلعة ضخمة يرجع تاريخها إلى القرن الثامن عشر عندما دخل ميناء فيلمستاد عاصمة الجزيرة 0وإذا ألقت نظرة خاطفة حولها , لمحت غارث بقامته الطويلة ,وتسارع نبضها وكادت إن تخفض رأسها لولا إنه رآها 0 لذلك اضطرت إلى الرد على التحية عندما رفع يده, وتأرجحت ابتسامة على شفتيها وهي تراقبه يقترب من طاولتها 0 كم هو طويل ووسيم , قطعت خطواته الواسعة المسافة بسرعة أكبر مما يلزمها لتستعيد سيطرتها0
وأخذت تضم يديها ثم ما تعود فتفردهما بطريقة عصبية بعض الشيء رغم أنها لم تستطع أن تتبين سببا لتوترها0 ووقف غارث قربها يلقي نظرة فاحصة ناقدة للقاعه0
- هل يمكن أن أبقى معك ؟
سألها برقة وجلس بدون أن ينتظر الرد , وسرعان ما امتدت ساقاه الطويلتان أمامه واتكئا إلى الخلف على المقعد بتلك الرشاقة الفاتنة التي لاحظتها من قبل ثم سأل:
- هل قمت بجولة لطيفه ؟
- أجل شكرا لك
وتوقفت ويندي قبل أن تسأل:
- أين صديقك ؟
ابتسامته المفتعلة شقة فمه الصارم وجاء رده التهكمي:
- وجد لنفسه فتاة0
ورفع يدا آمرة فأقبل أحد المضيفين وبعدما طلب القهوة استدار نحو ويندي وأخذت عيناه الداكنتان تجوبان وجهها الذي احمر خجلا وظلت على هذه الحال لحظة طويلة بلامبالاة قبل أن يقول:
- أين كنت ؟ تراقبين الجسر الشهير يفتح لمرور السفن كما أتوقع ؟
وردت بضحكة:
- لا00 لم أكن أراقب الجسر بل كنت أتمشى في المنتزه0
- حقا لكنك بالتأكيد تعرفين إن أول شيء يفعله أي زائر لميناء فليمستادا هو أن يقف مشدوها تماما وهو يراقب جسر الملكة إيما إذ يفتح للسفن؟
ولم تقل ويندي شيئا ومضى غارث في حديثه ليخبرها بأن ذلك كان في وقت من الأوقات أحد الجسور التي تجمع عندها ضريبة الأسواق وقال لو كنت ترتدين الحذاء لكان هذا سيكلفك سنتين, أما بالنسبة إلى الحفاة فكان المرور مجانا0
ونظرت ويندي إليه باهتمام وهي تقول:
- يا لها من فكره غريبة 0
- الفكرة الأصلية كانت طيبة0 فالمرء يدفع حسب وضعه الاجتماعي لكن كان هناك بالطبع أناس ذو كبرياء ,يستعيرون أحذية لمجرد أنهم لا يريدون التعرض لمهانة اعتبارهم فقراء من ناحية أخرى هنأك أمريكيون أثرياء يحملون أحذيتهم تحت أذرعهم ويمرون دون أن يدفعوا شيئا وذلك لمجرد المزاح0

وضحكت ويندي ضحكة صافية رائعة أدهشتها واجتذبت اهتمام غارث إلى درجة إنه ظل يركز على فمها الجميل مدة طويلة0 جعلها تحس بالقلق , وكان تعليقه غير المتوقع على الإطلاق
:
- انك فتاة غريبة جدا في الواقع0
وفكرت إن الوقت مناسب لسؤاله عما يضحكه فيها لكن كل ماقالته هو :
-إنني لا أفهمك0
وارتفع حاجباه قليلا وفي هذا الوضع كان أسلوبه تهكميا لكنه لا يخلو من الرقة والكياسه 0 وقال بدون توقع جواب مرة أخرى:
- اخبريني ألا تعتبرين نفسك غريبة ؟
وتجهمت وهي تشعر بذهول تام من كلماته وسألت:
- هل أبدو غريبة حقا ؟
كانت تريد أن تعرف وهي تسأل نفسها إذا كانت تتصرف بالفعل بسبب ما تنوء به من أفكار , بطريقة غريبة , وقال:
- ظاهريا, لا, لكن 0
وبعد فترة تردد أضاف :
- لكن هذا كله ليس ظاهرا أليس كذلك؟
ومرة أخرى تجهمت لا لأنه عبارته محيرة فقط ولكن لأنه تردد لسبب غامض قبل أن ينطق باسمها وفكرت- لو لم تكن الفكرة مضحكة إنه ربما اعتقد أن هذا ليس اسمها علي الإطلاق!
وقالت :
- إنك تتكلم بالألغاز فلا أستطيع أن أفهم شيئا مما تقول0
والتقت عيناه بعينيها في تحد وقال :
- لا 0 إذا لا تشغلي بالك , سنطرح المسألة جانبا 0
وغير الموضوع قبل أن تتمكن من توجيه سؤال آخر , وأخذ يتحدث كيفما اتفقا على الأماكن الهامة التي ينبغي زيارتها , في أنحاء الجزيرة لكنها كانت لا تزال تفكر في كلماته الغامضة , فلم تشترك في الحديث إلا لماما, وبدا انه تضايق إذ أصبح الجو بينهما ثقيل الوطأة الى درجة أنها عندما تكلمت كانت نبراتها متكلفة , وأخيرا قال:
- حسنا سأذهب, لا تظلي الطريق وبذلك تفوتك الباخرة0
وجلست حيثما كانت و أخذت تراقبه يبتعد , لاحظت طريقته المهيبة في السير, وخطواته الطويلة الرشيقة التي قطعت المسافة بينهما وبين الباب بسرعة ومن دون أن يلتفت ورائه مضى0
وفجأة أدركت أن الإحساس بالفراغ بدأ يزحف إليها وعضت شفتيها خوفا من وحدة اليوم المقبل, هل تعود إلى السفينة؟ لن تبحر قبل السادسة لذلك لا جدوى من العودة والبقاء فوق سطحها , هل تستأجر سيارة إجرة ؟ أجل يحتمل أن يكون ذلك هو الرد 0 وبما أن غارث دفع حساب القهوة نهضت وغادرت الفندق إلى أقرب موقف لسيارات الأجرة ووجدته خاليا وهو أمر طبيعي إذ فكرت في مئات الأشخاص الذين نزلوا من الباخرة لذلك معقول أن جميع السيارات المتوفرة استؤجرت من فترة طويلة0
وبعدما قررت أن تمشي اتجهت نحو البوندا وهو أقدم جزء في المدينة حيث أخذت تتجول بين المحلات التجارية التي تراوحت بين أماكن صغيرة شبيهة بالأسواق الشرقية ومحلات كبرى على أحدث نظام شهدته , وكانت الأسعار رخيصة حيث أن كيوراساو ميناء حر تقريبا غير إن ويندي لم تشتري شيئا على الإطلاق متسائلة: ما الفائدة وخيم القنوط عليها0 ونتيجة لذلك تثاقلت خطواتها, ما فائدة أي شيء وقطع تساؤلها بحدة صوت بوق سيارة وقفت بجوارها وهي تتأهب لعبور الطريق0
- هل تحبين مرافقتي؟
جاءت الدعوة من غارث الذي جلس أمام عجلة القيادة وأكمل:
استأجرت سيارة للنهار كله 0
وأضاءت عيناها0 لو علم فقط مدى ثقل الهم الذي أزاحه عن قلبها, وقالت بضحكة صغيرة مرحة:
- شكرا لك يا غارث بالطبع أود مرافقتك , إنه كرم زائد منك 0
وكانت تلهث قليلا ونظر إليها بتعبير مندهش ونزل ودار حول السيارة وفتح لها الباب , ثم قال:
- لا حاجة لعبارات الشكر المسرفة , إنني سعيد بهذه الرفقة0
ولأنها كانت تعلم إنه يعني ذلك انتابتها موجة سريعة من المرح والعرفان بالجميل:
- ينبغي أن أشكرك يا غارث 0
غمغمت بهذه الكلمات في خجل هذه المرة بسبب الطريقة الغريبة التي نظر بها إليها , وأضافت في سرعة عندما لاحظت إنه بدأ يحرك شفتيه استعداد للكلام:
- لا تسأل لماذا ,أرجوك 0
ربما لم تكن تستطيع أن تخبره بأنها هابطة في أعماق إلياس وسابحة في مجاهل الخوف وهي ضائعة ووحيدة تماما, ولا يمكنها أيضا أن تشرح لها أن عرضه جاء كنجمة مضيئة لامعة لتنقذها مؤقتا من تلك الوحدة, ودون أن يتحدث تحدت بدأ يتحرك بها تارك المدينة خلفه في طريقه الى الريف حيث ي عيش القرويون بعيدا عن ألأضواء البراقة وعمن مباني العاصمة0 بعيدا عن معامل تكرير البترول وفنادق السياح0
وأخيرا قطع غارث الصمت المخيم وقال:
- لا داعي للادعاء بأنها تتمتع بالجو الساحر الغريب مثل بربادوس أو سانت توماس ومضى يشرح أن السبب في ذلك هو أن كيوراساو جزيرة صخرية داكنة بعض مناطقها جرداء والمياه واحدة من أكبر مشكلاتها , وأضاف:
- يتم تقطير مياه البحر إلى مياه عذبة لكن هذه العملية باهظة التكاليف إلى حد كبير0 وعلي كل فإن الحكومة واجهت المشكلة وأصبحت المياه العذبة متوفرة الآن لأفقر طبقات الشعب في الجزيرة0
علقت بقولها:
- يبدو أنك تعرف الكثير عنها وعن الجزر الأخرى, هل قمت برحلات كثيرة في الكاريبي ؟
- مضت بضع سنوات منذ أن قمت برحلات0
كان هذا جوابه المقتضب وجذبها شئ في نبرته إلى إلقاء نظرة على يديه اللتين تمسكان المقود بسهولة مهملة 0 لم تفكر في إنه عازف البيانو لأن تلك المهنة لا تتناسب مع مظهره العام ومع ذلك كانت يداه حساستين بأصابعهما الطويلة النحيلة وأظافرهما المقصوصة القصيرة جدا0 خمنت إنه رسام لكنها استبعدت هذه الفكرة 0إذا ما هو عمله؟ وفجأة ابتسمت ابتسامة عريضة لنفسها وهي تتعجب , لماذا تتناقش بمثل هذه الطريقة الغريبة حول عمله يحتمل إنه لا علاقة له على الإطلاق بهاتين اليدين الطويلتين الحساستين00

lona-k 21-09-08 05:24 AM

3 -سر المهنة

رغم إن ويندي تمتعت بالنهار الذي قضته مع غارث في جزيرة كيورساو اعترفت لنفسها بأنها كانت ستستمتع به أفضل لو أن موقفه أزائها كان أكثر ودا وأقل سخرية ولا تشوبه تلك الاستخفافات المختلطة بالسرور والذي لاحظته من أول لقاء به, وتمنت لو اكتشفت سبب أسلوبه معها وتمنت ايضا لو تعرف لماذا أسلوبه يؤذي مشاعرها , لأنه في الواقع كان يؤذي مشاعرها بطريقة غريبة مبهمة تسربت إليها تدريجا , فكادت لا تلاحظ كيف بدأ ذلك التأثير0 و على أية حال تدرك لمحة إيذاء صغيرة في كل مرة تلقي فيها بملاحظة ساخرة أو يرفع هذين ألحاجبين الداكنين بتلك البهجة الساخرة لشيئ قالته , واصبح لديها الانطباع بأنه يعتبرها من الفتيات اللواتي يتظاهرن بسذاجة ليست فعلا من طبيعتهن 0 ومع وجود هذا الشك في ذهنها وجدت وندي نفسها تمتنع عن التحدث بتلقائية أو التعبير عن الإعجاب بشيء مثير للاهتمام أو الإعجاب 0 وفي بعض الأحيان 0عندما كانت تنسى أن تكون حذرة وتعبر عن نفسها بملاحظة بريئة كانت عيناه تنطقان بذلك الاستخفاف الممزوج بالضحك0 وحينئذ تجد نفسها متوردة الوجه خجلا مما يزيد سروره وفي مناسبتين حدث أن أطلقت ضحكة سريعة على سذاجتها ذات مرة عندما عبرت عن إعجابها بمنظر الأكواخ الصغيرة التي كان بعض المواطنين يعيشون فيها0 وهي أكواخ ذات سقوف منخفضة من القش تحيط بها مجموعة غريبة من ألوان الأزهار والأعشاب0 التي تنمو في الحدائق, أدار رأسه لحظة وقال:
- هناك شيء يتعذر فهمه بخصوص فتاة مثلك ياوندي 0
- سمعتك تقول شيئا هكذا من قبل0 كان هذا هو كل ما ردت به رغم أنها ما كانت تنفر من سؤاله ولا تعرف ما يعنيه بهذه العبارات:
وأعرب عن موافقته قائلا :
- أعتقد أنني فعلت 0
ثم رفع أحد يديه ليمنع تثاؤبه,هل بدأ يضجر حقيقة أو إن حركته كانت تستهدف مجرد تضليلها بأنه يعني ذلك فعلا ؟
قالت دون تفكير:
- لو أن هنالك شخصية يتعذر فهمه هو أنت
وأعقب ذلك صمت مطبق قبل أن يبدده غارث بضحكة0 وقال :
- الواضح أن كلا منا يجد شيئا محيرا مبهما في الآخر0
وأومأت بالموافقة وهي تدرك أنها تشعر بالبهجة لأنه ضحك, فتلك الضحكة غيرته وأدت إلى شيء جذاب للغاية بشأنه, وظلت تفكر لحظة أو اثنتين في هذا التغيير, وقررت كما فعلت من قبل أنه رجلا يصعب فهمه إذ يبدو أحيانا ساخرا فظا وأحيانا أخرى جذابا للغاية0
- أوه 000انظر !
هتفت بذلك ناسية تماما موضوع الحديث بينما أضاءت عيناها وهي تلمح أشجار الصبار العملاقة التي تنمو بوفرة على جانبي الطريق ثم قالت :
- لا بد أن طولها 20 قدما0
هز رأسه قائلا :
- إنه صبار شائك ينمو فعلا إلى نحو هذا الارتفاع 0
وأشار إلى الأشجار العالية في الحقل الواقع على جانبي الطريق 0
وقال:
- أتلاحظين أن أغصانها تمتد بزوايا قائمة على جانب واحد من الجذع0
- آجل0 كم هي غريبة! ما السبب في ذلك ؟
- الأغصان موجودة على الجانب المواجه للريح في الجذع وتتأثر برياح التجارية0....منتديات ليلاس


وهزت رأسها قائلة :
- أجل إنني أفهم الآن 0
عبرا منعطف الطريق التالي حيث امتد أمامهما منظر جميل لبيت وسط مزرعة تتألق حدائقها بالألوان الاستوائية وانتزع هذا المنظر شهقة إعجاب من ويندي0 قال غارث موضحا:
- إنها الأشجار المتوجهة وهي تنمو الى ارتفاع نحو 60 قدما 0
واستمرا في طريقهما مرورا بأسوار نبات الجنازي الرائع وأزهار البوجنفيلا والبغلي الجميلة وعديد من الأزهار الأخرى الرائعة التي تنموا بوفرة في هذا الجزء من العالم0
وبعد جولة استغرقت ساعتين رجعا إلى العاصمة وتسلقا تلة ليتناولا طعام الغداء في مطعم قلعة ناسا وحيث جلسا في الشرفة واستمتعا بنسمات الريح الباردة وهما يتناول وجبتهما0
وبعد ذلك واصلا طريقهما الى الجزء الجنوبي الغربي من الجزيرة حيث الشواطئ البديعة في خليج كنيب والمياه الإسبانية, ثم بعد جولة حرة سريعة في المدينة0 قال غارث إن الوقت حان لإعادة السيارة إلى صاحبها , وقبيل الخامسة عادا إلى الباخرة فايسون وشكرت ويندي غارث مرة أخرى, وكان صوتها هادئا ذا نبرة تدل على الإخلاص وعيناها أكثر لمعانا وتجاوبا, وحدق غارث فيها , وبدا كما كان ضحية مشاعر متصارعة ممزقا بين الرغبة في أن يحبها والرغبة الأقوى في إبقائها بعيدة عنه0
ولم تعتقد أنه مال إليها على الإطلاق في الوقت الحالي حتى بعد أن طلب منها مرافقته في جولته في انحاء السفينة 0 فقد قدم العرض فقط لأن صديقه هجره إلى رفقة امرأة أكثر جاذبية فوجد نفسه وحيدا
وعادت الى حجرتها لتغيير ملابسها استعدادا للعشاء00
جاءت مارجي تبهر الأبصار في ثوب من اللاميه متعدد الألوان ولسانها يتدفق بالكلام كحالها دائما, كذلك أخذ الرجلان آلي يثرثران , لكن شيئا ما بشأن غارث أقنعها إنه يمارس تهذيبا زائفا , وحيرها أمره فهل يفضل لو كان على طاولة جميعا الجالسين إليها رجال؟
بعد العشاء قامت وندي بجولة في أنحاء الباخرة وحدها لكن لحقت بها مارجي وصديقها دينبي نورتون الذي دعاها إلى مرافقتهما إلى المرقص قائلا:
- عزيزتي, إننا نشعر برغبة في الرقص, هلا جئت معنا, ليس من الصواب أن تظلي لوحدك0
هل كانا يشعران بالشفقة عليها ؟ كرهت الفكرة لكنها وافقت على مرافقتهما رغبة منها في عدم مضايقة السيدة الأمريكية كان الحاضرون منهمكين بالرقص فعلا, كل اثنين معا وعندما قالت مارجي أنها تود أن تتناول شرابا أول ادعا دينبي ويندي إلى الرقص معه 0
وبعد عدة دقائق ألقت نظرة خلف كتفها فرأت غارث يدخل مع نيكول وقد اتجها نحو البار حيث طلب غارث شرابا له ولرفيقته وبعدما اختارا طاوله مجاور ة لطاولة مارجي جلسا وأخذ وهو يجيل بصره في الراقصين ومن دون أن يبتسم رفع يده بالتحية إلى ويندي التي أومأت برأسها ثم عاد إلى رفيقته وانخرط في الحديث معها, وبنظرة المرآة قيمت ويندي ملابس ألفتاه وزينتها وقررت إنه رغم أن نيكول ذات جمال لا ينكره أحد فأن هنأك قدرا معينا من الغرور في وجهها, كما أن ملابسها تنم عن قلة الذوق0 فمن الواضح أن الثوب الذي ترتديه باهظ التكاليف لكن زيه ليس مناسبا , فالوسط العالي لا يناسب خطوط جسمها المثير كذا الحذاء الثمين لايتناسب وقماش الفستان 0
ومع ذلك كانت مهتمة بها , لإن محاولتها مقاومة النظر إليها عندما مرت هي ودينبي أمام طاولتهم ذهبت سدى وتأسفت وندي وهي تتعجب لماذا تهتم الى هذا الحد بالفتاة , ولأحظ غارث هذا وأصبح تعبيره مبهما عندما التقت عيناه بعينيها للحظة خاطفة , وخفضت ويندي جفنيها , وهدأ روعها عندما أصبحت وسط حلبة الرقص0
سألت مارجي عندما عادا إلى المنضدة وجلسا :
- هل استمتعت بالرقص ؟ انك ترقصين رائعا يا عزيزتي 0
- شكرا لك- أجل استمتعت كل المتعة0
كان صوت ويندي منخفضا لكنها أدركت أن غارث يمكنه سماعها , ولم يأت المضيف 0 لذلك نهض دينبي و مضي يطلب شراب له و لويندي وآخر لمارجي وترك الأثنين وحدهما0
وقالت مارجي وهي تختلس نظرة من فوق رأس ويندي الى ألطاوله المجاورة :
- هل تعتقدين إن صديقنا الوسيم غارث وقع في شباك الحب ؟
- لا أستطيع أن أقول ذلك 0
قالت ويندي متجهمة مما أثار دهشتها من نفسها :
- ظهرا معا في مناسبات عدة حتى الآن 0
-
وأجابت وندي وصوتها ما زال منخفضا وهي تخشى أن يسمعها غارث :
- لا أعتقد أن غارث سيكون جادا مع أيه امرأة0
- لا , ربما كنت على حق عزيزتي !على الأقل حسب الظاهر إنه لم يقع في الحب حتى الآن 0
- الظاهر0
- لا يمكنك أن تكوني متأكدة على الإطلاق , فله من العمر ما يكفي ليتزوج و يطلق مرات000
وضحكت ويندي قائلة:
- أراك سيئة الظن جدا 00انا متأكدة انه لم يتزوج إطلاقا ويقول فريزر إنه عازب بالولادة0
- حقا0
قالت مارجي ذلك وهي مستغرقة في التفكير بينما اختلست النظر مرة أخرى نحو الرأس الأسود للرجل موضوع الحوار, وأضافت :
- إذا فهو يعرفه منذ مدة طويلة؟
- لم يقل شيئا عن ذلك0
- هل أخبرك ما هو العمل الذي يكسب منه غارث عيشه؟
وهزت ويندي رأسها وهي : تقول :
- كلا الواقع أنني لم أتمكن من سؤاله 0
ولاحظت ويندي النظرة المتسائلة التي ارتسمت على وجه رفيقتها وأضافت تقول:
- لو كان غارث يريدنا أن نعرف لذكر شيء عن ذلك قبل الآن تماما كما فعل فريزر في بداية تعارفنا , لدي شعور بأنه لا يريد أن يعرف الناس ماذا يفعل0
- شيئا مضحك, هذا هو بالضبط انطباعي وفي أية حال فإنني أزداد فضولا يا عزيزتي وهكذا يمكنك أن تتوقعي أنني سأكتشف قبل أن يمر وقت طويل ماذا يعمل رفيقنا الوسيم0
- قررت في وقت ماء أنه يعمل عازف بيانو 0
- تقصدين يديه ؟ إنهما تلفتا النظر أليس كذلك ؟
- اعتقد إنه يمكن أن يكون رساما 0
أضافت ويندي هذه العبارة0 وهي تومئ برأسها علامة الموافقة على ملحوظة مارجي بشأن يدي غارث0
- ليس رساما فهو غير حساس إلى هذه الدرجة ولكنه رجلا عنيف 0
- وساخر0
- لا بد أن أوافق على ذلك, ويعرف أيضا كيف يبدو متعاليا ومستبدا 0 مع ذلك فهناك شيء جذاب فيه0 برغم طريقته المثيرة للسخط إلى حد ماء في توجيه ملاحظاته الاذعه 0
وتوقفت مارجي عن الكلام فجأة بينما اتسعت حدقتاها وهي تنظر إلى وجه وندي لكن نظرتها سرعان ما تحولت نحو غارث الذي أصبح ظهره أمامها الآن وواصلت كلامها 0
- ألا تجدينه جذابا ياعزيزتي ؟
سألت هذا سؤال وقد اتسم صوتها بنبرة غريبة وردت ويندي :
- من حيث شكله أكيد0
- هل يمكن أن تقعي في حبه ؟
وأحمر وجه وندي خجلا من هذا السؤال المباشر, وأجابت بسرعة بالنفي قائلة أنها لا يمكن أن تقع في حبه ثم أضافت باشمئزاز:
- رجلا بمثل هذا الغرور ؟إطلاقا0
هزت السيدة الأكبر سنا كتفيها استهجانا وقالت من دون أن تبدو نبرة أسف في لهجتها :
- فكرت فقط أنكما يمكن أن تكونا زوجين مناسبين تماما, قصة حب فوق سطح السفينة , وزواج سيكون شيئا لطيفا لو حدث0
تنفست ويندي الصعداء عندما رأت دينبي يقترب بعدما طلب المشروبات0
- ستكون المشروبات هنا بعد لحظات 0
قال هذه العبارة وجلس مبتسما لمارجي ووندي ثم لمح غارث ورفيقته فابتسم لهما وقال :
- الا تجلسان معنا سنكون اسعد حالا 0
وافق غارث ورفيقته وقال دينبي :
- كنت الآن أتحدث مع هذا الرجل هناك0 هل تعرفون ماذا يفعل0 إنه يملك صالة للعب البونغو
حدقت ويندي وهي غير مصدقة وقالت :
- تعني أن صالة البنغو تؤمن له مالا وفيرا ليقوم برحلة كهذه؟ أعتقد أن ذلك صعب 0
وقال دينبي وهو يدق على المنضدة تأكيدا لكلماته :
- ليس هو فقط لكن زوجتيه و5 من أبناءه أيضا جميعهم في السفينة
وغمغم غارث قائلا وقد شابت كلماته نبرة احتقار لا يخطئها أحد :
- مالذي يجعل الناس يبذرون أموالهم على أشياء مثل البنغو ؟
قالت مارجي :
- للهروب من رتابة الحياة اليومية0 وأضافت بلهجة العارفة بالأمر:
- وروح المقامرة الدفينة داخل كل واحدا منا, لا جدوى يا أعزائي من إنكار أننا جميعا نحب الإثارة في بعض الأحيان 0
وأدارت رفيقة غارث رأسها الجميل وحدقت بشدة في السيدة الأمريكية وانفجرت قائلة بلهجة ازدراء وقد تقوست شفتاها تعبيرا عن السخرية :
- إنني واحدة ممن لا يقامرون إطلاقا, بالنسبة إلي ارتياد صالة بنغو فأنني لا أحلم على الإطلاق بمثل هذا الشئ 0
ورغم أن ويندي لم تدخل هي أي صالة بنغو فأن شيئا ما جعلها تقول دفاعا عن أولئك الذين ارتادوها :
- ربما كنت من بين سعداء الحظ الذين لا يحتاجوا إلى الهروب يا مس رينتون0

lona-k 21-09-08 05:26 AM

وأضاءت عينا الفتاة الخضراوان واللتان تشعان حيوية وهما تستقران على وجه ويندي وأخذت مارجي تراقبها هي وويندي وتفكر أنها لم تصادف إطلاقا من قبل مثل هذا الاختلاف الشاسع بين اثنين من الجنس نفسه والتقارب في السن أيضا 0 فحسبما رأت كانت إحداهما غير متكلفة إطلاقا بل طبيعية تماما وصريحة ,وعاطفية, فتاة منذ لحظة اللقاء بها تثير الحيرة للغاية وتشعرك أنها تواجه مأساة أو خسارة أو أية كارثة عاطفية أخرى, ومن ناحية أخرى فكرت مارجي أن نيكول من نوع الفتيات اللواتي يسعين لاصطياد أحد ذوي الثراء , مليونير على الأقل وله لقب كبير لو أمكن, وخلال حساباتها وآرائها الخاصة أصبحت على اقتناع غريب بأن ويندي تفوق الفتاة الأخرى في كل شيء, حتى في ملابسها مع أن ثياب ويندي حسب مارجي لا تعادل قيمتها عشر قيمة ثياب نيكول لكن ذوق ملابسها جذب أكبر عدد ممكن من ال رجال
- جعلت كل همي إيجاد وسائل أخرى للتسلية 0
كان هذا رد نيكول الحاد على سؤال ويندي التي حدث أن التقت عيناها بعيني مارجي ورأت على شفتيها تلك العبارة:
اراهن على أنك تفعلين ذلك يافتاتي !
وارتعشت شفتا ويندي وهي تجاهد لتحتفظ بوجهها هادئا0 ثم قررت أن تغير الموضوع فقالت:
- ذلك الرجل , هل أخبرك بالفعل بأنه يمتلك صالة بنغو ؟
- بل تباهى بذلك0 وقال أنها أفضل عمل في العالم, المال السهل وكل شيء , وقال إنه سيفتح صالة أخرى عندما يعود إلى إنجلترا0
- كل يختار صديقه الخاص0
قال غارث هذه العبارة باستخفاف وقد انتقلت عيناه إلى الرجل الذي يدور الحديث حوله وتبادلت ويندي ومارجي النظرات0 وكلتاهما تفكران في الشيء نفسه : ما هي مهنة غارث ريفرز ؟
أسرت مارجي الى وندي بعد ظهر اليوم التالي عندما قابلتها جالسة على كرسي فوق سطح السفينة ومعها كتابها:
- رأيي أن غارث ريفرز شخص هام جدا0
وبعد أن أثارت اهتمامها وضعت ويندي كتابها جانبا ونظرت بتساؤل إلى السيدة التي أصبحت صديقتها بسرعة ثم قالت:
- ما الذي تجعلك تقولين هذا؟
- أتذكرين قولي أنني سأجعل شغلي الشاغل أن أعرف ماذا يعمل لكسب عيشه , فبرغم إنه يغضب ولا يجيب كلما أثير السؤال0
- أجل00 بالطبع 0
- سألت فريزر بطريقة مباشرة0
ولم تقل ويندي شيئا واكتفت بالانتظار لتعرف ما سيعقب هذا وهزت مارجي رأسها في اشمئزاز وهي تقول أن فريزر متحفظ إلى أبعد الحدود:
- اولا قال أنه لا يعرف تماما, لكنني قلت له أن هذا سخف بما أن الرجلين صديقان, وحينئذ قال فريزر أنه ليس في وضع يسمح له في بالإفصاح عن شيء بشأن غارث , لكنه قال إنه يعمل بإرهاق من سنوات عدة وقد حذره طبيبه إنه لو كان حريصا على صحته فليأخذ راحة طويلة كأن يشارك في رحلة بحرية0 وتوقفت مارجي عن الكلام وقد ظهرت في ملامح وجهها الطيبة تقطيبة حادة ثم مضت تقول:
- غارث الذي نعرفه مرهق بالعمل, لكن كيف ولماذا ومتى ؟ وندي أنني لم أصب بخيبة أمل في حياتي كما أصبت من ذلك0
واضطرت ويندي الى الضحك ثم قالت :
- إنه أمر لا يهم حقا0
إنه يحيرني, مثلك تماما لكنها 0
توقفت عن الكلام وقد بدت في شكل مضحك عندما سارعت بوضع يدها على شفتيها ثم هزت كتفيها علامة على الاستسلام وقالت :
- لتعلمي يا عزيزتي إنك أنت ايضا تحيرينني 0
- احقا احيرك ؟
هل تفشي سرها, لكن لن تحتمل إطلاقا أن تشفق عليها هذه السيدة وجاء الرد صريحا بدون تردد:
- أجل يا عزيزتي فأنت لست ثرية في بما يكفي للقيام برحلة كهذه أعني الثراء الذي يأتي بالطريق العادي أليس كذلك؟
- لا لست كذلك 0
- وبعد ؟
- بعت بعض الممتلكات لأشترك في هذه الرحلة, كانا بيتا00
- بعت ؟
بدت السيدة كما لو صعقت وظلت لحظة لا تتكلم ثم غمغمت:
- فهمت0 إذا فأنت على سعة من العيش 0
فهزت ويندي رأسها وقالت بلهجة النفي وبدأ صوتها يخرج بسهولة:
- ليس الأمر كذلك حقيقة , لكنني رأيت أن الممتلكات لن تفيدني مثل الأموال النقدية0 وهكذا قررت أن أبيع البيت وأقوم بأجازة طيبة بثمنه0
هذا شيء جيد لكي يا عزيزتي0
وفكرت ويندي وهي تراقب وجه السيدة الأخرى, حتى الآن تسير الأمور على خير ما يرام, لكن أعقب ذلك سؤالا غير متوقع على الإطلاق ويتطلب كل براعة ويندي للرد عليه 0
- هذا يفسر لماذا أنت هنا 0 لكن الشيء الآخر الذي يحيرني ويقلقني , يا عزيزتي أرجو ألا تعتقدي أن هذا من قبيل الفضول0
ودون أن تنتظر ردا على السؤال مضت تقول :
- أجل ,هناك شيئا يقلقني حول لماذا تخفين أحيانا سرا في عينيك, أجل إنهما تستغرقان في التفكير كما لو كانتا تنظران عبر طريق طويل تبحثان عن شيء هارب منهما0
وقطعت ويندي عليها كلامها قائلة :
- كم يبدو هذا غريبا إن خيالك يشطح بك يا مارجي!
وأطلقت ضحكة رنانة قصدت أن تشيع روح الدعابة , لكنها أخفقت في تحقيق الهدف منها , رغم أن نبرتها كانت خادعة 0
وهزت مارجي رأسها وردت:
- خيالي لا يشطح بي أبدا , وعلى كل فإنني لن أوجه إليك أية أسئلة أخرى, كل ما أريد أن أقوله هو إنه رغم مظهري العابث 0 إلى حد ما فإن لي إذنا "موثوقة متعاطفة " ويمكن الركون إلي0
قالت ذلك بصوت اكتسى بنبرة الجد والترفق, وكان مختلفا عن الصوت الذي اعتادت استخدامه في الجلوس الى المائدة ,والذي يتميز بوضوح النبرة 0
ونظرت إليها ويندي ,في ورأت مدى جدية تعبيرها والإيماءة اللطيفة لرأسها كما لو كانت تريد تقديم إيضاح للعبارة التي قالتها للتو, وهي أنها يمكن أن تكون أهلا للثقة 0ولم تشك ويندي في ذلك لحظة واحدة واذ أدركت أنها في وقت لاحق قد تصبح في حاجة إلى أن تثق بشخص ما قالت بهدوء وبنبرة العرفان بالجميل :
- سأتذكر يامارجي اعدك بذلك0
- حسنا , والآن لنعد إلى المسألة التي لا تمسنا شخصيا بل تتعلق بالسيد ريفرز والتي كنت أتحدث عنها عندما قاطعت نفسي لأتحدث عنك يا عزيزتي,
وأومأت ويندي برأسها قالت :
- كنت تقولين أنك تظنين أنه شخصية هامة؟0
- هذا صحيح , أعتقد فعلا إنه شخصية هامة
ولم ترد وندي بشيء , واكتفت بتوجيه نظرة تساؤل إليها, ومضت تقول:
- لا يمكن إلا لشخص هام أن يرهق نفسه بالعمل إلى درجة إن يتطلب منه الأمر القيام برحلة بحرية لمدة 3 أشهر أليس هذا منطقيا ؟0
ولم تكن ويندي ترى هذا الرأي , لكنها اكتفت بأن ردت قائلة:
- يبدو الأمرمعقولا0
- كبار المديرين والأشخاص المرموقين يرهقون بالعمل ويصابون بانهيار عصبي0
ولم يسع ويندي ألا أن تهتف قائلة :
- لا أستطيع أن أتصور أن غارث يمكن أن يصاب بانهيار عصبي!
- ولا أنا , ومع ذلك فإن هذه العبارة قالها صديقه000
وغمغمت ويندي قبل أن ترفع عينيها لتنظر الى صديقتها:
- حقا انا أتعجب لماذا لم يذكر مهنته ؟
- انه كتوم بطبعه, ذلك نوعه بين الرجال0
- والنوع الذي تخشين سؤاله0
- بالتأكيد 00 أنه شخصيا يمكنني عادة أن أواجه هذا النوع من التصرف لكن مع غارث ريفرز لن أجرؤ على المحاولة , خوفا من مواجهة التوبيخ 0
- وهذا ما ستلقينه بلا شك 0 إنه حتى الآن لا يبدي إلا السخرية والتهكم والاستخفاف وأعني عندما تكون هناك مناسبة لذلك , لكنني أشك في أن صوته لن يتورع عن لذعة حادة لو وجهنا إليه أسئلة يستاء منها 0
- أنا وأثقه أنني أوافقك من الأعماق, إنه ليس من الرجال الذين يمكن للمرء أن يخطئ ويغضبهم0
- بالنسبة إلى الظن الذي يساورك إنه رجل هام, أعتقد يمكن أن يكون أحد عمالقة الأعمال 0 مثل كثيرين من الذين على ظهر السفينة0
- يمكن أن يكون نجما سينمائيا , لو كان الأمر يتعلق بالمظهر والبنيان الجسماني , لكنه ليس كذلك, قطعا ليس كذلك لأنني كما ترين أعرف جميع نجوم السينما0
- يمكن إن يكون قد قام بهذه الرحلة تحت اسم مستعار؟
اقترحت ويندي ذلك وهي تذكر ما سمعت عفوا من حديث بين الرجلين0
- ليس كذلك فإنني اعرفهم جميعا لو رأيتهم0
-تعرفين ايضا جميع نجوم السينما من النساء؟
- معظمهن رغم أن هنأك واحدة أو اثنتين لا أهتم بهما كثيرا وعلى ذلك لأاشاهد أفلامهما ,وفيما عداهما دائما أذهب لمشاهدة الأفلام 0 فأنا أعبدها 0
- هل تعرفين لينيز مافارو لو رأيتيها ؟
وأجابت مارجي على هذا السؤال بالنفي, إذ إن لينيز مافارو من بين ممثلات السينما اللواتي لا تحبهن وأضافت ليس لأنها غير جميلة- كما أتذكر من الصور التي شاهدتها في المجلات والملصقات: وجه ساحر كالجنيهات وعينان واسعتان , ربما مثل عينيك تملك أعظم شعر أشقر بلاتيني, مثل شعرك, بشرة ناصعة وملامح جميلة, أجل إنها فتاة فاتنة يحلو النظر إليها لكن أخلاقياتها, حسنا , يعرف المرء أنها لا تهم كثيرا هذه الأيام لكن بالنسبة إلي فإن الفضائح القذرة تنال من صورة نجمة السينما وأجد نفسي عاجزة عن أن اذهب وارى أفلامها , لماذا سألت إذا كان بوسعي أن أتعرف عليها؟ ألقت السؤال الأخير فجأة عندما أدركت أنها ابتعدت كثيرا عن الخط الرئيسي لموضوع الحديث0
- من المحتمل أن تكون فوق سطح هذه السفينة متنكرة وقد غيرت شخصيتها تماما 0


- أنت واثقة؟ كيف عرفت؟
وأشارت ويندي إلى الحديث الذي سمعته عفوا بين الرجلين في غرفة الملكة يوم إبحار سفينة, ومضت تقول :
- فريزر هو الذي تعرف على النجمة, وقال إنه أكيد تماما من إنه عرفها ويروي أن لينيز مافارو تحب في الفترة الواقعة بين تصوير أفلامها -أن تخرج للتمتع بحياتها الخاصة, في رحلة بحرية حيث تقوم بدور الفتاة البريئة التي- كما جاء في نص الكلمات فريزر- لم يقبلها أحد على الإطلاق 0
- الأمر صعب التفسير ! أي نوع من الشخصيات تمتلك سيدة مثل هذه
- الواضح أنها شخصية غريبة ومع ذلك00
وخفت صوت ويندي بينما نظرت إليها مارجي نظرة تساءل وهي تواصل كلامها :
- أشعر بالأسف لها يا مارجي 0
وردت مارجي بنبرة تتسم بالتفكير العميق 0 قد ظهرت تقطيبة مفاجئة على وجهها:
- أجل , إنها لا تريد حقيقة أن تظل الدمية التافهة السعيدة دائما فيما يبدو00
- لكن الصورة كبرت وأصبحت جزءا من جاذبيتها0
- هذا صحيح 0 هذا النوع من الشهرة يجتذب بعض الناس , وتكون النتيجة أنها تتمتع بشعبية هائلة, وعلى أية حال فإنها إذا لم تكن تريد أن تتخذ مظهر الفتاة المفتقرة الى الصلاح فلماذا تقحم نفسها أصلا في ذلك الطريق؟ إنني لا أطيق صبر عليها!
- استطيع أن افهم ذلك 0
- هل لديك اية فكرة ؟ من من الركاب هذه السيدة لينيز مافارو 0
قالت مارجي ذلك بطريقة أوتوماتيكية وهي تتلفت حولها وهزت ويندي رأسها وردت:
- لا , على الإطلاق0
- ينبغي أن أذهب وأتحرر ألأمر !
أعلنت مارجي ذلك , واضطرت ويندي إلى إطلاق ضحكة وقالت, وهي لا تزال تضحك :
- ستعرفين كل شيء عن كل إنسان تقريبا0
- عندما يحين الوقت لنرسوا في سوثهامبتن 0 سأكون قد عرفت 0
وعندما يحين الوقت لنرسوا في سوثهامبتن000 شعرت ويندي بالدم يهرب من وجهها0 ولذا لم تندهش إطلاقا عندما سألتها رفيقتها إذا كانت تشعر بإعياء وغمغمت قائلة :
- إنني بخير , ذكرني هذا فقط بشئ ما0
وردت ويندي بسرعة , وقد اكتسى صوتها بنبرة من يريد حسم الموضوع 0
وهزت مارجي كتفيها تعبيرا عن الامبالاة وعندما همت بأن تتحدث مرة أخرى وصل دينبي ودس ذراعيه في ذراعها, ووقف بضع دقائق يثرثر مع ويندي ثم خبط على المنضدة قائلا أنه ينوي أن يتمشى مع مارجي 3 مرات حول أطراف السفينة ثم اصطحبها وابتعد 0

نهاية الفصل الثالث

lona-k 21-09-08 05:34 AM


4- ابتسامة تجرح

ظلت ويندي لفترة طويلة ,تمعن التفكير في ما قالته مارجي عن غارث وكونه شخصية هامة, أرهقه العمل لدرجة إنه نصح بالراحة فترة طويلة0 وبشكل ما تصورت أن غارث رجل لا يمكن أن يرهق بالعمل إطلاقا0 رجلا مثله قوي الشخصية قادر على التحمل يمكنه أن يتحمل أي شي0 وهكذا فإنه إذا أرهقه العمل فلا بد أن يكون عمله يرهق الذهن إلى حد كبير0
عيل صبرها لعجزها حتى عن الوصول إلى النقطة التي يمكنها تصور عمل له , وقررت ألا تفكر في الأمر بعدئذ , لكنها في الواقع عادت إلى التفكير في الموضوع عندما أخذت تتمشى فوق السطح السفينة بعد الغداء, وهي تستمتع بنسمة هواء باردة تلفح وجهها وتتخلل شعرها وتلمس ذراعيها العاريتين اللتين اكتسبتا اللون الأسمر الجميل بعدما لوحتهما الشمس نتيجة جلوسها ساعات طويلة فوق سطح السفينة 0
كان البحر مثل مرآة مصقولة , متحولا إلى مرآة من الفضة بعدما سطع عليه ضوء البدر الكامل من سماء قرمزية داكنة 0كل شيء كان وادعا , وظلت هي لبضع لحظات تعيش في طيبة وسلام لكن فجأة ظهرت أمامها حقيقة حالتها القاسية, لم يعد البحر لامعا بل أصبحا مظلما حالكا وعميقا , أصبح شيئا مخيفا بما أنه سيحتويها ,سيحتوي عقلها وجسمها ,وقلبها في أعماقه00 وبشعور الخوف المفاجئ جعلها تفقد توازنها وتصرخ آلما ,استدارت شبه عمياء وهي تنوي الهرب إلى غرفتها, لكن حالما فعلت أمسكت بها فجأة ذراعان قويتان :
وتطلعت إلى وجه غارث ريفرز النحيل غير المبتسم وقالت :
- آسفة كنت على وشك الذهاب إلى غرفتي 0
وحاولت بشجاعة أن تسيطر على نفسها ومرة أخرى خفت صوتها لأنها عندما رأت عينيه الثابتتين الغامضتين أدركت أن الدموع كانت تنهمر غزيرة على وجنتيها 0
ونسيت البحر000 قدرها00 قاع السجن المفزع المظلم الذي لن تعود منه0 أجل , كل هذا نسيته لحظة الاقتراب الوثيق من هذا الرجل الغريب الذي أصبحت يداه الآن رقيقتان للغاية, يمنحها الراحة والدفء 0إنها آمنة معه, لا شيء يمكنه أن يتحدى سلطته لو انه فقط أمسك بها هكذا للأبد لما أصيبت بأذى على الإطلاق وغمغم مندهشا :
- أيتها الفتاة الصغيرة المسكينة الثرية, لماذا تبكين؟
ولم تخفف يداه من قبضتها لكنه ترك مسافة صغيرة بينها وبينه, ليرى وجهها بشكل أوضح , حسب اعتقادها 0
ورددت قوله الفتاة الصغيرة المسكينة الثرية وهي تمسح وجهها بيدها وأضافت:
- ماذا تعني؟
ظهرت على وجه ابتسامة ساخرة آذتها بصورة لا تطاق وقال :
- أعتقد أنك تعرفين ما اعني00
قال ذلك وقد اختفت الرقة من صوته , رغم أن يديه كانتا لا تزالان حانيتين عليها, هاتين اليدين الطويلتين النحيلتين اللتين خدعتاها لأنهما كانتا قويتين وقادرتين , ومرة أخرى أقحم السؤال المضني نفسه عليها ,ماهو عمله ؟
- لا اعرف صدقني0
وتجهم وقال مرة أخرى:
- لماذا كنت تبكين يا وندي ؟
ووقع تجاهله القاطع لكلماتها, رغم أنها قالتها بإخلاص, مثل وخزة ابرة حادة , وتمنت لو أنها استطاعت أن تعيد تقديم الموضوع, وعلي أية حال فرغم المودة التي سادت الموقف الحالي, تذكر أنها لم تصل مع غارث إطلاقا إلى مرحلة التعارف الوثيق0
- لم يكن هناك شئ 0
بدأت كلامها بهذه العبارة لكنه قاطعها قائلا:
- هراء سيفيدك كثيرا لو تكلمت !
كانت لهجته آمرة, ولو إنه قال هذه الكلمات منذ فترة قصيرة جدا لأغضبتها , لكن ليس الآن, ومضى يقول :
- إنني الآن في حالة استعداد للإصغاء والتفهم 0 وهكذا يمكنك أن تتأكدي انك ستلقين اهتمامي المتعاطف الكامل0
وتأرجحت ابتسامة على شفتيها الجميلتين إذ ذكرها بالدكتور هويتكير الذي كان دائما مستعدا للإنصات لمشكلات أيا من مرضاة, وبصفة خاصة مشكلات ويندي , وقالت :
- كنت أشعر بإحباط شديد, لكنني الآن على ما يرام0
- تكلمي0
قالها بلهجة آمرة , لكنه أضاف وهو يلقي نظرة حوله:
- سنجد مكان مريحا نجلس فيه, مكانا منفردا0
ثم أخذ يدها وقادها إلى مقعدين من مقاعد سطح السفينة في مكان منعزل تحت الظلال في نهاية السطح وقال بسرعة عندما جلسا:
- والآن هاتي ما عندك 00
- لم أكن على ما يرام00
اعترفت بذلك وقد بدأ عقلها يعمل بسرعة في محاولة لذكر ما يكفي من المعلومات لإرضاءه , دون دخولها في أية تفاصيل وهو أمر ليست لديها أية نية للقيام به بأي حال لأنها رغم اهتمامه وتفهمه الواضحين لم تكن متأكدة إنه سيهتم بمعرفة الحقيقة كاملة عن معاناتها0 ونظر بحدة إليها عندما سمع كلماتها وبدأت عيناه الباردتان غير المبتسمتين تتفرسان في كل جزء من وجهها , وجبهتها حتى نزلتا إلى رقبتها ,وقال:
- أكنت مريضه ؟
وتصاعد الدم غزيرا إلى وجهها, ووجدت أن كفيها أصبحتا دافئتين, ومبللتين ومضى يسألها:
- إي نوع من المرض ؟
وهزت كتفيها كسبا للوقت ثم قالت :
- شيئا لن تفهمه0
وأدهشها أن يكون صدمه كلامها فعلا أم أنها تتصور ذلك فقط إذ زم شفتيه بقوة, وبشكل يؤكد ما تصورته ,أو بدأ أن كلماتها لم ترضه على الإطلاق ,وبلهجته الآمرة قال :
- يمكنك أن تخبريني 0
ومرة أخرى قالت لنفسها أن هذا كان سيغضبه لو انه قاله منذ فترة ليست طويلة وبعد تردد قصير قالت:
- آسفة غارث لكنني أفضل ألا أتحدث عنه0
- فهمت 00
وبدا كأنما انتابته أفكار أخرى عن المسألة, كما لو كان يعتقد أن مرضها من النوع الذي لا تحب أن تناقشه مع أحد, وأراحها أنه قنع ومع ذلك , فبعد مرور اللحظات القليلة الأخيرة فكرت , ربما بعقلها الباطن, أنها لو استطاعت أن تفضي بسرها لغارث لأزاح عن كاهلها عبئا كبيرا إذ إنها تعرف بدون أدنى شك على الإطلاق أنها يمكنها الوثوق تماما إنه لن يتحدث به حتى الى صديقه 0 ومرة أخرى نظر إليها بعينين متسائلتين وقال :
- ومع ذلك لا يمكنني أن أرى لماذا كنت تبكين؟
- انقباض نفسي0
كان هذا هو ردها الصادق تماما ولأنها نظرت مباشرة إليه وهي تفوه به تقبله كحقيقه , وأومأ برأسه ببطء وهو يمعن في التفكير, كأنما يستعرض حقائق أخرى تتناسب بعضها مع بعض0 وتجهمت في حيرة, لكنه مزاجها لم يفتح مجالا للأشياء التي غلبت تفكيرها من قبل فلقد تصرف كل من غارث وفريزر معها بشكل غريب تعودته لدرجة أنها لم تعد تنوي السماح لنفسها بالشعور بالغيظ إزاءه0
وقال بلهجة متعاطفة :
- الانقباض النفسي يمكن أن يكون أسوأ من الألم الفعلي, وعلي كل فإن المرء يمكنه أن يفعل الكثير من آجل تخفيف مثل هذه الحالة, كتغيير أسلوب الحياة مثلا0
- تقترح أن أغير أسلوب حياتي ؟
وتساءلت في نفسها وماذا بعد؟
- ألا تعتقدين أنها ستكون فكرة جيدة؟
- إنني00
وامتنعت عن القول بأنها لا تعرف ماذا يقصد لأن آلما بسيطا وخز رأسها, وكانت على علم بمثل هذا الطارئ00 الألم سينتابك بين فترة وأخرى: هكذا أخبرها الأخصائي00 وستمر النوبات حتى تأتي النوبة الأخيرة التي تسبق ألاوعي الكامل 00وقالت :
- إذا لم يضايقك تصرفي أود أن آوي إلى غرفتي ,فأنا متعبة 00
- مازال الوقت مبكرا 00
قال هذا بسرعة إلى درجة إنه بدأ كأنه يود أن تظل برفقته فترة أطول قليلا :
- حسنا لن أذهب الآن 0
وجدت نفسها تقول هذا وهي تبتسم0 واستقرت عينا غارث على وجهها لحظة طويلة0 وبدا كما لو كان يتنهد من الداخل على شيء يأسف له أسفا عميقا , وجه إليها دعوة مفاجئه حين قال:
- ألا تشعرين بالرغبة في رقصة أو اثنتين ؟ فالأضواء براقة والموسيقى ستقضي بالتأكيد على الانقباض الذي تشعرين به 0
- شكرا جزيلا لك يا غارث 0....منتديات ليلاس


وتجهم قائلا :
- لا حاجة بك إلى مواصلة الشكر يا وندي 00 أنا أحب رفقتك كثيرا في الواقع0
ولم تتردد طويلا إذ مرة أخرى أنتابها الانطباع بأن عواطفها موزعة لأن بعضا منها يريدها بينما البعض الآخر يرفضها0
ورقصا معا طوال الوقت وكانت واعية تماما لمختلف العيون العديدة التي تركزت عليها عينا نيكول رنتون أصبحتا داكنتين وخبيثتين مما يعني بوضوح أنها تشعر بالغضب لأن شخصا آخر يحظى باهتمام غارث الكامل ثم هناك مارجي التي كانت تبتسم وتومئ برأسها ولم يكن من الصعب قراءة أفكارها هكذا رأت
وندي من حولها وقد ظهرت في عينيها ومضة أسف وأخذ يهمس في أذن رفيقته ثم أومأ هو أيضا, أما فريزر الذي كان جالسا أمام البار مع صديقته فبداء عاجزا عن أن يحول عينية عن متابعتهما0 وهناك شو الذي نظر إليها بطريقة غامضة بينما كانت الفتاة التي تجلس إلى جواره تحتسي شرابها0 ثم كان هناك الرجل القوي الذي يملك صالة البنغو , هو أيضا بدأ مهتما بالاثنين الذين احتلا حلبة الرقص0
- هذا ممتع للغاية0
قال غارث ذلك عندما عادا أخيرا إلى السطح 0 وقد أعرب عن اعتقاده أن لمسة الهواء الرطبة المنعشة الآتية من البحر ستكون تغييرا لطيف بعد حرارة الجو والثرثرة في المرقص وقال:
- شكرا لك يا ويندي ربما نقوم بذلك مرة أخرى0
هذه المرة اتسم صوته بنبرة تلقائية غير معتادة0 وظهر في عينيه تعبير الانتظار كأنما لرأيها أهمية قصوى لديه 0 ومنحته إحدى ابتساماتها الرقيقة الجميلة وهي تقول:
- أتوق إلى ذلك ياغارث0
- لنحدد الموعد مساء الغد بعد العشاء سنرقص مرة أخرى0
وصلا إلى حاجز السفينة وأصبحت وندي قادرة على النظر إلى البحر من دون خوف أو رعب: أصبح براقا مرصعا بالنجوم مثل قطعة فسيفساء يختلط فيها الضوء بالظل نتيجة انكسار الأمواج والليل نفسه أصبح ساحرا تتلألأ في سمائه الاستوائية ملايين النجوم 0
يتوسطها القمر بدرا في تمامه0 وانحنت ويندي وغارث على الحاجز وسادت بينهما صمت عميق لطيف لقد أصبحت في سلام مرة أخرى0 وهدأت أعصابها0
- يا لها من ليلة ساحرة0
خرجت العبارة عفوا من شفتيها وأدار رأسه ألداكن وحدق في وجهها ثم قال:
- لم أرى شيئا بمثل هذا السحر الخيالي الرومانسي0
- حقا 0؟
قالت ويندي بدهشة كبيرة: كل كان هذا نزوعا إلى الشك ؟ ومع ذلك فإن الابتسامة التي ظهرت على شفتيها وعبرت عن التهكم واللامبالاة إلى حد ما جعلتها تندم على تغيير اسلوبه معها0
وأضافت:
- كان ينبغي لي الاعتقاد بأنك شاهدت عديدا من هذه المناظر0
ومد يدا احتوت جميع أطراف البحر اللامع والسماء المرصعة بالنجوم والباخرة ألمترفة التي تبحر بين هذه الأجواء0 وبعينين تحجبهما الظلال نظرت إليه وقالت بلهجتها الناعمة اللطيفة:
- إنني لا أفهمك يا غارث 0 فأنك تقول لي اغرب الأشياء 0 يسيطر علي الانطباع بأنك تشك في إنني لست على حقيقتي 0
وتساءل في نعومة:
- وهل أنت كذلك؟
وفكرت في حالتها وأخفقت في محاولتها منع احمرار وجهها خجلا وقالت وهي تلقي بصرها على يده المستندة على حاجز السفينة :
- جميعنا لدينا خبايا سرية في داخلنا نخفيها عن أي شخص آخر0
- هل لديك خبايا سرية؟
-بالطبع إنني لا أتحدث مع كل شخص اقابله عما بداخلي0
واستعاد صوتها نغمته الرقيقة كما استعادت عيناها ضلالهما وتحرك غارث قلقا وتغلب عليها انطباع غير عادي في إنه يواجه صعوبة بالغة في الإحجام عن ضمها إليه , وعندما لم يتكلم أضافت قائلة:
- أنت نفسك لا بد أن تكون لديك خبايا سريه0
هز برأسه موافقا وحدق في البحر غارقا في تفكير عميق ووقفت إلى جانبه قريبة منه ومع ذلك فهي ليست قريبة في ما يكفي!
وأخيرا اعترف قائلا:
- أجلي يا ويندي 00 أنا أيضا لدي خبايا في نفسي0
وبدا عليه التعب فجأة0 لكنه لم يبذل أية محاولة للتحرك وساد الصمت مرة أخرى ولسبب غير مفهوم اضطرت الى إنهاء هذا الصمت وسألت:
- متى نصل إلى الميناء التالي؟ إنه سلفادور أليس كذلك؟
- صحيح000 سنكون هناك يوم الاثنين0
وتوقف عن الكلام لحظة ثم أضاف:
- هل ستقومين بالجولة في الميناء؟
وهزت رأسها من دون تردد0
كانت الجولة تستغرق 4 أيام تتضمن الطيران في أعماق البلاد إلى عاصمة البرازيل المعروفة برازيليا حيث يقضي المشتركون في الرحلة ليلة وبعدها يطيرون إلى ماناوس مدينة المطاط الكبيرة التي كانت في أوج مجدها منذ أكثر من 80 عاما كذلك كان القيام بجولة بحرية في نهر الأمازون جزء من هذه الرحلة الخاصة التي تكلف نحو 300 جنية وبالتالي كانت غير ممكنة بالنسبة لوندي لأنه ماتملكه لا يكفي لذلك النوع من المتعة 0
وقالت:
- لا سأنتظر حتى نصل إلى ريو 0 إنني أتطلع حقيقة الى ذلك0
واستدار وظهر على وجهه تعبير غريب وتساءل :
- لماذا لا تشتركين في جولة برازيليا وماناوس ؟
- لا أعتقد أنها ستهمني 0
تجنبت الرد القاطع على آمل أن يرضيها ذلك0
وهذا ما حدث وأراحها كثيرا0
وقال أنه سيقوم بالجولة 0 وأصابتها هذه الأنباء بصاعقة مدمرة, إذ انه سيغيب عنها 4 أيام كاملة0 وعلي أية حال هناك 3 أيام قبل ذلك وعندما خطرت لها هذه الفكرة ارتفعت روحها المعنوية بسرعة تماما كما انخفضت منذ بضع ثوان فقط0
- الوقت متأخر جدا0
خرجت هذه الكلمات بنعومة أمة فلا شك عندما عبر أحد النجوم قوس السماء بسرعة ثم سقط وراء خط الأفق ألغامض بالضباب0
- ينبغي أن نقول طابت ليلتك يا وندي0
رقدت في فراشها 0 مسترخيه تحدق شاردة الذهن في بصيص ضوء تسلل من خلال الباب0
غارث ريفرز 00لن تؤذي مشاعره كما كانت ستؤذي مشاعر شو00لا أن غارث غير عاطفي كما إنه مصمم على الحفاظ على عزوبيته من دون الانزلاق في قصة عاطفية انتابتها الشكوك إنه يستغلها ببساطة لأنه صديقته هجرته كرفيقة لطيفة يمكنه أن يقضي معها بعض وقته وعلى ذلك يمكنها هي أيضا استغلاله ,قررت بتعقل أن تخرج معه كلما طلب منها ذلك0كل هذا بدون أدنى درجة من وخز الضمير إذ انها تعلم علم اليقين إنه عندما يحين وقت رحيلها عن الباخرة لن تبدر منه إلا تنهيدة أسف صغيرة على أنها ماتت شابه وبعد ذلك سيعثر على أخرى ترافقه حتى نهاية الرحلة البحرية0
وهمست وهي تدفن رأسها في وسادتها :
- آجل لا حاجه بي إلى الشعور بتأنيب الضمير على استغلاله0
فأما بالنسبة إلي فإنني لن أخاف الوحدة لأنني متأكدة إنه يحب رفقتي ويرغب فيها حتى النهاية0
ومرت الأيام الثلاثه التالية على ويندي في منتهى السعادة , أصبحت الآن تشعر بفرحة اكبر لأنها قررت الاشتراك في الرحلة البحرية كونها أحبت غارث أصبحت حقيقة مقبولة تغلغلت في أعماقها ببساطة إلى درجة إنها لم تنتبه إلى وجودها حتى استعادت تركيزها واعترفت لنفسها في أن هذا الأمر وحدة له مكانته لديها, إما هو فكانت تعرف إنه يعتبر ذلك مجرد غزل ممتع فوق سطح السفينة0 إنه يشعر بالسعادة بمرافقتها استجابتها لغازل سواء أكان مرحا أو متملقا أو كما أصبح مألوفا أكثر ساخر جدا ومزدريا قليلا000 ولم يعد يضايقها اتخاذه هذا الموقف كانت تعيش كل يوم ليومه وتشكر الله لأنه مر لطيفا فلم يكن هناك وقت لتضييعه في ملاحقة اكتشافات عقيمة يمكن أن تنتهي إلى لا شئ 00 أما الوضع بينها وبين غارث فقد كان يناسبها بصورة مثالية أحبته و نتيجة لذلك كانت سعيدة ولم يكن يحبها ولا كان سيحبها على الإطلاق لذلك لم تشعر بأي قلق على مستقبله لو تركته جريح القلب يتخبط في فراغ الوحدة0 إن موتها لن يؤثر عليه في أية حال أجل إنه موقف مثالي لأنها أحبت أخيرا0
أحبت بطريقة كانت منذ أشهر قليلة فقط حلما راودها الأمل في أن يصبح حقيقة
كاد أن يضيع الحلم لكنه أصبح حقيقة00 لقد وجدت الرجل المناسب على الأقل فيما يتعلق بها وتعلمت كيف تتعايش مع حب عظيم وروحي تشوبه أحيانا مسحة ندم بسبب عجزها 0:
- ألغيت الجولة يا وندي000
تقبلت هذا النبأ بخليط من عدم التصديق والفرح الخالص الذي تشوبه شائبة:
- حقا , لكن هل أنت واثق يا غارث00
- أنا واثق أنني لا أريد أن أظل بعيدا عنك 4 أيام يا عزيزتي ربما تجدين شخصا أخر وأنا غائب0
قال العبارة الأخيرة بنبرة أغاظه , وعيناها الداكنتان تبرقان بالمرح عندما حاولت نفي هذا الاحتمال0
- إنني لن00
- أنك أجمل من إن اسمح بمجازفة كهذه0
قال هذا وهما يجلسان فوق سطح السفينة تحت أشعة الشمس ارتدي اخف ما يمكن من الثياب واكتسبت بشرة ويندي الآن سمرة جميلة وأصبحت أكثر جاذبية وفتنة أما شعرها رغم أنه مازال داكنا فقد تأثر بأشعة الشمس القوية عند المقدمة والصدغين وظهرت في المكانين بعض الخصلات الذهبية التي لم تنتبه هي لوجودها الى أن لاحظ غارث هذا التغيير في أللون وقال شيئا غامضا وساخرا وكالمعتاد تغاضت عن ذلك إذ أدركت أنه بعد بضع دقائق سيردد عبارات إغاظة أو وممالاة وفعلا ما لبث أن قال:
- طول بقية الرحلة ستكونين لي ولن يتدخل أحد بيننا0
واختلست نظرة سريعة إليه لكن وجهه كانا خاليا من أي تعبير واضطرت أن تقول:
- لا أظن أنني أحب كلمة لي0
وارتفع حاجباه الداكنان المستقيمان قليلا وتساءل:
- وما الخطأ في ذلك؟
- لا استطيع التفسير0
- إنك طفلة مضحكة0
ثم كأن فكرة ما طرأت له أردف قائلا:
- لكنك لست طفلة؟ تبدين فقط كذلك0
- هل ترى أنني اكبر سنا مما أبدو؟
- تبدين كما لو كنت لا تزيدين عن التاسعة عشرة0
- إنني في العشرين0
قالت له ذلك وقد تلون صوتها بنبرة فاترة0 بعض الشيء00
- والباقي؟
وجه لها هذا السؤال وقد اتسم صوته برنة المرح التي أظهرت لمحة غضب في عينيها ثم نظرت مباشرة الى وجهه وهي تقول :
- اخبرني إذا كنت لا أبدو اكبر من التاسعة عشره , فلماذا تعتقد إنني اكبر من العشرين ؟
- قلت قبلا فمظهرك خادع0
وتجهمت بشدة وتغضن حاجباه في حيره عندما لاحظ ذلك وقالت بشده :
-ليس لدي رد على ذلك انك كثيرا ما تتكلم بالألغاز الى درجة إنني وصلت الى مرحلة عدم الاكتراث لمحاولة فهم ما تعنيه 0

وهز غارث رأسه كما لو كان يحاول إبعاد صورة ما وقال وهو مستغرقا في التفكير:
- قريبا سأسألك سؤالا سيفزعك0
وبعد ذلك غير الموضوع , ولم يتح لها الوقت لمواصلة المسألة حتى إذا رغبت في ذلك قال:
- سيكون أمامنا الكثير لنفعله وسنقوم بذلك معا 00
- سيكون هذا جميلا0
قالت ذلك لكنها أضافت بعد تردد بسيط :
- كنت تتطلع إلى تلك الجولة بالتأكيد ؟
- ليس كثيرا لن يضايقني أن أضيع الفرصة0
وأرضاها هذا الرد كثيرا, ومسح كل الم أحست فيه من جراء اسلوبه الأقل جاذبية منذ بضع لحظات0
سلفادور باهيا - التي كانت عاصمة للبرازيل في وقت من ألأوقات تبين أنها مدينة الكنائس, وهي قائمة على مستويين0
القطاع الأكثر انخفاضا ويطلق عليه اسم بايكسا والجزء الأعلى ويطلق عليه التا والأخير قائم على سهل واسع مرتفع يعلو نحو 200 قدم فوق المدينة المنخفضة0
وحالما لمح غارث إحدى سيارات الأجره قال:
- سنستأجر سيارة إجرة 00سيكون ذلك أبسط من محاولة التجول في المدينة على هوانا0
هرولت ويندي بجانبه وهو يسرع الخطى نحو السيارات وهي تشعر بالبهجة , إذا لم تكن من قبل تتطلع إلى شيء أكثر إثارة من مرافقته طوال اليوم فضلا عن إن مارجي لم يكن لديها الوقت لأي شخص الا دينبي إذ أسرت لويندي أنه لن يمر فترة طويلة قبل أن يطلب منها الزواج 0
وسرعان ما استأجرا السيارة وجلس غارث ووندي في المقعد الخلفي وحملهم السائق الى المدينة العليا حيث بدأ بالتوقف عند دير القسيس فرنسيس الأسيسي , وقت زين داخله بورق الذهب الجميل, مما جعل وندي تبدي عبارات الإعجاب غير مرة وفي كل مرة كان غارث ينظر إليها لسذاجتها أو تقديرها التلقائي لجمال المكان وأخذهما سائق السيارة الذي كان يعمل كمرشد إلى الأروقة التي أقيمت حول حديقة ممهدة وسأل غارث بعدما سارا مدة طويلة :
- هل رأيت ما فيه الكفاية؟
وعندما أومأت ويندي بالإيجاب قال:
- لنذهب إذا0
وسبقهما سائق السيارة فتمهلا في السير نحوها , وشاهدا نباتات البونيسا الجميلة وأزهارها القرمزية البراقة تتمايل إلى جانب الأوراق الأقل رونقا لأشجار السنط بينما أنواع أخرى من الأزهارالرائعه كانت تتسلق الجدران وتنمو في الأصص والحدائق في كل مكان0
- سأشتري لك شيئا0
قال غارث ذلك عندما أنزلهم السائق بعد فترة من الوقت بناء على طلب غارث 0
قال غارث ذلك عندما انزلهما السائق ،بعد فترة من الوقت بناء على طلب غارث في شارع كونسيل دانتاس رقم 19 بادرت بقولها :
-لا سيكون ذلك خسارة0
وتوقفت عن الكلام ،إذ أدركت ما بدر منها وببطء وبدون أن يفهم كرر غارث قولها:
- خسارة ؟ مالذي يمكن أن تقصديه بذلك ؟
وتوقف غارث خارج محل لبيع المجوهرات, وعلمت إنه ينوي أن يشتري لها شيئا ثمينا, فقالت بضعف:
- إنني لا أتزين بالمجوهرات إطلاقا ولذلك سيكون خسارة للمال لو اشتريت لي شيئا من هنا0
واغتم وجهه بشده وأخذت عيناه تتفحصان وجهها كما لو كان يريد الجواب على حيرته في بعض ملامحها تعالى سنعثر لك على خاتم اكوا مارين من الزبرجد , إنها الأحجار التي تمتاز بها هذه البقعه0
- ولكن0
- لا جدال يا وندي 0
واذعنت ولكن بشعور بوخز الضمير, فقد بدأ لها أن من الخطأ خلقيا أن تسمح له بإنفاق أمواله عليها وشراء الهدايا التي ستجمع قريبا مع جميع حاجياتها الأخرى وترسل إلى ابن عمها البعيد الذي سمعت عنها من أمها لكنها لم تقابله إطلاقا0
و اختار غارث خاتما ذهبيا ذا فصا غامق0 وقد علمت من مارجي فيما بعد انه أغلى كثيرا من الفص الفاتح ووضعته في الإصبع ألثالث في يدها اليمنى وشكرته كثيرا وتوقفا في المرة التالية عند سوق اليركادو موديللو , التي قالت مارجي انه ينبغي أن يزوراها0
وهنا يمكن شراء أي شيء ابتداء من أكياس الأرز الى قبعة القش وأقمشة الملابس 0
وطبيعي أن ويندي كانت لا تهتم كثيرا بمثل هذه الأشياء كما أنها لم تلتفت إلى الهدايا التذكارية وأشار غارث عفوا إلى الأشياء العديدة التي يمكن شراؤها لكنها تجاهلت تعليقاته ووجه اهتمامها إلى أقمشة الساتان المطرزة الرائعة واقترح أن تشتري قطعة منها لعمل فستان وقال:
- سأشتريها لكي0
لكنها هزت رأسها وهي تقول:
- لن ارتدي إطلاقا ورغم أنه رمقها بفضول فأنه لم يقل شيئا آخر عن ذلك0 - هل لاحظت الأجناس المختلفة من الناس؟
قالت ويندي مض ذلك وهما يمران بجوار سيدة اسبانية الملامح تشتري كمية من جوز الهند يرسل من رجل زنجي وبالقرب منهما كانت سيدة هي واضحا أنها من سلالة هندية بينما وقفت عن بعد مجموعة من الأفارقة كما اعتقدت ويندي0
- أجل إن الجولة ممتعة أليس كذلك0
بدا غارث سعيدا للغاية0 وهو يتجول هكذا وشاهدت ويندي جانبا منه يختلف
تماما عما شاهدته من قبل واستنتجت إن هذا الرجل الذي أحبته له عدة جوانب في شخصيته بعضها غير جذاب بينما الجوانب الأخرى ساحرة بشكل لا ينكر إنه يتمتع بلباقة اجتماعية0 فوق مستوى أبناء جنسه0
- قضيت يوما رائعا0
صاحت ويندي قائلة ذلك عندما عاد أخيرا إلى الباخرة فايسون 0 وأضافت وهما يستعدان للدخول إلى غرفتيهما0
- شكر جزيلا لكل ياغارث لأنك اصطحبتني معك0
ورد بما يشبه العبارة اللاذعة:
- أود لو أمتنعتي عن هذه المبالغة في استمتعنا كلا نا وأسهم كل منا في متعة الآخر0
ودون آن تهتم بالتقطيبة التي ظهرت على جبهتة ردت ويندي بحماسة:
- يجب أن أشكرك مع ذلك 0 إنك لا تعلم ما فعلته لأجلي 0 لكنك ستعرف يوما ما0
وكانت على وشك أن تستدير بسرعة وتسرع إلى غرفتها0
لولا أن يدا امتدت بسرعة وامسكت برسغها0 وأوقفتها وأدارتها لتواجهه في حركة رشيقة0
- لا يمكنك أن تقولي اشياء كهذه ثم تهربين دون إعطائي تفسيرا0
ما الذي قصدته بالضبط من تلك الكلمات؟
- لا أستطيع أن أخبرك , لايمكنك أن تكرهني على ذلك , اذا كان بإمكانك أن تتحدث بالألغاز إذا لما لا أستطيع أنا؟
وبهزة عنيفة قامت بها على غرة حررت نفسها من قبضتة وفي اللحظة التالية كان غارث يقف وحدة يحدق فيها وهي تتراجع بسرعة إلى الخلف وازداد التقطيب على حاجبه عمقا حتى أصبح عبوسا0


نهاية الفصل الرابع

lona-k 21-09-08 05:35 AM

5- ثرثرة فوق البحر

وحالما صارت ويندي في غرفتها جلست على الفراش وهي تستعيد ذكريات اليوم الذي قضته وتشعر بأنها سعيدة إلى درجة أنها يمكن أن تغني أغنية الحب0
أي شيء رائع جميل !إن كان الأمل يراودها فقط , وظلت تصلي من آجل أن يحبها غارث بالعمق نفسه الذي تحبه به راودها الأمل أن يعيش طويلا مع فتاة جميلة تعتني فيه كما عني هو بها 0
وفجأة وبدون سابق إنذار انفجرت في بكاء حار واستدارت 00 ودفنت وجهها في وسادتها وظلت تنتحب دون أن تستطيع السيطرة على نفسها لكن دموعها توقفت حالا 0كم كانت ناكرة للجميل00 أتريد المزيد عندما منحتها الحياة الكثير مع هذا فلو أنها قادرة على أن تتطلع إلى حياة طويلة لصارت تواجه فترة فظيعة من الفراغ النفسي غير المحتمل 0فقد أحبت غارث وهو لا يهتم بها على الإطلاق 0ربما كان سيودعها وداعا بهيجا- من جانبه- عندما ترسو السفينة ويقول لها شكرا لك يا وندي للوقت الرائع الذي قضيناه معا ثم يمضي كل في طريقة ولا يلتقيان أبدا مرة أخرى أما بالنسبة إليها فكان سيحطمها هذا اذا هذا إنها تود أن تحتفظ بغارث طالما هي حيه0
وجعلتها طرقة لطيفة على الباب تهب واقفة على قدميها , لكنها وقفت مترددة حائرة, بينما ألقت نظرة خاطفة على المرآة وهي تتساءل أتتحدث أم لا , وتكررت الطرقة مرة أخرى وسمعت صوت غارث يقول:
- وندي 00 لقد تركت حافظة نقودك معي0
حافظة نقودها ؟ لم تحمل معها حقيبة يدها, بل اكتفت بحافظة صغيرة للنقود وطلبت أن يضعها في جيبه وردت قائلة:
- يمكنك أن تحفظها لي الى مرة أخرى0
- مرة أخرى؟
وتوقف عن الكلام لحظة ثم أراد أن يعرف ما بها فقال:
- ألا يمكنك المجيء إلى الباب ؟
- أجل 00لا 00أعني000
وغمرتها النشوة عندما رأت مقبض ألباب يدور وهو يقول محذرا:
- إنني قادم00 فإذا لم تكوني مستعدة لملاقاتي فالأفضل أن تتعجلي0
ومع أن النبرة كانت تتسم بالإغاظة أسعدتها حتى وهي تبحث دون جدوى عن كلمات تجعله يبتعد وصرخت بإلحاح:
- لا00اتركه هنأك في الخارج00 أرجوك0
وسادت فترة تردد قبل أن يتحدث مرة أخرى:
- حسنا00
وأحست أن صوته كان جافا وكانت هناك حركة فجائية في وقع قدميه وهو يستدير ويبتعد0
وتنهدت بارتياح ثم دخلت في الحمام, وتمددت بضع لحظات في المياه المعطرة وشعرت باسترخاء تام وسعادة كاملة , فقد كان غارث جافا بسبب ردها, ولكن ذلك أفضل من أن يدخل ويكتشف أنها كانت تبكي00 إذ إن ذلك كان سيؤدي حتما إلى توجيهه عدة أسئلة إليها باللهجة الآمرة الاستبدادية نفسها, وكانت عيناه ستتفحصان وجهها وتسبران غورهما ي رام دورهما ,مما كان سيسبب تململها بعصبية00 أجل غضبه أفضل كثيرا من فضوله0
وأثناء العشاء كان فاترا0 لكن لمحة حيرة عميقة كانت تختفي وراء تعبيراته وظلت مارجي تثرثر بلا انقطاع 0 وغافلة تماما عن أي شيء غير سليم0 أما فريزر الذي أخذ ينقل نظراته المختلسة بين غارث وويندي فقد كان واضحا إنه كان متنبها إلى وجود شيئا غير طبيعي بينهما , وعلي أية حال لم تكن ويندي تشعر بأية قلق إزاء موقف غارث 0 إذ كانت تدرك لمعرفتها طباعة إنه سيعود بسرعة إلى طبيعته الأصلية ويبعد عن نفسه كل ما وجده محيرا 0 وكانت على حق فقد انظم في النهاية الى الحديث0 يبدو في هذه الأيام كما لو كان أكثر تقبل لثرثرة مارجي , بل صار يبدو مستمتعا بها أحيانا0
أسرت مارجي لوندي من قبل أنها مصممة على معرفة ما إذا كانت لينيز مافارو نجمة السينما ضمن ركاب السفينة وهذا سر ويندي لكنها لم تهتم به 0 غير أن مارجي لمحت لها أن لديها خطة نادرا ما تخفق, وحينئذ سألت ويندي باهتمام:
- حقا؟
- لدي خطة لكنني لن أخبرك بها إذ ستعرفين النتيجة قريبا 0
وضحكت ويندي وتركت المسألة تمر عند هذا الحد0 واستمرت مارجي في توجيه بعض التعليقات التي تثير الإغاظة عن صداقة ويندي مع غارث 0
- لا شيء0
بدأت ويندي الحديث لكن مارجي قاطعتها فورا وقالت:
- لا شيء00 مع من تتحدثين؟ من الواضح أنكم ووقعتما في حب بعضكم البعض , لماذا00 إن الجميع يتحدثون عن ذلك0
واندفعت ويندي بالرد في لهجة استياء:
- الجميع لكن هذا سخيف!
وفكرت ويندي أن غارث لن يعجبه ذلك0 وانزعجت لاعتقادها أن ذلك قد يؤدي به إلى نبذها تماما0 وكانت تعرف إنه لو حدث ذلك لعانى قلبها من جرح نافذ سيظل يؤلمها حتى النهاية0
- سخيف؟
قالت مارجي ذلك وهي تهز رأسها, وواصلت مزاحها المرح غير مدركة آثره البالغ على الفتاة التي اضطرت للإنصات إليه:
- لماذا تخجلين من الحقيقة يا عزيزتي؟ لست خجله من علاقتي مع دينبي وسنتزوج قريبا جدا ألن يكون لطيفا لو تزوجتما أنت وغارث ايضا, سيكون هنأك زواج ثنائي عندما نعود جميعا إلى ساوثهامبتن0
- مارجي أرجوك كفي عن هذا الهراء ! غارث لا يحبني ولا يمكن أن يفعل إطلاقا فهو اعزب بالسليقة اسألي فريزر إذا كنت لا تصدقينني ! غارث وأنا مجرد رفيقين في هذه الرحلة0....منتديات ليلاس


ونظرت إليها بتوسل وقد ظهرت بوادر الظلال والخوف في عينيها البنفسجيتين الجميلتين وأضافت:
- لا تذكري شيئا على الإطلاق لغارث عديني يا مارجي ن عديني بأمانة!
ونظرت إليها مارجي في رعب وقالت:
- عزيزتي تبدين في غاية الانفعال00 إن المرء يظن أن حياتك نفسها متوقفة على عدم سماعه الشائعة التي تدور حولكما00 هل هناك شيء ما؟
وجف حلق ويندي وهي تقول متسائلة في خوف:
- هل هناك شائعة تدور حقا؟
- بالطبع00 لكن هناك شائعات تدور حول عشرات آخرين ممن تآلفوا معا منذ وطأت أقدامهم سطح السفينة00 هناك دائما قصص عاطفية فوق سطح السفينة تعقبها حفلات خطوبة وزواج لذلك لا أستطيع أن أدرك لماذا أنت قلقة هكذا0
- غارث لن يحب الشائعات من هذا النوع وسينبذني 0
وهكذا كشفت عما في قلبها وإذ لم تكن مارجي قد أدركت الآن أنها ينبغي ألا تذكر شيئا لغارث فإنه لن يكون هناك في وسع ويندي أن تفعل شيئا إزاء ذلك0
- فهم إذا إنه الحب من جانب واحد في الوقت الحالي0
لكن انتبهي لكلماتي ياعزيزتي00
وواصلت مارجي حديثها بطريقتها المباشرة المميزة بينما كان مفروضا أن تتكلم ويندي :
- لن يستمر الحال هكذا دائما إنك أجمل كثيرا من أن لا يقع في حبك بالتأكيد أخبرك بأنك جميلة؟
- أجل00 فعل0
وتعجبت وندي مما إذا كان وجهها قد شحب كما شعرت0 كلمات مارجي هزتها بالتأكيد0 وجعلت قلبها يدق بصورة مؤلمة000 لو نبذها غارث00لا00 ينبغي أن لا يفعل 0 لن تكون قادرة على تحمل ألم فقده 0 أو عذاب رؤيته يحول اهتمامه إلى فتاة أخرى 00 ربما الى نيكول رنتون0
- كنت أعرف ذلك! لا ياعزيزتي اعدك بألا أقول كلمة تجعله يشعر بأنه أحمق أو يقرر أن يتخلى عنك 0 لكنك تخشين أن يفعل وهكذا كما قلت سأغلق فمي مهما كان الأمر صعبا علي0
وفكرت في أن تضيف شيئا لكن ابتسمت ابتسامة عريضة آثرت على ويندي التي استجابت بابتسامة سريعة من شفتيها اللتين كانتا ترتجفان منذ لحظة واحدة وتعكسان القلق الذي تغلغل في داخلها عندما سمعت تعليقات مارجي 0
ووفت مارجي بوعدها فلم تقل شيئا على مائدة العشاء بشأن علاقة الحب كما سمتها فيما بعد, لكنها فاجأت ويندي عندما قالت وهي تنقل بصرها
بين غارث وريفرز , وقد اتسعت عيناها وارتسمت فيهما البراءة:
- هل سمع أيكما شيئا عن نجمة السينما المفروض أنها فوق سطح " الفايسون " 00 تقوم بالرحلة متخفية؟
وجفلت ويندي بوضوح إذا هذا ما كانت مارجي تقصده عندما قالت إن ويندي ستعرف قريبا كيف ستمضي في محاولة معرفة شيء عن وجود نجمة السينما فوق السفينة0
وعندما أدركت ويندي فجأة أن كلا الرجلين ينظران إليها0
احمر وجهها بشدة إذ كانت نظراتهما المحدقة فيها أكبر من أن تتحملها دون أن تنهار أمامها 0 ونكست رأسها وهي تلمس بلا هدف رغيف الخبز في الطبق أمامها وجاء التعليق الناعم من غارث :
- تبدين مضطربة بعض الشيء يا وندي هل هناك شيء يتعبك 0؟
واضطرت الى رفع رأسها وردت على نظراته الغير مبتسمة وقالت بنبرة متلعثمة يسودها الارتباك:
- لا شيء البته 00 لماذا تسألني ؟ لا أعرف لماذا تسألني؟
غمغم ضاحكا :
- فضول لا شيء أكثر أو أقل ياعزيزتي0
ونقلت مارجي نظراتها بين كل منهما وهي حائرة ومتجهمة0 وقد اتضح أنها مرتبكة بشأن كل ما يجري , وواصلت حديثها السابق:
- إنكما لم تجيبا على سؤالي هل تعرفان شيئا عن نجمة السينما هذه؟
ولمعت عينا غارث جذلا وقال :
- لما لا تسألين ويندي ؟
ونظرت ويندي بدهشة وقالت:
- أنا ؟ لماذا أنا؟
وقال فريزر الذي دخل في الحديث فجأة:
- أعتقد أننا ينبغي أن نغير الموضوع فإنه ليس من شأن أيا منا إن كانت لينيز ما فار فوق السفينة أم لا ولو كانت موجودة وترغب في أن تظل مجهولة الشخصية فأي حق لنا أن نبدأ البحث والتقصي0
ونظر مباشرة إلى غارث ثم قال:
- انا واثق أنك توافقني0
وبدأ أن غارث يكتم الضحك ورد بعد فترة:
- أجل أوافق من كل قلبي آسف يا مارجي لكن لا يمكن أن نقول شيئا عن الفتاة , وكما سمعت لا نعتقد إنه من اللائق اقتحام عزلتها0
ونظر إلى ويندي ثم قال متسائلا وهو يرفع زجاجة الشراب :
- مزيدا من الشراب؟ 00هيا اشربي, مالذي أصابك الليلة ؟
ولم ترد لكنها أخذت كأسها وشربت بعضا من السائل الأحمر القاني الذي بها وملأ غارث الكأس مرة أخرى وهو يركز عليها بعينيه الداكنتين 0
ولكن لو قصد أن يتحدث مرة أخرى فقد ضاعت منه الفرصة بظهور المضيف مما أدى إلى وقف الحديث وعندما استأنف كان يدور حول المسائل العادية ويتركز حول أوجه النشاط في اليوم الذي انقضى في سلفادور 0
وكما صبحا عاديا بعد العشاء اتجه غارث وويندي إلى أحد الأندية الليلية وبعد ذلك إلى المرقص وكالمعتاد اختتما الليلة بالمشي فوق سطح السفينة حيث قضيا نصف ساعة أو نحوها واقفين بجانب الحاجز وبالنسبة إلى ويندي كانت هذه العلاقة كما يسميها الناس هي كل ما ترغب فيه قمت سعادتها, تحقيق أمنية قلبها , فقد كان غارث أول حب لها وسيكون آخر حب, وأراحت رأسها تحس بدقات قلبه السريعة وتتعجب كيف يكون ردة فعله لو علم الحقيقة0
وغمغم وأنفاسه الرطبة تداعب خدها :
- إنك جميلة جدا 00إنني أود00
وتوقف عن الكلام وابتعدت عنه لكن وجهه كان في منطقة الظل المنعكس لأحدى سفن النجاة الملحقة بالباخرة, ووجدت نفسها تحاول أن تمسك بالتعبير المراوغ لملامحه التي بدأت داكنة وغير واضحة وفجأة بدأ كما لو كان بعيدا عنها وفي غمرة خوفها بقوة غريزية وكان وجهها مرفوعا وشفتاها تعبران 00وأحنى رأسه 0
وفكرت كيف يمكن أن يتغير أسلوبه لكنها أدركت أيضا أنه أخيرا جدا أصبح أكثر رقة وتحملا0 أصبحت اللهجة التهكم والسخرية والازدراء أقل وضوحا عما كانت في بداية وخرجت من شفتيها الكلمات بقوة لم تستطع أن تقمعها عندما همست قائلة:
- غارث 00 إنني سعيدة للغاية الليلة0
وأفلتت منه ضحكة قصيرة وقال:
- إنني مسرور لذلك يا وندي وأنا سعيد أيضا0
- هل أنت سعيد بأن تقابلنا ؟
- كيف يمكنك أن تسألي هذا السؤال؟
وأطلقت ضحكة ذات رنين موسيقي جعلته يزفر بسرعة وهي تقول:
- ربما اسأل لأنني لست واثقة0
وهزها هزه خفيفة وهو يقول:
- إنك واثقة 00 جدا0
- انظر الى البحر 00 أنه متلألئ 0
- إنني أنظر إليك 00لا إلى البحر0
وكانت الكلمات تأكيدا مثيرا بأن جاذبيتها له مازالت قوية 0وبرقت عيناها ومنحته ابتسامة ذات جمال لا يصدق, وتنهدت مرة أخرى وهي تفكر إلى أي مدى وصلت هي وغارث منذ الكلمات التقليدية المهذبة التي تبادلاها في أول تعارفهما ثم قالت :
- إنني سعيدة0
ولم يعد يستطيع أن يسيطر على انفعالاته الحارة 0
استجابت ولكن في حذر وهي تشعر بفرحة غامرة من سحر اللحظة ولسانها يلهج بالشكر للقدر الذي سمح لها في النهاية بأن تعرف جمال الحب0
وأخيرا ابتعد عنها ولاحظت تعبير الفرحة الغضة في عينيه الداكنتين الثاقبتين وعاتبها قائلا :
- طفلتي الحذرة ألم تعرفي حتى الآن أن الحياة وجدت لنحياها؟
وجفلت ثم انسحبت لكنها شعرت بالراحة عندما لاحظت أن هذا لم يسترعي انتباهه وقالت:
- لا أعتقد أن تعبيرك يعني أنك ترغب في إقناعي بأنك تقصده000
وتجهم عندما سمع هذا الكلام ولوي شفتيه وقال:
- أجد ما ترمين إليه غامضا إلى حد ما يا عزيزتي0
وضحكت قائلة:
- هراء إنك لست بهذه الخشونة0
واستجاب لضحكتها وقال وفي صوته نبرة فضول:
- مالذي يجعلك تظنين أنني لا أعني حقيقة ما تنطوي عليه كلماتي 0؟
- لا أدري000
وظهرت تقطيبة خفيفة على جبهتها تدل على أنها تبحث عن تعليق ثم قالت:
- ربما لأنك لا تبدو لي من هذا النوع من الرجال 0
وساد صمت لكنه لم يستمر إلا لحظة خاطفة إذ قال مؤكدا بشيء من المرح:
- جميع الرجال هكذا 00لقد تعلمت أنت ذلك منذ فترة طويلة0
- انا ؟
شهقت وهي تقول ذلك وقد تسارعت دقات قلبها إذ رأت في دهشة التغير الحاد الذي طرأ على تعبيراته00 كم يسهل أن يؤذي مشاعرها وتساءلت:
- بم تتهمني يا غارث ؟؟
ومرة أخرى هزها وهو يقول ضاحكا في سخرية وازدراء :
- كفى 00لقد لعبنا لعبة التحايل لإقناع بعضنا البعض بما نريد00 وكانت لعبة لطيفة0 كانت تغيير لكلينا لكن هذه اللعبة لا يمكن أن تستمر يا 00ويندي 00دعينا نكشف أوراقنا على المائدة هلا نفعل ؟
وأصيبت بخيبة أمل من تحوله مما جعل قلبها يأن تحت وطأة الإصابة التي تلقاها, ورفعت وجهها المفعم بالألم والذهول وسألت :
- لماذا ترددت قبل أن تنطق اسمي؟
ونظر إليها غارث وقد اكتسى وجهه ايضا بتعبير الذهول , لكنه كانا مؤقتا فقط حيث ظهرت لهجة الازدراء المألوفة في صوته عندما قال:
- أعتقد إنك تعرفين لماذا00
وعندما فتحت فمها لتحتج رفع يدا آمرا لمنعها وهو يقول:
- لا 00أرجوك لا تستمري في المهزلة أكثر مما فعلت إنك ممثلة بارعة0
- ممثلة؟ كيف تتهمني بشيء مثل هذا ؟لماذا أمثل؟ لا سبب على الإطلاق يجعلني أفعل ذلك0
وكان عيناها الواسعتان البريئتان وارتعاشه فمها الشديدة وحركة أصابعها المستمرة 0كل هذا كان شاهدا على صدقها لكنه ضحك بمرح واختلس نظرة إلى ساعته ومضت تقول :
- من البداية كان واضحا أنك تعاملني بتشكك وتتخذ أسلوب يتسم بالازدراء معي وتسخر مني في داخلك0
وخفت صوتها عندما أصيب حلقها بغصة مؤلمة وساد الصمت عدة لحظات بينها وبين الرجل الذي تعلمت أن تحبه بسهولة وبسرعة وأخيرا نطقت:
- أعتقد أن الأفضل أن أتركك يا غارث0
وحبست أنفاسها في انتظار الكلمات التي ستعيد إليها سعادتها, تلك الكلمات التي ستؤكد لها مرة أخرى رغبته في البقاء معها لكن ما سمعته هو :
- إذا كانت هذه رغبتك فأننا إذا سنتمنى لبعضنا البعض ليلة طيبة وسأوصلك إلى غرفتك 0....منتديات ليلاس


وعند باب غرفتها انتظر فقط ليلقي تحية المساء قبل أن يبتعد0
ماذا حدث ؟ سألت نفسها مرة ومرات وهي مستلقية على فراشها تتقلب من جانب لأخر0 لو لم تكن أفكارها مضطربة هكذا لكانت قادرة على تجميع الحقائق التي أدت إلى هذه النهاية التي لا تصدق ليوم وليلة بديعين 0 لقد كان غارث لطيفا - ولكنه كان لطفا مصطنع بلا شك 0 وكان رقيقا وهو يبثها حبه , واخبرها بأنه سعيد 0وادركت انه قصد ذلك عندما قاله , كذلك جاملها عندما قال انه ينظر إليها هي لا الى البحر 0 ثم زادت حرارة انفعاله واتهمها بأنها حذره 0 اجل ركزت أفكارها على تلك النقطة لكن ماذا حدث بعد ذلك ؟ وفجأة بدون تحذير شعرت بوخزه مؤلمة في رأسها جعلتها تجفل وتمد يدا مرتعشة الى صدغها0 0
ولم تستطع أن تتجنب سؤال نفسها لو كانت تلك هي النهاية فقد جاءت مبكرة لكن في حالة مثل حالتها يكون من الصعب على الأخصائي أن يقول بالتأكيد متى تأتي ونهضت من الفراش وارتدت الروب "دي شامبر" فوق قميص النوم وعندما نظرت في المرآة وجدت وجهها أبيض أللون مع وجود حبات دقيقة من العرق على جبهتها , وكانت كفاها مبللتين بالعرق فدخلت الحمام لتغسلهما 00هل هذه هي النهاية ؟ سألت نفسها مرة أخرى عندما شعرت بوخزة من الألم في رأسها وسارت عبرة الغرفة وهي تطيل المسافة بالدخول إلى الحمام في كل مرة تصل فيها إلى الباب لم تستطع أن تستلقي فوق الفراش ومع ذلك فإن مشيها في انحاء الغرفة يزيد - فيما يبدو- الألم المبرح في رأسها ابتلعت قرصا لكنه لم يخفف الألم0 ولم تستطع أن تفهم لماذا؟
هل تستدعي طبيب الباخرة؟ ألقت نظرة على الساعة فعرفت أنها تجاوزت الواحدة صباحا ولذلك استبعدت الفكرة لو كانت هذه هي النهاية فلن يكون في وسعه أن يفعل شيئا , إذن فالأفضل ألا تزعجه
وأخذت تذرع الغرفة وهي تتوقع أن تتهاوى في أية لحظة 0 وأن تنتابها الغيبوبة المفزعة التي لا مفر منها فتحملها الى النهاية 0 وفكرت غدا سيجدونني أو مساء الغد في مثل هذا الوقت 0
وقطعت أفكارها وهي ترتعش بقوة وقد ظهر العرق مرة أخرى على جبهتها, كانت في مثل برودة الثلج, وبدون أن تعي ما تفعل ذهبت إلى الحمام وضعتهما تحت الماء الساخن, ثم وهي لا تزال لا تعي ما تفعل , بحثت عن منشفه وجففتهما , ثم أعادت المنشفة بعدما طوتها بعناية بالغة فأصبحت كأنها أخرجت من علبتها للتو0 وحدقت فيها ثم أغلقت عينيها 0 ثم حدقت مرة أخرى0 وأدركت أنها على وشك أن تفقد الوعي وأدركت أيضا أنها لو فقدت الوعي فربما لا تكون تلك النهاية ربما تعود إلى وعيها مرة أخرى ويتكرر كل شيء ثانية0
فكرت بفتور: الأفضل كثيرا لو انتهت الآن بعدما فقدت غارث إلى الأبد بدون سبب يمكنها تحديده وبدون أي شيء فعلته معه وهي في كامل وعيها0
إن تصرفه في مفارقتها فجأة يبرهن قطعا أنه لم يشعر بأي من الأحاسيس التي تأثرت هي بها 0 إنه لا يكن لها أي حب وهذا شيء جميل لأنها الآن عندما عاملها بمثل هذه القسوة ولم يرد بسخرية على تأكيدها بأنها لا تمثل كانت تشعر بالراحة لأنها أخفقت تماما في أن تحرك في داخله شيئا يماثل الحب0 وأخيرا بدأ الألم يخف0 وكانت تعلم إنه سيختفي حالا , لكنها ظلت مستيقظة ساعة أو أكثر0 تذرع الغرفة وتتساءل كيف ستقضي الشهرين المقبلين0
يمكنها أن تتلك الباخرة في ريو , فكرت في ذلك بعدما حسبت أنها ستبقي معها أكثر مما يكفيها لدفع نفقات العودة جوا0 بما أنها أعدت ميزانيتها للقيام بجولات في موانئ عدة, في جنوب أفريقيا وسيشل وبالي واليابان 0 لن يكون هذا المال مطلوبا للجولات لكن من ناحية أخرى لو أنفقت منه جزاء على رحلة العودة جوا فلن يتبقى لها ما يكفي لاحتياجاتها طوال الشهرين القادمين وغمغمت في ضيق:
- فكرت في هذا من قبل وقررت إنه ليس معقولا0 ينبغي أن أظل في السفينة0
وفي السابعة والنصف من صباح اليوم التالي كانت فوق سطح السفينة0 بينما كان غارث في أحد حمامات السباحة0 مع فريزر وصديقته ,أومأت ويندي لفريزر لكنها استدارت عائدة من دون أن تنتظر غارت ليلحظ وجودها, وإثناء الإفطار كانت وحدها مع مارجي , وعندما ألقت نظرة على المطعم الكبير رأت غارث يتناول الإفطار مع نيكول على مائدتها 0
وهذا التغيير وقت الإفطار مسموحا به إذ إن الكثيرين لا يتناولون الإفطار على الإطلاق0 ونتيجة لذلك تكون هناك أماكن خالية في بعض الموائد0 والواضح أن رفاق نيكول على المائدة كانوا قد تناولوا وجبة مبكرة أو لم يهتموا بالمجيء إلى المطعم على الإطلاق0
وعندما لمحت مارجي التعبير الذي ارتسم في عيني ويندي نظرت إليها بتعاطف وسألت:
- هل انتهى كل شيء؟
وأومأت ويندي بفتور وقالت :
- أجل انتهى كل شيء0
ولم تستطع أن تخفي التعاسة التي ظهرت في عينيها, لكنها تمكنت من أن يكتسي صوتها بنبرة استخفاف أملا في تجنب لسان مارجي , والهروب من أية تساؤلات أخرى من جانبها عندما أضافت:
- كانت مجرد عاطفة عابرة لم يأخذها أيا منا مأخذ الجد بأية حال 0
وردت مارجي بأسلوبها الفظ:
- أحسنت القول ياعزيزتي, لكنني أعرف أنك كنت جادة للغاية, وقد تحدثنا بشأن ذلك, أتذكرين؟ وقلت أن العاطفة من جانب واحد في الوقت الحالي - لكن غارث سيقع في حبك في النهاية0
وبللت ويندي شفتيها قبل أن ترد, وهي لا تزال تحاول أن تبدو أسعد مما تشعر:
- كانت تلك تصوراتك فقط يا مارجي0 لم اقل أبدا أنني جادة0
وبعد فترة توقف بدا فيها أن مارجي ستواصل مناقشة المسألة قالت:
- فليكن ,غير أن هذا شيء يدعو للأسف فأنت وهو أكثر رفيقين ظريفين فوق الباخرة كلها0
وابتسمت ويندي رغم انفها فيها وهي تقول:
- شكر لك يا مارجي , غارث هو أكثر الرجال وسامة في الباخرة, لكنني واثقة تماما أن هناك نساء أكثر فتنة مني بكثير0
وبينما كانت ويندي تقول ذلك حولت تلقائيا نظرها إلى المائدة التي تجلس عليها نيكول , والتي بدت فتنتها تسحر الألباب , وهي ترتدي ثوبا ذا نقوش من الورود والصدر مذموم بشرائط رفيعة من قماش بلون متناقض وهي الشرائط التي زينت بها الجيوب وحافة الذيل , وقالت مارجي بنبرة ازدراء:
- لا أقول أنها أجمل , ذلك الثوب الذي ترتديه الآن هو أول ثوب لها يعجبني 0 أما ثياب المساء التي ترتديها فهي أبشع من أية كلمات0
- الرجال تعجبهم تلك الثياب الجريئة0
ردت ويندي بذلك وهي تركز نظرها على حلقات فاكهة الليمون الهندي التي وضعها المضيف أمامها0
- بعض الرجال وليس كلهم0
وبدأت مارجي تراقب ويندي وقد أخذت عيناها الحادتان تمعنان النظر في وجهها وعينيها, والهالات الداكنة التي تركتها ليلة السهر والقلق ثم سألتها :
- ماذا ستفعلين هذا الصباح؟
وقبل أن تتلقى ردا مضت تقول أنها هي ودينبي ينويان الاشتراك في بعض الألعاب المشتركة فوق سطح الباخرة اقترحت على ويندي أن تنضم إليهما وأضافت:
- هناك جوائز لمختلف الألعاب 0 ستكون تلك تسلية يا عزيزتي لذلك فالأفضل أن تأتي وتنضمي إلى الحشد المرح0
- أعتقد أنني سأفعل0
وافقت ويندي وهي مندهشة للغاية لأنها كانت تنوي العودة إلى غرفتها والمطالعة حتى تشعر بالنوم تعويضا عن ما فقدته الليلة الماضية0
- عظيم سيفرح دينبي فهو معجب بك بلا حدود0
ومرة أخرى ابتسمت ويندي 0 يالهما من شخصين رائعين0 صريحين بعيدين عن الإدعاء ليسا مثل كثير من الركاب الذين تجعلهم ثرواتهم الضخمة يتصرفون كأنهم فوق مستوى الناس العاديين0
وانتهت بها أفكارها الشاردة التركيز على غارث ريفيرز وظلت تفكر بضع ثوان في المعلومات التي ذكرتها مارجي حول كونه مرهقا في العمل إلى هذه الدرجة وعلي مدى فترة طويلة الى حد أن طبيبة أمره بالاشتراك في هذه الرحلة البحرية0
بدأت ألعاب السطح فور وصول ويندي مع مارجي ودينبي, ولأنها نظمت بدقة فقد مضت بيسر , واستمتع بها المشاركون إلى أقصى حد , ووجدت ويندي نفسها في الدور قبل النهائي في لعبة حلقة الرمي0 وأثار ذلك دهشتها, إذ كانت هذه ثالث مرة فقط تشترك فيها في هذه اللعبة0
وفي المرتين السابقتين كان شريكها غارث الذي هزمها0 وبعدما كسبت الدور قبل النهائي وجدت نفسها في صباح اليوم التالي خصما لنيكول 0 وقبل أن تبدأ كانت وأثق أنها ستخسر, لأن غارث كان قريبا منها, مجرد متفرج غير مهتم ولا شك, إنه يعطي نيكول تأييده المعنوي, لكن لدهشتها أيضا كسبت ويندي, وكان غارت أول المهنئين لها, مما تسبب في كدر الفتاة الأخرى إذ قال:
- أحسنت يا وندي, كانت لعبة ممتازة 0
- شكرا لك0 لكنها كانت لعبة حظ أكثر من أي شيء آخر0
- لم يكن هناك شيء من هذا0
ثم توقف لحظة قبل أن يقول:
- ما رأيك في فنجان من القهوة ؟
ومن الطبيعي إن دعوته أدهشتها, وترددت لكن شيء ما في كلامه جعلها تقول, من دون أن تتوقف لتعرف ما إذا كانت تسبب لنفسها مزيدا من البؤس أم لأ:
- أتوق إلى ذلك, شكرا لك يا غارث0 أين نذهب؟
وكانت واعية لوقوف مارجي على مقربة منها فاستدارت وابتسمت لها, وألقت مارجي نظرة مختلسة على غارث من تحت أهدابها قبل أن تقول:
- تهنئتي يا وندي00 جئت للتو بعد أن انشغلت في حديث مع ذلك الرجل صاحب صالة البنغو , وحاولت أن أعرف كيف أمكنه جمع كل هذه الأموال 0
التي يدعي انه جمعها , وتمنيت لو لم أكن على ما انا عليه من الثروة حتى يمكننا , دينبي وانأ , أن نفتح صالة بنغو , اذا بدا لي أن المال يأتي مقابل لا شئ 0
وألقت نظرة أخرى على غارث ثم واصلت حديثها :
- إذا فأنت ستأخذها يا غارث؟ ارجوا لكم وقت لطيفا معا00 أراكم وقت الغداء0
وابتعدت ثم ظهر شو ومد يده إلى ويندي قائلا:
- أهنئك لفوزك 00 لعبت لعبة الهائلة0
وتجهمت ويندي فهي لا ترى أنها قامت بأي نشاط زائد حقق فوزها وهي واثقة أنها لو أعادت اللعبة مرة أخرى لكان من المحتمل أن تخسرها وعلى أية حال شكرته بنعومة00 ثم استدارة إلى غارث ولمحت إلى إنها مستعدة لمرافقته0
وقال:
- سنحاول أن نجد مائدة حول حمام السباحة اذا كان ذلك يناسبك؟ وأومأت برأسها قائلة:
- أجل000 يناسبني 0
وسارت بهدوء , كذلك فعل هو, لكن حالما جلسا في مكان منعزل إلى حد ما في صف الخارجي القوي ذات المحيطة بحمام السباحة انحنى وقال بلهجة مبهمة لكنها تأكدت من إنه يقصد أن تكون خالية من أي تعبير:
- بالنسبة إلى الليلة قبل الماضية هل يمكننا أن نبدأ من حيث كنا قبل أن أتركك بقليل؟
ولمست قسوة واضحة في سلوكه كان يكافح لكي يخفيها ،ومرة أخرى أدركت ذلك الانطباع الغريب إنه بينما يتمني لو جزئيا أن يحبها فأنه جزئيا يتمرد على الفكرة نفسها أو بمعنى آخر كما استنتجت يود كثيرا أن يتخلى عنها تماما لكنه يجد إنه لا يستطيع أن يفعل ذلك غريبة تلك الأحاسيس والمشاعر المختلطة في رجل مثل غارث ولكن الشئ الذي لم يدر بخلد ويندي على الإطلاق في ذلك الوقت هو أن جاذبيتها ربما تكون من القوة فلا يستطيع مقاومتها مهما حاول بعنف فهي لم تكن مدركة لفتنتها بما يكفي للاقتناع بأنه يمكن أن تأسر رجلا يتمتع بشخصية قوية مثل غارث ريفرز , وأخيرا غمغمت في تشكك:
- أعتقد أننا يمكن أن نعود لكنني لا أعرف لماذا تصرفت معي هكذا يا غارث ؟
- ولا أنا أعرف0
قال ذلك لكن انتابها انطباع بأنه ليس أمين معها تماما , وسألت نفسها:
مالذي ينبغي لها أن تفعله ؟ ومن دون تردد قالت لنفسها أن هناك شيئا واحد معقولا هو أن تقبل بما تقدمة لها الحياة وتشعر بالامتنان 0 لو كان هناك مستقبل ينتظرها إذن لكان الرد مختلفا تماما00 إذ اتضح من موقف غارث العام إنه لا يمكن أن تؤدي هذه العلاقة بينهما إلى شيء دائم0 إنه لن يتزوجها إطلاقا لأنه لسبب يعرفه هو أكثر من غيره, لا يكن لها الاحترام الكافي لكي يريدها زوجة له 0 هل ينبغي لها أن تصر على معرفة السبب؟ وتجهمت إذ أدركت بالفعل إنه لا فائدة من تحريات قد تؤدي الى لاشئ 0 فلنترك هذه المسألة, ولتأخذ المقبول وتحاول أن تستمتع بكل لحظة غالية باقية لها , هكذا منحته ابتسامة حلوة وقالت بصوتها الناعم الموسيقي:
- لا بأس إذا 00لم تكن المسألة هامة ,اجل يمكننا أن نبدأ من جديد0
لم تكن تعرف رد الفعل الذي تتوقعه أهو الاعتراف بالجميل أو الشكر الجزيل ؟ والواقع أنها كانت ستشعر بالارتباك لوحدث ذلك0
- رائع ياوندي0
وابتسم حينئذ00 واحدة من أندر ابتساماته جعلت قلبها يقفز فرحا0
- والآن الى القهوة000- حفلة الأزياء التنكرية


نهاية الفصل الخامس

majedana 21-09-08 10:47 PM

تسلم ايديك


هاي كمان ما قراتها وراح اقراها معك



بس اكيد بس تخلصيها ههههههههه



يعطيكي ااااااااااالف عااااااااااااافية

lona-k 22-09-08 12:20 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة majedana (المشاركة 1657201)
تسلم ايديك


هاي كمان ما قراتها وراح اقراها معك



بس اكيد بس تخلصيها ههههههههه



يعطيكي ااااااااااالف عااااااااااااافية

شكرا على مرروك

lona-k 22-09-08 01:11 AM

الفصل السادس


قضت ويندي وغارث بقية النهار في انسجام لطيف واستمتعا بحمام شمس فوق أحد سطوح السفينة الكثيرة, واحتسيا المشروبات المثلجة , واستمعا إلى الموسيقى, وتناولا غداء شهيا ثم اشتركا في تناول شاي ما بعد الظهيرة مع شطائر خفيفة لذيذة وتبادلا الأحاديث المختلفة وقبل موعد العشاء بنحو ساعة وقفا بجوار الحاجز لبضع دقائق ثم توجه كل منهما إلى غرفته الخاصة , ولم يذكر شيئا آخر عن الليلة قبل الماضية, وبدأ كأن غارث مصمم على نسيانها تماما0 واستنتجت ويندي أنه, مثلها, راض بأخذ ما هو متوفر والاستمتاع إلى أقصى حد بصحبتها , تماما كما اعتزمت الاستمتاع بصحبته إلى أقصى حد0
وفي تلك الأمسية كانت ستقام حفلة رقص بأزياء تنكرية وبما أن جميع الركاب عرفوا ذلك قبل إلأبحار الذين كانوا ينوون الاشتراك جاءوا مستعدين تماما وقررت ويندي في النهاية ألا تهتم بالأمر, لكن بعد تفكير عميق أخرجت آلة الحياكة وأعدت لنفسها ثوبا رائع يوناني التصميم 0
....منتديات ليلاس


يشبه ذلك الذي ارتدته في العصور القديمة , آثينا رمز الحرب والحكمة وحامية دولة اثينا , هذا الثوب الذي أطلق عليه اسم بيلوس, صنعته عشرات من الفتيات اليونانيات بأيديهن0
لقيت فكرة ارتداء الثياب التنكريه أثناء العشاء قبولا, وجاء معظم الركاب إلى المطعم مسرورين يرتدون ملابس مزخرفة أو مهلهله , ويبدون في شكل مضحك مبتذل, أو بمظهر وسيم مرموق وأخذ الحاضرون يضحكون بأصوات عالية ولأن ويندي عرفت إن جميع الموجودين على مائدتها والمائدة المجاورة أيضا سيرتدون ثياب الحفلة ارتدت ثوبها وبعدما ألقت على نفسها في المرآة نظرة أطول من المعتاد رأت أنها لم تبد جذابة هكذا من قبل على الإطلاق أن ثوبها البيلوس بثنياته الرقيقة يناسبها تماما وينسدل في رقة عليها0
ورغم أن ويندي كانت تدرك أن مظهرها رائع يلفت النظر فلم تكن مستعدة على الإطلاق للاستقبال الذي قوبلت به عند دخولها المطعم الفخم الذي تلمع فيه الثريات المتلألئة بقطع الكريستال وأدوات المائدة البراقة0 لقد سمعت أصوات الضحك الصاخبة وهي تتقدم نحو المدخل , وتصورت بعض الملابس المضحكة التي ستراها , وتأرجحت ابتسامة على شفتيها وهي تخطو داخل الأبواب المزدوجة إلى الممر المتوسط في البداية أخفقت في إدراك سر الهمسات الخافتة المفاجئة التي كانت موجهة إليها لكن إذ ألقت نظرة حولها في شيئا من الحيرة بعدما خفت الآخر ضحكة أدركت أن كل عيون القاعة مركزة عليها وكان رأسها عاليا, وقامتها منتصبة, وهو أسلوبها الطبيعي في السير , واستمرت في سيرها وهي تدرك أن وجهها أحمر بشدة من الخجل0 وأخيرا وصلت إلى مائدتها , وتنفست بعمق في ارتياح 0
ونظرت حولها بابتسامة مرتعشة وكانت عينا غارث وحدهما اللتان اهتمت بهما , رغم أن عيون الرفيقين الآخرين كانتا تنظران إليها بإعجاب مماثل , وقطع فريزر الصمت قائلا :
- تبدين خيالية0
ورددت مارجي كلماته لكنها أضافت:
- ياعزيزتي عندما ظهرت في الممر اعتقدتك الملكة ذاتها وقد جاءت فوق السفينة بطريقة سحرية! بالمناسبة هل أعجبك ؟ وأنا بشخصية مدام بومبا دور ؟
- أجل فإنك تبدين مثالية يا مارجي 0
ثم استدارت إلى فريزر وهنأته على ملابسه التي تشبه ملابس القرصان, وهي تتظاهر بالخوف عندما لاحظت الخنجر المتدلي من حزامه , اما غارث فقد ارتدى ثوبا فخما مثل قائد روماني وابتسمت له من دون أن تنبس بكلمة, لأنه كان ينظر إليها بتركيز كما لو كان يراها لأول مرة0 وأرخت أهدابها وهي تشعر بالخجل وعدم الثقة وتتمنى لو كانت تملك رباطة الجأش والثقة اللتي تتسم بها نيكول رنتون الهادئة المتماسكة وأخيرا قال غارث بلطف :
- تهنئتي 0
وكان هذا كل ما قالة إلى أن كانا يرقصان معا في الحلبة بعد ساعة ونصف وبصوته الهادئ المهذب قال لها:
- تبدين فاتنة أين وجدت هذه الأشياء التي تناسبك تماما0
- صنعتها0
ردت بذلك وهي تتعجب لماذا ينظر إليها بمثل تلك الدهشة وعدم التصديق0
- صنعتها بنفسك؟
- بالطبع 00ماالغريب في هذا؟
ولم يقل شيء ومضت تقول:
- رأيت صورة لهذا الزي في الكتاب عن الفن اليوناني فقررت أن أحاول حياكة 1 للرحلة0 تبدو مندهشا لأنني استطعت أن أنجزه0
ونظر إليها ثم هز رأسه قائلا:
- ينبغي أن أعترف بأنني مندهش , يبدو الثوب معقدا لعيني الرجل, ودار بها وأدركت أن الموضوع انتهى, وأدركت أيضا إنه كان سيقول شيئا يعبرعن السخرية والازدراء لكنه غير رأيه0
ومضت الأمسية بعد ذلك على أجنحة ذهبية وعندما أعلنت أسماء الفائزين بعد لحظات من منتصف الليل دوى تصفيق حاد عندما قاد غارث ويندي إلى المنصة, وقد علت حمرة الخجل وجهها حيث تسلمت جائزتها من القبطان نفسه وقالت مارجي :
- حقيبة لمستحضرات التجميل من الجلد الباهر المزخرف لكنها تساوي ثروة ستبقى مدى الحياة يا عزيزتي0
-أ 00أجل 00ستبقى00
مدى الحياة! وادركت ويندي أن وجهها أصبح شاحبا وخفضت رأسها بسرعة وهي غير راغبة في أن يلاحظ غارث هذا الشحوب 0 واندفعت مارجي تقول في اشمئزاز:
- وذلك الرجل صاحب صالة البنغو كيف يكسب الجائزة الأولى للرجال؟ لا أعتقد إنه كان ينبغي أن يفوز ألا توافقونني ؟
ضحك غارث وقال:
- لا بد أن الحكام شاهدوا أن ثيابه هي أفضل ثياب بين الرجال وإلا ما منحوه الجائزة الأولى0
وكان الرجل يشعر بالسرور وهو يري الجميع ولاعة السكائر الذهبية التي كسبها0
وبعدما انتهى كل هذا اتجهت ويندي وغارث إلى سطح السفينة وأخذا ينظران الى البحر الهادئ الداكن0
كل شيء كان هادئا وأخذت يده تربت على شعرها الحريري وهو يقول:
- شكرا لك على النهار الجميل والأمسية الرائعة سأدعك تذهبين إلى غرفتك الآن لأنك منذ لحظات في قاعة الرقص كنت شاحبة وأعتقد أنك متعبة0
وكانت لهجته ناعمة تتسم بالاهتمام وتساءلت ما إذا كان هذا يخيل إليها أم إنه قلق عليها حقيقة ماذا يهم ونظرت إليه وابتسمت في وجهه وهي تقول:
- ينبغي أن أعترف بأنني متعبه إلى حد ما0 شكرا لك على يوم مدهش وأمسية سعيدة للغاية0
- ولا تنسى انك ربحت الجائزة0
قال هذه العبارة وفي وجهه الوسيم تعبير عن الإحساس بالزهو مما جعل وجنتيها تتألقان فرحا ثم أضاف :
- كنت محط أنظار الجميع وحسد كل امرأة هناك0
وضحكا وتذكرت النظرات الداكنة الحاقدة التي رمتها بها نيكول رنتون في فترات مختلفة أثناء الأمسية وتحدث غارث مرة أخرى وقال عدة عبارات إطراء مما تحب سماعه وكانت يده التي تمسك بيدها دافئة وقوية وشعرت بالأمان وهي معه, وفكرت: إنني أتساءل هل سيكون معي في ذلك الوقت فإن الأمر لن يكون مفزعا , وهمست لنفسها وهي تدفن رأسها في صدره:
- سأكون أكثر شجاعة وهو معي
وأبعدها عنه ونظر إليها نظرة فاحصة وهو يواصل كلامه:
- إنك ترتعشين يا عزيزتي ما الأمر ؟
وكذبت وهي لا تدرك أنها ترتجف وقالت:
- الجو بارد قليلا هنا00
وتجهم غارث وهز رأسه وهو يقول:
- أتحسين الجو باردا؟ إنه ليس كذلك00 أما أنك مرهقة للغاية أو أنك على وشك الإصابة بنزلة برد لنأمل أن تكون الحالة الأولى0
وردت بخفة:
- أنا متأكد أنها كذلك أنا لا أصاب بالبرد كثيرا00
وفي لهجة حاسمة آمرة قال:
- إذا إلى الفراش أيتها الشابة وإياك والجلوس والمطالعة0
كم يبدو مثل الأطباء وهو يقول ذلك فكرت في هذا وهي تذكر مناسبة سابقة لاحظت فيها الشيء نفسه وقال باللهجة الآمرة نفسها:
- الأفضل أن أخذ منك وعد بذلك هل تعدينني ؟
- أعد بأني لن أطالع0
وتأرجحت أفكارها وهي تشعر بمتعة في هذه اللحظة من ذلك الحب الذي طغى عليها وبعد لحظة أخرى قالت ثانية:
- لا00 لن أكون خائفة وهو معي عندما تأتي النهاية0
كانت زيارة بالي في مقدمة المعالم البارزة للرحلة البحرية وطول اليومين السابقين لوصول الباخرة إليها أظهرت ويندي شعورها بالترقب السعيد , إذ قال غارث إنه سيستأجر سيارة لليوم الأول0 أما اليوم الثاني فيمكنهما أن يتجولا كما يريدان ويستمتعان بالمناظر بطريقة أكثر سهوله وراحة0
ورست السفينة في الثامنة صباحا0 وكانت ويندي وغارث على استعداد للنزول إلى الشاطئ فورا وبعد نصف ساعة كانا في السيارة وقد جلس غارث أمام عجلة القيادة وقصدا أولا حي جيليك آندماس حيث كانت وندي تريد إن تشاهد المصنوعات الفضية اليدويه وأشغال الحفر على الخشب الخرافيه التي سمعت عنها من مارجي , وكان غارث في شوق مثلها لرؤية تلك الأعمال اليدويه 0 طول الطريق السيارة تمضي تحت سماء صافية ساطعة الشمس وكانت ويندي تبدي تقديرها وهي مسحوره بجمال الجزيرة الذي لم يمس تلك الجزيرة التي كانت تمثل أقرب مكان للجنة كما أخبرتهما مارجي في الليلة السابقة0 وبما أن بالي بمثابة حلقة صغيرة واحدة إن سلسلة الجزر التي تسمى أندونيسيا فإنها تتمتع ببحر خاص بها في بساطتها وصدقها 0 في مزروعاتها ذات اللون الأخضر اللامع0 وأزهارها الرائعة التي انتشر شذاها الجميل حتى وصل إلى السيارة وقالت ويندي بتأثر شديد:
- أليست جميلة؟ كنت ادرك أنني لن أصاب بخيبة أمل فيها0
وأدار غارث رأسه الداكن واختلس نظرة إليها من الجانب لحظة خاطفة قبل أن يحول انتباهه الى القيادة ولم يتكلم , وأدركت إنه في إحدى حالاته المزاجيه التي يرغب فيها أن يكون هادئا , يتطلع حوله ويستمتع بالمناظر الريفية التي يسير وسطها0
فقد كان في الحالة نفسها عندما استأجرا سيارة في ريو ومرة أخرى عندما رست السفينة في ممباسا , ثم في بومباي , واحترمت ويندي رغبته في الهدؤ 0 فجلست صامتة وسعيدة لأنها حية وقادرة على الاستمتاع بكل ما حولها0 إلا أنها لم تستطع أن تفهم لماذا يحيط هذا الرجل نفسه بهالة من الغموض؟
وكانت الطريق في بالي ممتازة أما الطريق الذي كانا يسيران في فكان يحف بالشاطئ الجميل الذي تصطف أشجار النخيل على جانبيه وينتهي إلى التلال وبعدما عبرا قرية شاهدت وندي النساء , عن بعد يعمل في حقول الأرز أو يتسلقن أشجار جوز الهند0
وعندما اعتقد غارث أنها أصدرت صوت خفيضا ينم عن الازدراء قال في سرور:
- إنهن لسن من العبيد كما يخيل إليك0 بل يحببن العمل مع رجالهن وما يكسبنه يكون ملكا لهن0
- أتعني إنهن يحصلن على نصيب مما يأتي به المحصول؟
- بل يمكنك أن تقولي أنهن يقمن بعمل تجاري صغير خاصا بهن 0 يربين الماشية والدواجن ويبيعنها كذلك يقمن بعمليات النسيج لزيادة الدخل0
- إنهن سعيدات للغاية ورشيقات جدا السن كذلك؟
كانت ويندي تراقب فتاة شابة , تضع فوق رأسها سلة ضخمة باتزان وتسير في بمنتهى اليسر والرشاقة, وجهها الجميل خال من أي تعبير عيناها تنظران مباشرة أمامها قدماها حافيتان , ورأسها منتصب وردفاها يهتزان بطريقة إيقاعية0
- إنهن رشيقات جدا في الواقع0
ردت غارث بذلك وهو يدور حول منحنى وهو ويترك القرية وراءه وأخيرا وصلا , واشترى لها عدة تماثيل منحوتة بدقة وسوارا من الفضة بعدما أوقف بقسوة محاولاتها للاعتراض ،ولبست السوار الذي ثبته فوق رسغها وهو يبتسم واحمر وجهها خجلا وقالت:
- أشكرك0
- لماذا0
- لأجل السوار الجميل وكل تلك الهدايا الأخرى الجميلة التي اشتريتها لي0
وعادا إلى السيارة وسارا بها عبر الريف الجميل ومرا بين القرى حيث أمكن ،من خلال الأبواب المفتوحة للمنازل البدائية المبنية بالطين ،مشاهدة خيال النساء وهن يتحركن داخل بيوتهن ،وقت تعرت أكتافهن وغطيت ألأجزاء السفلى من أجسادهن
بأزار طويل ينسدل حتى أقدامهن تقريبا ثم خرجت واحدة أو اثنتان وهما تحملان فوق رأسيهما مجموعة من القرابين ،وأوقف غارت السيارة لبضع دقائق وجلس هو وويندي يراقبان بينما انضمت إلى السيدتين نساء أخريات من البيوت القريبة وشكلن موكبا بدأ يشق طريقة في بطء نحو مذبح أقيم في الهواء الطلق 0 وهنا توقفن لوضع قرابينهن0
- بالي أرض المعتقدات الخرافية0
قال غارث هذا عندما بدأت النساء في التحرك مرة أخرى ثم أضاف:
- وهكذا تجدين تلك القرابين العديدة0 ليس هناك ما يخيف المواطن أكثر من فكرة إغضاب السماء إنهم يفعلون أشياء لا يصدقها العقل لأبعاد الأرواح الشريرة 0 ولو قدر لك أن تعيشي في بالي لوجدت نفسك تفعلين أشياء ممنوعة0
- مثل ماذا ؟
- ينبغي أن لا تنامي وقدماك تتجهان إلى الشمال أو الشرق يجب أن لا تضربي رأس طفل وان لا توقظي طفلا نائما بسرعة بالغة0

وحملقت وهي لا تصدق وقالت:
- لماذا لا توقظ طفلا نائما بسرعة كبيرة؟
- لأن روحه التي تكون هائمة وهو نائم قد لا تجد الوقت الكافي للعودة إلى جسده0 وإذا قطعت شجرة جوز الهند ينبغي أولا أن تقبلي الجذع وتتوسلي إلى الشجرة كي تغفر لك ما ستفعلينه ويجب ألا تسيري أبدا فوق حبوب الأرز , التي قد تشاهدينها منثورة داخل باب أحدهم 00 إنها قربان مقدس وبعد أن يتسنى لكي الدخول إلى البيت من دون أن تثيري غضب الأرواح الشريرة عليك ألا تضعي ساقيك إحداهما فوق الأخرى بأي شكل من ألأشكال, لأنه لو كانت إحدى كعبيك لا تلمس الأرض لتمكنت أرواح شريرة عديدة من الإحاطة بك 0
وعند هذا الحد كانت وندي قد أصابتها نوبة من الضحك الشديد الذي ما لبث أن أصاب رفيقها وقالت:
- فكرت دائما أنني أحب العيش في بالي لكنني الآن لست متأكدة على الإطلاق إن الحياة ستكون مريحة تماما هلا أخبرتني بالمزيد0
- يمكنني أن أستمر إلى الأبد لأن قصة المقدسات في بالي لا تنتهي0
- لا بد أن هذا يؤثر على السياحة إلى حد كبير بالتأكيد؟
- فعلا ولهذا بقيت الجزيرة جذابة للغاية وحالتها باقية على ما هي عليه فمع وجود كل هذه المحرمات الدينية فإن المدنية لا يمكنها أن تدخلها لإن المرء لايمكنه ببساطة ،أن يفعل هذا وذاك إنها أرض العادات الغريبة التي تأصلت فيها من قديم الزمان بطريقة مبهمة وراحت أسسها في طي النسيان ولكن بقيت العادات المرتبطة بها0
- إنه شيء ساحر ومخيف في الوقت نفسه0
وأكد لها:
- ينبغي ألا يكون ذلك مخيفا فليس هناك ما يخيفك في بالي فهم أناس وادعون وسعداء للغاية رغم عاداتهم الغريبة وطقوسهم الدينية العتيقة0
وقالا غارث إنه يصطحب وندي إلى فندق شاطئ بالي لتناول الغداء وعندما وصلا قابلا العديد من ركاب
فايسون وتشكلت منهم مجموعة مرحه ونتيجة لذلك استغرق وقت الغداء مدة أطول من الوقت المتوقع0
وبقيا لمشاهدة عرض لرقصة الليغونغ ثم مضيا في طريقهما مرة أخرى وفي المساء وبعدما تناولا العشاء في فندق شاطئ بالي ذهبا مع مارجي ودينبي إلى عرض لرقصة أخرى يطلق عليها اسم هتجاك ويقال أنها أقوى رقصات بالي وكانت نوعا من التمثيل الصامت لمجموعة منشدة تلتف حول شعلة متأججة والمفروض أنها تطرد الأرواح الشريرة0
قال غارث ذلك لوندي وهما يتجهان نحو إحدى القرى للانضمام إلى أهلها الذين بدأوا بالفعل في التجمع فوق الخضرة بينما الشعلة المتقدة كانت في الوسط تشبه شعلة من النيران وقالت مارجي بصوت عال كالمعتاد:
- يا إلهي كم راقصا هناك؟
وقال دينبي الذي كان يجلس بجوارها:
- نحو 150 يبدو أنها ستكون رقصه رائعة0
وبدأ الراقصون يقومون بحركات مفاجئة وينشدون الأناشيد وأجسامهم تتمايل في انسجام كامل وبين ألحين والآخر ترتفع أيديهم نحو السماء وفي النهاية سقطوا على الأرض وظلوا بلا حراك فقد انتهى عرضهم0
وقالت مارجي :
- هذا جميل0
واستدارت الى ويندي وغارث وهي تبتسم ومضت تقول:
- أليس كذلك أيها الأعزاء؟
وابتسم غارث وقال:
- أجل هذا صحيح0
ثم امسك بيد وندي وغادر الأربعة المرج ألأخضر في القرية سيرا نحو السيارة وأضاف غارث :
- سمعت أن هناك قصة حول الرقصة بدأت أتذكرها 0
قالت مارجي بلهفة:
- قصة؟ أخبرنا بها إذا ونحن في طريق عودتنا إلى السفينة وأذعن غارث وبينما هو يعود بهم جميعا إلى السفينة وبلهجته الهادئة المهذبة أخبرهم بأسطورة راما ساجا الهندوسية وتقول أن الأمير راما خرج يوما للصيد في الغابة الملكية وأخذ يطارد حيوانات الأيل ذات ألقرون الذهبية عندما زار بيته رافينا ملك الشياطين الذي هرب مع زوجته الأميرة الجميلة سيتا وعندما اكتشف ذلك أطلق عليه سهما تحول الى ثعبان والتف حول راما وجعله أسيرا له لكن الآلهة هبت لنجدته وأرسلت الطير الرمزي جارود الذي جمع جيشا من القردة لم تطلق سراح الأمير فقط ولكنها أنقذت الأميرة أيضا0
وقالت وندي:
- لهذا يسمونها رقصة القرد 00 يمكنني الآن أن أفهم لماذا كانت حركات الراقصين00 في الغالب تقليدا للجيش من القرود 0
وقالت مارجي :
- كانت قصة لطيفة تلك التي قلتها لنا يا غارث شكر جزيلا لك0
وأجاب بهدوء :
- العفو إنني استمتعت بسردها 0
واقتربوا من ميناء السفن وأمكن رؤية الباخرة البيضاء الضخمة من خلال أشجار النخيل العالية المتشابكة وكان البحر ساكنا تسلل إليه ضوء القمر الفضي أسفل السماء الاستوائية الرحبة التي تنتشر فيها النجوم0
وتبادل الأربعة تحية المساء ومضت مارجي مع دينبي في طريقهما بينما اتجه غارث وويندي في طريقهما أيضا إلى سطح السفينة الأعلى حيث كانا سيقضيان كالمعتاد فترة قصيرة من الزمن معا قبل أن يلقي كل منهما على الآخر تحية المساء0
وفتحت وندي فمها لتشكر غارث لكنه منعها0 وتوقعت أن يحملها غارث إلى العالم السحري المذهل الذي يمكنه بسهولة أن ينقلها إليه0
لكن لدهشتها, ابتعد , وبدون سبب أحست بفتور من جانبه, لا, أن الفتور لم يعتره فجأة بل كان موجودا في أعماقه ويظهر بين ألحين والآخر طول الساعات القليلة الماضية ويتسلل إلى الموقف الودي الذي اعتبرته أمرا واقعا0 هل ضايقته بشكل أو بآخر ؟
وباءت محاولاتها للاسترجاع شيئا من هذا بالفشل وقررت أن هذه مجرد حالة من حالات تقلباته سيعبرها في النهاية وكانت قد قررت بالفعل ألا تدع هذه التغيرات في مزاجه وأسلوبه تؤثر عليها بأية صورة خطيرة, إذ إنها لا تهم حقيقة وهي في حالتها هذه من عدم الشعور الكلي بالأمان كل يوم وكل ساعة بل حتى كل ثانية أصبحت لها قيمتها لا تريد أن تسمح لأي تغير بسيط في أحوال غارث بأن يطغي على هدوء ذهنها0

- ماذا نفعل في الحياة؟ اعني عندما لاتكون في رحلة كهذه ؟
سألت ويندي هذا السؤال لمجرد أن يكون هناك شئ تقوله لأنه الصمت أصبح ثقيلا وغير مريح حد كبير0 إجاب بتقطيبة عميقة جعلتها تندم على السؤال 0:
- لا أعتقد إنني أريد التحدث في هذا الموضوع 00 لا اليوم ولا في الغد00
ونظر إلى أعلى : تغيرت السماء بشكل كبير وأصبح القمر الآن يدور وسط سلسلة من السحب ومضى يقول بعد قليل من الصمت الثقيل متجاوزا اللحظة الحرجة:
- ربما تمطر فقد أصبحت السحب تنذر بالسوء 0
وكان صوته يتسم بنبرة قاسية0 قالت لنفسها :
- حسنا غدا يتخلص مما يكدره0
وقالت وهي ترفع يدها بنفور وتتظاهر بأنها تمنع التثاؤب :
- طابت ليلتك يا غارث 0 أرجو أن تنام نوما عميقا0
- طابت ليلتك0 سنتقابل غدا كالمعتاد في موعد الإفطار0
- سنقوم برحلة أخرى خارج السفينة؟
- بالطبع0
وأحست بالارتياح فقد كسبت يوما آخر في رفقته 0

lona-k 22-09-08 01:25 AM

ورافقها إلى حجرتها حيث تركها, ووقفت في فتحة الباب وراقبته وهو يمضي ثم وكما لو كانت مدفوعة بقوة ما لم تستطع السيطرة عليها استدارت وعادت إلى سطح السفينة حيث وجدت كرسيا في الظل 0 وجلست, وهنا حيث جلست كان يسود الهدوء والسلام واتكأت إلى الخلف وتركت العنان لعقلها يفكر مليا في النزهة التي استمتعت بها0
ولم تستطع أن تعرف كم مضى من الوقت عندما قطع تفكيرها صوت غارث وفريزر 0 وانكمشت في ذعر إلى الخلف واستندت الى ظهر المقعد الداكن وظلت ساكنة وظهر الرجلان ووقفا بجوار الحاجز وكانت قامتاهما في الظل وصوتهما وليس واضحا أيضا لكن صوت فريزر كان من السهل قليلا التقاطه من صوت غارت0
- 000 إنها هي الفتاة00انا واثق 0
ورد غارث ردا لم تسمع ويندي منه إلا كلمة واحدة فقط هي "الشكوك" التي جاءت في آخر العبارة0
- هذا واضح وإلا لما كنت00
وأخفقت ويندي في التقاط باقي العبارة وألقت نظرة حولها تبحث عن وسيلة تهرب بها دون أن يلحظها أحد0 وجدت هذا مستحيلا وبما أنها كانت ترفض أن تكشف عن نفسها أمام غارث الذي رافقها منذ فترة وجيزة إلى غرفتها, فلم يكن لديها أي اختيار الا البقاء حيث هي حتى يرحل الاثنان 0
-000 هذه حماقة يا غارث 0
كان هذا صوت فريزر مرة أخرى وبدت نبرته كما لو كانت تعني إنه يقول كلام تحذير الى صديقه0
- أعرف أنك على حق ومع ذلك0
سمعت وندي هذه الكلمات بوضوح0 كلمات قالها غارث وعند ذاك بدأ الرجلان يسيران بعيدا عنها, وشعرت بالارتياح عندما اختفى الرجلان , لأنها أصبحت هي نفسها قادرة على التحرك0
ورغم أن الأمر لم يكن يتعلق إطلاقا بها فقد غلبها النعاس وهي تتساءل عن ما كان يتحدثان0

lona-k 22-09-08 01:27 AM


7- الموت يكشف الحقيقة


كانت ويندي وغارث في القاعة القرمزية 0 هي تتصفح مجلة بينما غارث يقرأ نسخة من صحيفة السفينة0 سبحا فترة من الصباح وبعد ذلك رقدا تحت أشعة الشمس لمدة ساعتين, وعندما انتهى الغداء اتجها لمشاهدة أحد الأفلام0 لكنهما أحسا أنهما غير مهتمين به بما يكفي للبقاء حتى نهاية العرض فخرجا واتجها نحو تلك القاعة0 حيث توقعا مقابلة مارجي ودينبي اللذين ذكرا أنهم سيقضيان ساعة أو اثنتين في مطالعة الصحف 0
وضعت ويندي مجلتها جانبا وراقبت غارث من طرفه ولاحظت الملامح الأرستقراطية الصارمة والتجاعيد الحادة لعنقه وفكه وسمة العناد التي ترتسم على الفم, وقد استقر رأسه بنبل فوقه كتفين عريضتين مستقيمتين أما شعره الداكن فبدأت بعض شعيرات بيضاء قليلة تظهر فيه عند الوجنتين 0
....منتديات ليلاس


وعندما شعر بتفحصها الدقيق له أدار رأسه والتقت عيناه بعينيها لحظة طويلة قبل أن تخفض رموشها وتخفي تعبيرها عنه حيث اندفعت دماء الخجل إلى وجنتيها 0
التقطت مجلتها 0 وسمعته يقلب صفحة ثم ساد الصمت بضع دقائق قبل أن يقلب صفحة أخرى واستمرت في تقليب الصفحات , تتوقف كل حين وآخر عندما تجد شيئا يهمها0 وهي لا تكاد تعي الأنغام الناعمة لموسيقى " هاندل " تملأ القاعة من المكبرات المعلقة في الأركان 0 وفجأة توقفت الموسيقى وسمعت المذيع وهو يقدم أهم الأخبار : -
-- في حادث تحطم طائرة صباح اليوم كانت ممثلة السينما لينيز مافارو من بين 89 شخصا لقوا حتفهم0
وتنبهت ويندي إلى نظرة الفزع التي بدت على غارث وألقت عليه نظرة جانبية والتفت هو في هذا الوقت إليها0 والتقت عيناهما ولم تحاول أن تقرأ تعبير وجهه الذي أصبح غريبا للغاية0 وأدارت رأسها وهي تشعر بعدم الارتياح بتاتا من تلك النظرة الثابتة غير المبتسمة0 وفكرت اذن فريزر كانا مخطئا في اعتقاده ان لينيز مافارو على ظهر الباخرة تقوم بالرحلة وهي متنكرة 0 وأضاف المذيع أنها خسارة كبيرة للأفلام البريطانية0 ثم أنتقل إلى الحديث عن شيئا آخر0 ولم تهتم ويندي حينئذ بأن تنصت0 اذ كان اهتمامها كله مركزا على غارث الذي بدأ أنه تحت تأثير انفعالات متضاربة 0 وعجبت لذلك لأنه قال إنه لم يرى واحدا من أفلام هذه النجمة0
وابتلع شيئا يبدو إنه كان يسد حلقه واطبق يده التي كان يضعها فوق المائدة فجأة مما يدل على أن تأثر بعمق بالأنباء التي أذيعت بالراديو للتو : واضطرت أن تقول:
- أهناك شيئا ما؟
قالت هذا كما لو كانت تريد فقط أن تضع حدا لتلك النظرة الثابتة المتسمة بشيء من الندم التي كان يحدجها بها ولم يرد وقررت أن تقول:
- لينيز مافارو هذه 000 في يوم إبحار السفينة سمعتكما -عفوا انت وفريزر تتحدثان عنها000
وقاطعها بحدة:
- حقا ؟وماذا سمعت ؟
- قال فريزر أنه يعتقد أنها ضمن ركاب السفينة متنكرة كفتاة سمراء0
وتحركت عضلة في حلق غارث :
- ألاتعرفين كيف تبدو لينيز مافارو ؟
- كلا لم أشاهد إطلاقا أيا من أفلامها0
- ألم تري صورها أيضا؟
وأرتبكت في حيرة ومدت يديها بدون تفكير وهي تقول:
- إنني لا أفهمك يا غارث لماذا تسألني هذه الأسئلة؟
وتردد ثم هز رأسه وبدأ كما لو كان يبحث عن الكلمات المناسبة التي يستخدمها , واستغرق في ذلك وقتا طويلا الى حد أنها قررت أن ترد على سؤاله ألأخير :
- اظن أنني رأيت صورة لها في وقت ما0
وبدأ كما لو كانت تلك هي البداية التي يبحث عنها لأنه تحدث الآن وسألها ما إذا لم تكن لاحظت الشبه بينها وبين النجمة وكانت قنبلة مدوية أسكتتها 0 ووجدت نفسها مذهولة0
ولمست شعرها بانبهار وقالت:
- هل تشبهني ؟ واعتقدت أنها أنا؟ 000 أعني هل كنت تشك في أنني لينيز مافارو ؟
وكانت لا تزال مبهورة للغاية وغير قادرة على التصديق إن أي شخص يمكن أن يخطئ بينها وبين لينيز مافارو الفاتنة ذات الجمال الخارق عندما قال:
- ويندي 00 اقترفت غلطة لا تغتفر في حقك كنت اظن أنك لينيز مافارو 0 وهي امرأة لااكن لها ذرة من الاحترام0
وسادت فترة صمت أخرى طويلة وثقيلة وكأن كلما استطاعت قوله :
- هكذا يتضح الكثير 0
وأومأ برأسه مرة أخرى وأضافت :
- ومع ذلك فإذا لم يكن باستطاعتك احترامي أي احترامها0
وتلعثمت وتوقفت عن الكلام ثم بدأت تتكلم مرة أخرى قائلة:
إنه منطقيا إذا كان شعور غارث وفريزر هكذا إزاء الأمر فلماذا أنشأ هذه العلاقة الودية بينه وبينها؟
- أعتقد إنه كان ينبغي لك الأبتعاد عني من البداية0
وحينذاك تأرجحت ابتسامة غريبة صغير على ركني فمه ورد ردا ملتويا :
- يبدو أنك نسيت أنك رفيقتي على المائدة0
- أجل00 نسيت00لا00 كيف يمكن أن أنسى؟
- عزيزتي00 أنت مضطربة للغاية 00 وهي غلطتي 0 ما كنت أحاول قوله هو أنني ينبغي لي أناكون بالقرب منك مرتين على الأقل يوميا 0 وفي كل مرة أكثر من ساعة0 لذلك لم يكن باستطاعتي أن أباعد بيننا كما أو صيت0
- لو كنت كما تقول لا تحترم تلك الفتاة كيف يمكنك أن تقضي كل هذا الوقت معها ؟ أعني معي؟
وفجأة بدا الموضوع كله فكها لدرجة أنها وجدت نفسها على وشك الضحك وأضافت:
- يا له من موقف معقد0 والآن إذ أنظر إلى جميع جوانب المسألة اشعر بإنه كان ينبغي أن افطن منذ فترة طويلة بما يجري 0لأن فريزر أيضا كان يتصرف معي بطريقة غريبة0

ومد يديه عبر المائدة ووضعت يديها بينهما في سعادة ثم قال:
- عزيزتي لا بد أنك كنت شديدة الحيرة رأيت ذلك مرات في عينيك الجميلتين لدرجة إنه كان ينبغي لي أن اعرف بالخطأ 0
لكن لم يكن لدي دليل لقد اعتمدت على كلام فريزر وهو مالا يغتفر على إلأطلاق0
وقالت ما زحة:
- في إحدى المناسبات قلت شيئا فهمت منه أنك تخلط بيني وبين شخصية أخرى0
- ربما كان ذلك عندما اتهمتك بأنك ممثلة قديرة0
وتوقف عن الكلام وهو يهز رأسه وينظر إليها بتعبير الندم العميق ثم قال :
- أيمكن أن تغفري لي الطريقة التي كنت أعاملك بها؟
- بل كنت مدهشا معي ياغارث0
قالت له ذلك بصدق و كانت تود بإخلاص أن تضيف :
يوما ما ربما قريب جدا00 ستعرف ما فعلته من اجلي 00 وآمل أن تشعر بالرضى لأنك فعلت الكثير لفتاة في حاجة ماسة إلى عطفك 0
لكنها أحجمت إذا لم تكن ترغب بوضع نفسها في موقف حرج لأن الأمر لا يعدو أن يكون بالنسبة إليه في النهاية مجرد مغازلة لطيفه جدا 0
وقال بوجه مضطرب:

- مدهش ؟ لا يا عزيزتي بل كنت فظا وليس لي عذرا على الأطلاق والجميل انك أم تطلبي مني ان القي بنفسي الى الجحيم0
وقطعت كلامه قائلة :
- لم أكن لأفعل ذلك على الأطلاق كنت سعيدة برفقتك 0
ولكنها لم تفه بما كان في بالها وان الفتاة لاتطلب من الرجل الذي تحبه ان يلقي بنفسه الى الجحيم 0 لأنه صدق كلماتها 0
وأحست بأن الفكرة هزلية لذلك تراقصت ضحكة في عينيها فجأة , واصبح اهتمامه كله مركزا عليها وتساءلت ما اذا كان مجرد خيال أم انها سمعته يحبس انفاسه ؟ ولما لم يتكلم مضت تقول :
- فهمت الآن لماذا كنت تعتقد إنني أكبر سنا , كذلك لماذا دهشت للغاية عندما قلت أنني يمكن الحياكة 0 واعرف أي سؤال كنت ستطرحه علي وهو ما إذا كنت لينيز مافارو , أليس كذلك ؟
- اجل كنت سأفعل0
- عندما سمعتكما مصادفة تتحدثان انت وفريزر في ذلك اليوم الأول كأن يقول ان لينيز مافارو من عادتها أن تخرج وحدها وتتظاهر بأنها فتاة بريئة صغيرة0
وتوقفت وندي ورفعت يدها إلى فمها بينما أضاءت عينا غارث بالفرح لأول مرة لأنها كانت تبدو مضحكة0
- أجل عزيزتي انك نموذج للفتاة البريئة الصغيرة0 وأرجوك ألا تحاولي تغيير نفسك إطلاقا0
واحمر وجهها خجلا , ولم تجد كلمات تقولها وهي في قمة ارتباكها لكنها أخيرا قالت :
- في هذه الحالة لأبد أنني أطابق الصورة تماما0؟
وتجهم وقال في لهجة سريعة :
- كان ينبغي ان اعرف , لابد إنني كنت عمى !
- لاتزعج نفسك بهذه المسألة , فهي ليست هامة على الأطلاق الآن 0
- يكون الأمر هاما عندما يؤذي شخصا ما , إنني اطلب غفرانك يا وندي 0
- لكنني اغفر لك بالطبع 0
ونظر إليها وكان في عينيه شئ لم تستطع ان تسبر غوره , رغم انها بذلت كل مافي وسعها في سبيل ذلك وأخيرا قال لها :
- انك شئ خاص جدا , لست فقط تتمتعين بجمال الجسم لكن لك شخصية جميلة جدا ايضا 0
وهزت رأسها ورفعت يدها احتجاجا 0 لكنها أنزلتها مرة أخرى وقالت :
- أرجوك لاتتمادى ! فكر في خجلي 00وتواضعي 00
- أسف ياعزيزتي لن افعل 0
وتوقف عن الكلام ونظر هو ووندي الى أعلى حيث كان فريزر قادما نحوهما وقد ظهر القلق على وجهه الذي لوحته الشمس واخذ ينقل نظراته بينهما وقال غارث من دون ان يعطيه فرصة للكلام :
- اجل سمعت بنبأ مصرع لينيز مافارو في حادث تحطم الطائرة 0
والقي نظرة سريعة تعبر عن الشعور بالذنب نحو ويندي ثم قال :

- آسف للغاية يا غارث , كنت أعتقد حقيقة أن معلوماتي صحيحة0
و قاطعته ويندي بابتسامة:
- لا تقلق على شيء يافريزر غارث وأنا كنا نناقش هذا للتو0
وطرف فريزر بعينيه ثم حدق فيها وهو غير مصدق وقال:
- إذا لم تتشاجرا بشأن ذلك؟
- ليس هناك سبب يجعلنا نتشاجر, كانت غلطة مفهومة من جانب غارث 0
وقاطعها بتلك اللهجة المتعجرفة التي تعرفها جيدا:
- لقد كان شيئا رديئا 0 لا تمضي في خلق الأعذار لي يا ويندي0
ومنحته واحدة من أحلى ابتساماتها وهي تقول:
- الا يمكن لنا أن ننسى الموضوع؟ كل منا يستمتع برفقة الآخر وهذا كل ما يهم بالتأكيد0
أومأ برأسه غمغم تعبيرا عن الموافقة, لكنهما واصلا حديثهما غير أن ويندي حينما تركته وأصبحت في غرفة فيها تتمتع بقسط من الراحة والهدوء قبل العشاء تذكرت شيئا قيل في البداية ولم يناقش مرة أخرى بعد ذلك, وهو ما السبب في أنه وهو يعتقد أنها من ذلك النوع من النساء الذي لا يمكن احترامها لم يبتعد عنها من البداية وقد أشارت هي لذلك فذكرها بأنها رفيقته على المائدة0
وتاهت وسط أفكارها فترة طويلة 00 لماذا أهتم بها ؟ وتذكرت انطباعاتها ففي أكثر من مناسبة شعرت أنه ممزق بين دافعين فمن جانب يريد أن يحبها ومن جانب آخر لا وقت لديه يخصصه لها0 هذا هو السبب في أنه عاملها بمثل هذا الازدراء أحيانا بينما في أحيان أخرى كان رقيقا ومهتما للغاية بها0
كان يناضل ضد ماذا؟ شيئا ما تقلص بداخلها وجدت نفسها ترتعش ينبغي ألا يقع في حبها وهمست في لهجة إلحاح : عزيزي غارث لاتحبني أرجوك لا تفعل فإنني لا أستطيع أن أتحمل فكرة إصابتك بألم0–
طوال اليومين التاليين كانت ويندي مترقبة لأية إشارة تدل على أنه وقع في حبها لكنها لم تلمس شيئا من هذا وعندما حان موعد رسوا السفينة في هونغ كونغ استعاد ذهنها صفاءه تماما 0 يبدو الآن أنها تتمتع بأفضل الأوضاع : سعادة حبها له 00والموقف اللطيف الجديد الذي اتخذه إزاءها من اكتشافه غلطته وراودها الأمل في أن يبقى من حياتها شهرا آخر على الأقل كي تتمتع به0 لكن داهمها ألم قاتل في رأسها مرتين خلال 4 أيام واضطرت إلى البقاء بغرفتها وكان تفسيرها أنها مرهقة وترغب في الراحة مقبولا لدى غارت بلا مناقشة0
وكانت هونغ كونغ من بين المعالم البارزة في الرحلة -
فيما يتعلق بويندي – ومرة أخرى أبدت تشوقها لزيارتها قبل فترة طويلة من يوم وصول الباخرة إليها وكما هو الحال دائما كانت وندي وغارث
من بين أول الركاب الذين غادروا السفينة عندما وصلت الى الجزيرة بنفسيهما في اليوم الأول , وأذعن غارث لطلب وندي بأن يقوم بجولة في قارب بخاري حول الميناء الجميل 0
ولما حانت الساعة التاسعة كانا يقومان برحلتهما البحرية بين الجزر الصغيرة ويخترقان سلسلة السفن الضخمة والقوارب البخارية والزوارق الصغيرة التي تعرف باسم " الساميان "0
وشاهدا مجموعة هائلة من الناس يقيمون في ملجأ " يا اوماتي " للحماية من الأعاصير حيث اقيمت لهم مدرسة ومستشفى وكنيسة فوق زوارق " الساميان " الصغيرة 0 وتناولا الغداء في أحد المطاعم العائمة الضخمة المزينة بزينات مفرحة وقضيا فترة بعد الظهر في التجول بين المحلات التجارية حيث أخذت وندي تبحث عن هدية تشتريها لغارث 0
فاكتشفت , لفرحتها الكبرى , مسندين منقوشين رائعين من مساند الكتب , وكانت الهدية غالية وشعرت بالارتياح عندما ابتعد عنها غارث لمشاهدة شئ في الطرف الآخر من المحل التجاري حيث ظل فترة طويلة تكفي لتدفع قيمة مشترياتها دون ان يكون لديه أية فكرة عن ثمنها 0
وأعطتها إليه فور عودتهما الى السفينة وهما على وشك الافتراق ليذهب كل منهما الى غرفته فيغتسل ثم يغير ملابسه استعدادا للعشاء , وعندما حل موعد العشاء كانا أول من يشغل المائدة , وحينئذ شكرها على هديتها قائلا :
- إنني فرح بها 0 وسأحتفظ بها دائما 0
وكانت تلك هي الكلمات التي أرادت سماعها , وشعرت براحة كبيرة فسيكون لديه شئ يذكره بها 0 وكان ينظر إليها عبر المائدة وفي عينيه احترام كبير , وهي ترتدي ثوبا بسيطا , الحلية الوحيدة التي تتزين بها قرط طويل من الذهب المطعم بالماس اشترته ذات مرة من احد محلات التحف الصغيرة في المدينة حيث كانت تعمل 0 اما شعرها , الذي صففته في الليلة السابقة في صالون تصفيف الشعر في السفينة فكان يلمع ببريق دافئ تحت ضوء الشموع وسط المائدة وكان وجهها الذي زادته فرحة اليوم مع غارث حيوية وسعادة متلألئا بالصحه0
وهمس غارث وهما مازالا وحدهما :
- وندي 000انك فاتنة للغاية 0 ينبغي ان تحدثيني عن نفسك ياعزيزتي , أريد ان اعرف كل شئ عنك 0
وأسدلت رموشها وشعرت بالارتياح لظهور مارجي وفريزر اللذين تقابلا في البار وغادراه معا للمجئ الى العشاء 0
تحدثه عن نفسها ؟ فكرت ويندي وأدركت الآن فقط الى أي مدى لايعرف كل منهما الآخر الا النذر اليسير 0 لكن هذا ليس بغريب لأن نوع علاقتهما – الصداقه التي تقوم فوق السفن –ليست من النوع الحميم الذي يتمتع به الذين تتقدم بهم الصداقه الى اتجاهات أعمق , لاشك انها ستخبره بشئ عن نفسها , لكن الى أي مدى , هو ؟ هل سيحدثها عن نفسه ؟ ولأنه يبدي تفوقا وعجرفة متأصلين وجدت انه من الرجال المتحفظين فيما يتعلق بشؤنهم وحياتهم وعملهم 0 وماذا يحبون وماذا يكرهون 0وتصورت انه سيعتبر هذه الامور غير ذات اهمية لأي شخص الا نفسه , ونتيجة لذلك فانه سيحتفظ بذلك المظهر المهيب الذي يصد كل من يصور له فضوله انه سيحصل منه على المزيد 0 ومن الأمثلة على هؤلاء مارجي التي خمنت وندي انها تنظر الى غارث بمهابة لم تغامر معها حتى بتوجيه سؤال واحد إليه فيما يتعلق بحياته الخاصة , على العكس من فريزر الذي سألته كل سؤال من الممكن توجيهه 0لكن الى متى يمكنها ان تتردد في سؤاله عن مهنته الحقيقية وسر وجوده على السفينة ؟
وبينما كانت مارجي تتخذ مكانها وهي تنقل نظراتها بدهاء بين غارث ووندي سألت :
.: حسنا ياعزيزتي هل قضيتما يوما رائعا ؟ أجل فعلتما وهكذا فعلنا ! والأن انظرا 0
.
ورفعت يدها اليسرى حيث وضعت في. أصبعها خاتما .ذا فص من الماس يخطف الأبصار وقالت وندي وغارث معا: تهانينا يا مارجي
وكان فريزر قد سبق وهنأ كلا من مارجي ودينبي عندما.كان في البار معهما وتنهدت وندي وهى تلمس الخاتم بأصبعها.
: جميل 000جميل جدا في الواقع 0
- لقد أقمت خطوبتنا في معبد صيني ياله من اختلاف كبير؟
- معبدا صينيا؟ 0
- اشترى دينبي الخاتم ثم بدأ يبحث عن مكان هادئ يمكنه تقديمه إلي فيه وبما أنني لست مراهقة حالمة ترغب في لبس الخاتم وسط رفقه صاخبة فقد اقترحت ان نسرع الى المعبد حيث يمكنه أن يلبسني إياه 00
وقد أثار هذا الضحك وأصر غارث على الاحتفاء بالمناسبة السعيدة وتساءل اذا كان ممكنا أن ينضم دينبي الى مائدتهم لتناول العشاء , ثم أحضر المضيف مقعدا إضافيا بعد استئذان كبير المضيفين بينما نهض غارث وذهب يبحث عن دينبي وبعد ذلك احتفلوا 0بالخطبه واشترك جميع الموجودين على الموائد المجاورة في المرح معهم
وبعد بضع ساعات قالت وندي وهي ترقص مع غارث وكانا قريبين جدا: -- كان هذا اليوم واحد من اسعد أيام عديدة سعيدة, نعم عشت الأسابيع القليلة الماضية عشتها حقيقة وبصدق"!.
أبعدها عنه ورأت أن تقطيبة خفيفة ظهرت على حاجبه وقال : أليس هناك شيأ غريب في لهجتك عندما تقولين ذلك يا وندي ؟ .. . <
سؤال لامت نفسها عليه بسبب علامة التعجب التي إثارتها بلا تفكير وردت بخفه :
الم أكن أقصد ما قلت 0
وسأل بحدة :
-هل أنت مراوغه غامضة ؟
- لا 000بالطبع
وفكرت إنهما يبدوان متزوجين وهما يتحدثان بهذا الشكل 0إنه ما زال ينظر إليها بصرامة وعيناه تطوفان وجهها بتعبير حائر في أغوارها الداكنة النفاذة واضطرت عندما لم تجد شيئا آخر تقوله أن تمضي في حديثها :
- لماذا أكون مراوغه غامضة ؟
- هذا شيء لا يمكنني الرد عليه انك مراوغه فأنت وحدك التي تعرفين لماذا 0
وتجعد في تقطيبة وبدا كما لو كان مستغرقا في التفكير فجأة .وارتبكت من غبائها وتذكرت انه مرتين خلال معرفتها به يداهمها الألم 0 وفي المرتين أدت ملاحظته السريعة الى سؤالها بطريقة آمرة تشبه طريقة رجال الأعمال عما بها 0 كأنة أحس بما يزعجها ووضعها تحت فحص طبي دقيق رغم أنها أكدت له بلا تردد ألا شيء هناك وأنها لم تعرف حتى أنها انتفضت 0
وبالطبع كان هذا كذبا من جانبها لسبب بسيط هو أنها مصممة على ألا يعرف أحد أنها ستموت 000 وكما أخبرت نفسها في أول الأمر أن مارجي سيدة تؤتمن رغم ظاهرها الطائش فان اليوم قد يأتي عندما تضطر الى الإفصاح لها بسرها 0
لكن ذلك اليوم يجب أن يكون قرب النهاية جدا لأن وندي لا تنوي وليست لديها حاجة الى الإفصاح بالسر لأحد في الوقت الحالي0 كان غارث هو كل حياتها وكانت سعيدة ونتيجة لذلك كانت متحررة من ذلك الشعور الكئيب الذي علمت منذ لحظة معرفتها بمصيرها أنة لا بد أن يخالجها قرب النهاية 0وعادت نبرته الهادئة الناعمة تخترق أفكارها :
- وندي000فيم تفكرين ؟
ونظرت الى أعلى ومنحته إحدى ابتساماتها الجميلة
ثم ردت : - .. هناك أوقات يا غارث لا ينبغي للرجل ان يطلب معرفه ما تفكر فيه المرأة0
اتسمت لهجتها بنبرة إغاظة وقد ومض بريق البهجة في عينيها البنفسجيتين الواسعتين وتأرجحت عيناه فوق وجهها لكنها رأت من تغير تعبيره انه يستجيب لحالتها مما أشعرها بالارتياح وقال ضاحكا:
- حسنا 0كما تشاءين0
ثم دار بها بخفة ووجدت نفسها مدفوعة برفق نحو الباب وكان التفسير الذي قدمه تصرفه هو
لو أصررت على ألنظر إلي هكذا لما كان لك إلا أن تلومي نفسك ياعزيزتي !.

نهاية الفصل السابع

lona-k 22-09-08 01:32 AM


8--يحبها000لا يحبها


ونقلهم الباص في جولة تضمنت زيارة قمة فيكتوريا حيث شاهدوا منظرا رائعا للجزيرة ثم جولة مثيرة في شوارع كادلون التجارية المزدحمة وانتهت بإنزالهم في خليج ريباليس حيث اتخذ كل راكب طريقه المستقل 0وقرر غارث ووندي أن يتناولا الغداء مرة أخرى في أحد المطاعم العائمة وبعد ذلك اجتذبتهما المحلات التجارية واشترى غارث هدايا تذكارية بديعة وسألها وهو يلقي عليها نظرة حائرة : ألا تشترين أى شيء ؟
فهزت رأسها بالنفي0وبعد ظهر اليوم نفسه قال لها : نبهتك إلى إنني أريد أن أعرف المزيد عنك0
قال ذلك حين جلسا في احد المقاهي يشربان الليموناضة المثلجة اللذيذة بعد جولة مرهقة في المدينة وأضاف : ألا تحدثينني عن أقاربك ؟
وكان هذا ألسؤال طبيعيا لأنها لم تشتر أية هدايا تذكارية » وكانت تعلم انه سيسأل في النهاية فلم تحصل على هدية واحدة تحملها الى الوطن منذ بداية الرحلة البحرية لكن لماذا يحجب عنها هو أيضا طبيعة عمله وسبب قيامه بهذه الرحله 0
قالت : ليس لي أقارب 0
ورأت تقطيبة مفاجئة على حاجبيه وسأل : على الإطلاق ؟
: لي نسيب على درجة بعيدة من القرابة على ما أعتقد0
:وأبواك ؟
أخبرته بشأنهما ولاحظت اهتزازة خفيفة لرأسه ولمحت عطف وأضافت :كنت أود أن يكون لي أخوة وأخوات 00هل لديك أنت ؟ .
لي أختان وأخ واحد 0أبواي أيضا على قيد الحياة وفي صحة جيدة يسعدني ن أقول ذلك0
والتقط كأسه واخذ رشفة ثم واصل كلامه :
: أختي الكبرى فيكي متزوجة ولها طفلان جميلان 0 وأختي الصغرى خطبت أخيرا وتعمل ممرضة وستتزوج طبيبا 0»
: وأخوك ؟
غامرت بهذا السؤال وهي تتساءل إذا كان ذلك الحديث
سيلقي الضوء على مهنة غارث 0
: إنه في التاسعة عشرة فقط0ومازال يدرس في الجامعة 0
ومن دون أن تدرك نبرة اللهفة التي تسللت الى صوتها قالت `: يبدون جميعا عظماء انه نوع الأسرة الذي كنت أود ان أنتمي اليها0
وابتسم ابتسامة ماكرة ورد قائلا:
: كانت هناك مشاحنات لأسباب تافهة ونحن صغار وخاصة بين فيكي وبيني فهناك فارق عام واحد 0
ورمق وندي من فوق حافة كأسه لحظة طويلة قبل ان يسأل : أتعيشين وحدك إذن ؟
: كنت 000
وتوقفت وهي تفكر مليا عندما أدركت بصدمة 0بسيطه ماكانت على وشك أن تكشفه عن أنها باعت البيت وإلاثاث قبل أن تبدآ الرحلة البحرية

:كنت ؟
سألها بنعومة بينما كانت نظرته المركزة مازالت تدقق في وجهها وأردف: ومع من تعيشين الآن ؟
وافتعلت ابتسامة مشوشة وردت قائلة:
: ما قصدت قولة أنني كنت أعيش وحدي حتى اشتركت 0في هذا الرحلة 0
:فهمت0
هل لاحظ لحظة اضطرابها ؟ اعتقدت أنة لم يلحظها مما أراحها وسأل:
هل تسكنين شقة ؟
والدتي تركت لي منزلا0 :
وحبست أنفاسها واثقة أنة سيوجه مزيدا من الأسئلة لكن في تلك اللحظة سمعا مارجي وخطيبها اللذين جلسا على المقعدين الخاليين المصنوعين من الخيزران وقالت مارجي:
:أف 00الجو حار دينبي أحضر لي شرابا أرجوك0
وكانت مارجي ودينبي محملان بآلاغراض الثقيلة فوضعاها على الأرض الى جوار كرسيهما0
وجاء المضيف الصيني في الحال ثم ذهب لطلب المشروبات وقال دينبي الذي كان وجهه الممتلئ محمرا ومبللا بالعرق :
:ماذا فعلتما خلال النهار؟
وما لبث أن أضاف سائلا وندي:
:عجيبا كيف استطعت أن تحافظي على هذا المظهر المسترخي الجميل ياعزيزتي؟
وضحكت وأكدت له أنها رغم ما يبدو عليها من مظاهر الاسترخاء فهي في الواقع تشعر بالحرارة الى درجة كبيرة وقال غارث ردا على سؤال دينبي :
: كنا نقوم بجولة في أحدى سيارات الباص وأنتما ماذا كنتما تفعلان ؟
وحدج مارجي بنظرة وهو يقول :
: نتسوق وإذا استمر التسوق هكذا سنحتاج الى شراء نصف دستة أخرى من حقائب الملابس لنضع فيها كل شيء تذكروا أنه مازالت أمامنا زيارات لليابان وهاواي وكاليفورنيا 00
وسحب منديلا من جيبه ثم بدأ يجفف جبهة وأكملت مارجي بضحكة شيطانية :
والمكسيك وبالباو وقرطاجة ثم نعود الى مينا ء ايفرغليدز ثم نيويورك وشيربورغ وساوثهامبتن0
: وحينذاك ستكون السفينة مضطرة الى إلقاء بعض ثقلها 0في البحر 0
وضحك الجميع واعترفت مارجي بأن بعض الأشياء التي اشترتها سينتهي بها الأمر الى ان تصبح عديمة الجدوى 0
لقد أنقذ تدخل مارجي ودينبي وندي من أسئلة غارث في الوقت الحالي لكنها كانت تعلم أنه ينوي معرفة المزيد عنها 0هل يمكنها أن تظل متنبهة لأسئلته من دون أن تزجره وهو أمر لاتفكر فيه على أيه حال يمكنها فقط أن تأمل لو ان المعلومات التي سردتها بالفعل كافيه لإرضائه إنها أولا وقبل كل شيء لا تعني شيئا بالنسبة إليه لذلك فليس من الملائم أن يتابع اهتمامه لمعرفة أكثر مما عرف بالفعل 00000
وبقيت مارجي ودينبي معهما بقية اليوم وعادوا جميعا الى الباخرة لتناول العشاء0لكن في الأمسية التالية انضمت وندي وغارث الى فريزر وصديقته لتناول العشاء الذي قدم على الطريقة الصينية فوق زورق بخاري طاف بهم في جولة بهيجة حول ميناء هونغ كونغ الساحر0 وكانت الأنوار تتلألأ من المباني وعلى طول الساحل ومن السفن ومن الزوارق الصغيرة والزوارق البخارية وغيرها من السفن التي يعيش فوقها الآلاف الصينيين وينامون 0 أنه الشرق الساحر البهيج::
وفي اليوم الرابع استقلوا الاوتوبيس المائي لذي نقلهم من المينا الى عرض البحر لأنهم قرروا أن يقوموا بالرحلة التي تستغرق النهار كله في ماكادولإلتا سي كيانغ حيث علم غارث أنها مكان شهير يرتبط بأشياء مثل تهريب المخدرات وكازينوهات القمار وبعد الغداء اتجهوا.الى المعبد الصيني وعادوا الى السفينة قبيل الثامنة وبعد ثلاث ساعات كانوا فوق سطح الباخرة البيضاء الضخمة في طريقها الى اليابان .حيث كانت ستصل بعد يومين ونصف عند ذلك يكون انقضى شهران على إبحار الباخرة ولا يبقى الا نحو،شهر واحد قبل أن تنتهي الرحلة هل سترى نهاية الرحلة تساءلت وندي لقد استعدت , بالطبع لمثل هذا الحدث رغم أنها لم تكن تتوقع حقا أن ترى أبدا سواحل وطنها مرة أخرى 0عندما
وقفت في ذلك اليوم من يناير / كانون الثاني فوق سطح السفينة تماما كما تفعل الآن مع جموع الناس حولها وشاهدت ميناء السفن في ساوثهامبتن وهو يتضاءل عن بعد حسنا لو عادت لن تكون لديها مشكلات لأن الدكتور هويتيكر سهل لها كل شيء
وأبعدت تلك الأفكار عمدا وهي مصممة على ألا تسمح لها بأن تتسلل الى ذهنها مرة أخرى إذ لافائدة من التفكير في مصيرها سواء كان الموت سيأتيها وهي فوق سطح السفينة أم في انكلترا 0
وسرعان ما اتضح ان غارث فضولي بشأنها فقد أظهر اهتماما أكثر بها مما يبعث على الراحة وسأل أسئلة أرغمتها على التهرب من الرد والنتيجة أنة أصبح حائرا إزاء افتقارها الى الصراحة ل وفي بعض المناسبات كان الفتور يسود بينهما لكنه سرعان ما كان يمر ويصبح عالم وندي كله ورديا من جديد0
وفي أحد الأيام بينما كانت وندي ومارجي تنتظران جنبا الى جنب في صالون تصفيف الشعر بادرت مارجي بالكلام فقالت :
: انا متأكدة يا عزيزتي أن غارث يحبك وإذا لم يطلب منك قريبا جدا الزواج به فلن يكون اسمي مارجي سترومبرغ0
وردت وندي:
: انه لا يحبني أخبرتك من قبل بما قاله فريزر عن أن غارث أعزب بالسليقة0
وبطريقتها المعتادة التي لاتنم عن الاهتمام قالت مارجي: لا يبدو عليه القلق من أنه قد لا يحبك أطلاقا ربما لا تهتمين به كما أتصورك ؟ .
ماذا تقول ردا على ذلك ؟ لم تستطع وندي أن تنفي انها تحب غارث كما انها لا تقدر على العكس وتوصلت الى حل وسط بقولها: .
: إن الإعجاب بشخص لا يعني حبه أعترف بأنني معجبة جدا بغارث لكن أن أكون مجنونة بحبه000
وهزت كتفيها بلامبالاة كما لو كانت تريد أن تعطي
تأثيرا مضاعفا لكلماتها 0وقالت مارجي.إن هذا أمر مؤسف أنها أصيبت بخيبة أمل شديدة لأنه لن تكون هناك خطبة بين الاثنين وهما في السفينة

lona-k 22-09-08 01:34 AM

وفي المواني التي زارتها السفينة كانا معا طول الوقت وكان هناك قدر كبير مثير من مشاهدة المناظر الطبيعية وعندما رست السفينة في كوبي صعدا الى جبل روكو لإلقاء ، نظرة على المدينة من فوق وشاهدا المعابد وتماثيل بوذا . والأماكن المقدسة والمعالم البارزة الأخرى وفي يوكوهاما حضرا حفل عشاء يطلق علية اسم سوكياكي حيث قامت . فتيات الفرقة الراقصة الغيشا بتسلية الجمهور وهن يرتدين رداء الكيمونو الملون وقدمن عرضا رقيقا بمراوحهن الصلبة ذات الألوان البراقة 0
طول الوقت لم يفترقا ومع ذلك لم تلمس وندي ان غارث ينظر إليها على أنها أكثر من رفيقة لطيفة يتمتع معها . بالمباهج التي توفرها الرحلة البحرية وبعد تلك المعلومات فيما يتعلق بأسرتها لم يذكر إطلاقا اي شيء عن حياتها الخاصة وخيل إليها أن هذا يرجع الى تحفظها فيما يتعلق بشؤونها الخاصة مع ذلك كان فضوليا 0أحست بفضوله فيما يتعلق بوجودها في الرحلة لكنه لم يسألها عن ذلك وهكذا مرت الأيام سريعة للغاية0
....منتديات ليلاس


والآن لم يعد باقيا إلا أسبوعان
إنني أتطلع بشوق لمشاهدة هونولولو0:
أخبرته بذلك في اليوم السابق لوصول السفينة الى الميناء كانت تخشى ألا تبقى على قيد الحياة حتى تراها لأن نوبات الصداع أصبحت أقسى وأكثر حدوثا واكتشفت ان الحبوب التي معها لم تعد مؤثرة الآن كما كانت في البداية وسلمت بأن النهاية ستأتي في اي وقت »
: كذلك أنا 0
قال غارث والتقت عيناها بعينيه كم كانت نبرة صوته غريبة وغامضة 0
:أجل يا عزيزتي وندي إنني أتطلع بترقب شديد الى تلك الزيارة سأصطحبك الى هاواي0
" الى-؟ لكنني لم احجز تذكرة يا غارث أعتقد إنني ذكرت هذا لك"
"بل حجزت"
وابتسم لها وتحول قلبها الى بهلوان يقفز» فكم ستكون حياتها مدهشة لو أمكن لها أن تصبح زوجته وحملقت فيه ثم احمر وجهها خجلا لأنه دفع كل هذه الأموال من أجلها 0
"هل حجزت للرحلة الجوية ؟ وأومأ بالإيجاب وكان وجهه خاليا من أي تعبير وأحست بأنه يخطط لشيء وسألت :
"لماذا تفعل هذا ؟
ورفع حاجبيه قليلا وهو يقول : لماذا ؟
وتوقفت لحظة :
"يخالجني شعور مضحك000
اعترفت بذلك وقد أفلتت منها ضحكة خفرة وهي تلاحظ أنه يبدي بعض البهجة الآن : .
" أشعر بأنك 00بأنك تخطط لشيء ما0"
وضحكت عيناه وحبست أنفاسها فكم يبدو جذابا وهو ينظر إليها هكذا 00
أليست مؤامرة يا عزيزتي""
ورفع يده بغطرسة عندما رآها تفتح فمها لتقاطعه 0
"دعينا ننتظر لنرى"
" ننتظر لنرى؟000 هاتان الكلمتان لهما مغزى00 إنها لا تشك في ذلك لكنها لا تعرف لهما معنى حتى في أوسع أحلامها
وهكذا لم يكن باستطاعتها إلا أن تلهث وتحدق فيه غير مصدقة عندما علمت بنيته أخيرا0
طارا الى جزيرة كايواي - أو الجزيرة الخضراء كما تدعى لأنها أكثر جزر هاواي خضرة وأبحرا بالزورق البخاري الى كهف فيرن غروتو أو كهف الرخس البديع وهو كهف ابدعتة الطبيعة وسط منطقة استوائيه شديدة الخضرة تتدلى عليها نباتات الرخس
وهنا في مكان هادئ ء طلب منها غإرث أن تتزوجه وقال بلهجة مفعمة بالمشاعر الرقيقة : إنني أحبك يا وندي في البداية حاولت ألا أفعل ذلك عندما اعتقدت انك لينيز ما فارو كما لم تكن لدي أية رغبة في الزواج...
وهنا توقف عن الكلام وابتسم لها ثم مضى يقول : لكنني تعلمت كيف أحبك رغم كل هذه الأشياء ومع ذلك كنت أقاوم وأقاوم شيئا أصبح بسرعة أقوى مني, أوقعتني في أسر سحرك ياوندي لذلك يمكنك أن تتصوري مدى راحتي عندما اكتشفت أنك لست لينيزما فارو0 وتوقف لحظة ثم قال :
:كل هذا أصبح ماضيا الآن ياعزيزتي والمستقبل وحده هو الذي يهمنا0
:المستقبل ؟ أسبوعان 0
وقفزت الى شفتيها ضحكة هستيرية لكنها كبحت جماحها 000 أسبوعان أو ربما ثلاث 000 أربعة على أكثر تقدير وأخذ قلبها يدق بعنف وكل عصب في جسدها يرتجف أصبحت أحاسيسها مضطربة للغاية إنها تتساءل . الآن لماذا لم تتوقع هذا ؟ كانت عيناه تنطقان برقة لا متناهية أحيانا وكثيرا ما اتسم صوته بالحنان ومع ذلك لم تفطن0 معتقدة أن هذا الموقف الخاص اتخذه لسبب واحد فقط أنة يستطيع الاستمتاع الى أقصى حد بكل ذرة سعادة من 00هذه العلاقة فوق سطح السفينة 0كم كانت عمياء واشتد غضبها من نفسها داخل أعماقها غضبها من أنها فعلت الشئ الذي كانت ترغب بلا جدوى في ألا تفعله : تركته يقع في حبها لقد أنقذت شو لكن غارث الذي أحبت بهذا العمق آذته لا 00في هذه المرحلة المتأخرة يمكنها أن تفعل شيئا يمكنها أن تعامله معاملة سيئة وتتحدث بطريقة ساخرة عن افتراضه بأنها ستقبل عرضة بالزواج لن تترك حبه يترعرع ستدمره وتطأه وتقتله 00
إن هذا سيؤذيه مؤقتا ولا شك في أنه سينال من كبريائه لكنه سينجو من ضرر دائم وفجأة تراءى لها انها عندما تموت سيدرك حينئذ السبب في معاملتها إياه بعد أربعة أيام عندما ترسو في كاليفورنيا أجل كان هذا هو الرد يمكنها ان تبرق الى الدكتور هويتيكر لتبلغه بأنها عائدة الى الوطن في وقت مبكر عن المتوقع وحينئذ سيعد كل شيء لدخولها الى دار التمريض , هل سيكون لديها المال الكافي لمصاريف عودتها ؟
؟ قدرت انه سيكون معها فقط المبلغ الكافي لذلك0
"وندى عزيزتي أين أنت ؟ إن عرضي بالتأكيد لم يكن مفاجأة تامة لك لابد أنك أدركت أنني كنت ازداد اهتماما بك ؟
وبدا انه منزعج قليلا وصرخ قلبها مما توشك أن تفعله ونظرت الى وجهه ولخوفها من أن تخونها شجاعتها تكلمت بسرعة وهي تضفي على صوتها رنة ازدراء :
: أتزوجك ؟ ما الذي أوحى إليك بأنني سأفكر في ذلك ؟ اولا أنني لا أحبك ثم إنك لست النوع الذي يناسبني على الإطلاق عندما أختار زوجا لي00هذا كل ما في الأمر0
وافتعلت تعبيرا بالدهشة لأنه اعتبر مسألة اهتمامها به من المسلمات وأضافت :
: انا لم أظهر أي بادرة تشير الى أنني أكن لك أية مشاعر غير الصداقة على الأقل هذا ما أذكره00
الحيرة وعدم التصديق والألم تجمعت كلها في تعبيره وهو ينظر إليها 0وكانا يقفان في الكهف وقد تدلت فوق رأسيهما نباتات الرخس الرقيقة 0كان منظرا رقيقا رومنسيا 000 وبشجاعة أمسكت دموعها التي تجمعت في سحابة رقيقة خلف عينيها لكنها اضطرت أن تشيح بسرعة حتى يمكنها ذلك0
:ألا تحبينني؟
وكان صوتة مكتوما وادركت انه يجد صعوبة في مجرد النطق بالكلمات
ايمكنك أن تقولي بكل أمانة أنك لا تحبينني؟
وهز رأسه كما لو كان يريد أن يبعد الآثار ألمدمرة لكابوس مزعج0
: بالتأكيد يمكنني0!
وتعجبت كيف كان صوتها بمثل هذا الثبات
.:أجل بالتأكيد غارث لقد أفسدت كل شيء 0
وصرخت بغضب : كانت الأمور لطيفة 00غزل السفينة الذي اعتقدت أن كلينا ينعم به لماذا تفسده بالواقع في حبي؟
وأخذ شريان في رقبته ينبض بشدة عندما تدفق الدم فيه وعلى جانبي ظهرت تجاعيد صغيرة داكنة وسط اللون البرونزي الجذاب
: غزل 00
وأصبحت عيناه الداكنتان باردتين الآن وهما تلمعان مثل قطعتين من الصلب تم شحذهما حديثا 0
:إذن كان الأمر بالنسبة إليك هكذا ؟
وابتلعت ريقها بتشنج وهي تحاول أن 0تزيح ألما فظيعا انتاب حلقها وبدأ رأسها يؤلمها الى حد ما أيضا لكنه كان ألما فاترا بدون تقلصات يمكنها أن تتحمله0
:هذا ما قلت 0
ألقت هذه العبارة وهي تتعجب من تماسكها الظاهري حين كان قلبها في الداخل يتفتت وهمست لنفسها وكل عقلها وجسدها يعانيان من ألم مبرح عزيزي غارث 00 لم تبق في حياتي إلا بضعة أسابيع علي الأكثر ويمكن ان تكون بضعة أيام فقط 000لماذا أحببتني وتريد آن تتزوجني؟ ثم قالت بصوت عال :
:انت أفسدت كل شيء كان يمكننا أن نمضي معا فترة أطول نستمتع فيها برفقة بعضنا البعض لكن الآن 00
وسمحت لصوتها بأن يخفت وخفضت رأسها غير قادرة على تحمل التعبير الفظيع في عينيه 0وقالت أخيرا في قوة : يبدو أنني اعتبرت أشياء أكثر من اللازم أمرا مسلما به 0
: فعلت ذلك في الواقع !
أغفر لي وأنسي الموضوع 0
ووقفت لحظة صامتا وتلفت حولها في الكهف الخلاب المكان الجميل الذي اصطحبها إليه ليعرض عليها الزواج وتداعى قلبها وبذلت جهدا خارقا في منع نفسها من أخباره بالحقيقة لكنها امتنعت وهي مقتنعة بأنها الوسيلة الوحيدة لإنقاذه من الألم 0 يجب إن يفقد حبه لها بسرعة , وهناك وسيلة وحيدة لذلك , هي إن تعامله ببرودة وتخبره بأنها لاترغب في إن تستمر الصداقة بينهما 0


نهاية الفصل الثامن

lona-k 22-09-08 01:36 AM

9 - بداية النهاية


وفي الأمسية التالية جلست وندي في البار مع مارجي ودينبي وراقبت غارث يرقص مع نيكول فبعدمإ تلقى ضربة مدمرة لكبريائه برفض وندي عرضة الزواج منها , ومعاملتها بعدئذ بدأ الآن يخفف ألمه بالانغماس في التقرب من فتاة ألقت بنفسها عليه منذ البداية 0 والواضح إن نيكول من ناحيتها تشعر بالانتصار فان تعبيرا خبيثا يخيم على وجهها كل مرة تلتقي فيها عيناها بعيني وندي0كم هو قليل ذلك الذي تعرفه هذه الفتاة أنها تكاد لا تدرك أن غارث يستغلها ويحاول أن يعوض بعض السلوى برفقتها0
....منتديات ليلاس


أما نسبة إلى غارث فأنه لا ينظر إلى وندي إطلاقا إلا عندما يضطر إلى ذلك حول المائدة وأصيبت مارجي بإحباط حتى أنها كانت على وشك البكاء عندما سألت وندي عن الأمر وحاولت بطريقتها الفجة إن تقود الاثنين إلى استئناف الحديث 0
" الشراب جيد بصفة خاصة هذه الليلة إلا...تعتقد ذلك ياغارث ؟ وأنت يا وندي أليس كذلك؟
وأومأ كلاهما بالموافقة بدون كلام وحاولت مارجي مرة أخرى أثناء الغداء في اليوم التالي وتحدثت وندي إليها فيما بعد بهذا الشأن و أخبرتها بأنها هي وغارث تشاجرا ولا مجال للصلح بينهما 0
لكن يا عزيزتي انا واثقة انه يمكن اصلاح الأمر ,"
كنتما في منتهى السعادة"
ونظرت بعينيها اللامعتين إلى عيني وندى ومضت تقول : اهناك شيء ما تخفينه , أليس كذلك يا وندي ؟
واعترفت وندى وقد ابيض وجهها وهي تشعر بألم مبرح في رأسها 0وبعد فترة تردد قصيرة ’ اعترفت بأن هناك شيئا لا تريد إن تتحدث بشانه0 وأضافت :
"ولكن أرجوك لا تسأليني عنه يا مارجي انه شيء لا يمكنني مناقشته ليس في هذا ألوقت على أية حال0
ونظرت إليها مارجي وفجأة فاضت عيناها بالشفقة وأكدت متجاهلة توسلات وندي:
"يبدو إنك واجهت مأساة كبرى في حياتك ,أدركت ذلك وتذكرت تلك النظرة الهائمة في عينيك ألم تقولي انك ستتذكرين أنني وضعت نفسي في تصرفك0
سؤال - أدركت وندي – واثقة -أن إصرار مارجي هذه المرة ليس من قبيل الفضول فهي في هذه اللحظة ليست الشخصية الفضولية الثرثارة التي تعودت أن تراها لكنها كانت مستعدة لتقديم المساعدة 0 واعترفت وندي بعدما ترددت فترة طويلة ء بأنها ستشعر بارتياح كبير لو تحدثت مع مارجي وطلبت منها أن تكون مستعدة لو حدث شيء لكن لحظة التردد مرت سريعا , وهزت رأسها وعادت تقول :
"لا تسأليني عن الأمر لا أستطيع أن أتحدث بشأنه في الوقت الحالي"
ولم تدرك أن التغيير المؤلم ظهر مرة أخرى في عينيها الجميلتين وبدأت تشعر بالدوار نتيجة الألم في رأسها وأصبحت ترى الأشياء. القريبة منها كما لو كانت تسبح في الظلام هل هذه هي النهاية ؟ لا يجب ألا تلقى حتفها فوق السفينة لو أنها تركت السفينة في كاليفورنيا من دون أن تخبر أحدا إلا مراجع الأوراق والحسابات فان غارث لن يعرف أبدا لماذا رحلت 0ولن يعلم أبدا بموتها الذي ستخبر به موظف الحسابات ؟ ستقول إن لها أقارب في كاليفورنيا وترغب في البقاء عندهم فترة من الوقت أجل هذا سبب معقول لكن ينبغي أن تتخلف عندما تخرج مارجي ودينبي لزيارة معالم المدينة وسيكون هذا صعبا الآن لأن مارجي مصممة على أن ترافقها إذ قالت : لأنه لا يصح إن تكوني وحدك ياعزيزتي.0
حسنا مازال هناك يومان باقيان وأحست وندي بأنها ط واثقة من قدرتها على التعلل بعذر مقبول لعدم مرافقتها مارجي وخطيبها إلى بيفرلي هيلز وهوليوود يوم رسو السفينة 0 كان المقرر أن تبحر السفينة في السابعة من الأمسية نفسها وعندما يحين موعد العشاء لن تكون موجودة 00
سينتظرون بعض الوقت قبل بدء الطعام ثم تسأل مارجي أو ربما فريزر- المضيف اذا كانت الآنسة براون مريضة في غرفتها ولأنه يكون علم مسبقا بأنها تركت السفينة سينقل هذا النبأ إليهم ستصاب مارجي بألم بالغ لكن فريزر لن يفكر كثيرا في وندي لأنها رحلت بلا كلمة 0ماذا عن مشاعر غارث ؟ رأت وندى أنه سيكون فرحا لأنه يواجهها على المائدة بعد الآن فرحا لأن الموضوع اختفى من حياته إلى الأبد - وقطع صوت مارجي عليها أفكارها حين
سألت : هل أنت بخير ياعزيزتي؟
والتفتت وأرغمت شفتيها على ابتسامة لكنهما سرعان ما تجمدتا لأن الألم في رأسها أخذ يتزايد الآن وأصبح يدق بجنون يؤثر على ثبات نظرها وأجابت وهي تنهض من مقعدها :
" أشعر بصداع خفيف أودا إن استلقى برهة 0
" صداع ؟ معي العلاج المناسب ياعزيزتي0
ومن دون لحظة تردد فتحت مارجي حقيبة يدها وسحبت زجاجة صغيرة وهى تقول : انه دواء مدهش سأستدعي المضيفة ليحضر لك كوبا من الماء " لا شكرا لك يا مارجي0لكن ينبغي إلا أتعاطى هذه الحبوب إني لدي حبوب أخرى في غرفتي0–
" لا يمكن أن تكون مفيدة هذه ا ! أنها تشفي الصداع في ثوان أيها المضيف تعال0
"مارجي أرجوك0
ووقفت وندى وهى تشعر بأنها قد تنهار في أية لحظة الآن وشعرت لأول مرة بالغضب من السيدة الأميركية وقالت أفضل أن أتعاطى حبوبي الخاصة 0
هل ستفعلين ؟"
وتدلى وجه مارجي الجميل 0وتمنت وندي لو عالجت الموقف بحذر أكبر لكن الألم كان يعصف بها وأصبحت رغبتها الملحة الوحيدة إن تذهب إلى غرفتها وتلقي برأسها على الوسادة وغمغمت :
" إنني آسفة0
ومن دون أن تنطق كلمة أخرى استدارت وابتعدت
وحالما دخلت غرفتها لم تستغرق وقتا بل تناولت الحبوب فورا يجب أن تعيش يومين آخرين على الأقل يجب 000لا شيء في حياتها كلها كان عاجلا بمثل هذه الرغبة في إن تترك السفينة وهي حيث ينبغي إن تنقذ غارث بأي ثمن ولو أنها في قراره نفسها كانت مستعدة لأن تفارق الحياة الآن لأن الحياة لم يعد لها معنى بعدما افترقت عن غارث
ولأنها كانت مرهقة من الألم استلقت فترة طويلة تحاول ألا تفكر في ما كان يمكن إن يحدث لو لم تكن في هذه الحالة غارث يحبها ويريدها زوجة 000وقطعت أفكارها وحاولت أن تنام لكنها لم تستطع كبح إلحاح الأفكار في ذهنها 0ورأت نفسها عروسا مشرقة في ثوب الزفاف ألأبيض تحف بها شقيقتا غارث وشقيقه يقوم بدور إشبين العريس أنها جزء من أسرة يحبها أفرادها ويرحب بها والدا زوجها اللذان أصبحا والديها هي من الآن فصاعدا 000الى أي مدى يمكن أن تكون الحياة سعيدة
"لكننى عشت00
وبخت نفسها عندما فرت دموع اليأس من عينيها وأخذت تتدفق فوق وجنتيها البيضاويين 0

عشت منذ اللحظات التي أصبح فيها غارث مهتما بي
حقا كانت الأسابيع الأولى مؤلمة قليلا عندما: تجفل في مواجهة سخريته وازدرائه وكبريائه كان واقعا تحت سوء فهم معتقدا أنها ليست سوى لينيز مافارو الشهيرة بسوء السمعة ولا عجب انه حاول الابتعاد لكنه وقع تحت سيطرتها واخبرها بذلك حين كانا معا في الكهف 0هل حدث هذا منذ يومين ونصف فقط ؟ يبدو كأنما مرت أشهر عدة منذ افترقا 0منذ قال وداعا بتلك اللهجة القاطعة فوق سطح السفينة بعد لحظات من صعودها إليها اثر عودتهما من هاواى فقد اتخذ موقفا صارما، ونظر إليها لحظة صمت اتسمت بالبرود قبل إن يردد وداعه الأخير.00 الأخير.... اجل 000كان الأخير! وانسحب مبتعدا وهي واقفة هناك تتسارع دقات قلبها إلى حد أنها في غمرة يأسها الفظيع كانت سترحب بالنهاية لو أتت حينذاك 0
وأخيرا نامت لكنها فور استيقاظها استحوذت عليها أفكارها مرة أخرى أجل تلك الأسابيع الأولى كانت مؤلمة إلى حد ما ومع ذلك كانت راضية بالموقف قانعة لم يكن يحبها رغم أنها بدأت تحبه ولكن بعدما علم أنها ليست لينيز مافارو تغير موقفه تماما إزاءها صار الحبيب الكامل 0 الحبيب اللطيف الرقيق الذي اعتزم إن يجعلها زوجة له 0
ونهضت من الفراش وهي مصممة على عدم البكاء مرة أخرى واغتسلت وغيرت ملابسها واستخدمت بعض المساحيق في تلوين خديها وشفتيها ومشطت شعرها بقوة ثم 00غادرت غرفتها لتتجه إلى غرفة الملكة حيث كانت تعرف أنها ستجد مارجي ودينبي وقد رحبت برفقتهما فابتسامتهما بلسم لأساها ودققت مارجي النظر في00وجهها باهتمام بالغ بعدما سألتها اذا كان الصداع قد زال وقالت بلهجة اتهام :
- وضعت بعض المساحيق على وجهك هل أنت مريضة ؟
-
وابتسمت وندي لا شك في أن هناك شيئا في مارجي سترومبرغ المهرجة الفضولية يحبب الناس فيها 0
"لا 0لست مريضة ومع ذلك وضعت بعض المساحيق
على وجهي لأنني لاحظت إنني شاحبة 0الصداع يجعل المرء شاحبا أليس كذلك ؟
"لم يجعلني شاحبة أبدا ليس إلى الحد الذي لاحظه وعلى كل فما دمت تشعرين بأنك على ما يرام فهذا ما يهم هاهو ذا المضيف فاطلبي ما تشاءين هذه الشطائر لذيذة والفطائر أيضا رائعة ينبغي أن نطلب طريقة صنع بعضها ألا تعتقدين ذلك ؟ أو ربما لا تقومين كثيرا بصنع المأكولات بنفسك ؟ كنت أفعل ذلك 000ولكن
وتلاشى صوتها إلى حد الصمت عندما تلاقت عيناها بعيني غارث وهو يمر وقد سارت نيكول إلى جواره وتحركت شفتا وندي في حركات متشنجة 0 وتحولت عينا نيكول الداكنتان المزهوتان فوق وجهها بينما تحركت شفتاها أيضا بسخرية لكن وندي التفتت بسرعة إلى الناحية الأخرى وهى تشعر بالغضب لأنها بارتعاشه شفتيها - كشفت أنها متألمة لوجود غارث مع فتاة أخرى واستطاعت مارجي أن تلمس بسرعة إلى أي مدى تألمت وندي لكنها واصلت الحديث السابق قائلة : الم تعودي تفعلين ذلك ؟ أتوقع على أي حال أنك سوف تقومين بشرا ء الحلوى اللذيذة
وشعرت وندي بالامتنان لها وابتسمت في وجهها وشكرتها بعينيها وقالت وهي تلاحظ أن دينبي ينقل بصره من إحداهما إلى الأخرى في حيرة :
" من السهل هذه الأيام شرا ء فطائر لذيذة0
وتساءل دينبي بخشونة :
"ما هذا ؟ من يريد أن يتكلم عن الفطائر؟
وبالكاد سمعته وندي لأن عينيها كانتا تتابعان ظهر غارث المعتدل العريض وهو يسير بترفع نحو طاولة يقف بجوارها أحد المضيفين على استعداد لتلبية الطلبات 0وجلست نيكول أولا ثم جذب غارث كرسيا وجلس وطلب الشاي وكادت وندي تبكي وهي تتذكر المرات الهادئة الودية التي تناولا فيها الشاي في هذه الغرفة الجميلة ويبدو أنه شعر بأن
نظراتها مركزة علية لأنه
اختلس النظر تجاهها وأدارت نيكول رأسها متتبعة اتجاه نظرته وارتسمت على شفتيها ابتسامة خبيثة وتحدثت إلى غارث وابتسم لها ثم أدار مقعده بحيث صار ظهره ناحية وندى وابتلعت الغصة التي أصابت حلقها وأحست بأنها فقدت شهيتها لكن ينبغي أن تأكل شيئا لأن مارجى كانت ستعلق لا محالة لو قالت فجأة أنها ليست جائعة 0
وعندما كانت مارجي ووندي ودينبي في الملهى الليلي في ساعة متأخرة من تلك الأمسية ينظرون إلى حلبة الرقص قال . دينبى: لم يبق إلا أسبوعان فقط كم مر الوقت سريعا 0
عندما فكرت في البداية كيف اقضي ثلاثة أشهر فوق سطح السفينة كنت أشعر أنني سأمل البحر قبل نهاية الفترة بوقت طويل وابتسمت مارجي ابتسامة عريضة وهي تقول :
"ولكن حينئذ لم تكن تعرف أنك ستقابلني 0
وضحك ونظر إليها بحنان وقال : أتمنى لو تزوجنا فوق السفينة
أليست معنا الوثاثق المطلوبة ياعزيزتي سنتزوج فور وصولنا إلى الوطن 0
وشعرت وندي بأن عليها إن تبدي بعض الاهتمام بحديثهما فسالت :
متى تعودان إلى الولايات المتحدة ؟ وقال دينبي وهو ويتناول بعض الفطائر:
"سنعود بعد شهر تقريبا ننوي.القيام بجولة انكلترا أولا0
وتمهل برهة ثم قال :
"ما هي مشروعاتك ياوندي؟ هل لديك شيء خاص ؟
وهزت رأسها وقالت أنها ليست لديها أية خطط خاصة 0
وقالت مارجي:
"نود إن تزورينا 0
والتفتت وندي وقد بهتت من هذه الدعوة غير المتوقعة
وأضافت مارجي:
"سنقيم في تكساس لأن دينبي له طفلان هناك وله بيت فيه مستأجرون في الوقت الحالي لكنهم سيرحلون عندما يعلمون أن دينبي يريد استعادته هل ستأتين إلينا يا وندي؟
ماذا ينبغي أن تقول ؟ أسهل طريقة أن تقول : نعم فهذا هو الرد الذي سيفرح الاثنين لكن ما الذي سيعتقدانه عندما تختفي في كاليفورينا ؟ وردت بنعومة:
"انكمآ تخجلان تواضعي بدعوتكما لكنني أخشى ألا يكون لدي الوقت ولا المال لرحلة مثل هذه0
وفكرت انه لا أكاذيب في هذا القول فتلك هي الحقيقة التي لا سبيل لإنكارها ليس لديها الوقت ولا المال لذلك0
"يا للخسارة0
قالت مارجي ذلك وأخذت عيناها الفاحصتان تستقران على وجه وندي ثم أضافت :
"ينبغي أن نظل على اتصال ياعزيزتي وأعتقد أن الوقت حان لتبادل العناوين أليس كذلك ؟ سنتراسل وعندما يتوفر لديك الوقت والمال ينبغي أن تأتي لزيارتنا 0من المحتمل إن نكون في انكلترا قرب نهاية العام القادم هل يمكننا البقاء معك فترة من الوقت ؟ أعرف أنك بعت بيتا لكنك ما زلت بالطبع تملكين واحدا للإقامة فيه 0
والتقطت مفكرة صغيرة وقلما من حقيبة يدها ونظرت إلى دينبي قائلة :
"اكتب أنت عنواننا لوندي لا أعرفه بعد 0 أجل أخبرتني به لكنني نسيته
وحولت اهتمامها إلى وندي تنتظر منها أن تذكر عنوانها 0 وبللت وندي شفتيها وهي تبحث بعنف في ذهنها عن وسيلة تخرج بها من هذا المأزق وأملت عنوان دكتور هويتيكر وهي موقنة بأن هذا أفضل شيئأ يمكنها أن تفعله فعندما يتلقى رسالة من مارجي سيرد عليها ويخبرها بما حدث
وفي الصباح التالي ذهبت وندي إلى مائدة الإفطار مبكرة
بشكل خاص وهي لا تتوقع إن ترى أحدا ممن تعرفهم لكن
لدهشتها كانت مأرجي جالسة أمام المائدة تثرثر مع المضيف
الذي غادر المكان حالما رأى وندي تقترب وما كادت تجلس
حتى بدأت مارجي تتكلم : لن يمكنك تخمين ما اكتشفت يا وندي لقد استيقظت منذ فترة طويلة 00
" منذ فترة طويلة ؟ لماذا ؟
" كنت أتجول في أنحاء السفينة فقد أردت إن أعرف ماذا في الجانب الآخر من ذلك الباب التالي لمكتب موظف الحسابات
وتوقفت عن الكلام لحظة وانتظرت حتى مر أحد الأشخاص من جانب المائدة ثم قالت :
" لا أريد أن يسمعني أحد أنها مؤامرة من جانبي منذ البداية0
" لكن لماذا يا مارجي؟
لكنه مكتوب عليه كلمة خاص 0لم تدخلي00هل فعلت ؟
"خاص ؟ انك تعرفينني ياعزيزتي000 ينبغي أن أغوص في أعماق أي شيء يحيرني وقد لا أنجح دائما لكننى دائما أحاول 00
واضطرت وندي إلى الضحك رغم تعاستها وطلبت من مارجي أن تستمر فقالت " قدرت أن ليس هناك أحد في تلك الساعة من الصباح دفعت الباب فانفتح أجل فلم يكن مغلقا بالمفتاح .وتسللت إلى الداخل هناك ممر بأبواب على الجانبين 00احزري ماذا ؟ إحدى الغرف هناك هي غرفة القبطان الخاصة الصغيرة ليست مقره الرسمي الذي يعرفه الجميع لكنها غرفة صغيرة يمكنه يذهب إليها وهو واثق أن أحدا لن يزعجه
وقالت وندي بفضول : كيف عرفت أنها غرفة القبطان الخاصة ؟
"لأنني شممت رائحة القهوة اللذيذة فقررت أن أختلس نظرة خلال فتحة الباب وهناك كان القبطان يجلس 0
"وماذا في ذلك ؟"
"كنت على وشك العودة عندما سمعت صوته وأدركت انه لابد إن يكون برفقة شخص ما 0
وتوقفت بحركة مسرحية وتجهمت وندي في حيرة وهي تنتظر أن تواصل كلامها :
"اعرف أنك تفكرين انه ليس هناك شيئأ غريب أن يكون مع القبطان شخص ما لتناول قهوة الصباح الباكر؟
"أجل هذا ما كنت أفكر فيه بالضبط 0
"انتظري حتى تعرفي ضيفه الديك أية فكرة من يكون ؟
"لا ليست لدي أية فكرة على الإطلاق وأنا في غاية الفضول لأعرف0
" انك تسخرين مني 0
ثم ضحكت مارجي وقالت في هدوء وهي تضغط على كل كلمة :
صديقنا غارث ريفرز !
وأشاحت وندى بوجهها ورددت : غارث ؟ غارث كان مع القبطان ؟
" مع القبطان ! ألم أخبرك منذ البداية بأن غارث شخصية هامة ؟
ماذا لديك لتقوليه في هذا ؟
" لا أرى أنك برهنت على رأيك هل كون غارث يحتسي القهوة مع القبطان يعد برهانا على أنه شخص هام ؟
" هل ندعى نحن إلى غرفة القبطان ؟
" لا00لكن 00
"ولا تسعة وتسعون وتسعة أعشار في المائة من الركاب الآخرين فوق هذه السفينة أقول لك إن غارث شخص هام !
" ربما يكون صديقا للقبطان لكن هذا لا يجعله آليا رجلا ذا أهميه 0
"لو كان صديقا للقبطان لعرفنا بذلك قبل الآن0
وكانت وندى تميل إلى الموافقة على هذه العبارة لأنه ببساطة لو كان غارث صديقا لدعي لتناول العشاء على مائدته قبل الآن بفترة طويلة كما دعيت شخصيات اخرى0
" مازلت لا أرى كيف يمكنك إن تستنجي إن غارث شخصية هامة 0
قالت وندي ذلك رغم أنها بدأت تعتقد بينها وبين نفسها انه كذلك 0
0 وردت وندى في جدية :
"أي شخص عادى في سفينة بهذه الحجم لا يقوم بزيارة غير متوقعة
للقبطان ليتناول قهوة الصباح الباكر0
"لا أرى انه قام بهذه الزيارة من دون توقع ليس في مثل
تلك الساعة المبكرة لابد انه دعى 0
"وهكذا اذا لم يكن صديقان ومع ذلك دعي لتناول
القهوة فهذا يبرهن على انه شخص هام لا يا عزيزتي لا
تقاطعيني بعد لأن فكرة خطرت ببالي هذه اللحظة : القبطان سمع للتو بأن غارث شخص هام إنني أتعجب فقط من يكون غارث ؟ ألن يكون مثيرا لو أنه شخصية ذات اسم كبير كدوق حقيقي00أو دوق مليونيرا0
وهزت وندي رأسها وقالت بتأكيد:
- ليس دوقا
" لايمكن إن تكوني متأكدة من ذلك 0لماذا : ينبغني إن تعترفي بأن اساليبة ارستقراطية للغاية أنسيت - فيما يبدو - ما قاله فريزر عنه وهو أنه مرهق بالعمل منذ سنين0
" نعم 00نسيت ذلك يا عزيزتي0
وضمت مارجي شفتيها وأضافت بعد فترة صمت قصيرة :
"كان ينبغي لي إن أتذكر هذا 0 أليس كذلك ؟ خاصة انه كان يطرأ علي بالي دائما عندما أشعر بالحيرة إزاء غارث 0
وأضافت بغموض وكأنها تناقش نفسها :
"إذن رائي أن غارث مدير إعمال كبير أو شيء من هذا القبيل 000ولكنه في هذه الحالة لا يكون شهيرا 0
هذه فكرتك فقط انه شهير0
وتجهمت مارجي قائلة : إنه يحيط نفسه بجو من العظمة0

واضطرت وندي للضحك من هذه العبارة لكن

مارجى استمرت :
"هذا ليس أمرا مضحكا أكره إن أكون عاجزة عن اكتشاف الامور0
ومرت بالقرب من المائدة امرأة ثرية الثياب في نحو الخمسين من عمرها وحالما ابتعدت غيرت مارجي الموضوع 0وأخبرت وندي بأن هذه المرأة اشتركت في الرحلة لأنها ربحت أكثر من خمسين ألف جنيه من المراهنات على نتائج مباريات كرة القدم وأضافت في اشمئزاز:
"إنها امرأة وضيعة 0آرملة مستعدة لتعاطي الخمور حتى تلقى حتفها مبكرا أنها جريمة إن يكسب أناس مثلها أموالا طائلة كتلك 0
وكان غارث يقترب ولم تقل الاثنتان شيئا أكثر من ذلك لكن كانت مارجي خلال الإفطار تختلس إليه نظرات خفيفة , وأخيرا قال وقد اكتسى صوته بنبرة خشنة : ما الغريب في يا مارجي؟ هل تركت جزء من معجون الحلاقة على طرف أنفي أو شيئا من هذا القبيل ؟
واحمر وجه مارجي خجلا وقالت :
"هذا ليس لطيفا منك يا غارث كنت فقط أنظر اليك0
"لماذا ؟
إنك كثير التدقيق هاهو ذا فريزر قد حضر صباح الخير يا فريزر0 هل نمت جيدا ؟
"جيدا جدا كالمعتاد ضميري مستريح وهذا كل مافي الأمر كما تعرفين0
وجلس ثم نفض فوطته وفردها فوق ركبته وأمسك بقائمة الطعام :جريب فروت - كورن فليكس لحم وبيض سجق وطماطم حلقات من الخبز الطازج والزبد خبز محمص ومربى 0 أعتقد أنني سأتناول بعضا من مربى الكرز الأسود لأنني لم أذقها بعد فوق هذه السفينة وهتفت مارجي: " لن تاكل كل هذا وأن فعلت فلن تحتاج لشيء آخر طول اليوم 0
"هكذا سيكون لدي وقت اكبر للتجول في أنحاء الجزيرة فأنني أبحث عن التحف القديمة 0
" حاذر فإن كل شيء مزيف هذه الأيام
وأومأ غارث برأسه عند هذا القول وهو يتجنب عيني
وندى كالمعتاد0
شراء التحف في أي مكان من غير التجار المعروفين مقامرة كبيرة جدا فقد وصلت عمليات التزييف حتى أن الخبراء يخدعون أحيانا 0
وسألته مارجي في فضول :
"هل تجمع التحف القديمة ؟
"كنت محظوظا بوراثة كل ما احتاج إليه 0
أجابها وهو يلتقط سكينا ليمسح بها الزبد على الخبز المحمص واكل قليلا ولاحظت وندى تلك البداية بغض النظر عن الوجبة نفسها ففي الإفطار تناول قطعتين من الخبز المحمص واحتسى فنجانا واحدا من القهوة وأضاف يقول :
"أحيانا أختار القطعة لمجرد أن أضيفها إلى مجموعتي لكن جمع التحف ليس بأية حال هوايتي كما هو الحال بالنسبة إلى بعض الناس0
ورمق وندي كما لو لم تكن موجودة على الإطلاق واستفسر من مارجي إذا كانت هوايتها جمع التحف0
فأجابت بالنفي لكن لرغبتها في أشراك وندي في الحديث ابتسمت لها وسألت :
"هل تجمعين التحف يا عزيزتي؟
ومن دون تفكير قالت وندي إنها ذات مرة بدأت في جمعها لكن منذ بضعة أشهر قررت إلا تشتري شيئا آخرا 0
وأضافت " لدي بعض القطع الجميلة من روكنغهام0
"روكنغهام ؟ تلك أشيا ء يصعب اقتناؤها هذه الأيام اجل أعتقد هذا 0
وظهرت الظلال في عينيها لحظة عندما تذكرت ابن العم
المجهول الذي لابد أن يرث قريبا صندوقي ممتلكاتها وقد تركتهما مع الدكتور هويتكير0
تساءل فريزر:
" مالذي جعلك تتوقفين عن هذا الجمع ؟
" الأشياء غالية جدا الآن 0
وعند هذه اللحظة وصل إفطار فريزر , وترك الموضوع ولم يثره مرة أخرى مما جعل وندي تشعر بالارتياح 0


نهاية الفصل التاسع

lona-k 22-09-08 01:42 AM

الجراح المجهول -10


وبعد الإفطار مباشرة ذهبت وندي إلى مكتب موظف الحسابات وأبلغت المسؤول هناك بعزمها على مغادرة الباخرة في لوس انجلوس , فقال بتجهم :
" هذا قرار مفاجئ , فالركاب الذين يعتزمون النزول في أي من الموانئ يبلغون شركة البواخر عادة , في بداية الرحلة 0
" انا آسفة للإزعاج , لكن من الضروري جدا إن اترك السفينة غدا 0
" فهمت , سأبذل كل ما في وسعي , وعليك حزم جميع أمتعتك وأعدادها0
وقالت : نعم أنها ستكون مستعدة 0
سيكون الرحيل نهائيا هذه المرة , نهائيا تماما 0
وعندما عادت إلى غرفتها بدأت في حزم أمتعتها وهي تفكر : إلى حد أصبح هذا لاجدوى منه لأنها لن تحتاج مرة أخرى إلى كل هذه الثياب , فملابس المساء – مثلا – يمكنها أن تخرجها وتلقي بها
وهي باهظة وقالت بفتور :
"سأفكر في هذا في الصباح فأنا الآن لا أستطيع إن أفكر في شي أ إطلاقا 0
وكان حزم الأمتعة لا يتطلب وقتا طويلا لذلك أنجزت جزء من المهمة ثم ذهبت إلى "القاعة الزرقاء " لتناول قهوة الصباح
وكان أول شخص قابلته هو شو الذي تقدم إليها وقال :
"إذن فقد رفضك ؟ حسنا لقد رفضتني لأجله وهكذا لقيت فقط ما تستحقين0
وكانت شاحبة لكنها متماسكة وتجاوزته وجلست وجاءت قهوتها بعد دقائق من طلبها وجلست وحدها وهي تحتسيها وتفكر في غارث والأسابيع السعيدة التي قضياها معا وفكرت في مسندي الكتب الجميلين اللذين اشترتهما له وراودها الأمل إن يحتفظ يهما وأن يذكر في بعض الأحيان الذكريات السعيدة فقط وكانت ترتدي السوار والخاتم هديتي غارث اليها0
وأقبل مع نيكول ,والتقطت وندي كتابها وهي تشعر بالامتنان لأنها أحضرته معها أية راحة يوفرها كتاب في موقف مثل هذا وفتحت في هدوء وبدأت تقرأ أو بمعنى أصح تتطلع في الصفحة المطبوعة لأن القراءة كانت مستحيلة إذ هناك الكثير تفكر فيه فان حزم أمتعتها شغلها كذلك فكرة أنها تصبح وحيدة تماما في لوس أنجلوس سيكون لزاما عليها أن تبرق إلى الدكتور هويتيكر وتسأل عن موعد الطائرة ثم تذهب إلى المطار ومعها أمتعة كثيرة ,إذن ما الذي ينبغي أن تفعله ؟ الأفضل أن تتركها وراءها في الفندق لو ذهبت إلى الفندق0
....منتديات ليلاس


"ينبغي أن أذهب إلى فندق ,لأن لن تكون هناك رحلات جوية غدا لا أعتقد هناك رحلات"
ثم هناك مقابلة صديقيها مارجي ودينبي هذا المساء أثناء العشاء وهي تعلم أنها تقوم بخدعة قذرة إزاءهما0
أجل كل هذا تراكم عليها وعلاوة على ذلك تشعر بالقلق أن تكون مع أغراب عنها عندما تأتي النهاية 0فوق السفينة
كانت ستكون واثقة من وجود احد ممن تعرفهم معها في النهاية - غارث 000راودها الأمل في وقت من إلا وقات 00ان يكون هو 0ثم تلاشى هذا الأمل 000وصارت تريد مارجي0 لكن ربما أتمكن من العودة إلى انكلترا ينبغي أن أكون قادرة على ذلك لأنه لا يزال أمامي أسبوعان آخران وربما. .. أكثر قليلا0
وعلى أية حال ينبغي أن تكون مستعدة لأن حسب الأخصائي الدكتور هويتيكر لايمكن التكهن متى تأتي النهاية بالتحديد0
وسمعت صوتا تعرفه تماما وضع حدا0لجميع 0 أفكارها . التعسة 0 وكانت النظرة التي منحتها لمارجي نظرة امتنان عميق مصحوبة بإحدى ابتساماتها البهيجة "مارجي؟ إنني سعيدة جدا برؤيتك 0

ونظرت إليها مارجي بشيء من الحيرة وقد ارتسم على وجهها تعبير غريب وقالت : احقأ ؟ أهناك شيء يضايقك ؟ لا شيء فقط كنت متضايقة من البقاء وحدي 0
""
وجلست مارجي على مقعد وهي تشير بيدها للمضيف : 00ذهب دينبي إلى المزين لذلك جئت لتناول فنجان قهوة وأدركت أن لدي شيئا أود أخبارك به ! صاحب صالة البنغو للمقامرة كسب أكثر من ألف جنيه في الليلة الماضية في أحد الكازينوهات اكتشفت ذلك بالصدفة 0واضطرت وندي إلى الضحك وهي تقول " مارجي انك شخصية فذة ولا سبيل لتقويمك 0
"أتعتقدين أن دينبي سيتضايق مني في النهاية ؟
" ليس هو فانك ستحافظين على حيويته0
وردت مارجي ضاحكة : وعلى تزويده بالمعلومات 0
ووصلت قهوتها وجلست صامتة تحتسيها لبضع لحظات ثم قالت أخيرا بنبرة يغشاها الأسف : أتمنى لو جئت معنا إلى هوليوود 0
" سبق أن شرحت لك فأنا أريد البقاء وحدي فترة
من الوقت0
"إننا نحترم رغبتك لكننا نود إن تكوني معنا0
وابتلعت وندي ريقها بصعوبة وهي تشعر بشناعة ما تفعله مع هذين الشخصين الرائعين لكن لا طريقة أخرى على الإطلاق وستفهم مارجي ودينبي فيما بعد عندما يتلقيان رسالة من الدكتور هويتيكر
ثم قالت :
"إنك لطيفة جدا يا مارجي"
وبعد ن فرغتا من قهوتهما قالت مارجي: ما الذي ستفعلينه الآن ؟ مار أيك في إلقاء نظرة على المحلات ألتجارية ؟
"اجل سيكون هذا أمرا سارا"
أي شيء لتهرب من بقائها وحيدة لأنها ستصبح وحدها قريبا عندما تبحر السفينة بدونها تاركة إياها فوق ارض أجنبية0
وكانت المحلات حافلة بأشياء رائعة تغري أي شخص معه أموال لينفقها لكن وندي ومارجي كانتا تتجولان فقط ولا تشتريان شيئا 0وقالت مارجي:
" لا أستطيع إن أقول إنني سأشعر بالأسف عندما تنتهي هذه الرحلة "
كانت البداية رائعة كذلك منتصف الرحلة لكن عندما اقتربنا من نهايتها تشعرين بأنك 000حسنا 000لست متبرمة تماما لكن ليس لديك شعور المتعة الذي كنت تحسين به في الموانئ التي زرناها في البداية 0أليس كذلك ؟ وأومأت وندي بالإيجاب وقالت :
"أجل"
"كاليفورنيا - مثلا - إنني أتطلع بشوق إلى بيفرلي هيلز وهوليوود لأنني لم أرهما إطلاقا لكنهما ليستا مثل بآلي أو هونغ كونغ0
" لا 0 0لان غارث كان معها في تلك الأماكن وقالت : هذه الأماكن ليست غريبة هذا هو السبب هل تذكرين كورا ساو؟ ألا يبدو كأنها مرت فترة طويلة جدا منذ كنا هناك ؟
"نعم"
وتذكرت وندي إن تلك كانت البداية فقد استهل غارث اليوم بدعوتها إلى مشاركتها سيارته وأضافت :
" فعلا يبدو كان دهورا مرت0
لم يكن قد مر إلا أسبوعان فقط على مغادرتهم . ساوثهامبتن ثم قضت شهرين رائعين برفقة غارث وصداقته والآن كل شيء انتهى وقررت وندى أن تتغيب عن الغداء لأنها أرادت إن تستكمل حزم أمتعتها قبل العشاء وبعده سيكون الحفل الراقص البديع ولن ينتهي إلا بعد منتصف الليل وعرفت بحدسها أنها لن تنام كثيرا هذه الليلة لذلك الأفضل آن تبقى. في رفقة أولئك الذين تعرفهم بدلا من أن تعتذر مبكرا وتستلقي ساهرة تفكر في حالتها وتتأمل كيف ستنصرف وحدها غدا 0
وكما حدث من قبل توجهت إلى العشاء مرتدية "البيلوس"واتجهت كل العيون إليها وسارت متمهلة عبر قاعة الطعام إلى مائدتهم عالية الرأس بينما كان قوامها البديع يتهادي في ثوبها الجميل وكان الاختلاف الوحيد بينها هذه المرة ! والمرة السابقة تلك النظرة الهائمة التي قالت مارجي أنها تبدو في عينيها 0وذلك التعبير الحالم المراوغ الذي يلمح إلى وجود سر دفين في أعماق قلبها كذلك كان هناك نوع من الاستسلام الفاتر0مدفونا في أعماق عينيها البنفسجيتين الجميلتين 000الإستسلإم المعبر عن اليأس 0
ونظر إليها غارث وهي تجلس وأصبح واضحا لديها انه رغم محاولاته فهو لا يستطيع أن يرفع عينيه عنها
وتحركت شفتاها لتسمح لابتسامه هاربة بأن تظهر0 ورأت عينيه تضيقان وفمه ينقبض ثم أدار رأسه متحدثا إلى صديقه 0
وهتفت مارجي بنبرة إعجاب عميقة :
"" عزيزتي تبدين جميلة أليس كذلك يا غارث ؟ أنها أجمل فتاة في هذه القاعة
وحدث انه في هذه اللحظة بالذات كانت نيكول تمر فتوقفت وظهرت على وجهها نظرة حاقدة لكن تعبيرها تغير تماما عندما التقت عيناها بعيني غارث فابتسمت له وهي تستعرض كل فتنتها لم تتحرك عضلة واحدة في وجهه وواصلت الفتاة سيرها وأعقب ذلك صمت غريب وأحمر وجه وندي ارتباك لكن الحمرة التي كست وجنتيها أكسبتهما نضرة ورونقا وعندما تلاشت بقي الجمال وأصبحت بشرتها كالمرمر في نعومتها 0
وكان العشاء وجبة هادئة لكن وندي ظلت طول الوقت واعية لعيني غارث اللتين اختلستا النظر إليها من حين إلى آخر وبدا كأنه يبحث عن شيئأ ليس واثقا منه 0وانتابها انطباع فضولي غامض بأنه لا يشعر بالعداء تجاهها كما كان في الأيام الثلاثة الماضية وكان انطباعا محيرا فلم تكن لديها أية أدلة واضحة 0
ولم يكن غارث ولا فريزر يرتديان ملابس تنكرية إذ قرر كل منهما ارتداء سترة العشاء التقليدية أما مارجي فارتدت الثوب الذي ارتدته من قبل - ثوب مدام بومبادور الذي يناسبها إلى حد كبير0
وأثناء العشاء بدأت وندي تشعر بشيء مختلف تماما عن أي شيء شعرت به من قبل لم يكن رأسها هو الذي يؤلمها لكن أطرافها أصبحت خائرة القوة وعندما التقطت شوكتها رأت يدها ترتعش وجلست ساكنة تماما لكن لم يحدث شيء جذري, وشعرت أنها بخير أثناء بقية الوجبة وفي النهاية نهضت وهي تبدو في شكل ملكي هزيل وقد شحب وجهها ورقت حركاتها 0
وفي ساحة الرقص طلب مرافقتها شاب كان يحسد غارث طول مدة مرافقته لوندي ولم تكن وندي تعرف ذلك لكنه اخبرها بصراحة:
" منذ فترة طويلة وأنا أريد أن أرقص معك وأخيرا أتتني الفرصة "
وابتسمت له لكن قلبها كان مع غارث ونظرت حولها لكنه لم يكن موجودا كم بدا وسيما هذه الليلة كان لون قميصه الأبيض الناصع يتعارض تماما مع سمرة بشرته الداكنة 000ألم يقل فريزر أنه أرهق بالعمل والهدف من هذه الرحلة هو استعادة نشاطه حسنا لا يمكن أن يكون أكثر صحة مما يبدو عليه الآن.
واخبرها الشاب بأن اسمه ستيفن وعندما توقفت الموسيقى بقي بجوارها واضطرت أن تبتسم فالواضح أنه لا ينوي تركها دون حراسة خوفا من إن يأتي شخص آخر ويطلب منها مراقصته
وكانت الرقصة التالية "الفالس " ولاحظت وندي لدهشتها أن نيكول واقفة وحدها إلى جانب القاعة ومرة أخرى ألقت نظرة حولها وكان غارث هناك يقف على إحدى الدرجات المؤدية إلى المنصة التي يجلس فوقها أعضاء الفرقة الموسيقية يتحدث مع القبطان 0 هل رأتهما مارجي؟ سألت وندي هذا السؤال لنفسها وهي تتوقع إن تظهر السيدة الأميركية فجأة.. وتربت على كتفها وتصيح بنبرة انتصار: ها هو ياعزيزتي ماذا قلت لك ؟ انه شخصية هامة 0
وسرحت أفكار وندي من غارث إلى الرجل الذي يتحدث معه ,سرحت لأن العب ء الثقيل المريع لما ستفعله يضغط عليها بكل أثقاله مرة أخرى ومهما حاولت لا تستطيع إن تمنع نفسها من التفكير فيما ستواجهه هناك 0 الصعوبة الحقيقية في مغادرة السفينة وحمل حقائب عديدة معها وهي صعوبة لم تواجهها عندما ركبت السفينة لأن كل أمتعتها الثقيلة سبقتها إلى ظهر السفينة قبل وصولها هي إلى ساوثهامبتن ثم كان هناك قلقها بشأن المال المتوفر لديها وهل سيتبقى لها شيء لإقامتها بعدما تحذف منة أجر عودتها جوا إلى الوطن ينبغي لها أن ترسل برقية إلى الطبيب : وتوقفت أفكارها فجأة وهي تلتوي بين ذراعي ستيفن وضغطت راحة يدها على جبهتها وهي تئن أنينا مكتوما وقالت متوسلة :
"أنا 000 أنا 000 غرفتي000 ينبغي0إن . اذهب 00.الى00 غرفتي0
"هل أنت مريضة ؟
"أجل 000أنا 000مريضة أرجوك أن توصلني"00
وأفلتت منها صرخة حادة عندما وخزها الألم المخيف في رأسها وشعرت أن كل قطرة دم هربت من وجهها وشفتيها ومن خلال الضباب الذي غشي عينيها رأت وجه الرجل الذي أحبته وشعرت بذراعيه تمسكان بها وترفعانها وكانت واعية لأصوات الهمهمة المذعورة ومارجي ودينبي وهما يندفعان نحوها 000واعية لالتفاف الثوب اليوناني الجميل على الرجل الذي يحملها برقة كما لو كانت دمية من الخزف 000وسمحت لرأسها بأن يستقر فوق كتفه وهي تصرخ مرة أخرى عندما انتابها الألم الفظيع في رأسها وسمعت صوتا يسألها: هل لديك بعض الحبوب ؟
كان صوت غارث سريعا لكنه أجش في الوقت نفسه وفكرت 000هل هو غارث ؟ انه يبدو مختلفا اجل وسألت:رفتي
وفقدت ألوعي حينئذ لكن ليس لمدة طويلة 0 وفتحت عينيها وسألت :
"أين أنا ؟
"في مستشفى السفينة "
ونظرت إلى وجهه ورأت انه داكن مجهدا وكان شخص ما يتحدث إليه الآن طبيب السفينة والقبطان نفسه 0 وصدر صوت ضعيف من بين شفتيها وهي تحاول جاهدة أن تكبت صرخة ألم في الوقت الذي أحست بخوف شديد وهمست : غارث أريدك قريبا مني عندما 000عندما تأتي النهاية .
ورأته من خلال الضباب مجرد شبح لا أكثر لكنها شعرت بذراعه وقالت :
" لم أعد خائفة على الاطلاق0"
وحتى الآن والألم المريع يخرق رأسها نجحت في أن تمنحه إحدى ابتساماتها البديعة
" نسير بأقصى سرعة وبذا ينبغي أن نصل إلى لوس أنجلوس حوالي الخامسة صباحا"
" ليتني أتمكن فقط من إن اجري الجراحة "
" مستحيل يا سيد ريفرز ليست لدينا المعدات اللازمة لمثل هذا النوع من الجراحات 0"
كلمات 000ماذا تعني ؟ مازال شبحا لكنها سمعت صوته يقول شيئا عن إجراء جراحة وقالت بصوت واهن لكنه مفهوم: إنها النهاية 0ليس هناك أمل 000إنها النهاية لكنني لست خائفة.

ورفعتها ذراع ورأت شبح كوب ماء وسمعت يقول : القرص ياعزيزتي وابتلعته وهي لا تكاد تعي أن شخصا ما لا بد انه أرسل إلى غرفتها لإحضار الأقراص ورفع غارث كوب الماء إلى شفتيها ورشفت بعضا من محتوياته وأعيدت برقة إلى الوسادة وقالت : الست خائفة لن أكون خائفة اذا بقيت معي يا غارث ؟ لا استطيع أن أراك جيدا لكن يبدو انك أنت

lona-k 22-09-08 01:52 AM

" إنني هنا ياحبيبتي ولن أتركك 0
" الدنيا تسود أمام عيني "
وأدركت إن يدها في يده وقالت مرة ثانية :
"الدنيا تسود أمام عيني 0
" يا إلهي كيف لا يمكنني أن اجري الجراحة هنا ؟
صدرت هذه الكلمات من أعمق أعماقه
غارث 000جراح !
"إنني آسف يا سيد ريفرز لكن ليس هناك ما نستطيع إن نفعله أكثر من هذا 0 سترسل المستشفى في لوس أنجلوس . سيارة إسعاف إلى الميناء لقد ابلغوا باللاسلكي كما تعلم"
هل كان هذا صوت القبطان ؟ علمت وندي أنه هو:
"لا جدوى من الجراحة "0
هل كان هذا صوتها هي؟ .يبدو مهزوزا0 وغير واضح وتجهمت عندما عاودها الألم 0 أصبح الآن فاترا وعلى هيئة نبضات متتالية لان مفعول القرص بدأ يسري0
" قيل لي انه ليس في مقدور أي شخص أن يفعل شيئا "
وخفت صوتها وشعرت بقبضة يد غارث وقد التفت أصابعه حول أصابعها وبدا الألم يتلاشى أيضا وشعرت بالهدوء العميق يسري داخلها 00كانت تلك هي النهاية لأنها شعرت الظلام يجتاحها بسرعة أكثر
"غارث 000ابق معي"
"سأبقى يا حبيبتي"
وتلاشى صوته المهزوز الخفيض وسط حالة اللاوعي المتزايدة .التي تجتاحها وأصبح الرجال الآخرون في الحجرة مجرد ظلال تتحرك أمام نظرها المغلف بالضباب وهمست وهي تمسك بيد غارث بقوة:
"زال الألم ولن يعود مرة أخرى"
"القرص هو الذي أزال الألم ياحبيبتي"
وأغمضت عينيها وقالت :
"إنني أحبك يا غارث"
"عزيزتي لا تتركيني تماسكي بضع ساعات أخرى أقول, تماسكي"
وكان صوته عنيفا وآمرا الآن وحتى وهي في حالة تشبه اللاوعي أدركت أنه يعاني من ألم كبير وقالت وهي تعطيه بأعجوبة واحدة من أبهى ابتساماتها التي يعرفها جيدا عزيزي غارث ليس هناك ما يستطيع احد إن يفعله كنت اعرف عندما جئت إلى السفينة بأنني في الغالب لن أتركها حيه0
"توقفي ! أقول توقفي "
سيد ريفرز ينبغي أن أسألك"00
" اهدأ000وأسرع أكثر بالله عليك0
وفتحت وندي عينيها هل كان غارث يحدث القبطان ؟ وحذرته وقد أجبرت ضحكة أن تظهر فوق شفتيها: يمكنه أن يقيدك بالأغلال0
ومن خلال الضباب الذي غلف عقلها أدركت أن نوعا من الحركات المضطربة تجري خارج الباب 0 ثم سمعت صوت مارجي وهي تطلب الدخول وتقول :
" إنها صديقتي الصغيرة لذلك فإنها تريد أن تراني بالطبع 0 قالت أنها ستفضي إلي بسرها , لكن يبدو لم يكن لديها الوقت الكافي 0"
" سيدة سترومبرغ عليك إن تذهبي"
أكان هذا صوت القبطان ؟ واكتست جبهة وندي0بتقطيبة عميقة 0
"أحسست بأن هناك شيئا ما لكني لم افطن لحظة واحدة
أنها ستموت "
وتوقفت مارجي لحظة ثم قالت بنبرة أكثر نعومة وتوسلا : دعني أراها أرجوك ينبغي ألا تموت دون إن أراها 0
وتحدث غارث بنبرته الهادئة المهذبة " وندي لن تموت يا مارجى وعلى أية حال وبإذن القبطان يمكنك الدخول لحظة 0 أعتقد أنها ترغب في ذلك0
" لكنني سأموت ! ينبغي ألا يراودك الأمل هكذا يا غارث ليس مقدرا لنا إن نكون معا 0
ولم تستطع أن تراه لكنها أحست بأن وجهه صار أكثر شحوبا من أي وقت " ينبغي أن تفعل شيئا لتجعله يدرك مدى اليأس من حالتها وقالت :
" ليس هناك أحد على استعداد لإجراء .الجراحة لآني ببساطة لا املك فرصة للبقاء0"
وجاء صوت مارجي. "عزيزتي 0"
وسرت وندي إذ سمح لمارجي بالدخول ومضت مإرجي تقول : فهمت الآن لماذا بعت بيتك00
وتوقفت وقد أدركت فجأة .. إن هذه ليست هي الطريقة المثلى للحديث وعلى الأقل إلى وندي: غارث سأخبرك بكل شيء فيما بعد 0
وتجهمت وندي أتخبره ببيع بيتها لتشترك في الرحلة البحرية ؟ لم تكن تعتقد أن غارث يهتم بأمور كهذه وتحدثت مارجي ثانية لكن كلماتها كانت غير واضحة :
"علمت من أول الرحلة أنك شخص هام لكنني لم أكن أحلم بأنك سير جيمس ريفرز جراح الأعصاب المعروف"
وأصبح الظلام شبه كامل وأمسكت وندي بيد غارث بقوة أكبر من أي وقت وبشجاعة رسمت ابتسامة على شفتيها وهي تقول :
"إني راحلة 0000"
واجتاحها هدوء جميل لأنها أصبحت في فراغ لا يمكن للألم أن يمسها فيه وفكرت وسط الضباب : إنني لم أنقذ غارث بعد كل محاولاتي فسيحزن لأجلي00
لكنها كانت خارج أي وعي حيث يمكن للأسى أن يسيطر على مشاعرها وكانت تغوص بسرعة ى إلى أعماق النسيان حيث لا شيء يمكن أن يقلقها بعد ذلك0
وكانت عيناها مغمضتين وعندما خبت لديها آخر فكرة سمعت غارث يقول :
"تماسكي000أقول لك أنك ستتماسكين"
ثم لم تسمع شيئا أخر
وفتحت عينيها وأخذت تحدق في السقف وطرف حاجبها في تقطيبة وهي تحاول أن تركز أجل مرت بإحدى حالات اللاوعي لكن كآن من المنتظر أن تكون هذه هي الأخيرة
كم من الوقت مر عليها وهي غائبة عن الوعي؟ فكرت أنه ليس كبيرا لأنها لا تزال فوق السفينة ولاحظت الضوء الخافت والجدران البيضاء0وبدأ الظلام يهبط مرة أخرى وأدارت رأسها لترى غارث يجلس هناك فوق كرسي بجوار الفراش رأسه بين يديه , انه أخصائي الدماغ المعروف السير جيمس ريفرز الرجل الذي أمره أطباؤه بالراحة لأنه كان يعمل فوق طاقته عبر سنوات عدة 0 كان قدره ثمينا جدا بالنسبة لزملائه وحركت يدها وفي الحال أحست بلمسة غارث القوية الدافئة غارث ينبغي أن يكون اسمه سير جيمس غارث ريفرز أو انتحل فقط اسم غارث ؟ قال انه سيجري الجراحة لا 0علىوقالت:اعتقدت قال ذلك 0لكنهم لا بد أن يكونوا قد وصلوا إلى المستشفى في لوس أنجلوس أولا 0وكان الضوء مزداد مرة أخرى
خفت وترك أشباحا ووصل صوت إليها : هل تشعرين بأي الم ياعزيزتي ؟
ورسمت شبه ابتسامة على شفتيها وقالت: لا إنني أشعر باسترخاء جميل "
وكانت . هذه الكلمات تستهدف طمأنته لكنه . لدهشتها تجهم بشدة وقال وقد اختفت النبرة اللطيفة من صوته وأصبح جافا " فقط تماسكي بعد ساعتين أخريين أو نحو ذلك سنكون في لوس أنجلوس وسأجري الجراحة "
" لا أمل هناك لقد أكدوا لي ذلك "
ورد بخشونة " هناك أمل دائما0
" لكن يا عزيزي غارث "
وتوقفت كلماتها عندما زاد الضغط على يدها إذ كانت أصابعه تشدد قبضتها عليها وكرر:
" هناك أمل دائما ينبغي ألا تيأسي فاليأس موقف من ألعقل , يجب أن تقاوميه 0
كان بوسعها أن تفهم مشاعره وأحاسيسه القوية العنيفة في هذا الموقف الذي يتهدد حياة حبيبته 0انه لم يستطع إن يفقد الأمل وعرفت أنه جلس هناك بلا حراك وهو يحثها على التماسك قائلا " أنها ينبغي أن تعيش أنها سوف تعيش "
"سأتماسك سنكون هناك خلال ساعتين كما تقول ؟
" نحو ذلك وحينئذ ينبغي لنا أن ننقلك إلى المستشفى "
ونظر إليها نظرة حب ورقة واحترام عميق وقال وقد أخذ صوته يرتعش مشحونا بالعواطف
"أنت فتاة شجاعة "
" ستنقذني على ما أعتقد "
"ضعي ثقتك في ياعزيزتي وسيساعدني هذا في مهمتي"
وكأن جميع ألمعنيين بالأمر في حالة استعداد عندما رست السفينة ولم يسمح لأحد بالنزول إلا بعد إن أنزلت وندي على نقالة وهي في حالة لا نصف وعي وظل غارث ممسكا بيدها طول الطريق إلى المستشفى وقد أصبح متوترا وشاحبا بعض الشيء وبدا أكبر بعشر سنوات فكرت في ذلك وهي تبذل جهدا يائسا لقمع صرخات الألم التي ارتفعت آلى شفتيها لأن القرص الذي أخذته عندما عاودها الألم منذ نحو ساعة لم يعد يجدي لكنها بين حين وآخر كانت تسمح لأنة ألم خفيضة أن تفر من بين شفتيها لان الألم الفظيع الناجم من الضغط على رأسها كان فوق طاقة احتمالها
وحالما أصبحت داخل المستشفى نقلت إلى مركز الأشعة لكنها لسبب ما بعدها نقلت فوق عربة بعجلات حوالي ياردة فقط توقفت الممرضة التي كانت تدفع النقالة وغابت لبضع ثوان وحينئذ سمعت وندي صوت غارث وهو يتحدث مع احد الأطباء ....منتديات ليلاس


" رأيت صور الأشعة التي التقطت من قبل أرسلها طبيبها إلى القبطان 00جميع الظواهر تدل على أن حالتها ميئوس منها لكنني أرى أن هناك فرصة ضئيلة وأملي أن يسمح لي بإجراء الجراحة0
وعادت الممرضة ولم تسمع وندي شيئا آخر0
وعادت إلى وعيها بعد بضع ساعات واستلقت برهة وهي تشعر بدوار وعدم إدراك ثم وضعت يدها على رأسها وأدركت أنها ملفوفة في الضمادات لكنها لم تتذكر شيئا مما حدث بعدما عادت الممرضة وبدأت تدفع عربة النقالة إلى قاعة الأشعة 0
وكان عقلها لا يزال مهتزا وأفكارها مشتته لكنها عرفت أن العملية الجراحية أجريت ولا تزال حية 0
وكان غارث هناك عندما فتحت عينيها بعد مدة طويلة وجهه الحبيب لا يزال قاتما متوترا لكن عينيه كانتا تشعان لها بنظرة رضى عميق و الانتصار والابتهاج والتواضع كلها كانت مكتوبة هناك في قسماته ورسمت وندى ابتسامة على شفتيها الجامدتين الجافتين وقالت ببساطة وفي صوت واهن :
"أشكرك يا غارث"
" شكرا لك ياعزيزتي بصمودك 0لم يعد هناك خطر الآن 00لا خطر هل حدث أن تلقى أي شخص كلمتين أخريين بمثل هذه الفرحة والامتنان ؟
ورقدت هادئة لحظة طويلا وهي تتمتم بالصلاة شكرا على نجاتها0
" لا خطر 00
كررت الكلمتين مرة أخرى وابتسمت عيناها وشفتاها بتلك الطريقة الرائعة الخاصة بها وحدها أما ابتسامة غارث فلم تكن وشيكت الظهور وعرفت بالحدس أنه يستحيل عليه إن يبتسم فكان غارقا في التفكير ولم تعرف إلا فيما بعد إلى أي حد كانت قريبة من ألموت أثناء الجراحة 00كيف كان الخيط الذي تتعلق به حياتها دقيقا رقيقا رفيعا0 وأخبرت فيما بعد أيضا بحالة الهذيان التي انتابتها أثناء العملية حيث كانت0
حياتها معلقة في كفة الميزان مرة أخرى
0"هناك دواء خاص جدا ولحسن الحظ أنه متوفر هنا في المستشفى هذا الدواء سيضمن اجتيازك مرحلة الخطر بسلام »
وعاد صوته الآن إلى طبيعته وبدأ وجهه يستعيد نضارته وأضاف برقة : " نامي يا حبيبتي سنتكلم عندما تصبحين أقوى قليلا 0"
" آسفة إذ تسببت في تألمك كان ذلك ضروريا ألا ترى ؟0
" قلت نامي أنت بحاجة إلى النوم يا حبيبتي 0"
" هل يمكنني أن أسأل منذ متى وأنا هنا ؟
" منذ يومين "
"هل كنت فاقدة الوعي طول هذه المدة ؟
وبدأ جفناها ينسدلان وراقبها في صمت وأدركت أنه لن يرد على أية أسئلة أخرى وغلبها النوم سريعا وأحاطها بسلام وساعدها على الشفاء 0
ولم يسمح لها غارث أن تتكلم بإسهاب إلا بعد أيام عديدة أخرى وكانت لا تزال تحت رعايته إلا أن جراح الأعصاب بالمستشفى الذي لم يقبل أن يبقي في الظل رغم انه سمح لغارث بإجراء الجراحة , كان يزورها من حين إلى آخر لمجرد الاطمئنان على تقدمها وسمعته يتحدث مع غارث ذات مرة خارج باب غرفتها حيث ظنا أنها نائمة يتحدثان عن المعجزة التي حدثت في المستشفى - وكان الجراح المقيم هو الذي ذكر الكلمة وجاء تعليق غارث الهادئ:
"كانت لديها إرادة الحياة ليس لي أي فضل في انقاذها0
"وماذا عن الفترة التي كانت غائبة فيها عن الوعي؟ إرادة الحياة لم تكن تعمل حينئذ0
"قبل ذلك أوضحت لها أنها يجب أن تتماسك وفعلت"
ونظرت وندي إلى الباب الذي كان مشقوقا وقالت بنعومة : لا تطنب كثيرا في شجاعتي كنت أشعر بخوف فظيع لكنني أدركت إنني لن أكون خائفة لو كنت معي في النهاية0"
تلك الليلة قرر إن يقضي معها ساعة أو نحو ذلك بعدما أكلت بشهية لإرضائه 0والتقط يدها في يده وهو يقول : لماذا لم تفضي إلي بسرك ؟
"لم يكن باستطاعتي التحدث عن الأمر إلا ترى أنني كنت أتمتع بأي شيء تقدمة لي الحياة ؟ لو تحدثت عن مصيري لأفسد ذلك كل شيء
وقاطعها قائلا:
"لكنه لم يكن سيفعل نظرا لما كانت عليه الأمور 0"
" يبدو أنك نسيت أنني لم أكن اعرف من أنت الذي كنت تقوم بالرحلة متنكرا ومع ذلك كنت فظيعا معي عندما كنت تشك في أنني لينيز مافارو0"
"هذا مختلف تماما - فلينيز مافارو لم تكن المرأة التي أرغب في اتخاذها زوجة وإذ كنت واقعا في حبها 00
" يا إلهي"00
لم تستطع مقاومة مقاطعته وقد أضاءت عيناها بروح الدعابة 0ونظر إليها بحدة وقال :
"ذكريني إن أضربك عندما تشفين تماما 0"
وضحكت مرة أخرى وقالت : لا يمكنك أن تخيفني بتهديدات مثل هذه 0"
"أرى إنني سأواجه بعض المتاعب ؟
لم تفتها نبرةذلك ياة في صوته :
" ما زال إمامك الوقت الكافي لتغير رأيك بشأن 00بشأن 000 »
وتلاشى صوتها وأصبح صمتا مرتبكا عندما أدركت ما كانت على وشك إن تقوله 00
" بشأن عرضي عليك بأن تصبحي زوجتي؟ لا خوف بخصوص ذلك
يا وندي فأنت الفتاة المناسبة تماما لي..
وأرخت رموشها الجميلة وحدقت في ملاءة السرير وهي تتلهى بحافتها والشئ الوحيد الذي استطاعت أن تقوله هو
" لا استطيع إن اصدق إن هذا كله حقيقي 0"
وردا على ذلك رفع وجهها و أمسك بذقنها في راحة يده وقرأت في عينيه ما كان على وشك أن يعبر عنه
"لأنني أحبك وأريدك زوجة لي لا حاجة لأن تقولي لي انك ستتزوجينني لأنني أعرف أنك تحبينني وقد أحببتني منذ وقت 0
ولم تخطيء اللمحة المفاجئة في صوته وتكدرت عندما مرت بخاطرها ذكرى إيذائه 0وحاولت أن تشرح وأن تخبره كيف أرغمت على رفض شو لأنه أصبح متعلقا بها أكثر من اللازم وواصلت بدون تفكير
" معك شعرت بأن الأمر لا يهم لأنك لن تتألم اعتقدت أنك تغازلني فقط "
" ربما كنت في البداية "
" عندما اعتقدت إنني لينيزا0"
"هذا صحيح »
" بالطبع لم أكن اعرف في ذلك الوقت انك تظنني لينيزا0
" كلا 00لم تكوني تعرفين "
وجعلها شيء ما في نبرته تنظر إليه نظرة شك وقالت :
"إنك تجد شيئا للمزاح على حسابي0"
" ليس هناك شيء من هذا القبيل اننى منصت بكل اهتمام "
" لو كنت ستضحك مني "
" بل أضحك معك ياعزيزتي لكن أرجوك استمري إنني تواق إلى الرد على عديد من ألأسئلة المثيرة كنت تقولين إنك اعتقدت إنني أغازلك؟
0وتوقفت وهي تفكر في هذا الوجه الآخر له 0فقد كان يتمتع بروح دعابة كبيرة
"لأنني اعتقدت أنك تغازلني شعرت بأنني استطيع أن استغلك لو كنت تعرف ما أعني ؟
"لدي فكرة واضحة عما تعنين0"
"اعتقدت أنك ستكون قادرا على توديعي عندما يحين وقت
فراقنا"
"اعتقدت بالطبع أنك ستعيشين حتى نعود إلى انكلترا ؟
وتذكرت الآن أنه تلقى بعض المعلومات عن حالتها من طبيبها وكانت تنوي أن تسأله عن ذلك من قبل ولكن لم تكن هناك فرصة وردت :
لم أكن واثقة كنت آمل بالطبع في أن أحيا :
"وماذا كنت تنوين عمله حينئذ؟ أخبرتني مارجي بأنك بعت بيتك للاشتراك في هذه الرحلة 0
"كنت سأذهب إلى دار للرعاية وكان طبيبي يرتب لي كل شيء0 "
لم تعرف مدى الاحترام العميق الذي صار يكنه لها للطريقة التي تقبلت بها مصيرها واستعدت بهدوء لمواجهة كل الاحتمالات
"الواضح أنك لم تعرفي أن طبيبك أخبر القبطان بحالتك الخطرة ؟
وهزت وندي رأسها ومضى يقول إن هذا كان ضروريا متى يمكن لطبيب ألسفينة إن يلاحظها بدقة 0
" الطبيب كان يعرف حالتي طول الوقت ؟
"الطبيب والقبطان تقريرك وصور الأشعة سلمها أيضا طبيبك 0
"سمعتك مصادفة تخبر الطبيب بأنك رأيت صور الأشعة وكنت أنوى أن أسالك من ذلك وأومأ وقال :
"علم القبطان أخيرا بان هناك جراح أعصاب في السفينة وطلب مني مقابلته له جناح صغير بعيد عن مقره العادي ودعاني إلى هناك لتناول قهوة الصباح الباكر معه عندما رآني الليلة السابقة وقال إن المسألة عاجله وطلب مني الحضور إلى جناحه صباح اليوم التالي وهذا ما فعلته , وشرحت له أنني أقوم بالرحلة باسم عادي السيد ريفرز لأنني لا أريد أن يعرفني أحد ,إذ جئت للراحة
وتوقف لحظة وأخبرته كيف انهل هي ومارجي كانتا تتوقان لمعرفة مهنته وقالت ضاحكة :
" سئل فريزر مباشرة , أجل من جانب مارجي واخبرها بأنك تقوم بالرحلة لأن طبيبك الخاص أمرك بالراحة لفترة طويلة "
وبدا مبتهجا وأعرب عن رأيه في أن مارجي انتكست لأنها عجزت عن اكتشاف المزيد عنه 0
" قال فريزر إنك كنت مرهقا بالعمل منذ سنوات "
ونظرت وندي إليه لكنه لم يعلق بشيء ثم أشار إلى حديثه مع القبطان وقال انه رغم أنه طلب من القبطان معرفه اسم السيدة مثار المناقشة إلا إن القبطان رفض إعطاءه إياه »
قائلا إن رغبة صاحبة الحالة هي إن يظل أمرها سرا لكن لو حدث لها أي شيء وهي فوق السفينة فانه سيطلب من غارث أن يكون مستعدا للمساعدة إذا أمكن ذلك 0
"أعترف بأنني أنظر إلى كل امرأة تقترب مني نظرة فاحصة "
" هناك أوقات كنت فيها تبدي قلقك علي بوضوح وينبغي إن أعترف بأنك كنت تبدو كطبيب في مناسبة أواثنتين لكن هذا كان قبل ذلك الحديث بينك وبين القبطان 00
وحدق فيها وحينئذ فقط أدركت أنها زلت بلسانها وسال : كيف عرفت متى تم الحديث ؟
وتوقفت لكنها أخبرته بأن مارجي وهي تتجول في أنحاء السفينة في ذلك الصباح الباكر قررت أن تكتشف ما وراء ذلك الباب الخاص واستدركت : "لكن من الواضح أنها لم تسمع عما كان الحديث يدور00
قالت إنها تشعر بالحيرة بخصوصك وبخصوصي أنا أيضا"
"تحدثنا أنا وهى حديثا مطولا"
كان هذا كل ما قالا لكن وندي استطاعت أن تتصور أن مارجي أخبرته بكل شيء يدور في خلدها واستطرد غارث بمرح :
"حول تلك الأوقات التي كنت أبدو قلقا فيها كان الطبيب هو الذي يتحرك بداخلي كان وجهك يشحب أحيانا وطبيعي أن ألاحظ ذلك لكن كان مستحيلا أن أعرف أنك تشكين من شيء خطير إذ كنت تبدين في غاية الصحة 0 اعتقد انه في الفترات التي كنت تقضينها في غرفتك كنت تعانين من الألم في راسك ؟
"أجل هذا صحيح "
" لم يكن ينبغي إن تحتفظي بذلك لنفسك لو كنت فقط ذكرت شيئا لي
وتوقف وهز كتفيه بلا مبالاة وقال وهو يبتسم : لا يهم كل شيء أصبح الآن في الماضي ستشفين بسرعة ياعزيزتي ثم تصبحين تحت رعايتي بقية حياتك"
وردت ابتسامته وساد الصمت لحظة طويلة في الغرفة وبعدها قالت :
" رأيتك مع القبطان قبل إن أمرض بلحظات 00 هل كان أعني00"00
"بعد ابلاغه بأنك ستغادرين السفينة في لوس أنجلوس قرر إخباري بأنك الفتاة التي حدثني عنها 0كآن قلقا بشأن قرارك المفاجىء0 ولهذا تشاور معي0 اعتقد أنه ينبغي إقناعك بالبقاء فوق السفينة لأن الواضح أن طبيبك أبلغه بأنه ليس لك أقارب إلا ابن عم من بعيد 0 وهكذا عرف انك تكذبين عندما قلت إن لك أقارب في لوس أنجلوس 0"
ورمقته بنظرة الإحساس بالذنب وقالت :
"اعتقدت أنني أفعل الأفضل لم أكن ارغب في أن تصاب بألم يا غارث"
"لكنك تأخرت والألم أصابني بصورة سيئة للغاية "
"لم أكن أريد أن تعلم أنني سأموت"
واستدارت لتنظر إليه 0ورأى عينيها تلمعان
بالدموع وارتعشت قائلة "
"عزيزي غارث لم أستطع أن أفكر بأية طريقة أخرى 000
وانحدرت دمعة على خدها واحضر منديلا وجففها به ثم مد ذراعه وقربها من صدره وهو يغمغم 0
"لا تزعجي نفسك بهذا لم يكن ينبغي لي أن أقول شيئا عن مشاعري 0
"لكن كان ينبغي بالطبع إن تقول "
وعندما لم يعلق بشيء واكتفى بضمها إلى قلبه أخبرته كيف كانت تحس عندما اعترفت بعد وهي في حالة اللاوعي الجزئي بأنها تحبه وقالت "عرفت حينئذ أن الوقت متأخر لحمايتك من الألم , وبدا لي .. أنه ينبغي أن أخبرك بحبي لك 0
"كنت أعرف بالفعل هل تعتقدين أنني لم أفهم في أسرع لحظة يمكن تصورها السبب في قرارك بمغادرة السفينة 0؟
" بالمعلومات التي كانت لديك لأبد إن هذا كان واضحا 0"
ولم يقل غارث شيئا وكان قانعا بان يضمها إلى صدره بهدوء وقد التصق خده بخدها وفكرت في المستقبل ودهشت
من أنها لا تزال حية وأنها هي و غارث سيصبحان قريبا زوجين" ووضعت يدها على الضمادات المحيطة برأسها وقالت متسائلة "
"أليس لي أي شعر على الإطلاق ؟
سألت هذا السؤال لأنها رأت بعيني خيالها صورة حفلة زفافها وتجهمت عندما فكرت في أنها سترتدي شعرا
مستعارا 0
"أخشى أن يكون شعرك قد حلق تماما لم يكن فقده ذا قيمة "
"لا , الواقع أنه لم يكن كذلك 00 كنت فقط أفكر في 000
واجتاحها الخجل فآسكتها0 لكن غارث عرف ما كانت تعنيه فقال :
"الصدمة التي يصاب بها الجهاز العصبي بعد عملية كهذه كبيرة إلى درجة إن المريض يحتاج إلى ستة أشهر كي يستعيد صحته تماما , سنعلن خطوبتنا فور عودتنا إلى إنكلترا لكن بقدر ما كنت أتمنى إن نتزوج بسرعة علينا إن ننتظر سيوفر لك هذا أيضا الفرصة لكي ينمو شعرك ولكي تتعودي على أساليبي الآمرة أيضا"
وقطعت وندي صمتا طويلا قائلة :
"هل ستظل دائما تعمل فوق طاقتك كما تفعل الآن ؟
" لن أضطر إلى ذلك فهناك اثنان آخران من جراحي الأعصاب في المستشفى الآن لذلك لا يمكن أن أظل أعمل كما كان يحدث طوال السنوات الأربع أو الخمس الماضية "
وشعرت بالسعادة تغمرها من رده إذ لم تكن تريد إن يضيع صحته بالعمل المرهق ورغم أنها كانت أمينة بما فيه الكفاية للاعتراف بأنها أنانية بعض الشيء فإنها كانت تريد بالفعل أن يظل زوجها معها أطول وقت ممكن0
" فريزر قال انك كنت ترهق نفسك بالعمل أربع عشرة أو ست عشرة ساعة في اليوم لمدة سبعة أيام في الأسبوع أحيانا "
قال بحدة :
"فريزر يتكلم أكثر من اللازم"
لكن وندي كانت واثقة أن فريزر قال الحقيقة وعلى أية حال فقد شعرت بأن غارث متردد من سماع أي شيء آخر عن الموضوع لذلك تجاوزته وسألت عن السفينة والناس الذين أقامت معهم علاقات صداقة فقال لها :
"مارجي أصيبت بأسى فظيع لكنني أرسلت رسالة إلى القبطان وسيذيعها في مكبر الصوت بأن العملية نجحت فهناك بالطبع كثيرون فوق السفينة يرغبون في معرفة أحوالك 0
وقالت موافقة "
"أجل فريزر وصديقته ودينبي ومارجي بالطبع 0"
وتوقفت عن الكلام وقد استغرقت في التفكير بالآخرين الذين أقامت معهم صداقات ثم قالت :
"جميعهم سيعرفون بما فعلت"
واكتفى غارث بالابتسام وأدركت مرة أخرى أنه لا يرحب بمزيد من الحديث عن هذا الموضوع وبعد لحظة
قال بحزم : حان الوقت لترقدي ألان 0غدا قد أسمح لك بالنهوض0"
" حقا ؟ "
" لمدة نصف ساعة فقط , وفقط إذا كنت فتاة طيبة ورقدت
الآن "
"سأفعل"
وفعلت ذلك في الحال رغم أنها شعرت بأنها ابعد ما تكون
عن الإرهاق 0
"طابت ليلتك ياحبيبتي العزيزة سأراك في الصباح
وهمست برقة وهي تنظر إليه بعينين براقتين من فوق
الوسادة : طابت ليلتك 00 إن الحياة جميلة حقا شكرا لأنك أعدتها
لي 0
ولم يقل شيئا وعبر من الباب ثم أغلقه خلفه في نعومة 00 ."
وتزوجا بعد ذلك بسته أشهر في كنيسة لطيفة في قرية "بورتونويل" حيث يعيش والدا غارث وأشترى غارث بيتا جميلا 0مبنيا بالحجارة على مسافة غير بعيدة منهما وكانت الشمس تشرق من سماء صافية الزرقة عندما خرجت وندي من الكنيسة لتواجه مع زوجها عددا من آلات التصوير بعضها في أيدي الصحفيين وبعضها في أيدي أصدقاء أو أقارب وبعضها في أيدي أطفال 0
" قفا جانبا قليلا ياعزيزتي000.كنت دائما اعرف بأنكما ستصبحان زوجين رائعين 000دينبي000انت على حق في التقاط صورة لهما من هذه الزاوية الجانبية آمل إن تكون قد وضعت فيلما جديدا في آلة التصوير00"
"عمي غارث وعمتي وندي00هلا تمسكان أيديكما بعضها البعض ؟ 0
" وندي يجب إن تبتسمي00"
وتكتكت آلة التصوير مع فريزر حين أطاعته
وابتسمت ابتسامة أخرى وقالت فيكي بنبرة اعتذار:
"ألا يمكن إن ألتقط صورة ؟ أنا واثقة من إنكما متعبان0"
"كلا على الإطلاق"
قال غارث ذلك بلهجته الهادئة وقبلت والدته وجنتى العروس بينما التقط أبوه صورة سريعة لهما 0 وطول ذلك الوقت كان مراسلو الصحف يدونون الملاحظات لكن أخيرا انتهى كل شيء وأصبحت العروس والعريس وحدهما في غرفتهما في فندق سافوي بلندن حيث كانا يقضان الليلة الأولى من شهر العسل قبل أن يطيرا إلى فيدجي , حيث كانا سيقضيان الأسابيع الثلاثة التالية0
" كم كان يوما رائعا "
قالت وندي إذ شعرت بأن عليها أن تفوه بشئ عندما أصبحت تشعر بخجل شديد مفاجئ ثم استطردت :
" كل شيء مر بهدوء والشمس أشرقت وكان الجميع سعداء ألم تكن والدتك رائعة في ثوبها المرجاني؟ حفل الاستقبال كان 000 وسمحت لصوتها بأن يتلاشى عندما لمحت التعبير الساخر في عيني زوجها الذي قال بنعومة:
" أجل ياحبيبتي000كل شئ كان كاملا ومع ذلك لدي أشياء أخرى أكثر أهمية للتحدث بشأنها في الوقت الحآلي00 عروستي الجميلة – مثلا"
" لم أكن في حياتي فخورا كحالي عندما خرجت من الكنيسة بعدما اتخذت منك زوجة"
كانت في صوته الآن نبرة فخر بينما أطلت من عينيه نظرات حب عميق ورقة جعلت أنفاسها تتوقف00
ولان العواطف ملكت عليها كل كيانها فجأة فقد التصقت به بشدة ودفنت وجهها في صدره 00


تمــــــــــــــــــــــــــــــــــــت

hamesha 18-01-09 12:34 AM

rewaya jamila chokran laki o5te

Rehana 07-02-09 01:41 PM

قصة رائعة و مشاعر رائعة..تعجبني هذه القصة

يعطيك العافية في جهدك في كتابة هذه القصة الرائعة جداً



http://www.liillas.com/up2//uploads/...681fd0e05d.gif

raseel 10-07-09 10:33 PM



MERCIII BEACUPE SISTER

LOLO222 12-07-09 07:39 PM

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

الجبل الاخضر 30-07-09 09:50 PM

وووووووووواااااااااااااااااااااااااوووووووووووو روعه روعه روعه بكيت من الحزن معاها بذات الحضه الي معد حست بي احد ودنيا ظلمت كان موقف مره محزن بس ارادتها كانت قويه عشان تعيش عجبتني النهايه تسسسسسسسسسسسسسلميت ومشكوره

posy220 30-07-09 10:05 PM

روووووووووووووووووووعه موووووووووووووووووت:rdd10ut5:

مجهولة 17-08-09 04:26 PM

تسلمين على الروايات الحلوه


:D

moura_baby 19-08-09 04:03 AM

:55:
مشكوره

ro0ro0-cute 19-08-09 05:15 AM

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

zoubaida 25-08-09 06:06 PM

chokran ktiiiiiiiiiiiiir hilwa

مهاجره 06-09-09 01:57 AM

تششكككككككككرررررررررررررررريييييييييييييييي

زهرة الماس 28-11-09 09:55 PM

يسلمووووووووووووووووووووووو000000000تحياتي لكي

قماري طيبة 29-12-09 07:39 PM

بارك الله فيك ورحم الله والديك, يعطيك الف عافيه

yuki lover 18-04-10 08:30 PM

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

yuki lover 18-04-10 08:52 PM

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

سفيرة الاحزان 02-05-10 02:48 PM

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

sara00 19-11-10 02:58 AM

مشكـــــــــــــــــــــــــــــــــــورة

هدىgb 19-11-10 06:16 PM

يعطيك الف عافيه على الروايه الرائعه

يسلموووووووووووووووووووو

البلونة البنفسجية 19-11-10 07:47 PM

ميرسي على القصه
بس مدري ليه احسها شويه !
الله يعطيك العافيه

العنقاء الحزين 20-11-10 08:21 PM

رواية غاااااااااية في الروعة
بجد بجد تحفه
انا حبيت الرواية جدااااا
تسلم الأيادي

Emo girl 31-07-11 07:18 PM

أتمنى انك ماعد تكتبين اي رواية ثانيه!, لانه واضح انك مقطعه المواقف العاطفيه في الروايه!
ولا كيف تجي روايه رومنسيه!, طلعت روايه دراميه!

سخافه!

ندى ندى 13-11-11 03:56 AM

رواي جميله جدا جدا ومؤثره

زهرة الفل 14-11-11 02:59 PM

شكرا كتير ع الرواية الرائعة
كانت من أجمل الروايات اللي قرأتها في حياتي حيث المشاعر الصادقة والمؤثرة والتضحية والصبر
يعني باختصار تسلم ايديكي ع هذا الاختيار

روان م 07-11-14 04:23 AM

رد: 9 - قلب في المحيط - آن هامبسون - عبير القديمة ( كاملة )
 
:dancingmonkeyff8:

هبوب الخريف 01-04-15 05:44 AM

رد: 9 - قلب في المحيط - آن هامبسون - عبير القديمة ( كاملة )
 
روعه اجمل روايه قرأتها الى الان

حنان محمد ابراهيم 09-06-17 11:43 AM

رد: 9 - قلب في المحيط - آن هامبسون - عبير القديمة ( كاملة )
 
روووووووعة روووووووعة جدا ااااااا شكرا على مجهودك الرائع

رائد ابولباد 18-09-17 11:13 AM

رد: 9 - قلب في المحيط - آن هامبسون - عبير القديمة ( كاملة )
 
مشكورين على مجهودكم في جمع هذه القصص الرائعه

Solty rivan 27-10-17 05:13 PM

رد: 9 - قلب في المحيط - آن هامبسون - عبير القديمة ( كاملة )
 
روايه عن جد رائعه وحساسه وخدت مكان بقلبي..... يسلمو الانامل وبشكرك علي الاختير الجميل وبأنتظار كل جديد معك

ام السعد كله 14-06-20 03:23 PM

رواية جميله جدا

Moubel 26-01-22 12:46 PM

رد: 9 - قلب في المحيط - آن هامبسون - عبير القديمة ( كاملة )
 
واو رواية مليئة بالمشاعر الحساسة فعلا جد رائعة شكرا


الساعة الآن 12:43 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية