منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات احلام المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f457/)
-   -   418 - خطوة خارج الزمن - ميرندا لي ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t89609.html)

nimo 04-09-08 10:46 PM

418 - خطوة خارج الزمن - ميرندا لي ( كاملة )
 
السلام عليكم .. كل عام وأنتم بخير و مبارك عليكم الشهر ..

هديتي لكم .. رواية جميلة من رويات أحلام ...

سأكتب تفاصيلها هنا ولكن .. يمكن لي أن أتأخر في تنزيل فصولها

لأني لا أحب أن أطول عليكم في انتظارها .. لذا ... ما هو تعليقكم على ملخص القصة ..

يمكن أعود بعد ثلاثة أيام .. ولكن لا تقلقوا فستكملونها قبل نهاية رمضان

وقبل ليلة القدر ويمكن قبلها بكثير .. لذا لا تيأسو مني :)

:flowers2::friends::flowers2::friends:

خطوات خارج الزمن - ميرندا لي – 418

كـ xt & كـ وورد هنـا

مطلوب زوجة الثمن مليونا دولار
اكتشف الثري الأسترالي الأعزب مايك ستون أن لديه شهرا واحد فقط عليه أن يتزوج فيه وإلا خسر اتفاقية بمليارات الدولارات . ولكنه على ثقة بأن أمواله تستطيع أن تشتري له عروسا توافق على زواج شكلي .
صدم هذا الطلب ناتالي فير لين صاحبة وكالة " مطلوب زوجات " ... ولكن عرض مايك كان مغريا للغاية لدرجة أنها قدمت نفسها لشغل منصب الزوجة المؤقتة لديه .. منتديات ليلاس
أقنعت ناتالي نفسها أنها وافقت لأنها بحاجة فقط , ولا علاقة للأمر بالعواطف مطلقا . فهل هذا صحيح وماذا ستختار حين يحين موعد القرار " هو أو المال ".

gagui 04-09-08 11:54 PM

هاي حبوبة والله الرواية حلوة كتير سلمت اليادي و على مهلك ناطرة بداية التنزيل باااااااي

فراولة2008 05-09-08 12:41 AM

بالانتظار

بلييييييييييييييييز لاتتأخري علينا

فديتك

وردة الياسمين 05-09-08 01:00 AM

حبيبتي انا قراتها الروايه كتير حلوه وبنصح الكل يقراها

safsaf313 05-09-08 10:26 AM

ياللا يا قمر مستنينك الروايه شكلها روعه زيك

ملووكه 06-09-08 12:17 AM

والله الروايه شكلها أجنان مره

بس انا مو داخله الموضوع ثاني لما تنزل كلها<<ماتحب تنتظر

أموت حماس وفضول ويمكن أجي بيتكم عشان أكملها<<أحسلك مأبداء لما تخلصيها

فديتك في الأنتظار

"<انجود>" 06-09-08 02:02 AM

بالانتظاربلييييز
لاتتاخري علينا

nimo 07-09-08 08:39 PM

أعتذر عن التأخير
 
هلا يا أعزائي و أشكر كل من أطلت علينا ..

(( gagui & فراولة2008 & safsaf313 & "<انجود>" )) :dancingmonkeyff8: أهنئ حماسكم الناري

:f63: والله يعينكم علي .. لين ما أخلصها كامله ..

وردة الياسمين ... شكرا على النصيحة الجميلة و أنا سعيدة بتشريفك لنا .. :friends:

ملووكه ... ههههههههههه .. لهذه الدرجة مو صابرة معانا ... ويمكن ما نطول كم يومين وتكون كلها موجوده :flowers2:


فلنبدأ من هنا ... الفصلين الأولين .. في هذه الساعة .. وفي المساء ! يمكن الفجر وقبل الأذان تلقون فصلين ثانين
....................................


1- مطلوب زوجة


أمضى مايك رحلته في سيارة الأجرة من " ماسكوت " إلى شقته في " غليب " متجها صاتا . لم يكن مسرورا أبدا بما آلت إليه رحلته إلى الولايات المتحدة , أو بالعمل الذي تسرع نسبيا في الموافقة عليه .
لكن الأوان فات على تغيير رأيه الآن .
عندما وصل إلى بيته , خلع بذلة العمل التي اشتراها لحضور هذا الاجتماع مع هلسينجر , ثم توجه إلى الحمام . وبعد أن استحم وحلق ولبس سروال جينز وقميصا مقفلا , ثم جلس يجهز لنفسه فطورا لائقا , فالفطور الذي قدم لهم في الطائرة لم يكن كافيا .
تناول مايك الفطور المؤلف من البيض واللحم في الشرفة المغمورة بأشعة الشمس التي تشر على مشهد رائع لمرفأ سيدني .
كانت هذه الشرفة أحد الأسباب التي جعلت مايك يشتري هذه الشقة بالذات , إذا اكتشف أن الماء يريح أعصابه . لم يكن يحب شيئا أكثر من أن يجلس على هذه الشرفة بعد عمل شاق ليرشف كأس من العصير بينما مشهد الماء يريح أعصابه ويهدئها .
منتديات ليلاس
ولكن لا شيء يمكنه أن يهدئ أعصابه ويريح أفكاره في هذه اللحظة .
أكل بسرعة لكي يملأ معدته قبل أن يذهب إلى المدينة لملاقاة أفضل أصدقائه , وه صاحب مصرف وفيما كان مايك يفرغ بقايا طعامه في القمامة , راح يتساءل عن ردة فعل ريتشارد.
وتملكه الشك في أن يؤيده في هذا القرار غير مألوف . قد اعتاد أن يبدو ريتشارد متحفظا , لكنه ليس كذلك على الإطلاق . وكما اعتاد أن يقول , لا يمكن للرجل أن يكون مديرا لمصرف قبل أن يبلغ الأربعين من عمره إذا ما توخى الرقة والحلم . كان لريتشارد ناحية قاسية , لا سيما في مجال الاستثمارات المالية . ورغم ما قد يبدو عليه مشروع مايك من جنون , إلا أنه سيجعل من رجلين ثريين للغاية إذا نجح .
وبعد بخمس دقائق , ارتدى مايك سترته المفضلة المصنوعة من الجلد الأسود ثم خرج متجها إلى ريتشارد.
ماذا تعني بقولك إنك لم تر هلسينجر ؟ ظننت أنك اتخذت الإجراءات اللازمة لذلك قبل أن تغادر سيدني؟
بد ريتشارد مستغربا أكثر منه غاضبا. فأجاب مايك : " لسوء الحظ , اضطر تشاك لمغادرة المدينة يوم وصولي لأسباب عائلية طارئة , فترك لي اعتذارا ".
لسوء حظك , يا مايك .
لكنني اجتمعت بالمدير التنفيذي عنده , فطمأنني إلى أن شركة كومبرووير ما زالت مهتمة ببرنامجي الجديد المتعلق بمضادات الفيروسات والسرقة .
فقال ريتشارد بجفاء :" نعم , أنا متأكد من اهتمامه ! فهو برنامج لامع ".
وافقه مايك على كلامه بحرارة . فهو فعلا برنامج مميز, لا سيما في قدرته على اكتشاف مصدر الفيروس أو القرصنة .
كان مايك يعمل منذ البداية أنه يعمل على مشروع ريادي ومميز , وأن شركته الصغيرة نسبيا غير قادرة على إنتاج هذا العمل الضخم . إن بحاجة إلى شركة عالمية كي توزع هذا المنتج على المستوى العالمي .
وبعد البحث , وجد شركة " كومبرووير " وهي شركة أمريكية حديثة تنتج سلعا ذات رواج كير وتعرف بتقديم مبالغ سخية لمن يبتكر مشروعا جديدا .
وبعد المفاوضات عبر الهاتف والإنترنيت لم تتكلل بالنجاح تماما , استقل مايك الطائرة إلى تلك الشركة في أميركا ليقابل صاحبها وجه لوجه. كان من المفترض أن يوقع الاتفاق مع هلسينجر خلال اليومين اللذين سيمضيهما هناك , ولم يتوقع أبدا ما وافق عليه.
لم أوقع أي عقد . لكن ما حصلت عليه ,هو عرض شراكة .
فهتف ريتشارد بحماسة :" شراكة ! مع تشاك هلسينجر ؟ لا شك بأنك تمزح . هذا الرجل أسطورة . كل ما يلمسه يستحيل ذهبا , وشراكته معك تستحق ملايين الدوارات ".
بل المليارات , في الواقع . إذا استطعت أن أظفر بهذا العقد فالخمس عشر في المائة التي هي حصتك في شركتي الصغيرة ستجعلك أغنى مما أنت عليه الآن. كما سيسر ريس للغاية بالخمسة عشر في المائة التي تعود له هو أيضا .
وخطر لمايك أنه , وبحصته البالغة سبعين في المائة ,سيتمكن من تنفيذ المشاريع التي لطالما تمنى تنفيذها , وهي إنشاء ناد للفتيان في كل مدينة من مدن أستراليا , والكثير من المخيمات الصيفية , وإعطاء منح دراسية .
هز ريتشارد رأسه بحيرة : " لا أستطيع أن أصدق هذا . هذا أمر لا يصدق ".
ثمة شرط واحد ولكن بإمكاني أن أنفذه .
بدأ القلق على ريتشارد على الفور : " ما هو ؟ ".
تشاك هلسينجر يضع شرطا واحدا على الرجال الذين يشاركهم .
وما هو ؟
أن يكونوا متزوجين ومستقرين مع أسرهم .
أنت تمزح .
أبدا .
وتأوه ريتشارد ثم استند إلى الخلف في كرسيه مقطب الجبين : " لكن كيف ستنفذ هذا الشرط ؟ ".
ابتدأت بذلك فعلا . اتصلت بتشاك وأخبرته أنني خطبت مؤخرا فتاة رائعة ونحن سنتزوج قبل عيد الميلاد .
رفع ريتشارد حاجبيه ساخرا : " يا لها من كذبة , يا مايك ! لكنك لن تخدع تشاك الذي لا بد أنه يضع شركاءه المحتملين تحت المراقبة , وما أسرع ما سيكتشف أنك كذبت عليه " .
فكرت في ذلك . لكن هذا الكلام لن يبقى مجرد كذبة طويلة .
أتعني أنك ستتزوج ؟
وبدت على ريتشارد الصدمة فمايك أعزب متمسك بعزوبيته , وقد قال لريتشارد مرات عدة إنه لن يتزوج أبدا .
لكنه لم يتوقع يوما أن يفرض عليه شرط مماثل للفوز بعقد عمل . أحيانا , يضطر الرجل للقيام بما لا يتماشى مع رغباته .
هذا ما سيفعله لكن بشروطه الخاصة , طبعا .
قال : " إذا أردت هذه الشراكة , فعلي تنفيذ الشرط , وبأسرع وقت ممكن . سيصل هلسينجر إلى سيدني في الرابع من كانون أول ليستلم يخته الجديد , وهو هدية ميلاد لأسرته . لقد دعاني مع عروسي لقضاء يومين معهم في رحلة تعارف بحرية حول سيدني . أظن أنه إذا رآني مستقرا ومستوفيا للشروط المطلوبة , فسيقبل بي شريكا " .
فهتف ريتشارد : " يا إلهي العظيم ! " .
إسمع , أنا لا أنوي البقاء متزوجا . سيكون هذا مجرد تدبير عملي , حتى توقيع اتفاقية الشراكة .
سيكون هذا تصرفا قاسيا , حتى بالنسبة إليك . أليس كذلك يا مايك ؟
فهز مايك كتفيه : " الغاية تبرر الوسيلة . على أي حال , ما الذي يجعل الصقر المنافق يصر على مثل هذا الشرط المضحك ؟ فليس للزواج علاقة بحسن سير العمل " .
ربما , لكن شرطه هذا لا يجعله منافقا .
أتعترض على وصفي له بالمنافق ؟ لقد قمت ببعض التحريات قبل أن أقرر الإتصال بشركة " كومبرووير " وبحثت عن خلفيات صاحبها العملية والخاصة . أتعلم أن تشاك يعيش مع زوجته الثالثة ؟ إنه في السبعين من عمره , ومتزوج من امرأة تصغره بأكثر من خمسة وعشرين عاما . إنهما متزوجان منذ ستة عشر عاما وقد أنجب منها أولادا ... صبيين ... ولكن هل يجعله هذا رجلا متزنا ورب أسرة مستقرا ؟
فهمت ما تعنيه .
لا يمكن لزوجته أن تكون أفضل بكثير . أتظنها تزوجته لسحره ؟ كلا , بل تزوجته لثرائه كالكثير من النساء . أنت تعلم يا ريتشارد أن المال شديد الإثارة والإغراء بالنسبة لبعض النساء . منذ أصبحت مليونيرا , لم تنقصني قط صحبة النساء . والآن , لن أجد صعوبة في العثور على زوجة مؤقتة , يكفي أن ألوح بمبلغ جيد لأي فتاة مناسبة .
يبدو أن ثمة فتاة مناسبة .
يبدو أن ثمة فتاة في ذهنك . ربما إحدى صديقاتك القديمات , فلديك الكثيرات منهن .
كلا , فليس بينهن من تصلح لذلك . آخر ما أريده هو التعقيدات . أريد زوجة تعلم جيدا ما أريده منها منذ البداية .
سيكون الزواج صوريا ينتهي بشكل متحفظ بعد وقت معين . ثق بأن هذا الزواج لن يكون زواجا كاملا .
كان متعبا إلى حد الغثيان من النساء اللاتي يدعين أنهما وقعن في غرامه . في البداية , كن يقبلن بشرطه أن تقتصر علاقتهما على الصحبة , لكنهن يتغيرن بعد فترة . ومايك لا يستطيع أن يحتمل امرأة تقول له إنها تحبه ... فهو لا يصدقهن . فالنساء يرددن كلمة الحب دوما ويحتلن بها على الرجل ليوقعنه في الشرك .
لم يكن يعلمن أن قولهن لمايك إنهن يحببنه هو ( قبلة الوداع ) .
وهذا هو السبب في كثرة صديقاته . حالما تبدأ إحداهن في إظهار تعلقها به , ينتهي أمرها . آخر صديقة له كانت فتاة تكرس حياتها لعملها . وهي محامية اختارها ظنا منه أنها تختلف عن غيرها , ولكن لا ... فسرعان ما أصبحت متملكة كالأخريات .
وكان مايك قد ابتعد عن النساء لفترة , لأنه لم يعد يحتمل تلك المشاهد المسرحية . فأخذ مؤخرا يمضي أوقات فراغه في أعمال الخير , وفي ممارسة الرياضة .
وأين ستجد مثل هذه الفتاة , يا مايك ؟ الفتيات لا يطفن في الأنحاء وهن يحملن لافتات كتب عليها سأتزوجك من أجل المال .
ما أضعف ذاكرتك , يا ريتشارد ! سأحصل على هذه الزوجة من وكالة تعارف عبر الإنترنيت . ألم تخبرني أنت نفسك أنك اتصلت بوكالة " مطلوب زوجات " قبل أن تجد هولي ؟ وأن هذه الوكالة تضم الكثير من الفتيات الجميلات الباحثات عن المال ؟
قطب ريتشارد وأجاب : " أنت محق , فقد قلت ذلك , لكنني أدركت لاحقا أنني أسأت الحكم عليهن . كنت حينذاك في مزاج سيء وقد خرجت مع بعض منهم .. ولعلهن لم يكن إلى هذا الحد من السوء . أعني أن ريس عرف ألانا من الوكالة ولا يمكن لعاقل أن يعتبرها من الساعيات خلف المال " .
فقال مايك وهو يفكر في زوجة ريس الجميلة المحبة لزوجها : " لكل قاعة استثناء وألانا هي الاستثناء . وكالة " مطلوب زوجات " تحوي ما أريده . ما أريده منك يا ريتشارد هو رقم هاتفها , فهل هو لديك ؟ وإلا سأطلبه من ريس " .
فقال ريتشارد : " إنه هنا في مكان ما " .
وفتح درج مكتبه العلوي وأخذ يبحث بين بطاقات العمل المكومة في الزاوية . بدأ واضحا أن مايك مصمم على ذلك . ولكن من يلومه ؟ إن الشراكة مع تشاك هلسينجر هي فرصة العمر . مع ذلك ...
لن تصدقه زوجته هولي عندما يخبرها بهذا كله الليلة . فمايك هو أكثر الرجال الذين عرفهم عداء للزواج ... عداء للزواج و للحب و للمرأة .
لا ... إنه لا يكن العداوة للمرأة . فثمة دمية جميلة تتأبط ذراعه دوما , والنساء يحمن حوله كالنحل حول طبق من العسل . لم يكن ريتشارد يرى سبب ذلك فمايك ليس وسيما بالشكل التقليدي , لكن هولي تقول أن السبب هو طول قامته وسمرته ومظهره الخطر .
وأقر ريتشارد بأن مظهر مايك قد يشكل العامل الأساسي في جاذبيته . فهو قوي العضلات , ونادرا ما يرتدي بذلة , مفضلا ارتداء بنطلون جينز وسترة جلدية سوداء , كما يفعل الآن .
على أي حال لم تنقص مايك صحبة النساء قط . ولحسن الحظ أن هولي لم تكن تحب هذا النوع من الرجال , بل تفضل الرجل المتحفظ المهذب .
ها هي ذي .
وناوله البطاقة وهو يتابع : " المرأة التي تدير الوكالة تدعى ناتالي فيرلين . أسمها ورقم هاتفها على ظهر البطاقة . ستطلب منك الحضور لمقابلتها قبل أن تقدمك إلى المرأة المناسبة , فهي لا تقبل أبدا شخصا عبر الإنترنيت . وأقترح عليك ألا تخبرها مقدما عن مشروعك , فهي تعتبر عملها في تسهيل الزيجات جادا للغاية . أنبهك إلى أن النساء في وكالة " مطلوب زوجات " اللاتي خرجت معهن كن جميلات جدا , وسيكون صعبا على رجل مثلك أن يمنع يده عنهن .
أقشعر جلد مايك : " ماذا تعني بقولك رجل مثلي ؟ " .
أنت تحب النساء يا مايك , فلا تدعي العكس . لقد اتخذت صديقات في السنوات القليلة التي عرفتك فيها , أكثر من عدد الشعر في رأسك . أظن من الحكمة ألا تتم هذا الزواج عمليا . لكن هل ستتمكن من مقاومة الإغراء ؟ ففي الفترة التي ستلعب فيها دور المتزوج , ستبقى أنت وعروسك متلازمين معظم الوقت وستضطران للنوم في " مقصورة " واحدة على يخت هلسينجر , فإذا كانت جميلة جدا , قد تجد صعوبة في إبعاد يدك عنها .
أنت تقلل من شأني . بإمكاني أن أتمسك بعزوبيتي ... ما من مشكلة ! من أجل المال الذي سأكسبه , سأعيش راهبا مدى الحياة .
لم يبد الاقتناع التام على ريتشارد : " حسنا , لا تنس ما قلته لك عن ناتالي فيرلين . انتبه لما ستقوله لها " .
أظنك تسيء الحكم على صاحبة وكالة " مطلوب زوجات " .
فالآنسة فيرلين تعمل في هذا المجال لكسب المال فقط وهي تشبه بذلك تسعا وتسعين بالمائة من زبوناتها . اعرض عليها المبلغ المناسب وستجد لك الفتاة المناسبة على الفور .
بدت على شفتي ريتشارد ابتسامة ساخرة وهو ينظر إلى مايك يغادر مكتبه , وتمنى لو يكون ذبابة على الجدار حين يقابل مايك الآنسة فيرلين المنيعة .
قد يكون مايك محقا في قوله إنها مادية كبعض النساء في وكالة " مطلوب زوجات " فهو لم يعرفها بما يكفي للحكم عليها .


*************

2 – حل المعجزة

قالت ناتالي : " هذا فظيع . ما الذي جعلك , أنت وأبي , تصلان إلى هذا الحد من المشاكل المالية ؟ " .
كانت ناتالي تعرف الجواب سلفا . فلطالما انجذب أبوها إلى مشاريع يفترض بها أن توصه إلى الثراء بسرعة . لم يكن مقامرا بحسب المفهوم التقليدي للمقامرة . بل كان مغفلا في مجال الاستثمارات و الأعمال .
في صغرها , لم تكن ناتالي تدرك مدى فشل أبيها في ميدان الأعمال إذا لم يكن ينقصها شيء . وبما أنها وحيدة أبويها , فقد كانت مدللة بعض الشيء .
ولم تكتشف إلا بعد أن كبرت أن والديها كانا يعيشان غالبا على الدين .
وراحت تساعد أمها في الحفاظ على ميزانية المنزل ...
فتدس في يديها بعض المال كلما تقابلتا أما الآن فيبدو أن الأمور وصلت حقا إلى أسوأ حد , ولم يعد أبوها قادرا على أن يستمر في آخر مغامراته ... وهي الحق الحصري لبيع آلة لجز العشب كان قد استدان نقودا لشرائها , نقود تضاف إلى المبلغ الضخم الذي عليه سداده .
وكان المصرف يهدد الآن بوضع يده على البيت إذا لم يدفعوا ما استحق من سندات لفك الرهن . ويمكن لناتالي أن تسدد قيمة سندين , ولكن ليس المبلغ بأكمله الذي يبلغ آلاف الدولارات .
وهذا يعني أن والديها سرعان ما سيجدان نفسيهما من دون مكان يعيشان فيه .
وارتجفت ناتالي لفكرة أن يعيشا معها . إنها في الرابعة والثلاثين من عمرها وقد مضى وقت طويل منذ كانت تعيش مع والديها .
كما أنها تدير عملها من بيتها , إذا تستعمل إحدى غرفتي النوم كمكتب لها , وغرفة جلوسها في الطابق السفلي كغرفة استقبال للزبائن . وبوجود شخصين راشدين في البيت ستصبح الأحوال صعبة للغاية , لا سيما إذا كان هذان الشخصان تعيسان .
قالت لها أمها : " لا تقلقي يا عزيزتي .سأحصل على عمل ".
كانت أمها حالمة كبيرة كأبيها وهي لم تعمل فعليا منذ أكثر من عشرين عاما إذ لطالما انشغلت بمعاونة زوجها في مشاريعه الجنونية . كما أنها أكبر سنا من زوجها , والد ناتالي.
ما من أحد يوظف امرأة في التاسعة والخمسين من عمرها ومن دون مؤهلات فعلية . أجابت ناتالي بحدة لم تكن تنويها : " لا تكوني سخيفة يا أمي ! ليس من السهل أن تجدي عملا في سنك هذا " .
سأعمل في التنظيف . لقد طبع أبوك بعض النشرات الإعلانية على الكمبيوتر القديم الذي أعطيته له , وسأضعها أنا في صناديق بريد في الجوار .
أوشكت ناتالي على البكاء . ليس من العدل أن تصبح أمها عاملة تنظيفات في مثل هذا العمر.
أمي , يمكنني أن أحصل على قرض ثان لهذا البيت . فقد ارتفع ثمنه منذ أن اشتريته .
فقالت أمها بحزم : " لا لن تفعلي هذا . سنكون على ما يرام . لا أريدك أن تقلقي علينا " .
تأوهت ناتالي بصمت . لماذا أخبرتها أمها إذن ؟
جرس الباب أعاد ناتالي إلى واقعها , فقالت لأمها : " سأتصل بك لاحقا يا أمي . لدي زبون على الباب " .
وكان هذا أول زبون منذ أسبوعين . لقد تراجع العمل قليلا هذا الشهر ولم تستقبل أي زبونة أيضا . ربما حان الوقت لنشر سلسلة من الإعلانات , فالأعمال التي تنتعش بمجرد الكلام نادرة .
اذهبي يا عزيزتي , ولكن اتصلي بي فيما بعد .
سأفعل , أعدك .
وسارت ناتالي نحو الباب وهي تقفل سترتها .
نظرة سريعة إلى المرآة الردهة أكدت لها أنها تبدو كسيدة أعمال . كان شعرها البني المائل إلى الاحمرار مشدودا إلى الخلف بشكل جديلة , وزينة وجهها خفيفة للغاية وحليها محتشمة , فقد اكتفت بساعة يد ذهبية وقرطين ذهبيين بسيطين .
منتديات ليلاس
وفيما يدها على مقبض الباب , تساءلت ناتالي عن مظهر مايك ستون .
لقد أرسله ريتشارد كراوفورد وهو مصرفي , كان من ضمن زبائنها في بداية هذه السنة . وتملكها الشك في أن يعمل السيد ستون في مصرف , إذ لم يبد لها صوته من نوعية خاصة في الهاتف ... بل أقل صقلا من صوت ريتشارد كراوفورد .
تمنت ألا يكون أقل ثراء , فمعظم زبائنها الذكور من أصحاب المهن الأغنياء .
وما إن فتحت ناتالي الباب حتى اتسعت عيناها وهي ترى الرجل الواقف على العتبة .
في السنوات الثلاث التي مضت على تأسيسها الوكالة , لم ترى زبونا قط مثله .
لو كان خلف مقود سيارة الشحن , لما بدا في غير مكانه , لا سيما إذا كانت الآلة عسكرية . كان يرتدي بذلة عسكرية بدلا من سروال الجينز والسترة الجلدية السوداء اللذين يرتديهما عادة .
كان نايك عسكريا بالفطرة . ولكن ليس عسكريا عاديا , كما رأت ناتالي ونظراتها المقيمة تنتقل بين جسمه الملفت وعينيه السوداويين الثاقبتين وشعره البني القصير . كان قائدا , أحد أولئك العسكريين المدربين الذين يقومون بمهام سرية ويقتلون الناس بصمت ومن دون أن يرف لهم جفن .
لم تكن وسامته كلاسيكية , فملامحه يعوزها التناسق . بدا واضحا أن أنفه كسر في مرحلة ما من حياته كما كان فمه قاسيا للغاية .
لكن , رغم ذلك , وجدته ناتالي جذبا للغاية . كبحت آهة إحباط من دون أن تسمح لأي دليل على الاهتمام بالبروز على وجهها .
لطالما جذب ناتالي هذا النوع من الرجال , الرجال غير التقليديين , الرجال الذين يلفهم جو من الخطر , الرجال الذين يثيرون فضولها ومشاعرها في الوقت نفسه.
لو قابلته منذ عشر سنوات , لأظهرت افتتانها به . أما اليوم فكانت أحاسيسها الأنثوية تملأ حياتها ضيقا .
سألها بصوت يماثل مظهره خشونة : " الآنسة فيرلين ؟ " .
نعم .
وتملكها الضيق من تسارع خفقات قلبها , ومن الطريقة التي كان يتفحصها بها وقد بدت الدهشة على ملامحه . ما الذي أخبر به ريتشارد عنها ؟ وعاد يقول وهو يمد يده مصافحا : "مايك ستون " .
ترددت قبل أن تضع يدها في يده , حاولت أن تتمالك نفسها كيلا يبدو عليها أي تأثر للمسته .
لكن عندما أطبقت يده العريضة الخشنة على يدها الصغيرة الناعمة , سرت الدماء حارة في عروقها , مخلفة قشعريرة في جلدها .
حمدت الله على أن سترتها طويلة الكمين .
يسرني لقاءك , يا سيد ستون .
كانت ببرودها الظاهر تغطي حرارتها الداخلية . لو تعرفت إلى مايك ستون في أي مكان آخر , لا ابتعدت عنه بل ركضت هاربة . لكن ليس بإمكانها أن تفعل هذا حاليا فهو زبون ترجو خيرا من ورائه ... مالا هي في أمس الحاجة إليه . قال : " مايك . ادعيني باسمي مايك " .
فقالت بابتسامة مصطنعة : " مايك . حسن تفضل بالدخول يا مايك . أول غرفة إلى اليسار " .
وعندما دخل , أسندت نفسها إلى الجدار . ينبغي ألا تدع جسمه القوي يحتك مصادفة بها أثناء مروره في الردهة الضيقة .
لكن وعندما تجاوزها بسلام , أخذت تنظر إلى ظهره بفضول بالغ قبل أن تتمالك نفسها وتقفل الباب الخارجي , ثم تتبعه إلى غرفة الجلوس .
أثناء ذلك , كان هو قد جلس وسط أريكتها , مادا ساقيه الطويلتين أمامه, متأملا ما حوله .
كانت ناتالي تعلم أن الغرفة مؤثثة بشكل غريب , فالأثاث غير متناسق لكنه يعجبها . ثلاثة مقاعد عريضة بذراعين منجدة بقماش منقوش . وأريكة مخملية طويلة , موضوعة تحت النافذة , وهي التي اختارها زائرها ليجلس بكل ارتياح .
على الجدار إلى يمين الزائر كانت رفوف الكتب تمتد من الأرض إلى السقف وأمامها مكتب قديم على طرفه كمبيوتر نقال حديث الطراز , بينما قام على الطرف الآخر مصباح قديم الطراز . كانت الأرض خشبية مصقولة تكسوها سجادة ملونة تضفي على الجو دافئا ولمسة شرقية . وقد وزعت في أنحاء الغرفة مجموعة منوعة من الطاولات بكافة الأشكال والأحجام ووضعت عليها تحفا غريبة وتماثيل .
ذات مرة , قال صديق ناتالي إن " الديكور " في غرفة جلوسها يشبهها تماما .
قالت لمايك وهي تتوجه إلى مقعدها خلف المكتب , ناظرة إلى ساعة يدها : " أنت دقيق في مواعيدك " .
أنا دقيق دوما عندما لا أعمل .
وقفت فجأة وقالت لحدة : " آسفة . لكنني لا أقبل زبونا ليس موظفا " .
أخذ يتفحصها مرة أخرى فيما بدت ملامحه غامضة بشكل مزعج : " أنا لم أقل إنني لست موظفا بل قلت إنني لا أعمل حاليا . لدي شركة لإنتاج برامج وملحقات للكمبيوتر .
تملكتها دهشة بالغة . فهو لا يبدو كرجل يمضي معظم وقته خلف شاشة الكمبيوتر . إنه أفضل مظهرا من ذلك بكثير , كما أن بشرته لوحتها الشمس كحال براندون . وشعرت بالضيق لأنه ذكرها ببراندون .
أحقا ؟ آسفة .
وكانت قد وصلت إلى مكتبها فجلست وفتحت الكمبيوتر , ثم أخذت تحضر لإدخال التفاصيل عن شخصية الزبون ومتطلباته , من دون أن ترفع بصرها حتى أصبح كل شيء جاهزا .
والآن , ماذا يحدث عندما تكون في العمل ؟
قد لا أحضر على الإطلاق .
فكرت , ساخرة , في مدى ظرفه . يبدو أن الرجال أمثاله متماثلون .
لم يلتزم براندون بموعد قط . ولكن كان لديه دوما أسبابه ليتأخر عن مواعيده معها , وحتى لئلا يحضر أبدا !
كان لديه عمله في وكالة مكافحة الإرهاب وزوجة وولدين لم تكن تعلم بوجودهم قط .
وتساءلت عن أعذار مايك ستون .
يبدو أنك مدمن على العمل .
هز كتفيه :" هذه ليست المرة الأولى التي يصفوني فيها بهذا الوصف " .
وراح إعجابها به يقل مع مرور الوقت : " هل هذا هو السبب في أنك لم تجد زوجة حتى الآن ؟ " .
وحمل صوتها نبرة غاضبة .
كلا . كان بإمكاني أن أتزوج ساعة أشاء .
أحقا ؟
وأضافت إلى قائمة عيوبه الغطرسة المثيرة للأعصاب . بدأت مسألة العثور على زوجة لمايك تبدو صعبة بالرغم من رجولته , ففتياتها يطلبن أزواجا طيبين وليس مغرورين , وقد عاشت معظمهن علاقات غير سعيدة مع رجال أنانيين . وعندما قصدن وكالتها هذه , كن يعرفن تماما ماذا يردن , ولن يعجبهن أي شيء آخر .
وتملكها الشك في أن يلاقي مايك ستون قبولا لدى أي منهن .
لكن عدم قبول أي من فتياتها به ليست مشكلتها . فهي تأخذ من زبونها خمسة آلاف دولار مقدما , سواء أوجد زوجة عبر وكالتها أم لم يفعل .
ستقدمه إلى خمس فتيات جميلات وذكيات هن الأكثر تناسبا مع ذوقه وشخصيته . بعدئذ , النتيجة تعود إليه . لكن إذا أراد زوجة , فعليه أن يظهر كياسة وظرفا في موعده مع الفتاة , أكثر مما يظهره حاليا . وكون شكله مثيرا لا يكفي بالنسبة إلى فتياتها الخجولات اللاتي مررن بتجارب مرة .
ومع ذلك , هذه ليست مشكلتها .
بما أنك تملك شركة لإنتاج برامج وملحقات الكمبيوتر , يا مايك , فلا بد أنك تعرف نوع البرنامج الذي أستعمله لتحديد التلاؤم بين زبائني . جهازي هذا يحتوي على برنامج لمراجعة صحة المعلومات التي يعطيها الزبون عن نفسه . ولا أظن أن لديك اعتراض على ذلك ؟
أبدا .
هذا حسن . فلنبدأ إذن . اسمك ؟
مايك ستون .
لا . أريد اسمك الكامل . الاسم الوارد في شهادة ميلادك ورخصة قيادة السيارة .
مايك ستون .
فصرفت بأسنانها ساخطة : " أليس ميكائيل ؟ ".
مايك فقط .
عنوانك ورقم هاتفك ؟ والخليوي أيضا .
طبعت ذلك وهي تفكر في أن عنوانه " غليب " قد يكون سيئا وحسنا , فقد أصبحت " غليب " مؤخرا الضاحية المفضلة , لقربها من المدينة ومن جامعة سيدني . لكن بعض نواحيها ما زالت قذرة وخطرة نوعا ما .
عنوان عملك ؟
أنا أعمل من البيت .
هذا خبر سيء . لا بأس , هناك أعمال صغيرة ناجحة تماما , لكنها ليست كثيرة . وسألته : " عمرك ؟ ".
أربعة وثلاثون .
رفعت حاجبيها , إذا ظنته أكبر من ذلك , فثمة خبرة طويلة بالحياة في هاتين العينين .
أضاف : " سأبلغ الخامسة والثلاثين في الخامس عشر من كانون الأول " .
فقالت وهي تنهي طبع هذه المعلومات : " أنت , إذن , من برج القوس ؟ ".
أنا لا أؤمن بهذه الأمور .
أحقا ؟
كان عليها أن تعرف ذلك . فقد قال براندون كلاما مماثلا عندما اعتبرت أن النجوم جعلت بينهما تلاؤما معقولا .
لكن ناتالي تمنت لو دونت ملاحظة عن أن برج العقرب يشير إلى وجود أسرار مخيفة وتابعت أسئلتها : " الوضع العائلي ؟ " .
ماذا ؟
أعني هل سبق لك أن تزوجت ؟
أبدا .
العديد من زبائني كانوا متزوجين من قبل .
أنا لست منهم , يا حبيبتي .
تصلبت في جلستها ثم نظرت إليه ببرود وقالت بصوت قاطع : " اسمي ناتالي وليس حبيبتي " .
لمعت عيناه لحظة , وكأنما شعر بالتسلية لاعتراضها هذا , وقال : " آسف لغلطتي هذه " .
لم تر أسفا على ملامحه . ولكنها أوضحت موقفها على الأقل . فهي لا تطيق الرجل الذي ينادي النساء بألفاظ التحبيب ! إذ يشعرها ذلك بالمذلة والحقارة .
وقالت بعد ثوان : " حسنا , يبدو أن المعلومات التي أعطيتني إياها صحيحة . والآن , لننتقل إلى مواصفاتك الجسدية . أرى أن شعرك بني قاتم وقصير جدا وأن عينيك سوداوان .
ليستا سوداوين بل بنيتين داكنتين . تبدوان للناظر إليهما سوداوين لأنهما عميقتان .
عميقتان ومثيرتان للغاية .
حسنا ! الطول ؟
ستة أقدام وأربع إنشات أو ربما خمسة .
كم يعادل هذا بالسنتمتر ؟
الله أعلم .
لا بأس . سأضع ست أقدام وخمسة إنشات . طولي أنا هو خمسة أقدام وعشرة إنشات وأنت أطول مني بكثير .
أما بالنسبة إلى الوزن وشكل الجسم , فقد كتبت مناسب وقوي العضلات , فهي ليست الأنثى الوحيدة في العالم التي تحب الرجال أصحاب البنية القوية .
هل تدخن ؟
لا .
الهويات ؟
الهويات ؟
ماذا تحب أن تفعل في أوقات فراغك ؟
تلاقت نظراتهما لحظة قبل أن تتحول عيناه إلى سترتها المشدودة على صدرها . فقالت بحدة :" وغير ذلك ؟ ".
ضاقت عيناه وهو ينظر إليها , تساءلت لما تتركه يؤثر فيها بهذا الشكل . أجاب : " أحب أن أمارس الرياضة , وأن أخرج " .
إلى أين ؟
إلى النوادي , الأمكنة العامة حيث يمكنني أن أقابل أصدقائي وأتعرف إلى النساء .
وخطر لها أنه لن يتكلف أي مشقة في التعرف إلى النساء , حتى أنه لن يضطر لأن يتكلم . إن جسمه المثير وعينيه النافذتين والمثيرتين ستتحدث بالنيابة عنه .
هل أنت صاحب خبرة في العلاقات ؟
خرج هذا السؤال من فمها قبل أن تستطيع منعه . فهو ليس ضمن أسئلتها المعتادة , لكنه لا يعلم هذا لحسن الحظ .
فأجاب بعدم اكتراث : " لم اسمع أي تذمر " .
أوشكت أن تسأله عن خبرته , لكنها كبحت نفسها في الوقت المناسب , فقد تجاوزت الحد .
سألته : " الدين ؟ " .
كلا .
سألته وهي تصرف بأسنانها : " ماذا إذن ؟ " .
حتى الساعة , لم أهتم بالدين والعبادات . ولكن من يدري ما سيحمله المستقبل ؟
هذا حسن , سأضع ( عقل منفتح بالنسبة إلى الدين ) .
الثقافة ؟
ليست عالية .
هل يمكنك أن تحدد ذلك بالضبط ؟
ارتدت المدرسة حتى سن السابعة عشر لكنني لم أنل أي شهادة كما لم أرتد قط كلية أو جامعة . علمت نفسي بنفسي حتى أصبحت نابغة في الكمبيوتر .
نابغة في الكمبيوتر ؟ علينا ألا نكون متواضعين جدا هنا .
أنا لست متواضعا بل أقول الحقيقة المجردة .
هذا حسن . أنت لا تريد أن تخس زوجة قد تناسبك وذلك بأن تراك ... متعجرفا نوعا ما .
أنا لست متعجرفا . أنا صادق . ولكن سجلي ما يعجبك .
ستفعل ذلك , لكنه يثير غيظها : " ما أسم شركتك ؟ " .
" ستونوير " .
" ستونوير " ؟ أتعني "السلع الحجرية " بينما هي تنتج برامج الكمبيوتر ؟
وأدارت حدقتيها فلاحت على زاوية فمه ابتسامه خفيفة : " وجدت الاسم مسليا ".
لديك روح النكتة , إذن ؟ .
هذه ليست من أحسن صفاتي .
فتمتمت : " هذا ما أراه . والآن يا مايك , سأتفهمك إذا لم تشأ أن تعطيني رقما معينا , ولكن ما هو دخلك السنوي التقريبي ؟ " .
لا ما نع لدي في أن أخبرك . السنة الماضية بلغت أرباح الشركة ستة ملايين دولار ونصف . وبما أنني أملك سبعين بالمائة من أسهمها , فإن حصتي بلغت أربعة ملايين ونصف وأتوقع أن تكون الأرباح السنة المقبلة أكبر بكثير .
ابتلعت ناتالي دهشتها وسألت : "أكبر إلى أي حد ؟ " .
فأجاب بجفاء : " أكبر بكثير جدا . لقد أطلقنا خطتين جديدتين نجحتا تماما ".
حقا ؟
هل هذا يجعل حظي في العثور على زوجة أفضل ؟
حمل سؤاله ولهجته نكهة ساخرة ما جعل ناتالي تغضب .
وقالت بجفاء : " المال وحده لن يضمن لك الحصول على زوجة من بين فتياتي " .
هل أنت واثقة من ذلك ؟
واثقة تماما .
هذا مؤسف .
ما معنى هذا ؟
نظر إليها بحدة جعلتها تتململ في كرسيها وقال بلهجة غامضة : " أنت لست كما توقعتك , لكنني أراك سيدة أعمال لا تحب كثرة الكلام . كما سبق وقلت , أنا رجل صادق لا أحب الخداع كما سبق وقلت , أنا رجل صادق لا أحب الخداع كما أنه ليس لدي وقت أضيعه في البحث . في الواقع , يا آنسة فيرلين , أنا أريد زوجة قبل أسبوع من كانون الأول " .

...........................

أي تعليق على حجم الخط ... خبروني .. وانتظروني هذا المساء .. إلى اللقاء القريباً :)

bobo doll 07-09-08 09:23 PM

يلا ياقلبي تسلمي على الفصلين ونستنا لليل ايش ورانا


بس على قولت ملوكه كمليها عشان نقراها مره وحده

ناعمة 07-09-08 09:55 PM

الله يعافيك .. ومشكورة

والخط واضح


ننتظر يالغلا :)

nimo 08-09-08 02:00 AM

هلا بالحلوين والسهرانين .. مثلي .. وللي كان موجود ...

bobo doll ... كمان أنت مثلها .. بس باقي لي أكتب كم فصل وبتكون جاهزة ..
لأن الفصول الأخيرة أشوية طويلة وبحاول أني أنتهي منها يمكن ..

:f63:والله يصبرني يمكن يوم الخميس تكون كامله .. وتسمتعوا فيها ..

ناعمة ... شكرا لكي ناعمة على المرور .. واتمنى تكوني مستمتعه ..


..............................


3- ما العيب في ؟


أول أسبوع من كانون الأول ؟ لكن كانون الأول سيحل بعد شهر فقط ؟
فقال وقد سره أن يثير ردة فعل لديها : " هذا صحيح ".
لقد قابل نساء كناتالي فيرلين من قبل . ولسبب ما , كن غاضبات من الحياة ومن الرجال أيضا . ولهذا السبب يحاولن إخفاء أنوثتهن خلف ملابس تشبه ملابس الرجال , وهن يعشن في إنكار دائم لجنسهن وحياتهن العاطفية .
ومع ذلك , وحده الرجل الأعمى لا يرى ناتالي فيرلين ذات الجمال مميز , مقبولة الزينة والأناقة . وهي تتمتع بالصفات الأساسية التي تلفت الرجال , من شعر أحمر , وعينين زرقاوين مذهلتين وفم مثير , فضلا عن الجسد الجميل الذي تخفيه في البذلة ذات السروال الرمادي .
قالت له بضيق :" لكن هذا مستحيل . فالحصول على رخصة يتطلب شهرا . إلا إذا كان لديك سبب خاص يستدعي رخصة خاصة , فهل لديك سبب ؟ هذا سخيف للغاية , لماذا عليك أن تتزوج في ذلك الموعد ؟".
أخذت تنظر إليه وهو يتنهد , ثم يستند إلى الخلف واضعا ذراعيه على ظهر الأريكة .
حاولت جاهدة ألا تنظر ... ولكن , يا إلهي ...
أتريدين القصة الطويلة أم القصيرة ؟
أي منهما , شرط أن تكون معقولة .
حسن . في الواقع , أنا أتفاوض مع صاحب شركة أمريكية وهو مهتم جدا ببرنامج وضعته أنا لمنع القرصنة , مهتم بما يكفي ليعرض علي شراكة .
ثم ؟
هتفت بذلك عندما سكت لحظة , إذا لم يكن الصبر من مزاياها .
هذه الشركة ستعود علي بمئات الملايين من الدولارات في السنوات القادمة . لكن , ولسوء الحظ , صاحب الشركة رجل أحمق منافق يدعى تشاك هلسينجر , يرفض مشاركة أي رجل غير متزوج . على الشريك أن يكون متزوجا ويعيش ضمن أسرة مستقرة .
آه ... بدأت أفهم . ولكن لماذا تتهم السيد هلسينجر بالنفاق ؟
إنه في السبعين من عمره , زوجته في الأربعينات . إنها زوجته الثانية .
لقد تزوجها , على الأقل !
استبدال الزوجة بعارضة أزياء شابة في كل فترة لا يبرهن على استقرار عائلي . وهذا لا يعني أنني أشعر بأسف على زوجاته فلا بد أنهن تزوجنه لأجل أمواله .
وهذا هو بالضبط ما تنويه أنت . أن تتزوج لكي تحصل على أموال هلسينجر .
أنت محقة , يا آنسة فيرلين , يسرني أنك تفهمت الوضع .
تفهمت الوضع تماما سيد ستون .
وأضافت والغضب والسخط يغليان في داخلها : " والآن سوف أعطيك رأيي . إذا كنت تظن أنني سأهين إحدى فتياتي وأجمعها برجل مثلك , فأعد التفكير في المسألة . لن يتزوجن من دون حب كما تريد أنت , مقابل أموال كل العالم , فهن يردن زواجا حقيقيا مع زوج حقيقي , وإمكانية بناء أسرة حقيقية .
وهذا ليس ضمن برنامجك " .
بدأ أن تقريعها له لم يترك أي أثر عليه , إذا بقي متكاسلا من دون أي تعبير على وجه .
أنت على حق , يا آنسة فيرلين , فأنا لم أكن أخطط لزواج حقيقي بل أريد اتفاقا عمليا فقط , يتبعه طلاق محترم في المستقبل القريب .
اتفاق عملي ؟ أتعني من دون علاقة حميمة ؟
من دون علاقة حميمة على الإطلاق .
صعب عليها تصديق هذا , فمايك ستون مثال للرجولة . لكنها أدركت ما يعنيه . فهو لا يريد أي علاقة مع عروس اشتراها بالمال , ولعله سيبقى على علاقاته مع نسوة غيرها .
قالت بجفاء : " آسفة . لا أستطيع أن أعرض هذا الأمر المشين على أي من فتياتي . فهذا ليس ما جئن يطلبنه من وكالة " مطلوب زوجات " كما أن عرضا كهذا سيجرح مشاعرهن ولن يقبلن به " .
هل أنت واثقة من ذلك ؟
تماما .
سأدفع مليون دولار مقدما ... ومليونا آخر إذا نلت عقد الشراكة .
فتحت ناتالي فمها ذاهلة , بينما تابع يقول : " وسأغطي تكاليف العرس كلها . يجب أن يبدو الزواج حقيقيا , فقد يتحرى السيد هلسينجر عني " .
سخي ومغر !
إنه مناسب لما يقتضيه هذا الأمر , من مشقة لتحضير حفل الزفاف وجعله يبدو طبيعيا . وعلى زوجتي المؤقته أن تمضي معي يومين على يخت السيد هلسينجر في أوائل شهر كانون الأول , فهو سيأتي إلى سيدني ليستلم يخته الجديد المترف ويتعرف علي في الوقت نفسه .
قطبت ناتالي جبينها : " ما من غرف نوم واسعة في اليخوت . من المفترض أنكما عروسان , وسيكون عليكما أن تتشاركا قمره واحدة ".
أفهم مخاوفك , يا آنسة فيرلين , ولكنني أعدك بأن تبقى العلاقة بريئة . لا أريد أن أتسبب بأي مشكلة مستقبلية . هذا الزواج لن يكون كاملا , فأرجو ألا تجدي لي فتاة تتخيل نفسها ملكة جمال العالم , أو تتصور أنني سأقع في غرامها . هذا لن يحدث , فأنا لا أقع في الحب ولن أبقى متزوجا .
منتديات ليلاس
لا تخش أن تحاول مخلوقة مخدوعة من وكالة " مطلوب زوجات " إغرائك , يا سيد ستون , فأنا ما زلت أرفض فكرة تقديمك إلى أي من زبوناتي.
في ما بعد , سوف تتساءل ناتالي عما جعلها تفعل ما فعلته .
هل كل هذا من أجل المال فقط ؟ أم أن قوى غامضة دفعتها إلى ذلك ؟
من المؤكد أن المال كان مغريا للغاية , إذا ستتمكن من أن تسدد ديون والديها , ومن أن تمنحهما مبلغا كبيرا يساعدهما حين يتقاعدان . وعندما تحصل على المليون الثاني , ولم يكن لديها أدنى شك في أن مايك ستون الشديد الطموح سينال الشراكة , ستسدد ديونها الخاصة وقد تسافر في إجازة عبر البحار . كانت قد تعبت من عملها في إيجاد زوجات مناسبات لزبائنها من الرجال . في السابق كانت تبتهج للغاية حين ترى ثنائيا يحتفل بسعادة بزفافهما . لكنها أخذت مؤخرا تشعر بشيء من الحسد .
فبالرغم من علاقتها المشئومة تلك مع براندون , إلا أنها لطالما آمنت بأنها ستتزوج يوما ما , وتؤسس أسرة . وعندما أنشأت وكالتها " مطلوب زوجات " منذ ثلاث سنوات , بقي الأمل يراودها في أن ترى يوما ما الرجل المناسب يطرق بابها من الباب , لكن شيئا ما حدث لها بعد براندون , إذ أصبحت عدوانية مستعدة دوما للدفاع عن نفسها ضد الجنس الآخر . فهي لم تعد تثق بهم , ولم يعد الرجال ينجذبون إلى شخصيتها التي أصبحت أكثر صلابة وسخرية . ومنذ انتهاء علاقتها مع براندون لم تخرج مع رجل .
وقالت له فجأة : "ماذا عني أنا ؟ ".
انتصب في جلسته وسأل:" أنت ؟" .
الصدمة في صوته جرحت إحساسها بشكل بالغ فأجابت بحدة : " نعم أنا . ما العيب في شخصيتي ؟ " .
العيب في شخصها هو أنها أعجبته , وإبعاد يده عن الآنسة فيرلين قد يكون صعبا , لا سيما في تلك الليلتين اللتين سيمضيانها في قمر واحدة في اليخت . من ناحية أخرى , بدا واضحا أنها لن تساعده في العثور على زوجة من بين فتياتها الغاليات .
وفجأة , فهم السبب . إنها تريد هذا العمل , أي المال , لنفسها .
قالت وعيناها تلمعان : " أظنك كنت تبحث عن فتاة أصغر مني سنا ؟ ".
كم يبلغ عمرك ؟
أنا من سنك . أربعة وثلاثون .
رفع حاجبيه . فقد بدأت أكبر سنا , ولعل ذلك عائد إلى الملابس الكئيبة التي ترتديها . قالت وهي ترجع رأسها إلى الخلف بكبرياء : " يمكنني أن أبدو أصغر سنا وأجمل إذا كان هذا ما تريده " .
ما أريده هو زوجة يمكنها أن تقنع تشاك هلسينجر بأنها تحبني حقا . فهل يمكنك ذلك ؟
من أجل مليوني دولار يمكنني أن أقنعه بأنني أعبد كل شعرة في شعرك .
تخلل شعره الكث بأصابعه باسما , فهذا ما يود .
وتلاشت ابتسامته عندما أدرك أنه قد يجد صعوبة أكبر في إبعاد يديه عنها عندما أدرك أنه قد يجد صعوبة أكبر في إبعاد يده عنها عندما تبدأ في تمثيل دور العروس المغرمة .
سيضطر لأن يذكر نفسه باستمرار بأنها تقوم بذلك من أجل المال فقط .
تبا ! فقد أزعجته هذه الفكرة . إنه يكره أن يختلط البحث عن المال مع العواطف المشبوهة .
لا أظنك من اللواتي تراودهن أحلام يقظة شاعرية مثل أن أقع في غرامك وأرغب في الزواج بك ؟
لا تكن سخيفا , أنت آخر رجل في العالم أحلم به .
ألست من النوع المفضل الذي يعجبك ؟
وحدها الحمقاء هي التي تحلم برجل لا يؤمن بالحب أو الزواج . وأنا لست حمقاء .
في هذه الحالة , اتفقنا يا آنسة فيرلين .
وفيما هو يقول هذه الكلمات , تساءل عما إذا كان سيندم على زواجه من حمراء الشعر المزاجية والخشنة والسليطة اللسان هذه . ولكن ما البديل لديه ؟ الزوجات لا ينبتن على الأشجار , وسيحل شهر كانون الأول في غمضة عين .
ولأول مرة منذ تعارفا , بدا عليها التردد فجأة , فارتفعت يدها إلى عنقها في دليل عجز .
كان عنقها طويلا ناصع البياض وكأنها لم تر البحر منذ أجيال .
قالت عليه تأملاته : "والآن ... ماذا سنفعل ؟" .
وتمنى لو يسألها لماذا لا يأخذها إلى السرير ؟ فهذا ما يريده الآن . كان ريتشارد محقا , فالعزوبية لا تناسبه , لا سيما وهو مع امرأة تعجبه .
لكنه لا يستطيع أن يقدم على أي خطوة مع الآنسة فيرلين .
فهي ستهدم البيت فوق رأسه إذا رأته يتقدم نحوها . كلا , لقد وقع في شرك الحرمان لمدة شهرين آخرين على الأقل . فهو لن يستطيع أن يعاشر امرأة أخرى ,خوفا من أن قد يكشف تشاك الماكر ذلك فتطير الشراكة في مهب الريح .
وحدث نفسه بأن يركز تفكيره على المال كما تفعل الآنسة فيرلين , وأن يكف عن التفكير فيها كامرأة .
وذكره هذا بضرورة ترتيب أمور زواجه و بألا يضيع وقته .
فنظر إلى ساعته : " اليوم هو الخميس والمتاجر تقفل في التاسعة . أولا , علينا أن نتناول وجبة سريعة , ثم آخذك لشراء خاتم الخطبة " .


4- أحلام وأحلام


ماذا ؟ هل قلت شراء خاتم الخطبة ؟
وجعلتها الصدمة تنتصب واقفة فأجاب وهو يقف أيضا : " بكل تأكيد "
لكن هذا غير ضروري .
لم تستطع أن تتصور نفسها معه في متجر المجوهرات حيث تتظاهر بأنهما عاشقان .
بل ضروري جدا . عندما سأقدمك إلى السيد هلسينجر بصفتك زوجتي , سيكون لديك كل ما ينبغي أن تملكه زوجتي .
بما في ذلك ماسة في إصبعك وملابس تجعل عيني ذلك القذر العجوز تخرجان من محجريهما .
ولكن ...
ما من اعتراضات يا ناتالي . آسف , ولكن علي أن أدعوك باسمك ما دمت لا تحبين كلمات التدليل مثل عزيزتي وحبيبتي وعسلي . إلا إذا أردتني , أن أناديك " نات " .
أجفلت لسماعها هذا الاختصار لاسمها الذي كانوا ينادونها به في المدرسة الثانوية وما زالت تكرهه . وقالت بعنف : " يمكنك أن تناديني ناتالي ".
حسنا , ولا تنسي أن تناديني مايك . عليك ألا تناديني بالسيد ستون .
حسن . والآن , بالنسبة لخزانة الثياب تلك ...
نعم ؟
أنا لا ارتدي دوما مثل هذه الملابس . إنها ملابس العمل .
أراحني أن أسمع هذا .
فاقشعر جلدها : " لا حاجة بك إلى إهانتي " .
لم أكن أهينك بل أقول الحقيقة . هذا السروال الذي تلبسينه فظيع , فلونه لا يناسبك وطرازه كملابس الرجال .
فقالت بحدة : "ظننتك نابغة في الكمبيوتر وليس في الأزياء " .
أنا رجل وأعرف ما يناسب المرأة . من الضروري أن تشتري كل ما يلزمك من الملابس . سآخذك للتسوق قبل شهر كانون الأول سواء شئت ذلك أم أبيت .
اعترفت في سرها بأنها لا تملك الملابس الضرورية لرحلة بحرية , فقالت :" على أي حال , أنت من سيدفع " .
هذا حسن . هذا ما أحبه فيك يا ناتالي .
حاولت ألا تشعر بأنه جرح مشاعرها , لكن هذا كثير ... أن ينتقد ملابسها , ثم أن يخبرها بأن الشيء الوحيد الذي يحبه فيها هو الناحية المادية فيها .
ودت لو تصرخ في وجهه بأن السبب الوحيد الذي جعلها تقدم على هذا هو حال والديها المادية المزرية , ما ذكرها بشيء ما فقالت : "علي أن أقوم باتصال هاتفي سريع قبل أن أخرج " .
لا بأس وسأنتظرك في سيارتي . إنها متوقفة في آخر الشارع , وهي رباعية الدفع , سوداء ولوحتها تحمل أسم ( ستون ) .
وقبل أن تفكر بجواب لاذع , كان قد خرج .
رفعت سماعة الهاتف بسرعة , لكن وفيما هي تطلب رقم أمها , أخذت تتساءل عما ستقوله لها . ثم قررت ألا تخبرها بشيء قبل أن تودع المليون الأول باسمها في المصرف .
وهتف صوت حاد من داخلها , أن عليها إذا أرادت الحصول على المال , أن تلجم لسانها اللاذع وإلا فقد يتراجع عن الاتفاقية .
إذا شاء أن يشتري لها خاتم الخطوبة , فهذا حسن . وإذا شاء أن يشتري لها الكثير من الثياب فهذا حسن أيضا , فهي ليست في وضع يتيح لها أن تنتقد هداياه .
وعندما أجابت أمها على الهاتف , قالت : "هذا أنا يا أمي . لدي خبر جيد
. حصلت على زبون أخيرا " .
هذا خبر جيد . هل هو غني ؟
غني بما يكفي .
وسيم .
نوعا ما .
أتظنين أن بإمكانك أن تجدي له عروسا مناسبة ؟
نعم . لا مشكلة في ذلك . وهذا يعني أنني سأكون ميسورة ماديا في وقت قريب , فلا تقدما على أي تصرف أحمق كرهن الأثاث أو استدانة النقود . ما هو أسم المصرف الذي أعطاكما المال لقاء رهن البيت ؟
أرادت أن تبعث السرور في أبويها قبل أن تسترد المنزل , رغم أنها لا تعلم ما ستقوله لأبويها عن مصدر المال .
ربما ستقول لهما إنها ربحت في اليانصيب .
سأذهب لمقابلة المدير غدا وأرتب أمر خفض الفائدة , فقد انخفضت الفوائد بشكل ملحوظ منذ أخذتم القرض . وسأغطي الأشهر الأولى من السندات حتى تستريحا قليلا .
أحقا ؟ أواه , يا حبيبتي . هذا رائع , كنت قلقة للغاية .
نعم يا أمي . أنا واثقة من أنك كنت كذلك . لكنكما لن تقلقا بعد الآن . لن أسمح أبدا بأن تطردا من بيتكما . يجب أن تعلما هذا .
أنت فتاة صالحة.
عبست ناتالي . هذا يعتمد على تعريف الشخص لمعنى الصلاح . هل من الصلاح أن تتزوج رجلا من أجل المال فقط ؟
اعتبرت أن هذا التصرف ليس سيئا , إذا كانت الغاية منه حسنة. كما أنها لن تعاشره من أجل المال فتكون أشبه بالمومس .
وخنقت آهة في صدرها . لا فائدة من ذلك . عليها أن تعترف , ولو في سرها , بأن مجرد التفكير في مايك ستون يشعرها بإثارة غدارة . لكنه كان حازما في كلامه عن عدم استعداده للتورط مع هذه العروس , كما أنه غير منجذب إليها .
وكرهت التفكير في ما كان ليحدث لو أنه انجذب إليها , فبهذا ستخدع نفسها وإن لم يكن بالطريقة التي خدعت بها نفسها بالنسبة إلى براندون . لن تقع في غرام مايك أبدا , أو تراه خلافا لما هو عليه من قسوة وغطرسة ومادية . لكنها لم تشأ أن يعتبرها إحدى النسوة اللواتي عاشرهن من الزواج بل تفضل خيار الزواج من دون علاقة حميمة .
لا أستطيع أن أطيل الحديث معك , يا أمي . سأتناول العشاء مع زبوني .
أرجو أن يكون هو من يدفع .
أمي ... أنت تتحدثين إلي , هو من سيدفع طبعا .
في هذه الحال كلي جيدا يا عزيزتي فقد أصبحت هزيلة .
وضحكت ناتالي . إنها ليست هزيلة لكن أمها تراها كذلك دوما . وعادت تقول : " سأتصل بك غدا مساء لأطلعك على ما فعلت في المصرف . إلى اللقاء " .
إلى اللقاء يا عزيزتي وشكرا مرة أخرى .
قاومت ناتالي رغبتها في أن تتزين وتتباهى بنفسها قبل أن تنضم إلى مايك في الخارج , فاختطفت حقيبة يدها السوداء الكبيرة , ثم أقفلت الباب الخارجي . أسرعت نحو سيارة سوداء رباعية الدفع , أحاط بها جو ينذر بالخطر.
اقشعر جلدها حين انفتح فجأة الباب المجاور للسائق , تدفعه ذراع في كم أسود سرعان ما اختفت بالسرعة التي برزت بها .
وعندما صعدت وأغلقت الباب خلفها , قال : "أنت امرأة غير عادية " .
من أي ناحية ؟
لا تدعين الرجل ينتظر .
وهل هذا حسن أم سيء ؟
عاد يتأملها :" هذا يعتمد على ظروفنا ".
أي ظروف ؟
على ما نفعله أو إلى أين نذهب .
وإلى أين نحن ذاهبان ؟
الخيار لك , يا ناتالي . إلى أين تقترحين أن نذهب لنتناول وجبة سريعة ؟
ثمة مقهى إيطالي ويدعى " بيرتوليني "في آخر هذا الشارع .
إنه يتميز بخدمة سريعة ويقدم " بيتزا " و معجنات رائعة .
هذا جميل . أكاد أموت جوعا .
وتحرك بالسيارة .
وأنا كذلك .
ألقى عليها نظرة جانبية حادة : "لا تقولي لي إنك تتبعين حمية , فكل النساء اللاتي خرجت معهن كم يتبعن " حمية ما " .
لم يشهد وزنها يوما أي زيادة , كما أنها تفقد شهيتها عندما تكون في حالة ضيق وضعف نفسي . وكان وزنها قد انخفض بشكل كبير بعد براندون وتطلبت استعادة وزنها الطبيعي أعوام عدة . لكنها الآن بحالة جيدة .
أخذ يتمتم " غريبة .... غريبة " ...
لكنه سكت حين وصل إلى المقهى وتوقف أمامه .
استقبلت صاحبة المقهى ناتالي بحفاوة لم تعرفها من قبل , ربما لأن برفقتها رجلا . وشعرت ناتالي بارتباك من نظرات المثقلة بالمعاني التي كان الموظفون يرمقونها بها . إذا اعتادت المجيء إلى هنا وحدها طوال الثلاث سنوات .
منتديات ليلاس
سألها وهما يتناولان المعكرونة : " لماذا لم تتزوجي حتى الآن ؟ لا تخبريني أن أحد لم يتقدم لخطبتك . قد تكونين فظيعة في اختيار ملابسك , لكنك امرأة جميلة " .
فتحت فمها لتجيب , لكنها عادت فأطبقته . ما دامت ستتزوج هذا الرجل , وتدعي أنها تحبه حبا جارفا , فعليها أن تكون صادقة معه لأنه ادعى أنه يحب الحقيقة .
في الواقع , لم يطلب أحد يدي . فقد أضعت أجمل سنوات حياتي على رجل انتظرت منه أن يتزوجني , يوما ما , لكنه لم يفعل . لم أعرف السبب إلا بعد مرور أربع سنوات على علاقتنا , سنوات كنت أثناءها أجد له عددا لا يحصى من الأعذار .
فقال بجفاء :" لا تخبريني السبب لأني أريد أن أخمنه بنفسي . كان متزوجا ".
وكيف عرفت ؟
يا حبيبتي , هذا ما يوحي به مظهرك . آسف لكلمة التدليل هذه , إنها زلة لسان .
ماذا تعني بقولك مظهري يوحي بذلك ؟
أنظري إلى نفسك .
ما من خطب في مظهري !
بل كل ما في مظهرك خطأ , هذا إذا كنت لا تزالين ترغبين في الزواج . وأظنك تريدين ذلك , لأن معظم النساء يردن ذلك , لسبب ما . ولحسن الحظ أني جئت الآن .
المعنى ؟
أنت بحاجة إلى من يخبرك بذلك , يا امرأة . ولمن يثيرك قليلا .
يثيرني ؟
وكادت تختنق , وحمدت الله أن لا أحد يقف بقربهما في هذه اللحظة .
نعم , لن تستطيعي العثور على رجل بهذا المظهر وهذه التصرفات يا ناتالي . قد يمنحونك القليل أحيانا لكني واثق تماما من أنهم لن يطلبوا منك الزواج .
تمزقت مشاعرها بين أن تطلب منه أن يمنحها هذا القليل وبين أن تخبره بأن يقفل فمه المخيف عديم الإحساس هذا .
وأخيرا سألته : "أنت خبير في هذا الموضوع , أليس كذلك ؟ " .
نعم .
يا لي من محظوظة !
ضاقت عيناه وأخذ ينظر إليها مفكرا فيما هو يمضغ طعامه ببطء . وأخيرا وضع شوكته وتناول كأس ماء :" غالبا ما يقال لي أحيانا أني خشن , فظ في كلامي . لكن القسوة أفضل من الرقة أحيانا . هل تفضلين أن أكذب عليك ؟ " .
حملت كلاماته إخلاصا مؤثرا بشكل غريب كما انعكس هذا الإخلاص على وجهه . بدأ واضحا أنه لم يقصد تجريحها , رغم أنه فعل ذلك .
كان أمامها خياران , إما أن تعود إلى الغضب والغيظ , وإما أن تأخذ بنصيحته . في الحقيقة , لا تزال تريد أن تتزوج وتنشئ أسرة , وخصوصا أن تنشئ أسرة .
فكرة ألا تنجب ولدا أبدا كانت مؤلمة للغاية . وبما أنها أدركت منذ زمن أن عدم نجاحها مع الرجال هو ذنبها كليا , فلعلها بحاجة إلى رجل مثل مايك يجعلها تغير طريقة معاملتها المنفرة للرجال .
لن تستطيع الاستمرار في لعب دور العروس المغرمة وهي تلبس هذه الملابس وتتصرف بهذا الشكل . لم لا تستغل هذه الفرصة وتحاول أن تبدو امرأة مختلفة ؟ امرأة أرق وأكثر إثارة وأقل فظاظة ؟ تنفست بعمق , قم قالت :" أدرك تماما أنني أصبحت سيئة الخلق . لم يسبق لي أن كنت بهذه الخشونة مع الآخرين , ولكن بعد أن اكتشفت أن براندون ليس متزوجا وحسب بل أبا لولدين أيضا , فقد أعصابي كليا " ..
كيف استطاع براندون أن يخفي أمر زوجته وولديه طوال ... ما طول المدة ؟
أربع سنوات .
يا إلهي ... هذا وقت طويل . لا بد أنك اشتبهت بشيء ما .
كان يفترض بي ذلك , لكنني لم أفعل . فقد منحه عمله أعذارا كافية لئلا يفصح عن تحركاته وأسباب تأخره . فقد كان عميلا سريا .
عميل سري ! يا إلهي , يا ناتالي ... لا أرك وقعت في غرام ذلك الكستنائي الشعر ؟
فقالت بحزم : "إنه عميل سري , يعمل في دائرة مكافحة الإرهاب . أنا واثقة من هذه المعلومات يا مايك إذا كنت أعمل حينذاك في وظيفة حكومية " .
ما نوع الوظيفة ؟
كنت المساعدة الشخصية لأحد الوزراء في رئاسة الوزراء .
وبعد فشل علاقتي ببراندون , أخذت إجازة لستة أشهر لم أعد بعدها إلى الوظيفة ثم أنشأت وكالتي " مطلوب زوجات " .
لماذا ؟
لماذا ؟
نعم , لماذا ؟ لا تكذبي الآن . أخبريني الحقيقة .
أظن أن ثمة الكثير من الأسباب , وكنت في الثلاثين من عمري , وبعد أسابيع من الإجازة وجدت أني أشعر بوحدة فظيعة , فأخذت أبحث في الإنترنيت عن وكالات تعارف . لكن بعد بعض التجارب الفظيعة قررت أن أنشئ وكالتي الخاصة , وكالة تحقق تطلعاتي . وسرعان ما اكتشفت أن ثمة الكثير من الرجال يريدون زوجات وأطفالا .
تعنين أنك تخدمين الآخرين بهذا العمل . اعترفي , يا ناتالي , بأنك أنشأت الوكالة لتجدي لنفسك زوجا .
تنهدت : " هذا ما أظنه . لكني لم أنجح لسوء الحظ , إنما كان يرضيني أن أرى نساء يظفرن بما يردنه . أظن أن هذا كان مزيجا من الانتقام والعلاج في آن ".
نعم , يمكنني أن أفهم هذا .
وماذا عنك أنت ؟
شعرت بالغثيان من الحديث عن نفسها , ومن استعادة ذكرياتها لمؤلمة .
ماذا عني ؟
ما الذي جعلك تكره الحب والزواج ؟
أن لا أكره الحب والزواج . أتمنى الحظ السعيد لأولئك الذين يجدون السعادة فيهما . وإنما هما ليسا لي .
ولكن لماذا ؟ ولا تكذب علي . أخبرني الحقيقة كما تفعل دوما , بحسب قولك .
فتصلب فكه وتمتم قبل أن يعود إلى طعامه : " ثمة حقائق من الأفضل أن لا تقال " .
حدقت ناتالي إليه وقد انقطعت شهيتها لعدم إجابته عن سؤالها : "هكذا إذن ؟ ألن تخبرني ؟ ".
لم ينطق بكلمة حتى أنهى طعامه . وعندما وضع شوكته قال : "كلا " .
فقالت بحدة : "ألف شكر " .
لست بحاجة لأن تعرفي تفاصيل حياتي كلها , كما لو كان زواجنا حقيقيا .
لكنني أخبرتك عن حياتي .
النساء يرغبن في الحديث عن أنفسهن , أما الرجال فلا .
تزايد الإحباط في نفسها . فهي لا تطيق الرجل الذي يفعل بها هذا إذا يذكرها كثيرا ببراندون , الذي كان أكثر الرجال مكرا وغدرا , فقد استدرجها إلى ذكر تفاصيل حياتها كلها , من دون أن يخبرها بشيء عن حياته .
عندما تتزوج ناتالي , ستتزوج رجلا صريحا لا يخفي عنها شيئا , ويخبرها بكل ما يدور في ذهنه ... وفي قلبه ... وفي روحه ... لن يخدعها بأي شكل فالحب ليس قاسيا , بل رقيق وحنون وحساس .
حدقت في الرجل الجالس قبالتها وأدركت أن ليس بمقدوره أن يكون رقيقا وحنونا وحساسا . وما يسميه صدقا ما هو إلا وقاحة متنكرة . إنه , ولسبب ما , لا يحب النساء ولا يحترمهن , ولا ينوي أن يخبرها بالسبب .
لقد عقدت اتفاقية مع الشيطان , لا مجال للتراجع الآن . ومع هذا , ليس عليها أن تفعل ما لا تريد أن تفعله .
أعلم أن الرجال لا يحبون أن يتحدثوا وهذا مؤسف , فهذا قد ينفعهم . أما النساء , فهن لا يعجبهن أن يخدعن . ولهذا لن أرافقك لشراء ختم خطبة الليلة . أعلم أن علي أن أبدو متفانية في حبك أماما السيد هلسينجر لكنني لا أريد أن أتظاهر بذلك أمام بائعة بلهاء. لقد أوصت لي أمي بمجوهراتها كلها , وسأضع خاتم خطوبتها وخاتم عرسها عندما يحين الوقت , سواء شئت ذلك أم أبيت .
هز كتفيه من دون مبالاة , ما أثار غيظها : " لا باس , شرط أن يكون خاتما جيدا وليس رخيصا . رجل في مركزي لا يشتري خواتم رخيصة لزوجته ".
فصرفت بأسنانها :" إنهما خاتمان رائعان ".
في هذه الحالة , لا بأس . فهذا يوفر علي الوقت , لكنني لن أتراجع عن شراء الثياب . ومع هذا , يمكن لذلك أن ينتظر , لأن الحصول على رخصة للزواج له الأولوية . قلت إن الأمر يتطلب شهرا . أين تحصلين عليها ؟
مكتب تسجيل في المدينة . عليك أن تحمل معك شهادة ميلادك , وأظن أن لديك نسخة عنها .
كلا .
عليك أن تحمل معك نسخة عنها . إذا ذهبت إلى قسم الزواج شخصيا , فيمكنك أن تحصل عليها من مكتب خدمة الزبائن , وهو في المدينة أيضا .
هذا حسن . يمكننا أن نفعل هذا صباح غد . سأمر لاصطحابك في التاسعة .
تصلب جسد ناتالي : " ربما عليك أن تسألني إذا كنت مشغولة صباح غد " .
هل أنت كذلك ؟
لدي موعد عند مصفف الشعر . فأنا أقصده صباح كل يوم جمعة .
كانت تعلم أن هذا دلال منها لكن هذا هو الأمر الوحيد الذي يريحها طوال الأسبوع . كانت تستمتع بتدليك رأسها بعد الشامبو .
رفع عينيه إلى شعرها : "في هذه الحالة أقترح عليك أن تغيري مصفف شعرك قبل شهر كانون الأول وتبحثي عن آخر أكثر مهارة " .
فحملقت فيه : " وأنا أقترح أن تبحث عن امرأة أخرى تتزوجها " .
أجفل وكأنه لم يكن يدرك مقدار عدم لباقته : "هل يعجبك شعرك ؟ ".
سرحت شعري بنفسي اليوم .
فهمت . أنت إذن تتعمدين أن يبدو شعرك غير جذاب كلما كان لديك موعد مع زبون جديد ؟
أحقا تفعل ذلك ؟ ربما . وهي تميل إلى التفكير في الانتحار كلما تملكتها الكآبة , وهي مكتئبة منذ أشهر عدة .
متى تنتهين من تصفيف شعرك ؟
قرابة الثانية عشر .
سآخذك من بيتك في الواحدة والنصف .
سأكون جاهزة .
هذا حسن . هذا كل شيء لهذه الليلة .
و نادى النادل ليحضر له قائمة الحساب . ولاحظت ناتالي أنه ترك له " بخشيشا " كبيرا .
كان براندون سخيا أيضا في هذا . ثمة صفات مشتركة كثيرة بين الرجلين , أكثر من أن تجعلها تشعر بالارتياح .
حين توقفت سيارته أمام بابها , رفضت أن تسمح له بالنزول من السيارة ليرافقها إلى الباب . لم تشأ أن تقف بجانبه عند بابها , متلهفة لأن تدعوه إلى الدخول , كارهة نفسها لشعورها بالإثارة في انتظار الغد .
لم يكن يعجبها , لكنها منجذبة إليه بشكل عنيف . فمجرد جلوسها بجانبه مدة ثلاث دقائق في سيارته , حبس أنفاسها .
عندما فتحت بابها , كانت تشعر بنظراته ثابتة عليها . قال إنه لن يغادر قبل أن تدخل إلى بيتها سالمة ما ذكرها ببراندون الذي كان يشعرها هو أيضا بالحماية . هل السبب هو حجمه وقوته فقط ؟ على أي حال , وجود مايك بجانبها يجعلها تشعر بشيء من العجز , كما يثير فيها شعورا أنثويا ومزعجا بقدر ما هو مغر .
كرهت هذا الشعور , وما يثيره فيها من إحباط . وفي الوقت نفسه , فكرت في أن تفتح الباب نفسه في الواحدة والنصف غداء وهي تبدو مختلفة عما هي عليه في هذه اللحظة . سيتملكها الرضى وهي ترى عينيه السوداوين الصارمتين تتسعان دهشة .
لكن هذا لن يغير شيئا . لن يعجب بها , كما أنه لن يعجبها .
لكن الانجذاب الجسدي لا ينبع دوما من الإعجاب ولا علاقة له بالمنطق حتى , بل هو يقوم على الغرائز بدائية لا تؤمن بالمنطق .
استلقت ناتالي على سريرها في وقت متأخر من تلك الليلة , وهي تفكر في مايك . وعندما أخذت تتقلب في الفراش نعتت نفسها بالحمقاء .
لكن الإحباط العنيف الذي تملكها , جعلها تغير رأيها بالنسبة إلى اليوم التالي . لن ترتدي ملابس رمادية , كما لن تتزين لهذا الرجل . لن تسمح لها كرامتها بذلك , بغض النظر عما يرغب فيه جسدها الخائن . فهذا التغيير قد يعطي عكس النتائج المرجوة على أي حال . فقد ينظر إليها مايك بازدراء ويسيء فهم تصرفها , ويظنها تخطط لكي تجعله يحبها ويبقيها معه .
وإذا ظن ذلك , فهي ستهرب أميالا .
أن تغامر بخسارة مليوني دولار من أجل لحظة انتصار هو أمر يدعو للسخرية . إذا كان لديها بعض الأمل في أن تتمكن من إغوائه , فقد يستحق الأمر المغامرة . لكن مايك في غاية الصلابة والعناد بالنسبة إلى هذه الناحية من اتفاقيتهما وقد شدد على أن العلاقة ستبقى سطحية بينهما .
وذكرها هذا بأن عليها أن تجعله يوقع على عقد بينهما . فما الذي يضمن لها أنه سيعطيها مليوني دولار ؟ رجل مثله لن يهتم أبدا إن لم يحصل على طلاق قانوني , فهو لا يريد أن يتزوج ويمكنه أن يتركها ويمضي حالما يحصل على الشراكة من دون أن يعطيها شيئا .
لكن , ومن ناحية أخرى , لن يرغب في الدخول في قضايا قانونية مزعجة أو في الإساءة إلى سمعته , حفاظا على علاقته بتشاك هلسينجر .
ومع ذلك , ستكون غبية إذا لم تتطرق إلى هذا الموضوع . نعم عليها أن تتعامل معه بهذه الطريقة , بهذا الشكل العملي وليس بذلك الشكل الأنثوي الناعم الأحمق .
والآن , ليتها تتمكن من النوم ...
لكن ناتالي وجدت صعوبة في النوم . ولم تغمض عينيها إلا في الثانية فجرا , وغدا بها تحلم برجل من دون وجه , يلاحقها فتستسلم له . بدا وكأن هذه الأحلام استمرت لساعات . وبعد أن استسلمت له , أخذ يسير مبتعدا من دون أي كلمة .
لكن , وفي اللحظة الأخيرة , نظر إليها من فوق كتفه , فرأت عينيه . كانتا عميقتين سوداوين صارمتين بشكل هائل .
ونادته في الحلم : " مايك " .
لكنه تابع سيره .


.............................


إلى اللقاء غدا مع فصول جديدة .. تصبحوا على خير .. وسحور لذيذ ... هههههه هذا لي :)

ناعمة 09-09-08 12:28 AM

بالعافية

ونستنى :)

nimo 09-09-08 04:33 AM

لم يبقى الكثير .. لا تيأسوا مني :)
 
هلا بيكم جميعا .. أشكرك ناعمة على المرور .. وعلى ما أظن قل الحماس ..

:f63: يارب أرجع لم الحماس لأتشجع حتى أكملها .. وأترككم مع 3 فصول ..
............................................................ ....


5- لن أكشف أسراري


ابتسم مايك لنفسه ساخرا وهو يتوجه بسيارته إلى منزل ناتالي , متذكرا جواب ريتشارد حين أخبره هذا الصباح عن المرأة التي حصل عليها كزوجة له . لقد هتف قائلا :" إنك تهزأ مني ... ناتالي فيرلين ؟ تلك المرأة الخشنة الشكسة ؟ " .
كان هذا مضحكا , لكن الوصف في محله . إلا أن دهشة ريتشارد ما لبثت أن تلاشت حين عرف قيمة المبلغ الذي عرضه مايك عليها . قال بسخرية : " ما أعجب ما تفعله بعض النساء من أجل المال ! " .
ومع ذلك , لا بد أنها ستترك انطباعا جيدا لدى هلسينجر العجوز , عندما يراها مرتدية ملابس لائقة . فمن غير الممكن أن ترتدي ناتالي دوما ثيابا كالتي ترتديها في الأمس .
منتديات ليلاس
كان مايك متلهفا لاكتشاف ميزات ناتالي الأنثوية . وكان قد لاحظ صدرها الناهد تحت سترتها الرمادية الفظيعة , وهي طويلة بما يكفي لتتمتع بساقين جميلتين , كما أنه لاحظ كاحليها الرفيعين عندما جلست في المقهى ووضعت ساقا على ساق .
وتملكه الأسف لانتعالها حذاء خفيف أسود ذا كعب سميك وارتدائها البذلة الرمادية بسروالها الواسع .
سيعشق رؤيتها في سروال جينز ضيق يبرز تفاصيل جسدها , وفي بلوزة مثيرة . وتذكر مايك فجأة أن هذه الأفكار ليست مقبولة حاليا , ووبخ نفسه بعنف لشعوره هذا وهو يوقف سيارته أمام بيت ناتالي .
كان بيتا ذا شرفة أرضية , واحدا في صف طويل من البيوت المتشابهة يمتد إلى آخر الشارع . الفارق الوحيد بينها ويمكن في لون الطلاء . فطلاء بعضها يميل إلى البهرجة , فيما ألوان بيت ناتالي تقليدية . جدران تبنية اللون وسقف أخضر , لمسات خمرية هنا وهناك . كان الباب الأمامي والنافذة مطليين باللون الخمري , والمدخل الصغير مرصوف بالآجر القديم الطراز .
بقي مايك في مكانه خمس دقائق أخرى قبل أن ينزل من السيارة متجها إلى الباب حيث قرع الجرس . عندما فتحت الباب هتفت بحدة : " لقد تأخرت " .
فأجاب بحدة وهو يرى أن التحسن في مظهرها لم يتجاوز الحد الأدنى : " خمس دقائق لا تعتبر تأخيرا " .
كانت لا تزال ترتدي سروالا واسعا أسود اللون وقميصا أبيض منشى أشبه بقميص تلميذة في المدرسة . كما كانت تسريحة شعرها أشبه بتسريحة تلميذة , إذا عقدته إلى الخلف بشريطه سوداء .
لم يكن مايك مولعا بفتيات المدارس فهو يريد أن تبدو المرأة التي تراقبه امرأة بكل معنى الكلمة .
وجهها وحده أعجبه . يبدو أنها بذلت بعض الجهد لتتزين , فقد جعل الكحل عينيها الزرقاوين أكثر أتساعا وزرقة , كما بدا فمها الممتلئ ... من الأفضل ألا ينظر إلى فمها , فالشفاه الممتلئة المصبوغة باللون القرمزي تؤثر فيه بشكل خبيث .
كما كان عطرها مثيرا أيضا . وقال فجأة : " هل نذهب ؟ " .
سأحضر حقيبتي وسترتي .
لست بحاجة إلى سترة . درجة الحرارة مرتفعة .
نظرت إليه بعينين حازمتين باردتين جعلتاه يتمنى لو أحضر سترته هو أيضا , وقالت : " أنا آخذ سترة معي دوما . لا تدري أبد متى تهب الرياح الجنوبية ".
فقال وهو يهز كتفيه بعد اكتراث :" لا بأس " .
وأضاف متذمرا وهي تعود حاملة حقيبة يد سوداء : " هل أنت قليلة الصبر دوما بهذا الشكل ؟ " .
كلا ... أرادت ناتالي أن تعترف بذلك وقد صبغ الخجل وجهها بالاحمرار . إنها تفقد صبرها فقط عندما تجلس ربع ساعة في انتظاره , مرغمة نفسها على عدم الإسراع إلى النافذة كلما سمعت هدير سيارة . وحدثت نفسها بأنها مجنونة لأن هذا الشعور يتملكها نحو رجل لا يريد منها سوى لعب دور عروسه .
وقد كرهت نفسها لأنها شعرت بالغثيان حين حلت الساعة الواحدة والنصف من دون أن يصل .وقالت بلهجة اعتذار :" أظنني متوترة قليلا . فأنا لا أوافق كل يوم على الزواج من رجل لا أعرفه " .
هل غيرت رأيك ؟
كبحت رجفة وعيناها تتأملانه . كانت قد وجدته جذابا في سروال الجينز الأزرق والسترة الجلدية السوداء أمس , أما اليوم فوجدته مدمرا بسروال الجينز الضيق الذي يرتديه والقميص الضيق مثله ؟
وراحت تتأمل كتفيه العريضين وعضلاته الرائعة .
كانت ناتالي ترتاد النادي الرياضي ثلاث مرات أسبوعيا وقد اعتادت أن ترى أجساد رجال جميلة . لكن جسد مايك كان مختلفا .
بدا براندون مقارنة معه , ضعيفا واهنا . وأجابت : " لا . صداقتك مع ريتشارد كراوفورد تذكية كافية فهو رجل ذو سمعة ممتازة . لكنني فكرت في المسألة الليلة الماضية ورأيت أنني أريد اتفاقية قبل الزواج تضمن لي ما وعدتني به " .
إذا كانت قلقة من أن يتصرف بشكل سلبي إزاء طلبها هذا , فقد أخطأت . قال وهو يهز كتفيه كالعادة : " هذا حقك " .
هل أنت موافق ؟
تماما . من الأفضل ألا تترك الأمور المالية للصدف .
سأطلب من ريتشارد أن يعقد اجتماعا مع فريق القانونيين في المصرف ليضعوا نص اتفاقية يتضمن الشروط التي وضعتها .
عندما ذكر مايك كلمة مصرف , جعلها ذلك تشهق قائلة : "يا إلهي , لقد نسيت " .
نسيت ماذا ؟
وعدت والدي بأن أنهي معاملات لهما في المصرف فلديهما بعض المشاكل المالية . لكن هذا غاب عن ذهني .
وتمنت لو أنها لم تذكر ذلك .
وأين هو مصرفهما ؟ يمكنني أن آخذك إليه بعد أن ننهي عملنا.
أحقا ؟ لكنه ليس في المدينة , بل في " باراماتا " .
لا بأس . لن يستغرق الحصول على رخصة الزواج الكثير من الوقت لا سيما إذا انطلقنا الآن .
رجولة مايك المدمرة , جعلت أنفاسها تتسارع , فندمت لطلبها منه أن يأخذها إلى " باراماتا " .
ما الذي تملكها ؟
يا للسؤال الغبي ! الجواب هنا يجلس بجانبها بكل رجولته الأخاذة .
تنهدت ثم أخذت تحث نفسها بأن النظر إليه ليس جريمة ... الجريمة هي أن تدع مايك يكتشف مدى تأثيره فيها .
سرها جدا أنها ارتدت ملابس محتشمة اليوم إذ كانت ستشمئز من نفسها لو حاولت أن تبدو كالغواني بارتدائها ملابس فاضحة .
ولم يحالفها الحظ بالنسبة إلى رحلة " باراماتا " . فالوقت قد تأخر والزحمة شديدة ما يعني أن الساعة الرابعة ستحل قبل أن يحصلا على شهادة ميلاد مايك ومن ثم على رخصة الزواج .
قالت بعد أن غادرا مكتب التسجيل : " أصبح الوقت متأخرا ولم يعد بإمكاننا الذهاب إلى " باراماتا " الآن ؟ " .
هل مشكلة والديك هذه طارئة ؟ هل يمكن تأجيلها حتى يوم الاثنين ؟
فقالت مستاءة من نفسها لنسيانها وعدها : " ما من سبيل آخر , كما أظن ".
سألها وهما يسيران معا إلى السيارة : " ما هي المشكلة بالضبط ؟ " .
عضت على شفتها وهي تدرك غلطتها لأنها ذكرت هذا الموضوع , فآخر ما تريده هو أن يعرف مايك ستون سبب زواجها منه . لن تخبره بقصة حزينة عن الغرض النبيل الذي جعلها تفعل ما فعلته.
من الأفضل أن تدع مايك يظن أنها تريد المال لنفسها , فهي لا تريد أن ترى منه أي شفقة . لكن عليها أن تجد تفسيرا معقولا , لأن مايك ليس أحمق .
لقد تأخر أبي في سداد دينه . لكن إذا أعادوا جدولة القرض وفقا للفوائد الحالية للرهونات , لكن هذا أفضل طبعا .
يبدو من كلامك وكأنك تعرفين ما تتحدثين عنه , هل أنت محاسبة ؟
نلت شهادة من مدرسة التجارة , لكنها ليست مصدقة رسميا .
قلت إنك كنت سكرتيرة ؟
بل كنت مساعدة شخصية وليس سكرتيرة .
أمسك مايك بذراعها فجأة وأوقفها وهو يقول : "مصرف ريتشارد يعيد جدولة القروض , وهو سيساعدك إذا طلبت منه ذلك . فهو مدين لي بخدمة " .
كيف ؟
إن لديه أسهم في شركتي " ستونوير " .
آه ...
أصبحت تعرفين سري الآن . أنا لا أتزوجك لأحصل على أموال هلسينجر لنفسي . فلدي دوافع أخرى أقل أنانية .
وابتسم بابتسامة ساخرة , فقالت : " كلنا لدينا أكثر من دافع واحد لما نقوم به ".
وفكرت في أبويها فيما هي تقول هذا . فقال :" وما هي دوافعك الأخرى للزواج مني ؟ ".
لا , لن تفعل بي هذا مرة أخرى .
أفعل ماذا ؟
تجعلني أكشف أسراري الشخصية , فيما لا تخبرني بأي شيء عنك . نحن نعرف السبب الرئيسي لهذا الزواج وهو المال . وهذا كل ما عليك أن تعرفه .
لمعت عيناه وهو ينظر إليها فبدت ملامحه رقيقة للحظة : "هذا صحيح . اسمعي . مصرف ريتشارد قريب من هنا , وهو لا يزال في مكتبه حكما لأنه مدمن عمل " .
ودفعها على طول الرصيف بسرعة ما أعطاها فكرة عن قوته . قالت محبوسة الأنفاس : "لا يمكننا أن نقتحم المكان بهذا الشكل ! أليس هذا مصرفا تجاريا ؟ إنه لا يعمل في مجال رهن البيوت " .
سيفعل هذا من أجلي .
ولكن ...
بالله عليك يا امرأة , دعيني أساعدك , أم أن السماح لرجل بأن يساعدك يناهض مبدأ حرية المرأة ؟
أسكتها هذا لأنها لم تر نفسها قط كامرأة تحررية , وإن كانت تكره التبعية .
وقال وهو يشير إلى مبنى قديم من الحجر الرمادي : " هذا حسن " .
في الداخل كانت الردهة فسيحة لكن جوها الكئيب المعتم ذكرها بالمصارف السويسرية .
تجاوز مايك الحرس الذين يراقبون المصاعد مشيرا إليهم بالتحية وكأنه صديق قديم . وسرعان ما توقفا عند الطابق الخامس حيث غاصت قدماها في السجاد السميك الأحمر وهما يسيران في الممشى الطويل ذي الأبواب الخشبية السميكة . ورأت على آخر باب إلى اليمين لوحة مذهبة تحمل أسم ريتشارد كراوفورد .
منتديات ليلاس
مد مايك يده إلى مقبض الباب بينما ازداد قلقها بشكل ملحوظ . فالوضع مربك وشاذ . كيف يمكنها أن تخفي وضع والديها المالي المزري عن مايك إذا ما رافقها إلى مكتب صديقه ؟
فتح أول باب يؤدي إلى مكتب السكرتيرة , وقال مايك مخاطبا امرأة سمراء في منتصف العمر كانت مشغولة بالطباعة على الكمبيوتر :" مرحبا , باتي . هل الرئيس موجود ؟ ".
فأجابت بنظرة جافة : "ومن غيره ؟ أسدي لي معروفا يا مايك وأخرجه من هنا , فلدي ضيوف هذه الليلة وأريد الخروج من هنا قبل حلول الظلام " .
سأفعل , يا حبيبتي .
أدارت ناتالي حدقتيها وهي تراه ينادي المرأة بيا حبيبتي .
وقالت السكرتيرة : " ألن تعرفنا إلى بعضنا البعض ؟ ".
وابتسمت لناتالي , فقال مايك : " آسف , فقد نسيت آداب المجتمع . أقدم لك باتي وودوورد يا ناتالي , باتي , أقد لك ناتالي فيرلين , خطيبتي " .
سرت ناتالي حين تمكنت من كبح شهقتها في الوقت المناسب , بينما تابع مايك كلامه :" فكرت في أن أمر لأطلع ريتشارد على هذه البشارة " .
كان يتحدث بينما السكرتيرة تحدق في ناتالي التي تساءلت عما إذا كان ذهول السكرتيرة عائدا إلى فكرة زواج مايك , أم إلى المرأة التي اختارها لزواج . فقد بدأ واضحا أنها ليست طرازه المعتاد .
وأخيرا هتفت باتي : " حسنا , تهاني لكما . متى سيكون الزفاف ؟ ".
في الواقع في أقرب وقت ممكن . لكن , لا تظني أنه زواج سريع . في الواقع , المشكلة أننا لا نستطيع الصبر حتى يجمعنا بيت واحد .
وذهلت ناتالي حين طوق خصرها بذراعه وضمها إليه بشدة وهو يسألها : "أليس هذا صحيحا , يا حبيبتي ؟ ".
وداعبت أصابعه ضلوعها . فشهقت , وتسارعت خفقات قلبها . ومن دون تفكير , رفعت عينيها إليه وهي تقول منفرجة الشفتين : "نعم " .
ضاقت عيناه قبل أن تنحدرا إلى شفتيها اللتين ما زالتا منفرجتين , وانتفض قلبها عندما أخذ رأسه ينحني نحوها . يا إلهي , هل سيعانقها هنا أمام باتي .
وهي ستسمح له بذلك .
............................................................ .

6- أغويها أم أقتلها ؟

أحم ....
استدار مايك ليرى ريتشارد واقفا عند عتبة باب مكتبه ينظر إليه بصرامة .
رأى مايك أنه ينبغي أن يكون شاكرا لأن حضور صديقه منعه من أن يعانق ناتالي . ولكنه شعر بسرور فائق وهي بين ذراعيه . بعد ثوان فقط كان ليتمكن من معرفة طعم عناقها .
لكنه الآن لن يعرف ذلك أبدا . قال ولإحباط مازال يسري في عروقه : "مرحبا , ريتشارد . أتعلم ؟ أنا وناتالي عقدنا خطوبتنا , فجئنا لكي نطلعك على الخبر شخصيا ".
لم يظهر أي تأثير على ملامح ريتشارد الذي بدا , كعادته , بالغ الرصانة في بذلته الكحلية . قال : "أحقا ؟ تهاني لكما . علينا أن نتناول شرابا احتفالا بالمناسبة . يمكنك أن تبكري الخروج يا باتي " .
فقالت بابتسامة سريعة : "لن أرفض . شكرا , أيها الرئيس " .
أهلا وسهلا . تفضلا أنتما بالدخول . لدي بعض الأمور التي على أن أنهيها قبل أن نخرج .
عندما دفعها مايك أمامه لتدخل إلى مكتب ريتشارد تمنت ناتالي لو تنشق الأرض وتبتلعها . كانت تعلم أن وجهها مازال أحمر .
ماذا كان ليحدث لو أن ريتشارد لم يقاطعهما ؟ ولم تحتمل التفكير في ذلك . أدارها مايك لتجلس على كرسي , ثم جلس هو على الكرسي آخر . إنها تريد حقا أن تبتعد عنه لتتنفس . إنه لا يزال قريبا منها نوعا ما , ولكن ليس بقدر ما كان عليه في مكتب باتي .
تنفست ناتالي بعمق بينما أغلق ريتشارد بابه قبل أن يعود ويجلس خلف مكتبه .
كانت غرفة الكتب رائعة ومؤثرة . وبعد أن صفا ذهن ناتالي أخيرا أخذت تجيل النظر من حولها . كان المشهد الذي يطل عليه المكتب فريد من نوعه , فهو يطل على هايد بارك و حدائق بوتانيكال .
سأله ريتشارد على الفور : " هل من سبب جعلك تخبر باتي أنك وناتالي مخطوبان ؟ ظننت أنكما تريدان أن تبقيا زواجكما سرا " .
كانت ناتالي توافقه الرأي تماما , فنظرت إلى مايك تطلب منه توضيحا لكنه بدا غير مهتم بشكل يثير الغيظ : "إذا أرسل هلسينجر من يتحرى عني , فمن الأفضل أن يظن الكل , ما عدا صديقي الحميمين طبعا , أن هذا زواج قائم على حب حقيقي " .
فقال ريتشارد :" فهمت . إذا كنتما , أنت وناتالي , تتظاهران بأنكما عاشقان خارج المكتب ؟ " .
طبعا .
منعت ناتالي نفسها من التحديق إليه , لأن ما شعرت به لم يكن تظاهرا .
حول ريتشارد نظراته إليها : " ناتالي ؟ أليس لديك مانع في التظاهر بحب مايك ؟ " .
عند الضرورة فقط .
وسرها أن تتمكن من تمالك أعصابها .
تدخل مايك قائلا : "وهذا ما سيحصل على اليخت مع هلسينجر . لدا , سنحتاج إلى بعض التدريب . وبالمناسبة , ناتالي تريد اتفاقية قبل الزواج لضمان حقها " .
فأومأ ريتشارد : " غنها عقلانية " .
قال مايك تاركا ناتالي تحاول أن تبدو عقلانية : "هل بإمكانك أن تعد واحدة على نسختين لكي نوقعها ؟ ".
يمكنني ذلك .
يتم إيداع المليون الأول في حسابها يوم زفافنا . أما الثاني فعندما تتم الشراكة .
هذا حسن , ومتى سيكون الزفاف ؟
بعد شهر من الآن هو أقرب موعد يمكننا أن تقيمه فيه .
أليس هذا صحيحا , يا ناتالي ؟
نعم , لأنك إذا أردت أن تتزوج قبل ذلك فستحتاج إلى رخصة استثنائية ما قد يثير الشبهات .
أخذ ريتشارد يتصفح أوراق الروزنامة على مكتبه , ثم قال : "اليوم هو الثامن والعشرين من تشرين الأول . الثالث من كانون الأول يوافق يوم السبت " .
فقال مايك : " فليكن إذن في الثالث من كانون الأول " .
قطب ريتشارد : " ألم تقل إن هلسينجر سيصل إلى سيدني في الرابع من الشهر ؟ ".
نعم .
متى عليك أن تنضم إليه وإلى زوجته على اليخت ؟
من الخامس حتى السابع .
ستكونان قد تزوجتما منذ يومين فقط ما يعني أن عليكما أن تتصرفا كعروسين .
عبست ناتالي . كيف يمكنها أن تتظاهر بأنها عروس مايك المحمرة الوجه خجلا ؟
نظر إليها مايك وقال : " فكري فقط بالمال " .
فقال ريتشارد متهكما : " افعلا فقط ما كنتما تهمان بفعله في مكتب باتي منذ دقائق , فتقنعان الشيطان نفسه بأنكما مجنونان ببعضكما البعض . والآن , هل تريدان الزفاف في كنيسة ؟ ".
فقالت ناتالي : "لا . لا أريد هذا " .
لم تشأ أن تسخر من المقدسات في زواج كاذب كهذا .
فقال ريتشارد :" مراسم مدنية فقط , إذن . يمكنكما أن تستعملا بيتي القديم لإقامة الحفل . لقد انتقلنا , أنا وهولي , إلى بيتنا الجديد , وأبقينا القديم للطوارئ . سيكون مناسبا بحفل زفاف ".
تذكرت ناتالي أن ريتشارد عندما وقع عقد مع وكالتها " مطلوب زوجات " أعطى عنوانه شقة جديدة في شرق " بالمين " .
قال : "يمكنكما أن تقيما فيه حتى يحين موعد دعوة هلسينجر إلى اليخت " .
فقال مايك : "لن نرفض هذا العرض , فهو أفضل بكثير من إقامتنا في فندق حيث نكون محط الأنظار طوال الوقت . شكرا يا ريتشارد ".
وشكرته ناتالي بدورها . هذا أفضل بكثير من إقامتنا في جناح العرائس في أحد فنادق المدينة , فمن المؤكد أن منزل ريتشارد يحوي على أكثر من غرفة نوم .
وتابع مايك : " سأتصل بريس وأطلب منه رقم هاتف الكاهن الذي عقد قرانه على ألانا " .
طرفت ناتالي بعينيها , ثم التفتت إلى مايك : "هل تتحدث عن أسرة دياموند ؟ " .
نعم . إنهما الزوجان اللذان عرفتهما إلى بعضهما البعض .
إنهما صديقان حميمان لي .
فقالت مصعوقة : " يا إله السموات " .
لماذا هذه الدهشة ؟
حسنا ... إنهما لا يبدوان من طرازك .
كان ريس دياموند من أصحاب الثروات في مجال العقارات . إنه أكثر وسامة من أي رجل عرفته , وهو مشهور بإقامة حفلات باذخة حيث ترتدي النساء أفخم الملابس وأجمل الحلي.
لم تستطع أن تتصور مايك بين تلك الحشود . قال يوضح لها الأمر : " تعرفت إلى ريس من خلال معاملاتي مع ريتشارد هنا . كان يقرضنا المال عند حاجتنا إليه . ومنذ ذلك الحين أصبحنا , نحن الثلاثة , أصدقاء " .
كانت ناتالي تعرف ريس وألانا أكثر من أي من عملائها الآخرين , وقد شعرت بالسعادة عندما تحول زواجهما العملي نوعا ما إلى حب حقيقي .
سألته وقد تملكها الندم لعدم بقائها على اتصال بألانا منذ ذلك الحادث : " لم تفقد ألانا الذاكرة مرة أخرى , أليس كذلك ؟ " .
أجاب مايك : "كلا . إنها بأحسن حال , وهي حامل . هل أنت على علم بذلك ؟ وكذلك هولي , زوجة ريتشارد " .
فقالت رغم موجة الاكتئاب الكبيرة التي اكتسحتها : "ما أجمل هذا ! " .
بدا وكأن كل امرأة تعرفها حامل . إحدى صديقاتها القديمات اتصلت بها هذا الأسبوع لتخبرها أنها حامل ... كما أن مصففة شعرها زفت لها خبرا مماثلا هذا الصباح .
منتديات ليلاس
أطفال ... أطفال في كل مكان ... ولكن ليس لها . حسنا , لن يحصل هذا قبل أن تتوقفي عن هدر وقتك مع الرجال غير المناسبين في هذا العالم ... كما أخذت تحدث نفسها .
لكن زواجها من مايك لن يدوم طويلا, ومازال أمامها وقت كاف للقاء أمير الأحلام .
في الواقع , أن السبب الرئيسي الذي جعلنا نقصدك يا ريتشارد , هو أن والدي ناتالي لديهما مشكلة مالية بخصوص رهن معين . كانت مصممة على الذهاب إلى مصرفهما اليوم للمراجعة , لكن الوقت لم يسمح لنا بذلك , فاقترحت عليها أن تأتي إلى هنا علك تساعدها في حل مشكلتها .
بكل سرور . أظن أن عليهما دفعات مستحقة ؟
شيء من هذا القبيل .
هل يهدد المصرف بوضع يده على العقار المرهون ؟
فاعترفت كارهة : "نعم " .
سألها مايك : " لماذا لم تخبريني أن الأمر بلغ هذا الحد من السوء ؟ " .
فنظرت إليه ببرود : "هذا ليس من شأنك ".
بل هو كذلك إذا كان هذا هو السبب الذي جعلك توافقين على الزواج مني .
وما أهمية سبب موافقة على الزواج منك ؟ فالنهاية هي نفسها . سأحصل على المليونين وتحصل أنت على الشراكة . أما ماذا افعل بنقودي فهذا ليس من شأنك , كما أن ما تفعله بنقودك ليس من شأني .
فتدخل ريتشارد قائلا : "إنها محقة , يا مايك " .
نعم ... إنها محقة . لكن هذا لم يعجبه . كان يفضل أن ينظر إليها كامرأة فظة لاذعة اللسان تحب المال , بدلا من أن يفكر فيها كابنة حلوة رقيقة تضحي بنفسها من أجل من تحب .
ومع ذلك ... لا بد أن المليوني دولار مبلغ أكبر بكثير من الدين الذي تخلف عن سداده والديها , ما يجعلها تحتفظ بمبلغ كبير يبقيها امرأة مادية بنظره .
لا بأس . لن أناقشك . هل يمكنك أن تتدبر الأمر يا ريتشارد ؟
ليس على الفور , ولكن إذا جاءت ناتالي لرؤيتي صباح الاثنين ومعها كافة الأوراق اللازمة مع توكيل من والديها , فسأحرص على أن يبقى بيتها سالما حتى تتمكن من تسديد الدين . هل هذا يرضيك ناتالي ؟
تماما . شكرا يا ريتشارد . هذا لطف بالغ منك .
أنا مسرور لتمكني من مساعدتك . على أي حال , أنا أكره حين يبدأ المصرف بتهديد بوضع يده على المرهون فثمة طريقة أخر دوما . متى تحبين أن تأتي صباح الاثنين ؟ هل تناسبك الساعة العاشرة ؟
نعم . على أي حال , وقتي هو ملكي .
هذا حسن . ويمكنكما في الوقت نفسه أن توقعا على اتفاقية شروط الزواج . والآن , هل ما زلنا نريد أن نحتفل ؟ لا يمكنني أن أبقى طويلا . أريد أن أذهب إلى البيت من أجل هولي .
فقالت ناتالي : "آسفة , فأنا لا أستطيع . أنا أيضا أريد أن أذهب إلى بيتي . لدي أمور علي أن أقوم بها " .
سألها مايك وهما يهبطان في المصعد : "ما هي تلك الأمور ؟ ".
أمور أنثوية .
وفكر بضيق في ما عسى أن تكون هذه الأمور . هل ستغسل شعرها ؟ تضع طلاء أظافر على قدميها ؟ تحلق ساقيها ؟
وشغلته فجأة صورتها مستلقية في حوض الاستحمام .
قطع عليه تصوراته باب المصعد فأجفل . لم يكن معتادا على أحلام اليقظة هذه .
يبدو أن ناتالي تدفع مخيلته نحو الجموح . هل هو مجرد التحدي الذي تمثله شخصيتها ؟
ربما , فهو لا يستطيع أن يقاوم التحدي أبدا . لكنه لن يغامر الآن بالتعرض للرفض , أو بإفساد اتفاقية ستغير حياته , وعلى هرموناته الذكورية أن تحسن التصرف لفترة من الوقت .
عندما خرجا من المصعد , قالت له بحدة : " ما من داعي لأن توصلني إلى بيتي . يمكنني أن أجد سيارة أجرة بسهولة " .
نظر إليها بعنف , ثم هز رأسه . تبا لها من امرأة مزعجة ! إنه ممزق دوما بين أن يغويها أو أن يخنقها .
أمسكها بمرفقها وجرها عبر الردهة , قائلا : "لا تكوني سخيفة . قد لا أكون مهذبا كريتشارد , لكنني رجل حسن التربية بما يكفي لأعرف أنني إذا اصطحبت امرأة إلى مكان ما , فعلي أن أعيدها إلى بيتها بعد ذلك ".

............................................................ .
7- أنت خائفة !

كانت ناتالي متلهفة للخروج من سيارة مايك . لكنه أصر هذه المرة على أن يرافقها حتى الباب . وعندما أخذت تبحث عن المفتاح , سألها : "ماذا ستقولين لوالديك ؟ ".
تمتمت وهي تتنهد بإحباط ومفاتيحها تسقط على الأرض : " لا أدري . ربما سأقول لهما إني ربحت " اليانصيب " .
وانحنت لتلتقط المفاتيح لكن مايك كان قد سبقها إلى ذلك .
وبقي وجهاهما متقابلين لحظة طويلة وعيناه السوداوان تخترقان عينيها .
عليك أن تخبريهما الحقيقة .
نظراته الثاقبة أسرت نظراتها وهما يقفان من جديد .
لا بد أنك تمزح ! أمي سيغمى عليها .
في الواقع , لم تكن ناتالي واثقة من ذلك . إذ لعل أمها وصلت إلى المرحلة التي تسعد فيها بلعب دور أم العروس بغض النظر عن الظروف . فهي تندب حظها دوما لأن ابنتها تجد أزواجا أغنياء لفتيات أخريات وليس لنفسها . وأردفت : "كما أبي لن يعجبه ذلك ".
أنا واثق من أن والديك سيؤيدانك , لا سيما عندما تشرحين لهما الموقف . كما أنهما سيستفيدان بشكل كبير .
فقالت بحدة : "في الحياة أمور أهم من المال " .
قال بالحدة نفسها : " فقط عندما يكون لديك هذا المال " .
رده جعلها تتساءل عما واجهه في حياته من شدائد . وتابع يقول :" مع وجود والديك , سيقنع زواجنا الآخرين أكثر . سيكون لدينا صورة عائلية حقيقية نريها لهلسينجر ".
فأجفلت : " لكن هذا يعني ثوب عرس حقيقي ؟ ".
لكنك ستحصلين على هذا الثوب على أي حال .
أحقا ؟.
طبعا . وستحصلين أيضا على خزانة مليئة بملابس مناسبة لشهر العسل .
ونظر إلى سروالها الأسود ومن ثم إلى حذائها الخفيف . بدا على وجهه عدم الاستحسان لا بل ما هو أسوأ من عدم الاستحسان . إنه الاشمئزاز .
قوامك رائع يا ناتالي , فلماذا تخفينه ؟
تصلب جسدها : " أنا لا أخفيه " .
بل تفعلين , و أظنني أعرف السبب . أنت خائفة .
خائفة من ماذا ؟
من رجل يريد فيستغلك مرة أخرى ويرحل .
قالت هازئة رغم علمها أن ما يقوله صحيح : " أنت خبير نفسانيا بقدر ما أنت خبير في الأناقة ونابغة في الكمبيوتر " .
نظر إليها بعينين حادتين غامضتين ما جعلها تتمنى لو تعرف ما يفكر فيه . لعله يفكر في أنها امرأة مخادعة .
لا بأس في هذا , فهي تريده أن يظن هذا , لأنها خائفة منه حاليا . خائفة مما قد يثيره لديها من مشاعر ورغبات , خائفة مما قد يحدث إذا تخلت عن دفاعاتها وابتدأت ترتدي ثيابا كالتي كانت ترتديها حين عرفت براندون .
هل يمكنك أن تعطيني مفاتيحي من فضلك ؟
حدق إليها قليلا قبل أن يضع المفاتيح في راحتها الممدودة إليه , ثم مد يده , وقبل أن تستطيع أن تمنعه أمسك بخصلة منفلتة من شعرها .
تصلب جسدها وهو يلف الخصلة حول إصبعه و سرت القشعريرة فيه عندما وضعها خلف أذنها , ثم قال بصوت خافت أجش : " كم يبلغ طول شعرك عندما تسدلينه تماما ؟ " .
ودار رأسها , وتشابكت نظراتهما لحظة .
فجأة قال : "أتمنى لك عطلة أسبوعية جيدة , وأراك صباح الاثنين " .
واستدار على عقبيه متوجها إلى البوابة الخارجية . وعندما وصل إليها التفت إليها قائلا : "ناتالي ضعي خاتم خطوبة جدتك " .
صرف بأسنانها ثم قالت : " هل من شيء آخر ؟ ".
وعاد يتأملها : "بعض الملابس الجديدة لن تذهب سدى . لكن يمكن أن يؤجل هذا حتى آخذك للتسوق فأنا لا أثق بذوقك . والآن اذهبي وقومي بأعمالك الأنثوية فلدي بعض الأمور الذكورية التي على القيام بها . إلى اللقاء " .
وجدت نفسها تقبض على مفاتيحها بشدة . ما هي تلك الأمور الذكورية ؟
ولكن , ألا تعلم في أعماقها ؟ لعله سيخرج مع واحدة من النسوة الكثيرات اللاتي كان بإمكانه أن يتزوجهن لكنه لم يفعل . ولعله سيمضي الليل بطوله معها ... أو العطلة الأسبوعية كلها ...
تملكتها الغيرة وشعرت برغبة شديدة في أن تفسد عطلته الأسبوعية ففكرت في أن تطلع والديها على الحقيقة , لأنها تعلم كيف سيتصرفان .
ستشعر أمها بفضول شديد وأبوها بالقلق , وسيطلب الاثنان مقابلة هذا الرجل الذي ستزوج ابنتهما لفترة محدودة . وقد يقضي المال على أي اعتراض لديهما , لكنهما سيصران على مقابلة مايك قبل أن يسمحا لابنتهما الغالية بأن تبيع نفسها بهذا الشكل .
وهذا الأمر معقول ومناسب بالطبع . فثمة الكثير من الرجال غير السويين في العالم . وبما أن ناتالي متأكدة من أن مايك سوي . لكنه وحسب رجل قاس , طموح , صعب المراس وجذاب , استمتعت بفكرة أن يخضعه والداها لفحص دقيق .
إلا أنها أرغمت نفسها أخيرا على التخلي من الفكرة التي ستسبب لها الإزعاج والمشاكل . نظرة واحدة من أمها إلى مايك ستجعلها تتصور أن هذا الزواج سيؤدي إلى أكثر مما هو متفق عليه . فهي تعرف ذوق ابنتها في الرجال .
لكن مازال عليها أن تتصل بأمها الليلة لتخبرها بقصة ما تفسر قدرتها على أن تسدد الدين بدلا منهما .
خطرت لها طريقة في رواية الحقيقة قد تنجح ! وبعد أن تناولت عشاءها توجهت إلى غرفة الجلوس حيث الهاتف .


لنا لقاء اليوم ولكن لا أعلم متى .. فأنتظروا مني 4 فصول :)

موني الاردن 09-09-08 07:26 AM

الراواية رائعة و نحنا بانتظار التكملة تسلمي

ام البخاري 09-09-08 10:00 AM

بسم الله الرحمن الرحيم
انت رائعة رائعة رائعة شكرا كتيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييير على هذه الرواية الرقيقة ويا ريت تنزليها بسرعة جدا علشان انا هافضل مستنياها وشكرا كتير مرة تانية يا قمر ليلاس
اختك ام البخاري

ناعمة 10-09-08 12:34 AM

اقتباس:

وعلى ما أظن قل الحماس ..

يارب أرجع لم الحماس لأتشجع حتى أكملها ..
لا بتكملينها ان شاء الله ..

الله يعافيك

Miis Nano 10-09-08 12:53 AM

حلوووة التكملة :flowers2:
بليييييييييييييييييييز كملي الرواية:f63::f63:

**أميرة الحب** 10-09-08 01:30 AM

يسلمووووو يعطيج مليوون عافية

nimo 10-09-08 03:11 AM

أقتربت النهاية .. غدا يا أعزائي :)
 
هلا وسهلا بالجميع .. والحمد لله يا رب أنك أستجبت لدعائي ..

هلا بكل من حضرت هنا .. وأشكرها على أي تشجيع .. وأعطيكم 4 فصول من الحكاية..
(( rihame2006 &Miis Nano& ام البخاري & موني الاردن ))


8 – امرأة لا تطاق

كان مايك جالسا على شرفته , رافعا قدميه , متأملا أضواء الليل التي تتلألأ في سماء المدينة , عندما جرس هاتفه الخلوي , فأخرجه من جيبه ووضعه على أذنه : "مايك ستون " .
وتساءل عن هوية المتصل . أتراه أحد المبرمجين المتعاقدين معه ؟ لا ... لن يتصل أحدهم ليلة الجمعة . لعله ريتشارد يحذره مرة أخرى من أن يضع يده على عروسه المنتظرة .
مايك . أنا ناتالي !
عقد حاجبيه : "كنت أفكر فيك لتوي ".
فردت متهكمة : " أنا واثقة من ذلك . أين أنت الآن ؟ مهما كان ذلك المكان , فهو هادئ " .أنا في بيتي .
ما كان لي أن أطلبك على هاتفك الخلوي . حسنا , لقد فعلت ما أردتني أن أفعله . أخبرت والدي بالحقيقة وسيسرك أن تعلم أننا مدعوان إلى بيتهما إذا على الغداء .
ماذا ؟
اهتزت ركبته ما جعله ينزل قدميه على الأرض .
كان علي أن أنبهك إلى أن هذا ما سيحدث . بما أنهما يهتمان بي , فمن الطبيعي أن يطلبا رؤيتك , ليتأكدا من أنك لست منحرفا أو مريضا نفسيا , حيث أنك قد تكون كذلك . في الواقع , أنا لا أعرف كل شيء عنك .
أنا مزيج من أمور كثيرة , لكن الانحراف ليس منها . كما أنني لست مريضا نفسيا .
وما أدراني ؟ ليس لدي سوى كلمتك بهذا الشأن .
شعث شعره : "أنا لست قديسا , لكنني لا أكذب أبدا . اسألي عني تجدين أن مايك ستون هو رجل يلتزم بكلمته ولا يكذب " .
ومن علي أن أسأل ؟ ريتشارد كراوفورد , الذي اعترفت بأنه مساهم في شركتك وسيستفيد إذا ما تزوجتك وحصلت أنت على تلك الشراكة ؟
إذا تزوجتني ؟ ظننت أننا اتفقنا .
كان هذا قبل أن تزج أبوي في الموضوع . والآن عليك أن تنال رضاهما أولا . إذا حدث هذا , فأنا لك كليا .
خرجت هذه الكلمات المثيرة من فم ناتالي قبل أن تستطيع منعها . ما كان لها أن تتصل به فتعذبه بما سيحدث لو أخبرت والديها الحقيقة .
من حسن الحظ أن الحديث بينهما جرى هاتفيا فلم ير احمرار وجهها الناجم عن الشعور بالذنب , لأن تلك الكلمات المثيرة عكست رغباتها الدفينة . فهي ستعشق أن تكون له كليا .
لا , هذا ليس صحيحا تماما . فهي تفضل أن يكون هو لها كليا . لعبتها الخاصة التي تلعب بها حتى ترضي كل تلك الأشواق التي أثارها فيها .
لكن الخطة ليست عملية , وهي نسج الخيال فالعالم الحقيقي لا يمنح المرأة هذا الحق . فالمرأة تدفع ثمن علاقاتها العاطفية غاليا وألما يدمر الروح .
منتديات ليلاس
وحده الرجل يستطيع أن يأخذ ما يريد , ثم يرحل من دون أن يلقي نظرة إلى الخلف . لم تخطر لها قط فكرة أن براندون فقد القدرة على النوم من أجلها . كان بإمكانه أن يعود إلى زوجته إلى أن يعثر على فتاة أخرى يسهل خداعها .
كان براندون قد قال لها منتقدا حين طلبت منه أن يخرج من بيتها : " المشكلة معك هي أنك تأخذين الحياة على محمل الجد أكثر مما ينبغي " .
ذكرتها تلك الكلمات بأنها غير قادرة على العبث فهي صادقة ومخلصة في مشاعرها . لم يكن براندون مصيبتها الأولى بل الأخيرة , والأخيرة بكل تأكيد , كما عادت تؤكد لنفسها .
وتابعت تقول لمايك بلهجة حاولت أن تجعلها هزلية : " وقبل أن تذهب مخيلتك بعيدا , ما قلته كان مجرد طريقة في التعبير " .
أظن أن مخيلتي آمنة تماما معك , يا ناتالي .
آه ... لقد آلمها هذا .... آلمها تماما .
كلامك هذا أراحني , يا مايك . لكن ربما عليك أن تكون حذرا عندما تختار ملابسي الجديدة فالرجال مشهورون بأنهم سطحيون . في الماضي كانت مجرد لمحة من الكاحل تسيل لعاب الرجال .
فضحك : " أحتاج إلى أكثر من لمحة من كاحلك , يا حبيبتي , وهذا لا يعني أني رجل من طبعه أن يسيل لعابه . عرفت نساء كثيرات لم يثرن أي شعور في نفسي " .
مسكين يا مايك , هل لديك مشكلة ما ؟
فضحك مرة أخرى : " هذا صحيح الآن , لكنني سوف أصلح الأمر لاحقا , هذه الليلة " .
هذا ما خطر لها . سيخرج إلى المدينة لكي يحضر دمية جميلة .
آمل أن تتوخى الحذر .
أنا دوما أتوخى الحذر , يا عسلي .
هل تدرك أنك ناديتني بالصفتين ( حبيبتي ) و ( عسلي ) خلال نصف ثانية ؟ أظننا تفاهمنا على هذا الموضوع .
المشكلة معك يا ناتالي هي أنك تكثرين من التفكير . عليك أن تخرجي من بيتك وترفهي عن نفسك .
أتعني مثلك ؟
لا أنوي الخروج الليلة .
لكنني ظننت ...
أرأيت ما أعنيه ؟ أنت تظنين كثيرا , وظنونك غير صحيحة كالعادة .
أنت رجل لا تطاق .
وأنت امرأة لا تطاق .
تنهدت ساخطة : " لدي عمل أفضل من أن أتحدث إليك . وقبل أن نختم كلامنا هذا , على أن أعترف لك بأمر ".
هذا لا يعد بالخير .
في الواقع , أنا لم أخبر أبوي بالحقيقة . وما من دعوة على الغداء غدا في بيتهما .
آسف . لم أفهم .
أردت أن أريك كيف تتعقد الأمور إذا أخبرنا أبوي أننا سنتزوج . أعرف أنك تريد أن يبدو زواجنا حقيقيا , لكنني أود أن أحصل على طلاق هادئ لاحقا من دون أن أضطر إلى شرح أي شيء لأسرتي . ما رأيك ؟
ليس لدي أسرة أشرح لعا تصرفاتي على الإطلاق .
قال لها هذا ما جعلها تتساءل عنه مرة أخرى .
ماذا تعني بقولك ( على الإطلاق ) ؟
فزمجر قائلا : " أعني على الإطلاق " .
ومنعها غضبه هذا من طرح سؤال آخر حول هذا الموضوع . لكنها سألته : " وماذا عن أصدقائك؟".
ليس لدي سوى صديقين . ريتشارد يعرف الموضوع , وريس سيعرفه قريبا جدا . سأدعوه هو و زوجته إلى عرسنا .
ولماذا هذه الدعوة ؟
للتصوير والشهرة . ريس رجل أعمال شهير وزوجته ألانا حامل . وعلاقتي برجل مفكر وغني ورب أسرة مستقرة سيترك في نفس هلسينجر تأثيرا قويا .
ربما , لكنني سأكون محرجة .
بقدر حب ناتالي لريس وألانا , إلا أنهما كانا من زبائنها , ولم تشأ أن يعلما أنها ستتزوج مايك من أجل المال .
فقال هازئا : " أنت ... تشعرين بالحرج ؟ أبدا ... فأنت صلبة كالصخرة " .
وتصلب جسمها . ليت مايك يعلم ! وردت عليه بحدة : " ليس بصلابتك " .
هذا صحيح . إذن بما أخبرت أهلك ؟
بقد ما استطعت من الحقيقة . أخبرتهم بكل شيء عنك وعن احتمال أن تصبح شركا لهلسينجر وأنك عرضت علي مليون دولار إذا استطعت أن أجد لك زوجة في يوم واحد . بعدئذ , أخبرتهما بسرور بالغ أنني وجدت لك زوجة , لكنني لم أخبرهما بأنني أنا تلك الزوجة .
هذه مهارة فائقة منك .
نعم . هذه أنا , ماهرة بقدر ما أنا صلبة . أنت محق إذن , يا مايك . أنت آمن جدا بقربي , لأن الصلابة والمهارة ليستا من صفات المرأة التي تثير رغبات الرجل .
تمنى مايك لو أن هذا صحيح . لكن لسوء الحظ لم يشعر بمثل هذه الرغبة منذ وقت طويل .
لا بد أن عزوبيته الحالية جزء من المشكلة لكنها ليست السبب الوحيد في ثوران مشاعره المستمرة . فمها الوقح ذاك أثاره للغاية , فضلا عن جسدها الجميل البعيد المنال .
وابتسم يأسف . لقد خدعته حقا بشأن ما عليه أن يخبر والديها عن حياته .
وبقدر ما كان مايك يفضل الحقيقة , إلا أنه مضطر لأن يكذب في هذا الموضوع . فالحقيقة ستجعل أي أبوين محبين طبيعيين ينصحان ابنتهما الغالية بأن تقطع علاقتها به , مهما كان مبلغ الذي ستكسبه . كما أن الحقيقة قد تجعل ناتالي تهرب هي أيضا . لذا , عليه أن يكون حذرا جدا معها وبقربها . ربما عليه ألا يراها كثيرا قبل الزواج , كيلا يحدث ما يفسد الأمور .
نعم , هذا ما عليه أن يفعله .
وقال على الفور : " بالمناسبة , لا يمكنني أن أذهب إلى المصرف صباح الاثنين . سأذهب لاحقا لأوقع اتفاقية ما قبل الزواج " .
فقالت بحدتها المعتادة : "هذا حسن " .
وسنخصص يوم السبت القادم للتسوق . على أن أعرف من أسرة هلسينجر ما ستحتاجين إليه على اليخت ولكن من الأفضل أن نتفق على الموعد الآن , ما رأيك بالساعة التاسعة ؟
أتعني أنني لن أراك حتى هذا الوقت ؟ ماذا حدث لمشروعنا بأن نجعل هذه الخطبة تبدو حقيقية ؟ ألا ينبغي أن نمضي مزيدا من الوقت معا ؟ ونخرج أحيانا لتناول العشاء ؟ ويزور بعضنا البعض ؟
ليس ثمة أسوأ من هذا , كما رأى مايك . كان واثقا من أن هذا سيفسد الأمور وقال بحزم : "لا أظن هلسينجر يراقب كافة تحركاتنا . المهم هو تصرفاتنا على اليخت , وليس تصرفاتنا قبل ذلك . إلى اللقاء يوم السبت القادم , يا ناتالي " .
وأقفل الخط .
حدقت ناتالي في سماعة الهاتف . إنها لن تراه قبل أسبوع كامل .
وهذا يعني سبعة أيام كاملة .
وسبع ليال كاملة !
وتمتمت وهي تعيد السماعة إلى مكانها بعنف : "هذا حسن " .


***********************

9- غدا يوم آخر


لم تستطع أن تصدق مدى البطء الذي مر به الوقت في تلك العطلة الأسبوعية , وفي الأسبوع الذي تلا . حاولت أن تشغل نفسها بالتحضير لوضع إعلانات عن وكالة " مطلوب زوجات " في المجلات كما قامت بتنظيف البيت ومحيطه بمناسبة حلول فصل الربيع . تكررت زيارتها لوالديها وسرها استقرار حالتهما المالية , لكنها كانت في الوقت نفسه مشمئزة من مايك و أمواله اللعينة .
كان الرجل مصدر خطر مخيف , ليس لأنه أثار مشاعرها وحواسها وحسب بل لأنه جعلها تدرك كم هي فارغة حياتها , وكم هي وحيدة .
لم تعد تستمتع بالقراءة أو بمشاهدة التلفزيون , بعد أن كانت تتلهف , ذات يوم , إلى الوقت الذي تجلس فيه لقراءة آخر كتاب صدر , أو مشاهدة برمجها التلفزيونية المفضلة . وفجأة . بدت لها هذه النشاطات كلها مجرد تمضية عبثية للوقت . كما أن الذهاب إلى النادي الرياضي لم يعد يهمها . ولماذا تهتم برشاقة وجمال جسم لا يراه رجل ؟
أم عملها في وكالة " مطلوب زوجات " ... فقد بريقه بشكل خطير . وقررت ناتالي أن تغير عملها عندما تستلم المليون الثاني .
عاد ذهنها يفكر في الغد , كما فعل مرات كثيرة اليوم .
قال إنه سيأتي لاصطحابها في الساعة التاسعة . ما زال أمامها حوالي خمس عشر ساعة , فلماذا يبدو ذلك بعيدا كالأبدية ؟
وجدت نفسها تجول في أنحاء البيت وهي في حالة قلق بالغ , فيما أفكارها لا تستقر على موضوع معين لشدة اضطرابها .
في السادسة والنصف , قررت أن تقصد مطعم " بيرتوليني " لشراء المعجنات إذا لم تكن تحب الطهي بنفسها .
منتديات ليلاس
وتوقفت أمام مرآة الردهة ثم عبست لمظهر شعرها المرفوع بشكل جديلة مشدودة , لامعة وذات مظهر صحي . لكن مايك كان محقا . فطراز شعرها ممل ويظهرها أكبر سنا .
كان محقا بالنسبة لأمور أخرى أيضا , فهي لم تسدل شعرها منذ وقت طويل .
هزت رأسها ثم سارت إلى الباب الأمامي , قبل أن تتوقف وهي تصرف بأسنانها . فكرة أن تسألها صاحبة المطعم عن صديقها لا تطاق , كما أنها قد لا تسألها أبدا بل تكتفي بأن تنظر إليها والشفقة في عينيها .
وتأوهت ناتالي .
كانت رغبتها في أن تتصل بمايك جارفة , لكنها قاومت . غدا ستكون آخر ليلة أرقة تمضيها . يمكنها أن تنتظر ... وستنتظر .
إلى أين يمكنها أن تذهب ؟ بمن غيره يمكنها أن تتصل ؟
مازال لديها أصدقاء من وظيفتها القديمة , لكنها لطالما رفضت دعواتهم للخروج ما جعلهم يتوقفون عن دعوتها . كانت كاتي صديقتها الوحيدة الحميمة في العمل لكنها متزوجة الآن وحامل . ولم تشأ ناتالي أن تزورها وترى مدى سعادتها .
ربما عليها أن تشتري بعض أفلام الفيديو الجديدة وبعض ألواح الشوكولا لترفع من معنوياتها قليلا .
قطع حبل أفكارها رنين جرس الهاتف . لا يمكن أن يكون المتصل أمها , فوالداها يذهبان دوما إلى النادي ليلة الجمعة .
لا بد أنه مايك , وعندما ركضت لترد على الهاتف , خطر في بالها أنه قد يلغي موعدهما غدا . إذا كان هذا صحيحا فستموت .
ورفعت السماعة : " ناتالي فيرلين " .
ناتالي . أنا ألانا . ألانا دياموند .
فهتفت ناتالي وهي تحاول إخفاء خيبة أملها : "ألانا . ما أجمل هذه المفاجأة ! كيف حالك ؟ ".
في أروع حال .
يبدو أن ذاكرتك ما زالت حسنة .
ضحكت ألانا . كان ضحكتها جميلة أنثوية للغاية . إنها امرأة ذات أنوثة بارزة . وخطر لناتالي بتعاسة أنها ليست مثلها . لا عجب في أن يتجنبها مايك كما يتجنب السم . لو كانت رجلا لفعلت ذلك أيضا .
قالت ألانا : " أتعلمين ؟ لا أظنني شكرتك بما يكفي لزيارتك غير المتوقعة لي ذلك اليوم ".
هذا أقل ما كان علي أن أفعله .
لا يزعج الكل نفسه . على أي حال , يا ناتالي , لم أتصل بك الآن لهذا السبب . في الواقع , تلقيت مكالمة هاتفية من مايك اليوم .
فقالت ناتالي مترددة : " آه ..... " .
أخبرني عن زواجكما .
أحقا ؟
أخبرها أنه سيفعل ذلك , لكنها ما زالت تتمنى لو لم يفعل .
لقد طلب مني ومن زوجي أن نساعد ريتشارد وزوجته هولي في تنظيم حفل الزفاف .
حاولت ناتالي أن تتغاضى عن الحرج الذي شعرت به في كرامتها , لإهماله لها كليا . لكن سواء أكان هذا زواجا حقيقيا أم لا , أليست هي العروس ؟ فقالت بحدة : "أرجو أن يكون قد أوضح لكما أن زواجنا هو مجرد ترتيب عملي مؤقت , وليس زواجا سخيفا قائما على الحب " .
نعم , وكان واضحا جدا من هذه الناحية .
فقالت ناتالي ساخرة : " أتصور ذلك . أوضح مايك منذ البداية أن لديه حساسية على الحب والزواج ".
سمعته يقول ذلك . لكن هل هذا هو الحال معك , يا ناتالي ؟ هل لديك حساسية على الحب والزواج ؟ أعني ... لماذا أسست وكالتك للزواج هذه إذا كنت لا تؤمنين بالحب ؟
بل أنا أؤمن بالحب . لكن الحياة قد زعزعت إيماني بالجنس الآخر .
نعم . أعرف ما تعنين .
لعل ألانا تفكر في زوجها الأول الفظيع , وتابعت تقول : " زواجك هذا من مايك هو بسبب المال إذن . أنت تحبينه في السر أليس كذلك ؟" .
انتظرت ألانا من ناتالي أن تفكر ... بطريقتها العملية المعهودة . لكن عندما لم تسمع ردا فوريا من ناتالي , أدركت أنه ربما ... وربما فقط , في هذا الزواج أكثر من مجرد ترتيب عملي , من ناحية ناتالي على الأقل . وقالت ألانا فجأة بلطف : " ناتالي ؟ ".
الآهة التي سمعتها أخبرتها بما أردت معرفته . يبدو أن هولي كانت محقة , فقد أضفت زوجة ريتشارد لمسة حب على زواج مايك وناتالي .
كانت هولي قد قالت عندما تحدثتا بهذا الشأن : "ما من فتاة محترمة تتزوج رجلا من أجل أمواله فقط ".
وأردفت حينذاك : " إذا كانت ناتالي محترمة , كما تصفينها , فلا بد أنها منجذبة إلى مايك ".
وعادت ألانا تصر عليها :" أنت مفتونة به , أليس كذلك ؟ ".
تأوهت ناتالي مرة أخرى : " لا أدري ما السبب فهو أكثر الرجال الذين عرفتهم إزعاجا ".
لكن رجولته لافته .
هذا صحيح .
هل أنا مخطئة في القول إن الناحية العذرية في هذا الزواج لا تحظى بموافقتك ؟
لم تنكر ناتالي بل ردت : " لا فائدة من أن أتمنى القمر يا ألانا فمايك غير منجذب إلي على الإطلاق " .
وما أدراك ؟
هذا ما قاله لي .
آه ... لكنه , أحيانا , غير لبق .
غير لبق لكنه صادق . والآن أخبريني يا ألانا , ومن باب الفضول فقط , مع أي نوع من النساء يخرج مايك في العادة ؟
من الصعب تحديد نوعهن , فهن من كل مهنة وبيئة . لكنهن دوما جميلات وجها وجسدا .
فهت ....
فقالت ألانا تلفت نظرها : " قوامك جميل ".
فضحكت ناتالي :" لا أظن أن القضية قضية قوام فحسب , ولكنها شخصيتي كلها . فضلا عن تصرفاتي الساخرة وتصلبي في المطالبة بحقوقي , يرى مايك أن شعري تنقصه الحيوية وثيابي فظيعة . قال إنه سيأخذني لشراء الملابس قبل العرس لأنه لا يثق بذوقي " .
فقالت ألانا :" كلا , في الواقع " .
كلا ماذا ؟
ليس هو من سيأخذك لشراء الملابس بل أنا . وهذا سبب آخر لاتصالي بك . ليس لدى مايك الوقت لذلك فهو يعمل .
لكنه قال إنه في فترة استراحة .
لم يعد كذلك , فقد وجد " فيروس " وهو يعمل على مواجهته .
فقالت ناتالي بحدة : "كان يمكنه , على الأقل , أن يتصل بي ويخبرني بذلك " .
أنت محقة تماما . كان عليه ذلك . أظنك كنت متلهفة للخروج مع مايك للتسوق ؟
هذا تبخيس بالغ للأمر . وشعرت فجأة وكأنها بالون نفذ هواؤه , فقالت بعجز : "أردت أن أثبت له أنه مخطئ في قوله إني عديمة الأناقة . إنها كرامتي الحمقاء " .
لا أظن أن الكرامة حمقاء على الإطلاق . ما زال بإمكانك أن تثبتي له ذلك , بدء من يوم عرسك . أرهن على أن تحبين أن تري مايك يفغر فمه حين يراك في ثوب عرسك , أليس كذلك ؟
لم تعرف ناتالي بما تجيب . لقد أمضت كل دقيقة منذ عرفت مايك تقاوم رغباتها , وتحدث نفسها بضرورة ألا تجعل من نفسها حمقاء من أجله . ولكن إلى ما أدى ذلك ؟ لقد أصبحت في منتهى التعاسة . لو بقى لديها أمل ضئيل في أن تجعل مايك يرغب بها , حتى ولو لليلة واحدة , فستجربه.
منتديات ليلاس
واعترفت وهي تتنهد :" نعم . ولكن هل تعتقدين حقا أن هذا ممكن ؟".
يا حلوتي , يمكنك أن تصرعيه بالضربة القاضية . ما من مشكلة . عندما أنتهي منك , لن يستطيع مايك أن يبعد يده عنك. غدا هو يوم آخر . مع حلول أول أسبوع من شهر كانون الأول , سيكون عريسك قد عاش أعزب أسابيع عدة , وهذا أمر غير معتاد على الإطلاق بالنسبة إليه .
أجفلت ناتالي . أتريد حقا أن يقع مايك في هذا الشرك لمجرد أن إحباطه بلغ أعلى المستويات ؟
الجواب مشين بقدر زواجهما , وهو : " نعم " .
أفهم من صمتك أنك تودين أن يكون مايك في حال لا تطاق مع حلول يوم زفافك ؟ لا بأس . غدا صباحا سنبدأ مهمتنا . ليس لدينا وقت نهدره . سآتي لاصطحابك في التاسعة والنصف . سيكون هذا ممتعا للغاية .
ممتعا ! وأخذت تفكر في هذه الكلمة . لقد مضى وقت طويل منذ حصلت على شيء من المتعة , منذ استسلمت كليا لرغبات الأنثى في داخلها .
وفجأة , شعرت بانتعاش في كيانها وبعودة الحياة إليها كما لم تفعل منذ أربع سنوات .

********************

10- لا أريد قلبك


نظر مايك إلى ساعته , إنه الثالثة وعشر دقائق والعروس لم تأت بعد .
قال بفروغ صبر " هولي . اذهبي وتفقدي ناتالي ".
لم تتأخر سوى عشر دقائق , يا مايك . العرائس يتأخرن عادة أكثر من هذا بكثير .
فتمتم مايك بعد ذهاب هولي : "لكنها ليست عروس حقيقية " .
فقال ريتشارد الواقف إلى جانبه : "لكنها كذلك قانونيا , وحتى تطلقها " .
ألقى مايك نظرة عنيفة على صديقه : "لا تذكرني بذلك ".
فسأله ريس من حيث كان يقف إلى جانب ريتشارد : " ما المشكلة ؟ تبدو وكأنك عريس حقيقي ".
فقال ريتشارد : "سيصبح عريسا حقيقيا " .
علق ريس ساخرا : "ليس تماما . فهو لن يحصل على حقوق العريس الحقيقية الليلة ما قد يشكل مشكلة " .
فزمجر مايك : "ما معنى هذا ؟ ".
أظنك لم تر ناتالي مؤخرا .
لم أرها منذ أكثر من شهر .
اتصل بها هاتفيا مرتين . مقترحا أن يمر بها كي يتفقد ملابسها الجديدة , لكنها كانت ترد عليه بأن الوقت ليس مناسبا للزيارة .
يا لها من امرأة صعبة !
قال ريس بأسف :" حسنا , أنا رأيتها . فقد مكثت في منزلنا الليلة الماضية . وكل ما يمكنني قوله هو ... حظا سعيدا " .
عندما انفتح باب غرفة النوم أطلت ناتالي والأنا برأسيهما ليريا القادم .
لا تخافا ... هذا أنا فقط .
ودخلت هولي وثوبها الفضفاض الوردي اللون يحاول إخفاء حملها الواضح .
هذا حسن .
وخطر لألانا أن بطنها أصغر بكثير من بطن هولي , رغم أن هولي في شهرها السابع بينما هي في شهرها السادس .
هتفت هولي : "واو ... يا ناتالي . تبدين رائعة ! أليس كذلك يا ألانا ؟ ".
تراجعت ألانا إلى الخلف تتأمل العروس وهي تبتسم راضية لنجاحها في مهمتها . كان الثوب وحده نصرا أما المرأة التي ارتدته فمذهلة . غريب ما يمكن للثوب الجميل وزينة الوجه وتسريحة الشعر المناسبة أن تفعله . كان قوام ناتالي رائعا , أفضل بكثير من مفاتنها هي النحيفة , كما أن ملامحها ملفته للنظر لكنها تحتاج للعناية المناسبة لتبدو أخاذة للغاية .
وجاءت الضربة القاضية في تتغير تسريحة شعرها . كانت ألانا قد وجدت صورة قديمة لريتا هيوارث فحملتها إلى أشهر مزين شعر في المدينة لكي ينسخها , فجاءت النتيجة النهائية مغرية ومذهلة , لا سيما بعد أن صبغ بعض خصلات شعرها البني باللون الأحمر ما جعل بشرتها الناصعة تتألق وتبرز .
وهمست ألانا في أذنها : "ليس بالإمكان أبدع مما كان . إذا لم ينقض عليك مايك في هذا المظهر , فسألقي بنفسي من شرفة منزلي ".
فتمتمت ناتالي : "سنقفز نحن الإثنين معا " .
وهتفت هولي : "لا أصدق أنك لم تشتر ثوب العرس هذا من متجر لثياب العرائس ! يبدو وكأنه ثوب زفاف ومع ذلك فهو مبتكر . أحببت فكرة الوشاح بدلا من الطرحة ".
فقالت ألانا : "نعم . إنه غير عادي . هل أنت جاهزة , يا ناتالي ؟".
نظرت ناتالي إليها من أمام المرآة : " جاهزة تماما ".
وتناولت غصن الزنبق الذي اختارته بدلا من باقة العروس .
كانت تشعر وكأنها ممثلة في ليلة افتتاح حفل في " برودواي" وليس عروس في ليلة زفافها . لكن أليس هذا كله مجرد تمثيل ؟ إنها ذاهبة ليس لتتزوج رجلا , بل لتغريه !
لم تر مايك منذ يوم الجمعة ذاك منذ أكثر من شهر . وقد حرصت على ألا تفعل فراوغت حين طلب أن يرى الملابس التي اشترتها بصحبة ألانا , كما حرصت على ألا يأتي الرجال إلى بيت ريس قبل أن تنتقل هي إلى غرفة نوم الضيوف لكي تستعد .
كانت هي وألانا أشبه بمتآمرتين .
كانت ألانا محقة , فقد وجدت متعة في ذلك . شعرت بنفسها تطير فوق السحاب وهي ترى الملابس التي اشترتها . ولا يعني هذا ثوب عرسها فقط , بل كل ما في الخزانة , لا سيما ثوب السهرة الذي كانت متلهفة لارتدائه .
منتديات ليلاس
اتصلت السيدة هلسينجر بمايك لتطلعه على برنامج رحلتهم على متن اليخت . وقد زود مايك ألانا بهذه التفاصيل وطلب منها أن تحرص على أن تحصل زوجته المستقبلية على كل ما تحتاجه .
من ناحيته , اصطحب مايك ريس معه للتسوق كيلا يحتاج شيئا . وبحسب ألانا , أصبح لديه الآن مجموعة كاملة من الملابس الراقية . سألت ناتالي هولي : "كيف يبدو مايك الآن ؟".
رائع . كما يبدو ريس وريتشارد . في الواقع , غريب مدى تأثير السترة الرسمية في مظهر الرجال . لكنه ليس في مزاج حسن . هل أبلغه أنك جاهزة ؟
تبادلت ناتالي وألانا نظرات ذات معنى , ثم قالت ناتالي وقلبها يخفق : " أحتاج خمس دقائق , أليس كذلك يا ألانا ؟" .
فقالت هذه ضاحكة : "فلتكن عسرا " .
فناحت هولي : "ليس إلى هذا الحد . أرجوك . لا أظنني سأطيق هذا ".
ابتسمت ناتالي لهولي التي أصبحت صديقتها . ما أجملها من فتاة ! لكنها شاعرية لا رجاء فيها . فهي تظن حقا أن هذا الزواج سيؤدي إلى شيء ما . كما اشتبهت أيضا في أن ألانا هي أيضا تحلم بذلك . لكن حتى ولو نجحت في جعل مايك يرغب فيها , فهو لن يقع في غرامها . علاقة قصيرة , ما داما متزوجين , هو كل ما يمكنها أن ترجوه .
ربما سيلقي مايك عليها نظرة واحدة ثم تثور ثائرته . لقد أخبرها في بداية تعارفهما أنه لا يريد امرأة فاتنة غاوية تظن أن بإمكانها أن تجعله يغير رأيه فلا يطلقها لاحقا .
وفجأة , خفت حماسة ناتالي وتراجعت ثقتها بنفسها . فقالت وقد جعل توتر أعصابها المفاجئ صوتها يرتجف : " أنا أيضا لا أريد أن أتأخر طويلا . أخبري مايك أنني سأكون هناك بعد ثانية".
قطب مايك عندما عادت هولي : " حسنا ؟ ".
إنها قادمة بعد ثانية . من الأفضل أن تستعد .
اتخذ الرجال الثلاثة والكاهن , وهو رجل وقور في الخمسينيات من العمر , مواقعهم على الشرفة الأرضية , وهي مكان ممتاز لإقامة العرس , لا سيما عصر هذا اليوم الدافئ بشمسه المتألقة ونسمة العليل . كان مشهد المرفأ والجسر خلفهم غاية في الروعة .
ما من عذر لئلا يلتقط المصورون صورا رائعة للعروسين . وصور العرس ضرورية إذا أراد مايك أن يقنع هلسينجر بأن زواجه حقيقي . حاليا , بدا هذا كله لمايك حقيقيا تماما . إنه مجنون لهذه الفكرة التي خطرت له .
لم يشأ أن يتزوج , فهو لا يريد زوجة , ولا حتى زوجة مؤقتة . وهو واثق من أنه لا يريد أن تكون تلك الزوجة , امرأة يتلهف لأن يحملها إلى السرير كهذه المرأة . وتنفس بحدة . آه , يا إلهي ! لا يمكن أن تكون تلك التي تتقدم منه في ذلك الثوب الطويل و الجميل للغاية ناتالي فيرلين .
لم تبد كأي عروس رآها من قبل . ورغم لون بشرتها العاجي , بدت وكأنها إلهة معبد بذلك الوشاح المثير الذي يلتف حول عنقها الأبيض ومن ثم يرتفع ليلتف حول شعرها الأحمر المذهل.
كان بإمكان مايك أن يضبط شعوره نحو ناتالي حين كانت ترتدي ما يجعلها أشبه بمساعدة محام , وفجأة , فقد قدرته على ضبط أي شيء , سواء رغبته أو غضبه . لقد فعلت هذا متعمدة , غيرت مظهرها سرا لتغريه من دون وعي منه . ولعلها فعلت ذلك لتجعله يبدو أحمق . إنها تمارس السحر ... ككل النساء . لكنها اقترفت غلطة لا تغتفر .
فهو لم يجعل من نفسه أحمق من أجل امرأة قط . وإذا ظنت أن بإمكانها أن تثير رغباته , ثم تعود فتبعده عنها فترفسه بازدراء , فسترى ما يدهشها . إذا كان هناك من يثير الرغبات ثم يرفض , فهو مايك نفسه .
تعثرت ناتالي عندما ابتسم مايك لها . كانت تفضل لو بقيت الصدمة مرتسمة على وجهه كحاله منذ لحظة , فهذا سيرضيها أكثر .
لكن ابتسامته كانت مثيرة للأعصاب . فهي أكثر الابتسامات التي رأتها إغراء ... وخبثا .
لم تكن ابتسامة عريضة بل مجرد قناع ارتفاع بسيط لزاويتي فمه , مصحوبة بنظرة تحلم بها معظم النساء . والتهبت نظراته وهي تتأمل جسدها ما سبب جفافا في حلقها ودوارا في رأسها .
ابتلعت ريقها ثم تابعت مسيرتها عبر الشرفة إلى حيث ستتم طقوس الزواج . وأرغمت نفسها على التظاهر بالهدوء , رغم موجات الحرارة التي تكتسح جسدها المتوتر. وحمدت الله على أن الجزء العلوي من ثوبها مبطن ومشدود على صدرها .
لاحظت أن المصورين مشغولين بالتقاط الصور لها وللرجال الثلاثة الذين ينتظرونها . كان كلام هولي صحيحا فقد بدوا جميعا غاية في الروعة . لكن عيني ناتالي كانتا مركزتين على مايك وحده , الذي بدا وسيما بشكل لا يصدق . صحيح أنه ليس وسيما بالشكل التقليدي , لكنه محنك ومهذب , ومثير بشكل يفوق الوصف .
وعادت ناتالي تبتلع ريقها .
قال وهو يمد لها يده , بينما تشابكت نظراتهما : " أراك كنت تخفين بريقك جيدا ".
قالت وهي تكافح لتحافظ على هدوئها بينما هي تضع يدها بيده : "أخبرتك أن بإمكاني أن أبدو أجمل".
بدت يدها صغيرة نحيلة في يده فيما قال بابتسامة أخرى من ابتسامته المثيرة : "كلمة جميلة لا تفيك حقك اليوم يا عزيزتي , كما لا بد أنك تعرفين ...".
ربما كانت ستعنفه لمناداته لها بعزيزتي , لو أمكنها أن تتكلم .
لكن بدلا من ذلك اكتفت بأن تحدق إليه , وقلبها يخفق عندما أدركت أنها وصلت إلى غايتها .
إنه يريدها , يريدها حقا , فهي ترى ذلك في عينيه . اشتدت أصابعه على أصابعها وهو يديرها لتواجه الكاهن , فيريها بذلك لمحة أخرى من قوته .
كانت قوته الجسدية تخيفها وتفتنها في الوقت نفسه . وهذا يعني أنه سيكون زوجا مسيطرا , جبارا محموم المشاعر ...
بدائيا لا يقبل بأي كلام فارغ .
قطعت هذه الأفكار أنفاسها وسلبتها عقلها .
بدأ الكاهن بالطقوس الدينية , ما أراحها ومنحها وقتا لتتنفس . لكن أفكارها بقيت مشتتة في الدقائق الأولى . لا بد أنها نطقت بكل الأجوبة الصحيحة , لكنها لم تركز على الإطلاق حتى لحظة التي قال فيها الكاهن لمايك إن بإمكانه أن يقبل عروسه .
نبهها هذا . كان مايك يمسك بيدها الاثنتين بعد أن سلمت غصن الزنبق لألانا منذ زقت طويل . أدارها لتواجهه , ثم حدق في عينيها بعمق وهو يرفع يديها إلى فمه . وببطء بالغ , وضع شفتيه على الإصبع الذي يحمل خاتم أمها , ثم على أناملها المجفلة .
كل لمسة منه أرسلت رعشة في عمودها الفقري , جعلت عينيها تتسعان دهشة . لم يكن هذا العاشق الذي تصورته منذ فترة ... بل إنه رجل ذو دهاء وحيلة وخبرة كبيرة .
وضاقت عيناه وهو ينظر إليها نظرة ذات معنى . ثم ترك يديها ليحيط وجهها بيديه . يبدو إنه سيقبلها , تصلبت ... ربما نتيجة خوف دام طويلا ... لكن سرعان ما استرخت وارتجفت .
وعندما احتضنها , أحاطت خصره بذراعيها تشده إليها أكثر وأكثر .
ونسيت ناتالي تماما أين هي . كل هذا ما تمنته وحلمت به طوال الشهر الماضي . أن تكون بين ذراعي مايك .
ابتعاد مايك المفاجئ عنها صدمها . كما صدمتها حملقته الباردة فيها قبل أن يستدير مبتعدا ليتلقى التهاني من الجميع , تاركا ناتالي تكافح بعجز لتستعيد رباطة جأشها بعد تلك القبلة .
كانت خفقات قلبها سريعة جدا ووجهها متوهجا .
لم تعرف ماذا تفعل أو إلى ماذا تنظر .
أحضرت هولي وألانا كؤوس العصير وصحون المقبلات فكان في هذا رحمة لها وفرحة لتمالك نفسها ومواجهة الحقيقة الكئيبة .
لقد رآها مايك جذابة اليوم , بكل تأكيد . كما أنه كان ماهرا للغاية في لعب دور العريس الولهان أماما الكاهن والمصورين .
لكن أصبح واضحا الآن أن هذا مجرد تمثيل , كان متلهفا لقطع العناق , أو تركها لصديقتيها ليتحدث إلى زميليه . كانت ألانا مخطئة وهي على صواب , فهي ليست من النوع الذي يعجب مايك , ولن تصبح كذلك مهما زينت نفسها .
وقال ريتشارد : " نخب العروسين ".
تأوهت ناتالي بصمت , تماما كما فعل مايك . ليت الكاهن والمصورين يرحلون , ليضعوا حدا لهذا الإدعاء الفظيع !
واستمر التصوير , وحمدت الله لأنها رفضت بإصرار كعكة الزفاف , فتقطيعها ويد مايك على يدها بغرام وهمي أمر لا يمكنها احتماله .
وأخيرا قال الكاهن : " أكره أن أستعجلكما لكن لدي عرس آخر عصر هذا اليوم والرحلة تستغرق وقتا طويلا . لذا , إذا أمكن أن توقعا الأوراق رجاء , لأنطلق في طريقي ".
بعد خروجه , رحل المصور , تاركا الأصدقاء وحدهم فيما الجو لا يزال غير مريح . كان وجه مايك عاصفا , بينما لم تشأ ناتالي سوى أن تتكوم في سرير ما , وتبكي.
وفجأة قال مايك لأصدقائه : " لا أريد أن أكون فظا . لكنكم قمتم بواجبكم على أكمل وجه , وقد انتهى العرس . لذا , هلا ذهبتم إلى بيوتكم من فضلكم ؟ ".
فغرت ناتالي فاها عندما امتثل أصدقاؤه لطلبه على الفور .
واحتضنت ألانا وهولي وناتالي بسرعة خاطفة , لكن ألانا همست في أذنها بسرعة :" اتصلي بي في الصباح ".
وسرعان ما أصبحت وحدها مع مايك . وعندما أقفل الباب الخارجي قالت له بحدة : " لعلك لم تشأ أن تكون فظا , لكنك كنت كذلك فعلا . لم تقل لهم حتى كلمة شكرا , بل طردتهم وحسب ".
ارتسم على وجهه تعبير الاشمئزاز نفسه الذي على وجهها : " أرجوك , لا تبالغي بهذا الشكل فأصدقائي يعرفون أي نوع من الرجال أنا , وما هو رأيي بزواج كهذا . آخر ما أريده هو أن يبقوا بجانبي وأنا في مزاج سيء كهذا ".
وأنا أيضا لا أرغب في ذلك .
هذا من سوء حظك , فأنت ملتصقة بي . فكري فقط في المال , يا عزيزتي . ستتقاضين مبلغا لا بأس به لكي تتحملي مزاجي فترة من الزمن .
واختطف كأس عصير وأخذ منه جرعة كبيرة قبل أن يحدق فيها : "أدرك تماما أنك ظننت أن هذا اليوم سينتهي بشكل مختلف , لكن ظنك سيخيب ".
فتصلب جسدها : "ماذا تعني بقولك سينتهي بشكل مختلف ؟".
تقدم منها ببطء وفي نظراته عدم احترام كلي : " ظننت أن بإمكانك أن تخدعينني ... أن تعلميني درسا لا أنساه ".
فقالت كاذبة وهي تلهث : "لا أدري ما تعني ".
وقف أمامها وهو يحملق فيها بعينين باردتين لامعتين : " تعرفين تماما ما أعنيه . أنت فتاة ذكية يا ناتالي , لكنك مراوغة ".
أنا لم أكن أخدعك . أردتك فقط أن ترى أن بإمكاني أن أبدو جميلة , ومثيرة . اعتبر هذا غرورا أنثويا لكنني لم أحب منك أن تنتقد مظهري .
فلنكن صريحين يا ناتالي . أردت أن تثيريني وهذه هي المسألة .
فاندفعت تقول من دون تفكير : " أنت محق . أردت أن أثيرك ".
فقال غاضبا : "حسنا , لقد نجحت . وإن كان هذا لن ينفعك بشيء ".
في ما بعد , تساءلت ناتالي إن كان الضغط الذي تعرضت له والإحباط هما اللذين جعلاها تفتح فمها بهذه الجرأة .
أنا لا أسعى وراء قلبك , إذا كان هذا ما تظنه . أنا أريد جسدك فقط !
فقال ساخرا : "هذا ما تقوله كثيرات , لكنه ليس ما يعنينه ".
حسنا , أنا أعنيه . هل تذكر ما قلته لي أول تعارفنا . قلت أنني بحاجة إليك , وكنت محقا . بعد فشلي مع براندون , اتبعت عادات مثيرة للاشمئزاز , في لباسي وفي سلوكي مع الرجال . ما جعلني معرضة لأن أصبح عانسا باردة عديمة المشاعر . ولكني عندما دخلت حياتي , تحركت أحاسيسي الأنثوية . فأنت رجل مثير إلى حد بالغ يا مايك .
وسارعت إلى تنبيهه : " انتبه ! لكنك لست الرجل الذي يمكن أن أقع في غرامه أو أريد أن يدوم زواجي منه . بل رجل أريد أن أكون معه لفترة . ثق بي حين أقول إنني سأطلق , عندما تحصل على الشراكة الثمينة ".

*********************
11- لن أفقد عقلي


فوجئ مايك بكلامها هذا , وإلى حج غير معقول , تبا ! فهذا ما يقوله هو . هو من يقول دوما إنه لا يريد أن يقع في الحب ... إلخ ... إلخ ... إلخ ...
افترض أن عليه أن يكون مسرورا ... فقد منحته إلهة المعبد الضوء الأخضر ليعاشرها كزوجة من دون ارتباط دائم . فلماذا لم يقفز فرحا لهذا الحظ ؟ لماذا لا يمزق هذا الثوب الذي يثير غيظه , ويطالب بحق اكتسبه بالزواج ؟
ليته يعلم ما يدور في رأسها ! لا يمكن الثقة بالنساء كليا . لم يعجب مايك أن تشغل ناتالي باله بهذا الشكل . لكن لن يعجبه أن يتجاهل شكوكه ويفعل ما يريده .
مقاومته لها الآن , بعد أن عرضت عليه نفسها من دون أي ارتباط , مستحيل . نظر إليها وتلهف إلى أن يذيبها بين ذراعيه, ... كما حدث عندما عانقها من قبل . أعجبه أن تضع ذراعيها حوله , وأحب عندما انغرزت أناملها في ظهره .
وجاءه التحذير بأن يميل إليها أكثر مما ينبغي , لكن الأوان كان قد فات !
تمتم وهو يمد يده ليفك الوشاح : " هذا حسن بالنسبة إلى ".
تسارعت خفقات قلبه , وهو يديرها لتواجهه , فحدث نفسه بأن يهدأ ويتمهل . إنها ملكه بحكم زواجهما , ليس لليلة فقط , أو لمجرد أسبوع بل حتى يطلقها . ستكون ملكا له يعبث بها حين يحلو له . يمكنه أن يحقق كافة الأحلام التي حلم بها , وكل صورة تراءت له .
تنفس مايك بعمق , ثم نظر حوله وقد جمدت يداه على كتفي ناتالي . كان بيت ريتشارد أسطوريا بجماله , كبيرا , متألقا , جيد التهوية , ويوحي بجو العطلة والراحة
. لكن غرفة الجلوس لم تكن مكانا مثاليا لما يخطط له .
سيجد كل ما يحتاجه في غرفة النوم الرئيسية حيث وضع حقيبة ملابس صغيرة لليلة واحدة . كان السرير ضخما والحمام فسيحا , وهو مكان مثالي لسيناريو فيلم عاطفي عذبت مشاهدة وصورة مايك منذ تعرف إلى ناتالي . أو السيدة ستون الآن , كما ذكر نفسه . السيد مايك ستون .
إنها له الآن قانونيا .
إنها له .
شهقت ناتالي وسألته حين سار بها باتجاه غرف النوم سرعة فائقة " إلى أين تأخذني ؟ ".
كانت ابتسامته شيطانية وهو يجيب : " إلى مكان أكثر راحة " .
وتابع السير في الممر حتى آخر باب حيث يفترض أن تكون غرفة النوم الرئيسية .
عندما وصلت ناتالي إلى بيت ريتشارد وهولي باكرا هذا اليوم لم تأبه بالتجوال في المكان , بل ركزت فقط على تحضير نفسها , تهدئة أعصابها , فهي لم تأت إلى هنا من قبل .
جالت عيناها في أنحاء الغرفة التي كانت فسيحة تناسب الصيف , ومبلطة بأحجار الأجر التبني اللون الأبيض . وكان السرير ضخما يغطيه لحاف أزرق , كما كان الجدار المطل على شرفة من زجاج تغطيه ستائر رقيقة ناعمة . ولاحظت ناتالي سطوع ضوء النهار أن الشمس لم تغب بعد .
ولن تغيب قبل ساعات . ابتلعت ناتالي ريقها فهي على وشك أن تكرس زواجها في وضح النهار مع رجل بالكاد تعرفه .
هل هذا ما جعل توقعاتها مثيرة إلى حد ما ؟ هل هو , ببساطة , نسخة عن فيلم ؟ أم أنه أمر آخر , شعور لا تريد أن تعيشه للمرة الثانية في حياتها ؟
كانت ناتالي مستمتعة بالاستلقاء والنظر إليه , معجبة بجمال رجولته , مبتهجة بأنه معها كما أي زوج مع زوجته .
لكنها سارعت تصحح أفكارها وقلبها يخفق . لا , هذا ليس زواجا حقيقيا ... إنه مجرد ترتيب عملي بينهما حتى تتحقق الشراكة .
هذه الحقيقة القاسية خففت من حماستها قليلا , إلى أن تقبلت فكرة أن الصدق أفضل من خداع النفس . علاقتهما ليست علاقة حب وزواج , بل مجرد صفقة رابحة لكليهما .
لكن هذا لا يعني أنه ليس رائعا , فهي تشعر الآن بأنها امرأة حقيقية كما لم تشعر منذ سنوات . امرأة مرغوبة ورائعة الجمال .
امرأة قد يرغب رجل آخر في أن يتعرف إليها ويحبها وربما يتزوجها في وقت ما في المستقبل . هذه العلاقة بمايك تجربة ستغير حياتها .
ابتسمت له . ولم تكن ابتسامتها وقحة بل دافئة ناعمة متألقة . لم يتعود مايك أن يرى مثل هذه الابتسامة من امرأة , ولم يعرف ما تعنيه .
لم يرى مايك قد امرأة تبدو على القدر من الإثارة والبراءة في آن . لقد علمته التجارب أن الخطر يكمن في الوقت الهانئ الذي يقضيه الرجل في سرير مع المرأة , إذ تسيء النساء عادة تفسير مشاعره نحوهن , وينتظرن منه أن يحدثهن ويلاطفهن فيما مايك لا يحسن الحديث أو الملاطفة . وفي المرة الوحيدة التي كان فيها من الحماقة بحيث فعل ذلك , أخذت شريكته تعلن له حبها .
لم يكن مايك يطيق أن تعبر له امرأة عن حبها , فلم لا يتركها الآن ؟ لماذا يمر بيده على شعر ناتالي ملاطفا , يدفعه عن وجهها ويعانقها برقة ؟ لأن هذا الوضع مختلف ... فناتالي لن تقول له أبدا إنها تحبه . ولهذا , ليس عليه أن يكون حذرا , وبإمكانه أن يسترخي ويفعل ما يريده .
لم تكن ناتالي تنظر إلى مايك مباشرة وأقلقه خجلها الفجائي . لعل السبب هو عدم خبرتها أو عدم معرفتها الجيدة به .
احمرار وجهها خجلا سحره لكنه لن ينخدع به . عندما ترحل , ستكون بالنسبة إليه مجرد ذكرى امرأة مثيرة .
كان تأثيرها فيه , يفقد توازنه . ولم يشأ أن يفقد عقله أيضا , فحذره من النساء نبهه ألا يدع مشاعره تجرفه .

*****************

غدا ... غدا .... ستنتهي غدا .. كانت الخميس وأصبحت الأربعاء :)

غــلا 10-09-08 06:43 AM

واااااااااوو راااائعه شكرا ياقلبي

انتظررررررررر باقي الرواية

موني الاردن 10-09-08 07:33 AM

بانتظار التكملة و شكرا كتتتتتتتتتتتتتتير

nimo 10-09-08 09:46 AM

النصف الأول من الخاتمة الكبرى :))
 
هلا بيك يا (( غلا & موني الأردن )) على المرور ...

لم يبقى الكثير ... اليوم سننتهي منها ... و أقدم لكم 3 فصول .... وفي المساء فصلين والخاتمة ...


12- ما يخفيه المستقبل

هتفت ألانا : " ناتالي ! أخير ! كدت أموت لهفة بانتظار اتصالك طوال الصباح . مع ذلك , أظن أن الساعة ما زالت العاشرة . حسنا ؟ ماذا جرى بعد مغادرتنا البيت أمس ؟ يبدو صوتك أكثر مرحا . أريد أن أعرف كافة التفاصيل ".
ضحكت ناتالي رغم احمرار وجهها . لا سبيل لأن تخبر ألانا بكافة التفاصيل . مع ذلك , لا داعي للادعاء بأنها ومايك لم يتما زواجهما . لعله أخبر صديقيه , فالرجال يحبون أن يتباهوا بغزواتهم .
وقالت لألانا : " لا بأس , لا بأس . جهودنا نجحت وأتممنا زواجنا الليلة الماضية ".
يا لها من طريقة رقيقة ومهذبة تروي بها ما حدث ! وهتفت ألانا : "عرفت ذلك . قال ريس إن مايك لن يستطيع أن يقاومك وإن مايك والعزوبة لا يتفقان ".
أجفلت ناتالي . كانت تعلم أنها ليست أول امرأة يختارها مايك كرفيقة له , إلا أنها ما زالت لا تحب أن تعلم أن الإحباط وحده هو الذي أرغم مايك على قبول عرضها . وعادت ألانا تقول : " والآن , ما رأيك فيه ؟ هل ازداد ميلك إليه ؟ ".
عبست ناتالي . كان عليها أن تعلم أن ألانا ستطرح عليها أسئلة كهذه . وكانت تشتبه في أنها وهولي تعتقدان آمالا على هذا الزواج . لكنها رفضت أن تشجع صديقتيها , أو نفسها , وقالت تجيبها : " هذا ما أظنه . لكن ما من نقاط مشتركة بيننا ".
الاختلاف يسبب الانجذاب عادة .
الانجذاب لا يكفي أبدا للزواج يا الأنا .
إنه البداية . أتظنين أنك قد تقعين في غرامه في الوقت المناسب ؟
فأجابت ناتالي مراوغة : " لا أظن ذلك ".
أن تدمن عليه أمر ممكن , أنا أن تقع في غرامه ؟ فيا إلهي ! وهي تتمنى من صميم قلبها ألا يحدث ذلك . أن تنتحر مرة أخرى من أجل رجل هو القمة في البلاهة والحماقة . لكن ناتالي اشتبهت في أنها , في أعماقها , في ذلك المكان الذي تختبئ فيه الحقائق التي لا تود مواجهتها , سبق واختلطت عليها الأمور بين الرغبة والحب .
وقالت ألانا : " قد لا يكون ذلك ممكنا , لكنه ليس مستحيلا ".
ما من شيء مستحيل .
أين هو الآن ؟
ذهب إلى بيته ليحضر بقية ملابسه من أجل رحلتنا في اليخت , كما أنه سيشتري بعض المؤن .
أحقا ؟ أي نوع من المؤن ؟ قالت هولي إن البيت يحتوي على كل ما تحتاجونه لإقامة قصيرة.
أجابت : " مجرد الجريدة , وبعض الحليب . نحب الحليب الطازج مع القهوة ".
فقالت ألانا : " أرأيت ؟ ثمة قاسم مشترك ".
أنت متفائلة للغاية , يا ألانا .
الحياة من دون تفاؤل فظيعة . عليك دوما أن تتمسكي بالأمل . أعرف معنى العيش من دون أمل . كنا , أنا وهولي , نتحدث الليلة الماضية . ورأينا أنك المرأة المناسبة لمايك .
يا إلهي ! لماذا ؟
أنت ذكية ومثيرة ومتعلقة جدا . وأراهن على أنك طاهية ماهرة أيضا .
أنا ماهرة في الطبخ .
كان براندون يحب الطعام الجيد , لكنه لا يحب أن يدفع المال ليحصل عليه , فأخذت تمضي الساعات في المطبخ في طهي وجبات شهية له . لكنها غالبا ما كانت تأكل الطعام وحدها لأنه لا يأتي بحسب وعده .
قالت ألانا : " أنت بالضبط لزوجة المثالية يا ناتالي ! والآن كل ما عليك أن تفعليه هو أن تجعلي مايك يرى أن الحصول على زوجة مثلك هبة من الله وليس عبئا عليه ".
فردت ناتالي بحدة : "وماذا لو كنت أنا لا أريد مايك زوجا لي ؟".
فضحكت ألانا : " لقد أمضيت الأسابيع الأخيرة معك يا ناتالي و أظنني أصبحت أعرفك جيدا . أتعرفين كم مرة تحدثت عن مايك ؟".
كم مرة ؟
بصورة دائمة . كلما جربت قطعة ثياب , كنت تسألينني هل سأعجب مايك بهذا الثوب ؟
هذه مجرد مشاعر سطحية وغرور أنثوي يا ألانا .
إذا بقيت تردد هذا الكلام , فقد تصدقه في النهاية .
إلى أن تتحول إلى شيء آخر . مايك رجل جيد يا ناتالي , ووحيد للغاية . إنه بحاجة إلى امرأة تحبه.
إنه لا يظن ذلك , فهو شديد المعارضة للحب والزواج .
حاولي أن تكتشفي وراء شخصيته هذه , الرجل الحقيقي . إنه ليس بالخشونة التي يدعيها . أتعرفين مقدار الأموال التي أنفقها على الأولاد المعدمين ؟ الأولاد الذين ليس لديهم عائلات أو مال ؟
أجفلت ناتالي لهذا الخبر : "لا . لم يذكر هذا الأمر قط ".
إنه لا يتكلم عن ذلك . لكنه يمنح مبالغ طائلة لهؤلاء الأولاد سنويا , لكي يذهبوا إلى المخيمات الصيفية كما يشتري لهم أجهزة الكمبيوتر . ويدفع لهم تكاليف الدراسة . وقد بدأ مؤخرا مشروعا جديدا وهو إنشاء نواد لهم , نواد رياضية تضم غرفا للعب ولممارسة نشاطات أخرى . إذا ظننت أنه يطمح للحصول على تلك الشراكة لكي يزيد ثروته الشخصية فأنت مخطئة تماما .
منتديات ليلاس
ذهلت ناتالي : " لماذا لم تخبريني بهذا من قبل ؟" .
لم يخطر لي أن أفعل . كنا مشغولتين بتزويجك . والآن , بعد أن عرفت , هل أصبح مايك , الرجل الإنساني المحب للخير , أقرب إلى مشاعرك ؟
.... أنا ..... حسنا . من المؤكد أن هذا يجعلني أرغب في أن أعرف المزيد عنه . أعني , ما الذي يدفعه إلى ذلك ؟ ما الذي حدث في طفولته فجعله ما هو عليه الآن ؟ هل تعرفين ؟
لا , هو لا يتحدث عن هذا الموضوع أبدا , ولا حتى لريس أو لريتشارد.
لا بد أنه شيء فظيع .
فظيع جدا , بحسب ظني . لماذا لا تسألينه يوما ما ؟ عندما يكون ... هل نقول ... بحاجة إلى البوح بأسراره ؟
مايك ليس من النوع الذي يبوح بأسراره .
ربما عليك أن تسأليه بشكل مباشر . على أي حال , ستحتاجين لمعرفة بعض التفاصيل عن ماضيه قبل الرحلة في ذلك اليخت . قد يسألك هلسينجر أو زوجته عن ماضي مايك , وسيبدو جهلك بهذا أمرا مستغربا .
قالت ناتالي وهي تتظاهر بهدوء لا تشعر به :" نعم . هذا ما أظنه ".
رفضت أن تمثل , فتفكر دوما بأنها عاشقة , وأنها تريد ما لن يمنحه لها الرجل الحالي في حياتها . المنطق يقول بأن ترضى بالاستمتاع بأي وقت تمضيه مع مايك , لا سيما في هذا الأسبوع القادم .
لكنها لم تشأ في الوقت نفسه أن تتحدث مع ألانا أو مع أي شخص آخر , بهذا الشأن .
شعرت ناتالي بارتياح عميق لأنها أخبرت والديها أنها ذاهبة في إجازة مدة أسبوع وذلك قبل أن تقفل هاتفها الخلوي .
قالت : " علي أن أذهب , يا ألانا . قد يعود مايك في أي لحظة . اسمعي , لن أتصل بك مرة أخرى قبل نهاية الأسبوع القادمة , فأنا لن أحمل معي هاتفي الخلوي إلى اليخت لأني سأكون مع مايك طيلة الوقت وسيسبب لي الهاتف بعض الإحراج".
لا باس . أتمنى لك وقتا سعيدا . والآن , هل يمكنني أن أخبر هولي عنك وعن مايك ؟
شرط ألا تجعلي الوضع بيننا شاعريا .
لكنه شاعري يا ناتالي ... أنت فقط لا تستطيعين رؤيته بعد .
لا . أنت من لا يستطيع الرؤية يا ألانا . أنا لست مغرمة بمايك . الأمر بيننا مجرد انجذاب اتفقنا ؟
نعم , ما دمت تقولين ذلك .
أدارت ناتالي حدقتيها . بعض الناس يرفضون الإصغاء إلى ما يقال .
وداعا يا ألانا .
وداعا يا حلوتي .
وضعت ناتالي السماعة وهي تتنهد ساخطة .
هل تحاول ألانا أن تسير على نهجك؟
استدارت ناتالي فرأت مايك واقفا عند باب المطبخ يتأملها بحذر .
لم أسمعك تدخل .
سارعت تقول قبل أن تدرك أنه من الطبيعي ألا تفعل فالباب الأمامي بعيد عن المطبخ . كما أن مايك كان حافيا .
وأضافت عابسة :" ماذا تعني بقولك تسير على نهجي ؟".
أعني تشكيل الثنائي المناسب وتزويجه.
عبست ناتالي , لكنها لم تجد فائدة في إنكار ما سمعه , وقالت : " إنها تريد لك الأفضل , يا مايك . تظن أنك بحاجة إلى حياة طبيعية كما تظنني مغرمة بك , لمجرد أننا أتممنا زواجا كان يفترض به أن يبقى صوريا . حاولت أن أخبرها أنها أخطأت في تفسير الأمور ".
نعم , سمعتك تقولين إن الأمر مجرد انجذاب ...
إذا كان هذا صحيحا , فلم لا يبدو عليك السرور إذن ؟ أليس كل ما يريده هو إرضاء رغباته ؟
قال وهو يضع الحليب والجريدة على مائدة المطبخ : " ما مشكلتكن , أنتن النساء ؟ هل من المفروض أن تخبر إحداكن الأخرى بكل شيء ؟ ".
رفعت ناتالي رأسها . لا تريد أن يتحدث إليها أحد بهذا الشكل , لا سيما مايك . وأجابت : " هذا كثير . الغريب فينا نحن النساء أننا نحتاج الناس في حياتنا لما هو أكثر من متعة عابرة . نحن بحاجة إلى الرفقة والرعاية والأولاد والمرح والتشجيع ... وإلى الحب أحيانا . فنحن غبيات حمقاوات ! ولكن لا تخف يا مايك , فأنا لن أقع في غرامك أبدا . لست حمقاء إلى هذه الحد فأنا أراك تخاف من كلمة الحب حتى الموت ما يعني أنك لا تستطيع أن تحب أحد حتى ولو كانت حياتك متوقفة على ذلك ".
حملق فيها بعينين لامعتين وقد انقبضت يداه إلى جانبيه : " أنت لا تعرفين عما تتحدثين ".
أخبرني إذن . أحب أن أعرف . ما الذي يسيرك في حياتك يا مايك؟ لماذا أنت كريم في بذل المال , بخيل في مشاعرك ؟ ما الذي حدث لك وأنت صغير فجعلك ما أنت عليه الآن ؟
منتديات ليلاس
بدا عليه الغضب لحظة , ثم عاد فضحك : " يبدو أن ألانا أفشت لك أسرارا في وقت غير مناسب؟".
لا يمكن أن يبقى الكرم والعطف سرا !
ما أفعله بأموالي هو شأني وحدي .
وهكذا ستبقى على الدوام يا مايك ... وحدك .
هذا هو خياري .
هذا أكيد , وأنا آسفة . لكنني لا أظن أن بإمكاني أن أستمر بعلاقتنا كزوجين فعليين .
وتمنت , وهي تقول هذا , لو لم تفعل .
انتفخت خياشيمه : " لما لا ؟ ".
أنا ... لست واثقة من أني قادرة على مواجهة ذلك ؟
لقد واجهت ذلك أمس بشكل حسن .
لا تكن لئيما !
هذا ليس لؤما بل الحقيقية .
وأمسك بيديها ووضعها على صدره : " أنت لم ترفضي إتمام زواجنا , الليلة الماضية . هذا الصباح لم يتغير شيء يا ناتالي , فأنا ما زلت الرجل نفسه وأنت المرأة نفسها ".
ودت لو تصرخ في وجهه : أنت مخطئ , فثمة ما تغير بيننا , ألا يمكنك أن تراه ؟ ألا يمكنك أن تشعر به ؟
وعاد يقول مزمجرا : " أنا شخصيا لم أشبع منك ".
حتى وهو ينطق بهذه الكلمات , فضحت عيناه رغبات تتعدى رغباته الجسدية . أخبرتها ألانا عن مبلغ وحدته , مدى حاجته إلى امرأة تحبه . وكانت على حق إذا بدت الحقيقة لناتالي في وجهه , حيث لمحت الكآبة العاطفية خلف مشاعره المحمومة .
لكنه لن يعترف بذلك أبدا , هي تعرف ذلك . فجراح ماضيه , أيا كانت هذه الجراح , لم تلتئم بشكل صحيح . كل ما يمكنها أن تقدمه لمايك هو السلوان . لا يمكنها أن تقول له إنها تحبه , لكن بإمكانها أن تظهر له ذلك .
تمتمت وهي تمر أناملها على صدره : " جميل أن أسمع هذا ".
وعندما حاولت أن تدنو منه أكثر , تأوه وهو يتراجع إلى الخلف بخطوة غير ثابتة فهمست وهي ترفع بصرها إلى وجهه : " أليس هذا ما تريده ؟".
كم هو مختلف شعورها , الآن عما كان عليه الليلة الماضية . لكنه انحنى يحملها ويخرج بها من المطبخ باتجاه غرفة النوم وهو يقول : " كلا . ليس هذا ما أريده . أنا أرغب فيك , يا ناتالي ".
لم تنطق بكلمة وهو يدخلها الغرفة . كانت مشغولة جدا بمحاربة أمالها العديمة الجدوى والتي أحبتها في نفسها كلماته المحمومة . فهو لم يدكن يريدها , إلى الأبد , بل لفترة مؤقتة . لكن هذه الفترة كانت مثيرة للغاية , كما حدثت نفسها .
استمتعي يا ناتالي .... فمن يعرف ما يحمله المستقبل ؟
كانت ألانا قد قالت إن الحياة من دون أمل لا طعم لها , وعلى ناتالي أن تعترف بأنها محقة . وهكذا تمسكت بالأمل .


******************


13- سنكمل الدرب

كانت ناتالي تضع اللمسات الأخيرة على تسريحة شعرها , عندما رأت مايك من مرآة الحمام . كان واقفا في عتبة الحمام ينظر إليها .
يا لسموات ... يبدو رائعا قي ملابسه الجديدة . كان تفصيل سرواله التبني اللون رائعا , يضفي رشاقة على ساقيه الطويلتين المفتولتي العضل . كما أعجبها قميصه القصير الكمين , الذي كشف عن ساعديه الرائعين .
اختيار ريس موفق وينم عن ذوق رفيع .
جاهزة ؟
جاهزة تماما . لم أكن أعلم أنني سأتوتر متوترة إلى هذا الحد .
لا حاجة بك للتوتر لأن مظهرك مذهل .
هل أعجبك مظهري ؟
وتساءلت عما إذا كانت ألانا قد أخطأت في اختيار هذه الملابس لأول لقاء لها مع هلسينجر . ربما كان عليها أن ترتدي السروال الذي في حقيبتها بدلا من التنورة التي تصل إلى منتصف الساق وهذه البلوزة الأنيقة . قال مايك , باعثا السرور في نفسها :" اللون الأزرق يناسبك ".
فلينتظر لكي يرى الثوب الذي اشترته لحضور حفل ليلة الغد . إنه أكثر زرقة من اللون الأزرق نفسه .
وانصبت نظراته على صدرها فقالت له بضيق : " كفى تحديقا بي بهذا الشكل ".
هذا ما يفعله دوما , وما فعله طيلة يوم أمس . إنه يثير رغباتها بمجرد نظرة : "علينا ... علينا أن نذهب بعد قليل ".
فزمجر ببطء :" لا , لن نذهب . يمكنني أن ألغي الموعد , وليذهب هلسينجر إلى الجحيم . العديد من الشركات الأخرى يرغب بشراء برنامج جديد . لست بحاجة إلى شركته".
فقالت مستنكرة هذا التغيير المفاجئ في موقفه :" لكن الشركات الأخرى لن تمنحك الشراكة . مايك ... لقد تزوجتني لكي تحصل على هذه الشراكة حيث ستجني الكثير من المال . مال سيفيدك كثيرا ".
ضاقت عيناه وهو ينظر إليها :" هل ما يهمك فعلا هو تحسن أعمالي , أم مليونك الثاني الموعود ؟".
تشنجت وقالت : " هذا ليس إنصافا منك ".
بدا عليه بعض الشعور بالذنب :" هذا صحيح , وأنا أعتذر لست كعادتي اليوم . في الواقع , أنا أكره التبعية لأي رجل , وقد جعلني هلسينجر أفعل هذا . أرادني متزوجا فتزوجت , وهو ما قلت إنني لم أفعله أبدا . كنت أفكر هذا الصباح في كم أحب أن أكون سيد نفسي . أنا أكره فكرة أن أكون عبدا رهن إشارة تشاك هلسينجر ".
لن كون عبد أي رجل يا مايك .
فقال متذمرا : " لكنني أصبحت كذلك , وربما من دون فائدة ".
ماذا تعني ؟
إذا أرسل هلسينجر من يتحرى عني , فسنفشل . أعني كل من يتحرى عني سيكتشف أن عروسي تدير وكالة تدعى " مطلوب زوجات " . ماذا تظنين أن هلسينجر سيفعل حينذاك ؟ وحده الأحمق سيعتقد أن زواجنا حقيقي .
لا بد أنه لم يرسل من يتحرى عنك , وإلا لألغى الدعوة ولم يستضفك في اليخت , ولتراجع عن عرض الشراكة . أراهن بحياتي على صحة ما أقول .
أرجوا أن تكوني على صواب يا ناتالي , إذ ينتابني شعور سلبي حيال هذا الأمر . لعل هلسينجر يحب أن يعبث بحياة الناس. لعل الملل من حياته كملياردير أدركه .
العالم مليء بالافتراضات , يا مايك . وما منا وصلنا إلى هذا الحد , فعلينا أن تكمل الطريق .
حدق مايك فيها . إنها محقة طبعا . لكنه ما زال لا يريد ذلك . هلسينجر ليس المشكلة الوحيدة التي تشغل ذهنه اليوم . فهذه المرأة الجميلة المثيرة التي شغلت باله منذ البداية , سرعان ما أصبحت بالنسبة إليه هاجسا ... وهاجسا خطيرا .
إنها هاجس خطير بالنسبة إلى سكينته وراحته النفسية . فهو معها مختلف عما هو عليه مع النساء الأخريات . كلما طال وجودها معه , كلما ازدادت رغبته فيها . حاجته إليها أصبحت كحاجة التائه في الصحراء إلى الماء .
وكان مايك قد أقسم ذات مرة على ألا يحتاج امرأة قط . ليس بهذا الشكل على الأقل .
قالت فجأة وهي تقطب جبينها الجميل :" مايك ؟".
فقال بحدة :" أنت محقة . علينا أن نتابع ما بدأناه . لكنني لن أصبر على أي إذلال ".
قالت له وهي تبتسم بإغراء : " على الأقل لن نضطر للتظاهر بأننا عاشقان ".
كان تأثير ابتسامتها عليه مذهلا إذ شعر وكأنه التف فجأة بدثار دافئ في ليلة قارسة البرودة . وتدفق الدم حارا في عروقه . لكنه حمد لله لأن عليهما أن يخرجا في الحال وإلا لانقض عليها .
قال فجأة : " لا مزيد من التأنق ولنخرج حالا ".
علي أن أحضر حقيبة يدي وصور الزفاف .
لا . لا تحملي معك صور الزفاف .
لكنك دفعت مبلغا إضافيا كي تتسلم الصور هذا الصباح , وذلك لتريها لهلسينجر !
قررت ألا أريها لهلسينجر وزوجته . إنهما ليسا صديقين حميمين , فلا بد أنهما لا يتوقعان رؤيتها .
كان في الواقع قد كره نظرات التي رمق بها المصور ناتالي قبل الاحتفال وأثناءه فقد بدا كأحمق مفتون .
وخرج وهو يقول :" سأنتظرك عند الباب الخارجي".
كان قد حمل حقائبهما مسبقا ووضعها قرب الباب حتى تأتي السيارة المستأجرة التي يفترض بها أن تصل في العاشرة والنصف . وكان مضيفه قد استأجرها لتنقلهما إلى اليخت الراسي عند الرصيف في مرفأ " دالينغ هاربور ". نظر إلى ساعته . دقيقة واحدة تفصلهما عن الموعد .
مايك . ماذا سأقول لهم إذا سألوني عن خلفية أسرتك ؟
وكان في طريقهما إلى المصعد فأجاب بخشونة : " أخبريهم الحقيقة ".
لكنني لا أعرف شيئا عنك .
فقال وهو يستعجلها : " بالضبط . أخبريهم أنك لا تعرفين شيئا عني ".
لكنني لا أستطيع ذلك . سيظنونني مجنونة لزواجي من رجل لا أعرف عنه شيئا .
هممممم .... لعلهم على صواب . قولي إنني عانيت من طفولة فظيعة , ولهذا لا أرغب في أن أتحدث عنها.
شعر بها تنظر إليه , فلم يبادلها النظر . شيء ما سيحدث إذا نظر إليها . يكفيه عطرها الذي يلفه في هذا المكان الضيق .
وهل عانيت حقا من طفولة فظيعة ؟
تجرأ الآن على النظر إليها بعد أن وجد سببا للغضب :" إنك امرأة ذكية , يا ناتالي . سبق وعلمت ذلك , فلندع الأمر عند هذا الحد ".
ارتجفت ناتالي لخشونة صوته وللبرودة التي بدت فجأة في عينيه بعد ذلك الدفء الذي كان ينبعث منهما .
تبددت الحماسة التي تملكتها لفكرة أنها ستمضي يومين شاعريين مع مايك في ذلك اليخت المترف . إذا لم يتغير مزاجه , فسيكون الوضع صعبا للغاية ... لا بل تعيسا .
لكن مشهد سيارة الليموزين التي تنتظرهما أمام المنزل رفعت معنوياتها . من المستحيل ألا تشعر بالحماسة إزاء هذه الرفاهية وما تحتويه السيارة من لمسات رقيقة والترحيب عبر شاشة التلفزيون المثبت في الداخل و الذي شغله السائق حالما تحرك بالسيارة .
منتديات ليلاس
حتى مايك ابتسم عندما ملأت صورة مضيفهما السمين الشاشة , معرفا بنفسه وزوجته الشقراء الرائعة الجمال قبل أن يهنئهما بزواجهما الحديث قائلا إنهما متشوقان , هو وروزالي , للقائهما .
وعندما انتهى همست ناتالي : " ما رأيك ؟" .
فأجاب بعد أن أطفأ التلفزيون : " أظن أن رجلا يرتدي سترة بحرية بأزرار نحاسية لم يرسل من يتحرى عني ".
فضحكت :" يبدو وكأنه تجاوز الخمسين من عمره , أليس كذلك ؟ لكنني أحببته بعض الشيء".
نعم , إنه سمين وأصلع لكنه لطيف الملامح وعيناه سعيدتان .
سألها :" ما رأيك بزوجته ؟".
من الصعب تكوين رأي عنها , فهي لم تنطق بكلمة .
أتصور أن الحديث ليس ضمن دور السيدة هلسينجر في حياة السيد هلسينجر .
لعلهما مغرمان ببعضهما البعض إلى حد كبير .
بدت الشكوك على وجهه :" لقد رأيت حجمه . لا بد أنها تزوجته من أجل أمواله وهو تزوجها من أجل ما تفعله عندما لا تتحدث ".
انكمشت ناتالي عندما عاد ذهنها إلى ما تفعله لمايك حين لا تتكلم . ولاحظ صمتها فقال بحدة :" ما هذا ؟ ماذا قلت ؟".
لا شيء .... أنا .... لا شيء.
لا . بل ثمة شيء . يبدو عليك الاستياء .
نظرت في عينيه متفحصة : " أنا ... أريدك فقط ألا تظن أن ما أفعله معك له علاقة بالمال . لأن هذا ليس صحيحا ... أنا ... أنا أميل إليك , يا مايك . أحب أن أكون معك . صدقني ".
لم تجد ما تقوله من دون أن تعترف له بأنها تحبه .
أدار وجهه لينظر من النافذة بجانبه :" لقد استمتعنا معا , أليس كذلك ؟".
ابتلعت ريقها . إنه يتحدث بصيغة الماضي . هل بدأ الملل يتملكه ؟ ولكن لم يكن يبدو عليه أي ملل هذا الصباح .
ومع ذلك , أحست مؤخرا بتغير ما فيه ... بروده وابتعاده . لم يمسك بيدها في المصعد أو يمسها بأي شكل , فيما لم يكن بإمكانه أمس أن يرفع يده عنها .
أتحاول أن تخبرني بشيء ما , يا مايك ؟
كانت مصممة على ألا تبكي أو تثور . إذا ما انتهى الأمر بالنسبة إليه , فقد انتهى إذن .
التفت ببطء ينظر إليها :" أخبرك بشيء مثل ماذا ؟".
هل علينا من الآن فصاعدا أن نتظاهر بأننا عاشقان .
فتمتم :" لا أظنني أستطيع ذلك ".
تستطيع ماذا ؟
أن أكون معك في بيت واحد وأضبط نفسي .
آه ... هل أنا مغرية إلى هذا الحد ؟
نظر إليها وعيناه تلمعان :" في الحقيقة , نعم يا ناتالي . أنت كذلك ".
شهقت بحدة ورأسها يدور لاعترافه هذا . وأضاف ما جعلها تحبس أنفاسها : "لكن , وعلى الرغم من ذلك , يوم الخميس القادم سأنهي كل ما بيننا ".
فقالت بصوت مخنوق :" ولكن , لماذا ؟".
لأن ....
لأن ماذا ؟
علي أن أنهي هذا قبل أن يصيبك ضرر . أنا لا أصلح لك يا ناتالي . لست سوى إنسان منحرف قاسي القلب . أنا لا أهتم بالحب , لا يهمني سوى ملذاتي الشخصية .
أحقا ؟ لكنك لم تسمعني أعترض , أليس كذلك ؟
حمق فيها قبل أن يمسك فجأة بذراعيها يشدها إليه , وهو يزمجر وقد امتزج الثلج والنار في عينيه :" لعنة الله عليك , يا ناتالي ".
لكنه حملها إلى عالم بعيد , عالم من الأحاسيس الجارفة .
لم تعد تفكر في كلامه أو في المستقبل بل في اللحظة الحالية حيث سيطرت الحواس على العقل وعطلته .
وبعد حين , استند إلى الخلف , وقد بدا العذاب في عينيه ثم قال بغضب بالغ :" لماذا لا ترفضين , أبدا ؟ لماذا لا تمنعيني أبدا ؟ كان عليك أن تمنعيني هذه المرة يا ناتالي لأنني لم اتخذ أي احتياطات لأحميك من الحمل ".
أخذت تحدق فيه وذهنها يعمل بسرعة , وقلبها ينتفض بعنف وقد أدركت النتيجة المحتملة لمشاعر محمومة غير منضبطة تلك . النتيجة ليست ممكنة بل متوقعة فهي حاليا الآن في منتصف دورتها الشهرية .
والغريب أنها لم تذعر من هذا الاكتشاف بل بان عليها الهدوء غريب ونوع من الاستسلام للقدر .
قالت وهي تنظر في المرآة تصلح زينتها :" لا باس يا مايك . لن نواجه أي مشكلة ".
هل أنت واثقة ؟
تماما . الخصوبة الآن تكاد تكون معدومة , فلا تخف . صدقني .
على أي حال , لن تحمله عبء طفل لا يريده . وإذا كانت محظوظة بما يكفي لتحمل . فستبقي ابنه لنفسها وتحبه إلى آخر حياتها , بقدر ما أحبته هو .
منتديات ليلاس
كفى عبوسا في وجهي , يا مايك . لن أوقعك في الشرك لأي سبب . لا بأس , أعترف بأنني أود أن تستمر علاقتنا فترة أطول , فأنت شخص مميز حقا ومثير لكنني أراك مصمما على أن تنهي الرحلة . ولن أجادلك في هذا . لكن ما من شيء يمنعنا من أن نستمتع بما تبقى لنا من وقت , أليس كذلك ؟
هز رأسه وقد بدا الارتباك على ملامحه , فتابعت تقول بابتهاج :" أفهم من هذا أن جوابك هو ( لا ) . والآن , هل لك أن تسكب لي كأسا من هذا العصير ؟ لا فائدة من إهداره سدى ".


***********************


14- أسرار وأسرار

كان يخت هلسينجر بالغ الروعة , حيث بلغ خمسة وستين مترا . كان يعمل بمحركين ومزودا بأجهزة تشغل بواسطة الكمبيوتر, كما أنه يتسع لاثني عشر ضيفا وأربعة عشر بحارا . ويضم اليخت ست قمرات " فخمة " وغرفة جلوس تقليدية وغرفة طعام فضلا عن صالون فسيح وسينما بمقاعد مدرجة . أما ظهر المركب المصنوع من خشب الساج ففيه مكان غير رسمي لتناول الطعام وأماكن للتسلية والترفيه وبركة سباحة , زاوية الألعاب وطائرة هليكوبتر , وزورق بخاري يمكن أن يتحول إلى زورق لصيد السمك .
أطلعهما مضيفهما علة هذه المعلومات كلها بعد دقائق من صعودهما على متن المركب روزالي .
وتبين لها أن تشاك أضخم مما بدا على التلفزيون لكنه ما زال يبدو فتيا بالنسبة إلى عمره , أما زوجته فبدا أنها لم تتجاوز الثلاثين بيوم واحد . كان واضحا أنها خضعت لجراحة تجميلية ممتازة وناجحة .
لم يمانع مايك حين عرض عليه تشاك أن يأخذه في جولة على اليخت مصدر زهوه ومتعته , تاركا ناتالي للسيدة هلسينجر . وسرعان ما أثبتت مضيفتها أنها تستطع أن تتكلم .
بصراحة , قضاء بعض الوقت بعيدا عن ناتالي هو بالضبط ما ينصح به الطبيب , فمايك لم يستعد توازنه بعد ما كانا في سيارة الليموزين . لم يحدث قد أن جرفته مشاعره إلى هذا الحد . كما أن موافقة ناتالي السريعة على الانفصال يوم الخميس لم تلق الرضى لديه , وهذا أمر غريب . أما الغريب فعلا فهو الطريقة التي تصرفت بها فجأة , وكأن شيئا ما أثارها .
لم يرها قط من قبل بهذا الجمال والإغراء .
نعم , من الأفضل أن يبتعد عنها كلما سنحت ل الفرصة في اليومين التاليين , أو أن يحرص على أن يبقى أحد الزوجين هلسينجر معهما كلما تواجدا معا . لن يذهبا إلى قمرتهما ليأخذا قيلولة بعد الظهر كما لن يحضرا أفلاما وحدهما في تلك السينما الجميلة . وأقسم على أن يبقى على سطح المركب قد إمكانه , على مرأى من جميع البحارة .
أصر تشاك بعد أن أراه بركة السباحة :" عليك أن تلقي نظرة على الجسر ".
كان الجسر ميرا إذ قد تصوره يزين سفينة فضائية وسرعان ما انشغل مايك بهذه الأشياء الصبيانية وأخذ يثرثر مع القبطان الذي راح يريه كل المعدات الإلكترونية المبتكرة في الجسر .
وبعد أن ابتعد عن الجسر برفقة تشاك , سأله هذا الأخير وهو يلوح بيده مشيرا إلى ما حوله " ما رأيك يا مايك ؟ إنه يخت رائع , أليس كذلك ؟".
فأجاب مايك :" أنت رجل محظوظ ".
قهقه تشاك عاليا :" أنت هو المحظوظ , كما أرى . زوجتك تلك ... أووووه ... إنها دمية حية ".
ناتالي امرأة رائعة .
كيف تعرفت إليها ؟
نظر مايك إلى عيني تشاك الحادتين وقرر ألا يكذب . فبقدر ما كان يريد المليارات التي ستدرها الشراكة مع شركة " كومبرووير " , لم يكن يطيق الخداع أو الإدعاء :" في الواقع , يا تشاك , ناتالي تدير وكالة للتعارف تدعى " مطلوب زوجات " . وعندما أخبروني بأنك لن تهتم بمشاركة رجل غير متزوج , قررت أن أبحث عن زوجة بسرعة . فاتصلت بوكالة " مطلوب زوجات ".
فوجئ تشاك بكلامه كليا :" أتعني أنك أردت أن تتزوج فقط لكي تحصل على الشراكة ؟".
بدت لي هذه الفكرة جيدة حينذاك .
ثم ؟؟
رفضت ناتالي أن تجد لي زوجة على أساس مادي فقط .
بدا تشاك مشتت الذهن , ما أكد نظرية ناتالي القائلة بأنه لم يرسل من يتحرى عن مايك .
وقال مضيفه :" فهمت . ثم ماذا حدث لاحقا ؟".
ومد يديه يمنع مايك من الكلام وهو يغمز بعينيه :" ليس عليك أن تخبرني . دعني أخمن . نظرة واحدة كانت كافية كي تقع في الحب بجنون ".
فتح مايك فمه لينكر ذلك , ثم عاد فأقفله . بدا واضحا تماما أن تشاك لا يريد أن يسمع الحقيقة , بل يريد أن يسمع شيئا شاعريا . إنه شاعري بشكل لا يمكن شفاؤه !
سأله مايك :" كيف أمكنك أن تخمن ذلك ؟".
لقد حدث لي الأمر نفسه , مع روزالي . نظرة واحدة ثم حصل ما حصل ! كانت تقود سيارة صغيرة فتوقفنا قرب بعضنا البعض عند إشارة السير . مجرد نظرة عابرة . حب من أول نظرة . وبعد ثلاثة أيام , أعلنا حبنا ثم تزوجنا .
ألم تخافا من ألا يدوم هذا الزواج ؟
لا . كنت أعلم أن هذا اتفاق حقيقي , كما علمت أنت . سبق لي الزواج والطلاق مرتين من فتاتين كانتا لا تريان في شخصي سوى المال , وليس الحب . أدركت على الفور أن ما بيني وبين روزالي أمر مختلف , وكأننا روحان متلازمتان . لم أتحدث مع امرأة في حياتي بقدر ما تحدثت إليها , كما لم أشعر بمثل هذه السعادة . لا , لم يملكنا الشك بالرغم من فرق السن . وها نحن الآن , بعد ستة عشر عاما , سعداء للغاية , ولدينا ولدان رائعان مستوى عيش من الطرز الأول .
يبدو وكأنك تملك كل ما يتمناه المرء .
لا حاجة بك لأن تحسدني يا بني . لقد أحسنت العمل وأصبت في حكمك وستحصل أنت أيضا على كل شيء.
إذا كانت مهارتي في العمل وحكمي الصائب يعنيان تملقك وإطراء معاييرك الأخلاقية الرجعية , يا تشاك , فأنا الرجل غير المناسب.
أرجع تشاك رأسه إلى الخلف وقهقه ثم قال :" علي أن أخبر روزالي بذلك . فهي دوما تقول إنني سأقابل يوما ما , من يقف في وجهي في العمل . وأظن أن اليوم هو ذلك اليوم . لكن لا تخف , يا مايك . إذا كان هناك من يتملق هنا , فهو أنا . قيل لي إن مشروعك سيحدث ثورة شاملة وأساسية في عالم الكمبيوتر في أنحاء العالم , كما سيدر على صاحبه أموالا طائلة . المحامون عندي يعملون على وضع اتفاقية تضمن لنا , نحن الإثنين , القسم الأكبر من الأرباح ".
فقال مايك بهدوء :" إنني أتطلع أيضا إلى جعل المحامين لدي يقومون بذلك ".
لكنه كان متلهفا لأن يخبر ناتالي .
وعندما تكلم تشاك تساءل مايك عما إذا كان يقرأ الأفكار إذ قال :" أظنك ستطلع زوجتك على هذه البشارة ".
نعم , وسيسرها ذلك .
سيسرها جدا فلن تضطر لأن تنتظر طويلا لتحصل على مليونها الثاني . ستكون ناتالي هي الفائزة بكل شيء : فترة ممتعة معه , ثم مبلغ من المال يزيد من رغبة الرجال فيها وبالتالي ستحصل على رجل يماثلها رغبة في الزواج وإنجاب الأولاد .
وتوتر فكه عندما تصورها تتزوج رجلا آخر ... وتبتسم له ثم تحمل منه وتعيش سعيدة معه .
أين سيكون هو عندما يحد هذا كله ؟ سيكون وحيدا , وسينتهي بهذا الشكل كما توقعت له ذات مرة .
ولكن , أليست الوحدة أفضل له ؟ المرء لا يؤذي أحدا إذا ما عاش وحده , كما أنه لا يدمر حياة الآخرين .
قال تشاك :" أظن أن الوقت حان لتناول الغذاء مع الفتاتين . سيقدمونه على السطح العلوي حيث يمكننا أن نستمتع بالمناظر . خطتنا هي رحلة بحرية حول مرفأكم الرائع أثناء الغذاء . بعدئذ , سنبحر بمحاذاة الساحل إلى " بيتووتر ". أخبروني بأن هذا هو أحد أجمل المسارات في سيدني بسبب المشاهد المتغيرة . لا بد أنكما شاهدتما هذه المشهد من قبل بما أنكما من سكان سيدني , لكن أنا وروزالي سنتصرف كسائحين حقيقيين . ولعلكما ترغبان عروسين , في أن تستلقيا قليلا للراحة بعد الغذاء ".
وغمز مايك بعينيه .
عندما توجه تشاك إلى الدرجات التي تؤدي إلى الطابق السفلي , هز مايك رأسه . الكل يتآمر عليه , لكن , لماذا ؟ الاستلقاء مع ناتالي قد يكون ضروريا بعد أن تحمل الجلوس بجانبها أثناء ذلك الغذاء الطويل , مركزا على حجم تشاك .
اندفع واقفا بعد مغادرة مضيفه بعد أن قرر ألا يقاوم أكثر من ذلك . إنه هنا مع ناتالي مدة يومين , فمن الأفضل أن يستمتع بهما ... كما قالت له .
قال وهو يتحرك لتناول جهاز التحكم عن بعد ويدير جهاز التلفزيون المركز في الجدار فبالة السرير :" ما رأيك في هلسينجر وزوجته ؟".
كان هذا أول حديث يدور بينهما منذ عادا إلى قمرتهما بعد الغداء , فالحديث ليس من أولويات مايك وهي لم تعارضه كالعادة . وعندما استلقى مجددا , اندست به ومدت يدها تتخلل بأصابعها شعره .
وأجابت :" لقد أحببتهما . من المستحيل ألا أحبهما أو أحب هذا اليخت . انظر إلى هذه القمرة وإلى هذه الرفاهية ".
لم يستطع مايك إلا أن يوافقها الرأي . كانت الجدران من الخشب اللماع , والسجادة الذهبية أسمك من أي سجادة رآها في حياته . وكان السرير فسيحا فيما غطاؤه الأخضر الموشى بالذهب ملقى على الأرض بصورة دائمة , إلا أن مايك اعترف بأنه لا يبدو غريبا في مكانه هذا .
كان الأثاث كله تراثيا وكذلك الحمام الملحق بالقمرة والذي يطغى عليه اللونان الأسود والذهبي .
وحدها الإنارة كانت عصرية , وقد صممت لتضفي مساحة إضافية على المكان . كانت ملابسهما كلها معلقة في غرفة الملابس عند دخولهما ما جعل مايك يشعر بالسرور لأنه وافق على الذهاب للتسوق مع ريس .
قال مايك :" أنا أيضا أحببتهما ".
التفت إلى التلفزيون بدافع الفضول ثم عاد فتجاهله مرة أخرى . إن لديه ما هو أفضل من مشاهدة التلفزيون .
قال وهو يستلقي على ظهره , ويستمتع بلمسة ناتالي :" تشاك معجب بك ".
فأجابت متمتمة :" هذا حسن ".
أخبرني أن الشراكة أصبحت مضمونة لي .
رفعت رأسها بحدة :" أحقا ؟ لماذا لم تخبرني من قبل ؟".
لم أستطع . كنت مشغولا .
ضحكت . ثم أراحت ذقنها على يديها المعقودتين :" أحقا ! أنت تعلم أنك ممتاز في هذا المجال . وهذا ما لا يمكن أن يقال عن الرجال كلهم ".
وما أدراك أنت ؟
ما هذه اللهجة ؟ لا تقل لي إنك غيور .
هل كان هذا ليدهشك ؟
تماما .
قال مزمجرا :" استعدي إذن للدهشة الكبرى لأنني غيور جدا ".
وأضاف بعد لحظة :" غيور من كل رجل ينظر إليك ".
أنا لا أعرف الكثير من الرجال . أنا لست مثلك , يا مايك ستون .
في الواقع , لم أعرف قط امرأة مثلك .
هل هذا مديح ؟
بل هو تعقيد لعين .
لماذا ؟
لأنني لا أريد أن أدعك تذهبين .
ها قد قالها ! فلتفهم منها ما تريد .
حدقت إليه بذهول :" أتعني هذا حقا ؟".
نعم , لسوء الحظ .
ولماذا لسوء الحظ ؟
لأنني لا أصلح لك . أنت تريدين زواجا حقيقيا وأولاد . وأنا لا أصلح لأي من هذا . أنا واثق تماما من أنني لا أريد أن أصبح أبا .
لماذا يا مايك ؟ أنت رائع مع أولئك الصبية الذين تساعدهم . يبدو أن لديك الكثير من الحب لتمنحه .
حب ! أنا لا أمنحهم حبا . أنا أمنحهم مساعدات ونقودا وفرصا . لا علاقة للحب بكل ما أفعله .
ما معنى ذلك إذن ؟ أله علاقة بطفولتك الفظيعة تلك ؟ أنت لا تريد أن يعاني الصبية ما عانيته أنت . أليس كذلك ؟
نوعا ما .
ما الذي حدث لك , يا مايك ؟
سبق وقلت لك إنني لا أريد أن أتحدث عن ذلك .
لم لا ؟ قد يفيدك هذا .
ولأول مرة في حياته تملك مايك الإغراء . لكنه أخذ نفسا عميقا ثم عاد فهز رأسه . لا يستطيع أن يخبرها , فهو لا يريد أن يرى العطف في عينيها .
ما الذي تخشاه , يا مايك ؟ أعدك بألا أخبر أحد . سيبقى هذا بيننا نحن الإثنين فقط .
ثقي بي . لن تكوني مسرورة إذا عرفت .
يمكنه أن يتصور رد فعل ناتالي التي عاشت طفولة سعيدة . ليس لديها فكرة عن طبيعة الحياة التي عاشها طفلا . حسنا ! يبدو أن أباها على شيء من الغباء بحيث يضيع ماله . لكنهما , على الأقل , عاشت مع أب وأم كانت أما حقيقية لهما . في الواقع يبدو أنهما لطيفان .
وبدا أنها تريد أن تستخلص منه الحقيقة , فعادت تقول :" مايك , أظن أنه من المهم أن تتحدث عما حصل فقد أخفيت ذلك مدة طويلة . إذ كنت تخشى أن أصاب بصدمة , فلا تخف لست ضعيفة إلى هذا الحد . لقد رأيت وقرأت عن أشياء كثيرة فظيعة في حياتي ".
عبس , ثم انقلب مستلقيا بجانبها . ربما بإمكانه أن يخبرها إذا لم ينظر في عينيها .
وربما لن يتمكن من ذلك !
لا أعرف من أين أبدأ .
فلنبدأ من يوم ولادتك . أخبرني عن أمك وأبيك . من هما ؟ وكيف تعارفا ؟ وأين هما الآن ؟
ألقى عليها نظرة جانية و قال باكتئاب :" لن تقفلي فمك حتى أخبرك بكل شيء , أليس كذلك ؟".
نعم .
كان مايك لينزعج حتى الموت لو أن امرأة أخرى ألحت عليه بهذا الشكل , فلماذا لم ينزعج من ناتالي ؟
وحدث صوت خفي في أعماقه حاول أن يتجاهله , لكن ذلك الصوت رفض أن يستمر الصمت بعد الآن : لأنك تريد أن تخبرها ... هذا هو السبب . تريدها أن تعرف ما الذي يدفعك لأن تتركها . إنك تريدها أن تفهمك .
لا تقولي إنني لم أحذرك ! لا بأس . أنت تريدين أن تعرفي كل شيء عن أبوي ؟ لا أستطيع أن أخبرك الكثير عن أبي , فأنا لم أعرفه قط , ولا أعرف حتى أسمه . شهادة ميلادي تقول إن الأب غير معروف ... أظنه كان بحارا أمريكيا , مر في سيدني .
إذن فقد كانت أمك على علاقة ببحار وحملت بك . هذا ليس أمرا فظيعا يا مايك .
اسمعي . دعينا لا نخفي الحقيقية أو نجملها . كانت أمي مدمنة مخدرات منذ كانت في الخامسة عشر . طردها والداها من البيت فراحت تعاشر أي رجل تصادفه حين تحتاج إلى المال لتشتري بها المخدرات . ويبدو أنها نسيت في ليلة ما , أن تتناول حبوب منع الحمل . فحملت بي أنا .
فهمت .
فهم مايك الكثير من هذه الكلمات الرقيقة , لكنه لم يجد بين ما فهمه ما هو حسن . كان يعلم أنها ستشمئز , فقال بحدة :" أخبرتك أنها ليست قصة جميلة ".
إنها ليست قصة غير عادية يا مايك لكنها قصة حزينة .
حزينة لك وحزينة لأمك . يا للمسكينة !
قال فجأة وهو يحملق في المرأة التي تجرأت أن تشفق على أمه :" يا للمسكينة ! أنا هو المسكين . أنا وأخي الصغير !".
أخوك ؟
وانتصبت جالسة وهي تدفع شعرها عن وجهها :" قلت أثناء المقابلة إن ما من أخوة أو أخوات لديك ".
كان توني أخي غير الشقيق . وحده الله يعلم من هو أبوه . اعترفت أمي بأنها لا تعلم . أظنها أنجبتنا كي تحصل على مساعدات من الجمعيات الخيرية التي تدفع للأم مبلغا إضافيا عن كل طفل للأم الوحيدة .
والتوى وجهه عذابا وهو يكبح مشاعره التي تثور كلما تذكر أمه :" كانت أما لا رجاء فيها . كان تنفق أموالها على المخدرات , فلا يبقى لنا ما يكفي للطعام واللباس . والأسوأ من ذلك أنه لم يكن يبقى لنا مال لشراء دواء توني الذي كان مريضا منذ ولادته".
وعادت إليه ذكرى طفولته , صباه , وحداثته , حاملة معها الشياطين السود التي سكنت أحلامه لسنوات طويلة والتي لم تكن تفارقه إلا عند العمل , أو معاشرة النساء . وهكذا , شكل هذان الأمران ملجأ مايك ومتنفس الوحيد .
لكن لم يعد لديه ملجأ الآن .
كان من الخطأ أن يعري روحه ... إنه خطأ فادح . واستدار نحو جانب السرير مكافحا المشاعر التي تفجرت في داخله . اغروقت عيناه بالدموع لكنه رفض أن يبكي ... فالبكاء للأطفال والنساء .
فقالت بطريقة جعلته يشعر بزهو بالغ :" وهذا صحيح ".
وتابعت تقول :" وماذا جرى لأخيك ؟".
تجهم وجهه . يا للنساء ! إنهن يرغبن في معرفة كل شاردة وواردة .
مات وهو في الثامنة من عمره بسبب التهاب في السحايا . لم يميز والداه بالتبني الأعراض إلا بعد فوات الأوان . ظنا أنه مصاب بإنفلونزا . يا له من مسكين ! لم يكن له حظ .
هذا محزن جدا يا مايك . أنا آسفة جدا .
ها قد عرفت الآن لما لا أريد أن أكون مسؤولا عن حياة طفل . لا أستطيع أن أحتمل فكرة أن أكون أبا سيئا .
لكنك لن تكون كذلك . بل ستكون , ولهذا السبب وحده , ويا ليته , أبا غير عادي , راعيا ومحبا أكثر من معظم الآباء .
أصحيح هذا ؟
نعم , صحيح .
وعندما ضمته إليها بشدة , تفجرت مشاعره . ليت ثقتها به هذه تكون حقيقية ! ويا ليته , يستطيع أن يثق بذلك ... وبنفسه ! وسألها مشككا :" هل تقبلين فكرة أن ترزقي بطفل من رجل مثلي يا ناتالي ؟ هل تقبلين حقا ؟".
جمدت للحظة فيما راح مايك يتصور ما يدور في ذهنها . وأخيرا قالت :" ربما ".
فاستدار ينظر في عينيها :" هذا مجرد كلام ".
لا . هذا غير صحيح . أتريدني أن أنجبك منك طفلا يا مايك ؟
شعر بغثيان مفاجئ :" يا إلهي ... كلا . ما أريده منك هو أن تبقي معي بعد أن نغادر هذا اليخت . أريدك أن تأتي لتعيشي معي ".
فنظرت إليه متفحصة : " إلى متى ؟".
طالما أنك تريدين ذلك .
عبست :" لا أستطيع أن أعدك بأن أبقى معك إلى الأبد يا مايك ".
أدرك مايك بالضبط ما تعنيه . فيوما ما سترغب في أن تحصل على أكثر مما ينوي أن يعطيه .
لكن ذاك اليوم ليس اليوم ...
سألها وهو يحتضنها بشدة :" كم من الوقت ما زال أمامنا قبل أن نخرج لنتناول شراب قبل العشاء؟".
فأجابت :" حوالي ساعة ".
ساعة ... يوم ... الحياة كلها ... كما أخذ مايك يفكر .


********************



(: انتظروني في المساء .. مع الفصول الأخيرة للحكاية .. ومفجأة سعيدة :)

ام البخاري 10-09-08 01:38 PM

جزاك الله خيرا على المجهود الرائع شكرا مرة تانية

جليد الصيف 10-09-08 02:20 PM

يااااااااااااااااااي روعه يسلمووووو

ننتظر التكمله

Miis Nano 11-09-08 03:35 AM

شكرررررررررررررا وستنى التكملة ياقلبي..

موني الاردن 11-09-08 07:50 AM

شكرا حياتي و نحنا بانتظار التكملة القصة اكثر من رائعة

ام البخاري 11-09-08 12:35 PM

فينك نيمو منتظرينك بقالنا كتير يالا بسرعة احسن كدة هنتعب قوي من كتر الانتظار
وشكرااااااااااااااااااااااااااااااااااا كتييييييييييييييييييييييييييييييييييير على المجهود

nimo 11-09-08 06:00 PM

النهاية
 
أعتذر عن التأخر ... ومن أول الأسباب التأخر ... إغلاق المنتدى لسبب وفاة قريب مالأخ سلامة ..
وأقدم التعازي له .. ولأسرته.. وإنا لله وله لراجعين .. وثانية انقطاع الكهرباء
في المنزل وإنشغالي في إعدد الفطار .و الآن هذه النهاية ..والمفاجأة في نهاية الرواية ..
*****************
وأشكرلكل من مرت وتحمست على الصبر ... وشكري لحار لأم البخاري ..
********************
15- سنبقى معا
سألته ناتالي وهي تستعرض نفسها أمامه في ثوب السهرة الأزرق الذي ترتديه :" هل أبدو على مايرام يا حبيبي ؟".
لمعت عينا مايك وهو ينظر إلى صدرها المكشوف , وزمجر يقول :" كلا , كل بكل تأكيد , فأنت تبدين مثيرة للغاية . أتعرفين عدد أصحاب المليارات الذين سيحضرون حفلة الليلة ؟ أخبرني تشاك أن أصدقاءه من الأثرياء سيأتون بطائراتهم الخاصة من كافة أنحاء العالم . ولا بد أن من بينهم بعض الشبان العابثين , الذين يرون في إغراء زوجات رجال آخرين أمرا غير هام ".
فقالت وهي تتقدم نحوه بدلال :" لكن هذه الزوجة لن تقع في شرك الإغراء , فهي راضية تماما بزوجها ".
كان مايك جذابا للغاية في بذلة السهرة السوداء التي ارتداها يوم زفافه . ورد عليها بحدة :" الإغراء لا يتعلق دوما بالناحية الجسدية , يا ناتالي . ثم ما هي قضية ( حبيبي ) هذه ؟".
وقفت على أطراف أصابعها وطبعت قبلة علة خده :" ألم تعجبك ؟".
لم أقل هذا . لكن هذه ليست عادتك . إنها تبدو ... سطحية .
خطر لناتالي وهي تشير إلى حيث وضعت قرطيها أنه قال هذا لأنه لا يدرك أنها تعنيها حقا , فهو حبيبها فعلا . حبيبها , ومع قليل من احظ , والد طفلها .
وفكرت , وهي تضع القرط في أذنها , في ما ستفعله إذا حملت فعلا ؟ هل تخبره , أم ترحل عنه من دون أن تخبره بذلك ؟ افترضت أن هذا يتوقف عل كيفية تطور علاقتهما بعد شهر العسل . لكن , في الوقت الحاضر , لم تنته مرحلة شهر العسل بعد , وهي تعشق كل منها . بدا أنه لا يكتفي منها .
منتديات ليلاس
كانت ملابسه الجديدة مميزة للغاية . لا سيما لباس البحر الأسود الذي أصرت ألانا عليها كي تشتريه , والذي لبسته لتسبح في البركة هذا الصباح . لم يستطع مايك أن يحول نظره عنها حينذاك . كما أنه عشق البنطلون المحكم على وركيها وساقيها الذي ارتدته لتناول الغذاء , والاسترخاء على مقعد طويل على السطح بعد ذلك , فهذا كان يبدو في عينيه .
تمتم مايك يقول :" أرجو أن تحسني التصرف وألا تعبثي مع أحد ".
ابتسمت له في المرآة ابتسامة وقحة :" أنا لا أحب أن أعبث إلا معك ".
تأوه فيما ألتمعت عناه .
لم تكن ناتالي تحب شيئا أكثر من أن تزيد لهفة مايك إليها . لعلها تفعل هذا لأنها تعلم أنه لا يحبها . فرغبته فيها هي الدرجة التي تلي الحب .
ما رأيك بهذين القرطين ؟ هل هما مثيران أيضا ؟
طرحت سؤالها وهي تستدر لتواجهه , فجعلت حركتها السريعة القرطين يتأرجحان فوق كتفيها . فقال بابتسامة ملتوية : " أنت تحاولين أن تثيريني ".
نظرت إليه وهي ترفرف بأهدابها بإغراء :" هذا صحيح ".
فضحك :" لو علمت منذ اليوم الأول كم تحبين العبث , لما ضبطت نفسي ".
نظرت إليه بدهشة :" هل رغبت في حتى وأنا في ذلك الشكل المحافظ والرث ؟".
نعم , صدقيني .
كل ما قاله لها من قبل , لم يدخل إلى قلبها السرور بقدر كلامه الآن . وقالت تعترف هي أيضا :" ما كنت لأقاومك كثيرا ".
هاهي ذي تخبرني الآن .
لم تعجبيني كثيرا حينذاك , لكنني وجدتك مثيرا .
أعشق مديح الغامض .
مدت يدها لتلامس وجنته وهي تقول :" أنت تعجبني الآن أكثر بكثير , ومن كافة النواحي ".
تراجع عنها خطو كيلا تصل يدها إليه :" أظن أن علينا أن نصعد إلى الحفلة . فبقدر ما أكره أن يرغب فيك كل رجل هناك , لا أريد أن أجازف بتمزيق هذا الثوب الرائع الذي ترتدينه . وقد أفعل هذا إذا بقينا هنا مدة أطول ".
أحب مثل هذا الكلام منك .
أعرف هذا . هل نذهب ؟
تمتمت ناتالي وهما يسيران على ظهر المركب باتجاه الصالون الرئيسي :" يا إلهي , يبدو وكأن الحفل يضم أكثر من مئة شخص ".
شد مايك على يدها . لم يكن يمزح حين قال إنه يخشى أن يحاول بعض الرجال في الحفل أن يغريها , فقد بدت مثيرة جدا هذه الليلة في ثوب السهرة الأزرق هذا . كما أن تسريحة شعرها مميزة , وهو يعشقه حين يموج حول وجهها ويحتك بكتفيها بشكل مثير وهي تسير .
وقد يعشق ذلك رجال آخرون أيضا . رجال أكثر وسامة منه وثراء أيضا .
قالت له :" قال تشاك إنه دعى عددا آخر من الضيوف في آخر لحظة . انظر , ثمة زوق قادم الآن وعلى متنه مزيدا من الضيوف ".
وقفا عند الحافة يراقبان باهتمام الزورق وهو يسير بمحاذاة اليخت بينما راح أحد البحارة يساعد الركاب على النزول .
هتف مايك بدهشة وارتياح عندما عرف في ذينك الرجلين البالغي الأناقة والوسامة , صديقيه :" إنهما ريس وريتشارد ".
وأضافت ناتالي بحماسة :" وألانا وهولي أيضا . ألا تبدوان جميلتين ؟".
لم يرهما مايك بمثل جمال ناتالي , ولكن كان لا بأس بمظهرهما بالنسبة إلى سيدتين في آخر أشهر الحمل . كانت ألانا تلبس ثوبا أبيض فضفاضا , بينما ارتدت هولي ثوبا أسود ووضعت على كتفيها شالا فضيا . سرعان ما اجتمع الأصدقاء الستة على سطح المركب , يتبادلون العناق . قال مايك :" هذه مفاجأة سارة لكنها محيرة . كيف حدث أنكم جميعا هنا ؟".
فأجاب ريس :" وصلتنا دعوة بعد الظهر . قرر تشاك بعد رحلته أمس أن يشتري بيتا له في المنطقة . فاتصل بأحد عملائه طالبا منه أسم أحسن سمسار عقارات في سيدني . وهو أسمي , طبعا ".
فقالت له زوجته ألانا وهي تبتسم بحرارة :" حاول ألا تكون متواضعا يا حبيبي ".
فأجابها :" التواضع لا يوصلك إلى شيء . على أي حال , يا مايك , أخبرت تشاك أننا صديقان حميمان فأصر على أن أحضر الحفلة الليلة مع زوجتي . عندئذ , قلت له إنه إذا شاء حقا أن يسرك , فعليه أن يدعو ريتشارد وهولي أيضا ".
فقال ريتشارد :" على أي حال , إذا أراد تشاك أن يشتري منزلا هنا , فسيحتاج إلى مصرف محلي , أليس كذلك ؟".
فقال مايك :" يا لكما من انتهازيين ! بالمناسبة , أصبحت الشراكة في الجيب هي أيضا ".
فقال ريتشارد مهنئا :" هذا عظيم , يا مايك . إذن , فإن الأمر كان يستحق أن تتزوج من أجله , أليس كذلك ؟".
يستحق ذلك .
وأخذ مايك في كل ما حدث في الأيام القليلة الأخيرة , ثم فكر في المستقبل , ثم في اليوم الذي تختفي فيه ناتالي من حياته إلى الأبد . فتدخلت ناتالي ضاحكة :" لا أراك تتوقع من مايك أن يقول إن ما من شيء يستحق أن يتزوج المرء من أجله . لكنني لا أظنه تعيسا للغاية , أليس كذلك يا حبيبي ؟".
ونظرت إليه بمكر .
فقال ريس وهو يفع حاجبيه :" ( حبيبي ) ؟ هكذا ... دفعة واحدة ؟ يبدو أنكما تستمتعان يشهر عسل حقيقي ".
فقال ريتشارد بهدوء :" أظن أنه من الأفضل أن ننهي هذا الحديث . أرى تشاك هلسينجر قادما نحونا ".
حمد مايك على حضور تشاك . لم يكن في مزاج يسمح له بأن يدافع عن علاقته بناتالي , كما أنه لا يريد أن يستمر في التفكير في مشاعره المتزايدة نحوها . لكن هذا بالضبط ما وجد نفسه يوم به مرة بعد مرة في الساعة التالية , لا سيما هندما حاول رجل ثري جدا أن يتبادل الحديث مع ناتالي . كان في الخمسين من عمره , رقيقا , وسيما , وغنيا جدا , وهو متزوج طبعا لكن هذا لم يمنعه من التودد إليها .
وما إن أدار مايك ظهره ليتحدث إلى ألانا حتى دعا ذلك الفاسق ناتالي إلى الرقص على ظهر اليخت حيث تعزف فرقة موسيقية , ويدور بعض الراقصين في الحلبة متعانقين .
تملكت مايك غيرة عارمة وهو يرى ذلك الثري يحيط ظهر ناتالي بذراعيه اللزجتين وكأنه إخطبوط . وعندما شدها إليه أكثر مما يحتمل مايك أدرك هذا الأخير أنه لم يعد يستطيع الصبر . فقال لألانا وهو يدس في يدها كأس العصير :" أمسكي هذا فزوجتي بحاجة إلى إنقاذ".
كانت ناتالي تفكر في مدى كراهيتها لوجدها هنا , ترقص مع هذا الرجل الذي يتحرك بهدوء , عندما ظهر مايك أمامها فجأة , وأخذ يربت على كتف رفيقها بشيء من الخشونة :" حان دوري".
وجذبها إليه تاركا الرجل ينظر في أثرهما فاغر الفم .
عندما دار مايك بناتالي في أنحاء السطح , متجها إلى منطقة أكثر عزلة , تنهدت بسرور وارتياح ثم سألته وعيناها تلمعان :" ما الذي أخرك إلى هذا الحد ؟".
إنني بطيء أحيانا .
فقالت بوقاحة :" لم ألحظ هذا من قبل . أرى أنك راقص جيد أيضا ".
أشكري ألانا على ذلك , فهي التي علمتني .
أجفلت لهذا الخبر وتملكها القلق :" ثمة مودة كبرى بينك وبين ألانا , أليس كذلك ؟".
إنها فتاة رائعة .
أنت لا تحبها سرا . أليس كذلك ؟
ماذا لا تكوني سخيفة !
فقالت بإصرار وقد ابتدأت الغيرة تتملكها :" إنها جميلة جدا ".
إنها زوجة ريس .
حقا ؟
اسمعي , أنا لا أعشق ألانا . مفهوم ؟ قلت لك إنني لا أقع في الغرام .
لكن , حتى وهو ينطق بهذه الكلمات , أدرك أنه يكذب .
اكتشافه أنه وقع في غرام ناتالي أحدث اضطرابا بالغا في مشاعره . فتملكته في البدء بهجة غير عادية ... بإمكانه أن يحب أحد ... وسرعان ما تبع هذا الشعور إحساس أقرب إلى اليأس .
لأنها لا تبادله الحب . وكيف نحبه ؟ وهل فيه ما يجعل أي امرأة تحبه ؟ لقد رضيت بأن تطيل فترة الزواج قليلا لأنها تستمتع معه . لكن عندما تنتهي قضية الشراكة وتقبض مليونها الثاني ستتركه لتبدأ حياة جديد مع رجل طبيعي صالح ذي خلفية طبيعية .
منتديات ليلاس
إنه لا يضن على ناتالي بحياة سعيدة , لا بل هو يريدها أن تكون سعيدة . لكن مايك ليس من الرجال الذين يهوون تعذيب أنفسهم , وهو لا يستطيع أن يستمر في معاشرة ناتالي , فيما هو يعلم أنه يحبها . إنه رجل لا يعرف الحلول الوسط . كل شيء أو لاشيء .
حتى الآن , لم تعرف حياته أي تورط عاطفي . ولم يعرف ما لا يمكنه أن يواجهه , أو ما يمكنه أن يعتاد عليه .
الحب بالغ الصعوبة , ويسبب لوعة عند الانفصال .
سيخبرها في الصباح بأن كل ما بينهما انتهى . إنما لديهما ليلة أخرى يمضيانها معا . من الصب أن يحرم نفسه فما هما يتقاسمان السرير نفسه .
صعب ؟ لا بل يقارب المستحيل . ولهذا السبب عليه أن يبتعد عنها في أقرب وقتت ممكن .
ما الذي تفكر فيه ؟
أجفل لهذا السؤال الهادئ الذي قاطع أفكارها . فأجاب وذراعاه تشتدان حولها :" أتريدين حقا أن تعلمي ؟".
نعم .
توقف عن الرقص ثم تراجع خطوة لينظر في عينيها الجميلتين . وقال في سره : أفكر في أنني أدفع عمري كله لأسمعك تقولين كلمتين كنت أكره سماعهما من شفتي امرأة .
لكنه لم يقل ذلك بل قال كاذبا :" كنت أفكر في الليلة التي تنتظرنا , يا زوجتي الحبيبة ".
عندما توهج وجهها , أصبحت كذبته حقيقية .
أنتظرها بفارغ الصبر .
لهفتها المستمرة في إرضائه أزعجته وأثارت رغبته في آن . وأوشك أن يكرهها عندما تكون كذلك فهذا قريب جدا مما يرغب فيه , وبعيدة تماما أيضا ...
أمرها قائلا :" اسبقيني إلى غرفتنا ".
ولكن , ألن تأتي معي ؟
لا .
كان يريد أن يجعلها تنتظر , وتنتظر وتنتظر ...
سيعاقبها هذه الليلة لأنها أوقعته في حبها . أدارها بيم ذراعيه , ثم ضمها إليه بقوة , بينما دنا فمه من أذنها اليمنى لكي يهمس لها برغباته .
لكن عندما مال رأسها برقة وانطلقت من فمها آهة مرتجفة , لم تنطق شفتاه بأي كلمة .
مايك .
كان أسمه على شفتيها أشبه بدغدعة , كي يمكنه أن يؤلمها ؟ أو يعاقبها ؟
إنه يحبها . سيريها الليلة مدى حبه لها , بحنان وليس بقسوة . إذا كانت الليلة آخر لياليه معها , فهو يريد أن يتذكرها بزهو وليس بمشاعر الذنب أو الخزي .
إن ناتالي امرأة رائعة ... غير عادية . وهي تستحق أفضل ما يمكنه أن يقدمه لها .
قال برقة بالغة :" اسمعي ! علينا حقا أن نعود إلى الحفلة , سنعود إلى قمرتنا معا في وقت لاحق هذه الليلة , حيث نكون بمفردنا ".

****************
16- آسف ... أنا أحبك !
استيقظت ناتالي لتجد مايك قد استيقظ وارتدى ملابسه وهو يعمل على حزم أمتعته .
جلست في السرير وهتفت به وهي تزيح شعرها عن عينيها :" ماذا ... ماذا تفعل ؟".
فأجاب :" أحزم أمتعتي , أظن أن هذا واضحا ".
صدمتها لهجته الحادة . أين ذهب كل الحنان الذي رأته منه الليلة الماضية ؟
لكن الساعة ما زالت الثامنة والربع . وموعد رحلتنا إلى مرفأ " دارلينغ هاربور " هو الظهر .
التفت إليها بعينين صارمتين باردتين :" لا أحب أن أترك الأمور إلى آخر لحظة , ما يقودني إلى أمر آخر ".
أدركت ناتالي , من دون أن ينطق بكلمة أخرى , أنها لن تحب ذلك الأمر الآخر . فسألته وقد جل الخوف صوتها حدا :" ماذا ؟".
لقد غيرت رأيي يا ناتالي . حياتنا معا لن تناسبني . آسف , آسف !
وجذبت ملاءة السرير تتشبت بها وكأنها حياتها , كما حاولت أن تتحكم بمشاعرها بشدة .
آسف !
كلمة واحدة انطلقت من دون أي اهتمام .
آسف !
كلمة واحد شقت قلبها محطمة الآمال التي كانت مجنونة حين تشبثت بها .
لكن من المستحيل ألا تشعر بالأمل أن يعاملها الرجل الذي تحب , بهذا القدر من الحنان وكأنها أغلى ما لديه في الوجود , وأنه لا يستطيع أبدا أن يعيش من دونها .
آسف !
ودار رأسها وهي تحاول أن تفهم معنى تلك الكلمة المهلكة التعيسة .
استري نفسك .
نهرها بحدة فطرفت بعينيها ثم حدقت إليه .
تستر نفسها ؟ هذه الكلمات من الرجل الذي لم يكن يشبع من النظر إليها ؟
لم يكن هذا مفهوما . إلا إذا ....
ولكن هل تجرؤ على أن تتشبث بأمل كهذا ؟
وهل هذا ممكن ؟
سألته :" لماذا ؟".
نظر إليها متجهما :" ماذا تعنين بسؤالك ؟".
أعني ( لماذا ) . لماذا تريدني أن أغطي نفسي , هكذا فجأة ؟ ما الذي تخافه ؟
فقال بحدة :" أنا لست خائفا ".
أوضح لي إذن . ما الذي تغير اليوم ؟ أنت تقول الحقيقة دوما , يا مايك . لكنك تعترف بالحقيقة الآن , إلا أنني أشعر بها .
أيمكنك ذلك ؟
فقالت وعيناها تتفحصان عينيه :" نعم ".
حول عينيه عنها وأطبق غطاء حقيبته بعنف , قبل أن يعود فيحملق فيها .
لا تكوني كالأخريات يا ناتالي . لا تثوري غاضبة , تقبلي فقط ما أقوله لك .
أنا لم أثر غاضبة . أنت من يفعل هذا , وأريد أن أعرف السبب .
فقال بخشونة :" أنا صاعد إلى السطح لأتناول الفطور وافعلي أنت ما يحلو لك ".
كان مايك يعلم أن عليه أن يبتعد عنها , فاستدار بسرعة نحو الباب , ثم رفع يده إلى المقبض .
أنت تحبني , أليس كذلك ؟
جمدت يده في الهواء ... كما جمد جسده .
هذا ما تخشاه ... أن تحبني .
أغمض عينيه لحظة , ثم استدار نحوها بطء وهو يغلي في داخله . لكن قراره كان حاسما . إنها تريد الحقيقة وستحصل عليها .
لا . أنا لست خائفا من أحبك , بل أخشى أن أؤلمك وأن أضيع وقتك . نعم , أنت على حق . أنا أحبك يا ناتالي أكثر مما كنت أظنه ممكنا . لكنت لا تبادليني الحب , وأنا أعلم هذا .
لكنني أفهم السبب فأنا لست بالرجل الذي تحبه امرأة . ومن الأفضل لك أن تجدي رجلا يمكنك أن تحبيه ... رجلا يمكنه أن يمنحك كل ما ترغبين وتستحقينه ... حياة سعيدة وأولاد . يمكنك أن تكوني أما رائعة .
آه , يا إلهي ...
وخنقتها الدموع .
أرأيت ما أعنيه ؟ لقد جعلتك تبكين , وهذا آخر ما أريده . حاولت أن أكون قاسيا لكي أجعلك ترحلين . لكنك وكعادتك , تريدين أن تعرفي كل شيء . أليس كذلك ؟
شهقت قائلة :" أنت لا تفهم ".
ما الذي لا أفهمه ؟ ثم أرجوك , أستري نفسك !
جذبت ناتالي الملاءة ومسحت دموعها , فيما هي تفكر في الكلمات المناسبة للرد . كان قلبها مليئا ... بالفرح ... والخوف ! كيف ستكون ردة فعله عندما تخبره أنها تحبه ؟ هل سيصدقها ؟ وماذا عن احتمال أن تكون حاملا ؟ من المؤكد أنه سيغضب , حتى ولو كان يحبها . ربما سيظن أنها تحاول أن تخدعه ؟ وتضرعت إلى الله ألا يأخذ الأمر على هذا النحو .
وفجأة قالت :" أحبك ".
شحب وجهه واتسعت عيناه :" لا تقولي هذا إلا إذا كنت تعنينه ".
أنا أعنيه تماما . أواه ... ليس لديك فكرة كم أعنيه .
بدا الارتباك على وجهه :" لكنك أخبرت ألانا على الهاتف أن شورك نحوي هو مجرد رغبة وانجذاب . لقد سمعتك بنفسي ".
أردت أن أعتقد أن هذه هي حقيقة شعوري نحوك , لأنني ظننت أنك لن تبادلني الحب أبدا . كنت أحمي نفسي .
فقال والشك لا يزال يكسو ملامحه :" أتحبينني حقا ؟".
وهل كنت أغامر وأحمل منك لو لم أكن أحبك ؟
ماذا ؟
ذلك اليوم في السيارة كذبت عليك . لم أكن في فترة آمنة من الحمل , لكن ما حصل قد حصل . وعندما أدركت أنني قد أحمل بطفل منك , شعرت بسعادة عارمة يا مايك . لا أستطيع أن أصف لك مدى سعادتي .
لكنك لم تكوني حينذاك تعلمين أنني أحبك ؟
كنت مستعدة لأن احتفظ بالطفل لنفسي إذا اضطررت لذلك . اسمع , لم أك أحاول أن أخدعك يا مايك . صدقني ! لكنني كنت أعلم أن وقتا طويلا طويلا جدا سيمر قبل أقع في الغرام مرة أخرى . وكنت أريد طفلا ... طفلا منك . أرجوك , لا تغضب مني ! أعلم أنك تقول دوما إنك لا تريد الأولاد , لكنني أظنك ستكون أبا رائعا . فنفسك عامرة بالمحبة , يا مايك . كل ما عليك أن تفعله هو أن تفتح قلبك لهذه الفكرة , وتزرع الثقة في نفسك . لدي كل الثقة بك , فأنت رجل صالح يا مايك , حتى ولو لم تقنع أنت نفسك بذلك .
سكتت أخيرا وقلبها يخفق وهي تنظر إلى تأثير حديثها فيه . كان ذهوله واضحا , ثم بدا التفكير على ملامحه وهو يتقدم نحو السرير . ابتلعت ريقها , ثم قالت بصوت مخنوق :" ألست غاضبا مني ؟".
جلس وقد لانت نظراته , ثم مد يده يمسح الدموع عن خديها بأنامله وهو يسألها بلطف :" ما هي نسبة احتمال أن تكوني حاملا ؟".
تتعدى 50 بالمئة .
ولكن قد لا تكوني حاملا ؟
فأجابت وقد اقبض قلبها :" هذا صحيح ... قد لا أكون كذلك ".
إذا لم يشأ أن تحمل بطفل منه , فستموت حتما !
قال مبتسما بحنان :" إذا لم تكوني حاملا , فسنحاول ذلك , أليس كذلك ؟".
أواه , يا مايك .
وألقت بالملاءة جانبا وارتمت بين ذراعيه . فبادلها العناق فترة طويلة ثم قال وهو يعيدها إلى الوسادة :" ولكن علينا أن نجعل هذا الزواج ينجح ويستمر . لن ينشأ ولدي من دون أب أو أم ".
سنجعلها ناجحا وسيستمر , يا مايك .
فقال وعيناه تلمعان بينما أخذ رأسه ينحني عليها مرة أرى :" نعم . أظننا سنفعل ذلك ".
***************************
الخاتمة
سألت ناتالي مايك :" أحقا لا تهتم لأن المولود أنثى ؟".
لم يرغبا في معرفة جنس المولود مسبقا إذا أرادا أن يكون ذلك مفاجأة . انحنى مايك فوق السرير وابتسم لوجه ابنته النائمة الصغيرة والجميلة .
كلا بالطبع . أنا مسرور لأن ابنتنا بصحة جيدة ولأنك بخير . كنت شجاعة .
لم أكن شجاعة جدا , فقد بلغ صراخي السماء .
نعم ما زال صراخك في أذني . أتظنين أن بإمكانك أن تكرري التجربة بعد أن تنسي معاناتك هذه ؟
ارتعش قلب ناتالي , هل هذا هو الرجل الذي لم يكن يريد أولاد أبدا ؟ نظرة واحدة إلى وجهه وهو يحمل طفلته لأول مرة , تستحق آلام العالم كلها . يا له من رحل رائع , بحنانه البالغ خلف مظهره الخشن ! كانت ألانا محقة .
قالت مداعبة :" ربما سيكلفك ذلك كثيرا ".
رفع رأسه بحدة :" أتعنين أن علي أن أدفع لك أجرا لتحملي طفلا آخر ؟".
ليس نقودا .
ماذا إذن ؟
أريدك أن تستأجر يخت تشاك مدة أسبوع من عيد الميلاد حتى رأس السنة . سيكون عمر ابنتنا " تيس " حينذاك ثلاثة أشهر وبهذا أكون أنا في صحة جيدة ومستعدة لشهر عسل آخر .
أتعلمين كم يطلب تشاك أجرا ؟ أربع مائة ألف دولار في الأسبوع . لكنا , في السنة القادمة , سنتمكن من أن ندفع هذا المبلغ لقد دفعنا هذه السنة مبلغا طائلا ثمن المنزل الكبير الذي وجده لنا ريس . فلم يمض على برنامج الكمبيوتر في السوق سوى ستة أشهر .
نعم . أعرف هذا , لكن اليخت يحوي ست قمرات للضيوف ولسنا مضطرين لاستئجار المركب وحدنا . تحدثت في المسألة مع ألانا وهولي فقالتا إن ريس وريتشارد سيدفعان حصتهما , وقالت هولي إن ريتشارد يريد أن يدعو أمه وزوجها اللذين سيسعدهما أن يساهما في الدفع . كما أن ألانا تريد أن تدعو أمها وزوجها , لكنها ليسا ميسوران ليدفعا المال , لذا ستساهم أمها بالطبع , فهي طاهية ممتازة . أما الوالدة ريس فلن تأتي . إذ يبدو أنها تمضي عيد الميلاد كل عام مع أصغر أولادها وأسرته .
متى نظمت هذا الأمور كلها ؟
الأسبوع الماضي . فهل أن موافق ؟
كيف يمكنني أن أرفض ؟ إن للمركب تأثيرا كبيرا عليك . ولكن ماذا عن والديك ؟ لا يمكننا أن نهملهما , لا سيما في العيد الميلاد .
يا للسموات , كلا ! إن قدومهما معنا أمر محتم . يمكن لأبي أن يدفع هو , أيضا . لأنه ميسور الحال منذ عينته مديرا لمكتب سيدني في شركة " ستون وير " و " كومومبرووير " المتحدة . ذلك الراتب الذي تمنحانه إياه , أنت وتشاك , كبير جدا .
لا بد أنك تمزحين . إننا نعتبر اختيار والدك ضربة موقفة .
أتعني أنه جيد في عمله ؟
جيد جدا . إنه مدير ممتاز وماهر جدا في برامج الكومبيوتر .
لم أكن أعلم ذلك .
كنت مشغولة بإنجاب الطفلة عن ملاحظة ذلك .
فقالت وهي تلقي نظرة شغف على طفلتها :" أنت محق . هل يمكنك أن تحملها إلي ؟ أريد أن أحملها مرة أخرى ".
أخذت تنظر إليه وهو يرفع طفلته من سريرها , ثم يهزها برفق حين راحت تبكي . قال وهو يناولها إياها :" أظنها جائعة ".
التفتت ناتالي إليه :" عمرها أربع ساعات فقط وأصبحت تعرف متطلباتها ؟ أظن أن بابا سيفسدك بالدلال , يا " تيس " .
فقال :" هذا هو السبب في أنك تريدين إنجاب طفل آخر بسرعة , بينما أنا لا أريد ذلك ".
أنت تعرف ما في تربية الطفل من عناء . عليك أن تسمع ما تقوله هولي . ابنها أندرو بدأ يمشي لتوه , وهي تقول إنه مشاغب معظم الوقت .
هذا لأنه صبي فابنة ألانا أهدأ بكثير .
قد نرزق بصبي في المرة القادمة .
لا أمانع في ذلك . سأسميه توني على أسم أخي الذي مات .
شعرت ناتالي بنفسها تذوب حنانا :" توني أسم جميل ".
فقال مايك بصوت مخنوق :" تيس أبضا ".
وفجأة خطر في بال ناتالي السبب الذي جعل مايك يختار لبنته هذا الاسم بالذات , فقالت بلطف :" كان هذا أسم أمك , أليس كذلك يا مايك ؟".
أشاح مايك بنظره كعادته كلما هددت مشاعره بأن تحرجه :" نعم , نعم . هو كذلك ".
لقد أحببتها كثيرا , أليس كذلك ؟
نعم . هذا صحيح .
اعتصر قلبها حين لمحت دموعا تلمع في زوايا عينيه :" كانت تحبك يا مايك . كانت تحبكما , أنت وتوني . لكنها لم تستطع أن تواجه المصاعب ".
لعل كلامك صحيح . كانت جميلة جدا .
أنا واثقة من أنها كذلك .
تيس الصغيرة تشبهها قليلا .
يسرني هذا .
التفت ببطء ينظر إليها , وكانت عيناه دامعتين .
ضجيج الزوار القادمين إلى المستشفى والذين أوشكوا على الدخول إلى الغرفة منعها من أن تبكي هي أيضا .
كان الزائران أبويها اللذين أشرق وجهاهما وامتلأت أذرعتهما بالأزهار والهدايا .
هتفت أمها عندما ناولتها ناتالي ابنتها :" أليست رائعة الجمال ؟ أنظر يا جون ".
أجاب الجد :" جميلة جدا . ماذا ستسمونها ؟".
فأجاب مايك بزهو :" تيس . إنه اسم أمي ".


تمت بحمد الله وعونه

[CENTER]*******************

غــلا 12-09-08 06:26 AM

شكراً لك الروااااااية رائعة

niso 12-09-08 06:38 PM

الف شكرررررررررررررر على الرواية الرووووووووووووعة يعطيكي العافية

ام البخاري 13-09-08 02:43 PM

الف شكر على هذا المجهود الرائع قصة رائعة ورقيقة للغاية ننتظر المزيد من ابدعاتك دائما اختي
واقدم التعازي للشقيق سلامة والبقاء لله

جننوني 15-09-08 02:03 AM

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . اللهم صلِّ على محمد وآل محمد جزاك الله الف خير

ema82 16-09-08 03:46 PM

تسلم ايديك على لرواية الجميلة دى ومستنيين منك حاجات احلى :)

hinata 17-09-08 02:34 AM

مشكوره على الرواية الرائعة

golya 17-09-08 04:31 AM

الله يعطيك العافيه بصراحه روااايه خياااال ونستنى جديدك ^_^

بروق صيف 21-09-08 11:08 AM

تسلم الأنامل شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
رواية ممتعة ونحن في أنتظار جديدك

كاساندرا 30-09-08 09:55 PM

شكرا على الرواية الاكثر من رائعه ...

تحياتي

doode al 7aloo 26-03-09 06:44 PM

اقتباس:

[ =nimo;1624641]
السلام عليكم .. كل عام وأنتم بخير و مبارك عليكم الشهر ..

هديتي لكم .. رواية جميلة من رويات أحلام ...

سأكتب تفاصيلها هنا ولكن .. يمكن لي أن أتأخر في تنزيل فصولها

لأني لا أحب أن أطول عليكم في انتظارها .. لذا ... ما هو تعليقكم على ملخص القصة ..

يمكن أعود بعد ثلاثة أيام .. ولكن لا تقلقوا فستكملونها قبل نهاية رمضان

وقبل ليلة القدر ويمكن قبلها بكثير .. لذا لا تيأسو مني :)

:flowers2::friends::flowers2::friends:

خطوات خارج الزمن - ميرندا لي – 418

مطلوب زوجة الثمن مليونا دولار
اكتشف الثري الأسترالي الأعزب مايك ستون أن لديه شهرا واحد فقط عليه أن يتزوج فيه وإلا خسر اتفاقية بمليارات الدولارات . ولكنه على ثقة بأن أمواله تستطيع أن تشتري له عروسا توافق على زواج شكلي .
صدم هذا الطلب ناتالي فير لين صاحبة وكالة " مطلوب زوجات " ... ولكن عرض مايك كان مغريا للغاية لدرجة أنها قدمت نفسها لشغل منصب الزوجة المؤقتة لديه ..
أقنعت ناتالي نفسها أنها وافقت لأنها بحاجة فقط , ولا علاقة للأمر بالعواطف مطلقا . فهل هذا صحيح وماذا ستختار حين يحين موعد القرار " هو أو المال ".

مررررررررحب

عزيزتي مشكووووووورة على تعبك .. وانا حذفت الروابط لأنها منتهي تاريخها . وأنعطبت ..
بس رح ارفعها على ليلاس واحطها بأول مشاركه لك ..

وعذرآ للحذف بس ضروروي لأنه مافي فايدة منهم .

تحيااااااااااااااتي

dede77 08-04-09 11:44 PM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الرواية رائعةتسلم ايديكى

جين استين333 09-04-09 09:04 AM

القصة رائعة جدا جدا جدا جدا
وأنا مررررررة أحبها يسلمو....^^

Disckoooooo 09-04-09 03:40 PM

يسلمووووووووووووووووو
 
يسلمووووووووووووووووو على الروايه الروعه
بأنتظار مزيد من التألق
تحياتى لاحلى جين
Disckoooooo

posy220 12-05-09 01:04 AM

شكرا على الروايه الاكثر من رواعه مووووووووووووت

الدمعة الماسية 15-09-09 09:45 PM

شكرا حبي عقبال الميدالية الذهبية

الجبل الاخضر 19-09-09 10:14 AM

رائعه تسلمين على الاختيار موفقه انشالله
وكل عام وانتو بخير

صبر98 23-09-09 10:52 PM

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ...من زمان لم نقرا قصه جميله مليئه بالمشاعر:flowers2: هكذا لك مني أجمل تحية .

نونا المجنونه 25-09-09 11:09 PM

حلوه اوووووووي بجد

moura_baby 29-09-09 01:24 AM

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

مانتي 01-10-09 11:38 AM

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

قماري طيبة 30-01-10 04:17 PM

رواية جدا رائعة جزاك الله الف خير, بارك الله فيك ورحم الله والديك, يعطيك الف عافيه

الهيفاء 01-02-10 11:28 AM

رواية رائعة، سلمت يداك وشكرا...

sassou 04-02-10 01:08 PM

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
جزاك الله الف خير على المجهود

eanas 01-04-10 10:32 PM

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

وردة الزيزفون 03-04-10 11:29 AM

واو رواية رائعة حقا تسلم ايدك ياعسل

tootty 10-04-10 02:49 PM

انتي بتجننييييييييييييييي

سفيرة الاحزان 28-04-10 02:00 PM

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

nounoucat 30-04-10 11:18 AM

merci beaucoup pour ton effort un très bon roman tu l'as bien choisis

ابتسامة فرح 24-08-10 11:18 PM

تسلمي الله يعطيك العافيةالروية رائعة:55:

nadafha 14-09-10 03:45 AM

:besm6jb3::rdd12tf:

ليلى3 15-09-10 02:19 AM

حلوة كثير يسلمو:flowers2:

*Orchid 02-10-10 02:43 AM

حلوة ورعة ويسلموا على هالروايات الرائعة

زهرة منسية 09-01-11 12:06 PM

شكرآ نيمو الروايه حلوه كتير كتير كتير وجديده فى أن البطل والبطله بينهم صدق عجبتنى مررررررررررررررررررررررررررررره يسلم ايدكى ويعطيكى مليييييييييييييييييون عافيه

هدية للقلب 17-07-11 11:22 PM

الرواية حلوة كتييير وعجبتى شخصية البطل والبطلة
شكرا لك

hoob 24-08-11 10:17 PM

شكررررررررررررررررررررررررررررررا جميله جدا

ندى ندى 31-08-12 06:28 PM

تسلم ايدك على الرواي الحلوه

يا حلوه وشكرا كتيييييييييييير

الجبل الاخضر 07-09-12 07:10 PM

:55:برافو :55:برافو :55:برافو :55:برافو :55:تسلم الانامل :hR604426:على المجهودك الرائع والاختيار الممتاز:55::peace: ونشكرك على تعبكي:lol: ياعسل :wookie:وننتظر جديدك:dancingmonkeyff8:

شووقهـ 12-09-12 02:29 AM

يعطيك العافية ياقمر

رواية جميلة ورائعة

مودتي لكِ

صرخة البراري 15-05-13 09:31 PM

رد: 418- خطوة خارج الزمن - ميرندا لي (كامله)
 
الرواية روووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووعة
:55::55::55:

انطونيا 08-09-13 02:12 AM

رد: 418- خطوة خارج الزمن - ميرندا لي (كامله)
 
:8_4_134:الروايةروووووووعة تسلم ايديكىياقمر

سويدن 01-04-15 08:26 PM

رد: 418 - خطوة خارج الزمن - ميرندا لي ( كاملة )
 
يسلمو علء هلرواية

gog 04-04-15 05:43 PM

شكرااا جزيلا علي المجهود

هتونا 07-01-16 12:06 PM

رد: 418 - خطوة خارج الزمن - ميرندا لي ( كاملة )
 
وااااو شكلها حماااااس الرؤاية هاااادي طابت اوقاتكم بالمسرات منتدى ليلاس ومزيد من التقدم واروايات القديمة والجديدة وياريت تكون روايات عن المزارع والاحصنة وابطالها الاستراليا او اسبانيا او الكابوي تكون حماس اكثر ودمتم لي في قلبي سكنة

نجلاء عبد الوهاب 08-01-16 02:02 AM

رد: 418 - خطوة خارج الزمن - ميرندا لي ( كاملة )
 
:liilas::liilas::toot::toot::dancingmonkeyff8::dancingmonkey ff8::8_4_134::8_4_134:

nolafawzy 05-04-16 11:38 PM

رد: 418 - خطوة خارج الزمن - ميرندا لي ( كاملة )
 
Thanks for the new story

تالين الحنين 30-06-16 02:19 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة nimo (المشاركة 1624641)
السلام عليكم .. كل عام وأنتم بخير و مبارك عليكم الشهر ..

هديتي لكم .. رواية جميلة من رويات أحلام ...

سأكتب تفاصيلها هنا ولكن .. يمكن لي أن أتأخر في تنزيل فصولها

لأني لا أحب أن أطول عليكم في انتظارها .. لذا ... ما هو تعليقكم على ملخص القصة ..

يمكن أعود بعد ثلاثة أيام .. ولكن لا تقلقوا فستكملونها قبل نهاية رمضان

وقبل ليلة القدر ويمكن قبلها بكثير .. لذا لا تيأسو مني :)

:flowers2::friends::flowers2::friends:

خطوات خارج الزمن - ميرندا لي – 418



مطلوب زوجة الثمن مليونا دولار
اكتشف الثري الأسترالي الأعزب مايك ستون أن لديه شهرا واحد فقط عليه أن يتزوج فيه وإلا خسر اتفاقية بمليارات الدولارات . ولكنه على ثقة بأن أمواله تستطيع أن تشتري له عروسا توافق على زواج شكلي .
صدم هذا الطلب ناتالي فير لين صاحبة وكالة " مطلوب زوجات " ... ولكن عرض مايك كان مغريا للغاية لدرجة أنها قدمت نفسها لشغل منصب الزوجة المؤقتة لديه ..
أقنعت ناتالي نفسها أنها وافقت لأنها بحاجة فقط , ولا علاقة للأمر بالعواطف مطلقا . فهل هذا صحيح وماذا ستختار حين يحين موعد القرار " هو أو المال ".

حبيبتي الرواية مبينه كتير حلوه

فرحــــــــــة 30-06-16 11:19 AM

رد: 418 - خطوة خارج الزمن - ميرندا لي ( كاملة )
 
غاليتى
nimo
قصة راااااااااااائعة
تسلمين يالغلا على روعة الاختيار
ننتظر جديدك القادم
دمتى بكل الخير
فيض ودى

حنان محمد ابراهيم 26-08-17 12:37 AM

رد: 418 - خطوة خارج الزمن - ميرندا لي ( كاملة )
 
الرواية ممتعة للغاية شكرا على مجهودك الرائع جدا

souhirjoseph 06-04-18 11:32 PM

رد: 418 - خطوة خارج الزمن - ميرندا لي ( كاملة )
 
روايات احلام خطوة خارج الزمن
روايات احلام خطوة خارج الزمن
روايات احلام خطوة خارج الزمن

paatee 17-02-19 05:12 PM

رد: 418 - خطوة خارج الزمن - ميرندا لي ( كاملة )
 
تسلم الانامل ننتظر جديدك

khaw 10-09-20 02:41 PM

Thanks for the effort

سمرااء نوبية 16-02-21 04:00 AM

رد: 418 - خطوة خارج الزمن - ميرندا لي ( كاملة )
 
روووووووووعه


الساعة الآن 01:42 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية